العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني

ImageProxy.png
تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة*
إعداد الدكتور عبد اللطيف عامر والدكتور يحيى بلال
خط.png
* مادة هذا البحث مقتبسة من
المقدمات التي صدرت بها (معلمة زايد للقواعد الفقهية والأصولية) والتي تناولت أهم الجوانب والقضايا والآثار النظرية والمنهجية والتاريخية والتطبيقية, لعلم القواعد وتراثه العظيم.

 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة

المقدمة الأولى
تعريف القاعدة الفقهية
والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة
أعدها الدكتور عبد اللطيف عامر والدكتور يحيى بلال


ImageProxy.mvc

المبحث الأول
تعريف القاعدة الفقهية

تعريف/ القاعدة لغة: الأساس والأصل لِما فوقه [SUP][1][/SUP]. ومنه قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ} [البقرة: 127] , وقوله تعالى: {فَأَةى اللَّهُ بُنْيانَهُم مِّنَ الْقَواعِدِ} [النحل: 26] , فالقاعدة في هاتين الآيتين الكريمتين بمعنى (الأساس) وهو ما يُرفع عليه البنيان [SUP][2][/SUP].
وبهذا المعنى اللغوي استُعملت كلمة "القاعدة" في مصطلح "القاعدة الفقهية" أي أنها (أصل وأساس) لما ينبني عليها من الفروع الفقهية وجزئياتها [SUP][3][/SUP].

أما معنى القاعدة اصطلاحا, فقد عُرِّفت بعدد من التعريفات وهي:
- "قضية كلية منطبقة على جميع جزئياتها" [SUP][4][/SUP].
-"قضية كلية من حيث اشتمالها بالقوة على أحكام جزئيات موضوعها" [SUP][5][/SUP].
- "الأمر الكلي المنطبق على جميع جزئياته" [SUP][1][/SUP].
-"هي الكلية التي يسهل تعرُّف أحوال الجزئيات منها" [SUP][2][/SUP].
فهذه التعريفات تعطي صورة واضحة لمعنى "القاعدة" حيث نراها قد تأخذ بوصف "الكلية" للقاعدة مع اختلاف تعبيراتها مما لا يؤثر في مضمون "الكلية".
ولا يَرِد على هذا وجودُ مستثنيات في القواعد, فهي لا تؤثر ولا تُخلّ بوصف "الكلية" فيها, لأن تلك المستثنيات وإن كانت خرجت عن قاعدة معيّنة, فقد دخلت في قاعدة أخرى, فتكون(كلية القاعدة) قد بقيت على حالها.
هذا ما يتعلق بتعريف "القاعدة" في الاصطلاح العام, وفي ضوء هذا سيتم (تعريف القاعدة الفقهية).

---------------------------------------------
[1] (1) المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني ص 409 ، والكشاف للزمخشري 1/213، والكليات للكفوي ص 1156.
[2] (2) انظر الكشاف للزمخشري 1/213، وتفسير الجلالين ص125 و348؛ والقواعد الفقهية للندوي ص39.
[3] (3) الكليات للكفوي ص 728 .
[4] (4) التعريفات للجرجاني ص 171.
[5] (5) الكليات للكفوي ص 1156 .
[1] (4) المصباح المنير 2/510، وكشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي 5/1176.
[2] (5) كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي 5/1176 .
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة

تعريف القاعدة الفقهية :
إن ما سبق ذكره في تعريف "القاعدة" في الاصطلاح العام, هو المتّبع المختار أيضا في تعريف "القاعدة الفقهية" من قِبَل العلماء في مختلف المذاهب الفقهية, وفيما يلي نبذة من تعريفاتهم [SUP][3][/SUP]:

فمن تعريفات المذهب الحنفي:
قول أبي سعيد الخادمي : "حكم ينطبق على جميع جزئياته ليُتعرف به أحكام الجزئيات" [SUP][4][/SUP].

ومن تعريفات المذهب المالكي: قول المقري : "كل كلي هو أخص من الأصول وسائر المعاني العقلية العامة, وأعم من العقود وجملةِ الضوابط الفقهية الخاصة" [SUP][1][/SUP].

ومن تعريفات المذهب الشافعي:
قول العلائي : " حكم كلي ينطبق على جميع جزئياته, لتُتعرف أحكامها منه " [SUP][2][/SUP].
وقال السبكي : "الأمر الكلي الذي ينطبق على جزئيات كثيرة... " [SUP][3][/SUP].
وقال الجلال المحلّي : "قضية كلية يُتعرف منها أحكام جزئياتها" [SUP][4][/SUP].

ومن تعريفات المذهب الحنبلي:
قول الطوفي : "القضايا الكلية التي يُعرف بالنظر فيها قضايا جزئية" [SUP][5][/SUP].
وقال ابن النجّار : "صور كلية تنطبق كل واحدة منها على جزئياتها التي تحتها" [SUP][6][/SUP].
وقال البهوتي : "أمر كلي منطبق على جزئيات موضوعه" [SUP][7][/SUP].

ومن تعريفات المذهب الإمامي:
"الكلي الذي ينطبق على جزئياته".
"قضية كلية يعرف منها أحكام جزئيات موضوعها" [SUP][8][/SUP].


ومن تعريفات الزيدية التي تشمل القاعدة الفقهية والأصولية:
"صور كلية تنطبق على جزئيات, تُتعرف أحكامها منها [SUP][1][/SUP]"

ومن تعريفات المذهب الإباضي:
"قضية كلية يُتعرف منها أحكام جزئيات موضوعها" [SUP][2][/SUP].



---------------------------------------------
[3] (1) لم نقف على تعريف للظاهرية، ونشير إلى أن ابن حزم الظاهري له كتابان في القواعد هما: (الإملاء في قواعد الفقه) و (در القواعد في فقه الظاهرية) ، ذكرهما الذهبي في ترجمة ابن حزم - انظر (سير أعلام النبلاء - 18/195) ، ولكن لا نعلم وجودا لهذين الكتابين حتى الآن.
[4] (2) مجامع الحقائق ص 305 (خاتمة في القواعد الفقهية) .
[1]
(9) القواعد للمقّري 1/212 .
[2] (1) مختصر قواعد العلائي لابن خطيب الدهشة 1/5، ونحوه في التلويح على التوضيح للتفتازاني 1/20.
[3] (2) الأشباه والنظائر للسبكي 1/11.
[4] (3) شرح جمع الجوامع للجلال المحلي 1/21.
[5] (4) شرح مختصر الروضة للطوفي 2/95.
[6] (5) شرح الكوكب المنير لابن النجار 1/44.
[7] (6) كشاف القناع للبهوتي 1/16.
[8] - القواعد الفقهية عند الإمامية، تأليف لجنة من علماء الإمامية 1/5 -6 .
[1] (4) التعريف لشمس الدين أحمد بن محمد لقمان: ( الكاشف لذوي العقول عن وجوه معاني الكافل بنيل السؤول) ص2.
[2] (1) شرح النيل لأطفيش 1/46-47 .
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة

وبالنظر في هذه التعريفات يظهر لنا:
1- أن هذه التعريفات لا تكاد تختلف عن تلك التي سبقت في تعريف مطلق "القاعدة", لكن بما أنها وردت لتعريف "القاعدة الفقهية", فتُعدّ هي بمثابة اعتماد معرِّفيها لِما هو مقرّر ومستقر في المصطلح العام لـ"القاعدة".
والأمر المهم الذي ينبنى على هذا, أن جميع هذه التعريفات, نصت على وصف "الكلية" للقاعدة, مما يدل على أن هذا الوصف محلُّ اعتبار لدى هؤلاء العلماء في تعريف "القاعدة الفقهية".

2- وبجانب هذه التعريفات التي جاء فيها وصفُ "القاعدة الفقهية" بـ"الكلية", وُجد عند بعض العلماء تعريفها بوصف "الأكثرية", مثل قول الحموي . من علماء الحنفية:
"إن القاعدة هي عند الفقهاء... حكمٌ أكثري لا كلي ينطبق على أكثر جزئياته لتُعرف أحكامها منه" [SUP][3][/SUP].
ويمكن توجيهه بأنه منطلق من النظر إلى واقع العمل بالقاعدة وأثرها, فيبدُو أن قائله يرى أنه لا تكاد تخلو قاعدةٌ من القواعد من استثناءات, فلا يناسب وصفها بـ(الكلية) في التعريف, لئلا يتعارض ذلك مع عدم تحقق معنى (الكلية) على تلك المستثنيات [SUP][1][/SUP], "وإلى ذلك أشار بعض علماء المالكية بقوله: من المعلوم أن أكثر قواعد الفقه أغلبية" [SUP][2][/SUP].


3- ومن العلماء من يقترح التوفيق بين وصفي "الكلية" و"الأكثرية" فيرى أن "القواعد أعم من أن تكون كلية أو أكثرية" [SUP][3][/SUP].
وربّما عُبّر عن هذا المفهوم الكلي أو الأكثري للقاعدة بكلمة "العموم", فعُرِّفت القاعدة بأنها: (حكم عام يضبط مجموعة من الجزئيات المتشابهة), وهو ما نجده عند ابن تيمية إذ قال بصدد الفرق بين القواعد الفقهية والقواعد الأصولية, بأن قواعد الفقه هي "الأحكام العامة", خلافا لأصول الفقه فهي "الأدلة العامة" [SUP][4][/SUP].
وهذا ما يفيده توضيح الإمامية لمعنى "الكلي" في تعريفهم للقاعدة الفقهية, إذ قالوا في "توضيح ذلك: إن مناط القاعدة الفقهية هو: احتواؤها على حكم شرعي عام يستفاد من تطبيقها الحصول على أحكام جزئية... " [SUP][5][/SUP].

4- يُلحظ في التعريفات السابقة اختلاف التعبير في وصف "القاعدة" بأنها: (قضية, أو حكم, أو أمر, أو صورة), وهي تعبيرات راجعة للتصور الذهني لموضوع القاعدة.




5- يُلحظ أيضا في تلك التعريفات, اختلاف التعبير بين (انطباق القاعدة على جميع الجزئيات) أو(انطباقها على أكثر الجزئيات) مع التسليم في الحالين بوصف "الكلية" في القاعدة. وهذا أيضا فرق يسير لا يؤثر على وصف "الكلية" لأنه راجع إلى اعتبار موضوع (الاستثناءات) أو عدم اعتبارها في التعريف, فمن وضع الاستثناءات في الذهن أثناء التعريف, احتاط في التعبير فـقـيَّد الانطباق بقوله "على أكثر الجزئيات", ومن صرف النظر عنها, أَطلق التعبير فقال: "على جميع الجزئيات".

وبالجملة فيُستخلص مما سبق كله: أن المعتمد عند أكثر العلماء في تعريف "القاعدة الفقهية": كونها موصوفة بالكلية, وأن هذا الوصف لا ينخرم ولا ينتقض عندهم بوجود المستثنيات في القواعد. أما الفروق الأخرى في تلك التعريفات, فهي كما سبق القول بأنها فروق في التعبير لا تؤثر على مضمون تلك "الكلية".
وانطلاقا من رأي هؤلاء الأكثرية من العلماء في وصفهم للقاعدة الفقهية بـ"الكلية", اتجه عدد من العلماء المعاصرين أيضا إلى اختيار هذا المسلك في تعريفاتهم للقاعدة الفقهية, ولا يتسع المقام هنا لسرد تعريفاتهم لكثرتها, ولهذا ننتقل مباشرة إلى التعريف المختار لـ(القاعدة الفقهية).


---------------------------------------------

[3]
(2) غمز عيون البصائر للحموي 1/51.

[1] انظر القواعد الفقهية للندوي ص 41 و43؛ والقواعد الفقهية للباحسين ص 46-48، والقواعد والضوابط الفقهية عند ابن تيمية في المعاملات المالية للشال ص 48، 49، ومقدمة قواعد المقري لأحمد بن حميد 1/105، ومقدمة قواعد الحصني لعبد الرحمن الشعلان 1/22، 23، وعلم القواعد الشرعية للخادمي ص18، 19.
[2] القواعد الفقهية للندوي ص43 نقلا عن تهذيب الفروق 1/36 (الفرق الثاني بين قاعدتي الإنشاء والخبر) .
[3] مجامع الحقائق للخادمي ص 305؛ والقواعد الفقهية للندوي ص 45.
[4] انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 29/167.
[5] القواعد الفقهية عند الإمامية 1/5.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة

التعريف المختار للقاعدة الفقهية:
هي حكم شرعي عملي كلي ينطبق على مسائل من بابين فأكثر.

شرح التعريف:
"حكم": وصف تمييزي لبيان أن موضوع القاعدة الفقهية هو "الحكم"
"شرعي": قيد لإخراج الأحكام غير الشرعية كأحكام القواعد النحوية والبلاغية والمنطقية وغيرها مما ليس بشرعي.
"عملي": قيد لإخراج الأحكام الاعتقادية والأصولية [SUP][1][/SUP] ونحوها مما لا يدخل تحت عمل المكلفين.
"كلي": قيد لإخراج الأحكام الجزئية.
"ينطبق على مسائل من بابين فأكثر": قيد احترازي للفرق بين مصطلح "القاعدة الفقهية" ومصطلح "الضابط الفقهي".
فمعنى هذه العبارة: أن أدنى ما ينطبق عليه مصطلح "القاعدة الفقهية" - حسب ما استقر عليه هذا المصطلح- أن تكون المسائل التي تدخل تحت "القاعدة" من بابين اثنين. فإن تجاوزت تلك المسائل بابين فصاعدا, فذلك يرسّخ صفة القاعدية فيها بحسب سعة مشتملاتها في عدد من الأبواب الفقهية. فإذا نقصت المسائل عن بابين وانحصرت في بابٍ واحدٍ, تغير مصطلح "القاعدة الفقهية" إلى مصطلح "الضابط الفقهي" كما سيأتي توضيحه في المبحث الخاص بالفرق بين القاعدة الفقهية والضابط الفقهي, وفي المقدمة الخاصة بالضوابط الفقهية.
أما مفهوم " الباب ", فقد ذكر الحطاب في تعريفه: "الباب في اصطلاح العلماء: اسم لطائفة من المسائل مشتركة في حكم, وقد يعبّر عنه بالكتاب أو بالفصل" [SUP][2][/SUP].
فالمراد بـ"الباب" في التعريف هو المفهوم المألوف في كتب الفقه من اقتصار هذا العنوان على الدوائر الضيقة التي تحصر مجموعة من المسائل المشتركة في موضوع واحد, مثل قولهم: (باب الطهارة, باب الصلاة, باب الزكاة, باب الحج, باب الخلع, باب اللعان, باب الإجارة, باب السَّلَم, باب الوكالة, باب الكفالة, باب الحوالة, باب الإقرار, باب الدعاوى والبينات, باب القصاص). فهو مثل الباب الحسي الذي ينفتح للدخول إلى مكان محدود محصور, وهو في الغالب مبنى ذو غرف ومرافق محددة.

وقد عُبر عن الباب باسم "الكتاب" في جملة من المصنفات الفقهية.
وقد يُطلق اسم "الباب" على ما هو أوسع نطاقا من هذا المفهوم, أي بمعنى المداخل الواسعة التي قد تُكوِّن قسما من أقسام الفقه, [SUP][1][/SUP] لكنه ليس مرادا هنا في التعريف. [SUP][2][/SUP]

تعريف علم القواعد الفقهية:
وفي ختام هذا المبحث المتعلق بـ(تعريف القاعدة الفقهية), نرى من الجدير بالذكر أن نُعرِّف (علم القواعد الفقهية), لكونه علما مستقلا متميزا في ميدان علوم الفقه. وقد ظهر لنا من خلال النظر في محتويات هذا العلم, ما يأتي:
علم القواعد الفقهية : هو العلم الذي يعتني بدراسة القواعد الفقهية من حيث تعريفها وأصولها وتطورها وخصائصها وأنواعها وشروحها وأدلتها والاحتجاج بها وتطبيقاتها وسائر متطلباتها مما يوضّح ماهية هذه القواعد ومجالاتها ويرسِّخ ملكة التقعيد من خلالها. وهو ما نعرض له في جملة هذه المقدمات العامة.


---------------------------------------------
[1]
هذا القيد يتعلق بـ"القاعدة الفقهية"، التي هي موضوع الحديث الآن، أما القواعد الأصولية والعقدية، فقد تكون كذلك وقد لا تكون.

[2] مواهب الجليل للحطاب 1/43 .
[1] كما يلاحظ في الرسائل الجامعية مثلا، وكذلك بعض الكتب المعاصرة، حيث يكون عنوان "الباب" فيها بمعنى (قسم كبير من أقسام الموضوع) .
[2] وسيأتي البحث التفصيلي عن مفهوم مصطلح "الباب"، في المقدمة الخاصة بـ"الضوابط الفقهية"، ضمن هذه المقدمات.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة

المبحث الثاني
الفرق بين القاعدة الفقهية وجوامع الكلم

معنى " جوامع الكلم ":
هذه الكلمة وردت في قوله صلى الله عليه وسلم: "بُعثتُ بجوامع الكلم " [SUP][1][/SUP].
ومعناها: "الموجز من القول مع كثرة المعاني". وهي: "جمع جامعة, لجمعها الحِكم والمنافع في لفظٍ قليلٍ" [SUP][2][/SUP]. أي أنه صلى الله عليه وسلم بُعث بجوامع الكلمات القليلة الجامعة للمعاني الكثيرة [SUP][3][/SUP].
المراد بـ"جوامع الكلم":
فُسِّرت كلمة "جوامع الكلم" بالقرآن والأحاديث النبوية معا. قال ابن حجر : "وجوامع الكلم: القرآن, فإنه تقع فيه المعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة, وكذلك يقع في الأحاديث النبوية الكثير من ذلك" [SUP][4][/SUP].
قال الزهري : وبلغني أن جوامع الكلم: أن الله يجمع الأمور الكثيرة التي كانت تُكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد والأمرين أو نحو ذلك. [SUP][1][/SUP]
قال ابن حجر : "وحاصله أنه صلى الله عليه وسلم كان يتكلم بالقول الموجز القليل اللفظ الكثير المعاني". قال: "وجزم غير/ 3الزهري بأن المراد بـ"جوامع الكلم": القرآن بقرينة قوله: "بُعثت", والقرآن هو الغاية في إيجاز اللفظ واتساع المعاني [SUP][2][/SUP]
فتبيّن مما سبق أن مفهوم قوله صلى الله عليه وسلم "بُعثتُ بجوامع الكلم" شامل لجوامع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية [SUP][3][/SUP].
قال ابن منظور في معنى "جوامع الكلم": "يعني: القرآنَ وما جَمع الله عزّ وجلّ بلطفه من المعاني الجمّة في الألفاظ القليلة, كقوله عز وجل {خُذِ العفو, وَأْمُرْ بالعُرف, وأَعرِضْ عن الجاهلين} [الأعراف 199] وفي صفته صلى الله عليه وسلم أنه كان يتكلم بجوامع الكلم, أي أنه كان كثير المعاني, قليل الألفاظ" [SUP][4][/SUP].

أنواع جوامع الكلم وعلاقتها بالقواعد الفقهية:
يظهر من خلال ما تقدم من توضيح مفهوم كلمة "جوامع الكلم" وجه الاشتراك بينها وبين القواعد الفقهية في تحقق صفة العموم والوجازة في كل منهما, فقد وُصفت "جوامع الكلم" بأنها تلك الكلمات التي تتصف بالعموم في معانيها ومضامينها بحيث تشتمل على معان متعددة واسعة في آنٍ واحد وبأقل الألفاظ. وهذا ما نراه متحققا في القواعد الفقهية أيضا؛ فإنها أحكام كلية عامة, بألفاظ لكن جوامع الكلم - سواء كانت من القرآن الكريم أو السنة النبوية- ليست منحصرة كلها في نوع (القواعد الفقهية), بل هي على أنواع كما يلي:
- جوامع الكلم التي جرت نفس نصوصها مجرى القواعد الفقهية.
- جوامع الكلم التي يتعلق مضمونها بالأحكام الفقهية, وقد استند إليها الفقهاء في صياغة القواعد الفقهية المعبّرة عن تلك الأحكام, فهي تُعدّ مصادر لإنشاء القواعد الفقهية.
- جوامع الكلم التي تتعلق بأمور شرعية أخرى غير الأحكام الفقهية, كالعقيدة, والتربية والسلوك والأخلاق...

---------------------------------------------
[1] رواه البخاري 4/54(2977)، وفي مواضع أخرى ، ومسلم 1/371(523)(6)من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[2] نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض للخفاجي 2/209 نقلا عن القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير للندوي ص124 .
[3] عمدة القاري للعيني 25/24 .
[4] فتح الباري 6/128
[1] المرجع نفسه 12/401 .
[2] فتح الباري 13/247 .
[3] انظر القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير ص124-125 .
[4] لسان العرب 8/53 نقلا عن القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير ص124.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة

وفيما يلي تفصيل الكلام على كل نوع من هذه الأنواع.

أولا: جوامع الكلم التي جرت نصوصها مجرى القواعد:

أ - أمثلة من جوامع الكلم التي جرت نصوصها مجرى القواعد من الآيات القرآنية:
{ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة 91] [SUP][1][/SUP].
لفظُ هذه الآية يعتبر من "الألفاظ الجوامع" [SUP][2][/SUP]. ويُفهم من السياق الذي وردت فيه هذه الجملة القرآنية, أنها "قاعدة جامعة مستقلة, وما سبقها من الحكم بالنسبة لأهل الأعذار الصحيحة من ضعف أبدان أو مرض أو زمانة أو عدم نفقة, مندرج تحت هذا الأصل العام [SUP][3][/SUP], فإن القرآن الكريم لم يقل: "ما عليهم من سبيل", بل عمّم الحكم, فرفع الحرج ونَفَى الإثم عن سائر المحسنين" [SUP][1][/SUP].
قال ابن العربي: "هذا عموم ممهد في الشريعة, أصل في رفع العقاب والعتاب عن كل محسن [SUP][2][/SUP]".
{وَةعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ والتَّقْوَى وَلا ةعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ والْعُدْوانِ} [المائدة: 2] .
هذه الآية أيضا تُعدّ من "الألفاظ الجوامع" في القرآن الكريم [SUP][3][/SUP]. "ويظهر عند تدبّرها أنها تحتوي على قاعدتين مهمتين تتعلق أُولاهما بجلب المنافع, والثانية بدرء المفاسد" [SUP][4][/SUP].
{ولَكُمْ في القِصاص} [البقرة: 179] .
قال محمد الطاهر ابن عاشور : "وقوله: {فِي الْقِصاصِ حَياةٌ} من جوامع الكلم... " [SUP][5][/SUP].
وأصل الآية هكذا: {وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ} , وقد أوردها بعض العلماء بالاكتفاء على النظم المذكور أعلاه أي: في القصاص حياة [SUP][6][/SUP], وبهذا تكون هذه الجملة القرآنية الكريمة, قاعدة بنظمها ولفظها.

وفي تفسير النيسابوري : "اتفق علماء البيان على أن قوله سبحانه {وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ} بلغ في الإيجاز نهاية الإعجاز, وذلك أن العرب عبّروا عن هذا المعنى بألفاظ كثيرة كقولهم: "قتل البعض إحياء للجميع"..., وأوجز ذلك قولهم: "القتل أنفى للقتل". والترجيح مع ذلك للآية" [SUP][1][/SUP].
وعبّر الجويني عن هذه الآية بأنها "قاعدة" فقال: "واتفق المسلمون على هذه القاعدة ولم ينكرها من طبقاتهم منكِر" [SUP][2][/SUP].
---------------------------------------------
[1] انظر القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير ص126 .
[2] انظر القواعد الحسان في تفسير القرآن لابن سعدي ص155-159.
[3] فقد ابتدأت الآية هكذا: "ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون، حرجٌ، إذا نصحوا لله ورسوله" ثم قال تعالى "ما على المحسنين من سبيل".
[1] القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير ص126 .
[2] أحكام القرآن لابن العربي 2/562، وانظر أحكام القرآن للجصاص 4/352، والقواعد الحسان في تفسير القرآن لابن سعدي ص155-159.
[3] انظر القواعد الحسان في تفسير القرآن لابن سعدي ص146 .
[4] القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير ص127 .
[5] التحرير والتنوير 2/144.
[6] فقد أخرج ابن جرير عن السُّدّي قال: "في القصاص حياة" قال: "بقاءٌ. لا يُقتل القاتل إلا بجناية". الدر المنثور 1/421، وقال البقاعي في نظم الدرر 7/439 في تفسير قوله تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) "أي صيّرناه ووضعناه وسـمّيناه مطابقةً لحاله بالتعبير عن معانيه، بما لنا من العظمة، قرآنًا أي مع كونه مجموع الحروف والمعاني جامعًا، ومع كونه جامعًا فارقًا بين الملتبسات. . . ، لعلكم تعقلون أي لتكونوا أيها العرب على رجاء. . . أن تعقلوا أنه من عندنا. . . ، وتفهموا معانيه. . . وبديعَ وصفه ومُعجزَ وصفه ونظامه، فترجعوا عن كل ما أنتم فيه من المغالبة. . . وكلٌّ منكم يعلم أنه عاجز عن مباراة آية منه في حسن معناها، وجزالة ألفاظها وجلالة سبكها، ونَظْم كل كلمة منها بالمحل الذي لا يمكن زحزحتها عنه بتقديم ولا تأخير، ولا أن يبدَّل شيء منها بما يؤدي معناه أو يقوم مقامه، كما أن ذلك في غاية الظهور في موازنة (فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ( مع "القتل أنفى للقتل"، وذلك بعض آية، فكيف بآية فما فوقها". وانظر نظم الدرر أيضا 10/27 .
[1] تفسير النيسابوري 1/416.
[2] البرهان للجويني 2/207.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة

ب - أمثلة من جوامع الكلم التي جرت نصوصها مجرى القواعد من الأحاديث النبوية [SUP][3][/SUP].
" إنما الأعمال بالنيات , وإنما لكل امرئ ما نوى " [SUP][4][/SUP].
"هذا الحديث من جوامع الأحاديث للأحكام الشرعية" [SUP][5][/SUP]. قال ابن رجب : "وهاتان كلمتان جامعتان, وقاعدتان كليتان لا يخرج عنهما شيء.
[SUP][6][/SUP]

" البينة على المدّعي واليمين على من أنكر [SUP][1][/SUP]".
قال ابن دقيق العيد : "هذا الحديث أصل من أصول الأحكام وأعظم مرجع عند التنازع والخصام, ويقتضي أن لا يُحكم لأحد بدعواه [SUP][2][/SUP]... ". وقال النووي : "هذا الحديث قاعدة كبيرة من قواعد أحكام الشرع" [SUP][3][/SUP].
" الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهة [SUP][4][/SUP]".
قال ابن دقيق العيد : "هذا الحديث أصل عظيم من أصول الشريعة" [SUP][5][/SUP].
وكلام الإمام أحمد يدل على أنه أحد القواعد التي تُردّ إليها جميع الأحكام عنده, فإنه قال: "أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث", فذكر منها هذا الحديث. [SUP][6][/SUP]
" من رأى منكم منكرا فَلْـيُغـيِّـرْه بيده , فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع فبقلبه, وذلك أضعف الإيمان" [SUP][7][/SUP].
"هذا الحديث قاعدة مستقلة بذاته, كما أنه دليل قاعدة الفقهاء: " الميسور لا يسقط بالمعسور " [SUP][8][/SUP].
قال المناوي : "وصلاح النظام وجريان شرائع الأنبياء الكرام إنما يستمر عند استحكام هذه القاعدة في الإسلام" [SUP][1][/SUP].

" من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم فهو له [SUP][2][/SUP]".
هذا الحديث عبارة عن قاعدة جامعة [SUP][3][/SUP] تفيد أن "من سبق إلى المواضع عند العالم أو المسجد أو غيره مما حقوق الناس فيه متساوية أنه أحق به" [SUP][4][/SUP]. قال البيهقي : "والسبق أصل في الشريعة" [SUP][5][/SUP]. ونجد الفقهاء يستندون إليه في المسائل المتعلقة بإحياء الموات وإحراز المباحات [SUP][6][/SUP].
فهذه نماذج من النصوص القرآنية والحديثية, التي تندرج نصوصها نفسها في زمرة القواعد الفقهية.


---------------------------------------------
[3] جميع هذه الأمثلة، مأخوذة من كتاب القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير ص130-133 .
[4] رواه البخاري 1/6 (1) وفي مواضع أخر، ومسلم 3/1515 - 1516 (1907)/(155) من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
[5] المثل السائر لابن الأثير 2/110 نقلا عن القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير ص130 .
[6] جامع العلوم والحكم ص 14 نقلا عن القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير ص131 .
[1] رواه بهذا اللفظ البيهقي في سننه 4/ 218 (52) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، وهو عند الترمذي 3/626 (1341) والدارقطني 5/276 (4311) من حديث عبد الله بن عمرو بنحوه ، وقد رواه البخاري143/3(2514)، وفي مواضع أخر ، ومسلم 1336/3(1711) من حديث ابن عباس بلفظ : " لكن اليمين على المدعى عليه ".
[2] شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد ص 26.
[3] شرح صحيح مسلم للنووي 12/3 .
[4] رواه البخاري1/20 (52) ، 3/53 (2051)، ومسلم 3/1219 - 1220 (1599)/(107) واللفظ له . من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.
[5] شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد ص 26.
[6] - انظر الأشباه والنظائر للسيوطي ص9.
[7] - رواه مسلم1/69 (49) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
[8] - القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير ص132 .
[1] فيض القدير 5/332 نقلا عن القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير ص132 .
[2] رواه أبو داود في سننه 3/509 (3066) من حديث أسمر بن مضرس رضي الله عنه .
[3] القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير ص133 .
[4] شرح ابن بطال على صحيح البخاري 11/73؛ وانظر شرح صحيح مسلم للنووي 13/202.
[5] سنن البيهقي 10/139.
[6] انظر القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير ص133 .
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة

ثانيا: جوامع الكلم التي تُعدّ مصادر لإنشاء القواعد الفقهية لدى الفقهاء:
مثاله قوله تعالى في شرائط الشهادة: {مِـمَّن ةرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ} [البقرة: 282] .
فقد انتظمت هذه الجملة, الشرائط الثلاثة للشهادة وهي: (العدالة, ونفي التهمة وإن كان عدلا, والتيقظ والحفظ وقلة الغفلة) [SUP][7][/SUP], لأن الشاهد لا يكون مرضيا عند المؤمنين وقضاتهم حتى يكون عدلا, متيقظا, غير متهم في شهادته بسبب من الأسباب الموجبة للتهمة.
قال الجصاص بعد أن فصّل الكلام على ما تضمنته هذه الجملة الكريمةمن الشرائط الثلاثة للشهادة وما يتفرع عليها من أحكام فقهية: "فهذه الأمور الثلاثة التي ذكرناها: من العدالة, ونفي التهمة, وقلة الغفلة, هي من شرائط الشهادات, وقد انتظمها قوله تعالى: "ممن ترضون من الشهداء". فانظر إلى كثرة هذه المعاني والفوائد والدلالات على الأحكام التي في ضمن قوله تعالى: {مِـمَّن ةرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ} مع قلة حروفه وبلاغة لفظه ووجازته واختصاره وظهور فوائده" [SUP][1][/SUP].

فهذه الجملة الكريمة من جوامع الكلم القرآنية, قد استند إليها الفقهاء في صياغة قواعد تقرر مبدأ الثقة والاعتبار في قبول الشهادة وردّها.

---------------------------------------------
[7] - انظر القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير ص128، وأحكام القرآن للجصاص 2/233 .
[1] أحكام القرآن للجصاص 2/244، وانظر القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير ص128 .
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة

ثالثا: جوامع الكلم التي تتعلق بأحكام شرعية أخرى غير الأحكام الفقهية, كالعقيدة والتربية والسلوك والأخلاق:
قوله تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَـتَّـقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ} [النور: 52]
فقد قال بعض بطارقة الروم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه لما سمع هذه الآية فدخل في الإسلام بسببها: "إنى قرأت التوراة والزبور والإنجيل وكثيرا من كتب الأنبياء, فسمعتُ أسيرا يقرأ آية من القرآن (هي الآية المذكورة) جمُع فيها كل ما في الكتب المتقدمة, فعلمتُ أنه من عند الله, فأسلمتُ. فقال عمر رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أوتيتُ جوامع الكلم [SUP][2][/SUP].
قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ, وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ, وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ} [الأعراف: 199] [SUP][3][/SUP]

قال القرطبي : "هذه الآية من ثلاث كلمات, تضمنت قواعد الشريعة في المأمورات والمنهيات" [SUP][1][/SUP]. وقال جعفر الصادق : أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق في هذه الآية [SUP][2][/SUP] ....
حديث أنس رضي الله عنه, قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين [SUP][3][/SUP] ".
"قال أبو الزناد : هذا من جوامع الكلم الذى أُوتيه صلى الله عليه وسلم, لأنه قد جمع فى هذه الألفاظ اليسيرة معانى كثيرة, لأن أقسام المحبة ثلاثة: محبة إجلال وعظمة كمحبة الوالد, ومحبة شفقة ورحمة كمحبة الولد, ومحبة استحسان ومشاكلة كمحبة سائر الناس, فحصر صنوف المحبة" [SUP][4][/SUP].
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصِني . قال: " لا تغضب "الحديث [SUP][5][/SUP].
قال ابن عبد البر : "هذا من الكلام القليل الألفاظ, الجامع للمعاني الكثيرة والفوائد الجليلة" ثم أورد ابن عبد البر بعض أقوال السلف المأثورة في ذم الغضب وفضل كظمه, وقال: "وكل هؤلاء إنما حاولوا ودندنوا حول معنى هذا الحديث. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أوتي جوامع الكلم, صلى الله عليه وسلم" [SUP][6][/SUP].
حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حاكيا عن الله عز وجل: " أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر " الحديث. [SUP][7][/SUP]

قال الشافعي : "هذا كلام عربي محتمل المعاني, وكان صلى الله عليه وسلم قد أوتي جوامع الكلم" [SUP][1][/SUP].
---------------------------------------------
[2] انظر تفسير القرطبي 12/295، وفتح الباري 13/248، والتحرير والتنوير 1/119 .
[3] انظر القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير ص126 .
[1] تفسير القرطبي 7/344 نقلا عن القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير ص126 .
[2] تفسير القرطبي 7/345 .
[3] رواه البخاري1/12(15)، ومسلم1/67(44).
[4] شرح ابن بطال على صحيح البخاري 1/42.
[5] رواه البخاري في صحيحه 8/28 (6116) .
[6] التمهيد لابن عبد البر 7/250.
[7] رواه البخاري1/169(846) ومواضع أخر، ومسلم 83/1(71) .
[1] الاستذكار 2/438.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة

العلاقة بين جوامع الكلم والقواعد الفقهية:
بالنظر فيما سبق من أنواع جوامع الكلم من نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة, نخلص إلى أنها تتميز عن القواعد الفقهية بما يلي:
1- إن جوامع الكلم التي جرت نصوصها مجرى القواعد الفقهية, هي نوع من أنواع القواعد الفقهية, فالعلاقة بين أمثال هذه الجوامع من الكلم وبين القواعد الفقهية, علاقة جزء من كل, إذ هي قسم أساسي من أقسام القواعد الفقهية.
2- نصوص جوامع الكلم - سواء أكانت قواعد أم ليست بقواعد-, كلها مستمدّة من الكتاب والسنة, فهي أدلة تشريعية يُستند إليها لإثبات الأحكام. وبناء على هذا فإن ما يُعدّ منها من قبيل القواعد, تكون لها ميزة على القواعد الأخرى, بأنها (قواعد وأدلة في آن واحد), بخلاف القواعد الفقهية الأخرى, فهي نفسها بحاجة إلى أدلة قبل أن يستدل بها. وبهذا تكون لأمثال هذه النصوص من جوامع الكلم ميزة على بقية القواعد الفقهية الأخرى من جهة (الدليلية والحجية).
3- إن جوامع الكلم ليست قاصرة على نوع "القواعد الفقهية" فحسب, بل فيها ما
ينسحب مفهومه على قواعد شرعية أخرى غير القواعد الفقهية.
4- هناك نصوص من الكتاب والسنة, وُصفت بأنها من "جوامع الكلم", ولا صلة لها بموضوع القواعد الفقهية, لكونها لا تتعلق بالأحكام الشرعية العملية التي هي موضوع القواعد الفقهية.



أ - فمن أمثلة هذا النوع, قوله تعالى: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ} [طه: 78]
فقوله: "ما غَشِيَهُمْ": قال فيه الزمخشري : هو "من باب الاختصار ومن جوامع الكلم التي تستقلّ مع قلتها بالمعاني الكثيرة, أي غشيهم ما لا يَعلم كُنهَه إلا الله" [SUP][1][/SUP].
ب - ومن أمثلته ما جاء في حديث التشهد في الصلاة, أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يقولون في التشهد: "السلام على جبريل و ميكائيل , السلام على فلان وفلان ". فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقولوا بدلا من ذلك: " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ", قال: "فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض " [SUP][2][/SUP].
فقوله صلى الله عليه وسلم: " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ", هو لفظ "يشمل الجميع مع غير الملائكة من النبيين والمرسلين والصديقين وغيرهم بغير مشقة" [SUP][3][/SUP], "وهذا من جوامع الكلم التي أوتيها صلى الله عليه وسلم" [SUP][4][/SUP].
فهذان النصان وُصفا بكونهما من "جوامع الكلم", ولكن من الواضح أنه لا صلة لهما بالقواعد الفقهية لعدم تعلقهما بالأحكام الشرعية, بل هما أقرب ما يكونان من باب التمثيل للإعجاز البياني في أساليب القرآن الكريم والسنة النبوية.


---------------------------------------------
[1] الكشاف 3/79، وانظر التحرير والتنوير 16/157.
[2] رواه البخاري/1/166(831) وفي مواضع أخر ، ومسلم 301/1- 302 (402) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
[3] فتح الباري لابن حجر 2/315.
[4] فتح الباري لابن رجب 6/76، وفتح الباري لابن حجر 2/315.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة

المبحث الثالث
الفرق بين القاعدة الفقهية والضابط الفقهي

تعريف الضابط لغة واصطلاحا:
معنى الضابط لغة: مأخوذ من (الضبط) وهو لزوم الشيء وحبسه [SUP][1][/SUP]. وقال بعضهم: الضبط لزوم شيء لا يفارقه في كل شيء, ومنه يقال: "أخذه فتأبّطه ثم تضبّطه" [SUP][2][/SUP], ويقال: فلان لا يضبط عمله, أي لا يقوم بما فُوِّض إليه [SUP][3][/SUP], وكأن ذلك لعدم قدرته على لزوم ذلك العمل وحبسه لنفسه عليه.
وهذا المعنى اللغوي للكلمة ملحوظ في استعمالها في مصطلح "الضابط الفقهي", لأن " الضابط الفقهي " يحصر ويحبس الفروع التي تدخل في إطاره [SUP][4][/SUP].
أما معنى الضابط اصطلاحا, ففيه اتجاهان:
أ- أن الضابط: بمعنى "القاعدة" بدون تفريق بينهما, أي أن الضابط الفقهي والقاعدة الفقهية اصطلاحان مترادفان يدلان على معنى واحد [SUP][5][/SUP].
وهو اختيار شائع في المصادر الفقهية وفي عدد من كتب القواعد الفقهية. [SUP][1][/SUP]
ب- أن الضابط: هو غير القاعدة, فمجال الضابط الفقهي أضيق من مجال القاعدة الفقهية, فهما متفقان في أن كلا منهما حكم كلي تندرج تحته فروع فقهية, إلا أن:
- الضابط يختص ببابٍ فقهي واحدٍ فقط.
- والقاعدة أوسع مجالا, فهي تتعلق بعدة أبواب فقهية [SUP][2][/SUP].

ومن الأمثلة التي ينطبق عليها هذا الكلام في التفريق بين هذين المصطلحين, قولهم مثلا:
- كل ماء مطلق لم يتغير فهو طهور [SUP][3][/SUP]. (مثال خاص بباب المياه)
- يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب [SUP][4][/SUP]. (مثال خاص بباب الرضاع)
فكلا المثالين المذكورين يختص بباب فقهي واحد فقط كما هو واضح من فحوى عبارتهما.
ولعل ما ذهب إليه أصحاب الاتجاه الأول وإن كان مقبولا باعتبار أن مفهوم الضابط لم يكن محدّدا مبدئيا بشكل واضح دقيق بحيث يقال بالتفريق بينه وبين القاعدة, ولهذا لم يركّز على ذلك عدد من أهل العلم فلم يفرّقوا بين الكلمتين, بل استعملوهما كاصطلاحين مترادفين, إلا أن القول بالتفريق بينهما (حسب الاتجاه الثاني) هو الذي ينبغي التعويل عليه [SUP][1][/SUP], ذلك لأنه يؤدي إلى استقرار هذين المصطلحين كل منهما على حدة والتمييز بينهما بضبط ودقة, خصوصا أن المتأخرين من علماء القواعد الفقهية, اختاروا هذا التفريق بين المصطلحين.
فمن ذلك قول تاج الدين السبكي : القاعدة : الأمر الكلي الذي ينطبق عليه جزئيات كثيرة يفهم أحكامها منه. ومنها ما لا يختص بباب كقولنا: " اليقين لا يرفع بالشك ", ومنها ما يختص كقولنا: " كل كفارة سببها معصية فهي على الفور ". " ثم قال: "والغالب فيما اختُص ببابٍ وقُصد به نظم صور متشابهة, أن تسمى ضابطا" [SUP][2][/SUP].
ويقرّر ذلك ابن نُجيم بعبارة صريحة واضحة فيقول: "الفرق بين الضابط والقاعدة: أن القاعدة تجمع فروعا من أبواب شتى, والضابط يجمعها من باب واحد. هذا هو الأصل" [SUP][3][/SUP].
وهذا ما قرّره أيضا الزركشي و السيوطي و ابن النجار الفتوحي و الكفوي و البنّاني و التهانوي ( صاحب كتاب كشاف اصطلاحات الفنون ), كما سار على هذا الاتجاه من التفريق أغلب من تطرّق من المعاصرين إلى موضوع (القواعد الفقهية), حتى لقد أصبحت كلمة "الضابط" في أيامنا اصطلاحا متداولا مميّزا عن مصطلح "القاعدة" [SUP][4][/SUP].
فينبغي "على من يبحث في هذا الموضوع أن يضع هذا الفرق موضع الاعتبار" [SUP][1][/SUP].

وبناء على هذا يحسن في ختام هذا المبحث, إيراد تعريف لـ(الضابط الفقهي) بحيث يتحدّد الفرق بينه وبين (القاعدة الفقهية), فيقال:
الضابط الفقهي : هو حكم شرعي عملي كلي يدخل تحته مسائل تختص بباب واحد.
فيُلحظ في هذا التعريف أنه متّفق تماما مع ما ذكر سابقا في تعريف القاعدة الفقهية سوى فرقٍ واحد, وهو: أن الضابط الفقهي ينحصر نطاقه في باب واحد, أما القاعدة الفقهية فيتجاوز نطاقها إلى أكثر من باب.

**ونختم هذا المبحث بالإحالة على الدراسة المفصلة لهذا الموضوع, التي ستأتي في المقدمة الخاصة بقسم الضوابط الفقهية من هذه "المعلمة". **

---------------------------------------------
[1] لسان العرب 7/340 .
[2] تهذيب اللغة للأزهري 11/339 (ض ط ب) ، أساس البلاغة للزمخشري ص 370، ولسان العرب 7/340 .
[3] تهذيب اللغة للأزهري 11/339 (ض ب ط) ، أساس البلاغة للزمخشري ص 370 .
[4] انظر القواعد الفقهية للباحسين ص 58.
[5] انظر القواعد الفقهية للندوي ص 47، والقواعد الفقهية للباحسين ص 58-59.
[1] القواعد الفقهية للندوي ص 47.
[2] انظر القواعد الفقهية للندوي ص 46، والقواعد والضوابط الفقهية عند ابن تيمية للشال ص50، وعلم القواعد الشرعية للخادمي ص259، والقواعد الفقهية للباحسين ص 59-60.
[3] القواعد الفقهية للندوي ص 49.
[4] الأشباه والنظائر للسيوطي ص476، والقواعد الفقهية للباحسين ص 62.
[1] انظر القواعد والضوابط الفقهية عند ابن تيمية للشال ص 50، والقواعد الفقهية للندوي ص 51، والقواعد والضوابط المستخلصة من التحرير للندوي ص 109.
[2] الأشباه والنظائر للسبكي 1/11.
[3] الأشباه والنظائر لابن نُجيم 1/189، وهو الذي مشى عليه السيوطي في كتابه الأشباه والنظائر في النحو 1/7، وانظر القواعد الفقهية للندوي ص 47.
[4] انظر القواعد الفقهية للباحسين ص 59-61، والقواعد الفقهية للندوي ص 46-47 و52
[1] القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير للندوي ص 109.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة

المبحث الرابع
الفرق بين القاعدة الفقهية والنظرية الفقهية

مصطلح " النظريات الفقهية " مصطلح مستحدث استعمله بعض العلماء المعاصرين الذين جمعوا بين دراسة الفقه الإسلامي ودراسة القانون الوضعي, فعبروا في مؤلفاتهم عن جملة الأحكام والقواعد المتعلقة ببعض القضايا والأبواب الفقهية بالنظريات؛ وذلك مثل: نظرية الملكية, ونظرية الشرط, ونظرية الضمان, ونظرية الخيارات [SUP][1][/SUP].
ويبدو أنه في بداية ظهور مصطلح (النظريات), لم يكن الفرق متميزا واضحا بينها وبين القواعد الفقهية, ولهذا اعتبر بعض أهل العلم في حينه أن ما يسمى بـ"النظريات الفقهية" مرادف لـ"القواعد الفقهية", وهذا ما نلحظه في كلام الشيخ محمد أبي زهرة رحمه الله تعالى حيث يقول بصدد الحديث عن القواعد الفقهية [SUP][2][/SUP]:
"يجب التفرقة بين علم أصول الفقه وبين القواعد الجامعة للأحكام الجزئية, وهي التي في مضمونها يصح أن نطلق عليها: النظريات العامة للفقه الإسلامي" [SUP][3][/SUP] .
وقال أيضا: "إن دراسة القواعد من قبيل دراسة الفقه لا من قبيل دراسة أصول الفقه, وهي مبنية على الجمع بين المسائل المتشابهة من الأحكام الفقهية, ولهذا نستطيع أن نرتب تلك المراتب الثلاث التي يُبنى بعضها على بعض:
فأصول الفقه: يُبنى عليه استنباط الفروع الفقهية, حتى إذا تكونت المجموعات الفقهية المختلفة أمكن الربط بين فروعها وجمع أشتاتها في قواعد عامة جامعة لهذه الأشتات, وتلك هي النظريات الفقهية/ [SUP][1][/SUP]L").
فيلحظ في هاتين الفقرتين من كلام الشيخ أبي زهرة , أن "القواعد الفقهية" (وهي التي عرّفها بأنها جامعة للمسائل المتشابهة من الأحكام الفقهية), هي التي يطلق عليها أيضا مفهوم "النظريات الفقهية".
لكن الواقع أن الفرق بين الاصطلاحين أصبح أمرا معهودا وواضحا لدى الدارسين والباحثين المعاصرين , كما سيأتي عرضه في هذا المبحث. ولكن يستحسن قبل توضيح تلك الفروق, البدء بتعريف مدلول كلمة (النظرية).
تعريف النظرية :
النظرية : - وهي تقابل لفظ (T ) باللغة الإنجليزية - مشتقة من النظر وهو في اللغة: تأمل الشيء بالعين أو بالذهن.
وبهذا المعنى تُطلق كلمة " النظري " على ما يحتاج إلى نظر وتفكير وتأمل, وذلك في مقابلة " الضروري " أو " البدَهي " الذي لا يتطلب جهدا عقليا وفكريا في تصوره وإدراكه واستيعابه [SUP][2][/SUP].

والنظرية اصطلاحا:
تركيب عقلي مؤلف من تصوّرات متّسقة تهدف إلى ربط النتائج بالمبادئ [SUP][1][/SUP].
وقيل: جملة من التصورات المؤلفة تأليفا عقليا تهدف إلى ربط النتائج بالمقدّمات [SUP][2][/SUP].
وقيل: فرض علمي يربط عدة قوانين بعضها ببعض ويردّها إلى مبدأ واحد يمكن أن نستنبط منه حتما أحكاما وقواعد [SUP][3][/SUP].
وقيل: مجموعة من القضايا المرتّبة في نظام معيّن [SUP][4][/SUP].
ويُستخلص من جملة هذه التعريفات, أن كلمة "النظرية" تعني: التصور المنهجي المنظم المتناسق لموضوعٍ ما يصل بالقارئ من بدايته إلى نهايته في صورة متكاملة متّسقة [SUP][5][/SUP].
وبعبارة أخرى: هي سلسلة من المعلومات التي تتناول بيان تفاصيل وحدة موضوعية كبرى
أو محور واحد واسع بشكل متكامل متناسق. [SUP][6][/SUP] أو: هي تصور جامع لوحدة موضوعية يحاول أن يحيط بجوانب ذلك الموضوع ويبحث كافة مستوياته وأبعاده [SUP][7][/SUP].
ولعله بهذا يكون قد اتضح جيدا مفهوم كلمة " النظرية " حسب المصطلح العام, وبناء عليه, يمكن أن يقال في بيان معنى " النظرية الفقهية ":
بناء علمي لموضوع أو باب فقهي واسع, يتشكل من عناصر وقواعد وأحكام متعددة, لكنها متكاملة ومتناسقة.
فمثلا: نظرية الإثبات في الفقه الجنائي الإسلامي, تتألف من عدة عناصر, كل عنصر يعتبر وحدة فقهية على حدة, وهي:
حقيقة الإثبات - الشهادة - شروط الشهادة - كيفية الشهادة - الرجوع عن الشهادة - مسؤولية الشاهد - الإقرار - القرائن - الخبرة - معلومات القاضي - الكتابة - اليمين - القسامة- اللعان [SUP][1][/SUP].
فهنا نلحظ أن كل عنصر من هذه العناصر يُعتبر وحدة فقهية على حدة, مع أن كل عنصر من هذه العناصر معروض في أبواب مختلفة من كتب الفقه وبدون ترتيب منطقي متسلسل فيما بينها, فإذا تم استخراج التفاصيل المتعلقة بها من تلك المواضع, ثم بُحثت بهذا الترتيب المتسلسل المذكور الذي يُبرز العلاقة الفقهية الموحّدة فيما بينها وهي فكرة (الإثبات), أدى ذلك إلى تكوين ما يسمى بـ( نظرية الإثبات الفقهية ).
مما سبق يتبين أن " النظرية الفقهية ": هي الإطار المعرفي الشامل لقضية فقهية معيّنة (هي موضوع النظرية الفقهية), يتّسع لكل ما يتصل بهذه القضية من قواعد ومقاصد ومسائل جزئية ومعلومات أخر, مع ما يتعلق بكل ذلك من تعليلات واستدلالات وترجيحات وغير ذلك, بحيث تأتي تلك المعلومات ضمن بناء جامع ينتظمها بترتيب محكم وتناسق متكامل [SUP][2][/SUP].

---------------------------------------------
[1] انظر القواعد الفقهية للندوي ص63؛ ونظرية المقاصد عند الشاطبي للريسوني ص 14.
[2] انظر القواعد الفقهية للندوي ص62.
[3] أصول الفقه لأبي زهرة ص9-10؛ والقواعد الفقهية للندوي ص62؛ والتنظير الفقهي لجمال عطية ص13.
[1] أصول الفقه لأبي زهرة ص9-10؛ والتنظير الفقهي ص14.
[2] انظر القواعد الفقهية للندوي ص62 (في الهامش) ؛ وعلم القواعد الشرعية للخادمي ص337
[1] القواعد الفقهية للباحسين ص144.
[2] المرجع نفسه ص145.
[3] القواعد الفقهية للندوي ص62 نقلا عن المعجم الفلسفي تصنيف لجنة من العلماء بمجمع اللغة العربية.
[4] نظرية المقاصد عند الشاطبي ص 14 نقلا عن المعجم الفلسفي لمراد وهبة؛ وانظر علم القواعد الشرعية للخادمي ص338.
[5] انظر القواعد الفقهية للباحسين ص144.
[6] انظر علم القواعد الشرعية للخادمي ص338 و340؛ وقواعد الفقه للروكي ص116.
[7] انظر التنظير الفقهي لجمال عطية ص9.
[1] القواعد الفقهية للندوي ص63.
[2] انظر علم القواعد الشرعية للخادمي ص342-345.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة

وبعد هذا يمكن عرض الفروق بين القاعدة الفقهية والنظرية الفقهية فيما يلي:
الفرق بين القاعدة الفقهية والنظرية الفقهية.
1- القاعدة الفقهية تمتاز بأنها تُصاغ في عبارة موجزة تستوعب الفروع الجزئية المندرجة تحتها, أما النظرية الفقهية فهي تُصاغ على شكل بحث أو كتاب مطوّل لموضوع واسع من الفقه الإسلامي ويشكل دراسة مستقلة لمباحث ذلك الموضوع بشكل متكامل [SUP][1][/SUP].
2- القاعدة الفقهية تتضمن حكما فقهيا في ذاتها, وهذا الحكم ينتقل إلى الفروع المندرجة تحتها, فمثلا: قاعدة "اليقين لا يزول بالشك" تتضمن حكما فقهيا يتعلق باجتماع اليقين والشك, وينطبق هذا الحكم على كل مسألة فرعية اجتمع فيها شك ويقين. وهذا بخلاف النظرية الفقهية فإنها لا تتضمن حكما فقهيا في ذاتها, بل هي رؤية منسقة لموضوعٍ فقهي متشعب كـ(نظرية الملك) و(نظرية الفسخ) و(نظرية البطلان) [SUP][2][/SUP].
3- النظرية الفقهية أكثر اتساعا وشمولا من القاعدة الفقهية, فقد تدخل مجموعة من القواعد الفقهية - مع كون كل واحدة منها تختلف عن الأخرى في فروعها وجزئياتها وآثارها- تحت نظرية معيّنة لكون مجموع تلك القواعد يتعلق بموضوع فقهي موحّد [SUP][3][/SUP].
فمثلا: القواعد الآتية المتعلقة بالعُرف والعادة (من قواعد مجلة الأحكام العدلية), يمكن أن نضعها جميعا تحت عنوان "نظرية العرف":
العادة محكمة .

استعمال الناس حجة يجب العمل به .
لا ينكر تغير الأحكام (المبنية على المصلحة أو العرف) بتغير الزمان .
إنما تعتبر العادة إذا اطردت أو غلبت .
المعروف عرفا كالمشروط شرطا .
المعروف بين التجار كالمشروط بينهم .
التعيين بالعرف كالتعيين بالنص .
فهذه المجموعة من القواعد الفقهية, يُلحظ فيها أن موضوع "العرف" هو المجال الموحّد المشترك بينها, بغض النظر عن الفروع والجزئيات المختلفة تحت كل منها, ولهذا يصح وضعها جميعا تحت عنوان "نظرية العرف" [SUP][1][/SUP].
4- النظرية الفقهية تشتمل على المقومات الأساسية للموضوع المبحوث فيها كأركان الموضوع وشروطه وموانعه وقيوده وضوابطه... إلخ, أما القاعدة الفقهية فلا يتسع المجال لتطبيق هذه المقوّمات فيها, اللهم إلا في القواعد الخمس الكبرى وما هو قريب منها [SUP][2][/SUP].
5- القاعدة الفقهية أسبق من حيث الدراسة والتدوين من النظرية الفقهية, فإن النظرية الفقهية - كما ذُكر - مصطلح حديث ظهر في الأزمنة الأخيرة بظهور الدراسات الفكرية والقانونية في البلاد العربية والإسلامية [SUP][3][/SUP].



---------------------------------------------
[1] القواعد الفقهية للندوي ص66؛ والقواعد والضوابط لشبير ص26.
[2] القواعد الفقهية للندوي ص64.
[3] القواعد الفقهية للندوي ص65؛ والقواعد والضوابط لشبير ص25.
[1] القواعد الفقهية للندوي ص65.
[2] القواعد الفقهية للندوي ص65؛ والقواعد والضوابط لشبير ص26.
[3] انظر علم القواعد الشرعية للخادمي ص347.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة

المبحث الخامس
الفرق بين القواعد الفقهية والأشباه والنظائر

" الأشباه والنظائر " علم من علوم الفقه يرتكز أساسا على الفروع الفقهية التي يُشبه بعضها بعضا بوجه من وجوه الشبه.
ونجد أصلا تاريخيا لاستعمال هذه الكلمة في كلام صحابيَّين, أحدهما: عمر بن الخطاب رضي الله عنه, والآخر: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
فأما عمر رضي الله عنه فقد ورد عنه قوله في كتابه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه, فيما يتعلق بإرشاده إلى مبادئ القضاء: " الفهمَ الفهمَ فيما يختلج في صدرك مما لم يبلغك في الكتاب والسنة , اعرف الأمثال والأشباه, ثم قِسِ الأمور عند ذلك , فاعمِد إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق فيما ترى" [SUP][1][/SUP].
والمعنى: "أي إذا وقعت واقعة لا ةعرف جوابها فرُدّها إلى أشباهها من الحوادث, ةعرف جوابها" [SUP][2][/SUP].
وأما عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقد جاء عنه قوله: " لقد عرفتُ النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن . قال: فذكر عشرين سورة من المفصل, سورتين سورتين في كل ركعة" [SUP][1][/SUP].
فقيل في وجه استعماله لهذه الكلمة: "أن تلك السور"سُمّيت "نظائر" لاشتباه بعضها ببعض في الطول" [SUP][2][/SUP]. وقيل: "أي السور المماثلة في المعاني كالموعظة أو الحكم أو القصص, لا المتماثلة في عدد الآي" [SUP][3][/SUP].
ويتضح هذا المعنى أكثر لكلمة "النظائر" في سياق هذا النص الحديثي, إذا تأملنا رواية هذا الحديث في سنن أبي داود التي جاء فيها بيان تلك "السور النظائر", حيث يقول ابن مسعود : لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ النظائر , السورتين في ركعة: (النجم والرحمن) في ركعة, و(اقتربت والحاقة) في ركعة, و(الطور والذاريات) في ركعة, و(إذا وقعت ونُون) في ركعة, و(سأل سائل والنازعات) في ركعة, و(ويل للمطففين وعبس) في ركعة, و(المدثر والمزمل) في ركعة, و(هل أتى ولا أقسم بيوم القيامة) في ركعة, و(عم يتساءلون والمرسلات) في ركعة, و(الدخان وإذا الشمس كورت) في ركعة" [SUP][4][/SUP].
فبالنظر في تسمية هذه السور, يظهر أنه يوجد بين كل سورتين شيء من التشابه والتناسب والانسجام, إما في مقدار طولهما أو فيما تضمنتهما من المضامين الواردة فيهما, أو غير ذلك من الأمور التي جعلت النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بين كل اثنتين منها في ركعة واحدة, فكل سورتين من هذه السور, تُعتبر إحداهما نظيرة الأخرى.
-------------------------
وبعد هذا التمهيد, نأتي إلى بيان المراد بهذا المصطلح "الأشباه والنظائر", ثم الفرق بينه وبين القواعد الفقهية.
تعريف الأشباه والنظائر :
الأشباه : لغة جمع كلمة "شِبْه" و"شَبَه" و"شبيه", بمعنى: المثل, يقال: أشبه الشيءُ الشيءَ: أي ماثله, ومنه يقال في المثل: "من أشبه أَباه فما ظَلَم" [SUP][1][/SUP].
والنظائر : لغة جمع نظير, بمعنى المثيل أيضا, يقال: فلان نظيرك, أي مثلك لأن الناظر إذا نَظَر إليهما رآهما سواء. [SUP][2][/SUP]
هذا ما قاله اللغويون في معنى هاتين الكلمتين, ويستفاد منه أن كلمتي " الشبيه " و" النظير " تفسّران عند اللغويين بمعنى "المثل", وأن هذه الكلمات الثلاث (الشبيه والنظير والمثيل) متّحدةٌ لغة بمعنى واحد كما يقوله السيوطي و ابن حجر الهيتمي/ 3 [SUP][3][/SUP].
لكن أفاد السيوطي و/ 3ابن حجر الهيتمي/ 3, أن بين كل من هذه الكلمات الثلاث(المثيل, والشبيه, والنظير) فروقا دقيقة, وهي:
أن المماثلة تستلزم المشابهة وزيادة.
و المشابهة لا تستلزم المماثلة, فقد يكون شبه الشيء ليس بمماثل له.
و النظير قد لا يكون مشابها, بل يكون بينه وبين النظير الآخر: تناسب وائتلاف من جهةٍ ما, ومنه قوله تعالى: {الشَّمْسُ والْقَمَرُ بِحُسْبانٍ} [الرحمن: 5] , فالجمع بين ( الشمس والقمر ) من باب مراعاة النظير. [SUP][1][/SUP]
يقول السيوطي : "وحاصل هذا الفرق: أن المماثلة تقتضي المساواة من كل وجه. والمشابهة تقتضي الاشتراك في أكثر الوجوه لا كلها. والمناظرة تكفي في بعض الوجوه ولو وجها واحدا, يقال: هذا نظير هذا في كذا, وإن خالفه في سائر جهاته" [SUP][2][/SUP].
وعليه, فالمماثلة أخص وأضيق, ثم تأتي المشابهة أعم من المماثلة, ثم يأتي النظير أعم من الجميع [SUP][3][/SUP].
وبعبارة أخرى: أن كلمة "مِثل" لا تقال إلا في شيئين متساويين تماما.
أما كلمة "شبه" و"شبيه" فقد تأتي مرادفة لكلمة "مِثل", وقد تأتي أعم من ذلك.
أما كلمة "النظير" فتأتي مرادفة لكلمتي "مِثل" و"شبه", وتأتي أعم منهما.
وبناء على هذه الفروق الدقيقة بين كلمتي "الأشباه" و"النظائر", يمكن أن يظهر معناهما ووجه استعمالهما كمصطلح علمي اشتهرت صلته بعلم القواعد الفقهية.
وذلك لأن معنى كلمة " الشبه " في اصطلاح الأصوليين : هي الصفة الجامعة الصحيحة التي إذا اشترك فيها الأصل والفرع, وجب اشتراكهما في الحكم [SUP][4][/SUP]
وهذا المعنى ينطبق على موضوع (القواعد الفقهية) في كتب "الأشباه والنظائر" باعتبار أن الفروع المخرّجة على كل قاعدة, تشترك مع أصل القاعدة في الحكم المذكور في نص القاعدة, فيمكن أن يطلق على مثل هذه الفروع: كلمة (الأشباه) لأنها تشابهت فيما بينها في الصفة الجامعة المذكورة في نص القاعدة الفقهية, ولهذا جُمعت في مكان واحد تحت تلك القاعدة دون قاعدة أخرى. [SUP][1][/SUP]
يضاف إلى ذلك أن المعنى الاصطلاحي المذكور فيما سبق لكلمة " الشبه " يدل على "إعمال القياس عند تحقق العلة الجامعة الصحيحة بين الأصل والفرع, وإلحاق الحوادث الجديدة التي لم يُنص عليها, بأشباهها بعد النظر والتثبت" [SUP][2][/SUP].
وهذا المفهوم (أي تضمن واحتواء كلمة "الأشباه" لمعنى القياس) متحقق أيضا في "القواعد الفقهية", إذ من المعلوم أن الأمر فيها لا يقف عند حدّ الفروع التي نص عليها الفقهاء في كتبهم فحسب, بل إن المجال مفتوح لتخريج كل ما يستجدّ من المسائل وإلحاقها بالقاعدة إذا وُجدت العلة المذكورة في القاعدة, في المسائل المستجدّة, فكما تحققت تلك العلة في الفروع المنصوص عليها من قبلُ, تحققت هي نفسها أيضا في الفروع الجديدة, فجاز إلحاقها بأشباهها من الفروع السابقة.
---------------------------------------------
[1] هو جزء من كتاب عمر الشهير إلى أبي موسى الأشعري في القضاء ، أخرجه الدارقطني في سننه 5/369 (4472) ، والبيهقي في الكبرى 10/ 252 (20537) ، وفي المعرفة 14/ 240 (19792) ، وأبو نعيم في الحلية 1/50 ، وهناد بن السري في الزهد 2/436 ، وابن عساكر في تاريخه 32/71 .
[2] القواعد الفقهية للندوي ص75 نقلا عن طلبة الطلبة للنسفي ص130.
[1] رواه البخاري 1/269 (742)، ومسلم 1/563 (822) عنه رضي الله عنه.
[2] لسان العرب 5/215؛ وفتح الباري لابن رجب 5/250.
[3] فتح الباري لابن حجر 2/259.
[4] سنن أبي داود 2/239، 240 (1391) .
[1] انظر لسان العرب 13/503؛ وتاج العروس 36/411؛ والقواعد الفقهية للندوي ص72 .
[2] انظر الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري ص46؛ ولسان العرب 5/215؛ وتاج العروس 14/249؛ وجمهرة اللغة 1/432؛ والقواعد الفقهية للندوي ص72 .
[3] انظر الحاوي للسيوطي 2/466؛ والفتاوى الحديثية للهيتمي ص 193؛ والقواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه لمحمد بكر إسماعيل ص 15؛ والقواعد الفقهية للندوي ص72 .
[1] الإيضاح في علوم البلاغة للقزويني ص 111 .
[2] الحاوي للسيوطي 2/466؛ وانظر الفتاوى الحديثية للهيتمي ص 193.
[3] انظر الحاوي للسيوطي 2/466؛ والفتاوى الحديثية للهيتمي ص 193.
[4] القواعد الفقهية للندوي ص73 .
[1] انظر تقديم الشيخ مصطفى الزرقا رحمه الله لكتاب القواعد الفقهية للدكتور علي الندوي ص 9-10 .
[2] القواعد الفقهية للندوي ص76 .
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة

أما كلمة "النظائر" فقد سبق القول بأن معناها أعم من كلمة "الأشباه", وأن "النظير" قد يرادف "المثيل" و"الشبيه" وقد يكون أعم منهما فيطلق على ما يشارك أصله ولو في وجه واحد من وجوه الشبه, فبناء على هذا يمكن أن تُفسّر " النظائر " بأنها: هي الأمور أو الفروع التي بينها أدنى شبه, يمكن بسببه جمع تلك الأمور والفروع تحت موضوع أو تحت عنوان من العناوين.
وهذا المفهوم لكلمة "النظائر" نجده يتحقق في كتب "الأشباه والنظائر"
فيما يتعلق بالقواعد الفقهية, وفي غير القواعد الفقهية أيضا من الفنون الأخرى التي تشتمل عليها تلك الكتب.
فأما تحقق مفهوم "النظائر" في (القواعد الفقهية), فمن جهة أن كل فرع من فروع القاعدة يعتبر نظيرا أي شبيها للفرع الآخر لاشتراكه معه في تلك الصفة الجامعة الواردة في نص القاعدة. فتكون كلمة "النظير" هنا بمعنى "الشبيه", وقد عُلم أنها تأتي مرادفة لمعنى "الشبيه".
وأما تحقق مفهوم "النظائر" في بقية الفنون الأخرى, كفن الفروق الفقهية والألغاز الفقهية والحيل الفقهية... إلخ, فمن جهة أن كل فن من تلك الفنون تندرج تحته فروع فقهية تُجمع تحت موضوعٍ أو عنوانٍ ما لوجود أدنى وجه من وجوه التشابه والاشتراك فيما بينها.
مثال ذلك ما جاء عند السيوطي في كتابه "الأشباه والنظائر" تحت عنوان: (البناء على فعل الغير في العبادات ) [SUP][1][/SUP], ما يلي:
قال: "فيه نظائر:
منها: الأذان, والأصح: لا يجوز البناء فيه.
ومنها: الخُطبة, والأصح جواز البناء فيها.
ومنها: الصلاة, والأصح الجواز وهو الاستخلاف.
ومنها: الحج, والأصح لا يجوز.
والخلاف في المسائل الأربع قولان". انتهى كلام السيوطي [SUP][2][/SUP] .
فنجد في هذا المثال عددا من الفروع الفقهية ليست متّحدة في حكم واحد
من حيث جواز البناء أو عدم جوازه, فليست هي مما قيل بجواز البناء في جميعها, ولا هي مما قيل بعدم جواز البناء في جميعها, وإنما هي فروع مختلفة الحكم, ففي بعضها يجوز البناء, وفي بعضها لا يجوز.
ومع هذا الاختلاف في الحكم, نجدها جُمعت تحت مصطلح "النظائر" وما ذلك إلا لأن مصطلح "النظائر" أوسع من مصطلح "الأشباه", فكل ما وُجد بينه وبين غيره من المسائل شيء من الاشتراك والارتباط ولو في وجه واحد, يمكن أن يُدرج تحت مسمى "النظائر". ومن هنا كان سبب جمع الفروع المذكورة تحت عنوان "النظائر" هو مجرد اشتراكها في محور (البناء على فعل الغير في العبادات) بغض النظر عن الجواز أو عدمه.
ويستخلص مما سبق أن: الأشباه : هي الفروع الفقهية التي أشبه بعضها بعضا في الحكم سواء كان لها شبه بأصول أخرى أضعف من شبهها بما أُلحقت به أو لم يكن. [SUP][1][/SUP]
أما النظائر فهي: الفروع الفقهية التي يكون فيما بينها أدنى شبه [SUP][2][/SUP] فمفهوم "النظائر" يتّسع لجميع الفروع الفقهية المذكورة في هذه الكتب, سواء في ذلك فروع القواعد الفقهية أم فروع الصنوف الأخرى وثيقة الصلة بالفقه.
وعلى هذا فوجه اختيار أصحاب كتب "الأشباه والنظائر" لهذه التسمية, أنهم لـمّا أرادوا أن يجمعوا فنونا فقهية أخرى تتلاءم مع (فن القواعد الفقهية), رأوا أن كلمة "الأشباه" لا تفِي بهذا الغرض, فكأن ذلك أفضى بهم إلى إلحاق كلمة "النظائر" مع كلمة "الأشباه" حتى يمكن جمع تلك الأصناف تحت عنوان يشملها جميعا لئلا يُعدّ ما يندرج تحت ذلك العنوان دخيلا ومقحما فيه.

بعد هذا التوضيح عن مصطلح "الأشباه والنظائر" ننتقل إلى بيان الفرق بينها وبين القواعد الفقهية.

الفرق بين "الأشباه والنظائر" وبين القواعد الفقهية:
1- "الأشباه والنظائر" أعم وأشمل من "القواعد الفقهية", إذ إن "القواعد الفقهية" جزء وقسم من "الأشباه والنظائر". أما "الأشباه والنظائر" فهي شاملة لجملة من الفنون الفقهية الأخرى غير "القواعد الفقهية" [SUP][1][/SUP].
2- إن "القواعد الفقهية " مصطلح اختص بعلم الفقه كما هو واضح, أما "الأشباه والنظائر" فليس مصطلحا خاصا بالفقه, بل يمكن إجراؤه في سائر العلوم إذا توافرت الشروط واتضحت المعالم, ولهذا وُجد التأليف تحت هذا المصطلح في علوم أخرى غير علم الفقه, فمن ذلك مثلا:
في علم التفسير: كتاب الأشباه والنظائر في تفسير القرآن العظيم ل مقاتل بن سليمان البلخي , و للثعالبي أيضا كتاب في التفسير بهذا العنوان [SUP][2][/SUP]. ول محمد بن العماد المصري المتوفى سنة 887 كتاب في التفسير بعنوان: كشف السرائر في معنى الوجوه والأشباه والنظائر .
وفي الأدب العربي: كتاب الأشباه والنظائر من أشعار المتقدمين والجاهلية والمخضرمين/ 3للخالديَّيْن .
وفي علم النحو: كتاب الأشباه والنظائر ل لسيوطي [SUP][3][/SUP].


---------------------------------------------
[1] البناء على فعل الغير في العبادات: هو أن يكمل أحدٌ عبادةً بدأها غيره، كما في الأمثلة الآتية في النص.
[2] الأشباه والنظائر للسيوطي ص532-534 .
[1] انظر القواعد للباحسين ص93؛ وعلم القواعد الشرعية للخادمي ص304 .
[2] انظر علم القواعد الشرعية للخادمي ص304 .
[1] انظر القواعد الفقهية للندوي ص 79 ، وعلم القواعد الشرعية للخادمي ص309 .
[2] وقد بين سليمان القرعاوي في رسالته "الوجوه والنظائر في القرآن الكريم دراسة وموازنة" خطأ نسبة هذا الكتاب للثعالبي، وذكر أنه هو نفسه كتاب "نزهة الأعين النواضر في علم الوجوه والنظائر" لابن الجوزي، حيث وجد الكتابين متطابقين، وقد بحثت في كتب التراجم فلم أجد أحدا ممن ترجم للثعالبي ذكر الكتاب في مؤلفاته، والله أعلم.
[3] انظر القواعد الفقهية للندوي ص78-79 .
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة

المبحث السادس
الفرق بين القواعد الفقهية والفروق الفقهية

" الفروق الفقهية " مصطلح علمي يُطلق على التفريق بين المسائل والمصطلحات الفقهية المتشابهة, أي المسائل والألفاظ التي يوجد بينها تشابه في الظاهر مع اختلاف في الحكم والعلة. فإظهار تلك الأوجه التي اختلفت بسببها تلك المسائل المتشابهة, هو موضوع (الفروق الفقهية) [SUP][1][/SUP].
ويبدو أن لهذا الفن أسبقية من حيث التأليف على القواعد الفقهية, حيث نجد أول تأليف فيه ل أحمد ابن عمر بن سُريج الشافعي المتوفى سنة 306 هـ. أما أول تأليف وصل إلينا في موضوع القواعد الفقهية, فهو " أصول الكرخي " المتوفى سنة 340هـ [SUP][2][/SUP].

الفروق الفقهية لغة واصطلاحا:
الفرق لغة: يدل على تمييز وإزالة وفصل بين شيئين ومنه يقال: فَرَّق بين القوم: أَحدث بينهم فُرقة, وفَرَّق بين المتشابهين: مَيَّز بعضهما من بعض. ويقال: فَرّق القاضي بين الزوجين: حكم بالفرقة بينهما. وفي التنزيل العزيز {فافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ} [المائدة 25] . ومنه يقال: الـمَفرِق من الرأس: حيث يُفرق الشَّعر, والمفرق من الطريق: الموضع الذي يتشعب منه طريق آخر. ومنه: الفاروق (لقب عمر بن الخطاب ): أي يفرق الحق من الباطل [SUP][1][/SUP].
واصطلاحا: معرفة الأمور الفارقة بين مسألتين متشابهتين بحيث لا يُسوَّى بينهما في الحكم. [SUP][2][/SUP]
وتوضيح ذلك أن "مسائل الشرع ربّما تتشابه صورها, وتختلف أحكامها لعلل أَوجَبَت اختلاف الأحكام" [SUP][3][/SUP], فيكون من وظيفة هذا الفن: بيان تلك العلل التي توضح افتراق ما افترق من المسائل المتشابهة في الحكم واجتماع ما اجتمع منها فيه, "فيتضح بذلك للفقيه طرق الأحكام, ويكون قياسه للفروع على الأصول متّسق النظام", كما قاله ابن سنينة السامَـرّي الحنبلي في كتابه " الفروق ". [SUP][4][/SUP]
مجالات الفروق الفقهية:
- الفروق بين القواعد الفقهية.
- الفروق بين الفروع والمسائل الجزئية المتشابهة.
- الفروق بين مصطلحات فقهية تشترك في أحكام, وتفترق في أحكام أخرى.
---------------------------------------------
[1] انظر القواعد والضوابط لشبير ص 34؛ وعلم القواعد الشرعية للخادمي ص313 .
[2] انظر القواعد الفقهية للندوي ص80
[1] انظر: مقاييس اللغة لابن فارس 4/493، والمعجم الوسيط 2/685.
[2] القواعد الفقهية للندوي ص 81 نقلا عن الفوائد الجنية لمحمد ياسين الفاداني، وانظر علم القواعد الشرعية للخادمي ص 313.
[3] من كلام أبي محمد الجويني - والد إمام الحرمين - في كتابه "الفروق" كما في القواعد للندوي ص 82.
[4] نقلا عن القواعد الفقهية للندوي ص 81 .
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة

وفيما يلي تفصيل الكلام عن كل مجال من هذه المجالات:
1- الفروق بين القواعد الفقهية.
يُعدّ شهاب الدين القرافي أول من اتجه إلى هذا الموضوع في كتابه المشهور بـ" الفروق ", "فقد امتاز ببيان الفروق بين القواعد, في حين أن الكتب التي أُلِّفت قبل هذا الكتاب بعنوان "الفروق", كان موضوعها: بيان مسائل جزئية تشابهت صورها واختلفت أحكامها فقط" [SUP][1][/SUP].
فمن ذلك قوله مثلا: "الفرق بين قاعدة: المأمور به يصح مع التخيير ؛ وقاعدة: المنهي عنه لا يصح مع التخيير " [SUP][2][/SUP]. ثم وضّح الفرق بينهما بإفاضة وتفصيل.

2- الفروق بين الفروع والمسائل الجزئية المتشابهة:
أي أن تُذكر مسألتان متشابهتان صورة, مختلفتان حكما, فيُذكر وجه اختلاف الحكم بينهما بعنوان: "والفرق بينهما كذا". وهذا هو المجال الأساسي لفن الفروق الفقهية, وهو الذي قصده بعض العلماء بالتصنيف في كتبهم المسماة بعنوان "الفروق" مثل كتب " الفروق الفقهية " للكرابيسي وللقاضي عبد الوهاب البغدادي . وهذا الموضوع هو الذي عنون له ابن نجيم في " الأشباه والنظائر " بـ(فن الفروق).
أمثلة على هذا النوع من الفروق:
"يجوز تفريق النية على أعضاء الوضوء..., ولا يجوز تفريق النية على أركان الصلاة. وكلاهما عبادة تبطل بالحدث.

والفرق بينهما: أن الوضوء يجوز أن يتخلله ما ليس من جنسه, ولا يُفسده التفريقُ اليسير, فجاز تفريق النية على أركانه. وليس كذلك الصلاة, لأنه لا يجوز أن يتخللها ما ليس من جنسها, ولا يجوز تفريقها, فلم يجز تفريق النية على أركانها. فافترقا" [SUP][1][/SUP].
"إذا مر المصلى بآيةٍ فيها ذكرُ الموت أو النار, فوقف عندها وتعوذ واستغفر وهو وحده فى التطوع, فذلك حسن. وإن كان إماما كُره له ذلك.
والفرق: أنه إذا كان إماما فهو فيما يقف: يُشكّك القوم لأنهم ربما يظنون أنه أُرتِج عليه فيفتحون عليه, ولأنه يؤدي إلى تطويل الصلاة عليهم... فلا يفعل ذلك. وأما في التطوع وحده لا يؤدى إلى التطويل على أحد ولا إلى التغليط والتشكيك. والاشتغال بالقراءة تطوعٌ, والتدبر تطوعٌ, فاستويا؛ فإن شاء وقف وتدبر, وإن شاء مضى على صلاته" [SUP][2][/SUP].
"لو غلطوا في وقت الوقوف: لا إعادة. وفي الصوم والأضحية: أعادوا.
والفرق: أن تداركه في الحج متعذر, وفي غيره متيسر" [SUP][3][/SUP].
"طواف الصَّدَر [SUP][4][/SUP] واجب على الحاج. وليس على المعتمر طواف الصدر. والفرق: أن العمرة, ركنها: الطواف. فلو أوجبنا فيها طواف الصدر, لصار ةبَعُ النسك مثلَه, وهذا لا يصح. وليس كذلك الحاج, لأن الوقوف والطواف ركنان فيه..., ولو أوجبنا فيها طواف الصدر لصار ةبَع النسك دونه, وهذا جائز... " [SUP][1][/SUP]. "إذا تعدَّى المودَع على الوديعة فاشترى بها تجارة فربح بها, كان له الربح. وإذا تعدّى المقارض في مال القِراض فاشترى غير الذي أمره رب المال بشرائه, كان رب المال بالخيار بين أن يضمّنه وبين أن يقرّه على القراض ويقاسمه الربح. وفي كلا الموضعين: التعدي موجود.
الفرق بينهما: أن الوديعة لم يَقصد بها ربها التنمية, وإنما قَصَد بها الحفظ, فلم يزل عن غرضه بتعدّي المودَع عليها, لأن الحفظ موجود, فلم يدخل عليه الربح. وليس كذلك القراض, لأن رب المال قَصَد به التنمية, فلو لم يكن له الخيار لكان العامل قد منعه غرضَه, وليس له ذلك. فافترقا" [SUP][2][/SUP]
"يُفسخ نكاح المرتدّ, ولا يرتجع وإن رجع إلى الإسلام. وإذا أسلم الكافر ثبت على النكاح. وكلاهما إسلامٌ من كُفرٍ.
الفرق بينهما: أن الردّة قد غُلّظ في بابها ما لم يغلّظ في باب الكافر الأصلي, ألا ترى أنه لا يُقَرّ على ارتداده بخلاف الكافر الأصلي. فلهذا افترقا" [SUP][3][/SUP].
إذا اشترى دابة أو قميصا على أنه بالخيار, فركبها في حاجته ليَنظُر إليها وإلى سيرها, أو لبس القميص لينظر إلى قدره عليه, فهو على خياره. ولو اشتراها فوجد بها عيبا, فركبها, أو لبس القميص, كان هذا رضا بالعيب.
والفرق: أن شرط الخيار للاختبار, وهذه الأشياء مما يقع بها الاختبار, فلم يكن مختارا. وأما في العيب فليس له أن يَختبر... [SUP][1][/SUP].

---------------------------------------------
[1] القواعد الفقهية للندوي ص193.
[2] الفروق للقرافي 2/7 .
[1] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب البغدادي ص76 .
[2] الفروق للكرابيسي 1/46 .
[3] الأشباه والنظائر لابن نجيم مع غمز عيون البصائر 4/292.
[4] أي طواف الوداع. والصَّدَر بفتح الدال بمعنى الرجوع والانصراف، مأخوذ من قولهم: صدر عن الماء وعن البلاد. انظر القاموس المحيط 1/543؛ ومختار الصحاح ص150؛ والمصباح المنير للفيومي ص335 .
[1] الفروق للكرابيسي 1/97.
[2] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب ص151 .
[3] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب ص174-175 .
[1] الفروق للكرابيسي 2/63.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة

3- الفروق بين مصطلحات فقهية تشترك في أحكام, وتفترق في أحكام أخرى:
الغرض هنا بيان الأحكام التي اختص بها أحد المصطلحين وافترق فيه عن المصطلح الآخَر, أما الأحكام المشتركة بين المصطلحين فلا تُذكر لكونها معروفة واضحة.
وهذا العنصر أفرده كل من السيوطي و ابن نجيم في كتابيهما " الأشباه والنظائر " بقسم خاص. فمن العناوين الواردة تحت هذا العنصر عندهما:
ما افترق فيه الوضوء والغسل - ما افترق فيه الوضوء والتيمم - ما افترق فيه الحيض والنفاس - ما افترق فيه الأذان والإقامة - ما افترق فيه الجمعة والـعيد, ما افترق فيه البيع والإجارة - ما افترق فيه الهبة والإبراء - ما افترق فيه النكاح والرجعة..., وهكذا نجد عناوين أخرى تتناول هذا النوع من الفروق بين عدد من المصطلحات الفقهية.
وفيما يلي أمثلة تفصيلية من هذا النوع من الفروق:
أ - الفرق بين الماء الطهور, والماء النجس:
"هو على القول الصحيح الذي تدل عليه الأدلة, فرق بسيط واضح,
وهو: التغير بالنجاسة, وعدم التغير بها. فما تغير لونه, أو طعمه, أو ريحه بنجاسة: فهو نجس. وما لم يتغير بشيء من ذلك: فهو طهور, حتى ولو تغير بشيء من الطاهرات كصبغ ونحوه, فهو باق على طهوريته. وإثبات ماء ليس بطهور ولا نجس, لا يدل عليه نص ولا قياس؛ لأن علة النجاسة: ظهور أثر الخبث في الماء" [SUP][1][/SUP].
ب- ما افترق فيه سجود السهو والتلاوة:
"افترقا في أمور:
- الأول: أنه سجدتان, وسجدة التلاوة واحدة.
- الثاني: أنه في آخر الصلاة, بخلافه.
- الثالث: أنه لا يتكرر, بخلافه.
- الرابع: أنه يسجد لسهو إمامه وإن لم يسجد, ولا يسجد لتلاوته إذا لم يسجد.
- الخامس: أن الذكر المشروع في سجود التلاوة لا يُشرع في سجود السهو" [SUP][2][/SUP].
ج - ما افترق فيه النكاح والرجعة:
- "لا يصح إلا بشهود, بخلافها.
- لا بد فيه من رضاها, بخلافها.
- لا مهر فيها, بخلافه.
- لا تصح إلا للمعتدة, بخلافه" [SUP][1][/SUP].
د - الفرق بين الإجارة والجعالة:
- "أن الإجارة عقد لازم على عملٍ معلوم مع مُعيَّن. والجعالة عقد جائز, والعملُ قد يكون مجهولا, وتكون مع مُعيَّن وغير مُعيَّن.
- والجعالة تجوز على أعمال القُرَبِ, بخلاف الإجارة.
- ولا يستحق العوضَ في الجعالة حتى يعمل جميعَ العمل. وأما الإجارة ففيها تفصيل: إن كان المانع لتكميل العمل من جهة المؤجر: فلا شيء عليه.
وإن كان من جهة المستأجر: فعليه كلُّ الأجرة.
وإن كان بغير ذلك: وجب من الأجرة بقدر ما استوفى" [SUP][2][/SUP].
وبعد هذا التوضيح عن مصطلح "الفروق الفقهية" ومجالاتها, ننتقل إلى بيان الفرق بينها وبين القواعد الفقهية.
---------------------------------------------
[1] القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة 1/ 74-75 .
[2] الأشباه والنظائر للسيوطي ص520؛ وهو كذلك في الأشباه والنظائر لابن نجيم مع غمز عيون البصائر 4/85 سوى الفرق الرابع، وبزيادة: أنه لا يقوم لسجود السهو ويقوم لسجدة التلاوة، ويتشهد لسجود السهو ويسلِّم منه، ولا يفعل ذلك في سجدة التلاوة.
[1] الأشباه والنظائر لابن نجيم مع غمز عيون البصائر 4/119؛ وهو كذلك في الأشباه والنظائر للسيوطي ص525 مع بعض الزيادات كصحة الرجعة بدون ولي، وصحة الرجعة بغير لفظ النكاح والتزويج وفي الإحرام.
[2] القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة 1/92-93 .
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تعريف القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين المصطلحات ذات الصلة

الفرق بين القواعد الفقهية والفروق الفقهية:
الفروق الفقهية أعم من القواعد الفقهية - كما هو الحال أيضا في موضوع "الأشباه والنظائر" - إذ إن مجال "الفروق الفقهية" يشمل موضوعات فقهية عديدة, منها: "القواعد الفقهية" [SUP][3][/SUP].
الفروق الفقهية تهتم بالفصل بين الفروع الفقهية المتشابهة ببيان الفروق بينها, في حين أن القواعد الفقهية تجمع الفروع الفقهية المتشابهة تحت قاعدة واحدة. فموضوع الفروق الفقهية: التفريق بين المتشابهات من المسائل الفقهية, أما موضوع القواعد الفقهية: فهو جمع لتلك المسائل المتشابهة.
من السمات البارزة للفروق الفقهية: بيان حِكَم التشريع ومقاصده, ذلك أن تفريق الشرع بين أمرين متشابهين لا بد أن ينطوي على حكمة تشريعية قد تظهر بالبحث لأهل العلم. وهذا ما يشير إليه ابن القيم بقوله: "فالاعتبار في الجمع والفرق إنما هو بالمعاني التي لأجلها شُرعت تلك الأحكام وجودا وعدما" [SUP][1][/SUP]. أما (القواعد الفقهية ) فقد سبق القول بأنها تعتني في المقام الأول بصياغة الأحكام الكلية, وقد تتضمن في طيّاتها الإشارة إلى الحِكم التشريعية.
وفيما يلي بعض الأمثلة من الفروق التي تناولت بيان مقاصد الشريعة:
لا يمسح على الخفّين إلا من لبسهما بعد كمال الطهارة, ويمسح على الجبائر والعصائب وإن لبسهما على غير وضوء. والجميع حائل دون عضوٍ.
الفرق بينهما: أن الجبائر والعصائب, شدّهما ليس بموقوف على اختياره وإنما هو على حسب ما تدعو إليه الحاجة, فقد يُحتاج إليها وهو على غير وضوء ولا يمكنه الصبر إلى أن يتوضأ, فلم يُعتبر في جواز المسح عليها أن يكون لُبسهما على طهر. وليس كذلك الخفان لأن لُبسهما موقوف على اختياره, لأنه لا ضرورة تدعو إلى لبسهما وهو على غير وضوء كذلك. فافترقا" [SUP][2][/SUP].
"لا يجوز الخيار في النكاح, ويجوز في البيع. وكلاهما عقد معاوضة.
الفرق بينهما: أن البيع مبني على المكايسة والمغابنة, فجُعل الخيار فيه


لئلا يدخل الغبن على أحد المتبايعين. والنكاح مبني على الوُصلة والألفة, فلم يُحتج فيه إلى الخيار.... ( 4).
"يصح عقد النكاح من غير ذكر مهرٍ, ولا يصح عقد البيع إلا بذكر الثمن.
الفرق بينهما: أن النكاح: المقصود منه الألفة والوصلة دون المهر, فيصح وإن لم يُذكر. والبيع: المقصود منه الثمن, لأنه مبني على المكايسة والمغابنة, فلم يصح إلا بذكر الثمن, لأنه المقصود منه. فافترقا" [SUP][1][/SUP].
4- قد يقع تعليل الفروق الفقهية, بـ(القواعد الفقهية) بمعنى: أن القواعد تأتي في معرض بيان الفرق بين المسألتين على سبيل الأصول التوجيهية, فتكون القواعد في مثل هذه المواضع أدلة وسندا تدعم موضوع الفروق. ومن أمثلة هذا النوع من الفروق ما يلي:
"يجوز - عند المالكية - أن تقرأ الحائض ما شاءت من القرآن, ولا يجوز ذلك للجُنُب. والحدث الموجود بهما موجب لغَسل جميع البدن.
الفرق بينهما: أن الأصول مبنية على أن الضرورات تبيح ما لا يبيح غيرها. ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى أن يُسافَر بالقرآن إلى أرض العدو . ثم كَةب إليهم به. فالضرورة داعية للحائض إلى قراءة القرآن, لأنا متى منعناها أن تقرأ القرآن أدّى ذلك إلى نسيانها له, لأن أمرها يطول ولا يمكنها رفعه عن نفسها. وليس كذلك الجنب لأنه لا ضرورة به إلى ذلك, لأنه يمكنه زوال المانع عن نفسه. فلهذا افترقا" [SUP][2][/SUP].
"تصلى النافلة بتيمم الفريضة, ولا تصلى الفريضة بتيمم النافلة. والكل صلاة.

الفرق بينهما: أن الأصول مبنية على أن النوافل تبع للفرائض, لأن الفرائض هي الأصل. فلما كان الأمر كذلك جاز أن تصلى النافلة بتيمم الفريضة لأنها تبع لها. ولم يجز أن تصلى الفريضة بتيمم النافلة, لأن ذلك خلاف الأصول, إذ تحصل الفريضة حينئذ تبعا للنافلة" [SUP][1][/SUP].
"الأفضل الصوم في السفر, والأفضل قصر الصلاة في السفر. وكلاهما رخصة في العبادة.
الفرق بينهما: أن العبادة إذا ذهب وقتها كانت قضاء, وإذا أُدِّيت في الوقت كانت أداء, والأداء أفضل من القضاء. ووقت الصوم هو الشهر, فإذا أخذنا بالرخصة حصل تأديته قضاء, ومراعاة الأداء أولى من مراعاة الأخذ بالرخصة. وليس كذلك الصلاة, لأنه قد اجتمع فيها الأمران: الأداء والرخصة, لأنها في الوقت يؤةى بها, فكان مندوبا إلى ذلك. فافترقا" [SUP][2][/SUP].
"من استهلك شيئا مما يكال أو يوزن, كان عليه مثله. وإن استهلك شيئا من العروض أو الحيوان كان عليه قيمته. والجميع عروض.
الفرق بينهما: أن من استهلك شيئا, لا بد فيه من بدل. فإذا كان مما له مثلٌ كان الإبدال منه لأنه أسهل من القيمة, إذ القيمة تحتاج إلى اجتهاد, والمثلُ غير محتاج إليه. وما لا مثل له لا بدّ فيه من القيمة, لأنه عوض منها. ولأن ما يكال أو يوزن لايتعذر مثاله, وما عداه متعذر. فلهذا افترقا" [SUP][3][/SUP].

---------------------------------------------
[3] انظر القواعد الفقهية للندوي ص79؛ وعلم القواعد الشرعية للخادمي ص309 .
[1] إعلام الموقعين لابن القيم 2/75 .
[2] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب ص81 .
[1] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب ص158 .
[2] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب ص174 .
[3] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب ص 80.
[1] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب ص 92-93.
[2] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب ص100.
[3] المرجع نفسه ص 164.
 
التعديل الأخير:
أعلى