العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

المنهج في دراسة الاختيارات الفقهية

د.محمود محمود النجيري

:: مشرف سابق ::
إنضم
19 مارس 2008
المشاركات
1,171
الكنية
أبو مازن
التخصص
الفقه الإسلامي
المدينة
مصر
المذهب الفقهي
الحنبلي
المنهج
في دراسة الاختيارات الفقهية

(تطبيق على اختيارات ابن القيم)


منهجي في دراسة الاختيارات الفقهية يبدأ بدراسة كل مسألة وما فيها من خلاف- كما عرضها ابن القيم، ودراسة اختياره، وتقييمه في ضوء النصوص والمذاهب الفقهية، موافقًا له أو معارضًا، معللا لما أذهب إليه. وذلك في الخطوات التالية:
(1) وضع رأسٍ للاختيار، يوضح العنوان الرئيسي والفرعي الذي تندرج تحته المسألة من أبواب الفقه.
(2) تصوير المسألة، وتحرير محل النزاع، لبيان حقيقة الخلاف، وهل يعد لفظيًا أو موضوعيًا؟ وقد أبدأ بذكر المجمع عليه. مثل الاتفاق على أن الطلاق في الحيض بدعة، وكذلك الطلاق في طهر جامع فيه.
(3) ذكر اختيار ابن القيم، وصياغته كما فهمت من كلامه، مراعيًا الوضوح والاختصار والدقة. وقد أذكر نص كلامه نفسه.
(4) عرض الاختلاف في المسألة، بذكر أهم الأقوال فيها، كل قول بمن قاله من الصحابة والتابعين والأئمة والفقهاء. وأكثر اهتمامي للمذاهب الفقهية الأربعة المتبوعة، بالإضافة إلى ابن حزم. وأحيانًا ما أذكر مذهب الشيعة الجعفرية، ومذهب الزيدية.
كما أورد أبرز أدلة كل مذهب مثلما ذكرها ابن القيم، أو كما وردت في كتب المذاهب. ولا يمكن سرد أدلة كل مذهب من المذاهب في كل مسألة، وإنما أقتصر على أهم هذه الأدلة في الغالب التي عليها مبني القول في المسألة، وذلك حتى يمكن لي الترجيح بينها، والحكم على اختيار ابن القيم ما أمكن الباحث ذلك.
(5) ذكر نص كلام ابن القيم على اختياره، وإيراد أهم حججه التي اعتمد عليها في الاختيار. هذا إن ذكر ابن القيم أدلة لاختياره؛ فإنه أحيانًا ما ينص على اختياره، ثم يمر سريعًا، دون ذكر أدلة، أو تعليل. ولابد من التفريق بين مسائل يصرح فيها ابن القيم برأيه محضًا، ومسائل يسوق فيها رأيًا موافقا له. فالأول له فيه اجتهاد ظاهر، واختيار لدليل له فيه نظر. وكذلك التفريق بين مسائل يصرح فيها بأن ما ذهب إليه هو الحق الذي لا شيء وراءه، ومسائل أخرى يعرض الخلاف، ويميل إلى قول ميلا ظاهرًا، وخصوصًا حين يشتبه الأمر، ويشتد النزاع، وتشكل المسائل، وتتعارض الأدلة.
(6) ذكر ما وافق فيه شيخه ابن تيمية، وما خالفه. ومن وافقه من اللاحقين، أو خالفه، وموافقته أو مخالفته للقوانين الحديثة في مصر، والكويت، والإمارات، وغيرها أحيانًا. ولم أقصد إلى إحصاء ذلك، ولكن قصدت الاجتهاد في الوقوف على ما أستطيع منه لفائدته للبحث، ولإجراء المقارنات والموازنات. وأظنني وفقت في الوقوف على معظمه.
(7) ذكر القول المختار الذي أرجحه بدليله، بعد مناقشة الأقوال المذكورة وأدلتها، موافقًا لابن القيم، أو مخالفًا له.
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,134
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
ما شاء الله ...
طريقة موفقة؛ بقي طلب:
لو أتحفتنا بأفضل مثال ترى فيه الكفاية؛ ليرى الباحث كيفية التطبيق.
ولك تحياتي الوافرة.
 

ابنة الشريعة

:: متابع ::
إنضم
8 أغسطس 2015
المشاركات
26
التخصص
أصول الفقه
المدينة
الكويت
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: المنهج في دراسة الاختيارات الفقهية

جزاكم الله خيرًا
هل هناك توصيات بدراسة الاختيارات الفقهية لعالم معين؟
 

أم طاهر القاضي

:: متابع ::
إنضم
5 يونيو 2018
المشاركات
22
الكنية
شعاع الأمل
التخصص
دراسات اسلامية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: المنهج في دراسة الاختيارات الفقهية

جزاكم الله خيرا ووفقكم لكل خير
لدي سؤال : هل دراسة الاختيارات الفقهية لعالم معين ترتبط بمذهبه الفقهي ؟ او انا نقارن بينه وبين المذاهب الأخرى ؟ وان كان كذلك فابن القيم رحمه الله حنبلي المذهب ماذا عن دراسة الاختيارات عند احد علماء الحديث او احد المجتهدين الذين لا ينتمون الى مذهب معين ؟ هل المنهج يكون بهذه الخطوات ؟


اعذروني على كثرة الأسئلة لكن حقيقة هذا ما يدور بخاطري ولم اجد جوابا افيدوني جوزيتم خيرا واعتذر مجددا على الاطالة
 
إنضم
3 أبريل 2018
المشاركات
112
الإقامة
مكة المكرمة - حي العوالي
الجنس
ذكر
الكنية
أبو زيد
التخصص
شريعة إسلامية
الدولة
سورية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: المنهج في دراسة الاختيارات الفقهية

من الدراسات التطبيقية المختلفة في الاختيارات - ككتاب " اختيارات ابن تيمية " " رحمه الله تعالى " ويقع في عشرة مجلدات ، وهنالك رسائل كثيرة لاتحصى من كثرتها في جامعات المملكة ، ومنها جامعة أم القرى وغيرها ، وأصبحت هذه الدراسة ثرية وغنية بأفكار الفقه المقارن وتدخل في مراحل تطوير الفقه المذهبي الواقعي بالدليل مع فقه الحديث - وهذا يدل على قوة الفقه الإسلامي بعمومه وتوسع الخبرات العملية لعلماء الإسلام ...وهذه بعض مقتطفات من رسالة بالاختيارات :دولة ماليزيا وزارة التعليم العالي ( KPT ) جامعة المدينة العالمية كلية العلوم الإسلامية قسم الفقه الاختيارات الفقهيةللحافظ ابن حجر العسقلانيفي كتابه فتح الباري من خلال كتاب الحج ((من باب وجوب الحج وفضله - إلى- باب مهل أهل مكة للحج والعمرة))دراسة فقهية مقارنةرسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في الفقه الإسلاميإعداد الطالب /يعقوب بن إسحاق بن سليمانالرقم المرجعي : MFQ101AD937تحت إشراف فضيلة الدكتور /عبد الناصر خضر ميلاد ( حفظه الله )كلية العلوم الإسلامية - قسم الفقه - جامعة المدينة العالمية 1435هـ – 2014 م صفحة الإقرار: APPROVAL PAGEأقرت جامعة المدينة العالمية بماليزيا بحث الطالب (يعقوب إسحاق سليمان)من الآتية أسماؤهم:The dissertation of (Yaqub Ishaq Suleman)has been approved by the following:الأستاذ المساعد الدكتور / عبد الناصر خضر ميلاد ( حفظه الله )Assistant Professor Dr.Abdulnasir Kadir MiladSupervisor المشرف الأستاذ المساعد الدكتور /رمضان محمد عبد المعطيAssistant Professor Dr. Ramadan Mohamad Abdul-muaty Internal Examiner ممتحنا (مناقشا) داخليا أول الأستاذ المساعد الدكتور /خالد حمديAssistant Professor Dr. Khalid Hamdi External Examiner ممتحنا(مناقشا) داخليا ثانيا الأستاذ المساعد الدكتور /منير عبد الربAssistant Professor Dr. Moneer Abdu-Rrub رئيس لجنة المناقشة Chairman إقرارأقررت بأن هذا البحث هو من عملي الخاص، قمتُ بدراسته، وقد عزوت النقل والاقتباس إلى مصادره.اسم الطالب / يعقوب بن إسحاق بن سليمانالتوقيع /التاريخ 8 / 3 / 1435هـ - 2014 / 1 / 10 DECLARATIONI hereby declare that this dissertation is the result of my own investigation,except where otherwise stated.Student’s name : Yaqub Ishaq SulemanSignatureDate : 2014 / 1 / 10 جامعة المدينة العالمية إقرار بحقوق الطبع وإثبات مشروعية استخدام الأبحاث العلمية غير المنشورةحقوق الطبع 2014 © محفوظة يعقوب إسحاق سليمانالاختيارات الفقهية للحافظ ابن حجر العسقلانيفي كتابه فتح الباري من خلال كتاب الحج((من باب وجوب الحج وفضله - إلى-باب مهل أهل مكة للحج والعمرة))دراسة فقهية مقارنةلا يجوز إعادة إنتاج أو استخدام هذا البحث غير المنشور في أي شكل أو صورة من دون إذن مكتوب من الباحث إلاّ في الحالات الآتية:1. يمكن الاقتباس من هذا البحث بشرط العزو إليه.2. يحق لجامعة المدينة العالمية بماليزيا الإفادة من هذا البحث بشتى الوسائل وذلك لأغراض تعليمية، وليس لأغراض تجارية أو تسويقية.3. يحق لمكتبة جامعة المدينة العالمية بماليزيا استخراج نسخ من هذا البحث غير المنشور إذا طلبتها مكتبات الجامعات، ومراكز البحوث الأخرى. أكّد هذا الإقرار: يعقوب إسحاق سليمان التوقيع التاريخ 2014 / 1 / 10 ملخص البحث عنوان البحث :الاختيارات الفقهية للحافظ ابن حجر العسقلاني، في كتابه فتح الباري من خلال كتاب( الحج من باب وجوب الحج وفضله . إلى- باب مهل أهل مكة للحج والعمرة) دراسة فقهية مقارنة .اشتمل البحث على مقدمة وبابين وخاتمة وفهارس فنية عامة.ففي المقدمة ذكرت أهمية البحث وسبب اختياره ومنهج البحث، والهدف منه، والدراسات السابقة، وخطة البحث.وفي الباب الأول، في الفصل الأول : ذكرت نبذة تعريفية عن الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله . وفي الفصل الثاني : ذكرت تعريفا موجزاً لكتابه فتح الباري شرح صحيح الباري وتعريفاً موجزاً للاختيارات الفقهية وما يتعلق بها .وفي الباب الثاني، في الفصلين : ذكرت اختيارات ابن حجر العسقلاني في كتاب الحج من باب وجوب الحج وفضله – إلى - باب مهل أهل مكة للحج والعمرة.أما لخاتمة : فقد اشتملت على أهم نتائج البحث والتوصيات والتي منها :1 – أن كتاب فتح الباري يعتبر من أفضل الشروح لصحيح البخاري إن لم يكن أفضلها على الإطلاق, فقد جمع في مصنفه بين الفوائد الحديثة, والنكت اللغوية, والأحكام الفقهية, وغيرها.2 - كثرة الروايات, والاختيارات الموجودة داخل المذهب الواحد, وقد حاولت قدر الإمكان أن أتناول كل الروايات الموجودة داخل كل مذهب, وأن أبين المعتمد منها .3 – أوصي الباحثين بإتمام واستخراج المسائل الفقهية من فتح الباري لابن حجر ووضعها في كتاب مستقل بعد تصنيفها على الأبواب الفقهية.سائلا الله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد .Summary of the ResearchTitle: Jurisprudence Choices of Hafiz Ibn Hajar , in his book Fath al-Bari through the book ( The pilgrimage of Hajj is obligatory subject and virtues . To - door leisurely people of Mecca for the Hajj and Umrah ) doctrinal study comparison.The research contains two chapters ,a conclusion and public techniques indexes .In the introduction I mentioned the importance of research , why chosen and the methodology of the research, and the its goal and previous studies , and research plan .In the first section , in the first chapter : According to a brief introduction of the full- Hafiz Ibn Hajar God's mercy. In the second chapter : According to the book, a brief definition of Fath Al-Bari and explain the true definition of a summary of the options and related jurisprudence .In Part II , in chapters : According to Ibn Hajar choices in the book section of the pilgrimage of Hajj being obligatory and virtues - to - leisurely people of Mecca for the Hajj and Umrah .As a conclusion : it included the most important research results and recommendations , which include:1- The book Fath al-Bari is one of the best explanations of Sahih Bukhari , if not the absolute best , the collection of his work between the benefits of modern language, jurisprudence and others.2- The large number of novels , and choices within the same doctrine , I have tried as much as possible to address all accounts within each doctrine , and approved them.3- I recommend the researchers to complete and extract what is left of the doctrinal issues of Fath al-Bari by Ibn Hajar and put them in a separate book after classifying them on sections of jurisprudence .Asking Allah Almighty help and guide .شكر وتقديرأحمدُ الله تعالى وأشكره على توفيقه إيايَ في إكمال هذا البحث فله الحمد والشكر أولاً وأخراً . ثم أقدم جزيل شكري وعظيم امتناني مع وافر الدعاء لوالدي الكريمين رحمهما الله رحمة واسعة، الذيْن لهما الفضل بعد الله سبحانه وتعالى فيما تلقيته من العلم، ومنه هذا البحث المتواضع، فجزاهما الله عني خير الجزاء، ورزقهما الفردوس الأعلى من الجنة.ثم أتقدم بالشكر الجزيل لجامعة المدينة العالمية التي قدمت لي ولزملائي التسهيلات في طلب العلم، ومنحتني المنحة الدراسية لأكمل تعليمي، فالله تعالى نسأل أن يجعلها منارة للإسلام والمسلمين. وأخص بالشكر فضيلة الوالد الأستاذ الدكتور/ محمد بن خليفة التميمي مدير جامعة المدينة العالمية حفظه الله ورعاه ونفع به الإسلام والمسلمين. ثم لا أنسى الوالد الفاضل شيخي وأستاذي الشيخ الدكتور/ عبد الناصر خضر ميلاد، المشرف على البحث، الذي وجهني فيها وأرشدني إلى كل ما ينفعني وينفع بحثي، فله مني كل الشكر والاحترام والتقدير , كما أسال الله تعالى أن يثيبه في الدنيا والآخرة حسن الثواب. ثم الشكر الجزيل لزوجتي الكريمة رفيقة دربي وشريكة حياتي أم عبد الله التي هيأت لي الجو والمناخ المناسبين طيلة فترة مرحلة الماجستير التي استغرقت ثلاث سنوات، وأعانتْني على إتمامها، وتحملت عني عبء الحياة وتربية ذريتي، فجزاها الله عني خير الجزاء.ولا يفوتني أن أشكر كل من ساعدني وشجعني وتعاون معي من إخواني وزملائي وساهم في إنجاح إتمام دراستي وبحثي فلهم مني وافر الدعاء وعظيم الامتنان. وأسأل الله تعالى أن يجمعني بهم في مستقر رحمته إنه ولي ذلك والقادر عليه.وأخص منهم بالذكر زميلي: علي أحمد حسين علي حسين أبو عبد الله على كل ما قدمه لي . (( فهرس المحتويات )) الموضوع الصفحةالمقدمة 1اسباب اختيار البحث 3أهداف البحث 4الدراسات السابقة 5منهج البحث 6خطة البحث 9الباب الأول 13/36الفصل الأول : نبذة تعريفية للحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله. 14/28المبحث الأول : اسمه – وكنيته – ونسبه - وولادته . 15المطلب الأول : اسمه وكنيته – ونسبه . 15المطلب الثاني : ولادته . 16المبحث الثاني : نشأته – حياته العلمية . 17المطلب الأول : نشأته . 17المطلب الثاني : حياته العلمية . 17المبحث الثالث: شيوخه – تلامذته . 19المطلب الأول : شيوخه . 19المطلب الثاني : تلامذته . 21المبحث الرابع : رحلاته – مؤلفاته - وفاته . 23المطلب الأول : رحلاته . 23المطلب الثاني : مؤلفاته . 24المطلب الثاني : وفاته . 28الفصل الثاني : التعريف بكتابه فتح الباري و الاخـتيارات الفقهـية 29/36المبحث الأول : التعريف بكتابه فتح الباري. 30المطلب الأول : اسم الكتاب . 30المطلب الثاني : توثـيق نسـبته إلى المؤلف. 30المطلب الثالث : مقـدمة الكــتاب . 32المطلب الرابع : كيفية تأليفه والمدة التي مكث في تأليفه . 33المبحث الثاني : الاختيارات الفقهية . 34المطلب الأول : تعريف الاختيارات . 34المطلب الثاني : شروط الاختيار . 35المطلب الثالث : تعارض الاختيار الصحيح مع الاختيار الفاسد . 36المطلب الرابع : حكمة مشروعية الاختيار . 36الباب الثانياختيارات ابن حجر العسقلاني الفقهية في الحج 37/112الفصل الأول : الحج وجوبه وفضله . 38/84المسألة الأولى : تعريف الحج واختلاف الفقهاء في صيغه . 39 المسألة الثانية : وجوب الحج على الفور واختلاف الفقهاء فيه . 44المسألة الثالثة : تعيين السنة التي فرض فيها الحج 56المسألة الرابعة : اختلاف الفقهاء في بيان الأفضلية للحاج من الركوب والمشي. 64المسألة الخامسة : تكفير الحج لكبائر الذنوب؛ واختلاف الفقهاء فيه . 71المسألة السادسة : بيان الجدال المنهي عنه في الحج . 79الفصل الثاني: فرض مواقيت الحج والعمرة ومهل أهل مكة . 85/112المسألة الأولى : حكم الإحرام قبل الميقات المكاني . 86المسألة الثانية : حكم مجاوزة الشامي ميقاته ليحرم من ميقات آخر يقابله كميقات أهل اليمن مثلا. 94المسألة الثالثة : إحرام من يسكن دون المواقيت المكانية . 100المسألة الرابعة: حكم من جاوز الميقات غير مريد للنسك ثم أراد . 106الخاتمة 113أهم النتائج التي توصل إليها البحث و التوصيات 113الفهارس 116فهرس الآيات القرآنية 117فهرس الأحاديث والآثار 118فهرس الأعلام 120فهرس المصادر والمراجع 123 المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، الحمد لله الذي بيّن طريق الهدى والرشاد ليخرج الناس من ظلمات الشرك والضلال إلى نور الهدى والفوز بالجنان 0 القائل في محكم البيان : { الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور00 }(1) وأصلي وأسلم على الحبيب المصطفى محمد سيد البشرية ، وهاديها إلى الحق بهدي رب البرية ، القائل صلى الله عليه وسلم : (( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ،عضوا عليها بالنواجذ ))(2) . وعلى آله وصحبه الغر الميامين 0 أما بعد : فلمكانة هذا الموضوع في حياة الإنسان , فإن الشريعة الإسلامية لم تغفل عن هذا الجانب , بل طرقته من خلال الكتاب والسنة , بقواعد ثابتة , عكف عليها الفقهاء دراسةً واستنباطاً , فاتفقوا في بعض المسائل , واختلفوا في البعض الآخر , بناءً على اجتهاد كلٍ في فهم الدليل. ونظراً لأهمية الموضوع وحاجة الناس إليه فاني لما عزمت على اختيار موضوع لنيل درجة (الماجستير), هداني الله جل وعلا ووفقني إلى موضوع [الاختيارات الفقهية للحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري من خلال كتاب الحج ( من باب وجوب الحج وفضله - إلى-باب مهل أهل مكة للحج والعمرة) دراسة فقهية مقارنة ]. وتتأكد أهميته : أنها تعلقت بركن من أركان الإسلام الخمسة . أسباب اختيار البحث :1- خدمة الفقه الإسلامي بتحرير كنوز الحافظ ابن حجر وتقديمها لطلابه وباحثيه.2- إن موسوعة الحافظ ابن حجر (فتح الباري) يعتبر من أهم شروح أصح الكتب على الإطلاق بعد كتاب الله عز وجل. 3- القيام بالواجب الكفائي على هذه الأمة تجاه علمائها ومن خواصهم الحافظ ابن حجر العسقلاني بنشر علمه وفضله.4-كون الحافظ ابن حجر شخصية معروفة ومشهورة ,عند أهل الحديث والفقه وغيرهم , ويتبين ذلك من مؤلفاته ومصنفاته التي امتلأت بها المكاتب والدور. 5- رغبتي في التفقه في مسائل الحج وأحكامه . 6- أنني رأيت بعد الاطلاع على بعض خطط الرسائل المكتوبة في هذا المجال أن الحافظ ابن حجر خرجت علومه الحديثية ولم تخرج علومه الفقهية, فأردت من خلال هذا البحث إظهار بعض النفائس الفقهية لهذه الشخصية الفذة. 7- مشاركته في الأجر بتقريب علمه وفقهه لطلابه، فابن آدم إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث، ومنها علم ينتفع به، فقد ألحق بالعالم من ساعد على نشر علمه كالمتبرع بالنشر، ومثله المحقق والمحشي والمقرب والجامع.8-سبب شخصي لنيل شرف التتلمذ على الحافظ ابن حجر رحمه الله، فإنه وإن حالت القرون عن إسناد الركب إلى الركب فلا أقل من التقاط أنفاسه والعيش معها من خلال التتلمذ على نفائسه الخالدة.9-إثراء المكتبة الإسلامية بما يخدم المسلمين في الدراسات الفقهية .10-رغبتي في دراسة الاختيارات الفقهية الواردة من كتاب الحج في كتابه فتح الباري لأني لم أجد كتابا مستقلاً اعتنى بدراسة اختيارات ابن حجر الفقهية في كتاب الحج بطريقة موسعة .أهداف البحث :1- بيان الاختيارات الفقهية الواردة في كتاب الحج ودراستها دراسة فقهية مقارنة.2- إفراد رسالة مستقلة في الحج لذكر مسائله المتفرقة في فتح الباري ليستفيد منه المسلمون.3- معرفة اختيارات ابن حجر الفقهية في مسائل الحج في كتابه فتح الباري .الدراسات السابقة : لقد تتبعت هذا الموضوع عبر الشبكة العنكبوتية في مواقع متعددة مثل : دليل رسائل المعهد العالي للقضاء ودليل رسائل كلية الشريعة(1)ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية(2)ومكتبة الملك فهد الوطنية(3)والمكتبة المركزية بجامعة الإمام محمد الإسلامية(4), رئاسة الجمهورية اليمنية المركز الوطني للمعلومات(5)،فلم أجد من ألف في اختياراته إلا خمس بحوث تكميلية ولم أستطع الوصول إلى أي منها سوى بعض المعلومات وهي :1 - اختيارات ابن حجر العسقلاني الفقهية في المعاملات من كتاب فتح الباري "السّلم - الشفعة - الإجارة - الحوالة - الكفالة - الوكالة" دراسة مقارنة - إعداد الطالب/ هاشم محمد صغير الفلاح(6). إشراف الدكتور/ عبد الرحمن الأغبري جامعة الإيمان ، 1429هـ - 2008م2 - اختيارات ابن حجر الفقهية في كتابه فتح الباري من خلال كتب الأطعمة والأشربة واللباس - للطالب/عبدالولي محمد صالح المغربي(2). إشراف الأستاذ الدكتور/ صالح عبدالله الظبياني ،جامعة الإيمان 1429هـ - 2008م3 - الاختيارات الفقهية للحافظ ابن حجر في كتابه فتح الباري خلال أبواب الطهارة – الباحث / عبد الرقيب عبده علي صالح الحجري(3) – جامعة الإيمان 1429هـ - 2008م4 - اختيارات الحافظ ابن حجر الفقهية في كتاب الجنائز من كتاب فتح الباري ، ماجستير – جامعة الإيمان باليمن . الباحث / محمد أحمد صالح سعيد التومي(4).5 - الاختيارات الفقهية للحافظ ابن حجر في كتابه فتح الباري من خلال كتاب النكاح، ماجستير – جامعة الإيمان باليمن . الباحث / جلال محمد أحمد ناجي السميعي(5).منهجي في البحث : المنهج الذي اتبعته هو المنهج الوصفي، وقد اعتمدت في جمع المعلومات على دراسات أكاديمية، ومصادر مكتبية، ومواقع في الشبكة العالمية، تصفحتها لدراستها دراسة فقهية مقارنة، في كتاب فتح الباري لابن حجر العسقلاني، من خلال كتاب الحج (من باب وجوب الحج وفضله – إلى - باب مهل أهل مكة للحج والعمرة)، وليصل إلى نتائج ملموسة.وتتبعت اختيار الحافظ وترجيحه الفقهي في المسائل، أعني بذلك الاختيار والترجيح الفقهي البين فقط ، ولا أتعرض لشرح الحافظ ولا إلى توجيهه في الحديث، ولا إلى كلامه في الجرح والتعديل في رجال السند، ولا إلى اختياراته في الأصول، وإنما ركزت في بحثي على اختياراته الفقهية الواضحة :كقوله: (وظاهر الأمر كذا )، وكقوله: (ويحتمل أن يقال)، وكقوله: (وهو ظاهر )، وقوله:( ويحصل الانفكاك عنه)، وفي نقده للقول المرجوح وغيره من ألفاظ الترجيح عند الحافظ رحمه الله. اقتصرت بصفة أساسية على أقوال وأدلة فقهاء المذاهب الأربعة فقط في المسائل، ووضعت عنوانا خاصا لكل مسألة ، أذكر اختيار الحافظ, وأبين اختياره.وذكرت الترجيح في المسألة دون تعصب لمذهب معين، بحسب ما يغلب على ظني أنه راجح من الآراء، على حسب قوة الدليل ووجاهته من صحة ودلالة.واعتمدت في جمع المادة العلمية على أمهات المراجع الفقهية المعتمدة في كل مذهب، وعلى بعض كتب الفقه المقارن وكتب الفقه المعاصرة عند الضرورة.أما ما يتعلق بالتوثيق، فعزوت الواردة إلى سورها من كتاب الله تعالى ، وخرجت الأحاديث الواردة في البحث من مصادرها، معتمداً على الكتب الستة أولاً، ثم السنن ثم المسانيد وهكذا.وترجمت الأعلام المذكورين في صلب البحث غير الخلفاء الراشدين، وأئمة المذاهب الفقهاء الأربعة .التزمت عند النقل من أي مصدر, أو مرجع الإشارة في الهامش إلى بياناته كاملة مرتبة هكذا: اسم الكتاب، اسم المؤلف، الجزء والصفحة، اسم المحقق أو المعلق (إن وجد)، الدار الناشر، عدد الطبعة, تاريخ الطبعة ،وهذا عند ذكر المرجع أو المصدر لأول مرة، فإن تكرر بعد ذلك اكتفيت بذكر لقب المؤلف واسم الكتاب, والجزء, والصفحة فقط.وإذا ذكرت المرجع مرة أخرى في نفس الصفحة تكون الإشارة (المرجع السابق, الجزء, الصفحة).واعتمدت في بحثي في (فتح الباري )على النسخة التي نشرتها دار المعرفة، بيروت ، 1379هـ ، رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي ،قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه: محب الدين الخطيب ،عليه تعليقات العلامة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ،عدد الأجزاء:13وختمت بحثي بخاتمة، وبينت ما وصلت إليه من أهم النتائج والتوصيات، وبفهارس للاستفادة منها.خطة البحث خطة البحث يشتمل على مقدمة وبابين وخاتمة وفهارس عامة.الباب الأول وفيه فصلان :الفصل الأول : نبذة تعريفية للحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله . وفيه أربعة مباحث :المبحث الأول: ( اسمه وكنيته ونسبه – ولادته )المبحث الثاني: ( نشأته – حياته العلمية )المبحث الثالث: ( شيوخه – تلامذته ) .المبحث الرابع: ( رحلاته – مؤلفاته - وفاته ) .الفصل الثاني: التعريف بكتابه فتح الباري والاختيارات الفقهية.وفيه مبحثان :المبحث الأول: التعريف بكتابه فتح الباري .المبحث الثاني: الاخـتيارات الفقهـية .الباب الثاني : اختيارات ابن حجر العسقلاني الفقهية في الحج وفيه فصلان:الفصل الأول : الحج وجوبه وفضله . وفيه ست مسائل :المسألة الأولى : تعريف الحج واختلاف الفقهاء في صيغه .المسألة الثانية : وجوب الحج على الفور واختلاف الفقهاء فيه.المسألة الثالثة : تعيين السنة التي فرض فيها الحج .المسألة الرابعة : اختلاف الفقهاء في بيان الأفضلية للحاج من الركوب والمشي.المسألة الخامسة : تكفير الحج لكبائر الذنوب؛ واختلاف الفقهاء فيه.المسألة السادسة : بيان الجدال المنهي عنه في الحج .الفصل الثاني : فرض مواقيت الحج والعمرة ومهل أهل مكة.وفيه أربع مسائل :المسألة الأولى : حكم الإحرام قبل الميقات المكاني . المسألة الثانية: حكم مجاوزة الشامي ميقاته ليحرم من ميقات آخر يقابله كميقات أهل اليمن مثلا.المسألة الثالثة: إحرام من يسكن دون المواقيت المكانية .المسألة الرابعة : حكم من جاوز الميقات غير مريد للنسك ثم أراد .الباب الأول الفصل الأول نبذة تعريفية للحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله وفيه أربعة مباحث :المبحث الأول: ( اسمه وكنيته ونسبه – ولادته ). وفيه مطلبان:المطلب الأول : اسمه وكنيته ونسبه .المطلب الثاني : ولادتــه .المبحث الثاني: ( نشأته - حياته العلمية ). وفيه مطلبان:المطلب الأول : نشـأتــه .المطلب الثاني : حـياتـه العلمية .المبحث الثالث: ( شيوخه – تلامذته ).وفيه مطلبان:المطلب الأول : شـيوخه.المطلب الثاني : تلامذتـه.المبحث الرابع: ( رحلاته – مؤلفاته - وفاته ).وفيه ثلاثة مطالب:المطلب الأول : رحـلاتـه .المطلب الـثاني : مؤلفاته .المطلب الثالث : وفـاتـه.المبحث الأول( اسمه وكنيته ونسبه – ولادته ) وفيه مطلبان:المطلب الأول : اسمه وكنيته ونسبه .هو شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمود بن أحمد بن حجر العسقلاني( )الكناني( ) الشافعي وقد كناه شيخه العراقي(3)أيضاً أبا العباس(4) المطلب الثاني : ولادته .ولد في الثاني و العشرين من شعبان سنة ( 773هـ - 1362م ) ثلاث و سبعين وسبعمائة على شاطئ النيل بمصر. والمنزل الذي ولد فيه بمصر معروف ، وهو بالقرب من دار النحاس والجامع الجديد، وانتقل منها إلى القاهرة قبيل القرن حين تزوُّجه بأم أولاده، فسكن بقاعة (منكوتمر) جد أبي أمها المجاورة لمدرسته ،داخل باب القنطرة بالقرب من حارة بهاء الدين واستمر بها حتى مات(1). المبحث الثاني( نشـأته – حـياته العلمـية ) وفيه مطلبان:المطلب الأول : نشأته .نشأ الحافظ يتيماً حيث مات أبوه في رجب سنة سبع و سبعين و سبعمائة، وماتت أمه قبل ذلك وهو طفل, وأصبح ابن حجر في وصاية زكي الدين أبي بكر بن نور الدين علي الخروبيّ(1)رحمه الله، وكان تاجرا كبيرا بمصر، وورث مالا كثيرا وأصبح رئيسا للتجار(2).ثم تزوج الحافظ عندما بلغ خمساً وعشرين سنة زوجته الأولى, وذلك سنة(798هـ) وكان له ثلاث زوجات , وسبعة أولاد, ست بنات, وذكر واحد وهو بدر الدين أبو المعالي محمد.وكان ابن حجر حريصاً على نشر الثقافة والعلم بين أهل بيته وأقاربه كحرصه على نشر العلم بين الناس، وسيتضح ذلك في دراسة جهوده في التدريس وعقده لمجالس الإملاء(3).المطلب الثاني : حياته العلمية .دخل ابن حجر الكتّاب وهو ابن خمس سنين ، وحفظ القران وهو ابن تسع سنين, وأمّ المسلمين في بيت الله الحرام سنة (785هـ) ، حيث صلى بهم التراويح هناك. وحج وجاور في الحرم الشريف ، ثم صلى بعد ذلك بالقدس وحفظ ابن حجر بعد رجوعه من الحج عددا من الكتب والمختصرات منها(1) : – عمدة الأحكام للحافظ عبد الغني المقدسي(2) .– والحاوي الصغير للقزويني(3) – ومختصر ابن الحاجب الأصلي في الأصول(4). – وألفية العراقي(5). – ومنهاج الوصول إلى علم الأصول للبيضاوي(6).المبحث الثالث( شـيوخه – تلامذتـه ) وتحته مطلبان:المطلب الأول : شـيوخـه.وقد اجتمع له من الشيوخ الكثير وقد جمعهم ابن حجر وفاء لهم وليتذكر عهدهم في كتاب جليل القدر هو المجمع المؤسس للمعجم المفهرس.وقال تلميذه الحافظ السخاوي(1): (( واجتمع له من الشيوخ الذين يشار إليهم، ويعول في حل المشكلات عليهم ما لم يجتمع لأحد منهم أهل عصره، لأن كل واحدٍ منهم كان متبحراً ورأساً في فنه الذي اشتهر به ، فالبلقيني(2)في سعة الحفظ وكثرة الاطلاع، وابن الملقِّن(3)في كثرة التَّصانيف، والعراقي(4)في معرفة علم الحديث ومتعلقاته، والهيثمي(1)في حفظ المتون واستحضارها، والمجد الشيرازي(2)في حفظ اللُّغة واطِّلاعه عليها، والغُماري(3)في معرفة العربية ومتعلقاتها، وكذا المحب ابن هشام(4) كان حسن التصرف فيها، لوفور ذكائه، وكان الغماري فائقاً في حفظها، والأبناسي(5)في حسن تعليمه وجودة تفهيمه، والعز ابن جماعة(6)في تفنُّنه في علوم كٍثيرةٍ بحيث إنه كان يقول: ((أنا أقرئ في خمسة عشرة علماً، لا يعرف علماء عصري أسماءها والتَّنوخي(1) في معرفته القراءات وعلو سنده فيها))(2).المطلب الثاني : تلامذته. (( استقطبت دروس الحافظ ابن حجر التلاميذ والعلماء سواء بسواء ، فتخرج على يديه كثير من الشيوخ والأقران منهم :1 – إبراهيم بن عمر بن حسن البقاعي الرباط (ولد سنة 809هـ، 1406م ،وتوفي سنة 885هـ،1480م)،صاحب كتاب (( عنوان الزمان في تراجم الشيوخ والأقران ))(3).2 – زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري السنيكي(توفي 926هـ)،صاحب شرح ألفية العراقي(4). 3 – إسماعيل بن محمد بن أبي بكر بن المقرئ اليمني(توفي سنة 837هـ)،صاحب((عنوان الشرف الوافي))(1). المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي [2/191].4 – ابن تغري بردي (توفي 874هـ)صاحب((النجوم الزاهرة))و((المنهل الصافي)) (2).5 – الإمام السخاوي(توفي902هـ) صاحب((الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع)) (3). المبحث الرابع( رحـلاتـه – مؤلفاته – وفاتـه ) وفيه ثلاثة مطالب:المطلب الأول : رحلاته .قال الإمام السخاوي(1): "أول ما رحل فيما علمته في سنة ثلاث و تسعين وسبعمائة إلى " قوص(2)" وغيرها من البلاد الصعيد .لكنه لم يستفد بها شيئا من المسموعات الحديثية بل لقي جماعة من العلماء منهم القاضي "هو "نورالدين على بن كريم الدين"(3). ثم رحل إلى: الإسكندرية و الحجاز و اليمن و تعز و زبيد و عدن و المهجم(4)،ووصل إلى مكة المشرفة وحج سنة (800هـ) ، ثم إلى الشام، وكان دخوله إلى الشام في حادي عشر من رمضان سنة(802هـ)،ثم إلى بيت المقدس(5).المطلب الثاني : مؤلفاته . «وزادت تصانيفه التي معظمها في فنون الحديث وفيها من فنون الأدب والفقه، والأصلين وغير ذلك على مائة وخمسين تصنيفا رزق فيها من السّعد والقبول خصوصا «فتح الباري بشرح البخاري» الّذي لم يسبق نظيره أمرا عجبا»(1).«بلغت مصنفاته أكثر من اثنين وثلاثين ومائة تصنيف، وها هي مرتبة على حروف المعجم.1- الآيات النّيرات للخوارق المعجزات. 2- اتباع الأثر في رحلة ابن حجر.3- إتحاف المهرة بأطراف العشرة. 4- الإتقان في فضائل القرآن. 5- الأجوبة المشرقة على الأسئلة المفرقة. 6- الإحكام لبيان ما في القرآن من إبهام. 7- أربعون حديثا متباينة الأسانيد بشرط السّماع. 8- أسباب النزول. 9- الأسئلة الفائقة بالأجوبة اللائقة. 10- الاستبصار على الطّاعن المعثار. 11- الاستدراك على الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء. 12- الاستدراك على الكاف الشّاف. 13- الإصابة في تمييز الصّحابة. 14- أطراف المختارة. 15- أطراف الصّحيحين. 16- أطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي. 17- الإعجاب ببيان الأسباب. 18- الإعلام بمن ذكر في البخاري من الأعلام. 19- الإعلام بمن ولي مصر في الإسلام. 20- الإفصاح بتكميل النّكت على ابن الصلاح. 21- الأفنان في رواية القرآن. 22- إقامة الدّلائل على معرفة الأوائل. 23- الألقاب. 24- أمالي ابن حجر. 25- الإمتاع بالأربعين المتباينة بشرط السماع. 26- الإنارة في الزّيارة. 27- إنباء الغمر بأنباء العمر. 28- الانتفاع بترتيب الدار الدّارقطنيّ. 29- انتقاض الاعتراض. 30- الأنوار بخصائص المختار. 31- الإيناس بمناقب العبّاس. 32- البداية والنهاية. 33- بذل الماعون بفضل الطّاعون. 34- البسط المبثوث في خبر البرغوث. 35- بلوغ المرام بأدلّة الأحكام. 36- بيان الفصل بما رجح فيه الإرسال على الوصل. 37- تبصير المنتبه بتحرير المشتبه. 38- تبيين العجب بما ورد في فضل رجب. 39- تجريد التّفسير. 40- تحرير الميزان. 41- تحفة أهل التّحديث عن شيوخ الحديث. 42- تحفة الظّراف بأوهام الأطراف. 43- تخريج أحاديث الأذكار للنّووي. 44- تخريج أحاديث الأربعين للنّووي. 45- تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب. 46- تخريج الأربعين النّووية بالأسانيد العليّة. 47- التّعريج على التّدريج. 48- ترجمة النّووي. 49- تسديد القوس في مختصر مسند الفردوس. 50- التّشويق إلى وصل المهم من التّعليق. 51- تصحيح الرّوضة. 52- تعجيل المنفعة برواية رجال الأئمة الأربعة. 53- التّعريف الأوحد بأوهام من جمع رجال المسند.54- تعريف أولي التّقدير بمراتب الموصوفين بالتّدليس. 55- تعريف الفئة بمن عاش مائة.56- تعقّبات على الموضوعات. 57- تعليق التّعليق. 58- تقريب التّقريب. 59- تقريب التّهذيب. 60- تقريب المنهج بترتيب المدرج. 61- تقويم السّناد بمدرج الإسناد. 62- التّمييز في تخريج أحاديث الوجيز. 63- تهذيب التّهذيب. 64- تهذيب المدرج. 65- توالي التّأسيس بمعالي ابن إدريس. 66- توضيح المشتبه للأزدي في الأنساب. 67- التّوفيق بتعليق التّعليق. 68- الجواب الجليل عن حكم بلد الخليل.69- الجواب الشّافي عن السّؤال الخافي. 70- الخصال المكفّرة للذنوب المقدّمة والمؤخّرة.71- الخصال الواردة بحسن الاتّصال. 72- الدّراية في منتخب تخريج أحاديث الهداية.73- الدّرر. 74- الدّرر الكامنة في أعيان المائة الثّامنة. 75- ديوان شعر. 76- ديوان منظور الدّرر. 77- ذيل الدّرر الكامنة. 78- ردّ المحرم عن المسلم. 79- الرّسالة العزية في الحساب. 80- رفع الإصر عن قضاة مصر. 81- الزّهر المطلول في بيان الحديث المعلول. 82- الزهر النّضر في أنباء الخضر. 83- السّبعة النّيرات في سبعة أسئلة عن السّيد الشريف في مباحث الموضوع. 84- سلوت ثبت كلوت: التقطها من ثبت أبي الفتح القاهريّ. 85- شرح الأربعين النّوويّة. 86- شرح سنن التّرمذي. 87- شرح مناسك المنهاج. 88- شرح منهاج النّووي. 89- شفاء الغلل في بيان العلل. 90- الشّمس المثيرة في معرفة الكبيرة. 91- طبقات الحفّاظ. 92- عرائس الأساس في مختصر الأساس، للزمخشريّ. 93- عشاريات الأشياخ. 94- عشرة أحاديث عشاريّة الإسناد. 95- عشرة العاشر. 96- فتح الباري بشرح البخاري. 97- فضائل شهر رجب. 98- فهرست مرويّاته. 99- فوائد الاحتفال في بيان أحوال الرّجال، لرجال البخاري. 100- الفوائد الجمّة فيمن يجدد الدّين لهذه الأمّة. 101- قذى العين من نظم غريب البين. 102- القصارى في الحديث. 103- القول المسدّد في الذّبّ عن المسند.104- الكاف الشّاف في تحرير أحاديث الكشّاف. 105- كشف السّحر عن حكم الصّلاة بعد الوتر. 106- لذّة العيش بجمع طرق حديث «الأئمّة من قريش» .107- لسان الميزان. 108- المجمع المؤسّس في المعجم المفهرس. 109- مختصر البداية والنّهاية لابن كثير. 110- مختصر تهذيب الكمال. 111- الرحمة الغيثيّة عن التّرجمة اللّيثية. 112- مزيد النّفع بما رجح فيه الوقف على الرفع. 113- المسلسل بالأوليّة بطرق علية. 114- المسند المعتلي بأطراف الحنبلي. 115- المشتبه. 116- المطالب العالية من رواية المسانيد الثّمانية. 117- المطالب العالية في زوائد الثّمانية. 118- المقترب في بيان المضطرب. 119- المقصد الأحمد فيمن كنيته أبو الفضل واسمه أحمد. 120- الممتع في منسك المتمتع. 121- المنحة فيما علق به الشّافعي القول على الصحة. 122- منسك الحج. 123- النبأ الأنبه في بناء الكعبة. 124- نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر. 125- نزهة الألباب في الأنساب. 126- نزهة القلوب في معرفة المبدل عن المقلوب. 127- نزهة النّظر بتوضيح نخبة الفكر. 128- النكت الحديثية على كتاب ابن الصّلاح. 129- نهاية التقريب وتكميل التّهذيب بالتذهيب.130- النيرات السّبعة، ديوان ابن حجر. 131- هداية الرّواة إلى تخريج المصابيح والمشكاة. 132- هدي السّاري لمقدمة فتح الباري»(1). المطلب الثالث : وفاته .توفي الحافظ ابن حجر رحمة الله يوم السبت في الثامن والعشرين، أو التاسع والعشرين من شهر ذي الحجة عام (852هـ) اثنين و خمسين و ثمانمائة ودفن في القاهرة في القرافة(1) الصغرى فرحمه الله رحمة واسعة(2). الفصل الثانيالتعريف بكتابه فتح الباري و الاخـتيارات الفقهـيةوفيه مبحثين : المبحث الأول: التعريف بكتابه فتح الباري . وفيه أربعة مطالب :المطلب الأول : ( اسم الكتاب ) .المطلب الثاني : ( توثيق نسبته إلى المؤلف ) .المطلب الثالث : ( مقدمة الكتاب ) .المطلب الرابع : (كيفية تأليفه والمدة التي مكث في تأليفه) .المبحث الثاني: الاخـتيارات الفقهـية .وفيه أربعة مطالب :المطلب الأول : تعريف الاختيارات .المطلب الثاني : شروط الاخـتيار .المطلب الثالث : تعارض الاختيار الصحيح مع الاختيار الفاسد .المطلب الرابع : حكمة مشـروعية الاخـتيار .المبحث الأول( التعريف بكتابه فتح الباري ) وفيه أربعة مطالب :المطلب الأول : اسـم الكـتاب .اسم الكتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري كما نص على ذلك مؤلفه(1).المطلب الثاني : توثـيق نسـبته إلى المؤلف .إن صحة نسبة كتاب فتح الباري للحافظ ابن حجر لا تكاد تخفي على كل مشتغل بالعلم الشرعي بل ولا على غيرهم ممن ليس من المشتغلين في العلوم الشرعية وهاك أدلة ثبت صحة نسبة هذا الكتاب للحافظ ابن حجر العسقلاني و هي كما يلي :1- الشهرة التي تغني التثبت و التفتيش فقد اشتهر نسبة هذا الكتاب للحافظ منذ عصره إلى وقتنا هذا .2- أن كل من ترجم للحافظ ابن حجر العسقلاني ذكر هذا الكتاب و نسبه إليه بل وعده من أنفع مصنفاته(2).3- ذكر الحافظ لهذا الكتاب في كثير من مصنفاته مثل :أ‌- في الفتح نفسه فقد ذكره و نسبه لنفسه .ب‌- التلخيص الحبير(1).ت‌- الإصابة(2).ث‌- تعجيل المنفعة(3) .ج‌- رفع الإصر عن قضاة مصر(4).ح‌- المجمع المؤسس للمعجم المفهرس(1).المطلب الثالث : مقـدمة الكــتاب .قد ابتدأ الحافظ كتابه فتح الباري بمقدمة نفيسه "سماها هدي الساري" بيّن فيها سبب تأليفه لهذا الكتاب و ذكر فيها فصول عشرة متعلقة بكتاب صحيح البخاري.قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: (( وقد استخرت الله تعالى في أن أضم إليه نبذا شارحة لفوائده موضحة لمقاصده كاشفة عن مغزاه في تقييد أوابده(2)واقتناص شوارده وأقدم بين يدي ذلك كله مقدمة في تبيين قواعده وتزيين فرائده جامعة وجيزة دون الإسهاب وفوق القصور سهلة المأخذ تفتح المستغلق وتذلل الصعاب وتشرح الصدور وينحصر القول فيها إن شاء الله تعالى في عشرة فصول)) (1).المطلب الرابع : كيفية تأليفه والمدة التي مكث في تأليفه . استغرق الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في تأليف الكتاب خمس و عشرين سنة.قال السخاوي(2): (( وكان الابتداء فيه في أوائل سنة سبع عشر و ثمانمائة على طريق الإملاء ثم صار يكتب من خطه مداولة بين الطلبة شيئاً فشيئاً و الاجتماع في يوم من الأسبوع للمقابلة والمباحثة و ذلك بقراءة شيخنا العلامة ابن الخضر(3)إلى أن انتهى في أول يوم من رجب سنة اثنين و أربعين وثمانمائة سوى ما ألحق فيه بعد ذلك فلم ينته إلا قبيل وفاة المؤلف بيسير وجاء بخط مؤلفه في ثلاثة عشر سفرا وبيض في عشر و عشرين وثلاثين، وأزيد وأقل))(4).المبحث الثاني( الاختيـارات الفقهـيــة ) وفيه أربعة مطالب: المطلب الأول : تعريف الاختيارات .جعل الله تعالى طبائع البشر مختلفة ورغباتهم متنوعة وما تلك إلا لرحمته وحكمته سبحانه، فجعلهم يختلفون في غالب مسائل الحياة قال تعالى: ((ولايزالون مختلفين)) (1). وفي أمور الدين تظهر تلك جليا وما ذاك إلا لإظهار محاسن هذا الدين العظيم ولإعلام البشر أن ديننا يسر لا عسر فيه وسعة لا ضيق فيه ، فالاختلاف رحمة، وجعل للمجتهد أجرين ، مما جعل المجتهدين من أهل العلم يجتهدون ويختارون من الأقوال في مسائل العلم وأبوابه، مما هو موافق للدليل، فلذلك اختلفت نظرات المحققين في تعريف الاختيارات العلمية .فالاختيار: هو بيانٌ للقول الذي تخيره الفقيه من بين جملة أقوال في المسألة، قد يحدده الاصطلاح بمجال معين كأن يكون من خارج المذهب الذي ينتسب إليه صاحب الاختيار، وقد لا يحدد بذلك(2). وَفِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ عَرَّفَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ " الْقَصْدُ إِلَى أَمْرٍ مُتَرَدِّدٍ بَيْنَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ دَاخِلٍ فِي قُدْرَةِ الْفَاعِل بِتَرْجِيحِ أَحَدِ الأْمْرَيْنِ عَلَى الآْخَرِ "(3)، وَلَخَّصَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِمْ: الْقَصْدُ إِلَى الشَّيْءِ وَإِرَادَتُهُ "(1) وَعَرَّفَهُ الْجُمْهُورُ " أَنَّهُ الْقَصْدُ إِلَى الْفِعْل وَتَفْضِيلُهُ عَلَى غَيْرِهِ (2). وقد تبين لي من خلال هذين التعريفين، ومن خلال قراءاتي لكلام أهل الشأن أن الاختيارات الفقهية هي جمع للاختيار الفقهي، والاختيار الفقهي هو: ما يرجحه الفقيه من رأيٍ على آخر في المسائل الفقهية المختلف فيها لمسوغ يستند إليه.المطلب الثاني : شروط الاخـتيار .لكي يكون الاختيار صحيحًا لا بد أن يكون من له الاختيار مكلفًا، وأن يكون في قصده مستبِدًّا، أي: لا سلطان لأِحدٍ عليه. وعلى هذا فإن الاختيار يكون فاسدًا إذا اختل شرط من شروط التكليف، بأن كان من له الاختيار مجنونًا، أو صغيرًا غير مميزٍ، أو كان اختياره مبنيًّا على اختيار غيره، فإذا اضطرَّ إلى مباشرةِ أمرٍ بالإكراه الملجئ، كان قصده بالمباشرة دفع الإكراه حقيقةً، فيصير الاختيار فاسدًا؛ لابتنائه على اختيار المكره - بالكسر - وإن لم ينعدم أصلاً (3).المطلب الثالث : تعارض الاختيار الصحيح مع الاختيار الفاسد . إذا تعارض الاختيار الفاسد والاختيار الصّحيح، وجب ترجيح الاختيار الصحيح على الاختيار الفاسد إن أمكن نسبة الفعل إلى الاختيار الصحيح. وإن لم يمكن نسبته إلى الاختيار الصحيح بقي منسوبًا إلى الاختيار الفاسد، كما هو الحال في الإكراه على الأقوال وعلى الأفعال التي لا يصلح أَن يكون فيها الإنسان آلةً لغيره، كالأكل والوطء ونحوهما(1).المطلب الرابع : حكمة مشـروعية الاخـتيار .شرع الاختيار لتحقيق مصالح العباد التي هي غاية منْ غايات الشريعة، وهذه المصلحة قد تكون مصلحةً فرديةً للمختار نفسه أو غيره عندما يكون محل الاختيار قاصرًا عليه لا يتعدَاه إلى غيره. وقد تكون المصلحة التي يجب توخيها في الاختيار مصلحةً جماعيةً. (2). الباب الثاني اختيارات ابن حجر العسقلاني الفقهية في الحج الفصل الأول( الحـج وجـوبه وفضـله ) وفيه ست مسائل :المسألة الأولى : تعريف الحج واختلاف الفقهاء في صيغه .المسألة الثانية : وجوب الحج على الفور واختلاف الفقهاء فيه.المسألة الثالثة : تعيين السنة التي فرض فيها الحج .المسألة الرابعة : اختلاف الفقهاء في بيان الأفضلية للحاج من الركوب والمشي.المسألة الخامسة : تكفير الحج لكبائر الذنوب؛ واختلاف الفقهاء فيه.المسألة السادسة : بيان الجدال المنهي عنه في الحج . المسألة الأولىتعريف الحج واختلاف الفقهاء في صيغه قال ابن حجر في تعريف الحج: «وأصل الحج في اللغة القصد، وقال الخليل(1): كثرة القصد إلى معَظّمٍ، وفي الشرع: القصد إلى البيت الحرام بأعمال مخصوصة، وهو بفتح المهملة وبكسرها؛ لغتان، نقل الطبري(2) أن الكسر لغة أهل نجد والفتح لغيرهم »(3).فالحج لغة : هو القصد.فقد جاء في المزهر « أن الحج أصله الشيء قصْدُ الشيء وتجريدك له»(4).وجاء النهاية : « الحَجُّ فِي اللُّغَةِ : القَصْد إِلَى كلِّ شَيْءٍ »(1). وقد اختلف الفقهاء في تعريف الحج :• فالحنفيةُ عرفوا الحجَّ بأنه : عِبَارَةٌ عَنْ زِيَارَةِ الْبَيْتِ عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ لأَدَاءِ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الدِّينِ عَظِيمٍ، وما يتبع ذلك من النية والعزيمة والسفر من الأماكن البعيدة.وقد جاء في المبسوط : «عبارة عَنْ زِيَارَةِ الْبَيْتِ عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ لأَدَاءِ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الدِّينِ عَظِيمٍ، وَلا يُتَوَصَّلُ إلَى ذَلِكَ إلا بِقَصْدٍ، وَعَزِيمَةٍ، وَقَطْعِ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ»(2).• وأما المالكية فقد عرفوا الحج بأنه : قصد مكة المشرفة للنسك .وقد جاء في فقه العبادات : ((....قصد مكة المشرفة للنسك. وحقيقته: حضور المارّ أو الجالس أو المضطجع بعرفة ساعة زمنية ولو كانت بمقدار الجلسة بين السجدتين من ليلة يوم النحر، وطوافٌ بالبيت سبعاً، وسعي بين الصفا والمروة سبعاً بإحرام )) (3). • وأما الشافعية فقد عرفوا الحج بأنه : قصد الكعبة للنسك .فقد جاء في إعانة الطالبين : « (..... قصد الكعبة للنسك الآتي) أي الأفعال الآتية، من إحرام، ووقوف، وطواف، وسعي، وحلق، مع ترتيب المعظم»(1). • وأما الحنابلة فقد عرفوا الحج بأنه: « أعمال مخصوصة في زمان مخصوص ومكان مخصوص على وجه مخصوص، أو قصد مكة لعمل مخصوص في زمن مخصوص»(2). وجاء في المغني : « والحج في الشرع: اسم لأفعال مخصوصة»(3). وجاء في شرح الزركشي : « وفي الشرع: عبارة عن القصد إلى محل مخصوص مع عمل مخصوص »(4). وجاء في الإقناع : « قصد مكة للنسك في زمن مخصوص »(5). • وأما الحافظ ابن حجر – رحمه الله - فعرفه بقوله: «وفي الشرع: القصد إلى البيت الحرام بأعمال مخصوصة»(1).والتعريف ينبغي أن يكون جامعاً مانعاً، فتعريف الحج ينبغي اشتماله على الزمان المخصوص والمكان المخصوص والأعمال المخصوصة لئلا يدخل فيه غيره. فعلى هذا يكون تعريف الحافظ – رحمه الله – قاصراً، إذ أنه ذكر المكان والأعمال؛ إلا أنه لم يذكر فيه زمن الحج ووقته، فخرج عن كونه جامعاً. المـوازنـة :- تبين لي مما سبق أن هناك اختلافاً في صيغ المذاهب الأربعة لتعريف الحج، لكن كل صيغة منها تؤدي إلى معنى واحد، وهو: أن الحج عبارة عن قصد وزيارة لبيت الله الحرام لأداء شعيرة الحج، إلا أن الصيغ كلها فيها قصور لأنها لم تكن جامعة مانعة ما عدا صيغة الحنابلة؛ فقد أهملت صيغ المذاهب الثلاثة أن هذا القصد والزيارة في زمن مخصوص، في حين أن الحنابلة بين ذلك؛ فتكون الصيغة الجامعة لتعريف الحج هي صيغة الحنابلة، وهي: قصد بيت الله الحرام في زمن مخصوص لعمل مخصوص.- والذي أراه أن تعريف الحج هو: قصد مكة في زمن مخصوص لعمل مخصوص على صفة مخصوصة تعبدا لله – عز وجل-. والله أعلم المسألة الثانيةوجوب الحج على الفور واختلاف الفقهاء فيهقال ابن حجر: «واختلف هل هو على الفور أو التراخي وهو مشهور»(1).اختلف الفقهاء في أن الحج هل هو واجب على الفور؛ بحيث إن المسلم أول ما تتوفر فيه شروط الوجوب يقدُمُ مكةَ للحج، وإلا فإنه يكون آثما، أو على التراخي؛ بحيث إنه يجوز له تأخيره إلى وقت يناسبه وإن توفرت فيه جميع شروط الوجوب؟وفيما يلي آراء أهل المذاهب الأربعة في كونه واجبا على الفور أم على التراخي:• ذهب الحنفية إلى : أن الحج يجب على الفور . فقد جاء في المبسوط(2): « يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ حَتَّى يَأْثَمَ بِالتَّأْخِيرِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ(3)».• وأما المالكية فذهبوا إلى: أن الحج يجب على الفور، وفي رواية: يجب على التراخي.فقد جاء في البيان والتحصيل: « واختلف في الحج هل هو على الفور أو على التراخي؟ فحكى ابن القصار(1) عن مالك أنه عنده على الفور»(2).وجاء في بداية المجتهد : « فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ عَلَى الْفَوْرِ، أَوْ عَلَى التَّرَاخِي؟ وَالْقَوْلانِ مُتَأَوَّلانِ عَلَى مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَالظَّاهِرُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي وَبِالْقَوْلِ إِنَّهَا عَلَى الْفَوْرِ »(3) .• وذهبت الشافعية إلى: أن الحج يجب على التراخي. فقد جاء في البيان: « ويجوز له أداؤه على التراخي»(4).وجاء في الحاوي الكبير: « كُلُّ مَنْ لَزِمَهُ فَرْضُ الْحَجِّ فَالأَوْلَى بِهِ تَقْدِيمُهُ وَيَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُهُ، وَفِعْلُهُ مَتَى شَاءَ »(1).• وذهبت الحنابلة: أن الحج يجب على الفور. قال ابن قدامة(2): « وجملة ذلك أن من وجب عليه الحج، وأمكنه فعله، وجب عليه على الفور، ولم يجز له تأخيره »(3). وجاء في المبدع: «وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ ،وَلَمْ يَجُزْ لَهُ تَأْخِيرُهُ، وَيَأْتِي بِهِ على الفور»(4). • وذهب ابن حجر بعد أن نقل الخلاف حيث قال: «واختلف هل هو على الفور أو التراخي وهو مشهور»(5).وقال في موضع آخر: «والحج فلا يجب إلا مرة على التراخي»(6).ومن أدلة ابن حجر التي ساقها في ذلك حديث معاذ بن جبل(1) ، حيث قال ابن حجر: «قال ابن بطال(2): لم يذكر الزكاة والحج لكونه لم يكن فرض، قلت – ابن حجر- بل سقط ذكره على أحد الرواة فقد ثبت الحج في الترمذي في حديث معاذ بن جبل»(3). وحديث معاذ الذي استدل به: عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَصَلَّى الصَّلَوَاتِ وَحَجَّ البَيْتَ - لا أَدْرِي أَذَكَرَ الزَّكَاةَ أَمْ لا - إِلا كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ، إِنْ هَاجَرَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ مَكَثَ بِأَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ بِهَا» قَالَ مُعَاذٌ: أَلا أُخْبِرُ بِهَذَا النَّاسَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَرِ النَّاسَ يَعْمَلُونَ»(4). وشاهده فيه: ثبوت الحج في أصل المتن، وهو قوله:« مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَصَلَّى الصَّلَوَاتِ وَحَجَّ البَيْتَ». وبهذا يتبين أن الحافظ ابن حجر – رحمه الله – قد وافق المالكية والشافعية في أن وجوب الحج على التراخي لا على الفور.• المــوازنـة :- تبين لنا أن الفقهاء الأربعة اختلفوا في المسألة على فريقين:- الفريق الأول: الحنفية (وأبو يوسف(1) ) والحنابلة، والمالكية في أحد قوليهم؛ ذهبوا إلى: أن الحج يجب على الفور.- والفريق الثاني: الشافعية، والمالكية في القول الثاني؛ ذهبوا إلى: أن الحج يجب على التراخي. • أدلة الفريق الأول:استدل هذا الفريق القائل بوجوب الحج على الفور، بأن « آيات من كتاب الله تعالى يفهم منها ذلك، وهي على قسمين: قسم منهما: فيه الدلالة على وجوب المبادرة إلى امتثال أوامره جل وعلا، والثناء على من فعل ذلك. والقسم الثاني: يدل على توبيخ من لم يبادر، وتخويفه من أن يدركه الموت قبل أن يمتثل؛ لأنه قد يكون اقترب أجله، وهو لا يدري»( ). « أما آيات القسم الأول فكقوله { وسارعوا إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السماوات والأرض أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }( ) ، وقوله تعالى { سابقوا إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السمآء والأرض }( )الآية ، فقوله { وسارعوا } وقوله {سابقوا إلى مَغْفِرَةٍ } فيه الأمر بالمسارعة ، والمسابقة إلى مغفرته ، وجنته جل وعلا ، وذلك بالمبادرة ، والمسابقة إلى امتثال أوامره ، ولا شك أن المسارعة والمسابقة كلتاهما على الفور، لا على التراخي وكقوله {فاستبقوا الخيرات}( ) الآية ، ويدخل فيه الاستباق إلى الامتثال وصيغ الأمر في قوله {وسارعوا } وقوله : { سابقوا } ، وقوله { فاستبقوا } تدل على الوجوب ،لأن الصحيح المقرر في الأصول: أن صيغة أفعل إذا تجردت عن القرائن، اقتضت الوجوب ،وذلك لأن الله تعالى يقول{فَلْيَحْذَرِ الذين يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}( )وقال جل وعلا { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيرة مِنْ أَمْرِهِمْ }( ) فصرح جل وعلا ، بأن أمره قاطع للاختيار ، موجب للامتثال ، وقد سمى نبيه موسى عليه ، وعلى نبينا الصلاة والسلام مخالفة الأمر معصية، وذلك في قوله{ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي }( )يعني قوله له :{ اخلفني فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ المفسدين }( ) وإنما قال موسى ذلك لأخيه هارون، قبل أن يعلم حقيقة الحال ، فلما علمها قال : { رَبِّ اغفر لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الراحمين }( )ومما يدل على اقتضاء الأمر الوجوب : أن الله جل وعلا ، عنف إبليس ، لما خالف الأمر بالسجود، وذلك في قوله{قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ}( ) ومن الآيات التي فيها الثناء على المبادرين إلى امتثال أوامر ربهم قوله تعالى: { إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي الخيرات }( )الآية . وقوله تعالى { أولئك يُسَارِعُونَ فِي الخيرات وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ }( ). وأما القسم الدال على التخويف من الموت ، قبل الامتثال المتضمن الحث على الامتثال : فهو أن الله جل وعلا ، أمر خلقه بأن ينظروا في غرائب صنعه ، وعجائبه كخلقه للسماوات والأرض ، ونحو ذلك في الآيات من كتابه كقوله { قُلِ انظروا مَاذَا فِي السماوات والأرض }( )الآية . وقوله تعالى { أَفَلَمْ ينظروا إِلَى السماء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ }( ) وقوله { أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإبل كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السماء كَيْفَ رُفِعَتْ وإلى الجبال كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الأرض كَيْفَ سُطِحَتْ }( ). ثم ذكر في آية أخرى ما يدل على أن ذلك النظر مع لزومه يجب معه النظر في اقتراب الأجل ، فقد يقترب أجله ، ويضيع عليه أجر الامتثال بمعالجة الموت ، وذلك في قوله تعالى { أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السماوات والأرض وَمَا خَلَقَ الله مِن شَيْءٍ وَأَنْ عسى أَن يَكُونَ قَدِ اقترب أَجَلُهُمْ }( ) إذ المعنى : أو لم ينظروا في أنه عسى أن يكون أجلهم قد اقترب ، فيضيع عليهم الأجر بعدم المبادرة قبل الموت ، وفي الآية دليل واضح ، على أن الإنسان يجب عليه أن يبادر إلى امتثال الأمر ، خشية أن يعاجله الموت قبل ذلك»( ).
 
إنضم
3 أبريل 2018
المشاركات
112
الإقامة
مكة المكرمة - حي العوالي
الجنس
ذكر
الكنية
أبو زيد
التخصص
شريعة إسلامية
الدولة
سورية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: المنهج في دراسة الاختيارات الفقهية

ومن أدلتهم على أن وجوب الحج على الفور . منها ما أخرجه أحمد: عن ابن عباس( )رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ -يَعْنِي الْفَرِيضَةَ- فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ »( ). • أدلة الفريق الثاني:-واستدل الفريق الثاني القائل بوجوب الحج على التراخي بأن « الحج فرض عام ست من الهجرة ، ولا خلاف أن آية { وَأَتِمُّواْ الحج والعمرة للَّهِ }( )الآية نزلت عام ست من الهجرة في شأن ما وقع في الحديبية( )من إحصار المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وهم محرمون بعمرة ، وذلك في ذي القعدة من عام ست بلا خلاف ، ويدل حديث كعب بن عجرة( )الذي نزل فيه {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ }( ) وذلك متصل بقوله : { وَأَتِمُّواْ الحج والعمرة للَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا استيسر مِنَ الهدي وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حتى يَبْلُغَ الهدي مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً }( ) الآية »( ) . ومن أدلتهم: ما جاء في قصة ضمام بن ثعلبة السعدي( )رضي الله عنه في حديث أنس بن مالك( ) : « ..قال : وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ، قال : صدق ، ثم ولى قال : والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ، ولا أنقص منهن ، فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم : لئن صدق ، ليدخلن الجنة »( )، قالوا : هذا الحديث الصحيح جاء فيه وجوب الحج ، وقد ذكر الواقدي( ): أن قدوم الرجل المذكور وهو ضمام بن ثعلبة كان عام خمس ، قالوا: وعن كريب( )فقال فيه : بعث بنو سعد ضماماً في رجب سنة خمس ، فدل ذلك على أن الحج كان مفروضاً عام خمس ، فتأخيره صلى الله عليه وسلم الحج إلى عام عشر دليل على أنه على التراخي ، لا على الفور »( ). • الترجــيح : والذي يظهر ويتضح لي – والله أعلم – أن القول الراجح هو أن الحج واجب على الفور ؛«لما تقدم ذكره من النصوص الدالة على الأمر بالمبادرة ، وللخوف من مباغتة الموت كقوله : { وسارعوا إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ }( )الآية ، وكقوله: { أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السماوات والأرض وَمَا خَلَقَ الله مِن شَيْءٍ وَأَنْ عسى أَن يَكُونَ قَدِ اقترب أَجَلُهُمْ}( )، ولأن النصوص الشرعية دلت على أن أوامر الله تجب على الفور، وأما سبب تأخير النبي – صلى الله عليه وسلم- إلى سنة عشر لانشغاله باستقبال الوفود في السنة التاسعة، ولأجل أن الكعبة يطوف حولها المشركون؛ فأراد أن يحج بعد تطهير البيت من المشركين، ولم يتحقق له ذلك إلا في السنة العاشرة»( ).
 
إنضم
3 أبريل 2018
المشاركات
112
الإقامة
مكة المكرمة - حي العوالي
الجنس
ذكر
الكنية
أبو زيد
التخصص
شريعة إسلامية
الدولة
سورية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: المنهج في دراسة الاختيارات الفقهية

المسألة الثالثةتعيين السنة التي فرض فيها الحج قال ابن حجر: « ( اختلف في سنته فالجمهور على أنها سنة ست)( ).- وقال في دليلهم: - لأنها نزل فيها قوله تعالى: (( وأتموا الحج والعمرة لله ))( ) .- ووجه ابن حجر استدلالهم -(وبنى) على أن المراد بالإتمام ابتداء الفرض »( ). اختلف أهل العلم في السنة التي فرض فيها الحج؛ فذهب بعضهم إلى أنه فرض سنة ست، وبعضهم إلى أنه سنة تسع .- ونأتي إلى ما قاله أهل المذاهب الأربعة في تعيين السنة التي فرض فيها الحج.• فذهب الحنفية إلى: أن الحج فرض في سنة تسع.فقد جاء في رد المختار حاشية الدر المختار : « الصَّحِيحَ أَنَّ الْحَجَّ فُرِضَ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ تِسْعٍ »( ).• وذهبت المالكية أيضا إلى: أن الحج فرض في سنة تسع.فقد جاء في البيان والتحصيل : « مسألة وسئل مالك من أول من أقام للناس الحج؟ قال: أبو بكر الصديق، قيل له: في أي سنة؟ قال: في سنة تسع »( ).وجاء في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل : « وَإِنَّمَا فُرِضَ الْحَجُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا}( )وَهَذِهِ نَزَلَتْ سَنَةَ تِسْعٍ .. »( ).• وذهبت الشافعية إلى : أن الحج فرض في سنة ست.وجاء في الحاوي الكبير: « أَنَّ فَرِيضَةَ الْحَجِّ نَزَلَتْ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ ..»( ). وجاء في المهذب أن : « فريضة الحج نزلت سنة ست.. »( ).• وذهبت الحنابلة إلى: أن الحج فرض سنة تسع . جاء في الإنصاف: « الصَّحِيحُ أَنَّ الْحَجَّ فُرِضَ سَنَةَ تِسْعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ »( ).وجاء في الفروع: « وَفَرْضُ الْحَجِّ سَنَةَ تِسْعٍ »( ).• أما الحافظ ابن حجر فقد نقل الخلاف فقال: ( اختلف في سنته فالجمهور على أنها سنة ست)( ). وقال في موضع آخر وهو يرد على عدم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فريضة الحج في حديث وفد عبد القيس حيث قال: «وما ذكره القاضي عياض( ) من أن السبب في كونه لم يذكر الحج في الحديث لأنه لم يكن فرض هو المعتمد وقد قدمنا الدليل على قدم إسلامهم لكن جزم القاضي بأن قدومهم كان في سنة ثمان قبل فتح مكة تبع فيه الواقدي( ) وليس بجيد لأن فرض الحج كان سنة ست على الأصح»( ).ومن أدلة الحافظ ابن حجر القرآن والقراءات الواردة، حيث قال: «سنة ست لأنها نزل فيها قوله تعالى: ((وأتموا الحج والعمرة لله..)) ( ) وهذا ينبني على أن المراد بالإتمام ابتداء الفرض ويؤيده قراءة علقمة( ) ومسروق( ) وإبراهيم النخعي( ) بلفظ وأقيموا أخرجه الطبري بأسانيد صحيحة عنهم»( ). وهذه القراءات أخرجها الإمام ابن جرير الطبري( ) في تفسيره، حيث أخرج بسنده قال: « عن إبراهيم أنه قرأ:" وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت"، وعن علقمة أنه قرأ:" وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت»( ).وشاهده فيه اعتماد القراءة الواردة عن هؤلاء الأئمة في أن الإتمام بمعنى الإقامة.وعلى هذا فقد وافق الحافظ ابن حجر فيه الشافعية في أن الحج فرض في السنة السادسة خلافاً لرأي الجمهور.• المـوازنـة :تبين لنا أن الفقهاء الأربعة اختلفوا في المسألة على فريقين: الفريق الأول: الحنفية، والمالكية، والحنابلة ؛ ذهبوا إلى: أن الحج فرض عام تسع.والفريق الثاني: الشافعية؛ ذهبوا إلى : أن الحج فرض عام ست .• أدلة الفريق الأول:استدل الفريق الأول القائل بفرضية الحج عام تسع، بأن « صدر سورة آل عمران نزل عام الوفود( )،وفيه : قدم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصالحهم على أداء الجزية( )، والجزية : إنما نزلت عام تبوك( )سنة تسع ، وفيها نزل صدر سورة آل عمران ، وناظر أهل الكتاب ودعاهم إلى التوحيد والمباهلة ، ويدل عليه أن أهل مكة ، وجدوا في نفوسهم على ما فاتهم من التجارة من المشركين ، لما أنزل الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إِنَّمَا المشركون نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ المسجد الحرام بَعْدَ عَامِهِمْ هذا }( ). فأعاضهم الله تعالى من ذلك الجزية ، ونزول هذه الآيات ، والمناداة بها إنما كان عام تسع وبعث الصديق رضي الله عنه بذلك في مكة في موسم الحج ، وأردفه بعلي رضي الله عنه.وأجمعوا: على وجوب إتمامها بعد الشروع فيها ، كما هو ظاهر الآية ، وأن قصة ضمام بن ثعلبة( )،كانت عام تسع كما رجحه ابن حجر وغيره »( ).• أدلة الفريق الثاني: استدل الفريق الثاني القائل بفرضية الحج عام ست، بأنه « لا خلاف أن آية {وَأَتِمُّواْ الحج والعمرة للَّهِ }( )الآية نزلت عام ست من الهجرة في شأن ما وقع في الحديبية من إحصار المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم محرمون بعمرة ، وذلك في ذي القعدة من عام ست بلا خلاف ، ويدل عليه ما تقدم في حديث كعب بن عجرة( )الذي نزل فيه { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ }( )وذلك متصل بقوله : { وَأَتِمُّواْ الحج والعمرة للَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا استيسر مِنَ الهدي وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حتى يَبْلُغَ الهدي مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً}( )الآية .استدلوا لذلك بما ورد في قصة ضمام بن ثعلبة السعدي( )رضي الله عنه : عن أنس بن مالك( )قال : (..وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ، قال : صدق ، ثم ولى قال : والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ، ولا أنقص منهن ، فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم : لئن صدق ، ليدخلن الجنة )( )،قالوا: هذا الحديث الصحيح جاء فيه وجوب الحج »( ).• الترجـيح :والذي يظهر لي – والله أعلم – أن القول الراجح هو قول الفريق الأول أن الحج فرضت في السنة التاسعة لقوة أدلته ووضوحها.وأما ما نقله الحافظ ابن حجر عن الجمهور وأنهم قالوا إن ذلك كان في السنة السادسة، فما نقلته كان هكذا في الفتح بنصه، ولم أقف في كلام الحافظ على مفهوم الجمهور في هذا الموطن، لأن نقل كلام الجمهور عند الإطلاق ينصرف إلى جمهور العلماء، لأن كتاب الفتح ليس كتاب لتقرير مذهب الشافعية مثلاً، فعند إطلاق لفظ الجمهور ينصرف إلى المعنى العام المتعارف عليه وليس جمهور مذهب بعينه، ولعل هناك تصحيف ما وقع، والله أعلم.
 
إنضم
3 أبريل 2018
المشاركات
112
الإقامة
مكة المكرمة - حي العوالي
الجنس
ذكر
الكنية
أبو زيد
التخصص
شريعة إسلامية
الدولة
سورية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: المنهج في دراسة الاختيارات الفقهية

المسألة الرابعةاختلاف الفقهاء في بيان الأفضلية للحاج من الركوب والمشي قال ابن حجر: «قال ابن المنذر(1) اختلف في الركوب والمشي للحجاج أيهما أفضل فقال الجمهور الركوب أفضل لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ولكونه أعون على الدعاء والابتهال ولما فيه من المنفعة وقال إسحاق بن راهويه(2) المشي أفضل لما فيه من التعب ويحتمل أن يقال يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص»(3). - ذكر أقوال المذاهب الأربعة في الأفضلية للحاج في هذه المسألة:• ذهبت الحنفية إلى : أن الحج راكبا أفضل من المشي .فقد جاء في الجوهرة النيرة: « أَنَّ الْحَجَّ رَاكِبًا أَفْضَلُ»(4).وجاء في مجمع الأنهر: « الْحَجُّ رَاكِبًا أَفْضَلُ مِنْ الْحَجِّ مَاشِيًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى»(5). • وذهبت المالكية إلى : أن الركوب أفضل من المشي .فقد جاء في المواهب الجليل: « أَنَّ الرُّكُوبَ أَفْضَلُ »(1).وجاء في الذخيرة : « الحج راكبا أفضل »(2).• وذهبت الشافعية إلى : أن الركوب أفضل من المشي. فقد جاء في المجموع شرح المهذب: «أَنَّ الصَّحِيحَ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّ الرَّاكِبَ أَفْضَلُ»(3).• وأما الحنابلة ذهبوا إلى : أن المشي أفضل من الركوب .فقد جاء في مسائل الإمام الأحمد : « كره أحمد الركوب إلا من علة»(4). وجاء في الانصاف : « الْمَشْيُ أَفْضَلُ »(5).• تتبعت استنباطات الحافظ ابن حجر من الأدلة في مسألة الأفضلية بين الركوب والمشي فرأيته في موضع استدل: بحديث أنس رضي الله عنه(1)، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى شيخا يهادى بين ابنيه، قال: «ما بال هذا؟» ، قالوا: نذر أن يمشي، قال: «إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني» ، وأمره أن يركب»(2). ثم قال: قال: «وإنما لم يأمره بالوفاء بالنذر إما لأن الحج راكبا أفضل من الحج ماشيا فنذر المشي يقتضي التزام ترك الأفضل فلا يجب الوفاء به»(3). وفي موضع آخر استدل:بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما(4)«أن إهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذي الحليفة(5) حين استوت به راحلته»(6). ثم قال: « ... ليس في الحديثين شيء مما ترجم الباب به، ورُدَ بأن فيهما الإشارة إلى أن الركوب أفضل فيؤخذ منه جواز المشي»(1). ومن هنا ظهر لي من خلال ذلك ميل الحافظ ابن حجر إلى أن الركوب أفضل، وقد وافق في ذلك جمهور العلماء. وفي موضع آخر ذكر العلة في كون الركوب أفضل فقال: «لكونه صلى الله عليه وسلم وقف راكبا ومن حيث النظر فإن في الركوب عونا على الاجتهاد في الدعاء والتضرع المطلوب حينئذ»(2). المـوازنـة : - تبين لنا أن الفقهاء الأربعة اختلفوا في المسألة على فريقين:- الفريق الأول: الحنفية، والمالكية، الشافعية و ؛ ذهبوا إلى: أن الحج راكبا أفضل من المشي.- والفريق الثاني: الحنابلة ؛ ذهبوا إلى : أن الحج ماشيا أفضل .• أدلة الفريق الأول :-1- اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم(1).2- لأن المشي يجهد الإنسان، ويسيء خلقه، فلا يأمن أن يأثم في إحرامه(2).3- أَنَّ الْمَشْيَ يُسِيءُ خُلُقَهُ وَرُبَّمَا يَقَعُ فِي الْمُنَازَعَةِ وَالْجِدَالِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ(3).4- لأَنَّ الركوب أَعْوَنُ لَهُ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى مُهِمَّاتِ الْعِبَادَةِ(4).• أدلة الفريق الثاني :-1- حديث عائشة رضي الله عنها(5): أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «ولكنَّها على قدر نفقتكِ أو نصبِك»(6).2- قَالَتْ عَائِشَةُ(1)يَا رَسُولَ اللهِ « أَيَصْدُرُ النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ وَأَصْدُرُ بِنُسُكٍ وَاحِدٍ , فَقَالَ لَهَا: " انْتَظِرِي فَإِذَا طَهُرْتِ فَاخْرُجِي إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهِلِّي مِنْهُ ثُمَّ ائَتِينَا مَكَانَ كَذَا وَكَذَا ولكنه على قدر عنائكِ ونصبك »(2) .3- وعن ابن عباس(3) قال : « ما آسى على شيء ما آسى أني لم أحج ماشياً » (4).4- وعن ابن عباس قال: « ما ندمت على شيء فاتني في شبابي ، إلا أني لم أحج ماشياً» (5).5- وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ(1) مَرْفُوعًا: ( مَنْ حَجَّ مِنْ مَكَّةَ مَاشِيًا حَتَّى يَرْجِعَ إلَى مَكَّةَ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ سَبْعَمِائَةِ حَسَنَةٍ كل حسنة مِثل حَسَنَاتِ الْحَرَمِ، وَقِيلَ لَهُ: وَمَا حَسَنَاتُ الْحَرَمِ؟ قَالَ: بِكُلِّ حَسَنَةٍ مِائَةُ أَلْفِ حَسَنَةٍ ) (2).6- لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدَّمَ الْمُشَاةَ فَقَالَ تَعَالَى: {يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ}(3).• الترجـيح :والذي يترجح عندي – والله أعلم - هو القول الأول، وهو أن الركوب أفضل من المشي اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم. وليكون أوفق له على تجميع نفسه واجتهاده في الدعاء والتضرع لله جل وعلا. والله تعالى أعلم
 
أعلى