العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حكم الرطوبة

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه،، أما بعـد:
فيؤسفني -بادئ ذي بدء- أنني ممن يمل الكتابة باستخدام مفاتيح الحواسيب، كما أنني قد أكتب الموضوع فيقع أمر يمنع رفعه على الملتقى فأضرب عن ذلك صفحاً.. وقد وقع لي قبل أيام كتابة موضوع يتعلق بنية صوم شهر رمضان، وهل تكفي نية واحدة في أول ليلة منه عن جميع الشهر؟.. ولكنَّ ابني الصغير ضغط مفتاح الهروب فاختفى كل ما كتبت، فأصابني من الغم ما أصابني.. ولعل هذا من أسباب استئناسي بنقل موضوعات كتبتها سابقا بمنتديات أُخرى عسى أن ينفع الله بها هنا كما نفع بها هناك، وله الفضل والمنة.

هذه المسألة التي تعم البلوى بها حول رطوبة فرج المرأة سأشير إلى حكمها باختصار -إذ قرأت بعض ما كتبت الدكتورة الفاضلة الداعية/ رقية المحارب في رسالة لها تختص بالموضوع، وعزمت أن أبين ما أراه صواباً وأن أعلق على بعض ما كَتَبَتْ جزاها الله خيراً..

أولاً: رطوبة الفرج على قسمين:

الأول: الرطوبة من ظاهر الفرج
قال ابن عابدين رحمه الله في الحاشية(1/313): (وأما رطوبة الفرج الخارج فطاهرة اتفاقاً).

الثاني: الرطوبة من باطن الفرج للمرأة
وقد اختلف فيها العلماء على أقوال، أشهرها:
1- أنها طاهرة، وهو قول أبي حنيفة، والأصح عند أكثر الشافعية، والمشهور من مذهب الحنابلة.
2- أنها نجسة، وهو قول صاحبي أبي حنيفة، والمشهور في مذهب المالكية، وقول عند الشافعية، ورواية عند الحنابلة.

واستدل الأولون بأدلة أبرزها:
1- أن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يثبت دليل يقتضي نجاستها.
2- حديث عائشة رضي الله عنها وأنها كانت تفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان من جماع إذ الأنبياء لا يحتلمون.
فلو حكمنا بنجاسة رطوبة فرج المرأة لحكمنا بنجاسة منيها لأنه يخرج من الفرج. وكونها تفرك المني دليل على طهارته.
3- أن التحرز منها فيه حرج ومشقة، والمشقة تجلب التيسير.
4- أنه يشبه العَرَق في الفرج، فيأخذ حكمه وهو الطهارة.

واستدل الآخرون بأدلة منها:
1- ما جاء في الصحيحين عن أبي أيوب قال: أخبرني كعب أنه قال: يا رسول الله إذا جامع الرجل المرأة فلم ينزِل؟ قال: "يغسل ما مسَّ المرأة منه ثم يتوضأ ويصلي".
2- في الصحيحين أيضاً أن زيد بن خالد سأل عثمان بن عفان: أرأيت إذا جامع فلم يُمنِ؟ قال: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره.
قال عثمان: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: فسألتُ عن ذلك علياً والزبير وطلحة وأُبَي بن كعب فأمروني بذلك.

تنبيه: الحديثان في جواز الصلاة بلا غسل منسوخان، فمن جامع وجب عليه الغُسل ولو لم يُنزِل.
قالوا: وأما الأمر بغسل الذكر وما مسه منها فإنه ثابت غير منسوخ؛ فدل على أن الرطوبة نجسة.

3- أنها بلل في الفرج ولا يتخلق منه الولد، فأشبهت المذي.

(قلت): والذي يظهر لي -والله أعلم- أن القول بطهارته هو الأقوى للأدلة التي ذكرها الأولون.

ويجاب عن أدلة القول الثاني بأن الأمر بالغسل يحتمل أمرين:

الأول: أن المجامِع يخرج منه مذي، والمذي نجس؛ فلهذا أُمِرنا بالغسل لا لأجل الرطوبة.
الثاني: أن الأمر فيه للاستحباب والندب.

ومما يقوي هذا القول الذي استظهرناه: ما جاء عند ابن خزيمة في صحيحه(برقم 279) عن القاسم بن محمد قال : سألتُ عائشة عن الرجل يأتي أهله يلبس الثوب فيعرق فيه نجساً ذلك ؟ فقالت : قد كانت المرأة تعد خرقة أو خرقاً فإذا كان ذلك مسح بها الرجل الأذى عنه ولم ير أن ذلك ينجسه.

وإذا كنتُ قد قررت طهارة رطوبة الفرج فيما سبق فإن هذا لا يعني أنها ليست من نواقض الوضوء
فالمقرر عند جمهور العلماء أن الخارج من السبيلين ناقض على كل حال، سواء كان قليلاً أو كثيراً، نادراً أو معتاداً، نجساً أو طاهراً.
قلت: ولا شك أن الرطوبة خارج معتاد فلا يخرج عن هذا التقعيد.

ولا فرق بين مخرج البول ومخرج الحيض والولد في المرأة من هذه الحيثية، فالخارج منهما ناقض.
ومما يظهِر ذلك ويوضحه:
1- أن بعض الفقهاء قد نص على أن خروج الولد ناقض للطهارة.
2- أنهم ذكروا مسائل تدل على أن الخارج من مخرج الولد خارج من أحد السبيلين
قال في الشرح الكبير: (وهكذا لو وطئ امرأته دون الفرج فدب ماؤه فدخل الفرج ثم خرج نقض الوضوء).
3- أن بعضهم نص على أن رطوبة فرج الأنثى إذا خرجت فهي من الخارج من السبيلين، وهو أحد نواقض الوضوء.
ولن أعرِّج على وجه الشبه بالمستحاضة للخلاف في ذلك.

فكيف تقول الدكتورة رقية المحارب: (في نواقض الوضوء لم أجد من تكلم على الرطوبة بإسهاب أو عدها من نواقض الوضوء بدليل من كتاب أو سنة أو إجماع بل ولا بقول صحابي ولا تابعي ولا بقول أحد من الأئمة الأربعة)؟!!!!

وأما قولها: (أن جعل الرطوبة من نواقض الوضوء مع خلوة من الدليل يحرج النساء)
فالجواب: أن الدليل هو القياس الصحيح، وهو هنا أشبه بالإجماع لكونه خارجاً معتاداً، وأما إذا بلغت المسألة إلى حد الحرج فقد قرر الفقهاء أنه إذا أصبح متكرراً مستنكحاً كسلس البول أن له حكمه، فيكون حكمُه حكمَ الحدث الدائم.

وأما الاستشهاد بقول الصحابية أم عطية: (كنا لا نعد الصفرة و الكدرة شيئاً) فالمعنى: لا نعدها حيضاً مانعاً من الصلاة ونحوها إذا كانت بعد الطهر.

فالخلاصـة: أن الراجح كون رطوبة فرج المرأة طاهرة، ولكنها تنقض الوضوء إذا خرجت إلى ظاهر الفرج بحيث يمكن غسلها.
فإن كان ذلك متكرراً دائماً أخذ حكم الحدث الدائم. والله أعلم.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: حكم الرطوبة

هناك كلام لابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج وفي فتاواه أنه لا ينقض الوضوء إلا إذا جاءت الرطوبة من وراء مسلك الذكر...
وفي تعاليل الشافعية لطهارته أنه كرطوبة الجسم والعرق وأنه يتحلب منه....
فالشافعية مع قولهم بالنقض بما خرج من السبيل لا يعتبرون الرطوبة المستحلبة من الفرج ناقضة للوضوء إلا أن تكون إفرازا يأتي من قعر الرحم ونحو ذلك، وبه يظهر عدم دقة إدراج "رطوبة الفرج" في القواعد العامة للفقهاء في باب نواقض الوضوء لأن كلامهم فيما "خرج من السبيل"، وهذا ليس بخارج وإنما يستحلب منه لطبيعته، وجمهورهم على طهارته، ولذا من تفاسير الفقهاء للرطوبة بأنها التي تظهر عند جلوس الثيب، وهذا يدل بوضوح تام على معرفتهم بأنها من طبيعة الفرج.
فالنصوص الشرعية لم تشر إلى نقض الوضوء من "رطوبة فرج المرأة".
ونصوص الفقهاء لم تدرج "رطوبة فرج المرأة" ضمن نواقض الوضوء مع عموم البلوى بها عند النساء مع كونهم ذكروا النوادر، وإنما أشاروا إليه من حيث الطهارة والنجاسة فقط.
والطب التشريحي المعاصر يقول إن هذه الرطوبة هي من طبيعة الفرج، وهذا بشهادة النساء أيضاً.
يبقى الكلام في "إفرازات الفرج" التي تبتلى بها بعض النساء قبل الدورة أو بعدها، أو قبل الولادة، أو عند حدوث الالتهابات المعروفة عند النساء..
فهذا المقدار هو الذي يمكن أن يجري فيه الخلاف.
ومن الأشياء اللطيفة التي ذكرتها الـ د. رقية المحارب أن رطوبة الفرج لو كانت تنقض الوضوء لنبه النبي صلى الله عليه وسلم النساء عند إطالة الصلاة في قيام الليل ونحوه إلى تفقد أحوالهن، فربما يكون قد انتقضت طهارتها برطوبة فرج المرأة!
ومن طريف ما مر بي من سؤالات بعض النساء أنها تجعل "سراويل" خاصة للصلاة!!
فالحمد لله على تيسيره: نصوص الشارع + نصوص الفقهاء + الطب + شهادة النساء.
أما تكليف النساء بناء على تخريج من قواعد الفقهاء فلا يخلو من تكلف مع ما فيه من مناقشة.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: حكم الرطوبة

هذه المسألة يدرجها بعض الباحثين في مسألة أصحاب الحدث الدائم، وأظن الإحالة إلى كلام ابن تيمية إنما هي في اصحاب الحدث الدائم...
نعم، من اعتبره ناقضا للوضوء ثم استمر بالمرأة، فهنا تنطبق عليه مسألة الحدث الدائم.
ولعل هؤلاء لما ثبت عندهم أنه ناقض للوضوء ثم رأوا مشقة هذا القول قاموا بإدراجه في مسألة الحدث الدائم تخفيفا من المشقة المترتبة على اعتباره ناقضا للوضوء.
ويحتمل كذلك: أنهم رأوا أن رطوبة فرج المرأة هي أمر دائم ومستمر في المرأة، فإذا كان ناقضا للوضوء فإنه لا بد أن يكون حدثا دائما.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: حكم الرطوبة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ أبو بكر – بارك الله فيكم ونفع بكم
قولكم– حفظكم الله – "أولاً: لم نبنِ حكمنا على الاحتياط البتة، ومن قرأ ما كتبنا عرفأن ذلك ليس من قبيل الاحتياط".أ.هـ
لم أقل أنكم بنيتم حكمكم على الإحتياط ، بل قلت –بارك الله فيكم - وقرأت فتوى بأن الإحتياط أفضل للخروج من الخلاف.
أما قولكم – حفظكم ربي – "وأقدِّر تماماً ذلك السبب الذي يحدو بالكثيرين إلى مخالفة الجمهور في هذه المسألة. والله الموفق".أ.هــ
جزاكم الله خيرا :
ألم يخالف عمر - رضي الله عنه - الجمهور في مسألة أسارى بدر، فكان الصواب معه. وخالف أبوبكر - رضي الله عنه - الجمهور في مسألة قتال أهل الردة، وكان الصواب معه.فلم يجعل الله تعالى الكثرة وغلبة العدد دليلاً على الحق والصواب في أمر الدين. وما أكثر المسائل التي خالف فيها شيخ الإسلام الجمهور من ذلك مسألة الطلاق بالثلاث (البدعي)هل يقع أو لايقع !
وكم من قليل على الحق , وكثير على غيره ( { كم من فئة قليلة غلبت فئةكثيرة بإذن الله } )وقول الجمهور ليس دليلاً على المجتهد ، لأنه متعبد باجتهاده إذا قام له البرهان بنى عليه ؛
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في « زاد المعاد » ( 5 / 233 , 234 ):
« ... فأوجدونا في الأدلة الشرعية أن قول الجمهور حجةٌ مضافةٌ إلى كتاب الله وسنة رسوله وإجماع أمته .
ومن تأمل مذاهب العلماء قديمًا وحديثًا من عهد الصحابة وإلى الآن واستقرأ أحوالهم = وجدهم مجمعين على تسويغ خلاف الجمهور , ووجد لكل منهم أقوالا عديدة انفردبها عن الجمهور , ولا يستثنى من ذلك أحد قط ولكن مستقلٌّ ومستكثر , فمن شئتم سميتموه من الأئمة تتبعوا ما له من الأقوال التي خالف فيها الجمهور , ولو تتبعنا ذلك وعددناه لطال الكتاب به جدًّا , ونحن نحيلكم على الكتب المتضمنة لمذاهب العلماء واختلافهم, ومن له معرفةٌ بمذاهبهم وطرائقهم يأخذ إجماعهم على ذلك من اختلافهم ... » .
إذن .. فمخالفة قول الجمهور سائغة بالإجماع !!
وقد وجه سؤال للشيخ إحسان العتيبي حول فتوى الشيخ العثيمين في هذه المسألة فقوى القول وأنقله لفضيلتكم بتمامه :
"قال السائل :" هل القول بعدم وجوب الوضوء من " رطوبة فرج المرأة " هو من كلام الشيخ ينقلونه عنه ، أم من تعليقهم هم؟قال الشيخ العتيبي : " كان الشيخ - رحمه الله - يقول بوجوب الوضوء لكل صلاة على المستحاضة ، ثم تراجع عن ذلك في آخر حياته ، واستحب ذلك لها ولم يوجبه.
وقدعلق تلامذته على هذا في حاشية " الشرح الممتع " ( 1 / 503 ) فقالوا - تعليقا على قوله القديم - وهو قوله " يجب على المستحاضة أن تتوضَّأ لوقتِ كُلِّ صلاة إِن خرج شيء، فإِن لم يخرج منها شيء بقيت على وضوئِها الأوَّل" - :
هذاما كان يراه شيخنا رحمه الله سابقاً، ثم إنه رجع عن ذلك وقال : إن المستحاضة ونحوها ممن حدثه دائم لا يجب عليه الوضوء لكل صلاة بل يستحب، فإذا توضأ فلا ينتقض وضوؤه إلا بناقض آخر، وهذا مذهب مالك واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله، لعدم الدليل على النقض، ولأن من حدثه دائم لا يستفيد بالوضوء شيئاً لأن الحدث معه دائم ومستمر. وأما رواية البخاري ثم توضئ لكل صلاة» فهذه الزيادة ضعفها مسلم، وأشارإلى أنه حذفها عمداً فقال: وفي حديث حماد حرف تركناه اهـ وضعفها أيضاً أبو داود والنسائي وذكرا أن جميع الروايات ضعيفة لانفراد حماد بها. وقال ابن رجب، إن الأحاديث بالأمر بالوضوء لكل صلاة مضطربة ومعللة اهـ .
وأمارطوبة فرج المرأة فالقول بوجوب الوضوء منها أضعف من القول بوجوبه في الاستحاضة لأن الاستحاضة ورد فيها حديث بخلاف رطوبة فرج المرأة مع كثرة ذلك من النساء والله أعلم.انظر: الاختيارات ص(15)، فتح الباري لابن رجب (2/69 ـ 75).
ثم قال : " وفي أكثر إجاباته – الشيخ العثيمين رحمه الله - على سؤال حكم رطوبة فرج المرأة يذكر ما قلته أنه مخالف لقاعدة قوية وأنه لو يعلم أحدا سبق ابن حزم لكان يقول به وأنه كان يطلب من تلامذته- حتى في الحرم - أن يبحثوا عن قائل قبل ابن حزم أن تلك الرطوبة لا تنقض الوضوء ".أ.هـ
وقد افتى فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري في الدرس الواحدوالستون من الفقه الموسع بالتالي:
قال – حفظه الله - " فالعلماء اختلفوا في ذلك فجمهور العلماء يرون ان هذه الرطوبة ناقضة للوضوء وذلك لأنهاخرجت من السبيل الذي هو مخرج الحدث .
وقال بعض العلماء :
وهو قول لابن حزم رحمه الله انها لا تنقض الوضوء وممن يرى النقض والنجاسة ابن باز رحمه الله .
وقول ابن حزم قول قوي على القول بأن هذه الرطوبة مع كل امرأة وعلى القول بأنها لا تخرج من الرحم ومكمن قوته ان هذه الرطوبة اذا كانت تخرج مع كل النساء فإنه لم ينقل عن النبي – صلى الله عليه وسلم - ولا عن الصحابة الحكم بذلك مع ان الحاجة داعية إلى توضيحه فالنساء يطفن ، النساء يقرأن القرآن، والنساء يصلين، فمثل هذا الأمر يحتاج إلى بيان لو كان ناقض للوضوء وكذا لو كان نجسا بل لو كان ناقض للوضوء ومؤثر في طهارة المرأة لسألت عنه الصحابيات فإن الاستحاضة قليل اعدادهن ومع ذلك سألن النبي – صلى الله عليه وسلم فيكف بهذه الرطوبة التي هي مع جميع النساء ، بل حتى لو قيل انها مع معظم النساء فإن المشقة موجودة وحاصلة فكيف يوضح النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الاستحاضة وكيف يسأل النساء عن الاستحاضة ويترك هذا الأمر المستمر في صفوف النساء.
والمسألة تحتاج إلى تقرير أطباء ".أ.هـ
وأفتى أيضاً بهذا العلامة مصطفى الزرقا كما في فتاواه ، وأفتى الشيخ محمد الحامد في كتابه : ردود على أباطيل بأنه ناقض للوضوء رغم أنه طاهر عند أبي حنيفة .
وأيضا قول الضياء المعنوي يحقق المسألة ، بأنه إذا كان طاهراً فهو ليس بناقض كما هو عند الإمام ، وإن كان نجساً كما هو عند الصاحبين فهو ناقض ، وعليه تحمل نصوص كتب المذهب ، لا سيما أن المتون الفقهية لم تذكره ضمن نواقض الوضوء رغم كثرة وقوعه ، وما ذلك إلا لكونه غير ناقض على قول الإمام أبي حنيفة .
وأفتى الشيخ التهانوي في إمداد الفتاوى بعدم النقض بعد تحقيقه للمسألة.
ولشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - قولان في المسألة ، ففي الاختيارات ، اختار عدم النقض ، وفي مجموع الفتاوى اختار قول الجمهور .
كما في : مجموع الفتاوى (21/221) ، والاختيارات ص27 .

هذا كل ما وقفت عليه والله وحده المستعان

اللهم أرنا الحق حقا وأرزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا اجتنابه.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

شكر الله لكم أختنا الفاضلة، وأسأل الله أن يثيبكِ على هذه النقول.
أولاً:
لم أقل إن مخالفة الجمهور خطأ إطلاقاً، فلم يكن ثَمَّ حاجة للكتابة حول هذا في نظري.

ثانياً: النقول عن فلان وفلان من العلماء الفضلاء أنهم قالوا بطهارتها لا تكفي في هذا المقام؛
إذ إنني لم أدعِ أنها مسألة إجماع حتى تبرهنوا أن ثَمَّ مخالفين!!
والمطلوب هو الجواب عما قدمتُه في المشاركة الأولى أصل الموضوع.

ثالثاً: أفيدوني بنقل كلام ابن تيمية -رحمه الله- في القول بعدم النقض بخروج هذه الرطوبة. والله يوفقكم
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: حكم الرطوبة

هناك كلام لابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج وفي فتاواه أنه لا ينقض الوضوء إلا إذا جاءت الرطوبة من وراء مسلك الذكر...
وفي تعاليل الشافعية لطهارته أنه كرطوبة الجسم والعرق وأنه يتحلب منه....
فالشافعية مع قولهم بالنقض بما خرج من السبيل لا يعتبرون الرطوبة المستحلبة من الفرج ناقضة للوضوء إلا أن تكون إفرازا يأتي من قعر الرحم ونحو ذلك، وبه يظهر عدم دقة إدراج "رطوبة الفرج" في القواعد العامة للفقهاء في باب نواقض الوضوء لأن كلامهم فيما "خرج من السبيل"، وهذا ليس بخارج وإنما يستحلب منه لطبيعته، وجمهورهم على طهارته، ولذا من تفاسير الفقهاء للرطوبة بأنها التي تظهر عند جلوس الثيب، وهذا يدل بوضوح تام على معرفتهم بأنها من طبيعة الفرج.
فالنصوص الشرعية لم تشر إلى نقض الوضوء من "رطوبة فرج المرأة".
ونصوص الفقهاء لم تدرج "رطوبة فرج المرأة" ضمن نواقض الوضوء مع عموم البلوى بها عند النساء مع كونهم ذكروا النوادر، وإنما أشاروا إليه من حيث الطهارة والنجاسة فقط.
والطب التشريحي المعاصر يقول إن هذه الرطوبة هي من طبيعة الفرج، وهذا بشهادة النساء أيضاً.
يبقى الكلام في "إفرازات الفرج" التي تبتلى بها بعض النساء قبل الدورة أو بعدها، أو قبل الولادة، أو عند حدوث الالتهابات المعروفة عند النساء..
فهذا المقدار هو الذي يمكن أن يجري فيه الخلاف.
ومن الأشياء اللطيفة التي ذكرتها الـ د. رقية المحارب أن رطوبة الفرج لو كانت تنقض الوضوء لنبه النبي صلى الله عليه وسلم النساء عند إطالة الصلاة في قيام الليل ونحوه إلى تفقد أحوالهن، فربما يكون قد انتقضت طهارتها برطوبة فرج المرأة!
ومن طريف ما مر بي من سؤالات بعض النساء أنها تجعل "سراويل" خاصة للصلاة!!
فالحمد لله على تيسيره: نصوص الشارع + نصوص الفقهاء + الطب + شهادة النساء.
أما تكليف النساء بناء على تخريج من قواعد الفقهاء فلا يخلو من تكلف مع ما فيه من مناقشة.

أخي الحبيب الشيخ فؤاد حفظه الله
كررتم احتفاءكم بأن الفقهاء لم ينصوا على الوضوء من رطوبة الفرج، وهذا ما سأبين عدم صحته إن شاء الله.
لكن بعد أن أعود مرة أخرى بعون الله تعالى.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: حكم الرطوبة

أخي الشيخ أبا فراس .. شكر الله لك وبارك فيك
أولاً: كلام ابن حجر الهيتمي -رحمه الله- لا يخالف ما ذكرتُ في مسألة نقض الوضوء، بل إن ما قرره العبد الضعيف في أصل الموضوع أيسر للناس وأسهل عليهم مما جاء في كلام الإمام الهيتمي.. لأنه يقرر نجاسة الرطوبة الباطنة التي تبرز إلى خارج، وعندي أن الراجح كونها طاهرة مطلقاً.


وأما نقض الوضوء بخروج الرطوبة من الباطن وبروزها فهو ناقض منصوص عليه عند الشافعية، بل هو بين يديك في ذات "تحفة المحتاج"؛ قال في (باب أسباب الحدث): أَوْ وَصَلَ نَحْوُ مَذْيِهَا لِمَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْجَنَابَةِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَى الظَّاهِرِ أَوْ خَرَجَتْ رُطُوبَةُ فَرْجِهَا إذَا كَانَتْ مِنْ وَرَاءِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ يَقِينًا وَإِلَّا فَلَا. أهـ الغرض منه

ثانياً: أما الرطوبة على ظاهر الفرج التي لم تخرج من داخل فليست ناقضة للوضوء؛ لأنها ليست خارجة من سبيل..
وكذلك التي في الباطن ما لم تبرز للظاهر فليست ناقضة للوضوء؛ لأنه لا يتصور أن يجف الفرج من الداخل فهذا كسائر رطوبات البدن، وهذا الأخير الذي يمكن أن يقال إنه من طبيعة الفرج بحسب تعبيركم.

ثالثاً: قولكم: "ومن طريف ما مر بي من سؤالات بعض النساء أنها تجعل "سراويل" خاصة للصلاة!!"

أقول: هذا يرِد فقط على قول من يقول بالنجاسة، ولستُ أقول به.. وشتان بين المسألتين..
فالراجح أنها طاهرة لا تحتاج إلى استنجاء منها ولا إلى غسلها ولا إلى جعل سراويل خاصة للصلاة، أما الوضوء فلازم للخارج من السبيل. والله تعالى أعلم
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: حكم الرطوبة

أخي الحبيب الشيخ فؤاد حفظه الله
كررتم احتفاءكم بأن الفقهاء لم ينصوا على الوضوء من رطوبة الفرج، وهذا ما سأبين عدم صحته إن شاء الله.
لكن بعد أن أعود مرة أخرى بعون الله تعالى.
بارك الله فيكم، وفي الاحتكاك بأمثالكم نتطلع إلى التعلم...
بالنسبة لعدم ذكر الفقهاء نقض الوضوء من رطوبة فرج المرأة، فهذا بشهادتي، وشهادة الدكتورة رقية المحارب، وبشهادتكم حيث غاية ما نقلتم التخريج بحسب القواعد أو بذكر بعض النظائر... فكلام الفقهاء على رطوبة فرج المرأة قاصر على النجاسة أو عدمها، وهذا بحسب المذهب الحنفي والمذهب المالكي والمذهب الشافعي والمذهب الحنبلي، كلهم في أمهات الكتب المعتمدة لديهم، لا يذكرونها من جملة النواقض وإنما يذكرونها من حيث الطهارة والنجاسة...
أما الظاهرية فقد نص ابن حزم على عدم نقضها للوضوء....
وهذا استدلال جملي، بمعنى أن أمات الكتب ومظانها الفقهية لا تذكرها ضمن النواقض مع عموم البلوى بها، وقد ينشط بعض الفقهاء من المصنفين في الإشارة إليها، وهذا بدوره لا ينقض تتابع الفقهاء عن إغفال الحديث عن نقضها...
وبالمناسبة مر علي اليوم كلام ابن تيمية في بعض ما لا ينضبط، فقال هذا مثل ما لا ينقض الوضوء! فالفقهاء إنما يذكرون النواقض، وما عداها لا ينقض...ولا يقال لكن قواعدهم، وذلك لأننا نتحدث عن رطوبة فرج المرأة، وهي مسألة تعم بها البلوى عند النساء، ولا نتحدث عن نازلة عصرية، حتى نعمل قواعد التخريج والوجوه والنظائر...
يتبع.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: حكم الرطوبة

أخي الشيخ أبا فراس .. شكر الله لك وبارك فيك
أولاً: كلام ابن حجر الهيتمي -رحمه الله- لا يخالف ما ذكرتُ في مسألة نقض الوضوء، بل إن ما قرره العبد الضعيف في أصل الموضوع أيسر للناس وأسهل عليهم مما جاء في كلام الإمام الهيتمي.. لأنه يقرر نجاسة الرطوبة الباطنة التي تبرز إلى خارج، وعندي أن الراجح كونها طاهرة مطلقاً.


وأما نقض الوضوء بخروج الرطوبة من الباطن وبروزها فهو ناقض منصوص عليه عند الشافعية، بل هو بين يديك في ذات "تحفة المحتاج"؛ قال في (باب أسباب الحدث): أَوْ وَصَلَ نَحْوُ مَذْيِهَا لِمَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْجَنَابَةِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَى الظَّاهِرِ أَوْ خَرَجَتْ رُطُوبَةُ فَرْجِهَا إذَا كَانَتْ مِنْ وَرَاءِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ يَقِينًا وَإِلَّا فَلَا. أهـ الغرض منه

ثانياً: أما الرطوبة على ظاهر الفرج التي لم تخرج من داخل فليست ناقضة للوضوء؛ لأنها ليست خارجة من سبيل..
وكذلك التي في الباطن ما لم تبرز للظاهر فليست ناقضة للوضوء؛ لأنه لا يتصور أن يجف الفرج من الداخل فهذا كسائر رطوبات البدن، وهذا الأخير الذي يمكن أن يقال إنه من طبيعة الفرج بحسب تعبيركم.

ثالثاً: قولكم: "ومن طريف ما مر بي من سؤالات بعض النساء أنها تجعل "سراويل" خاصة للصلاة!!"

أقول: هذا يرِد فقط على قول من يقول بالنجاسة، ولستُ أقول به.. وشتان بين المسألتين..
فالراجح أنها طاهرة لا تحتاج إلى غسلها ولا إلى جعل سراويل خاصة للصلاة، أما الوضوء فلازم للخارج من السبيل. والله تعالى أعلم

ذكر "سراويل النساء" الخاصة بالصلاة كان على جهة أن الرطوبة مما تعم بها النساء حتى لا تكاد تسلم ملابسها منها، ومن هنا نجد أن بعض الباحثين المعاصرين أدرج مسألة رطوبة فرج المرأة في مسائل الحدث الدائم كالمستحاضة ومن به سلس بول أو استطلاق ريح، وذلك لأنهم لما ثبت عندهم أنها ناقضة للوضوء وأن المرأة لا تسلم منها، وأن في ذلك مشقة على النساء، أدرجوها في مسألة الأحداث الدائمة، وهذا يعني على طريقتهم إدراج جمهور عريض من النساء في أحكام المستحاضة، وهذا بدوره يدفع إلى التمهل في إصدار مثل هذا الحكم الكبير، ومن أقوال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله في بعض مسائل الحج (سمعته من فيه في مجلسه بعنيزة في آخر عمره): لا يمكن أن نفتي بما يترتب عليه مشقة عظيمة على الناس إلا بدليل كالشمس.
------
بالنسبة لكلام ابن حجر الهيتمي فهو يعتبر ما ينقض الوضوء هو ما كان من نحو مذيها التي يخرج عند الشهوة، أو ما جاء من وراء مسلك الذكر مما يجب غسله (كالإفرازات)، فإن هذا ينقض الوضوء، أما رطوبة فرج المرأة فبروز هذه الرطوبة إلى الخارج لا ينقض الوضوء.
لنقرأ نص كلام:
أَوْ خَرَجَتْ رُطُوبَةُ فَرْجِهَا إذَا كَانَتْ مِنْ وَرَاءِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ يَقِينًا وَإِلَّا فَلَا.
فإذا خرجت الرطوبة من وراء ما يجب غسله (كالإفرازات) نقضت الوضوء، وإلا لم تنقض إذا خرجت من دون ما يجب غسله، وهو الرطوبة المعتادة التي تستحلب من نفس الفرج.

والتفريق بين الإفرازات وبين رطوبة الفرج نفسها أيسر من إطلاق النقض على خروج الرطوبة، ثم إن الرطوبة بحسب دلالتها اللغوية إنما تفيد ما كان يستحلب من الفرج كبقية رطوبات البدن والعرق فأكثر الكلام فيها، والمشقة الغالبة على النساء منها.
أما الإفرازات فيمكن القول بالنقض، ويمكن القول بعدم النقض، ويمكن التفريق بين ما كان قليلا أو نادرا فإنه ينقض، وما كان كثيرا غالبا فإنه يدرج في الأحداث الدائمة.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: حكم الرطوبة

بارك الله فيكم، وجزاكم خيراً
فإذا خرجت الرطوبة من وراء ما يجب غسله (كالإفرازات) نقضت الوضوء، وإلا لم تنقض إذا خرجت من دون ما يجب غسله، وهو الرطوبة المعتادة التي تستحلب من نفس الفرج.
وهذا ما أقوله: فإذا تيقنت خروج رطوبة الباطن إلى الظاهر فهو ناقض، ولكني لا أرى وجوب غسله لطهارته.

وأما التفريق بين الإفرازات والرطوبة فلا أفهم له معنى صحيحاً من جهة الواقع، أعني: أن القول بأن الرطوبة الظاهرة إنما هي كالترشيح الناجم عن الرطوبة الباطنة فيه من الغرابة ما فيه.

ثم إن الرطوبة بحسب دلالتها اللغوية إنما تفيد ما كان يستحلب من الفرج
هذا غير لازم من جهة اللغة؛ فالرطوبة ضد الجفاف واليبوسة، ويطلق على البلل ولو لم يكن على الصفة التي ذكرتم..
ولهذا نجد بعضهم يعبر عنها بماء الفرج، وبلة الفرج، وبلل الفرج.

قال في اللسان: والرَّطْبُ: المُبْتَلُّ بالماءِ. ورَطَّبَ الثوْبَ وَغيرَه وأَرْطَبَه كِلاهما: بَلَّه. أهـ

بالنسبة لعدم ذكر الفقهاء نقض الوضوء من رطوبة فرج المرأة، فهذا بشهادتي، وشهادة الدكتورة رقية المحارب، وبشهادتكم حيث غاية ما نقلتم التخريج بحسب القواعد أو بذكر بعض النظائر
لم أقصد إلى الاستيعاب ولا العناية بالنقول في أصل المقالة، وها أنا قد نقلتُ نص السبكي في التحفة، فلا أدري ما وجه جعلي مع الشاهدين!
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: حكم الرطوبة


لم أقصد إلى الاستيعاب ولا العناية بالنقول في أصل المقالة، وها أنا قد نقلتُ نص السبكي في التحفة، فلا أدري ما وجه جعلي مع الشاهدين!
بل أنت من أقوى الشاهدين!
وذلك لأنك استدركت على الأخت الدكتوره رقية المحارب دعواها أن الفقهاء لم يبحثوا مسألة رطوبة فرج المرأة ضمن نواقض الوضوء، ومع ذلك لم تذكر سوى التخريج على قواعد الفقهاء، وذكر الوجوه والنظائر.
أما نص ابن حجر الهيتمي فقد سبقتني وإياك إلى ذكره الدكتوره رقية المحارب وهو يدل على عدم النقض ، وإنما ينقض إذا خرج من وراء ما يجب غسله وإلا لم ينقض.
نحن نتحدث عن مدارس فقهية كبرى، كلها لا تدرج رطوبة فرج المرأة ضمن نواقض الوضوء، تم هذا بمراجعة كتب الحنفية، وكتب المالكية وكتب الشافعية، وكتب الحنابلة، وإنما يتحدثون عنها في الطهارة والنجاسة فقط، ولا يعكر على هذا الاتفاق الجملي على إغفال ذكر الرطوبة ضمن النواقض اجتهاد بعض المصنفين في خرق هذا الإغفال.
---------
بالنسبة لمعنى الرطوبة اللغوي فهو يدل على ابتلال الشي بالماء، ورطوبات الجسم تدل على ما كان يستحلب منه كالعرق، ورطوبة الفرج كذلك، فالرطوبة من طبيعتها، وعدم رطوبتها علة ومرض، ويقع ضمن أعذار فسخ النكاح، كما أن كثرتها علة ومرض كذلك.
فتفسير الرطوبة بما ذكر تم بناء على طبيعة رطوبة الجسم، وعلى طبيعة رطوبة الفرج، وهو يتفق مع معناها اللغوي وهو ابتلال الشيء بالماء وهو ضد اليبوسة...
- ----
بالنسبة للتفريق بين الرطوبة المستحلبة التي هي من طبيعة الفرج وبين الإفرازات التي تخرج من الرحم فأنا لا أتبنى هذا التفريق، وإنما الجميع لا ينقض الوضوء، لكن هذا التفريق هو أقل ما يمكن قبوله تخريجا على قواعد الفقهاء كما هو ظاهر نص ابن حجر الهيتمي، وهو أقل ما يمكن احتماله عند النساء في النقض، أما القول بأن رطوبة فرج المرأة تنقض مطلقا، فهذا يصعب تصوره مع إغفال الشرع له، وكذا الفقهاء في مدوناتهم المبسوطة مع عموم البلوى به عند النساء.
----
شيخنا الفقيه، المناقشة معكم ممتعة، وإنما أطلت في النقاش، بسبب واحد، وهو حل هذا اللغز: كيف تكون الرطوبة ناقضة للوضوء مع عموم البلوى بها، ولا ينص عليها الفقهاء مع كونهم ذكروا النادر، وقد تم فك طلاسم هذا اللغز، بالقول بعدم النقض، وبهذا يكون ما شاع عند المعاصرين من أن القول بالنقض هو قول الجمهور: دعوى لم تستند إلى نصوص تدعمها من أقوال الفقهاء، وأن الأقرب هو العكس، وبهذا نقلب تردد ابن عثيمين بأنه لو عرف من سبق ابن حزم إلى قوله بعدم النقض لقال بذلك، بالقول: من قال أصلاً بالنقض؟ والأصل عدم النقض، وأين نصوص الفقهاء في النقض.
وسبب تردد الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هو اعتبار قول الفقهاء: ينقض ما خرج من سبيل، وهذا من اختصارات المتأخرين، ومع ذلك عند تفصيلها لا يذكرون رطوبة فرج المرأة، مع ذكرهم للنوادر، ثم إنه ليس بخارج أصلا، وإنما هو كالعرق، ومن الفرج ما هو من الخارج ولذا يجب غسله من النجاسة، ويذكر الفقهاء ضابط ذلك هو ما يظهر من رطوبة فرج المرأة الثيب عند جلوسها.
ثم صار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله إلى القول بعدم النقض.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: حكم الرطوبة

أما نص ابن حجر الهيتمي فقد سبقتني وإياك إلى ذكره الدكتوره رقية المحارب وهو يدل على عدم النقض ، وإنما ينقض إذا خرج من وراء ما يجب غسله وإلا لم ينقض.
لم أكن على ذُكر من أنها ذكرتْهُ في بحثها، فبيني وبين قراءته قرابة ثلاث سنوات أو أربع، وأياً ما يكن فهذا الكلام من الهيتمي نص صريح في النقض بالخارج من الرطوبة؛ إذ لا يسمى الخارج خارجاً ما لم يكن منحدراً من الباطن ثم يبرز إلى ما هو في حكم الظاهر، وهذا يشبه ما جاء في الفتاوى الهندية: ( ولو نزل البول إلى قصبة الذكر لم ينقض الوضوء، ولو خرج إلى القلفة نقض الوضوء. كذا في الذخيرة وهو الصحيح. هكذا في البحر الرائق ) فهل هذا ينافي أنه تصريح بالنقض من خروج البول؟!


وإذا أردتَ -رحمني الله وإياك- أن تقول بقول ابن حجر الهيتمي في هذا الفرع من اعتبار حد الباطن ما ذكره من كون ذكر المجامع لا يصل إليه، فلازمه -كما ليس بخافٍ عليك- أن يطرد قولك هذا في مسائل كثيرة تنبني على تحديد ذلك؛ كأن تقول بوجوب أن تغسل هذا الموضع في غسل الجنابة والحيض وأن تطهره من النجاسة، وليلاحَظ أنني لم أتعرض لتحديد الحد الفاصل في ذلك في أصل المقال.

والخلاف في تحديد الباطن الذي لا يجب غسله خلافٌ معروفٌ في المذاهب، ومنه ما قاله المرداوي الحنبلي في "تصحيح الفروع": ( وَاخْتَلَفَ كَلَامُ الْقَاضِي أَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ فِي ذَلِكَ، أَعْنِي هَلْ مَا أَمْكَنَ غَسْلُهُ مِنْ الْفَرْجِ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ أَوْ الْبَاطِنِ ).

ومنهم من جعل الحد الفاصل بين الباطن والظاهر: الشُّفْرين
ففي البناية شرح الهداية: ( وإن حشت المرأة بقطنة فابتل داخلها إن كانت على الشفرين نقض، وإن كانت داخل الفرج فلا وضوء عليها ).
ومنهم من قال غير ذلك.
قال الخرشي في شرح مختصر خليل: ( وَتَغْسِلُ الْمَرْأَةُ كُلَّ مَا ظَهَرَ مِنْ فَرْجِهَا حَالَ جُلُوسِهَا، وَالْبِكْرُ مَا دُونَ الْعَذِرَةِ كَالْحَيْضِ، وَلَا تُدْخِلُ الْمَرْأَةُ يَدَيْهَا بَيْنَ شفْرَتَيْهَا كَفِعْلِ اللَّاتِي لَا دِينَ لَهُمْ وَهُوَ مِنْ فِعْلِ شِرَارِهِنَّ ) والأمثلة في كلام الفقهاء على تحديد الباطن الذي إذا خرج من الخارج نقض كثيرٌ، وإنما جعلتُ هذا مثالاً.


نحن نتحدث عن مدارس فقهية كبرى، كلها لا تدرج رطوبة فرج المرأة ضمن نواقض الوضوء،
أولاً: من الفقهاء من نص على ذلك..
يقول في "بشرى الكريم" شرح المقدمة الحضرمية عند ذكره لنواقض الوضوء: ( ودودة أخرجت رأسها وإن رجعت، وريح ولو من قُبل، ودم باسور داخل الدبر، ورطوبة فرج أنثى خرجت إلى ما يجب غسله، ومقعدة مزحور ... )

وعلى فرض كون ذلك قليلاً في كلامهم، وهو الظاهر، إلا أنه لا يمكن إبطال التقعيد الذي قعده عامتهم "كل خارج"، ولا التخريج الذي جاء عن بعضهم إلا بأن نثبت فرقاً صحيحاً ظاهراً بينه وبين بقية النواقض، ولا أجده فيما ذكرتَ.

ثم ما معنى تعليل كثير منهم للنقض بخروج بلة من الفرج؟! فيقولون في بعض الفروع: "لأنه خارج من سبيل لا يخلو عن بلة تصحبه من الفرج"، وتصريحهم بأن خروج البلة من الفرج ناقض مستقل!

ثانياً: ليس مطرداً عند الفقهاء ذكر جميع الأمثلة بعد تقعيد القواعد، ولو كانت تعم به البلوى، وانظر إلى صنيع ابن نُجَيم الحنفي مثلاً: ( وَلِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ عِبَارَاتِ عُلَمَائِنَا أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ الْفَاحِشَةَ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَلَمْ يُقَيِّدُوا بِوُضُوءِ الرَّجُلِ؛ فَكَانَ وُضُوءُهَا دَاخِلًا فِيهِ كَمَا لَا يَخْفَى ) فانظر -رحمني الله وإياك- إلى اعتمادهم عمومات عبارات أئمتهم؛ فدل على أن الرجوع لما في عباراتهم من التعميم والتقعيد هو الأصل المعتمد لمعرفة مذاهبهم عند فقد التنصيص.

ورطوبات الجسم تدل على ما كان يستحلب منه كالعرق، ورطوبة الفرج كذلك، فالرطوبة من طبيعتها، وعدم رطوبتها علة ومرض، ويقع ضمن أعذار فسخ النكاح، كما أن كثرتها علة ومرض كذلك.
لا أسلِّم بكون رطوبات الجسم تدل على ما كان يستحلب منه، فمن الرطوبات ما ليس كذلك..
فالاستحلاب استدرار أو امتصاص، فما تقول في المني واللعاب والمخاط حفظك الله؟ أهي من "رطوبات" البدن أم لا؟
بل العذرة من رطوبات البدن وليست على الوصف المذكور.


ثم ما الفرق الصحيح إن كان خروجه من طبيعتها؟! ألا ترى أن خروج دم الحيض فيه ما وصفتَ من كونه لو كثر فهو دم علة ومرض ولو عدم فهو كذلك..
على أن خروج الرطوبة من الباطن إلى الشفرين ليس أمراً دائماً عند النساء -فيما أظن- في حال الصحة؛ فقد لا يتكرر في يومها وليلتها أكثر من خمس مرات أو ست، وهذا في أحيان كثيرة لا يوازي ما وردت النصوص القطعية في النقض به من ريح الدبر؛ فكون رطوبة الفرج مما تعم به البلوى وتلزم منه المشقة -في هذه الحالة وعلى الوصف الذي ذكرتُه- بحاجة إلى نظر..

ولعل ما ذكرتَ من كون الرطوبة البارزة استحلاباً نجم عن كونه يخرج من الباطن وينفصل عن الباطن، فيظن الظان أنه استحلاب، وهذا الوجه -إن صح- يزيد الثقة في القول بكونه ناقضاً.
ففي المغني للموفَّق ابن قدامة: ( فَصْلٌ: قَالَ أَبُو الْحَارِثِ سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ بِهِ عِلَّةٌ رُبَّمَا ظَهَرَتْ مَقْعَدَتُهُ؟ قَالَ: إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَظْهَرُ مَعَهَا نَدًى تَوَضَّأَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ أَحْمَدَ إنَّمَا أَرَادَ نَدًى يَنْفَصِلُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ الْفَرْجِ مُتَّصِلٌ فَنَقَضَ كَالْخَارِجِ عَلَى الْحَصَى، فَأَمَّا الرُّطُوبَةُ اللَّازِمَةُ لَهَا فَلَا تَنْقُضُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْ رُطُوبَةٍ، فَلَوْ نَقَضَتْ لَنَقَضَ خُرُوجُهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ وَلِأَنَّهُ شَيْءٌ لَمْ يَنْفَصِلْ عَنْهَا، فَلَمْ يَنْقُضْ كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا ).
فالرطوبة اللازمة التي لا تنفصل يمكن القول بأنها لا تنقض، وما لم يكن كذلك فالواجب اعتماد القول بالنقض.

وأقول: إن التفريق بين الإفرازات والرطوبة غريب من جهة اللغة، وإخاله غريباً من جهة الطب أيضاً
وهذا التفريق الذي أشرتَ إليه -حفظك الله- هو طريقة الشيخ الزرقا -رحمه الله- في كلامه على المسألة بين الإفرازات المرضيَّة وما خرج على وجه الصحة من الطاهرات، ولكن جوابه عن الاعتراضات على هذه الطريقة لم يكن شافياً.


يقول د. عبد الرشيد قاسم في "أحكام المرأة الحامل وحملها": ( أما الأطباء فيعبرون عن هذه الرطوبة باسم الإفرازات )، ثم ذكر ثلاثة من أشكال هذه الإفرازات عند المرأة، وهي كثيرة. والشاهد أن الإفرازات في كلام الأطباء هي ذات الرطوبة.


ثم قال: ( ومن خلال التعريفات الطبية نلاحظ أن مصدر هذه الرطوبة إما أن تكون من داخل الرحم، وإما أن تكون من جدار المهبل نفسه وهو الأكثر في الأحوال العادية، وإما أن تكون من الغدتين (بارثولين) وهذه تفرز عند الشهوة.. وهذه الأقسام لم تغب عن الفقهاء المتقدمين كما لوحظ من خلال بيان الحكم الشرعي. )
قلت: ما تيقنت أنه يخرج من الباطن إلى الظاهر فهو ناقض لوضوئها، وإلا فلا.

ثم راح د.قاسم يذكر أدلة طهارة الرطوبة، وذكر منها الوجه الذي أستشيط غضباً كلما قرأت مثله؛ إذ يقول: ( إن دعوى خروج الرطوبة من مخرج السبيلين باطل؛ لأن مخرج البول في الأنثى غير مخرج الرطوبة التي يخرج منها الولد )!!!
وهذا الذي ورد في كلام الدكتورة رقية وهنا هو سبب كتابتي لهذا الرد أصلاً؛ لأنه خروج عن سبيل الفقهاء ونصوصهم وطريقتهم، بل وفقههم. والله أعلم

وإذا كنتَ تسوي بين إفرازات المرأة في مسألة النقض أو عدمه؛ فها هم جمع من المالكية -وهم الذين لا ينقضون إلا بالخارج المعتاد من السبيلين- ينصون على أن الهادي -ماء يخرج من الفرج قبل الولادة وعندها- ناقض للوضوء.
قال في الشرح الصغير: ( الْخَارِجَ الْمُعْتَادَ سَبْعَةٌ؛ سِتَّةٌ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَوَاحِدٌ - وَهُوَ الْهَادِي - يَخْتَصُّ بِالْأُنْثَى )، والرواية الثانية عن الإمام مالك أنه لا ينقض؛ باعتبار أنه خارج غير معتاد، لا أنه ليس بخارج.

 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: حكم الرطوبة

بارك الله فيكم ونفع بكم، كنت أنتظر نصوصا عن فقهاء الحنفية، ونصوصا عن فقهاء المالكية، ونصوصا عن فقهاء الشافعية، ونصوصا عن فقهاء الحنابلة، فنحن نتحدث عن باب تام ومستوفى في كتب الفقهاء اسمه باب نواقض الوضوء، وقد استغرقوا في ذكر النادر والمستحيل، ويتعذر أن يقتصر النص على كونه ناقضا للوضوء من فقيه متوفى في الربع الأخير من القرن العاشر، ثم نختلف في تفسير كلامه.
الإشكال باب عظيم من العلم، وقد رأيت أن تنصيص الفقهاء على رطوبة الفرج من حيث الطهارة والنجاسة، ثم إغفالها في باب النواقض دليل على عدم النقض، ولو كان ناقضا لذكروه ولأشاروا إليه، فإن رأيتم خلاف ذلك فالمرجو تفسير هذا الإغفال الغريب في كتبهم المبسوطة فهو ناقض ولا يذكرونه ولا يشيرون عليه، ثم نأتي نحن في هذا العصر لنخرجه على قواعدهم وكأنها نازلة عصرية.
لا أخفي استفادتي من بحثكم الماتع، مع ما رافقه من سعة صدركم، ودقة نظركم، لكن يبقى أن أحتفظ بأن "الإشكال" لم يحل إلى الساعة، والله أعلم.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: حكم الرطوبة

بارك الله فيكم ونفع بكم، كنت أنتظر نصوصا عن فقهاء الحنفية، ونصوصا عن فقهاء المالكية، ونصوصا عن فقهاء الشافعية، ونصوصا عن فقهاء الحنابلة، فنحن نتحدث عن باب تام ومستوفى في كتب الفقهاء اسمه باب نواقض الوضوء، وقد استغرقوا في ذكر النادر والمستحيل، ويتعذر أن يقتصر النص على كونه ناقضا للوضوء من فقيه متوفى في الربع الأخير من القرن العاشر، ثم نختلف في تفسير كلامه.
الإشكال باب عظيم من العلم، وقد رأيت أن تنصيص الفقهاء على رطوبة الفرج من حيث الطهارة والنجاسة، ثم إغفالها في باب النواقض دليل على عدم النقض، ولو كان ناقضا لذكروه ولأشاروا إليه، فإن رأيتم خلاف ذلك فالمرجو تفسير هذا الإغفال الغريب في كتبهم المبسوطة فهو ناقض ولا يذكرونه ولا يشيرون عليه، ثم نأتي نحن في هذا العصر لنخرجه على قواعدهم وكأنها نازلة عصرية.
لا أخفي استفادتي من بحثكم الماتع، مع ما رافقه من سعة صدركم، ودقة نظركم، لكن يبقى أن أحتفظ بأن "الإشكال" لم يحل إلى الساعة، والله أعلم.

شكر الله لكم، وبارك فيكم.
وأنا مقرٌّ بما قلتم، وقد قلتُ إن عوز الكلام في ذلك في كتبهم هو الظاهر، ولكن مخالفتي لما ذكرتم إنما تنحصر في نسبة القول بعدم النقض إليهم لمجرد عدم التنصيص.

وأقول هنا على سبيل المذاكرة مع الشيخ الحبيب أبي فراس: أليست كتب الحنفية والمالكية تكاد تكون خِلواً من الكلام في مسألة الجمع بين الجمعة والعصر؟
أفكانت هذه المسألة نازلة عصرية، أو خيالاً ضارباً.. أم أننا سننسب إليهم قولاً دون الاعتماد على أصولهم؟ أرجو الإفادة أثابكم الله
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: حكم الرطوبة

بارك الله فيكم...
الفرق كبير بين المسألتين، فمسألة الرطوبة يذكرونها كلهم من حيث الطهارة والنجاسة ويغفلونها في باب النواقض، مع ما فيها من عموم البلوى، وشدة حاجة الناس إلى حكمها، فيتعذر معه أن تكون ناقضا ثم يغفلونها ويقتصر جمهورهم على كونها طاهراً، ثم يذهبون ويشتغلون بأحكام النوادر كمن خرجت منه حصاة أو دود ...
أما مسألة الجمع بين صلاة الجمعة والعصر فهي مسألة لا تعم بها البلوى، فهي لا تقع في الحضر، ولا تقع في السفر لأن المسافر لا تشرع له صلاة الجمعة، وإنما ترد فيما لو مر مسافر على بلد فهل يجوز له أن يجمع معها صلاة العصر، فهي كما ترى تتعلق بحال واحدة من أحوال المسافر.
وليس لدي علم أن الحنفية والمالكية لا يذكرونها، وإن كان يمكن مع ذلك معرفة حكمها من خلال شروط الجمع، ومنها أن تكون بين الظهر والعصر أو المغرب والعشاء، وليس منها صلاة الجمعة...
ثم إنه قد ذكرها الشافعية والحنابلة بحسب ما نقلتم، مع عدم عموم البلوى بها، ومسألتنا في رطوبة فرج المرأة لم تذكرها الكتب المبسوطة في المذاهب الأربعة مع شدة حاجة النساء لبيان حكمها..
ثم إن "تفريع المسائل" هناك تباين بين الفقهاء فهم لا يتساوون في هيئة التفريع ولا في عدد التفريع وفي لا طريقة التفريع، فكل مذهب له شجرة خاصة في الكيف والكم من حيث التفريع.
فكم من المسائل يبحثها فريق ولا يبحثها آخر....
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: حكم الرطوبة

ومسألتنا في رطوبة فرج المرأة لم تذكرها الكتب المبسوطة في المذاهب الأربعة مع شدة حاجة النساء لبيان حكمها..
يمكن أن يقال:
لو كانت غير ناقضة لاستثنوها من الكلية المشهورة عند جمهورهم: "كل خارج من سبيل فهو ناقض؛ سواء كان قليلاً أو كثيراً، نادراً أو معتاداً، رطباً أو جافاً" فلما لم ينصوا على استثنائها مع
عموم البلوى بها وشدة الحاجة لاستثنائها : كان ذلك دليلاً على كونها داخلة في الكلية المذكورة.
 
التعديل الأخير:

سيدي محمد ولد محمد المصطفى ولد أحمد

:: قيم الملتقى المالكي ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
2,243
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
كرو
المذهب الفقهي
مالكي
رد: حكم الرطوبة

ليست الرطوبة مما ينقض الوضوء لأنها لا تخرج وإنما الوضوء مما خرج
ولذلك قال علماؤنا إنما يظهر أثرها في تنجيس ذكر الواطئ
انظر ( السهيل للأحسائي ج2 ص 72)
ولذلك فصلوا فيها فيما يخص مباح الأكل فقالوا إنها إن كانت من مني أو حيض فيما يحيض وهو الناقة والفرس والأرنب والكلبة والوزغ والخفاش والضبع
أي إن كانت مما ذكر تكون نجسة وإلا فهي طاهرة
لأنها تبع لبول صاحبها
ونص الأمير في مجموعه مع شرحه في النجس : ( وكمني ) .... (وإن من مباح )على المعتمد (ورطوبة فرج غيره) لا هو إلا لكمني ..إلخ ج1 ص 104
وبهذا تعلم وجه قولهم إن الحصى والدود الخارج ببلة عليه لا يبطل الوضوء ويجب منه الاستنجاء وعليه اللغز :
شيء خارج من البدن يقطع الصلاة ولا يبطل به الوضوء ؟
هذا الحصى والدود إذا خرجا ببلة كثيرة فإنه يجب عليه أن يقطع الصلاة للاستنجاء منهما ولكن لا ينقضان الوضوء وقد قال بعض العلماء في ذلك :
الدود والحصى إذا ما خرجا .. ببلةٍ يسيرةٍ لا حرجا
وإن ببلةٍ كثيرةٍ فلا ..... ينقضْ والاستنجاءُ منهما انجلا
وأوجبا في قول من يميِّزُ ....... قطع الصلاة وبهذا يلغزُ
ذكره المغني على الصحيحِ ... في بحث الاستنجاء أيْ من ريحِ
ويريد بالمغني كتاب المغني لابن أحمد الهادي الشنقيطي وهو شرح لمختصر خليل

والله أعلم
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: حكم الرطوبة

ليست الرطوبة مما ينقض الوضوء لأنها لا تخرج وإنما الوضوء مما خرج
ولذلك قال علماؤنا إنما يظهر أثرها في تنجيس ذكر الواطئ
انظر ( السهيل للأحسائي ج2 ص 72)
ولذلك فصلوا فيها فيما يخص مباح الأكل فقالوا إنها إن كانت من مني أو حيض فيما يحيض وهو الناقة والفرس والأرنب والكلبة والوزغ والخفاش والضبع
أي إن كانت مما ذكر تكون نجسة وإلا فهي طاهرة
لأنها تبع لبول صاحبها
الأخ الشيخ سيدي محمد وفقه الله .. شكر الله لكم

1- هل تنكرون وجود رطوبة قد تخرج من الباطن إلى ما هو في حكم الظاهر؟
2- كما تعلمون: لا تلازم بين النجاسة والطهارة وبين النقض، فقد يكون الناقض طاهراً عند عامة الفقهاء. فلمَ إطالة الكلام حول نصوص تتعلق بالطهارة أو النجاسة؟
3- خروج البلة هنا في هذه الصورة تابعٌ
لخروج غير المعتاد -بحيث يُنسَب الخروج في العُرف للحصى والدود لا للبلة- فلا ينقض عند المالكية، وليس في هذا أن الخروج المعتاد للرطوبة غير ناقض عندهم، بل وأين التبعية في مسألتنا حتى تكون كحكم تلك؟.

بل لو كانت البلة هنا بولاً فلا نقض؛ قال الخرشي في شرح خليل:
أَيْ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: "وَلَوْ بِبِلَّةٍ أَيْ مَعَ بِلَّةِ الْأَذَى" وَهُوَ الْبَوْلُ فِي مَحَلِّهِ وَالْعَذِرَةُ فِي مَحَلِّهَا، أَيْ وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْهُمَا، وَيُعْفَى عَمَّا خَرَجَ مَعَهُمَا حَيْثُ كَانَ مُسْتَنْكِحًا بِأَنْ يَحْصُلَ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ بِمَاءٍ أَوْ حَجَرٍ حَيْثُ كَثُرَ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ أَيْ بِحَسَبِ مَحَلِّهِ لَا بِحَسَبِ إصَابَتِهِ لِلثَّوْبِ. أهـ

وأزيد من الشعر بيتاً فأنقض الأصل الذي أصلتموه باعتماد هذا الفرع،
فلو خرجت البلة مع الدم أو القيح نقضت، وذلك في قوله: وَمِثْلُ الْحَصَى وَالدُّودِ: الدَّمُ وَالْقَيْحُ إنْ كَانَا خَالِصَيْنِ مِنْ أَذًى -يعني بدون بلة- وَإِلَّا نَقَضَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ حُصُولَ الْفَضْلَةِ مَعَ الْحَصَى وَالدُّودِ يَغْلِبُ أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ حُصُولِهِمَا مَعَ دَمٍ وَقَيْحٍ. أهـ
 
التعديل الأخير:
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: حكم الرطوبة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأمر كما قال الشيخ الفاضل باجنيد ، فإنهم حتى في الكتب المبسوطة عادة لا ينصون إلا على المنصوص عليه ليكون أصلاً لغيره وعلى النادر لكي لا يتوهم خروجه وعلى ما يحتاج حكمه إلى تفصيل أو يحتاج لإزالة إشكال ، وما لم يكن كذلك اكتفوا فيه بالنص العام ، وربما كانت عبارة صريحة في العموم كقول الشافعي رحمه الله : "دلت السنة على الوضوء من المذي والبول والريح ، وكل ما يخرج من واحد من الفروج ففيه الوضوء"
وبهذه الكلية صرح غير واحد من مقلديه.
ومع ذلك لم ينصوا على كثير مما يخرج من السبيلين أو ربما نصوا لكن على ندور كالمرة السوداء والصفراء والقيح والطعام يخرج كما هو والدواء يحتقن به فيخرج كما هو وأجزاء من باطن الأمعاء تخرج لمن به سحج ، وغير ذلك.
ومع ذلك نصوا على رطوبة فرج المرأة في كتب مشهورة ، وإن قل التنصيص عليها ، منها ما ذكره الشيخ الفاضل عن ابن حجر في (التحفة) وباعشن في (بشرى الكريم).
وأزيد المزجد في (العباب) 1/ 99 قال : "ورطوبة قبل المرأة إذا بلغت ما يجب غسله في الإستنجاء"
وكذا قال ابن حجر في (فتح الجواد) 1/ 76 : "ورطوبة فرج أنثى بلغت ما يجب غسله في الإستنجاء" كأنها أخذ نص العبارة من (العباب)
وكذا وافق ابن المزجد في (الإيعاب).
والله أعلم
 

سما الأزهر

:: متخصص ::
إنضم
1 سبتمبر 2010
المشاركات
518
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: حكم الرطوبة

وأما قولها: (أن جعل الرطوبة من نواقض الوضوء مع خلوة من الدليل يحرج النساء)
فالجواب: أن الدليل هو القياس الصحيح، وهو هنا أشبه بالإجماع لكونه خارجاً معتاداً، وأما إذا بلغت المسألة إلى حد الحرج فقد قرر الفقهاء أنه إذا أصبح متكرراً مستنكحاً كسلس البول أن له حكمه، فيكون حكمُه حكمَ الحدث الدائم.
حتى لو لم تبلغ حد الحرج ستأخذ حكمه ؛ لأنا إذا حكمنا مع طهارتها كونها ناقضة للوضوء ، فإنها ستتوضأ لكل صلاة حتماً ، سواء وصل الأمر إلى حد الحرج أم لا ، وفي هذا من المشقة مالا يخفى ، ولا تدركه إلا النساء ،بل لا أبالغ إن قلت لا يعاني منه إلا النساء ، ومن المؤكد أن المشقة تجلب التيسير ، فرأيها جدير بالأعتبار
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: حكم الرطوبة

حتى لو لم تبلغ حد الحرج ستأخذ حكمه ؛ لأنا إذا حكمنا مع طهارتها كونها ناقضة للوضوء ، فإنها ستتوضأ لكل صلاة حتماً ، سواء وصل الأمر إلى حد الحرج أم لا ، وفي هذا من المشقة مالا يخفى ، ولا تدركه إلا النساء ،بل لا أبالغ إن قلت لا يعاني منه إلا النساء ، ومن المؤكد أن المشقة تجلب التيسير ، فرأيها جدير بالأعتبار

لستُ ممن يتعصب لرأيه إن شاء الله
ولكنني -أختي الكريمة الدكتورة سما الأزهر- وجدتُ أن كثيراً من أخواتنا النساء لم يفقهوا مقالتنا هذه .. أو أنهن لا يفرقن بين الخارج من داخلٍ والذي يبرز إلى الظاهر، وبين الذي يبقى داخل الفرج ولو شعرت بحركته داخله..


أما إذا وصل إلى حد الحرج كأن يخرج منها في اليوم مراراً متكررة خارجة عن المعتاد على الصورة الناقضة فهذه لا يجب عليها الوضوء إذا توضأت بدخول الوقت؛ لأن ذلك في حكم صاحب السلس، والله أعلم.

وسؤالي لكم -أختنا الكريمة- ولجميع من يناقش هنا لأقرِّب الصورة:
1. هل توافقون أن الخارج الطاهر من السبيل ينقض الوضوء؟
2. لو كانت ريح الدبر تخرج من زيد كل نصف ساعة مرة، فهل تسقطون عنه الوضوء ؟
بارك الله فيكم
 
التعديل الأخير:
أعلى