العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حكم استعمال جوزة الطيب

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
حكم استعمال جوزة الطيب


سالم جمال الهنداوي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي نوَّر بجَميل هدايته قلوب أهل السعادة، وطهَّر بكريم ولايته أفئدة الصادِقين فأسكَنَ فيها ودادَه، ودعاها إلى ما سبَقَ لها مِن عنايتِه فأقبلت مُنقادة، الحميد المجيد الموصوف بالحياة والعلم والقدرة والإرادة، نَحمده على ما أولى من فضل وإفادة، ونشكرُه مُعترفين بأن الشكر منه نِعمة مُستفادة.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمدُ، وهو على كل شيء قدير.وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا عبدالله ورسوله، وصفيُّه من خلقه وحبيبُه، الذي أيَّده بالمُعجِزات الظاهِرة، والآيات الباهرة، وزيَّنه بأشرف الخصال، ورفعه إلى المقام الأسنى، فكان قاب قوسين أو أدنى.

اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد؛ فلقد كثر السؤال عن "جوزة الطيب"؛ وذلك لاستعمالها في إعداد الأطعمة وبعض الأشربة، فالمسلمون يسألون عنها كثيرًا، وهذا هو حال المسلم الصادق في إيمانه؛ أن يتحرَّى الحلال ويَجتنِب الحرام، وأن يبحث عن مَرضاة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ ليَكون مِن أهل السعادة في الدنيا والآخرة.

أولاً: طبيعة هذه الثمرة:
فجَوْزُ الطِّيب: ثَمر تُنتجه شجرة جَوْزة الطيب التي مَهْدُها البلاد الاستوائية، يُستخدمُ كتابِلٍ للطعام[1].

وهي: "نبات طبيعيٌّ يَخرج من شجرة كبيرة دائمة الخضرة من فصيلة الجوزيات، ويَنتشِر هذا النوع مِن النبات في شبه القارة الهندية، وحين تنضج تمامًا وتبدو النواة داخل البذرة، وهي التي تُسمَّى جوزة الطيب.وتستعمل عن طريق الاستحلاب داخل الفم، أو تُذاب في المشروبات، أو تُستنشَق عن طريق الأنف بعد سحقها.

وقد ثبت طبيًّا أن جوزة الطيب مادة مُنبِّهة، وإذا أُخذت بكميات كبيرة فإنها سامة، وتُثير المَعِدة، وتؤدِّي إلى: القيء وفقدان الوعي، والتشنجات، ونشافة الفم، وسرعة نبضات القلب، واحمرار الوجه"[2].

ثانيًا: حكم استخدامها وتناولها:

1- اتفق الفقهاء على تحريم أكل "جوزة الطيب" وتناولها بكمياتٍ كبيرة يَحصل معها السُّكْر.

2- واختلفوا في حكم القليل منها:

أ- فذهب الحنفية وبعض الشافعية وبعض المالكية: إلى حرمته، دون التفريق بين القليل والكثير، واستدلوا بحديث: ((ما أسكرَ كثيرُه فقليلُه حَرامٌ))[3]، وحديث أم سلمة رضي الله عنه قالت: ((نَهى رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن كُلِّ مُسكِرٍ ومُفَتِّر))[4].

والمُفَتِّر: كل شراب يورث الفتور والخَدَر.


ب- وذهب الشافعية والمالكية إلى تقسيم المُسكِرات إلى صنفين:

الأول: مائع كالخمر والنبيذ، فحكَموا بنجاسته واستقذاره، وحرَّموا قليله وكثيره.

والثاني: جامد كجوزة الطيب والزعفران والبنج، حكموا بطهارته وعدم استقذاره، وعدم مضرَّة القليل منه.



فأباحوا القليل المستخدَم في إصلاح الطعام، الذي لا يصل إلى حدِّ الإسكار، وحرَّموا استخدامها بكمية تضرُّ بالإنسان، أو بالكمية التي تُسكر، بل ذهب بعض المالكية إلى جواز أكل القليل من جوزة الطيب مُنفردَةً، فهم لا يُحرِّمونها من جهة العين؛ وإنما من جهة المضرَّة عند استخدام الكثير منها.


وقال الإمام الرملي رحمه الله عندما سُئل عن أكل جوز الطيب هل يجوز أو لا؟

فقال: "نعم يجوز إن كان قليلاً، ويَحرم إن كان كثيرًا"[5].


وجاء في "مواهب الجليل" من كتب المالكية:

"الجوزة وكثير الزعفران والبنج والسيكران من المفسدات، قليلها جائز وحكمها الطهارة، وقال البرزلي: أجاز بعض أئمتنا أكل القليل من جوزة الطيب لتسخين الدماغ، واشترط بعضهم أن تختلط مع الأدوية، والصواب العموم"[6].

وفي كتاب "تحفة المحتاج" مِن كتب الشافعية:
"وخرَج بالشراب ما حَرُم مِن الجمادات، فلا حدَّ فيها وإن حرمتْ وأسكَرت، على ما مرَّ أول النجاسة بل التعزير؛ لانتفاء الشدة المُطربة عنها، ككثير البنج والزعفران والعنبر والجَوزة والحشيشة المعروفة، فهذا كما ترى دالٌّ على حِلِّ القليل الذي لم يَصل إلى حدِّ الإسكار كما صرَّح به غيره اهـ.
أقول: ومما يدلُّ على حلِّه عبارة الشارح في "شرح بافضل": أما الجامد فطاهر، ومنه الحشيشة والأفيون وجوزة الطيب والعنبر والزعفران، فيَحرم تناول القدر المسكر من كل ما ذُكر، كما صرَّحوا به"[7].وقال العلامة وهبه الزحيلي رحمه الله: "المواد المُخدِّرة محرَّمة لا يحلُّ تناولها إلا لغرض المعالَجة الطبية المتعينة، وبالمقادير التي يحدِّدها الأطباء، وهي طاهرة العين، ولا حرج في استعمال جوزة الطيب ونحوها في إصلاح نكهة الطعام بمَقادير قليلة لا تؤدِّي إلى التفتير أو التخدير"[8].

[1] انظر: معجم اللغة العربية المعاصرة؛ للدكتور: أحمد مختار عبدالحميد عمر (1 / 421)، الناشر: عالم الكتب، الطبعة الأولى، 1429 هـ - 2008م.
[2] انظر: الأضرار الناجمة عن تعاطي المسكرات والمخدرات؛ للدكتور: عبدالكريم العمري، الناشر: دار المآثر، المدينة المنورة - المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1421هـ - 2001م.

[3] أخرجه أبو داود في سننه (3681)، والترمذي في سننه (1865)، من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه.

[4] أخرجه أبو داود في سننه (3686)، وأحمد في مسنده (26634)، والبيهقي في السنن الكبرى (17399).

[5] انظر: فتاوي الرملي (4 / 71)، الناشر: المكتبة الإسلامية.

[6] انظر: مواهب الجليل في شرح مختصر خليل؛ للحطاب (1 / 90)، الناشر: دار الفكر، الطبعة الثالثة، 1412هـ - 1992م.

[7] انظر: تحفة المحتاج في شرح المنهاج؛ لابن حجر الهيتمي (1 / 289)، الناشر: دار إحياء التراث العربي.

[8] انظر: الفقه الإسلامي وأدلته؛ للدكتور: وهبه الزحيلي (7 / 5266)، الناشر: دار الفكر.

المصدر
 
التعديل الأخير:

نضال مشهود بحري

:: متابع ::
إنضم
27 أبريل 2009
المشاركات
14
التخصص
المنهج والسلوك
المدينة
المنورة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: حكم استعمال جوزة الطيب

نفع الله بكم
 
أعلى