العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

تعليقة على تخطئة الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- للإمام الشافعي-رضي الله عنه-في آية من كتاب الله !

إنضم
20 أغسطس 2018
المشاركات
2
الكنية
أبو طارق
التخصص
لغة عربية
المدينة
سوهاج
المذهب الفقهي
شافعي
الحمد لله وحده،
والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه،
وبعد،
ففي أثناء قراءتي الرسالة للإمام المطلبي محمد بن إدريس الشافعي –رحمه الله تعالى- استوقفني تعليق للشيخ أحمد شاكر –رحمه الله – على الإمام-رحمة الله عليه- فكتبت في الحاشية كلاماً؛ أحببت أن أعرضه على إخواني من طلبة العلم؛ للنظر فيه، والتأمل في مغازيه، وأن أقدح في عقولهم زناد البحث والتحقيق،
وأوري في قلوبهم جذوة الشوق لمعرفة الصواب في هذا الطريق،
لعلني أصل إلى الحق بملاقحة عقلي بعقولهم،
ووضع فكرتي في متناول سهامهم ،
والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله المنان.

قال الشافعي –رحمه الله تعالى-:

"بيان فرض الله في كتابه اتباع سنة نبيه.
قال: الشافعي: وضع الله رسوله من دينه وفرْضِه وكتابه، الموضعَ الذي أبان - جل ثناؤه - أنه جعله عَلَمًا لدينه، بما افترض من طاعته، وحرَّم من معصيته، وأبان من فضيلته، بما قَرَن من الإيمان برسوله مع الإيمان به. فقال تبارك وتعالى: { فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا: ثَلَاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ.{
انتهى من كتاب الرسالة ص73 دار الذخائر تحقيق الشيخ شاكر.
فقال الشيخ شاكر –رحمه الله- الفقرة / 237:
" والعصمة لله ولكتابه ولأنبيائه، وقد أبى الله العصمة لكتاب غير كتابه، كما قال بعض الأئمة من السلف، فإن الشافعي رحمه الله: ذكر هذه الآية محتجاً بها على أن الله قرن الإيمان برسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - مع الإيمان به، وقد جاء ذلك في آيات كثيرة من القرآن، منها:
قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل(.
ومنها قوله تعالى: (فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون( .
ومنها قوله تعالى: (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا( .
ولكن الآية التي ذكرها الشافعي هنا ليست في موضع الدلالة على ما يريد.
لأن الأمر فيها بالإيمان بالله وبرسله كافة.
ووجه الخطأ من الشافعي - رحمه الله -: أنه ذكر الآية بلفظ: (فآمنوا بالله ورسوله) بإفراد لفظ الرسول وهكذا كتبت في أصل الربيع، وطبعت في
الطبعات الثلاثة من الرسالة، وهو خلاف التلاوة، وقد خُيِّل إليَّ بادئ ذي بدء أن تكون هناك قراءة بالإفراد، وإن كانت - إذا وجدت - لا تفيد في الاحتجاج لما يريد؛ لأن سياق الكلام في شأن عيسى عليه السلام، فلو كان اللفظ: (ورسوله) لكان المراد به عيسى، ولكني لم أجد أيَّة قراءة في هذا الحرف من الآية بالإفراد،
لا في القراءات العشر، ولا في غيرها من الأربع، ولا في القراءات الأخرى التي يسمونها: (القراءات الشاذة(
ومن عجب أن يبقى هذا الخطأ في الرسالة، وقد مضى على تأليفها أكثر من ألف ومائة وخمسون سنة، وكانت في أيدي العلماء هذه القرون الطوال.
وليس هو من خطأ في الكتابة من الناسخين، بل هو خطأ علمي، انتقل فيه ذهن المؤلف الإمام، من آية إلى آية أخرى حين التأليف: ثم لا ينبه عليه أحد! أولا يلتفت إليه أحد!
وقد مكث أصل الربيع من الرسالة بين يدي عشرات من العلماء الكبار.
والأئمة الحفاظ، نحواً من أربعة قرون إلى ما بعد سنة 650 هـ يتداولونه بينهم قراءة وإقراء ونسخا ومقابلة، كما هو ثابت في السماعات الكثيرة المسجلة مع الأصل، وفيها سماعات لعلماء أعلام، ورجال من الرجالات الأفذاذ، وكلهم دخل عليه هذا الخطأ، وفاته أن يتدبر موضعه فيصححه.
ومردُّ ذلك كلِّه - فيما نرى والله أعلم -: إلى الثقة ثم إلى التقليد، فما كان ليخطر ببال واحد منهم أن الشافعي، وهو إمام الأئمة، وحجة هذه الأمة يخطئ في تلاوة آية من القرآن، ثم يخطئ في وجه الاستدلال بها، والموضوع أصله من بديهيات الإسلام، وحجج القرآن فيه متوافرة، وآياته متلوة محفوظة، ولذلك لم يكلف واحد منهم نفسه عناء المراجعة، ولم يفكر في صدر الآية التي أتى بها الشافعي للاحتجاج، تقليدا له وثقة به، حتى يرى إن كان موضعها موضع الكلام في شأن نبينا - صلى الله عليه وسلم - أو في شأن غيره من الرسل عليهم السلام."
انتهى كلام الشيخ شاكر- رحمه الله تعالى-.
قلت- مستعيناً بالله تعالى-:
لم أجد مَن تعقب الشيخ أحمد شاكر-رحمه الله- في تحقيقات الرسالة ولا في شروحها-فيما وقفت عليه -على قلة بضاعتي-،عدا شرحٍ واحدٍ لأحد المغاربة –وهو شرح صوتي – انتقد فيها الشيخَ شاكر-رحمه الله- وردَّ تخطئته للشافعي-رحمة الله عليه-.
ولقد وجدت في كلامه مَقنعاً؛ فلم يكن الخطأ هنا من قبيل الخطأ الذي يقع من جملة البشر في تلاوة آية من كتاب الله-فهذا أمر لا مطمع في العصمة منه-، بل هو –فيما أرى والله أعلم- تخطئةٌ لجميع فحول الإسلام، وأئمة الدين من لدن الشافعي-رحمه الله- إلي يوم الناس هذا .
فرسالة الشافعي قد قرأها ابن مهدي، وأحمد، وإسحاق، وابن المديني، والحسين الكرابيسي، والزعفراني، والربيع، ، والبويطي-رحمهم الله جميعاً- في خلائقَ لا يحصيهم إلا الله , فلم يعد مجرد خطأ في آيةٍ اشتبهت عليه وحده فحسب،
-مع علمي بأن بعضهم إنما قرأ (الرسالة البغدادية) وربما لم يقرأ (الرسالة المصرية)، وهذه الآية قطعاً هي الرسالة المصرية، لكن وجودها في البغدادية محتَمَل-، والله أعلم.

قال الربيع بن سليمان المرادي-رحمه الله- ناقل علم الشافعي - رحمه الله

قرأت: الرسالة على الشافعي نيفاً وثلاثين مرة، فما من مرة إلا كان يصحح،
ثم قال –الشافعي- في آخره: أبى اللهُ أن يكونَ كتابٌ صحيحٌ غيرُ كتابهِ،
يدل على ذلك قول الله -تبارك وتعالى-: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا) الآية. انتهى كلام الربيع.

وكذلك المزني-رحمه الله-قال : منذ أربعين سنة وأنا أقرأ الرسالة للشافعي وأنظر فيه، ويُقرأ عليَّ، فما من مرة إلا استفدت فيه شيئاً لم أكن أحسنه .
وفي رواية:: قرأت الرسالة خمسمائة مرة !!
[قلت أي بمعدل مرة كل شهر! لأنه قرأها وقرأت عليه أربعين سنة]
وكذلك محمد بن سلم بن وارة-رحمه الله- قال: قدمت من مصر فأتيت أحمد بن حنبل فقال: كتبت كتب الشافعي؟ فقلت : لا . فقال: قَصَّرْت ".اهـ.
ولم أزل -منذ ذلك الحين- وأنا علي قناعة تامة بعدم خطأ الشافعي -رحمه الله-
في هذه الآية، لاسيما عند من يعلم شيئاً عن القراءات، واختيارات القراء، والأحرف السبعة، ومصاحف الصحابة-رضي الله عنهم- قبل إجماع الناس علي مصحف عثمان-رضي الله عنه- وترك ما عداه . لاسيما والشافعي قريب العهد بالتابعين وما زال صدي هذه الكلمات المخالفة لرسم المصحف موجوداً في قراءاتهم ،
فما المانع أن نولِّيَ الشافعي-رحمه الله- ما تولي، كما هو الشأن مع غيره من أهل العلم في مؤلفاتهم؛ حيث يعزون حروفاً لقراء قرؤوا بها ولا وجود لها في مصحف عثمان- رضي الله عنه-،
وما ذاك إلا لأن عثمان-رضي الله عنه- لم يمنع القراءة بغير مصحفه إنما منع المصاحف المخالفة لمصحفه في الرسم –! كما سيأتي .
وبالتالي فما يوافق مصحفه هو الذي سيكتب له البقاء، وما عداه فلن يتعدي جيلاً أو جيلين ثم يندرس أمره، ويضمحل ذكره، فلا ترى منه إلا نتفاً هنا وهناك في كتب التفسير -لأنه فقد شرط التواتر، كما فَقَدَ مستنده من موافقة الرسم .
ثم إن عثمان-رضي الله عنه- قال إنما أردت النصيحة لكم فاقرءوا بما شئتم. وسيأتي.
وما زلت أبحث عن هذه الآية حتى عثرت علي ما أبتغيه :وذلك في كتاب إعراب القراءات الشاذة للعكبري " حيث قال-رحمه الله-:" فآمنوا بالله ورسله "
قال: يقرأ ( ورسوله)علي الإفراد يراد به محمد صلي الله عليه وسلم !!
ويجوز أن يراد به عيسي، أي: آمنوا أنه رسولٌ لا ولد "( انتهي من إعراب شواذ القراءات[ 1/ 423] وعزاه المحقق لشواذ القراءة لابن مناذر 66-67)" فالحمد لله علي توفيقه " .
هذا وقد دار حوار بيني وبين فضيلة الشيخ الوالد عصمت بن العراقي -حفظه الله- وألمح إليَّ أن المسألة قد شغلته أيضاً على إثر النقاش الذي دار بيني وبينه، وأشار إلى احتمال وجودها في كتب المصاحف , فقوَّى من عزمي على البحث والمواصلة .
وأشار- بارك الله فيه ونفعنا به - إلي كتاب المصاحف لابن أبي داود-رحمه الله- : فرجعت إلى المرجع المذكور فوجدت فيه:
[حدثنا عبدالله قال سمعت أبا حاتم السجستاني يقول:
بين مصحف (أهل مكة) وأهل( البصرة) اختلافٌ؛ حرفان ويقال خمسة أحرف؛
عند أهل مكة في آخر النساء:" فآمنوا بالله ورسوله " وعند البصريين " ورسله " !!
انتهى من ( المصاحف لابن أبي داود المتوفىسنة306هـ) (1/154).
وبهذا لا تعدو أن تكون قراءة شاذة؟!

فما حكم الاحتجاج بالقراءة الشاذة عند الشافعي-رحمه الله
قال الجويني-رحمه الله- :
(الظاهر من مذهب الشافعي أن القراءة الشاذة التي لم تنقل تواتراً لا يسوغ الاحتجاج بها, ولا تنزل منزلة الخبر الذي ينقله أحد من الثقات , لهذا نفي اشتراط التتابع في صيام الأيام الثلاثة في كفارة اليمين .
ولم ير الاحتجاج بما نقله الناقلون من قراءة بن مسعود في قوله تعالي :" فصيام ثلاثة أيام" متتابعات "]
انتهى من البرهان [1/677 ] نقلاً عن لمين الناجي في القديم والجديد في فقه الشافعي 1/201 بالهامش.
قلت :-
يشكل علي كلام الجويني ما سبق من احتجاج الشافعي-رحمه الله- بقراءة " فآمنوا بالله ورسوله " بالإفراد، ولم يقرأ بها أحد من العشرة فليست متواترة!
ولكن الانفصال من ذلك سهل ميسور:
بأن تحمل رواية الإفراد على أنها كانت متواترةً في زمن الشافعي-رحمه الله-
لا سيما وهي مكتوبةٌ في المصحف المكي العثماني، كما في المصاحف لابن أبي داود-رحمه الله- كما مر.
قلت : بينما قراءة " فصيام ثلاثة أيام متتابعات " –التي استدل بها الجويني على عدم احتجاج الشافعي بالقراءة الشاذة ؛ لم تكن في أحد المصاحف العثمانية أصلاً ! بل كانت فيما أحرق أو ترك، بعد الإجماع علي مصحف عثمان-رضي الله عنه- من ابن مسعود-رضي الله عنه- وغيره،
والدليل على ذلك انتهاء أسانيد حمزة وعاصم إلى ابن مسعود-رضي الله عنه- بغير خلاف لما فيه المصاحف العثمانية بزيادة " متتابعات " ولا بنقص " المعوذتين" فرجوعه رضي الله عنه–أي ابن مسعود عن الخلاف- قطعي متواتر.
وعليه؛
فإن قراءة " ورسوله" بالإفراد ليست شاذةً عند الشافعي-رحمه الله- أصلاً!
وإنما شذَّذَّها ابن مجاهد " أحمد بن موسي-رحمه الله " المتوفى سنة324ه !!
أي بعد الشافعي المتوفى سنة204هـ ،
ولم يقصد-رحمه الله- بتشذيذها أنها غير صحيحة، بل قصد أنها شذَّت عن السبعة -التي اختارها- في الشهرة في عموم الأمصار، فهذا الشذوذ اصطلاحٌ خاص به, لا يُحاكَم به الإمام الشافعي-رحمه الله- الذي سبقه بـ120 سنة ,
بل كان الإمام الشافعي –رحمه الله- نفسه صاحبَ رواية مسندة في القراءة إلي النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي-رحمه الله- :
قراءتنا قراءة عبد الله بن كثير، وعليها وجدت أهل مكة.
قلت : توفي ابن كثير المكي –رحمه الله-[ ت 150]ه.
سند الشافعي-رحمه الله –في القراءة :
إسماعيل بن قسطنطين عن شبل عن ابن كثير عن مجاهد ...
وسند البزي-رحمه الله- ت( 170 )ه: عكرمة بن سليمان عن القسط وشبل عن ابن كثير عن مجاهد...
وسند قنبل-رحمه الله- ت( 195 ): عن أبي الإخريط وهب بن واضح عن شبل والقسط عن مجاهد ...

قال الشاطبي-رحمه الله-:
ومكةُ عبدُ الله فيها مُقامهُ هو ابنُ كثيرٍ كاثِرُ القومِ مُعتَلا
روى أحمدُ البزيْ له ومحمد ٌ على سندٍ وهْو الملقبُ قُنبلا

( إسماعيل القسط ): آخر من بقي من أصحاب ابن كثير، وقد قرأ عليه مباشرة وعلي ( صاحبيه شبل ومعروف ) .
(عكرمة وأبو الإخريط) قرآ علي القسط –رحمة الله عليهم-،
وكذلك الشافعي –رحمه الله-
فراويا ابنِ كثير -وهما البزي وقنبل -, الشافعي أعلي سنداً منهما، وهو في طبقة شيوخهما،
ذكر ابن الجزري-رحمه الله-في غاية النهاية في طبقات القراء( 2- 86 ). :
[ 2840 – محمد بن إدريس الشافعي أحد أئمة الإسلام أخذ القراءة عرضاً عن إسماعيل بن قسطنطين المكي، روي القراءة عنه محمد بن عبد الله بن عبد الحكم .
قال ابن الجزري-رحمه الله- :
"وقرأت بروايته القرآن من كتاب المستنير، وحدثني بها منه ومن كتاب الكامل غير واحد، وساق بسنده إلي الشافعي إلى إسماعيل إلي ابن كثير] اهـ.
وذكر أبو الطاهر أحمد بن علي بن سوار البغدادي (496هـ ) في كتابه المستنير في القراءات العشر – (وهو أقدم من ابن الجزري-رحمه الله- بمائة عام!) :
ذكر قراءة عبد الله بن كثير المكي-رحمه الله- وذكر لها أربع روايات :

  1. رواية البزي-رحمه الله-،
  2. رواية أبي إسحاق بن فليح-رحمه الله-،
  3. رواية قنبل-رحمه الله-،
  4. رواية الشافعي-رحمه الله-.
وساق سنده إلي محمد بن عبد الله بن عبد الحكم بن أعين حدثنا الشافعي قال :أخبر إسماعيل قال : قرأت علي شبل بن عباد عن ابن كثير عن مجاهد عن ابن عباس عن أبّي عن النبي ( صلي الله عليه وسلم )اهـ.


قلت : وقد نُسب للشافعي-رحمه الله- قولان آخران في جواز الاحتجاج بالقراءة الشاذة :
الأول: جواز الاحتجاج بها إذا صح سندها،
الثاني: أنها حجة: إذا كانت بياناً، وصح سندها، ولم يعارضها خبر،
أو قياس،
وليست حجةً: إذا استقلت بإثبات حكم جديد" اهـ.
والله أعلم.
فصل
هل منع عثمان- رضي الله عنه- الناس من القراءة بما يخالف مصحفه؟
أم اكتفى بالمنع من الكتابة التي تخالف رسم مصحفه ؟

عنون ابن أبي داود-رحمه الله- في كتابه المصاحف فقال:
إطلاق عثمان -رضي الله عنه- القراءة على غير مصحفه
" حدثنا عبد الله، قال: حدثنا عثمان بن هشام بن دلهم ، حدثنا إسماعيل بن الخليل ،عن علي بن مسهر ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، قال: لما نزل أهل مصر الجحفة يعاتبون عثمان رضي الله عنه، صعد عثمان المنبر فقال:
" جزاكم الله يا أصحاب محمد عني شراً أذعتم السيئة، وكتمتم الحسنة، وأغريتم بي سفهاء الناس، أيكم يأتي هؤلاء القوم، ما الذي نقموا، وما الذي يريدون ؟
ثلاث مرات لا يجيبه أحد، فقام علي- رضي الله عنه- فقال: " أنا "،
فقال عثمان: " أنت أقربهم رحماً وأحقهم بذلك "، فأتاهم فرحبوا،
وقالوا: ما كان يأتينا أحد أحب إلينا منك،
فقال: " ما الذي نقمتم ؟ "
قالوا: نقمنا أنه محا كتاب الله -عز وجل-،
فرد عليهم عثمان رضي الله عنه: " أمَّا القرآن فمن عند الله، إنما نهيتكم لأني خفت عليكم الاختلاف، فاقرءوا على أي حرف شئتم..."اهـ

قال د/ محمد عمر بازمول:- وفقه الله-:-
"الظاهر أن عثمان[رضي الله عنه] إنما اختار للناس حرفاً اتفق الجميع عليه, ولم يُلغِ سائر الحروف, إنما ترك الباب مفتوحاً لكل من يؤكد من الصحابة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بقراءة معينة أن يقرأ بقراءته الخاصة بِحُريَّةٍ تامة، وتحت كامل مسئوليته الدينية، ومن غير أن يلزم جماعة المسلمين كلها بما يؤكد سماعه, ولا يكون التعليم العام للناس إلا من المصحف الذي أجمع على ما فيه الصحابة–رضوان الله عليهم-،
وهذا الموقف المعقول والعادل يتضح بجلاء بأمور مما يلي :
الأول: من كلام عليّ بن أبي طالب –رضي الله عنه-:
" لو وليت لعملت بالمصاحف الذي عمل بها عثمان "
فإنه يدل عليه بأمور:
1 -أنه لم يقل فيه أن عثمان قال: ما عدا هذه القراءة باطل ليس بقرآن , لكنه اكتفي بأن جمعهم علي قراءة واحدة خشية الفرقة والمراء في القرآن .
2 -أنه لو قال باطلاً لرد عليه الصحابة –رضي الله عنهم-
إذ كيف يبطل ما أباحه رسول الله-صلى الله عليه وسلم- للأمة؟
فلما أقرُّوه دل ذلك علي أن مراد عثمان-رضي الله عنه- هو ما ذكرته، وهو ما فهمه الصحابة –رضي الله عنهم-فاقتصروا في تعليمهم العام علي الحرف الذي اختاره عثمان –رضي الله عنه- فحظي بالتواتر في النقل،
أما ما يخالفه فإنهم اقتصروا علي القراءة به في خاصتهم ولذلك لم تحظ القراءات المخالفة لمصحف عثمان إلا بنقل الآحاد.
[قلت-أبو طارق-: وربما تواترت زمناً ثم اندثرت.
وقوله-وفقه الله-"فاقتصروا في تعليمهم العام علي الحرف الذي اختاره عثمان –رضي الله عنه- فحظي بالتواتر في النقل، لابد من إضافة ( وما احتمله الرسم أيضاً مما تلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم). والله أعلم]

ثم قال:
الثاني: قول عثمان للرهط القرشيين الثلاثة." إذا اختلفتم أنتم وزيد في شيء فاكتبوه بلسان قريش" فإنه يوضح:
أنه إنما اختار من الأحرف ما كان علي لسان قريش , أما البقية التي يجزم الصحابي أنه سمع الرسول يقرأ بها أو أقرأه إياه – صلي الله عليه وسلم- فلم يبطلها عثمان لكن سكت عن تسجيلها في المصحف الذي أراد جمع الناس عليه , ووافقه الصحابة فيه , وترك للصحابي الحرية في قراءته لنفسه وتحمل مسؤوليته بمفرده.
الثالث: رد عثمان رضي الله عنه علي المتمردين بقوله :
" أما القرآن فمن عند الله , إنما نهيتكم لأني خفت عليكم الاختلاف , فاقرءوا علي أي حرف شئتم" اهـ
(وسنده فيه انقطاع وضعف)
قال د محمد بازمول-وفقه الله-:
[ ويشهد له أثر مصعب بن سعد وسويد بن غفلة عن عليّ ] اهـ.
السابق 1/66 انتهى .من كتابه القراءات وأثرها في التفسير والأحكام.
قلت: ويشهد له- أيضاً- تلك القراءات المبثوثة في الكتب، والمنسوبة إلي كثير من التابعين، والمخالفة للرسم العثماني قطعاً،
فمن أين وصلت وكيف جاءت ؟
مع العلم أنه لم يتواتر منها شيء وإنما جاءت من طريق الآحاد ،
ومما يؤكد ذلك ما ذكره الزركشي-رحمه الله- في البحر المحيط:
"كان الأعمش-- يقرأ ختماً علي حرف ابن مسعود،
وختماً علي مصحف عثمان" !! اهـ
قلت: رحم الله الأعمش، ورضي عن الصحابة جميعاً.
وكلام الدكتور بازمول-وفقه الله- جيد ومتين، لكن نخالفه بعض الشيء فيما ذهب إليه من أن المصحف العثماني وضع لحرف واحد يشمل جميع القراءات التي تواترت بعد ذلك وأن عثمان قصد ذلك ابتداءً،
بل الصواب –إن شاء الله- قول من قال من أهل العلم أنه قصد حرفاً واحدا،ً وقراءةً واحدةً ، لرفع الخلاف الذي وقعت فيه الأمة أو كادت ، لكنّ هذا لم يتم، فاكتُفِيَ بالقراءة التي توافق الرسم وإن لم يكن قصدها الكتبة لعثمان-رضي الله عنهم-ابتداءً، وهذا الذي ينسجم مع كثرة القراءات المتواترة على اختلافها ،
فالقول بأنها جميعاً ترجع لحرف واحدٍ –على كثرتها واختلافها في الأداء والحذف والزيادة والتقديم والتأخير- وأن هذا الحرف هو الذي اختاره عثمان-رضي الله عنه- ليرفع الخلاف والاختلاف فيه ما فيه! والله أعلم.




فصل
المصحف العثماني
وضع بالأساس لقراءة واحدة
بوجهٍ واحدٍ من حرفٍ واحدٍ
اختلف علماء السلف-رحمهم الله - في اشتمال المصحف العثماني علي الأحرف السبعة من عدمه على ثلاثة أقوال :
الأول: المصحف العثماني كُتب مشتملاً علي الأحرف السبعة جميعها.
الثاني: المصحف العثماني كتب مشتملاً علي بعض الأحرف السبعة وهو ما يحتمله الرسم منها.
الثالث: المصحف العثماني مشتمل علي حرف واحد منها, ولم يقصد به إلا هو أولاً وإن احتمل غيره –
وهو مذهب الطبري ومكي بن أبي طالب "اهـ مختصراً من [رسم المصحف دراسة لغوية وتاريخية د/ غانم قدوري-وفقه الله-صـ122]
قلت: والراجح-إن شاء الله- هو الثالث.

لكن هل جميع القراءات التي وصبت إلينا بالتواتر داخلة في حرف واحد ؟
الجواب-والله أعلم-: كلا !
بل عثمان- رضي الله عنه- جمع الناس على قراءة واحدة برسم واحد ، كما مر.




فإن قيل : فكيف جاءت القراءات الأخرى المتواترة ؟
فالجواب: قال مكي بن أبي طالب-رحمه الله- :
"ولما مات النبي-صلى الله عليه وسلم- خرج جماعة من الصحابة في أيام أبي بكر وعمر إلي ما افتتح من الأمصار ليعلموا الناس القرآن والدين، فعلم كل واحد منهم مصره علي ما كان يقرأ علي عهد النبي-صلى الله عليه وسلم , فاختلفت قراءة أهل الأمصار....
فلما كتب عثمان المصاحف ووجهها إلي الأمصار وحملهم علي ما فيها وأمرهم بترك ما خالفها-
[قلت-أبو طارق-: كان هذا في البداية، كما سبق قوله لهم بعد ذلك " فاقرؤوا على أي حرف شئتم]-ثم قال:
قرأ أهلُ كلِ مصرٍ مصحفهم الذي وجّه إليهم علي ما كانوا يقرؤون قبل وصول المصحف إليهم مما يوافق خط المصحف , وتركوا من قراءتهم التي كانوا عليها مما يخالف خط المصحف , فاختلفت قراءة أهل الأمصار لذلك بما لا يخالف الخط وسقط من قراءتهم ما يخالف الخط" انتهى.
الإبانة عن معاني القراءات لمكي بن أبي طالب صـ4 نقلاً عن رسم المصحف 125

فائدة
في ضبط الآيات القرآنية في الكتب المحققة
قال القاضي عياض–رحمه الله-:
"الذي استمر عليه عمل أكثر الأشياخ؛ نقل الرواية كما وصلت إليهم وسمعوها ولا يغيرونها من كتبهم، حتي طردوا ذلك في كلمات من القرآن استمرت الرواية في الكتب عليها بخلاف التلاوة المجمع عليها، لكن أهل المعرفة منهم ينبهون علي خطئها عند السماع والقراءة -في حواشي الكتب- ويقرؤون في الأصول ما بلغهم" انتهى (الإلماع إلي معرفة أصول الرواية وتقييد السماع – القاضي عياض )
قلت:
فكان مقتضى ذلك أن يكتفي الشيخ شاكر –رحمه الله- بالتنبيه على ما ترجح عنده في الهامش، دون المساس بالأصل ، وهذا الذي عهدناه من عمل شيخ المحققين شاكر نفسه-رحمه الله ،
ولعله في هذا الموضع ترك هذه العادة الصحيحة لِمَا قام بقلبه من تعظيم كتاب الله –عز وجل-فلم يستجز أن يَكتب آيةً وهو يراها خطأً محضاً، فهو مأجور على هذه الغيرة إن شان الله تعالى، والله أعلم.

قلت: وثمة موضعٌ آخر مشابهٌ لما نحن فيه ألا وهو :

قوله تعالى" وأقم الصلاة لذكري "
قال الشافعي-رحمه الله-:عن مالك عن (ابن شهاب ) عن (ابن المسيب ) أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال :
( من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله يقول : " وأقم الصلاة لذكري " ) اهـ.
قلت :
قال السيوطي : " الحديث فيه تغيير من الراوي وإنما هو (للذكرى ) كما في سنن أبي داود ".
قال القاضي عياض : " وذلك هو المناسب لسياق الحديث " وعرف أن التغيير صدر من الرواة عن مالك أو من دونهم لا عن مالك ولا من فوقه " ا ه
( طبقات الفقهاء والمحدثين للخشني ).
قلت :
بل رواه البخاري بسنده عن أنس.
وكان الزهري يقرأها (للذكرَى ) أي: ( للتذكر) فالاستدلال بقراءة "للذكَرى" واضح وكذلك الاستدلال علي القراءة الأخرى "لذكري" واللام عندئذ للتوقيت، أي: أقم الصلاة لوقت ذكري .واللام تأتي للتوقيت كقوله :" أقم الصلاة لدلوك الشمس " .
وقيل: العبرة باستدلال النبي-صلى الله عليه وسلم- بها–(هكذا قال من استشكل موضع الدلالة منها) , واللام عنده للتعليل أي" لأجل ذكري "
ولما كانت اللام محتملةً للتعليل وللتوقيت؛ واستدل بها النبي ( صلي الله عليه وسلم ) علي المعني البعيد؛ دل علي استعمال المشترك في معينه جميعاً ,
والله أعلم.
والآية في موسي (عليه السلام ) ففيه شرع من قبلنا شرع لنا .
قال العيني –رحمه الله-:
( أقم الصلاة للذكرى ) بالألف واللام وفتح الراء بعدها مقصورة ووزنها (فُعلى ) مصدر من ذكر يذكر، وفي رواية مسلم من طريقة يونس أن الزهري كان يقرؤها كذلك، والقراءة المشهورة (لِذكري )
وقال : إن هَمَّاماً سمعه من قتادة مرة بلفظ ( للذكرَى )، ومرة بلفظ (لذكرِي )
قال ابن القيم-رحمه الله- :" وهذه قراءة شاذة "اهـ.
قلت : ورغم أن هذه اللفظة ليست في القراءات العشر إلا أن أحداً لم يجرؤ علي تخطئة ( الزهري ) !
فكيف جاز للشيخ أحمد شاكر-رحمه الله- أن يخطِّئ الإمام الشافعي-رحمه الله- في استدلاله بلفظ "فآمنوا بالله ورسوله "؟!
ثم إني وجدتها في كتاب( شواذ القرآن ) لابن خالويه - تلميذ ابن مجاهد-،
قال:(وأقم الصلاة للذكرى): مشدّدّة الذال : النبي عليه الصلاة والسلام وأبو عبدالرحمن اهـ.
أي هذه القراءة نقلت عن النبي عليه السلام وعن أبي عبد الرحمن،
ولعله يقصد أبا عبد الرحمن السلمي-رحمه الله- مقرئ الكوفة عبد الله بن ربيعة من أولاد الصحابة مولده في حياة النبي-صلى الله عليه وسلم-.
وقال العكبري أبو البقاء-رحمه الله تعالى- :
قوله تعالي (لذكري) يقرأ بلامين وتشديد الذال ,وألف بعد الراء , والألف للتأنيث أي للتذكر أي عند ذكرك إيها .
وفي الهامش : قال المعلق :
[في إعراب القرآن 3/35 أبو عبد الرحمن ( السلمي ) وأبو رجاء والشعبي اهـ.
( ج2 / إعراب القراءات الشواذ للعكبري )
في البحر المحيط : السلمي والنخعي وأبو رجاء تحقيق ودراسة : السيد أحمد عزوز.]

ثم إنني رجعت إلي[ معجم القراءات] لعبداللطيف الخطيب ،
فوجدته يقول:-
[ لذكري إنّ: - قرأ في الوصل بفتح ياء الإضافة: نافع وأبو عمرو وأبو جعفر والزهري واليزيدي.

  • وقرأ بإسكانها: حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر وابن كثير وابن عامر .
  • وقرأ السُّلمي والنخعي وأبو رجاء وابن مسعود وأبي بن كعب وابن السميفع: ( للذكرى) بلام التعريف وألف التأنيث.
-وقرأ أبو عبدالرحمن السُّلمي وأبو رجاء والشعبي والزهري: ( لذكري) بألف التأنيث وبغير لام التعريف .
- وقرأت فرقه (للذكر) للتعريف والتذكير [ معجم القراءات / 5/سورة طه ] والكتاب يقع في أحد عشر مجلداً.

ثم وجدت مقالاً كاملاً في هذه المسألة بعنوان:-
من قضايا التحقيق
وقفة مع تعليق حول آية قرآنية (عباس رحيلة)
نشر المقال بجريدة الرابطة – عدد 17 /3 ربيع ثاني / 1432ه- 9مارس /2011
وقد وافق ما عندي – والحمد لله على توفيقه-
وردَّ الفضل في ذلك للدكتور عبدالرحيم نبولسي بعد أن سمع تعليق أحمد شاكر , فصاح وقال :
(إن الآية هكذا وردت في المصحف المكي بصيغة المفرد, والشافعي من أهل مكة وكان ذلك قبل أن يعرف الناس تصنيف القراءات بالصورة المعروفة لدينا خلال العصور الإسلامية , فمعتمد الشافعي المصحف المكي، وتلك هي القراءة فيه وابن مجاهد الذي جعل القراءات سبعاً توفي بعد الشافعي بمئة وعشرين سنة !!
وأوقفنا-جزاه الله خيراً- علي مجموعة من المصادر فيها (ورسوله ) :
منها :

  1. كتاب المصاحف لابن أبي داود السجستانى 216سنه ه
ذكر أن من جملة ما اختلف فيه مصحف أهل مكة عن مصحف أهل البصرة قوله تعالي في آخر النساء " فآمنوا بالله ورسوله " [1/154]

  1. شواذ القراءات : الكرماني – بالواو عن ابن مناذر .
  2. إعراب القراءات الشواذ لأبي البقاء العكبري
  3. معجم القراءات : د/ عبدالله الخطيب .[قلت والصواب: عبد اللطيف]
وفيه - في مصحف أهل مكة - " ورسوله " مفردة ،
وقد عزيت إلي ابن مناذر،
وفي مصحف أهل البصرة .( ورسُله) علي الجمع ,
وقرأ الحسن : (ورسْله) بسكون السين للتخفيف.
وجاء في فتح الباري :
عن البراء بن عازب-رضي الله عنه-:( لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله غير أولي الضرر) ,
قال ابن حجر-رحمه الله- : هكذا وقع تأخير لفظ ( غير أولي الضرر)،
والذي في التلاوة: "لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله" اهـ.
[باختصار من المقال الآنف الذكر لعباس رحيلة].


فائدة
للمُدارَسة
لم أر من نَبَّهَ عليها
إذا كان المصحف المكي العثماني فيه هذا الحرف " فآمنوا بالله ورسوله" كما سبق تقريره ،ومع ذلك لم يتواتر نقله، ولا هو في السبع، ولا في العشر، ولا في الأربعة عشر ، رغم أنه في المصاحف العثمانية !!
فهذا يطرح تساؤلاً:
هل في المصاحف العثمانية ما لم يتواتر أو حتى لم ينقل برواية الآحاد؟
الجواب: -والعلم عند الله تعالى-:
لا مانع من ذلك ، فقد تواتر ما قامت به الحجة، ويكون حكمُ ما لم يتواتر من بعض الحروف المشتملة عليها المصاحف العثمانية هو نفسُ حكمِ بقية الأحرف التي تركها الصحابة –رضي الله عنهم- ؛
أولاً: لأن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: كلها كافٍ شافٍ. وهو حديث صحيح.
وثانياً: لعدم وجود دليل يُلزِم بنقل كلِّ وجهٍ من كل مصحفٍ من المصاحف العثمانية -على تعددها-!
قلت: وقريب من ذلك من بعض الوجوه؛ ما ثبت في المصحف المكي في فاتحة الكتاب من جعل قوله تعالى (ملك يوم الدين إياك) رأس آية ، ثم (نعبد وإياك نستعين) رأس آية . ولم يتواتر الوقف على ذلك بل ربما لم ينقل أصلاً!

فهذا يؤيد ما ذكرته –آنفاً- من عدم وجوب القراءة بكل ما نقل في مجموع المصاحف العثمانية . والله أعلم.

وبعد،
فالأمر مطروح للبحث ومراجعة أهل العلم والاختصاص فمن كان عنده فضل علم فليرشدنا إليه. والله تعالى أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه،
ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،
والحمد لله رب العالمين.
 

المرفقات

  • تعليق-على-تعليق-أحمد-شاكر.pdf
    539.7 KB · المشاهدات: 0

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: تعليقة على تخطئة الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- للإمام الشافعي-رضي الله عنه-في آية من كتاب الله !

[FONT=&quot]في المقنع في رسم مصاحف الأمصار (ص: 116): [/FONT][FONT=&quot]وقال أبو حاتم في مصحف أهل المدينة في يوسف " وقال الملك اتوني " بنقصان ياء.[/FONT]
[FONT=&quot]وفي مصحف أهل مكة في آخر النساء "فآمنوا بالله ورسوله"[/FONT]​
[FONT=&quot]...

وجاء في [/FONT]
تفسير مقاتل بن سليمان (1/ 424): (ثُمّ قَالَ- سُبْحَانَهُ-: {فَآمِنُوا} يعني صدقوا {بِاللَّهِ} - عَزَّ وَجَلّ- بأنه واحد لا شريك لَهُ {وَرسولِهِ} يعني محمدا- صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- بأنه نَبِيّ ورسول)
هكذا فسرها، وغيرها طابع الكتاب خطأ إلى {رسله}، والعبارة لا تستقيم
 

زياد العراقي

:: مشرف ::
إنضم
21 نوفمبر 2011
المشاركات
3,614
الجنس
ذكر
التخصص
...
الدولة
العراق
المدينة
؟
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
رد: تعليقة على تخطئة الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- للإمام الشافعي-رضي الله عنه-في آية من كتاب الله !

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الكتاب تفسير الإمام الشَّافِعِي
المؤلف : الإمام / أبو عبد الله محمد بن إدريس الْمُطَّلَبِي
جمع وتحقيق ودراسة : د. أحمد بن مصطفى الفرَّان
( رسالة دكتوراه )
الناشر : دار التدمرية - المملكة العربية السعودية
الطبعة الأولى : 1427 - 2006 م
عدد الأجزاء : 3
تنبيه :
[ ترقيم الكتاب موافق للمطبوع ]
مصدر الكتاب نسخة مصورة قام الشيخ الجليل نافع - جزاه الله خيرا - بتحويلها
وقام الفقير إلى عفو ربه الكريم القدير بتصويبه
والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً.
* * * * * * * * * * * * * *
تنبيه
وقع محقق الكتاب في وهْمٍ تبعاً للعلامة أحمد محمد شاكر (محقق كتاب الرسالة للإمام الشَّافِعِي) زاعماً أن الإمام الشَّافِعِي - رحمه الله - قد أخطأ في آية قرآنية ونحن نذكر كلامه والرد عليه إن شاء الله تعالى
قال محقق الكتاب ما نصه :
قلت : أشرنا في تفسير الآية / 136 من سورة النساء إلى أن الشَّافِعِي رحمه
الله ذكر هذه الآية دليلاً على أن اللَّه قرن الإيمان به بالإيمان برسوله ، وهنا كلام رائع لمحقق كتاب الرسالة ، يستحسن أن ننقله كاملاً بحرفيته كما ورد في تعليقه على هذه الفقرة / 237 إذ يقول رحمه اللَّه :
والعصمة للّه ولكتابه ولأنبيائه ، وقد أبى الله العصمة لكتاب غير كتابه ، كما
قال بعض الأئمة من السلف.
فإن الشَّافِعِي رحمه الله : ذكر هذه الآية محتجاً بها على
أن الله قرن الإيمان برسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - مع الإيمان به ، وقد جاء ذلك في آيات كثيرة من القرآن ، منها :
قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ).
ومنها : قوله تعالى : (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).
ومنها : قوله تعالى : (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا).
ولكن الآية التي ذكرها الشَّافِعِي هنا ليست في موضع الدلالة على ما يريد.
لأن الأمر فيها بالإيمان باللّه وبرسله كافة.
ووجه الخطأ من الشَّافِعِي - رحمه الله - : أنه ذكر الآية بلفظ : (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) بإفراد لفظ الرسول وهكذا كتبت في أصل الربيع ، وطبعت في
الطبعات الثلاثة من الرسالة ، وهو خلاف التلاوة ، وقد خُيِّل إلي بادئ ذي بدء أن تكون هناك قراءة بالإفراد ، وإن كانت - إذا وجدت - لا تفيد في الاحتجاج لما يريد ؛ لأن سياق الكلام في شأن عيسى عليه السلام ، فلو كان اللفظ : (وَرَسُوله) لكان المراد به عيسى ، ولكني لم أجد آية قراءة في هذا الحرف من الآية بالإفراد.
لا في القراءات العشر ، ولا في غيرها من الأربع ، ولا في القراءات الأخرى التي يسمونها : (القراءات الشاذة).
ومن عجب أن يبقى هذا الخطأ في الرسالة ، وقد مضى على تأليفها أكثر
من ألف ومائة وخمسون سنة ، وكانت في أيدي العلماء هذه القرون الطوال.
وليس هو من خطأ في الكتابة من الناسخين ، بل هو خطأ علمي ، انتقل فيه ذهن المؤلف الإمام ، من آية إلى آية أخرى حين التأليف : ثم لا ينبه عليه أحد! أولا يلتفت إليه أحد!
وقد مكث أصل الربيع من الرسالة بين يدي عشرات من العلماء الكبار.
والأئمة الحفاظ ، نحواً من أربعة قرون إلى ما بعد سنة 650 هـ يتداولونه بينهم قراءة وإقراء ونسخاً ومقابلة ، كما هو ثابت في السماعات الكثيرة المسجلة مع الأصل ، وفيها سماعات لعلماء أعلام ، ورجال من الرجالات الأفذاذ ، وكلهم دخل عليه هذا الخطأ ، وفاته أن يتدبر موضعه فيصححه.
ومرد ذلك كله - فيما نرى واللَّه أعلم - : إلى الثقة ثم إلى التقليد ، فما كان
ليخطر ببال واحد منهم أن الشَّافِعِي ، وهو إمام الأئمة ، وحجة هذه الأمة يخطئ في تلاوة آية من القرآن ، ثم يخطئ في وجه الاستدلال بها ، والموضوع أصله من بديهيات الإسلام ، وحجج القرآن فيه متوافرة ، وآياته متلوة محفوظة ، ولذلك لم يكلف واحد منهم نفسه عناء المراجعة ، ولم يفكر في صدر الآية التي أتى بها الشَّافِعِي للاحتجاج ، تقليداً له وَثِقَة به ، حتى يرى إن كان موضعها موضع الكلام في شأن نبينا - صلى الله عليه وسلم - أو في شأن غيره من الرسل عليهم السلام.
ونقول هنا : ما قال الشَّافِعِي رحمه اللَّه فيما مضى من الرسالة في الفقرة /
136 : (وبالتقليد أغفل من أغفل منهم ، واللَّه يغفر لنا ولهم).
انتهى كلام محقق الكتاب.
أقول : اتهام الإمام الشَّافِعِي - رحمه الله - بالخطأ في آية قرآنية ومتابعة فقهاء الشَّافِعِية له فيه قروناً عديدة في غاية البعد البعيد ، وهذا قد يرد في حقِّنا وحقِّ أشباهنا أما الشَّافِعِي فهيهات ثم هيهات ؟؟!!! إنه الشَّافِعِي.
ويكفي في رد هذا الوهْم قول الربيع بن سليمان - رحمه الله -
قرأت : (كتاب الرسالة المصرية) على الشَّافِعِي نيفاً وثلاثين مرة ، فما من مرة إلا كان يصححه.
ثم قال الشَّافِعِي في آخره : أبى الله أن يكون كتاب صحيح غير كتابه ، يدل
على ذلك قول الله تبارك وتعالى : (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) الآية. انتهى كلام الربيع.
وكان الأليق بالمحقق أن لا يجزم بتخطئة الإمام - رحمه الله - وفقهاء مذهبه
والاكتفاء بردِّ هذا الخطأ إلى الناسخ كما هو حال أكثر المخطوطات.
والإمام الشَّافِعِي - رحمه الله - لم يفسر القرآن ، والآيات التي جمعها المحقق - جزاه الله خيراً - ذكرها الإمام مختصرة وغير مرتبة على ترتيب المصحف الشريف حتى يصح هذا الاتهام.
ولعل الآية التي تكلم فيها إمامُنا الشَّافِعِي - رحمه الله - هي قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ).
والله أعلم وأحكم.
ملتقى أهل الحديث
 
أعلى