العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

النسخ في القرآن الكريم: مراجعة وتحرير - الخلاصة

د. نعمان مبارك جغيم

:: أستاذ أصول الفقه المشارك ::
إنضم
4 سبتمبر 2010
المشاركات
197
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
الجزائر
المدينة
-
المذهب الفقهي
من بلد يتبع عادة المذهب المالكي

الخلاصة


النسخ الحقيقي هو النسخ الصريح الذي ورد نصٌّ شرعي يدل عليه، أما النسخ الافتراضي فهو ناتج عما يواجهه المفسر أو الفقيه من عُسْر في الجمع بين النصوص الشرعية والتوفيق بينها، فيلجأ إلى افتراض نسخ أحدهما للآخر، وقد يخالفه غيره في ذلك الافتراض، ويُظهر طريقا وجيها للجمع والتوفيق بين تلك النصوص، ويظهر سقوط دعوى النسخ. وقد أدى عدم الفصل بين النسخ الحقيقي والنسخ الافتراضي إلى عدم الدقة في تحديد معايير الحكم بالنسخ، ونتج عن ذلك كثرة دعاوى النسخ التي لا تثبت عند التمحيص. وبناء على ذلك ينبغي أن يتركز الحديث عن النسخ على النسخ الحقيقي الذي توجد دلالة عليه من النصوص الشرعية، أما النسخ الافتراضي فينبغي التعامل معه بحذر شديد؛ لأنه لا تكاد تثبت دعاواه.

لقد كان علماء الصدر الأول يستعملون مصطلح "النسخ" استعمالا واسعا يشمل الاستثناء، وتخصيص العام، وتقييد المطلق، وغيرها من وجوه البيان، ويكون النسخ في لسانهم هو بيان المراد من اللفظ بأمر خارج عنه. والنسخ بهذا المعنى كثير في نصوص القرآن الكريم، ويشمل آيات الأخبار والوعد والوعيد والأحكام الشرعية.أما النسخ بالاصطلاح الأصولي الذي يعني تغيير حكم شرعي سابق بحكم شرعي لاحق، فإنه لا يدخل آيات الأخبار والوعد والوعيد، وإنما يدخل آيات الأحكام العملية فقط.

وعند التأمل في نصوص القرآن الكريم نجد أنه لا يثبت شيء من دعاوى النسخ الافتراضي. ولا يثبت من النسخ في القرآن الكريم سوى النسخ الصريح الذي ورد نص شرعي -من القرآن الكريم نفسه أو من السنة النبوية- يدل على وقوعه. والثابت من وقائع النسخ في القرآن الكريم محصور في ثلاث حالات، هي: نسخ عقوبة الحبس والأذى في الزنا، ونسخ صمود الواحد من المسلمين في وجه عشرة من الكفار، ونسخ تقديم صدقة بين يدي مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم. أما الوصية فالأمر فيها يعتبر من باب التخصيص على مذهب الجمهور في مفهوم التخصيص، وهو نسخ جزئي على مذهب الحنفية في التفريق بين النسخ والتخصيص. وأما نسخ القبلة فإنه ثابت، ولكنه ليس نسخا في القرآن الكريم؛ لأن التوجه إلى بيت المقدس لم يثبت بنص قرآني.

أما نسخ التلاوة وما يتعلق به، فإنه سيأتي الحديث عنه بالتفصيل في بحث مستقل إن شاء الله تعالى.
 
أعلى