العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حكم الطلاق مع استقامة الحال: بحث في داخل المدارس الفقهية

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
حكم الطلاق مع استقامة الحال:

الحكم التّكليفيّ للطّلاق :
اتّفق الفقهاء على أصل مشروعيّة الطّلاق ، كما اتفقوا على أنه تعتريه الأحكام وذلك بحسب الظّروف والأحوال الّتي ترافقه فيكون واجباً ومحرما ومستحبا ومكروها بيد أنهم اختلفوا في مسألتين:
المسألة الأولى: هل يكون مباحاً أو لا؟
وهذه المسألة سيأتي تناولها إن شاء الله على هذا الرابط:
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?p=3493#post3493

المسألة الثانية: الحكم الأصليّ للطّلاق.
وقد نحى أهل العلم في هذه المسألة على اتجاهين:
الاتجاه الأول: أنّ الأصل في الطّلاق الإباحة، وقد يخرج عنها في أحوال، وإليه ذهب الجمهور.
الاتجاه الثاني: أنّ الأصل فيه الحظر ، ويخرج عن الحظر في أحوال وإليه ذهب الحنفية في الصحيح عندهم وهو رواية عن الإمام أحمد.
والمقصود بالأصل هو في حال استقامة الحال بين الزوجين ولا حاجة فيه إلى الطلاق فهنا الخلاف فذهب الجمهور إلى الإباحة وعبر الحنابلة بالكراهة والحكم بالكراهة مندرج في الإباحة من جهة أنه لا إثم على فاعله ، ومن جهة أخرى إذا ما قابلنا بين الإباحة والتحريم فإن الكراهة بل والاستحباب والوجوب كلها تندرج في الِإباحة، باعتبار صورة الفعل فهي جائزة الفعل وإن كان قد يختلف الحكم في هذا الجواز، فيجوز لي أن أعمل هذا العمل لكن قد يكون على جهة الإباحة الأصلية وقد يكون على جهة الاستحباب وقد يكون على جهة الوجوب، وهذا معنىً معروف عند الأصوليين.
سبب بحث المسألة: هو هذا النقل:
"قال الوزير: أجمعوا على أن الطلاق في حال استقامة الزوجين مكروه، إلا أبا حنيفة قال: هو حرام مع استقامة الحال."
فأحببت التأكد ومعرفة اتجاهات أهل العلم في هذه المسألة مع عموم البلوى فيها وما قد يقع من التساهل في الطلاق بدعوى أنه مكروه فقط.
وسيكون تناول هذه المسألة بالبحث في كل مذهب على حدة
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
مذهب الأحناف:
يقول السرخسي في المبسوط:
وإيقاع الطلاق مباح وإن كان مبغضا في الأصل عند عامة العلماء.
ومن الناس من يقول لا يباح إيقاع الطلاق إلا عند الضرورة:
1- لقوله صلى الله عليه وسلم { لعن الله كل ذواق مطلاق }
2- وقال صلى الله عليه وسلم { أيما امرأة اختلعت من زوجها من نشوز فعليها لعنة الله والملائكة والناس أجمعين } وقد روي مثله في الرجل يخلع امرأته.
3- ولأن فيه كفران النعمة فإن النكاح نعمة من الله تعالى على عباده قال الله تعالى: { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا } وقال الله تعالى: { زين للناس حب الشهوات من النساء } الآية وكفران النعمة حرام.
ثم قال رحمه الله:
وهو رفع النكاح المسنون فلا يحل إلا عند الضرورة:
1) ذلك إما كبر السن لما روي أن سودة لما طعنت في السن طلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2) وإما لريبة: لما روي { أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن امرأتي لا ترد يد لامس فقال: صلوات الله عليه: طلقها فقال: إني أحبها فقال صلى الله عليه وسلم: أمسكها إذن .
وأما:
1) قوله تعالى: { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء }
2) وقوله تعالى { فطلقوهن لعدتهن }
وذلك كله يقتضي كله إباحة الإيقاع
قال أبو فراس:
هنا انتهى نقل السرخسي لأدلة من قال : إن الطلاق لا يباح إلا عند الضرورة، ثم قال مفنِّداً أدلة هذا القول:
1- { وطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة رضي الله عنها حتى نزل عليه الوحي يأمره أن يراجعها فإنها صوامة قوامة }
ولم يكن هناك كبر سن ولا ريبة.
2- وكذلك الصحابة رضوان الله عليهم:
أ- فإن عمر رضي الله عنه طلق أم عاصم رضي الله عنها.
ب- وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه طلق تماضر رضي الله عنها.
ج- والمغيرة بن شعبة رضي الله عنه كان له أربع نسوة فأقامهن بين يديه صفا وقال: أنتن حسان الأخلاق ناعمات الأرداف طويلات الأعناق اذهبن فأنتن طلاق.
د- وأن الحسن بن علي رضي الله عنهما استكثر من النكاح والطلاق بالكوفة حتى قال علي رضي الله عنه على المنبر: إن ابني هذا مطلاق فلا تزوجوه فقالوا: إنا نزوجه ثم نزوجه.
3- ولأن هذا إزالة الملك بطريق الإسقاط فيكون مباحا في الأصل كالإعتاق، وفيه معنى كفران النعمة من وجه ومعنى إزالة الرق من وجه فالنكاح رق قال صلى الله عليه وسلم {النكاح رق فلينظر أحدكم أين يضع كريمته } .
وروي { بم يرق كريمته } ولهذا صان الشرع القرابة القريبة عن هذا الرق حيث حرم نكاح الأمهات والبنات والأخوات.
وإلى هذا المعنى أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : { وإن أبغض المباحات عند الله تعالى الطلاق } فقد نص على أنه مباح لما فيه من إزالة الرق ومبغض لما فيه من معنى كفران النعمة."
ثم أجاب السرخسي عن استدلال مَنْ قال: إن الأصل في الطلاق هو الحَضْر لأنه كفران نعمة فقال:
"ثم معنى النعمة: إنما يتحقق عند موافقة الأخلاق فأما عند عدم موافقة الأخلاق فاستدامة النكاح سبب لامتداد المنازعات فكان الطلاق مشروعا مباحا للتفصي عن عهدة النكاح عند عدم موافقة الأخلاق ."
قال أبو فراس:
هذا الجواب يخرج المسألة عن محل النزاع فمحل البحث هو السؤال عن الأصل في حكم الطلاق من غير سبب، وعند استقامة الحال، أما عند عدم موافقة الأخلاق وما يسببه من امتداد المنازعات فإن هذا سبب صالح للطلاق، وقد اتفق الفقهاء على مشروعية الطلاق في الجملة وأنه تتوارد عليه الأحكام الخمسة ما عدا المباح عند بعضهم.
وإذا كان الأمر كذلك فإن محاولة السرخسي الجواب عن استدلال من قال إن الأصل في الطلاق الحضر بأنه كفر للنعمة بأن قال: هذا عند موافقة الأخلاق لا عند عدم موافقتها: هو نقل للمسألة من محل النزاع إلى محل الوفاق فإن أهل العلم قد اتفقوا على مشروعة الطلاق عند قيام مقتضاه ومنه ما ذكره السرخسي من عدم موافقة الأخلاق، ولهذا جزم الزيلعي في تبيين الحقائق أنه "لم يقل أحد إنه مكروه إذا كان لحاجة."
قال أبو فراس:
نحاول الآن أن نرسم سير الإمام السرخسي في بحث هذه المسألة من خلال القراءة السابقة:
1- إيقاع الطلاق مباح وإن كان مبغضا في الأصل عند عامة العلماء.
2- أن من الناس من يقول: لا يباح إيقاع الطلاق إلا عند الضرورة
3- ساق السرخسي أدلة من قال إن الطلاق لا يباح إلا عند الضرورة.
4- نقل السرخسي بكل إنصاف أجوبة هؤلاء عما قد يعترض عن الأدلة التي أقاموا عليها حكمهم في هذه المسألة.
5- وفي نهاية البحث أجاب السرخسي عن أدلة هذا القول بخمسة طرق:
الطريقة الأولى: الاستدلال بالسنة الفعلية للنبي صلى الله عليه وسلم من طلاقه من غير سبب.
الطريقة الثانية: الاستدلال بعمل الصحابة من الطلاق بغير سبب.
الطريقة الثالثة: الاستدلال بالمعنى وهو أن الطلاق إزالة الملك بطريق الإسقاط فليكن مباحاً.
الطريقة الرابعة: الاستدلال بالتنظير: تنظير مسألة الطلاق على مسألة الإعتاق.
الطريقة الخامسة: الاستدلال بالموجب: وهو أن الطلاق وإن كان فيه معنى كفران النعمة من وجه فإن فيه معنى إزالة الرق من وجه آخر.
وإلى هذا التزاوج بين هذين المعنيين أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : { وإن أبغض المباحات عند الله تعالى الطلاق } "فقد نص على أنه مباح لما فيه من إزالة الرق ومبغض لما فيه من معنى كفران النعمة."
النتيجة النهائية:
ساق السرخين القولين في المسألة، واستدل لكلٍ، ورجح أن الأصل في الطلاق هو الإباحة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي:
لم يقل أحد إنه مكروه إذا كان لحاجة.
في النهاية للسغناقي: أن إيقاع الطلاق مباح ومن الناس من يقول لا يباح إلا للضرورة.
وكتب أيضا ما نصه: قيل: الأصل في الطلاق الحظر فكيف يصح أن يكون منه حسن وأحسن؟
وأجيب: بأن الحظر من حيث ذاته ، وأما كونه حسنا وأحسن فمن حيث الوقت ا هـ.
قال أبو فراس:
وهذا الجواب يفيد والله أعلم أن صاحبه من الفريق الذي يقول: إن الأصل في الطلاق هو الحظر؛ لأن الكلام في ذات حكم الطلاق من حيث الأصل لا من حيث تعلقه بالزمن.
نرجع إلى كلام الزيلعي:
فتح ( قوله : إن إيقاع الطلاق مباح إلخ ) رجل أراد أن يطلق امرأته بغير ذنب منها يسعه ذلك فيما بينه وبين الله تعالى إذا سرحها بالإحسان وهو أن يعطي لها مهرها ونفقة عدتها؛ لما روي عن الحسن بن علي: أنه كان كثير النكاح كثير الطلاق فقيل له في ذلك فقال: لأني أحب الغنى ، والله تعالى جمع الغنى في هذين يعني النكاح والطلاق:
أما النكاح فقد قال الله تعالى { إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله } .
وأما الطلاق: فقد قال الله تعالى { وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته } ا هـ .
كبرى وكتب ما نصه: قال قاضي خان في باب النفقة في فصل حقوق الزوجين: رجل يريد أن يطلق امرأته بغير ذنب إن أوفاها المهر ونفقة العدة وسع له ذلك ؛ لأنه تسريح بإحسان ا.هـ .
قال أبو فراس:
وهذا فيما يبدو لي والعلم عند الله قول ثالث في المسألة، وهو التفصيل بجوازه بشرطه وهو أن يكون التسريح بإحسان.
النتائج من النقل عن تبيين الحقائق:
لم يقل أحد إن الطلاق مكروه عند الحاجة.
نقل الخلاف الواقع بين الأحناف في حكم الطلاق من حيث الأصل: هل هو مباح أو محظور.
نقل عن "فتح" و"كبرى": أنه يسع الإنسان أن يطلق امرأته بغير ذنب منها إذا سرحها بإحسان وهو أن يعطيها مهرها ونفقة عدتها.
وقد اعتبرنا هذا قولا ثالثا في المسألة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العناية شرح الهداية للبابرتي
قال أبو فراس:
حكى البابرتي في العناية القولين في المسألة واعتبر أن القول بإباحته هو قول العامة.
نسب البابرتي القول بأن الأصل في الطلاق الحظر إلى الإمام مالك.
الأصل في الطلاق هو الحظر لأنه قطع النكاح الذي هو سنة فيكون محظورا .
والإباحة إنما تكون لحاجة الخلاص والضرورة بتباين الأخلاق وتنافر الطباع.
الأصل في الطلاق الحظر والحكم يدار على دليل الحاجة بسبب العجز عن الإمساك بالمعروف عند عدم موافقة الأخلاق.
والحاجة بسبب العجز أمر مبطن فأقيم دليل الحاجة وهو الإقدام على الطلاق في زمان تجدد الرغبة فيها وهو الطهر الخالي عن الجماع مقامه، وكلما تكرر دليل الحاجة جعلت كأن الحاجة إلى الطلاق تكررت فأبيح تكرار الطلاق المفرق على الأطهار.
نقل برهان الدين المرغيناني في كتابه الهداية عن الشافعي رحمه الله قوله:
"كل الطلاق مباح لأنه تصرف مشروع حتى يستفاد به الحكم والمشروعية لا تجامع الحظر، بخلاف الطلاق في حالة الحيض ؛ لأن المحرم تطويل العدة عليها لا الطلاق"
ثم شرح البابرتي كلام الشافعي فقال:
وقال الشافعي : (كل طلاق مباح ) يعني في حد ذاته ، وإنما قلت ذلك لئلا يرد على تعميمه الطلاق حالة الحيض وفي طهر قد جامعها فيه ، فإن الطلاق في هذين الوقتين حرام عنده أيضا .
قال في تعليله : ( لأنه تصرف مشروع حتى يستفاد به الحكم ) وهو وقوع الطلاق ، وكل ما هو مشروع لا يكون محظورا ؛ لأن المشروعية لا تجامع الحظر .
قال أبو فراس:
إذن الشافعي يستدل بصحة وقوع الطلاق في سائر صوره على إباحته من حيث الأصل لأن المشروعية كما قال الزيلعي لا تجامع الحضر.
ثم قال الزيلعي مسشكلاً على الشافعي:
فإن قيل: فكيف يصح العموم والطلاق في حالة الحيض حرام ؟
أجاب بقوله : ( بخلاف الطلاق في حالة الحيض ؛ لأن المحرم تطويل العدة عليها لا الطلاق) وكذلك يقول المحرم فيما إذا طلقها في طهر جامعها فيه التباس أمر العدة عليها فإنه إذا طلقها فيه يلتبس أمر العدة عليها لا يدري أهي حامل فتعتد بوضع الحمل أو حائل فتعتد بالأقراء .
قال أبو فراس:
إذن الشافعي يطلق القول بإباحة الطلاق مستدلاً بصحة وقوعه ويخرِّج تحريم الطلاق حال الحيض على أن المحرم تطويل العدة عليها لا الطلاق.
ثم قال الشافعي:
لا أعرف في الجمع بدعة ولا في التفريق سنة بل الكل مباح.
فأجابه المرغيناني وعليه حاشية البابرتي:
( ولنا: أن الطلاق الأصل فيه الحظر لما فيه من قطع النكاح الذي تعلقت به المصالح الدينية) من تحصين الفرج عن الزنا المحرم في جميع الأديان ( والدنيوية ) لما فيه من المسكن والازدواج واكتساب الولد ، وكل ما هو كذلك ينبغي أن لا يجوز وقوعه في الشرع إلا أنه أبيح للحاجة إلى الخلاص كما تقدم ، ولا حاجة إلى الجمع بين الثلاث .
( قوله : والمشروعية في ذاته ) جواب عن قوله : والمشروعية لا تجامع الحظر .
ووجهه: أن المشروع لذاته لا يجوز أن يكون محظورا لذاته أما إذا كانت المشروعية لذاته والحظر لمعنى في غيره كما ذكرنا من فوات مصالح الدين والدنيا فلا تنافي إذ ذاك كالبيع وقت النداء والصلاة في الأرض المغصوبة وقد قررناه في التقرير ، وكذا إيقاع الثنتين في الطهر الواحد بدعة لما قلنا : إنه لا حاجة إلى الجمع بين الثلاث.
قال أبو فراس:
خلاصة جواب المرغيناني مع حاشية البابرتي على قول الشافعي من إطلاق إباحة الطلاق لصحة وقوعه سواء كان مفرقا أو مجمعا= هو ما يلي:
أنهم ينازعون الشافعي في أصل قوله، فالشافعي يرى أن الأصل الإباحة وهم يرون أن الأصل الحضر لجملة من المعاني.
أن الطلاق إنما أبيح للحاجة.
أن استدلال الشافعي على إطلاقه إباحة الطلاق بأنه مشروع لا يصح لأن هذا إنما يكون لو أننا قلنا: إنه مشروع لذاته ومحظور لذاته، أما ونحن نقول – أي الأحناف – إنه مشروع لذاته ومحظور لغيره بجملة من المعاني فلا يرد ما ذكر.
قال أبو فراس:
وهذا الكلام من الأحناف ليس تراجعا عن قولهم: إن الأصل في الطلاق الحظر، فإنه يصح أن يتمسكوا بهذا الأصل مع قولهم – بل هو محل اتفاق - إن الطلاق مشروع من حيث الجملة لكن إذا خلا الطلاق من الأسباب الداعية له فإنه يكون محرما لتفويته مصالح الدين والدنيا.
خلاصة النقل عن الهداية وحاشة البابرتي:
حكى البابرتي في العناية القولين في المسألة واعتبر أن القول بإباحته هو قول العامة.
نسب البابرتي القول بأن الأصل في الطلاق الحظر إلى الإمام مالك.
الأصل في الطلاق هو الحظر لأنه قطع النكاح الذي هو سنة، ولتفويت مصالح الدين والدنيا فيكون محظورا .
والإباحة إنما تكون لحاجة الخلاص والضرورة بتباين الأخلاق وتنافر الطباع.
الأصل في الطلاق الحظر والحكم يدار على دليل الحاجة بسبب العجز عن الإمساك بالمعروف عند عدم موافقة الأخلاق.
والحاجة بسبب العجز أمر مبطن فأقيم دليل الحاجة وهو الإقدام على الطلاق في زمان تجدد الرغبة فيها وهو الطهر الخالي عن الجماع مقامه، وكلما تكرر دليل الحاجة جعلت كأن الحاجة إلى الطلاق تكررت فأبيح تكرار الطلاق المفرق على الأطهار.
نقلوا عن الشافعي: إطلاقه إباحة الطلاق سواء كان مفرقا أو مجمعا.
مستدلاً: بصحة وقوعه والمشروعية لا تجامع الحظر.
وخرَّج تحريم الطلاق حال الحيض: على أن المحرم تطويل العدة عليها لا الطلاق.
وخلاصة جواب الأحناف على الشافعي: هو أنهم ينازعونه في أصل قوله، فالشافعي يرى أن الأصل الإباحة وهم يرون أن الأصل الحضر لجملة من المعاني.
أن استدلال الشافعي على إطلاقه إباحة الطلاق بأنه مشروع لا يصح لأنه يجوز أن يكون الشيء مشروعا لذاته ومحظور لغيره.



قال الكمال ابن الهمام في فتح القدير:
وأما وصفه: فهو أبغض المباحات إلى الله تعالى على ما رواه أبو داود وابن ماجه عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال { إن أبغض المباحات عند الله الطلاق } فنص على إباحته وكونه مبغوضا وهو لا يستلزم ترتب لازم المكروه الشرعي إلا لو كان مكروها بالمعنى الاصطلاحي، ولا يلزم ذلك من وصفه بالبغض إلا لو لم يصفه بالإباحة لكنه وصفه بها ؛ لأن أفعل التفضيل بعدما أضيف إليه ، وغاية ما فيه أنه مبغوض إليه سبحانه وتعالى ولم يترتب عليه ما رتب على المكروه .
ودليل نفي الكراهة:
1- قوله تعالى { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن }
2- وطلاقه صلى الله عليه وسلم حفصة ثم أمره سبحانه وتعالى أن يراجعها فإنها صوامة قوامة
وبه يبطل قول القائلين: لا يباح إلا لكبر كطلاق سودة أو ريبة.
فإن طلاقه حفصة: لم يقرن بواحد منهما .
وأما ما روي { لعن الله كل ذواق مطلاق }
فمحمله: الطلاق لغير حاجة.
بدليل: ما روي من قوله صلى الله عليه وسلم { أيما امرأة اختلعت من زوجها بغير نشوز فعليها لعنة الله والملائكة والناس أجمعين }
ولا يخفى: أن كلامهم فيما سيأتي من التعاليل.
يصرح: بأنه محظور:
1- لما فيه من كفران نعمة النكاح.
2- وللحديثين المذكورين وغيرهما.
وإنما أبيح للحاجة والحاجة ما ذكرنا في بيان سببه فبين الحكمين منهم تدافع.
والأصح: حظره إلا لحاجة للأدلة المذكورة.
ويحمل لفظ المباح: على ما أبيح في بعض الأوقات : أعني أوقات تحقق الحاجة المبيحة ، وهو ظاهر في رواية لأبي داود { ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق }
وإن الفعل: لا عموم له في الزمان.
غير أن الحاجة: لا تقتصر على الكبر والريبة:
فمن الحاجة المبيحة: أن يلقى إليه عدم اشتهائها بحيث يعجز أو يتضرر بإكراهه نفسه على جماعها ، فهذا إذا وقع فإن كان قادرا على طول غيرها مع استبقائها ورضيت بإقامتها في عصمته بلا وطء أو بلا قسم فيكره طلاقه كما كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وسودة ، وإن لم يكن قادرا على طولها أو لم ترض هي بترك حقها فهو مباح ؛ لأن مقلب القلوب رب العالمين .
وأما ما روي عن الحسن: وكان قيل له في كثرة تزوجه وطلاقه فقال : أحب الغنى ، قال الله تعالى { وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته } فهو رأي منه إن كان على ظاهره.
وكل ما نقل عن طلاق الصحابة رضي الله عنهم: كطلاق عمر رضي الله عنه أم عاصم وعبد الرحمن بن عوف تماضر والمغيرة بن شعبة الزوجات الأربع دفعة واحدة فقال لهن : أنتن حسنات الأخلاق ناعمات الأطواق طويلات الأعناق اذهبن فأنتن طلاق فمحمله وجود الحاجة مما ذكرنا.
وأما إذا لم تكن حاجة: فمحض كفران نعمة وسوء أدب فيكره ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
خلاصة النقل عن الكمال ابن الهمام:
الطلاق أبغض المباحات ولا يستلزم الوصف بالبغض الكراهة الشرعية لأنه وصف كذلك بالمباح فهو أبغض المباح.
استدل على نفي الكراهة.
أبطل بالدليل قول من قصر إباحته على كبر أو ريبة.
حمل النص الذي ورد في الوعيد في الطلاق على ما كان لغير حاجة، وحمل نصوص إباحة الطلاق على ما كان لحاجة.
صرح الكمال بأن الأصل فيه الحظر إلا لحاجة بدليل نقلي ومعنى عقلي.
ــــــــــــــــــــــــــ

حاشية ابن عابدين ( رد المحتار على الدر المختار ) :
قال ابن عابدين:
وأما ما رواه أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق ) فالمراد بالحلال ما ليس فعله بلازم الشامل للمباح والمندوب والواجب والمكروه كما قاله الشمني ( بحر).
قلت: لكن حاصل الجواب أن كونه مبغوضا لا ينافي كونه حلالا، فإن الحلال بهذا المعنى يشمل المكروه وهو مبغوض، بخلاف ما إذ أريد بالحلال ما لا يترجح تركه على فعله، وأنت خبير أن هذا: الجواب مؤيد للقول الثاني، ويأتي بعده تأييده أيضا، فافهم.
" قولهم: بإباحته وإبطالهم قول من قال لا يباح إلا لكبر أو ريبة بأنه صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ولم يقترن بواحد منهما مناف لقولهم الأصل فيه الحظر، لما فيه من كفران نعمة النكاح والإباحة للحاجة إلى الخلاص، ولحديث: أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق.
وأجاب في البحر: بأن هذا الأصل لا يدل على أنه محظور شرعا، وإنما يفيد أن الأصل فيه الحظر وترك ذلك بالشرع فصار الحل هو المشروع، فهو نظير قولهم: الأصل في النكاح الحظر، وإنما أبيح للحاجة إلى التوالد والتناسل، فهل يفهم منه أنه محظور فالحق إباحته لغير حاجة طلبا للخلاص منها للادلة المارة اه.
أقول: لا يخفى ما بين الاصلين من الفرق، فإن الحظر الذي هو الاصل في النكاح قد زال بالكلية، فلم يبق فيه حظر أصلا إلا لعارض خارجي بخلاف الطلاق، فقد صرح في الهداية بأنه مشروع فيه ذاته من حيث إنه إزالة الرق، وأن هذا لا ينافي الحظر لمعنى في غيره، وهو ما فيه من قطع النكاح الذي تعلقت به المصالح الدينية والدنيوية اه.
فهذا صريح في أنه مشروع ومحظور من جهتين، وأنه لا منافاة في اجتماعهما لاختلاف الحيثية كالصلاة في الارض المغصوبة، فكون الاصل فيه الحظر لم يزل بالكلية بل هو باق إلى الآن، بخلاف الحظر في النكاح فإنه من حيث كونه انتفاعا بجزء الآدمي المحترم واطلاعا على العورات قد زال للحاجة إلى التوالد وبقاء العالم.
وأما الطلاق فإن الاصل فيه الحظر، بمعنى أنه محظور إلا لعارض يبيحه، وهو معنى قولهم: الاصل فيه الحظر والاباحة للحاجة إلى الخلاص، فإذا كان بلا سبب أصلا لم يكن فيه حاجة إلى الخلاص، بل يكون حمقا وسفاهة رأي ومجرد كفران النعمة وإخلاص الايذاء بها وبأهلها وأولادها، ولهذا قالوا: إن سببه الحاجة إلى الخلاص عند تباين الاخلاق وعروض البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله تعالى، فليست الحاجة مختصة بالكبر والريبة كما قيل، بل هي أعم كما اختاره في الفتح، فحيث تجرد عن الحاجة المبيحة له شرعا يبقى على أصله من الحظر، ولهذا قال تعالى: * (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا)([1]) أي لا تطلبوا الفراق، وعليه حديث أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق قال في الفتح: ويحمل لفظ المباح على ما أبيح في بعض الأوقات: أعني أوقات تحقق الحاجة المبيحة ا.ه.
وإذا وجدت الحاجة المذكورة أبيح، وعليها يحمل ما وقع منه صلى الله عليه وسلم ومن أصحابه وغيرهم من الأئمة صونا لهم عن العبث والإيذاء بلا سبب، فقوله في البحر: إن الحق إباحته لغير حاجة طلبا للخلاص منها، إن أراد بالخلاص منها الخلاص بلا سبب كما هو المتبادر منه فهو ممنوع لمخالفته لقولهم: إن إباحته للحاجة إلى الخلاص، فلم يبيحوه إلا عند الحاجة إليه لا عند مجرد إرادة الخلاص، وإن أراد الخلاص عند الحاجة إليه فهو المطلوب.
وقوله في البحر أيضا: إن ما صححه في الفتح اختيار للقول الضعيف وليس المذهب عن علمائنا، فيه نظر، لان الضعيف هو عدم إباحته إلا لكبر أو ريبة.
والذي صححه في الفتح عدم التقييد بذلك كما هو مقتضى إطلاقهم الحاجة.
وبما قررناه أيضا زال التنافي بين قولهم بإباحته، وقولهم إن الاصل فيه الحظر لاختلاف الحيثية، وظهر أيضا أنه لا مخالفة بين ما ادعاه أنه المذهب وما صححه في الفتح، فاغتنم هذا التحرير فإنه من فتح القدير.
نتائج النقل عن حاشية ابن عابدين:
في الدر المختار: أن مذهب الأحناف هو أن الطلاق مباح من حيث الأصل.
نقل ابن عابدين عن بعض الأحناف: أن القول بأن الأصل في الطلاق الحظر لا يشكل مع قوله عليه الصلاة والسلام "أبغض الحلال.." فإن الحلال ما ليس فعله بلازم فيشمل المباح والمندوب والواجب والمكروه.
لكن قيد ابن عابدين هذا الإطلاق للمباح: بالمكروه بخلاف المباح الذي لا يترجح تركه على فعله فإنه لا يقال عن هذا إنه مبغوض.
أورد ابن عابدين على الأحناف إشكالا:
وهو أنهم:
1- قالوا بإباحة الطلاق.
2- إبطالهم قول من قال لا يباح إلا لكبر أو ريبة.
وأن هذا ينافي قولهم: إن الأصل في الطلاق الحظر.
فنقل جواباً لهم: أن القول بأن الأصل في الطلاق الحظر لا يدل على أنه محظور شرعا وإنما يفيد أن الأصل فيه الحظر وترك ذلك بالشرع فصار الحل هو المشروع.
مثل قولهم في النكاح: إن الأصل فيه الحظر وأبيح للحاجة إلى التوالد والناسل.
ولم يرتض ابن عابدين هذا الجواب وقال بالفرق بين قولهم في النكاح وقولهم في الطلاق:
فإن الحظر في النكاح قد زال بالكلية، فلم يبق فيه حظر أصلا إلا لعارض خارجي بخلاف الطلاق، فقد صرحوا في الهداية بأنه مشروع في ذاته وأن هذا لا ينافي الحظر لمعنى في غيره من تفويت مصالح النكاح الدنيوية والأخروية.
فالطلاق مشروع ومحظور من جهتين، وأنه لا منافاة في اجتماعهما لاختلاف الحيثية كالصلاة في الأرض المغصوبة.
ثم عاد ابن عابدين فقرَّر جازما:
أن الأصل في الطلاق الحظر، بمعنى أنه محظور إلا لعارض يبيحه، فحيث تجرد عن الحاجة المبيحة له شرعا يبقى على أصله مِن الحظر.
أن القول الضعيف عند الأحناف: هو عدم إباحة الطلاق إلا لكبر أو ريبة.
وأن الصحيح عندهم: هو عدم تقييد إباحة الطلاق بالكبر والريبة وأن العبرة بالحاجة مطلقا.
ثم ختم ابن عابدين بأن ما قرره:
يزول به التنافي بين قولهم بإباحة الطلاق وقولهم: إن الأصل فيه الحظر لاختلاف الحيثية..ثم حض رحمه الله على اغتنام هذا التحرير فإنه من فتح القدير.
قال أبو فراس:
ولقد كنت موفقا والحمد لله في الأولى والآخرة حين ختم الله لي هذا البحث المختصر بجملة ابن عابدين فإن الأمر كما قال.
لكن أضيف مما سبق من النقل عن الأحناف:
أن مذهب الأحناف اشتمل على اتجاهين واضحين في حكم الطلاق من حيث الأصل ، فإن ابن عابدين وإن حرر المسألة وأعادها إلى أصولها وأن الصواب أن الأصل في الطلاق عندهم هو أنه للحظر، إلا أننا لا يمكننا أن نتجاوز الاتجاه الواضح عند الأحناف في اعتبار أن الأصل في الطلاق هو الإباحة كيف وقد تبناه السرخسي في المبسوط.
هناك قول ثالث في المسألة حكاه الزيلعي في تبيين الحقائق وهو التفصيل بجوازه بشرطه وهو أن يكون التسريح بإحسان بأن يوفيها المهر ونفقة العدة.
حكى البابرتي في العناية القولين في المسألة واعتبر أن القول بإباحته هو قول العامة.
نسب البابرتي القول بأن الأصل في الطلاق الحظر إلى الإمام مالك.
الأصل في الطلاق هو الحظر لأنه قطع النكاح الذي هو سنة فيكون محظورا .
والإباحة إنما تكون لحاجة الخلاص والضرورة بتباين الأخلاق وتنافر الطباع.
الأصل في الطلاق الحظر والحكم يدار على دليل الحاجة بسبب العجز عن الإمساك بالمعروف عند عدم موافقة الأخلاق.
والحاجة بسبب العجز أمر مبطن فأقيم دليل الحاجة وهو الإقدام على الطلاق في زمان تجدد الرغبة فيها وهو الطهر الخالي عن الجماع مقامه، وكلما تكرر دليل الحاجة جعلت كأن الحاجة إلى الطلاق تكررت فأبيح تكرار الطلاق المفرق على الأطهار.
نقلوا عن الشافعي: إطلاقه إباحة الطلاق سواء كان مفرقا أو مجمعا.
مستدلاً: بصحة وقوعه والمشروعية لا تجامع الحظر.
وخرَّج تحريم الطلاق حال الحيض: على أن المحرم تطويل العدة عليها لا الطلاق.
وخلاصة جواب الأحناف على الشافعي: هو أنهم ينازعونه في أصل قوله، فالشافعي يرى أن الأصل الإباحة وهم يرون أن الأصل الحضر لجملة من المعاني.
أن استدلال الشافعي على إطلاقه إباحة الطلاق بأنه مشروع لا يصح لأنه يجوز أن يكون الشيء مشروعا لذاته ومحظور لغيره.
خلاصة النقل عن الكمال ابن الهمام:
الطلاق أبغض المباحات ولا يستلزم الوصف بالبغض الكراهة الشرعية لأنه وصف كذلك بالمباح فهو أبغض المباح.
دلل ابن الهمام على نفي الكراهة وأبطل قول من قصر إباحته على كبر أو ريبة.
حمل النص الذي ورد في الوعيد في الطلاق على ما كان لغير حاجة، وحمل نصوص إباحة الطلاق على ما كان لحاجة.

([1]) * (سورة النساء: الآية 43)
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
مذهب الحنابلة:
قال ابن قدامة رحمه الله في صدر كتاب الطلاق من كتابه المغني:
وهو مشروع والأصل في مشروعيته الكتاب والسنة والإجماع:
أما الكتاب: فقول الله تعالى : { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان }
وقال تعالى { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن }
وأما السنة: فما [ روى ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : مره فليراجعها ثم ليتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء ] متفق عليه في آي وأخبار سوى هذين كثير.
وأجمع العلماء: على جواز الطلاق.
والعبرة دالة على جوازه: فإنه ربما فسدت الحال الزوجين فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة وضررا مجردا بإلزام الزوج النفقة والسكنى وحبس المرأة مع سوء العشرة والخصومة الدائمة من غير فائدة فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح لتزول المفسدة الحاصلة منه."([2])
قال ابن قدامة في المغني:
"ومكروه : وهو لا طلاق من غير حاجة إليه.
وقال القاضي فيه روايتان:
إحداهما: أنه محرم([3]):
1- لأنه ضرر بنفسه وزجته.
2- وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه فكان حراما كإتلاف المال
3- ولقول النبي صلى الله عليه و سلم : [ لا ضرر ولا ضرار ]
والثانية : أنه مباح:
1) لقول النبي صلى الله عليه و سلم : [ أبغض الحلال إلى الله الطلاق ] وفي لفظ [ ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق ] رواه أبو داود وإنما يكون مبغضا من غير حاجة إليه وقد سماه النبي صلى الله عليه و سلم حلالا.
2) ولأنه مزيل للنكاح المشتمل على المصالح المندوب إليها فيكون مكروها."([4])
كما حكى صاحب الإنصاف رواية ثالثة، قال المرداوي:
وعنه : يباح فلا يكره ويحرم. ([5])
قال أبو فراس:
واستقر مذهب الحنابلة على الاقتصار على إطلاق الكراهة من غير تحريم على إحدى الروايتين السابقتين([6]) وصححه في الإنصاف وقال: إن عليه الأصحاب([7]):

ـــــــــــــــــــــــ

([2]) المغني


([3]) وحكاها كذلك صاحب الإنصاف رواية عن الإمام أحمد، وقال: وأطلقهما في الهداية و المذهب و مسبوك الذهب و المستوعب.


([4]) المغني

([5]) الانصاف في معرفة الراجح من الخلاف

([6]) كشاف القناع عن متن الإقناع ، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى.

([7]) الانصاف في معرفة الراجح من الخلاف
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
لم أجد لابن حزم رحمه الله كلاما في المحلى وإنما تكلم مباشرة عن أحكام الطلاق الوضعية ، وهذه الطريقة مرت علي كثيرا فهم يباشرون في أحكام وقوع الطلاق من غير التعرض لحكمه التكليفي، ومن هؤلاء ابن رشد في بداية المجتهد.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
مذهب الشافعي:

نعيد نقل ما سبق من الأحناف في نقل ومناقشة قول الشافعي رحمه الله:


نقل برهان الدين المرغيناني في كتابه الهداية عن الشافعي رحمه الله قوله:
"كل الطلاق مباح لأنه تصرف مشروع حتى يستفاد به الحكم والمشروعية لا تجامع الحظر، بخلاف الطلاق في حالة الحيض ؛ لأن المحرم تطويل العدة عليها لا الطلاق"
ثم شرح البابرتي كلام الشافعي فقال:
وقال الشافعي : (كل طلاق مباح ) يعني في حد ذاته ، وإنما قلت ذلك لئلا يرد على تعميمه الطلاق حالة الحيض وفي طهر قد جامعها فيه ، فإن الطلاق في هذين الوقتين حرام عنده أيضا .
قال في تعليله : ( لأنه تصرف مشروع حتى يستفاد به الحكم ) وهو وقوع الطلاق ، وكل ما هو مشروع لا يكون محظورا ؛ لأن المشروعية لا تجامع الحظر .
قال أبو فراس:
إذن الشافعي يستدل بصحة وقوع الطلاق في سائر صوره على إباحته من حيث الأصل لأن المشروعية كما قال الزيلعي لا تجامع الحضر.
ثم قال الزيلعي مسشكلاً على الشافعي:
فإن قيل: فكيف يصح العموم والطلاق في حالة الحيض حرام ؟
أجاب بقوله : ( بخلاف الطلاق في حالة الحيض ؛ لأن المحرم تطويل العدة عليها لا الطلاق) وكذلك يقول المحرم فيما إذا طلقها في طهر جامعها فيه التباس أمر العدة عليها فإنه إذا طلقها فيه يلتبس أمر العدة عليها لا يدري أهي حامل فتعتد بوضع الحمل أو حائل فتعتد بالأقراء .
قال أبو فراس:
إذن الشافعي يطلق القول بإباحة الطلاق مستدلاً بصحة وقوعه ويخرِّج تحريم الطلاق حال الحيض على أن المحرم تطويل العدة عليها لا الطلاق.
ثم قال الشافعي:
لا أعرف في الجمع بدعة ولا في التفريق سنة بل الكل مباح.
فأجابه المرغيناني وعليه حاشية البابرتي:
( ولنا: أن الطلاق الأصل فيه الحظر لما فيه من قطع النكاح الذي تعلقت به المصالح الدينية) من تحصين الفرج عن الزنا المحرم في جميع الأديان ( والدنيوية ) لما فيه من المسكن والازدواج واكتساب الولد ، وكل ما هو كذلك ينبغي أن لا يجوز وقوعه في الشرع إلا أنه أبيح للحاجة إلى الخلاص كما تقدم ، ولا حاجة إلى الجمع بين الثلاث .
( قوله : والمشروعية في ذاته ) جواب عن قوله : والمشروعية لا تجامع الحظر .
ووجهه: أن المشروع لذاته لا يجوز أن يكون محظورا لذاته أما إذا كانت المشروعية لذاته والحظر لمعنى في غيره كما ذكرنا من فوات مصالح الدين والدنيا فلا تنافي إذ ذاك كالبيع وقت النداء والصلاة في الأرض المغصوبة وقد قررناه في التقرير ، وكذا إيقاع الثنتين في الطهر الواحد بدعة لما قلنا : إنه لا حاجة إلى الجمع بين الثلاث.
قال أبو فراس:
خلاصة جواب المرغيناني مع حاشية البابرتي على قول الشافعي من إطلاق إباحة الطلاق لصحة وقوعه سواء كان مفرقا أو مجمعا= هو ما يلي:
أنهم ينازعون الشافعي في أصل قوله، فالشافعي يرى أن الأصل الإباحة وهم يرون أن الأصل الحضر لجملة من المعاني.
أن الطلاق إنما أبيح للحاجة.
أن استدلال الشافعي على إطلاقه إباحة الطلاق بأنه مشروع لا يصح لأن هذا إنما يكون لو أننا قلنا: إنه مشروع لذاته ومحظور لذاته، أما ونحن نقول – أي الأحناف – إنه مشروع لذاته ومحظور لغيره بجملة من المعاني فلا يرد ما ذكر.
قال أبو فراس:
وهذا الكلام من الأحناف ليس تراجعا عن قولهم: إن الأصل في الطلاق الحظر، فإنه يصح أن يتمسكوا بهذا الأصل مع قولهم – بل هو محل اتفاق - إن الطلاق مشروع من حيث الجملة لكن إذا خلا الطلاق من الأسباب الداعية له فإنه يكون محرما لتفويته مصالح الدين والدنيا.
خلاصة النقل عن الهداية وحاشة البابرتي:

نقلوا عن الشافعي: إطلاقه إباحة الطلاق سواء كان مفرقا أو مجمعا.
مستدلاً: بصحة وقوعه والمشروعية لا تجامع الحظر.
وخرَّج تحريم الطلاق حال الحيض: على أن المحرم تطويل العدة عليها لا الطلاق.
وخلاصة جواب الأحناف على الشافعي: هو أنهم ينازعونه في أصل قوله، فالشافعي يرى أن الأصل الإباحة وهم يرون أن الأصل الحضر لجملة من المعاني.
أن استدلال الشافعي على إطلاقه إباحة الطلاق بأنه مشروع لا يصح لأنه يجوز أن يكون الشيء مشروعا لذاته ومحظور لغيره.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
مذهب الشافعية:


سبق أن نقلنا عن برهانالدين المرغيناني في كتابه الهداية عن الشافعي رحمه الله قوله:


"كل الطلاق مباح لأنه تصرف مشروع حتىيستفاد به الحكم والمشروعية لا تجامع الحظر، بخلاف الطلاق في حالة الحيض ؛ لأن المحرم تطويل العدة عليها لا الطلاق"


وهذه الجملة التي نقلها المرغيناني لم أجدها في "الأم" ولا في مختصر المزني ولا في نهاية المطلب ولا الحاوي الكبير للماوردي ولا المجموع للنووي، وقد أجريت محرك البحث في المكتبة الشاملة وجامع الفقه الإسلامي فلم أخرج بنتيجة.


وعلى كل حال فأحرفها هي أحرف الشافعي ونفسها نفس الشافعي وهي جارية من جهة السياق والمعنى على الطريقة التي ذكرها الشافعي في الأم، والتي سأنقلها الآن:


عقد الشافعي في الأم([1]) ومن بعده تلميذه المنزني في مختصره([2]) بابا في إباحة الطلاق أورد فيه الشافعي الآيات الدالة على إباحة الطلاق:


" قال الشافعي : قال الله عز و جل : { إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن }


وقال : { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن }


وقال : { إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن } الآية


وقال : { وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج }


وقال : { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان }


مع ما ذكرته من الطلاق في غير ما ذكرت ودلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم من إباحة الطلاق فالطلاق مباح لكل زوج لزمه الفرض ومن كانت زوجته لا تحرم من محسنة ولا مسيئة في حال إلا أنه ينهى عنه لغير قبل العدة وإمساك كل زوج محسنة أو مسيئة بكل حال مباح إذا أمسكها بمعروف وجماع المعروف إعفاها بتأدية الحق."


ثم عقد الشافعي رحمه الله بابا في كيفية إباحة الطلاق:


" قال الشافعي رحمه الله : اختار للزوج أن لا يطلق إلا واحدة ليكون له الرجعة في المدخول بها ويكون خاطبا في غير المدخول بها ومتى نكحها بقيت له اثنتان من الطلاق ولا يحرم عليه أن يطلق اثنتين ولا ثلاثا لأن الله تبارك وتعالى أباح الطلاق وما أباح فليس بمحظور على أهله وأن النبي صلى الله عليه و سلم علم عبد الله بن عمر موضع الطلاق ولو كان في عدد الطلاق مباح علمه ومحظور علمه إن شاء الله تعالى إياه لأن من خفي عليه أن يطلق امرأته طاهرا كان ما يكره من عدد الطلاق ويجب لو كان فيه مكروه أشبه أن يخفى عليه."([3])


نتائج النقل عن الشافعي:


الشافعي رحمه أطلق القول بإباحة الطلاق مستدلا بالنصوص المشرعة للطلاق، فقد أباحه الله وما أباحه فليس بمحظور على أهله، ولا فرق عنده في ذلك بين المحسنة والمسيئة سواء في الإمساك أو في الطلاق.


والطلاق مباح لأنه تصرف مشروع حتىيستفاد به الحكم والمشروعية لا تجامع الحظر.


وخرج الطلاق في حالة الحيض أنالمحرم تطويل العدة عليها لا الطلاق.


قال إمام الحرمين في نهاية المطلب:
"قال الأئمة: إيقاع الطلاق في الأصل مكروه من غير حاجة، واحتجوا عليه بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق"، وأحبها إليه العتاق"


والفقهاء قد يتساهلون في إطلاق الكراهية، وأرباب الأصول لا يطلقون هذا اللفظ إلا على تثبت، فإن ظهر غرض يستحث على الطلاق كمخيلة ريبة واستشعار نشوز، فالكراهية لا تتحقق، وإذا كان لا يهواها وربما لا تسمح نفسه بالتزام مؤنتها من غير حصول غرض الاستمتاع فلا كراهية في الطلاق والحالة هذه.


فالكراهية لا يتجه إطلاقها إلا عند زوال الحاجات والأغراض التي يطلق العقلاء لأجلها، وإن لم يكن غرض ولا حاجة فلا بأس بإطلاق الكراهية."([4])


نتائج النقل عن إمام الحرمين في كتابه نهاية المطلب:


نقل عن الأئمة أن الأصل في إيقاع الطلاق مكروه من غير حاجة.


الفقهاء قد يتساهلون في إطلاق الكراهية، وأرباب الأصول لا يطلقون هذا اللفظ إلا على تثبت.


إن ظهر غرض يستحث على الطلاق كمخيلة ريبة واستشعار نشوز، فالكراهية لا تتحقق.


الكراهية لا يتجه إطلاقها إلا عند زوال الحاجات والأغراض التي يطلق العقلاء لأجلها.


إن لم يكن غرض ولا حاجة فلا بأس بإطلاق الكراهية.


يقول العمراني في شرحه على المهذب:


"الطلاق على أربعة أضرب:


واجب ومستحب ومكروه ومحرم:


فأما الواجب:


1- فهو طلاق الحكمين عند شقاق الزوجين - إذا قلنا: إنهما حكمان –


2- وكذلك طلاق المؤلى إذا انقضت مدة الايلاء وامتنع من الفئ.


وأما المستحب:


فأن تقع الخصومة بين الزوجين وخافا أن لا يقيما حدود الله، فيستحب له أن يطلقها، لما روى أن رجلا قال: يا رسول الله إن إمرأتى لا ترد يد لامس فقال: طلقها، فقال: إنى أحبها، قال: أمسكها.


وأما المكروه:


فأن تكون الحال بينهما مستقيمة ولا يكره شيئا من خلقها ولا دينها، فيكره أن يطلقها، لقوله صلى الله عليه وسلم (أبغض الحلال إلى الله الطلاق).


وأما المحرم:


فهو طلاق المرأة المدخول بها في الحيض أو في الطهر الذى جامعها فيه قبل أن يتبين حملها، ويسمى طلاق البدعة."([5])


قال زكريا الأنصاري في أزكى المطالب:


قَالَ شَيْخُنَا قَدْقَسَّمَ الْأَصْحَابُ الطَّلَاقَ إلَى:


وَاجِب:


1- كَطَلَاقِ الْمَوْلَى.


2- وَطَلَاقِ الْحَكَمَيْنِ فِي الشِّقَاقِ إذَارَأَيَاهُ


وَإِلَى مُسْتَحَبٍّ:


1- كَمَا إذَاكَان يُقَصِّرُ فِي حَقِّهَا لِبُغْضٍ أَو ْغَيْرِهِ


2- أَوْكَانَت غَيْرَ عَفِيفَةٍ


3- أَوْسَيِّئَةَ الْخُلُقِ


وَإِلَى مَحْظُورٍ:


كَطَلَاقِ الْبِدْعَةِ.


وَإِلَى مَكْرُوهٍ:


وَهُوَ عِنْدَ اسْتِقَامَةِ الْحَالِ.


قَالُوا:


وَلَيْسَ فِيهِ مُبَاحٌ، وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى جَوَازِهِ إذَاكَانَ لا شَهْوَةَ لَهُ وَلَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِمُؤْنَتِهَا مِنْ غَيْرِحُصُولٍ فَإِنَّهُ لَايُكْرَهُ طَلَاقُهَا.

قال ابن حجر الهيتيمي في تحفة المحتاج:


وهو إما واجب :


1- كطلاق مول لم يرد الوطء.


2- وحكمين رأياه .


أو مندوب:


1- كأن يعجز عن القيام بحقوقها ولو لعدم الميل إليها


2- أو تكون غير عفيفة ما لم يخش الفجور بها ومن ثم أمر صلى الله عليه وسلم من قال له إن زوجتي لا ترد يد لامس أي لا تمنع من يريد الفجور بها على أحد أقوال في معناه بإمساكها خشية من ذلك .


ويلحق بخشية الفجور بها: حصول مشقة له بفراقها تؤدي إلى مبيح تيمم وكون مقامها عنده أمنع لفجورها فيما يظهر فيهما


3- أو سيئة الخلق أي بحيث لا يصبر على عشرتها عادة فيما يظهر ، وإلا فمتى توجد امرأة غير سيئة الخلق .


وفي الحديث { المرأة الصالحة في النساء كالغراب الأعصم } كناية عن ندرة وجودها إذ الأعصم ، وهو أبيض الجناحين وقيل الرجلين أو إحداهما كذلك.


1- أو يأمره به أحد والديه أي من غير نحو تعنت كما هو شأن الحمقى من الآباء والأمهات ومع عدم خوف فتنة أو مشقة بطلاقها فيما يظهر.


أو حرام:


كالبدعي.


أو مكروه:


بأن سلم الحال عن ذلك كله للخبر الصحيح { ليس شيء من الحلال أبغض إلى الله من الطلاق } ، وإثبات بغضه تعالى له المقصود منه زيادة التنفير عنه لا حقيقته لمنافاتها لحله.


ومن ثم قالوا:


ليس فيه مباح.


لكن صوره الإمام: بما إذا لم يشتهها أي شهوة كاملة لئلا ينافي ما مر في عدم الميل إليها ولا تسمح نفسه بمؤنتها من غير تمتع."


نتائح هذه النقول:


أن الطلاق مكروه عند استقامة الحال.


أن الطلاق يرد عليه الأحكام الأربعة، وليس فيه مباح.


أنهم نقلوا عن الإمام (أي أبي المعالي الجويني) أن منه ما هو مباح، وقد سبق نقل نصه في نهاية المطلب.


ـــــــــــــــــــ


النتيجة النهائية للنقولات عن الشافعية:


مع إطلاق الشافعي إباحة الطلاق وأنه لا فرق فيه بين محسنة ولا مسيئة إلا أن أصحابه استجازوا إطلاق الكراهة عند استقامة الحال، فإما أن مقصود الشافعي بالإباحة أي عدم التحريم وحينئذ لا تنافي بين إطلاق الإباحة وبين إطلاق الكراهة، فالمكروه مباح من جهة أنه يجوز فعله من غير حظر.


تتوارد على الأطلاق الأحكام الأربعة إلا المباح، بيد أن الإمام وهو أبو المعالي الجويني ذكر صورة للإباحة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) الأم - (ج 5 / ص 264)


([2])مختصر المزني (ص 188)



([3])الأم - (ج 5 / ص 264)


([4]) نهاية المطلب في دراسة المذهب (14/11)


([5]) البيان في مذهب الإمام الشافعي للعمراني (10/77)، ونقله المطيعي في تكملته للمجموع (ج 17 / ص 77)
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
مذهب المالكية:


كثير من كتب المالكية لم تتعرض لحكم الطلاق الشرعي وإنما يباشرون الكلام في أحكام وقوع الطلاق ومن تلك الكتب : الذخيرة للقرافي والمقدمات الممهدات والبيان والتحصيل لابن رشد الجد ( الكتاب غير مرتب ترتيب موضوعي، ولهذا لا أجزم بعدم تعرضه للمسألة) ، وبداية المجتهد للحفيد والاستذكار لابن عبد البر.....


وأتمنى من الإخوة أن يفيدوني بالنقول عن المالكية لاسيما الكتب المتقدمة، لكن المتأخرة لا أظن أنها ستخرج كثيرا عما سأنقله هنا عن الحطاب في مواهب الجليل:


قال في مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل :
صرف الخطابي الكراهة في حديث : أبغض الحلال إلى الله الطلاق لسوء العشرة لا للطلاق لإباحة الله تعالى وفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
( قلت ): الأقرب منه كونه منه صلى الله عليه وسلم كان لسبب رجحه.
ومحمل كونه أبغض: أنه أقرب الحلال إلى البغض فنقيضه أبعد من البغض فيكون أحل من الطلاق.
اللخمي:
إن كان الزوجان على أداء كل منهما حق صاحبه: استحب البقاء وكره الطلاق.
وإن كانت الزوجة غير مؤدية حقه: كان مباحا.
فإن كانت غير صبية: استحب له فراقها إلا إن تعلق نفسه بها.
وإن فسد ما بينهما ولا يكاد يسلم دينه معها: وجب الفراق.
زاد ابن بشير:
حرمته: وهو إذا خيف من وقوعه ارتكاب كبيرة.
وجعله ما جعله اللخمي مباحا مندوبا وجعله اللخمي مندوبا مباحا ، انتهى .


نتيجة هذا النقل:


النتيجة هنا لا تختلف كثيرا عن النتيجة التي ذكرناها عن الشافعية إلا من جهة أن الإمام الشافعي له كلام منصوص في هذه المسألة بخلاف الإمام مالك فلم أقف على أي نقل له ولا أستبعد إن تتبعنا سؤالات أصحابه في البيان والتحصيل وفي النوادر والزيادات أن نجد له إشارة على حكم مسألتنا.


ونقول هنا:


نستفيد من النقل عن كتاب مواهب الجليل:


أن حكم الطلاق عند استقامة الحال مكروه.


حكم الطلاق تتوارد عليه الأحكام الخمسة وهذا بخلاف الشافعية الذين تباينوا في صحة تصوير المباح في حكم الطلاق على طريقتين كما سبق.


------------------------


فائدة:


في البيان والتحصيل لابن رشد الجد ما يلي:


مسألة: وسئل مالك عن الرجل يهوى المرأة فيريد أن يتزوجها فيقضي منها لذته وليس من شأنه أن يمسكها إذا قضى منها لذته ويفارقها بعد أن يشتفي منها، قال: لا بأس بذلك، وليس هذا بجميل من أخلاق الناس ولا أحسب إلا أن من النساء من لو علمت بذلك لم ترض أن تتزوج مثل هذا.


قال أبو فراس:


هذه المسألة المعروفة النكاح بنية الطلاق لكن فيه إشارة إلى جواز الطلاق عند الإمام مالك من غير سبب، وإن كره هذا الطلاق واعتبره مناف لجميل أخلاق الناس ثم دلل بأن المرأة لو علمت بذلك لم ترض أن تتزوج مثل هذا.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
عقد ابن أبي شيبة في مصنفه ثلاثة أبواب تتعلق بما نحن فيه:


الأول:


ما ذكر في الرخصة من الطلاق:



19249 - حدثنا أبو بكر قال نا وكيع قال نا إسرائيل عن جابر عن عامر قال:


أشهد أن النبي صلى الله عليه و سلم قد طلق


19250 - حدثنا أبو بكر قال نا إسرائيل عن جابر عن أبي جعفر قال:


طلق النبي صلى الله عليه و سلم امرأتين إحداهما من بني عامر


19251 - حدثنا أبو بكر قال نا وكيع عن إسرائيل عن جابر عن مجاهد قال:


لم يكن النبي يطلق إنما كان يعزل.


19252 - حدثنا أبو بكر قال نا هشيم عن أبيه عن عمر:


أنه تزوج امرأة من بني مخزوم عاقرا فطلقها ثم قال ما آتي النساء على لذة فلولا الولد ما أردتهن


19253 - حدثنا أبو بكر قال نا وكيع عن قتادة:


أن عمر تزوج امرأة فإذا هي شمطاء فطلقها


19254 - حدثنا أبو بكر قال نا وكيع قال نا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال طلق خالد بن الوليد امرأته فقال أما إني لم أطلقها من أمر ساءني ولكن لم يصبها عندي بلاء


19255 - حدثنا أبو بكر قال نا وكيع قال نا موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب القرظي وعبد الله بن عبيدة وعمر بن الحكم أن النبي صلى الله عليه و سلم تزوج امرأة من بني الجون فطلقها وهي التي استعاذت منه.


نستخلص من هذا الباب الفوائد التالية:


أن النبي صلى الله عليه وسلم قد طلق، وقيل طلق امرأتين، ونسبت المطلقة في بعض الروايات إلى بني عامر ، وفي بعضها إلى بني الجون.


جاء في بعضا الروايات: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يطلق إنما كان يعزل.


أن عمر بن الخطاب طلق امرأة لأنها عاقر وقال:إنه لا يأتي النساء على لذة فلولا الولد ما أرادهن.


أن عمر تزوج امرأة فإذا هي شمطاء فطلقها


أن خالد بن الوليد طلق امرأته وقال: أما إني لم أطلقها من أمر ساءني ولكن لم يصبها عندي بلاء.


هذه الفوائد يعوزها أمران:


1- تحقيق حكمها الحديثي من جهة الصحة والضعف.


2- تحقيق حكمها الفقهي من جهة النظر في دلالتها.


قال أبو فراس:


استطراد:

في مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل فائدة غريبة وهي زواج امرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن طلقها عليه الصلاة والسلام وقبل أن ينزل عليه تحريم نسائه:
قال الحطاب في مواهب الجليل:
( فائدة ) ثبت عليه السلام أنه { طلق حفصة بنت عمر ثم راجعها وطلق العالية بنت ظبيان وهي كان يقال لها أم المساكين ونكحت في حياته قبل أن ينزل عليه تحريم نسائه وأول من طلق إسماعيل عليه السلام } ، انتهى .
بالمعنى من أول كتاب الطلاق من المتيطي ، والله أعلم .

ــــــــــــــ


نرجع إلى أبواب ابن أبي شيبة رحمه الله:


الباب الثاني:


عقده ابن أبي شيبة في ( من كره الطلاق والخلع ) ، قال رحمه الله:


19256 - حدثنا أبو بكر قال نا وكيع قال نا سلام بن قاسم الثقفي عن أبيه: عن أم سعيد سرية كانت لعلي قالت: قال علي: يا أم سعيد قد اشتقت أن أكون عروسا قالت: وعنده يومئذ أربع نسوة فقلت: طلق إحداهن واستبدل فقال: الطلاق قبيح أكرهه.


قال أبو فراس:


هذا الأثر إن صح فهو يدل على أن علي بن أبي طالب مع حاجته إلى الطلاق إلا أنه امتنع منه لأن الطلاق قبيح وهو يكرهه.


الباب الثالث عقده ابن أبي شيبة في ذكر الكراهية للنساء أن يطلبن الخلع:


قال رحمه الله:


( ( 271 ) ما كره من الكراهية للنساء أن يطلبن الخلع:


19257 - حدثنا أبو بكر قال نا وكيع قال نا أبو الأشهب عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إن المختلعات والمنتزعات هن المنافقات


19258 - حدثنا أبو بكر قال نا وكيع عن سفيان عن خالد وأيوب عن أبي قلابة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس لم ترح رائحة الجنة


19259 - حدثنا أبو بكر قال نا أبو أسامة عن أيوب عن ابي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه و سلم بنحوه


19260 - حدثنا أبو بكر قال نا وكيع قال نا حماد بن زيد عن أبي عبد الله الثقفي أن امراة اختلعت من زوجها فقال إبراهيم أما إنها مخاصمتك عند الله يوم القيامة


19261 - حدثنا أبو بكر قال نا وكيع قال نا أبو هلال عن عبد الله بن بريدة قال قال عمر بن الخطاب إذا أراد النساء الخلع فلا تكفروهن


19262 - حدثنا أبو بكر قال نا وكيع قال نا هشام بن عروة عن أبيه قال قال عمر لا تكرهوا فتياتكم على الرجل الذميم فإنهن يحببن من ذلك ما تحبون.


الفوائد من هذا الباب:


الوعيد لمن اختلعت من زوجها من غير سبب، والوعيد لمن أحوج امرأته إلى الخلع.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
قال ابن العربي المالكي في أحكام القرآن:


قوله تعالى : { فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا } المعنى :


إن وجد الرجل في زوجته كراهية ، وعنها رغبة ، ومنها نفرة من غير فاحشة ولا نشوز فليصبر على أذاها وقلة إنصافها ، فربما كان ذلك خيرا له .


أخبرني أبو القاسم بن أبي حبيب بالمهدية ، عن أبي القاسم السيوري عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال :


كان الشيخ أبو محمد بن أبي زيد من العلم والدين في المنزلة المعروفة ، وكانت له زوجة سيئة العشرة ، وكانت تقصر في حقوقه ، وتؤذيه بلسانها فيقال له في أمرها فيسدل بالصبر عليها ، وكان يقول : أنا رجل قد أكمل الله علي النعمة في صحة بدني ومعرفتي ، وما ملكت يميني ، فلعلها بعثت عقوبة على ديني ، فأخاف إذا فارقتها أن تنزل بي عقوبة هي أشد منها .


المسألة التاسعة : قال علماؤنا : في هذا دليل على كراهية الطلاق.


وقال ابن العربي أيضا:


الآية الثالثة والخمسون :


قوله تعالى : { وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا }


قالت عائشة : هي المرأة تكون عند الرجل ليس بمستكثر منها أن يفارقها ، فيقول : أجعلك من شأني في حل ، فنزلت الآية .


قال القاضي رضوان الله عليه وعلى الصديقة الطاهرة : لقد وفت ما حملها ربها من العهد في قوله : { واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة } .


ولقد خرجت في ذلك عن العهد .


{ وهذا كان شأنها مع سودة بنت زمعة لما أسنت أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلقها فآثرت الكون مع زوجاته .


فقالت له : امسكني واجعل يومي لعائشة ، ففعل صلى الله عليه وسلم وماتت وهي من أزواجه } .


وقد صرح ابن أبي مليكة بذلك فقال : نزلت هذه الآية في عائشة .


وفي هذه الآية رد على الرعن الذين يرون الرجل إذا أخذ شباب المرأة وأسنت لا ينبغي له أن يتبدل بها ، فالحمد لله الذي رفع حرجا وجعل من هذه الضيقة مخرجا .


قال أبو فراس:


في هذين النقلين عن ابن العربي فوائد:


نقل عن العلماء الاستفادة من الآية الأولى كراهية الطلاق.

أن المرأة إذا أسنت وذهب شبابها فلا بأس أن يتبدل بها.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يقول أبو بكر الجصاص الرازي الحنفي في كتابه "أحكام القرآن":


وقوله تعالى : { فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا } يدل على أنه مندوب إلى إمساكها مع كراهة لها


وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يوافق معنى ذلك :


1- حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا كثير بن عبيد قال : حدثنا محمد بن خالد عن معروف بن واصل عن محارب بن دثار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق } .


2- وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا محمد بن خالد بن يزيد النيلي قال : حدثنا مهلب بن العلاء قال : حدثنا شعيب بن بيان عن عمران القطان عن قتادة عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { تزوجوا ولا تطلقوا فإن الله لا يحب الذواقين والذواقات } .


فهذا القول من النبي صلى الله عليه وسلم موافق لما دلت عليه الآية من كراهة الطلاق والندب إلى الإمساك بالمعروف مع كراهته لها ، وأخبر الله تعالى أن الخيرة ربما كانت لنا في الصبر على ما نكره بقوله تعالى :


{ فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا }


وهو كقوله تعالى :


{ وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم }
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
تخريج الأحاديث:


حديث "أبغض الحلال إلى الله الطلاق" سبق في موضوع حكم الطلاق أنه من مراسيل محارب بن دثار.

http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=528
أما حديث (تزوجوا ولا تطلقوا فإن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات) فهو ضعيف أيضا فيه عمران القطان.

في جامع الأحاديث للسيوطي:
حديث: (تزوجوا ولا تطلقوا فإن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات (الطبرانى عن أبى موسى)
أخرجه الطبرانى كما فى مجمع الزوائد (4/335) . وأخرجه أيضًا : البزار (8/70 ، رقم 3064) قال الهيثمى (4/335) : أحد أسانيد البزار فيه عمران القطان وثقه أحمد وابن حبان وضعفه يحيى بن سعيد وغيره .

ومن غريب الحديث : "الذواقين" : جمع الذواق وهو الذى يمل ما فى يده وينظر إلى ما فى يد غيره يريد أن يتذوقه.
وفي المقاصد الحسنة:
حديث: (لا أحب الذواقين من الرجال ولا الذواقات من النساء) الطبراني عن أبي موسى به مرفوعاً، وللديلمي عن أبي هريرة فقط بلفظ (تزوجوا ولا تطلقوا فإن الله لا يحب الذواقين والذواقات)، وكذا هو عند الدارقطني في الأفراد من طريق بكر بن بكار عن أبي عروبة عن قتادة عن شهر بن حوشب عنه.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
فؤاد يحيى هاشم;3493 قال:
حكم الطلاق مع استقامة الحال:

الحكم التّكليفيّ للطّلاق :
اتّفق الفقهاء على أصل مشروعيّة الطّلاق ، كما اتفقوا على أنه تعتريه الأحكام وذلك بحسب الظّروف والأحوال الّتي ترافقه فيكون واجباً ومحرما ومستحبا ومكروها بيد أنهم اختلفوا في مسألتين:
المسألة الأولى: هل يكون مباحاً أو لا؟
وهذه المسألة سيأتي تناولها إن شاء الله على هذا الرابط:
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?p=3493#post3493

المسألة الثانية: الحكم الأصليّ للطّلاق.
وقد نحى أهل العلم في هذه المسألة على اتجاهين:
الاتجاه الأول: أنّ الأصل في الطّلاق الإباحة، وقد يخرج عنها في أحوال، وإليه ذهب الجمهور.
الاتجاه الثاني: أنّ الأصل فيه الحظر ، ويخرج عن الحظر في أحوال وإليه ذهب الحنفية في الصحيح عندهم وهو رواية عن الإمام أحمد.
والمقصود بالأصل هو في حال استقامة الحال بين الزوجين ولا حاجة فيه إلى الطلاق فهنا الخلاف فذهب الجمهور إلى الإباحة وعبر الحنابلة بالكراهة والحكم بالكراهة مندرج في الإباحة من جهة أنه لا إثم على فاعله ، ومن جهة أخرى إذا ما قابلنا بين الإباحة والتحريم فإن الكراهة بل والاستحباب والوجوب كلها تندرج في الِإباحة، باعتبار صورة الفعل فهي جائزة الفعل وإن كان قد يختلف الحكم في هذا الجواز، فيجوز لي أن أعمل هذا العمل لكن قد يكون على جهة الإباحة الأصلية وقد يكون على جهة الاستحباب وقد يكون على جهة الوجوب، وهذا معنىً معروف عند الأصوليين.
سبب بحث المسألة: هو هذا النقل:
"قال الوزير: أجمعوا على أن الطلاق في حال استقامة الزوجين مكروه، إلا أبا حنيفة قال: هو حرام مع استقامة الحال."
فأحببت التأكد ومعرفة اتجاهات أهل العلم في هذه المسألة مع عموم البلوى فيها وما قد يقع من التساهل في الطلاق بدعوى أنه مكروه فقط.
وسيكون تناول هذه المسألة بالبحث في كل مذهب على حدة

وسبق النقل عن السرخسي في المبسوط أن:
"إيقاع الطلاق مباح وإن كان مبغضا في الأصل عند عامة العلماء"
وإن قول بقية الأحناف: إن الأصل في الطلاق الحظر
لا يبعد عن الصواب
فأمر الطلاق متردد بين التحريم والكراهة الشديدة
والمتأمل في النصوص الشرعية ورغبتها عن الطلاق إلا في أضيق الأحوال وعند انعدام فرص الحل فإننا ندرك هذا المعنى إضافة إلى المعاني التي ذكرها أهل العلم في مفاسد الطلاق عند استقامة الحال ومن غير موجب، لاسيما ما ذكره الأحناف القائلين : إن الأصل في الطلاق الحظر.
ولعلنا نتأمل النصوص الشرعية الواردة في الطلاق فيما ذكرناه في هذا الموضوع والمقال المذكور للأستاذ سيد قطب "أبغض الحلال" على هذا الرابط:
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=520

وهنا مسألة مهمة:
وهو أن أحكام أهل العلم على حكم الطلاق هو من الجهة التجريدية
والأحوال تتغير
فكان في القديم مثلا: المرأة تطلق اليوم وما ان تنتهي عدتها حتى تتجمل للخطاب وتتزوج.
وكانت المرأة الكبيرة تطلق وتتزوج ولم يكن الزواج قاصرا على المتعة وإنما للألفة أو لعقل المرأة أو لأنها طلقت ولا زوج لها....
أما اليوم فقد تغير الحال فقد امتلأت البيوت بالأبكار العوانس ولا تكاد تتزوج الصغيرة فكيف بالكبيرة المطلقة.
ولذا فإن الضرر الحاصل اليوم بالطلاق كبير جدا.
فإن المرأة إذا لم تتزوج اليوم فإنها قد تتزوج غدا.
لكن إذا تزوجت ثم طلقت فإن المصيبة عليها كبيرة والخطب شديد، ومن يبحث عن مطلقة ثيب، وعنده الأبكار .
والذي يتزوج فإنه لا يكاد يتزوج إلا واحدة للظروف الاجتماعية اليوم
ولذا فهو يحرص أشد الحرص على أن تكون صغيرة بكرا...
ومن كل ما سبق وما نسيته أكثر
نعرف أن تطليق النساء اليوم من غير سبب موجب له شأنه عظيم وخطره شديد.
ولذا فلا نتساهل فيه لاسيما مع أرباب الأموال ممن لا يرقبون في الناس إلا ولا ذمة
فربما تزوجها اليوم ورغب عنها غدا.
ويتركها تعاني آلام الحياة لوحدها
أما هو فيذهب بأنانيته وماله إلى حيث يشتهي.
ولذا فالفقير اليوم لا يكاد يطلق لأنه يفكر في المهر وتبعة الطلاق....

ولا بد أن نفرق بين الحكم الشرعي المجرد وبين الفتوى النازلة على الواقعة المعينة.
والله الهادي إلى سواء السبيل
 
التعديل الأخير:
إنضم
7 يوليو 2009
المشاركات
4
التخصص
الشريعة والقانون
المدينة
الصحراء جنوب المغرب (السمارة)
المذهب الفقهي
كتاب الله والسنة الصحيحة المتواترة
جزاك الله خيرا
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
[url="http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=520" قال:
[/url]
وهنا مسألة مهمة:
وهو أن أحكام أهل العلم على حكم الطلاق هو من الجهة التجريدية
والأحوال تتغير
فكان في القديم مثلا: المرأة تطلق اليوم وما ان تنتهي عدتها حتى تتجمل للخطاب وتتزوج.
وكانت المرأة الكبيرة تطلق وتتزوج ولم يكن الزواج قاصرا على المتعة وإنما للألفة أو لعقل المرأة أو لأنها طلقت ولا زوج لها....
أما اليوم فقد تغير الحال فقد امتلأت البيوت بالأبكار العوانس ولا تكاد تتزوج الصغيرة فكيف بالكبيرة المطلقة.
ولذا فإن الضرر الحاصل اليوم بالطلاق كبير جدا.
فإن المرأة إذا لم تتزوج اليوم فإنها قد تتزوج غدا.
لكن إذا تزوجت ثم طلقت فإن المصيبة عليها كبيرة والخطب شديد، ومن يبحث عن مطلقة ثيب، وعنده الأبكار .
والذي يتزوج فإنه لا يكاد يتزوج إلا واحدة للظروف الاجتماعية اليوم
ولذا فهو يحرص أشد الحرص على أن تكون صغيرة بكرا...
ومن كل ما سبق وما نسيته أكثر
نعرف أن تطليق النساء اليوم من غير سبب موجب له شأنه عظيم وخطره شديد.
ولذا فلا نتساهل فيه لاسيما مع أرباب الأموال ممن لا يرقبون في الناس إلا ولا ذمة
فربما تزوجها اليوم ورغب عنها غدا.
ويتركها تعاني آلام الحياة لوحدها
أما هو فيذهب بأنانيته وماله إلى حيث يشتهي.
ولذا فالفقير اليوم لا يكاد يطلق لأنه يفكر في المهر وتبعة الطلاق....

ولا بد أن نفرق بين الحكم الشرعي المجرد وبين الفتوى النازلة على الواقعة المعينة.
والله الهادي إلى سواء السبيل


لا فض فوك أخي فؤاد، فهذا عين الفقه والفهم، فالنساء كما أشرت كن مطلوبات في ذلك الوقت ربما لانتشار التعدد، ولقلة الكلفة، بل كان هذا حاصلا في عهد أجدادنا بدون أن نذهب بعيدا، حيث كانت المرأة عنصر إنتاج، وكانت إذا خطبت إحداهن يشترط أبوها أن لا يتم الزفاف إلا بعد الحصاد أو القطاف يرجو بذلك معونتها في هذا الشأن
ويضاف إلى ذلك بأن الطلاق في الزمن القديم لم يكن مظنة لضياع الأولاد وانفلاتهم في الشوارع وترعرعهم على الجريمة، لشيوع المروءة وامتداد الأسر وقلة الفساد. أما في عصرنا هذا فمن أعظم ضرر الطلاق ما يقع على الأولاد، وهو يشبه اليتم، وتشير الدراسات الاجتماعية أن معظم المجرمين هم ممن عانوا في طفولتهم تفكك الأسرة
بقي أمر عندي ما زلت محتارا فيه، وهو قصة إرادة النبي طلاق سودة لما كبرت سنها، فالذي يبدو لي أن تعليل ذلك بكبر سنها هو تعليل ساقته عائشة رضي الله عنها باجتهادها، فلربما كره منها صلى الله عليه وسلم ما قد يستدعي الطلاق (لا أقصد الريبة التي يتنزه بيت النبوة عنها) لكنه لم يخبر أحدا عملا بمقتضى الستر، وإلا فروح الشريعة تأبى أن يستمنتع الرجل بالمرأة في شبابها ثم إذا كبرت طلقها ليتخلص من مؤونتها ونفقتها كما ذكر ذلك بعض الفقهاء. وعلى أية حال قصة سودة واقعة عين يتطرق إليها الاحتمال فلا يستقيم الاحتجاج بها في هذا المقام والله أعلم

د. أيمن صالح

 
إنضم
17 نوفمبر 2009
المشاركات
439
التخصص
باحث إسلامي
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
مستقل

وهنا مسألة مهمة:
وهو أن أحكام أهل العلم على حكم الطلاق هو من الجهة التجريدية
والأحوال تتغير
فكان في القديم مثلا: المرأة تطلق اليوم وما ان تنتهي عدتها حتى تتجمل للخطاب وتتزوج.
وكانت المرأة الكبيرة تطلق وتتزوج ولم يكن الزواج قاصرا على المتعة وإنما للألفة أو لعقل المرأة أو لأنها طلقت ولا زوج لها....
أما اليوم فقد تغير الحال فقد امتلأت البيوت بالأبكار العوانس ولا تكاد تتزوج الصغيرة فكيف بالكبيرة المطلقة.
ولذا فإن الضرر الحاصل اليوم بالطلاق كبير جدا.
فإن المرأة إذا لم تتزوج اليوم فإنها قد تتزوج غدا.
لكن إذا تزوجت ثم طلقت فإن المصيبة عليها كبيرة والخطب شديد، ومن يبحث عن مطلقة ثيب، وعنده الأبكار .
والذي يتزوج فإنه لا يكاد يتزوج إلا واحدة للظروف الاجتماعية اليوم
ولذا فهو يحرص أشد الحرص على أن تكون صغيرة بكرا...
ومن كل ما سبق وما نسيته أكثر
نعرف أن تطليق النساء اليوم من غير سبب موجب له شأنه عظيم وخطره شديد.
ولذا فلا نتساهل فيه لاسيما مع أرباب الأموال ممن لا يرقبون في الناس إلا ولا ذمة
فربما تزوجها اليوم ورغب عنها غدا.
ويتركها تعاني آلام الحياة لوحدها
أما هو فيذهب بأنانيته وماله إلى حيث يشتهي.
ولذا فالفقير اليوم لا يكاد يطلق لأنه يفكر في المهر وتبعة الطلاق....
ولا بد أن نفرق بين الحكم الشرعي المجرد وبين الفتوى النازلة على الواقعة المعينة.
والله الهادي إلى سواء السبيل [فؤاد الهاشمي]


***********************


لا فض فوك أخي فؤاد، فهذا عين الفقه والفهم، فالنساء كما أشرت كن مطلوبات في ذلك الوقت ربما لانتشار التعدد، ولقلة الكلفة، بل كان هذا حاصلا في عهد أجدادنا بدون أن نذهب بعيدا، حيث كانت المرأة عنصر إنتاج، وكانت إذا خطبت إحداهن يشترط أبوها أن لا يتم الزفاف إلا بعد الحصاد أو القطاف يرجو بذلك معونتها في هذا الشأن
ويضاف إلى ذلك بأن الطلاق في الزمن القديم لم يكن مظنة لضياع الأولاد وانفلاتهم في الشوارع وترعرعهم على الجريمة، لشيوع المروءة وامتداد الأسر وقلة الفساد. أما في عصرنا هذا فمن أعظم ضرر الطلاق ما يقع على الأولاد، وهو يشبه اليتم، وتشير الدراسات الاجتماعية أن معظم المجرمين هم ممن عانوا في طفولتهم تفكك الأسرة
بقي أمر عندي ما زلت محتارا فيه، وهو قصة إرادة النبي طلاق سودة لما كبرت سنها، فالذي يبدو لي أن تعليل ذلك بكبر سنها هو تعليل ساقته عائشة رضي الله عنها باجتهادها، فلربما كره منها صلى الله عليه وسلم ما قد يستدعي الطلاق (لا أقصد الريبة التي يتنزه بيت النبوة عنها) لكنه لم يخبر أحدا عملا بمقتضى الستر، وإلا فروح الشريعة تأبى أن يستمنتع الرجل بالمرأة في شبابها ثم إذا كبرت طلقها ليتخلص من مؤونتها ونفقتها كما ذكر ذلك بعض الفقهاء. وعلى أية حال قصة سودة واقعة عين يتطرق إليها الاحتمال فلا يستقيم الاحتجاج بها في هذا المقام والله أعلم
د. أيمن صالح


ممتاز .. بارك الله فيكما .. نظر سديد ورأي رشيد
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بارك الله فيكما.
 
إنضم
4 ديسمبر 2011
المشاركات
451
التخصص
الوعظ والارشاد
المدينة
المسيلة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: حكم الطلاق مع استقامة الحال: بحث في داخل المدارس الفقهية

جزاك الله كل خير اخي فؤاد ممتاز حقا وايمن صالح اصلح الله حالنا وحالكم بوركتم بوركتم بوركتم اخي فؤاد وايمن لي سؤال المسالة وهي كالاتي امراة خرجت من بيت زوجها غاضبة لا تريد الرجوع الى بيت الزوجية ثم وقع الخلاف بينها واهلها وبين زوجها واهله فوصل الامر الى ان هو واهله ارادوا الانفصام وهي واهلها يريدون الرجوع ثم نوى الطلاق واصر في نفسه عليه لكن لم يتلفظ به ترى هل يجوز له اذا التقى بها ان يقبلها او يحادثها اويلتمسها وربما يصل يه الى ان يجامعها مع العلم انه مصر على طلاقها في نفسها ولا يريدها زوجة له فارجو من فضلكم ان تفيدونا في هذا الموضوع جزاكم الله كل خير والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
 

راية المجد

:: متابع ::
إنضم
21 مارس 2012
المشاركات
76
التخصص
الفقه و أصوله
المدينة
دبي
المذهب الفقهي
أهل السنة و الجماعة
رد: حكم الطلاق مع استقامة الحال: بحث في داخل المدارس الفقهية

فتح الله عليك ،، بارك الله فيك و جزاك الله خيرا
 
إنضم
11 يوليو 2016
المشاركات
11
التخصص
فقه
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: حكم الطلاق مع استقامة الحال: بحث في داخل المدارس الفقهية

جزاك الله عنا كل خير.​





 
إنضم
16 أبريل 2016
المشاركات
34
الكنية
أبومشعل العنزي
التخصص
شريعة
المدينة
العلا
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: حكم الطلاق مع استقامة الحال: بحث في داخل المدارس الفقهية

بارك الله فيك
 
أعلى