العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

خبر الواحد العدل عن مثله مبلغاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوجب العلم والعمل

إنضم
10 مايو 2015
المشاركات
219
الجنس
ذكر
الكنية
د. كامل محمد
التخصص
دراسات طبية "علاج الاضطرابات السلوكية"
الدولة
مصر
المدينة
الالف مسكن عين شمس
المذهب الفقهي
ظاهري
خبر الواحد العدل عن مثله مبلغاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوجب العلم والعمل
قالوا :إن خبر الواحد العدل عن مثله إلى النبي صلى الله عليه وسلملا يوجب العلم ، وإنما يجوز فيه الكذب والوهم ، وأنه غير مضمون.
والجواب:

أنه
هل يمكنأن يكون هناكحكم غير منسوخ ، فَجُهِلَحتى لا يعلمه أحد من أهل الإسلام في العالم أبداً ؟.
وهل يمكنأن يكون هناك حكم موضوع كذباً أو وهماًقد اختلطبأحكام الشريعة اختلاطاً لا يجوز أن يميزه أحد من أهل الإسلام في العالم أبداً "
أم لا يمكن شيء من هذين الوجهين ؟ .
فإن قالوا :لا يمكنان أبداً ، بل قد أَمِنَّا ذلك ، صاروا إلى القول بأن:(كلامه عليه السلام كلـه محفوظ بحفظ اللـه عزَّ وجلَّ مضمون لنا أنه لا يضيع منه شيء فهو منقول إلينا كلـه).
وإن قالوا :بل كل ذلك ممكن كانوا قد حكموا بأن دين الإسلام قد فسد أكثره وهذا هدم للدين.
وإذا صح هذا فقد ثبت يقيناً أن خبر الواحد العدل عن مثله مبلغاً إلى رسول الله حق مقطوع به موجب للعمل والعلم معاً
.
وأيضاً:
قال الله تعالى
:{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[SUB][النحل: 44].[/SUB]
وقد قال تعالى:{يَـأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}[SUB][المائدة:67][/SUB].
فهل بيّن رسول الله عليه السلام ما أنزل الله إليه أو لم يبين ؟
وهل
بَلَّغَ ما أنزل الله إليه أو لم يبلغ ؟ ولا بد من أحدهما:
فمن قولهم إنه قد بَلَّغَ ما أنزل الله إليه وبينه للناس ، فنسألهم عن ذلك التبليغوذلك البيان : أهما باقيان عندنا إلى يوم القيامة ؟ أم هما غير باقيين ؟
فإن قالوا : بل هما باقيان إلى يوم القيامة رجعوا إلى القول بأن خبر الواحد العدل عن مثله مسنداً إلى رسول الله حق موجب للعلم والعمل .
وإن قالوا :
بل هما غير باقين ، دخلوا في عظيمة وقطعوا بأن كثيراً من الدين قد بطل ، وإن التبليغ قد سقط في كثير من الشرائع ، وأن تبيين رسول الله لكثير من الدين قد ذهب ذهاباً لا يوجد معه أبداً. يقول الله سبحانه و تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[SUB][المائدة: 3][/SUB]كل ذلك باق علينا ولنا إلى يوم القيامة و ليس ذلك للصحابة رضي الله عنهم فقط.
وهذا برهان ضروري قاطع على أنه كل ما قاله رسول الله في الدين ، وفي بيان ما يلزمنا محفوظ إذ خطابه تعالى بالآيات التي ذكرنا عموم لكل مسلم في الأبد.
وأيضاً :
فإن الاجماع منعقد على أن رسول الله معصوم من الله تعالى في البلاغ في الشريعة ، وعلى تكفير من قال ليس معصوماً في تبليغه الشريعة إلينا
.
هذه العصمة التي جعلها الله تعالى لرسوله عليه السلام في تبليغه الشريعة التي بُعِث بها ؟ أهي له في إخباره الصحابة بذلك فقط ؟ أم هي باقية لما أتى به في بلوغه إلينا وإلى يوم القيامة و لا بد من القول بأن العصمة واجبة في التبليغ للديانة باقية مضمونة ولا بد إلى يوم القيامة كما كانت قائمة عن الصحابة رضي الله عنهم سواء بسواء ومن أنكر هذا فقد قطع بأن الحجة علينا في الدين غير قائمة والحجة لا تقوم بما لا يدرى أحق هو أم باطل كذب ؟ .
إن
نقلة الأخبارالشرعيةالتي قالها رسول الله عليه السلام معصومون في نقلهاوإن كل واحد منهم معصوم في نقله من تعمد الكذب ووقوع الوهم منهفكل عدل روى خبراً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك الراوي معصوم من تعمد الكذب ومن جواز الوهم فيه إلاببيان وارد ولا بد من الله تعالى ببيان ما وهم فيه ، كما فعل تعالى بنبيه إذ سلم من ركعتين ومن ثلاث واهماً ، لقيام البراهين بحفظ جميع الشريعة وبيانها مما ليس منها.
وبهذا نكون قد أمنَّا ولله الحمد أن تكون هناك شريعة أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو ندب إليها أو فعلها فتضيع ولم تبلغ إلى أحد من أمته.
وأمنَّا
قطعاً أن يكون الله تعالى يفرد بنقلها من لا تقوم الحجة بنقله.
وأمنَّا قطعاً أن تكون شريعة يخطىء فيها راويها الثقة ولا يأتي بيان جليّ واضح بصحة خطئه فيه.
وكذلك نقطع بأن كل خبر لم يأت قطإلا مرسلاً أو لم يروه قطإلا مجهول أومجروح ثابت الجرحة ، فإنه خبر باطل بلا شك موضوع لم يقله رسول الله صلى الله عليه و سلم ؛ إذلو جاز أن يكون حقاًلكان ذلك شرعاً صحيحاً غير لازم لنا، لعدم قيام الحجة علينا بهذا الخبر؛ لأن الله سبحانه وتعالى أمرنا أن لانقبل خبر الفاسق لقوله تعالى: } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [SUB][الحجرات 6 ][/SUB]
وهذا الحكم
إنما هو فيما نقله من اتُفِقَ على عدالتهوفي كل من ثبتت جرحته.
وأما مناختلف فيهفعدله قوم وجرحه آخرونفيقول عنه ابن حزمرحمه الله:" فإن ثبتت عندنا عدالته قطعنا على صحة خبره ، وإنثبتت عندنا جرحته قطعنا على بطلان خبره ، وإنلم يثبت عندنا شيء من ذلك وقفنا في ذلك ،وقطعناولا بد حتماً على أن غيرنا لا بد أن يثبت عنده أحد الأمرين فيه.
وليس خطأ من أخطأ وجهل من جهل ، حجة على ضياع دين الله تعالى ، بل الحق ثابت معروف عند طائفة وإن جهلته أخرى ، والباطل كذلك أيضاً".
[مختصر بتصرف شديد من كتاب الاحكام لابن حزم رحمه الله]
 
أعلى