العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

تراجم الفقهاء المعاصرين (فهرس)

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,136
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
الإخوة الكرام
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته،،،

هذا الموضوع لجمع وفهرسة المقالات عن الفقهاء المعاصرين؛ حتى لا تتيه في أروقة الملتقى.

وأهيب بكل من يسجل مثل هذه النبذ؛ أن تكون بقلم أدبي سيَّال يتناغم مع طرائق كتب التراجم.

ولذا؛ فإني أشكر شيخنا الجليل/ أحمد بن فخري الرفاعي؛ على موضوعه المميَّز؛ والذي رسم خطـَّـاً بديعاً في بابه؛ نأمل من الأفاضل أن يحذوا فيه حذوه.

وقد جعلته طليعة هذه التراجم:


العلامة الفقيه الشيخ مصطفى الزرقا يرحمه الله

ترجمة العلامة الشيخ أحمد محمد شاكر وبيان جهوده العلمية

العلامة الناقد البصير ذهبي العصرعبد الرحمن المعلمي اليماني-رحمه الله.


ترجمة العلامة الشيخ الأصولي محمد علي فركوس -حفظه الله تعالى -

ترجمة الشيخ العلامة المحدث أبو أويس محمد بن الأمين التطواني المالكي (حفظه الله)

ترجمة الشيخ العلامة مصطفى بنحمزة حفظه الله


ترجمة الشيخ العلامه عبدالله بن بيه حفظه الله وأطال في عمره .

ترجمة الشيخ عبدالله بن منيع حفظه الله ( من موقع رئاسة الإفتاء ) .

ترجمة الشيخ عبدالله بن يوسف الجديع ( حفظه الله ) .
 
إنضم
27 أكتوبر 2008
المشاركات
52
التخصص
إيمانيات
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
ما شاء الله ... جميل جدا !!

بس !؟




وين ترجمة أستاذي !! ؟؟

هاه :mad:

أولو لي لشوف :mad:

:D :D


خادمكم خلوصي الفقير العاجز ... المحب لكم .
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يرفع للتفعيل
 
إنضم
27 مارس 2008
المشاركات
365
التخصص
أصول الفقه
المدينة
قسنطينة
المذهب الفقهي
حنبلي
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
ترجمة الشيخ الدكتور عبد المجيد جمعة الجزائري
الأستاذ بجامعة الأمير عيد القادر للعلوم الإسلامية و الإنسانية
ولد المترجم له يوم 14 شوال 1384 هـ الموافق لـ: 16 فبراير 1965م بمدينة الجزائر المحروسة، وهي دار لجلّة من العلماء في القديم والحديث، فهو جزائري المولد والمنشأ، وإليها ينسب، فيعرف خارج القطر بجمعة الجزائري، حبّب إليه العلم صغيرا، فشحذ له غرار عزمه، وامتطى له جواد حزمه، فأخذ عن بعض أهل بلده، ثم أعمل الركاب، وهو في زمن الشباب على عادة أهل العلم، فقرأ النحو على الفقيه النحوي المعمّر ملحق الأصاغر بالأكابر الشيخ محمد شارف الخطيب بالمسجد الكبير بمدينة الجزائر، وقرأ عليه كتابه «القواعد الفقهية في إعلام الموقعين»، ومن أبرز شيوخه العالم الفقيه الأصولي البارع الشيخ الفاضل أبي عبد المعز محمد علي فركوس، وله معه طول صحبة، إضافة إلى شغفه بالكتب ومطالعتها، لاسيما كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية رحمهما الله، فكانت الكتب لا تكاد تفارق يديه، ولا تتوارى عن عينيه. ثمّ التحق بالمدارس النظامية، حيث أكمل دراسته بكلّيّة العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر، فتحصّل على شهادة الليسانس في العلوم الإسلامية بقسم أصول الفقه، ثمّ على شهادة الماجستير، عمل في ذلك مؤّلفًا كبيرًا في «القواعد الفقهية في إعلام الموقعين للعلاّمة ابن قيّم الجوزية»، أثنى عليه كلّ من وقع في يده من أهل العلم والفضل، وقد قدّم له الشيخ العلاّمة بكر بن عبد الله أبو زيد بمقدّمة، لم يسبق أن قدّم لغيره بمثلها، ثمّ نال شهادة دكتوراه دولة في العلوم الإسلامية بقسم أصول الفقه، وعمل في ذلك مؤلّفا كبيرا في «اختيارات ابن القيّم الأصولية»، بديع الصنع، لم ينسج على منواله، ولم تسمح قريحة بمثاله.

ثمّ ارتحل مرّات إلى الحجاز لأداء الحجّ أو العمرة، قبل أن يستقرّ بها مدّة، فكان عاكفًا على مجالس العلم، والسماع من أهل نجد والحرمين، ولقائهم، وممّن لقيه الشيخ العلاّمة المحدّث حمّاد الأنصاري رحمه الله، وحفظ منه كلمة قالها له، وهي: روضة الناظر لابن قدامة فيه آفتان: آفة الاختصار، وآفة الطبع، قال: و روضة الناظر بدون شرح ابن بدران لا يساوي شيئا، وسمع من الشيخ العلاّمة فقيه الأمّة محمد بن صالح العثيمين، فأخذ عنه، وأجازه في جميع مؤلّفاته، وسمع من الشيخ العلاّمة صالح اللحيدان والشيخ الإمام المحدّث عبد المحسن العباد، والشيخ السحيمي، والشيخ الفقيه صالح الفوزان، وأخذ علم الحديث على الشيخ المحدّث الكبير مفلح بن سليمان الرشيدي، وأخذ علم القراءة والتجويد على الشيخ عبيد الأفغاني والشيخ عبد الكريم إسكندر الباكستاني والشيخ إهاب المصري، وأخذ أصول الفقه على يد الشيخ محمد المختار ابن الشيخ الإمام العلاّمة الفقيه الأصولي المفسّر محمد الأمين الشنقيطي، وسمع من الشيخ الأصولي عبد الوهاب الشنقيطي، وأخذ علم المواريث على الشيخ الفرضي الزليباني، وأخذ النحو والأصول على الشيخ محمد محمد الشنقيطي، ولزم مجلس الشيخ المحدّث ربيع بن الهادي المدخلي، كما سمع من غيرهم من علماء الحجاز، وكان له اتّصال خاص بالشيخ العلاّمة بكر بن عبد الله أبو زيد عضو هيئة كبار العلماء، ولقيه في موسم الحجّ بمنى، وابتهج الشيخ بكر بلقائه، وقابله قائلا: طلع البدر علينا، ولقي الشيخ الفقيه المحدّث الكبير أبا أويس محمد بن الأمين بن عبد الله أبو خبزة الحسني التطواني، وقد أجازه إجازة عامة في كلّ ما صحّت له روايته عن شيخه الشيخ أبي الفيض أحمد بن محمد بن الصديق الغماري ومن المشايخ مشافهة عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني وعبد الحفيظ بن طاهر الفاسي الفهري، والطاهر بن عاشور التونسي، وتدبيجا مع الشيخ محمد بن عبد الهادي المنوني المكناسي، ومناولة لبعض كتبه من الشيخ محمد ناصر الألباني رحمهم الله جميعا.

ولا أعلم له اجتماعًا بالإمام العلاّمة المجتهد الفقيه عبد العزيز بن باز والعلاّمة الفقيه محدّث الوقت -بلا منازع- الشيخ الألباني رحمهما الله إلاّ ما كان بواسطة الهاتف، فذلك كثير مسجل عنده في أشرطة .

وقد ولي الشيخ –حفظه الله- الخطابة والدروس في بداية العشرينات من عمره، بباب الوادي -وهو حيّ من أحياء الجزائر العاصمة- مسقط رأسه، وفي غيره، فجاد بغرر الخطب في الوعظ والتربية، والدعوة إلى السنّة، والجهر بالحق، وله في ذلك محنة أوذي فيها فصبر، وكانت له حلقات علمية في شرح سنن أبي داود، وشرح صحيح البخاري، أجاد فيها وأفاد، استفاد منها كثير من طلبة العلم، قبل أن يسلّط عليه قرار التوقيف عن جميع الدروس والخطب، كما عمل بالتعليم الثانوي، ثمّ بالتعليم الجامعي قبل أن يوقف عن مهامه بسبب منهجه وازدحام الطلبة على دروسه، وترأّس مجلة «منابر الهدى» السلفية، وله تآليف كثيرة ما بين مطبوع ومخطوط، أغلبها لشيخ الإسلام ابن تيمية، منها: القواعد الفقهية في إعلام الموقعين، نال بها شهادة الماجستير.
اختيارات ابن القيّم الأصولية، تحصّل بها على شهادة دكتوراه دولة.
بعض مقالات نشرت بمجلة «منابر الهدى»، ثمّ أفردت بالطباعة، منها:
المورد الرويّ في حكم الاحتفال بالمولد النبويّ
برد السحائب على كبد أهل المصائب (نكبة الجزائر). مقال كتبه بمناسبة الفياضنات العارمة التي اجتاحت البلد، وخلّفت الهلاك والخراب والدمار في الأرواح والممتلكات.

ومن رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
المسألة الخلافية في الصلاة خلف المالكية
فتيا فيما يفعله بعض الخطباء يوم الجمعة
فصل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
رسالة في عيد النصارى
تفسير قوله تعالى: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم
فتوى فيما يفعله الصوفية من صحبة المردان ومؤاخاة النسوان
مسألة في تأخير الصلاة عن وقتها.

وله تحقيقات أخرى منها:
رسالة في حكم إعفاء اللحى للشيخ محمد حياة السندي.
شرح أربعين علي القارئ للشيخ محمد حياة السندي.
مسائل أجاب عنها الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله.
رسالة في الردّ على من أجاز لبس قلنسوة النصارى للشيخ عليش.

كما له مشاريع علمية كثيرة من أهمّها: تحقيق كتاب «زاد المعاد في هدي خير العباد» للإمام ابن القيّم رحمه الله، معتمدًا على نسخ خطّية نفيسة.

ولقد أثنى عليه غير واحد من أهل العلم، منهم شيخه الشيخ محمد علي فركوس، حيث حلاه في تقديمه لرسالة «رسالة في حكم إعفاء اللحى» (4): الشيخ الفقيه، وكرّر العبارة في تقديمه لرسالة «المسألة الخلافية في الصلاة خلف المالكية» (3)، فقال: الشيخ الأصولي الفقيه.

ومنهم الشيخ العلاّمة بكر بن عبد الله بن زيد في تقريظه لكتابه «القواعد الفقهية» حيث قال: الحمد لله بجميع المحامد وأكملها، على جميع نعمه ظاهرها وباطنها، وصلّى الله وسلّم على خير الخلائق وأفضلها، وعلى صحابته والتابعين لهم بإحسان في كلّيّات الإحسان وجزئيّاتها.
أمّا بعد، فهذا نفس من الغرب الإسلامي، يتضوّع مسكا أذفرا، وعلما جمّا، وبيانا عذبا، وأيّ عبد لك ما ألمّا، يجري عبر قلم حدا حادي الحيف إلى العلم الشرعي، على ميراث النبوة صافيا، فوقع الاختيار منه موفّقا على علم من الشرق الإسلامي وآله، يستثمر من علومه، ويلتقط من غوالي درره وفهومه، يجمعهما –مع تباعد الدار، ومدى الزمان- شرف الالتقاء على مائدة الإسلام الباقية، ومعجزته الخالدة الشريفة صافية، فجال هذا القلم المبارك من الجزائر جولته في معين واسع من كتب علَم من أعلام الإسلام الدماشقة، صاحب التصانيف المفيدة، الشيخ العلاّمة ابن قيّم الجوزية (المتوفّى سنة 751)، وذلك في أنبل كتابه، وأجلّها وأثراها بالقواعد الفقهية، والتخريج عليها: «إعلام الموقعّين عن ربّ العالمين»، فاستقرأ منه تسعا وتسعين قاعدة، قرّب لمحبّي العلم كلامه فيها، ممّا جعل هذا الكتاب «وثيقة شرعية للقواعد الفقهية»، سهْل السياق، يألفه القارئ، ويستفيد منه بلا أستاذ، فجزى الله أخانا الشيخ عبد المجيد جمعة خير الجزاء، وبارك في علمه ونفع به، وجعلنا وإيّاه من عباده الصالحين، وحزبه المفلحين، وحرّاس هذا الدين، حتّى نلقى ربّنا ونحن على ذلك من الشاهدين.

وزكّاه الشيخ العلاّمة ربيع بن هادي المدخلي، وأوصى الشباب بالجزائر بالرجوع إليه، وإلى غيره من الدعاة أسماهم، في شريط من تسجيل منار السبيل مع الشيخ ربيع بمكة بتاريخ 19 ربيع الأول 1424 الموافق ل21 ماي 2003 .

ولنا معه صحبة قديمة، أطلعتنا على محاسن صفاته من دماثة الخلق، وكرم النفس مع صلابة في الديانة، والصدق والأمانة، والتنزّه عن الرذائل مع الصيانة، والحياء والتواضع ولين الجانب في بشر يعلو محياه.
وهو رجل رَبعَة أبيض مشرب بحمرة، ليس بالبدين ولا الهزيل، قد خالط الشيب رأسه ولحيته سمت أهل العلم.
وهو في هذا الزمان معافى في بدنه وأهله، أدام الله عافيته، وأطال بقاءه، وصلّى الله وسلّم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
 
إنضم
22 فبراير 2009
المشاركات
12
التخصص
محاسبة تسير
المدينة
قسنطينة
المذهب الفقهي
مالكي
ترجمة فضيلة الشيخ محمد باي بلعالم
نسبه وميلاده :
هو العالم ابن العلماء والفقيه ابن الفقهاء الشيخ باي بلعالم بن محمد عبد القادر بن محمد بن المختار بن أحمد العالم القبلوي الجزائري الشهير بالشيخ باي، ويعود نسبه إلى قبيلة فلّان، والتي تضاربت حولها الأقوال واختلفت فيها الآراء والشهير أن أصولها تعود إلى قبيلة حمير القبيلة العربية الشهيرة باليمن .
ولد الشيخ سنة 1930 م في قرية ساهل من بلدية اقبلي بدائرة "أوْلَفْ " ولاية أدرار.
والده: هو محمد عبد القادر فقيها وإماما ومعلما ، له تصانيف منها:
- تحفة الولدان فيما يجب على الأعيان
– منظومة الولدان في طلب الدعاء من الرحمن
– منظومة حال أهل الوقت .
وأمه: خديجة بنت محمد الحسن كان والدها عالما قاضيا في منطقة تيديكلت .
دراسته وتعليمه

تربى الشيخ في أسرة اشتهرت بالعلم والمعرفة، حرصت على تعليمه وتربيته، فبدأ تعليمه في مسقط رأسه في مدينة ساهل أقبلي ، هذه القرية التي كانت تعد منارة للعلم والمعرفة والتي تخرج منها العديد من العلماء والفقهاء.
ودرس القرآن الكريم في مدرسة ساهل أقبلي على يد المقرئ الحافظ لكتاب الله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن المكي بن العالم ، ثم قرأ على يد والده المبادئ النحوية والفقهية ، ودرس على يد الشيخ محمد عبد الكريم المغيلي مدة من الزمن ، ثم انتقل إلى زاوية الشيخ مولاي أحمد بن عبد المعطي السباعي، بمراكش، ومكث فيها سبع سنوات ، قرأ فيها الفقه المالكي وأصوله، والنحو ، والفرائض، والحديث ، والتفسير. وخلال مرحلة دراسته تحصل على عدد من الإجازات.
- بعد أن تخرج الشيخ من الزاوية المذكورة آنفا انتقل إلى مدينة أولف حيث قام بتأسيس مدرسة للعلوم الشرعية تعنى بتدريس الطلاب والطالبات الأمور الدينية واللغوية حيث دفعته الغيرة الدينية لنشر العلم بين أهل بلده إبان الاستعمار الفرنسي، فأسس مدرسة شرعية أسماها "مدرسة مصعب بن عمير الدينية" والتي لا زالت ليومنا هذا والحمد لله، ولما تغلغلت الثورة في الجزائر واستحكمت قرّر إغلاق المدرسة مؤقتا خوفا على طلبته من المعارك التي كانت تدور آنذاك ، ولما حصل الشعب الجزائري على حريته ونالت الدولة استقلالها واستتبّ الأمن أعاد فتح المدرسة من جديد لتستقبل الطلاب بأعداد كبيرة وأضاف إليها قسما داخليا جديدا.
- وفي سنة 1964 التحق بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية فأصبح إماما وخطيبا ومفتيا ومدرِّسا لمسجد أنس بن مالك ومدرسة مصعب بن عمير الدينية.
- وفي عام 1971 م شارك في مسابقة وزارة الأوقاف التي أجرتها لمجموعة من المشايخ لتحديد مستواهم العلمي ، فتحصل على شهادة تعادل الليسانس في العلوم الإسلامية، وفي عام 1981م قام بتوسيع مدرسته وأضاف إليها قسما جديدا خاصا بالإناث، فأصبحت تستقبل أعدادا كبيرة من الفتيات على غرار ما تستقبله من الفتيان، وقام بتوسيع الأقسام الداخلية بحيث أصبحت تستوعب طلابا من خارج البلاد.
رحلته في طلب العلم
رحل الشيخ في طلب العلم والمعرفة إلى زاوية الشيخ أحمد بن عبد المعطي السباعي المراكشي المعروف بالطاهر، مكث هناك حوالي سبع سنوات حيث تلقى فيها عدة علوم منها ( علوم القران والحديث و النحو والفقه المالكي وأصوله والفرائض ….) وقد تأثر الشيخ رحمه الله كثيرا بشيخه المراكشي، واستفاد منه ويعتبره من أهم مشايخه، ولما مات رثاه بقصيدة مؤثرة اطلعت عليها أثناء وجودي بمدرسته سنة 1985 .
أسفار الشيخ ورحلاته :
سافر الشيخ رحمه الله إلى عدة بلدان في داخل الوطن و خارجه، وكانت له في جميع رحلاته لقاءات مع العلماء وطلبة العلم ، مفيدا ومستفيدا، فزار ( تونس والمغرب الأقصى وليبيا والمملكة العربية السعودية ) حيث كانت أول زيارة له إلى المملكة العربية السعودية من أجل أداء فريضة الحج سنة 1964 م ، ليعود إليها سنة 1974م للمرة الثانية ، ومنذ ذلك العام لم يتخلف عن أداء هذه الفريضة ، فله أكثر من 30 حجة . تقبل الله منه طاعته. وكان رحمه الله في الحج يعقد الجلسات العلمية في الحرم المكي في السطح غالبا، وفي المخيم في "منى" ويجتمع عليه طلبة العلم، وكثير من المحبين له.
وقد دون الشيخ رحمه الله رحلاته في كتابه " الرحلة العلية " جمع فيه أخبار هذه الرحلات وأحوال المناطق التي زارها.
كتبه ومؤلفاته :
ألف الشيخ في فنون عديدة وتجازوت مؤلفاته (40) كتابا منها الصغير والكبير في عدة أسفار فكتب و نظم وشرح وحقق في ( علوم القرآن والحديث والفقه وأصوله والميراث والسيرة والتاريخ والوعظ والإرشاد والتوجيه …). و منها (15) مؤلفا في الفقه المالكي. ومن أهم مؤلفاته:
1- شرح على نظم خليل للشيخ خليفة بن حسن السوفي القماري، والذي نظمه في ما يقرب من عشرة آلاف بيت، شرحه الشيخ بلعالم رحمه الله في عشرة أسفار سماه:
- مرجع الفروع للتأصيل من الكتاب والسنة والإجماع الكفيل شرح نظم الشيخ خليفة بن حسن السوفي على مختصر خليل . وهو تحت الطبع بدار الفكر.
2- إقامة الحجة بالدليل شرح على نظم بن بادي على مهمات خليل في ( أربعة أجزاء ) طبع دار ابن حزم.
3- ملتقى الأدلة الموضح للسالك على فتح الرحيم المالك في ( أربعة أجزاء ) وهو شرح على منظومته (فتح الرحيم المالك في فقه الإمام مالك) والتي تشتمل على(2509) أبيات
4- الإشراق البدري على الكوكب الزهري لنظم المختصر الأخضري. وهو شرح على نظم الأخضري وكلاهما للشيخ رحمه الله.
5- المباحث الفكرية على الأرجوزة البكرية.
6- زاد السالك على أسهل المسالك (في مجلدين)
7- السفر القاطع والرد الرادع لمن أجاز بالقروض المنافع . وهو رد على من أفتى بجواز المعاملة مع البنوك الربوية وفيه فوائد جمة في التنديد بمن يفتي بغير علم.
8- السبائك الإبريزية على الجواهر الكنزية . وهو شرح على نظم المقدمة العزية في الفقه المالكي.
9- الاستدلال بالكتاب والسنة النبوية على نثر ونظم العزية . يقول عنه الشيخ رحمه الله أنه جعل له منهجية خاصة .
10- كشف الجلباب عن جوهرة الطلاب في علمي الفروض والحساب ( شرح على نظم الشيخ عبد الرحمن السكوتي في الفرائض)
11- كشف الدثار على تحفة الآثار ( في مصطلح الحديث)
12- ضياء المعالم على ألفية الغريب لابن عالم وهو شرح على ألفية الشيخ بلعالم الزجلاوي في غريب القرآن (في مجلدين)
13- المفتاح النوراني شرح فيه نظم الشيخ الطاهر التليلي السوفي في غريب القرآن.
14- الدرة السنية في علم ما ترثه البرية (نظم)
15- الأصداف اليمية شرح الدرة السنية
16- فواكه الخريف شرح بغية الشريف في علم الفرائض المنيف
17- ركائز الوصول على منظومة العمريطي في علم الأصول
18- ميسر الحصول على شرح سفينة الأصول
19- فتح المجيب على سيرة النبي الحبيب
20- منحة الأتراب على ملحة الإعراب
21- اللؤلؤ المنظوم على نثر ابن آجروم
22- الرحلة العلية إلى منطقة توات لذكر بعض الأعلام والآثار والمخطوطات والعادات في ( جزأين) ذكر فيها رحلاته التي تزيد عن عشرين رحلة للحج والعمرة، ورحلته إلى المغرب الأقصى.
23- قبيلة فلان في الماضي الحاضر وما لها من العلوم والمعرفة والمآثر .
24- قصيدة في الرد على الزنديق سلمان رشدي أطلعني عليها سنة 1990
25- منحة الأتراب على ملحة الإعراب
26- الغصن الدّاني في حياة الشيخ عبد الرحمن بن عمر التنلاني
27- محاضرة عنوانها كيفية التعليم القرآني والفقهي في منطقة توات.
28- محاضرة عنوانها الرسول المعلم
29- انقشاع الغمامة والإلباس عن حكم العمامة واللباس من خلال سؤال سعيد هرماس
30- قصيدتان في الرد على ألغاز بعث له بها الشيخ مولاي أحمد الطاهري السباعي.
31- قصيدتان في رثاء الشيخ مولاي أحمد الطاهري السباعي.
32- مرثية الشيخ مولاي محمد الرقاني الفقيه.
33- مرثية الشيخ الطالب الزاوي.
34- مرثية الشيخ عبد العزيز شيخ مهدية.
تنبيه : من تواضع الشيخ أنه قال عن كتبه التي ألفها : " إن هذه الكتب التي ألفتها، ليست من كلامي ولا من رأيي، ولا من بنات أفكاري، وإنما جمعت فيها ما ذكره العلماء في كتبهم"[في حوار مع إذاعة القرآن]
ومما أذكره أن الشيخ في سنة 1990 أهداني كل كتبه المخطوطة لما زارني وتشرفت بزيارته لي بالجزائر العاصمة، ولكني أصبت بمصيبة كبيرة فقد أعرت تلك الكتب لبعض إخواننا فلم يردها لي رغم طلبي وإلحاحي سامحه الله، ثم انقطعت الصلة بيني وبين هذا الأخ ولا أدري أين هو الآن ؟.
نشاطات الشيخ العلمية ودروسه .
عُرف الشيخ رحمه الله بكثرة نشاطه العلمي فهو جذوة متقدة من الحماس والنشاط لا تجدها عند الكثير من طلاب العلم الشباب، فقد ألقى عدة محاضرات، وشارك في كثير من الملتقيات والمؤتمرات في عدة بلدان، ومجالس الشيخ كلها عامرة بالنصح والتوجيه والفتوى.
- وله عناية بالشعر فنظم عدة قصائد، في مجالات متنوعة.
- وللشيخ رحمه الله أوقاف في مكتبة الحرم النبوي الشريف، منها : لوحة للقرآن الكريم مكتوب فيها "ثمن" [يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ ..] من سورة آل عمران، ولوحة مكتوب فيها ما يُكتب للطفل عند دخوله أول مرة للكُـتّاب، وإداوة كتابة، وقلم الكتابة، وقد رأيت هذه الأوقاف في مكتبة المخطوطات بباب عثمان رضي الله عنه.
برنامجه في التدريس :
يعكف الشيخ في كل عام على إتمام ختم صحيح البخاري وتدريسه كاملا ما بين شعبان وذي الحجة ، حيث يختم في الأربعاء الأخيرة من شعبان من كل سنة ، ويدرس أيضا موطأ الأمام مالك كاملا ، وشرح صحيح مسلم كل سنتين ، كما يدرس تفسير القران الكريم وله في ذلك خمسة أيام في الأسبوع ويقوم بتدريس المتون والكتب التي ألفها.
خاتمة: علاقتي بالشيخ
بدأت علاقتي بالشيخ رحمه الله ومعرفتي به سنة 1982 بمدينة تمنراست حيث سمعت له درسا في تفسير سورة الفاتحة فانبهرت بعلمه وسرعة استحضاره للأدلة من الكتاب والسنة مع عزو الأحاديث لمصادرها، ومما زادني حبا له ما سمعته من إنكاره للبدع والخرافات والمظاهر الشركية، فتعلقت بالشيخ وأحببته ، وتمنيت أن ألتقي به لقاء خاصا متتلمذا على يديه
وفي سنة 1987 رحلت إليه في بلده (أولف) في قصة طويلة ، طالبا منه العلم والاستفادة فأكرمني واستضافني ببيته، وكم تأثرت بكرمه وحسن خلقه، وخاصة لقائي به أول مرة، من غير موعد ولا توصية أو تزكية من أحد، فهو لا يعرفني، ولكنه رحمه الله هش في وجهي، وأراني من حسن الاستقبال وكرم الضيافة والعناية، ما لا يوصف، ودخلت مدرسته العامرة، ثم شرفني فزارني ببيتي، وطلب مني أن أضرب له موعدا مع شيخنا المربي العلامة الأديب أحمد سحنون - رحمه الله - وكان شيخنا بلعالم يتمنى أن تكتحل عيناه برؤيته والجلوس إليه كما كان يقول لي رحمه الله فوفقه الله لهذه الزيارة وجرى بين الشيخين لقاء مؤثر، ما زلت أذكر تفاصيله من التواضع لبعضهما البعض، ومما أذكره أني لما عرَّفْتُ بالشيخ أمام الشيخ سحنون وذكرت أن له تصانيف ومؤلفات نهرني وقال أمام الشيخ "ليس لي تصانيف وإنما هي كتابات كتبتها لنفسي". رحم الله شيوخنا وجزاهم عنا خيرا .
ولعلي أن أرجع إلى تدوين بعض ما أعلم من سيرته _ رحمه الله.
وفاته :
توفى الشيخ رحمه الله تعالى يوم الأحد 23 ربيع الثاني 1430 هـ الموافق :19 أبريل 2009 م .
إنا لله وإنا إليه راجعون، وإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا شيخنا لمحزونزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، ونسأل الله أن يتغمده برحمته ويجزيه على ما قدم من العلم والتعليم خيرا.

ظ…ظ†ط§ط± ط§ظ„ط¬ط²ط§ط¦ط± - ط?ط±ط¬ظ…ط© ظپط¶ظ?ظ„ط© ط§ظ„ط´ظ?ط® ظ…ط­ظ…ط¯ ط¨ط§ظ? ط¨ظ„ط¹ط§ظ„ظ…


 
إنضم
22 فبراير 2009
المشاركات
12
التخصص
محاسبة تسير
المدينة
قسنطينة
المذهب الفقهي
مالكي
ترجمة العلامة اللغوي طاهر آيت علجات حفظه الله

ما زالت الجزائر تزخر برجالات في العلم والفكر، يمثلون بحقّ قلبها النابض وعقلها الصامت.
طائفة منهم فضّلت الحركة في صورة السكون، تخطو بالأمّة خطوات واسعة نحو الرقي العقلي والسمو الروحي، ولا تكاد تسمع لها حسيسا.
اختارت هذا النموذج في التغيير أو هذا الأسلوب في التعبير، والمتمثل في العمل الهادىء الهادف الذي لا يلفت الأنظار، ولا يزعج من حوله، بعيدا عن عالم الأضواء والأقواس، ليكون بمنأى عن الصراعات المزيفة التي تجري على هامش الحياة، والتي ضررها على الأمة أكثر من نفعها، خاصة وهي في طورها الأول من النشأة الحديثة.
وهذا الاختيار في النظر والسلوك، لم يكن وليد عجز في التصور، أو ناتج عن قصور في الفهم، أو عقم في العطاء، وإنما هو نمط في الحركية، تمليه الظروف، وربّما يفرضه الواقع كخيار.
والأدلة الشرعية تسع هذا المنزع من فقه الموقف، بل وترشح بتصويبه واستحسانه، والأخرى الكونية تجري على سننه.
فهو منهج في التغيير، وإن قلّ مردوده في الحال، فإنّ نتائجه مضبوطة نوعا ما في المستقبل، وعلى ضوء هذه النتائج، يعوّل في بناء الصروح.
فهو بهذا الاعتبار مرحلة مباركة من العمل، لا منهجا متبعا في أصول الدعوة وفقه التغيير, وبتعبير أدقّ هو من المتغيرات في تصور العمل الإسلامي لا من الثوابت, يقوم على دعائم، أهمها عنصر الزمن، إذ أنّ أيّ عمل لا يراعى فيه اعتباره، فإنّ مآله حتما سيكون إمّا شللا في الحركة أو تساقطا على الطريق، وكلاهما مرّ.

ومن أقطاب هذا التصور في العمل، الشيخ الفاضل محمد طاهر أيت علجت ـ حفظه الله ـ والذي التقينا به في بيته المتواضع بـ: بوزريعة ـ أعالي العاصمة ـ، فكان هذا الحوار على شكل

1 ـ جمعية العلماء:
بدأ اللقاء بالحديث عن جمعية العلماء وعن برنامجها الدعوي فاقترح أن تعطى الأهميّة للدعوة إلى الوحدة، والعمل بكلّ ما يوحّد، ثمّ أعقب كلامه بما يوحي بأنّه جدّ متفائل بما تسعى إليه الجمعية من خير في لمّ و احتواء جميع الحساسيات الوطنية، فقال: يبدو لي أنها ـ أي: الجمعية ـ مباركة لأنّها توحّدت وجمعت كلّ التيارات الإسلامية في الجزائر وفي ذلك خير وبركة وأرجو لها أن تنجح أكثر ممّا نجحت فيه سابقا، وعن الخلاف القائم بين مختلف الأطياف والتيارات الإسلامية قال بأنه داء قديم عملت فرنسا على زرع بذوره، وسعت لنشره بين المسلمين، فنتج عنه خير كبير، من بناء للمدارس وتشييد للمساجد، ونشر للتعليم، فالاستعمار أراد شرّا وربنا أراد خيرا، وهذا التبديع والتصنيف والتفسيق، هو من أكبر الأسباب التي تفرّق بين المسلمين، والتاريخ يعيد نفسه.
وعن الشيخ ابن باديس يقول الشيخ بأنّه يمتاز عن غيره من المشايخ بتفرغه للتعليم و التكوين، بحيث كان يتنقل بطلبته في مختلف الفنون والعلوم من كتاب إلى آخر، مراعيا المستويات.

2 ـ رابطة الدعوة الإسلامية:
وعن رابطة الدعوة الإسلامية، وظروف نشأتها وأهدافها قال: هي في حقيقة الأمر امتداد لجمعية العلماء التاريخية، والجمعية حاليا يمكن أن تكون وجها آخر للرابطة وأن تبعثها في ثوب جديد.
وقال عنها: بأنّها أنشئت لترشيد الحركات السياسية، والعمل لنشر الدعوة الإسلامية، وللاتصال بكل الأحزاب، فهي لجميع الجزائريين، وللناس جميعا، فكانت مرجعية للجميع، والشيخ سحنون كان يسعى ويأمر الأحزاب بالوحدة ولمّ الشتات، وجمع الشمل، فكان ما كان ممّا لست أذكره.....

3 ـ الانطلاقة الأولى:
التحق الشيخ بزاوية قريته التي ولد بها، وهي زاوية مشهورة بثاموقرة ولاية بجاية، فحفظ بها القرآن وأتقنه على يد الشيخ السعيد اليجري ـ رحمه الله ـ والذي كان الشيخ ابن باديس يلقبه بالشيخ المفكر، كما أخذ عنه الأجرومية والألفية في النحو، والرسالة و المختصر في الفقه، وأخد عنه علم الحساب والفلك والبلاغة، وغيرها من الفنون، مكث بهذه الزاوية أزيد من خمس سنوات.

4 ـ زاوية بلحملاوي:
بهذه الزاوية تلقى الشيخ تعليمه الثانوي، و بها تعرف على الشيخ العوادي و على المشايخ الذين أخذ عنهم من أمثال، الشيخ مصباح الحويدق، والشيخ محمود القريبع، والشيخ سعيد حناشي، والشيخ أحمد بن شليحة من مدينة بسكرة خريج القرويين، وغيرهم من المشايخ الذين استقدمهم صاحب الزاوية، من الزيتونة و غيرها، بقصد رفع مستوى التعليم في زاويته، فكانت الكفاءة العلمية تفوق مدرسة الشيخ ابن باديس رحمه الله.
مكث الشيخ بهذه الزاوية مدّة 3 سنوات، حيث التحق بها وعمره 16 سنة.

أمّا عن توقيت البرنامج ومحتواه فقال عنه: تبتدأ الدروس فيها على الساعة السابعة صباحا وإلى غاية الساعة 12، وفي المساء من الساعة الثانية إلى غاية الساعة الخامسة، فكان برنامجها مكثفا ومتنوعا، فهي حقا فرع للزيتونة، و يدرس فيها كل العلوم التي تدرس في الزيتونة، حيث كان الطلبة متفرغون للطلب فقط.

وللتاريخ يروي لنا الشيخ هذه القصة الطريفة عن الشيخ عبد الرحمن صاحب الزاوية قال: قال لنا يوما، سأستمر في هذا العمل إنشاء الله طوال حياتي، فإذا فنيت أموالي، فخذوني إلى السوق وبيعوني هناك لتواصلوا طلب العلم.

ثمّ أردف قائلا وكأنه يعاتب أهل زماننا هذا: أعطاه الله أموالا، فأنفقها كلّها في سبيل العلم، وخدمة أهله، رحمه الله تعالى.

5 ـ الشيخ الزاهد مبروك العوّادي:
حدثنا كثيرا عن هذا الشيخ الذي بلغ من العلم درجة أهّلته ليمثل الجزائر في مجمع الفقه الإسلامي لعدّة سنوات، أصله من مدينة عزّابة، وتعرّف عليه الشيخ في زاوية بلحملاوي بالعثمانية، ومكثا بها سويا مدّة 3 سنوات ينهلان العلم عن أساتذة أجلة.

و قال عنه أنّه: يمتاز بغزارة العلم والانطواء والانزواء عن الدنيا، خرج من الجزائر قاصدا مصر وقد امتلأ وطابه علما وفقها، التقى هناك بالرئيس هواري بومدين فآواه في بيته، كما تعرّف هناك بالوزير مولود قاسم، فكان يوجههما، ويرعى شؤونهما هناك، فلما رجع بعد الاستقلال إلى الجزائر، انزوى وانطوى من غير أن يعلم به أحد، فسمع بخبره السيد قاسم، فاستقدمه و نصّبه مستشارا في الوزارة، وكان علمه أكبر من منصبه، وحدثت الشيخ عن معرفتي بالشيخ رحمه الله ففرح وأخبرته عن بعض أحواله، و أنّه أوصى بمكتبته العامرة أن تصير وقفا لمسجد مدينة عزّابة بعد وفاته، كما أخبرنا الشيخ الطاهر بأنّ الشيخ العوادي كان على مذهب الظاهرية في الفقه، و أنّه كان يتقن المذاهب الأخرى كذلك، فرحم الله الفقيد ، فلقد عاش غريبا ومات غريبا كما عاش ،و لا من يقدّر علمه و منزلته.

6 ـ العودة إلى مسقط الرأس:
ثم رجع الشيخ إلى مسقط رأسه، أين تولى التدريس والتعليم بزاوية سيدي أحمد بن يحيى بأمالو، وهذا من سنة 1937م و إلى غاية سنة 1956م حين أحرق الجيش الفرنسي الزاوية، فالتحق الشيخ مع طلبته بجيش التحرير.

الشيخ في سطور:
ـ الشيخ العلامة الفقيه اللغوي محمد الطاهر أيت علجت، من مواليد قرية ثاموقرة ببني عيدل سنة:1917م.
ـ حفظ القرآن الكريم بمسقط رأسه وبزاوية جدّه الشيخ يحي العيدلي ـ رحمه الله تعالى ـ وبها تلقى المبادىء الأولى لعلوم الأدب واللغة العربية
على يد شيخه العلامة السعيد اليجري ـ رحمه الله تعالى ـ.
ـ رحل إلى زاوية الشيخ بلحملاوي بالعثمانية ـ قرب قسنطينة ـ حيث أتمّ هناك دراسته الشرعية، من فقه ولغة ونحو وعلوم أخرى كثيرة مثل الرياضيات والتاريخ والجغرافية والفلك وغيرها.
ـ بعد تمكّنه تصدّر للتعليم والتدريس والإفتاء في زاوية ثاموقرة، وهذا قبل الحرب العالمية الثانية، فأحدث نهضة علمية إلى غاية 1956هـ.
ـ أنشأ نظاما خاصا بزاويته، شبيها بنظم المعاهد الإسلامية الكبرى، فكان تلامذته يلتحقون بالزيتونة بزاد من العلم والأدب يشرّف زاويتهم والقائم عليها.
ـ شارك في ثورة التحرير، هو وسائر طلبة الزاوية الذين التحقوا كلّهم بركب المجاهدين بعد أن هدّمت فرنسا زاويتهم سنة 1956م.
ـ سافر إلى تونس في أواخر سنة 57م بإشارة من العقيد عميروش الذي كان الشيخ يتولى منصب الإفتاء في كتيبة جيشه، كما كان يتولى فصل الخصومات.
ـ ومن تونس سافر إلى طرابلس الغرب ـ ليبيا ـ حيث عيّن عضوا في مكتب جبهة التحرير هناك.
ـ بعد الاستقلال وفي سنة 1963م عاد إلى وطنه الأول، وعيّن أستاذا بثانوية عقبة بن نافع بالجزائر العاصمة و ثانوية عمارة رشيد ببن عكنون إلى أن أحيل على التقاعد سنة 1978م.
ـ ثمّ وبطلب من وزارة الشؤون الدينية، عاد إلى نشاطه المسجدي، ليمارس دروس الوعظ والإرشاد بمسجد حيدرة وغيره من المساجد.
ـ تخرّج على يديه جملة من الطلبة المتمكنين، ومازال عطاؤه غير مجذوذ، فهو إلى يوم الناس هذا يعقد دروسا في الفقه والنحو وفن القراءات وغيرها من العلوم الشرعية بمسجد بوزيعة مكان إقامته.
ـ يعدّ الشيخ من الأعضاء البارزين ومن المؤسسين لرابطة الدعوة الإسلامية بالجزائر.
ـ له مؤلفات في فنون كثيرة، كما هو الآن بصدد كتابة مذكرات تروي تاريخه وتاريخ الثورة الجزائرية، وتقييمه للأحداث وواقفه عبر مسيرته الرائدة.

حفظ الله شيخنا و بارك الله فيك و نفعنا الله بعلمه .

كتبها: عبد الرحمن دويب
ميراث السنة | موسوعة التراجم >> تراجم علماء الجزائر >> ترجمة العلامة اللغوي طاهر آيت علجات حفظه الله
 

اخلاص

:: متخصص ::
إنضم
7 ديسمبر 2009
المشاركات
176
التخصص
أصول الفقه
المدينة
...
المذهب الفقهي
حنفي
هل هناك ترجمة للاستاذ الفاضل د. محمد زكي عبد البر
 
إنضم
5 يونيو 2008
المشاركات
76
الكنية
أبو صلاح الدين
التخصص
شريعة
المدينة
...........
المذهب الفقهي
شافعي
ترجمةُ الشيخِ أبيْ إسحاقَ الحوينيِّ
اسمُهُ ومولدُهُ

هوَ: أبو إسحاقَ حجازيْ بنُ محمدِ بنِ يوسفَ بنِ شريفٍ الحوينيُّ المصريُّ (وإسحاقُ هذا ليسَ بولدِهِ، إنمَا تكنَّىٰٰ الشيخُ بِهِ تيمُّـناً بكنيةِ الصحابيِّ سـعدِ بنِ أَبيْ وقاصٍ t وكنيةِ الإمامِ أبيْ إسحاقَ الشاطبيِّ -رحمهُ اللهُ-).

وُلدَ يومَ الخميسِ غرةِ ذي القَعدةِ لعامِ 1375هـ، الموافقِ 06 / 1956م بقريةِ حوينٍ بمركزِ الرياضِ منْ أعمالِ محافظةِ كفر الشيخِ بمصرَ.



عائلتُهُ

وُلدَ الشيخُ فيْ أسرةٍ ريفيةٍ بسيطةٍ لا تعرفُ إلا الزراعةَ، وما كانتْ فقيرةً ولا غنيةً، ولكنَّهَا كانتْ متوسطةَ الغِنَىٰٰ، لهَا وجاهتُهَا فيْ القريةِِ واحترامُهَا، بسببِ معاملتِهَا الطيبةِ للناسِ وما اشتُهرَ عنِ الأبِّ منْ حُسنِ خلقِهِ، وقدْ كانَ متزوجًا بثلاثٍ (كانَ الشيخُ منَ الأخيرةِ وكـانَ الأوسطَ -الثالثَ- بيـنَ الأبناءِ الذكورِ الخمسةِ) وكانَ متديناً بالفطرةِ -كحالِ عامةِ القَرويينَ إذْ ذاكَ- يحبُّ الدينَ. يُذكرُ أنَّ سرقةَ محصولِ القُطنِ كانتْ مشهورةً فيْ ذلكَ الحينِ، وكانَ الأبُّ يمشيْ مرةً بجانبِ حقلِهِ فرأىٰٰ شخصاً يأخذُ قطناً منهُ، فمَا كانَ منهُ إلا أنِ اختبأَ حتَّىٰ لا يراهُ هذا الشخصُ، ولمْ يُرَوِّعْه حتَّىٰٰ أخذَ ما أرادَ وانصرفَ!.

لـمْ يذهبْ قطُّ إلىٰٰ طبيبٍ، إلا في مرضِ موتِهِ حيثُ أُجبرَ علىٰٰ الذَّهابِ. توفِّـيَ -رحمهُ اللهُ- يومَ الثلاثاءِ 28 / 02 / 1972م.



دراستُهُ النظاميةُ

أُدخلَ الشيخُ المدرسةَ الابتدائيةَ الحكوميةَ غيرَ الأزهريةِ بقريةٍ مجاوِرةٍ (الوزاريةِ)، تبعدُ حوالَيْ 2كم عنْ حوينٍ، مضَّىٰ فيْهَا ستَّ سنواتٍ، وانتقلَ إلىٰٰ المرحلةِ الإعداديةِ فيْ مدينةِ كفرِ الشيخِ (تبعدُ عنْ حوينٍ ربعَ الساعةِ بالسيارةِ) بمدرسةِ الشهيدِ حمديْ الإعداديةِ، بدأَ في السنةِ الأولىٰ منْهَا كتابةَ الشعرِ، ومنْهَا إلىٰٰ المرحلةِ الثانويةِ بالقسمِ العلميِّ بمدرسةِ الشهيدِ رياضٍ الثانويةِ. ولِبُعدِ المسافةِ، أجَّرواْ (الشيخُ وإخوتُه) شقةً فيْ المدينةِ، يذهبونَ إليْهَا فيْ بدايةِ الأسبوعِ ومعَهُمْ ما زودتْهُمْ بِهِ أمُّهُمْ -حفِظَهَا اللهُ ورعَاهَا- (الزُّوَّادَةُ) ونصفُ جنيهٍ منْ أخِيْهِمِ الأكبرِ.

وبعدَ إنهاءِ الدراسةِ الثانويةِ حدثَ جدالٌ حولَ أيِّ الكلياتِ يدخلُ الشيخُ، فتردّدَ بينَ كلياتٍ حتَّىٰٰ استقرَ فيْ قسمِ اللغةِ الأسبانيةِ (وإنمَا كانتِ الأسبانيةَ، حتَّىٰٰ يتساوىٰٰ بالطلابِ فيستطيعُ أن يتفوّقَ عليْهِمْ) بكليةِ الألسنِ بجامعةِ عينِ شمسٍ بـالقاهرةِ، والتِي لمْ يخرجْ عنِ الثلاثةِ الأُولِ فيْ السنينِ الثلاثةِ الأولىٰ وفيْ الرابعةِ نزلَ عنْهُمْ، وتخرَّجَ فيْهَا بتقديرٍ عامٍ امتيازٍ. وكانَ يريدُ أنْ يصبحَ عضواً فيْ مَجْمَعِ اللغةِ الأسبانيِّ، وسافرَ بالفعلِ إلىٰٰ أسبانيا بمنحةٍ منَ الكليةِ، ولكنَّهُ رجعَ لعدمِ حبِّه البلدَ هناكَ.



الرحلةُ العلميةُ

فيْ حياتِهِ فيْ القريةِ والمدينةِ (مراحلِ ما قبلَ الجامعةِ)، لمْ يكنْ هناكَ اهتمامٌ منْه ولا منْ أحدٍ بالعلمِ الشرعيِّ، إنمَا كانواْ يعرفُونَ كيفَ الصلاةُ ومثلَهَا منَ الأشياءِ البسيطةِ، حتَّىٰٰ سافرَ الشيخُ فِيْ أواخرِ العامِ الأخيرِ منَ الدراسةِ الثانويةِ (سنةِ 1395هـ / 74-1975م) إلىٰٰ القاهرةِ ليذاكـرَ عندَ أخِيْهِ، وكانَ يحضُرُ الجُمعةَ للشيخِ عبدِ الحميدِ كِشكٍ -رحمهُ اللهُ- فيْ مسجدِ 'عينِ الحياةِ'. ومرةً، وجدَ بعدَ الصلاةِ كتابًا يباعُ علىٰٰ الرصيفِ للشيخِِ الألبانيِّ -رحمهُ اللهُ- كتابَ "صفةِ صلاةِ النبيِّ r منَ التكبيرِ إلىٰٰ التسليمِ كأنَّكَ ترَاهَا"، فتصفَّحَهُ ولكنَّه وجدَهُ غالياً (15 قرشاً) فتركَه ومضَىٰ، حتَّىٰ وقعَ علىٰ التلخيصِ فاشتراه، فقرأَه ولما أنهىٰ القراءةَ، وجدَ أنَّ كثيراً مما يفعلُه الناسُ في الصلاةِ وما ورثُوه عنِ الآباءِ - متضمناً نفسَهُ، خطأً ويصادمُ السنةَ الصحيحةَ، فصمَّمَ علىٰٰ شراءِ الكتابِ الأصليِّ، فلمَّا اشترَاهُ أُعجبَ بطريقةِ الشيخِ فيْ العرضِ وبالذاتِ مقدمةِ الكتابِ، وهيَ التيْ أوقفتْهُ علىٰٰ الطريقِ الصحيحِ والمنهجِ القويمِ منهجِ السلفِ، والتيْ بسطَ فيْهَا الشيخُ الكلامَ علىٰٰ وجوبِ اتباعِ السنةِ ونبذِ ما يخالفُهَا ونقلَ أيضاً كلاماً عنِ الأئمةِ المتبوعينَ -رحمَهُمُ اللهُ- إذْ تبرؤُوْا منْ مخالفةِ السنةِ أحياءً وأمواتاً. وقدْ لفتتَ انتباهَهُ جداً حواشِيْ الكتابِ -معَ جهلِهِ التامِّ فيْ هذا الوقتِ بهذِه المصطلحاتِ المعقدةِ بلْ لقدْ ظلَّ فترةً منَ الزمنِ -كمَا يقولُ- يظنُّ أنَّ البخاريَّ صحابيٌّ لكثرةِ ترضِّيْ الناسِ عليهِ-، فهُوَ، وإنْ لمْ يكُنْ يفهمُهَا، إلا أنَّهُ شعرَ بضخامةِ وجزالةِ الكتابِ ومؤلِّفِهِ، وصمّمَ بعدَهَا علىٰٰ أنْ يتعلمَ هذا العلمَ علمَ الحديثِ.

وتوالتِ الأيامُ, ودخلَ الجامعةَ، وبدأَ يبحثُ عنْ كتبٍ فيْ هذَا العلمِ، فكانَ أولَ كتابٍ وقعَ عليْهِ كتابُ "الفوائدِ المجموعةِ فيْ الأحاديثِ الموضوعةِ" للإمامِ الشوكانيِّ، فهالَ الشيخَ ما رأىٰٰ، لقدْ رأىٰٰ أنَّ كثيراً منَ الأحاديثِ التيْ يتناولُهَا الناسُ فيْ حياتِهِمْ لا تثبتُ عن النبيِّ r، فعكَّرَ ذلكَ، أيْ معرفتُهُ أنَّ هناكَ أحاديثُ لمْ تثبتْ، عكَّرَ ذلكَ عليْهِ استمتاعَهُ بخطبِ الشيخِ عبدِ الحميدِ كشكٍ -رحمهُ اللهُ-، فأصبحَ لا يمرُّ بِهِ حديثٌ إلا ويتشكَّكُ فيْ ثبوتِهِ. حتىٰٰ كانَ يومٌ، وكانتْ جمعةً عندَ الشيخِ كشكٍ -رحمهُ اللهُ- فذكرَ حديثاً تشكَّكَ الشيخُ فيْهِ، فبحثَهُ فوجدَ أنَّ ابنَ القيمِ -رحمهُ اللهُ- ضعَّفَهُ، فأخبرَ الشيخَ كشكاً بذلكَ، فردَّ وقالَ بأنَّ ابنَ القيمِ أخطأَ، ثمَّ قالَ كلمةً كانتْ منَ المحفزاتِ الكبارِ لهُ لتعلمِ الحديثِ والعلمِ الشرعيِّ، قالَ: ياْ بنيَّ! تعلمْ قبلَ أنْ تعترضَ. يقولُ الشيخُ: فمشيتُ منْ أمامِهِ مستخزياً، كأنمَا ديكٌ نقرنِيْ! وخرجتُ منْ عندِهِ ولديَّ منَ الرغبةِ فيْ دراسةِ علمِ الحديثِ ما يجلُّ عنْ تسطيرِ وصفِهِ بنانِيْ. اهـ.

وأخذَ الشيخُ يسألُ كلَّ أحدٍ عنْ أحدٍ منَ المشايخِ يُعَلِّمُهُ هذَا العلمَ أو يدلُّهُ عليْهِ، فدلوْهُ علىٰٰ الشيخِ محمدِ نجيبٍ المطيعيِّ -رحمهُ اللهُ-.

وأخذَ يبحثُ أكثرَ عنْ كتبٍ أكثرَ، فوقعَ علىٰٰ المئةِ حديثٍ الأُولىٰٰ منْ كتابِ "سلسلةِ الأحاديثِ الضعيفةِ والموضوعةِ وأثرِهَا السيئِ فيْ الأُمةِ" للشـيخِ الألبانيِّ -رحمهُ اللهُ-، فوجدَ أنَّ الشيخَ كانَ يركزُ علىٰٰ الأحاديثِ المنتشرةِ بينَ الناسِ والتيْ لا تصحُّ.

ولاحظَ الشيخُ أنَّ أحكامَ الشيخِ علىٰٰ الأحاديثِ ليستْ واحدةً، فمرةً يقولُ منكرٌ ومرةً يقولُ ضعيفٌ ومرةً باطلٌ، فأخذَ يبحثُ ويُنَقِّبُ كيْ يفهمَ هذِهِ المصطلحاتِ ويفرقَ بينَ أحكامِ الشيخِ علىٰ الأحاديثِ، وسألَ الشيخَ المطيعيَّ -رحمهُ اللهُ-، فدلَّهُ علىٰٰ كتابِهِ "تحتَ رايةِ السنةِ: تبسيطُ علومِ الحديثِ"، فأخذَهُ الشيخُ وعرفَ منْ حواشِيْهِ أسماءَ كتبِ السنةِ وأمهاتِ الكتبِ التيْ كانَ ينقلُ منْهَا الشيخُ، ومعانيْ المصطلحاتِ.

يقولُ الشيخُ: مكثتُ معَ الكتابِ (كتابِ الشيخِ الألبانيِّ –رحمهُ اللهُ-) نحوَ سنتينِ كانتْ منْ أفيدِ السنينِ فيْ التحصيلِ. اهـ.

وكانَ الشيخُ فيْ مراحلِ طلبِهِ المتقدمةِ، فيْ الجامعةِ، يعملُ نهاراً فِيْ محلِّ بقالةٍ بمدينةِ نصرٍ بالقاهرةِ ليعولَ نفسَهُ، ويطلبُ ليلاً، لذَا، كانتْ ساعاتُ نومِهِ قد تصلُ إلىٰٰ ثلاثِ ساعاتٍ فيْ اليومِ!.

وكانَ لحاجتِهِ، لا يستطيعُ شراءَ ما يبتغِيْهِ منْ كتبِ العلمِ، فكانَ يذهبُ إلىٰ مكتبةِ المتنبيْ، يذهبُ فقطْ ليتحسسَ الكتبَ بيدِهِ أوْ يرفعَهَا لأنفِهِ فيشمَّهَا ويخرجُ بسرعةٍ كيْ لا يظُنَّ صاحبُهَا به جنوناً فيطردُه منْهَا!، وكانَ ربمَا نسخَ منْهَا.



مَنْ أخذَ عنهُمْ

*ذهبَ الشيخُ لمجالسِ الشيخِ المطيعيِّ فيْ بيتِ طلبةِ ماليزيا بالقربِ منْ ميدانِ عبدُهْ باشَا بالعبَّاسيةِ. فأخذَ عليهِ شروحَ كلٍّ منْ: صحيحِ الإمامِ البخاريِّ، المجموعِ للإمامِ النوويِّ، الأشباهِ والنظائرِ للإمامِ السيوطيِّ، وإحياءِ علومِ الدينِ للإمامِ أبيْ حـامدٍ الغزاليِّ -رحمَهُمُ اللهُ-. ولزِمَ الشيخُ الشيخَ المطيعيَّ نحواً من أربعِ سنواتٍ حتَّىٰٰ توقفتْ دروسُهُ بسببِ الاعتقالاتِ الجماعيةِ التي أمرَ بهَا الساداتُ، فرحلَ الشيخُ المطيعيُّ إلىٰٰ السودانِ، ثمَّ المدينةِ النبويةِ وتوفيَّ هناكَ ودُفنَ بالبقيعِ، -رحمهُ اللهُ-.

*وأخذَ علىٰٰ الشيخِ سيدِ سابقٍ -رحمهُ اللهُ- بالمعاديْ.

*وأخذَ علىٰٰ بعضِ 'شيوخِ الأعمدةِ' فيْ الجامعِ الأزهرِ، فيْ أصولِ الفقهِ واللغةِ والقراءاتِ، ولكنْ ليسَ كثيراً.

*وأخذَ بعضَ قراءةِ ورشٍ علىٰٰ خالِهِ (وكانَ مدرسَ قراءاتٍ).

*وفيْ سنةِ 1396هـ قدمَ الشيخُ الألبانيُّ -رحمهُ اللهُ- لمصرَ، وألقىٰٰ محاضرةً فيْ المركزِ العامِّ لجماعةِ أنصارِ السنةِ المحمديةِ بعابدينَ، ولكنَّهُ رحلَ ولمْ يقابلْهُ الشيخُ.

وكانَ قدْ نُشرَ للشيخِ كتابُ "فصلِ الخِطَابِ بنقدِ المغنيْ عنِ الحفظِ والكتابِ"، وكانَ الشيخُ الألبانيُّ يقولُ: ليسَ ليْ تلاميذٌ (أيْ: علىٰٰ طريقتِهِ فيْ التخريجِ والنقدِ)، فلمَّا قرأَ الكتابَ قالَ: نعمْ (أيْ: هذَا تلميذُهُ).

وسافرَ الشيخُ إلـىٰٰ الشيخِ الألبانيِّ فيْ الأردنِ أوائلَ المحرمِ سنةَ 1407هـ وكانَ معَهُ لمدةِ شهرٍ تقريباً كانَ -كمَا يقولُ- منْ أحسنِ أيامِهِ.

وقدْ قابلَهُ مرةً أخرىٰ فيْ موسمِ الحجِّ فيْ الأراضيْ المقدسةِ سنةَ 1410هـ، وكانتْ أوَّلَ حجةٍ للشيخِ وآخرَ حجةٍ للشيخِ الألبانيِّ -رحمهُ اللهُ-، وآخرَ مرةٍ رآهُ الشيخُ فيْهَا.

فعلىٰ هذَا، فإنَّ الشيخَ لمْ يلقَ الشيخَ الألبانيَّ -رحمهُ اللهُ- إلا مرتينِ سجلَ لقاءاتِهِ وأسئلتَهُ فيْهِمَا علىٰ أشرطةِ 'كاسيتْ' ونُشرتْ هذِهِ اللقاءاتُ باسمِ "مسائلِ أبيْ إسحاقَ الحوينيِّ"، وهاتفَهُ بِضعَ مراتٍ. فأخذَ علمَهُ عنِ الشيخِ منْ كتبِهِ ومحاضراتِهِ المسموعةِ، ومنْ هاتينِ المرتينِ.

وذهبَ الشيخُ إلىٰ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ، فأخذَ عنْ:

*الشيخِ عبدِ اللهِ بنِ قاعودٍ -رحمهُ اللهُ-. حضرَ بعضَ مجالسٍ فيْ شرحِ كتابِ "الكافيةِ في الجدلِ" للإمامِ الجويني، وكانَ يقرأُ عليْهِ آنذاكَ الشيخُ صالحٌ آلُ الشيخِ -حفظهُ اللهُ-.

*الشيخِ عبدِ العزيز بنِ بازٍ -رحمهُ اللهُ-. حضرَ بعضَ مجالسٍ فيْ مسجدِهِ المسجدِ الكبيرِ فيْ شروحٍ لكتبِ: "سننِ الإمامِ النسائيِّ"، "مجموعِ الفتاوىٰ" للإمامِ ابنِ تيميةَ، و"كتابِ التوحيدِ" للإمامِ محمدِ بنِ عبدِ الوهابِ -رحمَهُمُ اللهُ-.

*كمَا قابلَ الشيخُ الشيخَ ابنَ العثيمينِ -رحمهُ اللهُ- فيْ الحرمِ، ودخلَ غرفتَهُ الخاصةَ وسألَهُ عنْ بعضِ مسائلٍ.





الثناء عليه

*قدْ قدَّمْنَا وصفَ الشيخِ الألبانيِّ -رحمهُ اللهُ- للشيخِ أنَّهُ: تلميذُهُ.

*وقدْ قالَ لهُ -فيْ لقائِهِ بِهِ فيْ عمَّانَ-: قدْ صحَّ لكَ مَا لمْ يصحَّ لغيرِكْ. اهـ.

*وقالَ (الصحيحة ج5 ح2457) مختصاً المشتغلينَ الأقوياءَ فيْ علمِ الحديثِ: فعسىٰ أنْ يقومَ بذلكَ بعضُ إخوانِنَا الأقوياءُ فيْ هذَا العلمِ كالأخِّ عليٍّ الحلبيِّ، وسميرٍ الزهيريِّ، وأبيْ إسحاقَ الحوينيِّ، ونحوِهِمْ جزاهُمُ اللهُ خيراً. اهـ.

*وأيضاً (الصحيحة ج7 ح3953 والذيْ نُشرَ بعدَ وفاتِهِ): هذَا، ولقدْ كانَ منِ دواعِيْ تخريجِ حديثِ الترجمةِ بهذَا التحقيقِ الذيْ رأيتَهُ؛ أنَّ أخانَا الفاضلَ أبَا إسحاقَ الحوينيَّ سُئلَ فيْ فصلِهِ الخاصِّ الذيْ تنشرُهُ مجلةُ التوحيدِ الغراءِ فيْ كلِّ عددٍ منْ أعدادِهَا، فسُئلَ -حفظَهُ اللهُ وزادَهُ علماً وفضلاً- عنْ هذَا الحديثِ فيْ العددِ الثالثِ (ربيعِ الأولِ 1419هـ) فضعفَهُ، وبينَ ذلكَ ملتزماً علمَ الحديثِ ومَا قالَهُ العلماءُ فيْ رواةِ إسنادِهِ، فأحسنَ فيْ ذلكَ أحسنَ البيانِ، جزاهُ اللهُ خيراً، لكنيْ كنتُ أودُّ وأتمنىٰ أنْ يُتبعَ ذلكَ ببيانِ أنَّ الحديثَ بأطرافِهِ الثلاثةِ صحيحٌ؛ حتىٰ لا يتوهمَنَّ أحدٌ منْ قراءِ فصلِهِ أنَّ الحديثَ ضعيفٌ مطلقاً، سنداً ومتناً، كمَا يُشعرُ ذلكَ سكوتُهُ عنِ البيانِ المشارِ إليهِ. أقولُ هذَا، معَ أننيْ أعترفُ لَهُ بالفضلِ فيْ هذَا العلمِ، وبأنَّهُ يفعلُ هذَا الذيْ تمنيتُهُ لَهُ فيْ كثيرٍ منَ الأحاديثِ التيْ يتكلمُ علىٰ أسانيدِهَا، ويبينُ ضعفَهَا، فيُتبعُ ذلكَ ببيانِ الشواهدِ التيْ تُقَويْ الحديثَ، لكنَّ الأمرَ -كمَا قيلَ-: كفىٰ بالمرءِ إثماً أنْ تعدَّ معايبُهُ. اهـ.

*وقالَ الشيخُ عبدُ اللهِ بنُ آدمٍ الألبانيِّ -حفظهُ اللهُ- ابنُ أخيْ الشيخِ (فيْ رسالةٍ خطيةٍ بعثَ بهَا لأبيْ عمروٍ أحمدَ الوكيلِ والذيْ بدورِهِ نشرَ صورتَهَا فيْ كتابِهِ "المعجمِ المفهرسِ للأحاديثِ النبويةِ والآثارِ السلفيةِ التيْ خرَّجَهَا فضيلةُ الشيخِ أبوْ إسحاقَ الحوينيِّ" ص1759): فيْ شتاءِ عامَ 1410هـ زارَنَا الشيخُ الألبانيُّ -رحمهُ اللهُ- فيْ دارِنَا، وعرضْتُ عليْهِ جملةً منَ الأسئلةِ، أذكرُ منْهَا السؤالَ التاليْ: يا شيخْ! منْ ترىٰ لَهُ الأهليةَ منَ المشايخِ لسؤالِهِ فيْ علمِ الحديثِ بعدَ رحيلِكُمْ، وإنْ شاءَ اللهُ بعدَ عمرٍ طويلٍ؟. فقالَ: فيهْ شيخٌ مصريٌ اسمُهُ أبوْ إسحاقَ الحوينيُّ، جاءَنَا إلىٰ عمَّانَ منذُ فترةٍ ولمستُ معهُ أنَّهُ معَنَا علىٰ الخطِّ فيْ هذَا العلمِ. فقلتُ: ثمَّ منْ؟. قال: الشيخُ شعيبٌ الأرناءُوطُ. قلتُ: ثمَّ منْ؟. قالَ: الشيخُ مقبلُ بنُ هاديْ الوادعيُّ. اهـ.

*وقالَ الشيخُ بكرُ بنُ عبدِ اللهِ أبو زيدٍ -حفظهُ اللهُ- فيْ مقدمةِ كتابِهِ "التحديثِ بمَا لا يصحُّ فيْهِ حديثٌ" (ط1 ص9-10) وذكرَ منْ أفردَ كتباً لهذَا النوعِ منَ التأليفِ، فذكرَ أربعةً، كانَ الثالثُ والرابعُ منْهَا كتابي الشيخِ "فصلُ الخطابِ بنقدِ المغنيْ عنِ الحفظِ والكتابِ"، وَ"جنةُ المرتابِ بنقدِ المغنيْ عنِ الحفظِ والكتابِ". قالَ: والأولُ أخصرُ منَ الثانيْ، لكنَّ فيْهِ مَا ليسَ فيْ الآخرِ، وكلاهُمَا لأبيْ إسحاقَ الحوينيِّ حجازيْ بنِ محمدِ بنِ شريفٍ. اهـ.

*وقالَ أيضاً فيْ الكتابِ المذكورِ (ط1 ص21): "جنةُ المرتابُ" أوعبُ كتابٍ رأيتُهُ لتخريجِ ونقدِ هذِهِ الأبوابِ، وهوَ فيْ 600 صفحةٍ. اهـ.



مشروعاتُهُ العلميَّةُ

للشيخِ مَا يربُو علىٰ المئةَ مشروعٍ، منهَا مَا قدِ اكتملَ، ومنْهَا مَا لمْ يكتملْ، تتراوحُ مَا بينَ التحقيقاتِ والتخريجاتِ والاستدراكاتِ والنقدِ والتأليفِ الخالصِ. فمنْهَا:

** "تنبيهُ الهاجدِ إلىٰ مَا وقعَ منَ النظرِ فيْ كتبِ الأماجدِ". تأليفٌ/استدراكاتٌ

** "تسليةُ الكظيمِ بتخريجِ أحاديثِ تفسيرِ القرآنِ العظيمِ" للإمامِ ابنِ كثيرٍ. تأليفٌ/تحقيقٌ وتخريجٌ

** "تفسيرُ القرآنِ العظيمِ" للإمامِ ابنِ كثيرٍ. (هوَ اختصارٌ للكتابِ السابقِ)

** "ناسخُ الحديثِ ومنسوخُهُ" للإمامِ ابنِ شاهينٍ. تحقيقٌ

** "بُرءُ الكَلْمِ بشرحِ حديثِ قبضِ العلمِ". تأليفٌ (شرحُ حديثِ: إنَّ اللهَ لا يقبضُ العلمَ انتزاعاً...)

** "الفوائدُ" للإمامِ ابنِ بشرانَ. تحقيقٌ

** "المنتقىٰ" للإمامِ ابنِ الجارودِ. تحقيقٌ

** "تعلةُ المفئودِ شرحُ منتقىٰ ابنِ الجارودِ". تأليفٌ/تحقيقٌ حديثيٍّ معَ بحوثٍ فقهيةٍ

** "الديباج علىٰ صحيحِ مسلمِ بنِ الحجاجِ" للسيوطيِّ. تحقيقٌ وتخريجٌ

** "مسامرةُ الفاذِّ بمعنىٰ الحديثِ الشاذِّ". تأليفٌ

** "النافلة فيْ الأحاديثِ الضعيفةِ والباطلةِ". تأليفٌ

** "المعجمُ" للإمامِ ابنِ جُمَعٍ. تحقيقٌ

** "نبعُ الأمانيْ فيْ ترجمةِ الشيخِ الألبانيْ". تأليفٌ

** "الثمرُ الدانيْ فيْ الذبِّ عنِ الألبانيْ". تأليفٌ

........وغيرُهَا.



خطبُهُ ومحاضراتُهُ

للشيخِ خطبتانِ فيْ كلِّ شهرٍ عربيٍّ، الجمعتانِ الأولىٰ والثالثةُ، ومحاضرةٌ كلَّ يومِ اثنينِ، بينَ المغربِ والعشاءِ، وكلُّهُمْ فيْ مسجدِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ بمدينةِ كفرِ الشيخِ.

ويحاضرُ الشيخُ علىٰ قناةِ الناسِ الفضائيةِ برنامجُ فضفضةٍ (مباشرٌ أسبوعيٌّ).
 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
هل الشيخ معدود في الفقهاء؟
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
إلى الإخوة الذين يريدون أن يخدموا الملقى ويساهموا في بنائه، هذه تراجم المعاصرين تحتاج إلى رجال!
 
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
165
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
نجران
المذهب الفقهي
حنبلي
سعادة الأخ الكريم/ أحمد سعد الأزهري
تحية طيبة، وبعد:
فأشكرك على هذه الترجمة الجيدة لشيخنا أبي إسحاق؛ فلقد أوقفتني على ما لا أعرفه عن شيخي، وقد كنتُ من الملازمين له أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات، وأعتز بهذه التلمذة جدًّا.
لكن أود أن أطلب منك أن تجعلها في كتاب كترجمة مفردة، وأن تضمنها بيانا شافيا لكتبه المطبوعة ببياناتها والتي لم تطبع، ويا حبذا أن تعتمد من الشيخ لتكون وثيقة يرجع إليها في ترجمته- وفن التراجم هذا كما تعلم من مفردات هذه الأمة وهو جزء عظيم من التاريخ- فقد تضمنت أمورا شخصية لا أظنها تخرج إلا من فم الشيخ نفسه.
وفقنا الله لما يحبه ويرضاه.
 

عالية الهمة

:: متابع ::
إنضم
28 فبراير 2010
المشاركات
41
التخصص
أصول فقه
المدينة
=====
المذهب الفقهي
حنبلي
فعلاً موضوع رائع بارك الله فيكم
 
إنضم
14 يناير 2010
المشاركات
545
الجنس
أنثى
التخصص
دراسات
الدولة
بريطانيا
المدينة
لندن
ترجمة سيدنا العلامة الفقيه الحسن الكتاني المالكي​
إسمه و نسبه:
هو العلامة الشريف و الداعية المصلح،سيدي محمد الحسن بن علي بن محمد المنتصر بن محمد الزمزمي بن محمد بن جعفر الكتاني و ينتهي نسبه إلى المولى إدريس بن الإمام الأوحد إدريس بن الإمام عبد الله الكامل( و يلقب أيضا بالمحض) بن الإمام الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط بن الإمام علي بن أبي طالب و السيدة الكاملة فاطمة الزهراء-عليهم السلام- بنت سيدنا و حبيبنا و نبينا محمد صلى الله عليه و آله و سلم.
مولده و نشأته و دراسته:
ولد –فك الله أسره- بمدينة سلا المغربية،يوم 7 رجب الفرد سنة 1392هـ.
و بعد شهر من ولادته،انتقلت أسرته الشريفة إلى المملكة العربية السعودية، و هناك نشأ و درس.
و شيخنا المؤلف-حفظه الله- حاصل على ماجستير في"الفقه و أصوله المقارن"،و حاصل كذلك-إضافة إلى العلوم الشرعية- على إجازة في "علوم الإدارة و الاقتصاد" باللغة الإنجليزية،بالمعهد العالي العالمي بمدينة الرباط.

أبرز شيوخه و أساتذته:
- الشيخ العلامة محمد المنتصر الكتاني الأثري-رحمه الله- توفي سنة 1411هـ.
-الشيخ عبد العزيز بن باز الحنبلي –رحمه الله- مفتي الدولة السعودية سابقا،توفي سنة 1419هـ.
- الشيخ محمد الصالح بن عثيمين الحنبلي –رحمه الله- توفي سنة 1420هـ.
-الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني السلفي-رحمه الله- توفي سنة 1420هـ.
-الشيخ العلامة عطية سالم المصري المالكي-رحمه الله- توفي سنة 1419هـ.
-الشيخ العلامة سيد سابق الشافعي-رحمه الله- توفي سنة 1422هـ.
-الشيخ العلامة المحدث عبد الله بن الصديق الغماري-رحمه الله- توفي سنة 1412هـ.
-الشيخ عبد الله البسام الحنبلي-رحمه الله- توفي سنة 1423هـ.
-الشيخ المحدث عبد الرشيد النعماني الهندي الحنفي الديوبندي-رحمه الله- توفي سنة 1419هـ.
-الشيخ المحدث عبد القادر الأرناؤوط الحنفي-رحمه الله- توفي سنة 1425هـ.
و غيرهم كثير ذكرهم سيدنا المؤلف في "ثبته" الموسوم بـ"الدرر اللآلي في الإجازة للغوالي".

أما تلاميذه، فأكثر من يجمعهم كتاب، فله تلاميذ في المشرق و المغرب.

مؤلفاته:
لسيدنا المؤلف،كتب و تحقيقات و دراسات عديدة،منها المطبوع و المخطوط،أذكر منها على سبيل المثال:
-"فقه الحافظ أحمد بن الصديق الغماري دراسة مقارنة".ط، و هو رسالته للماجستير في"الفقه و أصوله المقارن" بجامعة آل البيت،بالمملكة الأردنية.
-"الرد على الطاعن في أبي هريرة".ط
-"الحركة الإسلامية في أفغانستان".(دراسة نشرت في بعض المجلات).
-"الحركة الإسلامية في المغرب".(دراسة نشرت بمجلة باكستانية).
-"صيد خاطر سجين" لا زال مخطوط و هو الآن في أربعة أجزاء،و لم يتمه.
-"الدرر الحسان في أنباء الزمان" لا زال مخطوطا في 12 جزءا.
-"التعليقات السلفية على الدعوة النجدية" لا زال مخطوطا في جزئين.
-"تحقيق كتاب:"الدواهي المدهية للفرق المحمية" لوالد جد جده العلامة المشارك سيدي جعفر بن ادريس الكتاني-رحمه الله-.ط
و غيرها من المؤلفات الكثيرة..
خصاله و آثاره:
كان شيخنا المؤلف-رضي الله عنه- نشيطا في الدعوة إلى الله أينما حلّ و ارتحل،فقد درّس جملة من الشباب، منهم الآن طلبة علم متفوقون. و درّس مؤلفات كثيرة سواء باللغة العربية أو باللغة الإنجليزية.
و هو نشيط في دعوة النصارى و غيرهم إلى دين الإسلام.
و سيدنا المؤلف-حفظه الله لنا- باسم الثغر لا يُرى إلا مبتسما، لا يغضب لنفسه إلا إذا انتهكت حرمات الله،و هو متواضع جدا.
أسال الله تعالى أن يعجل بفكاك أسره و أسر كل عالم مظلوم.آمين
 
إنضم
16 أبريل 2008
المشاركات
18
التخصص
علمى
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعى
رد: تراجم الفقهاء المعاصرين (فهرس)

ترجمة العلامة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة (1917-1997)

محطات أساسية


ولد الشيخ عبد الفتاح بن محمد بشير بن حسن أبو غدة في مدينة حلب الشهباء، شمالي سورية سنة 1917، في بيت ستر ودين، فقد كان والده محمد رجلاً مشهوراً بين معارفه بالتقوى والصلاح والمواظبة على الذكر وقراءة القرآن. وكان يعمل في تجارة المنسوجات، التي ورثها عن أبيه، حيث كان الجد بشير من تجار المنسوجات والقائمين على صناعتها بالطريقة القديمة. ينتهي نسب الشيخ رحمه الله تعالى إلى الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه، وكان لدى أسرته شجرة تحفظ هذا النسب وتثبته.

التحق الشيخ، متأخراً عن أقرانه، بالمدرسة العربية الإسلامية في حلب، ثم بالمدرسة الخسروية العثمانية، التي بناها خسرو باشا، والتي تعرف اليوم باسم الثانوية الشرعية، وتخرج منها سنة 1942، وانتقل إلى الدراسة في الأزهر الشريف، فالتحق بكلية الشريعة، وتخرج فيها في الفترة ما بين (1944 ـ 1948)، وانتقل منها إلى التخصص في أصول التدريس في كلية اللغة العربية في الأزهر أيضاً وتخرج فيها سنة 1950.

بعد أن أكمل الشيخ دراسته في مصر، عاد إلى سورية وتقدم سنة 1951 لمسابقة اختيار مدرسي التربية الإسلامية لدى وزارة المعارف فكان الناجح الأول. ودرَّس أحد عشر عاماً مادة التربية الإسلامية في ثانويات حلب، كما شارك في تأليف الكتب المدرسية المقررة لهذه المادة. ودرَّس إلى جانب ذلك في (المدرسة الشعبانية) وهي معهد شرعي أهلي متخصص بتخريج الأئمة والخطباء، ودرَّس في الثانوية الشرعية (الخسروية) التي تخرج فيها، ثم انتدب للتدريس في كلية الشريعة في جامعة دمشق، ودرس فيها لمدة ثلاث سنوات (أصول الفقه)، و(الفقه الحنفي) و(الفقه المقارن بين المذاهب). وقام بعد ذلك بإدارة موسوعة (الفقه الإسلامي) في كلية الشريعة بدمشق لنحو عامين، أتم خلالها كتاب (معجم فقه المحلى لابن حزم) وكان قد سبقه للعمل فيه بعض الزملاء فأتمه، وأنهى خدمته، وطبعته جامعة دمشق في ضمن مطبوعاتها في مجلدين كبيرين.

أدخل السجن سنة 1966 مع ثلة من رجال العلم والفكر في سورية، ومكث في سجن تدمر الصحراوي أحد عشر شهراً. وبعد كارثة الخامس من حزيران سنة 1967 اضطر الحاكمون إلى الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، وكان الشيخ رحمه الله من بينهم.

انتقل إلى المملكة العربية السعودية، متعاقداً مع جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض حيث عمل مدرساً فيها، وفي المعهد العالي للقضاء، وأستاذاً لطلبة الدراسات العليا، ومشرفاً على الرسائل العلمية العالية، فتخرج به الكثير من الأساتذة والعلماء. وقد شارك خلال هذه الفترة (1385 ـ 1408 هـ) (1965 ـ 1988) في وضع خطط جامعة الإمام محمد بن سعود ومناهجها، واختير عضواً في المجلس العلمي فيها، ولقي من إدارة الجامعة كل تكريم وتقدير.

انتدب الشيخ أستاذاً زائراً لجامعة أم درمان الإسلامية في السودان ولمعاهد الهند وجامعاتها، وشارك في الكثير من الندوات والمؤتمرات الإسلامية العلمية، التي تعقد على مستوى العالم الإسلامي. وكانت له جهود طيبة في جميع هذه المجالات. ثم عاد للعمل مع جامعة الملك سعود في الرياض وقبلها مع جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض كذلك.

كان رحمه الله شديد الاهتمام بأمر المسلمين ،وظف كثيراً من وقته وجهده لخدمة الشأن العام، وعندما أنهى إليه بعض العلماء في سورية أنه من الممكن إذا عاد إليها في ظل الظروف القائمة، أن يكون مفتاحاً للإفراج عن ألوف المعتقلين السياسيين هناك، وبذل له وعداً بمقابلة الرئيس حافظ أسد لحل الأزمة العالقة بين الحكومة والحركة الإسلامية، فقبل أن يقوم بالمهمة رجاء تحقيق شيء للمصلحة العامة.و بعودة الشيخ إلى سورية استقبل استقبالاً حافلاً على المستويين العلمي والشعبي ولكن دون أن يتحقق له ما عاد من أجله.

وفاته

وفي شهر شعبان 1417/ديسمبر1996 شعر الشيخ بضعف شديد في نظره فعاد من حلب إلى الرياض ليستأنف علاجه، في أواخر رمضان من العام نفسه اشتكى الشيخ من ألم في البطن، أدخل على إثره مستشفى الملك فيصل التخصصي وتبين أنه ناتج عن نزيف داخلي بسبب مرض التهابي، وما لبث أن التحق بالرفيق الأعلى فجر يوم الأحد التاسع من شوال 1417 الموافق 16 من فبراير 1997 عن عمر يناهز الثمانين عاماً فرحمه الله رحمة واسعة . ودفن الشيخ قي المدينة المنورة في جنازة حافله من تلامذته ومحبيه.

ـ شيوخه:

تتملذ الشيخ في بداياته على كبار علماء مدينة حلب، ثم على رعيل من كبار علماء مصر، كان من أبرز شيوخه في مدينة حلب: الشيخ راغب الطباخ، والشيخ أحمد الزرقا، والشيخ عيسى البيانوني، والشيخ محمد الحكيم، والشيخ أسعد عبجي، والشيخ أحمد الكردي، والشيخ نجيب سراج الدين، إلى جانب الشيخ مصطفى الزرقا رحمهم الله تعالى جميعاً. وكان من شيوخه في مصر أثناء دراسته في الأزهر: الشيخ محمد الخضر حسين، والشيخ عبد المجيد دراز، والشيخ عبد الحليم محمود، والشيخ محمود شلتوت، إلى جانب الشيخ عبد الله الصديق الغماري. والتقى في مصر بالشيخ مصطفى صبري شيخ الخلافة العثمانية ، وتتلمذ بشكل خاص على الشيخ محمد زاهد الكوثري من مشايخ الخلافة العثمانية ايضا، وسمى ابنه الأكبر على اسمه، كما التقى هناك بالإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى وأخذ عنه نهجه الدعوي.

ـ عبدالفتاح ابوغده: الفقيه الأصولي المحدث

كانت بداية الشيخ رحمه الله تعالى في التفقه على مذهب أبي حنيفة، سبر غوره وبرع فيه، ثم درّس مع تضلعه بفقه المذهب الفقه المقارن، فنال حظاً وافياً من فقه المذاهب الأخرى. كما درّس في جامعة دمشق علم الأصول وبرع فيه. واشتغل بالموسوعة الفقهية الإسلامية. وانتقل في مرحلة تالية للاشتغال بكتب الحديث الشريف فحقق جملة منها حتى برّز في علم الحديث واحتل مكانة متقدمة فيه.

قام الشيخ عبد الفتاح رحمه الله تعالى بالعديد من الرحلات العلمية والدعوية رحل إلى عدد من الأقطار الإسلامية، مفيداً ومستفيداً، فإلى جانب إقامته في مصر، رحل إلى الهند وباكستان والسودان والمغرب والعراق والتقى بعلماء هذه الأقطار، وطلاب العلم فيها، فأفاد منهم وأفادوا منه. ولقد حمل في زياراته المتعددة إلى الهند وباكستان كثيراً من علم القارة الهندية إلى المشرق العربي، وحقق العديد من الرسائل والكتب وشهرها بين أهل العلم، فنالت استحسانهم وإعجابهم. ومن أبرز العلماء الذين التقى بهم في تلك الديار: الشيخ محمد شفيع مفتي باكستان، والمفتي عتيق الرحمن كبير علماء دلهي، والشيخ محمد زكريا الكاندهلوي، والشيخ محمد إدريس الكاندهلوي، والشيخ محمد يوسف البنوري، والشيخ محمد لطيف، والشيخ أبو الوفا الأفغاني، والشيخ أبو الأعلى المودوي والشيخ أبو الحسن الندوي.

يعد الشيخ عبد الفتاح أبو غدة من العلماء الثقاة، الذين يفخر بهم العالم الإسلامي في القرن العشرين، وقد أحاط بالعلوم الشرعية، وتبحر في علمي الفقه والحديث، حيث أكب منذ بداية حياته العلمية على تحقيق ونشر الكتب النفيسة في هذين الفنين.

ويمتاز تحقيق الشيخ عبد الفتاح بأنه يقدم مع الكتاب المحقق، كتاباً آخر مليئاً بالفوائد النادرة والتوضيحات النافعة، التي توضح الغامض، وتسدد وتصوب وترجح وتقرب العلم إلى طالبه وتحببه إليه.

وللشيخ رحمه الله تعالى ولع شديد بكتب العلم، يتتبعها في مظانها، مطبوعة ومخطوطة، ويصرف وقته وجهده وماله، في سبيل اقتنائها وخدمتها، وتقديمها للقارئ، غنية بمضمونها، راضية في شكلها، تنم على إحساس عال لدى الشيخ في تكريم الكتاب، وعلى ذوق رفيع في طريقة إخراجه. وللشيخ عشرات الكتب المؤلفة والمحققة.و هذا ثبت بمؤلفات الشيخ مرتبة حسب تاريخ النشر:-

1- الرفع والتكميل في الجرح والتعديل للإمام عبد الحي اللكنوي وطبع 3 طبعات أولها سنة 1383-1963 بحلب

2- الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة للإمام اللكنوي وطبع 3 طبعات أولها سنة 1384-1964 بحلب

3- رسالة المسترشدين للإمام الحارث المحاسبي وطبع 8 طبعات أولها سنة 1384-1964 بحلب، وترجم إلى اللغة التركية .وهو كتاب عميم الفائدة للخاصة والعامة فمع النصح المخلص للمؤلف المحاسبي رحمه الله ،الذي يقال ان كل من صنف في تهذيب النفس وتربيتها عيال عليه ،جاءت توشيحات الشيخ ابي زاهد لتزيده فائدة وحسن اثر.

4- التصريح بما تواتر في نزول المسيح لمحمد أنور الكشميري، وطبع 5 طبعات أولها سنة 1385-1965 بحلب

5- إقامة الحجة على أن الإكثار من التعبد ليس ببدعة للإمام اللكنوي طبع بحلب سنة 1966-1386

6- الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام للإمام القرافي وطبع طبعتان أولاهما سنة 1387-1967 بحلب

7- فتح باب العناية بشرح كتاب النقاية في الفقه الحنفي للملا علي القاري الهروي المكي، طبع الجزء الأول بحلب محققاً سنة 1387-1967، ولم يقدر للشيخ أن يتمه تحقيقاً ثم طبع في لبنان دون تحقيق

8- قاعدة في الجرح والتعديل للحافظ تاج الدين السبكي، وطبع 5 طبعات أولها ببيروت سنة 1388-1968

9- المنار المنيف في الصحيح والضعيف للإمام ابن قيم الجوزية، وطبع 5 طبعات أولها سنة 1389-1969 في بيروت

10- المصنوع في معرفة الحديث الموضوع للإمام ملا علي القاري، وطبع 3 طبعات أولها سنة 1389-1969 بحلب

11- فقه أهل العراق وحديثهم للأستاذ محمد زاهد الكوثري و طبع ببيروت سنة 1390-1970

12- خلاصة تهذيب الكمال في أسماء الرجال للحافظ الخزرجي طبع مصوراً أربع مرات أولها ببيروت سنة 1390-1970 مع مقدمة ضافية وتصحيح أغلاط وتحريفات كثيرة .

13- قواعد في علوم الحديث لمولانا ظفر الله التهانوي، وطبع 6 طبعات أولها ببيروت سنة 1392-1972 وترجم بعضه إلى التركية

14- المتكلمون في الرجال للحافظ السخاوي، وطبع 4 طبعات أولها ببيروت سنة 1400-1980

15- ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل للحافظ الذهبي، وطبع 4 طبعات أولها ببيروت سنة 1400-1980

16- قصيدة عنوان الحكم لأبي الفتاح البستي أولها ببيروت سنة 1404-1984

17- الموقظة في علم مصطلح الحديث للحافظ الذهبي وطبع 3 طبعات أولها ببيروت سنة 1405-1985

18- سنن الإمام النسائي طبعه الشيخ مصوراً ومفهرساً، وطبع 3 طبعات أولها ببيروت سنة 1406-1986

19- الترقيم وعلاماته للعلامة أحمد زكي باشا، وطبع طبعتان أولاهما سنة 1407-1987 ببيروت

20- سباحة الفكر بالجهر بالذكر للإمام عبد الحي اللكنوي، وطبع 3 طبعات أولها ببيروت سنة 1408-1988

21- قفو الأثر في صفو علم الأثر ابن الحنبلي، وطبع طبعتان أولاهما ببيروت سنة 1408-1988

22- بلغة الأريب في مصطلح آثار الحبيب للحافظ الزبيدي، و طبع ببيروت سنة 1408-1988

23- جواب الحافظ المنذري عن أسئلة في الجرح والتعديل، وطبع ببيروت سنة 1411-1991

24- التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن للعلامة الشيخ طاهر الجزائري الدمشقي، و طبع ببيروت سنة 1412-1992

25- تحفة الأخيار بإحياء سنة سيد الأبرار ومعه حاشيته نخبة الأنظار على تحفة الأخبار للإمام عبد الحي اللكنوي، وطبع ببيروت سنة 1412-1992

26- التحرير الوجيز فيما يبتغيه المستجيز للشيخ زاهد الكوثري، و طبع ببيروت سنة 1413-1994

27- تصحيح الكتب وصنع الفهارس المعجمة للعلامة أحمد شاكر، وطبع ببيروت سنة 1414-1994

28- تحفة النساك في فضل السواك للعلامة الميداني، و طبع ببيروت سنة 1414-1993

29- كشف الالتباس عما أورده الإمام البخاري على بعض الناس للعلامة عبد الغني الميداني، وطبع ببيروت سنة 1414-1993

30- العقيدة الإسلامية التي ينشأ عليها الصغار للإمام ابن أبي زيد القيرواني و طبع طبعتان أولاها ببيروت سنة 1414-1993

31- الحث على التجارة والصناعة والعمل للإمام أبي بكر الخلال الحنبلي، و طبع ببيروت سنة 1415-1995

32- توجيه النظر إلى أصول الأثر تأليف الشيخ طاهر الجزائري وطبع ببيروت سنة 1416-1995

33- ظفر الأماني في شرح مختصر الجرجاني للإمام عبد الحي اللكنوي وطبع ببيروت سنة 1416-1995

34- رسالة الألفة بين المسلمين للإمام ابن تيمية ومعها رسالة في الإمامة للإمام ابن حزم الظاهري، وطبع ببيروت سنة 1417-1996

35- مكانة الإمام أبي حنيفة في الحديث للشيخ العلامة المحدث محمد عبد الرشيد النعماني، وطبع ببيروت سنة 1416-1996

36- الحلال والحرام وبعض قواعدهما في المعاملات المالية لشيخ الإسلام ابن تيمية، وطبع ببيروت سنة 1416-1996

37- شروط الأئمة الخمسة للحازمي، وقد صدر بعد وفاة الشيخ سنة 1417-1997

38- شروط الأئمة الستة للحافظ ابن طاهر المقدسي، وقد صدر بعد وفاة الشيخ سنة 1417-1997

39- كتاب الكسب للإمام محمد بن الحسن الشيباني، وقد ألحق الشيخ به رسالة الحلال والحرام وبعض قواعدهما، وقد صدر بعد وفاة الشيخ سنة 1417-1997

40- ثلاث رسائل في استحباب الدعاء ورفع اليدين بعد الصلوات المكتوبة، وقد صدر بعد وفاة الشيخ سنة 1417-1997

41- الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء للإمام ابن عبد البر، وقد صدر بعد وفاة الشيخ سنة 1417-1997

42- خطبة الحاجة ليست سنة في مستهل الكتب والمؤلفات كما قال الشيخ ناصر الألباني، وهذه الرسالة نشرت بعد وفاة الشيخ ضمن مجلة مركز بحوث السنة والسيرة بجامعة قطر .

ـ الشيخ المعلم

كان الشيخ رحمه الله تعالى معلم أجيال، ومؤسس مدرسة علمية في مدينته حلب الشهباء، قامت على الوسطية والمنهجية والانفتاح. وعلى الرغم من أن الشيخ حنفي المذهب، ويعيش وسط بيئة يسود فيها المذهب الحنفي، إلا أنه أسس بمنهجيته العلمية لموقف علمي شعبي منفتح يتجاوز كثيراً من العنعنات والتعصبات المذهبية.

كان يصر في منهجيته على اعتماد الدليل، والمقارنة بين المذاهب، يربط الحكم بدليله، ويقارن بين أقوال العلماء وأصحاب المذاهب..(لا تقولوا قال الشيخ..) كانت تلك عبارته وإنما احفظوا الدليل لتقولوا (قال الله وقال الرسول صلى الله عليه وسلم).

في تعليمه وتربيته كان يذكر سلف الأمة أجمع بالخير والتقدير، ويغضي عن كل الخلافات التي كانت تكون في العصور.. كان ابن تيمية رحمه الله تعالى موضع ازورار البيئة العلمية التي يعيش فيها الشيخ، وكان مشايخ الدولة العثمانية الشيخ (مصطفى صبري) والشيخ (محمد زاهد الكوثري) من أشد الناس ازوراراً عن ابن تيمية، ولكن الشيخ أبا زاهد أماط كل هذا عن شخصية ابن تيمية، وقدمه لتلامذته عالماً عاملاً مجاهداً له مكانته (الإصلاحية) و(الفقهية) و(الجهادية). يقول في هذا راداً الفضل لأهله (والذي نبهني إلى مكانة ابن تيمية وعلمه وفضله شيخي الشيخ نجيب سراج الدين رحمه الله..) والشيخ نجيب سراج الدين من علماء حلب، بل عالم حلب في وقته، وقد ورّث العلم من بعده لولده عبد الله سراج الدين رحمهما الله تعالى.

كان الشيخ رحمه الله تعالى متواضعاً في تعليمه، متألفاً لقلوب متابعيه وتلامذته، فكان إذا شعر أن مسألة ما غمضت عليهم، وعجزوا عن استيعابها قال (أنا لا أُفهم.. أنا لا أُفهم، أُعيد)، ثم يعيد المسألة، فينسب التقصير لنفسه، ويبرأ منه تلامذته.

وإلى جانب هذا التواضع كان يقرن اللطف بالتنبيه والإرشاد.. كان كثيراً ما يروي حديث الأعرابي (الذي تكلم في الصلاة) وقول هذا الأعرابي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (فما زجرني وما نهرني وما زاد على أن قال إن الصلاة عبادة لا يصح فيها شيء من أمور الناس..)

إذا لحظ أن أحد المصلين لا يعطي الركوع حقه سأله بلطف: (هل تشتكي من ألم في الظهر..) وإذا رأى عالماً على غير مذهبه يخالف المشهور مما عليه العمل سأله برفق (هل عندكم في هذا الأمر شيء ؟!)

وكان رحمه الله في فتواه معلماً وواعظاً، يتصدى لعادات المجتمع البالية بروح نقدية لاذعة. كانت (أيمان الطلاق) من أشد ما يحمل عليه الشيخ ويقرع الحضور من أجله محذراً ومستهجناً (يحلف أحدهم بالطلاق عدد حبات كيس الأرز ليمارس رجولته..) ثم يقف أمام الشيخ (دبرني..) وبعد أن يشدد النكير يطلب المستفتي ليلقاه على انفراد.

أسلوبه التعليمي المتفرد، ومزجه الجد بشيء من اللطائف المحببة، واستشهاده بالأبيات السائرة، جعل خطبه ودروسه قبلة الشباب والمثقفين، فربى جيلاً، وفتح أعيناً وقلوباً على مقاصد الشريعة، وقواعد العلم، وحقائق العصر ،من غير إفراط ولا تفريط. كان يعجبه أن يردد أمام (المقصر) و(الغالي): (هوناً ما..) مكرراً قول الإمام علي رضي الله عنه: (أحبب حبيبك هوناً ما فعسى أن يكون عدوك يوماً ما. وابغض عدوك هوناً ما فعسى أن يكون حبيبك يوماً ما..).

كان يؤكد على السمو العقلي المتفتح في شخصية المسلم، وألا يترك نفسه تنحاز به إلى السفاسف والصغائر، حمل إليه أحد الخلطاء يوماً صورة لمقطع حبة بندورة ارتسم فيها صورة للفظة (الله)، وقد احتفت بها إحدى الصحف، ونسخت صوراً عنها ووزعتها.. قال الشيخ معلقاً (إن المسلم ينبغي أن يكون أعقل من أن يؤخذ بمثل هذا!! وإن الإسلام أعظم من أن يستدل على صحته بهذه الصورة !!)

وبين العقل والشرع يؤكد الشيخ على وزن الأمور بميزانها ويكثر من الاستشهاد بقول القائل..

وزن بميزان الشرع كل خاطر

وقول الآخر:

رأيت العقل عقلين فمطبوع ومسموع

ـ الشيخ العامل:

العالم العامل، من الألقاب العزيزة في عصر قل فيه العلماء، وندر العاملون. فعلى الرغم من استغراق الشيخ رحمه الله تعالى في تحصيل العلم ونشره تأليفاً وتدريساً ومتابعة ؛ إلا أن ذلك لم يمنعه أن ينخرط في صفوف الدعاة العاملين، فكان منذ مبتدأ أمره أحد أركان دعوة الإخوان المسلمين في سورية. يمنحها وقته وجهده ومشورته وتأييده وتسديده وكلَّ ما تطلبه منه.

كان انتسابه إلى هذه الجماعة، وإيمانه بدورها، ومكانتها لا حدود له. يقول عنها أمام بعض إخوانه وقد دب إليهم النَّصَب وعوامل اليأس أثناء محنة طويلة (.. إنها غرسة يد مباركة هي يد الإمام الشهيد حسن البنا، وهي غرسة يجب أن تستمر..)

في إطار العمل الدعوي يلقى الداعية من إخوانه أحياناً بعض ما يذكر بحديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قال (رحم الله أخي موسى فقد أوذي أكثر من ذلك فصبر). ولقي الشيخ رحمه الله تعالى في هذا الإطار الكثير. واحتسب ذلك عند الله تعالى من غير شكوى ولا هجر. كما لقي من أعداء الدعوة السجن والتشريد والإبعاد عن الوطن فاحتمل كل ذلك راضياً محتسباً.

في إطار العمل الدعوي وكان الشيخ رحمه الله تعالى خلال إقامته في سورية مدرسة دعوية حية متحركة، تتلمذ عليه فيها ثلاثة أجيال أو أكثر من الدعاة العاملين، كلهم يفخر بأنه قد نال شرف الاغتراف من بحر فضيلة الشيخ عبد الفتاح.

وكانت له في مدينة حلب إلى جانب خطبة الجمعة الأسبوعية، التي كان يلقيها على منبر الجامع الحموي أولاً، وجامع الثانوية الشرعية ثانيا، ثلاثة دروس أسبوعية: مجلس للتفقه في الدين بعد خطبة الجمعة فيها أسئلة وأجوبة، تغطي حياة المسلمين الخاصة والعامة، يجيب الشيخ فيها على جميع التساؤلات بمنهج رشيد سديد، يربط الفتوى بدليلها الشرعي، وبالعصر الذي يعيشه المسلمون، ممعناً في الترغيب والترهيب والتوجيه. ودرس للفقه يوم الاثنين، حيث كان الشيخ يغمر الحاضرين بواسع علمه، في المقارنة بين المذاهب، وذكر الأدلة، والترجيح بين الأقوال. ودرس ثالث في الحديث والتربية والتهذيب يوم الخميس، وجمهور كبير من الشباب يواظب على هذه الدروس، يستفيدون من الشيخ تربية وتهذيباً وعلماً.

على ساحة العمل العام وصل الشيخ إلى مجلس النواب في أوائل الستينات. وكان رحمه الله في الحقل العام مثال السياسي المتبصر الجريء. وقد تشكلت يومها القائمة التعاونية في حلب، وكان في القائمة مسلمون ومسيحيون. وخطب الشيخ في المساجد كما في الكنائس مدللاً على رؤية وطنية شمولية راسخة. وكان تفاعل الشيخ وإخوانه في المجلس النيابي مؤكداً منهج جماعة الاخوان المسلمين الوطني، بالقبول بالتعددية السياسية، والاحتكام إلى صناديق الاقتراع.

وفي إطار الجهد العام أيضاً سعى الشيخ أكثر من مرة لجمع كلمة العلماء في حلب، ولتشكيل رابطة حقيقية للعلماء تجمع شملهم وتوظف جهدهم في خدمة الشأن الإسلامي. ولكن هذا المنحى لم ينجح لأسباب وظروف عامة.

في بدايات عهد الاستبداد كان للشيخ جولات في صراع الباطل والتصدي للهجمة الانفعالية المضادة للإسلام، والتي مثلها فريق من الموتورين بطروحات وشعارات مغرقة في الكفر والاستفزاز لمشاعر الشعب العربي السوري. وكان يردد في مسامع الذين يتهددونه في شخصه صباح مساء:

ولست أبالي حين أقتل مسلماً **** على أي جنب كان في الله مصرعي

في شخصيته القيادية كان الشيخ رحمه الله تعالى قائداً حازماً بصيراً، واضح الرؤية، بعيد الغور، حكيماً لا تستخفه المطامع القريبة، ولا المصالح العاجلة، امتلك ناصية فقه المصالح والمفاسد الذي لا يكون المرء فقيهاً إلا به، على ما قال شيخ الإسلام ابن تيمية (لا يكون الرجل فقيهاً حقاً إلا إذا عرف أكبر المصلحتين ففوت عند التعارض أدناهما، وعرف أعظم المفسدتين فدرأ عند التعارض أعظمهما).

في مرحلة التأسيس الدعوي في الستينات والسبعينات في حلب الشهباء كان الشيخ يأمر بالالتفات إلى العمل والبناء والجدّ، وينهى عن إضاعة الوقت والقيل والقال والانشغال بالصغائر، وافتعال المعارك الجانبية التي تستقطب الجهد وتضيع الوقت بدون طائل. وكان يرى أن الأمة بحاجة إلى البناء، وأن الشخصية المسلمة وقد حطمت من عهود الانهزام الطويلة بأمس الحاجة إلى استعادة الثقة بنفسها، وأن على قادة الجماعة أن يضعوا الخطط والبرامج لبناء الشخصية الإسلامية العامة الواثقة بنفسها.

كان يشدد النكير على الغلو والغالين ولا سيما من الذين يتنطعون بالحديث عن تقمص مكانة (جماعة المسلمين) قال لسائل ادعى أمامه يوماً أن (جماعة الإخوان المسلمين) تمثل جماعة المسلمين راداً قوله (إن جماعة المسلمين أنا وأنت وهذا الحداد وذاك النجار والخباز.. كل هؤلاء الناس هم جماعة المسلمين)

وعلى الصعيد التنظيمي ومع رغبة الشيخ الملحة في الانصراف بكلّيته إلى الجانبين العلمي والدعوي، اضطر أكثر من مرة أن يستجيب لرغبة إخوانه فيتحمل منهم بعض المسؤوليات التنظيمية، فكان أن تولى منصب المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية، ثم سريعاً ما تخلى عنه، عندما وجد من يتولاه، ثم ألجئ مرة أخرى إلى تولي هذا المنصب سنة 1986 عندما عصفت بالإخوان ريح الخلاف الداخلي.

جوانب من شخصية الشيخ

من كان اغترافه من بحر أكمل الخلق كيف تعدد خصال كماله؟!!. فقد كان الشيخ أبو زاهد رحمه الله تعالى دمث الأخلاق لطيف المعشر حلو العبارة أنيق المظهر، يتأنق في لبسه وهيئته ومجلسه ويأخذ من حوله بذلك إلى تواضع العلماء وأدب جم. ويمثل الشيخ عبد الفتاح أبو غدة بشخصيته القوية المتميزة، شخصية العالم المسلم العامل المجاهد، فهو واسع العلم، رحب الإطلاع، يعيش قضايا أمته وعصره، يضع هموم المسلمين نصب عينيه، مدركاً كل الأبعاد التي تحيط بهم، وهو مع اتصافه بكل ما تقتضيه شخصيته العلمية، من رزانة وهيبة ووقار، حلو الحديث، رشيق العبارة. قريب إلى قلوب جلسائه، يأسرهم بحسن محاضرته، وطيب حديثه، وبعد غوره، مع حضور بديهة، وحسن جواب، فلا غرو بعد ذلك أن تلتقي عليه الجموع، وتتعلق به النفوس وأن يكون موضع الحب والتقدير، والثقة لدى جميع من خالطه من إخوانه وأحبابه، وهو إلى جانب ذلك بعيد عن الغلو والانفعال يزن الأمور بميزانها الشرعي الدقيق، وقد أخذ بذلك نفسه وتلامذته.

لا يستقبل أحداً من جلسائه بما يكره، وإن استُقبل بذلك أغضى وأعرض، لا يسمع نميمة، ويصرف وجهه إذا لم يعجبه الحديث، أو يشير بيده إلى محدثه أن تعداه.

كان في فتواه العامة رحمه الله تعالى آخذاً بالعزائم يشدد في أمر الدين والورع، فإذا ما شعر أن المستفتي بحاجة إلى رخصة دعاه إلى لقاء منفرد يرخص له ما ييسر عليه أمره.

كان الوقت أغلى عنده من المال على قلب الشحيح، يقول وهو يشير إلى ما وضع في جدول أعماله من كتب وأبحاث (أنا رأس مالي قليل) يقصد السنوات الباقية من عمره فقد كان يعدها رأس ماله الحقيقي.

وكان غضبه لله وفي دين الله، دون أن يكون لنفسه، وعندما افتتح بعض الصحفيين ملف المعارضة السورية، ووصف بعض الناس الشيخ بما يقبح، ونالوا منه ومن جماعة الإخوان المسلمين ما نالوا، كان له فضل الإشراف على وضع الرد على ما جاء في الملف، فما أشار إلى الدفاع عن نفسه بكلمة وإنما ترك الأمر لله تعالى. وكان شديد الحمية لدين الله بالحق.

كان كثير الصمت، ندر الكلام، غزير الدمعة حاضرها، ولا سيما عندما اشتدت محنة إخوانه وكانت تأتيه الأخبار عما يحدث للمعتقلين في سجون الظالمين.. حتى أخذ من حوله الإشفاق عليه، فأمسكوا عن الحديث أمامه. كان يردد والدمعة في عينيه (لو كان لي الأمر لفديت إخواني بنفسي..) (أنا أفدي إخواني بنفسي..) وعندما ألح عليه بعض الإخوان ليقوم بالمبادرة التي قام بها.. لم يكن باعثه على ذلك إلا رغبة منه بفكاك أسر الأسير، وجبر كسر العاني من الإخوان. لا ما تعلق به أقوام من هنا وهناك..

ولقد لقيناه بعد محاولته تلك، وشعوره أن المقصد قد أحكم الإغلاق عليه، فكان يأمر إخوانه بالصبر والمصابرة، وينظر إلى من يزعم أنه يريد أن يقتدي به في نزوله نظرات تحمل معناها.

وكان في تعاطيه السياسي قاصداً يكره الغلو والتطرف، في بناء سياسة الإخوان الإعلامية مال إلى الكف عن الخوض فيما لا يحمد ولا يليق بالداعية من الألفاظ والأوصاف ونبذ الآخرين بما لا يجمل ومقابلة الذين يصفون الإخوان بالأوصاف الردية بمثلها.

رحم الله الشيخ عبد الفتاح، وأحسن مثوبته، وجزاه عن المسلمين خير الجزاء وتقبل منه صالح عمله إنه سميع مجيب.

وكتبه زهير سالم
 
إنضم
16 أبريل 2008
المشاركات
18
التخصص
علمى
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعى
رد: تراجم الفقهاء المعاصرين (فهرس)

العالم الكبير والداعية الفقيه الشيخ سيد سابق

بقلم د- يوسف القرضاوى

انضم إلى موكب الراحلين من كبار العلماء عن دنيانا العالم الكبير الفقيه الداعية المُربِّي الشيخ سيد سابق -رحمه الله- الذي انتقل إلى جوار ربه مساء يوم الأحد 23 من ذي القعدة 1420هـ الموافق 27/2/2000م عن عمر يناهز 85 سنة.

كان الشيخ سيد سابق أحد علماء الأزهر الذين تخرجوا في كلية الشريعة، وقد اتصل بالإمام الشهيد حسن البنا وبايعه على العمل للإسلام ونشر دعوته، وجمع الأمة على كلمته، وتفقيهها في شريعته، وأصبح عضوًا في جماعة (الإخوان المسلمين) منذ كان طالبًا.
كان معاصرًا لإخوانه من أبناء الأزهر النابهين الذين انضموا إلى قافلة الإخوان المسلمين من أمثال الشيخ محمد الغزالي، والشيخ عبد المعز عبد الستار، وغيرهما، وإن كانوا هم في كلية أصول الدين، وهو في كلية الشريعة.
اشتغل الشيخ سيد سابق بالفقه أكثر مما اشتغل إخوانه من الدعاة الأزهريين؛ لأنه الأليق بتخصصه في كلية الشريعة، وقد بدأ يكتب في مجلة الإخوان الأسبوعية مقالة مختصرة في فقه الطهارة، معتمدًا على كتب (فقه الحديث) وهي التي تعنى بالأحكام، مثل (سبل السلام) للصنعاني، وشرح (بلوغ المرام) للحافظ ابن حجر، ومثل (نيل الأوطار) للشوكاني، وشرح (منتقى الأخيار من أحاديث سيد الأخيار) لابن تيمية الجد.
ومستفيدًا من كتاب (الدين الخالص) للعلامة الشيخ محمود خطاب السبكي، مؤسس (الجمعية الشرعية) في مصر، وأول رئيس لها، الذي ظهر منه تسعة أجزاء في فقه العبادات، ومن غير ذلك من المصادر المختلفة، مثل (المغني) لابن قدامة، و(زاد المعاد) لابن القيم، وغيرهما.
وقد اعتمد الشيخ سيد -رحمه الله- منهجًا يقوم على طرح التعصب للمذاهب مع عدم تجريحها، والاستناد إلى أدلة الكتاب والسنة والإجماع، وتبسيط العبارة للقارئ بعيدًا عن تعقيد المصطلحات، وعمق التعليلات، والميل إلى التسهيل والتيسير على الناس، والترخيص لهم فيما يقبل الترخيص، فإن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه، وكما يكره أن تؤتى معصيته، وحتى يحب الناس الدين ويقبلوا عليه، كما يحرص على بيان الحكمة من التكليف، اقتداء بالقرآن في تعليل الأحكام.
وكان من التسهيل الذي اتبعه الشيخ في منهجه الذي ارتضاه في كتابة الفقه البعد عن ذكر الخلاف إلا ما لا بد منه، فيذكر الأقوال في المسألة، ويختار الراجح أو الأرجح في الغالب، وأحيانًا يترك الأمر دون أن يرجح رأيًا، حيث لم يتضح له الراجح، أو تكافأت عنده الأقوال والأدلة، فيرى من الأمانة أن يدع الأمر للقارئ يتحمل مسئولية اختياره، أو يسأل عالمًا آخر، وهذا ما لا يسع العالم غيره.
أصدر الشيخ سيد الجزء الأول من كتابه الذي سماه (فقه السنة) في أواسط الأربعينات من القرن العشرين الميلادي، أو في سنة 1365هـ وهو رسالة صغيرة الحجم، من القطع الصغير، وكان في (فقه الطهارة)، وقد صدره بمقدمة من المرشد العام للإخوان المسلمين الشيخ الإمام حسن البنا، تنوه بمنهج الشيخ في الكتابة، وحسن طريقته في عرض الفقه، وتحبيبه إلى الناس، ومما جاء في هذه المقدمة قوله -عليه رحمة الله:
أما بعد.. فإن من أعظم القربات إلى الله -تبارك وتعالى- نشر الدعوة الإسلامية، وبث الأحكام الدينية، وبخاصة ما يتصل منها بهذه النواحي الفقهية، حتى يكون الناس على بينة من أمرهم في عبادتهم وأعمالهم، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، وإنما العلم بالتعلم، وإن الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم- لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر".
وإن من ألطف الأساليب وأنفعها وأقربها إلى القلوب والعقول في دراسة الفقه الإسلامي وبخاصة في أحكام العبادات، وفي الدراسات العامة التي تقدم لجمهور الأمة البعد به عن المصطلحات الفنية، والتفريعات الكثيرة الفرضية، ووصله ما أمكن ذلك بمآخذ الأدلة من الكتاب والسنة في سهولة ويسر، والتنبيه على الحكم والفوائد ما أتيحت لذلك الفرصة، حتى يشعر القارئون المتفقهون بأنهم موصولون بالله ورسوله، مستفيدون في الآخرة والأولى، وفي ذلك أكبر حافز لهم على الاستزادة من المعرفة، والإقبال على العلم.
وقد وفق الله الأخ الفاضل الأستاذ الشيخ: السيد سابق، إلى سلوك هذه السبيل، فوضع هذه الرسالة السهلة المأخذ، الجمة الفائدة، وأوضح فيها الأحكام الفقهية بهذا الأسلوب الجميل؛ فاستحق بذلك مثوبة الله إن شاء الله، وإعجاب الغيورين على هذا الدين، فجزاه الله عن دينه وأمته ودعوته خير الجزاء، ونفع به، وأجرى على يديه الخير لنفسه وللناس، آمين أ.هـ.
وقال الشيخ سابق في مقدمته القصيرة المختصرة التي قدم بها كتابه:
هذا الكتاب يتناول مسائل من الفقه الإسلامي مقرونة بأدلتها من صريح الكتاب وصحيح السنة، ومما أجمعت عليه الأمة.
وقد عرضت في يسر وسهولة، وبسط واستيعاب لكثير مما يحتاج إليه المسلم، مع تجنب ذكر الخلاف إلا إذا وجد ما يسوغ ذكره فنشير إليه.
والكتاب يعطي صورة صحيحة للفقه الإسلامي الذي بعث الله به محمدًا صلى الله عليه وسلم، ويفتح للناس باب الفهم عن الله ورسوله، ويجمعهم على الكتاب والسنة، ويقضي على الخلاف وبدعة التعصب للمذاهب، كما يقضي على الخرافة القائلة: بأن باب الاجتهاد قد سُدّ .
ظل الشيخ سيد يوالي الكتابة في الفقه بعد ذلك، ويخرج في كل فترة جزءاً من هذا القطع الصغير حتى اكتمل أربعة عشر جزءاً، ثم صدر بعد ذلك في ثلاثة أجزاء كبيرة. واستمر تأليفه نحو عشرين سنة على ما أظن.
سَدَّ كتاب الشيخ سيد سابق فراغًا في المكتبة الإسلامية في مجال فقه السنة، الذي لا يرتبط بمذهب من المذاهب، ولهذا أقبل عليه عامة المثقفين الذين لم ينشأوا على الالتزام بمذهب معين أو التعصب له، وكان مصدرًا سهلاً لهم يرجعون إليه كلما احتاجوا إلى مراجعة مسألة من المسائل.
وقد انتشر الكتاب انتشارًا، وطبعه بعض الناس بدون إذن مؤلفه مرات ومرات، كما يفعلون مع غيره من الكتب التي يطلبها الناس.
ربما انتقد (فقه السنة) بعض المذهبيين المتشددين في اتباع المذاهب، والذين اعتبروا الكتاب داعية إلى ما سموه (اللامذهبية)، وهي كما قالوا قنطرة إلى (اللادينية)!
وأنا اعتقد أن مؤلف الكتاب - وإن لم يلتزم مذهبًا بعينه - لا يُعَدُّ من دعاة (اللامذهبية) لأنه لم يذم المذاهب، ولم ينكر عليها.
كما أعتقد أن مثل هذا النوع من التأليف ضرورة للمسلم الجديد، الذي يدخل في الإسلام الواسع دون التزام بمدرسة أو مذهب، وكذلك المسلم العصري الذي لا يريد أن يربط نفسه بمذهب معين في كل المسائل، بل يأخذ بما صح دليله، ووضح سبيله.
كما انتقد الكتاب بعض العلماء الذين يرون أن الشيخ وقد تحرر من المذاهب- لم يعطِ فقه المقارنة والموازنة حقها، في مناقشة الأدلة النقلية والعقلية، والموازنة العلمية بينها، واختيار الأرجح بعد ذلك على بينة وبصيرة.
والجواب عن ذلك: أن الشيخ لم يكتب كتابه للعلماء، بل لجمهور المتعلمين، الذين يحتاجون إلى التسهيل والتيسير، سواء في الشكل أم المضمون، وتوخي طريقة التسهيل والتبسيط، وكل ميسر لما خلق له.
وممن انتقد الكتاب المحدث المعروف الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله ، وقد ألف في ذلك كتابًا أسماه (تمام المنة بالتعليق على فقه السنة) يتضمن جملة تعقيبات وانتقادات على الكتاب، ونقده يتمثل في أمرين أساسيين:
الأول: فيما يتعلق بالحديث الذي يستدل به (فقه السنة) وهو ضعيف في نظر الشيخ، وربما يكون هناك خلل في عزوه إلى من عزاه إليه، أو نحو ذلك، وعذر الشيخ سيد أنه ينقل هذه الأحاديث عن كتب السابقين، ولم يبذل جهدًا في تحقيقها وتمحيصها، عملاً بالقاعدة التي تقول: كل علم يؤخذ مسلم من أهله.
والثاني: خلاف في المشرب الفقهي بين الشيخ ناصر والشيخ سيد، فالشيخ ناصر أَمْيل إلى اتباع ظاهر النص، والشيخ سيد أقرب إلى اتباع مقصد النص.
والشيخ ناصر لا يبالي بمخالفة جمهور الأئمة المتقدمين، كما في تحريمه الذهب على النساء، والشيخ سيد يحترم غالبًا رأي الجمهور.
وقد ظهر هذا في التعليق الطويل الذي علق به الشيخ ناصر على (زكاة عروض التجارة) في فقه السنة، فهو لم يصح عنده الحديث في زكاتها، ولم يأخذ بقول من قال من الصحابة بزكاتها، ولا بقول جمهور التابعين والأئمة الذي هو كالإجماع على وجوب زكاة التجارة، ولم يأخذ بمقاصد الشريعة التي يستحيل أن توجب الزكاة على الزارع الذي تثمر أرضه خمسة أوساق، وربما كان مستأجرًا لهذه الأرض، ولا يوجب على التاجر الذي يملك الملايين شيئًا، إلا أن (تنضّ) أي تسيل بلغة عصرها، ويحول عليها الحول.
وقد رددنا على الشيخ ناصر قوله بالأدلة الناصعة في كتابنا (المرجعية العليا للقرآن والسنة).
عرفت فضيلة الشيخ سيد سابق أول ما عرفته قارئًا لبعض مقالاته الفقهية في مجلة الإخوان الأسبوعية، ثم للجزء الأول من كتابه في فقه الطهارة، ثم سمعنا أنه قدم للمحاكمة في قضية مقتل النقراشي باشا، حيث زعموا في ذلك الوقت أنه هو الذي أفتى الشاب القاتل عبدالمجيد حسن بجواز قتله، عقوبة على حل الإخوان، وكانت الصحف تلقب الشيخ في ذلك الوقت بـ (مفتي الدماء).
والحمد لله، قد برأته المحكمة، وخلت سبيله، ولكنه اعتقل مع من اعتقل من الإخوان في سنة 1949م واقتيد إلى معتقل الطور.
وقد عرفت الشيخ وجهًا لوجه في المعتقل، وفي عنبر رقم (2) الذي كان إمامه الشيخ الغزالي، رحمه الله، وكان الشيخ سيد يعقد حلقات في الفقه بعد صلاة الفجر وقراءة الأدعية المأثورات، كما كان الشيخ الغزالي يعقد حلقات أخرى في الدعوة إلى الله.
ثم عرفته بعد أن خرجنا من المعتقل في ساحة الدعوة إلى الله، وكثيرًا ما زرته في بيته حيث كان يسكن في حارة ضيقة في سوق السلاح، ثم مَنَّ الله عليه فسكن في شقة بجاردن ستي، أظنها كانت ملكًا لبعض اليهود الذين خرجوا من مصر، وذهبوا إلى دولة الكيان الصهيوني.
وقد عملت معه حين كان مديرًا لإدارة الثقافة في وزارة الأوقاف، وكان الشيخ الغزالي مديرًا للمساجد، وكان الشيخ البهي الخولي مراقبًا للشؤون الدينية، وذلك في عهد وزير الأوقاف المعروف الشيخ أحمد حسن الباقوري. وذلك في عهد الثورة.
وظل الشيخ مرموق المكانة في وزارة الأوقاف، حتى جاء عهد وزيرها المعروف الدكتور/ محمد البهي، فساءت علاقته بالشيخين الغزالي وسابق، رغم أنها كانت من قبل علاقة متينة، وسبحان مغير الأحوال.

وقد نقل الشيخان إلى الأزهر، لإبعادهما عن نشاطهما المعهود، وإطفاء لجذوتهما، وقد بقيا على هذه الحال، حتى تغير وزير الأوقاف، ودوام الحال من المحال.
كان الشيخ سيد سابق رجلاً مشرق الوجه، مبتسم الثغر، فكه المجلس، حاضر النكتة، ومما يحكى عنه أنهم حين قبضوا عليه في قضية مقتل النقراشي، وسألوه عن (محمد مالك) الذي ضخمت الصحافة دوره، واعتبروه أكبر إرهابي، وقد اختفى ولم يعثروا عليه فلما سألوا الشيخ: هل تعرف شيئًا عن مالك؟ قال: كيف لا أعرفه وهو إمام من أئمة المسلمين، وهو إمام دار الهجرة رضي الله عنه؟!
قالوا: يا خبيث، نحن لا نسألك عن الإمام مالك، بل عن مالك الإرهابي: قال: أنا رجل فقه أعرف الفقهاء ولا أعرف الإرهابيين.
كان الشيخ الغزالي ونحن في المعتقل، إذا سئل عن مسألة فقهية يحيلها إلى الشيخ سيد سابق، فقد كان هو المعتمد لدى الإخوان في الفقه، ومع هذا كتب الشيخ سيد في العقيدة (العقائد الإسلامية)، وفي الدعوة (إسلامنا) وغيره من الكتب.
انتقل الشيخ في السنين الأخيرة من عمره إلى (جامعة أم القرى) بمكة المكرمة، سعيدًا بمجاورة البيت الحرام، مع نخبة من أجلاء علماء الأزهر، الذين كان لهم دور يذكر ويشكر في ترسيخ جامعة أم القرى ورفع دعائمها، وتعليم أبنائها، وبقى فيها إلى ما قبل سنتين.

وفي سنة 1413 هـ حصل الشيخ على جائزة الملك فيصل في الفقه الإسلامي، وسعدت بمشاركته فيها.
واليوم يودعنا الشيخ، راحلاً من دار الفناء إلى دار البقاء، تاركًا وراءه علمًا نافعًا، وتلاميذ بررة يدعون له بالمغفرة والرحمة، وذكرا طيبًا هو عمر آخر للإنسان بعد عمره القصير.
ورحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي حين قال:
دقات قلب المرء قـــائلة له:
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها
إن الحياة دقــائق وثوان
فالذكر للإنسان عمر ثان
رحم الله شيخنا الشيخ سيد سابق، وتقبله في الصالحين من عباده، وجزاه عن العلم والإسلام والأمة ما يجزي العلماء العاملين، والدعاة الصادقين، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
 
أعلى