العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حكم غسل اليدين قبل الطعام

إنضم
4 يوليو 2008
المشاركات
46
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
الفلسفة والفكر والحضارة
المدينة
تطوان
المذهب الفقهي
الحديث
حكم غسل اليدين قبل الطعام
كتبه طارق بن عبد الرحمن الحمودي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فإني قرأت مرة كتاب الجامع لخليل صاحب المختصر في الفقه المالكي وهو جزء يشبه جزء الجامع في المختصر وكنت وجدته بخط شيخنا بوخبزة عنده وأخبرني أنه غالبا جزء مستقل إغن كان يشبه جزء الجامع في المختصر , ومما يرجح هذا أن الشيخ التاودي بن سودة المالكي المغربي شرحه مستقلا, وقد طبع طبعة حجرية بفاس.
والذي وجدته فيه قوله:( ويكره غسلها للأكل إن لم يكن فيها أذى) يقصد اليدين.
وهذا مذهب مالك رضي الله عنه فقد قال رحمه الله:
(ولا نأمر الرجل ألا يغسل يده ولكن إذا جعل ذلك كأنه واجب عليه فلا، أميتوا سنة العجم وأحيوا سنة العرب)
وفي المعيار المعرب للونشريسي (2/508) :(حكى عياض عن مالك رضي الله عنه أنه دخل على عبد الله بن صالح أمير المدينة فجلس ساعة ثم دعا بالوضوء والطعام فقال ابدؤوا بأبي عبد الله ، فقال مالك رضي الله عنه: أبو عبد الله لا يغسل يده ، فقال لم؟ قال ليس هذا الذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا ، إنما هو زي الأعاجم، وكان عمر إذا أكل مسح يده بباطن قدميه، فقال له عبد الله:أَترك يا أبا عبد الله قال إي والله، فما عاد إلى ذلك ابن صالح.)
ونقل القاضي عياض رحمه الله في ترتيب المدارك (1/129) عن مالك رحمه الله أنه قال : (وأما تركي الماء قبل الطعام ،فإن الوضوء قبله من سنة الأعاجم ، وأما بعده فقد جاء في ذلك حديث)
وفي الآداب الشرعية لابن مفلح(3/212) عن مالك رحمه الله قال : (لا يستحب غسل اليد للطعام إلا أن يكون على اليد أولا قذر، أو يبقى عليها بعد الفراغ رائحة)
وقال القرطبي في التفسير (7/194): (كان مالك يكره غسل اليد النظيفة والاقتداء بالحديث أولى) وهو اختيار المالكية فقال الحطاب في مواهب الجليل (1/180): ( محمله عندنا ما إذا أصابها أذى من عرق ونحوه

وقد روي في هذا الباب, منها ما رواه أحمد(23783) وأبو داود(3761) ومن طريقه البيهقي في الشعب(5804) والطيالسي(655) ومن طريقه البيهقي في الكبرى(1438) والترمذي (1846) وابن عدي في الكامل(6/45 و45) وغيرهم عن زاذان عن سلمان قال قرأت في التوراة أن بركة الطعام الوضوء قبله فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده), وكان سفيان يكره الوضوء قبل الطعام. قال أبو داود :وهو ضعيف.تفرد به قيس وهو ضعيف, والحديث حسنه المنذري وقال الإمام أحمد كما في المغني (9/343):ما حدث بهذا إلا قيس بن الربيع وهو منكر الحديث. وقال أبو حاتم: (منكر) . والحديث تنوزع في صحته كما قال ابن تيمية في الفتاوى (21/264)
ووافق مالكا في هذا الشافعي .
فقد نقل عنه البيهقي في الشعب (5/69) أنه قال: ( وأولى الآداب أن يؤخذ ما فعل رسول الله فيأكل المرء قبل أن يغسل يديه أحب إلي ما لم يكن مس يده قذرا)
وعللت كراهية سفيان لذلك بكونه سنة العجم كما قال مالك.
قال ابن القيم في الحاشية(10/167): (قال مهنا سألت: أحمد قلت: بلغني عن يحيى بن سعيد أنه قال:كان سفيان يكره غسل اليد عند الطعام. قلت: لم كره سفيان ذلك؟ قال: لأنه من زي العجم)
والمقصود بالوضوء في هذا الحديث غسل اليدين. ولذلك قال ابن تيمية في الفتاوى (21/227): (لفظ الوضوء لم يجئ في كلام النبي إلا والمراد به الوضوء الشرعي, ولم يرد لفظ الوضوء بمعنى غسل اليد والفم إلا في لغة اليهود) ثم ذكر حديث سلمان, وهو قول جماعة من العلماء كابن ضويان في منار السبيل (2/188).واختاره الحطاب المالكي في المواهب (1/180)

*وروى القضاعي في مسند الشهاب (1/205) أخبرنا أبو الفتح محمد بن الحسين العطار ثنا علي بن عمر الختلي ثنا محمد بن العباس بن الفضل المروزي ثنا القاسم بن الحسن الزبيدي ثنا سهل بن إبراهيم المروزي عن موسى بن جعفر عن أبيه عن جده متصلا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي اللمم ويصحح البصر)
وهذا إسناد مظلم كما قال الذهبي في الميزان (6/538)

* وروى ابن ماجه (3260) وأبو الشيخ الأصفهاني في أخلاق النبي (3/365)عن كثير بن سليم قال: سمعت أنس بن مالك يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أحب أن يكثر الله خير – وفي رواية أبي الشيخ: تتكثر بركة - بيته فليتوضأ إذا حضر غداؤه وإذا رفع)
وفيه كثير وهو ضعيف.
ومعنى (فليتوضأ) أي فليغسل يديه كما قال السندي في شرحه على ابن ماجه.
*وروى الطبراني في المعجم الأوسط (7/164) عن نهشل بن سعيد عن الضحاك بن مزاحم عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الوضوء قبل الطعام وبعده مما ينفي الفقر وهو من سنن المرسلين
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/24): (فيه نهشل ابن سعيد وهو متروك)

وروى الحاكم في تاريخ نيسابور –كما في كنز العمال – عن أنس مرفوعا: سعة الرزق وردع سنة الشيطان الوضوء قبل الطعام وبعده
وروى أيضا - كما في الخصائص (2/360)- عن عائشة مرفوعا: الوضوء قبل الطعام حسنة وبعده حسنتان
وروي: ( من أحب أن يكثر الله خير بيته فليتوضأ إذا حضر غداؤه وإذا رفع )
طهور الطعام يزيد في الطعام والدين والرزق أبو الشيخ - عن عبد الله بن جراد
ومع كل هذه الروايات فقد قال البيهقي رحمه الله في الكبرى : (لم يثبت في غسل اليد قبل الطعام حديث). وهو كما قال والله أعلم.
*وقد روى الدولابي في الكنى والأسماء (3/964)
عن أبي محمد عبد الرحمن ابن إبراهيم قال: (الوضوء قبل الطعام وبعد الطعام يورث الغناء وينفي الفقر)
*وروى الدينوري في المجالسة (رقم 639 ) عن عِراك بن مالك قال بلغني أنه من غسل يده قبل الطعام كان في سَعَةٍ من رزقه حتى يموت
*وروى أيضا (رقم 640) عن الحسن البصري قال: الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي اللَّمَم

وخالف الحنابلة في هذا فذهبوا إلى استحبابه فقال ابن ضويان في منار السبيل (2/188): (يستحب غسل اليدين قبل الطعام وبعده لحديث أنس مرفوعا : (من أحب أن يكثر خير بيته فليتوضأ إذا حضر غداؤه وإذا رفع) وقد علمت ضعفه.
وقال ابن قدامة في المغني (8/121): (يستحب غسل اليدين قبل الطعام وبعده وإن كان على وضوء قال المروذي : رأيت أبا عبد الله يغسل يديه قبل الطعام وبعده وإن كان على وضوء)
ونقل ابن القيم في الحاشية عن الخلال أنه قال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: رأيت أبا عبد الله يغسل يديه قبل الطعام وبعده وإن كان على وضوء
فاحتج الأول بالحديث الضعيف, واستشهد الثاني بفعل أحمد !
واختار الغزالي غسلها احتياطا فقال في إحياء علوم الدين (2/3): (لأن اليد لا تخلو عن لوث في تعاطي الأعمال فغسلها أقرب إلى النظافة والنزاهة ولأن الأكل لقصد الاستعانة على الدين عبادة فهو جدير بأن يقدم عليه ما يجري منه مجرى الطهارة من الصلاة)
ونبه المناوي إلى أن ذلك من شكر النعمة وتوقيرا لحرمة الطعام فقال في فيض القدير (6/376): (لأن في غسل اليد قبله وبعده شكرا للنعمة ووفاء بحرمة الطعام المنعم به والشكر يوجب المزيد وهو من سنن المرسلين أي من طريقتهم المسلوكة المتعارفة بينهم.)
 
أعلى