العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

جلسات مع صاحب وقفات مع كشف الوجه

إنضم
4 يوليو 2008
المشاركات
46
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
الفلسفة والفكر والحضارة
المدينة
تطوان
المذهب الفقهي
الحديث
بسم الله الرحمن الرحيم
(جلساتٌ) مع صاحب
(وقفاتٌ مع كشف الوجه)
(لصاحبه :سليمان بن صالح الخراشي)
جالسه
أبو عبد الله طارق بن عبد الرحمن الحمودي
الحمد لله أما بعد فقد وقفت على رسالة سماها صاحبها : وقفات مع كشف الوجه. ألفيت صاحبها يحاول الانتصار لوجوب تغطية الوجه, ضمنها ما زعمه من بيان تناقضات الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في هذا المبحث. وهيهات هيهات. فإنني كلما وقفت على رد لأحد عليه ثم تبينت ضعف ما كتبوه أزداد يقينا في علم الشيخ . وقد استهان به هؤلاء وما قدروه حق قدره. ولله الأمر من قبل ومن بعد فكانت هذه الجلسات انتصار للحق أولا ثم انتصارا للشيخ رحمه الله تعالى من دعوى الاضطراب, ولم يكن قصدي في هذه الرسالة الصغيرة الإحاطة بتفاصيل الموضوع .
1ـ قال صاحب الوقفات في تعداده لتناقضات الشيخ الألباني في زعمه (ص20/دار القاسم):
إن الألباني - عفا الله عنه - قرر أن الأمر الوارد بالجلباب في قوله تعالى (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) لا يشمل تغطية الوجه؛ لأن الجلباب هو ما يستر البدن مع الرأس فقط. ولو كان الأمر كما قرر الشيخ لقال الله تعالى (يتجلببن) ولم يقل (يدنين عليهن من جلابيبهن)؛ لأنه كيف يقال للمرأة: أدني الجلباب، وهو يغطي رأسها وبدنها ؟!
(فالإدناء) أمر زائد على لبس الجلباب؛ وهو تغطية الوجه؛ لقوله تعالى بعده (ذلك أدنى أن يعرفن) والوجه هو عنوان المعرفة.
والجواب بتوفيق الملك الوهاب:
إن الإدناء في الآية إلى الوجه دون تغطيته, وهذا مقتضى اللغة العربية.صحيح أن الإدناء أمر زائد عن الجلباب , لأن الجلباب جلباب, لبسته المرأة أو لا.والآية تذكر طريقة لبسه وهذا هو الأمر الزائد. والصحيح ما قاله ترجمان القرآن, وحبر المسلمين, إمام اللغة عبد الله بن عباس: (تدني الجلباب إلى وجهها, ولا تضرب به.) أي لا تستر به وجهها.رواه أبو داود في مسائله (110)بإسناد صحيح جدا كما قال الشيخ الألباني في (الرد المفحم/ص50) فمن أولى بنعت التناقض.غفر الله لي ولصاحب الوقفات.
وروى ابن أبي شيبة عن أنس قال: دخلت على عمر بن الخطاب أمة قد كان يعرفها لبعض المهاجرين أو الأنصار, وعليها جلباب متقنعة به.فسألها : عتقت؟قالت.لا.قال : فما بال الجلباب ؟ ضعيه عن رأسك, إنما الجلباب على الحرائر)
قال الشيخ الألباني في الجلباب (ص100): (قوله رضي الله عنه : (إنما الجلباب على الحرائر) دليل واضح جدا أن الجلباب ليس من شرطه عند عمر أن يغطي الوجه, فلو أن النساء كن في العهد الأول يسترن وجوههن بالجلابيب ما قال عمر رضي الله عنه ما قال.)اهـ
قال أبو عبد الله: :ما كان لعمر رضي الله عنه ليقول ذلك لو لم تكن كاشفة وجهها لأنه لولا ذلك ما عرفها. وقوله : (عتقت) دليل على أن بعض الحرائر كن يلبسن الجلابيب دون تغطية الوجه !
أما قوله (والوجه هو عنوان المعرفة) فغريب. فإن معنى (أن يعرفن) أي يعرفن بالتستر والعفة فلا يؤذين.!
وأما ما يذكر من تغطية عائشة رضي الله عنها وحفصة بنت سيرين لوجهيهما بالجلباب فدليل على مشروعية ذلك فقط لا على أن الجلباب يلبس بشرط أن يغطي الوجه!
2 ـ قال (ص17) : قوله صلى الله عليه وسلم : (لا تباشر المرأة المرأة، فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها) (أخرجه البخاري).
فقوله صلى الله عليه وسلم : (كأنه ينظر إليها) دليل على أن النساء كن يُغطين وجوههن وإلا لما احتاج الرجال إلى أن تُنعت لهم النساء الأجنبيات، بل كانوا يستغنون عن ذلك بالنظر إليهن مباشرة.
ـ قال أبو عبد الله: لم ينتبه صاحب الوقفات إلى قوله (تباشر) فإن معناها (تطلع على بشرتها), ومعلوم أن المرأة ترى من أختها أكثر من الوجه !! ذراعيها وعنقها وساقيها وشعرها ...قال الإمام المناوي في فيض القدير (6/385): (أي لا تمس امرأة بشرة أخرى ولا تنظر إليها فالمباشرة كناية عن النظر إذ أصلها التقاء البشرتين فاستعير إلى النظر إلى البشرة يعني لا تنظر إلى بشرتها فتنعتها أي تصف ما رأت من حسن بشرتها وهو عطف على تباشر لزوجها كأنه ينظر إليها فيتعلق قلبه بها فيقع بذلك فتنة والنهي منصب على المباشرة والنعت معا فتجوز المباشرة بغير توصيف) اهـ فليس إذن في الحديث دلالة صريحة على ما ذهب إليه صاحب الوقفات.
3ـ قال: إذا كان قدم المرأة عورة يجب ستره، فوجهها أولى أن يُستر.
فهل يليق – بعد هذا - أن تأتي الشريعة بتغطية القدم وهو أقل فتنة وتبيح كشف الوجه وهو مجمع محاسن المرأة وجمالها وفتنتها ؟! إن هذا من التناقض الذي تتنـزه عنه شريعة رب العالمين
ـ قال أبو عبد الله: على قياسه هذا يلزمه أن يقول : (هل يليق أن تأتي الشريعة بتغطية القدم وهو أقل فتنة وتبيح كشف العينين, وهو مجمع محاسن وجه المرأة, إن هذا من التناقض الذي تنزه عنه رب العالمين) !!!!!.
ومن المعلوم أن النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كن يتنقبن وكذلك نساء النبي صلى الله عليه وسلم.أي ببدين عيونهن.وقد ورد في الحديث الصحيح (مرفوعا كان أو موقوفا) : (لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين)
نعوذ بالله من القول بغير علم !!( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ )( وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).
ـ قال (ص21) : قرر الألباني – عفا الله عنه - في كتابه بأن آية الحجاب (وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب…) عامة لكل النساء، ومعلوم أن آية الحجاب نزلت في زينب بنت جحش رضي الله عنها، وهي إحدى زوجاته صلى الله عليه وسلم، وحجابهن الواجب هو تغطية الوجه باتفاق العلماء –وبإقرار الألباني نفسه!- فيلزم أن يكون حجاب نساء المؤمنين هو تغطية الوجه أيضاً, لأن الآية عامة باعتراف الألباني !
ـ قال أبو عبد الله: الرجل يجني على الشيخ ويظلمه,وبيان الأمر كالتالي :
يقصد الشيخ بكونها عامة أي أنها عامة لكل النساء ... في بيوتهن !! فتُخاطب النساء في بيوتهن وهن مبتذلات في لباس مهنتهن غير متسترات بجلباب أو خمار من وراء حجاب الجدران والستور !!
قال الشيخ الألباني في الرد المفحم (ص10): يزعم كثير من المخالفين المتشددين : أن ( الجلباب ) المأمور به في آية الأحزاب هو بمعنى ( الحجاب ) المذكور في الآية الأخرى: ( فاسألوهن من وراء حجاب ) ( الأحزاب : 53 ).
وهذا خلط عجيب حملهم عليه علمهم بأن الآية الأولى لا دليل فيها على أن الوجه والكفين عورة بخلاف الأخرى فإنها في المرأة وهي في دارها, إذ إنها لا تكون عادة متجلببة ولا متخمرة فيها, فلا تبرز للسائل خلافا لما يفعل بعضهن اليوم ممن لا أخلاق لهن, وقد نبه على هذا الفرق شيخ الإسلام ابن تيمية فقال في الفتاوى ( 15 / 448 ) : (فآية الجلابيب في الأردية عند البروز من المساكن, وآية الحجاب عند المخاطبة في المساكن ).اهـ
فأين التناقض؟
وأقول لصاحب الوقفات:
أليس تغطية العينين داخلة في آية الحجاب هذه . فهل يجب على المرأة تغطية عينيها ؟ إياك إياك! فقد صح أن النقاب شرع . !
وأود تنبيه صاحبنا إلى مسألة قد تكون خفيت عليه وهي :
أنه قد دلت الأدلة على خصوصية وجوب تغطية الوجه بنساء النبي صلى الله عليه وسلم:
منها قول عائشة في قصة الإفك: (بعدما ضرب علي الحجاب), ولم تقل (بعدما ضرب الجلباب). وفرق كبير بين العبارتين لمن كان عنده حس لغوي.
وكذلك صفية: فقد قال الصحابة: :) إن يحجبها فهي امرأته) ومعنى حجبها أي سترها حتى وجهها. بدليل ما في الحديث: (وسترها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملها وراءه وجعل رداءه على ظهرها ووجهها)
5ـ قال (ص21): ذكر الألباني حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (خرجت سودة بعدما ضُرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها.. الحديث، وفيه أن عمر رضي الله عنه عرفها لجسمها" ثم علق الألباني على قولها "بعدما ضُرب الحجاب" قال: "تعني حجاب أشخاص نسائه صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى (وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) وهذه الآية مما وافق تنـزيلها قول عمر رضي الله عنه كما روى البخاري (8/428) وغيره عن أنس قال: قال عمر رضي الله عنه: قلت: يا رسول الله! يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب".
قلت: قول الألباني (تعني حجاب أشخاص نسائه صلى الله عليه وسلم) يناقض ما ذكره بعد هذا من أن الوحي نزل بتأييد عمر في حجاب "أبدان" زوجاته صلى الله عليه وسلم، ولم يؤيده في حجاب "أشخاصهن". قال الألباني: "في الحديث –أي السابق- دلالة على أن عمر رضي الله عنه إنما عرف سودة من جسمها، فدل على أنها كانت مستورة الوجه، وقد ذكرت عائشة أنها كانت رضي الله عنها تُعرف بجسامتها، فلذلك رغب عمر رضي الله عنه أن لا تُعرف من شخصها، وذلك بأن لا تخرج من بيتها، ولكن الشارع الحكيم لم يوافقه هذه المرة لما في ذلك من الحرج.."
قد يقال: بأن هذا سبق قلم من الشيخ، أراد أن يكتب: "تعني حجاب أبدان نسائه صلى الله عليه وسلم" فكتب "تعني حجاب أشخاص نسائه صلى الله عليه وسلم"
فأقول: هذا ما أظنه، أنه سبق قلم من الشيخ بدليل ما بعده. ومع هذا ففيه تناقض شديد!! وهو ما أريد التنبيه عليه: وهو أن الشيخ هنا يرى أن آية الحجاب (فاسألوهن من وراء حجاب) نزلت في حجاب البدن، ومنه تغطية الوجه –كما سبق-. ولكننا نراه في (ص 87 من جلباب المرأة) يقول تعليقاً على أثر أم سلمة رضي الله عنها قالت: "لما انقضت عدتي من أبي سلمة أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمني بيني وبينه حجاب…( قال الألباني: (الظاهر أن الحجاب في هذه الرواية ليس هو الثوب الذي تتستر به المرأة، وإنما هو ما يحجب شخصها من جدار أو ستار أو غيرهما، وهو المراد من قوله تعالى (وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب...)" !! فهو هنا يرى أن الآية تدل على حجاب الأشخاص لا الأبدان؛ لكي يفر من القول بتغطية الوجه، وهناك يرى أنها تدل على حجاب الأبدان ومنه تغطية الوجه بدليل فعل سودة رضي الله عنها !! فتأمل هذا التناقض!
قال أبو عبد الله: يطلق الحجاب ويراد به شيئان, اسم المصدر , من حجب يحجب فهو حجب وحجاب, ويطلق ويراد به ما يحجب به.
فالحجب بالجدار والحجب بالثوب كلاهما حجب وحجاب, والحجب بالجدار أو الستار حجب للشخص, ويلزم منه حجب البدن,والحجب بالثوب ليس إلا حجبا للبدن فقط.فإنه لو قيل لأحد: (زيد كلم عمرا من وراء جدار). ثم قيل له: هل يرى أحدهما شخص الآخر. سيقول له لا. وإذا قيل له : فهل يرى بدنه. فسيقول مستغربا: وهل يمكن أن يُرى بدن من لا يرى شخصه.لأن هذا التلازم بين حجب الشخص وحجب البدن أمر معلوم عند كل عاقل!
ـ وقول الشيخ الألباني (تعني حجاب أشخاص نسائه ) صحيح وليس من التناقض ولا سبق القلم.
فإن المرأة إما أن تكون في بيتها في ثياب مبتذلة وإما أن تكون خارج بيتها.
فإن كانت في بيتها فإنها غير مأمورة بالجلباب والخمار. وحجابها عن الناس إنما يكون بالجدران. وهذا الحجاب حجاب لأشخاصهن ولا بد, وحجب أبدانهن لازم من ذلك ولا بد أيضا ومنه الوجه..
أما إن خرجت فتتستر بالثياب. فتحجب بدنها فقط ولا تحجب شخصها.فحجب الشخص أخص من حجب البدن. وإثبات الأخص(حجاب الشخص) يستلزم إثبات الأعم (وهو حجاب البدن).وإثبات الأعم (حجب البدن) لا يستلزم الأخص(حجب الشخص)
فالأعم ما ازداد فردا وهو حجب البدن لأن حجب البدن قد يكون مع حجب الشخص وقد لا يكون بحجب الشخص, والأخص ما ازداد قيدا وهو هنا حجب الشخص.لأنه حجب للبدن بقيد حجب الشخص.
فقول الشيخ (تعني حجاب أشخاص نسائه) أي في البيت,وفيه إثبات للحجابين معا !!حجاب الشخص وحجاب البدن,فتأمل!
وقوله رحمه الله تعالى في أثر أم سلمة : (الظاهر أن الحجاب في هذه الرواية ليس هو الثوب الذي تتستر به المرأة، وإنما هو ما يحجب شخصها) موافق لقوله الأول.
فظهر أن خطأ صاحبنا كان في زعمه كون قول الشيخ (تعني حجاب أشخاص نسائه) سبق قلم.لأن الرجل ربما لا يفرق بين حالة المرأة في بيتها وبين حالتها خارج بيتها, والتلازم الكائن بين حجب الشخص وحجب البدن, والنسبة بين معنييهما!فأين التناقض, إنما التناقض في عقل صاحب الورقات!
ـ ألزم صاحب الورقات الشيخ الألباني إن هو قال بأن آية الحجاب عامة في كل النساء ومنه تغطية الوجه, أن يقول لزوما بأن حجاب النساء في غير بيوتهن منه أيضا تغطية الوجه وقال: (فما الداعي لحجاب الأشخاص أصلاً ما دامت الوجوه مكشوفة)
والجواب أن صاحب الورقات أتي من قصور في التصور.
فإن المرأة المبتذلة في بيتها وهي التي لا تضع خمارا على رأسها وقد يكون عنقها مكشوفا .تُكلم من خلف جدار بيتها أو بابه دون الحاجة إلى فتح طاقة في الجدار أو فتح الباب ثم لبس جلبابها وتغطية شعرها وعنقها وتكلف التستر. كل هذا فيه حرج.ولا يلزمها أن تفتح طاقة بقدر وجهها فإن هذا مستهجن . ولأنه إلزام غاية في السخافة.وهذا أمر تشترك فيه من يجب عليها تغطية وجهها ومن لا.
أما خارج بيتها فإنها تلبس ما يستر الواجب عليها ستره من بدنها.ويبقى ما أقر الشرع إظهاره.فلا تلازم بين ما يحجبه الجدار وبين ما تحجبه الثياب خارج البيت.وإلا ألزمناه بالتالي:
إن كانت أمة في بيت سيدها في ثياب مهنتها وقد أظهرت شعرها وعنقها وسيقانها وذراعيها ,وخاطبها زائر يسألها عن سيدها أهو في البيت؟ أيجوز أن تتبدى له وحالتها كذلك.لابد من لا.فنقول وما دليلك. سيقول ولابد (فاسألوهن من وراء حجاب) لأنها عامة فنقول: يلزم ولا بد من أمرها بحجاب شخصها في البيت وحالتها تلك ـ ومنه تغطية الوجه ـ إيجاب تغطية وجهها خارج البيت على طريقة صاحب الوقفات.ولكنه لا يقول بذلك , فما السبب؟ إن قال: دل الدليل على أنها لا تستره خارج البيت قلنا. إذن فقد ضعف هذا اللزوم, ونحن أيضا نقول : قد دل الدليل على عدم وجوب تغطية الحرة من دون الأمهات لوجوههن!وها قد تساوينا.!
ومع ذلك فإني أرى صاحب الوقفات لا يفرق بين حجب الشخص وحجب البدن.فأحدهما أعم من الآخر وليسا متساويين!
7ـ ذكر (ص26) أن مذهب الشيخ الألباني عدم التفرقة بين الأمة والحرة في أحكام اللباس وأنهما معا لا يجب في حقهن تغطية الوجه. وذكر أنه استشهد بقول قتادة في تفسير قوله تعالى (يدنين عليهن من جلالبيبهن): (أخذ الله عليهن إذا خرجن أن يقنعن على الحواجب)
وقال: ولكن الألباني لم يكمل قول قتادة ! بل بتره كما سبق! فهو يقول بعد الكلام السابق: (وقد كانت المملوكة إذا مرت تناولوها بالإيذاء، فنهى الله الحرائر أن يتشبهن بالإماء!)
قال أبو عبد الله: ولماذا يكمل قول قتادة ؟! يا لهذا الرجل. ألم يقرأ في الرد المفحم (ص51) نقل الشيخ رحمه الله عن ابن عباس قوله في تفسير الإدناء:
( تغطي الحرة إذا خرجت جبينها ورأسها ) ثم قال: ومجاهد ممن تلقى تفسير القرآن عن ابن عباس رضي الله عنه .ثم تلقاه عن مجاهد قتادة رحمهم الله تعالى فإنه من تلامذته والرواة عنه فقال في تفسير ( الإدناء ) : (أخذ الله عليهن إذا خرجن أن يقنعن على الحواجب ) .فالشيخ إنما ذكر موطن الشاهد عنده الموافق لتفسير شيخ شيخه ابن عباس.واستغربت من صاحب الوقفات قوله: (فقتادة كالجمهور يفرق بين حجاب الحرة والأمة. فيلزم الألباني حينئذٍ أن يفرق بين حجابيهما، أو أن لا يحتج بأثر قتادة الذي يناقض قوله) فإن الشيخ رحمه الله لم يحتج بكلام قتادة أبدا ,إنما ساقه مستشهدا, والعبرة عنده بتفسير ابن عباس.لأن تفسير الصحابي هو من قيل فيه له حكم الرفع.! ولذلك لم يأخذ بالشطر الآخر,وما كان يهمه حينها. لأنه ما كان يتكلم عن سبب النزول ولا عن الفرق بين الأمة والحرة ! فليس هذا من البتر. إنما هو من باب.(كل يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب هذا القبر)!!!
8ـ قال في حديث: (شققن مروطهن فاختمرن بها) : قال الحافظ ابن حجر: (اختمرن: أي غطين وجوههن) فلم يعجب هذا التفسير الألباني رحمه الله لأنه يناقض قوله بجواز كشف الوجه. فقال مُخَطِّئًا الحافظ ابن حجر بأسلوب غريب: (قوله (وجوههن) يحتمل أن يكون خطأ من الناسخ، أو سبق قلم من المؤلف، أراد أن يقول (صدورهن) فسبقه القلم..)!! فانظر كيف يخطئ العلماء في سبيل إقرار رأيه الضعيف؟! وفاته – عفا الله عنه - أن الحافظ ابن حجر قال عند تعريف الخمر: (ومنه خمار المرأة لأنه يستر وجهها)! فهو يعني ما يقول، ولم يخطئ كما يزعم الألباني!.
قال أبو عبد الله: لا يزال العلماء يخطئ بعضهم بعضا.وليس أسلوب الشيخ غريبا كما زعم صاحب الوقفات. فإن الشيخ قال: (فسبقه القلم) معتذرا, وقال ذلك لأن الحافظ يشرح الاختمار الذي في قوله تعالى (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) لأن الأثر وارد في تفسيرها, ففي رواية (شققن أكثف مروطهن فاختمرن بها) . وإني أسأل قارئا منصفا بالله تعالى. إن كان المقصود بالاختمار في هذا الأثر تغطية الوجه, فكيف ترى المرأة طريقها إن كان وجهها مغطى بـ(أكثف مروطهن)!!!فلماذا التهويل بتخطئة الشيخ للحافظ, أسلوب مبتذل ومحاولة فاشلة.فالنافع الدليل لا التهويل.
فالشيخ حينما اعتذر للشيخ يعرف ما يقول !ولذلك قال شمس الحق آبادي في عون المعبود (11/108): (فاختمرن بها أي تقنعن بها ) والتقنع إدارة الخمار على الرأس دون تغطية الوجه.وقال الآلوسي في روح المعاني : (الخمر جمع خمار ويجمع في القلة على أخمرة وكلا الجمعين مقيس وهو المقنعة التي تلقيها المرأة على رأسها) وقال شيخ شيخنا الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير : (والخمار : ثوب تضعه المرأة على رأسها لستر شعرها وجيدها وأذنيها)
وفي حديث البخاري هذا عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن مروطهن فاختمرن بها) وفي قوله (المهاجرات الأول) تنبيه على أن الآية نزلت قبيل الهجرة قبل نزول آية الحجاب والجلباب !وإلا لما كان لتخصيصهن بالذكر فائدة.وإلا فإنهم ونساء الأنصار سواء في الحكم.! فكيف يقال إنهن كن يغطين وجوههن.ولم يكن فرض تغطيته بعد على مذهب صاحب الوقفات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (15\372) : (لما نزل ذلك - أي آية النور- عمد نساء المؤمنين إلى خمرهن فشققنها وأرخينها على أعناقهن والجيب هو شق في طول القميص فإذا ضربت المرأة بالخمار على الجيب سترت عنقها وأمرت بعد ذلك أن ترخي من جلبابها )
9ـ قال (ص27): شنع الألباني رحمه الله على القائلين بأن الخمار هو ما يغطي الوجه والرأس، فلما أحرجوه واحتجوا عليه بأقوال شراح الحديث؛ كالحافظ ابن حجر –كما سبق-، وبقول الشاعر:
قل للمليحة في الخمار المذهب أفسـدت نسك أخي التقي المذهب
نور الخمار ونور خدك تحتـه عجبًا لـوجهك كيف لم يتلهــب
قال الألباني: (لا يلزم من تغطية الوجه به أحياناً أن ذلك من لوازمه عادة)! فاعترف رحمه الله بأن الخمار يغطي الوجه ! إذاً: فلماذا كل هذا التشنيع ؟!
قال أبو عبد الله: جرأة غريبة أن يزعم هذا الكاتب أن الشيخ أحرج, وكأنه مخرج سنمائي يتخيل ما لا يحصل,إنما شنع الشيخ على من قال: (لا يستعمل الخمار إلا مع تغطية الوجه). أما أنه قد يغطى به الوجه فلا.وكلام الشيخ الألباني دقيق.فإن الخمار قد يطلق ويراد به المعنى اللغوي الأعم. وهو التغطية, وقد يراد به المعروف عند النساء غالبا.
10ـ قال (ص29) : زعم الألباني عفا الله عنه أن الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله يذهب إلى أن الخمار هو غطاء الرأس فقط، وأن القواعد من النساء لا حرج عليهن في وضعه !! ثم نقل قوله مبتورًا!
وفاته أن الشيخ ابن سعدي قال في تفسير قوله تعالى (فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن): (أي الثياب الظاهرة؛ كالخمار ونحوه الذي قال الله فيه للنساء (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) فهؤلاء يجوز لهن أن يكشفن وجوههن لأمن المحذور منها وعليها)
فابن سعدي رحمه الله كغيره من العلماء يرى أن الخمار غطاء الوجه مع الرأس، لا الرأس فقط كما نسب إليه الألباني
قال أبو عبد الله: أخطأ صاحب الوقفات في حق الشيخ الألباني. فإن الشيخ رحمه الله تعالى لم يدع أبدا أن الشيخ السعدي يفسر (الخمار) بما يغطي الرأس (فقط)! إنما نقل اختياره في أن من المقصود بالثياب التي تضعها المرأة اليائسة الخمار بغض النظر عن معناه عنده.واستغربت جدا جدا , حينما رأيته ينكر اختيار الشيخ الألباني , ثم يقرره وهو لا يعلم حينما قال : (فابن سعدي رحمه الله كغيره من العلماء يرى أن الخمار غطاء الوجه مع الرأس) فيكون الشيخ السعدي يرى أن المرأة القاعد يجوز لها كشف (الوجه مع الرأس)!
والشيخ لم يبتر , إنما أخذ ما يناسب المسألة. وهي (معنى قوله تعالى (أن يضعن ثيابهن) فقط.(وكل يؤخذ من كلامه ويرد)
وأما قوله (كغيره من العلماء) أظنها سهوا منه وإلا فهي محالولة مكشوفة, فإن جمهور العلماء وغالبهم لا يقولون بوجوب تغطية الوجه.
11ـ قال (ص31) : يردد الألباني أن مذهب الإمام مالك جواز كشف الوجه ولم يذكر نصاً عن الإمام مالك على هذا، وهذا خلاف ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية من أن مذهبه عدم جواز ذلك. قال : (إن كل شيء منها –أي المرأة- عورة حتى ظفرها ، وهو قول مالك). ومما يشهد لما نقله شيخ الإسلام أن الإمام مالك ذكر في موطئه قول ابن عمر (لا تنتقب المرأة المحرمة) ثم أتبعه بقول فاطمة بنت المنذر: (كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق )ليبين أن منع المرأة المحرمة من النقاب لا يعني عدم ستر وجهها بغيره مما لم يُفصل على مقدار العضو
قال أبو عبد الله: هذا فهم دخيل على المذهب المالكي,فقد قال سحنون لابن القاسم كما في المدونة :(قلت : أرأيت المرأة إذا ظاهر منها زوجها هل يجب عليها أن تمنعه نفسها ؟ قال : قال مالك : نعم ، تمنعه نفسها قال : ولا يصلح له أن ينظر إلى شعرها ولا إلى صدرها .قال : فقلت لمالك أفينظر إلى وجهها؟ ، فقال : نعم وقد ينظر غيره أيضا إلى وجهها)
وهذا صريح في أن مالك لا يعتبر وجه المرأة عورة.
وقول صاحب الوقفات: (ليبين أن منع المرأة المحرمة من النقاب لا يعني عدم ستر وجهها بغيره مما لم يفصل على مقدار العضو) يقصد به أن مالكا كان يرى وجوب ستر المرأة المحرمة لوجهها بما لم يفصل على مقدار العضو وهو فهم مضحك جدا !!. فإن ابن القاسم قال : (إلا أن مالكا كان يوسع للمرأة أن تسدل رداءها من فوق رأسها على وجهها إذا أرادت سترا ، فإن كانت لا تريد سترا فلا تسدل) فهذا واضح في أن مالكا لا يرى وجوب تغطية المرأة وجهها في الإحرام .وإلا لما خير المحرمة بين السدل وعدمه!!
وهو ما نقله عنه ابن رشد في بداية المجتهد ونهاية المقتصد وابن عبد البر في التمهيد وغيرهما.وكما قال ابن حجر في الفتح (1/328) : (أصحاب صاحب المذهب أعلم بمراده من غيرهم)
وأما أن ابن تيمية نقل عن الإمام مالك أن المرأة كلها عورة حتى ظفرها فخطأ. فالذي في الفتاوى (22/110): (تنازع الفقهاء في النظر إلى المرأة الأجنبية, فقيل يجوز النظر لغير شهوة إلى وجهها ويديها وهو مذهب أبى حنيفة والشافعي وقول في مذهب أحمد وقيل لا يجوز وهو ظاهر مذهب أحمد فإن كل شيء منها عورة حتى ظفرها وهو قول مالك) ففيه ينسب إلى مالك القول بعدم جواز النظر إلى الوجه واليدين بغير شهوة لا لأن الوجه عنده عورة كما زعم صاحب الوقفات. بل سدا للذريعة كما عند أصحابه بغض النظر عن صحة هذا أو خطئه. وقوله (فإن كل شيء منها عورة حتى ظفرها ) متعلق بقوله (وهو ظاهر مذهب أحمد) ويدل على ذلك قوله في شرح العمدة (4/268): (قال أحمد: الزينة الظاهرة الثياب وقال: كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها)!!
12ـ قال صاحب الوقفات : هذا ما أردت بيانه من تناقضات الشيخ – رحمه الله - ؛ لكي لا يغتر أحد من المسلمين بقوله في هذه المسألة .
وأنا أقول : هذا ما أردت بيانه من أخطاء صاحب الورقات, لكي لا يغتر أحد من المسلمين بأخطائه في هذه الرسالة.
 

السرخسي

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
21 سبتمبر 2008
المشاركات
170
التخصص
عام
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
مالكي
جزاك الله خير .. بحث و موضوع يستحق ان يكتب بماء الذهب .

اللهم ارحم الإمام الألباني واسكنه فسيح جناته .
 

طارق موسى محمد

:: متفاعل ::
إنضم
5 أغسطس 2009
المشاركات
411
الإقامة
الاردن
الجنس
ذكر
التخصص
محاسبة
الدولة
الاردن
المدينة
الزرقاء
المذهب الفقهي
الحنفي
جزاكم الله خيرا ونفع بعلمكم
 
إنضم
2 يوليو 2010
المشاركات
78
التخصص
فقه مقارن
المدينة
القصيم -البصر
المذهب الفقهي
الدليل
رد: جلسات مع صاحب وقفات مع كشف الوجه

في هذا الراد مغالطات كثيرة , أُرجي الرد عليها في ما بعد, وطريقة الأخ في العرض تٌنبي الدفاع عن العلامة الألباني رحمه الله فقط لا بغية الوصول للحق, فكأنه اعتقد قبل أن يستدل وهذه أم الطوام .
 
إنضم
13 سبتمبر 2008
المشاركات
246
التخصص
تجاره
المدينة
القاهره
المذهب الفقهي
الدليل
رد: جلسات مع صاحب وقفات مع كشف الوجه

للانصاف
القول بعدم وجوب تغطية الوجه هو قول جمهور اهل العلم سلفا وخلفا ويجب على المخالف تقبل هذا دون عصبيه

وفق الله الجميع
 

عالية الهمة

:: متابع ::
إنضم
28 فبراير 2010
المشاركات
41
التخصص
أصول فقه
المدينة
=====
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: جلسات مع صاحب وقفات مع كشف الوجه

سبحان الله ... أين العقول قبل شرح النقول ... فإنه من المعروف أن وجه المرأة هو موضع الزينة

فيها و مثار الفتنة ... ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح ... مابلكم بفتنة النساء التي إبتلي بها

المسلمون في كل مكان .
 
إنضم
4 ديسمبر 2011
المشاركات
451
التخصص
الوعظ والارشاد
المدينة
المسيلة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: جلسات مع صاحب وقفات مع كشف الوجه

اشكرك الاخت عالية الهمة نعم موضع الزينة والفتنة بل اقول ان الجمال هوالوجه وهو موضع الانجداب ايضا ثم لمادا نسوا قول عائشة كانت ادا مرت بنا الركبان اسدلنا على وجوهنا الستار او كماقالت واقول ان الرجل يفتتن في وجه المراة اكثر والله اعلم بالصواب
 
إنضم
23 فبراير 2012
المشاركات
126
التخصص
فقه وأصوله
المدينة
كويت
المذهب الفقهي
القرآن والسنة
رد: جلسات مع صاحب وقفات مع كشف الوجه

سبحان الله ... أين العقول قبل شرح النقول ... فإنه من المعروف أن وجه المرأة هو موضع الزينة

فيها و مثار الفتنة ... ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح ... مابلكم بفتنة النساء التي إبتلي بها

المسلمون في كل مكان .

استغفري الله من هذه الكلمة.
 
أعلى