العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

كتاب تحميل كتاب الفقه السياسي عند الإمام الغزالي لدكتور عمر محمد جبه جي

إنضم
15 أغسطس 2016
المشاركات
120
الإقامة
مكناس - المغرب
الجنس
ذكر
الكنية
امصنصف
التخصص
الدراسات الإسلامية
الدولة
المغرب
المدينة
مكناس
المذهب الفقهي
مالكي
تحميل كتاب الفقه السياسي عند الإمام الغزالي لدكتور عمر محمد جبه جي جديد اصدارات كريمكناس79 ناشرون لسنة 2019 م رابط موقع التحميل (مجانا وقانونيا): https://sites.google.com/view/karimeknes79-editeurs
خلاصة البحث:
بعد هذه الجولة الطويلة المثمرة مع الفقه السياسي للإمام الغزالي يطيب لي أن أذكر أهم النتائج التي توصلت إليها من هذا البحث وهي على النحو التالي:
1 - عاش الإمام الغزالي[SUP] رحمه الله [/SUP] في عصرٍ مليْ بالاضطرابات السياسية، أصبحت فيه الخلافة الإسلامية صوريةً، وتقسمت بلاد الإسلام إلى ولاياتٍ تدين بالولاء الشكلي للخلافة، وظهر في زمنه الصراع العنيف بين الحكومة الإسلامية السلجوقية والعصابات الباطنية الرافضية، والتي ذهب ضحيتها الكثير من قيادات السنة السياسية والفكرية، كما بدأ في زمانه الاحتلال الصليبي لبعض المناطق في ساحل الشام، ومع ذلك كانت الحياة العلمية مزدهرة، وقدم لنا الغزالي فقهاً ناضجاً يلبي حاجة تلك المرحلة تلبيةً كاملةً.
2 - يندرج الفقه السياسي عند الإمام الغزالي تحت فقه المرحلة الوسطى من مراحل الفقه السياسي الإسلامي في تاريخنا العظيم وهي مرحلة الخطاب السياسي المؤول، وهي مرحلة الملك العضوض.
3 - لقد كانت آراء الغزالي السياسية آراءً واقعيةً نشأت نتيجةً لظروف البيئة التي عاش فيها، حيث الصراعات الدائرة، وما أحدثته الباطنية من فسادٍ ورعبٍ في قلوب الناس من ناحيةٍ، ومن ناحيةٍ أخرى فإن أهميتها وواقعيتها تعود إلى مشاركته الفعلية في الحياة السياسية معلماً وفقيهاً، وهذا بعكس أصحاب الآراء الخيالية الذين يكتبون من أبراجٍ عاليةٍ بعيداً عن دنيا الناس، والدليل على عملية وحيوية وواقعية آراء الغزالي السياسية تنازله عن بعض الشروط التي ينبغي توافرها في الإمامة نتيجةً لظروف العصر، مثل التنازل عن رتبة الاجتهاد في العلوم والكفاية بعلماء العصر، وعلى العكس من ذلك نراه شديد التمسك بشرط النسب حيث أن الخليفة العباسي قرشي النسب([1])، والناظر في فكر الإمام الغزالي المرن الذي يعالج القضايا بموضوعيةٍ واقتدارٍ في ضوء ما يحتمه الواقع يقر بأن الغزالي لا بد من أن يغير بعض آرائه السياسية لو عاش في عصرنا لتغير الكثير من المعطيات واستحداث الكثير من النظم والسياسات التي لم تكن في عصره.
4 - شدد الإمام الغزالي على وجوب إقامة منصب الخلافة وساق الكثير من الأدلة العقلية والنقلية والمصلحية على ذلك.
5 - بين الغزالي أن أهم مقاصد الإمامة حماية مصالح الناس الدينية والدنيوية، واستتباب الأمن، والحفاظ على البلاد من الخراب، والقضاء بين الناس بالحق والفصل في المنازعات، وجمع كلمة الأمة والحفاظ على وحدتها، وحماية الدين ممن يروم الإساءة إليه، وحماية ديار الإسلام من تسلط أعداء الإسلام، وحماية أرواح الناس وأموالهم وأعراضهم، والحفاظ على النظام العام للدولة الإسلامية، ودرء الفتن، وإعزاز علماء الإسلام وإرغام أنوف الرعاع ومثيري الفتن، والسهر على مصلحة الرعية.
6 - ذكر العلماء العديد من الشروط لمن يستحق منصب الإمامة، وقد اعتمدوا في استنباط هذه الشروط على الاجتهاد المصلحي، فقد نظر الفقهاء في مصالح الأمة وما به استقرار أمورها وانتظام أمور الإمامة، ومن هذه الشروط، صحة العقيدة والدين، البلوغ، العقل، الحرية، الذكورة، النسب القرشي، سلامة السمع والبصر، والنجدة، والكفاية، والعلم، والورع، والعدالة.
7 - تنعقد الإمامة لمن استجمع شروطها بالبيعة من الأكثرية الشعبية ويمثلها أهل الحل والعقد.
8 - الأصل في الإمام أن يكون مجتهداً في الدين فإن بايعت الأمة غير المجتهد ووجد فيها مجتهدٌ مستكمل شروط الإمامة وجب على الأمة خلع الأول وتولية الثاني، فإن كان للثاني شوكة وعسر نزعه إلا بإثارة فتنةٍ وإراقة دماءٍ لم ينزع بشرط أن يحكم بالشريعة ويقلد العلماء في الفتاوى والأحكام، وأن يكون حوله مجلس شورى من كبار العلماء وفقهائهم.
9 - البيعة الشرعية لا تنعقد لغير العدل باتفاق العلماء، فإن تولى الإمامة غير العدل وجب عزله وتولية العدل، ولكن لو أن غير العدل تسلط على المسلمين وكان صاحب شوكةٍ، ولم يستطع المسلمون عزله، وكان في عزله إراقة الكثير من الدماء، وإضاعةٌ لمصالح المسلمين، ولم يكن في المسلمين مستجمعٌ لشروط الإمامة، وكان هذا المستبد يرعى مصالح المسلمين ويقيم القضاء ويحرس بلاد المسلمين ويقوم بشكلٍ عامٍ بمقاصد الإمامة ويحكم الشريعة وجبت طاعته.
10 - لا تنعقد البيعة للظالم الجاهل ولكن يسكت عنه إن كان ذا شوكةٍ حتى يتسنى للأمة القوة لخلعه، ويجب على الأمة ألا تتوقف عن الإعداد ليتسنى لها تغيير الواقع وتولية العدل.
11 - تتمثل الموارد المالية للدولة الإسلامية زمن الغزالي بالجزية والفيْ والغنيمة وأموال المصالحة والمواريث والأموال الضائعة والأوقاف والإحياء والخراج.
12 - وللأمر بالمعروف والنهي بالمنكر مراتب ودرجاتٍ متعددةٍ، فهو يبدأ بالتعريف بالخطأ الواقع ليقوم المخطئ بتصحيحه، أو استخدام أسلوب الوعظ والتخويف من عقاب الله والترغيب في عفوه ومغفرته وهو ما يسمى بتغيير المنكر باللسان، ومن ثم ينتقل إلى التخشين بالقول إن لم يرتدع بالقول اللين، فإن كابر منع من المنكر بالقوة وهو ما يسمى بالتغيير باليد.
13 - الجائز للرعية مع السلطان الرتبتان الأوليان وهما التعريف والوعظ، وأما المنع بالقهر فليس ذلك لآحاد الرعية مع السلطان فإن ذلك يحرك الفتنة ويهيج الشر، ويكون ما يتولد منه من المحذور أكثر.
14 - تسلط الحكام والولاة الظلمة على الناس في بعض مناطق العالم الإسلامي زمن الغزالي ولم تنفع معهم وسائل الأمر والنهي، فلجأ الإمام الغزالي إلى أسلوب المقاطعة الشاملة والإضراب المدني، فحرم التعامل معهم، وتولي المناصب في دولتهم، وقبول الوكالة عنهم في البيع والشراء، وحرم استخدام المرافق العامة التي بنوها إلا في حالة الضرورة أو الحاجة الماسة، وحرم الدخول عليهم وزيارتهم إلا بقصد رفع الظلم عن المسلمين أو كان هناك مصلحةٌ عامةٌ راجحةٌ، كما حذر من قبول أعطياتهم وهداياهم، ويقصد من وراء ذلك كله إجبار الظلمة على النزول إلى مطالب الجماهير، وإلا حصرهم وتضييق الخناق عليهم حتى ينسحبوا من حياة المسلمين، ويقوم المسلمون بتولية العدول مكانهم.
15 - من الأمور البارزة التي نلمسها في الفقه السياسي عند الغزالي رحمه الله ما يلي:
- جعل الإمام الغزالي انتخاب الإمام من حق الأمة وهاجم فكرة الإمام المنصوص عليه من الشارع والإمام المعصوم، والإمام الموصى به.
- يرى الإمام الغزالي أن الإمام الحق هو من اختارته الأكثرية، فمن بايعه قادة الجند والقضاة وأهل الحل والعقد ومن ورائهم أكثرية الأمة كان الإمام الشرعي الذي تجب طاعته ويحرم الخروج عليه.
- فكرة الإضراب المدني وحصار الأمراء الظلمة الذين أخذوا أموال الناس من غير استحقاقٍ وإرغامهم على الخضوع للحق أو العزل والهجر الشعبي.
- التركيز على مبدأ الشورى وإيجابها على الحاكم.
- اعتماده لفقه الموازنات الرشيدة في مناقشاته للكثير من القضايا السياسية ومنها مسألة الخروج على الحاكم الذي اختلت فيه بعض الشروط إذا أدت محاولة خلعه إلى مفاسد تزيد على المصالح المرجوة من وراء الخلع.
هذه أهم النتائج التي توصلت إليها من هذا البحث فما كان فيه من صوابٍ فمن الله وما كان فيه من خطأ فمن نفسي والشيطان، فالحمد لله أولاً وآخراً والصلاة على النبي العدنان.


[h=4]1- ينظر: التربية والسياسة عند أبي حامد الغزالي: د أحمد عرفات القاضي، ص 132-133، دار قباء، القاهرة، 2000 م، وكذلك: الفقه السياسي عند الباطنية وموقف الغزالي منه: د أحمد عرفات القاضي، ص 255 وما بعدها، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1993 م.[/h]
 
أعلى