العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

المُحرَّر في مقاصد الشريعة الإسلامية

د. نعمان مبارك جغيم

:: أستاذ أصول الفقه المشارك ::
إنضم
4 سبتمبر 2010
المشاركات
197
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
الجزائر
المدينة
-
المذهب الفقهي
من بلد يتبع عادة المذهب المالكي
المُحرَّر في مقاصد الشريعة الإسلامية
د. نعمان جغيم

يصدر قريبا إن شاء الله عن دار النفائس بالأردن

مقدمة الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، المبعوث رحمة للعالمين.
شاع الحديث عن مقاصد الشريعة، وكثرت الكتابات فيها، وتنوعت تلك الكتابات بين الأصالة والتكرار. والمكثرون من الحديث عن مقاصد الشريعة في هذا العصر فريقان:
أحدهما: من أنصار الشريعة والمدافعين عنها الذين آلمهم الانحطاط الفكري، والتخلُّف المادي الذي تعيشه المجتمعات الإسلامية، وظنوا أن كثرة الحديث عن المقاصد سيُعيد للأمة وعيَها ومجدَها، وأن الحديث عن المقاصد يمثل العلاج السحري للمشكلات الفكرية والاجتماعية للأمة الإسلامية. ومما لا شكّ فيه أن فهم مقاصد الشارع في نصوصه وأحكامه، وحسن استعمالها في الاجتهاد النظري والتطبيق العملي في شؤون الحياة اليومية، يمثل مرتكزا أساسيا في الإصلاح الفكري، ولكن مشكلة العالم الإسلامي أعْقَدُ من أن يحلها الحديث النظري عن المقاصد. إنها مشكلة ذات أبعاد فكرية واجتماعية وخُلقية، وتحتاج في حلها إلى عمل متكامل بجهود عظيمة ومستمرة على جميع تلك المستويات.
وقد ابتدع بعض أصحاب هذا الفريق مصلطح "الاجتهاد المقاصدي"، وهو مصطلح "مُرْسَل" نخشى أن يؤدي شيوعه إلى أن يُصبح شعارا للمزايدة والتغطيّة على الاجتهادات المتسيِّبَة، وتظهر بذلك جدلية جديدة بين "الاجتهاد المقاصدي" و"الاجتهاد غير المقاصدي!" تشغل الأجيال قرونا من الزمن، على شاكلة الجدلية التي افتعلها الفلاسفة حول "العقل" و"النقل"، وجدلية "المصلحة" و"النص". أو أن ينتهي به الأمر إلى دعم نزعةٍ باطنية متنصلة من النصوص الشرعية.
والفريق الثاني: أصحابه منبهرون بالحضارة الغربية، وقصارى طموحاتهم السير في فلك تلك الحضارة. وهم يعتقدون أن تطوير المجتمعات الإسلامية وإخراجها من حالة التَّيه والانحطاط التي تعيشها لا يتم من خلال الالتزام بالتعاليم الإسلامية، ولكن من خلال التقليد غير الواعي للحضارة الغربية. ولذلك تجدهم يسعون إلى تطويع أحكام الشريعة -من خلال التأويل التعسُّفي للنصوص الشرعية أو التعطيل الصريح لها- لتبرير السير في طريق ممسوخ، لا يكاد يأخذ من الحضارة الغربية المعاصرة سوى جوانب ضعفها. وقد قام أصحاب هذا الفريق باستغلال استدلال سفسطائي لنجم الدين الطوفي انتهى به إلى القول بتقديم المصلحة على النص، فاختطفوا تلك المقولة المائعة، وراحوا يمطِّطُونها في كل الاتجاهات التي يمكن أن تخدم أغراضهم. ولما كان موضوع المصلحة يمثل عنصرا محوريا في موضوع المقاصد الشرعية، فقد عمَّمُوا الكلام من المصلحة إلى المقاصد، وصارت مظلة المقاصد تُستعمل لتغطية الأفكار التي يريدون تبريرها، مثل تجويز الربا والاختلاط وزواج المرأة المسلمة من الرجل الكافر -كما وقع في إندونيسيا- واستنساخ القوانين الجنائية والمدنية الغربية، وغير ذلك من مفاسد الحضارة الغربية، بحجة أن ذلك من المصالح التي تقتضيها الحداثة والتطوُّر.
وابتدع أصحاب هذا الفريق مصطلح "الاجتهاد المصلحي"، وهو مصطلح فضفاض لا ينضبط، ويمكن أن يُدْخِل تحته من يريد ما يريد بحجَّة المصلحة.
إن الناظر في التراث المقاصدي يجد أن الإمام الشاطي يُعدّ رائد التأليف في مقاصد الشريعة، ومؤسس البحث فيها، ويعدُّ كتابه الموافقات العمدة والمصدر الأول في الحديث عنها. وقد أبدع فيه، ولكن تشعُّب مسائله، وطول نفس مؤلفه فيه، يكاد يجعله حكرا على الباحثين والقراء أصحاب النفس الطويل. أما المصدر الثاني فهو كتاب مقاصد الشريعة الإسلامية للشيخ محمد الطاهر ابن عاشور، وقد أجاد فيه وأفاد. وقد صدرت بعد ذلك مؤلفات كثيرة تضمنت فوائد وإضافات، إلا أن تركيزها على المصلحة والكليات الخمسة وبعض التقسيمات الشكلية يعيق تطور البحث في مقاصد الشريعة، ويقدمها في صورة مبتورة وغير واضحة المعالم.
لقد قدَّم الإمام الشاطبي مقاصد الشريعة في إطار نظري يقوم على تقسيمها إلى مقاصد الشارع ومقاصد المكلف، وتقسيم مقاصد الشارع إلى أربعة أقسام: أولها: قصد الشارع في وضع الشريعة، والثاني: قصد الشارع في وضع الشريعة للإفهام، والثالث: قصد الشارع في وضع الشريعة للتكليف بمقتضاها، والرابع: قصد الشارع في دخول المكلَّف تحت أحكام الشريعة.
وقدَّم محمد الطاهر ابن عاشور مباحث المقاصد من خلال إطار نظري يقوم على تقسيمها إلى قسمين: أحدهما: مقاصد التشريع العامة، جمع فيه بين الأوصاف العامة للشريعة والمقاصد العامة للأحكام الشرعية، والثاني: المقاصد الخاصة بالمعاملات بين الناس.
وقد ارتأيت تقديمها في إطار نظري مختلف يقوم على تقسيمها إلى ثلاثة محاور: أولها: مقاصد الخطاب الشرعي، وثانيها: مقاصد الأحكام الشرعية (العامة والخاصة)، وثالثها: مقاصد الشارع في منهج التشريع.
وفي اعتقادي أن هذا الإطار يقدم مباحث المقاصد في صورة منهجية واضحة ومتكاملة. وفضلا عن تقديم مباحث المقاصد في هذا الإطار النظري الخاص، فإني قمت بتحرير كثير من المسائل التي يُكرِّر الكُتَّاب تداولها -عادة- تقليدا دون تمحيص.
أما منهجي في هذا الكتاب فيقوم على تجاوز التقسيمات الشكلية إلى التركيز على جواهر مسائل المقاصد، مع تحريرها وتحقيقها وضبطها. وسرت فيه على منهج الشاطبي في الإعراض عن المبالغة في الاعتناء بالتعريفات، مقتصرا على ذكر ما يضبط المعنى ويوضحه للقارئ. وعلى الرغم من أن موضوع الكتاب أصوليٌّ يقتضي لغة أصولية، إلا أني حرصت -قدر الإمكان- على أن تكون عباراته سهلة، وأن يكون أسلوبه سلسا.
إن هذا العمل يمثل ثمرة سنوات طويلة من البحث وتقليب وجوه النظر في مسائل المقاصد. وعلى الرغم من أنه قد يبدو للقارئ من فهرس الموضوعات أن مسائل الكتاب مشهورة ومطروقة، إلا أنه سيجد في ثناياه من التحقيق والتحرير والإضافات ما لا يجده في غيره.
وأنا مدين في عملي هذا لأصحاب الكتابات المقاصدية التي اطلعت عليها، وشاكر لأصحابها، سواء في ذلك ما كان منها جيدا وما كان ضعيفا: فالجيِّدُ منها أمدَّني بأفكار مفيدة، والضعيف منها بعث في نفسي روح النقد والبحث التي أوصلتني إلى استخلاص أفكار بديلة. وأخص بالذكر كتاب: نحو تفعيل مقاصد الشريعة الإسلامية للدكتور جمال الدين عطية، فقد أثار إشكالات، وطرح تساؤلات كثيرة، انضافت إلى ما كان في نفسي من إشكالات وتساؤلات حول ما هو موجود في الكتابات المقاصدية، وصار ذلك دافعا قويا دفعني إلى البحث والتحرير، وكانت النتيجة خروج هذا الكتاب.
ختاما، أحمد الله عز وجل على عونه وتوفيقه، وأشكر كل من ساعد في إنجاز هذا العمل، وأخص بالذكر فضيلة الدكتور ياسر السيد محمد عبد العظيم، وفضيلة الدكتور حامد عيسى مصطفى العسيلي على تفضلهما بقراءة أجزاء من مسوَّدة هذا الكتاب، وإبداء ملحوظاتهما القيمة حول ذلك.
أسأل الله عزّ وجلّ أن ينفع به، وأرجو من قارئه أن لا ينساني من صالح دعائه، وبالله التوفيق والهداية.
 

حمزة محمد ميسوم

:: متابع ::
إنضم
3 يوليو 2011
المشاركات
66
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
.......................
المدينة
حصن الماء
المذهب الفقهي
اتباع الدليل
رد: المُحرَّر في مقاصد الشريعة الإسلامية

جزاكم الله خيرا أستاذنا الفاضل
نفع الله بجهودكم ووفقكم لكل خير
 

د. نعمان مبارك جغيم

:: أستاذ أصول الفقه المشارك ::
إنضم
4 سبتمبر 2010
المشاركات
197
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
الجزائر
المدينة
-
المذهب الفقهي
من بلد يتبع عادة المذهب المالكي
إنضم
15 يناير 2021
المشاركات
2
الجنس
أنثى
الكنية
أم تسنيم
التخصص
فقه واصوله
الدولة
الجزائر
المدينة
سكيكدة
المذهب الفقهي
مالكية
جزاكم الله خيرا
 
إنضم
7 أكتوبر 2009
المشاركات
32
الجنس
ذكر
التخصص
الفقه وأصوله
الدولة
المغرب
المدينة
الدار البيضاء
المذهب الفقهي
المالكي
شكر الله لكم سعادة الأستاذ الكريم.
 
أعلى