العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

شرح تذليل العقبات بإعراب الورقات

إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد
فقد عزمت مستعينا بالله تعالى على البدء في إعراب متن الورقات لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني – رحمه الله تعالى- والتحشية عليه بما تيسر، وهو كتاب قال فيه شارحوه: " كتاب صغر حجمه، وكثر علمه، وعظم نفعه، وظهرت بركته"[1] وكان هذا تلبية لرغبة بعض الإخوة في ذلك، وقد كنت قدَّرْتُ في نفسي أن أكتفي بإعراب المتن وأن أترك الشرح للشراح؛ حيث أن هذا هو المطلوب فكتبت شيئا على هذا التقدير، وفي أثناء ذلك كنت أرجع إلى الشروح والحواشي: لألتقط من فوائدها، وأغتنم من فرائدها؛ كما كنت أصنع من قبل ذلك حين صنعت النسخة المصححة من المتن؛ فرأيت أن أقيد شيئا من هذه الفوائد والدرر، وأنثرها بين ما أكتبه، وإن أدى ذلك إلى طول الشرح وخلط الأصول بالنحو.فإن قلت: الاختصار أفضل.قلت: الاختصار كثير والحصول عليه يسير، ولو كان كل من يكتب يكتب اختصارا، لكان تَكرارا، لا يختلف إلا بالسياق أو العباره، فدعني أصنع لك حاشية لا كالحواشي، أعيذها بالله من كل واشية وواشي.
هذا، ومن منهجي في العمل:
1- أن أكتب الفقرة المراد شرحها من المتن باللون الأحمر الثقيل.
2- ثم أبدأ بإعرابها كلمة كلمة، وأضع كلَّ كلمةٍ في أول السطر بين قوسين وأميزها بالخط الأحمر الثقيل وبوضع خط تحتها، ثم أعربها في أول مرة إعرابا تفصيليا حتي لو كان إعرابها واضحا، فأقول مثلا: (مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره)، وهكذا، فإذا تكرر مثل هذا قلت: (مبتدأ) ولا أزيد إلا أن يكون الإعراب تقديريا أو محليا أو فيه إشكال فأنص عليه.
3- لا أعني بالإعراب التفصيلي ذكرَ كل وجوه الإعراب المحتملة، بل لا أعني بها إلا ما سبق وانظر التالي.
4- قد تحتمل الكلمة وجهين أو أكثر من وجوه الإعراب فاعلم أنه ليس من شَرطي ذكرها كلها، بل لا أذكر إلا ما حضرني منها، فإن اتفق لك وجه لم أذكره فاعلم أني لم أذكره لإحدى ثلاث:
الأولى- أني أجهله.
الثانية- أني تركته عمدا لعدم تيقني منه.
الثالثة- أني تركته مخافة التشويش على القارئ، إلا في البسملة؛ فإن العلماء قد كفَوْني أمرها؛ فأنا فيها تابع لا غير ويقتصر عملي على توضيح ما قالوه بما يناسب المقام.
5- بعد الإعراب أذكر المعنى على وجه الاختصار.
6- أشرع بعد ذلك في فقرة عنوانها: [قال صاحبي] وفيها أذكر: الفوائد المستخرجة، والزوائد المستنبطة، وأُورِدُ فيها من الإشكالات التي قد تعترض الطالب؛ فتسبب سوء الفهم أو عدمه، بطريق الحوار بيني وبين صاحبي حتي يزول الإشكال والإيراد، ويتضح المعنى المراد.واعلم أن الإشكال المذكور قد يكون على عبارة المصنف وقد يكون على ما يذكره المُحَشِّي، وقد يكون في النحو وقد يكون في الأصول، وقد أطيل في النحو عن الأصول لا سيما إذا كانت عبارة المتن مما لا تحتاج إلى بيان؛ لأن المتن قد خُدِمَ في جانب الأصول بما لا مزيد عليه ولا كذلك في باب الإعراب والنحو؛ فلهذا قد أترك بعض الفقرات دون الإطالة في بيانها من جهة الأصول، بل لا تكون الإطالة إلا من جهة النحو؛ فلا وجه لمعترض بعد ذلك أن يقول: المتن حَالِ[2] والشرح خالي.
والله الموفق.
وقبل الشروع في المقصود :حمل نسختين مصححتين من متن الورقات من هنا:
https://feqhweb.com/vb/threads/.18403
وهذا أوان الشروع في المقصود بعون الملك المعبود

________________________________________
[1] قرة العين شرح ورقات إمام الحرمين للحطاب المالكى 2 بهامش حاشية السوسي على قرة العين ط. المطبعة التونسية
[2] حال: من الْحِلْيَةِ يقال: حليت المرأة وهي حال وحالية.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

المعنى
القياسُ هو الدليل الرابع من الأدلة الشرعية التي يُستدَل بها، وذكر المصنف هنا تعريفه اصطلاحا ثم ذكر أقسامه.


تعريف القياس
لغة: التقدير والمساواة
يقال: قِسْتُ النعلَ بالنعلِ، أي قدَّرْتُهُ به فساواه
وقِسْتُ الثوبَ بالذراعِ أي: قدَّرْتُهُ به
وفلانٌ لا يقاس بفلان أي: لا يُساوَى به.
وقد يُعَدَّى بـ (على) لتضمين معنى الابتناء؛ كقولهم: قاس الشيءَ على الشيءِ.


واصطلاحا: (رَدُّ الفرعِ إلى الأصلِ في الحُكْمِ بعلة تجمعهما)
ومعنى: (ردُّ الفرعِ إلى الأصل) أي رجوعُهُ إليه وإلحاقُهُ به وذلك بأن يأخُذَ الفرعُ مثلَ حُكْمِ الأصلِ فيصير حكمُ الفرعِ مثلَ حكمِ الأصلِ فإذا كان الأصل واجبا كان الفرعُ واجبا، وإن كان محرما كان الفرع فمحرما وهكذا.
وإنما يأخذ الفرعُ حُكْمَ الأصلِ إذا اشتركا في علةِ الحكم.


فظهر من هذا التعريف أن للقياس أركان أربعة هي:
الركن الأول-الأصل: وهو المقيس عليه
الركن الثاني-الفرع: وهو المقيس، والمراد به الواقعة المراد معرفةُ حكمها حيث لم يرِدْ في حكمها نص
الركن الثالث-العلة: وهي المعنى المشترك بين الأصل والفرع والذي علَّقَ الشرعُ عليه الحكمَ، أي: جعل حكمَ الأصلِ واجبا أو مندوبا أو مكروها ...الخ بسبب هذه العلة
الركن الرابع-الحُكْمُ: وهو كونُ الشيء واجبا أو مندوبا ... أو صحيحا أو فاسدا، كما سبق في أقسام الحكم الشرعي بنوعيه التكليفي والوضعي.


ثم ذكر المصنف أقسام القياس باعتبار الجامع بين الأصل والفرع، وهي ثلاثة:
1- قياسُ عِلَّةٍ
2- قياسُ دَلالةٍ
3- قياسُ شبَهٍ​
وسيأتي بيانُها والكلام عنها فيما بعد.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

قال صاحبي
قال: ذكرت أن قوله: "إلى قياس" بدل من قوله: "إلى ثلاثة" بدل مفصل من مجمل
قلت: نعم
قال: فما أنواع البدل؟
قلت: بدل مطابِق، وبدل بعض من كل، وبدل اشتمال، وذكروا ثلاثةً أخرى
قال: تعني بدل الإضراب والغلط والنسيان
قلت: بلى
قال: فأين بدل كل من كل؟
قلت: هو المطابِق
قال: فلماذا قلت: (بدل مطابِق) ولم تقل (بدل كل من كل)؟
قلت:هكذا ذكر ابن مالك
قال: فما وجهُه؟
قلت: وجهه أن هذا النوع من البدل يقع في اسم الله تعالى
قال: مثلُ ماذا؟
قلت: مثل قوله تعالى: {إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ. اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [إبراهيم: 1، 2].
قال: تعني أن اسم الجلالة (الله) بدل مما قبله
قلت: نعم، هو ذا.
قال: فلماذا لا يكون نعتا؟
قلت: لأن اسم الجلالة (الله) عَلَمٌ، والعَلَمُ لا يُنْعَتُ به
قال: نعم، ولكن ما الإشكال في وقوع البدل في اسم الله تعالى؟
قلت: لا إشكال فيه
قال: فلماذا عَدَلَ ابن مالك رحمه الله عن قولهم: "بدل كل من كل" إلى "بدل مطابق" محتجا بوقوعه في اسم الله تعالى؟
قلت: لأن الـ(كُلَّ) إنما يطلق على ذي أجزاء وهو ممتنع هنا
قال: نعم


ثم قال: نعود لِمَا كنا فيه
قلت: نعم، نعود
قال: ذكرتَ أنواع البدل ولم تذكر منها (بدل مُفَصَّل مِنْ مُجْمَل)
قلت: نعم
قال: فقد ذكرت في الإعراب أنه بدل مفصل من مجمل
قلت: نعم
قال: فماذا تريد؟
قلت: اعلم أن من البدل ما يفصل المجمل الذي قبله، وهو قد يكون متعددا في اللفظ نحو: قرأت كتب النووي: المنهاج والروضة والمجموع. وقد يكون متعددا في المعنى كقول أبي العلاء المعري:


ألا في سبيل المجد ما أنا فاعل *** عفافٌ وإقدامٌ وحَزْمٌ ونائلُ


ففي المثال الأول تجد أن (كتب النووي) جمْعٌ مجملٌ ففصَّلَها في (المنهاج والروضة والمجموع)
وفي المثال الثاني تجد قول أبي العلاء: (ما أنا فاعل) مفردٌ في اللفظ مجموع في المعنى وفَصَّلَهُ بقوله: "عفاف وإقدام وحزم ونائل".
قال: فمِنْ أيِّ أنواع البدل هذا البدل: (المفصَّل من المجمَل)؟
قلت: ذهب فريق من النحاة إلى أن البدل مجموعُ المتعاطفات فيكون من قبيل بدل الكل
ومنهم مَنْ يَعُدُّ البدلَ الأولَ فقط وما بعده معطوف عليه فيكون من قبيل بدل البعض[1].
_________________________________


قال: قد ذكرتَ القياسَ ولم تذكر أمثلة عليه

________________________________
[1] القواعد الأساسية للغة العربية للسيد أحمد الهاشمي ص292 هامش رقم1، ط. دار الفكر.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

قلت: هذه أمثلة على ذلك:
1- قياسُ المشروبات الكحولية المُسْكِرَة على الخمر في التحريم:
الأصل: الخمر: وقد ثبت الدليلُ على حرمته


الفرع: المشروبات الكحولية التي لم يرد دليل مستقل بحرمتها


العلة: الإسكار فكل منهما مُسْكِرٌ عادةً، وإن كان بعض مَنْ يشربُها يزعم أنه لا يَسْكَرُ


الحكم: حرمةُ هذه المشروبات الكحولية المسكرة


2- قياسُ الأرز على البُرِّ في كونه لا يجوز بيعُهُ بجنسه متفاضلا:
الأصل: البُرّ؛ لأنه ورد فيه النص بحكمه وهو:
عن مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الحَدَثَانِ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُخْبِرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ»[1].


الفرع: الأرز لأنه لم يرد فيه نص


الحكم: تحريم بيع الأرز بالأرز متفاضلا، كما يحرم بيع البُرِّ بالبُرِّ متفاضلا


العلة: اختلف العلماء في العلة هنا:
فذهب الشافعية إلى أن العلة (الطعم) أي أن كلا من الأرز والبُرِّ من المطعومات
وذهب المالكية إلى أن العلة (الاقتيات والادخار للقوت).

________________________________
[1] صحيح: رواه البخاري (2134، 2170، 2174) ومسلم (1586)
وقوله: "هاء وهاء" معناه أن يقول كل واحد من المتبايعين: (ها) فيعطيه ما في يده.
وقيل: معناه هاك وهات أي خُذ وأعط، وهذا مثل قوله: "يدًا بيد".
قال الخطابي: أصحاب الحديث يروونه "ها" ساكنة الألف مقصورة، والصواب بالفتح والمد؛ لأن أصلها هاك أي خذ، فحذفت الكاف وعوضت عنها الهمزة، يقال للواحد: هاء، وللاثنين: هاؤما، والجمع: هاؤم، قال الله تعالى: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ}.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

أقسام القياس
1 -قياس العلة
فَقِيَاسُ الْعِلَّةِ: مَا كَانَتِ الْعِلَّةُ فِيهِ مُوجِبَةً لِلْحُكْمِ.


2 -قياس الدلالة
وَقِيَاسُ الدَّلَالَةِ: هُوَ الِاسْتِدْلَالُ بِأَحَدِ النَّظِيرَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ دَالَّةً عَلَى الْحُكْمِ، وَلَا تَكُونَ مُوجِبَةً لِلْحُكْمِ.


3 -قياس الشبه


وَقِيَاسُ الشَّبَهِ: هُوَ الْفَرْعُ الْمُتَرَدِّدُ بَيْنَ أَصْلَيْنِ فَيُلْحَقُ بِأَكْثَرِهِمَا شَبَهًا.
______________________________
(فَـ): فاء الفصيحة
(قِيَاسُ): مبتدأ، ومضاف
(الْعِلَّةِ): مضاف إليه
(مَا): اسم موصول أو نكرة موصوفة وهي واقعة على (القياس)، أي القياس الذي أو قياس كانت العلة...الخ، وعلى كل فهي اسم مبني على السكون في محل رفع خبر
(كَانَتِ): فعل ماض ناقص، والتاء تاء التأنيث الساكنة
(الْعِلَّةُ): اسم كان
(فِيهِ): متعلق بمحذوف حال من (العلة)
(مُوجِبَةً): خبر كان
وجملة (كانت... موجبة) وما تعلق بها لا محل لها من الإعراب صلةُ (ما)، أو في محل رفع صفة لها.
وجملة (قياس العلة ما ...) وما تعلق بها لا محل لها من الإعراب ابتدائية
(لِلْحُكْمِ): متعلق بـ (موجبة)


(وَ): عاطفة
(قِيَاسُ الدَّلَالَةِ): مبتدأ ومضاف إليه
(هُوَ): ضمير فصل على الأصح لا محل له من الإعراب
(الِاسْتِدْلَالُ): خبر
(بِأَحَدِ): متعلق بـ (الاستدلال)، و(أحد) مضاف
(النَّظِيرَيْنِ): مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى
(عَلَى الْآخَرِ): متعلق بـ (الاستدلال)
وجملة (قياس الدلالة ... الاستدلال) وما تعلق بها لا محل لها من الإعراب معطوفة على جملة (قياس العلة ما ...)


(وَ): استئنافية
(هُوَ): مبتدأ، يعود على (الاستدلال)
(أَنْ): حرف مصدري ونصب
(تَكُونَ): مضارع من (كان) الناقصة منصوب بـ (أَنْ) وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، و(أنْ) والفعل في تأويل مصدر في محل رفع خبر
(الْعِلَّةُ): اسم (تكون)
(دَالَّةً): خبر (تكون)
(عَلَى الْحُكْمِ): متعلق بـ (دالة)
وجملة (تكون ... دالة) وما تعلق بها لا محل لها من الإعراب صلة (أَنْ)
وجملة (هو أن تكون ...) وما تعلق بها لا محل لها من الإعراب استئنافية


(وَ): عاطفة
(لَا): نافية
(تَكُون): معطوفة على (تكون) الأولى من قوله: "وهو أن تكون العلة ...الخ"، واسمها مستتر يعود إلى (العلة)
(مُوجِبَةً): خبر
(لِلْحُكْمِ): متعلق بـ (موجبة)


(وَ): استئنافية
(قِيَاسُ الشَّبَهِ هُوَ الْفَرْعُ): مبتدأ ومضاف إليه وضمير فصل وخبر، والجملة استئنافية
(الْمُتَرَدِّدُ): نعت لـ(الفرع)
(بَيْنَ): ظرف مكان متعلق بـ (المتردد)، وهو مضاف
(أَصْلَيْنِ): مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى
(فَـ): عاطفة
(يُلْحَقُ): مضارع مبني للمجهول مرفوع، ونائب الفاعل ضمير مستتر يعود على (الفرع)
(بِأَكْثَرِهِمَا): الجار والمجرور متعلقان بـ (يُلْحَق)، و(أكثر) مضاف و(هما) مضاف إليه
(شَبَهًا): تمييز، وجملة (يُلْحَقُ) من الفعل ونائب الفاعل وما تعلق بهما في محل رفع معطوفة على (المتردد)
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

المعنى
ذكر المصنف هنا أقسام القياس باعتبار الجامع بين الأصل والفرع وهو ثلاثة أقسام:


الأول-قياس العلة: وهو ما كانت العلةُ فيه موجِبَةً للحكم.
يعني أن تكون العلة في الفرع أقوى منها في الأصل وهذا يسمى (قياس الأَوْلَى أو القياس الجلي)
مثاله: قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23]، فقد حرَّمَ التأفيف؛ (قولَ: أُفٍّ) للوالدين
والعلة هي الإيذاء
ولما كان ضربُ الوالدَينِ أشد إيذاءً لهما من التأفيف كان ضربُ الوالدين حراما بالقياس على التأفيف لأن العلة وهي إيذاء الوالدين أشد ظهورا في الفرع؛ (الضرب) منها في الأصل؛ (التأفيف).


الثاني-قياس الدلالة: وهو الاستدلال بأحد النظيريْن على الآخر.
والمراد بـ (أحد النظيرين): الأصل
وبـ (الآخر): الفرع.
وفي هذا الاستدلال تكون العلةُ غيرَ موجبةٍ للحكم يعني غير ملزمة له بل دالةً عليه؛ دلالة استنباط لا دلالة نص.
يعني أن العلة لا تكون مقتضية للحكم حتما كما في قياس العلة فيجوز أن يثبت الحكم بها في الفرع وهو الظاهر ويجوز ألا تثبت.
مثاله: وجوب الزكاة في مال الصبي قياسا على وجوبها في مال البالغ
والعلة هي: دفع حاجة المستحق بجزء من المال النامي.
ويجوز ألا يُلْحَقَ الصبيُّ بالبالغ في الوجوب، وبه قال أبو حنيفة؛ كالحج، ولضعف نيته بخلاف البالغ[1].


الثالث-قياسُ الشَّبَهِ: وهو إلحاقُ الفرْعِ المتردد بين أصليْنِ بأكثرهما شبها به.
مثاله: المذي؛ (وهو سائل يخرج من الإنسان عند الشهوة) متردد بين:


= أن يُلْحَقَ بالبول فيكون نجسا، ومن ذهب إلى هذا الرأيِ قال: هو أكثر شبها بالبول؛ لأنه لا يتكون منه الولد ويخرج من مخرج البول؛ فيكون نجسا ويجب غسله إذا أصاب الثياب.


= وأن يُلْحَقَ بالمني فيكون طاهرا، ومن ذهب إلى هذا الرأي قال: هو أكثر شبها بالمني؛ لأنه لا يخرج إلا مع الشهوة فيلحق به[2].
________________________________


[1] غاية المأمول في شرح ورقات الأصول للرملي 298 -299، والشرح الكبير على الورقات 2/ 473 ط. مؤسسة قرطبة.
[2] تهذيب شرح متن الورقات لعياض بن نامي السلمي 95.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

من شروط القياس
قال المصنف:
وَمِنْ شَرْطِ الْفَرْعِ: أَنْ يَكُونَ مُنَاسِبًا لِلْأَصْلِ.
وَمِنْ شَرْطِ الْأَصْلِ: أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا بِدَلِيلٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ.
وَمِنْ شَرْطِ الْعِلَّةِ: أَنْ تَطَّرِدَ فِي مَعْلُولَاتِهَا فَلَا تَنْتَقِضُ لَفْظًا وَلَا معنى.
وَمِنْ شَرْطِ الْحُكْمِ: أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْعِلَّةِ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ.
وَالْعِلَّةُ: هِي الْجَالِبَةُ لِلْحُكْمِ.
وَالْحُكْمُ: هُوَ الْمَجْلُوبُ لِلْعِلَّةِ.
________________________________
(وَ): استئنافية
(مِنْ شَرْطِ): متعلق بمحذوف خبر مقدم، و(شرط) مضاف
(الْفَرْعِ): مضاف إليه
(أَنْ): حرف مصدري ونصب
(يَكُونَ): مضارع من (كان) الناقصة منصوب بـ (أَنْ) وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، واسم (يكون) ضمير مستتر يعود على (الفرع).
و(أَنْ) والفعل في تأويل مصدر في محل رفع مبتدأ مؤخر
(مُنَاسِبًا): خبر (يكون)، وجملة (يكون مناسبا) وما تعلق بها لا محل لها صلة (أَنْ)
(لِلْأَصْلِ): متعلق بـ (مناسبا)


(وَمِنْ شَرْطِ الْأَصْلِ: أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا بِدَلِيلٍ): مثل (ومن شرط الفرع ...الخ)


(مُتَّفَقٍ): صفة لـ(دليل)
(عَلَيْهِ): متعلق بـ (متفق)
(بَيْنَ): ظرف مكان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة
وهو متعلق بـ (ثابتا) أو بـ (دليل) لا بـ (متفق)؛ لأن المعنى أن الأصلَ ثابتٌ ثبوتا ودلالة بين الخصمين المتنازعين في ثبوت ذلك الحكم في الفرع، سواء كان نفسُ حكمِ ذلك الأصلِ متفقا عليه بينهما أو لم يكن كذلك بأن أنكره الخصمُ الآخرُ فأثبتَهُ المستدِلُّ بالدليل المذكورِ؛ لأن إثباته بمنزلة اعتراف الخصم به[1].
و(بين) مضاف
(الْخَصْمَيْنِ): مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى


(وَمِنْ شَرْطِ الْعِلَّةِ: أَنْ تَطَّرِدَ): مثل (ومن شرط الفرع ...الخ)


(فِي مَعْلُولَاتِهَا): متعلق بـ (تطرد)، و(معلولات) مضاف و(ها) مضاف إليه
(فَـ): استئنافية
(لَا): نافية
(تَنْتَقِضُ): مضارع مرفوع، والفاعل مستتر يعود على (العلة)
(لَفْظًا): تمييز محول عن الفاعل أي فلا ينتقض لفظُها
(وَ): عاطفة
(لَا): زائدة لتأكيد معنى النفي
(معنى): مثل (لفظا)


(وَمِنْ شَرْطِ الْحُكْمِ: أَنْ يَكُونَ مِثْلَ): سبق نحوُه، و(مثلَ) مضاف
(الْعِلَّةِ): مضاف إليه
(فِي النَّفْيِ): متعلق بمحذوف حال من (مثل) أي في حال كونِ المثلية في النفي والإثبات
(وَ): عاطفة
(الْإِثْبَاتِ): معطوف على (النفي)


(وَ): استئنافية
(الْعِلَّةُ): مبتدأ
(هِي): ضمير فصل
(الْجَالِبَةُ): خبر
(لِلْحُكْمِ): متعلق بـ (الجالبة)


(وَالْحُكْمُ: هُوَ الْمَجْلُوبُ لِلْعِلَّةِ): مثل: (والعلة هي الجالبة للحكم)

_____________________
[1] الشرح الكبير على الورقات 2/ 488 -489، ط. قرطبة.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

المعنى​
لما ذكر المصنفُ تعريف القياس وأقسامه شرع في بيان شروطه فذكر لكل ركنٍ من أركانه شرطا، كالآتي:
من شروط الفرع
أن يكون مناسبا للأصل
ومعنى المناسبة هنا أن تتحقق العلة في الفرع بأن تكون متساوية في تحققها بين الأصل والفرع، فإذا كانت العلةُ في تحريم الخمر هي الإسكار فكل طعامٍ أو شرابٍ يثبت أن مِنْ شأنِه الإسكارُ: كالخمر يكون حراما، أما إذا لم يكن من شأنه الإسكار لكن عَرَضَ لبعض الناس أنْ نالتْهُ غيبوبة بسبب تناوُلِهِ لحالٍ عارضة في الشخص أو في الطعام أو الشراب فإنه لا يحرم.


من شروط الأصل
1- أن يكون الحكم الذي أريد تعديته إلى الفرع ثابتا، لأنه لو كان مختلَفًا فيه لاحتيجَ إلى إثباته أولا.
وجَوَّزَ جماعةٌ القياس على الأصل المختلَفِ فيه.


2- أن يكون ثبوتُهُ بدليل متفَق عليه بين الخصمين بأن يكون ثابتا بالكتاب أو السنة، وكذا بالإجماع على الأرجح.
وأما كيفية الاتفاق على الأصل: فأَنْ يتفق عليه الخصمان فقط لتنضبط فائدةُ المناظرة
وذهب بعضهم إلى اشتراط اتفاق الأمة على الأصل ومنعوا القياس على مختلف فيه
والأولُ أصح.
وذكر الشوكاني في إرشاد الفحول اثني عشر شرطا للأصل فراجعها هناك[1].


من شروط العلة
أن تَطَرِدَ في معلولاتها فلا تنتقض لفظا ولا معنى.
يعني: أن تكون العلةُ مطردةً بحيث كلما وُجِدَتْ في فرعٍ ثبتَ فيه حكمُ الأصلِ. وهذا معنى قولِهم: (الحكمُ يدورُ مع علته وجودا وعدما) يعني: متى وُجِدَتْ العلةُ وُجِدَ الحكم.


من شروط الحكم (أي حكم الأصل)
أن يكون مثل العلة في النفي والإثبات:
= فإن كانت العلةُ منفيةً كان الحكمُ منفيا: كقولهم: (العقدُ ليس بصحيح فلا تترتب عليه آثارُه)
فقولهم: (ليس بصحيح) تعليل عدمي منفي
وقولهم في الحكم: (فلا تترتب عليه آثارُه) هذا حكم عدمي منفي
فوافَقَ الحكمُ العلةَ في النفي
= وإن كانت العلةُ مثبتَةً كان الحكمُ مُثْبَتًا كقولهم: (هذا عقد صحيح الأركان مكتمل الشروط فتترتب عليه آثاره)
فالعلة وجودية مُثْبَتَةٌ
والحكمُ مثلُها وجوديٌّ مُثْبَتٌ[2].
وهذا الشرطُ أعمُّ من الشرط الأول المذكور في العلة لأن ذاك خاص بوجود الحكم عند وجود العلة، وهذا عام في الوجود والانتفاء، فالأول هو (الطرْد) والثاني هو (العكس)
وهذا إذا كان الحكم معللا بعلة واحدة: كتحريم الخمر لعِلَّةِ الإسكار، فمتى وجد الإسكار وجد التحريم ومتى انتفى الإسكار انتفى التحريم.
فإن كان للحكم علل متعددة لم يلزم من انتفاء علة معينة منها انتفاء الحكم، بل يثبت بالعلة الأخرى: كالبول والغائط والنوم لنقض الوضوء، فلو لم يوجد البول والغائط انتقض الوضوء بالنوم.

_______________________________
[1] إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول للشوكاني 2/ 864 ت. أبو حفص سامي الأثري، ط. دار الفضيلة
[2] تهذيب شرح الورقات 97 عياض بن نامي السلمي.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

واعلم أن:
(الطرد) هو: وجود الحكم عند وجود العلة.
و(العكس) هو: انتفاء الحكم عند انتفاء العلة.

وظاهر كلام المصنف اشتراط الانعكاس في العلة
ومَنْ يشترط ذلك يمنع تعليل الحكم بعلتين؛ لأنه إذا انتفت علة لم ينتفِ الحكم؛ لوجود العلة الأخرى وقيامها مقامها.
والصحيح أن ذلك لا يشترط ونسبه في الشرح الكبير للجمهور، فيجوز تعليل الحكم الواحد بعلتين؛ لأن العلة علامة على وجود الحكم ولا مانع من تعدد العلامات.
ومثاله: ما تقدم من تعليل إيجاب الوضوء بالبول والغائط والريح والنوم
ومثاله أيضا: تعليل حرمة النكاح بالقرابة والصهر والرضاع[1].
__________________________________
ثم عَرَّفَ المصنفُ العلة والحكم فقال:
والعلةُ: هي الجالبةُ للحكمِ.
أي أن الشارعَ وهو الله سبحانه جعلها جالبة للحكم، لا أنها جالبة للحكم بذاتها؛ لأن الله تعالى لا يَحْمِلُهُ على شرع الحكم سوى إرادته جل وعلا[2].

والتعريف الأشهر للعلة هو أنها: وصفٌ ظاهرٌ مُنْضَبِطٌ دَلَّ الدليلُ على كونِهِ مَنَاطًا للحكم، أو علَّقَ الشارعُ الحكمَ عليه.
والتفصيل في المطولات
والحكم: هو المجلوب للعلة.
يعني أنه يوجد عند وجودها لأنها تقتضيه
فالتحريم مثلا يوجد عند وجود الإسكار الذي هو علة تحريم الخمر.
ومثل التحريم باقي أنواع الحكم من الوجوب والندب والصحة والفساد ...الخ

________________________________
[1] شرح الورقات لعبد الله الفوزان 120، والشرح الكبير على الورقات لابن قاسم العبادي 2/ 497 ط. قرطبة.
[2] تهذيب شرح الورقات 97، وشرح الورقات لعبد الله الفوزان 121.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

قال صاحبي
قال: أليست (مِنْ) للتبعيض؟

قلت: بلى

قال: فكيف ترى قوله: "ومن شرط الفرع ... ومن شرط الأصل ...الخ" هذا معناه: أن بعض شرط الفرع ما ذكره، أي أن للفرع شرطٌ وسيذكر هو بعض هذا الشرط لا كله، فهل هذا مراده؟

قلت: لا

قال: وأنا أعتقد أيضا أن هذا ليس مرادَه ولكن إذا نظرنا إلى كلامه وجدناه يدل على ذلك

قلت: وكيف ذلك؟

قال: المصنف يقول: "ومِنْ شرط الفرع كذا" و(مِنْ) للتبعيض فلو أبدلناها بمعناها لكان المعنى: (وبعضُ شرطِ الفرع كذا)، فكيف تقول في هذا؟

قلت: أقول المثلَ العاميَّ المصريَّ: (كُلِّ مَا تْعَلِّمْ فِي الْمِتْبَلِّمْ يِصْبَحْ نَاسِيْ)

قال: وما معناه؟

قلت: مهما تجتهد فِي تعليمِ البَلِيدِ الغبيِّ فإنه يصبحُ ناسيا لما قلتَهُ.

قال: ولِمَ؟

قلت: لأنك نسيتَ ما قلناه سابقا

قال: وما هو؟

قلت: كيف ترى الإضافة في قوله: "شرط الفرع"؟

فتفكر قليلا ثم قال: هذا مفرد مضاف

قلت: أحسنت، لكن أين المفرد المضاف؟ هل هو (شرط) أو (الفرع)؟

فتلعثم وقال: لا أدي كل منهما يصلح لذلك

قلت: سبحان الله!! فكيف أجبت على الصواب؟!

قال: لا أدري هكذا جاءت

قلت له: تمهل قليلا وتفكَّرْ في هذا التركيب (شرط الفرع) من أيِّ أنواع التراكيبِ هو؟

قال: تركيب إضافيٌّ

قلت له: أحسنت، ولكن قبل أن نُكْمِلَ هل تعرفُ أنواعا أخرى من أنواع التراكيب؟

قال: نعم

قلت: مثل ماذا؟

قال: التركيب الوصفيُّ مثلُ: (كتابٌ جديدٌ)، والتركيبُ المَزْجِيُّ مثل: (سيبويه)

قلت: ما شاء الله، بارك الله فيك وبك وعليك؛ فلماذا تتلعثمُ إذن وأنت تعرفُ مثلَ هذا؟

فَاسْتَفَزَّهُ ما قلتُهُ وأخذتْهُ الحمِيَّةُ وقال: لن أتلعثم ثانية

قلت له: قل: (إن شاء الله)

فقال: إن شاء الله

قلت: إذن نعود إلى ما كنا فيه

قال: وما ذاك؟

فكدتُ أستشيطُ غضبا

فقال: نعم نعم، تذكرتُ تذكرتُ

قلت: فأيُّ شيء كنا فيه؟

قال: كنت تسأل عن قول المصنف: (شرط الفرع) من أي أنواع التراكيب هو؟ فأجبتُك: بأنه تركيبٌ إضافيٌّ.

فعادَ إليَّ بعضُ ما نَدَّ عني من الهدوء بسبب الغضب ولكن ما زال بيَ الغيظُ لم يَفْتُرْ فقلت له مغتاظا: ثم ماذا؟

فعَلِمَ ما بيَ من الثورةِ والهياجِ فضحك وقال: ثم نريد أن نُفَسِّرَ قولَ المصنف: "مِنْ شرط الفرع" هل يريدُ به بعضُ شرطِ الفرع كما هو ظاهرٌ من قوله: "مِنْ" التي تفيد التبعيض؟ أو يريدُ شيئا آخر؟

فسكتُّ كأنما نزلت عليَّ السكينةُ، ثم قلتُ: بل بقيَ شيءٌ آخرَ

قال: وما هو؟

قلت: قوله: "شرط الفرع" أيُّ الكلمتين من نوعِ المضاف المفرد؟

قال: نعم، أيهما؟

قلت: في التركيب الإضافيِّ تكون الكلمة الأولى مضافا والأخرى مضافا إليه

قال: نعم، أعلمُ هذا

قلت: إذن فالمفرد المضاف هو الكلمة الأولى (شرط) لا الثانية (فرع) لأن الثانية مضاف إليه، والمراد المفرد المضاف وليس المفرد المضاف إليه

قال: نعم، فهمتُ هذا، فأكمل.

قلت: وقد علمتَ مما سبق أن المفرد المضاف من باب العامِّ

قال: نعم

قلت: فقوله: "شرط الفرع" مفرد مضاف فيعُمُّ

قال: نعم، ولكن كيف يكون المعنى مع العموم؟

قلت: يكون المعنى: (ومن شروط الفرع كذا)، وإذن فالتبعيضُ ظاهر؛ إذ المعنى على ذلك: (وبعض شروط الفرع كذا)

قال: نعم، هكذا ظهر المعنى جليا، ولكن هذا يدل على أن للفرع شروطا أخرى لم يذكرها

قلت: نعم، هو ذا.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

الأصل في الأشياء
قال المصنف:

وَأَمَّا الْحَظْرُ وَالْإِبَاحَةُ: فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْأَشْيَاءَ عَلَى الْحَظْرِ إِلَّا مَا أَبَاحَتْهُ الشَّرِيعَةُ

فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الشَّرِيعَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِبَاحَةِ يُتَمَسَّكْ بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْحَظْرُ.

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ بِضِدِّهِ، وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ إِلَّا مَا حَظَرَهُ الشَّرْعُ.
_____________________________

(وَ): استئنافية، أو عاطفة

(أَمَّا): حرف تفصيل وتوكيد فيه معنى الشرط، وأصلها: مهما يكن من شيء بعد

(الْحَظْرُ): مبتدأ، وهو من جملة الجواب

(وَ): عاطفة

(الْإِبَاحَةُ): معطوفة على (الحظر)

(فَـ): واقعة في جواب (أما)، وهي مزحلقة عن مكانها إذ أصلها أن تدخل على (الحظر) فالأصل: (وأما فالحظر والإباحة) فوجب الفصل بينها وبين (أما) فزُحْلِقَتْ عن مكانها إلى هنا فصار (وأما الحظر والإباحة فـ ...)

والخبر مقدر بعد الفاء والتقدير: (فمختلَفٌ فيهما)

وجملة (الحظر... مختلَف) من المبتدإ والخبر جواب الشرط: (أمَّا) أو (مهما) أو جوابهما معا كما سبق بيانه.
وأصل الكلام: (ومهما يكن من شيء فالحظرُ والإباحةُ مختلَفٌ فيهما)
فـ(مهما) اسم الشرط
و(يكن من شيء) جملة الشرط
و(الفاء) واقعة في جواب (أما)
و(الحظرُ والإباحةُ مختلَفٌ) جواب الشرط
فنابتْ (أما) عن اسم الشرط وفعله فبقيَ الجوابُ: (فالحظر والإباحة مختلف فيهما) مقترنا بالفاء فصار (أما فالحظر...) فوجب الفصل بين (أما) والفاء كما سبق فزحلقت الفاء داخل جملة الجواب عن المبتدإ (الحظر) إلى الخبر (مختلف).

وجملة (أما الحظر ...) لا محل لها من الإعراب استئنافية إن جعلت الواو استئنافية، أو معطوفة على جملة (فأما أقسام الكلام ...) كما تقدم مرارا

(مِنَ النَّاسِ): بيان للاختلاف المذكور في (الحظر والإباحة مختلف فيهما) فـ(مِنْ) بيانية وهي حرف جر، و(الناس) مجرور بها، والمراد بـ (الناس) العلماء، والظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم

(مَنْ): اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر

(يَقُولُ): فعل مضارع مرفوع، والفاعل مستتر جوازا يعود على (مَنْ)

(إِنَّ): حرف توكيد ونصب

(الْأَشْيَاءَ): اسم إِنَّ

(عَلَى الْحَظْرِ): متعلق بمحذوف خبر إنَّ أي (إنَّ الأشياءَ كائنةٌ على الحظر) ومعنى كونها كائنة على الحظر أي أنها متصفة بصفة هي الحظر والتحريم.

(إِلَّا): أداة استثناء

(مَا): إما موصولة أو نكرة موصوفة وعلى كل فهي اسم مبني على السكون في محل نصب على الاستثناء

(أَبَاحَتْهُ الشَّرِيعَةُ): (أباحَ) فعل ماضٍ، والتاء تاء التأنيث الساكنة، والهاء مفعول به يعود على (ما) و(الشريعة) فاعل

والجملة لا محل لها من الإعراب صلة (ما)، أو في محل نصب صفة لها

وجملة (إن الأشياء على الحظر) في محل نصب مقول القول

وجملة (يقول إِنَّ ...) لا محل لها من الإعراب صلة (مَنْ)
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

(فَـ): استئنافية

(إِنْ): شرطية

(لَمْ): حرف نفي وجزم وقلب

(يُوجَدْ): مضارع مبني للمجهول مجزوم بـ (لم) وعلامة جزمه السكون

(فِي الشَّرِيعَةِ): متعلق بـ (يوجد)

(مَا): نائب فاعل، وهي موصولة أو نكرة موصوفة كما تقدم

(يَدُلُّ): مضارع مرفوع، والفاعل مستتر يعود على (ما)، والجملة لا محل لها صلة (ما) أو في محل رفع صفة لها.

(عَلَى الْإِبَاحَةِ): متعلق بـ (يدل)

(يُتَمَسَّكْ): مضارع مبني للمجهول مجزوم بـ (إِنْ) لأنه جواب الشرط وعلامةُ جزمه السكون

(بِالْأَصْلِ): الباء حرف جر
و(الأصل) اسم مجرور بالباء وله محلان إعرابيان:

الأول-الجر بالباء لفظا

والثاني-الرفع محلا على أنه نائب فاعل لـ(يُتَمَسَّكَ)

(وَ): استئنافية

(هُوَ): مبتدأ

(الْحَظْرُ): خبر

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ): تقدم مثلها

(بِضِدِّهِ): متعلق بـ (يقول)
ومقول القول محذوف يدل عليه قوله: "وهو أن الأصل في الأشياء الإباحة إلا ..."
وليس (بضده) مقول القول بل دليل عليه
والتقدير يُعْلَمُ مما سبق ومما سيأتي فيكون: (ومِنَ الناسِ مَنْ يقولُ: إن الأشياء على الإباحة إلا ما حَظَرَتْهُ الشريعةُ)

ويجوز أن يكون (يقول) بمعنى (يَذْكُرُ)
ويكون المفعول به محذوفا
و(بضده) متعلق بمحذوف صفة للمفعول المحذوف
وتقدير الكلام: (ومن الناسِ مَنْ يَذْكُرُ قولا كائنا بضد ما سبق):
- فـ(قَوْلًا) هو المفعول المحذوف
- و(كائنا) نعت له وهو متعلَّق (بضده)​

(وَ): استئنافية

(هُوَ): مبتدأ

(أَنَّ الْأَصْلَ): أَنَّ واسمها

(فِي الْأَشْيَاءِ): متعلق بمحذوف نعت لـ(الأصل)

(الْإِبَاحَةُ): خبر (أَنَّ)

والجملة من (أَنَّ) واسمها وخبرها في محل رفع خبر للمبتدإ (هو)

(إِلَّا مَا حَظَرَهُ الشَّرْعُ): تقدم مثلها
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

المعنى
تكلم المصنف هنا عن مسألة (حكم الأشياء التي سكتَ عنها الشرع) أو (حكم الأشياء قبل ورود الشرع) يعني قبل البعثة، وبعضهم لا يُفَرِّقُ بين حال قبل البعثة وبعد البعثة
وعلى كلٍّ فهذه مسألة كلامية وهي من فروع القول بالتحسين والتقبيح العقليين
وقد جرت عادة الأصوليين أن يتكلموا عليها وعلى مسألة شكر المنعِم هنا، فأعرض المصنف عن المسألة الثانية لأنه لا يكاد يتعلق بها شيء من أحكام الفروع وخص المسألة الأولى (الحظر والإباحة) لتعلق كثير من أحكام الفروع بها؛ فلهذا تعيَّنَ ذِكْرُها فيما وُضِعَ للفقهاء من الأصول.

والصحيحُ التفصيلُ في مسألة (حكم الأشياء التي سكت عليها الشرع) كالآتي:

1- حكم المَضَارِّ التحريم

2- حكم المنافع (أي الأشياء المنتفع بها) اختلف فيه على ثلاثة أقوال:

الأول-الأصل في الأشياء المنتفع بها الحظر والمنع إلا ما أباحته الشريعة، فإن لم يرد في الشريعة ما يدل على الإباحة يُتَمَسَّكْ بالأصل وهو الحظر.

وهذا قول ضعيف ذهب إليه معتزلة بغداد والشيعة الإمامية وبعض الحنفية وأبو بكر الأبهري من المالكية، ومن الحنابلة: أبو يعلى وابن حامد والحلواني، ومن الشافعية: ابن أبي هريرة وأبو عليّ الزبيري وعلي بن أبان الطبري وأبو الحسين بن القطان.

الثاني-الأصل في المنافع الإباحة إلا ما ورد الشرع بتحريمه، وهو قول الجمهور، واستدلوا عليه بأدلة كثيرة منها:

- قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29].

وجه الدلالة: أن الله امتن على عباده بأنه خلق لهم ما في الأرض جميعا وهو سبحانه لا يمتن إلا بمباح؛ إذ لا مِنَّةَ في مُحَرَّمٍ.

- وقوله صلى الله عليه وسلم: عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَعْظَمَ المُسْلِمِينَ جُرْمًا، مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ، فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ»[1].

وجه الدلالة: أن الأشياء لا تُحَرَّمُ إلا بتحريم خاص لقوله: «لَمْ يُحَرَّمْ»، وأيضا فإن التحريم قد يكون لأجل المسألة فبَيَّنَ بهذا أنها بدون ذلك ليست محرمة.

الثالث-التوقف
والقول الثاني أرجح الأقوال وأقواها دليلا، والله أعلم[2].

___________________________________
[1] صحيح: رواه البخاري (6859) ومسلم (2358)

[2] انظر شرح الورقات لعبد الله الفوزان 122 -123، وتهذيب شرح الورقات لعياض السلمي 99، والتحقيقات في شرح الورقات لابن قاوان 573 -576، وشرح الورقات لابن الفركاح 347 -352.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

استصحاب الحال
قال المصنف:
وَمَعْنَى اسْتِصْحَابِ الْحَالِ: أَنْ يُسْتَصْحَبَ الْأَصْلُ عِنْدَ عَدَمِ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ.
___________________________
(وَ): استئنافية

(مَعْنَى): مبتدا، وهو مضاف

(اسْتِصْحَابِ):
مضاف إليه، وهو مضاف أيضا

(الْحَالِ): مضاف إليه

(أَنْ): حرف مصدري ونصب

(يُسْتَصْحَبَ): مضارع مبني للمجهول
(ويمكن قراءته بالبناء للفاعل: يَسْتَصْحِبْ) منصوب بـ (أن) وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

و(أَنْ) والفعل في تأويل مصدر يقع خبرا للمبتدإ (معنى استصحاب)

(الْأَصْلُ):
نائب فاعل إن قرأت (يُسْتَصْحَبُ) بالبناء للمجهول
أو مفعول به (الأصلَ) إن قرأت (يَسْتَصْحِبُ) بالبناء للفاعل ويكون الفاعل ضميرا مستترا يعود على (المجتهد أو المُسْتَدِلّ) المفهوم من الكلام أي أَنْ يَسْتَصْحِبَ المُسْتَدِلُّ الأصلَ.

وجملة (يستصحب الأصل) لا محل لها من الإعراب صلة (أَنْ)

(عِنْدَ): ظرف مكان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة
وهو متعلق بمحذوف حال أي (يستصحب الأصل كائنا هذا الاستصحابُ عند عدم الدليل)
و(عند) مضاف

(عَدَمِ): مضاف إليه
وهو مضاف أيضا

(الدَّلِيلِ): مضاف إليه

(الشَّرْعِيِّ): صفة لـ(الدليل)
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

المعنى
تكلم المصنف هنا عن الاستصحاب باعتباره أحد الأدلة الشرعية التي يلجأ إليها المجتهد عند عدم الدليل من الكتاب والسنة والإجماع، وبعض العلماء يقدم الاستصحاب على القياس ومنهم الغزالي وابن قدامة.

والاستصحاب في اللغة: طلب الصحبة

واصطلاحا: إبقاء ما كان على ما كان حتى يثبت خلافه

وله أقسام بعضها متفق عليه وبعضها مختلف فيه كالآتي:

الأول-استصحاب البراءة الأصلية (أو استصحاب العدم الأصلي)

أمثلة:
- براءة الذمة من التكليفات الشرعية حتى يقوم دليل على التكليف؛ فإن كان صغيرا فببلوغه أوجاهلا فبعلمه، أو في دار حرب فبوصوله إلى دار الإسلام.

- ومَنِ ادعى على آخر حقا فعليه الإثبات، فإذا ادعى زيدٌ أن له دينارا عند عمرو فالأصل براءة ذمة عمرو من الدين حتى يُثْبِتَ زيدٌ دعواه بالبينة والدليلِ أو يُقِرَّ عمرو بذلك، وإلا فاليمين على عمرو أنه ليس عليه شيء لزيد، فالبينةُ على المدعِي واليمين على من أنكر.

والجمهور على أن هذا النوع حجة وادعَى بعضهم الاتفاق على حجيته

الثاني-استصحاب الدليل مع احتمال المعارِض، وهو قسمان:

أ‌- استصحاب العموم حتى يَرِدَ تخصيصه؛ لأن تعطيله بدعوى البحث عن مخصص تعطيل للشريعة.

مثال: أجاز فريق من العلماء نكاح الزانية قبل وضع حملها، والصحيح عدم الجواز لقوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]، فيجب استصحاب هذا العموم حتى يثبت تخصيصه بما يدل على جواز الصورة المذكورة.

ب‌- استصحاب العمل بالنص حتى يرد ناسخ

وهذا النوع بقسميه متفق على صحته والعمل به ولكن وقع نزاع في تسميته استصحابا

الثالث-استصحاب الحكم الذي دل الدليل على ثبوته حتى يثبت خلافه

أمثلة:
- استصحاب بقاء النكاح والزوجية بناء على صحة عقد النكاح
- وكاستصحاب بقاء شغل ذمة مَنْ أتلف شيئا بناءً على ما صدر منه من إتلاف حتى يثبت براءة ذمته من ذلك
- ولو ادعت الزوجة الطلاق فالأصل عدمه وعليها البينة.

الرابع-استصحاب الوصف

أمثلة:
- وصف الماء بالطهارة يستمر قائما حتى يقوم دليل على تنجسه
- وإذا توضأ شخص ثبتت له صفة المتوضيء حتى يقوم الدليل على نقض وضوئه بيقين أو بظن غالب فلو شك هل أحدث أو لا؟ لم يَزُلْ يقينُهُ بالشك
- والمفقود تستمر له صفة الحياة دَفْعًا وإثباتا (كما قال الشافعية والحنابلة)، أو دَفْعًا فقط (كما قال الحنفية والمالكية) حتى يثبت خلاف ذلك أو يحكم القاضي بموته.

فائدة: في معنى قولهم: (المفقود تثبت له صفة الحياة دفعا فقط أو دفعا وإثباتا)

أما الدَّفْعُ فمعناه: المنع، والمراد أن استصحاب صفة الحياة التي كانت ثابتة له قبل فَقْدِهِ تمنع أن تزول عنه الحقوق التي كانت ثابتة له بموجبها؛ يعني أنه يأخذ حكم الأحياء في أمواله فتستمر على ملكه فلا توزع على ورثته، وفي الزوجية فتستمر زوجته على ذمته، وهكذا حتى يتبين موتُه أو يحكم القاضي بموته.

وأما الإثبات فمعناه: أنه يكون صالحا لأن تؤل إليه حقوقٌ جديدةٌ كأن يرثَ غيره أو تئول إليه أموال بوصية أو نحو ذلك.

الخامس-استصحاب الحكم الثابت بالإجماع في محل النزاع

مثال: أن مَنْ تيمم وصلى فصلاته صحيحة بالإجماع فإن رأَى الماء أثناء وقت الصلاة فاختلفوا فيه:

فقال بعضهم: نستصحب حكم الإجماع فتكون صلاته صحيحة؛ لأن الإجماع منعقد على صحتها قبل رؤية الماء.

وقال بعضهم: بل صلاته باطلة لأن الإجماع مشروط بعدم الماء فأما مع وجوده فلا إجماع.

وهذا النوع من الاستصحاب محل خلاف فالجمهور على أنه ليس بحجة، وذهب بعضهم إلى أنه حجة منهم داود الظاهري والآمدي وابن الحاجب وابن القيم والشوكاني.

والله أعلم
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

التعارض والترجيح وترتيب الأدلة
قال المصنف:
وَأَمَّا الْأَدِلَّةُ:


فَيُقَدَّمُ الْجَلِيُّ مِنْهَا عَلَى الْخَفِيِّ.


وَالْمُوجِبُ لِلْعِلْمِ عَلَى الْمُوجِبِ لِلظَّنِّ.


وَالنُّطْقُ عَلَى الْقِيَاسِ.


وَالْقِيَاسُ الْجَلِيُّ عَلَى الْخَفِيِّ.


فَإِنْ وُجِدَ فِي النُّطْقِ مَا يُغَيِّرُ الْأَصْلَ، وَإِلَّا فَيُسْتَصْحَبُ الْحَالُ.
_______________________________
(وَ): استئنافية أو عاطفة


(أَمَّا): حرف تفصيل فيه معنى الشرط


(الْأَدِلَّةُ): مبتدأ


(فَـ): واقعة في جواب (أما) وهي مزحلقة عن مكانها كما تقدم مرارا والأصل (فالأدلة يُقَدَّمُ)


(يُقَدَّمُ): مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة


(الْجَلِيُّ): نائب فاعل


(مِنْهَا): متعلق بـ (الجلي)


(عَلَى الْخَفِيِّ): متعلق بـ (يُقَدَّم)


وجملة (يقدم الجلي ...) في محل رفع خبر


وجملة (الأدلة يقدم ...) جواب (أمّا) أو (مهما) أو جوابهما معا


وجملة (أما الأدلة ...) لا محل لها من الإعراب استئنافية أو معطوفة على (فأما أقسام الكلام ..)


(وَ): عاطفة


(الْمُوجِبُ): معطوف على (الجلي)


(لِلْعِلْمِ): متعلق بـ (الموجب)


(عَلَى الْمُوجِبِ): متعلق بـ (يُقَدَّم)


(لِلظَّنِّ): متعلق بـ (الموجِب) من قوله: "على الموجب"


(وَالنُّطْقُ عَلَى الْقِيَاسِ): تقدم مثلها


(وَالْقِيَاسُ الْجَلِيُّ عَلَى الْخَفِيِّ): تقدم مثلها، و(الجلي) صفة لـ(القياس)


(فَـ): استئنافية، أو فصيحة


(إِنْ): شرطية جازمة


(وُجِدَ): فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط


(فِي النُّطْقِ): متعلق بـ (وُجِدَ)


(مَا): نائب فاعل، وهي نكرة موصوفة، وواقعة على (الحكم) أو (النطق) أي: إن وُجِدَ حُكْمٌ يُغَيِّرُ الأصلَ، أو إن وُجِدَ نُطْقٌ يُغَيِّرُ الأصلَ.


(يُغَيِّرُ): مضارع مرفوع والفاعل مستتر يعود على (ما)


(الْأَصْلَ): مفعول به


والجملة من الفعل ونائب الفاعل وما تعلق بها في محل رفع صفة لـ(ما)


وجواب الشرط محذوف للعلم به والتقدير مثلا: (حَكَمْنَا بِهِ) أو (فلا يُستصحب الحال)


(وَ): عاطفة


(إِلَّا): مكونة من (إِنْ) الشرطية و(لا) النافية، وجملة الشرط محذوفة لدلالة ما تقدم عليها والتقدير: (وإن لم يوجد في النطق ما يغير الأصل فيستصحب...)


(فَـ): واقعة في جواب الشرط


(يُسْتَصْحَبُ): مضارع مبني للمجهول مجزوم بـ (إنْ) لأنه جواب الشرط وعلامة جزمه السكون وحُرِّكَ بالضم لأنه الأصل في الحركة


(الْحَالُ): نائب فاعل


وجملة (وإلا فيُستصحب ...) معطوفة على جملة (فإن وُجِدَ ...)
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

المعنى​
ترتيب الأدلة باب مهم تظهر ثمرته عند التعارض بين الأدلة
وقد سبق أنه عند التعارض:
- يُقَدَّمُ الجمع بين الأدلة على الترجيح بينها
- فإن لم يمكن الجمع وعُرِفَ التاريخُ فإن المتأخر ينسخ المتقدم
- فإن لم يمكن الجمع ولم يعرف التاريخ فإنا نلجأ إلى الترجيح بينها.​
ولمعرفة كيفية الترجيح بينها فلابد من معرفة أيِّ الأدلة أقوى وأيها أضعف لكي يُقَدَّمَ الأقوى عند التعارض وهو المراد بهذا الباب فذكر المصنف كيفية ترتيب الأدلة وهي كالآتي:
_______________________________
يُقَدَّمُ الدليلُ الجَلِيُّ على الدليلِ الخَفِيِّ:


فمثلا: إذا تعارض دليلان أحدهما (نَصٌّ) والآخر (ظاهر) قُدِّمَ (النَّصُّ) على (الظاهر)


وإذا تعارض دليلان أحدهما بالمنطوق والآخر بالمفهوم قُدِّمَ (المنطوق) على (المفهوم)


فمثال تعارض المفهوم والمنطوق: حديث عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ»1
فمفهومه أن الثلاثَ رضعاتٍ تُحَرِّم
لكن هذا المفهوم مُعَارَضٌ بما ورد أيضا من حديث عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: "كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ: {عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ} ثُمَّ نُسِخْنَ {بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ} فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ"2
فيُقَدَّمُ المنطوقُ وهو حديثُ عائشة رضي الله عنها الثاني على المفهوم
____________________________
يُقَدَّمُ الدليلُ الموجِبُ للعلم على الموجِبِ للظن:


فإذا تعارض نصان أحدهما متواتر والآخر آحادا قُدِّمَ المتواتر على الآحاد إلا أن يكون المتواتر من باب العامّ والآحاد من باب الخاصّ فيُخَصَّصُ المتواترُ العامُّ بالآحاد الخاصِّ.


مثال تخصيص المتواتر العامّ بالآحاد الخاص: قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]، فهذا يشمل الولد المسلم والكافر
مع قوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ وَلاَ الكَافِرُ المُسْلِمَ»3.
___________________________________
يُقَدَّمُ النُّطْقُ (وهو النصُّ من كتاب أوسنة) على القياس:


فإذا تعارض (نَصٌّ مِنْ كتابٍ أو سنةٍ) مع (قياسٍ) قُدِّمَ (النُّطْقُ) على (القياس) وصار القياسُ فاسدا؛ لأنه لا قياسَ مع نصٍّ.


مثال تعارض القياس مع النص: ما ذهب إليه بعض العلماء من أن شوك الحَرَمِ لا يَحْرُمُ قَطْعُهُ؛ لأنه يؤذي بطبعه فأشبَهَ السباع من الحيوان، وهذا قياس مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: «لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ»4.
__________________________________
يُقَدَّمُ القياسُ الجَلِيُّ على القياسِ الخَفِيِّ:


فالقياسُ الجَلِيُّ: هو ما نُصَّ على علتهِ أو أُجْمِعَ عليها أو قُطِعَ فيه بنَفْيِ الفارق بين الأصل والفرعِ


مثاله: تحريم إحراق مالِ اليتيمِ قياسا على تحريم أَكْلِهِ المنصوصِ عليه في آية سورة النساء؛ إذ لا فرق بينهما فكلٌّ منهما فيه إتلافٌ لمال اليتيم وضياعٌ لحقوقه.


والقياسُ الخَفِيُّ: هو ما ثبتت علتُهُ بالاستنباط، ولم يُقْطَعْ فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع


مثاله: قياسُ الأشنان على البُرِّ في الربا بجامع الكيل مثلا، فإنه لم يُقطع بنفي الفارق بين الفرع والأصل لاحتمال أن يقال: البُرُّ مطعوم والأشنانُ غيرُ مطعومٍ.


وإذا تعارض (قياسُ عِلَّةٍ) مع (قياسِ شَبَهٍ) قُدِّمَ (قياسُ العلة) على (قياسِ الشَّبَهِ)
___________________________


وقوله: "فَإِنْ وُجِدَ فِي النُّطْقِ مَا يُغَيِّرُ الْأَصْلَ، وَإِلَّا فَيُسْتَصْحَبُ الْحَالُ". تقدم معنا قريبا والمراد إن وجد في الحادثة نصٌّ حكَمْنا بموجبه وإن لم يوجدْ نصٌّ استصحبنا البراءة الأصلية كما سبق.


والله أعلم.

________________________________
1 صحيح: رواه مسلم (1450)


2 صحيح: رواه مسلم (1452)


3 صحيح: متفق عليه


4 صحيح: متفق عليه


 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

الاجتهاد والتقليد
شروط المفتي أو المجتهد
قال المصنف:
وَمِنْ شَرْطِ الْمُفْتِي: أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْفِقْهِ؛ أَصْلًا وَفَرْعًا، خِلَافًا وَمَذْهَبًا.
وَأَنْ يَكُونَ:


- كَامِلَ الْآلَةِ فِي الِاجْتِهَادِ.


- عَارِفًا بِمَا يُحْتَاجُ إِلَيهِ فِي اسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ مِنَ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ، وَتَفْسِيرِ الْآيَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الْأَحْكَامِ، وَالْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِيهَا.
_________________________________
(وَ): استئنافية


(مِنْ شَرْطِ): متعلق بمحذوف خبر مقدم
و(مِنْ) تبعيضية
و(شرط) مضاف


(الْمُفْتِي): مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره كسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها الثقل


(أَنْ): حرف مصدري ونصب


(يَكُونَ): مضارع من كان الناقصة منصوب بـ (أَنْ) وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة
واسمها مستتر يعود على (المفتي)


(عَالِمًا): خبر (يكون)


و(أنْ) والفعل في تأويل مصدر في محل رفع مبتدأ مؤخر


وجملة (يكون عالما) لا محل لها من الإعراب صلة (أَنْ)


(بِالْفِقْهِ): متعلق بـ (عالما)


(أَصْلًا وَفَرْعًا، خِلَافًا وَمَذْهَبًا): إن أعربتها أحوال من (الفقه) كان مراده بقوله (أصلا): دلائل الفقه المذكورة في علم أصول الفقه، وفي إدخالها في (الفقه) من قوله: "عالما بالفقه" مسامحة؛ إذ إنها ليست مِنه، بل هي من علم آخر هو علم أصول الفقه.


أما إن أعربتها تمييزات من (الفقه) محولة عن المضاف لم يلزم عليه شيئا ويكون أصل هذه التمييزات: (عالما بأصلِ الفقهِ وفرعِهِ ...الخ)، ويكون المراد بـ (أصل الفقه) أمهات المسائل التي هي كالقواعد ويتفرع عليها غيرُها، لكن يفوتُهُ التنبيه على (أصول الفقه) إلا أن يدخل في قوله: "كامل الآلة"


ولك جعلُها منصوبة على المفعولية المطلقة (أصل أصلا، وفرع فرعا، وخالف خلافا، وذهب مَذهبا)


وذهب الدمياطي إلى أنها منصوبة على نزع الخافض حيث قال: "قوله: (خلافا ومذهبا) هما منصوبان على نزع الخافض والتقدير: مِنْ مُخالِفِ مذهبِ إمامِهِ ومذهبِ إمامه"1.


(وَ): عاطفة


(أَنْ يَكُونَ كَامِلَ الْآلَةِ فِي الِاجْتِهَادِ.): معطوفة على قوله: "أن يكون عالما بالفقه" وإعرابها مثلها
و(في الاجتهاد) متعلق بـ (كامل)


(عَارِفًا): معطوف على (كامل) بحرف عطف محذوف أي (وعارفا)
أو خبر لـ(يكون) بعد خبر فيكون من باب تعدد الأخبار وهو جائز.


(بِمَا): متعلق بـ (عارفا)، و(ما) موصولة بمعنى الذي


(يُحْتَاجُ): مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، ونائب الفاعل ضمير مستتر يعود على (ما)
والجملة من الفعل ونائب الفاعل لا محل لها من الإعراب صلة (ما)


(إِلَيهِ): متعلق بـ (يُحتاج)


(فِي اسْتِنْبَاطِ): متعلق بـ (يُحتاج)، و(استنباط) مضاف


(الْأَحْكَامِ): مضاف إليه


(مِنَ النَّحْوِ): متعلق بـ (يُحتاج) وهو تفسير لـ(ما)


(وَ): عاطفة


(اللُّغَةِ): معطوفة على "النحو"


(وَ): واو المعية، أو عاطفة كما ستعرف


(مَعْرِفَةِ): بالنصب والرفع والجر:
فأما النصب فعلى أنه مفعول معه، والواو للمعية


والرفع على أن الواو عاطفة، و(معرفة) معطوفة على المصدر المؤول في قوله: "أن يكون عالما بالفقه" أي: ومِنْ شرطه كونُهُ عالما بالفقه ومِنْ شرطه معرفةُ الرجال


والجر على أن الواو عاطفة، و(معرفة) معطوفة على (الاجتهاد) من قوله: "وأن يكون كامل الآلة في الاجتهاد" أي وأن يكون كامل الآلة في معرفة الرجال، ويكون الجر بالعطف لا بحذف حرف الجر وبقاء عمله لأنه شاذ ولا يقاس عليه.


ولا شك أن الظاهر أنه معطوف على (النحو) من قوله: "من النحو واللغة" لكنه مشكل من حيث المعنى؛ إذ يصير المعنى أن مِنْ شرط المفتي أن يكون عارفا بمعرفةِ الرجال، وهذا ليس مرادا


و(معرفة) مضاف


(الرِّجَالِ): مضاف إليه


(وَ): عاطفة


(تَفْسِيرِ): معطوف على (معرفة)، وهو مضاف


(الْآيَاتِ): مضاف إليه


(الْوَارِدَةِ): صفة لـ(الآيات) وصفة المجرور مجرورة


(فِي الْأَحْكَامِ): متعلق بـ (الواردة)


(وَ): عاطفة


(الْأَخْبَارِ): معطوف على (الآيات)


(الْوَارِدَةِ فِيهَا): تقدم مثلها

______________________
1 حاشية الدمياطي على شرح الورقات للمحلي 22.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

المعنى
لما انتهى المصنفُ من الكلام على الأدلة وما يحتاج إليه في الاجتهاد شرع في بيان الاجتهاد ليحصل الحكم المقصود والإفتاء للعمل به، وذكر بعض شروط المفتي والمستفتي.


شروط المفتي:


1- أن يكون عالما بالفقه أصلا وفرعا خلافا ومذهبا، واختلف في مراده بـ (أصل الفقه):


= فقيل: المرادُ دلائلُ الفقه المذكورة في أصول الفقه، وذلك على إعراب (أصلا) حالا من (الفقه)، وكما سبق فإدخال (دلائل الفقه) في (الفقه) مسامحة


= وقيل: يحتمل أن يريد بالأصل أمهاتِ المسائل التي هي كالقواعد ويتفرع عليها غيرُها لكن يفوته التنبيهُ على اشتراط العلمِ بأصول الفقه إلا أن يدخل ذلك في قوله: "كامل الآلة".


ومراده بـ (فرعا): المسائل المدونة في كتب الفقه، ولا يشترط حفظها؛ إذ إنها لا تنتهي بل المراد حفظ جملة صالحة منها ليتمكن من معرفة ما يَرِدُ عليه أثناء الفتوى، وأن تكون عنده ملَكَةٌ راسخة يتمكن بها من استنباط الحكم عند الحاجة إليه


ومراده بـ (خلافا): المسائل المختلَفُ فيها بين العلماء


ومراده بـ (مَذْهَبًا): ما يستقر عليه رأيُهُ هو، هذا إن حُمِلَ على المجتهد المطلق، أما إن حُمِلَ على المجتهد المقيَّد (الذي يتقيد بمذهب من المذاهب) فمرادُهُ بالمَذْهَبِ ما استقرَّ عليه رأيُ إمامِهِ.


واعلم أن الواجب على المفتي النظرُ في الأدلة والإفتاء بمقتضى الدليل سواء وافق مذهبه أو خالفه؛ لأن الله عز وجل لم يتعبدنا إلا بشرعه الذي أنزله في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، والمذاهب كلها فيها الصواب وفيها الخطأ، فمَنِ التزمها وتقيَّدَ بها في كل صغيرة وكبيرة وقع في الخطإ لا محالة.


2- أن يكون كامل الآلة في الاجتهاد، وكمالُ الآلةِ يكون بـ:


معرفته بما يحتاج إليه في استنباط الأحكام من:


النحو ويندرج فيه التصريف


واللغة: وهي الألفاظ الموضوعة لبيان المعاني المفردة، وهذا يبحث عنه في المعاجم كالمصباح المنير والصحاح للجوهري ومختار الصحاح للرازي ولسان العرب للفيروزأبادي ...


ولا بد مع ذلك من معرفة علوم البلاغة؛ لأن الألفاظ الدالَّة على الأحكام الشرعية عربية بليغة، وفيها الحقيقة وفيها المجاز (خلافا لمَنْ نفاه) وفيها من ألوان التشبيه والاستعارات والكنايات وصيغ الخبر والإنشاء والتقديم والتأخير وغير ذلك الشيء الكثير فإن لم يكن المجتهد على معرفة بهذه العلوم قلَّ حظُّه ورتبتُه في الاجتهاد


تنبيه: لا يشترط في المجتهد أن يكون متبحرا في علوم اللغة بل الشرط أن يكون عالما بالقَدْرِ اللازم لفهم الكلام


من كمال الآلة أن يكون على علم جيد بأصول الفقه


3- وأن يكون ذا معرفة بعلم الرجال وهم رواة الأحاديث ليأخذ برواية المقبول منهم دون المجروح، وقد صار هذا الأمر يسيرا بعد انتشار الطباعة والكتب الالكترونية والبرامج البحثية كالشاملة ونحوها


4- أن يكون عالما بالناسخ والمنسوخ لئلا يفتي بالمنسوخ.


5- أن يكون عالما بتفسير آيات الأحكام، وهي نحو خمسمائة آية كما ذكر الإمام الغزالي، لكن هذا لا يمنع أن تكون أكثر من ذلك كما قال القرافي.


وقال العز بن عبد السلام: إنما ضرب الله الأمثال في كتابه تذكيرا ووعْظا، فما اشتمل منها على تفاوت في ثواب أو على إحباط عمل أو على مدح أو ذم أو نحوه فإنه يدل على الأحكام.
ثم قال: "ومعظم آيِ القرآن لا تخلو عن أحكام مشتملة على آداب حسنة وأخلاق جميلة ..."1.


ولا يُشترَطُ حفظُها بل معرفةُ مظانِّها ليراجعها وقت الحاجة.
وقد ألفت فيها كتب كثيرة منها: تفسير القرطبي المسمى (الجامع لأحكام القرآن) و(أحكام القرآن لابن العربي) و(تفسير آيات الأحكام) للإمام الشافعي الذي جمعه البيهقي، و(تفسير آيات الأحكام) للجصاص، و(الإكليل في استنباط التنزيل) للسيوطي، و(تفسير آيات الأحكام) للسايس وغيرها.


6- أن يكون عالما بأحاديث الأحكام، ولا يُشترَطُ حفظُها بل معرفةُ مظانِّها ليراجعها وقت الحاجة. وقد صُنِّفَتْ كتب كثيرة في هذا الأمر منها:


= (عمدة الأحكام) للمقدسي وفيه نحو (400) حديث مما اتفق عليه البخاري ومسلم غالبا وقد يكون في مسلم دون البخاري قليلا


= (بلوغ المرام من جمْع أحاديث الأحكام) لابن حجر وفيه (1451) حديثا إلى آخر كتاب (العتق) ثم ختمه بكتاب (الجامع) أي في الآداب وآخره الحديث رقم (1582)، وقد لخَّصَ فيه (الإلمام) لابن دقيق العيد وزاد عليه كثيرا، وأشهر شروحه (سبل السلام) للأمير الصنعاني


= (منتقى الأخبار) لابن تيمية الجد وفيه (3926) حديثا وقد شرحه الشوكاني في كتابه العظيم (نيل الأوطار من أسرار منتقى الأخبار)


وبعضُهم اشترط البلوغ والذكورة والعدالة ولم يشترط ابن الصلاح الذكورة لكن اشترط العدالة، وبعضهم لم يشترطها


ولا يشترط في المجتهد أن يكون حافظا للقرآن

_____________________________
1 الإكليل في استنباط التنزيل للسيوطي (ص12) تصحيح: أبو الفضل عبد الله بن الصديق الغماري، ط. دار الكتاب العربي
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

ما يشترط في المستفتي
قال المصنف:
وَمِنْ شَرْطِ الْمُسْتَفْتِي: أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ التَّقْلِيدِ، فَيُقَلِّد الْمْفُتِيَ فِي الْفُتْيَا. وَلَيْسَ لِلْعَالِمِ أَنْ يُقَلِّدَ
_____________________________
(وَ): استئنافية
(مِنْ شَرْطِ): متعلق بمحذوف خبر مقدم، و(شرط) مضاف
(الْمُسْتَفْتِي): مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره كسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها الثقل
(أَنْ يَكُونَ): المصدر المؤول من أنْ والفعل في محل رفع مبتدأ مؤخر، واسم (يكون) مستتر يعود على (المستفتي)
(مِنْ أَهْلِ): متعلق بمحذوف خبر (يكون)، و(أهل) مضاف
(التَّقْلِيدِ): مضاف إليه
وجملة (يكون من أهل) لا محل لها من الإعراب صلة (أَنْ)
وجملة (من شرط ... أن يكون) لا محل لها من الإعراب استئنافية

(فَـ): فاء السببية
(يُقَلِّدُ): مضارع مرفوع، والفاعل مستتر يعود على (المستفتي)
(الْمْفُتِيَ): مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة
(فِي الْفُتْيَا): متعلق بـ (يقلد)، و(الفُتْيَا) اسم مجرور بفي وعلامة جره كسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر
(وَ): استئنافية
(لَيْسَ): فعل ماض ناقص من أخوات (كان) مبني على الفتح لا محل له من الإعراب
(لِلْعَالِمِ): متعلق بمحذوف خبر (ليس) مقدم، وهو جائز
(أَنْ يُقَلِّدَ): المصدر المؤول من أنْ والفعل في محل رفع اسم ليس مؤخر
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

المعنى
بعد أن تكلم عن شروط المفتي ومَنْ يجوز له الإفتاء، تكلم عن شروط المستفتي ومَنْ يجوز له الاستفتاء
فذكر للمستفتي شرطا واحدا وهو: أن يكون مِنْ أهل التقليد، يعني: ليس عالما مِنْ أهل الاجتهاد
ثم ذكر أن العالم لا يجوز له أن يقلد غيره بل يجب عليه أن يبحث عن حكم المسألة بنفسه ويصير إلى ما أداه إليه اجتهادُه.


وهذه المسألة معروفة بـ (حكم تقليد العالِمِ للعالِمِ) وتفصيلُها كالآتي:
أ - إذا نظر العالمُ المجتهدُ في المسألةِ وتبَيَّنَ له رجحان قول على قول فقد أجمع العلماءُ على أنه لا يجوز له تقليد غيرِهِ وتَرْكِ ما تبَيَّنَ له
ب - إذا لم ينظر في المسألة فهل له أن يقلد غيره أو لا؟ اختلفوا في هذه الصورة على أقوال:
الأول - يجوز للعالم أن يقلد غيره إذا لم ينظر في المسألة، أو نظر فيها ولم يتبين له شيء
الثاني - لا يجوز له التقليد بل يجب عليه التوقف حتى ينظر فيها
الثالث - يجوز له أن يقلدَ الأعلمَ منه، ولا يجوز له أن يقلد المساوي أو الأدنَى
الرابع-وهو الراجح، التفصيل: إن ضاقَ عليه الوقتُ جاز عليه التقليدُ وإلا فلا
مثال مَنْ ضاق عليه الوقت: أن يكون في صلاةٍ ثم تَعْرِضُ له مسألةٌ لم يكن قد نظر فيها قبل ذلك ولكنه يعلم قول الشافعي أو أحمد أو غيرهما من الأئمة في هذه المسألة ولكنه لا يعرف دليل الإمام فيها فهنا يجوز له التقليد؛ لأن الوقت قد ضاق ويَصْدُقُ عليه أنه لا يعلم الحكم1.


تنبيه: عدم جواز تقليد العالم لغيره مشروط بعدم التأثير على جماعة المسلمين يعني إذا كان المجتهد نظرَ في مسألة وأداه اجتهادُهُ إلى خلاف ما عليه جمهور المسلمين وإمامهم من الأمور التي تؤثر على المسلمين كالصلح مع العدو وأمور السلْمِ والحرب ونحوها فإن كان العالِمُ يرى رأيا يخالِفُ جماعةَ المسلمين وإمامهم ولو أظهره أدى ذلك إلى اختلاف الناسِ وشقِّ عصا الطاعة لم يَجُزْ للعالِمِ أن يخالفَ إمامَ المسلمين وإنْ ظَنَّ أن ما فعَلَهُ مرجوحا؛ لأن مخالفته تؤدي إلى تفرق كلمة المسلمين2.

______________________________
1 تهذيب شرح الورقات 107.


2 تهذيب شرح الورقات 108.
 
أعلى