العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حديث وصايا معاذ العشرة بين تصحيح المتأخرين وإغفال المتقدمين له في الاستدلال

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
حديث وصايا معاذ العشرة بين تصحيح المتأخرين وإغفال المتقدمين له في الاستدلال.

ليت الإخوة ينظروا في صحة هذا الحديث، حيث إنه أحد النصوص التي ينبني عليها الحكم في طاعة الوالدين إذا أمرا الابن بتطليق زوجته ، وهو بحث أعده حاليا وقد توقفت في نتيجته حتى أعرف حكم هذا الحديث صحة أو ضعفا.
مع ملاحظة أن جملة أهل العلم الذين وقفت على نقولاتهم في حكم المسألة السابقة على اختلاف مسالكهم في تناولها لم يوردوا هذا الحديث في معرض ذكرهم لحكم هذه المسألة مع أنه صريح جداً بطاعة الوالدين وإن أمراه أن يخرج من أهله وماله.

والآن إليكم الحديث وبعض النقولات عن أهل العلم في حكمه.
عن معاذ قال : أوصاني رسول الله صلى الله عليه و سلم بعشر كلمات قال:
لا تشرك بالله شيئا وإن قتلت وحرقت ولا تعقن والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمدا فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله ولا تشربن خمرا فإنه رأس كل فاحشة وإياك والمعصية فإن بالمعصية حل سخط الله عز و جل وإياك والفرار من الزحف وإن هلك الناس وإذا أصاب الناس موتان وأنت فيهم فاثبت وأنفق على عيالك من طولك ولا ترفع عنهم عصاك أدبا وأخفهم في الله .
قال المنذري في الترغيب والترهيب:رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجال أحمد ثقات إلا أن عبد الرحمن بن جبير بن نفير لم يسمع من معاذ وإسناد الطبراني متصل وفيه عمرو بن واقد القرشي وهو كذاب .
وزاد الهيثمي في مجمع الزوائد:
بأن ( إسناد الطبراني متصل وفيه عمرو بن واقد القرشي وهو كذاب )
وقال الألباني في مشكاة المصابيح:
( لم تتم دراسته )( )
وقال في صحيح الترغيب والترهيب:
( حسن لغيره )( )
وقال في إرواء الغليل:قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم وابن عياش ثقة في روايته عن الشاميين وهذه منها ولكنه منقطع...
لكن يشهد للحديث : أبي الدرداء قال : ( أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بتسع . . . ) فذكره دون الكلمة الخامسة والسابعة وزاد : ( ولا تنازعن ولاة الأمر وإن رأيت أنك أنت ) . أخرجه البخاري في ( الأدب المفرد )( ) وكذا الطبراني من طريق شهر بن حوشب عن أم الدرداء عنه .
وأخرجه ابن ماجه( ) دون قوله ( وإياك والمعصية . . . . ) وشهر ضعيف لسوء حفظه .
ثم رأيت ابن عساكر قد أخرجه في ( تاريخ دمشق )( ) من طريق إبراهيم بن زبريق حدثنا إسماعيل بن عياش حدثنا عبيدالله بن عبيد الكلاعى عن مكحول وسليمان بن موسى عن أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يوصي بعض أهله قال : ( لا تشركن بالله شيئا . . . ) الحديث .
وابراهيم هذا لم أجد له ترجمة وحديث أبي اليمان عن إسماعيل أولى بالصواب . لكن يبدو أن له أصلا من حديث مكحول عن أم أيمن فقد أخرجه ابن عساكر أيضا( ) من طريق عبد الرحمن بن القاسم الهاشمي نا أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر نا سعيد بن عبد العزيز عن مكحول عن أم أيمن به .
ورجاله ثقات غير عبد الرحمن بن القاسم هذا فلم أجد له ترجمة.
وقال ابن عساكر عقبه : ( وقد روي من وجه آخر مرسلا . ) .
ثم ساق من طريق ابن صاعد نا الحسين بن الحسن أنا سفيان بن عيينة عن يزيد بن يزيد بن جابر قال : سمعت مكحولا يقول : فذكره مرسلا .
وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم والحسين هو ابن حريث بن الحسن الخزاعي مولاهم .
ثم قال الألباني في ختام تخريجه للحديث:وجملة القول أن الحديث بهذه الطرق والشواهد صحيح بلا ريب ."( )
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
قال صاحب مرقاة المفاتيح:
ولا تعقن والديك أي لا تخالفهما أو أحدهما فيما لم يكن معصية إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وإن أمراك أن تخرج من أهلك أي امرأتك أو جاريتك أو عبدك بالطلاق أو البيع أو العتق أو غيرها ومالك بالتصرف في مرضاتهما قال ابن حجر شرط للمبالغة باعتبار الأكمل أيضا أي لا تخالف واحدا منهما وإن غلا في شيء أمرك به وإن كان فراق زوجة أو هبة مال أما باعتبار أصل الجواز فلا يلزمه طلاق زوجة امرأة بفراقها وإن تأذيا ببقائها إيذاء شديدا لأنه يحصل له ضرر بها فلا يكلفه لأجلهما إذ من شأن شفقتهما أنهما لو تحققا ذلك لم يأمراه به فالزامهما له به مع ذلك حمق منهما ولا يلتفت إليه وكذلك إخراج ماله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دعونا نتأمل قليلا في جواب الحافظ ابن حجر عن هذا الحديث:فالشاهد من الحديث هو قوله عليه الصلاة والسلام:
( ولا تعقن والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك )
فظاهر الحديث – على أقل تقدير حسب فهمي القاصر – هو أنه عليه الصلاة والسلام زجر عن عق الوالدين مطلقا حتى وإن أمراه بأن يخرج من أهله وماله.
فلا يجوز عقوق الوالدين مطلقا حتى لو وصل لزوم طاعتهما إلى أن يخرج من أهله وماله.
أما الحافظ ابن حجر رحمه الله فأجاب:بأن الأمر بالخروج من الأهل والمال على سبيل المبالغة فهو شرط للمبالغة باعتبار الأكمل أي لا تخالفهما وإن غلا في شيء أمرك به.
وهذا الجواب من الحافظ ابن حجر باعتبار فهم الحديث حسب سياقه ودلالته.
ثم بين رحمه الله أن الحكم في المسألة باعتبار أصل الحكم:
أنه لا يلزمه طلاق زوجته بأمر والديه أو أحدهما حتى ولو تأذيا ببقائها إيذاء شديدا لأنه يحصل له ضرر بفراقها فلا يكلفه لأجلهما
ثم أضاف ابن حجر معللا الحكم السابق من عدم لزوم طلاق زوجته بأمر والديه أو أحدهما:أن شفقة والديه لو تحققت لم يأمراه به فإلزامهما له به مع ذلك حمق منهما ولا يلتفت إليه.
قلت: ويؤيد كلام ابن حجر أن الأمر للمبالغة هو دلالة الاقتران فإن هذا الحكم جاء مقرونا بما إذا أمراه بالخروج من ماله، ولا أظن أن أحداً يقول: إنه يلزم الابن الخروج من ماله لو أمراه بذلك أبويه، وإن كانت المسألة تحتاج مراجعة وتحرِّي.
ومن باب دفع الاعتراض على الاستدلال بالاقتران الذي صنعت، وأنه دليل ضعيف عند أهل الأصول، فالجواب، نعم دليل ضعيف من حيث الأصل لكن ربما يحتف بالدليل الضعيف من القرائن ما يرتقي به إلى صحة الاتكاء عليه، ووجه صحة هذا الدليل في هذا السياق أن الصورتين سيقتا معا في حكم واحد وعلى هيئة واحدة والحكم طاعة الوالدين وعدم عقهما على صورة المبالغة.
فهما صورتان اقترنتا في حكم واحد.
ثم إن هذا الدليل وهو الاقتران لم يستقل بهذا الحكم إنما جاء عاضداً للطريقة التي اعتبرها ابن حجر فهو شاهد داخلي على صحة مسلك ابن حجر، فابن حجر قال: إن هذا أسلوب مبالغة باعتبار الأكمل، فذكرتُ أن مما يدل على صحة كلامه هو ذكر الخروج من المال وهي صورة ربما يكون متفقا عليها أو حتى مفروغاً من كون الطاعة فيها إنما هي على جهة الكمال فحسب.
وإنما نبهت على هذا لأن كثير من أهل العلم قد يستدلون بالاقتران في جملة أدلتهم فيعترض عليهم من يعترض بضعف دليل الاقتران.
وكأن الدليل الضعيف لا يجوز الاستدلال به أبدا!
بل لا يصح هذا الاعتراض حتى يبين المعترِض أن جملة الأدلة الضعيفة التي اعتبرها مَنْ ساقها لا تؤسس الحكم الذي بناه عليها، فالشأن ليس في مجرد الاستدلال بالدليل الضعيف فإن هذا باب واسع لا يمكن تحجره ولكن الشأن في تعثر جملة الأدلة الضعيفة عن أن تكون بمجموعها دليلا صالحا لما اعتبره بها.
بقي مما يقال كلمة:وهي أنه قد يعترض على طريقة ابن حجر من حمل الأمر بطاعة الوالدين في الخروج من الأهل والمال على جهة المبالغة بأن يقال:
في الحديث لفظة تمنع هذا الحمل وهو قوله عليه الصلاة والسلام: " ولا تعقن والديك"
ثم تفرَّع من النهي عن العقوق صورة وهي: أن لو أمراه بالخروج من الأهل والمال.
فنثر الحديث حسب هذه الطريقة: هو لا تعق والديك أبداًَ حتى ولو أمراك بالخروج من أهلك ومالك فلا تعقهما أيضاً.
قلت: وهذه الطريقة وإن كان لها وجه من النظر من جهة قوة هذا الحرف في التحريم وهو "عق الوالدين"
إلا أن ما ذكره ابن حجر رحمه الله من حمل الحديث على المبالغة باعتبار الأكمل هو أولى لأمور ثلاثة:1- أن هذا الأسلوب العربي في التعبير يقصد كثيرا في المبالغة فهو يذكر غالبا عقب الأمر بالشيء أو النهي عنه لذكر أبعد شيء لإدخاله في الأمر الأول لا على سبيل الشمول ولكن على سبيل المبالغة في استيعاب الحكم فمعنى الحديث: لا تعق والديك أبدا أبدا حتى ولو أمراك بأصعب الأمور أن تخرج من أهلك ومالك فلا تعقهما أيضاً.
2- اقتران الأمر بالخروج من الأهل مع الخروج من المال كما سبق إيضاحه.
3- أن هذه الطريقة من ابن حجر فيها إبقاء للحديث حول جملته المقصودة وهي عدم عق الوالدين، وتخريج الصور المذكورة فيه على سبيل المبالغة ، ثم إحالة أحكامها الخاصة على النصوص الخاصة بأعيان تلك الصور.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
النقل عن صاحب مرقاة المفاتيح استفدته من أخي أبي الأشبال عبد الجبار في ملتقى أهل الحديث فبارك الله فيه وجزاه خيرا.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: حديث وصايا معاذ العشرة بين تصحيح المتأخرين وإغفال المتقدمين له في الاستدلال

--------
 
أعلى