العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حديث الآحاد وشروط العمل به

زهرة الفردوس

:: متابع ::
إنضم
18 يونيو 2011
المشاركات
85
التخصص
..
المدينة
oooo
المذهب الفقهي
oooo
ورد في كتاب إعلام الموقعين لابن قيم الجوزية في الجزء الأول منه
ذكر للموقعين عن رب العالمين ( المفتون ) وقد صنفهم من عهد النبي
r فما بعده وكان أولهم الأصحاب رضوان الله تعالى عنهم أجمعين ، وكان التقسيم قائماً ما بين مكثر ومقل في الفتوى

المكثرون منهم سبعة وهم : عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعائشة أم المؤمنين وزيد بن ثابت وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين
أما المتوسطون : فأبو بكر وأم سلمة وأنس بن مالك وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وعثمان بن عفان وعبد الله بن عمر بن العاص ، وعد نحو عشرين منهم y
إذاً مرتبة أبي هريرة t في الفتيا هي التوسط لا الإقلال ولا العدم !! ويُنقل في أكثر كتب الحنفية أن شروط العمل بحديث الآحاد : أن لا يخالف القياس والأصول الشرعية إذا كان الراوي غير فقيه ومن الرواة الغير فقهاء عندهم أبو هريرة وسلمان الفارسي وأنس بن مالك رضي الله عنهم


سيدنا معاذ رضي الله عنه قال ليزيد بن عمير : التمس العلم عند أربعة رهط : عند عمير بن أبي الدرداء ، وعند
سلمان الفارسي، وعند عبد الله بن مسعود وعند عبد الله بن سلام

هل أبو هريرة وسلمان الفارسي رضي الله عنهم ليسا من فقهاء الصحابة ؟؟؟؟ واكيد المفتي لا يكون غير فقيه
 

زهرة الفردوس

:: متابع ::
إنضم
18 يونيو 2011
المشاركات
85
التخصص
..
المدينة
oooo
المذهب الفقهي
oooo
رد: حديث الآحاد وشروط العمل به

السلام عليكم
ما من رد على هذ الموضوع؟؟
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: حديث الآحاد وشروط العمل به

لا شك أن مقصود الحنفية: مَن عني مِن الصحابة بالاستنباط من النصوص والنظر، واشتهر بالفتاوى والأحكام، وتكلم في الحلال والحرام، كعمر وعلي وعائشة وابن عباس وزيد بن ثابت وابن مسعود رضي الله عنهم.

ولا نشك أن
" أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين صحبوه ولازموه كانوا فقهاء " كما في طبقات أبي إسحاق الشيرازي، لكنهم درجات في ذلك ومراتب. والله أعلم
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: حديث الآحاد وشروط العمل به

السلام عليكم

أرجوا الإطلاع على المُشاركة أدناه ففيها شئ من التفصيل في هذه المسألة:
http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=2921&p=100854&viewfull=1#post100854
وأنصح بالإطلاع على المُشاركة أدناه فيما يخص ’’خَبَرُ الوَحِدِ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ البَلْوَى‘‘:
http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=10455&page=2&p=101190&viewfull=1#post101190
السلام عليكم
-في تقسيم الحنفية للخبر: http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=3912&page=2&p=101471&viewfull=1#post101471

ولي عودة بمشيئة الله تعالى،،

والله أعلم.
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: حديث الآحاد وشروط العمل به

السلام عليكم

إن أحاديث الآحاد منها المقبول وهو ما رجح صدق المخبر به، ومنها المردود وهو ما رجح كذب المخبر به، ومنها ما يُتوقف في قبوله ورده لتوقف الاستدلال به على البحث عن أحوال رواته، بخلاف المتواتر فكله مقبول لإفادته القطع بصدق مخبره، وبخلاف غيره من أخبار الآحاد، وإنما وجب العمل بالمقبول منها لأنها إما أن يوجد فيها أصل صفة القبول وهو ثبوت صدق الناقل، أو أصل صفة الرد وهو ثبوت كذب الراوي، وإلا فلا.
فالأول: يغلب على الظن صدق الخبر لثبوت صدق ناقله فيُوخذ به.
والثاني: يغلب على الظن كذب الخبر لثبوت كذب ناقله فيُطرح.
والثالث: إن وجدت قرينة تلحقه بأحد القسمين التحق، وإلا فليتوقف فيه، فإذا توقف عن العمل به صار كالمردود، لا لثبوت صفة الرد؛ بل لكونه لم توجد فيه صفة القبول.
فخبر الواحد إن توفرت فيه شروط القبول صار صحيحًا ووجب العمل به اتفاقًا وأفاد ظنًّا راجحًا -من غلبة الظن-، أما الضعيف -اليسير- فيُرد إذ لا يُفيد إلا ظنًّا مرجوحًا حيث يُشك في كذبه وصدقه دون ترجيح، ويُنظر فإن ثبتت قرينة لتقويته -كتعدد الطرق وثبوت المتابعات- يُلحق إدراجًا بالصحيح، وإن ثبتت قرينة تُرجح رده -بأن يكون شديد الضعف لا يصلح للتقوية بالمتابعات وتعدد الطرق- فهذا يُرد إذ يغلب عليه الكذب، والمكذوب يُرد اتفاقًا. (وفيما سبق تفصيل يطول ليس هذا المقام لبسطه). وقد اتفق العلماء من أهل الحديث ومن يُعتد به من الفقهاء والأصوليين على حجية خبر الواحد ووجوب العمل به، سواء كان راويه واحدًا لم يروه غيره، أو رواه معه راو آخر، أو مشتهر برواية ثلاثة فأكثر ولم يتواتر. وراجع: منهج النقد في علوم الحديث ص(244).
وتشمل دائرة الحديث المقبول: الحديث الصحيح لذاته والصحيح لغيره، والحسن لذاته والحسن لغيره. أما الحديث غير المقبول فيشمل الضعيف بأنواعه المختلفة، وتتحق أعلى شروط القبول في الحديث الصحيح وأدناه في الحديث الحسن، ولا فرق بينهما إلا في ضبط الراوي تفاوتًا.

-شروط قبول خبر الواحد عند المحدثين:
ولمعرفة شروط قبول خبر الواحد عند المحدثين، سأذكر تعريف الحديث الصحيح مع شرح التعريف للتعرف من خلاله على هذه الشروط.
تعريف الحديث الصحيح: هو الحديث الذي اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة.
شرح التعريف: اشتمل التعريف على الصفات التي يشترط توفرها كي يكون الحديث صحيحًا مقبولًا وهي خمس/
1- الاتصال. ومعناه أن يكون كل واحد من رواة الحديث قد تلقاه ممن فوقه من الرواة إلى أن يبلغ التلقي قائله، فخرج بذلك المرسل والمنقطع بأيّ نوعٍ من انواع الانقطاع.
2- العدالة. وهي ملكة تحمل صاحبها على التقوى واجتناب الأدناس وما يخل بالمروءة. ويُشترط فيها الأمور التالية:
أ/ الإسلام. لقوله تعالى: (مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) [البقرة: 282]. وغير المسلم ليس من أهل الرضى قطعًا.
ب/ البلوغ. لأنه مناط تحمل المسؤولية والتزام الواجبات وترك المحظورات.
جـ/ العقل. لأنه لا بد منه لحصول الصدق وضبط الكلام.
د/ التقوى. هي اجتناب الكبائر وترك الإصرار على الصغائر؛ لأن الإصرار يجعلها كبيرة، ودليل اشتراط التقوى قوله تعالى: (يَآأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواْ) [الحجرات: 6]، وقوله عز وجل: (وَأَشْهِدُواْ ذَوَيْ عَدلٍ مِنكُم) [الطلاق: 2]، وقوله سبحانه: (مِمَّنْ تَرْضَونَ مِنَ الشُّهَدَاءِ)، وهذه الآيات وإن كانت في الأموال ونحوها فإن الرواية للحديث دين، فهي أجدر من المال في أن يُشترط لها هذا الشرط.
هـ/ الاتصاف بالمروءة وترك ما يخل بها. وهو كل ما يحط من قدر الإنسان في العرف الصحيح؛ لأن مَن لم يتصف بالمروءة كان قليل المبالاة ولا نأمن أن يستهتر في نقل الحديث النبوي.
وهذه الخصال إذا توافرت في الراوي عرفت عدالته وكان صادقًا؛ لأنها إذا اجتمعت حملت صاحبها على الصدق وصرفته عن الكذب، لما توفر فيه من الدوافع الدينية والاجتماعية والنفسية مع الإدراك التام لتصرفاته وتحمل المسؤولية.
3- الضبط. وهذه الصفة تؤهل الراوي لأن يروي الحديث كما سمعه، ومراد المحدثين بالضبط أن يكون الراوي متيقظًا غير مغفل، حافظًا إن حدث من حفظه، ضابطًا لكتابه إن حدث من كتابه، وإن كان يحدث بالمعنى اشترط فيه مع ذلك أن يكون عالمًا بما يحيل المعاني.
ويُعرف كون الراوي ضابطًا بمقياس قرره العلماء واختبروا به ضبط الرواة، وهو كما لخصه ابن الصلاح: أن نعتبر -أي نوازن- رواياته بروايات الثقات المعروفين بالضبط اولإتقان، فإن وجدنا رواياته مُوافقة ولو من حيث المعنى لرواياتهم، أو موافقة لها في الأغلب والمخالفة نادرة، عرفنا حينئذ كونه ضابطًا، وإن وجدناه كثير المخالفة لهم عرفنا اختلال ضبطه ولم نحتج بحديثه، وراوي الحديث الصحيح يكون تام الضبط، أما الحديث الحسن فراويه أخفُّ ضبطًا.
4- عدم الشذوذ. والشذوذ هو مخالفة الراوي الثقة لمن هو أقوى منه؛ لأنه إذا خالف من هو أَوْلَى منه بقوة حفظه أو كثرة عددٍ كان مقدمًا عليه، وكان المرجوح شاذًّا وتبين بشذوذه وقوع وهم في رواية هذا الحديث.
والحقيقة أن نفي الشذوذ يتحقق بالشروط السابقة، لكنهم صرحوا بانتفائه؛ لأن الضبط مَلَكَة عامة بالنسبة لجملة أحاديث الراوي، إلا أنه قد يقع منه وهم في حديثٍ ما دون أن يفقد صفة الضبط لسائر حديثه، فهذا يخل بصحة الحديث الذي وهم فيه فقط؛ لذلك صرحوا بنفي الشذوذ.
5- عدم الإعلال. ومعناه سلامة الحديث من علة تقدح في صحته، أي خلوه من وصف خفي قادح في صحة الحديث، والظاهر السلامة منه فخرج بهذا الشرط الحديث المعلل فلا يكون صحيحًا.
وهذه الشروط الخمسة يختص اثنان منها بالراوي وهما العدالة والضبط، وثلاثة تختص بالمروي، وهي الاتصال وعدم الشذوذ وعدم العلة.
ولم يشترط المحدثون لقبول خبر الآحاد سوى هذه الشروط الخمسة فإذا اجتمعت لحديث حكموا بقبوله ووجوب العمل به؛ فالحديث الصحيح أصل بذاته ولا يتوقف العمل به على شئ آخر. وراجع: نزهة النظر ص(47)، وقفو الأثر ص(48)، وتدريب الراوي (1/ 63، 300)، ومقدمة ابن الصلاح ص(11/ 104)، ومنهج النقد في علوم الحديث ص(87، 242)، وقواعد في علوم الحديث ص(33)، والبحر المحيط (4/ 267)، وإحكام الآمدي (2/ 100).

-شروط الحنفية في قبول خبر الواحد:
اشترط الحنفية في الراوي لقبول خبره أربع صفات: العقل والضبط والإسلام والعدالة، وهذه الصفات الأربعة رتعج إلى الصفتين اللتين ذكرهما المحدثون؛ وهما: الضبط والعدالة؛ لأن الضبط بدون العمل لا يُتصور، وكذا العدالة بدون الإسلام؛ لأن العدالة فُسرت بالاستقامة في الدين، وهي بدونا لإسلام لا توجد، إلا أن الحنفية لما رأوا المغايرة بين العقل والضبط وبين العدالة والإسلام، من حيث إن العقل لا يستلزم الضبط والإسلام لا يستلزم العدالة فصلوا بينهما، وجعلوا كل واحد شرطًا على حدة.
1- العقل. واشتراط العقل؛ لأن الخبر الذي يرويه الراوي كلام له صورة ومعنى، ومعنى الكلام لا يوجد إلا بالتمييز والعقل؛ لأنه وضع للبيان، ولا يقع البيان بمجرد الصوت والحروف بلا معنى، ولا يوجد معناه إلا بالعقل.
تعريفه: هو نور يُضئ به طريقُ الحق والمصالح الدينية والدنيوية، فيدرك القلب به، كما يدرك العينُ بالنور الحسي المبصرات.
ولا يُعرف العقل في البشر إلا بدلالة اختيار الإنسان -فيما يأتيه ويذره- ما يصلح له في عاقبة أمره، فإذا وقع فعله على نهج العقلاء، كان ذلك دليلًا على حصول العقل فيه.
والعقل نوعان/ قاصر وهو عقل الصبي لما يقارنه ما يدل على نقصانه في ابتداء وجوده، وكامل ولا حد لأعلاه ولا يدرك؛ إذ هو في تزايد إلى آخر العمر، وقد أقام الشارع البلوغ من غير آفة دليلًا على أدنى درجات كمال العقل واعتداله تيسيرًا.
والمشترط في الرواية كمال العقل؛ ولذلك فإن خبر الصبي ليس بحجة في الشرع؛ لأن الشرع لما لم يجعله وليًّا في أمر دنياه ففي أمر الدين أَوْلَى، وهذا إذا كان السماع والرواية قبل البلوغ، فإن كان السماع قبله والرواية بعده يُقبل؛ إذ لا خلل في تحمله لكونه مميِّزًا، ولا في روايته لكونه عاقلًا مكلفًا، ويدل عليه إجماع الصحابة على قبول خبر ابن عباس وابن الزبير والنعمان بن بشير وغيرهم من أحداث الصحابة، من غير فرق بين ما تحملوه بعد البلوغ وقبله، وقد اتفق السلف والخلف على إحضار الصبيان مجالس الرواية وإسماعهم الأحاديث، وقبول رواية ما تحملوه في الصبي بعدا لبلوغ.
وحكم المعتوه في ذلك كحكم الصبي، وهو ناقص العقل من غير صبي ولا جنون، فيشبه كلامه وأفعاله تارة بكلام المجانين وأفعالهم، وتارة بكلام العقلاء وأفعالهم، فلا تقبل روايته أيضًا؛ لأن نقصان العقل بالعته فوق النقصان بالصبا؛ إذ الصبي قد يكون أعقل من البالغ، ولا يكون المعتوه كذلك. وراجع: كشف الأسرار (2/ 392- 394)، وأصول السرخسي (1/ 345- 347)، والتقرير والتحبير.
2- الضبط. واشتراط الضبط؛ لأن قبول الخبر باعتبار معنى الصدق فيه، ولا يتحقق ذلك إلا بحسن ضبط الراوي من حين يسمع إلى حين يروي، فكان الضبط لما هو معنى هذا النوع من الكلام، بمنزلة العقل الذي به يصح أصل الكلام شرعًا.
تفسير الضبط: هو عبارة عن الأخذ بالجزم، وتمامه في الأخبار أن يسمع حق السماع، ثم يفهم المعنى الذي أُريد به، ثم يحفظ ذلك بجهده، ثم يثبت على ذلك بمحافظة حدوده، ومراعاة حقوقه بتكراره إلى أن يُؤدى إلى غيره.
وحق السماع أن يصرف همته إليه ويقبل بكليته عليه، وبعد السماع إذا لم يفهم معنى الكلام لم يكن ذلك سماعًا مطلقًا؛ بل يكون ذلك سماع صوت لا سماع كلام هو خبر، وبعد فهم المعنى يتم التحمل، وذلك يلزمه الأداء كما تحمل، ولا يتأتى ذلك إلا بحفظه والثبات على ذلك إلى أن يؤدى، والأداء إنما يكون مقبولًا منه باعتبار معنى الصدق فيه، وذلك لا يتأتى إلا بهذا.
والضبط نوعان/ ظاهر؛ وهو ضبط المتن بصيغته ومعناه لغة، أي ضبط لفظ الحديث من غير تصحيف، مع معرفة معناه اللغوي؛ مثل أن يعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم: (الشعير بالشعير مِثْلًا بمثل) -أخرجه الترمذي (1285) وقال: حسن صحيح-. بالنصب أو الرفع، وأن معناه على تقدير النصب: بيعوا الشعير بالشعير، وعلى تقدير الرفع: بيع الشعير بالشعير. وباطن؛ وهو أن يضم إلى هذه الجملة معناه فقهًا وشريعةً، مثل أن يعلم أن حكم هذا الحديث -وهو وجوب المساواة- متعلق بالقدر والجنس. وضبط الحديث بمعناه اللغوي والشرعي أكمل النوعين، والمطلق من الضبط يتناول الكامل، ولاشتراط الضبط الظاهر لم يكن خبر من اشتدت غفلته خلقة أو مسامحة ومجازفة حجة وإن وافق القياس، ولاشتراط الضبط قصرت رواية من لم يُعرف بالفقه عند معارفة من عُرف بالفقه في باب الترجيح. وراجع: كشف الأسرار (2/ 396- 397)، وأصول السرخسي (1/ 345- 348).
3- العدالة. واشتراط العدالة؛ لأن الكلام في خبر من هو غير معصوم عن الكذب، فلا تكون جهة الصدق متعينة في خبره لعينه، وإنما يترجح جانب الصدق بظهور عدالته؛ لأن الكذب محظور دينه، فيُستدل بانزجاره عن سائر ما يعتقده محظورًا، على انزجاره عن الكذب الذي يعتقده محظورًا، أو لما كان منزجرًا عن الكذب في أمور الدنيا فذلك دليل انزجاره عن الكذب في أمور الدين وأحكام الشرع بطريق الأَوْلَى، فأما إذا لم يكن عدلًا في تعاطيه فاعتبار جانب تعاطيه يرجح معنى الكذب في خبره؛ لأنه لم يبال من ارتكاب المحظورات مع اعتقاده حرمته؛ فالظاهر أنه لا يبالي من الكذب مع اعتقاده حرمته، واعتبار جانب اعتقاده يدل على الصدق في خبره فتقع المعارضة ويجب التوقف، وإذا كان ترجيح جانب الصدق باعتبار عدالته، وبه يصير الخبر حجة للعمل شرعًا، فعُرف أن العدالة في الراوي شرط لكون خبره حجة.
تعريف العدالة: في اللغة هي الاستقامة، يُقال: فلان عادل، أي مستقيم السيرة في الإنصاف والحكم بالحق، ويُقال: طريف عدل للجادة وجائر للبُنَيات، وهي الطرق الحادثة من الجادة بغير حق، وهي في الشريعة الاستقامة على طريق الرشادة والدين.
والعدالة نوعان/ ظاهرة وباطنة، ويسميها البعض قاصرة وكاملة، فالظاهرة؛ هي التي تثبت بظاهر الإسلام واعتدال العقل، فإن من اتصف بهما فهو عدل ظاهرًا؛ لأنها يحملانه على الاستقامة، ويزجرانه عن المعاصي والخروج عن حد الشريعة. وبهذه العدالة لا يصير الخبر حجة؛ لأن هذا الظاهر عارضه ظاهر مثله، وهو هوى النفس الذي يصده عن الثبات على طريق الاستقامة، فإن الهوى أصل فيه سابق على العقل، ولم يفارقه بعد ما رُزق العقل، وبعد ما اجتمعا فيه يكون عدلًا من وجه دون وجه؛ كالصبي والمعتوه عاقلان من وجه دون وجه، فتردد الصدق في خبره بين الوجود والعدم من غير رجحان؛ ومن ثّمَّ اشتُرطت العدالة الباطنة، وهو أن يكون مجانبًا لمحظور دينه، ليثبت رجحان دليل العقل على الهوى فيترجح الصدق في خبره. والباطنة؛ لا تُعرف إلا بالنظر في معاملات المرء، فكل من كان ممتنعًا من ارتكاب ما يعتقد الحرمة فيه فهو على طريق الاستقامة في حدود الدين، وعلى هذه العدالة ينبني حكم رواية الخبر في كونه حجة. فمن ارتكب كبيرة سقطت عدالته وصار متهمًا بالكذب، وإذا أصرَّ على ما دون الكبير كان مثلها في وقوع التهمة وجرح العدالة، فأما مَن ابتُلي بشئ من غير الكبائر من غير إصرار فعدل وخبره حجة، والمطلق من العدالة ينصرف إلى الباطنة، ولاشتراط العدالة لم يجعل خبر الفاسق والمستور حجة، لفوات أصل العدالة في حق الفاسق، وفوات كمالها في حق المستور. وراجع: كشف الأسرار (2/ 399- 400)، وأصول السرخسي (1/ 346- 351).
4- الإسلام. واشتراط الإسلام؛ لانتفاء تهمة الكذب، لا باعتبار نقصان حال المخبر؛ بل باعتبار زيادة شئ فيه يدل على كذبه في خبره؛ وذلك لأن الكلام في الأخبار التي يثبت بها أحكام الشرع، وهم يعادوننا في أصل الدين بغير حق على وجهٍ هو نهاية في العداوة، فيحملهم ذلك على السعي في هدم أركان الدين بإدخال ما ليس فيه منه، وبهذا يظهر أن رد خبر الكافر ليس لعين الكفر؛ بل لمعنى زائد يمكن تهمة الكذب في خبره، بمنزلة شهادة الأب للولد فإنها لا تكون مقبولة، لمعنى زائد يمكن تهمة الكذب في شهادته، وهو شفقة الأبوة وميله إلى ولده طبعًا.
والإسلام نوعان/ ظاهر؛ ويكون بالميلاد بين المسلمين والنشوء على طريقتهم شهادةً وعبادةً.وباطن؛ ويكون بالتصديق والإقرار بالله كما هو بصفاته وأسمائه، والإقرار بملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والقدر خيره وشره، وقبول أحكامه وشرائعه. والناس يتفاوتون في ذلك تفاوتًا ظاهرًا، وأكثرهم لا يقدرون على بيان تفسير صفات الله تعالى وأسمائه على الحقيقة، ولكن ذكر الأوصاف على الإجمال يكفي، على وجه استفهام المخاطب أنه هل يعتقد كذا وكذا، فإن قال نعم كان مؤمنًا حقيقةً، وإن كان قال لا أعرف ما تقول أو لا أعتقد ذلك حينئذ يحكم بكفره، وكذلك من ظهر منه أمارات المعرفة نحو أداء الصلاة بالجماعة مع المسلمين يقوم مقام الوصف في الحكم بإيمانه مطلقًا؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان) -أخرجه ابن ماجه (802)-، والمشترط في الرواية الإسلام الباطن ولا يكتفي فيه بالظاهر. وراجع: كشف الأسرار (2/ 401)، وأصول السرخسي (1/ 352)، والتقرير والتحبير (2/ 236)، والتلويح على التوضيح (2/ 11)، وشرح المنار (2/ 632).
هذه هي الشروط التي اشترطها الحنفية في الراوي لقبول خبره، وهي ترجع في حقيقتها -كما تقدم- إلى الشرطّيْنِ اللذَيْنِ ذكرهما المحدثون وهما العدالة والضبط، وأما شروط المروي فقد اختلف الحنفية مع المحدثين فيها اختلافًا كبيرًا.
فمثلًا/ نجد أن المحدثين قد اشترطوا اتصال السند لصحة الحديث -كما سبق- فالمرسل عندهم ليس بحجة، في حين نجد أن الحنفية يعتبرونه حجة على تفصيل، وَسَمَّى الحنفية الانقطاع المعروف عند المحدثين بالانقطاع الظاهر، وعابوا عليهم الاعتناء به وإهمال الانقطاع الباطن، والذي يعتبر من وجهة نظرهم أَوْلَى بالاعتناء.
وللحنفية شروط لقبول أخبار الآحاد لم يشترطها المحدثون، يقول التهانوي في قواعد في علوم الحديث ص(126) بعد تفصيل لبعض تلك الشروط، يقول: وتحصل بذلك أنه يُشترط عندنا -يعني الحنفية- لصحة الحديث مع عدالة الراوي وضبطه/ كون الحديث بحيث لا يخالف قطعي الكتاب ولا السنة المشهورة، وأن لا يكون مُعْرَضًا عنه ومتروك العمل به في الصدر الأول، ولا يكون شاذًّا في البلوى العام بل ظاهرًا منتشرًا، فاحفظه فإنه نافع جدًّا، وقد أغنانا الأصوليون من أصحابنا عن إقامة الدليل عليها فرغوا من ذلك في كتبهم. اهـ.
وقال الكوثري في فقه أهل العراق ص(64): ومن شروط قبول الأخبار عند الحنفية مسندة كانت أو مرسلة/ أن لا تشذ عن الأصول المتجتمعة عندهم؛ وذلك أن هؤلاء الفقهاء بالغوا في استقصاء موارد النصوص من الكتاب والسنة وأقضية الصحابة، إلى أن أرجعوا النظائر المنصوص عليها والمتلقاة بالقبول في النظائر الأخرى إلى أن أتموا الفحص والاستقراء، فاجتمعت عندهم أصول -موضع بيانها كتب القواعد والفروق- يعرضون عليها أخبار الآحاد، فإذان ندت الأخبار عن تلك الأصول وشذت؛ يعدونها مناهضة لما هو أقوى ثبوتًا منها، وهو الأصل المؤصل من تتبع موارد الشرع الجاري مجرى خبر الكافة. والطحاوي كثير المراعاة لهذه القاعدة في كتبه، ويظن من لا خبر عنده أن ذلك ترجيح منه لبعض الروايات على بعضها بالقياس، وآفة هذا الشذوذ المعنوي في الغالب كثرة اجتراء الرواة على الرواية بالمعنى بحيث تخل بالمعنى الأصلي، وهذه قاعدة دقيقة يتعرف بها البارعون في الفقه مواطن الضعف والنتوء في كثير من الروايات، فيرجعون الحق إلى نصابه بعد مضاعفة النظر في ذلك، ولهم أيضًا مدارك أخرى في عللم الحديث دقيقة لا ينتبه إليها دهماء النقلة. اهـ. وانظر: تأنيب الخطيب ص(152).
وقد أورد الأصوليون من الحنفية هذه الشروط مورد الاحتجاج والتأييد، وأوردها الأصوليون من غيرهم؛ كالآمدي والزركشي والغزالي مورد الإنكار والرفض -راجع: الإحكام في أصول الأحكام (2/ 146)، والبحر المحيط (4/ 343)، والمستصفى (1/ 171)-، حتى قال الأستاذ أبو منصور في البحر المحيط (4/ 349): وهذه أصول مهَّدوها من أجل أخبار احتج بها أصحابنا عليهم في مواضع عجزوا عن دفعها من هذه الوجوه التي ذكرناها. اهـ.
وقال تقي الدين السبكي في معنى قول الإمام المطلب إذا صح الحديث فهو مذهبي ص(115) -بتحقيق المؤلف-، قال: إن الأحاديث الصحيحة ليس فيها شئ له معارض متفق عليه، والذي يقوله الأصوليون من أن خبر الواحد إذا عارضه خبر متواتر أو قرآن أو إجماع أو عمل، إنما هو فرض وليس شئ من ذلك واقعًا، ومن ادعى ذلك فليبينه حتى نرد عليه، وكذلك لا يوجد خبران صحيحان من الآحاد متعارضان بحيث لا يمكن الجمع بينهما، والشافعي استقرأ الأحاديث وعرف أن الأمر كذلك، وصرح به في غير موضع من كلامه، فلم يكن عنده ما يتوقف عليه العمل إلا صحته، فمتى صح وجب العمل به؛ لأنه لا معارض له، فهذا بيان للواقع، والذي يقوله الأصوليون مفروض وليس بواقع، وهذه فائدة عظيمة وإليها الإشارة بقوله إذا صح حيث أطلقه ولم يجعل معه شرطًا آخر. اهـ.

وراجع: منهج الحنفية في نقد الحديث ص(113- 122).

والحاصل أن للحنفية شروطًا لقبول خبر الواحد غير ما اشترطه المحدثون، وهذه الشروط تعدُّ من الفوارق الأساسية في نقد الأخبار بين الحنفية والمحدثين. ويُراجع ما سبق العزو إليه من روابط ففيها شئ من التفصيل في هذا..
’’خَبَرُ الوَحِدِ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ البَلْوَى‘‘/ http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=10455&page=2&p=101190&viewfull=1#post101190
في اشتراط فقه الراوي/ http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=2921&p=100854&viewfull=1#post100854

هذا، والله أعلم.
 
إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
رد: حديث الآحاد وشروط العمل به

تقسيم الحنفية الصحابة الى فقيه وغير فقيه يرد عليه اشكالات لايكادون يخرجون منها :
- يحتاجون الى معيار للتفريق :
فان كان النقل ، فقد يساعدهم في بعض الصحابة ، لكن انى السبيل في تمييز الباقين ؟
وان كان المروي عن الصحابة ، فهم اقل الناس حظا من هذا الامر .
قد يلوح التفريق بين ابي هريرة وابن عباس
بين ابن عمر ومعاذ
لكن : احاديث الاحكام رواها الجم الغفير من الصحابة ؟
ان هذا التفريق لامر عسر .
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: حديث الآحاد وشروط العمل به

السلام عليكم

تقسيم الحنفية الصحابة الى فقيه وغير فقيه يرد عليه اشكالات لايكادون يخرجون منها :
- يحتاجون الى معيار للتفريق :
فان كان النقل ، فقد يساعدهم في بعض الصحابة ، لكن انى السبيل في تمييز الباقين ؟
وان كان المروي عن الصحابة ، فهم اقل الناس حظا من هذا الامر .
قد يلوح التفريق بين ابي هريرة وابن عباس
بين ابن عمر ومعاذ
لكن : احاديث الاحكام رواها الجم الغفير من الصحابة ؟
ان هذا التفريق لامر عسر .
ليس بذاك أخي الكريم، فالضابط أو المعيار ليس بالتفقه العام في الدين أو في الأحكام عامة، وهذا ما يتبادر إلى أذهان الكثيرين ولذلك قال الذهبي رحمه الله في ميزان الاعتدال (1/ 75) في ترجمة إبراهيم النخعي: ونقموا عليه قوله: لم يكن أبو هريرة فقيهًا. اهـ. ويقصد بقوله ما رُوي عنه أنه قال: كانوا يأخذون من حديث أبي هريرة ويدعون. اهـ. كما ذكره السرخسي في أصوله (1/ 341)، والجصاص في الفصول في الأصول (3/ 227) وغيرهما. ولذلك أورده الذهبي رحمه الله أيضًا في سير أعلام النبلاء (2/ 438) ثم قال: هذا لا شئ؛ بل احتج المسلمون قديمًا وحديثًا بحديثه لحفظه وجلالته وإتقانه، وناهيك أن مثل ابن عباس يتأدب معه ويقول: أفت يا أبا هريرة. اهـ. قُلت: ولو كان الصواب ما تبادر لأذهان الكثيرين من أن مُراد التفرقة هو الفقه العام بالأحكام والفُتيا؛ لصار خطأ الحنفية جليًّا وكان الأمر كما قال الذهبي رحمه الله وغيره، وليس بذاك، فإنمامُراد الحنفية بالفقه هو ذلك الفقه الخاص بالحديث (فقه الحديث) كمعرفة النسخ بين النصوص عمومًا ونحو ذلك وهذا ما يظهر جليًّا من عموم قواعدهم، فعلى سبيل المثال تجد أنهم يردون الحديث لمُجرد مُخالفة الراوي ما رواه وحجتهم أنه -من المؤكد- قد اطّلع على ناسخ خالف به ما روى، ومما يدل على ذلك ما يذكرونه من إنكار ابن عباس رضي الله عنه على أبي هريرة رضي الله عنه من روايته لحديث: الوضوء مما مست النار. ومُخالفة ابن عباس رضي الله عنه له، وإلى غير ذلك من أمثلة يطول ذكرها.

والله أعلم.
 
أعلى