العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

المندلي في بيان المشهور من المذهب الحنبلي ( غاية في الاختصار )

خالد بن سالم باوزير

:: غفر الله له ولوالديه ::
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
646
الجنس
ذكر
الكنية
أبـو مـعـاذ
التخصص
الفقه
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا مزيدا إلى يوم الدين, أما بعد:

فهذه دروس في بيان المشهور من المذهب أطرحها بين يدي إخواني مساهمة مني في خدمة مذهب إمامنا إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل الشيباني - رحمه الله تعالى وأعظم أجره وقدس روحه -, وإنما اقتصرت فيه على المشهور من مذهب أئمتنا الحنابلة ليكون عمدة للمتمذهبين على مذهب الحنابلة الكرام - عليهم رحمة ذي الجلال والإكرام -, علما بأن اقتصاري على بيان المشهور من مذهب الإمام لا يعني بالضرورة أن أتبنى كل ما دونه الأصحاب الكرام وصار هو المشهور عندهم, وإنما هذا البيان إنما هو لتدوين المشهور والصحيح من مذهب الأصحاب كي يكون عمدة للمتمذهبين على مذهب الحنابلة الكرام كما تقدم, وأيضا ليس هو دعوة للتعصب, وإنما هو تأصيل للمبتدئين ليسهل عليهم المرور على فروع الفقه بأيسر الطرق والأسباب, فليس من المناسب لمن يَدْرُس متنا فقهيا لأول وهلة أن يُقحَم في معرفة الخلاف في المذهب الذي ينتسب إليه فكيف بذكر الخلاف العالي؟!, والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم, وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
وستكون طريقة الدروس ببيان المشهور من المذهب مع ذكر مسائل معاصرة تدعو الحاجة إليها, أسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يجعل ما أسطره هنا حجة لي لا علي وأن يجعله مباركا نافعا لقائله وقارئه وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم وأن لا يجعل للشيطان ولا لأحد من الخلق فيه نصيبا, وأن يجعله لي ذخرا يوم ألقاه جل جلاله ويبقى لي أثرا بعد مماتي, إنه ولي ذلك والقادر عليه.

" مقدمة "

الفقه في اللغة هو:
الفهم يقال: فَقِهَ الأمر إذا فهمه.
وفي الاصطلاح: معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بأفعال المكلفين .
والأحكام الشرعية خمسة: الواجب والمستحب والمباح والمكروه والحرام.
فالواجب كالصلاة .
والمستحب كالتسوّك .
والمباح كالنوم.
والمكروه كالتكلّم أثناء قضاء الحاجة.
والحرام كالزنا .
والمكلف هو البالغ العاقل .
وقولنا : " المتعلقة بأفعال المكلفين " أي التي ترتبط بأقوال وأعمال البالغين العاقلين من صلاة وصيام وسواك وبيع وزواج ونحو ذلك بخلاف المتعلقة باعتقادات المكلفين كالإيمان بالله واليوم الآخر فهذه تبحث في علم العقيدة ، أما الفقه فهو الذي يبيّن لنا أحكام أفعالنا ما يجوز منها وما لا يجوز .
وفائدة دراسة الفقه: هو التمكّن به من امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه إذْ إن المسلم لا يعرف مراد الله منه إلا بدراسة الفقه.


( كتاب الطهارة )

باب المياه

الطهارة لغة: النظافة والنزاهة من الأقذار حسية كانت أم معنوية.
فالحسية: كالبول والغائط.
والمعنوية: كالشرك بالله تعالى والذنوب والمعاصي.

واصطلاحا: ارتفاع الحدث وما في معناه وزوال الخبث.

وفي هذا التعريف ثلاث فقرات إليك شرحها:
(أولا) : ارتفاع الحدث.
والحدث: وصف غير محسوس يقوم بالبدن يمنع مما تشترط له الطهارة .
ومعنى كونه ( غيرَ محسوس ) هو أن الشخص إذا أحدث لا يُعرف أ متوضئ هو أم محدث.
فمن بال - مثلا - فقد قام به وصف غير محسوس يسمى حدثا.
إذن فهو محدث لقيام هذا الوصف به, ولا يرتفع هذا الوصف عنه إلا إذا توضأ .
ومعنى قولنا: ( مما تشترط له الطهارة ) هو أن الحدث يمنع كل عمل اشترط الشرع له الطهارة كالصلاة فإنها لا تصح بدون وضوء.
ثم إن الحدث ينقسم إلى قسمين :
1 - حدث أصغر: وهو ما أوجب الوضوء.
كخروج البول والغائط.
مثال: من تغوط فقد قام به وصف غير محسوس يسمى حدثا أصغر, لأنه لا يوجب الغسل وإنما يوجب الوضوء .

2 - حدث أكبر: وهو ما أوجب الغسل.
كخروج المني وخروج دم الحيض من المرأة .
مثال: من جامع زوجته فقد قام ببدن كل واحد منهما وصف غير محسوس يسمى حدثا أكبر لأنه يوجب الغسل فلا يرتفع عن البدن إلا بالغسل .
مثال آخر: من حاضت من النساء فقد قام بها وصف غير محسوس يسمى حدثا أكبر لأنه يوجب الغسل أيضا .
(ثانيا):
ما في معناه.
أي: ما في معنى ارتفاع الحدث لا ما في معنى الحدث .
فكأننا قلنا: الطهارة: ارتفاع الحدث وما في معنى ارتفاع الحدث .
والذي في معنى ارتفاع الحدث هو: كل طهارة لا تكون عن حدث أو لا يرتفع بها حدث .
مثال الطهارة التي لا تكون عن حدث: غسل الميت, فغسل الميت تعبدي وليس عن حدث. ومع ذلك يسمى طهارة فكان في معنى ارتفاع الحدث .
مثال آخر: تجديد الوضوء, فالوضوء على الوضوء السابق لا يكون عن حدث. ومع ذلك فإنه يسمى طهارة فكان في معنى ارتفاع الحدث .
ومثال الطهارة التي لا يرتفع بها حدث: من به حدث دائم كسلس بول إذا توضأ لوقت كل صلاة أبيح له الصلاة بذلك الوضوء مع أن حدثه قد يكون مستمرا, فهنا لم يرتفع حدثه ولكنه في معنى ارتفاعه .
مثال آخر: من تيمم لعذر يبيح التيمم, فهنا لم يرتفع حدثه ولكن هو في معنى ارتفاع الحدث, وذلك لأن التيمم كما سيأتينا - إن شاء الله تعالى - غير رافع للحدث وإنما هو مبيح لفعل الصلاة ونحوها مما تشترط له الطهارة .
(ثالثا): زوال الخبث.
والخبث: هو عين خبيثة مستقذرة شرعا .
كالبول والغائط ودم الحائض. وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى مفصلا في مبحث النجاسات .


" فصل في أقسام المياه "

الماء ثلاثة أقسام:
1 - طهور.
2 - طاهر.
3 - نجس.
فالماء الطهور: هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره .
ومعنى كونه ( طاهرا في نفسه ) هو أنه يجوز الشرب منه وكذا استعماله في الطبخ وإذا وقع على البدن والثياب والأرض لا ينجسها.
ومعنى كونه مطهرا لغيره: أنه يرفع الحدث ويزيل الخبث .
والطاهر: هو الطاهر في نفسه غير المطهر لغيره .
ومعنى كونه ( طاهرا في نفسه ) هو أنه يجوز الشرب منه واستعماله في الطبخ وإذا وقع على البدن والثياب والأرض لا ينجسها.
ومعنى كونه ( غيرَ مطهر لغيره ) هو أنه لا يرفع الحدث ولا يزيل الخبث .
والنجس: هو ما ليس طاهرا في نفسه ولا مطهرا لغيره .
ومعنى كونه ( ليس طاهرا في نفسه ) هو أنه لا يجوز الشرب منه ولا استعماله في الطبخ أو الغسيل وإذا وقع على البدن أو الثياب أو الأرض فإنه ينجسها .
ومعنى كونه غيرَ مطهر لغيره: أنه لا يرفع الحدث ولا يزيل النجس.
فالخلاصة: هي أن الماء إن كان يجوز الشرب منه والوضوء به وإزالة الخبث به فهو طهور.
وإن كان يجوز الشرب منه ولا يجوز الوضوء ولا إزالة الخبث به فهو طاهر .
وإن كان لا يجوز الشرب منه ولا الوضوء ولا إزالة الخبث به فهو نجس .


" فصل في الطهور "

الطهور ثلاثة أنواع:
1 - طهور مباح .
2 - طهور مكروه.
3 - طهور محرم.

وإليك أيها الفاضل تفصيل كل نوع منها :
أولا: الطهور المباح: وهو الباقي على أصل خلقته التي خلقه الله تعالى عليها حقيقة أو حكما.
مثال الباقي على خلقته حقيقة: الماء الذي نزل من السماء كماء المطر أو ذوب الثلج والبرد, أو الماء الذي نبع من الأرض كماء البحار والأنهار والآبار - جمع بئر- والعيون.
ومثال الباقي على خلقته حكما:
أ - الماء الذي تغيّر بطول مكثه ويسمى: الآجن.
ب - والماء المتغير الذي نبت به طحلب وهو شيء أخضر لزج يخلق في الماء ويعلوه وهو معروف.
ت - أو تغير بسقوط أوراق الشجر عليه.
ث - أو تغير بمجاورة نجس كأن تكون جيفة ميتة بالقرب من الماء فيتغير بها بسبب الرياح.
ج - والماء المسخن بشمس قصد تسخينه أم لم يقصد كان في إناء منطبع أو لم يكن - والإناء المنطبع هو القابل للطرق بالمطرقة بحيث ينطبع وينطوي كالنحاس والحديد والألمنيوم - ولو في بلاد حارة, وكذا المسخن بشيء طاهر كالحطب ونحوه.
مثال: عندنا إناء من نحاس فيه ماء في السودان سخنته الشمس بحرارتها فلا يكره هذا الماء أي يجوز الوضوء به بلا كراهة.
فهنا الماء في هذه الأمثلة قد تغير حقيقة بما ذكرنا كأن تغيّر لونه بالطحلب أو رائحته بمجاورة الميتة أو طعمه بسبب طول المكث لكن مع هذا حكمنا عليه أنه باق على خلقته, وذلك لأن هذه الأشياء التي غيرته لم تسلبه الطهورية فهو طاهر في نفسه مطهر لغيره.

ثانيا: الماء المكروه: وهو الماء الذي وجد فيه سبب يدعو لكراهته شرعا مع صحة الطهارة به.
وذلك مثل:
أ - الماء الذي اشتد حره أو برده لمنعه كمال الطهارة حينئذ.
ب - والماء المتغير بمجاورة طاهر وقع فيه ولم يخالطه أي لم يمازجه, كالمتغير بدهن وقطع كافور ( وهو نوع من الأطياب النباتية, شفافة مائلة إلى البياض, ويكون صلبا أي: قطعا ويمكن أن يدق ).
ت - المتغير بملح مائي.
ث - والماء المسخن بنجس كأن يسخن الماء بروث حمار.
فهذا النوع من الماء يكون طهورا ولكنه يكره استعماله مع عدم الحاجة إليه, فإن احتيج إليه ارتفعت الكراهة وصار طهورا غير مكروه والحالة هذه.
مثال: حضرت الصلاة جماعة من الناس وعندهم ماء قليل بعضه متغير بملح مائي فهنا يستعمل هذا الماء بلا كراهة للحاجة إليه، فإذا كان الماء متوفرا فأي داع لاستعمال المكروه.
توضيح في الفرق بين الملح المائي والملح الجبلي:
الملح المائي: هو الذي يكون أصله الماء.
وطريقة استخراجه أن تحفر حفرة كبيرة في أرض سبخة ويوضع فيها ماء البحر ويترك في الشمس فتبخر بحرارتها الماء ويبقى الملح، فهذا ملح مائي.
والملح الجبلي أو الصخري: هو الملح المستخرج من الصخور، ويسمى بالملح المعدني.
وهو يستخرج من الجبال أي من الصخور فتجد في بعضها أملاحا كما يوجد في غيرها من المعادن كالذهب والفضة، فهذا ملح جبلي أو صخري .
وحكم الملح المائي: أنه إذا وضع في الماء الطهور وتغير به أي: صار مالحا فإنه لا يسلب الطهورية عن الماء فلذا يجوز الوضوء به لأن أصله ماء.
وحكم الملح الجبلي ( المعدني ): أنه إذا وقع في الماء وتغير به كثيرا فإنه يصير طاهرا غير مطهر.

ثالثا: الماء المحرم: وهو الماء الذي لا يرفع الحدث ولكنه يزيل النجس.
وذلك مثل الماء المغصوب أو المسروق أو كماء بئر غير الناقة من ثمود قوم صالح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم .
فهذه المياه يحرم استعمالها فمن تطهر بها لا يرتفع حدثه ولكن يزال بها الخبث.
مثال: لو أن شخصا توضأ بماء مغصوب أو مسروق فلا يصح وضوؤه ولا يرتفع حدثه.
لكن لو أزال بها نجاسة على بدنه أو ثوبه أو على الأرض فإنها تزول بهذا الماء.
مثال آخر: لو أن شخصا ذهب إلى ديار ثمود فتوضأ من إحدى تلك الآبار سوى بئر الناقة فإنه لا يصح وضوؤه ولا يرتفع حدثه, لكن لو أزال بها نجاسة على بدنه أو ثوبه أو على الأرض فإنها تزول بهذا الماء.
أما لو توضأ من بئر الناقة صح وضوؤه وارتفع حدثه ومن باب أولى تزول النجاسة.


" فصل في الطاهر "

الماء الطاهر نوعان:
1 - الماء المستعمل.
2 - الماء المتغير بطاهر.
أولا: الماء المستعمل: وهو الماء الذي رفع بقليله - دون القلتين - حدث أو أزيل به نجس.
وذلك مثل الماء المتقاطر من أعضاء المتوضئ لرفع حدث أو المغتسل من الجنابة, فهذا يسمى ماء مستعملا فلا يجوز الوضوء به ولا الاغتسال ولا إزالة النجاسة, لأنه وإن كان طاهرا في نفسه إلا أنه غير مطهر لغيره كما تقدم في تعريفه.
والسبب في " عدم كونه مطهرا لغيره " هو أنه لما رفع به الحدث أو أزيل به النجس ذهبت قوته فلم يعد صالحا للوضوء والغسل وإزالة النجاسة.
أما الماء المستعمل للتبرد أو التنظف فليس من قبيل المستعمل لأنه لم يُرفع به حدث أو يُزَل به نجس, بل هو باق على طهوريته يجوز رفع الحدث به وكذا إزالة النجس, وذلك لبقاء قوته على التطهير.
ونظير الماء المستعمل في رفع حدث الماء المستعمل في إزالة نجس, فلو سقط بول - مثلا - على ثوب, فألقينا على محل النجاسة من الثوب ماء طهورا ثم تساقط الماء من الثوب وجمعناه في إناء, فهذا الماء يصبح طاهرا غير مطهر, وذلك بشرطين :
1- أن يطهر المحل النجس من الثوب في الغسلة السابعة.
بمعنى أننا ننظر إلى محل النجاسة من الثوب بعد غسله سبع مرات هل زال لون النجاسة وذهب ريحها وطعمها أو لا ؟ فإذا زالت آثار النجاسة طهر الثوب فيكون الماء الذي طهره وانفصل عنه في الإناء في الغسلة السابعة طاهرا غير مطهر.
أما إذا لم يطهر محل النجاسة من الثوب فإن الماء يكون نجسا والحالة هذه أي أن الماء المستعمل في إزالة النجاسة يكون تابعا للمحل, إن طهر المحل بعد الغسلة السابعة طهر الماء وإن لم يطهر بعد الغسلة السابعة واحتيج إلى أكثر من سبع غسلات لم يطهر الماء, وهكذا حتى يطهر المحل, ولا ينقص عن سبع غسلات فإن نقص بقي المحل نجسا إما حقيقة أو حكما. أي : ولو نظف حقيقة فإننا نحكم بنجاسته ما دام أن الغسلات دون السبع فالنجاسة كي تزول لا بد لها من سبع غسلات.
2 - أن لا يتغير الماء المستعمل في التطهير في الغسلة السابعة.
بمعنى أننا ننظر إلى الماء المتساقط في الإناء المنفصل عن محل التطهير في الغسلة السابعة, هل فيه لون أو طعم أو ريح النجاسة أولا ؟ فإن لم نجد فيه ذلك بعد الغسلة السابعة كان طاهرا غير مطهر, وإن وجدنا لون النجاسة أو طعمها أو ريحها كان الماء المنفصل عن محل التطهير بعد الغسلة السابعة نجسا.
فعلم أنه لا تزول النجاسة عن المحل بأقل من 7 غسلات حتى وإن ظهر لنا أن الثوب قد نظف لكننا نحكم بنجاسته، فحينئذ تكون الغسلات المستعملة من الماء من رقم 1 إلى رقم 6 نجسة دائما.
وأما الغسلة رقم 7 فننظر إن طهر المحل بها وليس في الماء أثر للنجاسة فالماء طاهر غير مطهر.
وأما الغسلة رقم 8 وما بعدها إن وجدت فالماء يعتبر طهورا ما دام أن الثوب قد طهر في الغسلة السابعة لأن الماء حينئذ يكون قد لاقى محلا طاهرا فيبقى على طهوريته.
فتلخص من ذلك كله أن الماء المستعمل هو طاهر في نفسه غير مطهر لغيره, وهو نوعان:
1 - المستعمل في رفع حدث إذا كان قليلا - دون القلتين -, وقلنا: إنه إذا لم يستعمل في رفع حدث بل للتبريد أو التنظيف فإنه يبقى طهورا على أصله يرفع الحدث ويزيل الخبث .
2 - المستعمل في إزالة النجس, وقلنا: إنه لا بد من توفر شرطين:
1 - طهارة المحل بعد الغسلة السابعة.
2 - عدم تغير الماء بعد الغسلة السابعة.
فإذا توفر الشرطان فالماء المستعمل في إزالة النجاسة طاهر غير مطهر حاله كحال الماء المستعمل في رفع حدث بلا فرق.
ومتى فقد أحد هذين الشرطين كان الماء نجسا.

ثانيا: الماء المتغير بطاهر: وهو الماء الذي اختلط به طاهر فتغير كثيرا لونه أو طعمه أو ريحه.
فيشترط في التغير بالطاهر ثلاثة أمور:
1- أن لا يشق صون الماء عنه.
فقد مضى معنا أن المتغير بطول مكثه أو بطحلب نبت فيه أو بأوراق شجر سقطت فيه يبقى على طهوريته حكما كما تقدم, لأنه يشق علينا أن نصون الماء عن هذه الأشياء, ولذا لو أن آدميا قام بإلقاء أوراق الشجر على الماء فتغير تغيرا كثيرا بذلك الفعل كان الماء طاهرا غير مطهر, لأنه يمكن أن نمنع ذلك الآدمي عن هذا الفعل, لكننا لا يمكن أن نمنع أوراق الشجر من التساقط, والمشقة تجلب التيسير.
مثال الماء الذي تغير بشيء طاهر غير ما ذكرنا سابقا مما يشق صون الماء عنه: الماء الذي سقط فيه صابون وتغير الماء به, فهنا عندنا ماء طهور اختلط بمادة طاهرة وهي الصابون, فتغير الماء بذلك الصابون وصار لونه أو طعمه أو ريحه لون أو طعم أو ريح الصابون, أي لم يبق الماء على صفاته الأصلية التي خلقه الله تعالى عليها فيصير الماء طاهرا غير مطهر, أي إنه انتقل بسبب مخالطة الصابون له من الطهورية إلى الطاهرية .
ومثل الصابون ماء الورد والخل والشاي والحليب والعصير وغيرها من الطاهرات.
2 - أن يكون التغير كثيرا.
وضابط التغير الكثير أن يزول وصف الإطلاق عن الماء بحيث من رآه لا يسميه ماء فقط بل يقيده فيقول: ماء صابون أو ماء ورد أو ماء خل أي يضيفه للطاهر الذي خالطه.
مثال: سقط طاهر في الماء مثل قليل من الشاي فوجدنا أن الماء تغير به تغيرا قليلا بحيث لا تزال صفات الماء الأصلية هي الغالبة, فمن رآه والحالة هذه يسميه ماء فهذا يبقى طهورا على أصله يرفع الحدث ويزيل الخبث .
أما إذا وجدنا أن التغير صار كثيرا بحيث صار يسمى ماء شاي فهذا غير مطهر لا يرفع الحدث ولا يزيل الخبث .
3 - أن يكون تغير الماء بالمخالطة.
والمخالطة: هي أن لا يتميز الطاهر عن الماء بالعين الباصرة.
مثل الماء الذي سقط فيه صابون فهنا ننظر بأعيننا إلى الماء فلا نستطيع أن نميز الصابون عن الماء أي أن الصابون لم يطف فوق الماء فقط, ولم يستقر في الأسفل فقط بحيث صار معزولا عن الماء, وإنما اختلط وامتزج بالماء فصارا خليطا واحدا.
أما إذا لم يخالطه بل جاوره فقط فهنا يبقى الماء طهورا وإن تغير بهذا المجاور تغيرا كثيرا إلا أنه يكره استعماله والحالة هذه مع عدم الاحتياج إليه كما تقدم في القسم الثاني من أقسام الماء الطهور وهو الطهور المكروه.
والمجاورة: أن يتميز الطاهر عن الماء بالعين الباصرة .
مثال ذلك: الماء الذي سقطت فيه خشبة, فهنا قد تميز الماء عن الخشبة, فهذا يسمى مجاورة, فلو بقيت الخشبة فترة طويلة فوجدنا أن الماء قد تغير لونه أو طعمه أو ريحه فالماء يبقى طهورا على أصله لأن الخشبة لم تخالط وتمتزج بالماء بل جاورته.
ومثل الذي سقط فيه عود مطيب أو قطع كافور - نوع من الأطياب النباتية - بحيث يجعل الماء ذا رائحة طيبة, فهذا أيضا تغير بالمجاورة فلا يضر الماء ويبقى طهورا على أصله, لأن العود أو قطع الكافور لم تمتزج به بل جاورته.
ومثل الماء الذي سقط فيه تفاح أو فاكهة أخرى ولم يتحلل منها شيء فلا يضر الماء ويبقى طهورا على أصله لعدم المخالطة.
ومثل الماء الذي سقط فيه هيل فإنه سوف تتغير رائحته به, فلا يضر ولو كان التغير كثيرا, لأن الهيل لا يمازج الماء بل يجاوره.
ومثل الماء الذي سقط فيه دهن ولو كان سائلا فإنه سوف يطفو فوق الماء ولا يخالطه فلا يضر الماء ويبقى على أصله طهورا.
فتلخص من ذلك: أن كل مادة طاهرة لا تمتزج بالماء بأن كانت صلبة ولا يتحلل منها شيء أو كانت فيها دهنية كدهن الطعام والشحم والشمع فهذه تجاور الماء ولا تخالطه فلا تضر طهورية الماء وإن غيرته تغيرا كثيرا. إلا أنه كما بينا سابقا يكون استعماله مكروها والحالة هذه مع عدم الاحتياج إليه, فإن احتيج إليه ارتفعت الكراهة .
فالخلاصة هي أن الماء المتغير بطاهر يكون طاهرا غير مطهر بثلاثة شروط:
1- أن لا يشق صون الماء عنه فإن شق بقي طهورا على أصله.
2 - أن يكون التغير كثيرا بحيث يسلب إطلاق اسم الماء, أما إن كان قليلا فلا يضر ويبقى الماء طهورا.
3 - أن يكون التغير حصل بمخالطة للطاهر, أما إذا حصل بمجاورة فلا يضر ويبقى الماء طهورا حتى وإن تغير به تغيرا كثيرا مع كراهة استعماله حينئذ إذا لم يحتج إليه كما بينا مرارا.


" فصل في النجس "

النجس: هو الماء الذي حلت فيه نجاسة.
وهو نوعان:
1 - قليل بأن يكون أقل من القلتين.
2 - كثير بأن يكون قلتين فأكثر وتغير بالنجاسة.
والقلتان = 500 رطل بغدادي.
والرطل البغدادي = 382.5 غم
فالقلتان = 500 × 382.5 = 191.250كغم.
فالماء إذا بلغ وزنه 191.250 كغم فهو كثير, وإن لم يبلغ فهو قليل.
فالماء القليل إذا حلت فيه نجاسة تنجس مباشرة سواء تغير لون الماء أو طعمه أو ريحه أم لم يتغير وسواء كان الماء جاريا أم راكدا .
لكن يستثنى من ذلك محل التطهير.
ومحل التطهير: هو المحل الذي أصابته نجاسة فنقوم بتطهيره بالماء كي نزيل النجاسة عنه, وسمي محل التطهير لأنه يقصد تطهيره.
مثال ذلك: عندنا إناء من الماء يسع 20 كغم سقطت فيه قطرة بول فوجدنا أن الماء لم يتغير بالنجاسة لأنها قليلة جدا فهنا يصير الماء نجسا رغم عدم التغير, لأن القاعدة تقول: " إن الماء الذي لم يبلغ قلتين ينجس بحلول النجاسة فيه تغير أم لم يتغير ".
مثال آخر: عندنا ماء غدير يجري فوقعت فيه نجاسة, فنظرنا إلى مجموع الماء الجاري الذي وقعت فيه النجاسة فإذا هو أقل من القلتين, والنجاسة الذي وقعت فيه لم تغيره, فهنا يصبح الماء نجسا رغم عدم التغير لأنه لم يبلغ القلتين بمجموعه.
وتبين لنا من خلال هذا المثال أن حكم الماء الجاري كالراكد مثلا بمثل سواء بسواء.
مثال آخر: عندنا ثوب وقعت فيه نجاسة, فقمنا بغسل هذه النجاسة بالماء, فالمكان الذي وقعت عليه النجاسة وقمنا بغسله يسمى محل التطهير لأننا نقوم بتطهيره, فالماء الوارد على هذه النجاسة قليل لكنه مادام في محل التطهير طهور وليس بنجس, لأننا إن قلنا بنجاسته لم يمكن تطهير نجاسة على وجه الأرض مطلقا بماء قليل, لأنه كلما ألقينا الماء ولاقى محل النجاسة من الثوب سوف يتنجس, فلذا استثنيناه, لكن إن انفصل هذا الماء القليل عن محل التطهير فهو نجس في الست الغسلات وفي السابعة ننظر إن كان انفصل غير متغير فهو طاهر غير مطهر وإن كان قد انفصل متغيرا بالنجاسة فهو نجس كما بينا سابقا.
والماء الكثير وهو الذي يبلغ قلتين فأكثر إذا حلت فيه نجاسة فله حالتان:
1 -أن لا يتغير بالنجاسة فلا يصير نجسا.
مثال ذلك: أن يوجد عندنا خزان ماء كبير يسع قلتين فأكثر سقط فيه بول فنظرنا إلى لون الماء فلم يتغير, وذقنا الماء فلم نجد طعم الماء تغير, وشممنا رائحة الماء فلم نجد رائحة الماء تغيرت.
فهذا الماء يرفع الحدث ويزيل الخبث .
2 - أن يتغير بالنجاسة فيصير نجسا.
مثال ذلك: أن يوجد عندنا خزان ماء كبير يسع قلتين فأكثر سقطت فيه نجاسة فنظرنا إلى الماء فوجدناه قد تغير لونه أو طعمه أو ريحه فهو نجس .
ولا
يشترط أن تتغير كل الأوصاف, بل تغير أحدها كاف للحكم عليه بالنجاسة .

" تنبيهات "
الأول: قلنا: إن الماء الطهور إذا خالطه طاهر وتغير به تغيرا قليلا فلا يضر ويبقى الماء طهورا, وأما إذا تغير به تغيرا كثيرا فيصبح طاهرا غير مطهر, وهذا الكلام في الطاهر.
أما في النجس فالماء الطهور إذا حلت فيه نجاسة وغيرته صار نجسا سواء كان التغير قليلا أم كثيرا.
والسبب في ذلك أن النجاسة أمرها غليظ بخلاف الطاهر فأمره هين.
الثاني: قلنا: إن الماء القليل وهو مادون القلتين ينجس بمجرد الملاقاة ولا عبرة بالتغير, وهنا قد يتساءل الطالب فيقول: أنتم قلتم: إن الماء المستعمل في إزالة النجاسة هو طاهر مادام المحل طاهرا ولم يتغير الماء بعد الغسلة السابعة, فهنا يكون عندنا ماء قليل لاقى النجاسة واتصل بها - لأنه حينما يسكب الماء على النجاسة لا بد أن يلاقيها ويتصل بها - ومع هذا انتقل الماء من كونه طهورا إلى طاهر, فلم لم ينتقل من طهور إلى نجس ؟
والجواب: هو أن هذا الكلام صحيح, فالماء القليل المستعمل في إزالة النجاسة يصبح طاهرا بالشرطين المذكورين, فهو مستثنى من قاعدة " إن الماء الذي لم يبلغ قلتين ينجس بملاقاة النجاسة تغير أم لم يتغير ".
والسر في ذلك هو أن الماء المستعمل وارد على النجاسة, وأما في الماء القليل إذا سقطت فيه نجاسة فهي الواردة على الماء, بمعنى أننا حينما نريد أن نطهر الثوب نسكب ونلقي الماء على الثوب فيكون الماء قويا بسبب الحركة والإلقاء, ولكن حينما يوجد عندنا إناء فيه ماء قليل وتسقط فيه قطرة بول يكون الماء ساكنا ضعيفا والنجاسة قوية واردة عليه فتنجسه.
وأيضا لو أننا قلنا بنجاسته في هذه الحالة ما طهرت نجاسة بماء قليل مطلقا كما بينا في ثنايا الشرح.
فتلخص من ذلك: أن الماء القليل إذا كان واردا على النجاسة صار طاهرا بالشرطين المذكورين.
وإذا كانت النجاسة واردة عليه صار نجسا.
مثال ذلك: عندنا ثوب متنجس غمسناه في إناء ماء, فهنا ينجس الماء ولا يطهر الثوب, وذلك لأن الماء القليل لاقى نجاسة فينجس, وإذا نجس فقطعا لن يطهّر الثوب.
وهنا مسألة مهمة لابد من التنبه لها: وهي الثياب التي تغسل في الغسالات الحديثة, فهنا ينبغي أن تغسل الثياب النجسة قبل وضعها في الغسالة وإلا أدى ذلك إلى نجاسة الماء ومن ثم نجاسة جميع الثياب التي ستوضع في الغسالة حتى ولو كانت طاهرة, لأن الماء الذي يوضع في الغسالات الحديثة قليل وهنا قد لاقى نجاسة فينجس وينجس كل ما غسل به من الثياب .
مثال آخر: عندنا ثوب متنجس غمسناه في خزان ماء يبلغ قلتين أو أكثر, فهنا يطهر الثوب ويبقى الماء طهورا مادام أنه لم يتغير بالنجاسة, لأن الماء الكثير لا ينجس إلا بالتغير سواء أكان واردا على النجاسة أم كانت النجاسة واردة عليه.
أما الماء القليل إذا وردت النجاسة عليه نجس تغير أم لا, وإن ورد هو على النجاسة فهذا فيه تفصيل: وهو إن طهر المحل بعد الغسلة السابعة ولم يتغير الماء بعدها فهو طاهر, وإن لم يطهر المحل بعد الغسلة السابعة أو كان الماء متغيرا بعد السابعة فهو نجس.
الثالث: لا فرق في التغير بالطاهر بين أن يكون مقدار الماء قلتين أو دون القلتين, لأن المدار فيه على التغير القليل والكثير وليس على القلتين, فإن تغير قليلا لم يضر وإن تغير كثيرا ضر.
مثال : عندنا ماء يبلغ 100 قلة وتغير بالصابون - مثلا - تغيرا كثيرا فهذا طاهر غير مطهر.
الرابع: أن الماء إذا تنجس فإنه ينجس غيره.
مثال: عندنا ثلاثة آنية فيها مياه مطلقة, في الإناء الأول 50 رطلا من الماء, وفي الإناء الثاني 100 رطل من الماء, وفي الإناء الثالث 450 رطلا من الماء, سقطت في الإناء الأول قطرة بول فتنجس الماء لأنه قليل فأخذنا قطرة ماء من الإناء الأول المتنجس ماؤه بقطرة البول وأسقطناها في الإناء الثاني فسيتنجس الماء لأنه قليل, ثم أخذنا قطرة من الإناء الثاني المتنجس بماء الإناء الأول وأسقطناها في الإناء الثالث فهنا سينجس الماء أيضا لأنه قليل, وهكذا لو كان عندنا أكثر من ثلاثة .
والقصد هو أن الماء المتنجس صار كقطرة البول ينقل النجاسة إلى غيره .
الخامس: قلنا في القلتين: إنها = 500 رطل بغدادي, والرطل البغدادي = 382.5 غم, فهذا الرطل البغدادي هو المعتبر في المقادير الفقهية, وهناك أرطال أخرى كالرطل الشامي والرطل المصري يختلف مقدارها عن الرطل البغدادي, ولكنها لا تهمنا لأن المعول على الرطل البغدادي.
السادس: قلنا: إن القلتين = 500 رطل بغدادي ، وهذا المقدار تقريبي ، فلو نقصت القلتان رطلا أو رطلين فلا يضر ويبقى الماء كثيرا لا ينجس إلا بالتغيّر بمعنى أن القلتين = 191.250 كغم فلو نقص رطلين أي 765 غم أو أقل فيبقى المقدار قلتين لأن تقدير القلتين بـ 500 رطل أمر تقريبي وليس تحديديا، ولكن لو زاد النقص على الرطلين ولو رطلا واحدا فهذا يضر فيكون الماء الذي نقص 3 أرطال عن القلتين قليلا ينجس بمجرد ملاقاة النجاسة .
السابع: الماء المستعمل لا يجوز استعماله في العبادات ويجوز استعماله في العادات فلا يصح التطهر بالماء المستعمل ولو في طهارة مستحبة كالوضوء على الوضوء.
الثامن: ذكرنا أن النجاسة لا تزول إلا بالماء الطهور فقط ولا تزول بأي مزيل آخر, وعليه فمن أصابت ثوبه نجاسة وأراد أن يغسله بالبخار فنقول له: اغسل النجاسة التي وقعت عليه أولا بالماء الطهور حتى تزول تلك النجاسة وبعد ذلك اغسله بالبخار - إن شئت -. والغسل بالبخار: هو أن توضع بعض المركبات الكيميائية على الثوب الذي يراد غسله لتزيل ما علق به من أوساخ أو نجاسات, ثم يغسل الثوب كاملا ببخار الماء غسلا لا يصل إلى حد تقاطر الماء.
وأيضا لا تزول النجاسة بالكلور, أو بتشميسها, أو بنشافها بسبب الريح, أو بالتراب, أو بحكها, أو بمسحها, ونحو ذلك, حتى لو زالت حقيقة, فإنها باقية حكما, أي: أننا نحكم على المكان المتنجس بأنه نجس حتى يغسل بالماء الطهور.

" خلاصة باب المياه "

الماء ثلاثة أقسام:
الأول: الطهور: وهو الطاهر في نفسه المطهر لغيره .
وهو ثلاثة أنواع:
1 - الطهور غير المكروه وهو الماء المطلق الذي يسمى ماء بلا قيد.
2 - الطهور المكروه وهو المتغير بغير ممازج كقطع كافور ودهن ونحوها .
3 - الطهور المحرم كالمغصوب والمسروق وكغير بئر الناقة من ثمود .
ثانيا: الطاهر: وهو الطاهر في نفسه غير المطهر لغيره .
وهو نوعان:
1 - الماء المستعمل .
وهو نوعان أيضا :
أ - المستعمل في رفع حدث .
ب - المستعمل في إزالة نجس, ويشترط فيه أمران:
** أن يطهر المحل بعد الغسلة السابعة .
** أن لا يتغير الماء بعد الغسلة السابعة .
2 - الماء المتغير بطاهر, ويشترط فيه ثلاثة أمور :
** أن لا يشق صون الماء عنه.
** أن يكون التغير كثيرا بحيث يسلب اسم الماء.
** أن يكون التغير بالمخالطة, وهي أن لا يتميز الطاهر عن الماء بعين الباصرة .
ثالثا: الماء النجس: وهو الماء الذي حلت فيه نجاسة .
وهو نوعان:
1 – القليل: وهو مادون القلتين, فهذا ينجس بمجرد ملاقاة النجاسة تغير أم لم يتغير .
2 – الكثير: وهو ما كان قلتين فأكثر, فهذا لا ينجس إلا إذا تغير بالنجاسة .
والقلتان = 500 رطل بغدادي .
والرطل البغدادي = 382.5 غرام .
فمجموع القلتين = 191.250 كغم .
ويعفى عن نقص رطلين لا أكثر.

" أسئلة الطلاب "

س1: لماذا فرقتم بين الماء المستعمل في طهارة واجبة والماء المستعمل في طهارة مستحبة, فقلتم عن الأول : إنه طاهر غير مطهر, وقلتم عن الثاني : إنه طاهر مطهر لكنه يكره استعماله ؟ وما وجه كراهته ؟
الجواب: لأن الماء المستعمل في طهارة واجبة قد رفع به الحدث فزالت قوته ولم يعد صالحا للتطهير مرة أخرى, وأما المستعمل في طهارة مستحبة فلم يرفع به الحدث, لأنه مرفوع أصلا وإنما قصد به الثواب .
وأما وجه كراهته فلأن من أصحابنا من قال بأنه يصبح طاهرا غير مطهر كما لو رفع به حدث, فلوجود هذا الخلاف كرهناه, وأيضا لأن هذا الماء صار مترددا بين الطهورية والطاهرية فأعطيناه حكما بين حكمين وهو بقاء الطهورية مع الكراهة.
والخلاصة هي أننا لا نقصد بالماء المستعمل هو الذي استعمل أي استعمال كأن يبرد به البدن أو تغسل به الخضروات بل نقصد به ما استعمل في رفع حدث أو أزيل به نجس.
ولا نقصد به أيضا ما استعمل في أي عبادة كأن يستعمل في طهارة مستحبة, فالطهارة المستحبة وإن كانت عبادة ولكنها لا تؤثر على طهورية الماء, لأن العبرة هي أن يستعمل الماء في عبادة واجبة بحيث يرفع الحدث, فليست العلة استعمال الماء في عادة أو عبادة بل العلة في الحدث, فحيث وجد ذهبت طهورية الماء وحيث لم يوجد بقي الماء طهورا يرفع الحدث ويزيل النجس.

2س: هل الماء المستعمل في إزالة النجاسة طاهر أو نجس ؟
الجواب: الماء المستعمل في إزالة نجس يعد طاهرا في حال ونجسا في حال, فإذا استعمل في إزالة نجس وطهر المحل بعد الغسلة السابعة ولم يتغير الماء بعد هذه الغسلة فهو طاهر, فإن لم يطهر المحل بعد الغسلة السابعة أو تغير الماء بعد هذه الغسلة فهو نجس.
3س: هل هنالك ضابط سهل نميز به المخالطة عن المجاورة ؟
الجواب: نعم, وذلك من خلال الإشارة باليد, فإذا أمكن أن نشير للطاهر بإشارة وللماء بإشارة أخرى فهذا يعني أن الماء الطاهر قد تميز عن الماء فهذه مجاورة, وإذا لم تكن الإشارة لكل واحد منهما بإشارة فهذه مخالطة.
مثال: ماء سقط فيه عود فطفا على السطح, فهنا نشير باليد ونقول: هذا العود وهذا الماء فهذه مجاورة.
مثال آخر: ماء انسكب فيه حليب فامتزج مع الماء فلا يمكننا أن نشير إلى الحليب ونقول: هذا الحليب وهذا الماء, لأنه لم ينعزل الحليب عن الماء في جهة.
4س: ما هو الذي يميز القلة والكثرة في فصل الماء الطاهر عن القلة والكثرة في فصل الماء النجس ؟
الجواب: مدار القلة والكثرة في الطاهر على وجود اسم الماء المطلق من عدمه, فإذا كان التغير بالطاهر يبقى معه وصف الإطلاق فهذا التغير قليل لا يضر طهورية الماء, وإن كان وصف الإطلاق لا يبقى بحيث لم يعد يسمى ماء, بل يضاف إلى قيد ملازم كأن يقال: هذا ماء ورد أو ماء خل أو ماء صابون أو ماء شاي وهكذا فهذا يعني أن التغير كثير ويضر طهورية الماء.
وأما مدار القلة والكثرة في النجس فعلى بلوغ الماء قلتين من عدمه, فإن لم يبلغ القلتين فهو قليل, وإن بلغ القلتين فهو كثير.
فتلخص مما ذكرنا أن القلة والكثرة في الطاهر ينظر فيها إلى الاستعمال اللغوي والعرفي لكلمة الماء, فإن كان يصح أن يستعمل الماء بلا قيد فهذا التغير قليل, وإن كان لا يصح أن يستعمل بلا قيد فهذا التغير كثير وأما القلة والكثرة في النجس فينظر فيها إلى القلتين.
أي أن النظر في الأول إلى الاستعمال اللغوي والعرفي.
والنظر في الثاني إلى مقدار محدد واضح وهو القلتان.

5س: قلتم إن ما تغير بالمخالطة تغيرا كثيرا بحيث سلب إطلاق اسم عليه يصبح طاهرا غير مطهر, وهذا موجود في الملح المائي كما هو موجود في الملح المعدني, فلم فرقتم بينهما فقلتم إن الأول لا يؤثر على الماء والثاني يؤثر عليه ؟
الجواب: هذا الكلام صحيح, ولكن فرقنا بينهما لأن الملح المائي أصله الماء فهو متولد عن الماء فلذا استثنيناه من سائر ما يمازج الماء ويخالطه, بخلاف الملح المعدني فإنه يستخرج من الصخور المالحة فليس أصله الماء.

" مسائل نظرية "
س 1: عرِّف ما يلي:
الفقه – الطهارة - الحدث- الطهور – الطاهر – النجس- الماء المطلق – الماء المستعمل – المخالطة – المجاورة - القلتين- الرطل البغدادي .
................................................................
ج. س1:
الفقه: معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بأفعال المكلفين.
الطهارة: فعل تستباح به الصلاة أو فعل لمجرد الثواب.
الحدث: وصف يقوم بالبدن يمنع الصلاة.
الطهور: الطاهر في نفسه المطهّر لغيره.
الطاهر: الطاهر في نفسه غير المطهر لغيره.
النجس: ما ليس طاهرا في نفسه ولامطهرا لغيره.
الماء المطلق: ما يسمى ماء بلا قيد.
الماء المستعمل: مارفع به حدث أو أزيل به نجس.
المخالطة: عدم تميّز الطاهر عن الماء بالعين الباصرة.
المجاورة: تميّز الطاهر عن الماء بالعين الباصرة.
القلتان: مقدار يساوي 500 رطل بغدادي تقريبا لا تحديدا.
الرطل البغدادي: مقدار يساوي 382.5 غم.

س2: ما هي أقسام الماء وأنواع كل قسم ؟
س3: ما هي شروط طهارة الماء المستعمل في إزالة النجس ؟
س4: ما هي شروط طهارة الماء المتغيّر بطاهر ؟
س5: ماهي أحوال الماء إذا سقطت فيه نجاسة ؟
س6: ما هو سبب كون الماء المستعمل غيرمطهر ؟

................................................................
ج.س2: الماء ثلاثة أقسام: طهور وطاهر ونجس ، والطهور ثلاثة أنواع: طهور بلا كراهة وطهور بكراهة وطهور محرم لا يرفع الحدث ويزيل النجس، والطاهر نوعان مستعمل ومتغير بالطاهرات، والنجس نوعان قليل وكثير.
ج.س3: شرطان: طهارة المحل بعد الغسلة السابعة، وعدم تغيّر الماء بعدها .
ج.س 4: ثلاثة شروط: أن لا يشق صون الماء عنه, المخالطة ، التغير الكثير.
ج.س 5: حالتان:
الأولى: أن يكون قليلا فحينئذ ينجس بملاقاة النجاسة إلا إذا كان واردا على النجاسة وقد طهر المحل بعد سابع غسلة ولم يتغير الماء بعدها فإنه يصير طاهرا.
الثانية: أن يكون كثيرا فحينئذ لا ينجس إلا بالتغيّر.
ج.س 6: ذهاب قوته لمّا رفع به حدث أو أزيل به نجس.

" مسائل عملية "
1 - عندنا إناء فيه ماء صنبور ( حنفية ) هل يجوز الوضوء به ولم ؟
2 - أمطرت السماء ونزل البرد فجمعناه في إناء وذاب, فهل يجوز الوضوء به ولم ؟
3 - ذهب جماعة إلى جبل فوجدوا عين ماء تنبع فيه, فهل يجوز الوضوء به ولم ؟
4 - خزان ماء من الألمنيوم سخنته الشمس في بلد حار حتى فصلت منه زهومة, فهل يجوز الوضوء به ؟
5 - توضأ شخص من إناء وجمع الماء المتساقط من أعضائه في وعاء وأراد الوضوء به مرة أخرى فهل يجوز ولم ؟
6 - توضأ شخص من إناء, فلما أنهى وضوءه بقي ماء في الإناء, فهل يجوز الوضوء به ولم ؟
7 - اغتسل شخص لصلاة الجمعة وكان الماء المتساقط منه يقع في إناء, فهل يجوز الوضوء من هذا الماء ولم ؟
8 - اغتسل شخص من حر شديد وجمع الماء المتساقط من أعضائه في إناء وأراد بعد ذلك الاغتسال به عن جنابة فهل يجوز ولم ؟

................................................................
1- نعم يجوز ذلك, لأنه ماء مطلق.
2- نعم يجوز ذلك, لأنه ماء مطلق.
3- نعم يجوز ذلك, لأنه ماء مطلق.
4- نعم يجوز ذلك بلا كراهة, لأنه ماء مطلق, وقد حكي إجماع أهل الطب على أن ذلك لا أثر له في البرص.
5- لا يجوز له ذلك, لأنه ماء مستعمل في رفع حدث.
6- نعم يجوز ذلك, لأن المستعمل هو المتساقط من الأعضاء لا الباقي في الإناء فهذا يسمى فضل الماء, أي ما فضل من وضوء المتوضئ.
7- نعم يجوز ذلك, لأنه ماء مستعمل في غير رفع حدث, ولكنه يكره عند عدم الاحتياج إليه, فإن احتيج إليه فلا كراهة.
8 - نعم يجوز له ذلك, لأنه ماء غير مستعمل في رفع حدث.
................................................................
9 - توضأ شخص عن حدث وجمع ماءه المستعمل في إناء وأراد أن يستنجي به, فهل يجوز له ذلك ولم ؟
10- وقع بول على ثوب فغسل بماء سبع غسلات وجمع الماء المتساقط من الثوب فطهر الثوب بعد الغسلة السابعة ولم يتغير الماء بعد هذه الغسلة, فهل يجوز الوضوء به ولم ؟
11 - وقع بول على ثوب فغسل بماء ست غسلات وجمع الماء المتساقط من الثوب فزالت النجاسة عن الثوب ولم يتغير الماء, فهل يجوز الوضوء به ولم ؟
12 - وقعت نجاسة على منضدة فغسلت بالماء وجمع الماء المتساقط في إناء فوجدنا المنضدة قد طهرت والماء فيه أجزاء صغيرة من النجاسة, فهل يجوز تبريد الجسم به ؟
13 - وقعت نجاسة على منضدة فغسلت بالماء ثلاث غسلات وجمع الماء المتساقط في إناء فوجدنا المنضدة زالت عنها النجاسة والماء المتساقط غير متغير, فهل يجوز الوضوء به ؟
14 - بال طفل على سجادة فغسلنا السجادة بالماء سبع غسلات ولكن لا يزال فيه رائحة النجاسة وكنا قد جمعنا الماء المتساقط في إناء فوجدناه لم يتغير فيه شيء, فهل يجوز الوضوء به ؟

................................................................
9- لا يجوز له ذلك, لأنه ماء مستعمل في رفع حدث فلا تزال به النجاسة.
10- لا يجوز, لأنه ماء استعمل في إزالة النجاسة فهو طاهر غير مطهر.
11- لا يجوز, لأنه لا بد من سبع غسلات حتى تزول النجاسة حقيقة وحكما, فهنا زالت النجاسة حقيقة إلا أنها باقية حكما, أي أننا لا نحكم على المحل أنه قد طهر إلا بعد الغسلة السابعة إن زالت النجاسة حقيقة, وأما قبل السابعة فنحكم بنجاسته ولو زالت النجاسة حقيقة, لأنه كما بينا في الشرح أنه لا بد من سبع غسلات, وكذلك الماء المنفصل عن هذه الغسلات الثلاث نجس لأنه انفصل عن محل نجس, والماء المنفصل تابع للمحل إن طهر طهر وإن لم يطهر المحل لم يطهر الماء.
12- لا يجوز, لأنه ماء نجس متغير بالنجاسة, والنجس لا يجوز استعماله مطلقا.
13- لا يجوز, لأنه لا بد من سبع غسلات حتى يطهر المحل حقيقة وحكما, وهنا قد زالت النجاسة عن المحل حقيقة ولكننا نحكم بنجاسته لأن الغسلات السبع شرط ولم تتحقق هنا.
14- لا يجوز, لأن المحل مادام نجسا فالماء المنفصل عنه نجس لأنه تابع له.
................................................................
15- عندنا ماء بئر موضوع في دلو سقط فيه حليب بقر فتغير لون الماء قليلا, فهل يجوز الوضوء به ولم ؟
16 - خلط ماء بماء ورد فصارت رائحة الخليط هي رائحة الورد, فهل يجوز الاغتسال به عن الجنابة ولم ؟
17 - سقط صابون في ماء فتغير الماء به كثيرا, فهل يجوز للمرأة أن تستعمله في غسل الحيض ولم ؟
18- سقط زيت طعام في ماء فتغيرت رائحته كثيرا, فهل يجوز الوضوء به ولم ؟
19 - سقط كافور صلب في ماء رائحته به كثيرا, فهل يجوز الاغتسال منه في الجنابة ولم ؟
20 - سقط بول في ماء قليل مقداره 50 كغم ولم يتغير, فهل يجوز الوضوء به ولم ؟
21 - سقط بول في ماء وزنه 200 كغم فوجدناه قد تغيرت رائحته قليلا, فهل يجوز الوضوء به ولم ؟

................................................................
15- نعم يجوز, لأنه تغير الماء بالطاهر قليل فيبقى مطلقا.
16- لا يجوز, لأن الماء تغير كثيرا بالطاهر فيصير طاهرا غير مطهر.
17- لا يجوز, لأن الماء تغير بالطاهر كثيرا فسلب منه إطلاق الماء فلا يرفع الحدث ولا يزيل النجس.
18- نعم يجوز, لأن الزيت مجاور للماء وليس مخالطا له بدليل أنه يتميز ويطفو فوق الماء فهو لا يمنع وصول الماء إلى البشرة إن استعمل مع الماء لأنه ليس له جرم ومادة يابسة, ومع ذلك يكره استعماله مع عدم الاحتياج إليه.
وهنا ينبغي التأكد من وصول الماء إلى البشرة بصورة كاملة, لأنه بسبب لزوجة الدهن قد يتزحلق الماء وينحرف عن البشرة, وينبغي التأكد حين مسح الشعر أن يمسح بماء لا بطبقة دهن وإلا لم يصح وضوئه إن مسح بغير الماء, وأما إذا كان الدهن جامدا فلا بد من تنحية طبقة الدهن, لأن لها جرما يحول بين وصول الماء إلى البشرة.
19- نعم يجوز, لأن الكافور الصلب يجاور الماء بدليل أنه يستقر في أسفل الماء, ولا يضر الماء في هذه الحالة تغير رائحته لكن يكره استعماله مع عدم الاحتياج إليه.
20- لا يجوز, لأنه ماء قليل سقطت فيه نجاسة فيصير نجسا.
21- لا يجوز, لأن الماء قد تغير بالنجاسة فيصير نجسا.
................................................................
22 - سقطت نجاسة في خزان ماء يبلغ وزنه 191.250 كغم ولم يتغير الماء, فهل يجوز الوضوء به ولم ؟
23- سقط حبر في خزان ماء يبلغ 300 كغم فتغير لون الماء كثيرا, فهل يجوز الوضوء به ولم ؟
24 - سقط خل في ماء فغير لونه كثيرا, فهل يجوز استخدامه في الطبخ ولم ؟
25 - تنجس ثوب فغمسناه في إناء فيه ماء قليل فنظف الثوب ولم يتغير الماء, فهل يجوز تبريد الجسم به ولم؟
26 - عندنا ماء صابون قليل تنجس بقطرة بول ووقع ماء الصابون المتنجس في ماء قليل وتغير الماء بماء الصابون قليلا, فهل يجوز استخدام هذا الماء في غسل الثياب ولم ؟
27 - عندنا ثياب نجسة فجاءت امرأة لتغسلها بالغسالة العادية وكان حوضها صغيرا فوضعت الماء الدافئ ثم وضعت الثياب وشغلت الغسالة, فهل طهرت الثياب ولم ؟
28 - عندنا ثياب نجسة فجئنا لنغسلها في غسالة ضخمة يسع حوضها أكثر من قلتين فوضعنا ماء يبلغ 200 كغم ثم وضعنا كمية كبيرة من التايت ثم وضعنا الثياب النجسة ثم شغلنا الغسالة فهل تطهر الثياب ؟

................................................................
22- نعم يجوز, لأنه ماء كثير لم يتغير بالنجاسة.
23- لا يجوز, لأنه صار طاهرا غير مطهر, ولا يمنع بلوغه قلتين, لأن العبرة في باب الطاهرات هو التغير الكثير وليس بالقلتين.
24- نعم يجوز, لأنه طاهر في نفسه.
25- لا يجوز, لأن الماء الذي في الإناء قليل غمست فيه نجاسة فتنجس بها.
26- لا يجوز, لأن ماء الصابون صار نجسا بسقوط قطرة فيه, فإذا وقع في الماء الطهور القليل نجسه سواء تغير أم لا, فهنا نعامل ماء الصابون المتنجس معاملة البول ولا نعامله معاملة الطاهرات كي نقول إن تغير قليلا فلا يضر.
27- لا تطهر الثياب, لأن الثياب النجسة وردت على الماء, فهنا النجاسة قد وردت على ماء أقل من القلتين فينجس الماء وتبقى الثياب نجسة فيجب التنبه لذلك.
28- لا تطهر الثياب, لأن الماء قد صار بوضع التايت فيه وتغيره به كثيرا طاهرا غير مطهر فلا يزيل النجس, فالحل إذن هو غسل الثياب النجسة قبل وضعها في الغسالة.

والله تعالى أعلى وأعلم.
 

خالد بن سالم باوزير

:: غفر الله له ولوالديه ::
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
646
الجنس
ذكر
الكنية
أبـو مـعـاذ
التخصص
الفقه
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: المندلي في بيان المشهور من المذهب الحنبلي ( غاية في الاختصار )

باب الآنية
الآنية: جمع إناء وهو كل ما يوضع فيه شيء, كالماعون والكأس والقدر.
ولا فرق بين أن يكون الإناء كبيرا أو صغيرا كالمكحلة يوضع فيها الكحل, وكالقلم يوضع فيه الحبر, وكقنينة صغيرة يوضع فيها الطيب, وكملعقة يوضع فيها شيء من طعام أو شراب.
فيجوز استعمال جميع الأواني الطاهرة من أي معدن صنعت كالحديد والنحاس حتى وإن كان المعدن نفيسا ذا ثمن باهظ كالياقوت والمرجان والماس فإنه يجوز بلا كراهة.
إلا إناء الذهب والفضة فإنه يحرم استعماله على الرجال والنساء, لأن النساء يجوز لهن الحلي من الذب والفضة من أجل الحاجة إلى التزين والتجمل للزوج بخلاف الأواني فلا تدعو الحاجة إلى استعمالهن لها.
مثال:
استعملت امرأة مكحلة من الفضة فهذا محرم عليها.
ولا فرق في التحريم بين أوجه الاستعمال المختلفة, فلا يجوز الأكل والشرب والوضوء والغسل والكتابة والتعطر والتكحل وغيرها بآنية الذهب والفضة, فكل ذلك محرم استعماله إلا ما دعت إليه الضرورة.
مثال ذلك: أن تصاب عين شخص فيصف له طبيب ثقة التكحل بمكحلة من ذهب فهذا يجوز للضرورة.
ومثل الاستعمال في التحريم الا تخاذ من غير استعمال, مثل أن يتخذ شخص آنية ذهب أو فضة لأجل الزينة أو لأجل الاحتفاظ بها للذكرى فهذا أيضا حرام, لأن القاعدة تقول: " كل ما حرم استعماله حرم اتخاذه ".
وذلك نظير آلات الطرب كالعود والطبل فإنه يحرم استعمالها ويحرم اتخاذها من غير استعمال لأجل قطع الطريق على النفس, فالاتخاذ قد يجر صاحبه إلى الاستعمال.

" فصل في الطلاء بالذهب والفضة "
يحرم الطلي بالذهب والفضة, ولا يجوز استعمال الشيء المطلي بهما مطلقا ولو كان الطلاء والصبغ رقيقا بحيث لو عرضنا المادة المطلية بالذهب والفضة على النار لم يسقط منها شيء له قيمة فلا يجوز حتى ولو كان يعتبر في هذه الحالة ضائعا ومستهلكا في ضمن المعدن فلا يتسامح فيه.
مثال ذلك: عندنا قلم مطلي بطبقة رقيقة من الذهب, ولو عرضنا هذا القلم على النار لم يذب ويسقط شيء من الذهب له قيمة لكونه قليلا جدا قد تسقط منه نقطة أو نقطتان وقد لا تسقط ويضيع في النار, فهذا القلم لا يجوز استعماله للرجال والنساء لكونه مطليا بالذهب ولا يضر قلة ما طلي به من الذهب.

" المضبب بالذهب والفضة "
التضبيب: هو لصق قطعة بشيء لأجل إصلاحه أو تزيينه أو لغرض آخر.
مثل أن ينكسر إناء من نحاس فيوضع في مكان الكسر طبقة من الذهب أو الفضة وتلصغ بصمغ أو بسلسلة ونحو ذلك.
فيحرم الإناء المضبب بالذهب مطلقا سواء كانت الضبة كبيرة أو صغيرة لأن الذهب أمره أغلظ من الفضة, فالفخر والخيلاء به أكبر, فاقتضى تحريم الجزء الصغير والكبير منه.
مثال ذلك: عندنا مبخرة من الماس كسر منها شيء فأصلحناه بقطعة صغيرة من الذهب فهذا حرام, واستعمال المبخرة حرام, واتخاذها حرام أيضا.
وأما الإناء المضبب بالفضة ففيه تفصيل:

1 - إن كانت الضبة من الفضة كبيرة سواء احتيج إليها أو لم يحتج إليها فيحرم ذلك.
وذلك مثل أن نلصق قطعة كبيرة من الفضة بإناء من خشب لغرض تجميله فيحرم ذلك. فهذا مثل ما لم يحتج إليه.
ومثل أن نلصق قطعة كبيرة من الفضة بإناء من حديد لسد كسر فيه فيحرم ذلك أيضا لأجل كبر القطعة المضبب بها. فهذا ما احتيج إليه.
2 - إن كانت الضبة من الفضة صغيرة ولا حاجة إليها فيحرم ذلك كما لو كانت كبيرة.
مثل أن نلصق قطعة صغيرة من الفضة بإناء من حديد لغرض تجميله فيحرم ذلك, لكون الحاجة لا تدعو إليه.
3 - إن كانت الضبة من الفضة صغيرة واحتيج إليها فيجوز ذلك بلا حرمة ولا كراهة.
لكن تكره مباشرة قطعة الفضة المضبب بها في الأكل والشرب ونحوهما - كالوضوء - بلا حاجة, لأنه استعمال للفضة المتصلة بالآنية, لكن إن احتيج إلى مباشرتها بأن كان الماء يندفق لو شرب من غير جهتها ونحوه لم يكره دفعا للحرج, والمشقة تجلب التيسير.
تنبيه: المرجع في الصغر والكبر هو عرف الناس, فما حَكَم عرف الناس عليه بأنه صغير فنعتبره صغيرا, وما حكم عليه عرفهم بأنه كبير فنعتبره كبيرا.

" فصل في آنية الكفار وثيابهم "
آنية الكفار وثيابهم على قسمين:
1 - ما تعلم نجاسته فهذا لا يجوز استعماله إلا أن لا يجد غيره فيجوز له استعماله بعد غسله وتطهيره.
2 - ما لم تعلم نجاسته فهذا يجوز استعماله, لأن الأصل أنه طاهر ولا أثر للشك الطارئ بعد ذلك.
مثال ذلك: ذهب شخص إلى بلاد أهلها كفار وعلم أن أهلها لا يتنزهون عن النجاسات في أوانيهم أو ثيابهم فهل يجوز له استعمال تلك الأواني والثياب ؟
الجواب: لا يجوز له ذلك إلا أن لا يجد غيرها فيجوز له استعمالها بعد غسلها وتطهيرها من النجاسات.
مثال آخر: ذهب شخص إلى بلد أهلها كفار ولا يعلم حالهم هل يتنزهون عن النجاسات أو لا فهل يجوز له استعمال أوانيهم وثيابهم ؟
الجواب: نعم يجوز ذلك, لأن الأصل طهارتها فلا يلتفت حينئذ إلى الشك.

" خلاصة باب الآنية "
الآنية: جمع إناء وهو ما يوضع فيه شيء.
فأما آنية المعادن غير الذهب والفضة نفيسة كانت أم غير نفيسة فيباح استعمالها مطلقا.
وأما آنية الذهب والفضة فيحرم استعمالها على الرجال والنساء سواء في الأكل والشرب أو في غيرهما.
ومثل الاستعمال في الحرمة الاتخاذ " لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه ".
إلا إذا دعت الضرورة لاستعمال آنية الذهب والفضة فيجوز حينئذ كما لو كان هناك إنسان في صحراء ولم يجد إلا إناء ذهب فيه طعام وآخر من فضة فيه ماء فيجوز والحالة هذه استعمالهما بلا كراهة دفعا للضرر وإبقاء على حياته.
ويحرم الطلاء بالذهب والفضة ولا يجوز استعمال المطلي بهما ولا اتخاذه مطلقا ولو كان الطلاء قليلا بحيث يكون مستهلكا وضائعا في ضمن المعدن فلا يجوز.
ويحرم تضبيب الآنية بالذهب مطلقا سواء كان لحاجة أم لغير حاجة.
والتضبيب: هو لصق قطعة بشيء لأجل إصلاحه أو تزيينه أو لأي غرض آخر.
وأما التضبيب بالفضة فيحرم لغير حاجة سواء كانت الضبة كبيرة أم صغيرة, فإن دعت حاجة جاز التضبيب بالضبة الصغيرة دون الكبيرة بلا حرمة ولا كراهة. لكن تكره مباشرة قطعة الفضة المضبب بها لغير حاجة, فإن احتيج إلى مباشرتها فلا كراهة.
وأواني الكفار وثيابهم طاهرة ما لم نعلم نجاستها فإن علمنا نجاستها فلا يجوز لنا استعمالها إلا أن لا نجد غيرها فيجوز لنا استعمالها حينئذ بعد غسلها وتطهيرها.

" أسئلة الطلاب "
1س: ما هو قصدكم بالحاجة في قولكم تجوز ضبة الفضة إن كانت لحاجة, هل إذا وجد معدن آخر يقوم مكان الفضة تنتفي الحاجة ؟
والجواب هوأن مرادنا بالحاجة كل غرض غير الزينة فإصلاح الإناء من الكسر حاجة وشده وتقويته بضبة فضة حاجة ولا نقصد بالحاجة أن لا يوجد ما يصلح به الإناء غير الفضة بل يجوز التضبيب بالفضة عند الكسر أو التقوية مع وجود معدن آخر يقوم مقام الفضة.
2س: إذا كان عند بعض الناس الذين تابوا بعض الأواني الذهبية والفضية فماذا يفعلون بها ؟
والجواب: عليهم أن يتخلصوا منها كأن يقوموا بإذابتها عند الصاغة والاستفادة من ثمنها أو تحويلها إلى حليِّ للنساء.


" مسائل نظرية "
1س: ما هو تعريف الإناء, التضبيب ؟
2س: ما هي أحكام الآنية ؟
3س: هل يجوز اتخاذ الذهب والفضة بلا استعمال ولم ؟
4س: ما هو حكم الآنية المطلية بالذهب والفضة ؟
5س: ما هي أحوال التضبيب بالذهب والفضة ؟
6س: كيف يقرق بين الضبة الكبيرة والصغيرة ؟
................................................
1ج: الإناء: هو ما يوضع الشيء. التضبيب: لصق قطعة بشيء لأجل إصلاحه أو تزيينه أو لغرض آخر.
2ج: الآنية من الذهب والفضة يحرم اسنعمالها, ومن غيرهما يباح استعمالها مطلقا.
3ج: لا يجوز, لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه كي لا يجر الاتخاذ إلى الاستعمال.
4ج: لا يجوز مطلقا, ولو كان الطلاء قليلا لم يحصل منه شيء لو عرض على النار.
5ج: التضبيب بالذهب يحرم, وبالفضة له حالتان: إن كانت الضبة كبيرة لحاجة أو لغير حاجة أو صغيرة لغير حاجة حرم, وإن كانت الضبة صغيرة لحاجة جاز بلا حرمة ولا كراهة, لكن تكره مباشرتها بلا حاجة.
6ج: الضبة الكبيرة هي ما قال عرف الناس عنها: إنها كبيرة, والضبة الصغيرة هي ما قال عنها عرف الناس: إنها صغيرة.
................................................

" مسائل عملية "
1س: توضأ شخص من إناء مصنوع من النحاس فهل يجوز ذلك ؟ ولم ؟
2س: غسل شخص ثيابه في إناء مصنوع من المرجان فهل يجوز ذلك ؟ ولم ؟
3س: توضأ شخص من إناء مصنوع من ذهب فهل يجوز ذلك ؟ ولم ؟
4س: تعطرت امرأة من قنينة مصنوعة من الفضة فهل يجوز ذلك ؟ ولم ؟
5س: مرض شخص واشترط الأطباء لعلاجه خلط الدواء بإناء من ذهب فهل يجوز ذلك ؟ ولم ؟
6س: اشترى شخص قلما مصنوعا من الفضة فلم يكتب به وإنما احتفظ به فقط, فهل يجوز ذلك ؟ ولم ؟
................................................
1ج: نعم يجوز, لأن النحاس معدن يباح استعماله.
2ج: نعم يجوز بلا كراهة, لأن المرجان معدن يباح استعماله.
3ج: لا يجوز, لأنه معدن يحرم استعماله, ووضوؤه صحيح إلا أنه يأثم لاستعماله آنية الذهب.
4ج: لا يجوز, لأن آنية الفضة محرمة الاستعمال على الرجال والنساء.
5ج: نعم يجوز, لأنها ضرورة.
6ج: لا يجوز, لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه.
................................................
7س: عندنا إناء مطلي بالفضة وكان الطلاء قليلا لا يحصل منه شيء بالعرض على النار فهل يجوز استعماله ؟ ولم ؟
8س: عندنا مبخرة مطلية بالذهب فهل يجوز التبخر بها ؟ ولم ؟
9س: أهدي لشخص قلم مطلي بالذهب الخالص فهل يجوز الاحتفاظ به من غير استعمال ؟ ولم ؟
10س: كسر إناء من النحاس فأصلحه شخص بضبة من الذهب فهل يجوز ؟ ولم ؟
11س: عندنا إناء مصنوع من البلاستيك فزيناه بضبة كبيرة من الفضة فهل يجوز ؟ ولم ؟
12س: عندنا كوب غالي الثمن مصنوع من البلور كسرت أذنه فأصلحت بضبة كبيرة فهل يجوز ؟ ولم ؟
................................................
7ج: لا يجوز, لأنه مطلي بالذهب ولا فرق في ذلك بين الكثير والقليل.
8ج: لا يجوز, لأن المبخرة مطلية بالذهب حتى ولو كان الطلاء قليلا.
9ج: لا يجوز, لأن القلم مطلي بالذهب فيحرم استعماله, وما حرم استعماله حرم اتخاذه.
10ج: لا يجوز, لأن أمره أغلظ, والفخر والخيلاء فيه أكبر فيحرم ما قل منه وما كثر.
11ج: لا يجوز, لأن الضبة كبيرة ولم يؤت بها لحاجة.
12ج: لا يجوز, لأن الضبة كبيرة ولو أتي بها لحاجة.
................................................
13س: عندنا إناء من النحاس زيناه بضبة فضة صغيرة فهل يجوز ؟ ولم ؟
14س: كسر كأس فأصلح بضبة فضة صغيرة فهل يجوز ؟ ولم ؟
15س: امرأة عندها كؤوس شاي مزينة بخطوط ذهبية فهل يجوز لها استعمالها واتخاذها ؟
16س: اشترى شخص بعض الثريات المطلية بالذهب فهل يجوز تعليقها بالسقف ؟
................................................
13ج: لا يجوز, لأن الضبة الصغيرة إنما تباح للحاجة ولا حاجة هنا.
14ج: نعم يجوز, لأن الضبة صغيرة وجيء بها لحاجة.
15ج: لا يجوز, وإن كان لا يحصل منه شيء لو عرض على النار لقلته فلا يجوز, ولا فرق بين الكثير والقليل في ذلك.
16: لا يجوز, حتى ولو لم يتحصل من الطلاء شيء إذا عرض على النار.


" فصل في الميتة "
النجاسات عديدة كالبول والغائط والدم والخمر والكلب ولحم الخنزير.
ومن النجاسات الميتة فهي نجسة بجميع أجزائها, فالحيوان إذا مات صار نجسا لحمه وعظمه وعصبه وقرنه وظفره وحافره وجلده ولبنه وأصول شعره وسائر أجزائه نجسة.
والميتة: ما فارقت الحياة بغير ذكاة شرعية.
ولها أقسام هي:
1 - ما يؤكل لحمه إذا لم يذكَّ, كخروف فارق الحياة من غير أن نذبحه, فيصير نجسا بجميع أجزائه.
2 - ما يؤكل لحمه إذا لم يذكَّ ذكاة شرعية, كخروف ذبحه مجوسي فهو نجس.
3 - ما لا يؤكل لحمه إذا فارق الحياة سواء ذبح أم لا كنمر ودب وذئب, فهذه نجسة كلها لا يستثنى شيء منها ولا يختلف الحكم فيها باختلاف طريقة الموت, لأن الذكاة لا تعمل شيئا فيما لا يؤكل لحمه.
أما الحيوان الذي يؤكل لحمه إذا ذكي ذكاة شرعية فهو حلال طيب وليس نجسا كخروف ذبحناه ذبحا شرعيا أي على الطريقة الإسلامية فهذا حلال طاهر وليس نجسا, والخروف لا يوصف بأنه ميت وإنما مذكى.

" فصل في جلود الميتة "
جلود الحيوانات تكون طاهرة بوسيلة واحدة وهي: التذكية.
وذلك بأن نأتي بحيوان يؤكل لحمه كالخروف ونذبحه ذبحا شرعيا فجلده طاهر يجوز بيعه والصلاة عليه واستعماله في سائر الاستعمالات.
ولا تطهر جلود الحيوانات بالدباغ ولو كانت طاهرة في الحياة بل ولو كانت مأكولة اللحم فلا يطهر منها شيء بالدبغ.
لكن يباح دبغ ما كان طاهرا في الحياة سواء كان مأكول اللحم كبهيمة الأنعام أم غير مأكول اللحم كالهرة وما في حجمها أو ما دونها في الخلقة كالفأرة فهذه يباح دبغها والانتفاع بها في اليابسات أي بعد الدبغ, ولا يباح الانتفاع بها في الرطوبات لأنها لا تطهر بالدبغ مطلقا, وإنما أبحنا استعمالها في اليابسات لأن النجاسة لا تتعدى إليها ولأنها بعد الدبغ ينقى خبثها وتنشف رطوبتها وتذهب عفونتها فلذا أجزنا استعمالها بعد الدبغ, وخصصناها باليابسات لأن هذه الجلود لم تطهر بالدبغ فهي نجسة فإذا استعملت في الرطوبات تعدت نجاستها إلى تلك الرطوبات بخلاف اليابسات فإنها لا تتعدى إليها النجاسة ليبسها.
مثال ذلك: لو ماتت هرة عند شخص فقام بدبغ جلدها ثم جعل منه إناء يضع فيها حاجياته الخاصة كالمرآة والمشط وقوارير العطور فيجوز الانتفاع بها في هذه الحالة لأن المرآو والمشط وقوارير العطور يابسة لا تتعدى إليها النجاسة.

لكن لو انكسب ما في قوارير العطور لنجس كل ما لامسته الرطوبة وهو داخل الإناء لأنه لامس النجاسة وهو رطب فتعدت إليه.

" تنبيه "
الهرة وما كان في حجمها أو دونها في الخلقة غير مأكولة اللحم وتتغذى على الحشرات وما يستخبث وهي في حكم سباع البهائم إلا أننا استثنيناها لمشقة التحرز منها فهي من الطوافين علينا والطوافات فيصعب علينا أن نحترز منها فلذا استثنيناها مع أنها في حكم تلك السباع لكن لوجود المشقة خفف في حكمها, بينما ماهو أكبر من الهرة حجما كالحمار الأهلي وسباع البهائم والطير مما هو فوق الهرة خلقة فلا يشق التحرز منها لكبر حجمها, أما ما كان في حجم الهرة أو دونه فيصعب التحرز منه لصغر حجمه فيشق علينا دفعه ومنعه فلأجل ذلك حكمنا بطهارته, ولذا لو ماتت عادت نجسة لأن الأصل أنها نجسة فهي غير مأكولة اللحم وتتغذى على الحشرات وما يستخبث.
فتلخص من ذلك ما يلي:
1 - أن التذكية وسيلة لطهارة جلد الحيوان الذي يؤكل لحمه فقط.
2 - أن الدبغ ليس وسيلة لتطهير جلود الحيوانات الميتة كانت طاهرة في الحياة أم لا ولو كانت مأكولة اللحم لكن يباح دبغ ما كان طاهرا في الحياة والانتفاع به في اليابسات دون الرطوبات, لأن الرطوبات تتعدى إليها النجاسة بخلاف اليابسات فلا تتعدى إليها.
والدبغ: هو نزع فضلات الجلد التي تعفنه بمادة مطهرة, كقشور الرمان.
وكيفية ذلك: أن تيبس قشور الرمان ثم تطحن ثم تلقى بالماء فتصير محلولا ثم نأتي بالجلود فننقعها في المحلول وتترك فيه فترة طويلة حتى يزول العفن والفساد الذي في الجلد بحيث تنشف منه الرطوبة وتزول الرائحة منه.
ويمكن أن تؤخذ المادة وتوضع مباشرة على الجلد وتترك فترة ثم تغسل بالماء بل لو وضع الجلد في مدبغة فدبغ كفى أي لا يحتاج إلى فعل فاعل فأي طريقة تزيل العفونة منه وتنشف الرطوبة هي جائزة ونرجع في ذلك إلى أهل الصنعة.
وضابط صحة الدبغ: هو أن نأتي بالجلد المدبوغ وننقعه في ماء مطلق ثم ننظر فإن تغير الماء وفسد فهذا دليل على عدم نشاف رطوبة الجلد فعلينا إعادة الدبغ من جديد وإن لم يتغير الماء فهذا دليل على أنه قد نقِّي خبثه ونشفت رطوبته, فحينئذ يباح استعماله في اليابسات فقط.
ويشترط في الدبغ: أن يجري بمادة حرِّيفة كالشبِّ وقشور الرمان وبعض المواد الكيميائية.
وسبب اشتراط المواد الحرِّيفة: هو أن الجلد له ظاهر وباطن, ونعني بالباطن هو الجزء الذي إذا شقَّ عرضا بالسكين ظهر, فهذا الجزء الباطن من الجلد النجاسة والنتن والعفونة مستترة فيه, فإذا استخدمنا مادة غير حرِّيفة كالطحين والسكر والصابون فهنا قد ينقى وتنشف رطوبة ظاهر الجلد ولكن لا تصل النقاوة ولا يصل النشاف لباطن الجلد, ولهذا إذا نقع الجلد بالماء ظهر الفساد الذي كان مستترا فيه.
أما المواد الحرِّيفة فلأنها مواد حادة فهي تتخلل في مسامات الجلد فتنقي خبث الجلد وتنشف رطوبته فحينئذ يصبح صالحا للانتفاع به في اليابسات.
ويستثنى من الحيوانات التي يباح دبغ جلدها للانتفاع به في اليابسات بعد الدبغ الكلب والخنزير وسائر السباع والجوارح من الطير مما هو في الخلقة أكبر من الهرة, لأنها نجسة حال الحياة فالدبغ لا ينفع في تنشيف رطوبتها وإزالة العفونة منها إذ لا يجوز الانتفاع بها حتى بعد الدبغ فيكون دبغها حينئذ عبثا لا طائل تحته ولا جدوى منه.
بمعنى أن الدب والنمر والأسد والذئب والكلب والخنزير وغيرها من الحيوانات مما هي فوق الهرة خلقة نجسة وهي حية ولا تنفع الحياة في تطهيرها, فلذا قلنا: إن الدبغ لا يبيح استعمالها حتى في اليابسات لأنه لا ينقي خبثها إذ إنه خبث ملازم لها لا ينفك عنها بحال, لا حال الحياة ولا حال الموت.
فإذا مات الكلب أوالخنزير أو الفهد أو الذئب أو غيرها مما هو فوق الهرة خلقة فلا يمكننا أن ننتفع بجلودها في اليابسات بعد الدبغ لأنه لا يؤثر فيه, فوجوده كعدمه مع هذه الحيوانات بخلاف بهيمة الأنعام والهرة وما كان في حجمها أو دونها في الخلقة كالفأرة فهذه طاهرة في الحياة, فإذا ماتت أمكننا الانتفاع بجلودها بعد الدبغ في اليابسات.
ومثل هذه الحيوانات في النجاسة المتولد منها كما لو نزا خنزير على كلبة فأحبلها فالجنين نجس لنجاسة الأصلين وهما الخنزير والكلبة.
وكذلك الجنين المتولد من إحدى هذه الحيوانات النجسة مع حيوان طاهر.
مثال ذلك:
نزا ذئب على نعجة فأحبلها فالجنين نجس, لأن القاعدة تقول:
" إذا اجتمع مبيح وحاظر قدم الحاظر ".
فالذئب نجس والنعجة طاهرة فالجنين يتبع الحاظر وهو الذئب النجس.
فتلخص أن ثمة قاعدة تحكم الجلود, وهي:
" كل حيوان طاهر حال الحياة فجلده ينتفع به بعد دبغه في اليابسات إذا مات, وكل حيوان نجس حال الحياة فجلده لا ينتفع به مطلقا ".
والحيوانات كلها طاهرة حال الحياة إن كانت من بهيمة الأنعام أو كالهرة وما في حجمها أو دونها في الخلقة من البهائم والطيور.
وسباع البهائم والطيور مما هو فوق الهرة خلقة والكلب والخنزير والحمار الأهلي نجس وما تولد منها أو من أحدها مع حيوان طاهر.
مثال ذلك: لو نزا حمار أهلي على فرس فأحبلها فولدت, فهذا الجنين نجس تغليبا لجانب الحظر وهو الحمار النجس, ويسمى الجنين المتولد منهما: " بغلا " فهذا البغل المتولد من الحمار الأهلي نجس تبعا له.

" فصل في شعور الميتة "
شعر الميتة ومثله الصوف والريش والوبر( وهو ما على جلد البعير والأرنب ) طاهر إن كان من حيوان طاهر في الحياة كبهيمة الأنعام وكالهرة وما في حجمها أو دونها في الخلقة من البهائم والطيور لا فرق بين ما كان مأكول اللحم وغير مأكوله, فلو مات خروف وأخذنا صوفه فهذا الصوف طاهر لأنه أخذ من ميتة كانت طاهرة في الحياة, فلو أخذ شخص هذا الصوف وحاكه ولبسه وصلى به فصلاته صحيحة.
ولو ماتت فأرة فأخذنا شعرها فهذا الشعر طاهر لأنه أخذ من ميتة كانت طاهرة في الحياة.
ولو ماتت حمامة فأخذنا ريشها فهذا الريش طاهر لأنه من ميتة كانت طاهرة في الحياة.
ويستثنى من ذلك أصول الشعر والصوف والوبر والريش فهي نجسة لأن أصولها جزء من اللحم, واللحم نجس فتكون تابعة له.
وعلم مما ذكرنا أن شعر وصوف ووبر وريش ما كان نجسا في الحياة نجس تبعا لأصله, فلو مات ذئب فأخذنا شعره فهذا الشعر نجس في الحياة, فلو أخذ شخص هذا الشعر وحاكه ولبسه وصلى فيه فصلاته باطلة.
ولو مات صقر فأخذنا ريشه فهذا الريش نجس لأنه من طائر نجس في الحياة.

" فصل في عظام الميتة "
عظم الميتة ومثله القرن والسن والظفر والعاج( ناب الفيل ) نجس لا فرق بين ما كان من مأكول اللحم وغير مأكوله, فلو مات خروف - مثلا - فعظامه نجسة, ولو مات فيل فأخذنا نابه فهو نجس لا يصح بيعه وشراؤه.
والعظم والقرن والسن والظفر والناب والعاج لا سبيل إلى الانتفاع بها فلا ينفع معها الدباغ لأنه خاص بالجلود فقط, فلو أخذ العظم وألقي في مادة حرِّيفة فلا يؤثر فيه أبدا.
هذا في الميتة, أما في المذكاة فالعظم والقرن والسن والظفر كلها طاهرة, ولهذا يجوز للشخص أن يأكل ويمص عظام الخروف المذبوح أو الدجاجة.
ويستثنى من نجاسة عظم الميتة عظم الإنسان فهو طاهر لأن الإنسان طاهر في حال الحياة وفي حال الموت.
ويستثنى أيضا السمك والجراد فهما لا ينجسان بالموت, وهما يأكلان وهما ميتان ولو كانا نجسين لم يحل أكلهما.

" تنبيه "
قلنا: إنه يشترط في الدبغ أن يجري بمواد حريفة, والحريف: هو الذي يلذع اللسان عند ذوقه وهنا قد يتساءل الطالب قائلا: ما علاقة زوال العفونة والفساد من الجلد بلذعة اللسان فلماذا المواد التي تلذع هي التي يصح التطهير بها ؟
والجواب: الأصل في التعبير عن المواد التي يصح بها الدبغ هو أن يقال: يشترط أن يجري الدبغ بمواد قابضة لأنها هي التي تنقي الجلد من الخبث وتزيل العفونة منه.
والمواد القابضة: هي التي تعمل على الشد والامتصاص فهذه المواد التي تزيل المائية التي في الجلد ولهذا تستعمل المواد القابضة في وقف النزيف حيث تعمل على شد الأنسجة وكذا في معالجة الإسهال وذلك مثل مادة التانين الموجودة في قشور الرمان, ولكن لما كانت المواد القابضة هي مواد حريفة عبروا عن المواد التي تشترط في الدبغ بالمواد الحريفة.
والقصد هو أن المادة القابضة هي التي لها مدخل في تنقية الجلد من الخبث في الدبغ وهي مواد حريفة أيضا فلذا ذكر العلماء التعبير بالحرِّيف في الدبغ, فالأوضح أن يقال: تشترط المواد القابضة حتى يظهر علاقة القبض بالدبغ.

" فصل في المنفصل "
المنفصل: هو المقطوع من الحيوان الحي, وحكم ما قطع من الحيوان الحي حكم ميتة هذا الحيوان, فإن كان ينجس بالموت فحكم المقطوع منه وهو حي نجس, كأن يأتي شخص فيقطع ذنب بقرة فهذا الذنب نجس لأن حكمه حكم ميتة البقرة, وميتة البقرة نجسة.
وإن كان هذا الحيوان لا ينجس بالموت كالسمك والجراد فحكم المقطوع منه وهو حي طاهر, كأن يأتي شخص فيقطع ذيل سمكة فهذا الذيل طاهر لأن حكمه حكم ميتة السمك, وميتة السمك طاهرة.
فتلخص من ذلك: أن المنفصل من الحيوان في حياته حكمه حكم ميتة الحيوان المنفصل منه العضو, فإن كان ينجس بالموت فالمنفصل منه نجس, وإن كان لا ينجس بالموت فالمنفصل منه طاهر.

" خلاصة باب الميتة "
الميتة: هي التي فارقت الحياة بغير ذكاة شرعية.
وهي نجسة بجميع أجزائها لحمها وعصبها وجلدها ولبنها وقرنها وظفرها وحافرها وعظمها وسنها وأصول شعرها إلا الآدمي فإن ميتته طاهرة بجميع أجزائها وكذا ميتة السمك والجراد.
ولا يطهر جلد ميتة إذا دبغ لكن ينتفع به في اليابسات إن كان من حيوان طاهر في الحياة.
والدباغ: نزع فضلات الجلد بمادة حرّيفة.
والحرّيف: هو الذي يلذع اللسان عند ذوقه.
ويستثنى من الجلود التي ينتفع بها بعد الدباغ جلد الكلب والخنزير وسائر سباع البهائم وسباع الطيور مما هو فوق الهرة خلقة وما تولد منها أو من أحدها مع حيوان طاهر فإنها لا تطهر أبدا, لأن القاعدة تقول: " إن كل حيوان طاهر في حال الحياة ينتفع بجلده بعد الدبغ في اليابسات, وكل حيوان نجس في حال الحياة فلا ينتفع بجلده مطلقا ".
وشعر الميتة طاهر إذا كان من حيوان طاهر في الحياة, وعظمها نجس من الجميع إلا من الآدمي لكرامته عند الله عز وجل.
وما انفصل من حيوان حي فحكمه حكم ميتة الحيوان الذي انفصل منه العضو وهو حي, فإن كان ينجس بالموت فالمنفصل منه وهو حي نجس, وإن كان لا ينجس بالموت فالمنفصل منه طاهر.

" أسئلة الطلاب "
1 - ما علاقة الكلام على الميتة بكتاب الطهارة والمياه والوضوء والغسل ؟
الجواب: الطهارة لها وسائل لتحصيلها كالماء فإنه وسيلة للوضوء والغسل وإزالة النجاسة وكالتراب فإنه وسيلة للتيمم, والماء الذي هو وسيلة للوضوء له وسيلة أيضا وهي الآنية لأنها ظروف وأوعية لحمل الماء فهنا لما تكلمنا على وسيلة الماء وهي الآنية وهي إما أن تتخذ من الميتة أو من غير الميتة, فالمتخذة من الميتة قد تتخذ من الجلد أو العظم أو الشعر والمتخذة من غير الميتة قد تتخذ من النحاس أو الذهب أو الفضة أو معدن آخر, فنحن حين نتحدث عن الطهارة قد يسأل شخص: وما حكم الطهارة من آنية مصنوعة من جلد الميتة ؟ أو ما حكم التطهر من آنية الذهب ؟ لذا تكلم العلماء على الآنية بعد الكلام على الماء.
2 - قلتم: إن جميع أجزاء الميتة نجس فلم خصصتم الشعر وما في معناه ؟ ولم قلتم: إن أصول الشعر نجسة ؟
الجواب: لأن الشعر وما في معناه كالصوف والوبر والريش لا تحله الحياة, فلذا لو جز من البهيمة وهي حية لم تحس ولم تتألم, والإحساس والألم دليلا الحياة, وعليه فلا يحكم عليها بأنها من جملة الميتة.
وقلنا: إن أصول الشعر وما في حكمها كأصول الصوف والوبر والريش نجسة لأنها جزء من لحم الميتة, ولحمها نجس فكانت تبعا له.
3 - هنالك من يتاجر بالعاج فهل يجوز هذا ؟
الجواب: العاج وهو ناب الفيل نجس وعليه فيكون بيعه وشراؤه بيعا وشراءً للنجاسة وهذا العمل محرم وتلك التجارة غير شرعية والثمن حرام.
4 - لم خصصتم الهرة وما كان في حجمها أو دونها في الخلقة بالطهارة في الحياة ولم تقولوا ذلك في سائر الحيوانات سوى الكلب والخنزير ؟
الجواب: لأن الهرة وما كان في حجمها أو دونها في الخلقة يشق التحرز منها لكثرة ورودها على البيوت وما فيها من الأطعمة والأشربة فلوجود هذه المشقة عفي عنها وحكم بطهارتها حال الحياة فقط, ولذا تعود بعد الموت إلى النجاسة لأن الأصل أنها نجسة حيث إنها غير مأكولة اللحم وتتغذى على الحشرات وما يستخبث لكن حكم بطهارتها للمشقة. والمشقة تجلب التيسير.
وأما سباع البهائم والطير مما هو فوق الهرة خلقة فهذه لا يشق التحرز منها فلذا بقيت على الأصل وهو النجاسة.

" مسائل نظرية "
1 - عرف: ( الميتة - الدبغ ).
2 - ما هي أقسام الميتة ؟
3 - ما هي وسائل طهارة جلود الحيوانات ؟
4 - ما سبب اشتراط المواد الحرِّيفة في الدبغ ؟
5 - ما هي الحيوانات التي لا ينتفع بجلدها مطلقا ؟
6 - لماذا لا يمكن الانتفاع بجلود سباع البهائم وسباع الطير بعد الدبغ ؟
7 - ما هي أحكام شعور الحيوانات ؟
8 - ما هي أحكام عظام الحيوانات ؟
.........................................................
1 - الميتة: ما فارقت الحياة بغير ذكاة شرعية. الدبغ: نزع فضلات الجلد بشيء حرِّيف.
2 - أقسام الميتة ثلاثة: ما يؤكل لحمه ولم يذكَّ, ما يؤكل لحمه وقد ذكي ذكاة غير شرعية, ما لا يؤكل لحمه.
3 - وسائل طهارة جلود الحيوانات واحدة فقط: الذكاة الشرعية لما يؤكل لحمه.
4 - لأن المواد الحرِّيفة مواد حادة تتخلل في مسامات الجلد فتنقي خبث الجلد وتنشف رطوبته فحينئذ يصبح صالحا للانتفاع به في اليابسات.
5 - هي الكلب والخنزير وسائر سباع البهائم وسباع الطيور مما هو فوق الهرة خلقة وما تولد منها أو من أحدها.
6 - لأنها نجسة حال الحياة فبعد الموت أولى ولأنها جاء النهي عن الانتفاع بشيء منها.
7 - الحيوانات إن كانت طاهرة في الحياة فشعورها طاهرة إلا أصل الشعر فهو نجس لأنه جزء من اللحم, وإن كانت نجسة في الحياة فشعورها نجسة.
8 - الحيوانات إذا ذكيت فعظامها طاهرة, وإذا ماتت فعظامها نجسة.

" مسائل عملية "
1 - ذبح شخص خروفا وسلخ جلده وغسل منه آثار الدم النجس ثم فرشه ليصلي عليه فهل تصح صلاته ولم ؟
2 - سقط غزال في نهر وغرق فانتشلنا جثته من الماء فهل يجوز لنا الانتفاع بجلده ولم ؟
3 - هاجم نمر شخصا فقتله رميا بالرصاص فهل يجوز له أن ينتفع بجلده ولم ؟
4 - وجد شخص فأرة ميتة في الطريق فهل يجوز له أن ينتفع بجلدها ولم ؟
5 - ذبح شخص خروفا وأخذ صوفه وصنع منه ما يلبسه فهل يجوز ذلك ولم ؟
6 - ماتت امرأة وسقط من شعرها في حوض فيه ماء قليل فهل يجوز الوضوء به ولم ؟
.........................................................
1 - نعم, صلاته صحيحة لأن الخروف مذكَّى والتذكية تحله بجميع أجزائه.
2 - نعم, يجوز الانتفاع بجلده في اليابسات فقط بعد الدبغ لأنه حيوان طاهر في الحياة.
3 - لا يجوز الانتفاع بجلده مطلقا لأنه نجس حال الحياة فلا يؤثر الدبغ فيه شيئا.
4 - نعم, يجوز الانتفاع بجلده في اليابسات فقط بعد الدبغ لأنه حيوان طاهر في الحياة.
5 - نعم يجوز, لأن الصوف طاهر لكونه أخذ من حيوان مذكَّى.
6 - نعم يجوز, لأن الآدمي لا ينجس حيا ولا ميتا.
.........................................................
7 - سقط عظم من ميتة في ماء قليل فهل يجوز الوضوء به ولم ؟
8 - شخص سافر إلى أوربا فاشترى جاكيتًا, فلما ذهب به إلى بيته تبين له أنه مصنوع من جلد الخنزير المدبوغ فهل يجوز له أن يصلي فيه ؟
9 - شخص يملك محلا لبيع الأحذية ويشتري الأحذية المستوردة وبعضها مصنوع من جلد الخنزير المدبوغ فهل يجوز بيع تلك الأحذية والتجارة فيها ؟
10 - ماتت قطة فجاء شخص وحملها وكانت مبللة بالماء فهل تنجست يده وعليه غسلها ؟
.........................................................
7 - لا يجوز الوضوء به لأن الماء صار نجسا بسقوط عظم الميتة فيه.
8 - لا يجوز أن يصلي به فإن صلى فصلاته باطلة لأن الخنزير نجس ولا ينفع الدباغ مع جلده أبدا.
9 - لا يجوز ذلك لأن شرط الشيء الذي يباع أن يكون طاهرا وجلد الخنزير نجس حيا وميتا ولا يجوز الانتفاع به قبل الدباغ وبعده.
10 - نعم, لأن الميتة نجسة.
.........................................................
11 - شخص يعمل في المختبرات وأحيانا تأتيه بعض الحيوانات الميتة كالعجل فيقوم بتشريحه لمعرفة سبب الوفاة فتلامس بدنَه وثيابَه سوائلُ من الميتة فهل يجب عليه غسلها عند إرادة الصلاة ؟
12 - هناك من يستخدم أعصاب الميتة - وهي أربطة كالأسلاك تربط بين العظام وتنقل الإحساس إليها - في بعض الصناعات فهل يجوز بيع هذه الأعصاب وشراؤها ؟
.........................................................
11 - نعم, لأن الميتة نجسة.
12 - لا يجوز, لأن الميتة نجسة بجميع أجزائها عدا ما استثنينا ولا يطهر منها شيء, وشرط الشيء الذي يباع ويشترى أن يكون طاهرا.

وبالله وحده التوفيق.
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,136
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
رد: المندلي في بيان المشهور من المذهب الحنبلي ( غاية في الاختصار )

بارك الله فيك، وزادك توفيقاً، ونفع بما سطرته، وجعله لك ذخراً وأجراً ...
 

خالد بن سالم باوزير

:: غفر الله له ولوالديه ::
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
646
الجنس
ذكر
الكنية
أبـو مـعـاذ
التخصص
الفقه
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: المندلي في بيان المشهور من المذهب الحنبلي ( غاية في الاختصار )

(( باب السواك ))

الاستياك مستحب في كل حال وفي كل زمان إلا بعد زوال الشمس - أي حين دخول وقت الظهر - بالنسبة للصائم فإنه يكره له الاستياك.

والسبب أنه بعد الزوال يظهر تغير في رائحة الفم من أثر الصيام، وهذه الرائحة هي أطيب عند الله جل وعلا من رائحة المسك فيكره إذهابها بالاستياك.

ولم يكره قبل الزوال لأن تغير الفم إنما حصل بسبب الطعام الذي أكله ليلا وليس من أثر الصوم فلا كراهة حينئذ.

والقاعدة تقول: " كل تغير في رائحة الفم حصل بسبب الصيام فيكره إذهابه، وكل تغير في الفم حصل بسبب آخر غير الصيام فلا يكره إذهابه للصائم ".

مثلا نام شخص صائم بعد صلاة الظهر واستيقظ عند العصر فوجد أن رائحة فمه تغيرت من أثر النوم، فحينئذ يستحب له الاستياك ولا يكره.

ولا فرق في كراهة الاستياك بعد الزوال للصائم بين كون الصيام فرضا أو مستحبا.

وتزول الكراهة بغروب الشمس أي عند دخول وقت المغرب وانقضاء الصيام.

وأما قبل الزوال فيستحب بيابس ويباح برطب.


(( فصل في مؤكدات السواك ))

الاستياك يتأكد استحبابه ويكون أشد استحبابا في مواضع منها:

1 - عند تغير رائحة الفم لأي سبب، كأن سكت شخص طويلا أو ترك الأكل والشرب لفترة طويلة أو كأن أكل شيئا له رائحة كريهة كالثوم والبصل والكراث فيستحب حينئذ التسوك لإزالة الرائحة.

2 - عند الاستيقاظ من النوم، لأنه سبب تغير رائحة الفم، ولا فرق بين نوم الليل ونوم النهار فمتى استيقظ استحب له أن يتسوك.

3 - عند إرادة الصلاة أي قبل تكبيرة الإحرام سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا، فلكل صلاة يستحب لها السواك.

4 - عند إرادة قراءة القرآن أي قبل البدء بالتعوذ.

5 - عند الوضوء مع المضمضة.

ولا يحصل الاستياك بغير السواك، فلو استاك بخرقة ونحوها ولو حصل به الإنقاء فلا يعد مستاكا.

ويجوز بكل عود من الشجر كالنخل والزيتون، ولكن الأفضل أن يكون من عود الأراك.

ويكره التسوك بعد الزوال للصائم سواء للصلاة أو الوضوء أو قراءة القرآن، ولا يكره عند تغير رائحة الفم بسبب النوم أو بسبب آخر,

مثال: شخص صائم عند القيام لصلاة العصر أخذ يتسوك فهذا يكره.



(( خلاصة باب السواك ))

الاستياك مستحب في كل حال وفي كل زمان إلا بعد الزوال للصائم كي لا تذهب رائحة الصيام من الفم التي هي أطيب عند الله من رائحة المسك.

ولا يحصل الاستياك بغير العود، فلو استاك بخرقة ونحوها ولو حصل به الإنقاء فلا يعد مستاكا.

والأفضل الاستياك بعود الأراك.

وهو أشد استحبابا في مواضع، منها:

1 - عند تغير رائحة الفم لأي سبب كان من أكل أو شرب أو ترك كلام.

2 - عند الاستيقاظ من النوم لأجل إزالة الرائحة.

3 - عند إرادة الصلاة.

4 - عند إرادة قراءة القرآن.

5 - عند الوضوء مع المضمضة.

ويكره التسوك بعد الزوال للصائم سواء للصلاة أو الوضوء أو قراءة القرآن، ولا يكره عند تغير رائحة الفم بسبب النوم أو بسبب آخر غير الصيام، لأن كل تغير في رائحة الفم حصل بسبب الصيام فيكره إذهابه، وكل تغير في الفم حصل بسبب آخر غير الصيام فلا يكره إذهابه للصائم.

وأما قبل الزوال فيستحب بيابس ويباح برطب.

(( مسائل عملية ))

1 - تسوك شخص بعود شجرة العنب، فهل يعد هذا سواكا شرعيا ولم ؟

2 - أنهى شخص صلاته وأخذ يتسوك، فهل يستحب له ولم ؟

3 - صام شخص وعند القيام لصلاة الظهر أخذ السواك وتسوك فما حكم ذلك ؟

4 - أكل شخص بصلا وهو صائم ناسيا وذلك بعد صلاة العصر، فهل يكره له التسوك ولم ؟

5 - صام شخص يوم عرفة وعندما أذَن المغرب أخذ السواك يستاك به قبل أن يفطر، فهل يعد السواك مكروها له ولم ؟

6 - فرَّشت امرأة أسنانها بفرشاة الأسنان، فهل يحصل لها أجر السنة أو لا بد من عود الأراك ؟

7 - صام شخص وبعد صلاة الظهر أراد أن يقرأ القرآن، فهل يستحب له السواك أو يكره له ولم ؟

8 - شخص صائم استيقظ لصلاة الفجر وعند إرادة الصلاة أخذ يستاك بعود رطب فهل يكره له ولم ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - نعم يعد سواكا شرعيا، لأنه يحصل بكل عود طاهر يزيل الوسخ، وإن كان الأفضل بعود الأراك.

2 - نعم يستحب، لأنه مستحب في كل حال.

3 - حكمه الكراهة، لأنه يكره بعد الزوال للصائم سواء لصلاة أو ووضوء.

4 - لا يكره له التسوك بل هو مستحب، لأن التسوك لإذهاب رائحة البصل وليس من أجل إزالة رائحة الصيام.

5 - السواك مستحب له، لأن الكراهة تزول بغروب الشمس سواء أفطر وأكل الطعام أم لا.

6 - نعم يحصل لها أجر السنة ولا يشترط عود الأراك.

7 - يكره له، لأنه يكره بعد الزوال للصائم إلا إذا تغير فمه بسبب آخر غير الصيام كالنوم.

8 - لا يكره بل هو مباح في حقه، وأما لو استاك بعود يابس كان مستحبا له، لأن السواك للصائم قبل الزوال يباح برطب ويستحب بيابس.




والله تعالى أعلم.​
 

خالد بن سالم باوزير

:: غفر الله له ولوالديه ::
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
646
الجنس
ذكر
الكنية
أبـو مـعـاذ
التخصص
الفقه
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: المندلي في بيان المشهور من المذهب الحنبلي ( غاية في الاختصار )

(( باب الاستنجاء ))

الاستنجاء: هو إزالة النجاسة الخارجة من الفرج بماء، أو إزالة حكمها بحجر.

و يسمى إزالة حكم النجاسة بالحجر استجمارا، من الجمار وهي الحجارة الصغيرة.

وقولنا: ( أو إزالة حكمها ) أي إزالة حكم النجاسة لأنه في الاستجمار بالحجر لا يطهر المحل حقيقة ولكن حكما كما سيأتي.

فمن بال مثلا فقد خرج من فرجه نجاسة، فإذا غسلنا الفرج بالماء فهذا هو الاستنجاء، وإذا مسحناه بالحجر فهذا هو الاستجمار.

وحكم الاستنجاء هو الوجوب، فلا تصح الصلاة مع عدم الاستنجاء، فلو بال شخص ولم يستنج وتوضأ وصلى فصلاته باطلة، لأن الصلاة لا تصح مع وجود النجاسة على البدن أو الثوب أو المحل الذي يصلي عليه.

والأفضل في الاستنجاء هو الجمع بين الحجر والماء، فيستجمر أولا بالأحجار ثم يتبعها بالماء.

فمن تغوط مثلا استحب له أن يبدأ بالأحجار فيمسح دبره ويزيل عين النجاسة ثم يستخدم الماء ليذهب الأثر الباقي، والسبب في استحباب الجمع بينهما مع أن الماء ينظِّف المحل تماما هو أن الحجر يعمل على تقليل ملامسة اليد للنجاسة بمعنى أن الذي يستنجي بالماء فسيباشر بيده مع صب الماء النجاسة بحيث تتلطخ يده بالنجاسة، أما في الحجر فاستعماله يُذهب كثافة النجاسة عن المحل، فإذا استخدم يده قلَّت مباشرة النجاسة وملاطختها خاصة إذا لم يوجد الصابون أو المواد المنظفة فستبقى رائحة اليد نتنة.

تنبيه* وجدت في هذا الزمان آلة لتظيف المحل بالماء يخرج الماء منها بقوة، بحيث لا يحتاج إلى استخدام يده مع تلوث المحل، فيزيل النجاسة بالماء من خلال تلك الآلة التي تضخ الماء بقوة، ثم يستخدم يده تتميما للنظافة، وهي لا تقلل النجاسة فحسب، بل تذهب عينها، فقد لا يحتاج إلى استخدام يده في إزالة ما بقي، لأنها كما ذكرنا تزيل عين النجاسة، ولكن تتميما للنظافة وخشية بقاء شيء قد ينبو الماء عنه فالأكمل أن يستخدم يده.

فإذا أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل من الحجر، لأن الماء يزيل عين النجاسة وأثرها، بينما الحجر يزيل عين النجاسة ولكن يبقى أثرها كلون وريح وطعم، بمعنى أن معظم النجاسة ستزول بالحجر، ولكن لا يستطيع الحجر أن ينظف المحل تماما، فلا بد أن يبقى أثر قليل.

فهذا الأثر القليل معفو عنه في محله، فتصح الصلاة مع وجوده ما لم يفارق محله المعتاد، فإن فارق محله المعتاد كأن تعرق الشخص فنزل إلى الفخذ مثلا فهنا يتعين غسله بالماء، لأنه إنما عفي عنه في محله لأجل الرخصة، فلا يتعدى الحكم إلى غيره.

فلو تغوط شخص مثلا فمسح المحل بالحجر فقطعا سيبقى أثر لا يزيله إلا الماء، فهذا الأثر معفو عنه ما لم يتجاوز المحل المعتاد كأن جرى الأثر إلى صفحتي الدبر أو إلى الفخذ فيتعين غسله حينئذ بالماء، فعلم بذلك أن الاستجمار بالأحجار لا يطهر المحل، لأن النجاسة لا تزول إلا بالماء، وإنما هو رخصة، ولذا اقتصرنا فيه على المحل ولم نتجاوز به ما زاد عن الرخصة.

والقصد هو أن الماء أفضل من الحجر لو أراد الاقتصار على أحدهما لأنه ينظف المحل.

(( فصل في الحجر ))

الحجر - كما قلنا - وسيلة من وسائل الاستنجاء وليست هذه الوسيلة على البدل كما هو في التيمم بالتراب فإنه لا يصح التيمم مع وجود الماء، أما الحجر فهو مع الماء على التخيير فيصح الاستجمار بالحجر مع وجود الماء، والأثر الذي لا يمكن إزالته إلا بالماء يعفى عنه في محله في حالة الاستجمار بالحجر، أما في حالة الاستنجاء بالماء فلا يعفى عن أدنى أثر، بل الواجب تنقية المحل تماما.

فمن استجمر بالحجر وهو بالقرب من نهر فاستنجاؤه صحيح، ولا نلزمه استخدام الماء.

وليس الأمر مقصورا على الحجر الطبيعي، بل ما في معنى الحجر يصح الاستنجاء به، مثل المنديل والقماش، فكل جامد طاهر ينظف المحل يصح الاستنجاء به، لأنه في معنى الحجر كالقماش والكاغد والخشب، فإن كان مائعا لم يصح الاستنجاء به كماء الورد والخل وماء الصابون، فمن استنجى بماء ورد حتى نظف المحل فطهارته غير صحيحة، فيبقى المحل نجسا في الحكم، لأن كل مائع عدا الماء المطلق لا يصح الاستنجاء به.

بمعنى أنه وإن نظف وزالت عين النجاسة بل وزال أثرها أيضا إلا أننا نحكم على المحل بأنه لا يزال نجسا، لأنه لم يستعمل الآلة التي يطلبها الشرع، ونحن قلنا في باب المياه: إن الطاهر غير المطهر من المائعات لا يُزيل النجس فراجع إن شئت.

وإن كان الجامد نجسا كالروث والبعر أو كمقاش سقطت عليه نجاسة فلا يصح الاستنجاء به، وهذا الشرط مطلوب في الحجر أيضا فلا يصح الاستجمار بالحجر المتنجس، وذلك لأن المقصود هو التطهير، والنجس لا يصلح لذلك.

والقصد هو أنه مثل ما أن الحجر جامد طاهر ينظف المحل فكل ما كان كذلك من الأشياء يجوز الاستنجاء به.


(( شروط الاستجمار بالحجر ))

1 - أن يمسح القبل أو الدبر عند البول والغائط ثلاث مرات، إما بثلاثة أحجار أو بحجر واحد له ثلاثة أطراف، ولا يجوز أن يمسح بحجر واحد من طرف واحد ثلاث مرات، فلو فعل لم يطهر المحل.

مثال: شخص بال فمسح مرة واحدة وقد نظف المحل تماما ثم زاد مسحة أخرى واكتفى بذلك، فهذا لا يجزئ مسحه ولا يطهر المحل، فلا بد من الثلاثة حتى وإن نظف المحل بأقل من ثلاثة، ويجوز الزيادة على الثلاثة.

2 - أن ينقي المستنجي المحل بحيث لا يبقى إلا أثر لا يزيله إلا الماء.

مثال: تغوط شخص فمسح دبره بثلاثة أحجار ولكن لم ينظف المحل، فهذا يزيد المسحة الرابعة والخامسة والسادسة إلى أن ينظف المحل.

ويستحب له إذا زاد على ثلاثة أن يختم مسحاته بوتر أي بعدد فردي.

مثال: استنجى شخص فمسح ست مسحات فنظف المحل بها، فهذا يستحب له أن يزيد مسحة سابعة ليختم بوتر.

3 - أن لا يتعدى الخارج الموضع المعتاد، فلا يتعدى الغائط حلقة الدبر وما جاورها من مَّا كان معتادا أن يصيبه الغائط، ولا يتعدى البول مخرج البول وما حوله من مَّا كان معتادا أن يصيبه البول، فلو تعدى المكان المعتاد بأن وصل الغائط إلى صفحتي الدبر أو سال إلى فخذه بسبب إسهال ونحوه أو تطاير البول إلى فخذه ونحوه فهنا يجب غسل المتعدي بالماء دون غير المتعدي فيكفي فيه الحجر ونحوه.

(( فصل في آداب قضاء الحاجة ))


على قاضي الحاجة آداب ينبغي مراعاتها، وهي:

1 - يجب اجتناب استقبال القبلة واستدبارها في حالة التبول والتغوط تعظيما لها إذا كان في الصحراء، والمقصود بالاستقبال أن يستقبلها بوجهه، وبالاستدبار أن يدير لها ظهره، لافرق بين أن يكون قائما أو جالسا إلا إذا كان بينه وبينها سترة أو كان في البنيان أو انحرف عنها ولو يسيرا يمنة أو يسرة فحينئذ لا يجب ترك الاستقبال والاستدبار.

2 - يستحب ترك البول في الماء الراكد الذي لا يجري كماء البرك والمستنقعات قليلة كانت أم كثيرة، وهو أشد كراهة في الماء القليل، وأما الماء الجاري فيكره في القليل منه دون الكثير، ولكن الأولى اجتنابه حتى في الكثير، والمقصود بالقليل ما لم يبلغ القلتين، وبالكثير ما بلغ القلتين فأكثر.

فتلخص أن البول يكره في الماء الراكد مطلقا، وأما في الماء الجاري فيكره في القليل منه.

3 - يجب ترك البول والغائط تحت الشجرة التي تثمر سواء وقت الثمر وغيره، لأنه إذا قضى حاجته تحتها وسقطت الثمرة عليها تنجست وعافتها وكرهتها أنفس الناس.

والمقصود بالثمرة هي التي تقصد للأكل كالتفاح والتمر أو شمًّا كالورد أو استعمالاً كثمر القطن.

4 - يجب ترك البول والغائط في طريق الناس لئلا يتأذوا بالنجاسة ومن ثم يلعنونه.

5 - يجب ترك البول والغائط في أماكن اجتماع الناس كأماكن الظل في وقت الصيف، فلو كان هنالك مكان يجلس إليه بعض الناس للحديث والكلام المباح ثم ذهب شخص وبال أو تغوط فيه فهذا الفعل محرَّم.

6 - يستحب ترك البول والغائط في الثقب والشق من الأرض لأن هذه الحفر قد يوجد فيها حيوان ضعيف يتأذى بالخارج النجس أو قد يوجد فيه حيوان قوي كالأفعى فيخرج ويؤذي قاضي الحاجة.

7 - يستحب ترك الكلام أثناء قضاء الحاجة.

8 - يستحب ترك استقبال الشمس والقمر أثناء قضاء الحاجة لأنهما آيتان عظيمتان من آيات الله عز وجل ولما فيهما من نور الله جل وعلا، وهذا إنما يتحقق وقت طلوع الشمس والقمر أو غروبهما حتى يصير مواجها لهما أثناء قضاء الحاجة، أما إذا صارا وسط السماء فلا يمكن استقبالهما فلا يكره حينئذ، وأما استدبار الشمس والقمر فلا يكره.

9 - يستحب ترك مس الفرج باليد اليمنى أثناء قضاء الحاجة.

10 - يستحب ترك الاستنجاء أو الاستجمار باليد اليمنى.

11 - يستحب ترك رفع الثوب قبل الدنو من الأرض لقضاء الحاجة.

12 - يستحب ترك استقبال القبلة أثناء الاستنجاء أو الاستجمار، أما الاستدبار فلا يكره.

13 - يستحب مسح الذكر من أصله وهو حلقة الدبر بأن يضع إصبعه الوسطى تحت الذكر والإبهام فوقه ويمرَّ بهما لئلا يبقى من البول فيه شيء.

14 - يستحب نتر الذكر ثلاث مرات ليستخرج بقية البول منه.

15 - يستحب ترك دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله تعالى إلا لحاجة، أما دخوله بالمصحف فيحرم، ويباح دخوله بالنقود التي فيها اسم الله جل وعلا دفعا للمشقة.

16 - يجب الاستنجاء أو الاستجمار قبل الوضوء أو التيمم، فلو توضأ قبل أن يستنجي أو يستجمر ثم استنجى أو استجمر فلا يصح وضوؤه وعليه إعادة ذلك الوضوء بعد الاستنجاء أو الاستجمار.


(( مسائل عملية ))

1 - بال شخص وخرج مستعجلا ونسي أن يستنجي ثم ذهب وتوضأ وصلى، فهل تصح صلاته ولم ؟

2 - قضى شخص حاجته واستجمر بالأحجار وترك الماء الطهور ثم توضأ وصلى فهل تصح صلاته ولم ؟

3 - قضى شخص حاجته ومسح المحل بالمناديل فهل يصح استنجاؤه ولم ؟

4 - قضى شخص حاجته واستنجى بماء الصابون فهل يصح استنجاؤه ولم ؟

5 - قضى شخص حاجته ووجد بالقرب منه قطنًا عليه دم فاستنجى به فهل يصح استنجاؤه ولم ؟

6 - جلس شخص ليقضي حاجته فخرجت منه قطرات بول قليلة فمسح ذكره بقطن طاهر مرتين حتى نظف المحل فهل يصح استنجاؤه ولم ؟

7 - قضى شخص حاجته واستجمر بأربعة أحجار ولم ينظف المحل فزاد خامسة ولم ينظف المحل فاكتفى بذلك وتوضأ وصلى فهل تصح صلاته ؟

8 - قضى شخص حاجته واستنجمر بأربعة أحجار وقد نقَّى المجل ولم يبق إلا أثر لا يذهب إلا بالماء ولم يختم مسحاته بوتر فهل يصح استنجماره ولم ؟

9 - وقف شخص وبال في الصحراء مستقبل القبلة بوجهه وليس بينه وبينها ساتر ولم ينحرف عنها فما حكم فعله ؟

10 - بال شخص في بركة ماء فما حكم فعله ؟

11 - تغوط شخص تحت شجرة زيتون مثمرة فما حكم ذلك ؟

12 - بال شخص في الشارع فما حكم ذلك ؟

13 - جلس شخص لحاجته وقت الغروب وهو مستدبر الشمس فهل يكره له ذلك ؟

14 - جلس شخصان في المرافق العامة لقضاء الحاجة وهما يتحدثان من خلف الجدار فما حكم ذلك ؟

15 - هنالك مكان اعتاد أهل قرية أن يجتمعوا فيه للحديث والسمر فجاء شخص وقضى حاجته فيه فما حكم ذلك ؟

16 - وجد شخص حفرة في حائط قديم فتبول فيها فما حكم ذلك ؟

17 - أراد شخص أن يتبول فلما وصل إلى مكان قضاء الحاجة وقبل أن يدنو من الأرض رفع ثوبه فما حكم ذلك ؟

18 - تغوط شخص ثم استنجى بالماء مستعملا يده اليمنى في الاستنجاء فما حكم ذلك ؟

19 - بال شخص فلما استنجى كان أثناء استنجائه مستقبلا القبلة فما حكم ذلك ؟

20 - دخل شخص الخلاء وفي يده خاتم من فضة منقوش عليه لا إله إلا الله فما حكم ذلك ؟

21 - دخل شخص الخلاء ومعه مصحف يراجع منه ورده فما حكم ذلك ؟

22 - دخل شخص الخلاء ومعه نقود عليها اسم الله جل وعلا فما حكم ذلك ؟

23 - بال شخص وأثناء بوله كان ممسكا ذكره بيده اليمنى فما حكم ذلك ؟

24 - بال شخص فلما فرغ من بوله استنجى بالماء ولكنه لم يمسح ذكره من أصله - حلقة دبره - إلى رأسه لئلا يبقى من البول فيه شيء فما حكم ذلك ؟

25 - بال شخص فلما فرغ من بوله استنجى بالماء ولكنه لم ينتر ذكره ثلاث مرات ليستخرج بقية البول منه فما حكم ذلك ؟

26 - بال شخص فلما فرغ من بوله ذهب وتوضأ قبل أن يستنجي ثم بعد أن توضأ ذهب واستنجى فما حكم وضوئه ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - لا تصح صلاته لأنها لا تصح مع وجود النجاسة.

2 - نعم تصح صلاته لأن الاستجمار بالحجر جائز مع وجود الماء.

3 - نعم يصح استنجاؤه لأن المناديل يعد كالحجر لكونه جامدا طاهرا منظفا.

4 - لا يصح استنجاؤه فلا يطهر المحل لأن كل مائع عدا الماء المطلق لا يصح الاستنجاء به.

5 - لا يصح استنجاؤه لأنه استنجى بالنجس، والاستنجاء شرع للتطهير لا لزيادة النجاسة.

6 - لا يصح استنجاؤه فلا يطهر المحل إلا بثلاث مسحات إما بثلاثة أحجار أو ما في معناها من الجامدات الطاهرات المنظفات أو بحجر واحد له ثلاثة أطراف أو بثوب واحد من ثلاث جهات، فلا بد من الثلاثة ولو نظف المحل بواحدة.

7 - لا تصح صلاته لأن المحل ما دام لم ينظف لا بد أن يزيد في المسح حتى لا يبقى إلا أثر لا يذهب إلا بالماء فيعفى عنه في محله وتصح صلاته.

8 - نعم يصح استجماره لأن الإيتار أي ختم المسحات بعدد فردي مستحب وليس واجبا.

9 - هذا الفعل حرام.

10 - يكره هذا الفعل.

11 - يحرم ذلك.

12 - يحرم ذلك.

13 - لا يكره له ذلك، لأنه إنما يكره استقبال الشمس والقمر، ولا يكره استدبارهما.

14 - يكره ذلك.

15 - يحرم ذلك.

16 - يكره ذلك.

17 - يكره ذلك.

18 - يكره ذلك.

19 - يكره ذلك.

20 - يكره ذلك.

21 - يحرم ذلك.

22 - يباح ذلك دفعا للمشقة.

23 - يكره ذلك.

24 - يكره ذلك.

25 - يكره ذلك.

26 - لا يصح وضوؤه ذلك، لأنه لا يصح قبل الاستنجاء أو الاستجمار وضوء ولا تيمم.



والله تعالى أعلى وأعلم.​
 
أعلى