د. عامر بن محمد بن بهجت
:: عضو مؤسس ::
- إنضم
- 22 مارس 2008
- المشاركات
- 392
- الكنية
- أبو صهيب
- التخصص
- الفقه
- المدينة
- طيبة
- المذهب الفقهي
- حنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم
قال شيخنا يعقوب الباحسين –نفع الله به-: ( والذي يبدو –والله أعلم- أن هذا التعريف قد أسيء فهمه، وكيل له من النقد ما لا ينبغي. فالذي يتمرس في الفقه، ويحيط علما بنصوص الشارع، ومقاصده، تصبح عنده ملكة يستطيع بها معرفة ما هو موافق للشرع وما هو مخالف. ويطلق عليه علماء القانون اليوم مصطلح (روح القانون)، فيردون أمورا بدعوى مخالفة روح القانون، ويأخذون بأمور بدعوى اتفاقها مع روح القانون. ولم يقل لهم: إن هذا هوس.
وقد تنبه إلى ذلك الإمام الطوفي (ت 716هـ) فقال: (من المعلوم بالوجدان أن النفوس يصير لها فيما تعانيه من العلوم والحرف ملكات قارة فيها تدرك بها الأحكام العارضة في تلك العلوم والحرف ، ولو كلفت الإفصاح عن حقيقة تلك المعارف بالقول ، لتعذر عليها ، وقد أقر بذلك جماعة من العلماء ، منهم ابن الخشاب (ت 567هـ) في جواب المسائل الإسكندرانيات ، ويسمي ذلك أهل الصناعات وغيرهم : دربة ، وأهل التصوف : ذوقا ، وأهل الفلسفة ونحوهم : ملكة.)
ونجد هذا المعنى عند طائفة أخرى من العلماء. ومن هؤلاء أبو الحسن علي بن عروة الحنبلي (ت 837هـ) الذي قال: (القلب إذا كان تقيا نظيفا زاكيا كان له تمييز بين الحق والباطل، والصدق والكذب، والهدى والضلال، لا سيما إذا كان قد حصل له إضاءة وذوق من النور النبوي فإنه حينئذ تظهر له خبايا الأمور...)
وينقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ) قوله: (القلب المعمور بالتقوى إذا رجح بمجرد رأيه فهو ترجيح شرعي) ) انتهى كلام شيخنا كتاب الاستحسان ص18-20
قال عويمر –عفي عنه-:
وله نظير عند علماء الحديث، في الحكم بتعليل الحديث بعلة خفية، قال ابن كثير: (وهو فن خفي على كثير من علماء الحديث، حتى قال بعض حفاظهم: معرفتنا بهذا كهانة عند الجاهل.
وإنما يهتدي إلى تحقيق هذا الفن الجهابذة النقاد منهم، يميزون بين صحيح الحديث وسقيمه، ومُعوجه ومستقيمه، كما يميز الصيرفي البصير بصناعته بين الجياد والسيوف، والدنانير والفلوس،. فكما لا يتمارى هذا، كذلك يقطع ذاك بما ذكرناه، ومنهم من يظن، ومنهم من يقف، بحسب مراتب علومهم وحذقهم واطلاعهم على طرق الحديث، وذوقهم حلاوة عبارة الرسول صلى الله عليه وسلم التي لا يشبهها غيرها من ألفاظ الناس.)
قال عبد الرحمن بن مهدي : ( معرفة الحديث الهام ، لو قلت للعالم يُعَلِّل الحديث من أين قلت هذا ؟ لم يكن له حجة ).
قال ابن نمير : ( صدق لو قلت من أين ؟ لم يكن له جواب ) .
قال السخاوي بعد أن نقل عبارة ابن مهدي ( لم يكن له حجة ) : ( يعني يعبر بها غالباً ، وإلا ففي نفسه حجج للقبول والرفض ) .
ويقول عبد الرحمن بن مهدي ـ أيضاً ـ : ( إنكارنا الحديث عند الجهال كهانة ) .
وقال أبو داود السجستاني : ( وربما أتوقف عن مثل هذه ـ أي عن بيان العلل ـ لأنه ضرر على العامة أن يكشف لهم كل ما كان من هذا الباب فيما مضى من عيوب الحديث ، لأن علم العامة يقصر عن مثل هذا ) .
ولهذا كانوا يشبهون معرفتهم بهذا العلم ـ لمن هو ليس من أهله ـ بمعرفة الصيرفي للذهب :
قال الخطيب البغدادي : ( المعرفة بالحديث ليست تلقيناً ، وإنما هو علم يحدثه الله في القلب . ثم قال : أشبه الأشياء بعلم الحديث معرفة الصرف ونقد الدنانير والدراهم ، فإنه لا يعرف جودة الدينار والدراهم بلون ولا مس ولا طراوة ولا دنس ولا نقش ولا صفةٍ تعود إلى صغر أو كبر ولا إلى ضيق أو سعة ، وإنما يعرفه الناقد عند المعاينة ، فيعرف البَهرج والزائف والخالص والمغشوش ، وكذلك تمييز الحديث ، فإنه عِلم يخلقه الله تعالى في القلوب بعد طول الممارسة له والاعتناء به ) .
انتهى من: التعريف بعلم علل الحديث للحلاف "نسخة الشاملة"
قال شيخنا يعقوب الباحسين –نفع الله به-: ( والذي يبدو –والله أعلم- أن هذا التعريف قد أسيء فهمه، وكيل له من النقد ما لا ينبغي. فالذي يتمرس في الفقه، ويحيط علما بنصوص الشارع، ومقاصده، تصبح عنده ملكة يستطيع بها معرفة ما هو موافق للشرع وما هو مخالف. ويطلق عليه علماء القانون اليوم مصطلح (روح القانون)، فيردون أمورا بدعوى مخالفة روح القانون، ويأخذون بأمور بدعوى اتفاقها مع روح القانون. ولم يقل لهم: إن هذا هوس.
وقد تنبه إلى ذلك الإمام الطوفي (ت 716هـ) فقال: (من المعلوم بالوجدان أن النفوس يصير لها فيما تعانيه من العلوم والحرف ملكات قارة فيها تدرك بها الأحكام العارضة في تلك العلوم والحرف ، ولو كلفت الإفصاح عن حقيقة تلك المعارف بالقول ، لتعذر عليها ، وقد أقر بذلك جماعة من العلماء ، منهم ابن الخشاب (ت 567هـ) في جواب المسائل الإسكندرانيات ، ويسمي ذلك أهل الصناعات وغيرهم : دربة ، وأهل التصوف : ذوقا ، وأهل الفلسفة ونحوهم : ملكة.)
ونجد هذا المعنى عند طائفة أخرى من العلماء. ومن هؤلاء أبو الحسن علي بن عروة الحنبلي (ت 837هـ) الذي قال: (القلب إذا كان تقيا نظيفا زاكيا كان له تمييز بين الحق والباطل، والصدق والكذب، والهدى والضلال، لا سيما إذا كان قد حصل له إضاءة وذوق من النور النبوي فإنه حينئذ تظهر له خبايا الأمور...)
وينقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ) قوله: (القلب المعمور بالتقوى إذا رجح بمجرد رأيه فهو ترجيح شرعي) ) انتهى كلام شيخنا كتاب الاستحسان ص18-20
قال عويمر –عفي عنه-:
وله نظير عند علماء الحديث، في الحكم بتعليل الحديث بعلة خفية، قال ابن كثير: (وهو فن خفي على كثير من علماء الحديث، حتى قال بعض حفاظهم: معرفتنا بهذا كهانة عند الجاهل.
وإنما يهتدي إلى تحقيق هذا الفن الجهابذة النقاد منهم، يميزون بين صحيح الحديث وسقيمه، ومُعوجه ومستقيمه، كما يميز الصيرفي البصير بصناعته بين الجياد والسيوف، والدنانير والفلوس،. فكما لا يتمارى هذا، كذلك يقطع ذاك بما ذكرناه، ومنهم من يظن، ومنهم من يقف، بحسب مراتب علومهم وحذقهم واطلاعهم على طرق الحديث، وذوقهم حلاوة عبارة الرسول صلى الله عليه وسلم التي لا يشبهها غيرها من ألفاظ الناس.)
قال عبد الرحمن بن مهدي : ( معرفة الحديث الهام ، لو قلت للعالم يُعَلِّل الحديث من أين قلت هذا ؟ لم يكن له حجة ).
قال ابن نمير : ( صدق لو قلت من أين ؟ لم يكن له جواب ) .
قال السخاوي بعد أن نقل عبارة ابن مهدي ( لم يكن له حجة ) : ( يعني يعبر بها غالباً ، وإلا ففي نفسه حجج للقبول والرفض ) .
ويقول عبد الرحمن بن مهدي ـ أيضاً ـ : ( إنكارنا الحديث عند الجهال كهانة ) .
وقال أبو داود السجستاني : ( وربما أتوقف عن مثل هذه ـ أي عن بيان العلل ـ لأنه ضرر على العامة أن يكشف لهم كل ما كان من هذا الباب فيما مضى من عيوب الحديث ، لأن علم العامة يقصر عن مثل هذا ) .
ولهذا كانوا يشبهون معرفتهم بهذا العلم ـ لمن هو ليس من أهله ـ بمعرفة الصيرفي للذهب :
قال الخطيب البغدادي : ( المعرفة بالحديث ليست تلقيناً ، وإنما هو علم يحدثه الله في القلب . ثم قال : أشبه الأشياء بعلم الحديث معرفة الصرف ونقد الدنانير والدراهم ، فإنه لا يعرف جودة الدينار والدراهم بلون ولا مس ولا طراوة ولا دنس ولا نقش ولا صفةٍ تعود إلى صغر أو كبر ولا إلى ضيق أو سعة ، وإنما يعرفه الناقد عند المعاينة ، فيعرف البَهرج والزائف والخالص والمغشوش ، وكذلك تمييز الحديث ، فإنه عِلم يخلقه الله تعالى في القلوب بعد طول الممارسة له والاعتناء به ) .
انتهى من: التعريف بعلم علل الحديث للحلاف "نسخة الشاملة"