العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

بحث الاجازة -تحث اشراف الدكتور الحسن العلمي-القواعد الفقهية تعريفا واستمدادا

إنضم
14 مايو 2009
المشاركات
19
التخصص
الدراسات الاسلامية
المدينة
ولاية مكناس
المذهب الفقهي
مالكي
-1القاعدة لغة: تفيد مادة قعد (القاف والعين والدال )معنى الاستقرار والثبات, قال
ابن فارس:"القاف والعين والدال أصل مطرد منقاس لايخلف .وهو يضاهي الجلوس وان كان يتكلم في مواضع لايتكلم فيها بالجلوس"
والقواعد جمع قاعدة ,وهي في اللغة اصل الشيىء الذي يقوم عليه , سواء كان حسيا او معنويا ,وقد جاء دكر القوعد في القران الكريم ,قال تعالى:"واد يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل "
والقاعدة غالبا ماتفيد معنى الاساس كما اشار الى دلك الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القران "
2- اصطلاحا: القاعدة بالمفهوم او المعنى اللغوي تختلف عن القاعدة بالمعنى الاصطلاحي, باعتبار أن المعنى اللغوي عام يشمل جميع القواعد سواء حسية او معنوية ,وسواء فقهية او أصولية أو نحوية والى غير دلك من القواعد .
فالقاعدة الفقهية في اصطلاح اهل الفقه والاصول تعني:الامر الكلي الذي ينطبق على جزئيات كثيرة ,تفهم أحكامها منها ما لايختص بباب كقولنا اليقين لايزول بالشك ومنه ما يختص كقولنا كل كفارة سببها معصية فهي على الفور"
هكذا عرفها الإمام السبكي من المتقدمين , أما المعاصرون فقد عرفوا القواعد بعدة تعريفات لكن آدا تأملنا هده التعريفات نجدها كلها تدور حول معنى واحد للقواعد , اللهم اختلاف في الألفاظ والتعابير , وقد استطاع الدكتور الروكي أن يصوغ لنا تعريفا شاملا ومانعا للقواعد تعريف استخلصه من القدامى وممن سبقه من معاصريه, فقد عرف الروكي القاعدة بقوله:"حكم كلي مستند إلى دليل شرعي مصوغ صياغة تجريدية محكمة منطبق على جزئياته على سبيل الاطراد أو الأغلبية"
أهم ما يفهم من تعريف الروكي هو أن القاعدة الفقهية متضمنة في نفسها حكما وهدا الحكم له مستند من الشريعة ’ويصلح لان يطبق على جميع الجزئيات المندرجة تحت القاعدة الفقهية ’اللهم بعض الاستثناءات التي تشد عن القاعدة,ثم إن تعريف الروكي في شقه الأخير يتفق مع اغلب التعريفات القديمة والحديثة للقاعدة ,حيث اغلب من عرف القاعدة الفقهية قال بأنها حكم اغلبي أو أكثري.
ما سبق عن القاعدة الفقهية في اصطلاح أهل العلم لكن كما قلت سابقا إن القواعد ليست مقتصرة على الفقه فهناك قواعد أصولية ونحوية....وعندما نتحدث عن القواعد الفقهية التي هي موضوع بحثنا فهدا بسبب نسبة هده القواعدالى الفقه والفقه أدق معانيه في لغة العرب:الفهم والعلم الدقيق " أما اصطلاحا فيعني:العلم بالإحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية " ولشهرة ووضوح هدا التعريف لايحتاج إلى بيان.
هدا من جهة ومن جهة أخرى نجد إن هناك مجموعة من المصطلحات لها صلة بموضوعنا كالقواعد الأصولية والضوابط والنظريات الفقهية,غير أن اغلب الفروق التي بين هده المصطلحات والقواعد الفقهية يتجلى في الخصوص والعموم ,وفي حجية البعض دون الأخر وساد كر بعض الفروق التي بينهما باختصار باعتبار إن الأمر مبحوث فيه ويمكن الرجوع له من خلال كتب القواعد الفقهية في شقها النظري.
أ-الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية:
عندما نطلق القاعدة الأصولية فإننا نعني بها :تلك الأسس والخطط والمناهج التي يضعها المجتهد نصب عينيه عند البدء والشروع في الاستنباط ليشيد عليها صرح مذهبه ويكون ما يتوصل إليه ثمرة ونتيجة لها" أو بصيغة أخرى القواعد الأصولية هي :دلك القانون الذي يلتزمه الفقيه ليعتصم به من الخطأ في الاستنباط "
أما عن الفرق بينها وبين القواعد الفقهية فان أول من أشار إلى هدا الأمر هو الأمام القرافي رحمه الله حيث قال :"فان الشريعة المحمدية العظيمة زاد الله تعالى منارها شرفا وعلوا اشتملت على أصول وفروع وأصولها قسمان:
احدها:المسمى بأصول الفقه وهو في غالب أمره ليس إلا قواعد الأحكام الناشئة عن الألفاظ العربية الخاصة وما يعرض لتلك الألفاظ من النسخ والترجيح نحو الأمر للوجوب والنهي للتحريم...."
ثانيها :قواعد فقهية كثيرة العدد عظيمة المدد مشتملة على أسرار الشرع وحكمه ,لكل قاعدة من الفروع شيء لايحصى , ولم يذكر شيء منها في أصول الفقه وان اتفقت الإشارة إليه هنالك على سبيل الإجمال فبقي تفصيله لم يتحصل"
وعموما فان اغلب من فرق بين القاعدتين الفقهية والأصولية حصره في المسائل التالية:
-أن مبحث القواعد الاصولية الأحكام والأدلة الشرعية كالقياس وخبر الآحاد هل يعتبران حجة أم لا؟ ثم إن هده القواعد الأصولية تشكل قواعد ومنا هج الاستنباط لدى الأصولي والمجتهد, مستندة في دلك إلى اللغة العربية وعلم الكلام والأدلة الشرعية.
أما القواعد الفقهية فهي عبارة عن قواعد كلية تندرج تحتها فروع من جميع الأبواب وترجع أحكام هده الفروع إلى القاعدة الأصل لدلك يقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله خلال تعرضه للفرق بين قواعد الفقه وعلم الأصول:"أصول الفقه أدلة عامة خلافا للقواعد الفقهية فهي أحكام عامة"
-كما أن أهم مايميز القاعدة الفقهية عن الأصولية ,كون الأولى جاءت بعد وجود الدليل بل مستندها منه , وموضوعها أفعال المكلفين وهي سهلة المنال يمكن أن يتعرف عليها العالم وغير المتخصص في علوم الفقه, وهدا عكس القاعدة الأصولية التي وضعت للمجتهدين في علمي الأصول والاجتهاد .
هده اهمم الفروق واستقصاؤها كلها يحتاج إلى بحث مفرد لبيان الفروق الخفية منها والجلية .
ب- الفرق بين القاعدة الفقهية والضابط الفقهي:
يطلق لفظ الضابط في اللغة ويراد به:لزوم الشيى وحبسه "
أما اصطلاحا فنقصد به:دلك الحكم الفقهي الكلي الذي ينطبق على فروع كثيرة من باب واحد"
أما من حيث الفرق بينه وبين القاعة الفقهية ,فيتجلى كما هو واضح في تعريف الضابط في الخصوص والعموم يقول العلامة بن نجيم رحمه الله:"والقاعدة تجمع فروعا من أبواب شتى والضابط يجمعها من باب واحد" .نفس القول دهب أليه العلامة أبي البقاء الحسيني حيث قال في معرض كلمه عن الفرق بين القاعدة والضابط,"والضابط يجمع فروعا من باب واحد" ووافقه من قبل السيوطي في الأشباه والنظائر.
والخلاصة إن القاعدة الفقهية اعم من الضابط.فكل ضابط قاعدة وليس كل قاعدة ضابط, والعلة في دلك راجعة إلى كون القاعدة الفقهية لها القدرة على استيعاب أكثر أبواب الفقه قد تبلغ سبعين بابا كقاعدة" الأمور بمقاصدها"
أما الضابط فمهما استوعب من فروع فلا يمكن أن تندرج تحته فروع أبواب أخرى كقولنا "لايرث القاتل المقتول" فهدا ضابط خاص بباب الإرث ولايتعداه إلى أخر.


- الفرق بين القاعدة الفقهية والنظرية الفقهية:
النظرية مصطلح حديث الاستعمال بالنسبة للعلوم الشرعية, وهو مصطلح مشهور في جميع العلوم خاصة الكونية منها.
وتعني من النا حية الفقهية:موضوعات فقهية أو موضوع يشمل على مسائل فقهية ,تجمعها وحدة موضوعية تحكم هده العناصر"
فعندما نقول مثلا نظرية الإمامة في الفقه الإسلامي(الإمامة العظمى) فان النظرية تجمع لك جميع العناصر المتعلقة بالإمامة كي تعطي لك موضوعا متكاملا من جميع النواحي:حقيقة الإمام- شروط الإمام- وظيفة الإمام- اجتهادات الإمام- حالات الطاعة والعصيان للإمام – السياسة الشرعية.
أما النظرية علميا وفلسفيا فهي عبارة عن:فرض علمي عدة قوانين بعضها ببعض, ويردها إلى مبدأ واحد يمكن نستنبط منه حتما إحكاما وقواعد"
هدا عن تعريف النظرية فقهيا وعلميا, لكن الإشكالية التي تهمنا هي مسالة العلاقة بينها وبين القاعدة الفقهية ؟ اد بمعرفة الفرق بينها وبين القاعدة الفقهية يزول الالتباس أثناء تنزيل القواعد ,حتى لانقع في خلط بين ماهر نظرية وما هو قاعدة.
لقد وقف العلماء في مسالة الفرق بين النظرية و القاعدة الفقهية موقفين أو مذهبين:
المذهب الأول: ويرى انه لافرق بين النظرية والقاعدة الفقهيتين, مرجعا الأمر إلى تغير المصطلحات بسبب تغير العصور والأزمان .
وقد جنح إلى هدا الموقف من المعاصرين الشيخ أبو زهرة في كتابه أصول الفقه حيث قال رحمه الله."انه يجب التفرق بين علم أصول الفقه وبين القواعد الجامعة للإحكام الجزئية وهي التي مضمونها يصح أن يطلق عليه النظريات العامة للفقه الإسلامي كقواعد الملكية في الشريعة, وكقواعد الضمان, وكقواعد الخيارات...."
وقد وافقه الرأي الشيخ احمد بوطاهر الخطابي في مقدمة تحقيقه لكتاب إيضاح المسالك غالى مذهب مالك"
-المذهب الثاني: ويمثله الدكتور مصطفى الزرقا في كتابه المدخل الفقهي:فقد اعتبر أن النظرية العامة هي غير القاعدة الفقهية"
بينما الدكتور الندوي حصر الفرق بينهما في الأمور التالية:
1- أن القاعدة الفقهية تتضمن حكما فقهيا في ذاتها وهدا الحكم المتضمن في ذاتها يصلح للتطبيق على فروع أبواب متعددة ’بينما النظرية لاتتضمن حكما في ذاتها كنظرية الملك والفسخ والبطلان"
2- أن القاعدة لاتشمل على أركان وشروط بخلاف النظرية الفقهية فلا بد لهل من دلك"
وهناك من جعل للقاعدة أركان وشروط كالدكتور الباحسين فانه قد خصص الفصل الرابع من كتابه القواعد الفقهية للحديث عن أركان ومقومات وشروط للقاعدة الفقهية.
وخلال سرده لجميع المواقف في هدا الشأن خلص الباحسين إلى أن النظريات ليست هي القواعد بل مختلفة عنها"
وهدا يظهر من خلال عرضنا لكلا المذهبين حيث المذهب الأول لم يفصل أو بالأحرى لم يدلل على رأيه بأدلة نقليه ولا عقلية تبرر مذهبه.
المبحث الثاني:أهمية القواعد الفقهية ومصادرها.
المطلب 1: أهمية القواعد الفقهية
من المعلوم أن لكل علم من العلوم فوائد تعود على الدارس له ,واد كان هدا هو حال العلوم بشكل عام الكونية منها والشرعية , فان العلوم الشرعية أكثر فائدة وأهمية باعتبارها جمعت بين ماهر ديني ودنيوي , جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث معاوية رضي الله عنه"من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"
والقواعد الفقهية باعتبارها من جملة العلوم الشرعية التي ندب الشارع إلى تعلمها وبين أهميتها , لها من الفوائد ما لايحصى أشار إليها العلماء القدامى والمعاصرون ,وقد جملت أهم مزاياها في النقاط التالية :
أ- قال الإمام القرافي رحمه الله :"ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات لاندراجها في الكليات "
ب- وقال السيوطي رحمه الله :"إن فن الأشباه والنظائر فن عظيم به يطلع على حقائق الفقه ومداركه , ومآخذه وأسراره ,ويتمهر في فهمه واستحضاره ,ويقتدر على الإلحاق والتخريج ومعرفة أحكام المسائل التي ليست بمسطورة , والحوادث والوقائع التي لاتنقضي على ممر الزمان "
ج – إن حفظ هده القواعد وضبطها يساعد الفقيه على فهم منا هج الفتوى ويطلعه على الفقه وماخده "4
د-كما يمكن الفقيه من تخريج الفروع على القواعد بطريقة سليمة , واستنباط الحلول للوقائع المتجددة" 5
وقد نبه الإمام القرافي رحمه الله إلى وظيفة أساسية للقواعد حيث اعتبر تخريج الفروع على المناسبات دون القواعد الكلية أمر يؤدي لتناقض أحكام الفروع واختلافها"6
ه- ومن الفوائد المهمة للقواعد الفقهية كذلك أنها تساعد على إدراك مقاصد الشريعة ,لان القواعد الأصولية ترتكز على جانب الاستنباط ,وتلاحظ جوانب التعرض والترجيح وما شبه دلك من القواعد التي ليس فيها شيء من ملاحظة مقاصد الشارع , أما القواعد الفقهية فهي مشتقة من الفروع والجزئيات المتعددة لمعرفة الرابط بينها وبين المقاصد الشرعية التي دعت إليها "7
ثم إن هده القواعد تمكن غير المختص في العلوم الشرعية كرجال القانون مثلا من الاطلاع على الفقه الإسلامي بروحه ومضمونه بأيسر طريق"31
وخلاصة الأمر إن القواعد الفقهية جليلة القدر عظيمة الشأن ضرورية للفقيه والمتعلم وهي للفقيه بمنزلة النحو للغوي والأصول للمجتهد , بقدر الإحاطة بها يعظم شان الفقيه ويتمكن من الفقه وتسهل عليه الفتوى والقضاء ’ إلا أن أهم فائدة للقواعد استخلصتها من جملة فوائد ذكرها العلماء هي فائدة ضبط الجزئيات عن طريق القاعدة إذ المسائل الجزئية تعد بالآلاف وضبطها وحفظها جميعها يصعب بل قد يستحل لتشابه بعض الجزئيات قال البابرتي الحنفي :"قيل وما وضعه أصحابنا في المسائل الفقهية ألف ألف ومائة وألف وسبعون ألفا ونيف مسالة "
فادا كان الأمر هكذا فكيف يتسنى للفقيه حفظ مئات الآلاف من المسائل الفقهية , وهي تتجدد بتجدد العصور والأزمنة لولا هذه القواعد الفقهية الكلية الجامعة والشاملة لأغلب الجزئيات ’ فضبط قاعدة كلية تجعل الفقيه ممكن من تنزيل الحكم على أي جزئية تندرج تحت موضوع هده القاعدة .
المطلب الثاني: مباحث ومسائل علم القواعد الفقهية
بالنسبة لمباحث هدا العلم فإنها تتضح من خلال مبحث الفوائد لكن لأهمية الموضوع خصصت له مطلبا.
مباحث علم القواعد الفقهية تتجلى في الأحوال العارضة لموضوعه , وهي القضايا الفقهية الكلية والفروع الفقهية المندرجة تحتها , وبصفة عامة فان مبحث هدا العلم هو القواعد الفقهية الكلية وما يندرج تحت هده القواعد من جزئيات ومسائل تاخد حكمها , فهي أي القواعد الفقهية دستور يرجع إليه متى نزلت حوادث ومسائل فقهية ليس فيها نص صريحا أو غير صريح فتكون هي المرجع.
المطلب الثالث:استمداد القواعد ومصادرها
تستمد القواعد الفقهية من الأدلة الشرعية واهم هده الأدلة الكتاب والسنة والإجماع وذكرنا أو تركيزنا على هده الأدلة الثلاثة لايعني أن القواعد الفقهية تقتصر في الاستمداد على هده الأدلة فقط وإنما سأركز عليها من باب التغليب فقط ’ وإلا فان القواعد الفقهية لها مستند من الاجتهاد والعرف وساد كر مثال لكل دليل من الأدلة الشرعية التي تستمد منها القواعد الفقهية ودلك كالتالي
الكتاب والسنة : وهما من أهم المصادر التي استندت إليها مجموعة من القواعد الفقهية ,كقاعدة "الأمور بمقاصدها"و قاعدة "المشقة تجلب التيسير " و قاعدة " اليقين يزول بالشك " وغيرها من القواعد الفقهية التي مصدرها الكتاب الكريم والسنة النبوية المطهرة , بل قد نجد هناك قواعد لها مستند لأكثر من نص واحد بحيث نجد لها مستند من القران ومن السنة كقاعدة المشقة تجلب التيسير " فان لها مستند من القران الكريم كقوله تعالى :"يريد الله بكم اليسر وليريد بكم العسر"
ولها مستند من الحديث النبوي الشريف منه قوله عليه الصلاة والسلام:"إن الدين يسر ولن يساد الدين احد الاغلبه , فسددوا وقاربوا وابشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة "
ب- الإجماع :وهو المصدر الثالث الذي تستمد منه القواعد الفقهية ,فهناك قواعد متفق عليها بين فقهاء الأمة ولشهرتها أصبحت كالمعلوم من الدين بالضرورة ودلك كقاعدة "الاجتهاد لاينقض بمثله "
ج- آثار الصحابة والتابعين رضي الله عنهم:
حيث هناك مجموعة من القواعد الفقهية التي وردت على السنة مجموعة من الصحابة والتابعين , وأصبحت فيما بعد قواعد فقهية قائمة بنفسها ومن بين هده القواعد مايلي :
- قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"مقاطع الحقوق عند الشروط"


- ما روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه:"من قاسم الربح فلاضمان عليه "
- ماروي عن ابن عباس رضي الله عنهما :"كل شيء في القران أو فهو مخير وكل شيء فان لم تجدوا فهو الأول فالأول "
- ماروي عن القاضي شريح رحمه الله :"من شرط على نفسه طائعا غير مكره فهو عليه " و"من ضمن مالا فله ربحه "
فادا تأملنا هده القواعد نجدها في الأصل كلها أقوال للصحابة وبعض التابعين رضي الله عنهم, لكنها في مرحلة بناء الفقه الإسلامي وقواعده روعيت, باعتبارها صدرت من أحسن خلق بعد الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم.
د- الاجتهاد:
هناك مجموعة من القواعد الفقهية التي مستندها الاجتهاد والتعليل, وينقسم هدا النوع من المصادر إلى قسمين:
- نصوص دالة على القواعد بطريق الاستنباط والتعليل كقاعدة "الفرض أفضل من النقل" وقاعدة "الحريم له حكم ما هو حريم له ".
- نصوص دالة على القواعد بطريق الاستقراء:
الاستقراء اتبعه العلماء في استخراج قواعد العلوم ومنها القواعد الفقهية, وفي ضبط وتحديد كثير من الأحكام الشرعية"
ومن بين القواعد التي يدل عليها استقراء النصوص الشرعية قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات " ’فهده القاعدة تدل عليها مجموعة من النصوص الشرعية من كتاب وسنة وإجماع , لكن مع دلك اعتبر الأساس في القاعدة هو الاستقراء لكثرة النصوص الواردة بشأنها وان كان من الممكن استنباطها من النصوص كما ذكره الفقهاء فتكون داخلة في النوع الأول "

وعموما فان قواعد الفقه وضوابطه وقواعد أصول الفقه أيضا وضوابطه ترد في جملتها إلى القران الكريم والسنة المطهرة وأقوال الخلفاء الراشدين المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والأخيار من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام ممن عاصر الخلفاء الراشدين واقتدى يهديهم "
كما أن بعض هده القواعد مستندها القياس الصحيح والاستقراء المبني على الاجتهاد ,وغير دلك ممن يعتبره الفقهاء والأصوليون أدلة شرعية كالعرف والاستحسان , لكن كما قلت سابق فان اغلب قواعد الفقه مستندها الأدلة الشرعية الثلاثة .
وحديثنا عن مستند هده القواعد يقودنا إلى إشكالية مهمة إلا وهي حجية القواعد الفقهية ؟ هل تعتبر هده القواعد حجة أم لا ؟
بالنسبة لهده الإشكالية قد طرحها الفقهاء قديما ولهم فيها مذاهب ودلك كالتالي:
- اتفق الفقهاء على أن القاعدة الفقهية التي مصدرها نص شرعي حجة لان الاحتجاج بها في الواقع هو احتجاج بالأصل الذي هو مستند القاعدة "
- أما القاعدة التي استنبطها الفقهاء من خلال استقرائهم للفروع الفقهية فقد نقل عن الفقهاء فيها مذهبين:
- المذهب الأول: أنها ليست حجة شرعية وإنما هي شاهد يستأنس به ولا يمكن الاعتماد عليها, وهدا مذهب ابن فرحون من المالكية, وابن دقيق العين من الشافعية"
- المذهب الثاني : ويرى أن القاعدة حجة شرعية بشرط أن تخلو من المعارض وهو مذهب القرافي وأبي عبدا لله بن عرفة"
وقال صاحب درر الحكام في شرح مجلة الحكام :"إن المحققين من الفقهاء قد ارجعوا المسائل الفقهية ,إلى قواعد كلية كل منها ضابط وجامع لمسائل كثيرة , وتلك القواعد مسلمة معتبرة في الكتب تتخذ أدلة لإثبات المسائل وتفهمها في بادئ الأمر , فذكره يوجب الاستئناس بالمسائل , ويكون وسيلة لتقررها في الادهان "

المبحث الثالث:أقسام وأنواع القواعد الفقهية:
إن القواعد الفقهية ليست على مرتبة واحدة, وإنما هي أنواع وأقسام والسبب في دلك راجع إلى العموم والخصوص الوارد على بعض القواعد, والاتفاق والاختلاف كذلك على هده القواعد واغلب من قسم القواعد خاصة من المعاصرين جعلها كالتالي:
أولا القسم الأول: القواعد الفقهية الأساسية الكبرى.
هدا القسم من القواعد تسمى كذلك بالقواعد الكلية وهي قواعد متفق عليها في جميع المداهب الإسلامية ,وتشتمل على اغلب الأبواب , وقيل إن الفقه الإسلامي مبني عليها وهي مشهورة لكثرة رجوع الفقهاء والمتعلمين إليها وهي خمس قواعد:
- الأمور بمقاصدها.
- اليقين لايزول بالشك
- المشقة تجلب التيسير
-الضرر يزال
-العادة محكمة
وهده القواعد الكلية الخمس الأدلة عليها بلغت مبلغ التواتر.
ثانيا:القسم الثاني القواعد الخاصة أو المشتملة على أبواب محدودة.
هدا القسم من القواعد اقل شمولا من القسم الأول بالنسبة للجزئيات الفقهية , فهي لاتشمل جميع أبواب الفقه وإنما اختصت بأبواب مخصوصة لدلك سماها بعض أهل العلم بالقواعد الفقهية الخاصة"
ومن أمثلة هده القواعد الخاصة:
- كل ميتة نجسة , الا السمك والجراد "
- كل مكروه في الصلاة يسقط فضيلتها "
- كل ما يثبث في الذمة لايصح الإقرار به"
فهده الأنواع من القواعد الفقهية هي في الحقيقة مثل الضابط فهي خاصة بباب من الأبواب, كالقاعدة الثانية فهي خاصة بباب الصلاة.
ثالثا:القواعد الفقهية من حيث الاتفاق والاختلاف:
هدا القسم من القواعد الفقهية ينقسم بدوره إلى ثلاثة أنواع :
النوع الأول:قواعد متفق عليها بين اغلب المداهب الإسلامية :
ومن أمثلة هدا النوع من القواعد الفقهية ,القواعد التسع عشرة التي ذكرها ابن نجيم رحمه الله في النوع الثاني من الفن الأول من كتابه "الأشباه والنظائر "و التي اختارها من مجموع أربعين قاعدة فقهية ذكرها الإمام السيوطي رحمه الله في الكتاب الثاني من مؤلفه "الأشباه والنظائر").
النوع الثاني: القواعد المختلف فيها وهي نوعان:
أ- قواعد فقهية مختلف فيها بين أئمة المداهب الإسلامية :
وتشمل ما بقي من القواعد الأربعين التي ذكرها السيوطي بعد إخراج القواعد التسع عشرة التي اختارها لبن نجيم من كتاب " الأشباه والنظائر " للسيوطي فهده القواعد متفق عليها في مذهب الإمام الشافعي رحمه الله لكنها مختلف فيها بين الشافعية ومذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله"
ب- قواعد فقهية مختلف فيها داخل المذهب الواحد:
هده القواعد المختلف فيها داخل المذهب الواحد غالبا ما ترد بصيغة الاستفهام ومن أمثلثها القواعد العشرون التي ذكرها السيوطي في الكتاب الثالث من كتابه " الأشباه والنظائر"ومنها:
*هل العبرة بصيغ العقود أو بمعانيها"
*الحوالة: هل هي بيع أم استيفاء ؟خلاف"
ومن أمثلثها عندنا في المذهب المالكي على صاحبه رحمة الله مايلي :
*الغالب هل هو كالمحقق أم لا ؟"
*الواجب الاجتهاد أو الإصابة؟"
رابعا:أقسام القواعد من حيث الأصلية والتبعية:
وتنقسم بدورها إلى قسمين.
أ- قواعد أصلية أو مستقلة وهي التي لم تكن شرطا أو قيدا في قاعدة أخرى أو متفرعة عنها ومن أمثلة ذلك
* القواعد الخمس الكبرى "
* الخراج بالضمان "
*الولاية الخاصة اقوي من العامة"


ب- قواعد تابعة أو متفرعة من قاعدة أكبر منها:
ومن أمثلة هده القواعد: قاعدة "الأصل براءة الذمة " و قاعدة "المعروف بين التجار كالمشروط بينهم" ،فهده القاعدتين متفرعتين من القاعدة الكلية المشهورة وهي "العادة محكمة" .
ج- قواعد شرط أو قيد في غيرها:
كقاعدة "الضرورة تقدر بقدرها " و قاعدة "الضرر الأشد يزول بالضرر الأخف" وقاعدة "الضرر لايزال بالضرر" فهده القواعد الثلاثة تعد قيد أو شرطا في قاعدة "الضرر يزال".
أما تقسيمها من حيث المصادر فقد بينته من خلال مبحث مصادر واستمداد القواعد الفقهية , فالقواعد الفقهية من حيث المصادر تنقسم إلى قسمين :
* قسم مستنبط من النصوص الشرعية كالقاعدة الكلية "اليقين لايزول بالشك"
* قسم مستنده القياس والاستقراء ودلك كقاعدة "الأصل عند أبي حنيفة أن ما غير الفرض في أوله غيره في آخره" .
هده التقسيمات التي ذكرتها للقواعد ليس الكل ’له نفس التقسيم وإنما هو اجتهاد من الباحثين في علم القواعد خاصة من المعاصرين أمثال "احمد علي الندوي في كتابه القواعد الفقهية "و"الدكتور الروكي في كتابه التقعيد الفقهي"و "الدكتور عبد الوهاب الباحسين في كتابه القواعد الفقهية "وغيرهم من كتب القواعد الفقهية .
هدا الفصل النظري حاولت قدر الإمكان أن اجعله مختصرا ودلك اعتبارا للمنهج الذي سطرته في مقدمة القسم الأول من بحثنا ,ومن أراد التوسع يمكنه الرجوع المصادر والمراجع التالية:
الكليات لأبي البقاء الحسيني – و المدخل الفقهي العام للزرقاء – و القواعد الفقهية وتطبقيها على المداهب الأربعة لمحمد الزحيلي – والقواعد الفقهية لكل من المقري والندوي و الباحسين والفروق للقرافي والقواعد لابن رجب الحنبلي والمقري المالكي والأشباه والنظائر للسيوطي وابن نجيم وغيرها من المصادر التي جمعت بين النظري والتطبيقي في علم القواعد الفقهية.
خلاصة الفصل الأول من القسم الأول للبحث:
من خلال ما سلف يتبين لنا أن علم القواعد الفقهية كعلم من العلوم الشرعية ,علم قائم بذاته له مصادره وقواعده وأعلامه الدين برزوا فيه , وانه يمثل الجانب التطبيقي للفقه الإسلامي ,ثم انه لما كانت اغلب هده القواعد لها مستند من النصوص الشرعية اعتبرت حجة أو دليل من الأدلة الشرعية لان الاحتجاج بها كما قلت سابقا احتجاج بالأصل الذي هو نص أو مستند القاعدة.
ثم إن القواعد الفقهية ليست هي القواعد الأصولية وليست هي الضوابط والنظريات الفقهية وإنما بين هده المصطلحات كما ذكرت في مبحث التعريف وبين القواعد الفقهية عموم وخصوص وبينهم خلاف في مسالة الحجية ناهيك عن موضوع ومباحث كل فن من هده المصطلحات الأربع.
هدا من جهة ومن جهة أخرى فانه لما كان الاختلاف في الفقه الإسلامي أمر واقع كان كذلك الاختلاف فهده القواعد, سواء بين المذاهب الإسلامية, او داخل المذهب الواحدامر لازم, لان مصادر الفقه والقواعد مصادر واحدة .
 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
أحسن الله إليك يا شيخ عمار ...وذكرني أن أريك كيف تستخدم لوحة خدمات النص (الألوان وغيره)
 
إنضم
1 ديسمبر 2014
المشاركات
13
التخصص
التربية و التعليم
المدينة
سوس
المذهب الفقهي
مالكي
رد: بحث الاجازة -تحث اشراف الدكتور الحسن العلمي-القواعد الفقهية تعريفا واستمدادا

بالتوفيق و السداد
 
أعلى