العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

المَسَائِلُ المُنْتَقَدَةُ عَلَى الإِمَامِ أَبِي حَنيفَة (مِنْ كِتَابِ الحَجِّ)

إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد..

فقد جمعت في هذا الموضوع -بمُناسبة حلول موسم الحج- أهم المسائل المنتقدة على الحنفية في كتاب الحج، والتزمت بعرض الخلاف الفقهي في المسائل إجمالًا ابتداءً ثم بالتفصيل بنقل بعض العبارات عن كل مذهب، وذلك بالرجوع إلى المصادر المعتمدة لكل مذهب لتوثيق حكاية المذهب؛ لأنني كثيرًا ما وقفت على تناقض في كتب الخلاف في حكاية المذهب الواحد، فعزمت على نفسي ألا أنسب قولًا لمذهب إلا بالرجوع إلى مصادره، ولم أكتفِ بذلك بل ذكرتُ من كلامهم بعض العبارات الدالة على هذا المذهب. كما التزمت غالبًا بذكر أدلة كل مذهب من خلال كتبه، مع الرجوع إلى مصدر كل حديث مذكور حفاظًا على ألفاظ الحديث النبوي؛ لأن كثيرًا من كتب الفقه تذكر الأحاديث بالمعنى، مع الالتزام بتخريج جميع الأحاديث والآثار وذكر بعض عللها وذكر أقوال أئمة الجرح والتعديل في رواتها المُتكلم فيهم، مع ذكر الاعتراضات على الأدلة من أقوال أهل العلم. وعامة هذه المسائل من كتاب الحج اخترتها على وفق اختيار الإمام ابن أبي شيبة -رحمه الله- في كتابه "الرد على أبي حنيفة مما خالف فيه الأثر الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" ضمن مصنفه، وهذا العمل نقلته من كتاب "منهج الحنفية في نقد الحديث" للدكتور/ كيلاني محمد خليفة، الصفحات (419- 430).

أولًا/ مَسْأَلَةُ إِشْعَارِ الهَدْي
(1) حدثنا وكيعٌ عن هشام الدَّسْتُوَائيِّ عن قتادة عن أبي حسَّان عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم أشعر في الأيمن وسَلَتَ الدَّمَ بيده. أخرجه مُسلم (1243).
(2) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عُروة عن المِسوَر بن مَخْرمة ومروان: أن النبي صلى الله عليه وسلم عام الحُديبية خرج في بضع عشرة مائة من أصحابه، فلما كان بذي الحُليفة قلَّد الهدي وأشعر وأحرم. أخرجه البخاري (4157، 4158).
(3) حدثنا حمَّاد بن خالد عن أَفْلَحَ عن القاسم عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أَشْعَر. أخرجه البخاري (1696)، ومُسلم (1321).
وذُكر أن أبا حنيفة قال: الإِشعار مُثْلَةٌ.

***
يقول ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث (3/ 479): إشعار البدن هو أن يشق أحد جنبي سنام البدنة حتى يسيل دمها ويجعل ذلك لها علامة تعرف بها أنها هدي. اهـ.
ويقول ابن منظور في لسان العرب مادة "شعر": وأشعر البدنة أعلمها، وهو أن يشق جلدها أو يطعنها في أسنمتها في أحد الجانبين بمشرط أو نحوه. وقيل: طَعَنَ في سنامها الأيمن حتى يظهر الدم ويُعرف أنها هدي، وهو الذي كان أبو حنيفة يكرهه وزعم أنها مُثلة، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم أحق بالاتباع. اهـ.
قال النووي في المجموع شرح المهذب (8/ 321): المراد بالإشعار هنا أن يضرب صفحة سنامها اليمنى بحديدة وهي باردة، مستقبلة القبلة فيديمها ثم يلطخها بالدم؛ لأنه ربما اختلط بغيره، فإذا أشعر وقلد تميز، وربما ندَّ فيعرف بالإشعار والتقليد فيرد، وتقليد الإبل والبقر فيكون بنعلين من هذه النعال التي تلبس في الرجلين في الإحرام، ويستحب أن يكون له قيمة ويتصدق بها بعد ذبح الهدي، وتقليد الغنم بخُرَب القِرَب -الخُرَب جمع الخُرْبَة وهي عروة المزادة (القربة) وقيل أذنها، سميت بذلك لاستدارتها-، والخيوط المفتولة ونحوها؛ لأن الغنم يثقُل عليها حمل النعال، ولا يشعرها؛ لأن الإشعار لا يظهر في الغنم لكثرة شعرها وصوفها. اهـ.
اتفق جمهور الفقهاء على استحباب إشعار الهدي، وكرهه أبو حنيفة وقال: إنه مثلة. وخالفه في ذلك صاحباه أبو يوسف ومحمد بن الحسن، وبعض أتباع مذهبه كالكمال ابن الهمام، ووافقوا جمهور الفقهاء لثبوت أدلة الإشعار وشهرتها.
وقد كان رأي أبي حنيفة في الإشعار سببًا في حمل بعض المحدثين عليه كما سنرى، ولعل عذره في ذلك عدم بلوغه أحاديث الإشعار من طريق يثبت عنده، أو أنه كره إشعار أهل زمانه، أو كان متبعًا في ذلك لبعض شيوخه.
قال صاحب الهداية: وإن أراد المتمتع أن يسوق الهدي أحرم وساق هديه، فإن كانت بدنة قلدها بمزادة أو نعل، وأشعر البدنة عن أبي يوسف ومحمد رحمهما الله، ولا يشعر عند أبي حنيفة رحمه الله ويُكره، والإشعار هو الإدماء بالجرح لغة وصفته أن يشق سنامها بأن يطعن في أسفل السنام من الجانب الأيمن أو الأيسر قالوا: والأشبه هو الأيسر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم طعن في جانب اليسار مقصودًا، وفي جانب الأيمن اتفاقًا، ويلطخ سنامها بالدم إعلامًا، وهذا الصنيع مكروه عند أبي حنيفة رحمه الله، وعندهما حسن، وعند الشافعي رحمه الله سنة؛ لأنه مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم. ولهما أن المقصود من التقليد أن لا يهاج إذا ورد ماءً أو كلأ، أو يُرَد إذا ضلَّ، وإنه في الإشعار أتم لأنه الزم، فمن هذا الوجه يكون سنة، إلا أنه عارضه جهة كونه مثلة فقلنا بحسنه، ولأبي حنيفة أنه مُثلة وأنه منهي عنه، ولو وقع التعارض فالترجيح للمحرم، وإشعار النبي صلى الله عليه وسلم كان لصيانة الهدي؛ لأن المشركين لا يمتنعون عن تعرضه إلا به. وقيل: إن أبا حنيفة كره إشعار أهل زمانه لمبالغتهم فيه على وجه يخاف منه السِّرَاية -السِّرَاية: سرَى الجرح إلى النفس أي أثر فيها حتى هلكت، لفظة جارية على ألسنة الفقهاء إلا أن كتب اللغة لم تنطق بها. انظر: المغرب (1/ 395)، والمصباح المنبير (1/ 275)-، وقيل: إنما كره إيثاره على التقليد. اهـ. انظر: الهداية وشروحها: فتح القدير (3/ 7)، والعناية (3/ 7)، ونصب الراية (3/ 219).
وقد علَّق الكمال ابن الهمام كما في فتح القدير (3/ 8) على قوله: (ولو وقع التعارض فالترجيح للمحرم) قد يقال: لا تعارض فإن النهي عنه كان بإثر قصة العرنيين عقيب غزوة أحد ومعلوم أن الإشعار كان بعده، فعلم أنه إما مخصوص من نص نسخ المثلة ما كان هديًا أو أنه ليس بمثلة أصلًا، وهو الحق؛ إذ ليس كل جرح مثلة بل هو ما يكون تشويهًا؛ كقطع الأنف والأذنين وسمل العيون، فلا يقال لكل من جرح مثَّل به، والأَوْلَى ما حمل عليه الطحاوي من ان أبا حنيفة إنما كره إشعار أهل زمانه؛ لأنهم لا يهتدون إلى إحسانه، وهو شق مجرد الجلد ليُدمى؛ بل يبالغون في اللحم حتى يكثر الألم ويخاف منه السِّرَاية. اهـ.
قال مالك في المدونة (2/ 552): يقلد الهدي كله ويشعر، والبقر تقلد وتشعر إن كانت لها أسنمة، وإن لم تكن لها أسنمة فلا تشعر، والغنم لا تقلد ولا تشعر، والإشعار في الجانب الأيسر من أسنمتها. اهـ. وراجع: مختصر خليل وشروحه: مواهب الجليل (3/ 981)، والتاج والإكليل (4/ 82)، وشرح الخرشي (2/ 283).
قال الشافعي في الأم (7/ 151): وكان أبو حنيفة يقول: لا تشعر البدن. ويقول: الإشعار مُثلة. وكان ابن أبي ليلى يقول: الإشعار في السنام من الجانب الأيسر. وتشعر البدن في أسنمتها والبقر في أسنمتها أو مواضع الأسمنة، ولا تشعر الغنم، والإشعار في الصفحة اليمنى، وكذلك أشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أشعر في الشق الأيمن. وبذلك تركنا قول من قال: لا يشعر إلا في الشق الأيسر. وقد روي أن عبدالله بن عمر كان لا يبالي في أي الشقين أشعر في الأيمن أو الأيسر. اهـ.
وقال النووي في المجموع شرح المذهب (8/ 322): اتفق الشافعي والأصحاب على أنه يسن لمن أهدى شيئًا من الإبل والبقر أن يشعره ويقلده، وبه قال جماهير العلماء من السلف والخلف. وهو مذهب مالك وأحمد وأبي يوسف ومحمد وداود. قال الخطابي: قال جميع العلماء: الإشعار سنة، ولم ينكره أحد غير أبي حنيفة. وقال أبو حنيفة: الإشعار بدعة. ونقل العبدي عنه أنه قال: هو حرام؛ لأنه تعذيب للحيوان ومُثلة، وقد نهى الشرع عنهما. واحتج أصحابنا بحديث عائشة قالت: فتلت قلائذ بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم أشعرها وقلدها.
وأما الجواب عن احتجاجهم بالنهي عن المثلة وعن تعذيب الحيوان فهو: إن ذلك عام وأحاديث الإشعار خاصة فقدمت. وأجاب الشيخ أبو حامد بجواب آخر، وهو أن النهي عن المثلة كان عام غزوة أحد سنة ثلاث من الهجرة، والإشعار كان عام الحديبية سنة ست وعام حجة الوداع سنة عشر فكان ناسخًا. والمختار هو الجواب الأول؛ لأن النسخ لا يصار إليه مع إمكان الجمع والتأويل، ولأن النهي عن المثلة باقٍ، والله أعلم. اهـ.
قال ابن قدامة في المغني (3/ 293): ويُسن إشعار الإبل والبقر، وهو أن يشق صفحة سنامها الأيمن حتى يدميها، في قول عامة أهل العلم. وقال أبو حنيفة: هذا مثلة غير جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تعذيب الحيوان، ولأنه إيلام فهو كقطع عضو منه. وقال مالك: إن كانت البقرة ذات سنام فلا بأس بإشعارها وإلا فلا. ولنا ما روت عائشة رضي الله عنها قالت: فتلت قلائذ بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أشعرها وقلدها. وفعله الصحابة، فيجب تقديمه على عموم ما احتجوا به، ولأنه إيلام لغرض صحيح فجاز، كالكي، والوسم -روى البخاري (1502)، ومُسلم (5680) عن أنس قال: رأيت في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم المِيسَمَ وهو يسم إبل الصدقة. أي يُعلِّم عليها بالكي. راجع: النهاية ولسان العرب مادة "وسم". وروى مسلم (5672) عن جابر بن عبدالله أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوسم في الوجه-، والفَصْد -هو شق العرق. راجع: لسان العرب مادة "فصد"-، والحجامة. والغرض أن لا تختلط بغيرها، وأن يتوقاها اللص، ولا يحصل ذلك بالتقليد؛ لأنه يحتمل أن ينحل ويذهب، وقياسهم منتقض بالكي والوسم. اهـ. وراجع: إعلام الموقعين (3/ 293).
روى الترمذي في جامعه (906) عن وكيع بن الجراح قال: لا تنظروا إلى قول أهل الرأي في هذا، فإن الإشعار سنة وقولهم بدعة. وروى ابن أبي السائب قال: كنا عند وكيع فقال لرجل عنده ممن ينظر في الرأي: أشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول أبو حنيفة هو مثلة. قال الرجل: فإنه قد روي عن إبراهيم النخعي أنه قال: الإشعار مُثلة. قال: فرأيت وكيعًا غَضِب غضبًا شديدصا، وقال: أقول لك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول قال إبراهيم، ما أحقك بأن تحبس ثم لا تخرج حتى تنزع عن قولك هذا.
***

ثانيًا/ مَسْأَلَةُ مَلاَبِسِ الإِحْرَامِ
(1) حدثنا ابنُ عيينة عن عمرٍو سَمِعَ جابرًا يقول: سمعتُ ابن عباسٍ يقولُ: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: (إذا لم يجد المُحرم إزارًا فَلْيَلْبَسْ سراويل، وإذا لم يجدْ نَعلين فَلْيَلْبَسْ خُفَّين). أخرجه البخاري (1814)، ومُسلم (2851).
(2) حدَّثنا الفضْلُ بن دُكَيْنٍ عن زُهيرٍ عن أبي الزُّبيرِ عن جابرٍ قالَ: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: (من لم يجد نعلين فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنٍ، ومَن لم يجد إزارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ). أخرجه مسلم (2854).
(3) حدَّثنا ابنُ عُلَيَّةَ عن أيوبَ عن نافعٍ عن ابن عمرَ قال: قال رجل: يا رسول اللهِ ما يَلْبَسُ المُحْرِمُ أو ما يَتْرُكُ المحرم؟ قال: (لا يلبس القميص ولا السَّراويلَ ولا العِمَامَةَ ولا الخُفَّينِ إلا أن لا يجد نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْهُمَا أسفل من الكَعْبَيْنِ). أخرجه البخاري (1542)، ومسلم (2848) ولفظه عند البخاري (5913)، ومسلم (2850): (من لم يجد نعلين فَلْيَلْبَسْ خُفين ولقْطَعْهًما أسفل من الكعبين).
وذُكر أن أبَا حَنيفة قالَ: لا يَفعلُ؛ فإن فَعَلَ فعليهِ دمٌ.

***
ذهب جمهور الفقهاء -الحنفي والمالكية والشافعية والظاهرية- إلى أن المحرم إذا لم يجد النعلين فإنه يلبس الخفين ويقطعهما أسفل من الكعبين، فإن لم يقطعهما وجبت عليه الفدية. وذهب الحنابلة إلى أنه لا يقطع الخفين ولا فدية عليه.
ومن لم يجد الإزار يجوز له أن يلبس السراويل إلى أن يجد ما يتزر به، ولا فدية عليه عند الشافعية والحنابلة والظاهرية. وقال الحنفية: إذا لبس السراويل يومًا كاملًا فعليه الدم وإن لبس أقل من يوم لا دم عليه وعليه الصدقة. وعند المالكية قولان: قول بجواز لبس السراويل إذا عدم الإزار ويفتدي. وقول: لا يجوز ولو عدم الإزار، وهو المعتمد.
ولاخلاف في الخفين والسراويل مبنيٌّ على فهم حديث ابن عباس وجابر من جهة وحديث ابن عمر من جهة أخرى والتوفيق بينهما.
فحديث ابن عباس وجابر يدل على أن المحرم إذا لم يجد النعلين والإزار، فإنه يُباح له لبس الخفين والسراويل دون شرط. وحديث ابن عمر يدل على أن المحرم إذا لم يجد النعلين فإنه يباح له لبس الخفين بشرط أن يقطعهما أسفل من الكعبين، أي لا يلبسهما على الهيئة المعتادة.
فأخذ الحنابلة بما دلَّ عليه حديث ابن عباس وجابر في الخفين والسراويل جميعًا، فأباحوا للمحرم إذا لم يجد النعلين والإزار أن يلبس الخفين والسراويل على الهيئة المعتادة ولا فدية عليه.
قال ابن قدامة في المغني (3/ 138): وحديث ابن عمر مخصوص بحديث ابن عباس وجابر. اهـ.
وأما الشافعية والظاهرية فأباحوا للمحرم لبس الخفين بشرط قطعهما أسفل من الكعبين لئلا يكونا على الهيئة المعتادة، فإذا لبسهما دون قطع وجب عليه الفدية، وأباحوا له لبس السراويل على هيئتها المعتادة، فأَعْمَلُوا الشرط في الخفين؛ حيث ورد في حديث ابن عمر، ولم يُعْمِلُوه في السراويل حيث أُطْلِقَ في حديث ابن عباس.
قال الشافعي في الأم (2/ 160، 161): أرى أن يقطع الخفين؛ لأن ذلك ورد في حديث ابن عمر وإن لم يكن في حديث ابن عباس، وكلاهما صادق حافظ، وليس زيادة أحدهما على الآخر شيئًا لم يؤده الآخر، إما عزب عنه، وإما شك فيه فلم يؤده، وإما سكت عنه، وإما أداه فلم يُزد عنه لبعض هذه المعاني اختلافًا.
وقال: استثنى النبي صلى الله عليه وسلم لمن لم يجد نعلين أن يلبس خفين ويقطعهما أسفل من الكعبين ومن لم يجد إزارًا لبس سراويل فهما سواء، غير أنه لا يقطع من السراويل شيئًا؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمر بقطعه. اهـ.
وأما الحنفية والمالكية فإنهم أعملوا الشرط في الخفين والسراويل جميعًا، فاشترطوا في الخفين القطع أسفل من الكعبين، واشترطوا في السراويل أن تشق ويأتزر بها، فإذا لبسهما على الهيئة المعتادة وجبت عليه الفدية.
قال الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 135) بعد ذكره لحديثي ابن عباس وابن عمر: فلسنا نخالف شيئًا من ذلك ونحن نقول بذلك ونثبته، وإنما وقع الخلاف بيننا وبينكم في التأويل لا في نفس الحديث؛ لأنا قد صرفنا الحديث إلى وجه يحتمله، فاعرفوا موضع خلاف التأويل من موضع خلاف الحديث فإنهما مختلفان، ولا توجبوا على من خالف تأويلكم خلافًا لذلك الحديث.
فهذا ابن عمر يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم بلبس الخفين الذي أباحه للمحرم كيف هو وأنه بخلاف ما يلبس الحلال، ولم يبين ابن عباس في حديثه من ذلك شيئًا، فحديث ابن عمر أولاهما، وإذا كان ما أباح للمحرم من لبس الخفين هو بخلاف ما يلبس الحلال، فكذلك ما أباح له من لبس السراويل هو بخلاف ما يلبس الحلال. اهـ. وراجع: المبسوط (4/ 126)، وبدائع الصنائع (2/ 186).
قال صاحب الهداية: ولا يلبس قميصًا ولا سراويل ولا عمامة ولا خفين، إلا أن لا يجد نعلين فيقطعهما أسفل من الكعبين.
وقال: وإن لبس ثوبًا مخيطًا أو غطى رأسه يومًا كاملًا فعليه دم، وإن كان أقل من ذلك فعليه صدقة.. ثم قال: ولو ارتدى بالقميص أو اتشح به أو ائتزر بالسراويل فلا بأس به؛ لانه لم يلبسه لبس المخيط. اهـ. انظر: الهداية وشروحها: فتح القدير (3/ 30)، والعناية (3/ 30)، ونصف الراية (3/ 232).
يقول الكمال ابن الهمام في فتح القدير (3/ 30): ولا بأس أن يفتق السراويل إلى موضع التكة فيأتزر بها. اهـ.
ومما استدل به الحنفية أيضًا على وجوب الفدية على من لبس السراويل على هيئتها: أن الضرورة التي تبيح للمُحْرِم أن يفعل شيئًا مما حُرِّم عليه لا تسقط الكفارة؛ كما حلق رأسه لأذى بها فإن الكفارة واجبة عليه، وإنما تسقط الآثام خاصة، فكذلك لبس السراويل لضرورة عدم الإزار. وراجع: شرح معاني الآثار (2/ 135، 136).
قال أبو الوليد الباجي في المنتقى (2/ 196): شرط في جواز لبس الخفين عند عدم النعلين قطعهما أسفل من الكعبين، ولا خلاف في ذلك عند جماعة الفقهاء، وحُكي عن عطاء وأحمد بن حنبل وقوم من أصحاب الحديث: أنه إذا لم يجد النعلين لبس الخفين التامين ولم يقطعهما.
ثم قال: والجواب عن حديث ابن عباس: أن ابن عباس حفظ لبس الخفين ولم ينقل صفة لبسه، وعبدالله بن عمر قد نقل صفة لبسه فكان أَوْلَى. اهـ.
وحكى الشيخ عليش -كما في منح الجليل (2/ 305)- روايتين في لبس المحرم للسراويل إذا عدم الإزار، الأولى لا يلبسها ولو افتدى. والثانية: يلبها ويفتدي. وراجع: المنتقى (2/ 196)، وشرح الخرشي (2/ 356)، والتاج والإكليل (4/ 204).
قال النووي في المجموع (7/ 278): مذهبنا أنه يجوز للمحرم لبس خفين بشرط قطعهما أسفل الكعبين، ولا يجوز من غير قطعهما، وبه قال مالك وأبو حنفية وداود والجمهور، وهو مروي عن عمر بن الخطاب وعبدالله بن عمر وعروة والنخعي، وقال أحمد: يجوز لبسهما من غير قطع، وروي ذلك عن عطاء وسعيد بن سالم القداح، واحتج أحمد بحديث ابن عباس، وأجاب الشافعي والأصحاب عنه بأن حديث ابن عمر فيه زيادة فالأخذ به أَوْلَى ولأنه مفسر، وحديث ابن عباس مجمل، فوجب ترجيح حديث ابن عمر. اهـ.
وقال -في المجموع (7/ 274)-: لو لم يجد إزارًا ووجد سراويل نظر: إن لم يتأتَ منه إزار لصغره أو لعدم آلة الخياطة أو لخوف التخلف عن القافلة ونحو ذلك، فله لبسه ولا فدية لحديث ابن عباس، وهذا إذا لم يمكنه أن يتزر بالسشراويل على هيئته، فإن أمكنه لم يجز لبسه على صفته، فإن لبسه لزمته الفدية. اهـ. وراجع: الأم (2/ 241)، ومختصر المزني (8/ 162).
وقال الخرقي: فإن لم يجد إزارًا لبس السراويل، وإن لم يجد نعلين لبس الخفين ولا يقطعهما ولا فداء عليه. اهـ. انظر: المغني (3/ 138).
وقال أبو محمد بن حزم في المحلى (5/ 63): فإن لم يجد الرجل إزارًا فليلبس السراويل كما هي، وإن لم يجد نعلين فليقطع خفيه تحت الكعبين ولا بد ويلبسهما كذلك. اهـ.
وبالنظر في مذاهب الفقهاء في هذه المسألة، نجد أن حقيقة الخلاف يرجع إلى تباين أنظارهم في الجمع بين الأحاديث، وتأويل بعضها ليتفق مع الآخر؛ فالخلاف في تأويل الحديث وليس في الحديث نفسه كما قال الطحاوي.
وعلى ما تقرر فإن الحنفية لم يخالفوا الحديث في هذه المسألة كما زعم ابن أبي شيبة -وغيره-؛ بل هم أقرب للعمل بالحديث من الحنابلة وأهل الحديث في مسألة الخفين، ووافقهم على ذلك جمهور الفقهاء ومنهم الظاهرية، وأما مسألة السراويل فالقياس يؤيدهم والمالكية.
***

ثالثًا/ مَسْأَلَةُ تَقْدِيمِ وَتَأْخِيرِ المَنَاسِكِ
(1) حدثنا ابنُ عُيينةَ عن الزُّهري عن عيسى بن طلحةَ عن عبداللهِ بن عمرٍو قال: أَتَى النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: حَلَقْتُ قَبْلَ أن أّذبَحَ. قال: (فاذْبَحْ وَلا جُرْمَ). قال: ضبحتُ قبل أن أَرْمِيَ. قال: (ارْمِ وَلا حَرَجَ). أخرجه البخاري (83)، ومسلم (1306).
(2) حدَّثنا عبدالأعلى عن خالدٍ عن عِكْرِمَةَ عن ابن عباسٍ: أن سائلًا سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم: رميتُ بعدما أمسيت. فقال: (لا حَرَجَ). قال: وقال: حَلَقْتُ قبل أن أَنْحَرَ. قال: (لا حَرَجَ). أخرجه البخاري (1723).
(3) حدثنا يحيى بنُ آدَمَ حدَّثنا سُفيان عبد عبدِالرحمنِ بنِ عَيَّاشٍ عن زيدِ بن علي عن أبيه عن عبيدِاللهِ بن أبي رَافِعٍ عن عليٍّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أتاهُ رجلٌ فقال: إني أَفَضْتُ قبل أن أَحْلِقَ. فقال: (احلِقْ أو قًصِّرْ ولا حَرَج). أخرجه الترمذي (885) وقال: حديث حسن صحيح لا نعرفه من حديث علي إلا من هذا الوجه من حديث عبدالرحمن بن الحارث بن عياش.
(4) حدثنا أَسْبَاطُ بن محمدٍ عن الشَّيْبَانِيِّ عن زياد بن علاقةَ عن أُسامة بن شَرِيكٍ: أن النبيَّ صلى الله عليه سولم سأَلَهُ رجلٌ فقال: حَلَقتُ قبلَ أن أَذْبَحَ. قال: (لاَ حَرَج). أخرجه أبو داود (2015).
(5) حدَّثنا وكيعٌ عن أُسامة بن زيدٍ عن عَطَاءٍ عن جابرٍ قال: قال رجلٌ: يا رسول اللهِ حلقت قبل أن أَنحَر. قال: (لا حرج). أخرجه ابن ماجه (3052).
وذُكر أن أبَا حنيفة قال: عليه دمٌ.

***
المناسك التي يقوم بها الحاج يوم النحر أربعة: الرمي ثم النحر ثم الحلق ثم طواف الإفاضة، والسنة ترتيبها هكذا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها كذلك، كما جاء في حديث جابر في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم -أخرجه مسلم (3009)-، وفي حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة، ثم انصرف إلى البدن فنحرها، والحجام جالس وقال بيده عن رأسه فحلق -أخرجه مسلم أيضًا (3214)-.
وقد اختلف الفقهاء فيمن قدم شيئًا من ذلك على غيره، فقال أبو حنيفة: عليه دم، وخالفه صاحباه أبو يوسف ومحمد فقالا: ليس عليه شئ، وهو قول الشافعي.
وقال مالك: إذا قدم الحلق على الرمي تلزمه الفدية، وإذا قدم طواف الإفاضة على الرمي يلزمه هدي، وما عدا ذلك فلا شئ عليه.
وقال أحمد: إن أخل بالترتيب ناسيًا أو جاهلًا بالسنة فيها فلا شئ عليه، فأما إن فعله عامدًا عالمًا ففيه روايتان: إحداهما: لا دم عليه، والثانية: عليه دم.
قال صاحب الهداية: ومن أخر الحلق حتى مضت أيام النحر فعليه دم عند أبي حنيفة وكذا إذا أخر طواف الزيارة حتى مضت أيام التشريق فعليه دم عنده وقالا: لا شئ عليه في الوجهين وكذا الخلاف في تأخير الرمي، وفي تقديم نسك على نسك كالحلق قبل الرمي، ونحر القارن قبل الرمي، والحلق قبل الذبح. اهـ. راجع: الهداية وشروحها: فتح القدير (3/ 61)، والعناية (3/ 61)، ونصب الراية (3/ 245)، وراجع: بدائع الصنائع (2/ 158)، والمبسوط (4/ 42)، وتبيين الحقائق (2/ 62).
وقال الخرشي في شرحه (2/ 245): إذا قدم الحلق على رمي جمرة العقبة فإنه تلزمه الفدية لوقوعه قبل شئ من التحلل كما في المدونة، فإذا رمى العقبة أمرَّ الموسى على رأسه؛ لأن الحلق الأول وقع قبل محله، وكذلك يلزمه الهدي إذا قدم طواف الإفاضة على رمي جمرة العقبة من الإجزاء على المشهور، ولو قدم كُلًّا من الإفاضة والحلق على الرمي لوجب فيهما فدية وهدي، ثم إن الترتيب بين كل منهما وبين الرمي واجب؛ إذ لو كان مستحبًا لما وجب فيه شئ وهو ظاهر؛ لأن الرمي هو التحلل الأصغر، وإن خالف عمدًا أو نسيانًا أو جاهلًا في غير ما تقدم بأن حلق قبل أن يذبح أو نحر قبل أن يرمي أو قدم الإفاضة على النحر أو على الحلق أو عليهما فإنه لا دم. اهـ. وراجع: المنتقى شرح الموطأ (3/ 25، 77)، ومختصر خليل وشروحه: التاج والإكليل (4/ 30)، ومنح الجليل (2/ 285)، ومواهب الجليل (3/ 131).
وقال الشافعي في الأم (2/ 237): وأحب للرجل إذا رمى الجمرة فكان معه هدي أن يبدأ فينحره أو يذبحه ثم يحلق أو يقصر ثم يأكل من لحم هديه ثم يفيض، فإن ذبح قبل أن يرمي، أو حلق قبل أن يذبح، أو قدَّم نسكصا قبل نسك مما يعمل يوم النحر فلا حرج ولا فدية. اهـ. وراجع: المجموع شرح المهذب (8/ 194)، والمنهاج وشروحه: نهاية المحتاج (3/ 307)، وتحفة المحتاج (4/ 123)، ومغني المحتاج (2/ 271).
وقال ابن قدامة في المغني (3/ 230): إن أخل بالترتيب ناسيًا أو جاهلًا بالسنة فيها فلا شئ عليه في قول كثير من أهل العلم، فأما إن فعله عامدًا بمخالفة السنة في ذلك ففيه روايتان: إحداهما/ لا دم عليه، والثانية/ عليه دم. اهـ.
مناقشة حول الأدلة:
يرجع اختلاف الفقهاء في ذلك إلى اختلافهم في ترتيب الأعمال يوم النحر هل هو واجب أم مستحب، وفي فهم قوله صلى الله عليه وسلم: (لا حرج عليه) عندما سُئل عن تقديم نسك على آخر كما في الأحاديث التي ذكرت في صدر المسألة، فيرى الحنفية أن الترتيب واجب وأن معنى (لا حرج) نفي الإثم ولا يلزم منه نفي الجزاء.
وقد قرر الطحاوي ذلك بأن قوله صلى الله عليه وسلم: (لا حرج) يحتمل أن يكون إباحة وتوسعة منه، فجعل للحاج أن يقدم ما شاء من هذين على صاحبه، وقد يحتمل أيضًا أن يكون على الإثم، أي لا حرج عليكم فيما فعلتموه من هذا؛ لأنكم فعلتموه على الجهل منكم به، لا على التعمد بخلاف السنة، فلا جناح عليكم في ذلك.
وقد أيَّد الطحاوي هذا المعنى بأن ألفاظ بعض الروايات جاءت مقيدة بالسهو والنسيان كقول أحدهم: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح -كما في البخاري ومسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص وقد سبق ذكره وتخريجه في اقتباس المسألة أعلاه-. وقول الآخر: إني رميت وحلقت ونسيت أن أنحر -كما عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 235) عن علي بن أبي طالب-. فدلَّ ذلك على أنه صلى الله عليه وسلم إنما أسقط الحرج عنهم في ذلك للنسيان لا أنه أباح ذلك لهم، حتى يكون لهم مباح أن يفعلوا ذلك في العمد.
وأيَّده أيضًا بقول ابن عباس: من قدم شيئًا من حجه أو أخَّره فليهرق لذلك دمًا -أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (3/ 363)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 238)، وفي إسناده إبراهيم بن مهاجر وهو صدوق لين الحفظ، قال عنه الثوري وأحمد بن حنبل: لا بأس به. وقال النسائي: ليس بالقوي في الحديث. وفي موضع آخر: ليس به بأس. وقال يحيى بن معين: ضعيف. وقال العجلي: جائز الحديث. راجع: تهذيب الكمال (2/ 212). وقد تابعه أيوب السختياني كما أخرجه الطحاوي (2/ 238) من طريق نصر بن مرزوق عن الخضيب بن نافع. وقد قال عنه أبو حاتم: صدوق عن الخضيب بن ناصح. وقال أبو زرعة: ما به بأس إن شاء الله. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ. راجع: الجرح والتعديل (8/ 472)، وتهذيب الكمال (8/ 256). وعليه فالحديث ثابت عن ابن عباس بمجموع هذين الطريقين، فلا أدري كيف وصف النووي هذه الرواية عن ابن عباس بأنها شاذة في شرح مسلم (9/ 55)-.
فهذا ابن عباس يوجب على من قدم شيئًا من نسكه أو أخره دمصا، وهو أحد من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث: (لا حرج) فلم يكن معنى ذلك عنده معنى الإباحة في تقديم بعض المناسك؛ إذ كان يوجب في ذلك دمًا، ولكن كان معنى ذلك عنده على أن الذي فعلوه في حجة النبي صلى الله عليه وسلم كان على الجهل منهم بالحكم فيه كيف هو؟ فعذرهم بجهلهم وأمرهم في المستأنف أن يتعلموا مناسكهم. راجع: شرح معاني الآثار (3/ 236- 238).
ويرى الآخرون أن الترتيب مستحب بدلالة قوله صلى الله عليه وسلم: (لا حرج) الذي يدل بظاهره على أن تقديم نسك على آخر جائز ولا فدية عليه.
يقول النووي في شرحه على مسلم (9/ 55): فإن تأولوها على أن المراد نفي الإثم وادعوا أن تأخير بيان الدم يجوز، قلنا: ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: (لا حرج) أنه لا شئ عليه مطلقًا، ومعناه: افعل ما بقي عليك وقد أجزأك ما فعلته ولا حرج عليك في التقديم والتأخير. اهـ.
فالخلاف في هذه المسألة خلاف في تأويل الحديث وفهمه وليس في ذلك مخالفة للحديث كما ادعى ابن أبي شيبة -وغيره-؛ بل إن قول أبي حنيفة هو الأحوط في المسألة بخلاف قول الآخرين، فلا معنى للاعتراض على أبي حنيفة فيما أخذ فيه بأقوى الدليلين. وراجع: فتح القدير (3/ 63)، والنكت الطريقة ص(59).
***

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
وكل عام وأنتم بخير، وجزاكم الله خيرًا.

والله أعلم.
 
إنضم
27 سبتمبر 2012
المشاركات
332
الكنية
أبو محمد
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
رأس العين
المذهب الفقهي
المالكي
رد: المَسَائِلُ المُنْتَقَدَةُ عَلَى الإِمَامِ أَبِي حَنيفَة (مِنْ كِتَابِ الحَجِّ)

ما شاء الله، بحث جميل وهل يمكن تتبع المسائل في بقية العبادات
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: المَسَائِلُ المُنْتَقَدَةُ عَلَى الإِمَامِ أَبِي حَنيفَة (مِنْ كِتَابِ الحَجِّ)

السلام عليكم

ما شاء الله، بحث جميل وهل يمكن تتبع المسائل في بقية العبادات

بارك الله فيك أخي الكريم وجزاك خيرًا،،

هذا منقول -كما أشرت لذلك في البداية- من كتاب "منهج الحنفية في نقد الحديث" للدكتور/ كيلاني محمد خليفة، بتقديم الأستاذ الدكتور/ محمد سعيد رمضان البوطي. وهو في أصله رسالة علمية نال عنها مؤلفها درجة ماجيستير في الحديث الشريف وعلومه من كلية دار العلوم جامعة القاهر بدرجة امتياز. طبعة مكتبة [دار السلام] الطبعة الأولى/ لعام 2010 مـ.
وهو كتاب جامع نفيس، قال فيه الأستاذ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في تقديمه ص(19- 20): وبعد؛ فإن هذا الكتاب تضمن تحقيقات شريفة، وإنه ليستم بالشمول، ويجمع بين دراسات وافية لعلم الحديث درايةً وروايةً، ودراسات الفقه المقارن، وقد أدار المؤلف جميعها على محور الاجتهادات التي تميز بها الحنفية، مع الإنصاف في ذلك لإمام المذهب، والتحرر من عوامل التحيز ضده. وإنه لكتاب جدير بالعناية والنشر. اهـ.
معلومات عن الكتاب من موقع "NWF": اضغط هنا
هذا الكتاب يُقارب 600 صفحة، ويشمل ثلاثة أبواب جامعة، في آخر باب -الثالث- جمع "المسائل المنتقدة على الإمام أبي حنيفة" من كتاب الطهارة والصوم والحج والبيوع والنكاح والحدود ثم من كتب متفرقة وتقارب 40 مسألة مناقشةً وتحريرًا وتفصيلًا.
وأحاول النقل -والتحرير- منه في أغلب مُشاركاتي وكذا نحوه من الكتب الجامعة كالفقه على المذاهب الأربعة والقواعد الفقهية وأثر الخلاف الفقهي في القواعد المختلف فيها والفتح المبين في تعريف مصطلحات الفقهاء والأصوليين والمصطلح الأصولي عند الشاطبي والموجز في أصول الفقه والعقل الفقهي والأساس في فقه الخلاف وغيرها من الكتب.

والله الموفق.
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: المَسَائِلُ المُنْتَقَدَةُ عَلَى الإِمَامِ أَبِي حَنيفَة (مِنْ كِتَابِ الحَجِّ)

السلام عليكم

مَسْأَلَةُ الطَّهَارَةِ لِلطّوَافِ بِالْبَيتِ

ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الطهارة من الأحداث ومن الأنجاس شرط لصحة الطواف، فإذا طاف فاقدًا أحدها فطوافه باطل لا يُعتد به. وقال الحنفية وأحمد في رواية: الطهارة من الحدث ومن النجس واجب للطواف، فإذا طاف فاقدًا أحدها فطوافه صحيح، ولكن تجب إعادته ما دام بمكة، وإلا وجب عليه الفداء. راجع: المبسوط (4/ 38)، والمجموع (8/ 23)، والمغني (3/ 186).
-أدلة الجمهور:
1- ما رواه البخاري (1614)، ومسلم (3060) عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أول شئ بدأ به حين قدم مكة أن توضأ ثم طاف بالبيت. وهذا بيان من النبي صلى الله عليه وسلم للطواف المجمل في القرآن، وإذا انضم إلى ذلك ما ثبت في صحيح مسلم (3197) من رواية جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في آخر حجته: (لتأخذوا عني مناسككم). دلَّ على أن الطهارة شرط للطواف.
2- ما رواه الشيخان -البخاري (294)، ومسلم (2976)- عن عائشة أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها حيث حاضتْ وهي محرمة: (اقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي). وفيه تصريح باشتراط الطهارة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نهاها عن الطواف حتى تغتسل، والنهي يقتضي الفساد في العبادات.
3- ما رواه الترمذي (975) من طريق جرير عن عطاء بن السائب عن طاوس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الطواف حول البيت مثل الصلاة). وإذا كانت الصلاة لا تجوز بدون الطهارة، فكذلك الطواف لا بد فيه من الطهارة.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 87) من طريق فُضيل بن عِياض وموسى بن أعين وسفيان الثوري وابن جُريج أربعتهم عن عطاء عن طاوس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الطواف بالبيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير). وأخرجه أيضًا من طريق ليث بن أبي سليم عن طاوس عن ابن عباس مرفوعًا. وراجع: صحيح ابن حبان (9/ 143)، والمستدرك (1/ 630، 2/ 293).
وعطاء بن السائب ثقة لكنه اختلط بأَخَرَةٍ، وجميع من روى عنه فبعد الاختلاط إلا شعبة وسفيان الثوري -عطاء بن السائب وثقه أحمد والعجلي الونسائي وضعفه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم: كان محله الصدق قديمًا قبل أن يختلط، وقديم السماع منه سفيان وشعبة. راجع: تهذيب الكمال (20/ 86)-، وليث بن أبي سليم صدوق اختلط ولم يتميز حديثه فترك -ليث بن أبي سليم قال عنه أحمد: مضطرب الحديث ولكن حدث عنه الناس. وقال ابن معين: ضعيف يُكتب حديثه. وقال أبو زرعة: لين الحديث لا تقوم به الحجة عند أهل العلم. راجع: تهذيب الكمال (24/ 279)-.
ثم رواه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 87) من طريق عبدالله بن طاوس وإبراهيم ميسرة عن طاوس عن ابن عباس موقوفًا، وصحح رواية الوقف.
قال النووي في المجموع شرح المهذب (8/ 24): الصحيح أنه موقوف، وتحصل منه الدلالة أيضًا؛ لأنه قول صحابي اشتهر ولم يخالفه أحد من الصحابة فكان حجة، وقول الصحابي حجة أيضًا عند الحنفية. اهـ.
-أدلة الحنفية:
احتج الحنفية بقول تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُواْ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [الحج: 29]، ووجه الاستدلال أن الأمر بالطواف مطلق لم يقيده الشارع بشرط الطهارة، وجاءت الأحاديث التي احتج بها الجمهور واشترطت الطهارة لصحة الطواف، وهذا الشرط زيادة على ما ورد في النص القرآني، فلم يقولوا بفرضية الطهارة للطواف؛ لأن ذلك يعتبر نسخًا لإطلاق القرآن، وقالوا بوجوبه بحيث لو أخل به جبر بدم؛ لأن القول بالوجوب لا يقتضي نسخ الآية، وأما الجمهور فذهبوا إلى تقييد الآية بالأحاديث السابقة؛ لأن الزيادة على الكتاب ليست نسخًا عندهم، فلا مانع من تقييد مطلق الكتاب بخبر الواحد.
فمن طاف محدثًا فطوافه باطل عند الجمهور، وعليه العود لأدائه إن كان طوافًا واجبًا، ولا تحل له النساء إن كان طواف إفاضة حتى يؤديه، أما عند الحنفية فهو صحيح لكن تجب إعادته ما دام بمكة، وإلا وجب عليه الفداء.
قال السرخسي في المبسوط (4/ 38): الأصل أن طواف المحدث معتدٌّ به عندنا، ولكن الأفضل أن يعيده، وإن لم يعده فعليه دم، وحجتنا في ذلك أن المأمور به بالنص هو الطواف، قال تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُواْ) وهو اسم للدوران حول البيت، وذلك يتحقق من المحدث والطاهر، فاشتراط الطهارة فيه يكون زيادة على النص، ومثل هذه الزيادة لا تثبت بخبر الواحد ولا بالقياس؛ لأن الركنية لا تثبت إلا بالنص، فأما الوجوب فيثبت بخبر الواحد؛ لأنه يوجب العمل ولا يوجب علم اليقين، والركنية إنما تثبت بما يوجب علم اليقين، فأصل الطواف ركن ثابت بالنص، والطهارة فيه تثبت بخبر الواحد، فيكون موجب العمل دون العلم، فلم تصر الطهارة ركنًا ولكنها واجبة، والدم يقوم مقام الواجبات في باب الحج وهو الصحيح من المذهب أن الطهارة في الطواف واجبة. اهـ. وراجع: الهداية وشروحها: نصب الراية (3/ 241)، وفتح القدير والعناية (3/ 50).

والله أعلم.
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: المَسَائِلُ المُنْتَقَدَةُ عَلَى الإِمَامِ أَبِي حَنيفَة (مِنْ كِتَابِ الحَجِّ)

السلام عليكم

حُكم التطيُّب قبل الإحرَامِ بما يَبقى أَثرهُ بَعدَه

من فروع قاعدة: ’’البقاء على الشئ عل يُعطى له حُكم ابتدائه؟‘‘..
قال العلاَّمة الدبوسيّ في تأسيس النظر ص(49): الأصل عند مُحمد أن البقاء على الشئ يجوز أن يُعطى له حكم الابتداء، وعند أبي يوسف: لا يعطى له حكم الابتداء في بعض المواضع. اهـ.
وقال السرخسي في المبسوط (11/ 56): الأصل أن ما يُستدام فإنه يُعطى لاستدامته حُكم إنشائه. اهـ.
وفي لفظ له فيه أيضًا (11/ 56): "الاستدامة فيما يستدام له حكم الإنشاء." -ذا- عند الشافعي -رحمه الله-.
وفي لفظ في السير الكبير للشيباني (1/ 129): "الاستدامة فيما يُستدام كالإنشاء".
وعَبَّر العلاَّمة الونشريسي في إيضاح المسالك ص(66) قاعدة رقم(13) بلفظ: "الدوام على الشئ هل هو كابتدائه أم لا؟".
وتُفيد ألفاظ هذه القاعدة معنًى مُتَّحِدًا؛ وهو أن الاستمرار والبقاء على الأمر الذي يستمر ويدوم يُعتبر كالابتداء به وإنشائه، فيأخذ بالدوام عليه حكم ابتدائه، وهذا مُتَّفقٌ عليه عند الجميع وإن وقع الخلاف بينهم في بعض المسائل، فقيل: إن الدوام ليس كالابتداء - وراجع: موسوعة القواعد الفقهية، للبورنو: (1/ 456).
وجريًا على الاختلاف في القاعدة يكون معناها: هل استدامة المُكلَّف على الشئ تُعطى حُكم ابتدائه إياه أم لا؟ بمعنى: أنه إذا كان الابتداء -مثلًا- ممنوعًا أو مُفسدًا عملًا، كابتداء الصلاة بالنجاسة، يكون الدوام عليها -أيضًا- ممنوعًا ومُفسدًا للعمل، وذلك كطروء النجاسة على المُصلي في أثناء الصلاة - وراجع: تطبيقات قواعد الفقه عند المالكية: ص(50).
يقول الدكتور صادق الغرياني -كما في تطبيقات قواعد الفقه: ص(50)-: ويشهد للشِقِّ الأول من القاعدة: (أن الدوام كالابتداء) حديث خلع النبي -صلى الله عليه وسلم- نعليه في الصلاة حين أعلمه جبريل أن بهما قذرًا -أخرجه أبو داود (650)، وابن عبدالبر في التمهيد (22/ 243) من حديث عبدالله بن مسعود-.
ويشهد للشق الثاني: (أن الدوام ليس كالابتداء) حديث إلقاء السلام على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يُصلي في الكعبة فلم يقطع صلاته -عزاه الدكتور الغرياني إلى صحيح مسلم برقم(3349)؛ ولم أعثر عليه!-. اهـ.
ولفظه عند أبي داود (923): عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ، سَلَّمْنَا عَلِيْهِ فَلَمْ يضرُد عَلَيْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فِي الصَّلَاةِ فَتَرُدُّ عَلِيْنَا، فَقَالَ: (إِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا) -وعند النسائي (1184) عن عمَّار بن ياسر: أنه سلَّم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يُصلِّي فردَّ عليه-.
وفي رواية أخرى -لأبي داود- (924) قال: كنا نسلم في الصلاة ونأمر بحاجتنا، فقدت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يُصلي فسلمت عليه فلم يرد عليَّ السلام، فأخذني ما قَدُم وما حَدُث، فلما قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصلاة قال: (إنَّ اللهَ يُحْدِثُ من أمره ما يشاء، وإن الله -عز وجل- قَدْ أَحْدَثَ من [أمره] أَلَّا تَكَلَّمُواْ فِي الصَّلَاةِ) فردَّ عليَّ السلام.
ووجه الدِلالة في حديث خلع النعل: أن البقاء على الصلاة بعد طروء النجاسة في أثناء الصلاة، يُعتبر كالصلاة بالنجاسة ابتداءً، وهو لا يجوز؛ ولذلك خلع النبي -صلى الله عليه وسلم- نعله في أثناء الصلاة عندما أخبره جبريل أن بهما قذرًا.
أما حديث إلقاء السلام على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يُصلي فلم يقطع الصلاة؛ فلم يظهر لي -بعد البحث- وجه الاستشهاد به للقاعدة، وإن كان يأتي ما هو أصرح منه في أن البقاء على الشئ ليس كالابتداء به في مسألة تطيب المحرم قبل الإحرام بما يبقى أثره بعده، والله أعلم.
وقد اختلفت الأئمة في المذهب الحنفي في مسألة تطيب الرجل قبل الإحرام بطيب بقي أثره بعد الإحرام.
وفيما يلي بيان اختلافهم ووجهة كل رأي ودليله:
أ- عند الإمام مُحمد بن الحسن: يُكره أن يتطيَّب بما يبقى أثره بعد الإحرام -انظر: تأسيس النظر: ص(50)-، كما في لبس القميص غذا لبسه قبل الإحرام أو لم يخلعه بعده -الجوهرة النيِّرة، للعبّادي: (1/ 151)- وعليه فقد جعل البقاء عليه كابتدائه.
ب- وعند أبي يوسف: لا يُكره ذلك -انظر: تأسيس النظر: ص(50)-؛ لأن ابتداء الطيب حصل من وجه مُباح، فالبقاء عليه لا يضره، كالحلق؛ ولأن الممنوع منه التطيب بعد الإحرام -الجوهرة النير: (1/ 151)-.
-الأدلة:
ورد في السنة النبويّة ما يشهد لكلا الرأيين، ومن ذلك:
أولًا: ما يشهد للقول بعدم كراهة الطيب قبل الإحرام مما يظهر أثره بعده:
1- عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- زَوْجُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ: كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ. أخرجه البخاري (1539)، فتح الباري (3/ 463)، ومُسلم (2778)، مسلم بشرح النووي (4/ 459).
2- وفي لفظٍ -للبُخاري برقم(1538)، الفتح (3/ 463)، ولمُسلِمٍ (2786)، مُسلم بشرح النووي (4/ 461)-: كَاَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ -وبيص الطيب: أي: بريقه. لسان العرب (7/ 104)، مادة: (وبص)- فِي مَفْرِقِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ مُحْرِمٌ.
3- وفي لفظة أخرى لمُسلم (2793): فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-.
4- وفي لفظ -كما في مسلم بشرح النووي (4/ 463)-: قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ يَتَطَيَّبُ بِأَطْيَبِ مَا يَجِدُ، ثُمَّ أَرَى وَبِيصَ الدُّهْنِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
وجه الدِلالة: دلَّت هذه الأحاديث بألفاظها المتعددة على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتطيب بطيب يبقى أثره وعينه، فقد كان يُرى أثر الطيب في رأسه -صلى الله عليه وسلم-، وهو يُلبّي، ومعنى هذا: أن بقاء أثر الطيب لا يضر الإحرام.
ويدلُّ لذلك أيضًا: فعل الصحابة -رضي الله عنهم-:
-فعن عائشة -رضي الله عنه- قالت: كُنَّا نَخْرُجُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى مَكَّةَ فَنُضَمِّدُ جِبَاهَنَا المِسْكِ الْمُطّيَّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَإِذَا عَرِقَتْ إِحْدَانَا سَالَ عَلَى وَجْهِهَا فَيَرَاهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَلَا يَنْهَاهَا. أخرجه أبو داود في سننِه (1830، والبيهقي في سُننه الكبرى برقم (8834)، (5/ 48).
ورُئِيَ ابن عبَّاسٍ -رضي الله عنه- مُحرِمًا وعلى رأسه مثل الرب من الغالية. كما جاء في مُسند الشافعي، كتاب المناسك (1/ 121)، وسُنن البيهقي الكبرى (5/ 35، حديث رقم(8747)، وفي لسان العرب (15/ 134) الغالية، أي: من الطيب، وتغللت، أي: أدخلته في لحيتك أو شاربك.
ثانيًا: ما يشهد للقول بكراهة الطيب قبل الإحرام مما يُظهر أثره بعده.
حديث يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ يَعْلَى كَانَ يَقُولُ: لَيْتَنِي أَرَى رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حشينَ يُنْزَلُ عَلِيْهِ الْوَحْيُ. فَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِالْجِعْرَانَةِ عَلَيْهِ ثّوْبٌ قَدْ أَظَلَّ عَلَيْهِ وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ فِي جُبَّةٍ بَعْدَمَا تَضَمَّخَ بِطِيبٍ؟ فَنَظَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- سَاعَةً فَجَاءَهُ الْوَحْيُ، فَأَشَارَ عُمَرُ إِلَى يَعْلَى أَنْ تَعَالَ، فَجَاءَ يَعْلَى فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ فَإِذَا هُوَا مُحْمَرُّ الْوَجْهِ يَغِطُّ كَذَلِكَ سَاعَةً ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ: (أَيْنَ الَّذِي يَسْأَلُنِي عَنِ الْعُمْرَةِ آنِفًا؟) فَالْتُمِسَ الرَّجُلُ فَجِيءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: (أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَانْزِعْهَا، ثُمَّ اصْنَعْ فشي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ). أخرجه البخاري (1536)، ومسلم (2754)، مسلم بشرح النووي (4/ 427).
ووجه الدِلالة من هذا الحديث: ظاهرٌ من توجيهِ النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا السائل إلى عدم البقاء على التطيب الذي يبقى أثره بعد الإحرام حيث أمره بغسله، ويرى أصحاب هذا القول أن ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حل الطيب، فإنه يُحمل على كونه خاصًّا به -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه فَعَلَه ومنع غيره.
وجاء في شرح فتح القدير (2/ 431): وعن هذا قال بعضهم: إن حِلَّ الطيب كان خاصًّا به -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه فعله ومنع غيره.
ودُفِعَ: بأن قوله للرجل ذلك، يحتمل كونه لحرمة التطيب، ويحتمل كونه لخصوص ذلك الطيب بأنه كان فيه خلوق، فلا يُفيد معنى الخصوصيَّة، فنظرنا فإذا في صحيح مسلم الحديث المذكور، وهو مصفر لحيته ورأسه، وقد نهى عن التزعفر، وفي لفظ لمُسلم -(3923)-: عَنْ أَنَسٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ. وهو مُقدَّم على ما في أبي داود -برقم(4210)، (4/ 84)- عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ وَيُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالْوَرْسِ -الورس: نبت أصفر طيب الرائحة يصبغ به- وَالزَّعْفَرَانِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ. وحينئذٍ فالمنع من خصوص الطيب الذي في قوله: (أما الطيب الذي بك)، إذا ثبن أنه نهي عنه مُطلقًا - لا يقتضي المنع عن كل طيب.
وقد جاء مصرحًا به في الحديث في مُسند أحمد -من حديث يعلى بن أمية، رقم(17993)، (4/ 224)، وكما في شرح معاني الآثار رقم(3309)، (2/ 127)- قال له: (اخْلَعْ عَنْكَ هَذِهِ الْجُبَّةَ وَاغْسِلْ عَنْكَ هَذَا الزَّعْفَرَانَ). وتقدم أن التطيب كان يفعله الصحابة قبل الإحرام، كما في حديث عائشة -رضي الله عنها-، وكذا غيرها من الصحابة.
وقد ورد عن الشافعيّ: أن حديث الأعرابي الذي جاء يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- منسوخ؛ لأنه كان عام الجعرانة، وهو سنة ثمانٍ، وحديث عائشة -رضي الله عنها- في حجة الوداع سنة عشر. اهـ.
ووجه ارتباط هذا الفرع بالقاعدة:
أن من قال: يُكره أن يتطيب بما يبقى أثره بعد الإحرام؛ فقد جعل البقاء على الطيب كابتدائه.
ومن قال: إن ابتداء الطيب حصل من وجه مباح؛ فالبقاء عليه لايضره.

ويُراجع: أثر الخلاف الفقهي في القواعد المختلف فيها، للدكتور محمد إسماعيل مشعل، الصفحات (328- 333).

والله أعلم.
 
إنضم
21 مايو 2013
المشاركات
24
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
شريعة وقانون
المدينة
غزة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: المَسَائِلُ المُنْتَقَدَةُ عَلَى الإِمَامِ أَبِي حَنيفَة (مِنْ كِتَابِ الحَجِّ)

بحث جميل..
جزاك الله خيرا
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي

خديجة نور الدين

:: متابع ::
إنضم
16 نوفمبر 2012
المشاركات
62
الكنية
متابعة
التخصص
شريعة
المدينة
طنجة
المذهب الفقهي
المالكي
رد: المَسَائِلُ المُنْتَقَدَةُ عَلَى الإِمَامِ أَبِي حَنيفَة (مِنْ كِتَابِ الحَجِّ)

بحث نفيس
في ميزان حسناتكم بإذن الله
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: المَسَائِلُ المُنْتَقَدَةُ عَلَى الإِمَامِ أَبِي حَنيفَة (مِنْ كِتَابِ الحَجِّ)

رد: المَسَائِلُ المُنْتَقَدَةُ عَلَى الإِمَامِ أَبِي حَنيفَة (مِنْ كِتَابِ الحَجِّ)

السلام عليكم

بحث نفيس
في ميزان حسناتكم بإذن الله
اللهم آمين.. جزاكِ الله خيرًا.
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: المَسَائِلُ المُنْتَقَدَةُ عَلَى الإِمَامِ أَبِي حَنيفَة (مِنْ كِتَابِ الحَجِّ)

السلام عليكم

كل عام وأنتم بخير،،
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: المَسَائِلُ المُنْتَقَدَةُ عَلَى الإِمَامِ أَبِي حَنيفَة (مِنْ كِتَابِ الحَجِّ)

السلام عليكم

...
***

ثانيًا/ مَسْأَلَةُ مَلاَبِسِ الإِحْرَامِ

...
***

ثالثًا/ مَسْأَلَةُ تَقْدِيمِ وَتَأْخِيرِ المَنَاسِكِ

...
***

حُكم التطيُّب قبل الإحرَامِ بما يَبقى أَثرهُ بَعدَه
إضافة:
جاء في كتاب "أَدِلَّةُ الحَنَفِيَّةِ من الأحاديث النّبويّة على المسائل الفِقهيّة" للشيخ محمد البهلوي، تحقيق محمد الندوي، ط. دار القلم[دمشق]، ص(391، 393):
375-باب وما يُتقى منه في الإحرام لبس المخيط والطيب
قوله تعالى: (فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)[نفيٌ في معنى النهي وهو آكَدُ، و(الرَّفَثُ) ذكرُ الجماع ودواعيه بحضرة النساءِ، و(الفسوقُ) هو خروجٌ عن الطاعة وحدود الشريعةِ، وهي في حالة الإحرام أشدُّ وأقبحُ، و(الجدالُ) المجادلَةُ مع الرفيق أو الخادمِ من غيرِ ضرورةٍ تلجئهُ إليه، وإلاّ فمن تمام الحج] -فرض الحج: الإهلال، وقال ابن عمر: التلبية- [البقرة: 197].
1109_ عَنِ ابن عمر رضي اللهُ عنهما: أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله! ما يلبسُ المحرم؟ قال: (لا يلبسُ القُمُصَ ولا العمائمَ ولا السراويلاتِ ولا البرانسَ ولا الخِفافَ إلا أحدٌ لا يجدُ نعلينِ فيلبسُ خفّينِ، وليقعطهما أسفلَ من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئًا مسّهُ زعفران أو روسٌ) رواه الخمسة -صحيح البخاري كتاب الحج (152)، صحيح مسلم كتاب الحج (1177)، سنن النسائي كتاب مناسك الحج (2669)، سنن ابن ماجه كتاب المناسك (2929)، سنن أبي داود كتاب المناسك (1823)-.
وفي رواية: (مَنْ لم يجد نعلينِ فليلبِسْ خُفّينِ، ومن لم يجدْ إزارًا فليلبس سراويلَ) رواه الخمسة -صحيح البخاري كتاب الحج (1841)، صحيح مسلم كتاب الحج (1179)، سنن النسائي كتاب مناسك الحج (2672)، سنن ابن ماجه كتاب المناسك (2931)-.
1110_ عن يعلى بن أمية رضي اللهُ عنه: أنَّ رجلًا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة قد أهلَّ بالعمرة، وهو مصفِّرٌ لحيتَهُ ورأسَهُ، وعليهِ جُبَّةٌ، فقال: يا رسولَ اللهِ! إنِّي أحرمتُ بعمرةٍ وأنا كما ترى، فقال: انزعْ عَنْكَ الجبّةَ واغسل عَنكَ الصُّفْرَةَ وما كنتَ صانعًا في حجِّكَ فاصنعهُ في عُمْرَتِكَ. روه الخمسة -صحيح البخاري كتاب الحج (1789)، وصحيح مسلم كتاب الحج (1180) واللفظ له، سنن النسائي كتاب مناسك الحج (2710)، سنن أبي داود كتاب المناسك (1819) انظر حاشية الحديث رقم (1098)-.
374_ باب يغتسل للإحرام وهو أحبّ، أو يتوضَأُ، ويتطيبُ، ويصلّي شفعًا، ويلبّي ناويًا
1092_...
...
1098_ عَن الأسود عن عائشة رضي اللهُ عَنهما قالت: كنتُ أُطيِّبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامهِ قبلَ أَنْ يُحْرِمَ. رواه البخاري ومسلم -صحيح البخاري كتاب الحج (1539)، وصحيح مسلم كتاب الحج (1189) واللفظ له-.
وفي لفظٍ لهما: كأنِّي أنظرُ إلى وبيص المسكِ في مفارقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلبِّي -صحيح البخاري كتاب الغسل (271) وكتاب الحج (1538)، وصحيح مسلم كتاب الحج (1190) واللفظ له-. [وكره محمد ما يبقى من عين الطيب بعد الإحرام، وهو قولُ مالكٍ لما في الصحيحين من حديث يعلى بن أمية قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ متضَمِّخٌ وعليهِ جبةٌ، فقال يا رسولَ اللهِ! كيفَ تَرى رجل أحرمَ بعمرةٍ في جبة بعدما تضمّخَ بطيبٍ! فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (أمّا الطِّيبُ الذي لك فاغسلهُ ثلاث مرّاتٍ، وأما الجبّةُ فانزعها، ثم اصنعْ في عُمرتِك ما تصنعُ في حجتكَ) والجواب أنَّهُ محمولٌ على أنّه كانَ مِن زعفرانٍ، يدل عليه رواية مسلم (وهو مُزَعْفِرٌ لِحيتهِ ورأسَهُ وقد نهى عَنه)، ورواية الطحاوي: (اخلع عنكَ هذه الجبة، واغسل هذا الزعفران) أو أنَّهُ منسوخٌ، لأنَّه كانَ في عام الجعّرانة، وهو سنة ثمان، وحديث عائشة في حجة الوداع سنة عشرة (هكذا في شرح النقاية ونصب الراية (م). وسيأتي حديث يعلى برقم (1110)].
وفي لفظ لهما قالتْ: كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا أرادَ أنْ يُحْرِمَ يتطيَّبُ بأطيبِ ما يجدُ، ثمَ أرى وبيصَ الطِّيبِ في رأسِهِ ولِحيَتهِ بعدَ ذلك -صحيح البخاري كتاب اللباس (5923)، وصحيح مسلم كتاب الحج (1190) واللفظ له-.
وفي لفظ لهما: قالت: كنتُ أطيِّبُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فيطوف على نسائهِ، ثم يصبحُ مُحْرِمًا ينضخُ طيبًا -صحيح البخاري كتاب الغسل (267)، وصحيح مسلم كتاب الحج (1192)-.
1099_ عن عائشة بنت طلحة: أن عائشة أم المؤمنين رضي اللهُ عَنها حدّثتها قالت: كُنَّا نخرجُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فنضمِّدُ جباهنا بالسُّك المطيبِ عندَ الإحرامِ، فإذا عَرِقَتْ إحدانا سالَ على وَجهها، فيراهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فلا ينهانا) رواه أبو داود -سنن أبي داود كتاب المناسك (1830)، ورواه أحمد في مسندهِ: 6/ 79 (24546) باختلاف يسيرٍ في الألفاظ، السُّك: من الطيب-.
1100_ عن عبدالعزيز بن صهيب عن أنس رضي اللهُ عَنهُ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن التَّزَعْفُرِ. أخرجه البخاري ومسلم في اللباس.
وفي لفظ لمسلم: نهى أن يتزعفرَ الرجلُ -صحيح البخاري كتاب اللباس (5846)، صحيح مسلم كتاب اللباس والزينة (2101)-.
1111_ عن ابن عمر رضي اللهُ عَنهما قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى النساءَ في إحرامهنَّ عن القفّازين والنقابِ وما مسَّ الورسَ والزعفران منا لثيابِ، ولتلبس بعدَ ذلكَ ما أحبّت من ألوانِ الثيابِ معصفرًا أو خَزًّا أو حليًا أو سراويلَ أو قميصًا أو خُفًّا. رواه أصحاب السنن وأحمد -أبو داود في سننه كتاب المناسك (1827)، والحاكم في المستدرك: 1/ 661 (1788)، وأحمد في مسنده: 2/ 119 (6003)، والترمذي في سننه كتاب الحج (833) باختلافٍ يسيرٍ في الألفاظ، وكذلكَ النسائي في سننِه كتاب مناسك الحج (2673). ورواه البخاري بلفظ: (لا تنتقبُ المحرمةُ ولا تلبَسُ القُفّازينِ) (والنِّقَابُ) ما يسترُ الوَجْهَ، وسمّي نقابًا لأنْ فيه نقبين تنظرُ منهما العينان، و(القُفَّاز) ما يلبس في الكفين (م)-.
1112_ عن عائشة رضي اللهُ عَنها قالت: كانَ الركبانُ يمرّونَ بنا ونحنُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُحْرِماتٍ، فإذا حاذوا بنا سدلتْ إحدانا جِلبابها مِنْ رأسِها على وَجهِها، فإذا جاوزونا كشفناه. رواه أبو داود -سنن أبي داود كتاب المناسك (1833)، ورواه أحمد في مسندهِ: 6/ 30 (24067)، وأخرجهُ ابن خزيمةَ في صحيحه: 4/ 203 (2691) وقال: في القلبِ من يزيد بن أبي زياد شيءٌ، ولكن وردَ من وجه آخر، ثم أخرجَ من طريق فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر وهي جدتها، نحوه، وصحّحه الحاكمُ، وقال المنذري: قد اختار جماعةٌ الحمل بظاهر الحديث (م). هذا لفظ النسائي، وليسَ فيهِ الشطر الأخير: (أمِنْكُمْ أحدٌ أمرهُ أن يحملَ عليها) كتاب مناسك الحج (2826)، وقد أخرجهُ البخاري في (صحيحهِ) في عدةِ مواضع كتاب الحج (1822) (1823) (1824)، ومسلم في صحيحهِ كتاب الحج (1196)، والترمذي في سننه كتاب الحج (847)، وأبو داود في سننه كتاب المناسك (1852)-.
انتهى.

،،

مَسْأَلَةُ الطَّهَارَةِ لِلطّوَافِ بِالْبَيتِ
http://feqhweb.com/vb/showthread.php?t=14892&p=121452&viewfull=1#post121452

والله الموفق.
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: المَسَائِلُ المُنْتَقَدَةُ عَلَى الإِمَامِ أَبِي حَنيفَة (مِنْ كِتَابِ الحَجِّ)

بحث متميز يستحق تقدير الإمتياز ..
بارك الله بك يا أستاذ عمرو، وزادك من علمه ..
وبك بارك الله أخي الكريم وجزاك خيرًا.
 
أعلى