العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

درس تعريف أصول الفقه ... أدلة القواعد الأصولية... الفرق بين القواعد الفقهية والقواعد الأصولية

إنضم
4 يوليو 2016
المشاركات
31
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
كلية اللغات والترجمة
المدينة
المنصورة
المذهب الفقهي
الشافعي
أصول الفقه
تعريف أصول الفقه
دَرَجَ العلماءُ على تعريفين له ، الأول بإعتباره مركبا إضافيا من كلمتين ، والتعريف الثانى بإعتباره لقباً وعلماً من علوم الشريعة .
.
التعريف الأول
تعريف كلمة " أصول ، وكلمة " فقه " كل على حده :
قال الشوكانى فى كتابه " إرشاد الفحول " :" فَالْأُصُولُ: جَمْعُ أَصْلٍ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ مَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ غَيْرُهُ ، وَفِي الِاصْطِلَاحِ: يُقَالُ عَلَى الرَّاجِحِ، وَالْمُسْتَصْحِبِ، وَالْقَاعِدَةِ الْكُلِّيَّةِ وَالدَّلِيلِ وَالْأَوْفَقُ بِالْمَقَامِ الرَّابِعُ ". انتهى كلامه .
من خلال هذا التعريف يتبين لنا أن الأصل فى الإصطلاح يطلق على عدة معان ، منها :
المعنى الأول : الدليل ، مثل قولهم : الأصل فى إيجاب الصلاة الكتاب والسنة والإجماع .
المعنى الثانى : الراجح ، كقولهم الأصل فى الكلام الحقيقة ، أى الراجح عند السامع هو المعنى الحقيقى دون المجازى لعدم القرينة الدالة عليه ، مثل سماعنا لقول الله " إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة " ، فأول ما يورد فى الذهن أن البقرة هنا هو الحيوان المعروف ، لا كما قال الروافض قبحهم الله أن المراد بالبقرة هنا عائشة رضى الله عنها .
المعنى الثالث : القاعدة الكلية المستمرة المطردة ، ومنه قولهم ، الأصل فى الأمر الوجوب ، والأصل فى الفاعل أنه مرفوع ، والأصل فى المفعول به أنه منصوب ، فلن يأتى أحد يقول يوما أن الفاعل منصوب .
المعنى الرابع : الإستصحاب أو المُستصحَب ، فيُقال أن الأصل فى الأشياء الإباحة ، والأصل فى الإنسانِ البراءةُ حتى تثبتَ إدانتُه ، يعنى الواجب علينا أن نثبُتَ للمُسلم البراءة من كل ما تُشغَل به ذمتُه حتى يثبت دليلٌ على أنه مُدان أو مشغول الذمة ، فلا يصح أن يقول شخص لغيره : عليك مائة جنيه لى دون ما يأتى ببينة و يثبت هذا الحق عند أخيه ، ولا يصح أن نقول له : احلف بالله أنك غير مُدان لى ، لأن المُدعِى لم يقم البينة على دعواه ، والأصل أن البينةُ على من ادعَى واليمينُ على من أنكر ، فالأصل أولا إقامة البينة ، فإن لم تقم البينة فالأصل براءة الآخر ، ويقال لمن كان متيقنا من الطهارة وشك فى الحدث ، فالأصل الطهارة ، أى تُستصحب الطهارة حتى يثبتَ حدوثُ نقيضِها ، وكذلك يقولون " الأصل فى الأشياء الإباحة " ، لأن الله امتن على عباده بأنه سخر لهم ما فى السماوات وما فى الأرض جميعا منه ، والله سبحانه لا يمتن على العباد إلا بما هو مباح لهم ، فلا يأتى شخص ويقول : ما الدليل على حل البرتقال ؟! ، فنقول انه ضمن الأشياء المباحة ، والأصل أن النبى من وظيفته أنه يُحل لنا الطيبات ويُحرم علينا الخبائث ، وطالما لم يأتى نصٌ بتحريمها ، ودائرة المُباح أوسعُ بكثير من دائرة الحرام ، ومن هنا يُعرِّف الأصوليون الإستصحاب بأنه " الحُكم على الشئ بالحال التى كان عليها من قبل حتى يقوم دليل على تغير تلك الحال" .
المعنى الخامس : المقيس عليه ، كقول الفقهاء " الخمر أصل النبيذ " بمعنى أن الخمر مقيس عليه النبيذ بجامع على الإسكار ، فالخمر أصلٌ يُقاس عليه ، والنبيذ فرع مَقِيس .
المعنى السادس : المخرج ، وهذا خاص بمسألة الميراث ، فيقول الفرضيون أهل الفرائض : أصل المسألة كذا ، فمثلاً: رجل تُوفى عن زوجة وبنت ، فالزوجة نصيبُها الثمن ، والبنتُ نصيبهُا النصف ، فيقولون أصل المسألة ثمانية .
والمقصود من كلمة الأصل عند الإطلاق فى الفقه أو أصول الفقه هو المعنى الاول ، ويراد به الدليل .
.
والفقه لغة يطلق ويراد به على المشهور : الفهم ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} ، " (واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي)" ، (قالوا يا شعيب ما نفقه كثيراً مما تقول) ، لكن القاضى أبو يعلى وإمام الحرمين الجوينى قالا أن المراد بالفقه لغة هو: العلم، أي: إذا كان الشخص عالماَ بأشياء لا يعلمها غيره من الناس فهو الفقيه، وإن لم يفهم ما يعلمه .

وفى الإصطلاح عُرِف بتعريفات كثيرة ، أضبطها تعريف الإسنوى ، فقال هو " العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة بأدلتها التفصيلية " ، والعلم منه ما هو مقطوع به وما هو مظنون به ، سواء أكانا فى الثبوت أو الدلالة ، و المظنون هو غالب الظن الراجح لدى المجتهد الذي توفرت فيه شروط الاجتهاد، وليس ظن كل أحد من العوام ، أو طلاب العلم الذين لم يبلغوا درجة الاجتهاد ، ويتبين من التعريف ان الفقه يتناول الأحكام الشرعية لا العقلية ولا اللغوية ولا العادية كالتى تعرف بالعادة والتجربة كمثلاً السم قاتل ، ومعنى المكتسبة أى المستفادة بطريق الإستدلال او النظر ، والمراد بالأدلة التفصيلية أى الأدلة التى تختص بمسألة معينة ، فقد نستفيد من الدليل الواحد عدة أحكام .
.
التعريف الثانى
لأصول الفقه بإعتباره عِلم مخصوص من علوم الشريعة " هو العلم بالقواعد والأدلة العامة الكلية التى يُتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية ".
ولما كان الحكم الفرعى بحاجة إلى دليل لإثباته ، إذ لا يثبت حكم إلا بدليل شرعى ، فإن القاعدة الكلية الشرعية أحوج إلى الدليل ، فلا يجوز إثبات القاعدة الأصولية بغير دليل أو بدليل ضعيف ، لأنها ينبى عليها مجموعة كبيرة من الأحكام الفرعية ، حتى تحصل الطمأنينة ، وقد وصل الأمر بالعزالى وبعض الأصوليين إلى أن الأدلة على القواعد الأولية لابد أن تكون قطعية الدليل ، وفى الحقيقة هذا أمر غير لازم ، لأنها مهما كانت أهمية القواعد لا تخرج عن كونها عملية يكفى فيها غلبة الظن ، لأن الأدلة الظنية أو كما يُطلق عليها أحاديث الأحاد يُعمل بها فى العقيدة ، فلأن يُعمل بها فى الفروع التشرعية أولى .
وباستقراء وتتبع صنيع العلماء يتبين أن أدلة القواعد الأصولية مختلفة ، أهمها الكتاب والسنة واللغة والعقل ، ولا مانع أن تجتمع هذه الأدلة كلها فى إثبات قاعدة واحدة .
فمثلا قاعدة " لا تكليف إلا بمقدور " دليلها من الكتاب " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها "
وقاعدة " الأمر يقتضى الوجوب " دليلها من الكتاب " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ " ، وقول الله " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " ومن السنة " قَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ "
وقاعدة " الأمر يقتضى الفورية فى الإمتثال " دليلها اللغة العربية ، فإذا قال السيد لغلامه " اسقنى ماءا " وتأخرالغلام ، فإنه يُلام .
قاعدة " إذا اختلف مجتهدان فى حكم مسألة واحدة على قولين نقيضين ، فأحدهما باطل " دليلها العقل ، لأن العقل يحكم باستحالة صدق النقيضين ، والحق واحد ولا يتعدد .
.
أهم الفروق بين القواعد الأصولية، والقواعد الفقهية، :
الفرق الأول: إن القواعد الأصولية كلية تنطبق على جميع جزئياتها، دون أى استثناء ، فمثلا قولنا " النهى يقتضى التحريم " ، فكل مهى لم تصرفه قرينة عن التحريم إلى غيره يفيد التحريم مطلقا ، بخلاف القواعد الفقهية؛ حيث إنها أغلبية لا مطردة ، أى يكون الحكم فيها لأغلب الجزئيات ، ويكون لها مستثنيات ، فمثلا مسألة الكافر إذا أسلم ، هل تُكتب حسناته حال كفره أم لا ؟ ، الجواب : عندنا قاعدة فقهية " الأمور بمقاصدها " والكافر إذا كانت له نية حال كفره فنيتُهُ باطلة ، لكن تُكتب حسناته بفضل من الله ونعمة ، ولحديث أبى سعيد الخدرى فى سنن النسائى " إ ذا أسلم العبد ، فحسن إسلامه ، كتب الله له كل حسنة كان أزلفها ، و محيت عنه كل سيئة كان أزلفها ، ثم كان بعد ذلك القصاص ، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف ، و السيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عز وجل عنها " وهذا قول الجمهور ، بل نقل بعضهم الإجماع .
الفرق الثاني: أن القواعد الأصولية أداة أو وسيلة يهتدى بها المجتهد لإستخراج الأحكام من أدلتها ، بخلاف القواعد الفقهية، فإن موضوعها هو فهل المكلَّف ، وهى عبارة عن جملة جامعة لجزئيات كثيرة كلها من باب واحد وموضوع واحد ،فهى بمنزلة النصوص الجوامع ، والغرض منها هو تسهيل المسائل الفقهية فقط.
الثالث: إن القواعد الأصولية قد وُجدت قبل الفروع، لأن مبناها الأدلة ، بخلاف القواعد الفقهية فإنها قد وجدت بعد وجود الفروع ، لأن مبناها الفروع العملية .


حسابى على الفيسبوك
https://www.facebook.com/moham.baqe.za


 
أعلى