العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حكم جمع أو تأخير الصلاة عن وقتها للطبيب ومن في حكمه للضرورة

إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}
أما بعد: فإن التفقه في الدين أمر يجلُّ قدره، ويعظم شأنه، نوه الله تعالى بفضله في محكم تنزيله، فقال عز وجل: {فلولا نفر من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة ليتفقهوا فِي الدّين ولينذروا قَومهمْ إِذا رجعُوا إِلَيْهِم لَعَلَّهُم يحذرون}[التوبة:122] وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيرية في التفقه في الدين حيث قال: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين"([1]) فتبين بذلك ما للفقه في الدين من مكانة ومنزلة مرموقة، فأشرف العلوم علوم أحكام أفعال العباد، إذ الله لم يخلق الخلق عبثاً بل خلقهم لتحقيق أسمى الغايات وهي العبادة ولا يتحقق ذلك إلا بالتفقه في الدين , ألا وإن من الأمور التي ينبغي للمرء معرفتها وفقهها الأحكام المتعلقة بالصلاة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام , ومما يتعلق بهذا الركن بعض الأحكام الخاصة بصلاة الطبيب وحكم الجمع بين الصلاتين في حقه أو تأخير الصلاة عن وقتها , فأحببت أن أفرد هذا الموضوع ببحث مستقل أبين فيه بعض مباحثه ومسائله وما يتعلق به سائلاً الله عز وجل الإعانة والتوفيق .

اشتمل البحث على مقدمة وستة مباحث وخاتمة .
المبحث الأول : التعريف بمفردات البحث , وفيه أربعة مطالب :
المطلب الأول : تعريف الطبيب .
المطلب الثاني : المراد بمن في حكم الطبيب .
المطلب الثالث : تعريف الضرورة لغة واصطلاحا .
المطلب الرابع : وجه الضرورة في مسألة البحث .
المبحث الثاني : أهمية وقت الصلاة , وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : حكم الصلاة في وقتها .
المطلب الثاني : حكم تقديم الصلاة على وقتها .
المطلب الثالث : حكم تأخير الصلاة عن وقتها .
المبحث الثالث : جمع الطبيب بين الصلاتين , وفيه مطلبان :
المطلب الأول : تحرير محل النزاع .
المطلب الثاني : تخريج المسألة , وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : الجمع للخوف .
المسألة الثانية : الجمع للحاجة .
المبحث الرابع : تأخير الطبيب الصلاة عن وقتها أو صلاتها إيماء , وفيه مطلبان :
المطلب الأول : تحرير محل النزاع .
المطلب الثاني : تخريج المسألة , وفيه ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : صلاة المريض .
المسألة الثانية : صلاة المحبوس في مكان نجس .
المسألة الثالثة : صلاة المقاتل في المعركة أو الهارب من سبع ونحوه .
المبحث الخامس : ضوابط في الحاجة أو الضرورة المبيحة لتأخير الصلاة أو صلاتها
إيماء أو الجمع بين الصلاتين .
المبحث السادس : ملحق بفتاوى العلماء في هذه المسألة .

المبحث الأول : التعريف بمفردات البحث , وفيه أربعة مطالب :
المطلب الأول : تعريف الطبيب .
أصل الطِّبّ: الحذق بالأشياء والمهارة بهَا يُقَال: رَجُل طب وطبيب إِذا كَانَ كَذَلِك , وَإِن كَانَ فِي غير علاج الْمَرَض , قَالَ عنترة:
إِن تغد دوني القِنَاعَ فإنني ... طَبٌ بِأخذ الفارِسِ المستلئِم
وَقَالَ عَلْقَمَة بْن عَبدة :
فَإِن تَسْأَلُونِي بِالنسَاء فإنني ... بَصِير بأدواء النِّسَاء طبيبُ . ([2])
وَالطَّبُّ. وَالطُّبُّ: لُغَتَانِ فِي الطِّبِّ. وَتَطَبَّبَ لَهُ: سَأَل لَهُ الأْطِبَّاءَ.
أما في الاصطلاح فيطلق الطَّبِيبُ على الَّذِي يُعَالِجُ الْمَرْضَى وَنَحْوَهُمْ .([3])
وعليه فإن المعنى الاصطلاحي لا يخرج عن المعنى اللغوي .

المطلب الثاني : المراد بمن في حكم الطبيب .
المراد بمن في حكم الطبيب من يعاونه من الممرضين والممرضات وغيرهم ممن يتعذر عليهم
أداء الصلاة خوفا على صحة المريض , فإن لم يكونوا كذلك , أو كان ممرضا لا يتعلق بذهابه
خوف على هلاك المريض أو تضرره فالظاهر أنه غير داخل في أصل البحث .
واعلم أنه يدخل في هذه المسألة من إذا صلى صلاة تامة في وقتها حصل عليه الضرر أو على
من معه , كالطيار الذي يبدأ الرحلة قبيل دخول صلاة الفجر مثلا , ولا يصل إلا بعد
خروج الوقت ؛ لأن في ذهابه لأداء صلاة تامة تعريض لحياته وحياة من معه للخطر والهلكة .

المطلب الثالث : تعريف الضرورة لغة واصطلاحا .
الضرورة في اللغة : جاء في المصباح : " وَضَرَّهُ إلَى كَذَا وَاضْطَرَّهُ بِمَعْنَى أَلْجَأَهُ إلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ وَالضَّرُورَةُ اسْمٌ مِنْ الِاضْطِرَارِ وَالضَّرَّاءُ نَقِيضُ السَّرَّاءِ وَلِهَذَا أُطْلِقَتْ عَلَى الْمَشَقَّةِ .([4])
وفي الاصطلاح : عند النظر إلى استعمال الأصوليين والفقهاء للضرورة , فإنهم يطلقونها بإزاء ثلاثة معان :
المعنى الأول : بالنظر إلى معناها اللغوي الشامل للحاجة والمشقة والشدة التي لا بد منها , من ذلك :
1- قال ابن رشد في معرض كلام له عن الغرر وأثره في البيوع : وأن غير المؤثر هو اليسير أو الذي تدعو إليه الضرورة .([5])
ولا ريب أن المراد هنا الحاجة ؛ لأنه لا يترتب على ذلك هلاك ولا فساد لشيء من الضرورات .
2- قال ابن قدامة رحمه الله في المقنع في ذكر شروط البيع : (الثالث: أن يكون المبيع مالاً وهو ما فيه منفعة مباحة من غير ضرورة )
وابن قدامة أراد الحاجة ولو لم تصل للضرورة , لذا تعقبه زين الدين ابن المنجى فقال :
ولو قال المصنف رحمه الله: لغير حاجة كان جيداً لأن اقتناء الكلب يحتاج إليه ولا يضطر إليه.([6])([7])
وهذا المعنى هو المراد في البحث .
المعنى الثاني : بالنظر إلى كونها خاصة بالشدة العارضة الملجئة لفعل المحظور , بحيث لا يجد
مفرا من ذلك .
وهذا الاستعمال يكثر في مباحث الرخصة عند الأصوليين , وعند حديثهم عن قاعدة : الضرورات تبيح المحظورات .([8])
المعنى الثالث : بالنظر إلى كونها مقصودة للشارع قصد أوليا أصليا , سواء وافقت أغراض آحاد المكلفين أم خالفتها , وهي ما تعرف بالضرورات الخمس .([9])
المطلب الرابع : وجه الحاجة والضرورة في مسألة البحث([10]) .
قد يحتاج الطبيب للجمع بين الصلاتين بسبب الوقت الذي قد تستغرقه العمليات الجراحية , فبعض العمليات قد تستغرق ساعات طويلة فتمر الصلاة والصلاتان والأطباء والممرضون منهمكون في هذه العملية الجراحية , هذا بالنسبة للصلوات التي تجمع مع ما بعدها سواء تقديما أو تأخيرا .
فهل يجوز له والحال هذه أن يجمع بين الصلاتين للخوف أو للحاجة على ما سيأتي ,
أم أنه يصلي كل صلاة في وقتها إيماء , أم يؤخر الصلاة ولو خرج وقتها .
أما الصلوات التي لا تجمع مع ما بعدها كالعصر والعشاء والفجر فقد يتمادى به الوقت بالطبيب فلا يستطيع بسبب العملية أن يؤدي صلاة تامة الواجبات والأركان , للضرر الذي قد يلحق بالمريض إن هو صلى صلاة تامة , بمعنى أنه يواجه شدة ملجئة لأحد
أمرين : إما أن يؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها أو يؤدي صلاة ناقصة الواجبات أو الأركان أو كليهما , أو أنه يصلي صلاة تامة فيتضرر المريض أو يهلك .
فهل يجوز له والحال هذه أن يؤخر الصلاة ولو خرج وقتها محافظة على هيئة الصلاة , أو يجب عليه أن يصلي إيماء محافظة على شرط الوقت , أم أنه مخير بين هذين الأمرين كما سيأتي .

المبحث الثاني : أهمية وقت الصلاة , وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : حكم الصلاة في وقتها .
الصلاة في وقتها واجبة بالكتاب والسنة والإجماع , فأما الكتاب فقوله جل ذكره : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) [النساء:103]
قال ابن جرير بعد أن ساق اختلاف العلماء في معنى "موقوتا" : قال أبو جعفر: وهذه الأقوال قريب معنى بعضها من بعض. لأن ما كان مفروضًا فواجب، وما كان واجبًا أداؤه في وقت بعد وقت فمنجَّم.
غير أن أولى المعاني بتأويل الكلمة، قول من قال:"إن الصلاة كانت على المؤمنين فرضًا منجَّمًا"، لأن"الموقوت" إنما هو"مفعول" من قول القائل:"وَقَتَ الله عليك فرضه فهو يَقِته"، ففرضه عليك"موقوت"، إذا أخرته، جعل له وقتًا يجب عليك أداؤه. فكذلك معنى قوله:"إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا"، إنما هو: كانت على المؤمنين فرضًا وقَّت لهم وقتَ وجوب أدائه، فبيَّن ذلك لهم.([11])
وأما السنة فقد تضافرت الأحاديث على أن للصلوات أوقاتا معلومة , من ذلك :
أ‌- عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ نبيَّ الله صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: «وَقْتُ الظُّهْرِ إذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ، وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، وَوَقْتُ صَلاَةِ المَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبِ الشَّفقُ، وَوَقْتُ صَلاَةِ الْعِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الأوْسَطِ، وَوَقْتُ صَلاَةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ». ([12])
ب‌- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ قُمْ فَصَلِّهْ فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ جَاءَهُ الْعَصْرَ فَقَالَ قُمْ فَصَلِّهْ فَصَلَّى الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ أَوْ قَالَ صَارَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ ثُمَّ جَاءَهُ الْمَغْرِبَ فَقَالَ قُمْ فَصَلِّهْ فَصَلَّى حِينَ وَجَبَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ جَاءَهُ الْعِشَاءَ فَقَالَ قُمْ فَصَلِّهْ فَصَلَّى حِينَ غَابَ الشَّفَقُ ثُمَّ جَاءَهُ الْفَجْرَ فَقَالَ قُمْ فَصَلِّهْ فَصَلَّى حِينَ بَرَقَ الْفَجْرُ أَوْ قَالَ حِينَ سَطَعَ الْفَجْرُ ثُمَّ جَاءَهُ مِنْ الْغَدِ لِلظُّهْرِ فَقَالَ قُمْ فَصَلِّهْ فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ ثُمَّ جَاءَهُ لِلْعَصْرِ فَقَالَ قُمْ فَصَلِّهْ فَصَلَّى الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ ثُمَّ جَاءَهُ لِلْمَغْرِبِ الْمَغْرِبَ وَقْتًا وَاحِدًا لَمْ يَزُلْ عَنْهُ ثُمَّ جَاءَ لِلْعِشَاءِ الْعِشَاءَ حِينَ ذَهَبَ نِصْفُ اللَّيْلِ أَوْ قَالَ ثُلُثُ اللَّيْلِ فَصَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ جَاءَهُ لِلْفَجْرِ حِينَ أَسْفَرَ جِدًّا فَقَالَ قُمْ فَصَلِّهْ فَصَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ قَالَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ . ([13])

أما الإجماع فقد حكاه غير واحد من أهل العلم .
قال ابن رشد : اتفق المسلمون على أن للصلوات الخمس أوقاتا خمسة هي شرط في صحة الصلاة .([14])
وقال ابن قدامة : أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة .([15])

المطلب الثاني : حكم تقديم الصلاة على وقتها .
من الأدلة السابقة يُعرف أن الصلاة قبل وقتها لا تصح بإجماع المسلمين , قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : والصلاة لا تصح قبل الوقت بإجماع المسلمين، فإن صلى قبل الوقت فإن كان معتمداً فصلاته باطلة، ولا يسلم من الإثم، وإن كان غير متعمد لظنه أن الوقت قد دخل، فليس بآثم، وتعتبر صلاته نفلاً، ولكن عليه الإعادة، لأن من شروط الصلاة الوقت.([16])
وعليه فلا يحل للطبيب بحال أن يصلي الصلاة قبل دخول وقتها بسبب انشغاله بعد دخول وقتها بالعمليات وما شابهها , إلا ما سيأتي في جمع الصلوات للحاجة , أما الصلوات التي لا تجمع مع ما بعدها كالفجر والعصر والعشاء فإنه لا يجوز له أداؤها قبل دخول الوقت بإجماع المسلمين .

المطلب الثالث : حكم تأخير الصلاة عن وقتها .
عند النظر إلى هذه المسألة فإن تأخير الصلاة لا يخلو من حالين :
الحال الأولى : أن تؤخر عن وقتها لعذر
الحال الثانية : أن تؤخر لغير عذر
أما تأخير الصلاة عن وقتها لعذر كنوم أو نسيان أو إغماء أو غير ذلك مما هو عذر في التأخير فهذا يصليها بعد زوال عذره , وهي في النوم والنسيان محل إجماع , واختلفوا في المغمى عليه , وفي المسألتين لا إثم عليه بالإجماع , ويدل لذلك :
أ‌- عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك( وأقم الصلاة لذكري) [طه: 14] "
ب‌- حكى غير واحد من العلماء الإجماع أن من نام خمس صلوات فأقل أنه يقضي , وفيما فوق الخمس صلوات خلاف يسير .
قال ابن عبد البر : وأجمعوا أن من نام خمس صلوات قضاها , فكذلك في القياس ما زاد عليها .([17])
وقال ابن حزم : واتفقوا على أن من نام عن صلاة أو نسيها أو سكر من خمر حتى خرج وقتها فعليه قضاؤها أبدا ([18]).
وقال ابن تيمية : ألا ترى من نام عن صلاة أو نسيها , فإنه يعيد باتفاق المسلمين .([19])
أما الحال الثانية وهي تأخير الصلاة عن وقتها من غير عذر فلم يختلفوا في إثمه , لكن اختلفوا في مشروعية القضاء على قولين :
القول الأول : أنه لا يشرع له القضاء , وهو مذهب ابن حزم وابن تيمية ؛ بل حكاه الأول إجماعا .
القول الثاني : أنه يشرع له القضاء , بل يجب عليه , وهو مذهب عامة أهل العلم ؛ بل حكاه ابن عبد البر إجماعا .([20])

وليس المقام مقام بسط لذكر أدلة الأقوال , بل يكفي التنبيه عليها فحسب .([21])
المبحث الثالث : جمع الطبيب بين الصلاتين .
المطلب الأول : تحرير محل النزاع :
اتفق العلماء على جواز الجمع يوم عرفة وليلة مزدلفة ([22]), واختلفوا فيما عدا
ذلك , ومنع الأحناف جميع الأعذار المبيحة للجمع , ولم يرخصوا إلا في الجمع يوم
عرفة وليلة مزدلفة .
أما الجمهور فقد اتفقوا على جواز الجمع في أحوال ثلاثة وهي : السفر والمطر وما مضى من الجمع يوم عرفة وليلة مزدلفة , واختلف الجمهور فيما عدا ذلك , على النحو التالي :
أما المالكية فذهبو إلى أن أسباب الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء تقديماً
وتأخيراً ستة وهي : السفر، والمطر، والوحل مع الظلمة، والمرض كالإغماء ونحوه، وجمع عرفة، ومزدلفة، وكلها يرخص لها الجمع جوازاً للرجل أو المرأة، إلا جمع عرفة ومزدلفة، فهو سنة.
أما السفر: فيجوز فيه الجمع مطلقاً، سواء أكان طويلاً أم قصيراً في مسافة القصر،
إذا كان في البرّ .
وقال الشافعية : يجوز الجمع فقط في السفر والمطر والحج بعرفة ومزدلفة.
أما الجمع بسبب المطر أو الثلج والبرد الذائبين: فالأظهر عندهم جوازه تقديماً لمن صلى بجماعة في مسجد بعيد، وتأذى بالمطر في طريقه، والمذهب الجديد منع جمع التأخير فيه؛ لأن استدامة المطر غير متيقنة فقد ينقطع، فيؤدي إلى إخراج الصلاة عن وقتها من غير عذر.
وقال الحنابلة : يجوز جمع التقديم والتأخير في ثمان حالات:
إحداها ـ السفر الطويل المبيح للقصر، أي قصر الصلاة الرباعية: بأن يكون السفر غير حرام ولا مكروه، ويبلغ مسافة يومين، لأنه أي الجمع رخصة تثبت لدفع المشقة في السفر، فاختصت بالطويل كالقصر والمسح ثلاثاً.
الثانية ـ المرض: الذي يؤدي إلى مشقة وضعف بترك الجمع، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم «جمع من غير خوف ولا مطر» وفي رواية «من غير خوف ولا سفر» ([23])، ولا عذر بعد ذلك إلا المرض، واحتج أحمد بأن المرض أشد من السفر. والمريض مخير في التقديم والتأخير كالمسافر، فإن استوى عنده الأمران فالتأخير أولى.
الثالثة ـ الإرضاع: يجوز الجمع لمرضع، لمشقة تطهير النجاسة لكل صلاة، فهي كالمريضة.
الرابعة ـ العجز عن الطهارة بالماء أو التيمم لكل صلاة: يجوز الجمع لعاجز عنهما، دفعاً للمشقة؛ لأنه كالمسافر والمريض.
الخامسة ـ العجز عن معرفة الوقت: يجوز الجمع لعاجز عن ذلك كالأعمى.
السادسة ـ الاستحاضة ونحوها: يجوز الجمع لمستحاضة ونحوها كصاحب سلس بول أو مذي أو رعاف دائم ونحوه، لما جاء في حديث حَمْنة السابق حين استفتت النبي صلّى الله عليه وسلم في الاستحاضة، حيث قال فيه: «فإن قويت على أن تؤخري الظهر، وتعجلي العصر، فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين، فافعلي» ([24])ومن به سلس البول ونحوه في معناها.
السابعة والثامنة: العذر أو الشغل: يجوز لمن له شغل، أو عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة، كخوف على نفسه أو حرمته أو ماله، أو تضرر في معيشة يحتاجها بترك الجمع ونحوه. وهذا منفذ يلجأ إليه العمال وأصحاب المزارع للسقي في وقت النوبة .([25])([26])
ومما سبق فإن الحنابلة فهم أوسع المذاهب في الرخص المبيحة للجمع ؛ لذا قال ابن تيمية رحمه الله :
وأوسع المذاهب في الجمع بين الصلاتين مذهب الإمام أحمد فإنه نص على أنه يجوز الجمع للحرج والشغل بحديث روي في ذلك قال القاضي أبو يعلى وغيره من أصحابه: يعني إذا كان هناك شغل يبيح له ترك الجمعة والجماعة جاز له الجمع ([27]).
المطلب الثاني : تخريج المسألة .
في مسألتنا التي بين أيدينا قد يحتاج الطبيب للجمع بين الصلاتين كأن تبدأ العملية بعد دخول وقت الأولى , وتمتد إلى دخول وقت الثانية , أو تمتد حتى خروج وقت الثانية , وفي هذه الحال يمكن أن يخرج جمع الطبيب بين الصلاتين على مسألتين :
المسألة الأولى : جمع المقيم بسبب الخوف .
المسألة الثانية : جمع المقيم بسبب الحاجة والعذر والشغل.
أما الأولى فوجه تخريجها هو خوف الطبيب على المريض من الضرر , وللعلماء في هذه المسألة – أعني الجمع للخوف- قولان :
القول الأول : لا يجوز الجمع بسبب الخوف , وهو مقتضى مذهب الحنفية وقول في مذهب المالكية ([28]), ومشهور مذهب الشافعية([29]) .
واستدلوا بما يلي :
الدليل الأول : عموم الأدلة الدالة على وجوب إيقاع كل صلاة في وقتها إلا ما جاء النص بتخصيصه كالجمع في السفر والمطر .
الدليل الثاني : قال الشافعي رحمه الله : ولا يجمع في حضر في غير المطر من قبل أن الأصل أن يصلي الصلوات منفردات والجمع في المطر رخصة لعذر وإن كان عذر غيره لم يجمع فيه ; لأن العذر في غيره خاص وذلك المرض والخوف وما أشبهه وقد كانت أمراض وخوف فلم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع , والعذر بالمطر عام ويجمع في السفر بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والدلالة على المواقيت عامة لا رخصة في ترك شيء منها ولا الجمع إلا حيث رخص النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ولا رأينا من جمعه الذي رأيناه في المطر والله تعالى أعلم .([30])
ونوقش الدليلان بما رواه مسلم رحمه الله من حديث ابن عباس رضي الله عنهما , قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا , والمغرب والعشاء جميعا , في غير خوف ولا سفر . وفي لفظ: في غير خوف ولا مطر , قيل لابن عباس : لم فعل ذلك؟ قال : أراد ألا يُحرج أمتَه .([31])
فقوله : من غير خوف ولا مطر , يدل على استقرار الجمع لأجل الخوف في عصر النبوة .([32])
القول الثاني : يجوز الجمع بسبب الخوف , وهو قول عند المالكية([33]) , وهو مذهب الحنابلة .([34])
واستدلوا بما يلي :
الدليل الأول : حديث ابن عباس السابق , وقد مضى ذكر وجه الدلالة منه , ولأنه لما جاز الجمع للمقيم الآمن، فالخائف يجوز له الجمع من باب أولى.([35])
ولسنا بصدد هنا بذكر أجوبة العلماء عن حديث ابن عباس لأن الألصق أن تذكر في مسالة الجمع للحاجة , وتوجيه العلماء للرد على الخبر .
أما ههنا فإن نفي ابن عباس للخوف دال على استقرار الجمع بسببه, وإلا لما كان لذكره فائدة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية معلقاً على حديث ابن عباس السابق :[ قال ( من غير خوف ولا مطر ) وقال ( ولا سفر ) … والجمع الذي ذكره ابن عباس لم يكن بواحد من هذه الأعذار، وبهذا استدل أحمد على الجمع لهذه الأمور بطريق الأولى فإن هذا الكلام يدل على أن الجمع لهذه الأمور أولى وهذا من باب التنبيه بالفعل فإنه إذا جمع ليرفع الحرج الحاصل بدون الخوف والمطر والسفر فالحرج الحاصل بهذه أولى أن يرفع والجمع لها أولى من الجمع لغيرها ]([36])
الدليل الثاني : القياس على الجمع للمرض والمطر بجامع المشقة والعنت , بل قد يكون الجمع في بعض صور الخوف أولى من الجمع في حق السفر والمرض والمطر لزيادة المشقة .([37])
قال ابن رجب : وقول ابن عباس : جمع رسول الله بالمدينة من غير خوف ، يدل بمفهومه على جواز الجمع للخوف ؛ فإن الخوف عذر ظاهر ، فالجمع له أولى من الجمع للمطر والمرض ونحوهما .([38])
الراجح : الذي يظهر أن القول الثاني أرجح دليلا لحديث ابن عباس وقياسا على الجمع للمرض والمطر بجامع المشقة .([39])

بناء على ما سبق فيمكن أن يقال إن الحنفية والشافعية بناء على هذا التخريج على مذهبهم لا يجيزون للطبيب جمع التقديم ولا التأخير , بل عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها على ما سيأتي في الصلوات التي لا تجمع مع غيرها وبيان الواجب فعله فيها .
أما على مذهب الحنابلة فلا إشكال في جواز جمع الطبيب للصلاتين ؛ لما سبق من أدلتهم ولأنهم يرون أن كل عذر يبيح ترك الجماعة فهو مبيح للجمع بين الصلاتين .
أما المالكية فيمكن أن تخرج مسألتنا على الجمع للخائف من الإغماء , فهم يبيحون له الجمع في هذه الحالة , أو أن تخرج على مسألة الجمع للمريض فهم يقولون بها خلافا للشافعية .

والراجح جواز الجمع بضوابط يأتي ذكرها .
المسألة الثانية : الجمع للحاجة والعذر والشغل .
ووجه التخريج هو حاجة الطبيب القائمة للجمع إضافة إلى انشغاله بالعملية , وإذا كان بعض الحنابلة قد جوز للخباز والطباخ الجمع بين الصلاتين إذا خشي فساد ماله فمن الأولى أن نبيح للطبيب الجمع بين الصلاتين إذا خشي تضرر المريض .
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكم الجمع في الحضر للحاجة والعذر على قولين :
القول الأول : الجواز , وهو المذهب عند الحنابلة ([40]), وقول ابن سيرين وابن المنذر([41]) , ولم يقيدوه بالحاجة ؛ بل قيدوه بأن لا يتخذ عادة .
واستدلوا بحديث ابن عباس السابق , وبقوله أراد ألا يُحرج أمتَه , وفي لفظ : تُحرج أمتُه .
قال ابن المنذر : إذا ثبتت الرخصة في الجمع بين الصلاتين جمع بينهما للمطر والريح والظلمة ولغير ذلك من الأمراض وسائر العلل، وأحق الناس بأن يقبل ما قاله ابن عباس بغير شك من جعل قول ابن عباس لما ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام حتى يقبض فقال ابن عباس: وأحسب كل شيء مثله حجة بني عليها المسائل فمن استعمل شك ابن عباس وبنى عليه المسائل وامتنع أن يقبل يقينه لما خبر أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن لا يحرج أمته بعيد من الإنصاف.([42])
وقد تنوعت مواقف العلماء في الجواب على حديث ابن عباس , ويمكن إجمالها من خلال
الأجوبة التالية :
الجواب الأول : ترك العمل به وأنه حديث منسوخ , وممن جزم بذلك الترمذي في سننه , وكذا الخطابي في أحد توجيهاته , وقد رد هذا الكلام النووي رحمه الله فقال : وأما حديث بن عباس فلم يجمعوا على ترك العمل به بل لهم أقوال ...الخ([43])
الجواب الثاني : حمله على أنه جمع صوري , وهذا استحسنه القرطبي واختاره الصنعاني والشوكاني ([44]).
ورد هذا النووي أيضا فقال : وهذا أيضا ضعيف أو باطل لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل وفعل ابن عباس الذي ذكرناه حين خطب واستدلاله بالحديث لتصويب فعله وتصديق أبي هريرة له وعدم إنكاره صريح في رد هذا التأويل .([45])
الجواب الثالث : حمله على أنه جمع للمطر , وهذا قال به مالك والشافعي .([46])
وأجيب أنه جاء بلفظ : من غير خوف ولا مطر .
وقد أعل جماعة من الحفاظ هذه الرواية , منهم ابن خزيمة ([47]) والبيهقي([48]) والبزار ([49]), وقد صححها ابن تيمية , والظاهر أن هذه الرواية لا تثبت لما يلي :
أ‌- أن حبيب بن أبي ثابت خالف الجماعة في رواية الخبر عن سعيد بن جبير.
ب‌- أن مالكا وسفيان بن عيينة وهشام بن سعد وزهير بن معاوبة وحماد بن سلمة عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير رووها ولم يذكروا المطر .
ت‌- أن الإمام مالكا قد روى هذا الخبر بلفظ (( من غير خوف ولاسفر ))، ثم قال : أرى ذلك أنه في مطر . وكذا قال أيوب لأبي الشعثاء كما في البخاري قال قلت : لعله في ليلة مطيرة ؟ قال : عسى .فلوكان مالك وأيوب وأبو الشعثاء يصححون لفظة (( من غير خوف ولامطر )) لما قالوا ذلك ؛ والله أعلم .([50])
لكن بقي أن يقال إن قول ابن عباس أراد ألا يحرج أمته كاف في تجويز الجمع للخائف الذي يشق عليه أداء كل صلاة في وقتها .
الجواب الرابع : حمله على أنه للمرض , وهو قول لأحمد واختاره الخطابي في قول والنووي .([51])
وهو مردود لأنه لو كان الجمع لأجل المرض لما صلى معه إلا المرضى , والظاهر أنه جمع بأصحابه كافة رضي الله عنهم .
الدليل الثاني : القياس على الجمع في عرفة ومزدلفة , فإنه لم يكن إلا لحاجة .([52])
القول الثاني : المنع , وهو قول المالكية ([53])والشافعية ([54]).
واستدلوا بما جاء من الأدلة في حكم الجمع بسبب الخوف , وقد مر ذكرها والرد عليها .
الراجح : جواز الجمع للحاجة لكن ينبغي أن يكون ذلك بضوابط يأتي ذكرها في المطلب الثاني .

المبحث الرابع : تأخير الطبيب الصلاة عن وقتها أو صلاتها إيماء للضرورة , وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : تحرير محل النزاع .
أولًا : إن مما ينبغي ألا يختلف فيه أنه في حال عجز الطبيب أو من في حكمه عن أداء الصلاة بأي وجه , سواء صلاة تامة , أو مع سقوط بعض الأركان فيلجأ إلى الإيماء أو يشير بعينه , أو بأصبعه أو بأجفانه أو بقلبه , أنه في حال عجزه عن أداءها بأي صفة ذكرت فإن الصلاة ساقطة عنه حتى يقدر ,([55]) لأنه عاجز وقد دلت نصوص الشرع أنه لا واجب مع العجز .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فمن استقرأ ما جاء به الكتاب والسنة تبين له أن التكليف مشروط بالقدرة على العلم والعمل، فمن كان عاجزاً عن أحدهما سقط عنه ما يعجزه، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.([56])
وقال أيضا: والشريعة طافحة بأن الأفعال المأمور بها مشروطة بالاستطاعة والقدرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن الحصين: "صَل قائما، فإن لم تستطيع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب" وقد اتفق المسلمون على أن المصلي إذا عجز عن بعض واجباتها كالقيام أو القراءة أو الركوع أو السجود أو ستر العورة أو استقبال القبلة أو غير ذلك سقط عنه ما عجز عنه .([57])
ثانيًا : إذا غلب على الظن أن في إقبال الطبيب على الصلاة في أي وقت من أوقات العملية - سواء صلاها تامة أو إيماء – تعريض لحياة المريض للخطر والهلكة فإنه لا تحل له الصلاة والحال هذه ؛ لأن مصلحة حفظ النفس مقدمة على مصلحة وقت الصلاة , وهذا أيضا مما لا ينبغي أن يختلف فيه , وقد نص بعض الحنفية على هذه المسألة , قال الشرنبلالي الحنفي : يجوز قطعها - أي الصلاة - لخشية خوف من ذئب ونحوه على غنم ونحوها أو خوف تردي أي سقوط أعمى أو غيره ممن لا علم عنده في بئر ونحوه كحفرة وسطح وإذا غلب على الظن سقوطه وجب قطع الصلاة ولو فرضا وهو كما إذا خافت القابلة وهي التي يقال لها داية تتلقى الولد حال خروجه من بطن أمه إن غلب على ظنها موت الولد أو تلف عضو منه أو أمه بتركها وجب عليها تأخير الصلاة عن وقتها وقطعها لو كانت فيها وإلا فلا بأس بتأخيرها الصلاة وتقبل على الولد للعذر .([58])
ولأن الشريعة جاءت بضرورة حفظ النفس , ومصلحة حفظها مقدمة على مصلحة أداء الصلاة في وقتها , قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "الواجب تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فإذا تعارضت كاذ تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناها، ودفع أعظم المفسدتين مع احتمال أدناهما هو المشروع".([59])

المطلب الثاني : تخريج المسألة , وفيه ثلاث مسائل :
بالنظر لكتب الفقهاء فإن أمامنا مجموعة من الصور التي يمكن أن نخرج
مسألتنا عليها , منها :
المسألة الأولى : صلاة المريض إذا عجز عن بعض الأركان .
ووجه التخريج أن الطبيب أثناء العملية كالمريض في سقوط بعض ما يجب من الأركان
والواجبات والجامع بينهما هو العجز عن الإتيان بصلاة تامة الأركان والواجبات .
وقد اتفقت المذاهب الأربعة على أن المريض إذا عجز عن بعض الأركان فإنه لا تسقط عنه الصلاة , ولا يؤخرها عن وقتها ؛ بل يأتي بما يستطيعه ويسقط عنه ما عجز عنه , على خلاف بينهم في بعض المسائل المتفرعة على ذلك .
قال ابن سريج : إذا قيل لك : من يجوز له أن يصلي إيماء ؟ تقول : المريض والمضطجع , والغريق في البحر ... وكل من في معناهم فلا إعادة عليهم إلا أن يكونوا غير طاهرين , والحجة في ذلك الاتفاق .([60])
وقال ابن رشد : أجمع العلماء على أن المريض مخاطب بأداء الصلاة، وأنه يسقط عنه فرض القيام إذا لم يستطعه ويصلي جالسا، وكذلك يسقط عنه فرض الركوع والسجود إذا لم يستطعهما أو أحدهما ويومئ مكانهما .([61])
قلت : إلا أن الحنفية قالوا : إن لم يستطع الإيماء برأسه أخرت الصلاة عنه ولا يومئ بعينيه ولا بقلبه ولا بحاجبيه .([62])
وظاهر كلامهم أنه يؤخرها ولو خرج الوقت بدليل أنهم قيدوا بذلك أن لا يجاوز يوما وليلة , فإن جاوز فلا يقضيها على الصحيح من مذهبهم .
مناقشة التخريج :
يشكل على هذا التخريج أن الطبيب والمريض وإن كانا عاجزين عن أداء الصلاة تامة , إلا أنهما يفترقان في أمرين :
أولهما : أن عجز الطبيب عجز معنوي وعجز المريض عجز حسي.
الثاني : أن سبب الترخيص للمريض هو حصول الضرر عليه , وأما الطبيب فسبب الترخيص في حقه حصول الضرر على غيره .
ونوقش هذا بأن رفع الضرر مطلوب شرعا, سواء في حق المكلف نفسه, أو في حق غيره .
المسألة الثانية : صلاة المحبوس في مكان نجس .
ووجه التخريج هو العجز عن الركوع والسجود , وهو الحال نفسه بالنسبة للطبيب ؛ إذ هو عاجز عن الإتيان بصلاة تامة الأركان والواجبات .
وصلاة المحبوس في مكان نجس اختلف فيها العلماء على قولين , حكاهما النووي فقال :
إذا حبس إنسان في موضع نجس وجب عليه أن يصلي هذا مذهبنا وبه قال العلماء كافة إلا أبا حنيفة فقال لا يجب أن يصلي فيه , دليلنا حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم " رواه البخاري ومسلم وقياسا على المريض العاجز عن بعض الأركان وإذا صلى يجب عليه أن يتجافى عن النجاسة بيديه وركبتيه وغيرهما القدر الممكن ويجب أن ينحني للسجود إلى القدر الذي لو زاد عليه لاقى النجاسة ولا يجوز أن يضع جبهته على الأرض .([63])
و عجز الطبيب والمحبوس في مكان نجس عجز حكمي , بمعنى أنهما قادران على الإتيان بالصلاة كاملة , لكن المحبوس في مكان نجس منعه الشرع من السجود على النجاسة , وأما الطبيب فالمانع في حقه هو الخوف على المريض , فافترقا .
المسالة الثالثة : صلاة الرجل حال القتال إذا اشتد الخوف ولم يتهيأ له صلاة الخوف الأدنى , على الصور المذكورة في الأحاديث , والتي يسميها بعض الفقهاء صلاة شدة الخوف . ([64])
ومثلها الهرب المباح من عدو خوفا من القتل أو الأسر , أو الهرب من سيل أو سبع أو نار أو غريم ظالم , أو الخوف على نفسه أو أهله أو ماله أو نفس غيره , فقد جعلها أكثر الفقهاء من جنس الخوف المبيح لصلاة شدة الخوف .([65])
قال الكاساني رحمه الله : ولو كان الخوف أشد ولا يمكنهم النزول عن دوابهم صلوا ركبانا بالإيماء؛ لقوله تعالى :
(فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) [البقرة: 239] ثم إن قدروا على استقبال القبلة يلزمهم الاستقبال وإلا فلا .([66])
وقال الشافعي رحمه الله : وإن كان الخوف أشد من ذلك، وهي المسايفة، والتحام القتال، ومطاردة العدو، حتى يخافوا إن ولوا أن يركبوا أكتافهم، فيكون سبب هزيمتهم.. فيصلون كيف ما أمكنهم، مستقبلي القبلة، وغير مستقبليها، ركبانًا على دوابهم، ومشاة على أقدامهم، يومئون بالركوع والسجود، ولا يجوز لهم إخراج الصلاة عن وقتها .([67])
وقال النفراوي المالكي : (وإذا اشتد) أي زاد (الخوف عن ذلك) الخوف المتقدم الممكن معه القسم أخروا الصلاة ندبا لآخر الاختياري و (صلوا وحدانا بقدر طاقتهم) ولو بالإيماء حال كونهم (مشاة أو ركبانا ماشين) على الهينة (أو ساعين) هرولة أو جريا.
قال تعالى: (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) [البقرة: 239] حالة كونهم (مستقبلي القبلة وغير مستقبليها) للضرورة.([68])
قال ابن قدامة : وجملة ذلك أنه إذا اشتد الخوف ، بحيث لا يتمكن من الصلاة إلى القبلة ، أو احتاج إلى المشي ، أو عجز عن بعض أركان الصلاة ... ، فله أن يصلي على حسب حاله ، راجلا وراكبا إلى القبلة - إن أمكن - ، أو إلى غيرها إن لم يمكن .
وإذا عجز عن الركوع والسجود ، أومأ بهما ، وينحني إلى السجود أكثر من الركوع على قدر طاقته ، وإن عجز عن الإيماء ، سقط ، وإن عجز عن القيام أو القعود أو غيرهما ، سقط ، وإن احتاج إلى الطعن والضرب والكر والفر ، فعل ذلك , ولا يؤخر الصلاة عن وقتها .([69])
مناقشة التخريج :
والذي يظهر أن هذا التخريج هو أولى التخريجات وأقربها لمسألتنا , وذلك لما يلي :
1- أن سبب الترخيص في صلاة شدة الخوف هو الخوف , وهو كذلك في حق الطبيب , فإنه ما حمله على الصلاة إيماء أو تأخيرها عن وقتها إلا خوفه على المريض أن يتضرر أو يهلك .
2- أن الله سبحانه علق الرخصة بالخوف كما في قوله تعالى
(فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) [البقرة: 239] , فيدخل فيه الطبيب بالنص لا بالقياس , وإن نوزع في هذا فيدخل بالقياس .
قال ابن جرير الطبري : الخوف الذي للمصلي أن يصلي من أجله المكتوبة ماشيا راجلا وراكبا جائلا الخوف على المهجة عند السلة والمسايفة في قتال من أمر بقتاله، من عدو للمسلمين، أو محارب، أو طلب سبع، أو جمل صائل، أو سيل سائل فخاف الغرق فيه.
وكل ما الأغلب من شأنه هلاك المرء منه إن صلى صلاة الأمن، فإنه إذا كان ذلك كذلك، فله أن يصلي صلاة شدة الخوف حيث كان وجهه، يومئ إيماء لعموم كتاب الله:"فإن خفتم فرجالا أو ركبانا"، ولم يخص الخوف على ذلك على نوع من الأنواع، بعد أن يكون الخوف، صفته ما ذكرت.([70])
وقال الإمام الجويني :
ومما يتعلق بتفصيل الخوف أن الخوف لا يختص بما يجري في القتال، بل لو ركب الإنسانَ سيل، فخاف الغرق، أو تغشاه حريق، أو سببٌ آخر من أسباب الهلاك، ومسّت الحاجة إلى صلاة الخوف؛ فإنه يصلي، ولا يعيد في هذه المواضع كلها.
فإن قيل: من أصلكم أن الرخص لا يعدى بها مواضعها، ولذلك لم تثبتوا رخص السفر في حق المريض، وإن كانت حاجة المريض أظهر، وصلاة الخوف تثبت في القتال.
قلنا أولاً: ظاهر القرآن لا تفصيل فيه؛ فإن الرب تعالى قال:
(فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) [البقرة: 239] , ثم في هذا تحقيق من الأصول، وهو أنا لا ننكر إجراء القياس في باب الرخص، إذا لم يمنع مانعٌ، والإجماع في منع إجراء رخص السفر في المرض [من أجلّ الموانع] ، فلا يمتنع أن نعتقد عدم انحسام القياس الممكن في باب إذا لم يمنع منه أصل.([71])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
فأما الخوف فمثل الذي يخاف في نزوله من عدو أو من انقطاعه عن الرفقة الذين لا يحتبسون له أو لا يمكنه النزول لكونه على مركوب لا ينزله عنه إلا انسان وليس هناك من ينزله عنه أو يمكنه النزول ولا يمكنه الصعود ولا يقدر على المشي أو يخاف انفلات الدابة بنزوله ونحو ذلك مما يخاف في نزوله ضررا في نفسه أو ماله فإنه يصلي على حسب حاله كما يصلي الخائف من العدو على ما سنذكره أن شاء الله تعالى لعموم قوله سبحانه:
(فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) [البقرة: 239]. ([72])
3- أن جملة من الفقهاء قد عدوا الخوف على الغير مرخص لصلاة شدة الخوف , فيكون منصوصًا عليه من بعض العلماء .
4- أن الفقهاء نصوا على أن إغاثة الغريق والعمل على إنجائه من الغرق واجب على كل مسلم متى استطاع ذلك،حتى ولو ضاق وقت الصلاة؛ لأن الصلاة يمكن تداركها بالقضاء بخلاف الغريق. ([73])
وهذا هو الحال نفسه بالنسبة للمريض بين يدي الأطباء في غرفة العمليات .
وعلى هذا التخريج , فما العمل في صلاة الطبيب ومن في حكمه , هل يصلونها إيماء , أم يؤخرونها ولو خرج وقت الصلاة ؟
هذا ينبني على القول في صلاة شدة الخوف , هل يجب أداءها في وقتها على أي حال ؟ أم يجب تأخيرها , أم أن المكلف مخير بين هذين الأمرين ؟
تحرير محل النزاع في هذه الصورة :
اتفقت المذاهب الأربعة على أن المقاتل في المعركة إذا كان راكبا , أو راجلا بلا مشي , ولم يكن في حالة طلب للعدو , ولم يحصل له مع العدو مسايفة والتحام , أنه والحال هذه يصلي إيماء ولا يؤخر حتى خروج الوقت .
وقد ذكر بعض العلماء كابن عبد البر والماوردي وابن قدامة وابن الملقن وغيرهم أن الحنفية يقولون بتأخير الصلاة إذا تعذر استقبال القبلة , وهذا وهم , بل الصحيح من مذهبهم أنه يصلي في حال شدة الخوف بالإيماء بالركوع والسجود وترك الاستقبال إذا لم يقدر عليه لكن ليس له أن يقاتل في حال الصلاة فإن فعل بطلت صلاته .([74])
وعليه فيقال : إن الطبيب إن لم يستطع أن يصلي الصلاة كاملة لكن ضاق عليه الوقت ووجد وقتا يكفيه لأداء الصلاة إيماء ولم يكن وقتها يقطع أو يستأصل أو يخيط أو غيرها من الأعمال , بل كان منتظرا مثلا للطبيب المخدر أن ينهي عمله أو للممرض أن يخيط الجرح أو كان يراقب الأجهزة التي على المريض , ولم يكن بأي شيء مضى ضرر على المريض فإنه يجب عليه الصلاة إيماء باتفاق المذاهب الأربعة .
ومحل الخلاف فيما سوى ذلك , كأن يحتاج المقاتل للمسايفة أو المشي أو الركوب أو الطلب([75]) , وبالنسبة للطبيب أن يحتاج لقطع او استئصال او كلام , وهذه للعلماء فيها أربعة أقوال :
القول الأول : أنه يجب أداؤها في الوقت ولو مع المسايفة والمشي والعمل الكثير , فيصلي على حسب استطاعته ولا يؤخر , وهذا مذهب المالكية([76]) والحنابلة ([77]) , واستدلوا بما يلي :
الدليل الأول : عموم الأدلة على وجوب الصلاة في وقتها مع اقترانها بالأدلة الدالة على أن على المكلف يفعل ما بوسعه فعله , فإذا تعذر بعض الصلاة أتى بالباقي محافظة على امتثال الأمر , والرجل حال المسايفة داخل في عموم الأوامر حتى يقوم الدليل على استثناءه , ألا ترى أنا أخرجنا المجنون والصبي من العموم للأدلة الدالة على استثناءهما من عموم الخطاب كقوله صلى اله عليه وسلم : رفع القلم عن ثلاثة .. الحديث .
الدليل الثاني : قال تعالى :
(فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) [البقرة: 239]
قال ابن جرير الطبري : يعني تعالى ذكره بذلك: وقوموا لله في صلاتكم مطيعين له - لما قد بيناه من معناه - فإن خفتم من عدو لكم، أيها الناس، تخشونهم على أنفسكم في حال التقائكم معهم أن تصلوا قياما على أرجلكم بالأرض قانتين لله- فصلوا"رجالا"، مشاة على أرجلكم، وأنتم في حربكم وقتالكم وجهاد عدوكم-أو ركبانا"، على ظهور دوابكم، فإن ذلك يجزيكم حينئذ من القيام منكم، قانتين.([78])
الدليل الثالث : ما رواه البخاري مِن أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال يتقدم الإمام وطائفة من الناس فيصلي بهم الإمام ركعة وتكون طائفة منهم بينهم وبني العدو لم يصلوا فإذا صلى الذين معه ركعة استأخروا مكان الذين لم يصلوا ولا يسلمون ويتقدم الذين لم يصلوا فيصلون معه ركعة ثم ينصرف الإمام وقد صلى ركعتين فيقوم كل واحد من الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة بعد أن ينصرف الإمام فيكون كل واحد من الطائفتين قد صلى ركعتين فإن كان خوف هو أشد من ذلك صلوا رجالا وقياما على أقدامهم أو ركبانا مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها .
قال مالك قال نافع لا أرى عبد الله بن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم([79]).
الدليل الرابع : عن ابن عبد الله بن أنيس، عن أبيه، قال: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إنه قد بلغني أن خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي يجمع لي الناس ليغزوني، وهو بعرنة ، فأته فاقتله "، قال: قلت: يا رسول الله، انعته لي حتى أعرفه، قال: " إذا رأيته وجدت له إقشعريرة " قال: فخرجت متوشحا بسيفي حتى وقعت عليه، وهو بعرنة مع ظعن يرتاد لهن منزلا، وحين كان وقت العصر، فلما رأيته وجدت ما وصف لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإقشعريرة فأقبلت نحوه، وخشيت أن يكون بيني وبينه محاولة تشغلني عن الصلاة، فصليت وأنا أمشي نحوه أومئ برأسي الركوع، والسجود، فلما انتهيت إليه قال: من الرجل؟ قلت: رجل من العرب سمع بك، وبجمعك لهذا الرجل فجاءك لهذا، قال: أجل أنا في ذلك، قال: فمشيت معه شيئا حتى إذا أمكنني حملت عليه السيف حتى قتلته، ثم خرجت، وتركت ظعائنه مكبات عليه، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني فقال: " أفلح الوجه " قال: قلت: قتلته يا رسول الله، قال: " صدقت ... الحديث .([80])
الشاهد : قوله : فصليت وأنا أمشي نحوه أومئ برأسي الركوع .
قال الشوكاني : والحديث استدل بهما على جواز الصلاة عند شدة الخوف بالإيماء ..([81])
وأجيب عن الحديث من أوجه :
الأول : أنه ضعيف .
الثاني أنه قد جاء في لفظ آخر : فصليتُ العصرَ ركعتَينِ خفيفتَينِ وأشفقتُ أن يراني ثم لحِقتُه فضربتُه بالسَّيفِ .. الحديث , وليس فيها ذكر الإيماء , وهذا اللفظ قال عنه الهيثمي : رجاله ثقات([82]), وقال الألباني إسناده جيد .([83])
الثالث : لا يصح الاستدلال به لأنه فعل صحابي , إلا على فرض أن النبي صلى الله عليه وسلم قرره على ذلك .([84])
وأجيب عن هذا بأن " ظاهر حاله أنه أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أو كان قد علم جواز ذلك من قبله ، فإنه لا يظن به أنه يفعل مثل ذلك مخطئا ، وهو رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا يخبره به ، ولا يسأله عن حكمه ." ([85])
الدليل الخامس : أن الصلاة لما تأكد أمرها ولم يجز الإخلال بها ولا تركها بوجه وجب أن يفعل في كل وقت على حسب ما أمكن من فعلها لأن الإتيان بها على وجهها يؤدي إلى تركها عند تعذر ذلك فيها.([86])
الدليل السادس : ولأنه مكلف تصح طهارته فلم يجز له إخلاء وقت الصلاة عن فعلها، كالمريض .([87])
الدليل السابع : الإجماع , قال ابن حزم رحمه الله : قال ابن حزم : وَاتَّفَقُوا أَن الصَّلَاة لَا تسْقط وَلَا يحل تَأْخِيرهَا عمدا عَن وَقتهَا عَن الْبَالِغ الْعَاقِل بِعُذْر أصلا وَأَنَّهَا تُؤدِّي على حسب طَاقَة الْمَرْء من جُلُوس أَو اضطجاع بإيماء أَو كَيْفَمَا أمكنه .
وتعقبه ابن تيمية فقال : النزاع معروف في صور:
منها: حال المسايفة: فأبو حنيفة يوجب التأخير، وأحمد في إحدى الروايتين يجوزه. ومنها: المحبوس في مصر... ([88])
وبناء على هذا القول فإنه يجب على الطبيب أن يصلي الصلاة في وقتها , ولا يحل له تأخيرها عن وقتها ولو تطلب ذلك عمل كثير أثناء الصلاة .
لكن ينبغي أن يقال : إن أداء الصلاة مع كثرة العمل أثناء العملية له حالان :
الحال الأولى : أن يكون الطبيب حال استئصال أو خياطة أو نقل عضو من مكان إلى مكان فالظاهر أنه لا يصلي لأن في ذلك تعريض لحياة المريض للخطر والموت .
الحال الثانية : أن يكون الأمر دون ذلك كأن يكون في حال مراقبة للمريض دون عمل كثير فالظاهر أنه يصلي كصلاة المسايفة لما سبق .
القول الثاني : أنها لا تصح حال المسايفة والمشي, ويجب عليه تأخيرها حتى الأمن , وهذا مذهب الحنفية .([89])
واستدلوا بما يلي :
الدليل الأول : ما رواه الشيخان – واللفظ للبخاري- من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء يوم الخندق بعدما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش وقال: يا رسول الله ما صليت العصر حتى كادت الشمس أن تغيب، قال - صلى الله عليه وسلم - «وأنا والله ما صليتها بعد » قال: فنزل إلى بطحان فتوضأ وصلى العصر بعدما غابت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب .([90])
وجه الدلالة من الحديث: أنها لو جازت الصلاة مع القتال لما أخرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إن الخندق كان بعد شرعية صلاة الخوف، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع، وهي قبل الخندق، هكذا ذكره الواقدي وابن إسحاق. .([91])
وأجيب عنه من وجهين :
الأول : أن هذا الفعل منسوخ , وأن يوم الخندق كان قبل صلاة الخوف وقبل نزول هذه الآية , ويشهد لهذا مارواه الإمام أحمد وغيره من حديث عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه قال: حبسنا يوم الخندق عن الصلاة، حتى كان بعد المغرب بهوي من الليل، حتى كفينا، وذلك قول الله تعالى:
{ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا } [الأحزاب:25] قال: " فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا، فأقام صلاة الظهر فصلاها، وأحسن صلاتها، كما كان يصليها في وقتها، ثم أمره فأقام العصر، فصلاها وأحسن صلاتها، كما كان يصليها في وقتها، ثم أمره فأقام المغرب، فصلاها كذلك "، قال: وذلكم قبل أن ينزل الله في صلاة الخوف (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) [البقرة: 239] ([92])
قال ابن الهمام الحنفي مجيبا على أصحابه الحنفية :
والحق أن نفس صلاة الخوف بالصفة المعروفة من الذهاب والإياب إنما شرعت بعد الخندق وأن غزوة ذات الرقاع بعد الخندق([93]) .
الثاني : يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم نسيها يومئذ بدليل أن عمر رضي الله عنه قال: ما صليت العصر فقال صلى الله عليه وسلم والله ما صليتها .([94])
الدليل الثاني : ما جاء عن أنس رضي الله عنه قال : حضرت عند مناهضة حصن تستر عند إضاءة الفجر واشتد اشتعال القتال فلم يقدروا على الصلاة فلم نصل إلا بعد ارتفاع النهار فصليناها مع أبي موسى ففتح لنا. وقال أنس وما يسرني بتلك الصلاة الدنيا وما فيها .([95])
ووجه الإستدلال : أنهم أخروا الصلاة حتى خرج وقتها , ولو جاز لهم المقاتلة أثناء الصلاة لما أخروا .
ونوقش بأن هذا الدليل خارج محل النزاع لأنهم عجزوا عن أداء الصلاة حتى إيماء , ألا تراه قال : فلم يقدروا على الصلاة .
وأجيب بأن قوله فلم يقدروا على الصلاة يحتمل العجز عن النزول ويحتمل أنه عجز عن الإيماء ([96]), واختيار تأويل على تأويل بلا دليل تحكم .
قلت : والظاهر أن الصحابة إنما أخروا الصلاة لعدم استطاعتهم على الصلاة كما هو الظاهر من حديث أنس , وأنهم تهيأووا للفتح ورجحوا أنهم إن صلوا ولو إيماء فات عليهم مصلحة عظمى تتمثل في هزيمة الكفار وحفظ نفوس المؤمنين ؛ لذا قال الأوزاعي : إن كان تهيأ الفتح ولم يقدروا على الصلاة صلوا إيماء كل امرئ لنفسه، فإن لم يقدروا على الإيماء أخروا الصلاة حتى ينكشف القتال .
الدليل الثالث :لأن إدخال أعمال كثيرة ليست من أعمال الصلاة مفسد لها في الأصل فلا يترك هذا الأصل، إلا في مورد النص، والنص ورد في المشي لا في القتال .([97])
ونوقش بأن القتال في الصلاة عمل أبيح من أجل الخوف ، فلم تبطل الصلاة به ، كاستدبار القبلة ، والركوب ، والإيماء .
ولأنه لا يخلو عند الحاجة إلى العمل الكثير من أجل ثلاثة أمور : إما تأخير الصلاة عن وقتها ، ولا خلاف في تحريمه ، أو ترك القتال وفيه هلاكه , أو متابعة العمل للمتنازع فيه ، وهو جائز بالإجماع ، فتعين فعله وصحة الصلاة معه . ([98])
وبناء على هذا القول فإن الطبيب حال الجرح والاستئصال والخياطة نقل عضو من مكان إلى مكان أنه لا يصلي , بل يجب عليه التأخير ؛ لأنه عمل كثير سيفضي إلى بطلان الصلاة .
القول الثالث : أنها تجب مع المسايفة والمشي([99]) , إلا أن يتتابع الضرب والطعن ويطول العمل فيها , فتبطل حينئذ , لكن يصليها ثم يعيدها وهو الظاهر من قول الشافعي .([100])
واستدلوا بأن الحاجة إلى تتابع الضربات نادر فلم تسقط الإعادة كصلاة من لم يجد ماء ولا ترابا .([101])
وتعقب النووي هذا الدليل فقال : وهذا استدلال ضعيف أو باطل فإنه إنكار للحس والمشاهدة .([102])
ونوقش أيضا ونوقش بأن القتال في الصلاة عمل أبيح من أجل الخوف ، فلم تبطل الصلاة به ، كاستدبار القبلة ، والركوب ، والإيماء .([103])
وبناء على هذا القول فيجب على الطبيب الصلاة , لكن إن كثرت أعماله وأفعاله أثناء الصلاة بطلت , وعليه المضي فيها , ثم إعادتها .
وإن كان عمله يسير فصلاته صحيحة , ولا يعيدها .
القول الرابع : أن المصلي في شدة الخوف مخير بين أداءها إيماء وبين قضاءها بعد خروج وقتها .
وهذا القول رواية عن الإمام أحمد , وجزم بعض الحنابلة برجوعه عنها .([104])
قال أبو داود : سألت أبا عبد الله عن الصلاة صبيحة المغار ، فيؤخرون الصلاة حتى تطلع الشمس ، أو يصلون على دوابهم ؟ قَالَ : كلٌ أرجوا .([105])
وقد ذهب بعض العلماء إلى هذا القول وقالوا إن تأخير النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم الخندق محكم وليس بمنسوخ , وأن المقاتل إن اضطر للتأخير فله ذلك , ويكون فعله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق محكم , وهذا أحد القولين في مذهب أحمد كما سبق , وحكاه البعض مذهباً للبخاري والأوزاعي .([106])
واستدل لهذا القول بما يلي :
الدليل الأول : أن مشروعية صلاة الخوف بعد الأحزاب لا ينافي جواز التأخير , والصحابة في زمن عمر رضي الله عنه أخروا صلاة الفجر حتى ارتفاع النهار في فتح تستر , وقد اشتهر ولم ينكر .([107])
الدليل الثاني : ما رواه البخاري وغيره من حديث نافع، عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من الأحزاب: «لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة»، فأدرك بعضهم العصر في الطريق، وقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذلك, فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحدا منهم.([108])
ووجه الإستدلال أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعنف أحدا من الفريقين فدل على أن المقاتل مخير بين أداءها في وقتها أو تأخيرها عن وقتها كما فعلت الطائفتان .
ونوقش بأن هذا استدلال ضعيف لأنه لم تكن هناك حرب تشغل عن صلاة، ولا كانوا يخافون فوات العصر ببني قريظة بالاشتغال بالصلاة بالكلية .([109])
وعلى هذا القول فإن الطبيب مخير بين الصلاة أثناء العملية أو قضائها بعد خروج وقتها .
الترجيح :
بعد النظر في الأقوال وأدلتها ظهر للباحث رجحان القول الأول لقوة ما استدلوا به .
وعليه فإنه يجب على الطبيب أن يصلي الصلاة في وقتها , ولا يحل له تأخيرها عن وقتها ولو تطلب ذلك عمل كثير أثناء الصلاة , لكن ينبغي أن لا يفضي هذا إلى الإضرار بالمريض فإنه لا يجوز , تغليبا للمصلحة العليا على الدنيا , وقد سبق الكلام على هذه المسألة في تحرير محل النزاع .

المبحث الخامس : الضوابط المبيحة للجمع بين الصلاتين فيما يجمع , أو تأخيرها عن وقتها أو صلاتها إيماء فيما لا يُجمع .
ذكر جماعة من العلماء شروطا وضوابط للحاجة والضرورة المبيحة للرخصة([110]) , وها أنذا أنزلها على مسألتنا , فأقول مستعينا بالله :
الضابط الأول : أن تكون حاجة الطبيب ومن في حكمه للجمع بين الصلاتين
متحققة يقينا أو ظنا .
ولأجل هذا يقال : ليس للطبيب - أو من في حكمه - الذي يغلب على ظنه الفراغ قبل خروج وقت الأولى أن يجمع الثانية معها تقديما لأن الحاجة للجمع هنا غير متحققة لا ظنا ولا يقينا , ولأن الحاجة المتوهمة لا أثر لها لا في الحكم بتاتا , وقد نص الفقهاء والأصوليون على أنه لا عبرة بالتوهم , وأن الرخص لا تناط بالشك ([111]).
وقل مثل ذلك في الصلاة إيماء , فلا يحل للطبيب ومن معه الصلاة إيماء , وهم يسعهم أن يصلوها تامة ولا مشقة عليهم ولا ضرر على المريض , وإنما يلجئون إلى ذلك إذا غلب على ظنهم تحقق المشقة في حقهم أو تحقق الضرر في حق المريض .
قال الشاطبي رحمه الله : إن أسباب الرخص أكثر ما تكون مقدرة ومتوهمة لا محققة، فربما عدها شديدة وهي خفيفة في نفسها؛ فأدى ذلك إلى عدم صحة التعبد، وصار عمله ضائعا وغير مبني على أصل, وكثيرا ما يشاهد الإنسان ذلك؛ فقد يتوهم الإنسان الأمور صعبة، وليست كذلك إلا بمحض التوهم؛ ألا ترى أن المتيمم لخوف لصوص أو سباع، إذا وجد الماء في الوقت أعاد عند مالك، لأنه عده مقصرا؛ لأن هذا يعتري في أمثاله مصادمة الوهم المجرد الذي لا دليل عليه، بخلاف ما لو رأى اللصوص أو السباع وقد منعته من الماء؛ فلا إعادة هنا، ولا يعد هذا مقصرا، ولو تتبع الإنسان الوهم؛ لرمى به في مهاو بعيدة، ولأبطل عليه أعمالا كثيرة، وهذا مطرد في العادات والعبادات وسائر التصرفات.([112])
الضابط الثاني : أن يتعذر دفع الحاجة أو الضرورة بوجه مشروع ليس فيه حرج .
فلو أمكن دفع الحاجة والضرورة بوجه مشروع فالمصير إليه متعين , وعليه فلو كان الطبيب في غنى عن الجمع , بمعنى أنه يمكن أن يصلي كل صلاة في وقتها دون أن يلحقه أو المريض مشقة أو حرج فلا يجوز له الجمع والحال هذه , لإمكان دفع الحاجة , وكذا الصلاة إيماء , فلو أن بعض العمليات لا تستوجب بقاء الشخص الواحد من الفريق الطبي مدة طويلة تستغرق وقت الصلاة كله , فإنه يمكن تناوب البعض في المهام , يذهب جزء من الفريق الطبي يؤدونها , ثم يعودون ويخرج الجزء الثاني للصلاة .([113])
قال الجصاص عند تفسيره لقوله تعالى: ( وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) [الأنعام:119] :
ومعنى الضرورة هاهنا هو خوف الضرر على نفسه أو بعض أعضائه بتركه الأكل وقد انطوى تحته معنيان أحدهما أن يحصل في موضع لا يجد غير الميتة والثاني أن يكون غيرها موجودا ولكنه أكره على أكلها بوعيد يخاف منه تلف نفسه أو تلف بعض أعضائه .([114])
الضابط الثالث : أن يقتصر فيما تبيحه الحاجة على القدر الكافي الذي تزول به الحاجة .
ولذا قال البخاري الحنفي : الثابت بالحاجة يتقدر بقدرها .([115])
ويدخل في هذا قول الأصوليين : إذا زال المانع عاد الممنوع .([116])
وقولهم : ما جاز لعذر بطل بزواله .([117])
وعليه فلو أن الطبيب فرغ من عمليته قبل دخول وقت الثانية , ولم يكن قد جَمَعَ جمْع تقديم فإنه يصلي الظهر فقط ولا يجمع لعدم الحاجة للجمع ولأنه إنما جاز الجمع لحاجة وقد زالت , فيبطل العمل بموجب الحاجة .
ولو فرغ من العملية قبل خروج العصر مثلا , ولم يكن قد صلاها , وجب عليه المبادرة إلى أدائها قبل خروج وقتها ولا يؤخر .
الضابط الرابع : ألا يكون في الأخذ بالحاجة مخالفة لقصد الشرع .
وعليه فالجمع بين الصلاتين الذي يجوز للطبيب أن يفعله يشترط فيه ألا يخالف مقصود الشارع , فلو كان الطبيب سيجري عملية محرمة مجمع على تحريمها كتغيير الجنس أو إجهاض النطف المحرمة , فإنه لايحل له الترخص بالجمع لمخالفته قصد الشارع .
قال الشاطبي رحمه الله : لما ثبت أن الأحكام شرعت لمصالح العباد كانت الأعمال معتبرة بذلك؛ لأنه مقصود الشارع فيها كما تبين، فإذا كان الأمر في ظاهره وباطنه على أصل المشروعية؛ فلا إشكال، وإن كان الظاهر موافقا والمصلحة مخالفة؛ فالفعل غير صحيح وغير مشروع؛ لأن الأعمال الشرعية ليست مقصودة لأنفسها، وإنما قصد بها أمور أخر هي معانيها، وهي المصالح التي شرعت لأجلها؛ فالذي عمل من ذلك على غير هذا الوضع؛ فليس على وضع المشروعات.([118])
الضابط الخامس : ألا يعارض العمل بموجب الحاجة أو الضرورة ما هو أقوى منها .
مثال ذلك : أن يكون في جمع الطبيب للصلاتين تأخير يضر بالمريض وقد يودي بحياته , كأن تكون حالته حرجة وتستدعي تدخلا عاجلا , فهنا عرض للعمل بموجب الحاجة – وهو الجمع – ما هو أقوى منها , وهو المحافظة على حياة المريض , وهي ضرورة , فتقدم الضرورة على الحاجة , والحاجة العليا على ما دونها.
وفي هذا الصدد يقول العز بن عبد السلام : وكذلك التقديم بالحاجة الماسة على ما دونها من الحاجات .([119])
ويقول الطوفي رحمه الله : ثم المناسب ينقسم إلى ما هو في محل الضرورات، وإلى ما هو في محل الحاجات، وإلى ما هو في محل التتمات والتكميلات، وهي في مراتبها على هذا الترتيب في التقديم عند التعارض يقدم الأول ثم الثاني ثم الثالث .([120])

الضابط السادس : السعي لتقصير وقت الاستباحة المبنية على الحاجة أو الضرورة .
الأصل هو امتثال أوامر الله سبحانه واجتناب نواهيه , والسعي في التقليل من الترخص لأن تتبعها قد يودي بدين الإنسان, وفي مسألتنا هذه ينبغي أن يقال:
إن على الأطباء والمسؤولين في المستشفيات أن يجتهدوا بألا يكون توقيت العمليات يتضارب مع أوقات الصلوات , وهذا وإن كان يعسر في العمليات الطارئة ويعسر أيضا في المستشفيات المكتظة بالمرضى لكن لا يعني استحالة السعي في تقصير المستباح , واضرب لهذا مثالا:
لو قُدر أنه يوجد مريض بحاجة إلى إجراء عملية جراحية , وحدد يوم الجمعة موعدا لها , ولم تكن حالته حرجة أو طارئة ؛ بمعنى أنه لو أخرت العملية إلى ما بعد صلاة الجمعة فإنه لا ضرر عليه , فينبغي والحال هذه ألّا يُجعل موعد العملية وقت صلاة الجمعة مما يفوتها على الطبيب, ووجوب حضورها على الأعيان في الأصل محل اتفاق بين المسلمين, وقل مثل ذلك في الطيارين العسكريين الذي يقومون بطلعات تدريبية وقت صلاة الجمعة, فالأولى إن لم يكن الواجب في حق المنظمين لهذه المواعيد أن يسعوا في تقصير وقت الاستباحة المبنية على الحاجة.

المبحث السادس : ملحق بفتاوى العلماء في هذه المسألة .
ملحق (1)​
سُئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
طبيب يعمل بالعمليات الطارئة مما يؤدي أحياناً إلى انشغاله عن الصلاة حتى خروج الوقت، فماذا يصنع وقد قيل له: إنه في تلك الحالة عليه أن يؤدي الصلاة بأي طريقة، فما هي هذه الطريقة وفقكم الله ؟
[الْجَوَابُ]
"الواجب على المسلم أن يصلي الصلاة في وقتها، ولا ينشغل عنها بشيء، اللهم إلا أن يكون شيئاً من الضرورات التي لا حيلة له فيها، مثل إنقاذ غريق من الغرق، إنقاذ أهل البيت من حريق، صد هجوم عدو يخشى منه، فهذا لا بأس أن تؤخر الصلاة لأجله ولو خرج وقتها، أما الأمور العادية التي لا خطر فيها لا يجوز تأخير الصلاة من أجلها.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم لما حاصر أهلُ مكة المدينةَ يوم الأحزاب أَخَّر صلاة الظهر والعصر إلى بعد المغرب، وفي رواية أخرى: (صلاة العصر إلى بعد المغرب) من شغله بالقتال، وثبت أن الصحابة لما حاصروا تستر وانفلق الفجر والقتال قائم والناس على الأسوار وعلى الأبواب أجلوا صلاة الفجر حتى فُتح لهم ثم صلوها ضحى لئلا يفوت الفتح، ولئلا يتراجع الكفار، فإذا كان مثل هذا جاز التأخير، فإذا وقع حريق، وكان فيه أناس من المسلمين فإنه يجوز لك أن تنشغل بإنقاذهم، ولو قدر أن فاتتك الصلاة في وقتها؛ لأن إنقاذ النفوس المسلمة المعصومة له أهمية عظيمة، ولأن هذا الخطر قد لا يُستدرك إلا لو أخر الصلاة، فتفوته المصلحة فجاز التأخير، فكما يؤخر الإنسان في الجمع للمرض والسفر، فجواز تأخيرها عن وقتها أو تأخير العصر عن وقتها أو الفجر عن وقته لإنقاذ غريق أو حريق أو نحو ذلك" انتهى.([121])

ملحق (2)​
سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية هل يجوز تأخير الصلاة حتى خروج وقتها كصلاة العصر مثلا للضرورة، وذلك إذا كان الطبيب في حال إجراء العملية وتحت يده مريض لو تركه ولو لفترة قصيرة فإن في ذلك خطرا على حياته؟
ج 9: على الطبيب المتخصص في إجراء العمليات أن يراعي في إجرائها الوقت الذي لا يفوت به أداء الصلاة في وقتها، ويجوز في حال الضرورة الجمع بين الصلاتين جمع تقديم أو تأخير، كالظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، حسبما تدعو إليه الضرورة، أما إذا كانت لا تجمع إلى ما بعدها كالعصر والفجر فإن أمكن أداؤها في وقتها ولو كان عن طريق النوبة لبعض العاملين، ثم يصلي الآخرون بعدهم فذلك حسن، وإن لم يمكن ذلك فلا حرج في تأخير الصلاة وقضائها بعد انتهاء العملية للضرورة، وهي تقدر بقدرها.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء([122])
عضو عضو الرئيس
بكر بن عبد الله أبو زيد صالح بن فوزان الفوزان عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ

ملحق (3)​
وسُئلت أيضا : ما الحكم الشرعي في تأخير صلاة العصر إلى قبيل دخول وقت صلاة المغرب بسبب ارتباطهم مع بعض المرضى وعدم سماح الكلية لهم بالانصراف حتى يفرغ من علاج المريض ويسمح له الاستشاري؟
ج: على الطبيب المتخصص في إجراء العمليات أن يراعي في إجرائها الوقت الذي لا يفوت به أداء الصلاة في وقتها، ويجوز في حال الضرورة الجمع بين الصلاتين جمع تقديم أو تأخير كالظهر مع العصر والمغرب مع العشاء، حسبما تدعو إليه الضرورة، أما إذا كانت لا تجمع إلى ما بعدها كالعصر والفجر، فإن أمكن أداؤها في وقتها ولو كان عن طريق النوبة لبعض العاملين ثم يصلي الآخرون بعدهم - فذلك حسن، وإن لم يمكن فلا حرج في تأخير الصلاة وقضائها بعد انتهاء العملية للضرورة وهي تقدر بقدرها.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.([123])
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد الله بن غديان ... صالح الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
ملحق (4)​
سُئل الشيخ عبدالله بن جبرين رحمه الله , هل يجوز للطبيب أن يجمع الصلاة إذا كان سوف يدخل غرفة العمليات لإجراء عمليات شاقة تستغرق وقتا طويلا؟ أفيدونا أثابكم الله.
جـ - إذا دخل الوقت كالظهر مثلا قبل بدء العملية وعلم الأطباء وأعوانهم أن العملية تستمر عادة إلى الليل، وأنهم لا يستطيعون أن يتركوها وقت العصر للصلاة خوفا على المريض، الذي يغلب على الظن موته مع تركه، ولا يستطيعون المناوبة بحيث يشتغل بعضهم ويصلي البعض لخطر العملية، أو كون الطبيب الحاذق هو الذي لا بد من حضوره حتى نهاية العملية، فأرى في هذه الحالة جواز تقديم العصر مع الظهر قبيل بدء العملية، فإن هذا عذر أو هو مسوغ للجمع كالمطر والسفر والخوف أو أشد، أما إن علم أن العملية تنتهي قبل الليل فإنهم يؤخرون العصر حتى تنتهي ولو كان فراغهم قبيل الغروب، فإنهم يدركون الوقت في آخره، والله أعلم.([124]
ملحق (5)​
وسُئلت اللجنة العلمية بالشبكة الإسلامية ( اسلام ويب ) , والتي يشرف على فتاويها الدكتور عبد الله الفقيه سلمه الله :
[السُّؤَالُ]
ـ[تم ندبي حديثا للعمل كطبيب مقيم بمستشفى كبير "جراح" أقضي في العمليات ولمدة 3 أيام فترة كبيرة من الممكن أن تصل إلي 10 أو 12 ساعة في كل يوم من الـ 3 أيام المشكلة في الصلاة حيث إني في أغلب الأحوال أكون أعمل في عملية جراحية أوقات الصلاة.. ويكون من الصعب أن أخرج من العملية وأحيانا تمتد العملية إلي الصلاة المقبلة لطول الجراحة أو حدوث مضاعفات أثناء الجراحة كما لا أتمكن من المحافظة على السنن الرواتب.. وأحيانا لا أجد من يصلي معي جماعة فأصلي منفردا.... تلك المشكلة تواجه كثيرا من الأطباء المقيمين الملتزمين.... السؤال: هل يحق لي الجمع في تلك الحالة
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وقد أمر الله تعالى بالمحافظة عليها وعلى أدائها في أوقاتها المحددة، لكن في حالة الأخ السائل هنا إذا كان يجد مشقة في أداء كل صلاة في وقتها، فله أن يجمع لأن الجمع لأجل المشقة مباح عند بعض أهل العلم، بل قد ذكر العلماء أنه إذا دار الأمر بين فوات وقت الصلاة أو هلاك نفس فإن إنقاذ النفس يقدم على الصلاة، ثم إذا لم يجد وقتاً للإتيان بالرواتب فلا حرج عليه في ذلك؛ لأنه مشغول بأمر له أهمية كبرى أيضا، والرواتب سنن وليست فرائض. وإن استطاع الإتيان بها فلا ينبغي تركها لما يترتب عليها من الأجر العظيم، كما أنه لا حرج عليه في الصلاة منفرداً إذا لم يجد جماعة أو وجدها ولم يستطع الذهاب إليها حفاظاً على المريض؛ لأن الخوف على النفس عذر يبيح التخلف عن الجماعة، وننبه هنا إلى أن الجمع إنما يجوز بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء فقط.([125])
ملحق (6)​
وسُئل الشيخ وليد بن راشد السعيدان([126]) , ما حكم تأخير الصلاة عن وقتها للطبيب الذي لا يستطيع الخروج من حجرة العمليات؟
فأجاب : الأصل أنه يجب على الطبيب إذا كان الأمر يدخل تحت تحديده هو أن يختار لمثل هذه العمليات الأوقات الطويلة كبعد صلاة العشاء أو صلاة الفجر, ولا يجوز له أن يتعمد توقيت العملية بوقت يحصل بسببه تفويت الصلاة عن وقتها فإن الوقت آكد شروط الصلاة فتجب المحافظة عليه, قال تعالى { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً } فهذا هو الأصل, لكن إذا لم يكن الأمر داخلاً تحت اختياره وتصرفه فلينظر فإن كان وقت العملية حصل في وقتٍ يجوز جمعه مع الصلاة الأخرى فيجوز له الجمع في هذه الحالة إذا كان يعلم أن وقت العملية سيستغرق الوقتين جميعاً فليصل صلاة جمع تقديم وليتوكل على الله, ولا يجوز له أن يؤخر الصلاتين المجموعتين عن وقتهما, فإن هذا من الكبائر, ولا ضرورة تدعو إليه والأمر بيده وجواز الجمع مشروع لأدنى من ذلك فجوازه في هذه الحالة من باب أولى, فإذا حددت العملية بعيد الظهر ولن تنتهي إلى بعد المغرب مثلاً فليصل الظهر والعصر جمع تقديم, وإذا كان الأيسر له والأرفق بالمريض أن يجمع تأخير فله ذلك كأن تكون العملية مثلاً ستبدأ قبل المغرب بساعة ولن تنتهي إلا بعد الساعة العاشرة ليلاً فليؤخر صلاة المغرب ليصليها مع العشاء جمع تأخير, كل ذلك جائز لا حرج فيه وقد تقرر عند أهل العلم رحمهم الله تعالى أن الجمع رخصة عارضة, ومن أسبابه رفع الحرج عن الإنسان, فلا حرج في هذه الشريعة ولله الحمد والمنة, وأما إذا طلب الطبيب الجراح فجأة لإجراء عملية حاضرة ولا تقبل التأخير ويتعلق بالمبادرة بإجرائها حفظ النفس أو الطرف فهذا نقول له:- قم الآن وأجرها ولا يجوز لك التأخير ولو فاتتك صلوات يومٍ كامل واقضِ إذا انتهت تلك العملية جميع ما فاتك من الصلوات بالترتيب تؤذن للأولى وتقيم لكل صلاة منها وذلك لأن مصلحة حفظ النفس والطرف مقدمة على مصلحة إيقاع الصلاة في وقتها وقد تقرر في الأصول أنه إذا تعارض مصلحتان روعي أعلاهما بتفويت أدناهما, وحفظ النفس من مقاصد الشريعة فهي من الضرورات الخمس التي جاءت الشرائع كلها بوجوب مراعاتها والمحافظة عليها, وهلاك النفس مفسدة وإخراج الصلاة مفسدة لكنها أدنى من الأولى وقد تقرر في القواعد أنه إذا تعارض مفسدتان روعي أشدهما بارتكاب أخفهما ومن المعلوم أن في المبادرة بإجراء هذه العملية درء مفسدة والصلاة في وقتها فيها جلب مصلحة, وقد تقرر في القواعد أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ومن المعلوم أيضاً أنه إذا فاتت النفس فإنه لا بدل لها والصلاة إذا فاتت بعذر فإن لها بدلاً وهو قضاؤها متى ما زال العذر, فهما أمران أحدهما يفوت لغير بدل والثاني يفوت لبدل وقد تقرر في القواعد أن مراعاة ما يفوت لغير بدل مقدمة على ما يفوت لبدل, وهذا متقرر عند الفقهاء رحمهم الله تعالى, والضرر الحاصل من عدم إجراء العملية الآن ضرر عظيم كبير, والضرر الحاصل بتفويت الصلاة عن وقتها لعذرٍ أخف من ذلك, وقد تقرر في القواعد أنه إذا تعارض ضرران روعي أشدهما بارتكاب أخفهما, فالقواعد تفيد أن الطبيب يجب عليه أن يجري هذه العملية الطارئة ويقضي ما فاته من الصلوات بعد فراغه مباشرة, والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .([127])

([1]) أخرجه البخاري 1/25، 26 في كتاب العلم باب من يرد الله به خيراً يفقهه من حديث معاوية رضي الله عنه.
([2]) غريب الحديث للقاسم بن سلام 2/44
([3]) الموسوعة الكويتية 12/135
([4]) المصباح المنير 2/360
([5]) بداية المجتهد 2/118
([6]) الممتع في شرح المقنع 2/379
([7]) انظر الحاجة وأثرها في الأحكام للدكتور أحمد الرشيد 1/83
([8]) تعارض دلالة اللفظ والقصد في أصول الفقه والقواعد الفقهية للدكتور خالد آل سليمان 2/687
([9]) المرجع السابق
([10]) في نظري أن الحاجة وحدها تكفي لاستباحة الجمع بين الصلاتين كما سيأتي , وكذا أيضًا هي كافية في جواز الصلاة إيماء إذا ضاق الوقت عند من يقول به أو تأخيرها عن وقتها عند من يقول به أيضا .
([11]) تفسير الطبري 9/170
([12]) رواه مسلم
([13]) رواه أحمد 14538 ط الرسالة , والنسائي وغيرهما وصححه الألباني
([14]) بداية المجتهد 1/92
([15]) المغني 2/8
([16]) الشرح الممتع 2/96
([17]) التمهيد 3/290
([18]) مراتب الإجماع 1/32
([19]) مجموع الفتاوى 21/161
([20]) قلت : وهذه من غرائب المسائل أن يحكي عالمان في عصر واحد ومكان متقارب إجماعين متناقضين على مسألة واحدة , والأشد غرابة أن ابن حزم درس برهة من الزمن على شيخه ابن عبد البر .
([21]) انظر المسألة في فتح الباري لابن رجب 5/133 , الاستذكار 1/77 , منهاج السنة لابن تيمية 5/231
([22]) إحكام الأحكام لابن دقيق العيد 1/329 , فتح الباري لابن حجر 3/526 , وممن حكاه أيضا ابن المنذر، وابن قدامة، والنووي، وابن رشد، وغيرهم ..
([23]) سيأتي تخريجه
([24]) رواه أبو داود (287)، والترمذي (128)، وابن ماجه (627)، وأحمد (6 /439).
وقال ابن حجر في البلوغ : صححه الترمذي وحسنه البخاري , انظر البلوغ حديث رقم 140
([25]) انظر في هذا كله الذخيرة للقرافي 2/375 , المجموع للنووي 4/253 , المغني لابن قدامة 2/273 ,
الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي 2/1374 .
([26]) الإنصاف 2/321 , قال رحمه الله : فوائد : منها : يجوز الجمع للمرض للمشقة بكثرة النجاسة. على الصحيح من المذهب نص عليه. وذكر في الوسيلة رواية: لا يجوز. وهو ظاهر كلام المصنف وغيره. وقال أبو المعالي: هو كمريض.
ومنها : يجوز الجمع أيضا لعاجز عن الطهارة والتيمم لكل صلاة. جزم به في الرعاية. والفروع.
ومنها : يجوز الجمع للمستحاضة ومن في معناها. على الصحيح من المذهب، نص عليه، وقيل: لا يجوز. وعنه إن اغتسلت لذلك جاز وإلا فلا. وتقدم وجه أنه لا يجوز لها الجمع إلا في وقت الثانية.
ومنها : يجوز الجمع أيضا للعاجز عن معرفة الوقت، كالأعمى ونحوه. قال في الرعاية: أومأ إليه.
ومنها : ما، قاله في الرعاية وغيرها: يجوز الجمع لمن له شغل أو عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة، كخوفه على نفسه، أو حرمه، أو ماله، أو غير ذلك. انتهى. وقد قال أحمد في رواية محمد بن مشيش: الجمع في الحضر إذا كان عن ضرورة = مثل مرض أو شغل. قال القاضي: أراد بالشغل ما يجوز معه ترك الجمعة والجماعة من الخوف على نفسه أو ماله. قال المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين: وهذا من القاضي يدل على أن أعذار الجمعة والجماعة كلها تبيح الجمع. وقالا أيضا: الخوف يبيح الجمع في ظاهر كلام الإمام أحمد، كالمرض ونحوه. وأولى، للخوف على ذهاب النفس والمال من العدو. قال في الفروع وشرحه، [ويتوجه أن] مراد القاضي غير غلبة النعاس. قلت: صرح بذلك في الوجيز. فقال: ويجوز الجمع لمن له شغل أو عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة، عدا نعاس ونحوه.
وقال في الفائق بعد كلام القاضي قلت: إلا النعاس. وجزم في التسهيل بالجواز في كل ما يبيح ترك الجمعة. واختار الشيخ تقي الدين جواز الجمع للطباخ، والخباز ونحوهما، ممن يخشى فساد ماله ومال غيره بترك الجمع.
([27]) الفتاوى 24/28
([28]) الذخيرة للقرافي 2/375
([29]) الحاوي الكبير 2/304
([30]) الأم للشافعي 2/167
([31]) رواه مسلم حديث رقم 705
([32]) انظر مجموع الفتاوى لابن تيمية 24/83
([33]) الذخيرة للقرافي 2/375 , وقد تخرج مسألتنا أيضا على قولهم فيمن يخاف أن يغمى عليه وقت الثانية أنه يجمع تقديما
([34]) شرح منتهى الإرادات للبهوتي 1/298
([35]) وسيأتي الجواب على حديث ابن عباس في الجمع للحاجة .
([36]) مجموع الفتاوى 24/76
([37]) والشافعية لا يسلمون بالقياس على المريض أصلا لأنهم لا يجيزون له الجمع , انظر روضة الطالبين 1/401
([38]) فتح الباري لابن رجب 6/49
([39]) ذكر المالكية أن من كان يتوقع تأخير الصلاة الثانية عن وقتها بسبب الخوف فإنه يجمع في وقت الأولى , وإن كان يتوقع أن خوفه لا يتسبب في تأخير الصلاة الثانية عن وقتها لكنه يمنع الخشوع فإنه يجمع جمعا صوريا . انظر حاشية العدوي على الخرشي 2/292
([40]) الإنصاف 2/321
([41]) الأوسط لابن المنذر 2/433
([42]) المصدر السابق
([43]) شرح النووي على مسلم 5/288
([44]) انظر المفهم 2/346 , سبل السلام 3/146 , نيل الأوطار 2/474
([45]) شرح النووي على صحيح مسلم 5/218
([46]) الاستذكار 2/210
([47]) صحيح ابن خزيمة 2/86
([48]) السنن الكبرى للبيهقي 3/167
([49]) نقل هذا عنه ابن رجب في الفتح 3/85
([50]) انظر تخريج حديث ابن عباس في الجمع بين الصلاتين لخالد بن صالح الغصن شبكة السنة النبوية وعلومها .
([51]) شرح النووي على مسلم 5/218
([52]) نص على هذا المعنى ابن تيمية في الفتاوى 24/77
([53]) الذخيرة 2/375
([54]) المجموع للنووي 4/384
([55]) لكن جاء عن بعض المالكية في القوم ينكسر بهم المركب فيتعلقون بالألواح والأرجل ويعجزون عن الصلاة إيماء حتى يخرج وقت الصلاة , أنه لا يجب عليهم القضاء , قال ابن رشد : وهي رواية معن بن عيسى عن مالك في الذين يكتفهم العدو فلا يقدرون على الصلاة . انظر البيان والتحصيل لابن رشد 1/388
([56]) مجموع الفتاوى "21/634"
([57]) مجموع الفتاوى "8/438"
([58]) مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح 1/138
([59])
([60]) الودائع لمنصوص الشرائع 1/249
([61]) بداية المجتهد ونهاية المقتصد 4/33
([62]) الهداية في شرح بداية المبتدي 1/77
([63]) المجموع شرح المهذب 3/155
([64]) قال الشافعي رحمه الله في الأم 1/246 : وأذن الله تبارك وتعالى في صلاة الخوف بوجهين: أحدهما الخوف الأدنى، وهو قول الله عز وجل {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة} [النساء: 102] الآية، والثاني الخوف الذي أشد منه، وهو قول الله تبارك وتعالى {فإن خفتم فرجالا أو ركبانا} [البقرة: 239] .
([65]) ينظر مراقي الفلاح 1/154 , بدائع الصنائع 1/245 , شرح مختصر خليل للخرشي 1/262 , البيان في مذهب الشافعي 2/527 , الكافي لابن قدامة 1/237 , على خلاف بينهم في ضوابط بعض الصور .
([66]) بدائع الصنائع 1/245
([67]) البيان للعمراني 2/527
([68]) الفواكه الدواني 1/269
([69]) المغني 2/92
([70]) تفسير الطبري 5/245
([71]) نهاية المطلب 2/598
([72]) شرح عمدة الفقه لابن تيمية 1/516
([73]) الفتاوى الكبرى لابن حجر الهيتمي 4/215 , وانظر الموسوعة الفقهية الكويتية 31/183
([74]) ترددت كثيرا في هذا التعقب حتى وجدت العراقي في طرح التثريب 3/148 قد نص عليه , قال رحمه الله : والذي في كتب الحنفية ومنهم صاحب الهداية أنه يصلي في حال شدة الخوف بالإيماء بالركوع والسجود وترك الاستقبال إذا لم يقدروا عليه لكن ليس لهم أن يقاتلوا في حال الصلاة فإن فعلوا بطلت صلاتهم فظهر بذلك أنهم أوجبوا الصلاة مع اختلال الأركان إلا في حالة الاحتياج للفعل الكثير المنافي للصلاة فلم يغتفروا ذلك وأخروا الصلاة لأجله فخالفوا الجمهور في هذه الصورة فقط لا مطلقا . انتهى
([75]) لم أدرج خلاف العلماء في صلاة الطالب للعدو لعدم أهميتها في صلب البحث وقد اختلفوا فيها على قولين :
القول الأول : لا تصح الصلاة لأنه لا خوف في حقه , وهذا مذهب الحنفية والشافعية ورواية عن أحمد اختارها القاضي وصححها ابن عقيل والقول الثاني : أنها تصح , وهو مذهب المالكية وهو المذهب عند الحنابلة .
([76]) حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني 1/387 , قال رحمه الله : يجوز في تلك الحالة أعني حال اشتداد الخوف المذكور مشي كثير وركض وهو تحريك الرجل وهو أشد من المشي وطعن برمح ورمي نبل وكلام بغير إصلاحها ولو كثر إن احتيج له فيما يتعلق بهم كتحذير غيره ممن يريده أو أمره بقتله، وكتشجيع وافتخار عند الرمي ورجز إن ترتب على ذلك توهين العدو وإلا لم يكن من المحتاج له وإمساك ملطخ بدم أو غيره إلا أن يستغني عنه ولم يخش عليه . انتهى , وقد ندبوا تأخيرها لآخر وقتها الاختياري إذا رجوا الانكشاف قبله , فإن أيسوا صلوا أول الوقت . انظر حاشية الدسوقي 1/393
([77]) المغني 3/316
([78]) تفسير الطبري 5/237
([79]) البخاري رقم 4261
([80]) رواه أحمد هكذا مطولا حديث رقم 16047 , ورواه مختصرا ابن أبي شيبة في مصنفه حديث رقم 307 , أبو يعلى (905) ، وابن خزيمة (983) ، وابن حبان (7160) وأبو داود 1249 والبيهقي في السنن 18341 , قال عنه ابن كثير : إسناده جيد كما في تفسيره 1/463 , وحسنه العراقي كما في طرح التثريب 3/150, وحسنه الحافظ في الفتح 2/502 , وضعفه البوصيري كما في اتحاف الخيرة المهرة 8/170 , وضعفه الألباني في الإرواء 3/48 .
([81]) نيل الأوطار 3/383
([82]) مجمع الزوائد 6/206
([83]) السلسلة الصحيحة 6/480 حديث رقم 2981
([84]) انظر نيل الأوطار 3/383
([85]) المغني لابن قدامة 2/95
([86]) المنتقى للباجي 1/325
([87]) المغني 3/317
([88]) نقد مراتب الإجماع 1/289
([89]) الهداية في شرح بداية المبتدي 1/88
([90]) البخاري 571, مسلم 631
([91]) الاختيار لتعليل المختار 1/89
([92]) رواه الإمام أحمد في مسنده 11466 ط الرسالة , أخرجه النسائي في "المجتبى" 2/17، وابن خزيمة (996) و (1703)
([93]) شرح فتح القدير 2/101
([94]) المنتقى للباجي 1/325
([95]) رواه البخاري في صحيحه معلقا بصيغة الجزم ووصله ابن سعد وابن أبي شيبة من طريق قتادة عنه .
([96]) فتح الباري لابن حجر 2/435
([97]) بدائع الصنائع 1/245
([98]) المغني 3/318
([99]) الشافعية يفرقون بين المشي الكثير فيرخصون فيه بخلاف الكثرة في الطعن والضرب .
([100]) الأم 2/465 , قال رحمه الله : فأما إن تابع الضرب أو الطعن أو طعن طعنة فرددها في المطعون أو عمل ما يطول فلا يجزيه صلاته، ويمضي فيها، وإذا قدر على أن يصليها لا يعمل فيها ما يقطعها، أعادها، ولا يجزيه غير ذلك .انتهى= لكن النووي في روضة الطالبين 2/61 قال : وأما الأفعال الكثيرة، كالطعنات، والضربات المتوالية، فهي مبطلة إن لم يحتج إليها، فإن احتاج، فثلاثة أوجه. أصحها عند الأكثرين وبه قال ابن سريج، والقفال: لا تبطل. والثاني: تبطل. حكاه العراقيون عن ظاهر النص. والثالث: تبطل إن كان في شخص واحد، ولا تبطل في أشخاص، وعبر بعضهم عن الأوجه بالأقوال.
([101]) المجموع للنووي 4/427
([102]) المرجع السابق
([103]) المغني 3/318
([104]) الإنصاف 2/359
([105]) فتح الباري لابن رجب 6/49
([106]) فقه الدليل شرح التسهيل للفوزان 2/283, 284
([107]) فقه الدليل شرح التسهيل للشيخ عبد الله الفوزان 2/284
([108]) رواه البخاري في صحيحه 4119
([109]) فتح الباري لابن رجب 8/409
([110]) معظم هذه الضوابط مستقاة ومستفادة من كتابَي : الحاجة وأثرها في الأحكام للدكتور أحمد الرشيد , وتعارض دلالة اللفظ والقصد للدكتور خالد آل سليمان
([111]) انظر المرجع السابق .
([112]) الموافقات 1/509
([113]) انظر الجمع بين الصلاتين لعبد الله التميمي .
([114]) أحكام القرآن للجصاص 1/159
([115]) كشف الأسرار شرح أصول البزدوي 2/352
([116]) شرح القواعد الفقهية للزرقا 1/191
([117]) المرجع السابق
([118]) الموافقات 3/121
([119]) قواعد الأحكام في مصالح الأنام1/172
([120]) شرح مختصر الروضة 3/385
([121]) عن طريق موقع الإسلام سؤال وجواب للشيخ محمد بن صالح المنجد www.islamqa.com
([122]) فتاوى اللجنة الدائمة 25/44
([123]) فتاوى اللجنة الدائمة 7/28
([124]) الفتاوى الشرعية في المسائل الطبية ص 44
([125]) عبر موقعها الالكتروني www.islamweb.net
([126]) أحد طلاب العلم المعاصرين المبرزين بمنطقة الدلم بالمملكة العربية السعودية
([127]) الإفادة الشرعية في بعض المسائل الطبية
 
التعديل الأخير:

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: حكم تأخير الطبيب ومن في حكمه الصلاةَ عن وقتها للحاجة أو الضرورة

رد: حكم تأخير الطبيب ومن في حكمه الصلاةَ عن وقتها للحاجة أو الضرورة

بارك الله فيك ونفع بك

وهذه إضافة بالنسبة للفتاوى التى صدرت فى المسألة

فتوى الشيخ محمد صالح المنجد

http://www.islam-qa.com/ar/4426
طبيب جراح ترك النصرانية ويتساءل كيف يصلي أثناء العملية لو أسلم
السؤال :
أنا حاليا غير مسلم ولكنني أبحث في الدين الإسلامي ولدي سؤال عن الصلوات الخمس وتأثيرها على حياة الشخص ، أعرف أنها تستغرق دقائق لتأديتها ويجب أن تكون في أوقات محددة وهي واجبة على كل شخص . أعمل الآن كجراح وإذا كان شخص يعمل جراحاً يجب أن يركز في عمله لأن حياة الآخرين بين يديه ، وربما يكون وقت الجراحة يستغرق أكثر من الوقت بين الصلاتين فماذا يفعل الشخص في تلك الحالة ؟
الذي يبدو لي أن متطلبات الإسلام ومتطلبات العمل والمهنة لا تتفقان وتتعارضان .
لا أدري ماذا يقول المخلصون من المسلمين وأصحاب العلم عن هذا التفكير وكيف يمكن التوفيق بين حياة إسلامية وحياة عملية ؟


الجواب:الحمد لله
قبل الإجابة لا بدّ أن نقدّر لك أيها السائل اهتمامك بدين الإسلام وسعيك لمعرفة الحقّ وأنّك تركت دينا باطلا وهو النّصرانية لتبحث عن الدّين الصحيح وهذا موقف نبيل يدلّ على تجرّدك من التقليد الأعمى والانعتاق من أسْر العادات وما نشأت عليه وقد قال ربنا تبارك وتعالى ينعى على من يقلّد بالباطل : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءابَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ ءابَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ (170) سورة البقرة ، ووصف الله قوما من النصارى لما عرفوا بدين الإسلام وسمعوا الوحي الذي أنزله الله على نبيه صلى الله عليه فاتّبعوا الحقّ وانقادوا له فقال الله عنهم : ( وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا ءامَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ(83) وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ(84) سورة المائدة ، ويجب أن نشكر لك أيضا فهمك لأهمية الصلوات الخمس ووجوبها في أوقاتها ، ونحن نحبّ أن نؤكّد على حقيقة مهمة في دين الإسلام وهي أنّ الذي أنزله وشرع أحكامه ورضيه لعباده هو الله عزّ وجلّ الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء وهو علام الغيوب يعلم ما كان ويكون وما سيكون ويعلم قبل أن يخلق السماوات والأرض أنّه سيكون هناك وقت يتطور فيه الطبّ عند البشر وأنّ أطباءهم سيجرون العمليات الجراحية الطويلة كعمليات القلب المفتوح وعمليات زراعة الأعضاء كالكبد وعمليات سرطان المريء وعمليات إصابات حوادث السيارات المعقّدة وغيرها ، ولذلك فإن الشريعة التي أنزلها صالحة لكلّ زمان ومكان لا تتعارض مع تقدّم علميّ ولا واجب عمليّ ، وقبل الشّروع في الإجابة المفّصلة عما أُشكل عليك نورد الملاحظات التالية :
- أن مثل هذه العمليات عادة ما يقوم بها فريق جراحي يتضمّن جراحين مساعدين مع الجراحين الأساسيين بحيث يُمكن التناوب عند الحاجة .
- أنّ بعض العمليات يقوم فيها الأطباء المشاركون بأدوار مختلفة وموزّعة بحسب تخصّصاتهم وليس يحصل دائما أن يستمر واحد في العملية الطويلة من أولها إلى آخرها فترى واحدا يشقّ والآخر طبيب قلب والثالث متخصص في جراحة الأوعية الدموية ثم يأتي الأول ليخيط الجرح في النهاية وفي بعض العمليات قد لا يتعدى دور الطبيب المتخصص نصف وقت العملية ككل .
- إنّ العمليات التي تستغرق ساعات طويلة جدا كعشر ساعات فما فوق هي عمليات نادرة أو قليلة العدد وليست كثيرة .
- وأما بالنسبة للإجابة المفصّلة عن كيفية أداء الطبيب الجراح للصلاة فهي كما يلي :
(1) الأصل أن تُصلى كل صلاة في وقتها ، قال الله تعالى : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) .
(2) إذا كانت العملية طويلة فيحاول الطبيب أن يبدأ العملية بعد الصلاة في أول وقت الصلاة الأولى إلى ما قبل نهاية وقت الصلاة التي بعدها ، ليتمكّن من أداء كل صلاة في وقتها .
(3) ينبغي ما أمكن ترتيب جداول العمليات بحيث لا يأتي وقت صلاتين معا كأن تبدأ العملية الطويلة في الصّباح الباكر وتستمر إلى ما قبل صلاة العصر بحيث يصلي الظّهر في وقتها فيتوفّر لديه ساعات عدّة لعمل متواصل ، فلو بدأ مثلا العملية في الساعة الثامنة صباحا وانتهى في الساعة الثانية بعد الظّهر فيكون لديه ستّ ساعات عمل متواصلة لو أراد .
(4) إذا كان يمكن أن يذهب للصلاة في وقتها أثناء العملية ويُكمل العمل غيره من أعضاء الفريق الجراحي ثم يتبادلون الأدوار فعلوا ذلك . ونحن نتساءل لو أنّ الطبيب حضره قضاء الحاجة أثناء العملية ماذا يفعل ؟ إن ترتيبات العمليات الجراحية تُشير إلى إمكانية مراعاة هذا ، بل قد علمنا أن بعض الجراحين يرتاح قليلا أو يأكل في وقت العملية الطويلة ويتابع غيره فمراعاة الصلاة من باب أولى .
(5) إذا لم يمكن ما تقدّم فلا حرج في الجمع بين الصلاتين للحاجة كالجمع بين صلاتي الظّهر والعصر فيصلّيهما جمع تأخير في وقت صلاة العصر .
(6) وفي الحالات النادرة جدا لو استمرت العملية وقتا طويلا جدا يتجاوز وقت الصلاتين المجموعتين كأن تبدأ قبل الظّهر وتنتهي بعد المغرب ولم يمكنه الخروج لأداء الصلاة فإنّه يصلي على حسب حاله ، نعم يصلي أثناء العملية فيكبّر تكبيرة الافتتاح ويقرأ القرآن ويومئ عند الركوع والسجود ما أمكنه جاعلا سجوده أخفض من ركوعه كحال المقاتل في جبهة القتال عند الالتحام بالأعداء في المعارك الطويلة أو في حالات المطاردة أو الفرار من العدو يصلي على حسب حاله ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها والحمد لله الذي لم يجعل علينا في الدين من حرج .
وهذه الأحكام أدلتها ثابتة وأقوال العلماء فيها وفي حالاتها معروفة ومبثوثة في كتب الفقه الإسلامي مما يدلّ بجلاء على مرونة هذه الشريعة الإسلامية المباركة واستيعابها لكافّة المستجدّات والتطورّات في عالم البشر في القديم والحديث وليس ذلك بغريب ، أليست تنزيلا من حكيم حميد وعليم خبير .
وختاما ندعوك أيها السائل اللبيب إلى المسارعة بالدخول في دين الإسلام الذي يكفل السعادة لمن اتّبعه في الدنيا والآخرة ويقدّم الحلول لسائر المشكلات ونحن على استعداد لتقديم ما يلزم من الإيضاحات ، والله الموفّق والهادي إلى سواء السبيل .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد

http://www.islam-qa.com/ar/4426
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: حكم تأخير الطبيب ومن في حكمه الصلاةَ عن وقتها للحاجة أو الضرورة

رد: حكم تأخير الطبيب ومن في حكمه الصلاةَ عن وقتها للحاجة أو الضرورة

(5) إذا لم يمكن ما تقدّم فلا حرج في الجمع بين الصلاتين للحاجة كالجمع بين صلاتي الظّهر والعصر فيصلّيهما جمع تأخير في وقت صلاة العصر .
لم لا يصلي لحرمة الوقت على أي هيئة ويعيد؟
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: حكم تأخير الطبيب ومن في حكمه الصلاةَ عن وقتها للحاجة أو الضرورة

رد: حكم تأخير الطبيب ومن في حكمه الصلاةَ عن وقتها للحاجة أو الضرورة

q2.gif
اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد محمد عوض
(5) إذا لم يمكن ما تقدّم فلا حرج في الجمع بين الصلاتين للحاجة كالجمع بين صلاتي الظّهر والعصر فيصلّيهما جمع تأخير في وقت صلاة العصر .
q.gif



لم لا يصلي لحرمة الوقت على أي هيئة ويعيد؟

المجموع شرح المهذب للإمام النووى:
الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْمَعْرُوفُ مِنْ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَطُرُقِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يجوز الجمع بالمرض وَالرِّيحِ وَالظُّلْمَةِ وَلَا الْخَوْفِ وَلَا الْوَحَلِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ يَجُوزُ الْجَمْعُ بِعُذْرِ الْخَوْفِ وَالْمَرَضِ كَجَمْعِ الْمُسَافِرِ يَجُوزُ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا والاولى أن يفعل اوفقهما بِهِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ الْمُتَوَلِّي وَقَوَّاهُ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ قال مالك واحمد يجوز الْجَمْعُ بِعُذْرِ الْمَرَضِ وَالْوَحَلِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَاسْتَحْسَنَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ قُلْتُ وَهَذَا الْوَجْهُ قَوِيٌّ جِدًّا وَيُسْتَدَلُّ لَهُ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ " جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ "
رَوَاهُ مُسْلِمٌ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ هَذَا الْجَمْعَ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالْمَرَضِ وَإِمَّا بِغَيْرِهِ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ أَوْ دُونَهُ وَلِأَنَّ حَاجَةَ الْمَرِيضِ وَالْخَائِفِ آكَدُ مِنْ الْمَمْطُورِ
http://shamela.ws/browse.php/book-2186#page-2044

أعتقد والله أعلم أن من أفتى بتقديم الجمع (الظهر مع العصر (الظهران معاً) والمغرب مع العشاء (العشائان معاً)) على الصلاة بأى حال ممن يرى رجحان هذا القول المشار إليه لأن فى نظرى القاصر هذه المسألة (وبعد فشل كل محاولات الطبيب التى بذلها لأداء الصلاة فى وقتها كاملة الأركان (فى الخطوات 2 و3 و4 التى فى الفتوى)) تدخل فى عبارة (الجمع بغير المرض مما فى معناه أو دونه) وبالتالى لا يكون هناك داعى لإقامة صلاة ناقصة الأركان (الصلاة على أى حال ولو كان سيعيدها) مع إمكان إقامة صلاة كاملة الأركان بالجمع المتقرر جوازه ولا غبار عليه طبقاً لهذا القول الفقهى الراجح عند من أفتى وإن كان ليس راجحاً فى المذهب الشافعى بل هو وجه غير معتمد فيه قواه الإمام النووى جداً


هذا مجرد تفكيرى القاصر
والله أعلم
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: حكم جمع أو تأخير الصلاة عن وقتها للطبيب ومن في حكمه للضرورة

الأشباه والنظائر للسيوطي:
قَاعِدَةٌ : فِيمَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ بَعْدَ فِعْلِهِ لِخَلَلٍ , وَمَا لَا يَجِبُ .
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ : قَالَ الْأَصْحَابُ : الْأَعْذَارُ قِسْمَانِ : عَامٌّ , وَنَادِرٌ .
فَالْعَامُّ : لَا قَضَاءَ مَعَهُ لِلْمَشَقَّةِ , وَمِنْهُ : صَلَاةُ الْمَرِيضِ قَاعِدًا , أَوْ مُومِيًا , أَوْ مُتَيَمِّمًا ; وَالصَّلَاةُ بِالْإِيمَاءِ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ , وَبِالتَّيَمُّمِ فِي مَوْضِعٍ , يَغْلِبُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ .
وَالنَّادِرُ : قِسْمَانِ : قِسْمٌ يَدُومُ غَالِبًا , وَقِسْمٌ لَا يَدُومُ .
فَالْأَوَّلُ : كَالْمُسْتَحَاضَةِ , وَسَلَسِ الْبَوْلِ , وَالْمَذْيِ , وَمَنْ بِهِ جُرْحٌ سَائِلٌ , أَوْ رُعَافٌ دَائِمٌ , أَوْ اسْتَرْخَتْ مَقْعَدَتُهُ فَدَامَ خُرُوجُ الْحَدَثِ مِنْهُ , وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ , فَكُلُّهُمْ يُصَلُّونَ مَعَ الْحَدَثِ , وَالنَّجَسِ , وَلَا يُعِيدُونَ لِلْمَشَقَّةِ وَالضَّرُورَةِ .
وَالثَّانِي نَوْعَانِ : نَوْعٌ يَأْتِي مَعَهُ بِبَدَلٍ لِلْخَلَلِ , وَنَوْعٌ لَا يَأْتِي .
فَالْأَوَّلُ : كَمَنْ تَيَمَّمَ فِي الْحَضَرِ لِعَدَمِ الْمَاءِ , أَوْ لِلْبَرْدِ مُطْلَقًا , أَوْ لِنِسْيَانِ الْمَاءِ فِي رَحْلِهِ , أَوْ مَعَ الْجَبِيرَةِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى غَيْرِ طُهْر , وَالْأَصَحُّ فِي الْكُلِّ : وُجُوبُ الْإِعَادَةِ . وَمِنْهُ مَنْ تَيَمَّمَ مَعَ الْجَبِيرَةِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى طُهْرٍ , وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ , فِي الْأَصَحِّ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ , وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ جَعَلَ مَسْأَلَةَ الْجَبِيرَةِ : مِنْ الْعُذْرِ الْعَامِّ وَهُوَ حَسَنٌ .
وَالثَّانِي : كَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا , وَالزَّمِنِ , وَالْمَرِيضِ الَّذِي لَمْ يَجِدْ مَنْ يُوَضِّئُهُ , أَوْ مَنْ يُوَجِّهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ , وَالْأَعْمَى الَّذِي لَمْ يَجِدْ مَنْ يَدُلُّهُ عَلَيْهَا , وَمَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ لَا يُعْفَى عَنْهَا , وَلَا يَقْدِرُ عَلَى إزَالَتِهَا وَالْمَرْبُوطِ عَلَى خَشَبَةٍ وَمَنْ شُدَّ وَثَاقُهُ ; وَالْغَرِيقِ , وَمَنْ حُوِّلَ عَنْ الْقِبْلَةِ , أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الصَّلَاةِ مُسْتَدْبِرًا أَوْ قَاعِدًا . فَكُلُّ هَؤُلَاءِ تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْإِعَادَةُ ; لِنُدُورِ هَذِهِ الْأَعْذَارِ .
وَأَمَّا الْعَارِي : فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ , وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَقِيلَ : يُومِئُ , وَيُعِيدُ.
وَمَنْ خَافَ فَوْتَ الْوُقُوفِ لَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ : قِيلَ : يُصَلِّي صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَيُعِيدُ , وَاخْتَارَهُ الْبُلْقِينِيُّ . صَرَّحَ بِهِ الْعِجْلِيُّ , كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ وَقِيلَ : لَا يُعِيدُ . وَقِيلَ : يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ , وَيُفَوِّتُ الْوُقُوفَ , وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ . وَقِيلَ : يُبَادِرُ إلَى الْوُقُوفِ , وَيُفَوِّتُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْ الْوَقْتِ , لِلْجَمْعِ بِمَشَقَّةِ السَّفَرِ , وَمَشَقَّةُ فَوَاتِ الْحَجِّ أَصْعُبُ , وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ .
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: حكم تأخير الطبيب ومن في حكمه الصلاةَ عن وقتها للحاجة أو الضرورة

رد: حكم تأخير الطبيب ومن في حكمه الصلاةَ عن وقتها للحاجة أو الضرورة

الأشباه والنظائر:
بَابُ الصَّلَاةِ . قَالَ الصَّدْرُ مَوْهُوبٌ الْجَزَرِيُّ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الصَّلَاةِ فِي تَأْخِيرِهَا عَنْ الْوَقْتِ إلَّا نَائِمٌ وَنَاسٍ , وَمَنْ نَوَى الْجَمْعَ بِسِفْرٍ أَوْ مَرَضٍ , وَمُكْرَهٌ عَلَى تَأْخِيرِهَا وَمُشْتَغِلٌ بِإِنْقَاذِ غَرِيقٍ أَوْ دَفْعِ صَائِلٍ أَوْ صَلَاةٍ عَلَى مَيِّتٍ خِيفَ انْفِجَارُهُ وَمَنْ خَشِيَ فَوْتَ عَرَفَةَ عَلَى رَأْيٍ وَفَاقِدُ الْمَاءِ , وَهُوَ عَلَى بِئْرٍ لَا تَنْتَهِي إلَيْهِ النَّوْبَةُ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ وَعَارٍ فِي عُرَاةٍ لَا تَصِلُ إلَيْهِ السُّتْرَةُ حَتَّى يَخْرُجَ وَمُقِيمٌ عَجَزَ عَنْ الْمَاءِ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ .
 
إنضم
5 فبراير 2014
المشاركات
1
التخصص
هندسة
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: حكم جمع أو تأخير الصلاة عن وقتها للطبيب ومن في حكمه للضرورة

- استفتاء:
س/أنا طالب جامعي هل يجوز لي تأجيل الصلاة إذا دخل وقتها وأنا داخل المحاضرة وأصليها بعد المحاضرة
أو يجب مغادرة القاعة إذا نودي للصلاة وأصليها مع الجماعة الأولى؟ مع العلم ان هذا يحدث معي باستمرار.
وجزاكم الله خيرا.
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
رد: حكم تأخير الطبيب ومن في حكمه الصلاةَ عن وقتها للحاجة أو الضرورة

رد: حكم تأخير الطبيب ومن في حكمه الصلاةَ عن وقتها للحاجة أو الضرورة

(6) وفي الحالات النادرة جدا لو استمرت العملية وقتا طويلا جدا يتجاوز وقت الصلاتين المجموعتين كأن تبدأ قبل الظّهر وتنتهي بعد المغرب ولم يمكنه الخروج لأداء الصلاة فإنّه يصلي على حسب حاله ، نعم يصلي أثناء العملية فيكبّر تكبيرة الافتتاح ويقرأ القرآن ويومئ عند الركوع والسجود ما أمكنه جاعلا سجوده أخفض من ركوعه كحال المقاتل في جبهة القتال عند الالتحام بالأعداء في المعارك الطويلة أو في حالات المطاردة أو الفرار من العدو يصلي على حسب حاله ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها والحمد لله الذي لم يجعل علينا في الدين من حرج . http://www.islam-qa.com/ar/4426
الجراح الذي يقوم بعملية شديدة كهذه لا يمكنه ترك التركيز فيها لأنه يترتب على ذلك أرواح ثم إنه لا يتصور في حالة كهذه أن يصلي الطبيب مومئا فلو كان يقدر على ترك المريض لعشر دقائق لصلى في قاعة الجراحة صلاة كاملة.

الطبيب أعلم بحال مريضه فإن خاف على حياته إن لم يركز في العملية فله أن يصلي بعد الوقت.

جاء في مصنف ابن أبي شيبة : حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قال : حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّهُ قَالَ : " شَهِدْتُ فَتْحَ تُسْتَرَ مَعَ الْأَشْعَرِيِّ ، قَالَ : فَلَمْ أُصَلِّ صَلَاةَ الصُّبْحِ حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ وَمَا سَرَّنِي بِتِلْكَ الصَّلَاةِ الدُّنْيَا جَمِيعًا " . اهــ
و في صحيح الإمام البخاري معلقا : عن أنس رضي الله عنه "حَضَرْتُ عِنْدَ مُنَاهَضَةِ حِصْنِ تُسْتَرَ عِنْدَ إِضَاءَةِ الْفَجْرِ وَاشْتَدَّ اشْتِعَالُ الْقِتَالِ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الصَّلَاةِ فَلَمْ نُصَلِّ إِلَّا بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ فَصَلَّيْنَاهَا وَنَحْنُ مَعَ أَبِي مُوسَى فَفُتِحَ لَنَا، وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ : وَمَا يَسُرُّنِي بِتِلْكَ الصَّلَاةِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا" اهــ و الله أعلم.
 
التعديل الأخير:
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: حكم جمع أو تأخير الصلاة عن وقتها للطبيب ومن في حكمه للضرورة

الظاهر أنه لا حاجة إلى اللجوء إلى تشريع الجمع إذ معظم العمليات لا تحتاج إلى وقت طويل يخرج الصلاة عن وقتها إلا أن تكون صلاة مغرب.
وإن اضطر الطبيب إلى التأخير أخرها ولا إثم عليه .
أما الإستدلال بحديث ابن عباس ففيه نظر.
والله أعلم
 
أعلى