العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الفور أو التراخي في الأمر المطلق المجرد عن القرائن

إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
بسم الله الرحمن الرحيم



الفور أو التراخي

في الأمر المطلق المجرد عن القرائن



المقدمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إمام المرسلين وخاتم النبيين وبعد :-

فإن دلالة الأمر على الفور أو التراخي من النصوص الشرعية التي وقف العلماء الأفاضل حيالها بالنظر والدراسة بعرض معرفة مراد الشارع الحكيم من الأمر ، ودلالة الأمر المطلق الخالي من القرائن ، تتعدد فيه احتمالات العلماء فمن قائل أن المراد في الأمر فيه على الفور ومن قائل أن المراد بالأمر فيه على التراخي وهذه مشكلة البحث التي أود من خلال هذا البحث الإجابة عنه ووضع الضوابط التي توضح الصورة لطالب العلم والمتعلم والخروج بصورة واضحة في هذا الأمر الذي يشكل على الكثير ممن يبتغي علم أصول الفقه وقبل أن أبين أقوال العلماء في هذه القاعدة الأصولية الشرعية لابد أن أبين هدفي من البحث بعد بينت المشكلة التي واجهتني وتواجه كثير من طلاب العلم الشرعي .

من المعلوم أن مقصود الشارع الحكيم من إنزال الأمر أن يلتزم المأمور بالأمر المراد منه وفق الكيفية التي رسمها الشارع عن طريق الوحي المتمثلة بالكتاب والسنة , ولما كان الأمر الخالي عن القرائن يخفى دلالة الأمر فيه على المكلف ؛ لخلو الأمر من القرائن التي تدل على تحديد زمن اتيان الامر التعبدي تفاوت العقول في فهم هذه الدلالة, فمنهم من يتخذ الفور الطريق الامثل لتنفيذ أمر الشارع قدر الإمكان وهذا أمر مطلوب ومستحسن وقد دلت عليه نصوص كثيرة من الشريعة , يقول الغزالي: ( فإنهم متفقون على أن المسارع إلى الامتثال مبالغ في الطاعة مستوجب جميل الثناء ... وقد أثنى الله تعالى على المسارعين فقال تعالى: ]وَسَارِعُوَاْ إِلَىَ مَغْفِرَةٍ مّن رّبّكُمْ وَجَنّةٍ عَرْضُهَا السّمَاوَاتُ وَالأرْضُ أُعِدّتْ لِلْمُتّقِينَ[ [سورة: آل عمران - الآية: 133] , وقال تعالى: ]أُوْلَـَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ[ [سورة: المؤمنون - الآية: 61] (1)، ومما يدل عليه حديث الرسول r : "اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك، وغناك قبل فقرك»(2).

ومنهم من يأخذ الأمر المطلق على التراخي اعتمادا على مندوحة الشارع الحكيم؛ بان جعل هذه المسألة من مسائل التي يدخل النظر والاجتهاد فيها بسبب خفاء الأمر ، فيأخذها على سبيل المهلة , فيؤخر الأمر إلى الوقت الذي لا يخشى فيه الفوات , وكلا الرأيين له مدلوله من نصوص الشريعة ومقاصدها الشرعية ، مع اعتبار الاختلاف في الزمان والمكان ومنزل على أحوال المكلفين, وفق مصالح الأمة فحيثما كانت هناك مصلحة أخروية أو دنيوية , فثم وجه الله ، وفق الوحي من الكتاب والسنة على صاحبه أفضل الصلاة والسلام .

وأود من خلال هذا البحث أبين دلالة الأمر المطلق على قضية الفور أو التراخي حتى يتسنى لطالب العلم معرفة المقصود منه ، متخذا أقوال العلماء فيه خير بيان لمرادهم وتطبيقاتهم , وعملت جهدي بضرب صور للمسائل المتعلقة بهذا الموضوع والتطبيقات العملية لهذه القاعدة ولم اترك الحبل عل الغرب بل خلصت إلى رأي تبين لي رجحانه ، موقناً بن نستفيد منه في واقعنا من خلال التكاليف التي أمرنا الله بها ، وفي كل خطوة من خطوات بحثي جعلت دلالة كتاب الله وسنة رسوله r مهيمنة على كل نظر واجتهاد مراعيا المقاصد الشرعية المعتبرة التي لا تخالف صريح النص ودلالاته الحكيمة ، وهو جهد مني أسل الله عليه الأجر والمثوبة والله الموفق والهادي إلى الصواب.





خطة البحث

قسمت البحث إلى مقدمة وسبعة مباحث وخاتمة



المقدمة.

المبحث الأول : التعـاريف.

المبحث الثاني: المقصود بالفور والتراخي.

المبحث الثالث: مذاهب الأصوليين في الأمر المطلق .

المبحث الرابع: المناقشة والترجيح في الأمر الخالي من القرائن.

المبحث الخامس : بعض الشواهد على القول بالفور.

المبحث السادس: وفيه مسالتان.

المسألة الأولى :القائلين بان الأمر المطلق يتكرر.

المسالة الثانية :مسالة دلالة الوجوب والندب في الأمر المطلق .

المبحث السابع : تطبيقات القاعدة في فروع الفقه.



المبحث الأول

التعــــاريف



إن من الصعوبة بمكان فهم أي موضوع يراد دراسته دون معرفة وإدراكه على حقيقته ، ولما كان هذا السير ميزة وسبيل من سبقونا من جهابذة العلم والعلماء السابقين ،سرت عليه وأردت من خلال هذه التعارف ، أن تؤخذ صورة متكاملة عن موضوع " دلالة الأمر المطلق الخالي عن القرائن" وفهمه بكل جزئياته ويمكن تعريف هذه المصطلحات على النحو التالي :

الأمر:ـ

في اللغة : والأمر ضد النهي (3) ويأتي الأمر بمعنى الطلب وجمعه أوامر (4)

في الاصطلاح : الأمر طلب الفعل على جهة الاستعلاء(5) وقيل الأمر اقتضاء فعل غير كف مدلول عليه بغير لفظ كف ,ولا يعبر به علو ولاستعلاء (6)

المطلق:ـ

في اللغة : طلقا أي بلا قيد ولا وثاق(7) ويقال: أطلق الأسير خلاه وأطلق الناقة من عقالها فطلقت هي بالفتح و أطلق يده بالخير ...الطليق الأسير الذي أطلق عنه إساره وخلي سبيله (8)

في الاصطلاح : اللفظ الدال على مدلول شائع في جنسه (9)

تعريف الأمر المطلق :ـ

الأمر المطلق : طلب الفعل من المكلف بلا قرينة تدل على الفور أو التراخي، يقول الإمام الشوكاني : ( الأمر المطلق وهو أن يقول افعل ولا يقيده بزمان معين)(10)

الفور:ـ

في اللغة : فعلتُ أَمرَ كذا وكذا من فَوْري أَي من ساعتـي، و الفَوْرُ: الوقت(11) ومنه قولهم: ذهبْتُ فـي حاجة ثم أتـيتُ فلانًا من فَوْرِي، أي قبل أن أسكُن, (12) وفي الحديث عنه r «نُعْطِيكم خمسين من الإبل في فَوْرِنا هذا»(13) فَوْرُ كُلّ شَيء: أوَّله.

وأصل الفور: القصد إلى الشيء، والأخذ فيه بجدّ (14) ، والفور : العجلة والإسراع. تقول: اصنع هذا على الفور(15) .

في الاصطلاح : الفور وجوب الأداء في أول أوقات الإمكان بحيث يلحقه الذم بالتأخير(16)

التراخي:ـ

في اللغة : تراخى وأترخى عمل أعمالا متواترة بين كل عملين فترة(17) التقاعُدُ عن الشيء... أرخى الستر وغيره أرسله و استرخى الشيء و تراخى السماء أبطأ المطر ورجل رخي البال أي واسع الحال بين الرخاء بالمد و رخاء بضم الراء الريح اللينة (18)ويقال: إِنَّ ذلك الأَمْرَ لَـيَذْهَبُ منِّـي فـي بالٍ رخي إِذا لـم يُهْتَمَّ به(19). وفـي حديث الدعاء يقول r : اذكر الله فـي الرخاء يَذْكُرْك فـي الشِّدَّة (20)

في الاصطلاح : التراخي التمهل وامتداد الزمان وتراخى الأمر تراخيا امتد زمانه(21)





المبحث الثاني

المقصود بالفور والتراخي



المقصود بالفور في الامر المطلق الخالي من القرينة , أن يتلقى المكلف الأوامر من الشارع الحكيم ، المتمثلة بالكتاب والسنة ويشرع في الامتثال والتنفيذ عقب الأمر دون تأخير أ وتؤدة , ولا يأخذه الأمر على التراخي المفضي إلى تأجيل العمل مظنة الوسع والقدرة على التنفيذ في المستقبل , وليس مقصود التأخير تأخير الفعل إلى أخر الزمن ثم يؤديه , ولعل مرد قصد الفور والتراخي يرجع إلى أن الإنسان عند تلقي الأمر المطلق، يعتريه خاطرين إما قصد المبادرة بتنفيذ الأمر المطلق الخالي عن القرائن على جهة الفور عند تلقي التكليف مع تحقق القدرة ووجود الإمكان وهذا ما يسمي بالفور ، وجل ما في هذه المبادرة قصد العمل مع مشقة التضييق المعتادة للأمر عند التلقي في الوقت الأول حال بلوغ التكليف ، أو أن الذي يتلقى التكليف يأخذ الأمر المطلق الخالي عن القرائن بسعة الشريعة عند تلقي التكليف ,بدافع ان طلب الفعل غير مقيد بزمن معين فيؤخر تنفيذ الأمر مظنة إتيانه في زمن قادم هروبا من مشقة أدائه في وقته الأول(22).



المبحث الثالث

مذاهب الأصوليين في الأمر المطلق



لقد وقف علماء الأصول حول دلالة الأمر المطلق الخالي من القرائن وتباينت أقوالهم في هذه المسألة ويمكن تبينها على النحو التالي :

القول الأول : دلالة الأمر المطلق على الفور

ذهب جمع من علماء على أن دلالة الأمر المطلق يقتضي الفور وممن ذهب إلى هذا القول الحنابله :، يقول عل بن عباس البعلي : ( أنه يقتضي الفور ... يقول أبو البركات وهو ظاهر كلام أحمد ويعزى إلى أبي حنيفة ومتبعيه... ويقول القاضي: عبد الوهاب المالكي الذي ينصره أصحابنا أنه على الفور وحكاه القرافي عن مالك... وحكاه في المسودة عن أبي بكر الصيرفي والقاضي وأبي حامد وطائفة من الشافعية) (23) وهو قول الشافعي، يقول السرخي: ( مطلق الأمر يوجب الأداء على الفور وهو الظاهر من مذهب الشافعي رحمه الله فقد ذكر في كتابه إنا استدللنا بتأخير رسول الله r الحج مع الإمكان على أن وقته موسع وهذا منه إشارة إلى أن موجب مطلق الأمر على الفور) (24) وقال في إرشاد الفحول : انه مذهب المالكية ... , وبعض الحنفية والشافعية(25)

ويقول ابن الامير الصنعاني : ( بأنه مذهب المالكية وبعض الحنفية والحنابلة وجماعة من الشافعية ... وإليه ذهب الهادي وجماعة من الآل إنه يدل على الفور فيجب فعله في أول أوقات الإمكان بعد سماع الأمر) (26)

الأدلة على أن الأمر المطلق على الفور :

أدلة هذا القول كثيرة نذكر منها في قوله تعالى: ]وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لاَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاّ إِبْلِيسَ أَبَىَ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ[ [سورة: البقر ة - الآية: 34]قال تعالى: (قَالَ يَإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاّ تَكُونَ مَعَ السّاجِدِينَ) [سورة: الحجر - الآية: 32] , هذا يدل على أنه أوجب عليه الإتيان بالفعل حين أمره به فعاب عليه عدم تنفيذ الأمر عند ما لم ينفذ وإذ لو لم يجب ذلك لكان لإبليس أن يقول إنك أمرتني وما أوجبت علي .

ويذكر الإمام الرازي عدة أدله على كونه للفور نذكر منها ما يلي :

أحدها: قال تعالى: ]أُوْلَـَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ[ [سورة: المؤمنون - الآية: 61] , في الآية الكريمة عاب على المكلف أنه لم يأت في الحال بالمأمور به ...

وثانيها: قال تعالى: ]وَسَارِعُوَاْ إِلَىَ مَغْفِرَةٍ مّن رّبّكُمْ وَجَنّةٍ عَرْضُهَا السّمَاوَاتُ وَالأرْضُ أُعِدّتْ لِلْمُتّقِينَ[ [سورة: آل عمران - الآية: 133]

وثالثها: أن السيد إذا أمر عبده بأن يسقيه الماء فهم منه التعجيل واستحسن العقلاء ذم العبد على التأخير والإسنادإلى القرينة خلاف الأصل فالأمر يفيد الفور

رابعها: أجمعنا على أنه يجب اعتقاد وجوب الفعل على الفور فنقول الفعل أحد موجبي الأمر فيجب على الفور قياسا على الاعتقاد والجامع تحصيل المصلحة الحاصلة بسبب المسارعة إلى الامتثال

خامسها: أن الأمر يقتضي أيقاع الفعل فأشبه العقود في المبيعات فلما وقع العقد عقيب الإيجاب والقبول فالأمر وجب أن يكون مثله وتحريره أنه استدعاء فعل بقول مطلق فيقتضي التعجيل كالإيجاب في البيع

سادسها : أن الأمر ضد النهي فلما أفاد النهي وجوب الانتهاء على الفور وجب في الأمر أن يفيد الوجوب على الفور (27)

يقول الرازي: (دليل آخر وهو أن الامر لما كان على الوجوب اقتضى كراهة تركه فكان بمنزلة من نهى عن تركه وقد اتفق الجميع على أن النهي يقتضي ترك المنهي عنه على الفور ) (28)

القول الثاني : دلالة الأمر المطلق على التراخي

وذهب كثير من أصحاب أبي حنيفة وطائفة من علماء الأصول إلى أنه على التراخي (29) وقال الإمام السرخسي من الحنفية الذي يصح عندي من مذهب علمائنا أنه يعنى الأمر المطلق على التراخي وذكر عن أبي حنيفة ما يدل على ذلك(30)

(31) واختاره الآمدي والبيضاوي من الشافعية ويقول العلامة : محمد يحي الولاياتي في شرح ابيات نيل السول على مرتقى الوصول :

الأمر للوجـوب لاللندب * جرد مما شأنه أن يقــترن

وهو إن احتفت به قرينة * فمقتضاها مقتض تعــيينه

وليس للفور ولا التكرار * والنهي عن ضد على المختار

يعني ان الامر أي صغة افعل ليست للفور أي لا تقتضيه على المختار عند المغاربة , من المالكية وعند الشافعية...ثم قال فقيل مطلقا , وقيل بشرط السلامة, فان مات قبل الفعل اثم , وقيل لا يأثم الا أن يظن موته (32)

الأدلة على ذلك :

1- حج الرسول في السنة التاسعة حجة الوداع , عن عبد الله بن عمر عن النبي r أنه قال في حجة الوداع ... (33) وكان الحج قد فرض قبل ذلك في السنة السادسة عن أبي هريرة قال ثم بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمره عليها رسول الله r قبل حجة الوداع (34) , ففيه تأخير النبي r الحج عن وقته في السنة السادسة وأرسل أبو بكر رضي الله عنه ولم يحج إلا في التاسعة واستدلوا به على أن الأمر للتراخي لا الفور ,يقول بن حجر في الفتح : (اختلف هل هو على الفور أو التراخي وهو مشهور وفي وقت ابتداء فرضه فقيل قبل الهجرة وهو شاذ وقيل بعدها ثم اختلف في سنته فالجمهور على أنها سنة ست) (35)

2- قد روي عن عائشة أنها قالت : ( كان يكون علي قضاء أيام من رمضان فلا أقضيها إلا في شعبان) (36)

3- استدلالهم بالإجماع على بعض التكاليف , قال أبو عمر بن عبد البر: ( ويدل على التراخي إجماع العلماء على ترك تفسيق القادر على الحج إذا أخره العام الواجب عليه في وقته، بخلاف من فوّت صلاة حتى خرج وقتها فقضاها وأجمعوا على أنه لا يقال لمن حج بعد أعوام من وقت استطاعته أنت قاض وكل من قال بالتراخي لا يجد في ذلك حدًّا إلا ما روي عن سحنون: أنه إذا زاد على الستين وهو قادر وترك فسق، وروي قريب من هذا عن ابن القاسم) (37)

4- واحتجوا في ذلك بأن الأمر له دلالة على استدعاء الفعل ولا دلالة له على الزمان بل الأزمنة كلها بالإضافة (38)

القول الثالث :أنه مشترك بينهما

جواز التراخي والفور ( هذان المذهبان حكاهما الماوردي في كتاب القضاء وجهين لأصحابنا ) (39) ، وقال علي بن عباس البعلي الحنبلي: ( وحكى في البرهان أيضا كونه مشتركا بين الفور والتراخى) (40)

1- أنه مشترك بينهما والأفضل المسارعة فيه

2- يدل على مطلق الطلب و يتوقف على القرائن

واختلفت عبارات العلماء في المشترك فقول للعلماء بان طلب الفعل مجردا عن تعليقه بزمن معين فيتوقف إلى ظهور الدليل فإن بادر عد ممتثلا أحدها وأنه لا يدل على فور ولا على تراخ بل على طلب الفعل خاصة وهذا هو المنسوب إلى الشافعي وأصحابه كما قال إمام الحرمين في البرهان وقال في المحصول إنه الحق واختاره الآمدي وابن الحاجب(41) يقول بن الأمير في شرح هذا البيت والصدر من بغية الآمل :

ولا على فور ولا تراخي * قال بهذا جلة الاشياخ

لكن له قرائن تفـــيد * .....................

ثم ذكر أقوال للعلماء فيه فقال : أن الإمام يحيى والمهدي والقرشي قالوا أنه لا يدل على غير مطلق الطلب يعني طلب الفعل وإليه ذهب الرازي والآمدي وابن الحاجب ... والمعنى أن المختار في الأمر المطلق هو ما ذكرناه من عدم الدلالة من حيث هو على أحد الأربعة أي الفور والتراخي والمرة والتكرار لكن إذا قيد الأمر بما يقتضي أحد الأربعة عمل به(42)

ويقول الإمام الشوكاني وقالت الواقفية إنه مشترك بين الفور والتراخي في فتح القدير : ( وتوقف الجويني في انه باعتبار اللغة للفور أو التراخي (43)

الأدلة على ذلك :

أحدها : أن الأمر قد يرد عندما يكون المراد منه الفور تارة والتراخي اخرى ، فلا بد من جعله حقيقة في القدر المشترك بين القسمين دفعا للاشتراك والمجاز والموضوع لإفادة القدر بين القسمين لا يكون له إشعار بخصوصية كل واحد من القسمين لأن تلك الخصوصية مغايرة لمسمى اللفظ وغير لازمة له فثبت أن اللفظ لا إشعار له لا بخصوص كونه فورا ولا بخصوص كونه تراخيا.

وثانيها: أنه يحسن من السيد أن يقول إفعل الفعل الفلاني في الحال أو غدا ولو كان كونه فورا داخلا في لفظ إفعل لكان الأول تكرارا والثاني نقضا وأنه غير جائز .

وثالثها: أن أهل اللغة قالوا لا فرق بين قولنا يفعل وبين قولنا إفعل إلا أن الأول خبر والثاني أمر لكن قولنا يفعل لا إشعار له بشيء من الأوقات فإنه يكفي في صدق قولنا يفعل إتيانه به في أي وقت كان من أوقات المستقبل فكذا قوله إفعل وجب أن يكفي في الإتيان بمقتضاه الإتيان به في أي وقت كان من اوقات المستقبل وإلا فحينئذ يحصل بينهما فرق في أمر آخر سوى كونه خبرا أو أمرا .

ورابعها : أن أهل اللغة قالوا في لفظ إفعل أنه أمر والأمر قدر مشترك بين الأمر بالشيء على الفور وبين الأمر به على التراخي لأن الأمر به على الفور أمر مع قيد كونه على الفور وكذلك الأمر به على التراخي أمر مع قيد كونه على التراخي ومتى حصل المركب فقد حصل المفرد فعلمنا أن مسمى الأمر قدر مشترك بين الأمر مع كونه فورا وبين الأمر مع كونه متراخيا وإذا ثبت أن لفظ إفعل للأمر وثبت أن الأمر قدر مشترك بين هذين القسمين ثبت أن لفظ إفعل لا يدل إلا على قدر مشترك بين هذين القسمين ) (44)



المبحث الرابع

المناقشة والترجيح في الأمر الخالي من القرائن

الرد على القول انه على التراخي :

الاستدلال بتأخير الحج لا يدل على التراخي لكون الرسول r لم يؤديه في السنة السادسه قول مردود كون مكة كانت مازالت تحت يد العدو وقد يعترض بأنه فتح بعد ذلك ولم يحج الرسول r فنقول الظاهر أن الرسول كان ممن يقضي كل وقته في دعوة الناس إلى الله جل وعلا ولم يتمكن من أداء الفريضة باشتغاله بما يرضى الله وفيه انه لم تتحقق الاستطاعة له , فضلا كونها من خصوصية الرسول r , وعائشة رضوان الله عليها كانت تقضي في شعبان , بسبب شغلها بالمصطفى صلى r , والنظر في حالهم كانوا اشغل منا في زمانهم لان الحياة كانت متعبة بعكس توفر وسائل اليوم بغض النظر عن تصحيح الحديث وتضعيفه .

يقول الإمام الرازي : ( لو جاز التأخير لجاز إما إلى بدل أو لا إلى بدل والقسمان باطلان فالقول بجواز التأخير باطل أما فساد القسم الأول فهو أن البدل هو الذي يقوم مقام المبدل منه من كل الوجوه ... وأما فساد القسم الثاني وهو القول بجواز التأخير لا إلى بدل فذلك يمنع من كونه واجبا لأنه لا يفهم من قولنا إنه ليس بواجب إلا أنه يجوز تركه من غير بدل.

لو جاز التأخير لجاز إما إلى غاية معينة بحيث إذا وصل المكلف إليها لا يجوز له أن يؤخر الفعل عنها أو يجوز له التأخير أبدا) (45)

الرد على كونه أمر مشترك:

القول بأنه أمر مشترك قول يخالف طبع الأمر , ويذهب معناه من حيث هو , والقول الأحسن المبادرة , سواء كان واجبا أو ندبا وتخصيصه بالندب أمر يحتاج إلى دليل , وأما القول بالتوقف حتى تعرف القرينة قولاً لا ينطبق على الأمر المطلق , أما إذا كانت هناك قرينة تخرجه من كونه مطلق فهذا يخرج من كونه مطلقاً , وقد يقال تخفي القرينة وتظهر , فأقول يعامل معاملة المطلق وإذا ظهرت القرينة أخرجته من كونه مطلقا والله اعلم .

الترجيح في الأمر المطلق الخالي عن القرائن :

من خلال دراسة أقوال العلماء تبين لي أن الأمر المطلق الخالي على القرائن يقتضي الفور لما جاء من أدلة القائلين التسابق في فعل الخير قال تعالى: ]وَلِكُلّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[ [سورة: البقرة - الآية: 148] يعني والله أعلم المبادرة والمسارعة إلى الطاعات وهذا يحتج به في أن تعجيل الطاعات أفضل من تأخيرها ما لم تقم الدلالة على فضيلة التأخير نحو تعجيل الصلوات في أول أوقاتها وتعجيل الزكاة والحج وسائر الفروض بعد حضور وقتها ووجود سببها ويحتج به بأن الأمر على الفور وأن جواز التأخير يحتاج إلى دلالة وذلك أن الأمر إذا كان غير مؤقت فلا محالة عند الجميع أن فعله على الفور من الخيرات فوجب بمضمون قوله تعالى : ] فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ [ إيجاب تعجيله لأنه أمر يقتضي الوجوب )(46)

إضافة إلى ذلك اقتضاء الواقع في ابتعاد كثير من الناس ومن باب سد الذرائع في التكاسل عن العمل لابد من القول بان دلالة الأمر المطلق يدل على الفور ونسوق بعض الشواهد على ذلك في البحث التالي .



المبحث الخامس

بعض الشواهد على القول بالفور



الشواهد الدالة على أن الأمر المطلق يدل عل الفور كثيرة ووأذكر بعض الامثلة الدالة على ذلك من أقوال العلماء في آيات من كتاب الله على النحو التالي :

الشاهد الأول :المسارعة في فعل الخيرات من مقاصد الشارع ، قال تعالى: ]وَسَارِعُوَاْ إِلَىَ مَغْفِرَةٍ مّن رّبّكُمْ وَجَنّةٍ عَرْضُهَا السّمَاوَاتُ وَالأرْضُ أُعِدّتْ لِلْمُتّقِينَ[ [سورة: آل عمران - الآية: 133] يقول أبو السعود : ( للإيذان بأنهم مستقرون في أصل الخير متقلبون في فنونه المترتبة في طبقات الفضل لا أنهم خارجون عنها منتهون إليها وأولئك إشارة إلى الأمة باعتبار اتصافهم بما فصل من النعوت الجليلة وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو درجتهم وسمو طبقتهم في الفضل وإيثاره على الضمير للإشعار بعلة الحكم والمدح أي )(47)

الشاهد الثاني : قال تعالى: ]أُوْلَـَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ[ [سورة: المؤمنون - الآية: 61] يقول أبو السعود : ( ويسارعون في الخيرات صفة أخرى لأمة جامعة لفنون المحاسن المتعلقة بالنفس وبالغير والمسارعة في الخير فرط الرغبة فيه لأن من رغب في الأمر سارع في توليته والقيام به وآثر الفور على التراخي أي يبادرون مع كمال الرغبة في فعل أصناف الخيرات اللازمة والمتعدية وفيه تعريض بتباطؤ اليهود فيها)(48)

الشاهد الثالث : المسارعة يدل على رغبة المكلف في العمل وهو مطلب الشارع ، والتباطؤ يدل على عدم الرغبة في التنفيذ ، قال تعالى: ]وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ [ [سورة : البقرة - آية 67 ], يقول الإمام القرطبي ( وهذا يدل على أنهم كانوا تاركين للأمر بدا وأنه كان عليهم المسارعة إلى فعله فقد حصلت الآية على معان أحدها وجوب اعتبار عموم اللفظ فيما يمكن استعماله والثاني أن الأمر على الفور وأن على المأمور المسارعة إلى فعله على حسب الإمكان حتى تقوم الدلالة على جواز التأخير والثالث جواز ورود الأمر بشيء مجهول الصفة مع تخيير المأمور في فعل ما يقع الاسم عليه منه والرابع وجوب الأمر وأنه لا يصار إلى الندب إلا بدلالة إذ لم يلحقهم الذم إلا بترك الأمر المطلق) (49)

الشاهد الرابع: لزوم القضاء وقت الإمكان يدل على الفور، قال تعالى: ]أَيّاماً مّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مّرِيضاً أَوْ عَلَىَ سَفَرٍ فَعِدّةٌ مّنْ أَيّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ[ [سورة: البقرة - الآية: 184] , قد أوجب القضاء في أيام منكورة غير معينة... فإن قيل لما قال الله فعدة من أيام أخر وكان الأمر عندنا جميعا على الفور وجب أن يلزمه القضاء في أول أحوال الإمكان من غير تأخير وذلك يقتضي تعجيل قضائه يوما بعد يوم وفي وجوب ذلك إلزام التتابع قيل له ليس كون الأمر على الفور من لزوم التتابع في شيء ألا ترى أن ذلك إنما يلزم على الفور على حسب الإمكان وأنه لو أمكنه صوم أول يوم فصامه ثم مرض فأفطر لم يلزمه من كون الأمر على الفور )(50)



المبحث السادس

أحكام ومسائل



المسألة الأولى: القائلين بان الأمر المطلق يتكرر

عند دراسة دلالة الأمر في دلالته على الفور والترخي يتبادر إلى الذهن قضية , ما إذا كان الأمر للتكرار, أو لمرة واحدة وقد وقف العلماء حيال هذه المسألة, فالذين قالوا بتكرار الأمر قالوا بوجوبه على الفور , يقول الإمام الشيرازي : ( أن كان الأمر للتكرار فالقول بالفور, وإذا كان الأمر يقضي مرة واحدة فيه وجهان...) (51) ويقول الإمام الشوكاني:(فالقائلون بأنه يقتضي التكرار يقولون بأنه يقتضي الفور ؛لأنه يلزم القول بذلك مما لزمهم من استغراق الأوقات بالفعل المأمور به)(52)

ويقول صاحب الفوائد الأصولية : : (إذا قلنا الأمر المطلق يقتضي التكرار فيقتضي الفور) (53) وإذا كان للمرة فيظهر الخلاف عن العلماء

المسالة الثانية :مسالة دلالة الوجوب والندب في الأمر المطلق

يتبادر إلى الذهن في دراسة دلالة الأمر كونه على التراخي أو الفور قضية ما إذا كان وجوبا أو ندبا والعلماء الأجلاء قد ذكروا هذا , فدلالة الفور أو التراخي تكون في الأمر سواء كان على التراخي أو الفور .

قال صاحب نثر الورود في شرح البيت:

وكونه للفور أصل المذهب وهو لدى القيد بتأخير امن

يعني أن كونه صيغة أفعل تقتضي الفور هو أصل مذهب مالك سواء دلت على الوجوب أو الندب على الصحيح (54)

المسألة الثالثة :الدليل في القضاء في الأمر المطلق

يقول الإمام الشوكاني : ( واستدل لهم أيضا بأنه لو وجب القضاء بالأمر الأول لاقتضاه ولو اقتضاه لكان أداء فيكونان سواء فلا يأثم بالتأخير وأجيب عن هذين الدليلين بأن الأمر المقيد بوقت أمر بإيقاع الفعل في ذلك الوقت المعين فإذا فات قبل إيقاع الفعل فيه بقي الوجوب مع نقص فيه فكان إيقاعه فيما بعده قضاء ويرد هذا بمنع بقاء الوجوب بعد انقضاء الوقت المعين واستدل القائلون بأن القضاء بالأمر الأول بقولهم الوقت للمأمور به كالأجل للدين فكما أن الدين لا يسقط بترك تأديته في اجله المعين بل يجب القضاء فيما بعده فكذلك المأمور به إذا لم يفعل في وقته المعين ويجاب عن هذا بالفرق بينهما بالإجماع على عدم سقوط الدين إذا انقضى اجله ولم يقضه من هو عليه وبأن الدين يجوز تقديمه على اجله المعين بالإجماع واستدلوا بخلاف محل النزاع فانه لا يجوز تقديمه عليه بالإجماع واستدلوا أيضا بأنه لو وجب بأمر جديد لكان أداء لأنه أمر بفعله بعد ذلك الوقت المعين فكان كالأمر بفعله ابتداء ويجاب عنه بأنه لا بد في الأمر بالفعل بعد انقضاء ذلك الوقت من قرينة تدل على انه يفعل استدراكا لما فات أم أمع عدم القرينة الدالة على ذلك فما قالوه يلزم ولا يضرنا ولا ينفعهم) (55)



المبحث السابع

تطبيقات القاعدة في فروع الفقه



التطبقات العملية للقاعدة :

القول بالفور أو التراخي يحكم الفقيه في تنزيلها في المسائل الفقهية بسب ترجيحه قاعدة إجمالية تحكمه في الحكم وحتى نتصور القواعد الإجمالية أسوق بعض الأمثلة الفقهية الفرعية التي تندرج تحتها حتى يتوضح الأمر ويتبين ؛ ولان القواعد الإجمالية قد يخرج منها إستثناءت , بنص , أو مشقة في أداء التكليف في سبق أو تراخي , أو عدم التقيد بهما , ممن يذهبون إلى الفور أو التراخي

التمهيد :

الأصل في الأشياء التعبدية المبادرة إلى الأعمال بقصد المسابقة في رضا الله تعالى , والبعد عن طول الأمل , حيث وان الموت اقرب للإنسان من شراك نعله , وفي بعض التكاليف العبادية قد تخفي دلالة المبادرة للعمل فكانت محل خلاف بين العلماء هل هي على الفور أم التراخي ,فنسوق بعض الأمثلة التي توضح اختيارات العلماء على قاعدة الفور أو التراخي

مسائل في باب العبادات : أمثلة على ذلك

أولا: مسألة أداء عبادة " الحج " صورتها على قاعدة الفور والتراخي

القول الأول : على قاعدة الفور

يقتضي أن المسلم عندما تتوفر شروطه أن يبادر إلى أدائه بعد حصول الاستطاعة على الفور دون التأخير لأنه أصبح من الوجبات الوقتية المضيقة التي يأثم مأخرها والقائلين بهذا العلماء الذين يقولون بالفور كما بينا سابقا

القول الثاني : على قاعدة التراخي

تأخير الحج حتى تتوفر فرصه انسب في الزمن القادم والقائلين به هم الذين يقوون بالتراخي

ثانيا:مسألة تأخير الزكاة وصدقة الفطر : صورتها على قاعدة الفور والتراخي

القول الأول : على قاعدة الفور

وصورتها: تعجيل الزكاة عن وقتها بسنة , أو أدائها عند انتهى دوران الحول فورا

القول الثاني : مبني على قاعدة الأمر يدل على التراخي

صورتها: تأخيرها عن وقت الحول بزمن

ثالثا:مسائل تأخير قضاء الفوائت من العبادات : صورتها على قاعدة الفور والتراخي

القول الأول : على قاعدة الفور

صورتها: أن الفوائت تقضى فور تذكرها أو حدوث طارئ بوقت مضيق في حينه

القول الثاني : مبني على قاعدة الأمر يدل على التراخي

صورتها: انه يؤديها على التراخي ولو جاء وقت التكليف الثاني

رابعا: مسائل النذر في العبادات والنوافل : صورتها على قاعدة الفور والتراخي

القول الأول : على قاعدة الفور

النذر يلزم الوفاء به متتابع اثر النذر دون التأخير مثل الاعتكاف

القول الثاني : مبني على قاعدة الأمر يدل على التراخي

يؤدى النذر بوقت موسع طالما هو عازم على الوفاء به

مسائل في باب النكاح : صورتها على قاعدة الفور والتراخي

مسألة الإقرار بالطلاق: صورتها على قاعدة الفور والتراخي

القول الأول : على قاعدة الفور

القول الثاني : مبني على قاعدة الأمر يدل على التراخي

المثال : الإقرار بالطلاق إقرارا بالطلاق وبانقضاء العدة ما إذا قال: أنت طالق أمس, أن الزوج إذا اعترف بطلاق زوجته من قبل ذلك وأن عدتها قد انقضت قبل قوله وزوجنا المرأة إذا لم نكذب الزوج وإن قلنا إن الأمر ليس على الفور فلا يكون إقرارا بانقضاء العدة وفي كونه إقرارا بالطلاق نظر لا سيما إذا قلنا إنه يدل على التراخي أو قلنا بالتوقف ثم إن ما صرح به النووي من الصراحة إنما يستقيم على قولنا إنه حقيقة في العقد مجاز في الوطء فإن قلنا بالعكس فلا وإن جعلناه مشتركا فإن قلنا إن المشترك يحمل على جميع معانيه اتجه ذلك وإن قلنا لا فلا بد من مراجعته) (56)

مسائل في باب البيوع والمعاملات : صورتها على قاعدة الفور والتراخي

مسألة قبض المبيع بالوكالة : صورتها على قاعدة الفور والتراخي

القول الأول : على قاعدة الفور

المثال: ما إذا قال لشخص بع هذه السلعة فقبضها الشخص وأخر بيعها مع القدرة عليه فتلفت وإن قلنا إنه للفور ضمن لتقصيره

القول الثاني : مبني على قاعدة الأمر يدل على التراخي

وهو أن الأمر المطلق لا يدل على شيء فلا ضمان عليه

مسألة رد المبيع بالعيب : صورتها على قاعدة الفور والتراخي

القول الأول : على قاعدة الفور

صورتها: أن المشتري يأخذ المبيع بالعيب ويعلمه , فيجب عليه في وقت العلم بالعيب رده إلى صاحبه.

القول الثاني : مبني على قاعدة الأمر يدل على التراخي

صورتها: أن المشتري يأخذ المبيع بالعيب ويعلمه ثم لا يرده إلا بعد زمن اعتماد على قاعدة التراخي



الخــــاتمة:

وفي الختام نحمد الله سبحانه وتعالى أن وفقني أن ابحث هذا الموضوع الأصولي في دلالة الأمر المطلق المجرد عن القرائن , ولقد عرَّفت المصطلحات حتى يتبين المراد, و فصلت في أقوال العلماء في دلالته على الفور والتراخي , وما توصلت إليه في دلالة الأمر المطلق , أنه يدل على الفور , واستدللت على ذلك بأدلة من الشريعة وضرورة الواقع ـ خاصة وان زماننا كثر فيه التساهل عن الأخذ بالأمر الشرعي ـ من باب الأخذ بالمصالح المرسلة , مع أن التراخي مذهب للعلماء ولهم سندهم من نصوص الشريعة أيضا , وهذا يدل على سعة الشريعة وتلبيتها لحاجة الناس جميعا وقد يؤخذ بالاجتهاد في زمن ويترك في زمن آخر , حتى ولو كانت قواعد الأصول كلية وإجمالية , أعدت ليندرج تحتها مسائل فروعية كثيرة ,وحاولت أن اذكر بعض التطبيقات في الشريعة الإسلامية , ونتيجة لقصر الوقت لم افصل أقوال العلماء في التطبيقات , واكتفيت بالإشارة إلى اندراجها تحت القاعدة العامة في الفور والتراخي والله الموفق والهادي إلى السبيل ..



تأليف : إفتخار على عبده عامر

مراجعة وتعليق: عبدالوهاب الشرعبي



--------------------------------------------------------------------------------

(1) المستصفى من علم الأصول, للامام الغزالي , ج1/ 215ـ216, دار الكتب العلمية ط1, 1413هـ , تحقيق : محمد عبد السلام عبد الشافي.

(2) أخرجه الحاكم في المسدرك ,ج4/341, برقم 7846 , دار الكتب العلمية بيروت,ط1, 1411 هـ , تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا, وصححه الألباني في الصحيح الجامع.

(3) القاموس المحيط ج4/ 429 , موسسة الرسلة بيروت .

(4) المصباح المنير , ص8, مكتبة لبنان 1990م.

(5) الأحكام للآمدي ,ج2/12, الكتاب العربي, بيروت, 1404هـ, ط1, تحقيق د. سيد الجميلي.

(6) التعاريف للجرجاني , ج1/54 , دار الكتاب العربي , بيروت , ط1 , 1405هـ , إعتنى به : إبراهيم الأنباري

(7) القاموس المحيط , ج1/8063.

(8) مختار الصحاح, مكتبة لبنان , بيروت , ط4, 1406 هـ محمد المنتصر محمد الزمزمي الكتاني

(9) الأحكام الآمدي ,ج3/5.

(10) إرشاد الفحول ج1/187ـ188 .

(11) لسان العرب , ج5/68 , ط1 دار صادر, بيروت

(12) مختار الصحاح، ج1/208.

(13) أخرجه أبو داود ج4/141 برقم 4503, : دار الفكر, تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد

(14) فتح القدير ج2/ 498, للامام الاشوكاني دار الفكر, بيروت

(15) البحر المحبط .

(16) التعاريف للجرجاني ,ج ا/566, م دار الكتاب العربي , بيروت, ط1, 1405هـ ,المعتني به: إبراهيم الأبياري.

(17) القاموس المحيط , ج1/ 11367.

(18) مختار الصحاح ,ج1/101.

(19) لسان العرب ج14/ 351.

(20) أخرجه الحكم في المستدرك , ج3/623,برقم 6303.

(21) التعاريف ج1/ 169.

(22) لا بد من التنبيه أن العمل بأحد القولين يلزم منه أن يعرف حقيقة هذا الأمر ودلالته , وهل الأمر وقته مضيقا أم موسعا , وقدرة المكلف في الزمن الأول , أم الثاني , وأيهما أرضى لله مع استصحاب الأمر التعبدي ديانتا فيه.

(23) القواعد والفوائد الأصولية وما يتعلق بها من الأحكام , علي بن عباس البعلي الحنبلي,ج1/179 , مطبعة السنة المحمدية, القاهرة 1375هـ تحقيق: محمد حامد الفقي ,و روضة الناظر وجنة المناظر , ج1/ 202, عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد, جامعة الإمام محمد بن سعود , الرياض ط2, 1399هـ, تحقيق : د. عبد العزيز عبد الرحمن .

(24) الأصول للسرخسي , ج1/ 26ـ 28 .

(25) إرشاد الفحول ص 178, مؤسسة الرسالة بيروت , ط7, 1417هـ.

(26) إجابة السائل شرح بغية الآمل , لابن الأمير , مؤسسة الرسالة .ط1, 1406 بيروت , تحقيق كل من القاضي العلامة/ حسين السياغي, ا.د/ حسن محمد مقبول الأهدل.

(27) المحصول في علم الأصول للرزي , ج2/ 199ـ 201, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية , الرياض , ط1, 1400هـ تحقيق : طه جابر فياض العلواني.

(28) الفصول في الاصول الرازي الجصاص, ج 2 ,103ـ117, وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية الكويت ,ط1, 1405هـ تحقيق : د. عجيل جاسم النشمي.

(29) تخريج الفروع على الأصول , محمود بن أحمد الزنجاني أبو المناقب,ج1/108, مؤسسة الرسالة, بيروت, ط2, 1398هـ د. محمد أديب صالح.

(30) القواعد والفوائد الأصولية ,ج1/179.

(31) الأصول للسرخسي , ج1/ 26ـ 28 .

(32) نيل السول على مرتقى الوصول للولاتي ص126, مطابع دارلا عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع , الرياض ,1412هـ , بتصحييح بابا محمد الولاتي.

(33) أخرجه مسلم ج1/82, برقم 66, دار إحياء التراث العربي بيروت , ترتيب : محمد فؤاد عبد الباقي.

(34) أخرجه البخاري ج2/ 982, برقم 1347, دار إحياء التراث العربي , بيروت ترتيب: محمد فؤاد عبد الباقي.

(35) فتح الباري ج3/ص378, دار المعرفة ,بيروت محب الدين الخطيب.

(36) أخرجه الطبراني في المعجم الصغير , ج1/341, برقم 567, المكتب الإسلامي , دار عمار, بيروت , عمان, ط1, 1405 هـ ,تحقيق : محمد شكور محمود الحاج أمرير.

(37) البحر المحيط .

(38) تخريج الفروع على الأصول , محمود بن أحمد الزنجاني أبو المناقب,ج1/108 .

(39) شرح المنار لابن مالك ج1/ 222.

(40) القواعد والفوائد الأصولية ,ج1/179.

(41) التمهيد في تخريج الفروع على الأصول الأسنوي , ج 1/288ـ289, مؤسسة الرسالة , بيروت, ط1, 1400هـ , تحقيق : د. محمد حسن هيتو.

(42) إجابة السائل شرح بغية الامل , لابن الأمير ص283, مؤسسة الرسالة .ط1, 1406هـ بيروت , تحقيق كل من القاضي العلامة/ حسين السياغي, ا.د/ حسن مقبول الاهدل .

(43) إرشاد الفحول ص 178, مؤسسة الرسالة بيروت , ط7, 1417هـ

(44) المحصول في علم الأصول للرزي , ج2/ 199ـ 201, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية , الرياض , ط1, 1400هـ تحقيق : طه جابر فياض العلواني

(45) المحصول في علم الأصول للرزي , ج2/ 199ـ 201, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية , الرياض , ط1, 1400هـ تحقيق : طه جابر فياض العلواني

(46) أحكام القران محمد بن إدريس الشافعي للإمام البيهقي , ج1/ 113, دار الكتب العلمية, بيروت, 1400ن اعتنى به : عبد الغني عبد الخالق

(47) إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم لأبوا لسعود نج2/74, سم الكتاب دار إحياء التراث العربي, بيروت

(48) إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم لأبوا لسعود نج2/74, سم الكتاب دار إحياء التراث العربي, بيروت

(49) أحكام القران , ج1/ 47.

(50) السابق ,ج1، 258ـ260

(51) اللمع في أصول الفقه , للإمام الشيرازي , ص23, دار الكلمة 1418هـ, د. مصطفى أبو سليمان الندوي

(52) إرشاد الفحول ص178.

(53) الفوائد الأصولية , ص179

(54) نثر الورود على مراقي السعود , شرح محمد الأمين الشنقيطي ,ص178,179, توزيع دار المنار, جدة , ط2, 1420هـ, تحقيق : محمد وليد سيد الشنقيطي

(55) إرشاد الفحول ج1/187ـ188

(56) التمهيد في تخريج الفروع على الأصول الأسنوي , ج 1/288ـ289, مؤسسة الرسالة , بيروت, ط1, 1400هـ , تحقيق : د. محمد حسن هيتو

المصدر: http://www.jameataleman.org/msah/studen/new/studen12.htm
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
جزاك الله خيرا
 
أعلى