العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

بيع الفضولي وشراؤه

زياد العراقي

:: مشرف ::
إنضم
21 نوفمبر 2011
المشاركات
3,614
الجنس
ذكر
التخصص
...
الدولة
العراق
المدينة
؟
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي

بيع الفضولي وشراؤه [1]






المراد بالفضول لغة: هو من يشتغل بما لا يعنيه، أو بما ليس له، وعمله يسمى فضالة.


والفضولي مأخوذ من الفضل، وكلمة الفضل تدل على معنى الزيادة [2].


وتعاريف الفقهاء تدور على هذا المعنى، فهو عندهم من يتصرف في حق الغير بغير إذن شرعي، أو ولاية [3].


فإذا تصرف الفضولي في مال غيره بالبيع فهل يصح تصرفه موقوفاً على الإجازة أو لا؟. محل خلاف بين العلماء.


اختيار ابن تيمية:


اختار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أن تصرف الفضولي يكون موقوفاً على الإجازة من المالك، سواءً بالبيع أو بالشراء،خلافاً للمشهور من مذهب الحنابلة.


قال رحمه الله: مع أن القول بوقف العقود مطلقاً هو الأظهر في الحجة، وهو قول الجمهور، وليس ذلك إضراراً أصلاً، بل صلاح بلا فساد، فإن الرجل قد يرى أن يشتري لغيره أو يبيع له، أو يستأجر له أو يوجب له، ثم يشاوره فإن رضي وإلا لم يصبه ما يضره ا.هـ. [4].


تحرير محل النزاع:


1- إذا لم يجز المالك تصرف الفضولي فلا ينفذ تصرفه بلا خلاف [5]، ومحل الخلاف إذا أجازه هل ينفذ أو لا؟.


2- إذا كان الفضولي معذوراً لعدم تمكنه من استئذان المالك فيقف نفاذه على الإجازة بلا خلاف كما قال ابن تيمية بل حكى اتفاق الصحابة على ذلك [6]، ومحل الخلاف فيما إذا كان غير معذور بتصرفه كأن يمكن أن يستأذن المالك فلم يفعل.


3- المراد بالشراء هنا إذا اشترى بعين مال المالك بغير إذنه، أما إذا اشترى له في ذمته فتلك مسألة أخرى يوافق فيها المذهب ما اختاره ابن تيمية من وقف العقد على الإجازة، [7] فلا خلاف فيها بين ابن تيمية وبين المشهور من المذهب، بل ذكر بعض الأصحاب جواز ذلك رواية واحدة، وحكى النووي أنه لا خلاف فيها [8].


أقوال العلماء في المسألة:


القول الأول:


أن بيع الفضولي وشراءه باطل.


وهو قول الشافعي في الجديد [9] وهو قول جمهور أصحابه وهو المذهب عند الشافعية، والحنابلة [10]. وبه قال الظاهرية [11].


القول الثاني:


أن تصرف الفضولي موقوف على الإجازة، فإن أجازه المالك صح وإلا فلا.


وبه قال أبو حنيفة [12]، ومالك [13]، والشافعي في قول عنه [14]، وأحمد في رواية [15]، وهو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وهو قول جماعة من كبار فقهاء الصحابة منهم بعض الخلفاء [16].


أدلة القول الأول:


وهم القائلون ببطلان تصرف الفضولي:


أولاً: من الكتاب:


1- قوله تعالى: ﴿ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ﴾ [17].


2- قوله تعالى: ﴿ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا ﴾ [18].


ووجه الدلالة من الآيتين:


أن أحكام كل نفس متعلقة بها دون غيرها، فدل عموم الآيتين على منع تصرف أحد في الآخر إلا بإذنه، فإن فعل صار باطلاً بمقتضى دلالة الآيتين [19].


ونوقش:


أ- بأن المراد هو تحمل الثواب والعقاب دون أحكام الدنيا، بدليل ما جاء بعد الآية وهو ﴿ أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [20].


ب- وأجاب بعضهم بأن الآية عامة مخصصة بأدلة المجوزين [21].


ثانياً: من السنة:


1- حديث حكيم بن حزام مرفوعاً: "لا تبع ما ليس عندك" أخرجه الإمام أحمد والأربعة، وحسنه الترمذي [22].


ووجه الدلالة:


أن الفضولي ليس بمالك، فكان ممنوعاً من البيع والشراء لعدم الملك.


ونوقش:


أ- أن النهي إنما هو في بيع الفضولي لنفسه لا لغيره، بدليل سبب الحديث في قصة حكيم.


ب- وأجاب بعضهم بأن المراد البيع التام لا الناقص الموقوف، والحديث فيه النهي عن البيع التام المطلق لا الناقص.


ج- أن المراد بالحديث النهي عن بيع ما ليس مقدوراً عليه، بدليل جواز بيع الوكيل مع كونه ليس له، فدل أن المراد ليس المنع من بيع مالا يملك مطلقاً [23].


2- عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً: "لا طلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك، ولا بيع إلا فيما تملك" أخرجه أحمد وأبو داود والطحاوي والبيهقي[24].


3- حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الآخر مرفوعاً "أنه لا يصلح شرطان في بيع، ولا بيع وسلف، ولا بيع ما لا يملك، ولا ربح ما لا يضمن "أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي والبيهقي[25].


ووجه الدلالة من الحديثين:


أن فيهما النهي عن بيع ما لا يملك، وهذا الفضولي لا يملك، والنهي يقتضي الفساد فيبطل.


ونوقش:


أ- أن الحديث ورد على معنى، وهو أن يأتي الرجل فيعقد مع رجل ببيع ما ليس عنده، ثم يذهب البائع إلى آخر ليشتري السلعة ليسلمها للمشتري الأول، وهذا المعنى غير موجود هنا.


ب- ثم إنه يعترض بصحة شراء الوكيل مع أنه لا يملكه.


فإن قيل: إنه مأذون له.


قلنا: فالفضولي معلق صحة البيع على إذنه فإن أذن صح وإلا فلا، ولا ضرر على المالك [26].


ج- أن عقد السلم يصح بيع المسلم فيه وقت العقد، مع أنه ليس بمالك له، فكذلك الحال في بيع الفضولي.


4- حديث أبي بكرة السابق مرفوعاً: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ..." [27].


ووجه الدلالة منه كما ذكر ابن حزم، أن تصرف الفضولي في مال الغير حرام؛ لأنه تصرف في مال أخيه المسلم بلا إذن فيحرم [28].


ونوقش:


أن الفضولي لم يأكل مال أخيه بالحرام، بل تصرف لمصلحته فإن أذن له فذاك وإلا لم يلزمه، وحقه محفوظ.


ثالثاً: من المعنى والنظر:


1- أنه تصرف لم يصدر عن ولاية شرعية فهو لم يصدر عن ملك، ولا إذن في التصرف، والملك شرط مجمع عليه لصحة البيع، وكذلك الإذن فيه.


ونوقش:


بأن الإذن موجود، حيث توقفت صحة البيع على إذنه، فإن لم يأذن لم يصح [29].


2- القياس على طلاق الصبي والمجنون بجامع عدم الأهلية، فكما أن طلاقهما لغو وإن أجازاه بعد البلوغ فكذلك هنا.


ونوقش:


أنه قياس مع الفارق؛ لأن طلاق الصبي ليس له مجيز وقت وقوعه، بخلاف تصرف الفضولي [30].


3- القياس على بيع السمك في الماء، والطير في الهواء، بجامع عدم القدرة على تسليم المبيع.


ونوقش:


بأنه قياس مع الفارق؛ لأن المنع من بيع السمك في الماء لأنه غير مملوك أصلاً، وهذا غرر منهي عنه، بخلاف بيع الفضولي [31].


أدلة القول الثاني:


وهو القول بوقف تصرفه على الإجازة.


أولاً: من الكتاب:


1- عموم الآيات الدالة على جواز البيع كقوله تعالى: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ ﴾ [32].


وقوله: ﴿ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [33]. ونحوها من الآيات.


ووجه الدلالة منها:


أنها دلت على أن الأصل في البيع الحل إذا وجدت دلالة الرضا، وهذا بيع توفرت فيه الشروط مع الإجازة من المالك فكان صحيحاً [34].


2- قوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [35].


ووجه الدلالة منها:


أن فيها حثاً على التعاون على البر والتقوى، وبيع الأخ لأخيه فيه عون له، إذ يكفيه مؤونة البيع والشراء مع كون البيع موقوفاً على إذنه.


ونوقش:


أنه من التعاون على الإثم والعدوان، وليس من التعاون على البر والتقوى؛ لأنه تعدٍ على مال أخيه المسلم [36].


وأجيب عن هذه المناقشة:


بأنه ليس تعدياً إذا كان مقروناً بإذنه، بل هو إحسان إليه [37].


ثانياً: من السنة:


1- حديث حكيم بن حزام - رضي الله عنه - "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث معه بدينار يشتري له أضحية، فاشتراها بدينار، وباعها بدينارين، فرجع فاشترى له أضحية بدينار، وجاء بدينار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتصدق به النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعا له أن يبارك له في تجارته" أخرجه أبو داود والترمذي والدارقطني والبيهقي والطبراني [38].


ونوقش:


أ- بضعفه لأمرين:


1- أن في سنده عند أبي داود رجلاً مجهولاً.


2- وكذلك يوجد في سنده عند الترمذي انقطاع.


ولذا ضعفه البيهقي والخطابي، وأعلَّه الترمذي بهذا [39].


ب- أنه يحتمل أن حكيم بن حزام كان وكيلاً مطلقاً.


وأجيب عن هذه المناقشة:


بأن ظاهر الحديث خلاف هذا، حيث وكله في شراء الأضحية [40]، ولم يوكله في المضاربة بمبلغ الأضحية، والمضاربة عقد والبيع عقد، وإنما وكله على أحدهما، فدل على صحة تصرف الفضولي إذا أجازه المالك.


2- عن عروة البارقي - رضي الله عنه - قال: دفع إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ديناراً لأشتري له شاة، فاشتريت له شاتين، فبعت إحداهما، وجئت بالشاة والدينار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكر له ما كان من أمره، فقال له: "بارك الله لك في صفقة يمينك" فكان يخرج بعد ذلك إلى كناسة [41] الكوفة، فيربح الربح العظيم، فكان من أكثر أهل الكوفة مالاً [42]. أخرجه البخاري.


ونوقش:


واعترض على الاستدلال به بمثل الاعتراض على حديث حكيم.


كما اعترض بضعف في سنده، وممن اعترض بهذا الاعتراض الإمام الشافعي وابن حزم.


وأجيب عن هذه المناقشة:


أ- بصحة الحديث فالحديث أخرجه البخاري في صحيحه وما أخرجه البخاري فقد جاوز القنطرة، وقد تلقت الأمة أحاديث الصحيح بالقبول والصحة، وتابعه الحفاظ على صحة ما فيه.


ب- ثم إن الحفاظ أجابوا على ما ذكر من الانقطاع بأنه غير صحيح، بل هو متصل كما قرره الحافظ ابن حجر وغيره.


ج- ولذا قال الشافعي في رواية أخرى: إن صح الحديث - يعني حديث عروة - فهو مذهبي [43] أ.هـ وقد صح.


3- عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - في قصة الثلاثة الذين آواهم الغار، وفيه قال: "... وقال الآخر: اللهم إني كنت استأجرت أجيراً بفرق [44] أرز، فلما قضى عمله قال: أعطني حقي، فعرضت عليه فرقه فرغب عنه، فلم أزرعه حتى جمعت منه بقراً ورعاءها، فجاءني فقال: اتق الله ولا تظلمني حقي، قلت: اذهب إلى تلك البقر وعاءها فخذها، فقال: اتق الله ولا تستهزئ بي، فقلت: إني لا استهزئ بك، خذ ذلك البقر ورعاءها، فأخذه فذهب به، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا ما بقي، ففرج الله ما بقي" متفق عليه [45].


ووجه الدلالة منه:


أنه دل على جواز التصرف من غير المالك بيعاً وشراء، حيث ذكرت على وجه المدح من النبي - صلى الله عليه وسلم.


نوقش:


أ- الاعتراض الأول: أن هذا شرع من قبلنا، وفي كونه شرعاً لنا خلاف مشهور.


وأجيب عن هذه المناقشة:


1- بأن الصحيح أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا لم يرد في شرعنا ما يخالفه [46]، لقول تعالى ﴿ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ﴾ [47].


2- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقره على وجه المدح والثناء لا الإخبار المطلق.


3- لا نسلم أنه شرع من قبلنا، بل هو من شرعنا الصريح؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقره على وجه المدح والثناء، وإقراره تشريع، بل ورد في بعض الروايات قال: "من استطاع منكم أن يكون مثل صاحب فرق الأرز فليكن مثله" [48].


ب- الاعتراض الثاني: أنه محمول على أنه استأجره بشيء في الذمة، ولم يسلمه إليه، بل عينه له، فلم يتعين من غير قبض فبقي على ملك المستأجر، ثم تصرف فيه وهو على ملكه، ثم تبرع به له [49].


وأجيب عن هذه المناقشة:


أن ظاهر الحديث أنه نماء ملكه لا تبرع من المستأجر، ولو كان تبرعاً لما ظن الأجير أن المستأجر يستهزئ به، والأجر كان معلوماً محدداً، فلم يكن شيئاً في الذمة بل حدده له بعينه، والمشهور في مذهب الحنابلة أن الأثمان (النقود) تتعين بالتعيين في العقود، وهو مذهب الشافعية خلافاً للحنفية [50]، وعلى هذا فهي متعينة هنا.


وفي بعض الروايات ما يدل أنه استلمها، ثم ردها غضباً منه، فدل أنه استلمها [51].


ثالثاً: من القياس والمعنى:


1- قياس بيع الفضولي على الوصية الموقوفة على إجازة الورثة، وهي الوصية بأكثر من الثلث، والجامع بينهما ظاهر.


ونوقش:


بأنه قياس مع الفارق؛ لأن الوصية تحتمل الغرر وتصح بالمجهول والمعدوم، بخلاف البيع.


وأجيب عن هذه المناقشة:


بأن القياس في قضية وقف العقد على الإجازة، فدل على أن لها أصلاً في الشرع، أما مسألة المجهول والمعدوم فتلك مسألة أخرى [52].


2- القياس على البيع بشرط الخيار، بجامع أن كلاً منهما عقد يتوقف على الإجازة، فكما أن البيع بشرط خيار ثلاثة أيام يجوز بالاتفاق، وهو بيع موقوف على الإجازة فكذلك بيع الفضولي.


ونوقش:


بأن البيع بشرط الخيار بيع مجزوم به منعقد في الحال، والمنتظر فسخه أو إمضاؤه فإذا مضت مدة الخيار لزم البيع.


وأجيب عن هذه المناقشة:


بأن بيع الفضولي بيع منعقد في الحال، لكن وقف على الإجازة لحق المالك [53].


3- بيع الفضولي بيع صدر من أهله في محله فلا يلغو، وتصرف العاقل يحمل على الوجه الأحسن ما أمكن، وفي إلغاء تصرفه إهدار لآدميته [54].


ونوقش:


بأن تصرف العاقل يحمل على الوجه الأحسن إذا لم يكن فيه ضرر على الغير، وقد أضر بالمالك هنا.


وأجيب عن هذه المناقشة:


بعدم الضرر هنا، بل فيه مصلحة ظاهرة بلا ضرر [55].


الترجيح:


والراجح - والله أعلم - وهو القول بجواز العقد ووقف نفاذه على موافقة المالك له:


1- لقوة أدلة هذا القول، وشمولها.




2- مطابقته لمقاصد الشريعة.




3- ولأن أدلة القائلين بالبطلان لا تقوى على معارضة المجيزين لقوة الاعتراضات الواردة عليها.




4- ولأن تصرف الفضولي فيه مصلحة للمالك ولا ضرر فيه، والشريعة تأتي بمثل ذلك كما قال ابن تيمية.




5- أن وقف العقد على الإجازة له أصل في الشرع في مثل: البيع بشرط الخيار، والوصية الموقوفة على إجازة الورثة، وإجازة المرأة لتزويج أبيها كما في الحديث "أجيزي ما صنع أبوك"[56] - إن صح الحديث - وغيره.




6- أن هذا القول قول جماعة من كبار فقهاء الصحابة، منهم بعض الخلفاء [57]، يؤيد ذلك أن وقف العقود للحاجة متفق عليه بين الصحابة كما سبق، فكذلك هنا [58].


وسبب الخلاف في المسألة هو الخلاف في قاعدة فقهية ترد في عدد من أبواب الفقه وهي قاعدة وقف العقود، فمن العلماء من قال بهذه القاعدة، ومنهم من خالف فيها [59].


ومن آثار الخلاف في المسألة ما يترتب على القول بالجواز من نماء المبيع، فعلى القول بالبطلان نماء المبيع للبائع، وعلى القول الثاني يتخرج عليه أنه للمشتري؛ لأنه نماء ملكه.


وقد يكون من ثمرة الخلاف: تأثيره هذه المسألة على الترجيح في الأبواب الأخرى التي تتأثر بعقد البيع مثل الإجارة وغيرها: هل ينفذ تصرفه فيها أو لا؟. على الخلاف السابق [60] والله أعلم.




[1] يوجد في الخطة مسألة عن بيع الماء في البئر، كانت قبل هذه المسألة وقد تم تأخيرها لباب الإجارة ودمجها مع مسألة إجارة الحيوان لأخذ لبنه لأنها أنسب لها وألصق بها.


[2] انظر: معجم مقاييس اللغة: (4/508)، لسان العرب: (10/280)، ترتيب القاموس المحيط: (3/501)، المغرب: (2/142)، الموسوعة الفقهية الكويتية: (32/171).


[3] انظر: البحر الرائق: (6/160)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق: (4/103)، المغرب: (2/142).


[4] مجموع الفتاوى: (20/580، 578)، (29/249)، (31/386)، الفتاوى الكبرى: (5/140)، إعلام الموقعين: (2/34-35).


[5] انظر: التصرفات الموقوفة: (63).


[6] انظر: مجموع الفتاوى: (20/579، 577).


[7] انظر: المبدع: (4/17)، أسنى المطالب: (2/11)، التصرفات الموقوفة: (53)، ولا فرق في مسألة البيع والشراء بين ما إذا سماه أو لم يسمه عند بعض الأصحاب، انظر: قواعد ابن رجب: (419).


[8] انظر: التصرفات الموقوفة: (56)، روضة الطالبين: (3/354).


[9] انظر: الوسيط: (3/22)، روضة الطالبين: (3/354)، نهاية المحتاج: (3/402)، حاشية الجمل: (3/32)، أسنى المطالب: (2/10)، مغني المحتاج: (2/21)، حاشية إعانة الطالبين: (3/13)، الأشباه والنظائر للسيوطي: (177)، الإمام الشافعي في مذهبيه القديم والجديد: (585).


[10] انظر: المحرر: (1/310)، المقنع: (2/8)، المغني: (6/295)، الفروع: (4/36)، المبدع: (4/16)، الإنصاف: (4/283)، دقائق أولي النهى: (2/143)، كشاف القناع: (3/157)، الروض المربع: (4/340، 341)، الشرح الممتع: (8/147).


[11] انظر: المحلى لابن حزم: (7/351، م 1462)، المغني: (6/295)، وانظر في مذاهب العلماء: الكلام في بيع الفضولي للعلائي: (26).


[12] انظر: المبسوط: (13/153-155)، بدائع الصنائع: (5/148)، البحر الرائق: (6/160)، تبيين الحقائق: (4/102-103)، الاختيار لتعليل المختار: (2/17)، شرح فتح القدير: (7/51).


[13] انظر: الإشراف للقاضي عبدالوهاب: (1/276)، مواهب الجليل: (4/270)، حاشية الخرشي: (5/18)، حاشية الدسوقي: (3/12)، منح الجليل: (4/458).


[14] انظر: روضة الطالبين: (3/355)، تحفة المحتاج: (4/246)، مغني المحتاج: (2/21)، نهاية المحتاج: (3/402)، حاشية الجمل: (3/32)، أسنى المطالب: (2/10)، الأشباه والنظائر للسيوطي: (3/354)، الإمام الشافعي في مذهبيه القديم والجديد (585).


[15] انظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين: (1/352)، المحرر: (1/310)، المغني: (6/295)، الفروع: (4/36)، الإنصاف: (4/283) المبدع: (4/16)، حاشية الروض المربع لابن قاسم: (4/340)، وانظر: الكلام في بيع الفضولي للعلائي: (26).


[16] انظر: إعلام الموقعين: (2/34)، آثار عقود المعاملات: (1/48)، اختيارات ابن القيم الفقهية في المعاملات والأنكحة: (1/130).


[17] سورة البقرة: الآية: (286).


[18] سورة الأنعام: الآية: (164).


[19] انظر: أحكام القرآن للجصاص: (1/537)، أحكام القرآن للكيا: (3/350)، أحكام القرآن لابن العربي: (2/264).


[21] انظر: فتح القدير: (2/186).


[22] مسند الإمام أحمد: (3/402)، سنن أبي داود: (3/ 283 )، كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، رقم (3503)، سنن الترمذي: (3/534)، كتاب البيوع (12)، باب (19)، حديث رقم (1232)، سنن النسائي: (7/289) باب ما ليس عند البائع، سنن ابن ماجه: (2/737)، كتاب التجارات (12)، باب رقم (20)، حديث رقم (2187)، ورواه الطبراني في الكبير أيضاً: (3/217-219) حديث رقم (3100).


[23] انظر: التصرفات الموقوفة: (91-92)، أحكام إذن الإنسان (1/185)، أحكام الإسقاط: (124)، الكلام في بيع الفضولي: (35).


[24] الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده: (11/43)، رقم الحديث (6769) تحقيق أحمد شاكر، من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً، وأبو داود: (2/258)، كتاب الطلاق، باب في الطلاق قبل النكاح، رقم الحديث (2190) واللفظ له، والطحاوي في مشكل الآثار: (2/131)، والبيهقي: (7/318)، كتاب الخلع والطلاق، باب في الطلاق قبل النكاح، وصححه الشيخ أحمد شاكر، وابن حبان والترمذي، التلخيص الحبير: (3/5).


[25] أخرجه أبو داود: (3/283)، كتاب البيوع والإجارات (17)، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده (70)، رقم الحديث (3504)، والترمذي: (3/ 535 )، رقم (1234)، من كتاب البيوع (12)، باب رقم (19)، والنسائي: (7/288)، البيوع (44)، باب رقم (60)، حديث رقم (4611) والبيهقي: (5/339)كتاب البيوع، باب النهي عن بيع ما ليس عندك، وصححه الترمذي، التلخيص الحبير: (3/17).


[26] انظر: المغني: (6/296)، الفروق: (3/244)، تبيين الحقائق: (4/102-104)، أحكام إذن الإنسان: (1/184)، التصرفات الموقوفة: (92).


[27] سبق تخريجه: (189).


[28] انظر: المحلى: (7/351، م1462).


[29] انظر: الاصطلام في الخلاف: (3/181)، أسنى المطالب: (2/10)، التصرفات الموقوفة: (95).


[30] انظر: المغني: (6/296)، أحكام إذن الإنسان (185).


[31] انظر: المبسوط: (13/155)، المغني: (6/296)، أحكام إذن الإنسان: (186).


[32] سورة البقرة: الآية (275).


[33] سورة النساء: الآية (29).


[34] انظر: بدائع الصنائع: (5/149)، التصرفات الموقوفة: (65).


[35] سورة المائدة: الآية (2).


[36] انظر: المحلى: (7/351، م1462).


[37] انظر: بدائع الصنائع: (5/149)، الفروق للقرافي: (3/244)، مواهب الجليل: (4/270)، أحكام إذن الإنسان: (1/185).


[38] أخرجه أبو داود: (3/256)، كتاب البيوع والإجارات، باب في المضارب يخالف، رقم (3386)، والترمذي في سننه: (3/558)، كتاب البيوع (12)، باب (34)، رقم الحديث( 1257)، والبيهقي: (6/112)، كتاب القراض، باب المضارب يخالف بما فيه زيادة لصاحبه، ومن اتجر في مال غيره بغير أمره، والدارقطني في سننه: (3/9)رقم (28) من كتاب البيوع، والطبراني في الكبير: (3/205).


[39] انظر: التلخيص الحبير: (3/5)، والرجل المجهول هو عبد الله بن عصمة، قال عنه عبد الحق إنه: ضعيف جداً، وذكر ابن حجر أن ابن سيرين لم يسمعه من حكيم.


[40] انظر: أحكام إذن الإنسان: (1/189)، الكلام في بيع الفضولي: (32).


[41] هي ملقى القمامة، وهي محلة بالكوفة انظر: معجم البلدان: (4/481).


[42] الحديث أخرجه البخاري (6/632)، كتاب المناقب (61)، باب رقم (28)، حديث رقم (3642).


[43] انظر: فتح الباري: (6/634)، الكلام في بيع الفضولي: (31)، وممن صحح حديث عروة: المنذري والنووي والألباني، انظر: إرواء الغليل: (5/127)، الكلام في بيع الفضولي: (24).


[44] الفرق بفتح الراء والفاء مكيال يسع ستة عشر رطلاً، انظر: النهاية: (3/437).


[45] الحديث أخرجه البخاري: (4/408)، كتاب البيوع (34)، باب (98)، حديث رقم (2215) وأطرافه (2272، 2333، 3465، 5974)، صحيح مسلم: (4/2099)، في الذكر والدعاء (48) باب رقم (27)، حديث رقم (2743).


[46] انظر في المسألة: عمدة القاري: (12/25)، البحر المحيط: (6/39)، المسودة (183)، العدة (3/753)، المعتمد: (2/899)، المستصفى: (1/245)، الفصول: (3/19)، شرح تنقيح الفصول (298).


[47] سورة الأنعام: الآية (90).


[48] أخرجها أبو داود: (3/256)، كتاب البيوع، رقم الحديث (3387).


[49] انظر: إرشاد الساري: (4/100).


[50] انظر: الفروع: (4/168)، قواعد ابن رجب (383)، تصحيح الفروع (4/114)، الإنصاف: (4/331)، العناية: (3/343)، تبيين الحقائق: (4/88)،البحر الرائق: (5/186).


[51] انظر: فتح الباري: (6/507)، عمدة القاري: (12/171)، الكلام في بيع الفضولي: (33).


[52] انظر: الإشراف للقاضي عبدالوهاب: (1/276)، المغني: (6/295)، شرح فتح القدير: (7/52)، الاصطلام في الخلاف: (3/186).


[53] انظر: أحكام إذن الإنسان: (1/197).


[54] انظر: المبسوط: (13/154)، بدائع الصنائع: (5/149)، الاصطلام في الخلاف: (3/182).


[56] مسند الإمام أحمد: (6/136)، وأخرجه أيضاً النسائي في الصغرى: (7/86)، كتاب النكاح، باب البكر يزوجها أبوها وهي كارهة، وفي السنن الكبرى: (3/284)، وابن ماجه في سننه: (1/602)، كتاب النكاح (9)، باب (12) رقم الحديث (1874)، والبيهقي:(7/118) كتاب النكاح، باب ما جاء في إنكاح الآباء الأبكار، والدارقطني في سننه: (3/233)، برقم (47) والحديث صححه البوصيري وله شواهد عن ابن عباس وبريدة، وأعله الدارقطني بالإرسال، وضعفه الغساني والألباني وغيرهما. انظر: ضعيف الدارقطني للغساني: (407)، ضعيف ابن ماجه: (238).


[57] انظر: آثار عقود المعاملات: (1/48)، أحكام الإسقاط: (127)، أصول عقد البيع (65)، أحكام النماء في الفقه الإسلامي: (1/248).


[58] انظر: مجموع الفتاوى: (20/579-580)، الأشباه والنظائر لابن الوكيل: (2/90)، مختصر من قواعد العلائي وكلام الأسنوي لابن خطيب الدهشة: (1/261).


[59] انظر: مجموع الفتاوى: (20/579)، نظرية العقد: (209)، إعلام الموقعين: (2/34-35)، (3/399-400)، قواعد ابن رجب: (419)، الكلام في بيع الفضولي: (26، 43)، إيثار الإنصاف: (306)، الأموال ونظرية العقد: (348)، الملكية ونظرية العقد: (264)، الاشتراط لمصلحة الغير: (247)، نظرية العقد في الفقه الإسلامي من خلال عقد البيع، لمحمد سلامة: (213)، ويوجد كتاب معاصر بعنوان: نظرية العقود الموقوفة لكن لم يتيسر لي الاطلاع عليه.


[60] انظر: نظرية العقد في الفقه الإسلامي من خلال عقد البيع، لمحمد سلامة: (213).

المصدر
http://www.alukah.net/sharia/1064/50296/
 

هديل

:: متابع ::
إنضم
11 سبتمبر 2013
المشاركات
13
التخصص
فقه وتشريق
المدينة
ــــــــــ
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بيع الفضولي وشراؤه

بارك الله فيك
 
إنضم
31 يناير 2012
المشاركات
14
الكنية
أبو حسان
التخصص
دراسات إسلامية
المدينة
بريدة
المذهب الفقهي
الحنبلي والراجح والمحقق من المذاهب
رد: بيع الفضولي وشراؤه

جزاك الله خيراً أخي زياد
 
أعلى