العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

خلاصة مباحث العرف لدى الأصوليين والفقهاء

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
خلاصة مباحث العرف لدى الأصوليين والفقهاء:
§ العادة:غلبة معنى من المعاني على جميع البلاد أو بعضها([1]).
§ للعرف سلطان: حتى قالوا عنه إنه الطبيعة الثانية، أي كأنه من جنس الأمور التي جبل عليها الإنسان، ولذا فنزع الناس عنه حرج عظيم([2]).
§ من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن الكلام في العرف يقع في موطنين:
الموطن الأول: فيه إجماعات متحققة.
الموطن الثاني: فيه نزاعات ثائرة.
ووقع في اعتبار هذين الموطنين:خللٌ من حيث استصحاب أحد الموطنين إلى الموطن الآخر، فقد اقتصر نظرُ جماعة على الإجماعات المتحققة، فتوهموا أنها كل مسائل العرف، فنفوا الخلاف في حجية العرف ومسائله، واقتصر آخرون على مواطن النزاع، فتوهموا أن النزاع حاصلٌ في كل مسائل العرف.
وأشار القرافي في تنقيح الفصول: إلى ما نقله بعضهم عن المذهب المالكي أن من خواصه اعتبار العوائد والمصلحة المرسلة وسد الذرائع، فتعقبه وبين أن الأمر ليس كذلك، وأن العرف مشترك بين المذاهب، ومن استقرأها وجدهم يصرحون بذلك فيها.
ووافقه على ذلك: الطوفي واستشهد عليه بمسائل من فقه الحنابلة([3]).
§ وفي هذين النقلين عن هذين الإمامين إشارة إلى طائفتين:
الأولى: التي اقتصرت على موطن النزاع، فاعتبرت أن حجية العرف والعوائد من خواص المذهب المالكي، وهؤلاء هم من تعقبهم القرافي.
الثانية: التي اقتصرت على موطن الإجماع، فنفت الخلاف في المسألة، وعلى هذا سار القرافي والطوفي، وجرى على إثرهما أكثرُ الباحثين في المسألة.
والحق: أن الإجماع إنما هو في موطن، وأن النزاع في موطن، ولا يصح في العرف إطلاق الإجماع أو النزاع مرسلاً.
§ لا يشك الدارس لفروع المذاهب الفقهية أن هناك فرقاً شاسعاً في اعتبار العرف، وأنهم على اتجاهين كبيرين:
الاتجاه الأول: يمثله الحنفية والمالكية.
الاتجاه الثانية: يمثله الشافعية والحنابلة والظاهرية.
فالاتجاه الأول: وسعوا دائرة الاحتجاج بالعرف.
والاتجاه الثاني: اقتصروا على موطن الإجماع منه.
§ محل الاتفاق في استعمال العرف يقع في موضعين:
§ الموضع الأول: العرف القولي:
والمقصود به: اعتبار الحقيقة العرفية وتقديمها على الحقيقة اللغوية، بسبب هجران المعنى الأصلي، ونقلها إلى معنى آخر بواسطة الاستعمال العرفي المتكرر([4]).
ويشترط فيه: أن يكون العرف مقارناً أو سابقاً لنزول الوحي، مثل إطلاق الدابة على ذوات الأربع، وإطلاق الدرهم على النقد، وإطلاق المرأة على الحرة.
ويستفاد من هذا العرف: في فهم النصوص، من خلال دراسة متعمقة لعرف عصر التنزيل.
وهو معتبر بالإجماع: فالعرف الاستعمالي قاضٍ على الحقيقة اللغوية بلا خلاف أو تردد([5]).
وجعله الشاطبي: شرطاً لمن أراد الخوض في علم القرآن والسنة معرفة عادات العرب في أفعالها وأقوالها ومجاري عاداتها حالة التنزيل من عند الله، والبيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الجهل بها موقع في الإشكالات التي يتعذر الخروج منها إلا بهذه المعرفة.
§ الموضع الثاني: تحقيق مناط الحكم:
فالقاعدة: أن كل ما ورد به الشرع مطلقا، ولا ضابط له فيه، ولا في اللغة يرجع فيه إلى العرف([6]).
وقد يختلفون في:
1- اعتباره في أعيان المسائل أو في عدم اعتباره.
2- أو في ضابط العرف ومداه.
ومن أمثلته: اعتبار القبض والحرز وما يدل على الرضا، وما ينقطع به خيار المجلس عند من يقول به.
وأمثلته وافرة في جميع المذاهب.
ومن أفرعه: أن العرف ينزل منزلة النطق في الأمر المتعارف([7]).
أمثلته: فيما يجري في العقود والأيمان وغير ذلك من إهمال التنصيص على عرفٍ مستقر، فيجرى مجرى النطق به، فلو جرى عرفٌ بأن على البائع أن يحمل العين المبيعة إلى منزل المشتري لم يشترط التنصيص عليه، ويقام العرف مقام النطق به، ولو جرى عرف أن الأيمان يقع على الطلاق فإنه يعتبر كذلك.
والخلاصة: أن العرف يعتبر في فهم النصوص، وهو ما يسمى بالحقيقة العرفية، ويعتبر في ما كان مدركه العوائد كتحقيق مناط النصوص المطلقة، أو إجراء العرف مجرى النطق في الأمر المتعارف.


§ محل النزاع في استعمال العرف:
يقع في موضعين:
الموضع الأول: الاستثناء من القياس:
يعتبر الحنفية والمالكية العرفَ في الاستثناء من القياس، وهذا مشهور عنهم، ومنصوص، والتمثيل عليه يعز عن الحصر، ويذكرونه في قواعدهم وفي فروعهم، وهذا ما لا تكاد تجده عند غيرهم.
وبه ندرك:عدم دقة نقل الإجماع في العرف؛ لأن هذا الموطن هو مسقط الأنظار في المسألة، وفيه خلافٌ كما ترى، أما غيره فهو ليس من مثارات الإشكال، فجميعهم على أن الأحكام التي مدركها العوائد تتغير بتغير العوائد، وقد بين القرافي أن هذا ليس تجديدا للاجتهاد من المقلدين حتى يشترط فيه أهلية.
ولذا فالمفترض: أن يفرز ذلك في عمليات تحرير محل النزاع.
ومن أمثلة اعتبار العرف في الاستثناء من القياس:
1- استصناع الأواني والخفاف ودخول الحمام من غير تعيين زمن ولا أجرة.
2- جواز بيع دور مكة.
3- صحة وقف المنقولات.
4- جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن.
5- استثناء المرأة الشريفة من عموم قوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين}.
· الخلاف بين الاتجاه الأول الذي يمثله الحنفية والمالكية في اعتبار العرف في الاستثناء من القياس، وبين الاتجاه الثاني الذي يمثله الشافعية والحنابلة والظاهرة في عدم اعتبار العرف في القياس، يمكن تحصيله بيسر من خلال النظر إلى أمرين:
- القواعد الفقهية:
فالأولون ينصون على:
1. أن "الثابت بالعرف ثابتٌ بدليل شرعي".
2. وأن المعروف بالعرف كالمعروف بالنص".
3. وأنه "يعدل بالعرف عن النص أو الراجح أو المشهور".
- الاستدلالات:
ومن ذلك قولهم:
1- "المدرك في هذه المسألة العرف".
2- "مستند الفتوى العرف والعادة".
3- "هذه القضية يتعين المصير فيها إلى العرف".
أما الشافعية والحنابلة:
فإنما يقع عندهم الاستفادة من العرف فيما أطلقه الشارع أو العاقد ونحو ذلك، مثل قولهم:
1- "المعروف عرفا كالمشروط شرطا".
2- و"العادة محكمة".
3- و"العرف في الشرع له اعتبار".
ونحو ذلك مما يفيد اعتبار العرف في تحقيق مناطات الأحكام أو إجراء العقود على وفقها، ونحو ذلك، فلا يصح الاستفادة من هذه القواعد الخاصة في اعتبار العرف إلى أنهم يعتبرون العرف مطلقاً([8]).
وبه نعرف: أن الخلاف بين الفقهاء في اعتبار العرف هو خلاف حقيقي ، وليس هو خلاف شكلي في مدى التوسع فيه، كما قرر ذلك أكثر المعاصرين.
كما أن من الواجب الإشارة هنا: إلى أنه لا يصح البتة الاستدلال بتغير اختيارات الشافعي في مصر على أنه يستدل بالعوائد والأعراف، فهذا قدرٌ زائد، يفتقر إلى برهان، فقد يكون ذلك بسبب التطور في شخصية الشافعي، ولو كان مأخذ الشافعي في ذلك اعتبار العرف لملأ به الشافعي صفحات كتابه الأم.
الموطن الثاني: يعتبر العرف في تغير الحكم الشرعي بتغير الصفات الموجبة له:
1- فالاستئجار لقراءة القرآن: محرم عند أبي حنيفة، ورخص فيه متأخروهم لانقطاع عطايا المعلمين التي كانت متوفرة في الصدر الأول، بحيث لو اشتغل المعلمون بالتعليم بلا أجرة للزم ضياعهم وضياع عيالهم، ولو اشتغلوا بالاكتساب من حرفة وصناعة للزم ضياع القرآن والدين، فأفتوا بأخذ الأجرة على التعليم.
2- الاكتفاء بظاهر العدالة: ذهب أبو يوسف ومحمد بن الحسن إلى عدم الاكتفاء بظاهر العدالة في الشهادة، وخالفوا نص الإمام لأنه كان بناء على غلبة العدالة في عصره الذي شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالخيرية، وهما أدرك الزمن الذي فشا فيه الكذب، ونصوا على أن هذا اختلاف عصر وأوان لا اختلاف حجة وبرهان.
3- قضاء القاضي بعلمه: الأصول تقتضي أن يقضي القاضي بعلمه الشخصي، ويستند إليه، ويستغني به عن بينة المدعي، ولكن مع غلبة أخذ الرشا وفساد القضاة: أفتى المتأخرون أنه لا يجوز للقاضي أن يستند إلى علمه في القضايا.
وهذا الموطن:معتبر عند الحنفية والمالكية بظهور، فالحنفية ينصون على الاستناد على العرف في بناء الأحكام، أما المالكية فما أكثر خروجهم عن الراجح والمشهور نظراً إلى العرف، وهذا مذكور في عملياتهم الخاصة عند المغاربة والأندلسيين.
الموطن الثالث: النصوص التي كان مدركها العوائد:
التمثيل على هذا الموطن يقع في المواضع التي أخذ فيها بعض الفقهاء بظاهر النص، والتزم الوصف المذكور فيه، وأخذ آخرون بتأويله، وتنزيله على العادات الموجودة في زمن الوحي، وأن ذلك يتغير بتغير العادات.
ومن أمثلته: الصلاة في النعلين، وما يستحب لبسه، ومخالفة المشركين في صور معينة، وقد يدرج فيه أمر عثمان بالتقاط ضوال الإبل وبيعها على خلاف ما أفتى به الرسول صلى الله عليه وسلم من تركها؛ لأن الناس في زمنه قلت فيهم الأمانة وانتشر من يأخذ الإبل ولا يتركها.
والخلاف في هذه المسألة يقع في موضعين:
الموضع الأول: بين أهل المعاني وأهل الظواهر.
الموضع الثاني: بين أهل المعاني في فقه النصوص في اعتبار العوائد في النص المعين أو عدم اعتباره.


إشارات:
§ وقع في التشريع إقرار جملة من الأعراف والعادات، كتدوين الدواوين، والمضاربة والقسامة، ومن جملتها عوائد لأهل الجاهلية، وعوائد لأهل الروم وفارس، وهذا يدل على مدى اهتمام الشارع بإقرار الأعراف الصحيحة متى وجد إلى ذلك من سبيل([9]).
§ العرف ليس دليلاً تأسيسياً منشئا يقوم بنفسه، ولكنه قد يكون علامة عل الدليل، أو طريقا له، أو مناطاً للحكم، فيبحث عن العرف لتحقيقه، وقد يكون العرف باعثاً للنظر بسبب أنه يستدعى من الحاجة والضرورة، فيكون كاشفاً لدليل دقيق في استثناء مصلحي من دليل عام.
§ قد يضاف الدليل إلى العرف وهو في حقيقته يرجع إلى دليل شرعي، ككثير من المسائل التي هي في الحقية إجماع كبيع دور مكة، وجواز الشرط الذي لا يقتضيه العقد، وجواز وقف المنقول، والاستصناع، وعرف المدنيين راجع إلى عمل أهل المدينة، وكثير من الاستثناءات المعلقة بالعرف راجعة إلى المصالح المرسلة.
§ قد يكون العرف علامة على الحاجة، فيعلق الحكم بالعرف ظاهرا، وإن كانت حقيقته أنه معلق بالحاجة.
§ للعرف أثرٌ قوي في ترجيح كثير من الأقوال المختلفة، وقد يقدم على الأصل.
§ للعرف أثر في القرائن.
§ العرف سبب في تغير الفتوى، وما استقر عليه المذهب.
§ العرف مرجع أساسي في اعتبار العقود والخطابات وفي القرائن وأدلة القضاء.
§ مذهب الشافعية والحنابلة والظاهرية في عدم اعتبار العرف في إنشاء الأحكام أدق من حيث التأصيل، فالعرف ليس من جنس الأدلة ، لكن مذهب الحنفية والمالكية في اعتبار العرف في الاستثناء والخروج من القياس؛ فيه دقة وخفاء، فهم يعتبرون العرف في ذلك لا لأنه دليل قائمٌ بنفسه ولكن لأنه دليلٌ على وجود الحاجة إليه لما في إغفاله من الحرج، فاستقرار العرف على بعض المسائل الخارجة عن القياس يشير إلى تحقق معنىً من المعاني المجيزة للخروج منه، ولك أن تقول: هو استثناء مصلحي لمعارض راجح دل عليه العرف.
§ الأحكام التي مدركها العوائد تتغير بتغير العوائد، وقد بين القرافي أن هذا ليس تجديدا للاجتهاد من المقلدين حتى يشترط فيه أهلية الاجتهاد، بل هي قاعدة اجتهد فيها العلماء ونحن نتبعهم فيها من غير اجتهاد([10]).
§ اعتبار العرف في الأساليب المحددة السائرة التي تعتبر العرف قرينة ضرورية لفهم سياق الكلام ومقاصد الناس ونياتهم.
§ نقل ابن عابدين عن بعض المحققين أنه لا بد للحاكم من فقه في أحكام الحوادث الكلية، وفقه في نفس الواقع وأحوال الناس، ومن هنا اشترط فقهاء المالكية أن يكون القاضي بلدياً، أي يعرف أحوال أهلها وعاداتهم([11]).
وأخيرا: فقد كانت هذه الخلاصة تأخذ منحى الاستدراك على بعض المعاصرين، فلما وجدت الأمر شائعاً آثرت إغفال المستدرك عليه، ولعل في هذا تحقيق الغرض من غير إثارة الردود، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

([1]) تنقيح القرافي وابن فرحون في التبصرة والطرابلسي في معين الحكام. العرف والعاد لأبي سنة ص12.

([2]) العرف والعادة لأبي سنة ص16.

([3]) تنقيح الفصول للقرافي ص448، شرح مختصر الروضة (3/212).

([4]) فإن لم تهجر الحقيقة وإنما تكرر استعمال اللفظ في غير مدلوله مجازا كالأسد في الشجاع؛ فليس بعرف قولي، بل هو مجاز مشهور فقط. العرف والعادة لأبي سنة ص11.

([5]) العرف والعادة ص18.

([6]) السيوطي الأشباه والنظائر.

([7]) العرف عند الحنابلة لعادل قوتة ص273.

([8]) ينظر: العرف والعادة في المذهب المالكي ص89.

([9]) ينظر: العرف والعادة لأبي سنة ص193.

([10]) الفروق 1/177،العرف والعادة في المذهب المالكي ص151

([11]) العرف والعمل في المذهب المالكي ص 147-151
 
التعديل الأخير:

د. أريج الجابري

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
13 مارس 2008
المشاركات
1,145
الكنية
أم فهد
التخصص
أصول الفقه
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
المذهب الحنبلي
رد: خلاصة مباحث العرف لدى الأصوليين والفقهاء

ماشاء الله تبارك الله.
جزاكم الله على هذا التلخيص والجهد المميز.
رائع لو تُلخص المسائل بهذا الشكل.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: خلاصة مباحث العرف لدى الأصوليين والفقهاء

جزاك الله خيرا، وبتكاتف الجميع يمكن قطع أشواط كبيرة في هذا المجال بعد الاستعانة بالله عز وجل، فإنه لا حول لنا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
 

سيدي محمد ولد محمد المصطفى ولد أحمد

:: قيم الملتقى المالكي ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
2,243
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
كرو
المذهب الفقهي
مالكي
رد: خلاصة مباحث العرف لدى الأصوليين والفقهاء

جزاكم الله خيرا على الموضوع المفيد
ويعجبني ما ذكرته عن القرافي من أن اعتبار العرف والمصالح ليس مما تفرد به المالكية لأن الواقع يصدق كلامه رحمه الله
وكذلك ما ذكرته في النصوص التي كان مدركها العوائد
وقضية الصلاة في النعلين فقد ذكر صاحب الكفاف عن الأبي أن ترك الصلاة في النعلين اليوم أفضل لئلا يخطئ الناس في ذلك فقال رحمه الله :
إن علمت طهارة النعل فَصَلْ == فيها وهل كذا إن الأمر جُهِلْ
واليومَ تركَ كُلٍ الأُبيُّ == رأى لِئلاَّ يُخْطِئ الغبيُّ
وقد رأينا اليوم من يخطئ في ذلك فيدخل المساجد المفروشة بجزمات خشنة غير نظيفة يدوس بها على فرش المسجد دوسا !
ومعلوم أنه تحدث للناس أحكام ....إلخ
وكذلك ما ذكرتهم في "اعتبار العرف في تغير الحكم بتغير الصفات"
وباختصار :
هذه مشاركة رائعة واختصار مفيد
والله أعلم
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: خلاصة مباحث العرف لدى الأصوليين والفقهاء

ممتاز هذا التقييد ،،
وموضوع العرف من أهم ما ينبغي ضبطه في عصرنا ،،
لم أر ذكرا لمسألة في غاية الأهمية في باب العرف وهي:
كيفية التعامل مع النصوص التي بنيت على عرف سابق ،،
فكما لا يخفى أن هذا الباب دخل منه كثير من الخائضين لإلغاء أحكام الشريعة ،، فلابد من ضبطه ،،،
دمت موفقا أبا فراس
 

طارق موسى محمد

:: متفاعل ::
إنضم
5 أغسطس 2009
المشاركات
411
الإقامة
الاردن
الجنس
ذكر
التخصص
محاسبة
الدولة
الاردن
المدينة
الزرقاء
المذهب الفقهي
الحنفي
رد: خلاصة مباحث العرف لدى الأصوليين والفقهاء

بارك الله بكم
ونفع بعلمكم
 
إنضم
30 يونيو 2010
المشاركات
10
التخصص
أصول الفقه
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: خلاصة مباحث العرف لدى الأصوليين والفقهاء

جهد مشكور واختصار مميز
نفع الله بكم
 
إنضم
19 أكتوبر 2010
المشاركات
55
الكنية
أبو أحمد
التخصص
العام:(الفقه و أصول الفقه)، الخاص:(السياسة الشرعية و الأنظمة- الدراسات القضائية)
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الحنفي، و الدراسة: الفقه المقارن
رد: خلاصة مباحث العرف لدى الأصوليين والفقهاء

يجازيكم الله على هذا العمل المميز أفضل ما يجازي عباده الصالحين، و المرجو المزيد مثل هذه الاختصارات البديعة.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: خلاصة مباحث العرف لدى الأصوليين والفقهاء

تحقيق بديع، وجهد مبرور.
يحيِّرني موقف الحنابلة في هذه القضية مع أنهم يُحسبون على القائلين بالاستحسان، ومن أنواعه الاستحسان بالعرف والمصلحة والحاجة وكل هذه الأنواع متقاربة ولا قيمة لالاستحسان دون هذه الأنواع.
العرف ليس دليلا وإنما يتضمن الدليل. وعليه للنظر في حجيته في آحاد المسائل ينبغي النظر في المعنى المتضمن في العرف فإذا كان الحرج سلكنا مسلك الاستدلال بالحرج إذا توفرت شروطه، وإن كان المصلحة فينظر في مدى اعتبارها بالنوع أو الجنس القريب أو الجنس البعيد ومدى قوة القياس أو العموم الذي وقعت في معارضته. والله أعلم.
 
إنضم
30 أكتوبر 2010
المشاركات
26
التخصص
فقه و أصوله
المدينة
البيض
المذهب الفقهي
مالكي
رد: خلاصة مباحث العرف لدى الأصوليين والفقهاء

بارك الله فيكم على هذا التلخيص الجيد لموضوع العرف خاصة و أن البعض ممن خاض في هذا الموضوع لم يضبط مسائله فإما تشبت بمسائل بنيت على أعراف قديمة قد تغيرت أو استدل بأعراف فاسدة مصادمة للنصوص فنسب للشريعة ما ليس منها.
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: خلاصة مباحث العرف لدى الأصوليين والفقهاء

هذا الموضوع بحاجة إلى إثراء ،، هو -والله- مهم جد مهم ،،،
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: خلاصة مباحث العرف لدى الأصوليين والفقهاء

السلام عليكم

جزاكم الله خيرًا،،

لم أر ذكرا لمسألة في غاية الأهمية في باب العرف وهي:
كيفية التعامل مع النصوص التي بنيت على عرف سابق ،،
في حالة ما إذا كان النص مُعلَّلًا بالعُرف؛ فإن الحُكم في هذه الحالة يدور مع العرف وجودًا وعدمًا، ومع هذا فلا يُقال: إن العرف قد خالف النص، فالنص لم يُلغ وإنما الذي تغير هو تطبيق النص تبعًا لتغير الظروف الوعادات الجارية في المجتمع. ومثال ذلك: أن بعض الحنفية يرون أن الأشياء الأربعة: البر والشعير والتمر والملح هي التي نص عليها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث الربا وهذه الأصناف مُعلَّلة عند الحنفية بالكيل، فإذا تغير المعيار فأصبحت هذه الأشياء توزن بعد أن كانت تُكال فوجب أن يتغير المعيار تبعًا لتغير العرف فتصبح المساواة في هذه الأصناف الربوية بالوزن، ولا يُقال: إن العرف قد خالف النص، إذ الحديث نص على هذه الأشياء وكانت تُكال في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ثم تغير العُرف منا لكيل إلى الوزن فتكون العلة هي الوزن وليس الكيل، فيتغير الحُكم بتغير العرف، فالحكم لم يتغير وإنما الذي تغير هو المعيار الذي تُعرف به المساواة في الأموال الربوية وأما حكم الربا فهو باقٍ لم يتغير ولن يتغير مُطلقًا. وراجع: العرف والعادة بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي للدكتور حُسين محمود ص(51- 53)، والقواعد الفقهية للدكتور مُحمد عزَّام ص(175- 176).

هذا الموضوع بحاجة إلى إثراء ،، هو -والله- مهم جد مهم ،،،
لي عودة قريبًا إن شاء الله تعالى.

والله أعلم.
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
السلام عليكم

قاعدة: ’’العادة مُحكمة‘‘..
تلك قاعدة من القواعد الكبرى الهامة، تُفيد أن العادة تُعتبر مرجعًا للحُكم عند النزاع لإثبات حُكم شرعيّ لم يقم دليل ينص على العمل بموجبه؛ لأنها دليل يبنى عليه الحُكم الشرعيّ. -درر الحكام شرح مجلة الأحكام لحيدر أباد ص(40) بتصرف.
ومن المعلوم أن النص أقوى من العادة والعُرف، ولا شبهة في ذلك، حتى النص الذي يصدر من الناس، فلو أن شخصًا وضع الطعام أمام الضيف بحكم العُرف والعادة التي تتضمن الإذن له بتناول الطعام، إلا أن صاحب البيت منع الضيف من تناول الطعام بأن يكون قد صدر منه نص بخلاف العُرف والعادة، فعلى الضيف أن يعمل بحُكم النص، ويمتنع عن الطعام، ولا يعمل بالعُرف والعادة، فإذا أكل يكون مُخالفًا للنص فيضمن. –أثر العُرف في التشريع الإسلامي للدكتور سيد صالح ص(166).
والمُراد: أن تكون العادة مطردة أو غالبة في جميع البلدان، أو في بعضها، فالاضطرار والغَلَبَة شرط لاعتبارها سواء كانت عامة أو خاصة. –درر الحكام شرح مجلة الأحكام لحيدر أباد ص(41- 42).
وقد اعتبر الفقهاء العادة في استعمالاتهم، والمُجتهد في استنباط الأحكام والقاضي فيما يُرفع إليه من الدعاوى إذا ما أصبحت العادة معهودة وجارية بين الناس؛ لأن العادة مأخوذة من المعاودة بمعنى التكرار فهي بتكرارها ومعاودتها مرة بعد أخرى صارت معروفة مستقرة في النفوس والعقول، متلقاه بالقبول.
وبناء على ما تقدم فإن الأمر الجاري صُدفة مرة أو مرتين لا يُعد عادة، ولا يُبنى عليه حُكم شرعي، وذلك كالإرهاب والزلزال وإن تكرر الواحد منهما مرتين أو أكثر. –الأشباه والنظائر لابن نجيم ص(71).

والعُرف والعادة بمعنى واحد، فهما لفظان مُترادفان؛ لأن العُرف هو ما استقر عليه الناس في عاداتهم وأعرافهم وتلقته الطبائع بالقبول –انظر: المُعجم الوجيز ص(163)- إلا أن العادة أعمّ من العُرف؛ لأن العُرف لا يكون إلا فيما تعارفه الناس جميعًا وهو العُرف العام، ويكون فيما تعارفه أهل بلد بعينها، وهو العُرف الخاص.
أما العادة: فتُطلق على ما تعود عليه المسلمون، وعلى ما تعود عليه أهل بلد بعينها وأهل قبيلة بعينها، وتُطلق أيضًا على ما تعود عليه شخص بعينه ومنه عادة المرأة في حيضها ونفاسها.
فالعُرف والعادة: ما استقر في النُفوس وتَلقته الطباع السليمة بالقبول، ولا فرق بينهما.

ولهذه القاعدة أصل:
(أ) فقد ذكر صاحب المواهب السُّنيَّة أنه يُمكن الاستدلال على اعتبار العادة بقوله تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدّى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِيْنَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيْرًا) [النساء: 115].
ووجه الاستدلال بالآية: أن السبيل معناه: الطريق، فيكون سبيل المؤمنين طريقتهم التي استحسنوها، وقد أوعد الله بالعقاب من اتبع غير سبيلهم فدلَّ على أن اتباع سبيل المؤمنين واجب. –الفوائد الجنيَّة على المواهب السُّنيَّة شرح نُظم القواعد الفقهية (1/ 185).
(ب) وذكرت جميع كُتب الأشباه والنظائر أن أصل هذه القاعدة هو قول ابن مسعود رضي الله عنه كما في مُسند الإمام أحمد (1/ 379): ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحًا فهو عند الله قبيح. وراجع: الأشباه والنظائر للسيوطي ص(89)، والأشباه لابن نجيم ص(101).
قال العلائي: هذا الحديث لم أجده مرفوعًا في شئ من كُتب الحديث أصلًا، ولا بسند ضعيف بعد طول البحث وكثرة الكشف، وإنما هو من قول ابن مسعود موقوفًا عليه. اهـ.
ومع هذا فالحديث معناه صحيح ويدل على المطلوب سواء روي مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو موقوفًا على ابن مسعود رضي الله عنه؛ لأن سياق الحديث يوحي أن المُراد بالمسلمين الصحابة وأئمة السلف والخلف من أهل الحَلِّ والعقد والغيرة على الإسلام والمسلمين.
وهذا ما يُفهم من كلام الآمدي وابن حزن والشاطبي في الاعتصام (3/ 137) حيث يقول: إن المُسلمين صيغة عموم واللام للاستغراق الذي يدل على إجماع أهل الحل والعقد، وما رآه أهل الإجماع حسنًا فهو عند الله حسن، ويكون بهذا المعنى حُجة. وبهذا تتضح دِلالة الحديث على اعتبار العادة في التشريع. اهـ. وراجع: الأحكام (2/ 130).
(جـ) وقد أجمع أهل العلم على أن العادة مُحكمة في الأمور التي تتكر عادة؛ لأنها وليدة الحاجة والمصلحة التي لا تتعارض مع النصوص الشرعية ومقاصدها العامة –وفي ذلك تفصيل-.
فقد تعارف الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أمورًا تتعلق بشئون الحياة، فلم يُحرمها النبي صلى الله عليه وسلم أو ينهى عنها فدل على جوازها، فكانت العادة مُستندًا ودليلًا يُحكم في الوقائع والتصرفات المستحدثة في كل زمان ومكان.

وقد اشترط العلماء للعمل بقاعدة ’’العادة مُحكمة‘‘ شروط وهي:
1- أن تكون العادة مُطردة أو غالبة: بأن تكون عادة أهل البلدان أو بعضهم، فالاطراد والغلبة شرط لاعتبارها سواء كانت عامة أو خاصة –انظر: مجلة الأحكام العدلية مادة(41، 42)-، فإن اضطربت العادة من شخص لآخر فلا تثعتبر فلو أن رجلًا باع شيئًا بعشرة وسكت، فإن هذه العشرة تُعتبر فيها عادة أهل البلد من التعامل بالجنيه أو الدولار مثلًا، فإن كان لهذا البلد أكثر من عُملة فيلزم تعيين النقد حينئذ وذلك نظرًا لاضطراب عادة أهل البلد في التعامل.
2- أن تكون العادة مُقارنة للتصرف أو سابقة عليه: فالعادة المُعتبرة التي تُحكم هي العادة المُقارنة وقت إنشاء التصرف أو السابقة عليه إذا لم يتغير العمل بها، ومن أجل ذلك قال السيوطي في الأشباه والنظائر ص(97)، وكذا ابن نجيم في الأشباه: العُرف الذي تُحمل عليه الألفاظ هو المُقارن أو السابق دون المُتأخر. فالعادة المُتأخرة عن التصرف لا عبرة بها في إثبات الحُكم فمثلًا لو وقف رجل وقفية على أن ينظر فيها قاضي شافعي فإنه لا ينظر فيها إلا قاضي شافعي حتى ولو تغير ذلك فيما بعد. اهـ. وراجع: مجلة الأحكام العدلية ص(57). فلا عبرة بالعُرف الذي يطرأ بعد إنشاء التصرف كما لا عبرة بالعُرف الذي انقضى قبل إنشاء التصرف وحل محله عُرف جديد. وإنما يُراعى العُرف القائم وقت إنشاء التصرف؛ لأنه هو الذي انصرفت إليه إرادة صاحب التصرف.
وتأسيسًا على هذا الشرط فلو أن عُرفًا كان قائمًا في بلد ما وكان هذا العُرف يقضي بأن تأثيث بيت الزوجية على الزوجة، ثم تغير هذا العُرف وأصبح التأثيث على الزوج، وحدث ان تزوج رجل بامرأة بعد قيام العُرف الجديد وحصل بينهما نزاع حول تأثيث منزل الزوجية، فإنه لا عبرة بالعُرف الذي انقضى قبل العقد، وإنما العبرة بالذي هو موجود أثناء العقد. ولهذا فإنه يجب أن تُفسر وثائق العقود من أنحكة وأوقاف ووصايا وبيوع وهبات وإجارات وغيرها من العقود على الأعراف التي كانت وقت إنشاء هذه التصرفات والعقود.
3- ألا تتعارض العادة مع نص شرعي أو غير شرعي؛ فإذا كان ما تعارف عليه الناس مُخالفًا لنص شرعي أو غير شرعي فإنه لا عبرة به؛ لأنه لا عمل بالعُرف والعادة إلا في المسائل التي لا نص فيها، فإذا كان في المسألة نص من كتاب أو سنة إنما يكون عند عدم النص، وانعدام ما يُفيد غرض المتعاقدين صراحة، فإذا عُلم المقصود صراحة فلا حاجة للعُرف والعادة.
ومن هذا يتضح أن دلالة العرف أضعف من دلالة النص، فلو أن عرفًا يقضي بأن نفقات تسليم المبيع وأجرة الشحن وتغليف البضاعة على المشتري ولكن اتفق العاقدان على خلاف ذلك فقررا أن هذه النفقات تكون على البائع، فيعمل بهذا الاتفاق ولا عبرة بالعرف. وكذلك إذا كان العرف يقضي بأن تكون مصاريف تسجيل العقد على المشتري، ولكن اتفق العاقدان على أنها على البائع، فيُعمل بهذا الاتفاق ولا عبرة بالعرف. وكذلك أيضًا: إذا كان العرف في الزواج يقضي بتأجيل بعض المهر واتفق المتعاقدان على التعجيل، فالعرف في هذه الحالة لا يحكم ويعتبر ما بينهما من اتفاق هو الحكم في القضية؛ إذ لا عبرة بالعرف مع وجود مثل هذا الاتفاق. فالعرف إنما يُعمل به في حالة السكوت، فإذا سكت المتعاقدان فالعرف يكون مُفسرًا لسكوتهما مبينًا لإرادتهما قاضيًا على ما بينهما من التصرفا.
وإذا كان النص الشرعي هو الذي يحكم؛ فإن ما يتعارف عليه الناس مُخالفًا للشرع فإنه لا يُعتد به بل يُعتبر عُرفًا سدّا، كأن يتعارف الناس شرب الخمر ولعب الميسر والخروج بملابس البحر على الشواطئ فمثل هذه الأعراف تكون فاسدة، ولا يُعمل بها لأن النص حجة على الناس رضوا أو لم يرضوا طالما أنهم اتخذوا الإسلام دينًا.
لكن في حالة ما إذا كان النص مُعلَّلًا بالعُرف؛ فإن الحُكم في هذه الحالة يدور مع العرف وجودًا وعدمًا، ومع هذا فلا يُقال: إن العرف قد خالف النص، فالنص لم يُلغ وإنما الذي تغير هو تطبيق النص تبعًا لتغير الظروف الوعادات الجارية في المجتمع. ومثال ذلك: أن بعض الحنفية يرون أن الأشياء الأربعة: البر والشعير والتمر والملح هي التي نص عليها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث الربا وهذه الأصناف مُعلَّلة عند الحنفية بالكيل، فإذا تغير المعيار فأصبحت هذه الأشياء توزن بعد أن كانت تُكال فوجب أن يتغير المعيار تبعًا لتغير العرف فتصبح المساواة في هذه الأصناف الربوية بالوزن، ولا يُقال: إن العرف قد خالف النص، إذ الحديث نص على هذه الأشياء وكانت تُكال في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ثم تغير العُرف منا لكيل إلى الوزن فتكون العلة هي الوزن وليس الكيل، فيتغير الحُكم بتغير العرف، فالحكم لم يتغير وإنما الذي تغير هو المعيار الذي تُعرف به المساواة في الأموال الربوية وأما حكم الربا فهو باقٍ لم يتغير ولن يتغير مُطلقًا. وراجع: العرف والعادة بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي ص(51- 53) للدكتور حُسين محمود، طبعة دار القلم، دبي/ الإمارات، الطبعة الأولى 1408هـ- 1988م.

ولهذه القاعدة فروع لا تُعد لكثرتها وتعسر الإحاطة بها، ويتفرع عليها قواعد كثيرة وهي تدور حول اعتبار العرف والعادة حُكمًا أو مناطًا للأحكام، ومن أهم هذه الفروع ما يلي:
الفرع الأول/ سن الحيض.
ذكر الفقهاء أن أقل سن تحيض فيه المرأة تسع سنين بالشهور العربية، والشهور العربية هي الشهور القمرية، وثبت ذلك بالاستقراء على عادات النساء، والمُعتبر في الاستقراء التقريب لا التحديد؛ لأن الاستقراء الكامل مُستحيل، والحُكم ببلوغ السن الذي تحيض فيه المرأة بناءً على الاستقراء نتيجته ظنية حيث ثبت بالاستقراء الناقص، والأخذ بالظن رحمة من الله بعباده، وهو من أسباب اختلاف الفقهاء في العديد من مسائل الفقه، وحيث لم يرد في ذلك ضابط في الشرع وإنما عُرف بالاستقراء لعادات النساء، فتكون العادة محكمة؛ لأن ما لم يرد له ضابط في الشرع ولا في اللغة يُتبع فيه عرف الناس وعاداتهم. وأقل الحيض زمنًا يومٌ وليلة، وأكثره خمسة عشر يومًا بلياليها وإن لم تتصل الدماء، وأوسطه سبعة أيام. وأقل الطُّهر بين الحيضتين زمنًا خمسة عشر يومًا؛ وذلك لأن الشهر حيض وطُهر، وإذا كان أكثر الحيض خمسة عشر يومًا لزم أن يكون أقل الطُّهر تمام الشهر بعد الحيض، ولا حد لأكثره؛ لأن من النساء من لا تحيض في عمرها إلا مرة واحدة أو تحيض في كل سنة يومًا وليلة، كما وجد من النساء من لا تحيض أصلًا. راجع: نهاية المُحتاج (1/ 234)، وروضة الطالبين (1/ 134)، وحاشية الروض المُربع (1/ 376).
الفرع الثاني/ البلوغ.
سن البلوغ ليس له تحديد في الشرع وإنما مرجعه العُرف حيث جرت العادة بأن الغلام إذا احتلم يُحكم ببلوغه، وإذا لم يحتلم فلا يُحكم ببلوغه حتى يتم خمس عشرة سنة، وهذا مبناه على العرف والعادة الجارية، وعليه فالعادة مُحكمة. ويُقضى ببلوغ البنت بنزول دم الحيض أو بالاحتلام أو ببلوغها السن المذكور نزولًا على حُكم العادة.
وكذلك ثبوت العقل في التكليف، فإنه يُعرف إذا بلغ الشخص وكانت تصرفاته على المُعتاد من العقلاء فيُعد عاقلًا، وإلا بأن بلغ وخالفت تصرفاته المعروف بين العقلاء فلا يعد عاقلًا ولا يكون مُكلَّفًا. وراجع: مغني المحتاج (1/ 418)، قليوبي وعميرة (1/ 194).
الفرع الثالث/ الأفعال المُنافية للصلاة.
الأفعال في الصلاة إما أن يكون ما يفعله المُصلي من جنس الصلاة كزيادة ركوع أو سجود أو نقص ذلك، أو يكون ما يفعله شيئًا غير الصلاة كالكلام والحركة والضرب وخلافه، فإن كان ما فعله المصلي شيئًا من الصلاة، فإن كان عمدًا تبطل به الصلاة، وإن كان سهوًا لا تبطل به الصلاة. وإن كان ما فعله في الصلاة شيئًا خارجًا عن الصلاة كالحركة والمشي والضرب فالقليل منه لا يبطل والكثير منه مُبطل لها، والحد القلة والكثرة مرجعه العرف والعادة فيما اعتاده الناس. فما يعده الناس كثيرًا بحيث إذا رُئي المصلي وهو يفعلها خُيل للناظر أنه لا يصلي تبطل به الصلاة وإلا فلا، وذلك بناء على العرف والعادة الجارية، فتكون العادة مُحكمة.
الفرع الرابع/ الهدية للقاضي.
منصب القضاء خطير وحساس ومحفوف بالمخاطر، والأصل أنه تحرم الهدية بالنسبة للقاضي والحكام والأمراء وأصحاب المصالح؛ لأن المقصود منها غالبًا التوصل لتحقيق المصالح والجور في الحكم بالنسبة للقضاة وحصول الخصوم على حقوق ليست حقًا لهم.
وقد فصَّل الفقهاء في حكم قبول الهدية للقاضي فقالوا: أنه إذا كانت الهدية من شخص اعتاد أن يُهدي للقاضي قبل التولية ثم أهدى له بعدها فلا شئ فيها؛ لأنه معتادة والعادة محكمة بشرط أن لا تزيد على ما اعتاده قبل التولية وإلا حرمت الهدية وحرم الإهداء ووجب ردها لوجود التهمة مع الزياد لأنها من أجل القضاء لا تقبل. وإذا لم تكن له عادة حرمت؛ لأنه رشوة مقنعة في صورة الإهداء لأنه إنما أهدى له للقضاء. نعم، أنه إذا أهدى إليه بعد التولية وليس المهدي في محل ولاية القاضي.. فإن كان له مصلحة حرم وإلا فلا. وإذا كانت له عادة من قبل في الإهداء للقاضي ثم زاد في مقدارها كمًّا وكيفًا وجودةً فإنها تحرم لوجود التهمة في زيادة الهدية؛ لأنها غالبًا من أجل القضاء فلا تقبل، ويرى الطرابلسي أنه حتى مع عدم الزيادة أنها لا تقبل منعًا للتهمة فلا يقبلها القاضي مطلقًا حتى لا يصدق عليه قول القائل: إذا دخلت الهدة من الباب خرجت العدالة من الكوة. وراجع: معين الحكام ص(17)، والمبسوط (16/ 82)، وأخبار القضاة لوكيع ص(56).
الفرع الخامس/ الرد بالعيب.
من المعروف عُرفًا وعادة أن من اشترى شيئًا فإنه يطلب المبيع سليمًا وخاليًا من العيوب فإن كان به عيب وجب على البائع أن يبينه للمشتري وذلك منعًا من الغش والغبن في البياعات وقد أعطى الشارع لمن اشترى معيبًا أن يكون له الخيار في إمساك المبيع أو رده واسترداد ما دفعه من ثمن ويكون الرد بالعيب على الفور متى علم المشرتي، فإذا تأخر في الرد عرفًا سقط حقه.
وضابط التأخير أو عدمه يؤخذ من العرف والعادة، فتكون العادة محكمة، فإذا علمه المشتري وهو يأكل ينتظر حتى يتم أكله، وإذا علمه ليلًا ينتظر حتى الصباح وهكذا -راجع: مغني المحتاج (3/ 30)-. وإنما كان الرد بالعيب على الفور؛ لأن الرد على التراخي يتضرر به البائع، وهذا لا يعني المبادرة بالرد فورًا فقد يحتاج بعد علمه بالعيب إلى التروي لينظر ما هو أصلح له، ومدة هذا الانتظار تكون على حسب العرف مراعاة لمصلحة الجانبين البائع والمشتري.
الفرع السادس/ السباق.
المسابقة بالخيل والإبل والبغال والحمير والفيلة والرمي بالسهام والجري والسباحة وسباق الخيل والإبل والسيارات وغيرها تصح بعوض وبغير عوض لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر). -يُراجع: نيل الأوطار للشوكاني (8/ 87)- ويُقاس عليها غيرها، وروى أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له ناقة تثسمى العصباء، وكانت لا تُسْبَق فجاء أعرابي على قعود له فسبقها، فاشتد ذلك على المسلمين، وقالوا: سُبقت العصباء! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن حقًّا على الله أن لا يرفع شيئًا من الدنيا إلا وضعه). -المرجع السابق (8/ 87- 89)-. وفي هذا دليل على جواز السباق للحصول على الجائزة، فإن كانت من غير المتسابقين بأن كانت من قبل ولي الأمر في الدولة بأن يكون الإمام قد رصدها للسباق فتكون الجائزة مشروعة بلا خلاف. وإن كانت من أحد المتسابقين في جائزة عند الجمهور، أما إذا دفع كل من المتسابقين مبلغًا من المال ومن غلب أخذها فهذه الجائزة ممنوعة بالاتفاق. وإذا كانت العادة جارية في السباق في مسافة ومن وصل أولًا استحق الجائزة على ما جرى به العرف، وعليه فالعادة محكمة.
الفرع السابع/ المبارزة.
المبارزة تكون في الحرب، وقد كانت المبارزة ضربًا من ضروب الحرب في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك بأن يخرج الرجل من صفوف المسلمين ويخرج له رجل من صفوف المشركين، فإذا خرج واحد للمبارزة وقد اطردت عادة المتبارزين بالأمان ولم يجر بينهما شرط فالأصح أنها تنزل منزلة الشرط ويكون المبارز آمنًا، ولا يُشترط الأمان متى وجد العرف والعادة وإن لم يوجد العرف اشترط الأمان، وعليه فالعادة محكمة. ومقابل الأصح: لا تنزل العادة منزلة الشرط وعليه فالأمان غير مشروط وعلى ذلك يجوز قتله، وقد علَّق شيخنا على هذا الرأي بأن هذا لا يليق بأخلاف المسلمين حتى ولو لم يشترط الأمان إذ المسلم ليس من طبعه الغدر وعليه فلا يجوز قتل المبارز مطلقًا اشترط ذلك أو لم يشترط وجدت العادة أو لم توجد، وإذا طلب كافر المبارزة استحب الخروج إليه حتى لا يظنوا الضعف بالمسلمين. ومحل ذلك إذا كان بيننا من يفوى عليه وإلا كانت الإجابة بالمبارزة غير مستحبة، ولا تجوز المبارزة إلا بإذن الإمام وتكون من غير إذنه جائزة مع الكراهة.
ودليل جواز المبارزة ما روي من أنه في غزوة بدر طلب المبارزة عُتبة بن ربيعة ومعه ابنه وأخوه فنادى: من يبارز؟ فخرج له شاب من الأنصار فقال: ومن أنتم؟ فأخبروه فقال: لا حاجة لنا فيكم إنا أردنا بني عمنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قم يا حمزة، قم يا علي، قم يا عبيدة). فأقبل حمزة إلى عتبة وأقبل علي إلى شيبة وأقبل عبيدة إلى الوليد فأثخن كل واحد منا صاحبه، ثم ملنا إلى الوليد فقتلناه واحتملنا عبيدة جريحًا. وهذا دليل على جواز المبارزة وعلى أن يعين كل من المتبارزين بعضهم بعضًا. راجع: نيل الأوطار للشوكاني (7/ 293) باب ما جاء في المبارزة.
الفرع الثامن/ اعتبار الحرز في حد السرقة.
من شروط القطع في السرقة أن يكون المال المسروق من حرز مثله واعتبار الحرز يرجع إلى عادات الناس، وقد اعتاد الناس أن يكون للنقود حرز وللغلال حرز وللأنعام حرز وعلى ذلك فما اعتاده الناس حرزًا فهو حرز تقطع يد السارق إذا أخذ المسروق منه وما لم يعتاده الناس حرزًا فلا حد بالسرقة منه.
الفرع التاسع/ دخول الحمَّام ودور القضاء والولاة.
فالعرف يكون هو المتبع في دخول الحمَّام فهناك في بعض البلاد يكون بالإذن وفي بعضها بالتعاقد وفي بعضها يكون بعد استيفاء المنفعة وهذا لدخول الحمامات بالأجرة ويكون العرف كذلك هو المتبع في دخول دور القضاء والولاة وقد جرى العرف الآن أن يكون الدخول بواسطة الحاجب عند الدخول على القاضي والوالي، فالمحكم في الدخول العرف. راجع: محاضرات في قواعد الفقه الكلية للشيخ جاد الرب رمضان ص(49).
الفرع العاشر/ القبض والإقباض.
يكون القبض من المشتري والإقباض من البائع، والمُراد بالقبض: قبض المبيع بالكيفية المتعارف عليها بين الناس، فتسليم البيت يتم إذا أخلي من أمتعة البائع وتسليمه للمشتري ولكن هذا العرف قد يتغير، فالتسليم يتم بالتخلية فقد، فإن كان الثمن منقولًا لا يقبض البائع بما يراه العرف وإن كان غير منقول فالتسليم يتم بالتخلية بينه وبين البائع، فالحكم في القبض والإقباض يرجع إلى العرف والعادة المتبعة؛ لأن العادة محكمة.

وثمة قواعد مندرجة تحت تلك القاعدة -قاعدة: ’’العادة محكمة‘‘-..
1- قاعدة: "استعمال الناس حجة يجب العمل بها".
ومعناها/ أن عادة الناس حجة يجب العمل بموجبها إذا لم تكن مخالفة للشرع؛ لأنه يستحيل تواطؤهم على الكذب والضلال لكثرتهم واختلاف أقطارهم. ولكن لا مانع من تبدل الحكم المبني على استعمال الناس المُخالف لنصوص الفقهاء المبنيَّة على العرف أو على الاجتهاد والرأي، إذا تبدل العرف وكان الاستمرار على الحكم السابق فيه مشقة تصيب العباد. ومن ذلك: عدم الاكتفاء بظاهر العدالة في الشهادة الآن مع أن ذلك مخالف لما نص عليه الإمام أبو حنيفة من الاكتفاء بظاهر العدالة بناء على ما كان معمولًا به في زمنه لغلبة العدالة بين الناس، ولكن أبا يوسف ومحمدًا نصّا على أنه لا يكتفي بذلك الظاهر لفشو الكذب في زمانهما، فعلى الحاكم أن يتحقق من عدالة الشهود ولا يأخذ بالظاهر. ومن ذلك أيضًا: تضمين الساعي بالفساد مع مخالفة ذلك لقاعدة الضمان وأنها على المباشر دون المتسبب، ولكن لما كثر الساعة المفسودة في الأرض بالنميمة والفتنة أفتوا بتضمينه. راجع: رسالة نشر العرف لابن عابدين ص(126)، وشرح مجلة الأحكام العدلية ص(42).

-العُرف العملي والقولي:
أما العرف العملي؛ فهو اعتياد الناس على شئ من الأفعال العادية أو التصرفات المنشئة للالتزامات، كاعتياد الناس تعطيل بعض الأيام من كل أسبوع عن العمل، واعتيادهم عند بيع الأعيان الثقيلة أن تكون حمولتها إلى بيت المشتري على البائع، اعتيادهم تقسيط أجور العقارات السنوية إلى عدة أقساط معلومة، وتعارفهم في الأنكحة تعجيل بعض المهر وتأجيل الباقي إلى ما بعد الوفاة أو الطلاق، واعتيادهم على الكيل أو الوزن أو التسعير وعدمه، واعتيادهم أكل لحكم الضأن وأكل لحم البقر والجاموس كثيرًا، وندرة أكل لحم الإبل. فكل هذه أعراف جرى التعامل بها بين المسلمين وكذلك التعامل بالجنيه والدولار والريال وهذه التعاملات وغيرها محكومة بالعرف العملي الجاري بين الناس. فلو وُكِّل شخص رجلًا بأن يشتري له خبزًا أو لحمًا مثلًا وكان من عادة الناس في بلد ما أكل خبز خاص ولحكم خاص؛ فليس للوكيل أن يشتري للموكل خبزًا من نوع آخر أو لحمًا من غير ما اعتاده الناس اعتمادًا على إطلاقه؛ لأن عرف البلد يخصص هذا الإطلاق، فيُسمى عرفًا عامًا مخصصًا.
والعرف القولي؛ هو اصطلاح جماعة على لفظ يستعملونة في معنى مخصوص بحيث يتبادر معناه إلى الذهن بمجرد سماعه. وهذا العرف يُسمى عند الحنفية والشافعية: عرفًا مخصصًا، كاختلاف مسميات بعض المسميات البسيطة ما بين بلد وبلد، مثل: المقشة والمكنسة ولفظ اللبان والمستكة وبلفظ الأستيكة والجومة، فبلد تقول: الأستيكة، وبلد آخر يقول: الجومة، وهكذا سائر الألفاظ، ومثلها اختلاف اللهجات ما بين نطق القاف قاف في بعض القرى ونطقها جيمًا في البعض الآخر على ما هو معروف في لهجات أهل مصر.
وتبعًا لاختلاف العرف العملي من بلد إلى بلد ومن قطر إلى قطر فلو أن رجلًا قال لآخر في مصر: اشتر لي سيارة بخمسة عشر ألفًا، فإنه يلزمه أن يشتري بالجنيه المصري؛ لأنه المتعارف هنا عند الإطلاق وليس له أن يشتري بعملة بلد من الأقطار العربية أو الأوربية.

ومن الفروع التطبيقية لهذه القاعدة:
1- أنه إذا استعان شخص بآخر على شراء عقار أو منقول وبعد وقوع البيع والشراء طلب أجرة نظير هذا البيع والشراء فيُنظر إلى تعامل أهل السوق، فإن كان المتعارف على أهل السوق أنهم يتعاطون أجرًا استحق أجر المثل وإلا فلا؛ لأن العادة محكمة.
2- أنه يحكم بوقف الكتب الشرعية والمصاحف الشريفة والعملة النقدية، ويكون الوقف صحيحًا إذا تعارف الناس في بلد ما على صحة وقف المنقول مع أن وقف المنقول في الأصل غير صحيح.

2- قاعدة: "إنما تعتبر العادة إذا اطردت أو غلبت".
وهذه القاعدة جاءت لتُعبر عن بعض شرائط العمل بالعرف فلكي يعتبر العرف صحيحًا يشترط فيه الاطراد والغلبة والشيوع، وقد يعبر عن الاطراد بالعموم.
فلهذا قالوا: إنما تُعتبر العادة إذا اطردت أو غلبت، أما إذا سارت أو ندرت فلا تراعى.
فلو أن رجلًا باع بدراهم أو دنانير وكانا في بلد اختلف فيه النقود في المالية والرواج انصرف البيع إلى الثمن الأغلب؛ لأنه المتعارف فينصرف إليه.
لذلك قال العلماء: إن العادة المطردة في ناحية تنزل منزلة الشرط كما تنزل منزلة صريح الأقوال في النطق بالأمر المتعارف عليه وفرَّعوا على ذلك: بأن الوكيل في البيع المطلق يتقيد بثمن المثل وغالب نقد البلد الذي فيه البيع، تنزيلًا للغلبة منزلة النطق به صريحًا، فلو اضطربت العادة في البلد وجب البيان وإلا بطل البيع.
فالمراد من الغلبة: أن يكون جريان أهله عليه حاصلًا في أكثر المعاملات أو عند أغلب الناس.
والمراد من الشيوع: اشتهار العمل بذلك العرف وانتشاره بين الناس، أما إذا تساوى عمل الناس بالعادة أو العرف كان حينئذ عرفًا مشتركًا، والعرف المشترك لا يصلح للرجوع إليه في تحديد الحقوق والواجبات المطلقة عملًا بالقاعدة المذكورة وبقاعدة: العبر للغالب الشائع لا للنادر. وراجع: الأشباه والنظائر للسيوطي ص(101)، ومجلة الأحكام العدلية مادة(41، 42)، والمدخل الفقهي العام فقرة(606، 607) (1/ 87).
فمثلًا: إذا جرى عرف بلد على أن جهاز الأب لابنته من ماله يُعتبر عارية ووجد عرف آخر في نفس البلد بأنه هدية، وتساوى العرفان فقام الأب بتجهيز ابنته من ماله وزفت بهذا الجهاز إلى زوجها ثم حدث نزاع بينهما واختلفا في أن الجهاز عارية أو هدية، فادعى الأب أنه عارية لتسنى له الرجوع عليها واسترداده منها وطالبها برده إليه، وأنكرت هي ذلك وادعت أنه هبة وتمليك، ومن ثم فإنه لا يملك حق الرجوع عليها؛ لأن من موانع الرجوع في الهبة القرابة المحرمية، ولم يكن لأحدهما بيّنة على دعواه، لم يصلح هذا العرف المشترك دليلًا مُرجحًا لدعوى أحد الخصمين لتعارض العرفين حيث لا مُرجح لأحدهما على الآخر لتساويهما وحينئذ يكون القول قول الأب مع يمينه فيُحكم له بدعواه.
فإذا كانت العادة المشتركة لا تصلح لبناء الأحكام فمن باب أولى إذا كانت قليلة أو نادة، إذ النادر لا حكم له.

ولهذه القاعدة فروع ومن أهمها:
(أ) لو جرت عادة المُقترض برد أزيد مما اقترض فهل تنزل عادته منزلة الشرط، فيكون كأنه قال له: أقرك على أن ترد أكثر، فيحرم إقراضه في هذه المسألة؟ قال الشافعية: الأصح لا يحرم إقراضه ويكون رده أكثر مما اقترض من باب الإحسان في القضاء فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رد أكثر مما اقترض، وأما قولهم: كل قرض جر نفعًا فهو ربا، محمول على ما إذا كان ذلك مشروطًا في العقد؛ لأن الاشتراط على الزيادة في العقد تكون الزيادة ربا والربا حرام.
وأما مقابل الأصح: فإن العادة تنزل منزلة الشرط، وعليه فتحرم الزيادة ويحرم الإقراض.
(ب) لو اعتاد بيع العينة وصورتها: أن يبيع إنسان عقارًا إلى أجل لآخر ثم يشتريه في المجلس فهل بيع العينة جائز؟ رأيان في المسألة:
الأول/ أن العادة تنزل منزلة الشرط فيحرم بيع العينة وهو المختار.
الثاني/ لا حُرمة فيها لوقوع العقد مستوفيًا شروط الصحة ولعدم تحقق الحديث الذي نهى فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع العينة لأنه يحتمل الأمرين، والحديث إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.
(جـ) إذا اطردت العادة بالأمان عند المبارزة فهل تكون كالشرط؟! فلو بارز كافر مسلمًا وكانت العادة مطردة بالأمان فالأصح لا يجوز قتله؛ لأنه العادة محكمة وقتله يعتبر خيانة وإهدارًا للأمانة وهذا غير لائق بالمسلمين، ومقابله قال يجوز قتله، وعلى ذلك تكون هذه الصورة مستثناة من قاعدة: المعروف عُرفًا كالمشروط شرطًا.
(د) ومن الفروع المبنيّة على العرف الغالب المستمر؛ بناء المدارس الموقوفة على درس الحديث ولا يعلم مراد الواقف فيها هل يدرس فيها علم الحديث الذي هو معرفة المصطلح، كمختصر ابن الصلاح ونحوه من الكتب المؤلفة في مصطلح الحديث التي تعني بمعرفة رواية الحديث ورجاله ويتميز بها صحيح الرواية من سقيمها ويُعرف المقبول من الأخبار والمردود منها، أو يكون بناء هذه المدارس الموقوفة على من يقرأ متن الحديث كالبخاري ومسلم ونحوهما ثم يتكلم على ما في الحديث من فقه وغريب ولغة ومُشكَل واختلاف كما هو عُرف الناس الآن، فإذا لم يعلم شرط الواقف أو لم يعلم اصطلاح أهل كل بلد فإن العادة الجارية هي التي تحكم، والعادة جرت بين علماء مصر في هذه الأعصار بالجمع بين ما يتناوله الحديث سندًا ومتنًا فيقول: حدثنا فلان عن ف5لان.. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال بالنيات.. الحديث).
وهذا مما يختلف فيه الواقفون فيقول بعضهم: وقفت هذا على أهل الحديث دراية، ويقول آخر: وقفت كذا على أهل الحديث رواية، فإذا لم يعلم هذا ولا ذاك فالعادة الجارية هل التي تحكم، وقد جرت العادة بين علماء مصر في هذه الأعصار بالجمع بين الحديث سندًا ومتنًا.

-حُكم تعارض العُرف مع الشرع والعموم والخصوص واللغة:
أولًا/ تعارض العرف مع الشرع.
العرف لا يكون معتبرًا في التشريع إذا خالف النص الشرعي بمعنى ألا يكون ما تعارف عليه الناس مخالفًا للأحكام الشرعية كما لو تعارف الناس شرب الخمر ولعب الميسر وخروج النساء كاشفات عن بعض أجسامهن مما يجب ستره شرعًا وغير هذا من المخالفات التي درج عليها الناس في مختلف العصور فإن مثل هذا العرف يكون عرفًا فاسدًا ويُحكم عليه بالبطلان وعدم الاعتبار لمخالفته للشرع الشريف، وفي ذلك يقول السرخسي كما في المبسوط (10/ 196): وكل عرف ورد بخلاف الشرع فهو غير معتبر. اهـ.
وهذا إذا كان العرف مُبطلًا للنص من كل الوجوه، فإذا كان العرف يخالف النص في بعض وجوهه؛ فالعرف يُخصص النص إذا كان عامًا، ويقيده إذا كان مطلقًا، وهذا ليس فيه ترك للنص بل فيه إعمال لهما بقدر الإمكان، فيحمل النص على حالة خاصة، ويعمل العرف فيما عداهما وإن خالف القياس؛ لأن العرف مقدم على القياس ورعايته أولى.
وأقرب مثال لذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن بيع ما ليس عند الإنسان ولا يملكه. كما روى الإمام أحمد في المُسند وابن حبان في صحيحه وأصحاب السنن وقال الترمذي: حسن صحيح. وانظر: التلخيص الحبير (3/5)، فيما رَوَوْهُ بقول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام: (لا تبع ما ليس عندك). فإن هذا النص عام ومع هذا قال فقهاء الحنفية بجواز الاستصناع للتعامل الجاري به بين الناس من عهد الصحابة والتابعين وغيرهم من غير نكير مع أن النص يشمله، إذ يصدق على الاستصناع أنه بيع ما ليس عند الإنسان، فيكون منهيًّا عنه بالنص، ولكن لم يلزم منه إبطال النص، بل عمل بالنص والعرف معًا فعمل بالعرف في عقد الاستصناع وبالنص فيما عداه، فلم يترك النص بالعرف كليًّا. راجع: رسائل ابن عبادين (2/ 129).
فإذا أمكن العمل بكل منهما فأيهما يُقدم؟
قال العلماء: إذا تعارض العرف مع الشرع ولم يتعلق بالشرع حكم وتكليف قدم عرف الاستعمال على الدليل الشرعي، والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها:
1- لو حلف شخص ألا يأكل لحمًا، لم يحنث إذا أكل سمكًا، مع أن الله تعالى سماه لحمًا فقال سبحانه: (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ البَحْرَ لشتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا) [النحل: 14]. فالشارع سبحانه وتعالى حين سمى السمك لحمًا لم يتعلق بالتسمية حكم، فالتسمية عارية عن الحكم، والعرف لا يسمى السمك لحمًا، فالعرف متعارض مع تسمية القرآن السمك لحمًا، فيُقدم العرف، فلا يحنث من حَلف لا يأكل يحمًا بأكل السمك، تقديمًا للعرف على الشرع حيث لم يتعلق بالتسمية حكم شرعي.
2- لو حلف شخص أنه لا يجلس على بساط أو تحت سقف أو في ضوء سراج، لم يحنث بجلوسه على الأرض، وإن سماها الله سبحانه بساطًا كما في قوله تعالى: (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا) [نوح: 19]. ولا في الشمس وإن سماها الله عز وجل سراجًا كما في قوله تعالى: (وَجَعَل القَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا) [نوح: 16].
3- لو حلف إنسان أنه لا يضع رأسه على وَتِد، لم يحنث بوضعها على جبل، وإن كان الله تعالى قد سمى الجبال أوتادًا كما في قوله سبحانه: (وَالجِبَالَ أَوْتَادًا) [النبأ: 7]؛ لأن الشرع حينما سمى الجبل وتِدًا لم يُعلق بالتسمية حكمًا، فالتسمية عارية عن الحكم، والعرف لا يسمي الجبال أوتادًا، فيُقدم العرف في كل ذلك؛ لأن التسمية استعملت في الشرع ولم يتعلق بها حكم وتكليف، وذلك يشهد بأن العادة محكمة.
أما لو تعارض العرف مع الشرع وعلق به حكم فيُقدم الشرع على العرف، والأمثلة على ذلك:
1- لو قال إنسان: والله لا أنكح، وعقد ووطأ فيكون حانثًا والحنث مترتب على العقد؛ لأن النكاح حقيقة شرعية في العقد ولا يحنث بالوطء لأنه مجاز فيه عند الشافعية، وأما عند الحنفية فالنكاح حقيقة في الوطء مجاز في العقد فيكون الحكم عندهم بعكس الشافعية، وهذا في غير المتزوج، أما المتزوج فيحمل كلامه على الوطء.
2- لو قال لزوجته: إن رأيت الهلال فأنت طالق، فرآه غيرها وعلمت به طلقت حملًا له على الشرع، فإن الرؤية فيه بمعنى العلم لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الخمسة إلا النسائي: (إذا رأيتموه فصوموا) –يُراجع: نيل الأوطار (6/ 46)-. أي إذا رأيتم الهلال فصوموا؛ لان الرؤية في الشرع علمية بمعنى العلم وليست بصرية، فيقدم عرف الشرع؛ لأن هذا هو المعتبر.
ثانيًا/ تعارض العرف مع الشرع في العموم والخصوص.
فإذا كان اللفظ في العرف يقتضي العموم وفي الشرع يقتضي الخصوص فيقدم خصوص الشرع في الأصح.
(أ) فلو حلف لا يأكل لحمًا لم يحنث بأكل الميتة مع أن مدلول اللحم عام يتناول كل لحم أُكل أو لم يؤكل، ولكن الشرع خصصه بالمأكول المذكى الذي يحل أكله دون غيره، فالشرع يخصص عموم اللفظ ويقدم على العرف اللغوي.
ومقابل الأصح: يحنث بأكل لحم الميتة أخذًا من عموم اللفظ فيقدم على خصوص الشرع؛ لأن دلالة التخصيص لا يفهمها إلا المتخصصون فيكون الحنث بأكل اللحم مطلقًا ولو كان ميتًا.
(ب) لو أوصى إنسان لأقاربه لم تدخل ورثته عملًا بتخصيص الشرع إذ لا وصية لوارث، فيخصص الشرع عموم اللفظ، ويقدم مدلول الشرع على العرف اللغوي، فلا يستحق القريب الوارث من الوصية شيئًا.
ثالثًا/ تعارض العرف مع اللغة.
1- ذهب القاضي حسين إلى القول بأن الحقيقة اللفظية تقدم إذ الأصل في الكلام الحقيقة ومتى أمكن العمل بالحقيقة سقط العمل بالمجاز لكونه خلفًا عنها -راجع: شرح المنار لابن مالك ص(108)، ومشاكة الأنوار ص(117)- والحقيقة اللفظية وضع اللفظ بإزاء المعنى.
2- وقال البغوي -حاشية اللكنوي على كشف الأسرار للنسفي (1/ 182)، والفروق للقرافي (1/ 171)- بتقديم الحقيقة العرفية على الوضع اللغوي أو عرف اللغة؛ لأن العرف يحكم في التصرفات من بيع وشراء ونفقات وغير ذلك مما يدور بين الناس من معاملات وعلى وجه الخصوص في الإيمان والنذور.
فإذا قال الزوج لزوجته: أنت طالق، وقال: أردت من وثاق، فإن الطلق بمعنى الإطلاق هو حقيقة لغوية في الحل من وثاق أو غيره وقد أصبح هذا اللفظ حقيقة عرفية في حل عصمة النكاح، مجازًا في حل الوثاق، وحمل اللفظ على حقيقته العرفية أولى من المجاز. وإذا قال إنسان: نذرت السفر إلى بيت الله الحرام، فإنه يلزمه حجة أو عمرة. ومن ذلك: لفظ الدابة فهو في عرف اللغة: يُطلق على كل ما يُدب على الأرض، وأريد به في العرف ذوات الأربع.
ومن ثم فينبغي أن يقوم العرف في الاستعمال على اللغة حيث لا توجد النية؛ لأنه إذا وجدت النية عمل بها. ويُراجع: أثر العرف في التشريع الإسلامي ص(75)، والأشباه والنظائر للسيوطي ص(104).
وإنما تركت الحقيقة اللغوية بدلالة العرف والعادة؛ لأن الكلام موضوع للإفهام، فإذا كان مستعملًا لشئ عرفًا ونقل عن معناه اللغوي فهذه العادة في الاستعمال رجحت إرادته فيترك معناه الحقيقي بدلالة العرف في الاستعمال.
3- ويرى الإمام الشافعي: أن تقديم المعنى العرفي على المعنى اللغوي أو العكس ليس لمجرد أن هذا لغة وذلك عرف، بل يشترط تبادر المعنى عند الإطلاق، فإذا تبادر المعنى العرفي قدم، وإذا تبادر المعنى اللغوي قدم ويظهر ذلك في الأمثلة التي يتعارض فيها العرف مع اللغة، ومنها ما يلي:
(أ) لو حلف شخص يسكن بيتًا، فإن كان بدويًا حنث بغير البيت المبني كالخيام؛ لأن غير المبني يُسمى بيتًا عندهم، فقد تظاهر فيه العرف واللغة؛ لأن البدو يُسمون الخيام بيتًا فالعرف قوى اللغة واللغة قوت العرف.
أما لو كان الشخص الذي حلف من أهل القرى والحضر فوجهان/ فلو اعتبرنا العرف لم يحنث؛ لأن غير المبني لا يسمى بيتًا عند أهل القرى والحضر وإن سمي بيتًا في اللغة العربية، والأصح الحنث ترجيحًا للغة على العرف، وهذا إذا لم توجد عنده نية، فإذا وجدت النية فإنها تحكم.
(ب) ولو تزوج بأربع وقال: زوجتي طالق، لم تطلق سائر زوجاته عملًا بالعرف؛ لأن العرف يطلق الزوجة على الواحدة فقط، وإن كان وضع اللغة يقتضي أن الطلاق يكون على الوضع اللغوي ومع ذلك فإن من صدر منه هذا الطلاق يحرم عليه إتيان أي واحدة من زوجاته؛ لأن كل واحدة تصلح أن تكون مطلقة، فإن كانت إحداهن في نفسه طلقت حسب نيته وإلا ذهبن إلى المفتي فيُطالبه بالتعين.
(جـ) إذا أوصى للفقهاء؛ فهل يدخل فيهم المناظرون والباحثون في أوجه الخلاف ومن يقارنون بين الآراء؟
قال صاحب الكافي: يحتمل وجهين لتعارض العرف واللغة فالفقيه هو من صار الفقه له سجية وملكة، وحقيقة الفقه اللغوية هو العالم بالأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، والعلوم الشرعية كلها يدخل فيها المناظرة فإذا وجد عرف يتعارض مع المدلول اللغوي حكم العرف، وحيث لا يوجد تعارض بين العرف واللغة فإن الفقيه يطلق على غير الخلافي وهو من يُجادل ويُناظر. اهـ.

3- قاعدة: "العبرة للغالب الشائع لا للنادر".
ومعناها/ أن الحكم الشرعي إذا بني على أمر غالب شائع، فإنه يبنى عامًا للجميع، ولا يؤثر على عمومه واطراده تخلف ذلك الأمر في بعض الأفراد، أو في بعض الأوقات، وتفيد ايضًا: أن الأحكام لا تبنى على الشئ القليل النادر، وإنما تبنى على الغالب الشائع والكثير.

ولهذه القاعدة فروع منتشرة في الفقه، ومن أهمها:
الفرع الأول/ أن الزوج ليس له أن يُجبر زوجته على السفر من وطنها إذا نكحها فيه، وإن أوفاها معجَّل مهرها لغلبة الأضرار في الأزواج.
الفرع الثاني/ ليس للقاضي أن يقضي بعلمه لفساد القضاة غالبًا فوجب الاحتياط بألا يحكم القاضي بعلمه؛ لأن العبرة للكثير الغالب، والمظآن الكلية هي مناط الأحكام، والمعيار في ضبط مصالح الناس موضوعي محض غير شخصي، ويدور مع شخص القاضي بخبره وشهادته ولذا فقد عدل المتأخرون من الفقهاء عن قول المتقدمين وأجمعوا على الفتوى بخلافه لعلة واحدة هي فساد الزمان. وقد قرر الشافعي ذلك بقوله: لولا قضاة السوء لقلت: إن للحاكم أن يحكم بعلمه.
ولقد كان سيد الحكام محمد صلى الله عليه وسلم يعلم من المنافقين ما يبيح دماءهم وأمولهم، ويتحقق ذلك ولا يحكم فيهم بعلمه مع براءته عند الله وملائكته وعباده المؤمنين من كل تهمة، لئلا يقول الناس: إن محمدًا يقتل أصحابه.
الفرع الثالث/ صحح المتأخرون الاستئجار على الإمامة والأذان والتعلم لتكاسل الناس عن القيام بها مجانًا غالبًا، قال ابن العربي: الصحيح جواز أخذ الأجرة على الأذان والصلاة والقضاء وجميع الأعمال الدينية، فإن الخليفة يأخذ أجرته على هذا كله وفي كل واحد منها يأخذ النائب أجرة كما يأخذ المستنيب، فإذا لم يوجد متطوع بذلك فلا بأس بأخذ الأجرة وإعطائهم على ذلك؛ لأن الحكم للغالب الشائع لا للنادر القليل. اهـ.
الفرع الرابع/ أن الفقهاء قدروا مدة الإياس من الحيض بخمس وخمسين سنة لأجل أن تعتد؛ لأن المرأة إذا بلغت هذه السن، ففي الغالب ينقطع حيضها، والأشهر عند الشافعية أن سن اليأس اثنتان وستون سنة، والأظهر أن بلوغ هذه السن يعتبر أقصى يأس نساء العالم، وإليه ذهب الأكثرون، وقيل: يعتبر إياس أقاربها. وراجع: المهذب (4/ 537).
وإنما اعتبر الفقهاء كل هذه الأحكام مع أنه لا شك في تخلفها في بعض الأفراد وبعض الأوقات ولكنهم لم ينظروا إلى هذا وجعلوا العبرة للكثير الغالب. يُراجع: شرع القواعد الفقهية للزرقا ص(236).

4- قاعدة: "لا عبرة بالعرف الطارئ".
وهذه القاعدة تعبر عن شرط آخر من شروط اعتبار العرف وهو كونه سابقًا للحكم لا تاليًا له، فلا يجوز أن يحمل حكم حدث قبلًا على عرف حدث متأخرًا؛ لأن النصوص الشرعية يجب أن تُفهم مدلولاتها اللغوية والعرفية في عصر صدور النص لأنها هي مراد الشارع ولا اعتبار بتبدل مفاهيم اللفظ في الأعراف المتأخرة.
فلو حدث أو طرأ عرف بعد إنشاء تصرف من التصرفات فلا عبرة به ولا يقضى به على تصرف سبق ولا على الذين يتعارفوه؛ لأننا لو ألزمنا إنسانًا بما جرى به عرف غير قائم وقت التصرف لألزمناه بما لم يلتزمه.
ولهذا قال ابن القيم كما في إعلام الموقعين (3/ 68): فإياك أن تُهمل قصد المتكلم ونيته وعرفه فتجني على الشريعة وتنسب إليها ما هي بريئة منه، وتلزم الحالف والناذر والعاقد ما لم يُلزمه الله ورسوله به. اهـ. وراجع: الموافقات للشاطبي (2/ 297- 298).

ومن الفروع الفقهية التي ذكرها الفقهاء في هذه القاعدة؛ ما يدخل في البيع وما لا يدخل، وما يعد عيبًا في المبيع وما لا يعد، وتعجيل المهر أو تأجيله في النكاح، وغير ذلك من الأمور، فإن العرف القائم وقت التصرف هو المُحكم دون غيره من السابق له أو اللاحق عليه، ومنها:
الفرع الأول/ إذا كان لفظ "في سبيل الله" ولفظ "ابن السبيل" من آية مصارف الزكاة لهما معنى عرف وقت نزول الآية الكريمة وعرف لفظ "سبيل الله" على أنه مصالح الجهاد الشرعي وعرف لفظ "ابن السبيل" على من ينقطع من الناس في السفر، ثم تبدل عرف الناس في شئ من هذه الألفاظ، فأصبح سبيل الله معناه: طلب العلم خاصة، وابن السبيل على أنه الطفل اللقيط، فإن النص الشرعي يبقى محمولًا على معناه العرفي الأول الذي عرف به صدوره وكان معمولًا به في حدود ذلك المعنى الأول لا غير، ولا عبرة للمعاني العرفية أو الاصطلاحية الطارئة. ويُنظر: المدخل الفقهي العام ص(607).
الفرع الثاني/ أنه لو كان العرف في بلد قائم على بيع رأس الغنم وأكله فقال الزوج لزوجته: إن أكلت رأسًا فأنت طالق، ثم تغير العرف وتعارف الناس في هذه البلد على أكل رأس البقر فأكلت بعد تبدل العرف رأس البقر فلا يقع الطلاق؛ لأن اليمين انعقدت على رأس الغنم بحسب العرف المقارن فالعبرة تكون بالعرف المقارن دون المتأخر لأن انعقاده إنما هو على العرف المقارن لا على الاحدث بعده، ومن ثم قالوا: لا يقع الطلاق.

4- قاعدة: "الحقيقة تترك بدلالة العادة".
هذه القاعدة يدخل معناها تحت مسألة تعارض اللغة مع العرف، والحقيقة في اللغة مأخوذة من حق الشئ إذا ثبت.
والمراد بالحقيقة هنا: دلالة اللفظة المستعمل فيما وضع له في اصطلاح التخاطب بحيث يدل عليه بغير قرينة، سواء كان التعيين من جهة واضع اللغة، فيكون حقيقة لغوية، أو غيره فيكون حقيقة عرفية أو شرعية.
فالحقيقة ثلاثة أنواع/ حقيقة لغوية وفي مقابلها مجاز لغوي، وحقيقة شرعية وفي مقابلها مجاز شرعي، وحقيقة عرفية وفي مقابلها مجاز عرفي.
والحقيقة اللغوية هي أصل الحقائق الثلاث؛ لأن اللفظ وضع أولًا للمعنى اللغوي ثم جاء الشرع فنقل ألفاظًا كثيرة ليؤدي بها معنى من المعاني الشرعية لوجود علاقة بين المعنى اللغوي والشرعي، كما نقل أهل العرف العام أو الخاص بعض الألفاظ، استعملوها فيما تعارفوه بينهم فأصبحت هذه الألفاظ مجازًا في اللغة وحقيقة شرعية، أو عرفًا شرعيًّا، أو حقيقة عرفية، أو عرفًا في الاستعمال عامًا أو خاصًا.
يقول ابن الحاجب في تقرير هذه القضية كما في الكافي (1/ 137): إن الألفاظ التي استعملها الشرع مجازات لغوية ثم اشتهرت فصارت حقائق شرعية. اهـ.
وقد ثبتت الحقائق الشرعية بالاستقراء؛ لأننا لما استقرأنا لفظ الصلاة والزكاة والصيام والحج، وجدناها استعملت في لسان الشرع للعبادات، فالصلاة: اسم للدعاء، ثم سمي بها العبادة المعلومية، مجازًا في اللغ، وحقيقة شرعية، أو عرفًا شرعيًا، سواء كان فيها دعاء أو لم يكن فيها دعاء كصلاة الأخرس حيث إنها شرعت لذكر الله تعالى، لقوله سبحانه: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) [طه: 14]. والحج في اللغة: القصد، ثم صار اسمًا لعبادة معلومة، مجازًا في اللغة وعرفًا شرعيًا، وكذلك العمرة فهي في الأصل الزيارة، ثم صارت اسمًا لزيارة مخصوصة بشرائطها وأركانها المعلومة شرعًا. والزكاة في الأصل: النماء، ثم صارت اسمًا للمعنى الشرعي، وهو أداء بعض المال الناي بوجه مخصوص أتت به الشريعة. والصوم: فإنه في اللغة مطلق الإمساك، وفي الشرع خصص بنوع من الإمساك. راجع: شرح المحلى على جمع الجوامع (1/ 226).
وإذا كان الأصل في الكلام الحقيقة؛ فالواجب استعمال اللفظ في معناه الحقيقة، ولكن قد يُهجر المعنى الحقيقي عرفًا وعادة فيكون الحكم في ذلك متعذرًا أو كالمتعذر فتترك الحقيقة اللفظية بدلالة العرف والعادة على استعمال هذا اللفظ استعمالًا مغايرًا لمعناه الحقيقي ويبنى الحكم على المعنى الذي دل عليه العرف والعادة، وإذا دار الأمر بين الحقيقة والمجاز ترجحت الحقيقة، لكن المراد بالحقيقة المذكورة في هذه القاعدة هي الحقيقة المهجورة ومع هذا فإنها تترك بدلالة العرف والعادة، فظهر بهذه القاعدة أن تحكيم العادة والعمل باستعمال الناس لا تقوى الحقيقة على معارضتهما بل يعمل بهما دونها.
فمثلًا لو حلف لا يضع قدمه في دار فلان، فإنه ينصرف المعنى إلى الدخول بأي وجه كان، راكبًا أو ماشيًا أو حافيًا أو متنعلًا؛ لأنه هو المتعارف لا المعنى الحقيقة وهو مباشرة القدم دخل أو لم يدخل لأن هذا المعنى مهجور عرفًا، والعرف قاضٍ على الوضع اللغوي وقد تركت الحقيقة هنا بدلالة العرف والعادة.

5- قاعدة: "المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا".
هذه القاعدة تفيد أن ما تعارف عليه الناس في معاملاتهم، وإن لم يذكر صريحًا هو قائم مقام الشرط في الالتزامات، ويعتبر الاشتراط الصريح، إذا لم يكن مناقضًا للشرع.

ومن فروع هذه القاعدة:
الفرع الأولى/ أن من اشترى سيارة دخل فيها توابعها التي لا ذكر لها في العقد كعدتها ومفاتيحها وعجلتها الاحتياطي وإن لم تذكر في العقد للعرف الجاري والعادة المتبعة.
الفرع الثاني/ لو عمل شخص لآخر عملًا، ولم يتفقا على الأجر، فللعامل أجرة المثل إن كان معروفًا بين الناس أن يعمل بالأجرة، فإن لم يكن هذا الإنسان معروفًا بين الناس بذلك فلا أجرة له.
الفرع الثالث/ لو اشترى شخص من آخر شيئًا بعشرة ولم يعين نوع العملة يرجع إلى العملة المتداولة في تلك المنطقة.
الفرع الرابع/ لو سكن شخص بيتًا أعده صاحبه للسكنى من غير إذنه أو سكن بإذنه من غير عقد ولا اتفاق على أجرة معينة، لزم ان يدع أجرة المثل بحسب العادة الجارية. ويُراجع: شرح القواعد الفقهية ص(183)، والأشباه والنظائر للسيوطي ص(106)، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص(99)، والمجلة العدلية مادة: (45) فقرة(612).

6- قاعدة: "التعيين بالعرف كالتعيين بالنص".
وفي معناها: "الثابت بالعرف كالثابت بالنص".
وهذه القاعدة وما ورد في معناها تُبين أن العرف دليل يثبت به الحكم الكنص حيث لا يوجد نص، فيكون ما ثبت بالعرف كأنه منصوص في العقد، والعرف يقوم مقام الشرط في المعاملات.

ومن تطبيقات هذه القاعدة بالإضافة إلى الفرع الذي سبق ذكره في قاعدة: "المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا"؛ أن الانتفاع بالأعيان المؤجرة والمستعارة إذا لم يبين في العقد فإن العرف يعين كيفية الانتفاع بها ويكون الانتفاع بحسب العرف والعادة الجارية بين الناس ما لم يوجد شرط يخالف ذلك.

7- قاعدة: "كل ما ورد به الشرع مطلقًا ولا ضابط له في الشرع ولا في اللغة يُرجع فيه إلى العرف".
وتُفيد أن كل شئ ورد به الشرع مطلقًا من غير تحديد أو تقييد أو تقدير وليس له ضابط يُحمل عليه شرعي ولا لغوي فالعرف هو المُحكم فيه تيسيرًا على الناس ورحمة بهم ورعاية لمصالحهم لكي يتمكن كل مكلف من القيام بما كلفه الشارع به بحسب قدرته وطاقته دفعًا للحرج والمشقة عنهم.

ولهذه القاعدة فروع عدة نختار من بينها الفروع الآتية:
الفرع الأول/ الاكتفاء في نية الصلاة بالمقارنة العرفية بحيث يعد مستحضرًا لنية الصلاة على ما اختاره الإمام النووي وغيره.
الفرع الثاني/ الحرز في السرقة والتفرق في البيع يُرجع فيه إلى العرف.
الفرع الثالث/ وقت الحيض وقدره، يُرجع فيه إلى العرف.
الفرع الرابع/ إحياء الموات، يُرجع فيه إلى العرف.
الفرع الخامس/ الاستيلاء في الغضب أي اعتبار الغاضب مستوليًا على ما غضبه يُرجع فيه إلى العرف. وراجع: الأشباه والنظائر للسيوطي ص(98).

وخرج عن هذه القاعدة بعض الفروع أخذت حكمًا غير حكم القاعدة، ومنها:
الفرع الأول/ المعاطاة على ما ذهب إليه الشافعية، لا يصح البيع بها ولو اعتاد الناس على ذلك، خلافًا لما قاله النووي من صحة انعقاد البيع بالمعاطاة، إعمالًا للقاعدة.
الفرع الثاني/ دخول الحمَّام فإنه يوجب الأجرة وإن لم يجر لها ذكر قطعًا؛ لأن الداخل مستوف لمنفعة الحمَّام بسكوته وصاحب المنفعة قد استوفاها.
الفرع الثالث/ إذا دفع ثوبًا إلى خياط ليخيطه، أو جلس بين يدي حلاق فحلق رأسه أو دلاك فدلكه أو دخل سفينة بإذن وسار إلى الساحل، فلا يوجب الأجرة، خلافًا للقاعدة. راجع: الأشباه والنظائر للسيوطي ص(99).

8- قاعدة: "ما يعاف في العادات يكره في العبادات".
وهذه القاعدة تفيد أن ما تعافه النفوس في العادة يكون مكروهًا في الشرع غالبًا، وما عداه فهو نادر والحكم للغالب وأما النادر فلا حكم له. وراجع: المنثور في القواعد للزركشي (3/ 246)، والفروق للقرافي (3/ 303)، والقواعد للشيخ الندوي ص(164).

ولهذه القاعدة فروع عدة، منها:
الفرع الأول/ الأواني المعدة للنجاسات والمستقذرات، فإنه مما يتعافها النفوس، فيُكره استعمالها في الطهارات والمطعومات وغيرها من الأشياء الطيبة.
الفرع الثاني/ المراحيض، تكره الصلاة فيها؛ لأنها موضع مستقذر غالبًا والصلاة لها حرمة، كما تكره الصلاة في المكان المعد لقضاء حاجة الإنسان، كما تكره الصلاة في معاطن الإبل وهي الأماكن التي تبين فيها، وكذا في المقبرة.
الفرع الثالث/ يُكره الوضوء والغسل من الماء المستعمل؛ لأن النفوس تعافه في العادة.

ومثل هذه القاعدة: "المستقذر شرعًا كالمستقذر حسًّا".
ومن فروعها: الرجوع في الصدقة بعد إخراجها للفقير.

وثمة قواعد أُخر نختصرها إكتفاءً بالإشارة العامة إليها لكونها من الفروع التفصيلية للقاعدة الكبرى أعلاه، وهي كما يلي:
9- قاعدة: "الإشارة المعهودة للأخرس كالبيان باللسان". ويندرج تحتها/ ما تُعتبر فيه إشارة الأخرس.
10- قاعدة: "الكتاب كالخطاب". ومنه قولهم/ القلم أحد اللسانين. والكتابة ممن نأى بمنزلة الخطاب ممن دنا.
11- قاعدة: "المعروف بين التجار كالمشروط بينهم". وهي في معنى القاعدتين/ الخامسة، والسادسة -السابقتين-.
12- قاعدة: "لا ينكر تغير الأحكام بتغير الزمان". وفيها تفصيل يطول.

ويُراجع: "القواعد الفقهية" للدكتور عبدالعزيز محمد عزّام، الصفحات من(172) حتى(230).

والله أعلم.
 
إنضم
7 أكتوبر 2012
المشاركات
53
التخصص
إدارة
المدينة
مدينة الكويت
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: خلاصة مباحث العرف لدى الأصوليين والفقهاء

جزاك الله خيرا
 

هاجر أم أحمد

:: متابع ::
إنضم
13 يناير 2017
المشاركات
6
الكنية
أم أحمد
التخصص
أصول الفقه
المدينة
مصر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خلاصة مباحث العرف لدى الأصوليين والفقهاء

جزاكم الله خيرا
ولي طلب بعد إذنكم .. كيف يمكنني الآن استعمال العرف كموضوع بحثي أقدمه لنيل رسالة الماجستير؟
ولكم جزيل الشكر والتقدير
 
إنضم
6 نوفمبر 2017
المشاركات
12
الكنية
أبو راشد
التخصص
الفقه
المدينة
شيتاغونغ
المذهب الفقهي
الفقه الحنفي
رد: خلاصة مباحث العرف لدى الأصوليين والفقهاء

جزى الله الدكتور فؤاد على عرضه القيم للموضوع، وللعبد الضعيف تذييل مهم تقريرا لمقاله وتثبيتا واستدراكا، سأورده هنا إن شاء الله تعالى حسب فرصتي، والله الموفِّق.
 
أعلى