العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

بيان الحد الصحيح لكل من: الإسراف - التقتير ،،،

إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
ملاحظة: ستكون هناك خلاصة للموضوع عند انتهاء النقاش. [الفريق العلمي].

مما تختلف الأنظار فيه كثيرا قضية الإسراف أو التبذير ،، فترى البعض ينكر على غيره ملبسه أو مركبه أو أي شيء من أفعاله بحجة الإسراف، فيما لا يرى الآخر ذلك إسرافا ،،،
وفي الجانب الآخر يحصل نظير ذلك في التقتير أو البخل ،،
و ضابط ذلك هام جدا ،، فالإسراف أحد الكبائر التي لابد من اجتنابها ،،،
أريد أن ينتظم النقاش في التالي:
النصوص الواردة في هذا الموضوع ،،
الضوابط أو المعايير التي ذكرها العلماء باختصار ،،
الضابط أو المعيار أو الحد الذي تراه أنت بالدليل العقلي أو النقلي ،،
الأمثلة الموضحة باختصار ،،،
بانتظار مشاركاتكم ،،،
 
التعديل الأخير:
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: بيان الحد الصحيح لكل من: الإسراف - التقتير ،،،

من المفيد ضبط المخيلة أو الخيلاء ،، لأن الإسراف يذكر معها في الغالب ( ... من غير سرف ولا مخيلة) ،، ولأن ضروبا من الإسراف في النفقة تأتي طلبا للمخيلة ،، فما هي المخيلة المحرمة ؟؟ ولكن باختصار حتى لا يضيع الموضوع الأصلي :)
إن كانت المخيلة هي التكبر، فمن أفضل ما وقفت عليه في تعريفه -وهو تعريف جامع لعناصر الكبر في نظري- ما ذكره الشيخ عبدالرحمن حسن حبنكة الميداني في كتابه الأخلاق الإسلامية وأسسها (1/718) من أن الكبر ينبني على أمور -أي واحد منها يحققه-:
  1. الشعور بالاستعلاء الذاتي عن الآخرين (الأفضلية بغير حق من جهد أو عمل).
  2. الرغبة في إشعار الآخرين بالامتياز عليهم.
  3. الشعور بالاستعلاء الذاتي (لا يحتاج إلى أحد).
وبين أن تعريف النبي صلى الله عليه وسلم (الكبر بطر الحق وغمط الناس) كان ببيان أبرز مظاهره ،،،
 

الدرَة

:: نشيط ::
إنضم
26 أكتوبر 2010
المشاركات
653
التخصص
الفقه
المدينة
..
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بيان الحد الصحيح لكل من: الإسراف - التقتير ،،،

تقصدين أن من استوفى الحد الأدنى من الحاجيات والضروريات، وانعدمت عنده التحسينيات =كان مقترا ؟؟
هذا مايظهر لي ، لأن الغالب من صفاتهم الاقتصار على الحاجات والضروريات أما التحسينيات تعتبر لديهم من الإسراف .
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: بيان الحد الصحيح لكل من: الإسراف - التقتير ،،،

هذا مايظهر لي ، لأن الغالب من صفاتهم الاقتصار على الحاجات والضروريات أما التحسينيات تعتبر لديهم من الإسراف .
هذه درجة منهم ،، بل وبعضهم يقتصر في الحاجيات، أو يأخذ من الضروريات والحاجيات الحد الأدنى ،، وقد يأتي بعض التحسينيات دون بعض -مع قدرته على الإتيان بها- وهلم جرا ،،
 

الدرَة

:: نشيط ::
إنضم
26 أكتوبر 2010
المشاركات
653
التخصص
الفقه
المدينة
..
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بيان الحد الصحيح لكل من: الإسراف - التقتير ،،،

إذا نبقى على ما ذكرتم من أن ضابط التقتير هو الحد الأدنى من الحاجات والضروريات والتحسينيات حتى يكون الضابط عام لجميع فئات المقترين
 
إنضم
19 فبراير 2011
المشاركات
63
الكنية
ابو محمد الأزهري
التخصص
التفسير وعلوم القرءان
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنبلي - واحب المقارن
رد: بيان الحد الصحيح لكل من: الإسراف - التقتير ،،،

بل كانوا يثامنون بالذهب والفضة إلى جانب الدراهم والدنانير ،، لا يصكونها إنما يقدرونها بالأوزان ،،
كلا ،، بل كانوا يثامنون بالدنانير والدراهم الرومية والفارسية فحسب ، لا بأوانيهم من الذهب والفضة ، بل كانو يستعملون الدراهم والدنانير وزنا خلافا للروم والفرس حيث كانوا يستعملونها عداً
قال الدكتور القرضاوي في فقه الزكاة (وحين بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان العرب يتعاملون بهذين النقدين، الذهب في صورة "دنانير" والفضة في صورة "دراهم"، وكانت هذه النقود ترد إليهم من الممالك الكبيرة المجاورة، كانت النقود الذهبية "الدنانير" ترد في الأغلب من بلاد الروم البيزنطيين، وكانت النقود الفضية "الدراهم" ترد من ديار الفرس، وكانت هذه الدراهم مختلفة الأوزان، ما بين كبار وصغار، وخفاف وثقال، ولهذا لم يكن أهل مكة في الجاهلية يتعاملون بها عدًا، بل وزنًا كأنها قطع أو سبائك غير مضروبة، وكانت لهم أوزان اصطلحوا عليها فيما بينهم، ومنها الرطل وهو 12 (اثنا عشر) أوقية، والأوقية وهي أربعون درهمًا، والنش وهو عشرون درهمًا -نصف الأوقية- والنواة وهي خمسة دراهم (انظر رسالة النقود للمقريزي -ضمن كتاب "النقود العربي" نشر الأب أنستاس الكرملي ص 25 وما بعدها).

 
إنضم
19 فبراير 2011
المشاركات
63
الكنية
ابو محمد الأزهري
التخصص
التفسير وعلوم القرءان
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنبلي - واحب المقارن
رد: بيان الحد الصحيح لكل من: الإسراف - التقتير ،،،

قال في مفتاح دار السعادة (حد الْبُخْل جهل مقرون بِسوء الظَّن ..) ، وفي الإحياء بعد عرض كثير من التعريفات قال ( وجملة هذه الكلمات غير محيطة بحقيقة الجود والبخل بل نقول المال خلق لحكمة ومقصود وهو صلاحه لحاجات الخلق ويمكن إمساكه عن الصرف إلى ما خلق للصرف إِلَيْهِ وَيُمْكِنُ بَذْلُهُ بِالصَّرْفِ إِلَى مَا لَا يَحْسُنُ الصَّرْفُ إِلَيْهِ وَيُمْكِنُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْعَدْلِ وَهُوَ أَنْ يُحْفَظَ حَيْثُ يَجِبُ الْحِفْظُ وَيُبْذَلَ حَيْثُ يَجِبُ الْبَذْلُ
فَالْإِمْسَاكُ حَيْثُ يَجِبُ الْبَذْلُ بخل والبذل حيث يجب الإمساك تبذير ج3ص259 )
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: بيان الحد الصحيح لكل من: الإسراف - التقتير ،،،

كلا ،، بل كانوا يثامنون بالدنانير والدراهم الرومية والفارسية فحسب ، لا بأوانيهم من الذهب والفضة ، بل كانو يستعملون الدراهم والدنانير وزنا خلافا للروم والفرس حيث كانوا يستعملونها عداً
جوزيتم خيرا على التعليق ،، يمكننا مناقشة ذلك -إن لزم- في موضوع منفصل ،، أما هنا فأرجو ألا نخرج عن الموضوع الأساسي ،،
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: بيان الحد الصحيح لكل من: الإسراف - التقتير ،،،

حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جاء في كتب السنن ( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ , صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فِي سَفَرٍ ؛ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ فَجَعَلَ يَصْرِفُهَا يَمِينًا وَشِمَالا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ , صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلٌ مِنْ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لا ظَهْرَ لَهُ ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لا زَادَ لَهُ " ، وَذَكَرَ أَصْنَافَ الأَمْوَالِ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لا حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ عِنْدَهُ.
هل هذا الحديث حكمه عام في كل الأوقات والأحوال؟
فإذا كان كذلك فإن الشخص الذي عنده مال كثير كثير لا عذر له في الإسراف، أو ادخاره طالما هناك محتاج. بحجة أنه ماله وله حرية التصرف فيه.
فأعداد المسلمين الفقراء في بلاد المسلمين يفوق الوصف. ولن يحسن أحوالهم إلا بتكافل الأغنياء معهم بأداء الحقوق وزيادة عليها.
هل فهمي للحديث صحيح؟
وهل له مكان في موضوعنا؟

 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: بيان الحد الصحيح لكل من: الإسراف - التقتير ،،،

حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جاء في كتب السنن ( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ , صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فِي سَفَرٍ ؛ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ فَجَعَلَ يَصْرِفُهَا يَمِينًا وَشِمَالا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ , صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلٌ مِنْ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لا ظَهْرَ لَهُ ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لا زَادَ لَهُ " ، وَذَكَرَ أَصْنَافَ الأَمْوَالِ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لا حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ عِنْدَهُ.
هل هذا الحديث حكمه عام في كل الأوقات والأحوال؟
فإذا كان كذلك فإن الشخص الذي عنده مال كثير كثير لا عذر له في الإسراف، أو ادخاره طالما هناك محتاج. بحجة أنه ماله وله حرية التصرف فيه.
فأعداد المسلمين الفقراء في بلاد المسلمين يفوق الوصف. ولن يحسن أحوالهم إلا بتكافل الأغنياء معهم بأداء الحقوق وزيادة عليها.
هل فهمي للحديث صحيح؟
وهل له مكان في موضوعنا؟

لا نستطيع أن نوجب الصدقة على كل صاحب مال، فليس في المال حق واجب إلا الزكاة، وإن أجبرنا كل من له فضل مال على ذلك لوقعنا في اشتراكية، طالما زعمنا أن الإسلام منها براء ،،
إلا في حالة واحدة قد نوجب عليهم التصدق وهي: إذا طلب الإمام منهم ذلك تحقيقا لمصلحة عامة دون ضرر على أحد ،،
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني

سما

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
26 أبريل 2011
المشاركات
31
التخصص
لغة عربية
المدينة
المدينة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: بيان الحد الصحيح لكل من: الإسراف - التقتير ،،،

جزاك الله خيرا ام طارق وموضوع مفيد من المؤلف في اسراف المال والتقتير فيه
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: بيان الحد الصحيح لكل من: الإسراف - التقتير ،،،

الجزء الذي يتعلق بموضوعنا:


الفرع الثاني: وسطية الإسلام في إنفاق المال
لقد وضع الإسلام قواعد وضوابط تحدد مستويات إنفاق المال في قوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا  (سورة الفرقان: 67 ) فبينت الآية أن هناك ثلاثة مستويات للإنفاق وهي:
المستوى الأول: التقتير .
المستوى الثاني: الإسراف.
المستوى الثالث: الاعتدال والتوسط.
هذه المستويات توضح وسطية الإسلام في إنفاق المال, فقد حكم على المستويين الأول وهو التقتيير, والثاني وهو الإسراف بالحرمة, وأوجب على المسلمين المستوى الثالث وهو الاعتدال والتوسط في الإنفاق, ومن هنا يتضح أن وسطية الإسلام في إنفاق المال ترجع إلى أمور ثلاثة وهي:
الأمر الأول: تحريم التقتير.
الأمر الثاني : تحريم الإسراف.
الأمر الثالث: وجوب الاعتدال والتوسط في الإنفاق. وفيما يلي تفصيل ذلك:
أولا: تحريم التقتير.
التقتير في اللغة: هو التضييق في النفقة عما ينبغي. ففي لسان العرب: التَّقْتِيرُ الرُّمْقةُ من العيش, وقال الفراء: «  والذين إِذا أَنفقوا لم يُسْرِفوا ولم يُقْتِرُوا ولم يَقتُروا: لم يُقَتِّروا عما يجب عليهم من النفقة يقال: قَتَرَ وأَقْتَر وقَتَّر بمعنى واحد, وقَتَرَ على عياله يَقْتُرُ ويَقْتِرُ قَتْراً وقُتُوراً أَي: ضيق عليهم في النفقة وكذلك التَّقْتيرُ ».
أما اصطلاحًا فهو: التضييق فيما لابد منه ولا مدفع مثل: أقوات الأهل ومصالح العيال. وقال البيضاوي: « التقتير منع الواجب ».
وفي الكشاف: « التقتير هو : التضييق الذي هو نقيض الإسراف»
والتقتير محرم في الإسلام وذلك لأن المقترين مقصرون عن أداء الحقوق, وهم متصفون بصفة البخل التي هي شر الصفات، والذي يتصف بها ويصاب بالشح لابد أن يبتلى بنقص الإيمان وتراجعه دائمًا؛ ولذلك قال الله تعالى:  وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ  (الحشر:9) ، فالشحيح لا يفلح أبدًا, وقد دل على تحريم التقتير القرآن الكريم والسنة النبوية:
والدليل على تحريمه من القرآن الكريم ما يلي:
ورد في القرآن الكريم آيات كثيرة تنهى عن الشح والتقتير وتدعو إلى الإنفاق في سبيل الله, ومن هذه الآيات ما يلي:
1- قوله تعالى: والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما (الفرقان :67) وجه الدلالة : أن الله تعالى ذم الذين يقتروا في الإنفاق.
2- قوله تعالى:) ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك  (الفرقان:67) وجه الدلالة: في هذه الآية دعوة صريحة للنهي عن الإقتار, فمعناها كما ذكر ابن كثير: « أي لا تكن بخيلا منوعًا لاتعطي أحدا شيئا » . فقد نهى الله تعالى عن التقتير بصورة منفرة, وذلك بإظهار الشخص المقتر في صورة شخص ربطت يده إلى عنقه فلا يستطيع أن يمدها إلى خير.
3- قوله تعالى:) وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ( الحشر: 9 ), (التغابن:16) أي: من سلم من الشح فقد أفلح وأنجح. وقيل: ) ومن يوق شح نفسه :) بخلها وحرصها حتى ينفق المال.
4- قوله تعالى:) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (آل عمران:180) وجه الدلالة: ذم الله تعالى البخل بالمال, وبين عاقبة الذين يبخلون بأموالهم في الدنيا والآخرة, وفيها تحريض على بذل الأموال في الجهاد وغيره، وبيّن الوعيد الشديد لمن يبخل، والبخل الشرعي عبارة عن منع بذل الواجب. وفيها بيان لحال البخل ووخامة عاقبته وتخطئة لأهله في توهم خيريته ففي قوله: آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ مبالغة في بيان سوء صنيعهم, وحث على بذله في سبيله, وقوله تعالى: سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة بيان لكيفية شريته أي سيلزمون وبال ما بخلوا به إلزام الطوق, ثم بين لهم أنه يرث منهم ما يمسكونه ولا ينفقونه في سبيله تعالى عند هلاكهم وتبقى عليهم الحسرة والندامة.
5- قوله تعالى:) قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإنْفَاقِ وَكَانَ الإنْسَانُ قَتُورًا ( الإسراء: 100) ومعنى الآية: قل لهم يا محمد: لو أنكم -أيها الناس -تملكون التصرف في خزائن الله، لأمسكتم خشية الإنفاق. قال ابن عباس، وقتادة: «أي الفقر» أي: خشية أن تذهبوها ، مع أنها لا تفرغ ولا تنفد أبدًا؛ لأن هذا من طباعكم وسجاياكم؛ ولهذا قال: ) وَكَانَ الإنْسَانُ قَتُورًا ( قال ابن عباس: «أي بخيلا منوعًا ».
وأما الأدلة من السنة النبوية ففيما يلي:
ورد في السنة النبوية أحاديث كثيرة تنفر من الإمساك في الإنفاق والشح والبخل, وتدعو إلى الإنفاق دون تقتير أو إسراف, ومن هذه الأحاديث ما يلي:
1- قوله  : (( إياكم والظلّم، فإن الظُّلم ظلماتٌ يوم القيامة، واتقوا الشُحَّ، فإن الشّحَّ أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سَفَكُوا دماءهم واستَحلُّوا محارمهم)). وجه الدلالة: أن النبي  حذر من الشح, حيث جعله سببًا لهلاك الأمم السابق, كما أنه أيضًا سبب لقطيعة الرحم, والفجور.
قال القاضي: « يحتمل أن هذا الهلاك هو الهلاك الذي أخبر عنهم به في الدنيا بأنهم سفكوا دماءهم ويحتمل أنه هلاك الآخرة ».
2- ما روي عن أنس بن مالك  أنه: جاء ثلاث رهط إلى بيوت أزواج النبي  يسألون عن عبادة النبي  , فلما أخبروا كأنهم تقالوها, فقالوا:« أين نحن من النبي  ؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدًا, وقال آخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر . وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا » , فجاء رسول الله  فقال: (( أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله أني لأخشاكم لله, وأتقاكم له, لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد, وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ))
الخلاصة: مما سبق يتضح لنا أن الإسلام يحرم الإقتار, وينهى عن الإمساك, ويحذر من الشح والبخل؛ وذلك لأن الحياة في ظل التقتير تعد ظلمًا للنفس, وظلمًا للمجتمع, فالتقتير يؤدي إلى إخلال الفرد بالقيام بواجباته المنوطة به " وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" ويجب على كل فرد أن يسعى ويجد ويجتهد كي يتجاوز مستوى التقتير في الإنفاق, ومن لم يستطيع أن يصل إلى هذا الحد فقد فرض الله له نصيب من الزكاة, والأموال العامة, وبهذا فإن الإسلام لم يهدف إلى التضييق في الإنفاق, وإنما يهدف إلى ضبط الإنفاق, وجعله في الحدود التي تحقق مصالح الفرد والمجتمع, فتحريم التقتير يحفظ حد الإنفاق عند مستوى لائق نسبيًا لا يجوز للفرد النزول عنه, وهو مع ذلك لا يمنع الزيادة عنه طالما أنها لا تصل إلى حد الإسراف.
ثانيًا: تحريم الإسراف:
تحريم الإسراف يعني: إيجاد حد للإنفاق لا يصح الزيادة عنه.
الإسراف لغة: الإسْرافُ مُجاوزةُ الحد أوالقَصْدِ, وأَسرفَ في ماله: أَيْ أَنْفَقَ مِنْ غَيْرِ اعْتِدَالٍ، وَوَضَعَ الْمَال فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. أَما السَّرَفُ الذي نَهَى اللّه عنه فهو ما أُنْفِقَ في غير طاعة اللّه قليلاً كان أَوكثيراً , والإسْرافُ في النفقة التبذيرُ.
الإسراف اصطلاحًا: لقد وضع العلماء عدة تعريفات للإسراف نذكر منها ما يلي:
1- تعريف البيضاوي: « الإسراف هو الإنفاق في المحارم ».
2- تعريف الجصاص: « السرف هو مجاوزة حد المباح إلى المحظور ».
3- تعريف الجرجاني:« الإسراف إنفاق المال الكثير في الغرض الخسيس, وتجاوز الحد في النفقة وقيل: أن يأكل الرجل ما لا يحل له, أو يأكل مما يحل له الاعتدال ومقدار الحاجة, وقيل الإسراف تجاوز في الكمية, فهو جهل بمقادير الحقوق, وصرف الشيء فيما ينبغي زائدًا على ما ينبغي, بخلاف التبذير ».
4- تعريف الحموي: « هو تجاوز في الكمية, فهو جهل بمقادير الحقوق ».
5- وقيل : هو إفساد المال وإنفاقه في السرف . قال تعالى : { ولا تبذر تبذيرا } وخصه بعضهم بإنفاق المال في المعاصي ، وتفريقه في غير حق .
6- ويعرفه بعض الفقهاء بأنه:« عدم إحسان التصرف في المال، وصرفه فيما لا ينبغي، فصرف المال إلى وجوه البر ليس بتبذير، وصرفه في الأطعمة النفيسة التي لا تليق بحاله تبذير, وعلى هذا فالتبذير أخص من الإسراف؛ لأن التبذير يستعمل في إنفاق المال في السرف أوالمعاصي أو في غير حق، والإسراف أعم من ذلك؛ لأنه مجاوز الحد، سواء أكان في الأموال أم في غيرها، كما يستعمل الإسراف في الإفراط في الكلام أوالقتل وغيرهما .
وقد فرق ابن عابدين بين الإسراف والتبذير من جهة أخرى، فقال: « التبذير يستعمل في المشهور بمعنى الإسراف، والتحقيق أن بينهما فرقا، وهو أن الإسراف: صرف الشيء فيما ينبغي زائدًا على ما ينبغي، والتبذير: صرف الشيء فيما لا ينبغي.
مما سبق يتبين لنا أن الإسراف هو: تجاوز الحد في المباحات, والاستغراق في الاستجابة لرغبات النفس التي لها أصل مشروع مما يخرج بالشخص عن الاعتدال والتوسط, وبهذا فإن الإسراف محرم لما فيه ظلم للنفس وتحطيم قدراتها.
ولقد دل على تحريم الإسراف في الإنفاق القرآن الكريم والسنة النبوية و الآثار .
فمن الأدلة الدالة على تحريم الإسراف من القرآن الكريم مايلي:
1. قوله تعالى:) وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا *إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا  ( الإسراء:26, 27)
وجه الدلالة: في هذه الآية نهي عن التبذير في قوله: ولا تبذر تبذيرا  أي: لا تسرف في الإنفاق في غير حق. وكذلك تنفير من التبذير والإسراف في النفقة, حيث شبه من يعمل ذلك بالشياطين, وهي غاية المذمة لأنه لا شر من الشيطان, فلما أمر الله تعالى بالإنفاق نهى عن الإسراف فيه, وقال منفرًا عن التبذير والسرف: إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين أي: أشباههم, في التبذير والسفه وترك طاعة الله وارتكاب معصيته؛ ولهذا قال: وكان الشيطان لربه كفورا  أي:جحودا؛ لأنه أنكر نعمة الله عليه ولم يعمل بطاعته بل أقبل على معصيته ومخالفته.
2. قوله تعالى:) ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا (الفرقان:67) وجه الدلالة: ما ذكره ابن كثير في معنى الآية: « ولا تسرف في الإنفاق فتعطي فوق طاقتك وتخرج أكثر من دخلك فتقعد ملوما محسورًا » . فالإسراف يؤدي في النهاية إلى نفاد أموال المسرف, وإفلاسه, فينتج عن ذلك التطلع والتشوف إلى ما في أيدي الناس, فيعيش المسرف نادمًا على ما فاته من السعة والرفاهية, ومتحسرًا على ما أنفقه.
3. قوله تعالى:) وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ( الأعراف: 31)
وجه الدلالة ما قاله الشوكاني في تفسير الآية: « أمر الله سبحانه عباده بالأكل والشرب ونهاهم عن الإسراف, فلا زهد في ترك مطعم ولا مشرب وتاركه بالمرة قاتل لنفسه, وهو من أهل النار كما صح في الأحاديث الصحيحة, والمقلل منه على وجه يضعف به بدنه ويعجز عن القيام بما يجب عليه القيام به من طاعة أو سعي على نفسه, وعلى من يعول مخالفًا لما أمر الله به, وأرشد إليه, والمسرف في إنفاقه على وجه لا يفعله إلا أهل السفه والتبذير مخالف لما شرعه الله لعباده, واقع في النهي القرآني, وهكذا من حرم حلالا أوحلل حرامًا فإنه يدخل في المسرفين, ويخرج عن المقتصدين ومن الإسراف الأكل لا لحاجة وفي وقت شبع ».
4. وحذر الإسلام من الترف الفاحش الذي يؤدي إلى الفسق وارتكاب المعاصي فيستوجب غضب الرب كما يستوجب الدمار والهلاك والخراب ، قال تعالى:  وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا  (سورة الإسراء ، الآية:16)

ومن الأدلة على تحريم الإسراف من السنة النبوية ما يلي:
1- قوله : (( كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة ))
وجه الدلالة: دل الحديث على تحريم الإسراف في المأكل والمشرب والملبس, والصدقة .
2- قوله r: (( إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات . وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ))
وجه الدلالة: أن الحديث دل على كراهة إضاعة المال, وقد اختلف العلماء في معنى إضاعة المال فمنهم من قال: « أنه إنفاق المال في الحرام, ومنهم من قال إنفاقه وإن كان في الحلال ». وقد قال المناوي: « ( إضاعة المال ) صرفه في غير حله وبذله في غير وجهه المأذون فيه شرعًا أو تعريضه للفساد,والله لا يحب المفسدين, أو السرف في إنفاقه بالتوسع في لذيذ المطاعم والمشارب, ونفيس الملابس والمراكب وتمويه السقوف ونحو ذلك لما ينشأ عنه من غلط الطبع, وقسوة القلب المبعدة عن الرب أما في طاعة فعبادة, وقد نهى سبحانه عن التبذير وأرشد إلى حسن التدبير ». وقال ابن حجر في معنى (إضاعة المال): « وقد قال الجمهور: إن المراد به السرف في إنفاقه. وعن سعيد بن جبير إنفاقه في الحرام ».
وفي عمدة القاري نقلا عن المهلب قال في إضاعة المال: « يريد السرف في إنفاقه وإن كان فيما يحل ألا ترى أنه رد تدبير المعدم لأنه أسرف على ماله فيما يحل, ويؤجر فيه لكنه أضاع نفسه وأجره في نفسه آكد من أجره في غيره ».
3- نهيه  لسعد بن أبي وقاص  عن الصدقة بأكثر من الثلث, وقوله  له: (( الثلث والثلث كبير أو كثير, إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس, وإنك لن تنفق نفقة تتبغي بها وجه الله إلا أجرت بها, حتى ما تجعل في امرأتك)).
ومن الأثار الدالة على تحريم الإسراف قول ابن اللباد :« إن السرف في كل شيء مضر بالجسد ومضر بالمعيشة ويؤدي إلى الإتلاف فيضر بالنفس ».
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: بيان الحد الصحيح لكل من: الإسراف - التقتير ،،،

خلاصة الحوار الفقهي (2)
(بيان الحد الصحيح لكل من: الإسراف -والتقتير ....)






وعدناكم في بداية هذا الموضوع بأن ننشر خلاصته ونتائجه بعد الانتهاء من مناقشته
وقد انتظرنا حتى توقفت المناقشات ثم قام الأستاذ زايد عيدروس الخليفي، بالنظر في جميع المشاركات العلمية في حلقة النقاش ، كما اطلع على بعض البحوث والمؤلفات السابقة في الموضوع، واستخلص من هذا كله الحد الصحيح لكل من : السرف والتقتير. فكانت هذه الخلاصة التي بين أيديكم والتي تعد ثاني الخلاصات العلمية التي أنتجتها الشبكة الفقهية.

ويمكنكم الاطلاع على جميع الخلاصات
هنا
 

المرفقات

  • الخلاصة العلمي&#15.pdf
    164.6 KB · المشاهدات: 0
إنضم
1 أبريل 2011
المشاركات
11
الكنية
أبو شافي
التخصص
الفقه وأصول فقه
المدينة
الأحمدي
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: بيان الحد الصحيح لكل من: الإسراف - التقتير ،،،

موضوع طيب ومشاركات الاخوان مفيده وفقكم الله
 

ريماس هيثم

:: متابع ::
إنضم
7 مارس 2015
المشاركات
4
الجنس
أنثى
التخصص
الطب
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
السني
رد: بيان الحد الصحيح لكل من: الإسراف - التقتير ،،،

جزاكم الله خيرا​


 

وليد حميد جدوع

:: متابع ::
إنضم
15 أغسطس 2017
المشاركات
12
الكنية
أبو رقية
التخصص
الفقه
المدينة
الفلوجة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: بيان الحد الصحيح لكل من: الإسراف - التقتير ،،،

بارك الله فيكم
 
أعلى