العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الميزان الصحيح في مسائل الأصول: تأصيل ظاهري محض

إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
السلام عليكم...

قال الشوكاني في منتهى الأرب في أدب الطلب "174": ومن أسباب التعصب الحائلة بين من أصيب بها وبين المتمسك بالإنصاف: التباس ما هو من الرأي البحت بشيء من العلوم التي هي مواد الاجتهاد. وكثيراً ما يقع ذلك في أصول الفقه فإنه قد اختلط فيها المعروف بالمنكر والصحيح بالفاسد والجيد بالرديء، فربما يتكلم أهل هذا العلم على مسائل من مسائل الرأي ويحررونها ويقررونها، وليست منه في شيء ولا تعلق لها به بوجه. فيأتي الطالب لهذا العلم إلى تلك المسائل فيعتقد أنها منه فير إليها المسائل الفروعية، ويرجع إليها عند تعارض الأدلة. ويعمل بها في كثير من المباحث، زاعماً أنها من أصول الفقه. ذاهلاً عن كونها من علم الرأي. ولو علم بذلك لم يقع فيه ولا ركن إليه. فيكون هذا

وأمثاله قد وقعوا في التعصب وفارقوا مسلك الإنصاف، ورجعوا إلى علم الرأي وهم لا يشعرون بشيء من ذلك ولا يفطنون به، بل يعتقدون أنهم متشبثون بالحق متمسكون بالدليل واقفون على الإنصاف خارجون عن التعصب. وقلَّ من يسلم من هذه الدقيقة وينجو من غبار هذه الأعاصير. بل هم أقل من القليل. وما أخطر ذلك وأعظم ضرره وأشد تأثيره وأكثر وقوعه وأسرع نفاقه على أهل الإنصاف وأرباب الاجتهاد.
فإن قلتَ: إذا كان هذا السبب كما زعمت من الغموض والدقة ووقوع كثير من المنصفين فيه وهم لا يشعرون فما أحقه بالبيان وأولاه بالإيضاح وأجدره بالكشف حتى يتخلص عنه الواقعون فيه وينجوا منه المتهافتون إليه؟
قلتُ: اعلم أن ما كان من أصول الفقه راجعاً إلى لغة العرب رجوعاً ظاهراً مكشوفاً كبناء العام على الخاص. وحمل المطلق على المقيد ورد المجمل إلى المبيَّن. وما يقتضيه الأمر والنهي ونحو هذه الأمور. فالواجب على المجتهد أن يبحث عن مواقع الألفاظ العربية. وموارد كلام أهلها وما كانوا عليه في مثل ذلك. فما وافقه فهو الأحق بالقبول والأولى بالرجوع إليه. فإذا اختلف أهل الأصول في شيء من هذه المباحث كان الحق بيد من هو أسعد بلغة العرب. هذا على فرض عدم وجود دليل شرعي يدل على ذلك. فإن وجد فهو المقدم على كل
شيء وإذا أردت الزيادة في البيان والكثير من الإيضاح بضرب من التمثيل وطرف من التصوير: فاعلم، أنه قد وقع الخلاف في أنه هل يُبنى العام على الخاص مطلقاً أو مشروطاً بشرط أن يكون الخاص متأخراً. ووقع الخلاف في أنه هل يُحمل المطلق على المقيّد مع اختلاف السبب أم لا. ووقع الخلاف في معنى الأمر الحقيقي هل هو الوجوب أو غيره. ووقع الخلاف في معنى النهي الحقيقي هل هو التحريم أو غيره. فإذا أردت الوقوف على الحق في بحث من هذه الأبحاث، فانظر في اللغة العربية واعمل على ما هو موافق لها مطابق لما كان عليه أهلها. واجتنب ما خالفها، فإن وجدت ما يدل على ذلك من أدلة الشرع كما ستقف عليه في الأدلة الشرعية من كون الأمر يفيد الوجوب والنهي يفيد التحريم فالمسألة أصولية لكونها قاعدة كلية شرعية لكون دليلها شرعياً كما أن ما يستفاد من اللغة من القواعد الكلية أصولية لغوية. فهذه المباحث وما يشابهها من مسائل النسخ ومسائل المفهوم والمنطوق الراجعة إلى لغة العرب المستفادة منها على وجه يكون قاعدة كلية هي مسائل الأصول. والمرجع لها الذي يعرف به راجحها من مرجوحها هو العلم الذي هي مستفادة منه مأخوذة من موارده ومصادره. وأما مباحث القياس فغالبها من بحث الرأي الذي لا يرجع إلى شيء مما تقوم به الحجة، وبيان ذلك أنهم جعلوا للعلة مسالك عشرة لا تقوم الحجة بشيء منها إلا ما كان راجعاً إلى الشرع. كمسلك النص على العلة. أو ما كان معلوماً من لغة العرب كالإلحاق بمسك إلغاء الفارق. وكذلك قياس الأولى المسمى عند البعض بفحوى الخطاب. وأما المباحث التي يذكرها أهل الأصول في مقاصده كما فعلوه في مقصد الكتاب ومقصد السنة والإجماع. فما كان من تلك المباحث الكلية مستفاداً من أدلة الشرع فهو أصولي شرعي, وما كان مستفاداً من مباحث اللغة فهو أصولي لغوي. وما كان مستفاداً من غير هذين فهو من علم الرأي الذين كررنا عليك التحذير منه. ومن المقاصد المذكورة في الكتب الأصولية التي هي من محض الرأي الاستحسان والاستصحاب والتلازم.
وأما المباحث المتعلقة بالاجتهاد والتقليد وشرع من قبلنا والكلام على أقوال الصحابة، فهي شرعية فما انتهض عليه دليل الشرع منها فهو حق. وما خالفه فباطل.
وأما المباحث المتعلقة بالترجيح، فإن كان المرجح مستفاداً من الشرع فهو شرعي. وإن كان مستفاداً من علم من العلوم المدونة فالاعتبار بذلك العلم فإن كان له مدخل في الترجيح كعلم اللغة فإنه مقبول وإن كان لا مدخل له إلا لمجرد الدعوى كعلم الرأي فإنه مردود. انتهى.



 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
نركز ما قاله الشيخ الإمام امتثالا لأوامر شيخنا فؤاد هاشم فأقول :

1- التباس ماهو من الرأي البحت بشئ من العلوم التي هي من مواد الإجتهاد سبب من اسباب التعصب الخفية.
2- الواجب التخلص من هذه الآراء.
3-الطريق إلى التخلص منها يكون ب:

أ- تحكيم الدليل الشرعي (كتاب وسنة) في المسائل الأصولية الخلافية.
ب-إن لم نجد نحكم لغة العرب في المسائل الأصولية المتعلقة بها كالعام والخاص والمطلق
والمقيد ومسائل النسخ والمنطوق والمفهوم .
ج-الحذر في مباحث القياس فغالبها رأي محض.
د-النظر في المقاصد المذكورة في كتب الأصول من زاوية نصوص الشريعة فما دلت عليه
قبلناه وإلا حذرنا منه.
هـ-الإستحسان والإستصحاب والتلازم من مباحث الرأي الخالصة.
و-مباحث الإجتهاد والتقليد وشرع من قبلنا وقول الصحابي شرعية .فما انتهض عليه الدليل
منها فهو حق.
ز-مباحث الترجيح : إذا كان المرجح مستفادا من الشرع أو لغة العرب فهو مقبول وما كان
ترجيحا بمجرد الرأي أو التحكم فباطل.



والحمد لله رب العالمين.
 
أعلى