العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

بعض النقاط المختصرة حول الحُكم الشرعى والحُكم التكليفى

إنضم
4 يوليو 2016
المشاركات
31
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
كلية اللغات والترجمة
المدينة
المنصورة
المذهب الفقهي
الشافعي
أصول_الفقه
تعريف الحُكْم الشرعى
وتعريف الحكم التكليفى
تعريف الحكم لوضعى
.
أولاً: تعريف الحُكم لغةً واصطلاحاً
قال صاحب المصباح المنير " الْحُكْمُ الْقَضَاءُ وَأَصْلُهُ الْمَنْعُ ، يُقَالُ حَكَمْتُ عَلَيْهِ بِكَذَا إذَا مَنَعْته مِنْ خِلَافِهِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ ذَلِكَ ، وَحَكَمْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ فَصَلْتُ بَيْنَهُمْ ، و مِنْهُ اشْتِقَاقُ الْحِكْمَةِ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ صَاحِبَهَا مِنْ أَخْلَاقِ الْأَرْذَالِ "
قال ابن الأثير " والحُكْم: العلْمُ وَالْفِقْهُ وَالْقَضَاءُ بِالْعَدْلِ "
يُطلق الحُكم لغة ويُراد به القضاء بالعدل أوالفصل والمنع من العُدوان " فاحكم بين الناس بالحق " ، فإذا قيل حُكمُ الله فى المسألة الوجوب أى أنه سبحانه قضى بالوجوب ومنعَ المكلَّف من مخالفته ، ويُطلق الحُكم ويُراد به أيضا الفقه والعِلم ، ومنه قول الله " وآتيناه الحُكم صبيا " .
أما الحُكم في الاصطلاح : إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه ، وأقسامه ثلاثه معروفة بالإستقراء والتتبع ، الأول الحُكم العقلي كقولنا الكل أكبر من الجزء ، والقسم الثانى الحُكم العادي الذى يُعرف بالعادة أو بالتجربة كقولنا السم قاتل ، والقسم الثالث الحُكم الشرعي، وهو المقصود هنا ، وتعريفه هو #خطاب_الشارع_تعالى_المُتعلق_بفعل_المُكلف_بالاقتضاء_أو_التخيير_أو_الوضع .
والمُرادُ بالخطاب هو: الكلام المقصود منه إفهام من هو مُتهيء للفهم ، والمقصود أنه يُشترط فى خطاب الله أن يكون مُرتبطا بفعل من أفعال المكلَّف على وجه يبين صفة الفعل من كونه مطلوبا أو ممنوعا ، والكثير من الأصوليين يعبرون عن خطاب الشارع بخطاب الله ، لأنه لا حُكم إلا لله الشارع ، والمراد بخطاب اللَّه تعالى: كلام اللَّه اللفظي، وليس الكلام النفسي ؛ لأن الكلام اللفظي هو المبحوث عنه في الأصول إجمالاً، وفي الفقه تفصيلاً ، وجميع الأحكام من اللَّه تعالى، سواء كانت ثابتة بالقرآن، أو السُّنَّة، أو الإجماع، أو القياس، أو أي دليل ثبت شرعاً، فإن كل هذه المصادر راجعة - في الحقيقة - إلى اللَّه تعالى.
.
والمقصود بفِعل المُكلف ما يصدرُ عنه سواء أكان بالجوارح كالركوع والسجود أو أكان بالقلب كالقصد والنية ، أوعملاً باللسان كقراءة القرآن والذكر ، وليس المراد بالفعل هنا ما قابل القول والإعتقاد .
.
ولعلماء الأصول في تعريف الحُكم الشرعي اتجاهات مختلفة ، لكن التعريف المذكور هو أجمع وأشمل هذه التعاريف كما قال غير واحد من أهل العلم ، ويتبين فى التعريف أنهم يقولوا " فِعل المكلف " بالإفراد ، وهذا تعريف السُبكى وابن عبدالشكور وليس بالجمع " فعل المكلفين " ليشمل الأحكام المتعلقة بفعل مُكلف واحد خاصة به مثل الأحكام الخاصة بالنبي كتزويجه بأكثر من أربع، ومثل الحُكم الخاص بخزيمة بن ثابت الأنصاري، حيث بيَّن النبي أن شهادته تكفي عن شهادة رجلين، ومثل الحُكم الخاص بأبي بُردة، حيث بيَّن النبي أن العناق - وهي الأنثى من ولد المعز قبل استكمالها الحول- تُجزئ في الأضحية عنه ولا تجزئ عن غيره.
.
والمُراد بالمُكلَّف هو: البالغ العاقل، الذى بلغته الدعوة ، ولا يوجد به مانع من تعلق الخطاب فيه كالغفلة أوالجنون أوالإكراه ، أولم يُحَل دون تكليفه حائل .
والاقتضاء هو: الطلب، و يندرج تحته قسمان: طلب الفعل، وطلب الكف والترك.
والطلب إما أن يأتى بصيغة "الإلزام والجزم "، أو " بغير صيغة الإلزام والجزم.
فإن كان طلب الفعل بصيغة الجزم فهو: الواجب .
وإن كان طلب الفعل بغيرصيغة الإلزام أو الجزم فهو المندوب او المستحب.
وإن كان طلب الترك بصيغة الإلزام فهو الحرام .
وإن كان طلب الترك بغير صيغة الإلزام والجزم فهو المكروه .
" أو التخيير "و معناه: استواء الطرفين، وهو المباح أي: لا يوجد فيه طلب فعل، ولاطلب ترك.
والمراد بالوضع - في التعريف-: خطاب الله تعالى المتعلق بجعل الشيء سبباً لشيء آخر، أو شرطاً له، أو مانعاً منه ، أو الصحة أو البطلان أو رخصة ، أو عزيمة.
.
إذا تبين لنا أن الحُكم الشرعى قسمان ، القسم الأول الحُكم التكليفى ، والقسم الثانى الحُكم الوضعى ، والحُكم التكليفى فى تعريفه يأخد كل تعريف الحكم الشرعى دون كلمة الوضع ، وهذا هو تعريفه عند الأصوليين ، ويختلف تعريفهم عن تعريف الفقهاء ، فعند الأصوليين الحُكم التكليفى هو خطاب الشارع الذي يبين صفة الفعل الصادر من المُكلف ، وعند الفقهاء هو ما يفيد أنه أثر ذلك الخطاب ، وهو الذى يُوصف به أفعال العباد كالوجوب والإستحباب والحرمة والكراهة والإباحة .
فمثلا قول الله " أقيموا الصلاة " ، فالحُكم التكليفى هنا عند الأصوليين هو نفس اللفظ وهو نفس الخطاب وهو نفس الدليل ، لكن عند الفقهاء هو الصفة الشرعية التى هى أثر لذلك الخطاب وهو الصلاة واجبة أو أن هذا النص دليل على وجوب الثصلاة .
وإن كان بعض الأصوليين كصفي الدّين الحنبلي كما فى كتابه " قواعد الأصول ومعاقد الفصول " قد عرّف الحكم التكليفى بتعريف مُقارب أو مشابه لتعريف الفقهاء فقال هو" قضاء الشارع على المعلوم بأمر ما نطقاً أو استنباطاً "
#يبقى هل لهذا لخلاف فائدة عملية ؟، والجواب أن الظاهر لا فائدة عملية تترتب على هذا الإختلاف ، والعلماء قالوا لا مشاحة فى الإصطلاح ، أى لا مانع من التعريفات بأوجه متعددة، لكنها فى النهاية تلتقى عند معنى واحد وهو المطلوب .
.
وسُمِّي (تكليفيًّا) لأنه يقعُ بامتثالهِ كِلفةٌ، ومشقة ، فإن قيل المشقة تجلب التيسير ، ولا تكليف بما يَشقُ على النفوس ؟! ، فالجواب أَن المشقةَ منها ما يُحتمل ومنها ما لا يُحتمل ، والشارع لا يُكلفُ بأمر شاق لا يَتحمله الإنسانُ ، فإنْ كلفهُ أوجدَ له الرخصةَ بخلاف الناس فى قدرتهم على التحمل ، فكلُ تكليفٍ وإن كان بسيطاً أو سهلاً ففيه نوع مشقة ، لأن النفسَ تميلُ إلى أن تكون مُنطلقة وغير مُقيدة ، لذا فأى تكليف يكون فيه نوع مشقة لأنه خارج عن مألوفات النفس ، فتكون المشقة من هذا الباب ، لا من ناحية عجز الإنسان عن القيام بهذا التكليف .
.
نسأل الله أن يُعلمنا بما يَنفعنا ، وأن يَنفعنا بما عَلمنا ، وأن يَجعلنا للمتقين إماما ، وصلى الله على نبينا محمد ..
 
أعلى