رد: تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة
وفيما يلي تفصيل الكلام عن كل مجال من هذه المجالات:
1- الفروق بين القواعد الفقهية.
يُعدّ شهاب الدين القرافي أول من اتجه إلى هذا الموضوع في كتابه المشهور بـ" الفروق ", "فقد امتاز ببيان الفروق بين القواعد, في حين أن الكتب التي أُلِّفت قبل هذا الكتاب بعنوان "الفروق", كان موضوعها: بيان مسائل جزئية تشابهت صورها واختلفت أحكامها فقط" [SUP][1][/SUP].
فمن ذلك قوله مثلا: "الفرق بين قاعدة: المأمور به يصح مع التخيير ؛ وقاعدة: المنهي عنه لا يصح مع التخيير " [SUP][2][/SUP]. ثم وضّح الفرق بينهما بإفاضة وتفصيل.
2- الفروق بين الفروع والمسائل الجزئية المتشابهة:
أي أن تُذكر مسألتان متشابهتان صورة, مختلفتان حكما, فيُذكر وجه اختلاف الحكم بينهما بعنوان: "والفرق بينهما كذا". وهذا هو المجال الأساسي لفن الفروق الفقهية, وهو الذي قصده بعض العلماء بالتصنيف في كتبهم المسماة بعنوان "الفروق" مثل كتب " الفروق الفقهية " للكرابيسي وللقاضي عبد الوهاب البغدادي . وهذا الموضوع هو الذي عنون له ابن نجيم في " الأشباه والنظائر " بـ(فن الفروق).
أمثلة على هذا النوع من الفروق:
"يجوز تفريق النية على أعضاء الوضوء..., ولا يجوز تفريق النية على أركان الصلاة. وكلاهما عبادة تبطل بالحدث.
والفرق بينهما: أن الوضوء يجوز أن يتخلله ما ليس من جنسه, ولا يُفسده التفريقُ اليسير, فجاز تفريق النية على أركانه. وليس كذلك الصلاة, لأنه لا يجوز أن يتخللها ما ليس من جنسها, ولا يجوز تفريقها, فلم يجز تفريق النية على أركانها. فافترقا"
[SUP][1][/SUP].
"إذا مر المصلى بآيةٍ فيها ذكرُ الموت أو النار, فوقف عندها وتعوذ واستغفر وهو وحده فى التطوع, فذلك حسن. وإن كان إماما كُره له ذلك.
والفرق: أنه إذا كان إماما فهو فيما يقف: يُشكّك القوم لأنهم ربما يظنون أنه أُرتِج عليه فيفتحون عليه, ولأنه يؤدي إلى تطويل الصلاة عليهم... فلا يفعل ذلك. وأما في التطوع وحده لا يؤدى إلى التطويل على أحد ولا إلى التغليط والتشكيك. والاشتغال بالقراءة تطوعٌ, والتدبر تطوعٌ, فاستويا؛ فإن شاء وقف وتدبر, وإن شاء مضى على صلاته"
[SUP][2][/SUP].
"لو غلطوا في وقت الوقوف: لا إعادة. وفي الصوم والأضحية: أعادوا.
والفرق: أن تداركه في الحج متعذر, وفي غيره متيسر"
[SUP][3][/SUP].
"
طواف الصَّدَر [SUP][4][/SUP] واجب على الحاج. وليس على المعتمر طواف الصدر. والفرق: أن العمرة, ركنها: الطواف. فلو أوجبنا فيها طواف الصدر, لصار ةبَعُ النسك مثلَه, وهذا لا يصح. وليس كذلك الحاج, لأن الوقوف والطواف ركنان فيه..., ولو أوجبنا فيها طواف الصدر لصار ةبَع النسك دونه, وهذا جائز... "
[SUP][1][/SUP]. "إذا تعدَّى المودَع على الوديعة فاشترى بها تجارة فربح بها, كان له الربح. وإذا تعدّى المقارض في مال
القِراض فاشترى غير الذي أمره رب المال بشرائه, كان رب المال بالخيار بين أن يضمّنه وبين أن يقرّه على القراض ويقاسمه الربح. وفي كلا الموضعين: التعدي موجود.
الفرق بينهما: أن الوديعة لم يَقصد بها ربها التنمية, وإنما قَصَد بها الحفظ, فلم يزل عن غرضه بتعدّي المودَع عليها, لأن الحفظ موجود, فلم يدخل عليه الربح. وليس كذلك القراض, لأن رب المال قَصَد به التنمية, فلو لم يكن له الخيار لكان العامل قد منعه غرضَه, وليس له ذلك. فافترقا"
[SUP][2][/SUP]
"يُفسخ نكاح المرتدّ, ولا يرتجع وإن رجع إلى الإسلام. وإذا أسلم الكافر ثبت على النكاح. وكلاهما إسلامٌ من كُفرٍ.
الفرق بينهما: أن الردّة قد غُلّظ في بابها ما لم يغلّظ في باب الكافر الأصلي, ألا ترى أنه لا يُقَرّ على ارتداده بخلاف الكافر الأصلي. فلهذا افترقا"
[SUP][3][/SUP].
إذا اشترى دابة أو قميصا على أنه بالخيار, فركبها في حاجته ليَنظُر إليها وإلى سيرها, أو لبس القميص لينظر إلى قدره عليه, فهو على خياره. ولو اشتراها فوجد بها عيبا, فركبها, أو لبس القميص, كان هذا رضا بالعيب.
والفرق: أن شرط الخيار للاختبار, وهذه الأشياء مما يقع بها الاختبار, فلم يكن مختارا. وأما في العيب فليس له أن يَختبر...
[SUP][1][/SUP].
---------------------------------------------
[1] القواعد الفقهية للندوي ص193.
[2] الفروق للقرافي 2/7 .
[1] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب البغدادي ص76 .
[2] الفروق للكرابيسي 1/46 .
[3] الأشباه والنظائر لابن نجيم مع غمز عيون البصائر 4/292.
[4] أي طواف الوداع. والصَّدَر بفتح الدال بمعنى الرجوع والانصراف، مأخوذ من قولهم: صدر عن الماء وعن البلاد. انظر القاموس المحيط 1/543؛ ومختار الصحاح ص150؛ والمصباح المنير للفيومي ص335 .
[1] الفروق للكرابيسي 1/97.
[2] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب ص151 .
[3] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب ص174-175 .
[1] الفروق للكرابيسي 2/63.