العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

جديد حكم قول المؤذن : "صلوا في رحالكم"

د. صلاح الدليمي

:: متخصص ::
إنضم
13 سبتمبر 2013
المشاركات
42
الكنية
كلية العلوم الاسلامية ـ جامعة بغداد
التخصص
سياسة شرعية
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
حكم قول المؤذن : "صلوا في رحالكم"
د. صلاح الدليمي/ بغداد 16/ 3/2020م
اجمع فقهاء الشريعة الاسلامية على أن يقول المؤذن : " الصلاة في الرحال " أو " صلوا في رحالكم " أو " صلوا في بيوتكم " ، إذا كان هناك مانع شرعي يمنع من اقامة الصلوات في المساجد . فقد ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاحاديث الصحيحة، وهي كما يأتي:

  1. روى البخاري، ومسلم عَنْ نَافِع ، قَالَ : " أَذَّنَ ابْنُ عُمَرَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ بِضَجْنَانَ ، ثُمَّ قَالَ : صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِهِ : " أَلاَ صَلُّوا فِي الرِّحَالِ " فِي اللَّيْلَةِ البَارِدَةِ ، أَوِ المَطِيرَةِ ، فِي السَّفَرِ . وجاء في مسند الامام احمد أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، نَادَى بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ، ثُمَّ قَالَ: فِي آخِرِ نِدَائِهِ أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ، أَوْ ذَاتُ مَطَرٍ، أَوْ ذَاتُ رِيحٍ فِي السَّفَرِ: " أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ ".
  2. وروى البخاري ، ومسلم، واللفظ له ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ : " إِذَا قُلْتَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ ، فَلَا تَقُلْ : حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ، قُلْ : صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ " ، قَالَ : فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَاكَ ، فَقَالَ: " أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا ؟! ، قَدْ فَعَلَ ذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي ، إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُحْرِجَكُمْ ، فَتَمْشُوا فِي الطِّينِ وَالدَّحْضِ ".
  3. روى احمد في مسنده، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُؤَذِّنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ وَأَنَا فِي لِحَافِي، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ يَقُولَ: صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، فَلَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَالَ: " صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ " ثُمَّ سَأَلْتُ عَنْهَا، فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ. وفي رواية اخر: عن رجل من ثقيف: " أنه سمع منادي النبي-صلى الله عليه وسلم-يعني في ليلة مطيرة في السفر- يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح، صلُّوا في رحالكم".
  4. روى ابن خزيمة، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ قَالَ: خَرَجْتُ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ إِلَى الْمَسْجِدِ صَلَاةَ الْعِشَاءِ، فَلَمَّا رَجَعْتُ اسْتَفْتَحْتُ، فَقَالَ أَبِي: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: أَبُو مَلِيحٍ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَصَابَتْنَا سَمَاءٌ لَمْ تَبُلَّ أَسْفَلَ نِعَالِنَا، فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ".
وفي مكان الكلمة [ألا صلوا في رحالكم] من الأذان خلاف بين فقهاء الشريعة ، نشأ من ظاهر الرواية الاولى عن ابن عمر وفيها: "فقال في آخر ندائه" مما يفيد أنها تقال بعد الانتهاء من الأذان، ومن ظاهر الرواية الثانية عن ابن عباس وفيها: "إذ قلت: أشهد أن لا إله إلا اللَّه. وأشهد أن محمدًا رسول اللَّه، فلا تقل: حي على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم". وقد اعتمد الرواية الاولى بعض من العلماء، وكأنهم نظروا إلى المعنى لأن "حي الصلاة" يناقض "صلوا في بيوتكم" لأن معنى "حي على الصلاة" هلموا إليها ومعنى الصلاة في البيوت التأخر عن المجيء، ولا يناسب إيراد اللفظين معًا لأن أحدهما نقيض الآخر. قال الحافظ ابن حجر: ويمكن الجمع بين الجملتين ولا يلزم منه التناقض، بأن يكون معنى الصلاة في الرحال رخصة لمن يريد أن يترخص، ومعنى "هلموا إلى الصلاة" ندب لمن أراد أن يستكمل الفضيلة ولو تحمل المشقة، ويؤيد ذلك حديث جابر عند مسلم "ليصل من شاء منكم في رحله"، واختار بعضهم العمل بالرواية الثانية، وأن جملة "صلوا في بيوتكم" تقال بعد الانتهاء من الأذان، وقال القرطبي: يحتمل أن يكون المراد في آخره قبيل الفراغ منه جمعًا بين الحديثين، ويؤيده ما أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن نعيم بن النحام قال: أذن مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم للصبح في ليلة باردة، فتمنيت لو قال: ومن قعد فلا حرج. فلما جاء: "الصلاة خير من النوم" قالها.
ونخلص من الخلاف الذي وقع بين الفقهاء على اربعة أقوال:
القول الاول: يقولها المؤذن في اثناء الاذان بدلا من (حي على الصلاة) . هو المعتمد عند الحنابلة وقول عند الشافعية.
القول الثاني: يقولها المؤذن في اثناء الاذان بعد (حي على الفلاح). وهو قول عند الشافعية.
القول الثالث: يقولها المؤذن بعد الانتهاء من الاذان مباشرة . وهو قول عند الحنفية والمالكية وقول عند الشافعية.
القول الرابع: ان الامر في هذا واسع، والمؤذن على التخيير، فكلاهما جائز. وهو المعتمد من مذهب الشافعية وقول عند الحنفية.
والقول الراجح ما ذهب اليه الامام النووي في " شرح صحيح مسلم " (5/207) : " في حديث ابن عباس رضي الله عنه أن يقول : ألا صلوا في رحالكم. في نفس الأذان ، وفي حديث ابن عمر أنه قال في آخر ندائه . والأمران جائزان ، نص عليهما الشافعي رحمه الله تعالى في "الأم" في كتاب الأذان ، وتابعه جمهور أصحابنا في ذلك ، فيجوز بعد الأذان ، وفي أثنائه ؛ لثبوت السنة فيهما ، لكن قوله بعده أحسن ، ليبقى نظم الأذان على وضعه"، وقال ابن مفلح في الفروع" (3/63) .بعد أن ذكر حديث ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم : " فدل على العمل بأيهما شاء" انتهى من ".
اما حكم قول المؤذن "صلوا في رحالكم": فقد ذهب جمهور الفقهاء. على انها سنة، واختار ابن حزم الوجوب كما جاء في المحلى (2/195) : " فيجب أن يزيد المؤذن في أذانه بعد " حي على الفلاح " أو بعد ذلك " ألا صلوا في الرحال "، وهذا الحكم واحد في الحضر والسفر" والارجح ما ذهب اليه الجمهور ، لعدم الدليل على الوجوب.
 
أعلى