محمود حلمي علي
:: مطـًـلع ::
- إنضم
- 4 يونيو 2013
- المشاركات
- 158
- الجنس
- ذكر
- الكنية
- أبو عبد الرحمن
- التخصص
- فقه شافعي
- الدولة
- مصر
- المدينة
- العاشر من رمضان
- المذهب الفقهي
- الشافعي
بسم الله الرحمن الرحيم
حسن التربية وتنيمة المواهب، ودورها في القيام بفروض الكفايات.
"توظيف الميول وتنمية المواهب، سبيل القيام بفروض الكفايات"
من درر الإمام الشاطبي.
حسن التربية وتنيمة المواهب، ودورها في القيام بفروض الكفايات.
"توظيف الميول وتنمية المواهب، سبيل القيام بفروض الكفايات"
من درر الإمام الشاطبي.
قال الإمام الشاطبي رحمه الله: (الله -عز وجل- خلق الخلق غير عالمين بوجوه مصالحهم، لا في الدنيا ولا في الآخرة، ألا ترى إلى قول الله تعالى: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا}.
ثم وضع فيهم العلم بذلك على التدريج والتربية،
تارة بالإلهام: كما يلهم الطفل التقام الثدي ومصه.
وتارة بالتعليم: فطلب الناس بالتعلم والتعليم لجميع ما يستجلب به المصالح وكافة ما تدرأ به المفاسد،
إنهاضا لما جبل فيهم من تلك الغرائز الفطرية، والمطالب الإلهامية؛
لأن ذلك كالأصل للقيام بتفاصيل المصالح.
كان ذلك من قبيل الأفعال، أو الأقوال، أو العلوم والاعتقادات، أو الآداب الشرعية أو العادية.
[أي أن الإمام لا يقصد بالتعليم تعلم علم معين، بل الأفعال والصنائع تعرف بالتعليم، والأقوال في جميع الأحوال تعرف بالتعليم، والعلوم المختلفة تعرف بالتعليم، والآداب الشرعية، والآداب العادية تعرف بالتعليم].
وفي أثناء العناية بذلك يقوى في كل واحد من الخلق ما فطر عليه، وما ألهم له من تفاصيل الأحوال والأعمال؛ فيظهر فيه وعليه، ويبرز فيه على أقرانه ممن لم يهيأ تلك التهيئة؛ فلا يأتي زمان التعقل إلا وقد نجم على ظاهره ما فطر عليه في أوليته.
فترى واحدا قد تهيأ لطلب العلم، وآخر لطلب الرياسة، وآخر للتصنع ببعض المهن المحتاج إليها، إلى سائر الأمور.
هذا وإن كان كل واحد قد غرز فيه التصرف الكلي؛ فلا بد في غالب العادة من غلبة البعض عليه؛ فيرد التكليف عليه معلما مؤدبا في حالته التي هو عليها.
فعند ذلك ينتهض الطلب على كل مكلف في نفسه من تلك المطلوبات بما هو ناهض فيه.
ويتعين على الناظرين فيهم الالتفات إلى تلك الجهات؛ فيراعونهم بحسبها، ويراعونها إلى أن تخرج في أيديهم على الصراط المستقيم، ويعينونهم على القيام بها، ويحرضونهم على الدوام فيها؛ حتى يبرز كل واحد فيما غلب عليه ومال إليه من تلك الخطط.
ثم يخلى بينهم وبين أهلها، فيعاملونهم بما يليق بهم ليكونوا من أهلها.
فعند ذلك يحصل الانتفاع، وتظهر نتيجة تلك التربية.
فإذا فرض -مثلا- واحد من الصبيان ظهر عليه حسن إدراك، وجودة فهم، ووفور حفظ لما يسمع -وإن كان مشاركا في غير ذلك من الأوصاف- ميل به نحو ذلك القصد.
وهذا واجب على الناظر فيه من حيث الجملة مراعاة لما يرجى فيه من القيام بمصلحة التعليم، فطلب بالتعلم وأدب بالآداب المشتركة بجميع العلوم.
ولا بد أن يمال منها إلى بعض فيؤخذ به، ويعان عليه، ولكن على الترتيب الذي نص عليه ربانيو العلماء.
فإذا دخل في ذلك البعض فمال به طبعه إليه على الخصوص، وأحبه أكثر من غيره؛ ترك وما أحب، وخص بأهله.
فوجب عليه إنهاضه فيه حتى يأخذ منه ما قدر له، من غير إهمال له ولا ترك لمراعاته.
ثم إن وقف هنالك فحسن، وإن طلب الأخذ في غيره أو طلب به؛ فعل معه فيه ما فعل فيما قبله، وهكذا إلى أن ينتهي.
وهكذا الترتيب فيمن ظهر عليه وصف الإقدام والشجاعة وتدبير الأمور، فيمال به نحو ذلك، ويعلم آدابه المشتركة، ثم يصار به إلى ما هو الأولى فالأولى من صنائع التدبير؛ كالعرافة، أو النقابة، أو الجندية، أو الهداية، أو الإمامة، أو غير ذلك مما يليق به، وما ظهر له فيه نجابة ونهوض.
وبذلك يتربى لكل فعل هو فرض كفاية قوم؛
لأنه سير أولا في طريق مشترك،
فحيث وقف السائر وعجز عن السير؛ فقد وقف في مرتبة محتاج إليها في الجملة.
وإن كان به قوة زاد في السير إلى أن يصل إلى أقصى الغايات في المفروضات الكفائية، وفي التي يندر من يصل إليها؛ كالاجتهاد في الشريعة، والإمارة.
فبذلك تستقيم أحوال الدنيا وأعمال الآخرة. والله أعلم وأحكم). الموافقات (1 / 283 _ 286). بتهذيب يسير. وأذكر إن شاء الله في المشاركة التالية كلام الإمام كاملا، لمزيد الفائدة.
التعديل الأخير: