العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

بين الفرقاء : أطروحات التجديد ، ونظرة في الأدلة.

إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الخلق محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
نعيش عصرنا هذا بأنماط لا تشبه ما كان عليه السابقون من أهل الحكمة والرأي = ذلك أنه إذا كان الطابع المشترك بين عصرنا وعصرهم هو "الصراع" فإن موازين القوى قد تغيرت ، وهبت الرياح لصالح أقوام يُعتبرون في جملة أعدائنا –بما يريدونه بنا من شر- ، فأصبحنا نعيش تحت "زخات" أفكارهم ، و"رياح" رؤاهم...على ضعف فينا ظاهر لا إرادة له في منع ما لا يتوافق وطبيعة حضارتنا بما تحمله من معاني دينية .
فبحث أصحابنا في الحلول وقالوا : الحل في التجديد!
ثم اختلفوا في طبيعته : بين ناقم على الأصول الفكرية العربية-الدينية كلها ، وبين مميز بين طبقات صالحة للتجديد وأخرى من "الثوابت".
وقام آخرون من أهل ملتنا وقالوا : كذبوا كلهم! بل الحل في العودة إلى ما كان عليه أهلنا أيام الأمويين والعباسيين...
ولا زالت طائفة تشد الحبل لتقطعه أخرى : وهي صورة لحالة الفوضى التي نعيشها = السلفي يرى نفسه صاحب الحق المطلق ، وأن حل مشاكل أمم الإسلام –كلها- بيده ، والحركي يرى مثل ما يرى صاحبه السلفي ، والإشتراكي الإسلامي (هو فيه اشتراكي إسلامي!) يرى كذلك حلولا لهذه الأزمة (اقرأوا لإدريس حمادي ومحمد الجابري وغيرهما)..
ودعونا من الإشتراكي واللبرالي الآن ، حتى نفضَّ الخصومة المستحكمة –بغير وجه حق- بين السلفي والحركي (=التجديدي).
***
نظر السَّلفي(شطر كبير منهم) في كتب أسلافه -وهو يعد فهمهم له أحمد له من فهمه لنفسه- فوجد كلاما للشاطبي رحمه الله وفيه :
"الأدلة الشرعية ضربان :
- أحدهما: ما يرجع إلى النقل المحض .
- والثاني: ما يرجع إلى الرأي المحض .
وهذه القسمة هي بالنسبة إلى أصول الأدلة ، وإلا فكل واحد من الضربين مفتقر إلى الآخر ، لأن الاستدلال بالمنقولات لابد فيه من النظر ؛ كما أن الرأي لا يعتبر شرعا إلا إذا استند إلى النقل .
فأما الضرب الأول : فالكتاب والسنة .
وأما الضرب الثاني : فالقياس والاستدلال .
ويلحق بكل واحد منهما وجوه ، إما باتفاق ، وإما باختلاف ؛ فيلحق بالضرب الأول الإجماع على أي وجه قيل به . ومذهب الصحابي ، وشرع من قبلنا ؛ لأن ذلك كله وما في معناه راجع إلى التعبد بأمر منقول صِرف لا نظر فيه لأحد .
ويلحق بالضرب الثاني الاستحسان ، والمصالح المرسلة ، إن قلنا إنها راجعة إلى أمر نظري ؛ وقد ترجع إلى الضرب الأول إن شهدنا أنها راجعة إلى العمومات المعنوية...
ثم نقول : إن الأدلة في أصلها محصورة في الضرب الأول ، لأنا لم نثبت الضرب الثاني بالعقل ، وإنما أثبتناه بالأول" (الموافقات 2/227).
فقال : الحق ما قال الشاطبي ، وكل من خالفه فقد خالف ما عليه سلف الأمة = ومن فعل ذلك فهو ضال مبتدع حقه أن يُهجر ، ولو كان لنا من الأمر شيئا لقصمنا ظهره لما يقصده من إفساد دين الله! .

***
جاء الحركي –يكاد دمه يخرج من جلده- فرأى ما عليه الأمة من تخلف فكري يزيد من أمره استفحالا : تبرير بعض الناس لهذا الواقع! والبعض لا يرى فيه أية ضعف ما خلا الضعف العسكري فقط! ، وقال :
نحن نؤمن بأن شريعة الله تصلح لكل مكان وزمان ، ولكن لا بد من تفصيل لهذا الشعار يخرجه من طابع "الخطابة والإحساسات" إلى طابع التأصيل و"التنظير"...
-فقال الفريق الأول-ويلقى رواجا في أوساط الليبرالية الإسلامية!- : أصول الفقه القديمة لا تصلح اليوم أبدا أبدا ، بل كانت صالحة لمعالجة مشاكل ذاك العصر بخصوصه = وتلك الأصول الإستنباطية لم تكن أكثر من اجتهاد بشري فهذا اجتهاد حنفي وذاك ظاهري والثالث مالكي..فيسعنا -نحن الذين نخوض أقسى حرب معرفية- ما وسعهم من بذل الجهد في استنباط ما هو صالح لنا .
يقول كمال أبو المجد : " والاجتهاد الذي نحتاج إليه اليوم ، ويحتاج إليه المسلمون ، ليس اجتهاداً في الفروع وحدها ، وإنما هو اجتهاد في الأصول... وكم من مسألة تواجه المسلمين اليوم فإذا بحثوها وأعملوا الجهد طلباً لحكم الإسلام فيها أفضى بحثهم إلى وقفة مع الأصول" (حوار لامواجهة :42).
-وقال الفريق الثاني : بل هي صالحة اليوم كصلاحها بالأمس ، لكن المشكل : يكمن في أمرين :
1)التعلق بأقوال الشُّراح = وليس كل ما فهمه الشارح هو الحق تماما = وبالتالي فربما كان ضارا بأحوالنا في زماننا (الشيخ محمد الغزالي-رحمه الله- والعلامة يوسف القرضاوي والعلامة عبد الله الجديع السلفي (لا بد من أن نضيف كلمة سلفي حتى يرتاح بعض من لا يرتاح إلا هكذا)من ممثلي هذا التوجه ).
2)حمق فهم أدلة وقوع تلك الأحكام (بمعزل عن قرائنها وملابساتها الحالية والزمانية وغاياتها... ) .
****
لحد الآن لم نر تفصيلا من أصحاب الدعوة إلى نبذ الأصول "القديمة" ، وجل ما كتب فيها خواطر ككتاب الدكتور حسن الترابي ، ومقالات لجمال الدين عطية وكمال أبو المجد= ولم أر لحد الآن ماذا يريدون بالضبط : هل ينكرون الإجماع مثلا ، أو القياس (الترابي يدعو لتحرير القياس من قوانينه المجحفة وجعله مطاطا) ، أو هما معا ، وما رأيهم في أخبار الآحاد ، ومذهب االصحابي ..
وأكبر الظن أنهم في كل ما سيذهبون إليه من مذاهب –مُتعقلة- لن يخرجوا عن مذاهب السابقين :
إن أنكروا الإجماع فقبلهم الشوكاني والنظام والصنعاني وغيرهم ، وإن أنكروا إمكان تحققه فقبل خلق أيضا.
وإن أنكروا القياس فقبلهم وبعدهم أقوام وأقوام.
وهكذا...
وإن طالبوا بتحرير بعض ألدلة من قيودها كقيود القياس : المناسبة- الملاءمة.. ، فما أدري أكان قبلهم قوم أصلوا علما بلا ضوابط عاصمة من الخطأ !.
ولكن الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان : أن لا أحد منهم قد تخصص فيما انتقده! وحرية الرأي مكفولة لكل الناس –طبعا- لكن لمن هو أهل لها ، أفترى أن أحدا سيأخذ برأي النجار في مسألة طبية!

***
يبقى الخلاف بين من يرى ضرورة إعادة الفهم للنصوص وليس إعادة النظر في الأصول وبين السلفي في مسألة جوهرية :
وهي: فهم السلف واجتهاداتهم
ولتخلفنا : لا زلنا نبدع ونسفه ونفسق بسبب هذه المسألة ، وكلما جاءت أمة لعنت أختها = وموعد الخلاص لا زال بعيدا = فطائفة تريد أن تفكر وطائفة ترفضه بشدة وتتهم غيرها بإفساد الدين.
وكل من خالف الإمام الفلاني فهو مبتدع محترق (كلب عاوي)...
وكل هذا إنما يعبر عن بعض أخلاقنا وضيق عطننا ، وكل ما فعلناه أننا زدنا على تخلفنا المريع فكرةً .
 
التعديل الأخير:
أعلى