العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

(جملة من المسائل التي اجتهد فيها مالك - رحمه الله –) وهل خالف فيها السنّة...!

إنضم
25 مارس 2011
المشاركات
1,035
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه
المدينة
مكة المكرمة والشمال
المذهب الفقهي
أصول المذهب الأحمد
دفاعا أو جوابا؛ فلقد يسّر لنا الشيخ الإمام محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله المسألة, وكفانا المؤونة؛ قال رحمه الله - وهو يكتب [SUP]([/SUP][SUP][1][/SUP][SUP])[/SUP] عن موقفه من الأئمة رحمهم الله من الأربعة وغيرهم - :
"... أخذ بعض العلماء على مالك رحمه الله أشياء قال: إنه خالف فيها السنة قال أبو عمر بن عبد البر رحمه الله في جامعه: "وقد ذكر يحيى بن سلام قال: سمعت عبد الله بن غانم في مجلس إبراهيم بن الأغلب يحدث عن الليث بن سعد أنه قال: أحصيت على مالك بن أنس سبعين مسألة كلها مخالفة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم مما قال مالك فيها برأيه، قال: ولقد كتبت إليه في ذلك". انتهى محل الغرض منه [SUP]([2])[/SUP].
ومعلوم أن مثل كلام الليث هذا عن مالك لا أثر له؛ لأنه لم يعين المسائل المذكورة ولا أدلتها.
فيجوز أن يكون الصواب فيها مع مالك لأدلة خفيت على الليث، فليس خفاؤها على مالك بأولى من خفائها على الليث.
ولا شك أن مذهب مالك المدوّن فيه فروع تخالف بعض نصوص الوحي.

والظاهر؛ أن بعضها لم يبلغه رحمه الله ولو بلغه لعمل به.
وأن بعضها بلغه وترك العمل به لشيء آخر يعتقده دليلا أقوى منه.

1- ومن أمثلة ما لم يبلغه النص فيه صيام ست من شوال بعد صوم رمضان.قال رحمه الله في الموطأ ما نصه: " إني لم أر أحدا من أهل العلم والفقه يصومها ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف. وإن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته, وأن يلحق برمضان ما ليس منه أهل الجهالة والجفاء، ولو رأوا في ذلك رخصة عند أهل العلم، ورأوهم يعلمون ذلك". اهـ منه بلفظه[SUP]([3])[/SUP].
وفيه تصريح مالك رحمه الله بأنه لم يبلغه صيام ستة من شوال عن أحد من السلف، وهو صريح في أنه لم يبلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا شك أنه لو بلغه الترغيب فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم لكان يصومها ويأمر بصومها، فضلا عن أن يقول بكراهتها.
وهو لا يشك أن النبي صلى الله عليه وسلم أرأف وأرحم بالأمة منه؛ لأن الله وصفه صلى الله عليه وسلم في القرآن بأنه {رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} .
فلو كان صوم السنة يلزمه المحذور الذي كرهها مالك من أجله لما رغب فيها النبي صلى الله عليه وسلم ولراعى المحذور الذي راعاه مالك.
ولكنه صلى الله عليه وسلم، ألغى المحذور المذكور وأهدره؛ لعلمه بأن شهر رمضان أشهر من أن يلتبس بشيء من شوال.
كما أن النوافل المرغّب فيها قبل الصلوات المكتوبة وبعدها لم يكرهها أحد من أهل العلم خشية أن يلحقها الجهلة بالمكتوبات لشهرة المكتوبات الخمس وعدم التباسها بغيرها.
وعلى كل حال، فإنه ليس لإمام من الأئمة أن يقول هذا الأمر الذي شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم مكروه لخشية أن يظنه الجهال من جنس الواجب.
وصيام الستة المذكورة، وترغيب النبي صلى الله عليه وسلم فيه ثابت عنه.
قال مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه: حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر جميعا عن إسماعيل، قال ابن أيوب حدثنا إسماعيل بن جعفر أخبرني سعد بن سعيد بن قيس عن عمر بن ثابت بن الحارث الخزرجي عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر)). انتهى منه بلفظه.
وفيه التصريح من النبي صلى الله عليه وسلم بالترغيب في صوم الستة المذكورة فالقول بكراهتها من غير مستند من أدلة الوحي خشية إلحاق الجهال لها برمضان، لا يليق بجلالة مالك وعلمه وورعه، لكن الحديث لم يبلغه كما هو صريح كلامه نفسه رحمه الله في قوله: لم يبلغني ذلك عن أحد من السلف، ولو بلغه الحديث لعمل به؛ لأنه رحمه الله من أكثر الناس اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحرصهم على العمل بسنته.
والحديث المذكور رواه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي، وصوم السنة المذكور رواه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحاب منهم ثوبان وجابر وابن عباس وأبو هريرة والبراء بن عازب كما بيّنه صاحب نيل الأوطار.
وعلى كل حال فالحديث صحيح ويكفي في ذلك إسناد مسلم المذكور, ولا عبرة بكلام من تكلم في سعد بن سعيد؛ لتوثيق بعض أهل العلم له واعتماد مسلم عليه في صحيحه.
  • ومن أمثلة ما لم تبلغ مالكا رحمه الله فيه السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إفراد صوم يوم الجمعة، فقد قال رحمه الله في الموطأ ما نصه: لم أسمع أحدا من أهل العلم والفقه، ومن يقتدى به ينهي عن صيام يوم الجمعة وصيامه حسن, وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه, وأراه كان يتحراه. انتهى منه بلفظه.
وفيه تصريحه رحمه الله بأنه لم يسمع أحدا من أهل العلم ينهي عن صوم الجمعة.
وأن ذلك حسن عنده، وأنه رأى بعض أهل العلم يتحرى يوم الجمعة ليصومه.
وهذا تصريح منه رحمه الله بأنه لم يبلغه نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة وحده، وأمره من صامه أن يصوم معه يوما غيره وإلا أفطر إن ابتدأ صيامه ناويا إفراده.
ولو بلغته السنة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمل بها وترك العمل بغيرها؛ لأن النهي عن صوم يوم الجمعة وحده ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال البخاري رحمه الله في صحيحه: حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة عن محمد بن عباد، قال سألت جابرا رضي الله عنه أنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم الجمعة؟ قال: (نعم), زاد غير أبي عاصم: يعني أن ينفرد بصومه.
حدثنا عمر بن حفص بن غياث, حدثنا أبي, حدثنا الأعمش حدثنا أبو صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يصوم أحدكم يوم الجمعة إلا يوما قبله أو بعده)) .
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة ح وحدثني محمد حدثنا غندر حدثنا شعبة عن قتادة عن أبي عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم، دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال: "أصمت أمس" ؟ قالت: لا، قال: "تريدين أن تصومي غدا" ؟ قالت لا. قال: "فأفطري" .
وقال حماد بن الجعد سمع قتادة حدثني أبو أيوب أن جويرية حدثته فأمرها، فأفطرت. انتهى من صحيح البخاري بلفظه.
وقال مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه: حدثنا عمرو الناقد حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الحميد بن جبير عن محمد بن عباد بن جعفر سألت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وهو يطوف بالبيت أنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الجمعة؟ فقال: نعم، ورب هذا البيت.
وقال مسلم أيضا: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حفص وأبو معاوية عن الأعمش ح وحدثنا يحيى بن يحيى واللفظ له أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يصم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله أو يصوم بعده)).
وفي لفظ في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم" هذا لفظ مسلم في صحيحه.
ولا شك أن هذه الأحاديث لو بلغت مالكا ما خالفها، فهو معذور في كونها لم تبلغه.
وقال النووي في شرح مسلم: وأما قول مالك في الموطأ: لم أسمع أحدا من أهل العلم والفقه ومن به يقتدى نهي عن صيام يوم الجمعة وصيامه حسن, وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه وأراه كان يتحراه.
فهذا الذي قاله هو الذي رآه، وقد رأى غيره خلاف ما رأى هو، والسنة مقدمة على ما رآه هو وغيره.
وقد ثبت النهي عن صوم يوم الجمعة، فيتعين القول به، ومالك معذور، فإنه لم يبلغه.
قال الداودي من أصحاب مالك: لم يبلغ مالكا هذا الحديث ولو بلغه لم يخالفه, انتهى منه.
وهذا هو الحق الذي لا شك فيه, لأن مالكا من أورع العلماء وأكثر الناس اتباعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يدعها وهو عالم بها.
وقوله في هذا الحديث: "إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم" , أي كأن ينذر أحد صوم اليوم الذي يشفي الله فيه مريضه، فوافق ذلك يوم الجمعة, لأن صومه له لأجل النذر، الذي لم يقصده بأصله تعيين يوم الجمعة.
وإنما النهي فيمن قصد بصومه نفس يوم الجمعة دون غيره.
والغرض عندنا إنما هو المثال لبعض الأحكام التي لم تبلغ مالكا فيها السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو بلغته لعمل بها.
2- ومعلوم أن هنالك بعضا من النصوص ترك مالك العمل به مع أنه بلغه؛ لأنه يعتقد أن ما ترك النص من أجله أرجح من النص.
وهذا يحتاج فيه إلى مناقشات دقيقة بين الأدلة، فقد يكون الحق في ذلك مع هذا الإمام تارة ومع غيره أخرى.
فقد ترك مالك العمل بحديث خيار المجلس مع أنه حديث متفق عليه، وقد بلغ مالكا.
وقد حلف عبد الحميد الصائغ من المالكية بالمشي إلى مكة على أنه لا يفتي بثلاث, قالها مالك.
ومراده بالثلاث المذكورة :
  • أ- عدم القول بخيار المجلس هذا مع صحة الحديث فيه.
  • ب- وجنسية القمح والشعير مع صحة الأحاديث الدالة على أنهما جنسان.
  • ج- والتدمية البيضاء، ولا شك أن مالكا بلغه حديث خيار المجلس هذا.
  • فقد روي في الموطأ عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار" .
قال مالك: وليس لهذا عندنا حد معروف، ولا أمر معمول به فيه. انتهى منه بلفظه.
مع أن مالكا لم يعمل بهذا الحديث الصحيح, وأشار في الموطأ إلى بعض الأسباب التي منعته من العمل به في قوله: وليس لهذا عندنا حد معروف ولا أمر معمول به فيه؛ لأن خيار المجلس لم يحدد بحد معروف.
فصار القول به مانعا من انعقاد البيع إلى حد غير معروف.
وقد يكون المتعاقدان في سفينة في البحر لا يمكنهم التفرق بالأبدان, وقد يكونان مسجونين في محل لا يمكنهما التفرق فيه.
وقد حمل مالك التفرق المذكور في الحديث على التفرق في الكلام, وصيغة العقد قال: وقد أطلق التفرق على التفرق في الكلام دون الأبدان في قوله تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ} [النساء:130] فالتفرق في الآية إنما هو بالتكلم بصيغة الطلاق لا بالأبدان.
وقوله تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة:4] فالتفرق في الآية تفرق بالكلام والاعتقاد, فلا يشترط أن يكون بالأبدان.
وحجج من احتج لمالك في عدم أخذه بحديث خيار المجلس، هذا كثيرة معروف.
منها ما هو في آيات من كتاب الله كقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة:282]، وقوله: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1]، وقوله: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء:29].
ومنها ما هو بغير ذلك, وليس غرضنا هنا بسط الحجج ومناقشتها، وإنما غرضنا المثال, لأن الإمام قد يترك نصّا بلغه لاعتقاد أن ما ترك من أجله النص أرجح من نفس النص، وأنه يجب على المسلم مراعاة المخرج والنجاة لنفسه فينظر في الأدلة، ويعمل بأقواها وأقربها إلى رضى الله.
كما حلف عبد الحميد الصائغ بالمشي إلى مكة، لا يفتي بقول مالك في هذا.
مع أنه عالم مالكي، لأنه رأى الأدلة واضحة وضوحا لا لبس فيه، في أن المراد بالتفرق التفرق بالأبدان.
وقد صرح بذلك جماعة من الصحابة منهم ابن عمر راوي الحديث، ولم يعلم لهم مخالف من الصحابة.
ولا شك أن المنصف إذا تأمل تأملا صادقا خاليا من التعصب عرف أن الحق هو ثبوت خيار المجلس, وإن المراد بالتفرق التفرق في الأبدان لا بالكلام؛ لأن معنى التفرق بالكلام هو حصول الإيجاب من البائع والقبول من المشتري.
وكل عاقل يعلم أن الخيار حاصل لكل من البائع والمشتري ضرورة قبل حصول الإيجاب والقبول, فحمل كلام النبي صلى الله عليه وسلم على هذا، حمل له على تحصيل حاصل، وهو كما ترى.
مع أن حمل الكلام على هذا المعنى يستلزم أن المراد بالمتبايعين في الحديث المتساومان، لأنه لا يصدق عليهما اسم المتبايعين حقيقة إلا بعد حصول الإيجاب والقبول.
وحمل المتبايعين في كلام النبي صلى الله عليه وسلم على المتساومين اللذين لم ينعقد بينهما بيع خلاف الظاهر أيضا كما ترى.
  • وأما كون القمح والشعير جنسا واحدا، فقد استدل له مالك ببعض الآثار التي ليس فيها شيء مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
قال في الموطأ: إنه بلغه أن سليمان بن يسار قال: فني علف حمار سعد بن أبي وقاص فقال لغلامه: خذ من حنطة أهلك فاتبع بها شعيرا، ولا تأخذ إلا مثله. اهـ منه بلفظه.
وفي الموطأ أيضا عن نافع عن سليمان بن يسار أنه أخبره أن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث فني علف دابته، فقال لغلامه: خذ من حنطة أهلك فابتع بها شعيرا ولا تأخذ إلا مثله. اهـ منه بلفظه.
وفي الموطأ أيضا: أن مالكا بلغه عن القاسم بن محمد عن بن معيقيب الدوسي مثل ذلك. قال مالك: وهو الأمر عندنا اهـ. منه بلفظه.
فهذه الآثار هي عمدة مالك رحمه الله في كون القمح والشعير جنسا واحدا.
وعضد ذلك بتقارب منفعتهما، والتحقيق الذي لا شك فيه أن القمح والشعير جنسان، كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا تصح معارضتها البتة بمثل هذه الآثار المروية عمن ذكر. وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "التمر بالتمر والحنطة بالحنطة والشعير بالشعير والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى إلا ما اختلفت ألوانه" انتهى منه بلفظه.
وهو صريح بأن القمح والشعير جنسان مختلفان، كاختلافهما مع التمر والملح, وأن التفاضل جائز مع اختلاف الجنس إن كان يدا بيد، وروى مسلم في صحيحه والإمام أحمد عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد" اهـ منه بلفظه.
وللنسائي وابن ماجه وأبي داود نحوه، وفي آخره: وأمرنا أن نبيع البر بالشعير والشعير بالبر يدا بيد كيف شئنا.
قال المجد في المنتقى: لما ساق هذا الحديث ما نصه: وهو صريح في كون البر والشعير جنسين، وما قاله صحيح كما ترى.
والأحاديث بمثل هذا كثيرة، وقد قدمنا طرفا منها في سورة البقرة والمقصود هنا بيان صراحة الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في أن القمح والشعير جنسان لا جنس واحد، وأنهما لا يجوز ترك العمل بها مع صحتها ووضوحها، ولا أن يقدم عليها أثر موقوف على سعد بن أبي وقاص ولا أثر موقوف على عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، ولا أثر موقوف على ابن معيقيب.
واعلم أنه لا يصح الاستدلال لكون القمح والشعير جنسا واحدا بحديث معمر بن عبد الله الثابت في صحيح مسلم وغيره، قال: كنت أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الطعام بالطعام مثلا بمثل" الحديث، وذلك لأمرين:
أحدهما: أن معمر المذكور قال في آخر الحديث، وكان طعامهم يومئذ الشعير, فقد عين أن عرفهم المقارن للخطاب يخصص الطعام المذكور بالشعير.
والمقرر في أصول مالك: أن العرف المقارن للخطاب من المخصصات المنفصلة التي يخصص بها العام قال في مراقي السعود في ذلك:
والعرف حيث قارن الخطابا ... ودع ضمير البعض والأسبابا
الأمر الثاني: إن الاستدلال بالحديث المذكور على فرض اعتبار عمومه، وعدم تخصيصه بالعرف المذكور، يقتضي أن الطعام كله جنس واحد فيدخل التمر والملح لصدق الطعام عليهما, وهذا لا قائل به كما ترى.
فالظاهر أن الإمام مالكا رحمه الله ومن وافقه من أهل العلم، لم تبلغهم هذه الأحاديث الصحيحة المصرحة، بأن القمح والشعير والتمر والملح أجناس.
وأن القمح يباع بالشعير كيف شاء المتبايعان إن كان يدا بيد.
ج- وأما التدمية البيضاء فقول مالك فيها يظهر لنا قوته واتجاهه، وإن خالف في ذلك بعض أصحابه وأكثر أهل العلم.
وقد بين وجه قول مالك فيها ابن عبد البر وابن العربي وغيرهما.
والمسائل التي قال بعض أهل العلم إن مالكا خالف فيها السنة المعروفة منها ما ذكرنا.
ومنها : مسألة سجود الشكر, وسجدات التلاوة في المفصل, وعدم الجهر بآمين، وعدم رفع اليدين عند الركوع والرفع منه، وعدم قول الإمام: ربنا ولك الحمد, وعدم ضفر رأس المرأة الميتة ثلاث ضفائر, وترك السجدة الثانية في الحج وغير ذلك من المسائل.
وقد قدمنا أن بعض ما ترك مالك من النصوص قد بلغته فيه السنة ولكنه رأى غيرها أرجح منها، وأن بعضها لم يبلغه، وأن الحق قد يكون معه في بعض المسائل التي أخذت عليه.
وقد يكون مع غيره، كما قال مالك نفسه رحمه الله: كل كلام فيه مقبول ومردود، إلا كلام صاحب هذا القبر.
وهو تارة يقدم دليل القرآن المطلق أو العام على السنة التي هي أخبار آحاد؛ لأن القرآن أقوى سندا وإن كانت السنة أظهر دلالة، ولأجل هذا لم يبح ميتة الجراد بدون ذكاة لأنه يقدم عموم {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة:3], حديث "أحلت لنا ميتتان ودمان" الحديث، وقدم عموم قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} [الأعراف:55], على الأحاديث الواردة بالجهر بآ مين لأن التأمين دعاء، والدعاء مامور بإخفائه في الآية المذكورة.
فالآية أقوى سندا وأحاديث الجهر بالتأمين أظهر دلالة في محل النزاع. ومن المعلوم أن أكثر أهل العلم يقدمون السنة في نحو هذا.
وقد قدم مالك رحمه الله دليل القرآن فيما ذكرنا كما قدمه أيضا في الثانية من سجدتي الحج لأن نص الآية الكريمة فيها كالصريح في أن المراد سجود الصلاة، لأن الله يقول فيها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} [الحج:77], فذكر الركوع مع السجود يدل على أن المراد سجود الصلاة.
والأمر بالصلاة في القرآن لا يستلزم سجود التلاوة كقوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:2].
ولذلك لا يسجد عند قوله تعالى في آخر الحجر: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الحجر:98].
قالوا لأن معنى قوله: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} أي: صل لربك متلبسا بحمده، وكن من الساجدين في صلاتك.
ولا شك أن قوله تعالى في ثانية الحج: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا} [الحج:77], أصرح في إرادة سجود الصلاة من قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} .

ثم بعد هذا كله فإننا نكرر أن الأئمة رحمهم الله لا يلحقهم نقص ولا عيب فيما أخذ عليهم؛ لأنهم رحمهم الله بذلوا وسعهم في تعلم ما جاء عن الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ثم اجتهدوا بحسب طاقتهم، فالمصيب منهم له أجر اجتهاده وإصابته، والمخطىء منهم ماجور في اجتهاده معذور في خطئه، ولا يسعنا هنا مناقشة الأدلة فيما أخذ عليهم رحمهم الله، وإنما قصدنا مع الاعتراف بعظم منزلتهم أن نبين أن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يجب تقديمهما على أقوالهم، لأنهم غير معصومين من الخطأ، وأن مذاهبهم المدونة لا يصح ولا يجوز الاستغناء بها عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن على كل مسلم قادر على التعليم أن يتعلم الكتاب والسنة، ومعرفة مذاهب الأئمة تعينه على ذلك، والنظر فيما استدل به كل منهم يعينه على معرفة أرجح الأقوال وأقربها إلى رضى الله......

ومما ينبغي التنبيه عليه في هذا المقام أنه لا يتأتى من أحد أئمة المسلمين أن يخالف نصا صريحا من كتاب أو سنة، بدون أن تكون لديه شبهة معارضة بنص آخر، أو عدم بلوغ النص إليه، أو عدم صحته عنده أو غير ذلك مما هو معروف في هذا المقام " [SUP]([4])[/SUP]


http://www.feqhweb.com/vb/#_ftnref1([1]) ينظر: أضواء البيان 7/357.

http://www.feqhweb.com/vb/#_ftnref2([2]) [ينظر: جامع بيان العلم وفضله 2/289, مؤسسة الريان - دار ابن حزم, ط1, 1424 هـ.]

http://www.feqhweb.com/vb/#_ftnref3([3]) ينظر: الموطأ, تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1/310, دار إحياء التراث العربي.

http://www.feqhweb.com/vb/#_ftnref4([4]) ينظر: أضواء البيان 7/361- 373.
 
إنضم
25 مارس 2011
المشاركات
1,035
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه
المدينة
مكة المكرمة والشمال
المذهب الفقهي
أصول المذهب الأحمد
رد: (جملة من المسائل التي اجتهد فيها مالك - رحمه الله –) وهل خالف فيها السنّة...!

مع أن لمدركه أصلا في الهدي النبوي الشريف. قال الشاطبي في الموافقات:" و مسلك آخر هو ان النبي عليه الصلاة و السلام كان يترك العمل و هو يحب ان يعمل به خشية ان يعمل الناس فيفرض عليهم ...
جزاك الله خيرا
لازلت أتأمل ؛ إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما إلى (صيام داود عليه السلام...) وهو قول!
فهل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله.؟ وداوم عليه...؟
 
إنضم
14 يونيو 2012
المشاركات
307
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه و أصوله
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
------------------
رد: (جملة من المسائل التي اجتهد فيها مالك - رحمه الله –) وهل خالف فيها السنّة...!

لانستنكر هذا من صاحب الموضوع الذي نزعة الظاهرية ظاهرة عليه ...فكيف تقنع رجلا لا يعرف إلا ما صح سنده و فيه فلان وفلان وكان اهل المدينة كانوا بمعزل عن نزول الشرائع
والمضحك المبكي تفاهة قولهم لم يبلغه الحديث وهذه المضحكة تجعلنا نحن اهل المغرب نستلقي ضحكا من سذاجة قوم ينزهون صغار طلاب العلم منهم عن مثل هذا وينسبونه إلى مالك والشافعي و أبي حنيفة ولكن المراد معروف ،من يدري لعل حبهم لتصحيح المذاهب جعلهم يخلطون في الامر حتى انقلب الامر إلى الغاء المذاهب
على كل لصاحب الموضوع هل اطلعت على ابحاث المالكية المبثوثة في كتب الانتصار لهم ام أنك وجدت فنقلت؟
 
إنضم
14 يونيو 2012
المشاركات
307
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه و أصوله
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
------------------
رد: (جملة من المسائل التي اجتهد فيها مالك - رحمه الله –) وهل خالف فيها السنّة...!

"... أخذ بعض العلماء على مالك رحمه الله أشياء قال: إنه خالف فيها السنة قال أبو عمر بن عبد البر رحمه الله في جامعه: "وقد ذكر يحيى بن سلام قال: سمعت عبد الله بن غانم في مجلس إبراهيم بن الأغلب يحدث عن الليث بن سعد أنه قال: أحصيت على مالك بن أنس سبعين مسألة كلها مخالفة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم مما قال مالك فيها برأيه، قال: ولقد كتبت إليه في ذلك". انتهى محل الغرض منه ([2]).
اذكر لنا بعض هذه السيعين ؟؟؟ لنرى هل الخطأ من الامام مالك أم هو من ضعف فقه وعلم الليث
و ننبه هنا على ان بعض الناس إنما ينقل ما يوافق دخلا في قلبه
 
إنضم
14 يونيو 2012
المشاركات
307
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه و أصوله
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
------------------
رد: (جملة من المسائل التي اجتهد فيها مالك - رحمه الله –) وهل خالف فيها السنّة...!

ويحضرني هنا مثال من التبصرة لأبي الحسن اللخمي؛ فإن ماكًا رحمه الله قال: وسئل مالك عن حج النساء في البحر فكره ذلك وقال لا أحب لهن أن يحججن في البحر وعابه عيباً شديداً (*). فقال اللخمي: لعله لم يصله حديث أم حرام بنت ملحان -والحديث في الصحيحين واللفظ للبخاري-: (كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه و سلم فأطعمته وجعلت تفلي رأسه فنام رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم استيقظ وهو يضحك قالت فقلت وما يضحكك يا رسول الله ؟ قال ( ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة ) . شك إسحاق قالت فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم وضع رأسه ثم استيقظ وهو يضحك فقلت وما يضحكك يا رسول الله ؟ قال ( ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله ) . كما قال في الأول قالت فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال ( أنت من الأولين ) . فركبت البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت) قال-أعني: اللخمي-: ولو كان حرامًا أو مكرروهًا لنهاها عن ذلك، أو لم يدع لها، فدل ذلك على جوازه. اهـ بتصرف يسير.
أخطأت يا أخ ، ولا تتكلم بغير علم مرة اخرى فالحديث في الليثي و في ابي مصعب وصاحبك اللخمي مولع بغمز المذهب وإمامه وقد سخر الله له من رد غمزه في نحره كالامام المازري وابن بشير و ابن العربي وابن رشد و كثير من حفاظ المذهب الغيورين عليه ،؟
ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مَلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ ، وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ ، ثُمَّ جَلَسَتْ تُفَلِّي رَأْسَهُ ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ ، قَالَتْ : فَقُلْتُ : مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : " نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ الْبَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ ، أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ " , يَشُكُّ أَيَّتُهُمَا قَالَتْ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ ، فَدَعَا لَهَا ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَامَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ ، قَالَتْ : فَقُلْتُ : مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " أُنَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ " . كَمَا قَالَ فِي الأَوَّلِ ، قَالَتْ : فَقُلْتُ : ادْعُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ ، قَالَ : " أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ "

ولاحول ولاقوة الا بالله كنا نشتكي من المشارقة المخالفين فإذا داء في المشارقة الموافقين زعما؟
 

عبد الرحمن بكر محمد

:: قيم الملتقى المالكي ::
إنضم
13 يونيو 2011
المشاركات
373
الإقامة
مصر المحروسة - مكة المكرمة شرفها الله
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أنس
التخصص
الشريعة والقانوزن
الدولة
مصر
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
المالكي
رد: (جملة من المسائل التي اجتهد فيها مالك - رحمه الله –) وهل خالف فيها السنّة...!

أخي المسلم ليس بالطعان ولا باللعان، وكوني اعتمدت على قول اللخمي -رحمه الله- جعلني أكتفي بقوله، ولم أتتبع رواية الحديث في الموطأ ولا غيره ليس عيبًا، ولعلك أخي تلمز قناتي، وتسب إمام المالكية في وقته، وفريد عصره -وإن كان هذا لا يبرر خطأه- ولكني أعجب من تطاولك على الأئمة، وأعجب من جرأتك على أهل العلم ولو كانوا مخطئين، أو أغفلوا أشياء أو غابت عنهم بعضها، فقد تعلم هؤلاء الأدب قبل العلم، رحمة الله عليهم، وكفانا شر من خلفهم، فطعنوا فيهم، ولمزوهم وغمزوهم، وقنا يا رب سوء أدبهم، وطول ألسنتهم.
 
التعديل الأخير:
إنضم
14 يونيو 2012
المشاركات
307
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه و أصوله
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
------------------
رد: (جملة من المسائل التي اجتهد فيها مالك - رحمه الله –) وهل خالف فيها السنّة...!

يا اخ لا تكابر ؟ اقرأ الموطأ و تعلم من هو صاحبه
ولك الشكر على تنبيهك لي وتوجيهك
وفقك الله
 
إنضم
14 يونيو 2012
المشاركات
307
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه و أصوله
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
------------------
رد: (جملة من المسائل التي اجتهد فيها مالك - رحمه الله –) وهل خالف فيها السنّة...!

ومن أمثلة ما لم يبلغه النص فيه صيام ست من شوال بعد صوم رمضان.قال رحمه الله في الموطأ ما نصه: " إني لم أر أحدا من أهل العلم والفقه يصومها ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف. وإن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته, وأن يلحق برمضان ما ليس منه أهل الجهالة والجفاء، ولو رأوا في ذلك رخصة عند أهل العلم، ورأوهم يعلمون ذلك". اهـ منه بلفظه
كلام الامام مالك هذا صريح في ان الحديث بلغه وعلمه ، ولكن لم يباغه العمل الذي هو شرط في اثبات الحكم عند امام دار الهجرة ،فانظر كيف قال لم ار احد يصومها و اهل العلم يكرهونها وانظر انه ردها بعدم رواجها بالمدينة فلو سلمنا جدلا ان الامام لم يعلمها فاين اهل المدينة من هذا الحديث واصل المنع الذي ذهب اليه الامام مالك رحمه الله ثابت في الشرع كصلاة التراويح و سبحة الضحى فان قيل ان مشرع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قلنا وهو ايضا شرع لهم اصل الاحتراز من ايجاب الفعل على المكلف والامر في يطول شرحه
ولنا عودة بحول الله
 
إنضم
14 يونيو 2012
المشاركات
307
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه و أصوله
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
------------------
رد: (جملة من المسائل التي اجتهد فيها مالك - رحمه الله –) وهل خالف فيها السنّة...!

ومن أمثلة ما لم تبلغ مالكا رحمه الله فيه السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إفراد صوم يوم الجمعة، فقد قال رحمه الله في الموطأ ما نصه: لم أسمع أحدا من أهل العلم والفقه، ومن يقتدى به ينهي عن صيام يوم الجمعة وصيامه حسن, وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه, وأراه كان يتحراه. انتهى منه بلفظه.
وفيه تصريحه رحمه الله بأنه لم يسمع أحدا من أهل العلم ينهي عن صوم الجمعة.
وهذا أيضا من الافتراء على الامام مالك رحمه الله فهل صرح رحمه الله أو احد تلاميذه بأن الحديث لم يعلمه لانقول لايعرفه لان هذا شان آخر
وقد وجه فقهاؤنا الحديث بخشية الفرضية مادام النبي صلى الله عليه وسلم حيا كصلاة التروايح فلم انتقل الى الرفيق الاعلى زالت العلة وبقى صيام الجمعة مستحبا وعليه علماء وصلحاء اهل المدينة ولم يكن عهد الامام مالك بالبعيد عن عصر النبي صلى الله عليه وسلم او عصر اصحابه حتى يخفى من هذا الامر المتكرر جدا والصالحين متوافرين جدا بالمدينة فهل يعقل ان يعرف هذا الحكم عوام العوام بعصرنا ويجهله الاجلة من التابعين و غيرهم من فضلاء المدينة؟
ولنا حديث[FONT=&quot] [/FONT] ( وأفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما ) حديث حسن صحيح
فمفهوم هذا الحديث يستلزم صيام يوم الجمعة من غير صوم يوم قبله أو صوم يوم بعده[FONT=&quot][/FONT] وهو معارض لحديثكم فثبت بذلك صحة صيام الجمعة سردا و مفردا
و لنا حديث
حدثنا القاسم بن دينار حدثنا عبيد الله بن موسى وطلق بن غنام عن شيبان عن عاصم عن زر عن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من غرة كل شهر ثلاثة أيام وقلما كان يفطر يوم الجمعة قال وفي الباب عن ابن عمر وأبي هريرة قال أبو عيسى حديث عبد الله حديث حسن غريب
قوله : ( وفي الباب عن ابن عمر وأبي هريرة ) أما حديث ابن عمر فأخرجه ابن أبي شيبة عنه قال : ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مفطرا يوم جمعة قط ، كذا في عمدة القاري . وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الحافظ ابن عبد البر بسنده إلى أبي هريرة أنه قال : من صام الجمعة كتب له عشرة أيام من أيام الآخرة لا يشاكلهن أيام الدنيا ، كذا في النيل ، وفي الباب عن ابن عباس ، أخرجه ابن أبي شيبة نحو رواية ابن عمر المذكورة .
قوله : ( حديث عبد الله حسن ) وأخرجه النسائي وصححه ابن حبان وابن عبد البر وابن حزم كذا في عمدة القاري

وجه الاستدلال منه ان النبي صلى اله عليه وسلم قلما افظر الجمعة وهذا عام موافق للحديث قبله
( أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما )
ولنا انه لم يقل قلما يفطر الخميس والجمعة لان الخميس سنة والسبت مكروه على قولكم فما بال الراوي اقتصر على ذكر الجمعة الا انها كانت مباحة
فان قيل هو اقتصر على التنبيه قلنا لا دلالة على التنبيه على الجمعة فقط
ولنا حديث أبي هريرة قال: - قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقدموا الشهر بيوم ولا بيومين إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم. صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ثم أفطروا". فلم بخص يوما دون يوم الا الوصل بشهر رمضان ، ونبه على ان من عادته صيام يوم كجمعة مثلا لا حرج فيه
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قال : " مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُفْطِرًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ " .
: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، أنبأ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ ، ثنا أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ ، ثنا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ ، فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ ، وَقَالَ : وَقُلْ مَا كَانَ يَفُوتُهُ صَوْمُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ .


ونذكر الاخوة أن اصول المالكية ليست كأصول المحدثين فلا يلزمنا القول باصولكم و لا بما ترونه صحيحا نراه منسوخا بالعمل او بما لم يتواطأ على روايته كحديث بسرة
هذا ماتيسر لي ،والله اعلم
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: (جملة من المسائل التي اجتهد فيها مالك - رحمه الله –) وهل خالف فيها السنّة...!

أخطأت يا أخ ، ولا تتكلم بغير علم مرة اخرى فالحديث

ولاحول ولاقوة الا بالله كنا نشتكي من المشارقة المخالفين فإذا داء في المشارقة الموافقين زعما؟

لانستنكر هذا من صاحب الموضوع الذي نزعة الظاهرية ظاهرة عليه ...فكيف تقنع رجلا لا يعرف إلا ما صح سنده و فيه فلان وفلان وكان اهل المدينة كانوا بمعزل عن نزول الشرائع
والمضحك المبكي تفاهة قولهم لم يبلغه الحديث وهذه المضحكة تجعلنا نحن اهل المغرب نستلقي ضحكا من سذاجة قوم ينزهون صغار طلاب العلم منهم عن مثل هذا وينسبونه إلى مالك والشافعي و أبي حنيفة ولكن المراد معروف ،من يدري لعل حبهم لتصحيح المذاهب جعلهم يخلطون في الامر حتى انقلب الامر إلى الغاء المذاهب
على كل لصاحب الموضوع هل اطلعت على ابحاث المالكية المبثوثة في كتب الانتصار لهم ام أنك وجدت فنقلت؟

سؤالي للشيخ الفاضل:
أهكذا كانت مناقشة المالكية للمخالف؟؟
وهل هذا هو أسلوب الإمام مالك وتلامذته في الرد على من يأتيه برأي لا يراه لو كان من العوام فضلا عن طلبة العلم الأخيار؟
 

عبد الرحمن بكر محمد

:: قيم الملتقى المالكي ::
إنضم
13 يونيو 2011
المشاركات
373
الإقامة
مصر المحروسة - مكة المكرمة شرفها الله
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أنس
التخصص
الشريعة والقانوزن
الدولة
مصر
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
المالكي
رد: (جملة من المسائل التي اجتهد فيها مالك - رحمه الله –) وهل خالف فيها السنّة...!

الآن فقط انتبهت لنقطة في غاية الأهمية غفلت عنها، وغفل عنها أخي عبد الهادي، وهي أن مالك كره الحج للنساء في البحر، ولم يكره ركوب البحر للنساء مطلقًا، ولهذا كان استدلال اللخمي بحديث أم حرام بنت ملحان واقعة أخرى، خاص بالجهاد، وإن كان يمكن الاستئناس به، وقد أوقفني على هذا كلام لابن يونس، قال: وكره مالك حج المرأة في البحر؛ لأنها تتكشف، ولتخرج في البر. اهـ.
ولعل مالك رحمه الله ينظر إلى ميد السفينة وحركتها، لأجل ذلك كان من الممكن تكشفها؛ لذا كرهه، والله أعلم.
 
إنضم
14 يونيو 2012
المشاركات
307
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه و أصوله
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
------------------
رد: (جملة من المسائل التي اجتهد فيها مالك - رحمه الله –) وهل خالف فيها السنّة...!

الآن فقط انتبهت لنقطة في غاية الأهمية غفلت عنها، وغفل عنها أخي عبد الهادي، وهي أن مالك كره الحج للنساء في البحر، ولم يكره ركوب البحر للنساء مطلقًا، ولهذا كان استدلال اللخمي بحديث أم حرام بنت ملحان واقعة أخرى، خاص بالجهاد، وإن كان يمكن الاستئناس به، وقد أوقفني على هذا كلام لابن يونس، قال: وكره مالك حج المرأة في البحر؛ لأنها تتكشف، ولتخرج في البر. اهـ.
ولعل مالك رحمه الله ينظر إلى ميد السفينة وحركتها، لأجل ذلك كان من الممكن تكشفها؛ لذا كرهه، والله أعلم.
جزاكم الله خيرا أخي الكريم وهو تنبه جيد فعلا
من البيان والتحصيل
سئل مالك عن حج النساء في البحر فكره ذلك وقال لا أحب لهن أن يحججن في البحر وعابه عيباً شديداً .
قال محمد بن قال محمد بن رشد : إنما كره من ناحية الستر مخافة أن ينكشفن لأنهن عورة ، وهذا إذا كان في معزل عن الرجال لا يخالطهن عند حاجة الإنسان وفي سعة يقدرن على الصلاة ، وأما إن لم يكن في معزل عن الرجال أو كن في ضيق يمنعهن من إقامة الصلاة على سنتها فلا يحل لهن أن يحججن فيه ، وقد قال مالك في رسم الصلاة من سماع أشهب من كتاب الصلاة في الذين يركبون البحر في الحج والعمرة ولا يقدر أحدهم أن يسجد إلا على ظهر أخيه : أيركب حيث لا يصلي ؟ ويل لمن ترك الصلاة

ومن النوادر
و من "المَجْمُوعَة" ، قال ابن القاسمِ : نَهَى مالكٌ عن حجِّ النساءِ في البحرِ ، و كره أَنْ يحجَّ أحدٌ في البحر ، إلا مثلَ أهلِ الاندلسِ اذ لا يجدُ منه بُدًّا ، و ذكر في "كتاب" ابن الْمَوَّاز ، و غيره ، قول الله تعالى : {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} . ما أسمعُ للبحرِ ذكراً

فقال اللخمي: لعله لم يصله حديث أم حرام بنت ملحان -والحديث في الصحيحين واللفظ للبخاري-
وانا الان اتراجع كل ما بدر مني من كلام قبيح والعذر منكم اخي واستغفر الله على هذا الفعل
ولكن يبقى الاشكال قائما لذا اذهب الى ان كلام الامام الجليل اللخمي هنا فيه خلط كبير وقع له من كاتب المخطوط اقصد محققه وطابعه في عصرنا
لان جملة اللفظ للبخاري لااظنها من كلام مالكية ذاك العصر؟
و الله اعلم
 
إنضم
8 أبريل 2012
المشاركات
13
الكنية
ابو طلحة
التخصص
بريد
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
سنى
رد: (جملة من المسائل التي اجتهد فيها مالك - رحمه الله –) وهل خالف فيها السنّة...!

بوركتم
 
إنضم
17 نوفمبر 2013
المشاركات
21
التخصص
الدراسات الفقهية
المدينة
مكناس
المذهب الفقهي
مالكي
رد: (جملة من المسائل التي اجتهد فيها مالك - رحمه الله –) وهل خالف فيها السنّة...!

جزاك الله خيرا
 
إنضم
16 ديسمبر 2022
المشاركات
2
الإقامة
تلمسان
الجنس
أنثى
الكنية
أم محمد
التخصص
فقه مالكي
الدولة
الجزائر
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
مالكي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...جزاكم الله كل خير على هذه المناقشة القيمة وحقا أود منكم إرشادي إلى مراجع تعينني علىإنجاز بحثي في هذا الموضوع بالضبط ..
 
أعلى