العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

توسعة المسعى . . . . والقول الراجح فيها ؟ ؟

عبدالهادي

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
21 ديسمبر 2008
المشاركات
4
التخصص
شريعة
المدينة
الطائف
المذهب الفقهي
الدليل
التمهيد وفيه مطلبان :
المطلب الأول : فضل المسجد الحرام ومكة المكرمة.
وقد رأيت أن أبدأ التمهيد بهذا المبحث وذلك من باب التذكير بمكانتها لإرتباط المسعى بها حتي يتصور من أراد البحث في هذه المسألة عظمها وعظم المكان الذي تتعلق به فأقول والله الموفق
1) قال تعالى : ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدىً للعالمين ، فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناً ) (1) :
2) فقد أخرج ابن ماجه (2) في سننه عن ابن عباس بن ابي ربيعة المخزومي ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ( لا تزال الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة – يعني الكعبة _ حق تعظيمها فإذا ضيعوا ذلك هلكوا ) ، قال الحافظ بن حجر في الفتح (3) بأن هذا الحديث رواه احمد وابن ماجه بسند حسن .
3) كما أخرج الترمذي (4) عن عائشة رضى الله عنها عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال إنما جعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله تعالى ) .
4) كما أخرج البخاري (5) عن مجاهد ، أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال يوم الفتح : ( إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض فهي حرام بحرام الله الى يوم القيامة في الحديث ).
5) كما أخرج البخاري (6) في صحيحه عن ابن سلمه عن عبد الله بن عدي قال : ( وقف النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على الحزورة يوم الفتح فقال : ( والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله الى الله ولو لا إني أخرجت منك ما خرجت ) ... الحديث قال ابوعيسى حديث حسن غريب صحيح



* هذا وقد أورد الأزرقي في اخبار مكة أن عمرو بن الخطاب قال : ( لأن أخطي سبعين خطية بركن أحب إلي من أخطي خطية واحدة بمكة ) وفي كتاب عمدة القاري عند شرح حديث عائشة رضي الله عنها الذي أخرجه البخاري (1) ( لولا حداثة قومك بالكفر لنقضت البيت ثم بنيته ... ) قال (2) : ( الله تعالى ذكر فضل مكة في غير موضع من كتاب ومن أعظم فضلها أنه عز وجل فرض على عباده حجها وألزمهم قصدها ولم يقبل من احد صلاة إلا بإستقبالها وهي قبله أهل دينه أحياءً وأمواتاً .
قلت : مما سبق وغيره كثير يتضح شرف وعظم منزلة هذا المكان الذي إختاره الله جل في علاه من فوق سبع سموات لأداء فريضة الحج وليكون قبلة للمسلمين فهو أول بيت أسس على توحيد الله (3) وعبادته وحده لا شريك له ، وهو اول بيت وضع للناس للعبادة وإقامة ذكر الله منذ أمر الله ابراهيم أن يرفع قواعده ويجعله للطائفين والعاكفين والركع السجود ، وبكة من أسماء مكة وقيل سميت بذلك لأنها تبك اعناق الظلمة والجبابرة ، فكم من جبار قصد البيت بسوء فأهلكه الله ، وقيل لأن الناس يتباكون فيها أي يزدحمون ، هذا البيت جعله الله مباركاً وهدي للعالمين جعله مثابة للناس أي محلاً تشتاق إليه النفوس وتحن ولا ينصرف عنه منصرف وهو يحس أنه قضى منه وطره ولو تردد عليه كل يوم ، ولعل ذلك إستجابة لدعوة ابراهيم ( فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ) (4) .
5) كما جعل الله هذا البيت أمناً ، فهو مثابة الأمن لكل طائف وليس هذا لمكان في الأرض غيره ... وقد قيل أنه كان الرجل يلقي قاتل ابيه أو اخيه فلا يعرض له بسوء، ولذلك يمن الله سباحنه على العرب به في قوله تعالى : ( أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم ) (5) وقد أشرت الى حديث ابن عباس (6) في حرمة الحرم الى يوم القيامة ، ومن فضل هذا البيت الحرام جعل




الله الحج اليه فريضة على كل مسلم مستطيع مرة واحدة في العمر فقال سبحانه وتعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلاً ) (1) وعن ابي هريرة ، رضي الله عنه قال : ( خطبنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : ( يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا ) فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لو قلت نعم لوجت ولما إستطعتم ) (2) وان من تعظيم هذا المكان وهذه الفريضة ان النصوص أتت بالتعجيل بها فإن الإنسان لا يدري ما يعرض له .
كما أننا عند تأملنا لهذه الفريضة نجد أنها جامعة لشتى العبادات ففيها من الصلاة الدعاء والتوجه الى الله وفيها من الزكاة الإنفاق وبذل المال وفيها من الصوم التحمل والجهاد والصبر ، وهي فوق ذلك فضلها عظيم فمن أداها كما طُلب منه خرج منها كيوم ولدته أمه ، ولا يفوتني أن أبين في آخر هذا المطلب أن من عظم هذا المكان أن الله فضل العبادة فيه عن أي مكان آخر فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما (3) من حديث ابي هريرة رضي الله أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ( صلاة في مسجدي هذا افضل من ألف صلاة في سواه إلا المسجد الحرام ) وقد أخرج ابن ماجه في سننه (4) من حديث جابر ان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال إن صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة في سواه ) .








المطلب الثاني: ذكر ما ورد في مشروعية السعي بين الصفا والمروة وبعض الأحكام المتعلقة به .
روى البخاري (5) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما في كتاب الأنبياء من خبر ابراهيم عليه السلام مع هاجر أم إسماعيل عليه السلام وما اصابها من عطش بعد أن قالت لإبراهيم عليه السلام :
( الله أمرك بهذا ؟ قال : نعم ، قالت : إذن لا يضيعنا ، قال : فإنطلقت كراهية أن تنظر إليه – يعني إسماعيل حيث كان يتلوى من شدة الجوع والعطش – فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها ، فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً فلم ترى أحداً ، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ، ثم أتت المروة فقامت عليها هل ترى أحد فلم ترى أحداً ففعلت ذلك سبع مرات ، قال ابن عباس قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فذلك سعي الناس بينهما ) .
وفي فتح الباري قال الحافظ (1) : وفي حديث ابي جهم ( تستغيث ربها وتدعوه ) ، ومن حديث ابن عمر (2) رضي الله عنهما ، قال : ( قدم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فطاف بالبيت سبعاً وقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة ) ، كما ورد الإشارة الى السعي بين الصفا والمروة في حديث جابر رضي الله عنه في صفة حجة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال (3) ثم خرج من باب الصفا فلما دنا من الصفا قرأ : إن الصفا والمروة من شعائر الله ، ابدأ بما بدأ به الله فبدأ بالصفا فرقى حتى رأى البيت فإستقبل القبلة ، ثم نزل الى المروة حتى اذا نصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا صعدنا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا ) . وفي حديث عائشة رضي الله عنهما (4) ( ما أتم اله حج أمرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمرة ) . وقالت رضي الله عنهما (5) : ( وقد سن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الطواف بينهما فليس لإحد أن يترك الطواف بينهما ) .



ومن حديث حبيبة بنت شجرات (1) قالت رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يطوف بين الصفا والمروة والناس بين يديه وهو وراءهم وهو يسعى حتى أرى ركبتيه من شدة السعي يدور به إزاره وهو يقول : أسعوا فإن الله كتب عليكم السعي ) . وقد ذكر ابن حجر في الفتح (2) إن سببب نزول قوله تعالى : ( أن الصفا والمروة من شعائر الله ) (3) إن ناس من الأنصار ومن رأت الهلال لمناه كانوا لا يطوفون بالصفا والمروة لأن عليهما ضمان أسافً ونائله فيدعون السعي بين الصفا والمروة فأنزل الله الآية .
أما ما يتعلق ببعض أحكام السعي بين الصفا والمروة وهي على النحو الآتي :
اولاً : الراجح من اقوال اهل العلم ان السعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج والعمرة لا يتمان إلا به .
ثانياً : إن السعي يتوقف على تقديم طواف صحيح قبله – على الأرجح .
ثالثاً : أن السعي لا يشترط له طهارة على الأرجح من اقوال اهل العلم وان كان الإتفاق على استحبابها .
رابعاً : يجوز التفرقة بين اشواط السعي لعذر كالخروج للصلاة المكتوبة والطهارة وغيرهما .
خامساً : إن الواجب استيعاب جميع المسافة بين الصفا والمروة وان يتم السعي كله في الوادي .

والله الموفق .








المبحث الأول
تحرير محل النزاع

أصل الخلاف في هذه المسألة عائد على نقطتين :
الأولى : هل نحن مقيدون في السعى بين الصفا والمروة بعرضها أم يجوز الخروج عنهما بما يقاربهما او يجاذيهما ؟
الثانية : كم عرض الصفا والمروة وهل يتسعان فتشملهما التوسعة الجديدة أم لا ؟
ولهذا إنقسم المتكلمون في هذه المسألة إلى ثلاث فئات :
الفئة الأولى : ترى جواز السعي خارج عرض جبلي الصفا والمروة .
الفئة الثانية : ترى أنه لابد من السعي بين الجبلين عرضاً وطولاً ولكنهم يرون أن عرضها يتسع ليشمل المسعى الجديد وزيادة .
* وهاتان الفئتان يجوزان السعي في المسعى الجديد .
الفئة الثالثة : ترى أنه لابد من السعي بين الجبلين عرضاً وطولاً وأن المسعى الجديد خارج عرض الجبلين من جهة الشرق وبالتالي فهم لا يجيزون السعى في المسعى الجديد (1) .
ومن هذا يتبين لنا أن العلماء في مسألة توسعة المسعى إنقسموا إلى فريقين مجيزين ومانعين ورأيت من باب التجرد والبحث عن الصواب الإكتفاء بذكر المجيزين والمانعين دون ذكر اسماء كل فريق مع جلالة قدرهم فالحق لا يعرف بالرجال ، والله الموفق .








المبحث الثاني
ذكر الأقوال وأدلتهم والترجيح

مما سبق ذكره في المبحث الأول يتضح أن الأقوال في مسالة توسعة المسعى ممكن أن تصار الى قولين :
القول الأول : المجيزون لهذه التوسعة .
القول الثاني : المانعين لها .
هذا وبإستقراء البحوث التي تناولت هذه المسألة تمكنت من جمع أدلة كل قول ورأيت هنا ان أبدأ المبحث بالقول الذي ترجح عندي ثم أذكر أهم الأدلة التي تأيد ما ذهبت إليه ثم أذكر أدلة القول المخالف والجواب عليها ومن باب الإنصاف ذكرت اجوبة المخالفين على الأدلة التي ذكرتها والرد على اجوبتهم مما تبين لي ، فاقول مستعيناً به :
إنني بإستقراء ما كتب حول هذه المسألة – توسعة المسعى – فإن الذي تطمئن إليه النفس هو ترجيح قول المانعين منها - وذلك للأدلة التالية :
اولاً (1) : إن محل السعي شرعاً هو ما بين الصفا والمروة ودليل ذلك قوله تعالى : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت او إعتمر فلا جناح عليه أن يتطوف بهما ) وقد جاء في السنة أحاديث كثيرة نصت على أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) سعى بين الصفا والمروة وهو القائل : ( خذوا عني مناسككم ) (3) .
وجه الإستدلال : أن من سعى خارج عما بين الصفا والمروة لم يكن ممتثلاً لأمر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) القائل : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) (4) هذا وقد نص الفقهاء على ان من شروط صحة السعي أن يكون محله بين الصفا والمروة (5) .


إذا علم هذا الدليل فإن الجواب عليه من المجيزين هو أن المسعى الجديد داخل في حدود السعي المشروع وهذا ما يقودنا للدليل التالي (1) وهو :
الدليل الثاني : تقرر في القرآن الكريم ان الصفا والمروة من شعائر الله ومن أعلام دينه وهما معروفان بين المسلمين وليس لهم – عبر التاريخ - مكان يسعون فيه سواه ، يقول ابو المعالي الجويني في نهاية المطلب (2) : ومكان المسعى هو المكان المعروف اليوم لإجماع السلف والخلف عليه كابراً عن كابر ) .
ويقول الفاسي في كتابه شفاء الغرام (3) : ( ما حفظ عن احد منهم ( اهل العلم ) إنكار لذلك ( أي السعي محل السعي المعروف ) ولا أنه سعي في غير المسعى اليوم . ويقول مؤرخ مكة محمد طاهر الكردي في كتابه التاريخ القويم (4) أقناء كلامه عن إختلاف اوضاع الناس في المسعى سهولة وصعوبة منذ القدم الى الحاضر ( موضع المسعى هو هو لم يتغير ولم يتبدل ولم ينقص ولم يزد ) .
هذا ويمكن إستخلاص تحديد المسعى في كلام العلماء فقد حدد بعض اهل العلم عرض المسعى تحديداً دقيقاً بالذراع واقدم من وقفت عليه قد أعتنى بهذا الأمر ابو الوليد الأزرقي (5) فقد حدد عرض المسعى فقال : ( فيما بين العلم الذي على باب المسجد الى العلم الذي على دار العباس – خمسة وثلاثون ذراعاً ونصف ذراع ) أي حوالي سبعة عشر متراً .
وممن نص على تحديد عرض المسعى بالذراع الفاسي في شفاء الغرام (4) وصاحب كتاب المناسك ومرآة الحج (6) والفاكهي في أخبار مكة (7) ، ولعل مما يستأنس به أيضاً ما أورده القطب الحنفي في





كتابه الأعلام (1) في قصة تعدي أحد التجار وأسمه ابن الزمن على المسعى حيث إغتصب من جانبه ثلاثة أذرع ليجعلها ضمن أرض يبني عليها رباطاً للفقراء فمنعه قاضي مكة ابن ظهيرة وجمع محضراً من العلماء وفيهم من علماء المذاهب الأربعة وقابلوا هذا التاجر وأنكر عليه جميع الحاضرين وقالوا له في وجهه : أنت اخذت من المسعى ثلاثة اذرع وأدخلتها وأحضروا له النقل بعرض المسعى من تاريخ الفاكهي وذرعوا من جدار المسجد الى المحل الذي وضع منه ابن الزمن الأساس فكان عرض المسعى ناقصاً ثلاثة اذرع ) .
قلت ولو كان عرض المسعى أكثر من ذلك لم يسمح له العلماء بالإستمرار في البناء بعد ثلاثة أذرع
وقد أجاب المجيزون للتوسعة أن ما ذكر في تحديد عرض المسعى إنما هو حكاية للواقع وليس هو باب التحديد .
ويجاب عن هذا (2) بأن إتفاق من ذكر التحديد منذ عهد الأزرقي الى تحديد اللجنة المشكلة في عهد الشيخ محمد بن ابراهيم والذين حددوه بسبعة عشر متراً (3) يدل على أن المسألة لم تكن حكاية للواقع بل كانت تحديداً لمكان معروف للناس يسعون فيه ولم يتغير عرضه مع تغير عدد الذين يسعون فيه .
الدليل الثالث : (4) :
أنه في عام 1374 هـ شكلت لجنة لمعاينة موضع المسعى ورفعت تقريرها لسماحة مفتي المملكة آن ذاك الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ والذي بناءاً عليه أصدر فتواه قائلاً : ( تأملت قرار الهيئة المنتدب من لدن سمو وزير الداخلية وهم فضيلة الأخ الشيخ عبد الله بن ابراهيم وفضيلة الشيخ عبد الله بن دهيل وفضية الشيخ علوي المالكي ، حول حدود موضع المسعى مما يلي الصفا المتضمن أن لا بأس بالسعي في بعض دار آل الشبيتي والأغوات المهدومتين هذه الأيام توسعة وذلك البعض الذي يسوغ السعة فيه هو ما دفعه الميل الموجود في دار آل الشبيتي الى المسعى فقط وهو الأقل دون ما دفعه هذا الميل الى جهة بطن الوادي مما يلي باب الصفا وهو الأكثر ، فإنه لا يسوغ المسعى فيه .
فنجد الوقوف على هذا الموضع في عدة رجال من الثقات رأيت هذا القرار صحيحاً وأثبت بمقتضاه )


ووجه الإستدلال : أن هذه اللجنة كما في تقريرها اصطحبت معها مهندساً وفنياً وقالت في نهاية التقرير : ( هذا ما نقرر متفاً عليه بعد بذل الوسع ، سائلين من الله تعالى السداد والتوفيق ) . ثم وقع الجميع ، هذا ما توصلوا إليه بعد بذل الوسع والإجتهاد ومراجعة علمية وتاريخية والوقوف على الخرائط المتعلقة بهذا المشعر مع السؤال والتحقيق وكان معهم من أهل المعرفة بمكة وجغرافيتها ، والظن فيهم أنهم كانوا يستحضرون عظم هذه المسئولية التي إضطلعوا بها وإن ملايين المسلمين سيؤدون عبادة السعي في ضوء ما يقررونه من مساحة المسعى طولاً وعرضاً ، ثم ان هذا كله كان على مرأى من علماء مكة ووجهائها وبقية علماء البلاد وغيرها .
الجواب عن هذا من المجيزين : قالوا بأن ما رأته اللجنة إنما كان لأجل أنهم رأوا أن الإقتصار على ما حددوه يعتبر كافياً ومؤدياً للغرض في زمانهم ولم يكن هدفهم تحديد كامل لعرض المسعى بل كان تحديداً لما كان عليه السعي .
ويرد على هذا الجواب : بأن ما قيل غير صحيح فإن من تأمل ما قرره المشايخ كما في فتاوى الشيخ ابن ابراهيم يلحظ أنه كان ثمة رغبة جادة في معرفة جميع ما يمكن دخوله في المسعى وإضافته إلى المشروع توسعة على المسلمين وتخفيفاً لزحامهم ولو كان الهدف الوقوف على ما كان عليه المسعى لما إحتيج الى مراجعة لكتب التاريخ والفقه وإصطحاب مهندس وأهل المعرفة ومراجعة الخرائط .
الدليل الرابع : استدل المانعين بأن الدولة السعودية عندما أرادت توسعة المسعى عام 1393 هـ اصدرت هيئة كبار العلماء وقتها فتوى بجواز السعي فوق سقف المسعى نظراً لأن المسعى قد إستوعب ما بين الصفا والمروة طولاً وعرضاً وجاء في الفتوى : ( وبعد تناول الرأي والمناقشة إنتهى المجلس بالأكثرية الى الإفتاء بجواز السعي فوق سقف المسعى عند الحاجة بشرط استيعاب ما بين الصفا والمروة وان لا يخرج عن مساحته المسعى عرضاً ) .
وجه الإستدلال : لو كان هناك بقية من عرض المسعى لكان توسعته في تلك الأيام – أي قبل أكثر من خمسة وثلاثين عاماً – اولى خصوصاً أن الغاية واحدة وهي التوسيع على الحجاج ولكثرة من رأى عرض المسعى قبل التوسعة الأولى عام 1374 هـ للإستشهاد بهم ، ولكن لأن ذلك لم يكن سائغاً بدليل قولهم : وإن لا يخرج عن مساحته المسعى عرضاً . وهنا دليل يحتاج الى الوقوف والتنبه مع العلم أن من أفتى به هم أهل العلم والمعرفة في ذلك الوقت ، والله الموفق .


ولم أقف في البحوث التي تناولت هذه المسالة من استطاع الرد على هذا الدليل رداً وافياً .
هذه الأدلة التي سقتها لمن رأى المنع من التوسعة وهي اقوى الأدلة التي وقفت عليها ويضاف عليها اجابتهم على ادلة المجيزين ، وفيما يلي ذكر ادلة المجيزين والرد عليها وقد حاولت إستيعاب جميع الأدلة التي وردت في البحوث المتعلقة بالمسألة – الأدلة التي في محل نظر – ووجدتها حوالي عشرين دليلاً واستشهاداً ، كما يلي : ( والله الموفق ) .

أدلة المجيزين ( للسعي في المسعى الجديد )
الدليل الأول : مقولة الأزرقي وأنه تم تغير المسعى في عهد المهدي.
ونص مقولته ، قال : ( وكان المسعى في موضع المسجد الحرام اليوم ) .
والجواب (1) عنها :
أن التغيير المذكور لم يكن في عرض المسعى وإن اعتقاد ذلك غلط ظاهر ووهم لا أساس له وأن التغير كان في مكان الهرولة وهو بطن الوادي وليس المسعى الشامل لكل ما بين الصفا والمروة.
الدليل الثاني : إفادة عدد من كبار السن بأن الصفا والمروة لها امتداد في الجهة الشرقية، وعلى هذا فالسعي بينهما سعي بين الصفا والمروة. وهي...
الجواب (2) على هذا:
أ- أن إفادتهم لم تكن متطابقة.
ب- أنهم وقت تحملهم أعمارهم بين 15- 25 وليسوا من أهل العلم والدراية بل معدودين في العوام.
ج - أن تحملهم للشهادة لم يكن مقصوداً بل كان اتفاقاً. ومن يرى الشيء بهذه الطريقة لا يكون له اهتمام.
د- أن هذه الشهادات مقابلة بشهادات العلماء في ذلك الوقت الذين كانت أعمارهم بين الستين والثمانين وبعضهم من علماء مكة والمقيمين بها وقد استعانوا بالمهندسين وأهل الخبرة مع ملاحظة أن تلك المشاعر وما حولها كانت مكشوفة لهم، لأنه قد هدم ما حولها من الأبنية وأن ضبط وتحري العلماء مقدم على شهادات هؤلاء بالاتفاق.
الدليل الثالث : أن جذر جبلي الصفا والمروة قرر المهندسين أنه ذاهب في الأرض شرقاً وغرباً، وعليه، فالسعي بين ما يوازي هذا الامتداد لجذر الصفا والمروة سعي بين الصفا والمروة.






الجواب (1) : أن مناط الحكم هو الجبل الظاهر وامتداد أصل الجبل ليس له حكم الجبل لا شرعاً ولا عرفاً فمن حلف إلا يقعد على جبل لا يحنث بقعوده على أرض يمتد أصله تحتها. ومثله ملك الشجرة لا يمتد لصاحبها ملك ما امتد إليه جذورها ومسميات الجبال يراد بها كل ما كان بارزاً سواءً في ذلك قممها وسفوحها قال تعالى: ( وَإِلَى الجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ) (2) ( وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ) (3) و( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ) (4) .
(كلمة أخرى للعباد)
الدليل الرابع : أن المقصود في المسعى ذكر الله تعالى وعليه يجوز السعي بين الجبلين ـ الصفا والمروة ـ أو حما يقاربهما وما يحاذيهما للحصول على المقصود الذي هو ذكر الله تعالى.
الجواب: أن السعي بين ما يقارب الجبلين أو يحاذ بهما لا يجوز سعياً بين الصفا والمروة الذي أمرنا بفعله. قال الشافعي: ( لو التوى الساعي إلى زقاق العطارين لم يصح سعيه) المجموع، وقال شيخ الإسلام بن تيمية في شرح العمدة (2/599) ( لو سعى في مساحة المسعى وترك السعي بين الصفا والمروة لم يجزه) . ولو تنزلنا لقبول ما تقولون لأجزنا السعي في أي مكان مع تحقق ذكر الله – وهذا لا يقول به احد .
الدليل الخامس : قياس توسعة المسعى على توسعة المسجد الحرام وأن الزيادة في المسجد لها حكم المزيد، فكذلك الزيادة في المسعى. وأيضاً قياسه على توسعة المطاف. وأن الطواف قد وسع عما كان عليه من قبل فكذلك المسعى يوسع. والقاعدة نصت على أن الزيادة لها حكم المزيد .
الجواب:
أ- إن القياس غير صحيح فالأول لأن السعي بين الصفا والمروة مشعر يتقيد بما كان بين الصفا والمروة ولا يجوز الزيادة فيها.




ب- والثاني أن الطواف يجوز داخل المسجد دون خارجه قال ابن المنذر في الإجماع ص62: ( وأجمعوا على أن الطواف لا يجزئه في خارج المسجد). والقياس الصحيح أن يقال إن السعي لا يجزئ إذا كان خارجاً عما بين الصفا والمروة. كما أن الطواف لا يجزئ إذا كان خراج المسجد.
ج- أن قاعدة ( الزيادة لها حكم المزيد) ليس على إطلاقها بل هي مقيدة بكون الزيادة تشترك مع المزيد في معنى يوجب صحة الحكم ، وأن تكون جائزة شرعاً ومعلوم أن ليس لصاحب أرض أن يغتصب الطريق المجاور لأرضه .
الدليل السادس : أن حكم الحاكم يرفع الخلاف ويعمد إليه ويقول زدتها ولها حكم المزيد .
وفي الحديث: ( إذا حكم الحاكم فأجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم الحاكم فأجهتد ثم أخطأ فله أجر) (1) البخاري 7325.
الجواب (2): إن أماكن العبادة الواجب التقيد فيها بالأدلة الشرعية لأن العبادة توقيفية ومنها المسعى ، فإنه لا مجال للاجتهاد بزيادة تكون خارجه عما بين الصفا والمروة. ولو سلمنا بهذا الدليل في المسائل التوقيفية والتعبدية لضاعت الشريعة .
الدليل السابع : إن الزيادة في عرض المسعى أولى من الزيادة العلوية فيه.
الجواب (3): إن زيادة الأدوار والسعي فيها متحقق كونها بين الصفا والمروة، لأن الهواء تابع للقرار، فهو مثله في الحكم ومن ملك أرضاً فإنه يملك ما سامتها في الهواء، أما الزيادة في عرض المسعى فهو مشكوك في تحقيق صحة السعي فيها إلا بعد الثبوت الشرعي بكون الزيادة داخله في حدود ما بين الصفا المروة.
الدليل الثامن : الاستدلال بأدلة التيسير على الأمة ورفع الحرج.
الجواب (4): أن التيسير ومراعاة الناس يجب التقيد فيه بالأدلة الشرعية، ومن ذلك التيسير في توسعة المسعى يجب التقيد فيه بما يثبت أنه داخل بين الصفا والمروة، دون زيادة على ذلك. لأن أماكن العبادة يجب التقيد فيها بالنصوص الدالة عليها. ومن ذلك أن المريض يجوز له الجمع بن الصلاتين لورود الدليل عليه ولا يجوز له قصر الصلاة الرباعية مع أن فيه تيسيراً عليه لعدم الدليل.


الدليل التاسع : أن الله تعالى قال: ( فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ) (1) ولم يقل بينهما.
الجواب (2):
أ- أن المقصود بهما أي بينهما وذلك لحديث عائشة في الصحيح قالت: ( طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاف المسلمون، يعني بين الصفا والمروة، فكانت سنه، ولعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة ).
ب- أن الباء في قوله (بهما) بلا لصاق فتكون دليلاً على وجوب استيعاب بين الصفا والمروة.
ج- أن العلماء ومنهم الإمام الشافعي وابن تيمية أبطلوا سعي من خرج عن حدود المسعى المحدد، ومن يقول بأن السعي المراد ليس محدد بما بين الصفا والمروة فهو زيادة علم يحتاج إلى دليل.
الدليل العاشر : أن جبل الصفا يتسع لأكثر مما كان عليه وأنه جبل متسع. ومن ذلك حديث: ( أن خيلاً تخرج من سفح هذا الجبل أكنتم مصدقي ) وحديث: مواعدته للأنصار عام الفتح بالصفا.
الجواب (3) : أن المراد بسفح هذا الجبل هو جبل بني قبيس ثم إن الصفا لم ينقل أنه جبل كبيرا ومتسع بل قالوا فيه ( أكمه) و( أنف) و( حجر أملس ) و( جبل صغير ) و( من لحف أبي قبيس )
ويزيد ذلك ما أخرج ابن مردويه بن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: ( لما نزلت ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) صاح علي ابن قبيس: ( آل عبد مناف أبي نذير. فجارته قريش فحزرهم... وأنذرهم ). وأن المقصود من مقولته ( صلى الله عليه وسلم ) ( أكنتم مصدقي ؟ ) هو إختبارهم من تصديقهم له من الأمر الممتنع – وهو صعود الخيل على ذلك الجبل – فألزمهم بأن هذا يعني تصديقهم بالأمر الممكن وهو نبوته ، ولا يمتنع أن تصعد الخيل على جبل الصفا لصغره .
ثم أن مواعدته للأنصار ليس فيه دليل على اتساع جبل الصفا وغاية ما فيه أنه واعد الأنصار الموافاة عند الصفا.
قلت: ولو كان جبلاً كبيراً لهم فأي الجهات في هذا الجبل يكون الوعد.




الدليل الحادي عشر : الاستدلال: بأن سعي النبي صلى الله عليه وسلم فعل مجرد، وقد ثبت في الأصول أن الفعل المجرد لا مفهوم له.
الجواب عنه (1) :
أ- أنه قوله ( لتأخذوا عني مناسككم ) ليس فعلاً مجرداً بل هو فعل بياني كقوله في صلاته على المنبر ( إنما فعلت هذا لتأخذوا به، ولتعلموا صلاتي ) (2). رواه البخاري ومسلم.
ومما تعلمه المسلمون من بيان في الأفعال النبوية السعي في هذا الموضع المعهود عبر القرون بدليل قوله ( لتأخذوا ...).
ب- قال ابن كثير: (كل ما فعله في حجته تلك واجب لابد من فعله في الحج إلا ما خرج بدليل). وقال الشنقيطي: ( لا نزاع بين أهل العلم في أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم الوارد لبيان إجمال نص من القرآن العظيم له حكم ذلك النص القرآني الذي ورد لبيان إجماله...).
الدليل الثاني عشر : الاستدلال بقولهم:
لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من العلماء تحديد توقيفي لعرض المسعى، وإنما المتعين استيعاب المسافة بين الصفا والمروة. وقد اجتهد في تحدد طول المسعى وذرعوه بدقة وهو مناط الحكم الشرعي كما أن عرض المسعى لم يحدد بدليل أنه يضيق ويتسع ببناء الجدار المحيط به وهدمه.
الجواب (3) :
أ- أن مناط الحكم هو استيعاب البينية بين الصفا والمروة وذلك لا يتحقق إلا طولاً مع عدم الخروج عنها عرضاً، لأنه عبادة توقيفيه لقوله ( لتأخذوا عني مناسككم...)
قلت: ولو كان كما قيل فلما رأي الشافعي بطلان من خرج مع زفاف العطارين كما تقدم، وأيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية ؟!
ب- ثم إن الفقهاء نقلوا في كتبهم وكذلك المؤرخين في تواريخهم ونصوا على عرض المسعى وأبطلوا سعي من سعى من وراءه.



ج- أن الناقل لنا الأصل هو المطالب بالدليل.
د- الأصل في العبادات الحصر لا الإباحة، ولا ريب أن توسعه المسعى زيادة في كيفية أداء عبادة السعي، فما دليل ذلك؟!.
هـ - أن من ذرع الطول بصوره دقيقة قد ذرع العرض بمقدار الأصابع!.
و- أن الجدار ( البناء ) الحاثث على جانبي المسعى لا دليل فيه على عدم ضبط حدود المسعى شرعاً.
(العمداني)
الدليل الثالث عشر : استدلالهم : إن السعي في الزيادة الجديدة في باب العزائم لا الرخص.
الجواب (1):
أ- أن هذا القول بني على اعتقاد قائله أن المسعى متسع، والأصل أن يستدل الإنسان ثم يعتقد لا العكس.
ب- أن العزائم لها أدلة تشهد لها، ولم يتحقق شيء منها في هذه الزيادة.
ج- إن هذا الإدعاء فيه تجهيل للسلف وللقرون المفضلة ومن بعدهم ـ اللجنة المشكلة في عهد ابن إبراهيم ـ بتركهم عزيمة من عزائم الدين.
د- إن العزيمة من الفقهاء هي الحكم الثابت من غير مخالفة دليل شرعي) والزيادة المذكورة لا تدخل في هذا التعريف من وجهين:
1- إنها لم يثبت لها حكم سابق. 2- إنها مخالفة للدليل الشرعي.
هـ- أن هذه الزيادة لا تدخل في باب الرخص فكيف بباب العزائم؟!.
الدليل الرابع عشر : استدلالهم بقولهم: أن الأخذ بالقول المرجوح ـ على فرض ذلك ـ فيه مصلحة ظاهرة، ونعلم أن الأخذ بالمرجوح للمصلحة جائز.
الجواب (2) :
أ- ليست كل مصلحة مفيدة.
ب- المصلحة المعتبرة هي التي لا تعارض النصوص أو ما في معناها.


ج- أن هذه المصلحة الظاهرة لم تضبط ولم تقيد بقيود.
د- أن الأخذ بالمرجوح استثناء من الأصل، فيصار إليه على وجه الجواز عند نزول البلاء واستحكامه على المكلف، فيؤمر بتقوى الله على قدر استطاعته.
الدليل الخامس عشر : استدلالهم: بقول الشيخ ابن سعدي من أن الشيخ ابن إبراهيم "يظهر من حاله أنه كان يعمل على قول هؤلاء، لأنه لا يحب التشويش واعتراض أحد).
الجواب (1) :
أ- لا ينسب لساكن قول.
ب- أن هذا استظهار في الشيخ ابن سعدي، وهو ظن ولا يجوز إتباع الظن.
ج- أن المعلوم من حال الشيخ ابن إبراهيم في هذه المسألة خلاف ذلك، فعين اللجان وشاور العلماء وحقق الأمر تحقيقاً كبيراً.
د- أن الذي توقعه ابن سعدي لم يحصل كما يظهر من تقارير اللجنة.
الدليل السادس عشر : بأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن ينبه الصحابة الذين حجوا معه على عدم الخروج عن حدود هذا المسعى المعروف مع العلم بأن الذين حجوا مع النبي عليه الصلاة والسلام أكثر من مائة ألف والوادي وسع والنبي عليه الصلاة والسلام لا يؤخر البيان عن وقت الحاجة .
الجواب (2) : ان هذا الكلام غير مسلم به وذلك لأن المسعى لم يكن وادياً فسيحاً بل كان محاط بالبيوت على حافتيه فلا يمكن لأحد أن يسعى إلا من مكان السعي المعلوم الذي سعى فيه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) .
الدليل السابع عشر : ان المسعى قد تعرض للتغيير سابقاً كما في عهد المهدي لم ينكر هذا فهذه التوسعة لا تعتبر بدعاً من التصرف .
الجواب : انه لم يحصل في توسعة المهدي ولا قبلها ولا بعدها ان توسع المسعى جملة شرقاً وغرباً ، ويخطي من قال ذلك فالمهدي كما ذكر الأزرقي (3) اشترك جميع ما كان بين المسعى والمسجد من


الدور عندها ووسع المسجد . ومعنى ( والمهدي وضع المسجد على المسعى ) أي على حد المسعى ووضح هذا الأزرقي نفسه فقال : ( ووضع المسجد على ما هو عليه اليوم شارعاً على المسعى ) وايضاً الفاكهي في اخبار مكة ( 2/87) قال : ( وامير المؤمنين المهدي وضع ابواب المسجد على المسعى ) ، كما ان التفسير المراد من المسعى هو مكان السعي ( بين العلمين ) – في الوادي وليس ما بين الصفا والمروة .
الدليل الثامن عشر : ان المسعى لم يكن مستقيماً وغير حتى اصبح مستقيماً أي انه حدث تغيير ولم ينكر العلماء هذا التغيير للمصلحة .
الجواب : ان المكان الذي تم اضافته للمسعى لكي يصبح مستقيماً ربما كان من حدود المسعى نفسه او كانت هذه الزيادة بسيطة وتعتبر من الإلتواء اليسير الذي رخص فيه بعض اهل العلم ومن قرار اللجنة المضمن في فتاوي الشيخ ابن ابراهيم ( 5/143 ) ما يشير الى ذلك ، ثم ان هذا الاستدلال غريب فأين الترخيص في متر ونحوه من انشاء مسعى جديد يبلغ عشرين متراً .
هذا وبعد عرض أدلة المجيزين والرد عليها يتضح بأن الذي تطمئن به النفس هو القول الأول الذي لا يجيز السعي في هذه التوسعة الجديدة ولكن هنا أمراً مهم وهو أن هذه المسألة في نظري ليست من المسألة القطعية التي لا يجوز فيها المخالفة والإجتهاد ، بل أن كل الفريقين له أدلته ، والله الهادي الى سواء السبيل .













فبعد أن من الله علي بإتمام هذا البحث والذي اسأل الله ان يجعل فيه فائدة لمن اطلع عليه وان يرزقنا جميعاً الاخلاص في اقوالنا وافعالنا ، فإنني رأيت ان اذيل هذا البحث بذكر المقترحات والفوائد وهي على النحو الآتي :
اولاً : ان الشريعة الاسلامية صالحة لكل زمان ومكان وباب الاجتهاد فيها مفتوح حتي يرث الله الارض ومن عليها وليس لأحد أن يغلقه بل ان الشريعة دعت اليه وضمنت للمجتهد المصيب اجران وللمخطئ اجر اجتهاده .
ثانياً : ان الوقائعالمستجدة والمسائل النازلة يجب فيها اولاً الرجوع الى الراسخين في العلم وعدم التعجل في الحكم ولا يعني ذلك عدم البحث فيها ولكن يجب ان يعطى كل واحد قدره ومن تصدر قبل أوانه فقد تعرض لهوانه .
ثالثاً : ان من استشعر عظم منزلة المسجد الحرام وعظم مكانة المسعى في الاسلام وان السعي فيه يعتبر ركن من اركان الحج والعمرة على الأرجح عند أهل العلم فهي لا تتم إلا به علم حجم هذه المسألة وان الحكم ليس للأعلاميين ولا لغيرهم ممن لو يرسخ قدمه في العلم الشرعي .
رابعاً : ان الراجح عند اهل العلم أن مسألة السعي توقيفيه ويجب ان تكون بين الصفا والمرة وهذا يبين ضعف قول من جوز السعي خارج عرض جبلي الصفا والمروة بداعي التيسير والتسهيل وهم عدد كبير ممن أفتى بجواز التوسعة .
خامساً : ان الذي ترجح لي هو ان الاحوط والابراء للذمة هو عدم اتساع عرض المسعى لهذه التوسعة الجديدة لقوة ادلة من قال به وجوابهم عن ادلة من اجازها .
سادساً : وهي فائدة مهمة جداً أن هذه المسألة مع عظم شأنها إلا ان الحكم فيها يبقى محل نظر وان الخلاف فيها وارد فأدلتها ليست أدلة قطعية وكلا الفريقين له أدلة تؤيد قوله .
سابعاً : من أضطر الى السعي في التوسعة الجديدة مع ان الراجح لديه هو عدم صحة السعي فيه فما الذي يجب عليه ؟! إن هذا محل استشكال لأنه الجواب عليها مبني على ماهو الراجح في حكم السعي ؟
وكم هو القدر المجزء منه ؟! وهل يعتبر في حكم المحصر ام لا ؟! وكل هذا محل بحث ويحتاج الى امعان نظر .
ثامناً : ان من الاقتراحات لحل هذا الخلاف بين العلماء ان يجعل المسعى القديم مكاناً للسعي ذهاباً واياباً مثله المسعى الجديد فيسعى من ترجح عنده عدم صحة التوسعة الجديدة في المسعى القديم ومن ترجح لديه صحتها بإمكانه ان يسعي في ايهما شاء .
واخيراً وليس آخراً :
اسأل الهو ان يوفقنا لما يرضيه عنا وان يبرم لأمة الاسلام امر رشد يعز فيه اهل طلعته ويهدي فيه اهل معصيته ويأمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر وأن يجزي ولاة امرنا كل خير على ما يبذلونه تجاه الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة ويرزقهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه ويصرف عنهم بطانة السوء أنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين .


















1- القرآن الكريم طبعة مجمع الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود بالمدينة المنورة .
2- صحيح البخاري – طبعة مكتبة النهضة الحديثة بمكة المكرمة .
3- صحيح مسلم – بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي – توزيع مكتبة مصطفى الباز بمكة المكرمة 1411 هـ .
4- سنن الترمذي – بتحقيق الدكتور . بشار عواد معروف – دار الجيل ببيروت الطبعة الثانية 1418 هـ .
5- سنن النسائي – عناية الدكتور عبد الفتاح ابو نمرة – دار البشائر الإسلامية ببيروت 1409 هـ .
6- سنن ابن ماجه – تحقيق الدكتور . بشار عواد معروف – دار الجيل ببيروت 1418 هـ .
7- فتح الباري – لإبن حجر العسقلاني – تحقيق عبد القادر شببه الحمد – الطبعة الاولي 1421 هـ 8- عمدة القاري – شرح صحيح البخاري للإمام بدر الدين العيني .
9- اخبار مكة للأزرقي – تحقيق رشدي الصالح ملحس –الطبعة الخاسة 1408 هـ
10- اخبار مكة للفاكهي – تحقيق ابن دهيش – الطبعة الثالثة 1419 هـ
11- البداية والنهاية – تحقيق الدكتور . عبد الله التركي – الطبعة الأولى 1425 هـ
12- التاريخ القديم لمكة والبيت الحرام - لمحمد طاهر الكردي – بإشراف ابن دهيش – توزيع مكتبة الأسدي الطبعة الاولي 1483 هـ
13- شرح عمدة الفقه ت لشيخ الإسلام أبن تيمية – تحقيق د. صالح الحسن – طبعة مكتبة العبيكان الطبعة الاولى 1413 هـ
14 – العقد الثمين بإخبار البلد الامين – للحافظ الفاسي –تحقيق فؤاد السيد طبعة مؤسسة الرسالة ببيروت الطبعة الثانية 1405 هـ
15- فتاوى ورسائل سماحة الشيخ / محمد بن ابراهيم – جمع وترتيب محمد بن قاسم – الطبعة الاولى .
16- نهاية المحتاج – للشمس الرملي – طبعة احياء التراث العربي – ببيروت
17- توسعة المسعى عزيمة لا رخصة – أ.د. عبد الوهاب ابوسليمان طبعة مؤسسة الفرقان الطبعة الاولى 1429 هـ
18- مجموعة مقالات وبحوث موجودة على الشبكة العنكبوتية ( الانترنت ) ومتعلقة بالمسائلة


وهي :
(1) كلمة حق في توسعة المسعى ـ د. صالح بن عبد العزيز سندي ، وهو بحث مطول ذكر فيه نقل من كتب الفقه والتاريخ ورد على أدلة من رأي الجواز ورجح عدم جواز التوسعة .
(2) بهذا يحصل الاطمئنان لصحة السعي ـ د. عبد المحسن العباد ، وهو عبارة عن رد لفتوى ابن منيع المنشورة في جريدة المدينة والمقالة عبارة عن من ثلاثة صفحات .
(3) حسن المسعى في بيان عرض السعي ـ محمد بن حسن الصمداني ، وهو من أجمل البحوث حول المسألة وهو بحث مطول فقهي تاريخي لغوي ورجح فيه عدم جواز التوسعة وقام بالرد على أدلة المجيزين .
(4) فتوى اللجنة الدائمة في المسعى الجديد – عبارة عن فتوى مبنية على قرار اللجنة المشكلة في عهد الشيخ / محمد بن ابراهيم رحمه الله – وهي فتوى مختصرة .
(5) السعي في المسعى الجديد ـ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين ، وهو عبارة عن فتوى من اربعة صفحات وركز فيها على أدلة المجيزين ولم يبين فيها رأيه .
(6) السعي في المسعى الجديد ـ عبد الكريم الخضير ، عبارة عن فتوى من صفحتين .
(7) السعي في المسعى الجديد ـ فيه مصلحة ظاهرة ـ هاني بن عبد الله الجبير ، بحث مختصر من خمسة صفحات ركز فيها على جواز توسعة المسعي والرد على المخالفين.
(8) المسعى وحكم زياداته الشرعية عبر التاريخ ـ للفنسيان ، وهو بحث متوسط ذكر فيه بعض أدلة الفريقين .
(9) مصلحة عظيمة في توسعة المسعى الجديد ـ أ. د. صالح بن محمد السلطان، بحث مختصر وذكر فيه أدلة المجيزين وبعض النقولات من كتب الفقه .
(10) المسعى الجديد وتهميش الكبار ـ د. إبراهيم الفوزان، أشار إلى قرار هيئة كبار العلماء رقم 227 في تاريخ 22/2/1427 هـ وهو عبارة عن وقفات وأيد عدم الجواز وذكر اسماء العلماء المعترضين وهو بحث مختصر في صفحتين .
(11) حكم السعي في المسعى الجديد ؟ - صالح الفوزان، وهو عبارة عن فتوى مختصرة .
(12) رفع الأعلام بأدلة جواز توسيع عرض المسعى المشعر الحرام ـ د. عويد بن عياد المطرفي ، وهو بحث متوسط وتاريخي .... وذكر فيه نقولات تاريخية ولغوية حول عرضي الصفا والمروة .
(13) كلام اللحيدان والفوزان ـ حفظهما الله ـ عن المسعى الجديد، وهو عبارة عن نقل فتاويهما .
(14) مختصر في بيان حقائق عن توسعة المسعى ـ عبد الله بن مانع الروقي ، وهو بحث مختصر من خمسة صفحات ذكر فيه أدلة المجيزين وترجيح الجواز
(15) مرجحات توسعة المسعى – عبد الله بن منيع ، وهو عبارة عن إجابة سؤال بين فيها جواز التوسعة وذكر أدلة للطرفين من خمسة صفحات.
(16) وقفات مع موضوع المسعى الجديد ـ السقاف ، عبارة عن نقاط هامة حول المسألة وتلخيص لها في إحدى عشر صفحة .
(17) المسعى .. وقفة هامة بعد هدوء العاصفة ـ خلف حامد العمري ، وهو عبارة عن ملاحظات حول المسألة وليس بحثاً فقهياً .
(18) كلمة أخرى في توسعة المسعى ـ عبد المحسن العباد , وفيها رد على بعض أدلة من رأى الجواز .
(19) بحث في المسعى الجديد – للدكتور سلمان العودة ، وهو بحث نختصر ذكر فيه عشر أدلة لجواز السعي في التوسعة .
(20) السعي في المسعى الجديد عزيمة لا رخص للدكتور عبد الوهاب ابو سليمان ، وهو بحث جميل جداً ولكن لم يعنى بمناقشة أدلة المانعين وأورد أهم أدلة الجواز وركز على الناحية التاريخية وهو كتاب مطبوع .






وأخيراً ... وليس آخراً باذن الله اسعد بمشاركاتكم واقتراحاتكم وملاحظاتكم على البريد الالكتروني abdulhadi98@hotmail.com لانني اعزم على طباعته وجزاكم الله خيراً,,,,,,,,,
 
أعلى