العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

بين الاجتهاد والتقليد

إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
منذ وقت من الزمان وبعض المسائل يستعر جمرها ولما تخمد نارها ..
من هذه الموصوفة :
مسألة الاجتهاد والتقليد ..

وهي مسألة كثر فيها الكلام ، وتدارأ الناس فيها الملام..

فمن ملزم بالمذهب ، لا يجوّز عنه حيادا بحال من الأحوال ..فبات يرى الاجتهاد علامة الضلال ..فضلا عن كونه من المحال..


إلى آخر لا يرى للمذهب الفقهي قيمة ، ولا لالتزامه وجها ..فهو منكر على المتذهبين أشد الإنكار ..بدعوى أن التعبد إنما كان بالكتاب والسنة لا بأقوال الأئمة الأخيار !!


وودت لو أننا تعرضنا لهذه المسألة بالمناقشة والتحرير .. وبينا فيها الحق من غير تقتير ولا تبذير
..
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
ثم إن ممن ذهب إلى هذا الرأي الثاني - وهو عدم جواز ترك المذهب بحال - عدد من الأئمة المتقدمين ، أمثال ابن الصلاح ؛ المحدث الأصولي المعروف ؛ حيث إنه قد منع الاجتهاد وأفتى بإغلاق بابه ..
وذلك لشدة ما رأى من التخبط الفقهي ، وفوضى الفتاوى ..فرأى رحمه الله تعالى أن سد باب الاجتهاد أقصر الطرق لسد هذا الباب الذي ابتليت به الأمة .


وذهب إليه من المتأخرين فيما رأيت : الدكتور البوطي ؛ حيث صنف كتابا فيه عنون له بـ "اللامذهبية أكبر خطر يتهدد الشريعة" ، وقد نقل في مقدمته كلاما دار بينه وبين الشيخ الألباني في هذه المسألة ..وتقريره في موضعه .

ومن طلاب الشيخ من صنف في هذا كتابا في المسألة ، وهو الشيخ محمد عوامة ، سماه : "أثر الحديث الشريف في اختلاف الفقهاء" .
وهو كتاب بديع في بابه ، حاول مصنفه أن يستدل بألوان الأدلة على عدم جواز مخالفة المذهب ، والخروج منه إلى غيره ، لأي سبب من الأسباب ، ونقل عن الأئمة الكبار ما يؤيد ما ذهب إليه ، عن طريق التدليل على أن الحديث الشريف لا يُنجد في الاستنباط إلا الأئمة الكبار ، والعلماء المتبحرين .

من ذلك نقله عن الإمام الشافعي قوله :
"لا يحل لأحد أن يفتي في دين الله إلا رجلا عارفا بكتاب الله : بناسخه ومنسوخه ، وبمحكمه ومتشابهه ، وتأويله وتنزيله ، ومكيه ومدنيه ، وما أريد به وفيما أنزل ، ثم يكون بعد ذلك بصيرا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بالناسخ والمنسوخ ، ويعرف من الحديث ما عرف من القرآن ، ويكون بصيرا باللغة بصيرا بالشعر ، وبما يُحتاج إليه للعلم والقرآن ..
ويستعمل مع هذا الإنصاف وقلة الكلام ، ويكون بعد هذا مشرفا على اختلاف أهل الأمصار ، وتكون له قريحة بعد هذا ..
فإذا كان هكذا فله أن يتكلم ويفتي في الحلال والحرام .." .

ونقل عن ابن عبد البر كلاما شبيها بذلك .
يتبع ..
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بارك الله فيكم
تسجيل متابعة
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
وفيكم بارك الله ..

استكمالا لما مر ، نستطيع أن نجمل مرتكزات الفريق الثاني بما يأتي بيانه :

** أن الأئمة الأربعة قد تحققت فيهم الشروط التي نص العلماء على وجوب توفرها فيمن يتصدى للاجتهاد ، وقد تحققت هذه الشروط فيهم أبلغ من تحققها في غيرهم من العلماء ؛ وعليه - كما يرى أصحاب هذا القول - فلا مفر من اتباع هؤلاء الأئمة الذين تلقتهم الأمة بالقبول ، وشهدت لهم بالعلم والدين والفضل ..ووحه ذلك أن هضم هؤلاء للشريعة لا شك أنه أفضل من هضم غيرهم لها ..وسعة علمهم وكثرة حفظهم مما يوجب أنهم أقرب إلى الحق من غيرهم ولا شك .

** الركيزة الثانية ، وهي تابعة للركيزة الأولى ، لكنها متعلقة بالحفظ بالذات .
فهؤلاء الأئمة كانوا أساطين في حفظ الحديث ، وكانوا موسوعات ضخمة تعجز الموسوعات الإلكترونية اليوم عن الإحاطة بها ..

وممن نص على وجوب كون المجتهد المفتي واسع الحفظ كثير الاطلاع على الحديث إمام أهل السنة بحر العلم المتلاطم الأموج أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ، حيث جاء في إعلام الموقعين لابن القيم :
أن رجلا سأل الإمام أحمد رضي الله عنه :
"إذا حفظ الرجل مائة ألف حديث ؛ يكون فقيها ؟ قال الإمام : لا ، قال فمائتي ألف ؟ قال ك لا ، قال : فثلاثمائة ألف ؟ قال : لا ، قال : فأربعمائة ألف ؟ قال الإمام بيده هكذا وحركها " ، أي لعله يصلح أن يكون فقيها مجتهدا يفتي الناس .

وأسند الخطيب في الجامع إلى يحيى بن معين وقد قيل له : "أيفتي الرجل من ممائة ألف حديث ؟ قال : لا ، قلت : ومن مائتي ألف ؟ قال : لا ، قلت : ثلاثمائة ألف ؟ قال : لا ، قلت : خمسمائة ألف ؟ قال : أرجو " .

والحاصل : أن مثل هذا الحفظ فيمن بعد الأئمة يكاد يكون معدوما ، فإذا كان كذلك وجب اتباعهم ، ولم تجز مخالفتهم .
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
مناقشة للركائز التي اعتمد عليها الطرفان في إثبات قوليهما :

*** بالنسبة للفريق الأول من العلماء الذين ذهبوا إلى وجوب الاجتهاد على الجميع ، وحرمة اتباع المذاهب الفقهية ، إذا تأملنا ركائزهم - على النحو السابق المذكور ، يمكننا أن نناقشها بما يأتي :

1- أن ادعاءهم أن اتباع المذاهب الفقهية هو من بدع القرن الرابع الهجري ؛ ولم يكن قبل ذلك معلوما ولا معروفا ..قول ينقصه شيء من التريث ، وبيانه :
أن اتباع آراء العلماء الكبار وتقليدهم كان مشهورا معلوما ، وكان سنة الصحابة الكرام ، وتوجيه القرآن الكريم لمن لم يعلم في المسألة ما يؤهله للفتوى ، وكذلك هو أمر النبي صلى الله عليه وسلم .
ولن أستبق الأمور بسرد شيء من ذلك حتى آتي إلى موضعه .

2- أن قولهم : إن الله تعالى إنما تعبدنا يقوله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم لا بقول أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد . قلت : قولهم هذا صحيح ولا ينازع فيه أحد .
إنما الذي ينازع فيه أن يكون هذا مناقضا لاتباع آراء أعلم الناس بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

فما هؤلاء العلماء الربانيين إلا مستنبطين لما جاء في الكتاب والسنة من أحكام شرعية ، وليسوا مبتدعين من لدن أتفسهم شيئا ، وليسوا كذلك يعتمدون في هذا الاستنباط إلا على ما دل عليه الكتاب والسنة ، بحسب ما آتاهم الله تعالى من أفهام ، قد بينا في سياق الكلام الماضي أنها من أتم الأفهام ، وأكمل الأذهان .
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
*** أما بالنسبة إلى ركائز الفريق الثاني من العلماء ، وهم الذاهبون إلى عدم جواز مخالفة المذهب بحال .
فهؤلاء نستطيع أن نقول : إن ما ارتكزوا عليه في ما ذهبوا إليه نناقشهم به على الوجه الآتي :

1- أنه وإن سلمنا لكم أن الأئمة الأربعة هم من أعلم الناس وأفقههم ، فإننا لانسلم لكم بأن شروط الاجتهاد لم تتوفر في أي أحد كان بعدهم ، ومن ادعى ذلك لزمه الدليل على امتناعه ؛ وليس ثمة . بل الدليل من النقل والعقل والواقع على امتناع انقطاع المجتهدين في كل عصر ، من ذلك :

# قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها " ، رواه أبو داود في الملاحم من سننه من حديث ابن وهب، أخبرني سعيد بن أبي أيوب عن شراحيل بن يزيد المعافري عن أبي علقمة؛ واسمه مسلم بن يسار الهاشمي عن أبي هريرة فيما أعلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا؛ وقال؛ بعده رواه عبد الرحمن بن شريح الاسكندراني عن شراحيل فلم يجز به شراحيل، يعني عضله، وقد أخرجه الطبراني في الأوسط كالأول وسنده صحيح، ورجاله كلهم ثقات، وكذا صححه الحاكم فإنه أخرجه في مستدركه من حديث ابن وهب .

قال في عون المعبود :
"أي يبين السنة من البدعة ويكثر العلم وينصر أهله ويكسر أهل البدعة ويذلهم .
قالوا : ولا يكون إلا عالما بالعلوم الدينية الظاهرة والباطنة . قاله المناوي في فتح القدير شرح الجامع الصغير .
وقال العلقمي في شرحه . معنى التجديد إحياء ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة والأمر بمقتضاهما ".اهـ .

قلت : ومثل هذا لايكون إلا ممن توفرت فيهم شروط الاجتهاد ، حتى يحقق الغاية التي أراده الله سبحانه لها ، وهي تجديد الدين .

ولو أردنا الاستقصاء لوجدنا أكثر من ذلك .

2- أما الدليل العقلي ؛ فبيانه : أنه قد اتفقنا على ظهور أمثال هؤلاء المجتهدين في عصر الأئمة الأربعة وقبلهم ، فما المانع من إمكانية ظهور أمثالهم أو قريبا منهم فيمن بعدهم ؟
ثم إنه لا يلزم في اعتبار شروط الاجتهاد بلوغ منزلة الأئمة الأربعة في العلم ، فهم قد تحققت فيهم الشروط على الكمال والتمام ، ولا يمنع حصول هذه الشروط فيمن بعدهم لكن لا على الوجه الذي تحصل فيهم . والله أعلم .
ثم إنه لا يلزم أن يكون الأعلم هو صاحب الصواب في كل مسألة ، بل قد يستدرك الأقل علما على الأعلم في كثير من الأحيان ، وألصق ذلك بما نحن بصدده مخالفة هؤلاء العلماء لكبار الصحابة في كثير من المسائل ؛ مع أنه من المعلوم أن هؤلاء الكبار من الصحابة أعلم وأفقه ، وشهدوا التنزيل وصحبوا النبي وأخذوا عنه ، صلى الله عليه ورضي عن أصحابه .

3- من الأدلة - أيضا - الواقع ، فإن تاريخ الأمة قد شهد عدد كبيرا من العلماء الكبار الذين اجتهدوا ولم يلتزموا مذهبا معينا ، وكانت لهم أصولهم التي بنوا عليها فقههم ، وقد تلقاهم العلماء بالقبول ، واشتهرت مصنفاتهم وأكب عليها العلماء بالدرس والتحصيل .

يتبع ..
 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
جزاكم الله خيرا أخانا الحبيب الشيخ رأفت ، وأحسن اليكم .
فلتأذن لي بهذه الإضافة :


قال الحافظ الذهبي في "سير أعلام النبلاء " 14/491 في ترجمة الامام الحافظ ابن المنذر :

"قال الشيخ محيي الدين النواوي: له من التحقيق في كتبه ما لا يُقاربه فيه أحد، وهو في نهايةٍ من التّمّكُّن من معرفة الحديث، وله اختيار ، فلا يتقيد في الاختيار بمذهب بعينه، بل يَدورُ مع ظهور الدليل.

قلت: ما يتقيد بمذهب واحد ، إلا من هو قاصر في التمكن من العلم ، كأكثر علماء زماننا ، أو من هو متعصب، وهذا الإمام ، فهو من حملة الحجة ، جار في مضمار ابن جرير، وابن سريج، وتلك الحلبة رحمهم الله" ..
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
وسع الله عليكم ..أخي وشيخي الحبيب ..

هذا أحد الأمثلة التي زخر بها تاريخنا ..علماء كبار كانت لهم أصولهم واستنباطاتهم التي لا ينكر أحد مقدارها وقيمتها العلمية التي لا تقل عن اجتهادات الأئمة الأربعة ..

وودت من الإخوة المشاركة وإثراء الموضوع ، فإنه ليس بين يدي ما هو مكتوب مسبقا ، إنما هي خواطر وليدة اللحظة ، تحتاج إلى تعقبات وإضافات ..والله نسأل أن يعلمنا ويفقهنا ..إنه أكرم مسؤول .
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
الترجيح ..
الذي عليه أكثر العلماء فيما أن الالتزام بالمذهب الفقهي مشروع بالجملة على ما سأبين ، كما أن مخالفة المذهب لوضوح الدليل المعارض وقوته واجب لايجوز العدول عنه لمن امتلك القدرة العلمية على النظر في النصوص الشرعية ؛ من علم بالأصول الفقهية ، واللغة العربية ، وسعة الاطلاع على الحديث الشريف وغير ذلك مما نص العلماء عليه من شروط وجب توفرها فيمن يملك هذا الحق .

وبيان ذلك على التفصيل :

** أن اتباع العلماء والأخذ بأقوالهم سواء من الأئمة الأربعة أو غيرهم مشروع بالجملة ، ومن أدلة ذلك :

1- قول الحق تبارك وتعالى : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ، ففيه :
جواز تقليد أهل العلم والأخذ عنهم .

2- عن عطاء بن أبي رباح أنه سمع عبد الله بن عباس قال أصاب رجلا جرح في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم احتلم فأمر بالاغتسال فاغتسل فمات فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : "قتلوه قتلهم الله ألم يكن شفاء العي السؤال " .
ووجه الدلالة منه :
أن هؤلاء الصحابة الذين أفتوه تمسكوا بعمومات الأمر بالغسل ، وأفتوه بناء على ذلك ، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم اجتهادهم هذا ، إذ إنه كان اجتهادا ناقصا ، لعدم الإحاطة بالمسألة من كل وجه ، ووجههم نحو سؤال من هو أعلم منهم في المسألة .

3- قال ابن عباس رضي الله عنه لبعض من جادله في بعض المسائل: (يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله، وتقولون: قال أبو بكر وعمر )
ووجه الدلالة منه :
أن الصحابة كان بعضهم يقلد بعضهم الآخر ممن هم أعلم وأفقه ، كما قلدوا في الأثر المذكور أبا بكر وعمر .

يتبع ..
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
هذا ، وإذا تقرر جواز اتباع المذاهب الفقهية بالجملة ؛ فإنه لا بد من الإشارة إلى أن الأصل في الذي بلغ مبلغ الاجتهاد والنظر والقدرة على التمييز بين الأدلة الشرعية والموازنة بينها أن لا يتبع قول أحد من العلماء إذا خالف الأخير اجتهاده هو ، أو تيقن أن الحق من الشرع بخلاف مذهبه ، فإن الناس قد تعبدهم الله بقوله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم .

وهذا الذي ذكرت هو منصوص الأئمة الأربعة وغيرهم من علماء الإسلام - كما نقل لنا سالفا أخونا د ربيع حفظه الله تعالى - ، وأعيد ذكره هنا تكميلا للموضوع وأخذا له من أطرافه :
قال أبو حنيفة رحمه الله : ( إذا صح الحديث فهو مذهبي ) ، و قال أيضاً : ( لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه ) . وفي رواية : ( حرام على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي )، زاد في رواية : ( فإننا بشر نقول القول اليوم ونرجع عنه غدا ) .

وقال الإمام مالك رحمه الله : ( إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه ) .
وقال الشافعي : ( ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ،وتعزب عنه فمهما قلت من قول أو أصلت من أصل فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت فالقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ،و هو قولي ) .
وقال أيضاً : ( كل ما قلت فكان عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف قولي مما يصح فحديث النبي أولى فلا تقلدوني ) .

وقد سبق ذكر حديث ابن عباس رضي الله عنهما حين قال لبعض من جادله في بعض المسائل: (يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله، وتقولون: قال أبو بكر وعمر ) .
ففيه : عدم جواز اتباع قول أحد إذا خالف قول الله تعالى ورسوله الله صلى الله عليه وسلم ، وأن ذلك مظنة نزول العذاب .
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
هذا ، والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات ..
قد ختمت ما عندي في هذه المسألة ، إلا إذا كان ثمة مداخلات أو مشاركات ، والله يجزي سيدنا محمدا عنا خيرا الجزاء ..وصلى الله على محمد وعلى الآل والأصحاب الكرام ..وعلى من سار هلى النهج النبوي ، واقتفى الأثر المحمدي إلى يوم الدين ..
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,136
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
جزاك الله عنا خير الجزاء وأوفاه ...
شكر الله لك أخانا الحبيب ...
وجمعنا بك عن قريب ...
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
أخي الشيخ رأفت الذي يظهر لي والعلم عند الله أن مادة الخلاف بين أهل العلم في القول بالتمذهب من عدمه هي فرع عن فهم التمذهب كما سبق وأشرتُ إليه في مقال: (الفقه بين التمذهب والتقليد) فالمنكرون للتمذهب أحد شخصين:
الأول: قوم لم يفهموا من معنى التمذهب إلا التقليد المحض، فكان إنكارهم فرعا عما اعتقدوه من معنى التمذهب، وهذا يعرض للناشيء في العلم، أو من لم يقرأ كتب فقهاء المذاهب.
الثاني: قوم فهموا التمذهب فهما صحيحا ولكن نازع هذا الفهم الواقع الذي كان عليه الأمة في بعض فتراتها من التعصب المذهبي الصارخ، ودعوى خلوا الأرض من المجتهد، وهذا الذي عرض لجماعة من الأئمة ممن لهم قدم راسخ في العلم وقراءة وتمكن في كتب الفقهاء كالشوكاني ومن على شاكلته، وهؤلاء أجزم أنهم لم يقصدوا بإنكار التمذهب التمذهب الذي هو التزام التراتيب الفقهية وطرق التفقه والاستدلال في النصوص الشرعية.
بدليل أن طائفة من هؤلاء هم في أنفسهم ممن كان له سعي في إنشاء مدارس خاصة بهم في طرق التفقه والاستنباط ولا أدل على ذلك من الإمام الشوكاني فإنك تلحظ ذلك حتى في تدرجه في التأليف من الدرر البهية إلى شرحها إلى شرحها ثم السيل الجرار ، وأذكر أن شيخنا العلامة فقيه اليمن / محمد بن إسماعيل العمراني. وهو من أعلم خلق الله بكتب الشوكاني كان يقرر هذا المعنى وهو أن الشوكاني كان يحاول أن ينسج له مدرسة فقهية لها أتباعها، بل قد ذكر لي أن في بلاد الهند من التزم مذهب الشوكاني، وهذا غير بعيد لا سيما لمن طالع كتب صديق حسن رحمه الله.
بل لا أبالغ إن قلت أن جملة من فضلاء المتأخرين ممن لهم عناية بالسنة والأثر وقع من أتباعهم تحت غطاء التزام النص الشرعي من التقليد ما هو أبعد بكثير مما وقع من مقلدة المذاهب.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ويؤكِّد هذا أيضاً - على حد قول هؤلاء - :
أنَّ ابن حزم رحمه الله أعلن قولا لا يسرُّه أنَّ تقليد الآراء لم يكن قط في قرن الصحابة، ولا في قرن التابعين، ولا في قرن تابع التابعين، وإنما حدثت هذه البدعة في القرن الرابع المذموم على لسان النبي صلى الله عليه وسلم
قال رحمه الله:
"واعلموا رحمكم الله أني أقول إعلاناً لا أسره ان تقليد الآراء لم يكن قط في قرن الصحابة رضي الله عنهم، ولا في قرن التابعين ولا في قرن تابع التابعين، وهذه هي القرون التي أثنى النبي عليها، وإنما حدثت هذه البدعة في القرن الرابع المذموم على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه لا سبيل إلى وجود رجل في القرون الثلاثة المتقدمة قلد صاحباً أو تابعاً أو إماماً أخذ عنه في جميع قوله فأخذه كما هو، وتدين به وأفتى به الناس، فالله الله في أنفسكم، لا تفارقوا ما مضى عليه جميع الصحابة أولهم عن آخرهم وتابعهم عن [متبوعهم]، وتابع التابعين أولهم عن آخرهم، دون خلاف من واحد منهم، من ترك التقليد واتباع أحكام القرآن وحديث النبي عليه السلام وروايته والعمل به. فاجتنبوا هذه [246/أ] الحادثة في القرن المذموم المخالفة للإجماع المتقدم، وبعد أزيد من مائتين وخمسين عاماً من موت النبي عليه السلام، فكل بدعة ضلالة، فقد نصحت لكم وأديت ما لزمني في ذلك، وبقي ما عليكم."
راجع: رسائل ابن حزم - (ج 3 / ص 167)

وأكد هذه الحقيقة الأمين الشنقيطي في تفسيره "أضواء البيان عند تفسيره" لقوله تعالى:
{ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) }
ولعله استفادها من ابن حزم رحمه الله أو ممن نقل عنه أو يكون مما اتفق تحصيله عن طريق النظر.
يقول رحمه الله:
وأما نوع التقليد الذي خالف فيه المتأخرون ، الصحابة وغيرهم من القرون المشهود لهم بالخير ، فهو تقليد رجل واحد معين دون غيره ، من جميع العلماء فإن هذا النوع من التقليد ، لم يرد به نص من كتاب ولا سنة ، ولم يقل به أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أحد من القرون الثلاثة المشهود لهم بالخير .
وهو مخالفة لأقوال الأئمة الأربعة رحمهم اللهن فلم يقل أحد منهم بالجمود على قول رجل واحد معين دون غيره ، من جميع علماء المسلمين .
فتقليد العالم المعين من بدع القرن الرابع ، ومن يدعي خلاف ذلك ، فليعين لنا رجلاً واحداً من القرون الثلاثة الأول ، التزم مذهب رجل واحد معين ولن يستطيع ذلك أبداً ، لأنه لم يقع ألبتة .
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يقول ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين - (ج 2 / ص 208):
" وأيضا فإنا نعلم بالضرورة أنه لم يكن في عصر الصحابة رجل واحد اتخذ رجلا منهم يقلده في جميع أقواله فلم يسقط منها شيئا وأسقط أقوال غيره فلم يأخذ منها شيئا ونعلم بالضرورة أن هذا لم يكن في عصر التابعين ولا تابعي التابعين فليكذبنا المقلدون برجل واحد سلك سبيلهم الوخيمة في القرون الفضيلة على لسان رسول الله ص - وإنما حدثت هذه البدعة في القرن الرابع المذموم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم."

قال أبو فراس:
وواضح جدا استفادة ابن القيم رحمه الله هذا المعنى من ابن حزم رحمه الله حتى إنه استعمل نفس التعبير ونفس الحرف الذي أطلقه ابن حزم رحمه الله.
 
التعديل الأخير:

الخالدي

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
19 سبتمبر 2008
المشاركات
18
التخصص
الفقه و أصوله
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
حنبلي
يقول ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين - (ج 2 / ص 208):
" وأيضا فإنا نعلم بالضرورة أنه لم يكن في عصر الصحابة رجل واحد اتخذ رجلا منهم يقلده في جميع أقواله فلم يسقط منها شيئا وأسقط أقوال غيره فلم يأخذ منها شيئا ونعلم بالضرورة أن هذا لم يكن في عصر التابعين ولا تابعي التابعين فليكذبنا المقلدون برجل واحد سلك سبيلهم الوخيمة في القرون الفضيلة على لسان رسول الله ص - وإنما حدثت هذه البدعة في القرن الرابع المذموم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم."

قال أبو فراس:
وواضح جدا استفادة ابن القيم رحمه الله هذا المعنى من ابن حزم رحمه الله حتى إنه استعمل نفس التعبير ونفس الحرف الذي أطلقه ابن حزم رحمه الله.

و التواطؤ على ذلك لا يلغي صحة المعنى أم تخالف في هذا حفظك الله
 
أعلى