العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

تطبيقات معاصرة لرخص المريض الشرعية المتعلقة بالصلاة

إنضم
10 مايو 2008
المشاركات
89
التخصص
الفقه الطبي المعاصر
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
الحنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه، من يَهدهِ اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبدُه ورسولُه، أما بعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،
أحببت إضافة هذه المشاركة لعل فيها ما ينفع الله به
أولاً: رخصة الإسقاط بسبب المرض:
قال الإمام عز الدين ابن عبد السلام (ت660): "فصل في بيان تخفيفات الشرع، وهي أنواع: منها تخفيف الإسقاط: كإسقاط الجمعات والصوم والحج والعمرة بأعذار معروفات".
وقال الإمام السيوطي (ت911): "الفائدة الثانية: قال الشيخ عز الدين: تخفيفات الشرع ستة أنواع: الأول: تخفيف إسقاط: كإسقاط الجمعة والحج، والعمرة، والجهاد بالأعذار".
وقال الإمام ابن نجيم (ت970): "تخفيفات الشرع أنواع: الأول: تخفيف إسقاط: كإسقاط العبادات عند وجود أعذارها".
فنجد هنا في رخصة الإسقاط أن الحكم الشرعي من وجوب العبادات غُيّر من الصعوبة إلى السهولة بإسقاطها عن المكلف لعذر اقتضى ذلك مع قيام سبب الحكم الأصلي، كما في الأمثلة المذكورة في نصوص العلماء التي ذكرناها.
ومن التطبيقات المعاصرة لرخصة الإسقاط لمن يقوم بالمريض من الأطباء والممرضين ما استجد من واقع المستشفيات اليوم وطريقة تنظيم أوقات عمل الأطباء والفريق الإداري المرافق الذي لا بدّ منه لتسيير شؤون المستشفيات بالشكل المطلوب، ونلحظ ذلك في بعض الفتاوى المعاصرة، ومن ذلك ما جاء في الفتوى الآتية:
سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: "ورد للوزارة من مستوصف المواساة بالدمام خطاب يتضمن: أن التعليمات تقتضي استمرار العمل بالمستوصف لمدة (24) ساعة متواصلة مما استلزم وضع جدول مناوبات للأطباء، ويتساءل المستوصف ما إذا كان يحق للطبيب المناوب في يوم الجمعة ترك المستوصف لأداء صلاة الجمعة؟
ونظراً لأن الطبيب المناوب هو وحده المسئول عن العمل في المستوصف ويقتضي وجوب وجوده بالمستوصف وعدم تركه له، ذلك أنه قد يترتب على هذا الترك نتائج خطيرة من النواحي الإنسانية، إذ قد يكون ذلك سببا في التأخير عن مداواة مريض أو إسعاف جريح يكون في حاجة عاجلة إلى هذا الإسعاف، أو تلك المداواة، وقد يؤدي ذلك -لا سمح الله- إلى عواقب وخيمة من الناحية الصحية قد يتعذر تداركها.
هذا ومما تجدر الإشارة إليه أن مقتضى المناوبة تبادل الأطباء العمل على مدار أيام الأسبوع، بحيث لا يقتصر العمل في أيام الجمع على طبيب معين بذاته.
ونظرا لأهمية الموضوع فقد رأينا الاستئناس برأي سماحتكم فيما إذا كان ذلك يعتبر من الضرورات التي يتعين فيها على الطبيب ملازمة عمله، وأداء الصلاة ظهرا في يوم مناوبته إذا صادف يوم جمعة أم لا".
فأجابت اللجنة الكريمة بما يلي: "الطبيب المذكور في السؤال قائم بأمر عظيم ينفع المسلمين، ويترتب على ذهابه إلى الجمعة خطر عظيم، فلا حرج عليه في ترك صلاة الجمعة، وعليه أن يصلي الظهر في وقتها، ومتى أمكن أداؤها جماعة وجب ذلك؛ لقول الله سبحانه: )فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ( [التغابن: 16] فإذا كان من الموظفين من يتناوب معه وجب عليهم أن يصلوا الظهر جماعة".
فنجد في هذه الفتوى تطبيقاً للأخذ برخصة إسقاط صلاة الجمعة بالنسبة للطبيب المناوب لما قد يترتب على تركه من أضرار ببعض المرضى، وليست الرخصة للطبيب فحسب بل تتعداه إلى الموظفين المناوبين كذلك، وفي هذا تيسيراً على المرضى وتخفيفاً، رحمة بهم لما قد يلحق بهم من ضرر من جراء غياب الطبيب المناوب وطاقم الموظفين. والحمد لله.

ثانياً: رخصة التنقيص بسبب المرض:
قال الإمام عز الدين ابن عبد السلام (ت660) في كلامه على تخفيفات الشرع: "ومنها تخفيف التنقيص: كقصر الصلوات، وتنقيص ما عجز عنه المريض من أفعال الصلوات، كتنقيص الركوع والسجود وغيرهما إلى القدر الميسور من ذلك".
وقال الإمام السيوطي (ت911) في نقله عن الإمام عز الدين تخفيفات الشرع: "الثاني: تخفيف تنقيص: كالقصر".
وقال الإمام ابن نجيم (ت970) في كلامه على تخفيفات الشرع: "الثاني: تخفيف تنقيص: كالقصر في السفر على القول بأن الإتمام أصل، وأما على قول من قال: القصر أصل، والإتمام فرض بعده، فلا إلا صورة".
فنجد هنا في رخصة التنقيص أن الحكم الشرعي من وجوب أداء العبادات بكيفيتها المطلوبة شرعاً من المكلف قد غُيّر من الصعوبة إلى السهولة بتنقيص هذه الهيئة الكاملة المطلوبة إلى كيفية أسهل تناسب حال المكلف بسبب العذر الذي اقتضى ذلك، مع قياس سبب الحكم الأصلي، كما في الأمثلة المذكورة في نصوص العلماء التي ذكرناها.
ومن التطبيقات المعاصرة لرخصة التنقيص: من أجريت له عملية في ركبته فغدا لا يستطيع الركوع والسجود، فهذه رخصة تنقص عنه الركوع والسجود إلى الإيماء بهما، كما في الفتوى الآتية:
سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السؤال الآتي: "رجل عمل له عملية في ركبته وأصبح بعد العملية يصعب عليه القيام والسجود بالصلاة مع الجماعة، إلا إذا كان يكون بطرف المسجد وليس هناك أحد على جنبه الأيسر، وإذا صلى وسط الصف لا بد من كرسي وماصة، يجلس على الكرسي ويسجد على الماصة.
السؤال: هل يجوز له الصلاة وحده مع وجود الجماعة في حالة عدم وجود الكرسي والماصة، ثم هل تجوز صلاته على الكرسي والماصة في حالة وجودها مع الجماعة؟
فكان من جواب اللجنة الموقرة: "العاجز عن القيام يصلي قاعداً على الأرض أو على كرسي إن كان أرفق به، ويركع ويسجد في الهواء، ويجعل السجود أخفض من الركوع إذا كان لا يستطيع السجود على الأرض ...".
فنجد في هذه الفتوى تطبيقاً للأخذ برخصة تنقيص الركوع والسجود إلى القدر الممكن بحسب حالته التي ذكرها، وفي هذا تيسيراً على المرضى وتخفيفاً، رحمة بهم لما قد يلحق بهم من ضرر، والحمد لله رب العالمين.

ثالثاً: رخصة الإبدال بسبب المرض:
قال الإمام عز الدين ابن عبد السلام (ت660) في كلامه على تخفيفات الشرع: "ومنها تخفيف الإبدال: كإبدال الوضوء والغُسل بالتيمم، وإبدال القيام في الصلاة بالقعود، والقعود بالاضطجاع، والاضطجاع بالإيماء، وإبدال العتق بالصوم، وإبدال الصيام بالإطعام في حق الشيخ الكبير الذي يشق عليه الصيام، وكإبدال بعض واجبات الحج والعمرة بالكفارات عند قيام الأعذار".
وقال الإمام السيوطي (ت911) في نقله عن الإمام عز الدين تخفيفات الشرع: "الثالث: تخفيف إبدال: كإبدال الوضوء والغسل بالتيمم، والقيام في الصلاة بالقعود والاضطجاع أو الإيماء، والصيام بالإطعام".
وقال الإمام ابن نجيم (ت970) في كلامه على تخفيفات الشرع:"الثالث: تخفيف إبدال: كإبدال الوضوء والغسل بالتيمم، والقيام في الصلاة بالقعود والاضطجاع والركوع والسجود بالإيماء، والصيام بالإطعام".
فنجد هنا في رخصة الإبدال أن الحكم الشرعي من وجوب أداء بعض العبادات بكيفيتها المطلوبة شرعاً من المكلف قد غُيّر من الصعوبة إلى السهولة بإبدال هذه العبادة المطلوبة إلى عبادة أخرى أسهل تناسب حال المكلف بسبب العذر الذي اقتضى ذلك، مع قياس سبب الحكم الأصلي، كما في الأمثلة المذكورة في نصوص العلماء التي ذكرناها.
ومن التطبيقات المعاصرة لرخصة الإبدال: إبدال القيام بالصلاة على الكرسي لمن لا يستطيعه بسبب عملية أجريت له في ركبته أو بسبب مرض الصرع، يتضح ذلك من خلال فتاوى العلماء المعاصرين، ومنها:
سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السؤال الآتي: "رجل عمل له عملية في ركبته وأصبح بعد العملية يصعب عليه القيام والسجود بالصلاة مع الجماعة، إلا إذا كان يكون بطرف المسجد وليس هناك أحد على جنبه الأيسر، وإذا صلى وسط الصف لا بد من كرسي وماصة، يجلس على الكرسي ويسجد على الماصة.
السؤال: هل يجوز له الصلاة وحده مع وجود الجماعة في حالة عدم وجود الكرسي والماصة، ثم هل تجوز صلاته على الكرسي والماصة في حالة وجودها مع الجماعة؟
فأجابت اللجنة: "العاجز عن القيام يصلي قاعداً على الأرض أو على كرسي إن كان أرفق به ...".

رابعاً: رخصة التقديم بسبب المرض:
قال عز الدين ابن عبد السلام (ت660) في كلامه على تخفيفات الشرع: "ومنها تخفيف التقديم: كتقديم العصر إلى الظهر، والعشاء إلى المغرب في السفر والمطر، وكتقديم الزكاة على حولها، والكفارة على حنثها".
وقال السيوطي (ت911) في نقله عن الإمام عز الدين تخفيفات الشرع: "الرابع: تخفيف تقديم: كالجمع، وتقديم الزكاة على الحول، وزكاة الفطر في رمضان، والكفارة على الحنث".
وقال ابن نجيم (ت970) في كلامه على تخفيفات الشرع: "الرابع: تخفيف تقديم: كالجمع بعرفات، وتقديم الزكاة على الحول، وزكاة الفطر في رمضان، وقبله على الصحيح بعد تملك النصاب في الأول، ووجود الرأس بصفة المؤنة والولاية في الثاني".
فنجد هنا في رخصة التقديم أن الحكم الشرعي من وجوب أداء بعض العبادات في أوقاتها المطلوبة شرعاً من المكلف قد غُيّر من الصعوبة إلى السهولة بتقديم العبادة عن وقتها المطلوب ليكون متناسباً مع حال المكلف بسبب العذر الذي اقتضى ذلك، مع قياس سبب الحكم الأصلي، كما في الأمثلة المذكورة في نصوص العلماء التي ذكرناها.
ومن التطبيقات المعاصرة لرخصة التقديم: المصابون بأمراض مختلفة تجعل في أداء الصلوات في وقتها حرجاً وضيقاً وشدة عليهم، ومن الرحمة بهم الأخذ بالرخصة، ومن ذلك ما جاء في الفتاوى الآتية:
سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السؤال الآتي: "عمتي مريضة مرض سرطان في الرحم، ولم تستطع التحكم في البول -أعزكم الله- وهي امرأة كبيرة وعمياء وتذهب إذا دخل وقت صلاة الظهر وتغتسل كاملا وتجلس وتصلي الظهر والعصر معا؛ لأن البول يخرج أثناء الحركة، وكذلك صلاة المغرب والعشاء ...".
فأجابت اللجنة الموقرة: " إذا كان الأمر كما ذكر فإنها تصلي على حسب حالها، ولا مانع من جمعها الظهر والعصر في وقت أحدهما، وهكذا المغرب والعشاء؛ لعموم أدلة يسر الشريعة على أن يكون وضوؤها للظهر والعصر بعد دخول الوقت، وهكذا المغرب والعشاء يكون وضوؤها لهما بعد دخول الوقت ...".

خامساً: رخصة التأخير بسبب المرض:
قال الإمام عز الدين ابن عبد السلام (ت660) في كلامه على تخفيفات الشرع: "ومنها تخفيف التأخير: كتأخير الظهر إلى العصر، والمغرب إلى العشاء، ورمضان إلى ما بعده".
وقال السيوطي (ت911) في نقله عن الإمام عز الدين تخفيفات الشرع: "الخامس: تخفيف تأخير: كالجمع، وتأخير رمضان للمريض والمسافر، وتأخير الصلاة في حق مشتغل بإنقاذ غريق، أو نحوه من الأعذار الآتية".
وقال ابن نجيم (ت970) في كلامه على تخفيفات الشرع: "الخامس: تخفيف تأخير: كالجمع بمزدلفة، وتأخير رمضان للمريض والمسافر، وتأخير الصلاة عن وقتها في حق مشتغل بإنقاذ غريق ونحوه".
فنجد هنا في رخصة التأخير أن الحكم الشرعي من وجوب أداء بعض العبادات في أوقاتها المطلوبة شرعاً من المكلف قد غُيّر من الصعوبة إلى السهولة بتأخير العبادة عن وقتها المطلوب ليكون متناسباً مع حال المكلف بسبب العذر الذي اقتضى ذلك، مع قياس سبب الحكم الأصلي، كما في الأمثلة المذكورة في نصوص العلماء التي ذكرناها.
ويقرب منه التطبيق المعاصر: إذا ما اضطر المريض إلى تأخير صلاة العصر حتى دخل وقت المغرب، ولم يستطع أداء الصلاة، ويتضح في الآتي:
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: " لقد أصبت في أحد الأيام بإسهال وقيء - أعزكم الله - مما استدعى الذهاب بي للطوارئ بالمستشفى الساعة الثانية ظهرا، ولما اتضح للطبيب المختص أنني مصاب بفشل كلوي وأغسل ثلاث مرات في الأسبوع، فإنه قد قال: لا بد من إعطائك الدواء مع الغسيل فبدءوا بالغسيل الساعة 2 ظهرا وبسرعة، وكنت أتوقع عدم الإطالة لأنني قد غسلت في اليوم قبله، لكن لم ينتهوا ويفكوا الليات والتربيط إلا بعد أذان المغرب. سؤالي يا سماحة الشيخ: هل علي إثم في تأخير صلاة العصر مع المغرب؛ لأنني لا أستطيع الوضوء ولا التيمم، ولا التحرك ما دامت الأجهزة مربوطة في، والكرسي الذي أنام عليه اتجاهه لغير القبلة، وتحرجت من الصلاة على هذه الحالة، وطلبت فك الأربطة لكي أتيمم فأفادني المختص بعدم الاستطاعة لأن هذا يترتب عليه عادة التعقيم، وتغيير بعض الأجهزة والأدوية. فماذا علي وماذا يعمل المسلم في مثل هذه الحالة خاصة وأن من يجري الغسيل عقله وحواسه معه ولا يدخل في حكم المرفوع عنه القلم؟ أفتوني مأجورين".
فأجاب رحمه الله تعالى: "الواجب على مثلك أداء الصلاة على وقتها حسب الطاقة ولو بالتيمم عند العجز عن الماء ولو إلى غير القبلة عند العجز عن ذلك، فمن لم يستطع جاز له التأخير؛ لأن النبي r لما شغل يوم الأحزاب بقتل المشركين عن صلاة العصر أخرها إلى ما بعد المغرب ثم صلى المغرب بعدها.
ويدل على ذلك قول الله سبحانه: )فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ( [التغابن: 16]".

سادساً: رخصة الاضطرار بسبب المرض:
قال الإمام عز الدين ابن عبد السلام (ت660) في كلامه على تخفيفات الشرع: "ومنها تخفيف الترخيص: كصلاة المتيمم مع الحدث، وصلاة المستجمر مع فضلة النجو، وكأكل النجاسات للمداواة، وشرب الخمر للغصة، والتلفظ بكلمة الكفر عند الإكراه، ويُعبر عن هذا بالإطلاق مع قيام المانع، أو بالإباحة مع قيام الحاظر".
وقال الإمام السيوطي (ت911) في نقله عن الإمام عز الدين تخفيفات الشرع: "السادس: تخفيف ترخيص: كصلاة المستجمر مع بقية النجو، وشرب الخمر للغصة، وأكل النجاسة للتداوي، ونحو ذلك".
وقال الإمام ابن نجيم (ت970) في كلامه على تخفيفات الشرع: "السادس: تخفيف ترخيص: كصلاة المستجمر مع بقية النجو، وشرب الخمر للغصة".
فنجد هنا في رخصة الاضطرار أن الحكم الشرعي الذي يقتضي منع المكلف من بعض الأعمال، قد غُيّر من الصعوبة التي تقتضي المنع إلى السهولة بالسماح ببعض تلك الأعمال ليكون متناسباً مع حال المكلف بسبب العذر الذي اقتضى ذلك، مع قياس سبب الحكم الأصلي، كما في الأمثلة المذكورة في نصوص العلماء التي ذكرناها.
ومن التطبيقات المعاصرة لرخصة الاضطرار هذه، من أجريت له عملية جراحية تم بموجبها استبدال المستقيم، وفُتحت له فتحة من جنبه ليتم تصريف الفضلات -غائط وريح- بدل المستقيم إلى كيس معلق بجانبه، وقد سئل الشيخ الألباني: هل يجوز له الصلاة وهذا الكيس يكون معلقاً معه؟
فأجاب الشيخ رحمه الله تعالى: "إذا كان هذا السائل مستمراً فنتصور أنه لازم يكون الكيس ثابتْ مستمراً ... وإذا كان الأمر ليس كذلك بمعنى إن هذا السائل لا يسيل دائماً وأبداً، أي ممكن مثلاً مراقبة ظرف من الظروف يعرفه المبتلى، فهذا الكيس إذا كان فيه فضلات يُرفع، إذا كان هذا بالإمكان، يعني هذا من باب القاعدتين اللتين لا يجوز الفصل بينهما: (الضرورات تبيح المحظورات) و(الضرورة تقدر بقدرها).
فنحن ما نستطيع أن نقول للأخ: صلِّ لنفسك. فضلاً عن: صلّ لغيرك إماماً، كما هو من أسئلته، ما نستطيع أن نقول له: صلّ، والكيس بجانبك وبإمكانك فرضاً، أنا أقول فرضاً لأن هو يعرف الواقع، وبإمكانك فرضاً أنك تصلي وهذا الكيس بعيد عنك.
فإن كان لا يمكن هذا حينئذ هو كأهل الأعذار الذي يستمر بهم خروج ما ينقض الوضوء عادة وما يبطل الصلاة، فيصلي لنفسه في حدود ما يتيسر له من النظافة".

سابعاً: رخصة التغيير بسبب المرض:
قال الإمام السيوطي (ت911) بعد نقله عن الإمام عز الدين تخفيفات الشرع: "واستدرك العلائي سابعاً، وهو: تخفيف تغيير: كتغير نظم الصلاة في الخوف".
وقال ابن نجيم (ت970) عن تخفيفات الشرع: "السابع: تخفيف تغيير: كتغيير نظم الصلاة للخوف".
وعقب الدكتور محمد الزحيلي على زيادة العلائي هذه بقوله: "وقد يقال: هو داخل في النقص، لأنه نقص عن نظمها الأصلي، أو داخل في الترخيص، وحينئذ فلا زيادة".
فنجد هنا في رخصة التغيير أن الحكم الشرعي من وجوب أداء بعض العبادات بكيفيتها المطلوبة شرعاً من المكلف قد غُيّر من الصعوبة إلى السهولة بتغيير هذه الكيفية إلى كيفية أخرى أسهل تناسب حال المكلف بسبب العذر الذي اقتضى ذلك، مع قياس سبب الحكم الأصلي، كما في المثال المذكور في نصوص العلماء التي ذكرناها.
وما ذكره الدكتور محمد الزحيلي حول دخول رخصة التغيير في النقص، صحيح، وقد يدخل التغيير في غيرها من الرخص بوجه ما، ورخصة التقديم أو التأخير، هي رخصة تغيير، إذ التقديم أو التأخير هو تغيير، كما في تقديم الصلاة عن وقتها، إذ هو تغيير لوقت وجوبها، والله أعلم.
وإذا كان الأمر على ما سبق فتكون هذه الرخصة داخلة في سابقاتها، فلا داعي للتكرار في ذكر الأمثلة والتطبيقات، لأنها معلومة مما سبق، والله أعلم.
والحمد لله رب العالمين
 

كمال محمد أحمد

:: متابع ::
إنضم
27 سبتمبر 2016
المشاركات
1
الكنية
أبو عمر
التخصص
مساحة
المدينة
بني سويف
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: تطبيقات معاصرة لرخص المريض الشرعية المتعلقة بالصلاة

جزاك الله خيرا
 
إنضم
10 مايو 2008
المشاركات
89
التخصص
الفقه الطبي المعاصر
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: تطبيقات معاصرة لرخص المريض الشرعية المتعلقة بالصلاة

وإياك أخي كمال .. وفقك الله لكل خير
 
أعلى