العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

خواطر شرعية حول فيروس كورونا !

إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
خواطر شرعية حول فيروس كورونا !
قبل بضعة أيام كنت أُدير إبرة المذياع على نشرة الأخبار الرئيسة في بلاد الحرمين ، وقد تفاجأت بسماع التقرير الصحفي الذي أعدته وزارة الصحة، وفيه تحذيرات من فيروس قادم قتل - وما زال يقتل - العشرات ، وهو فيروس كورونا .

قلتُ لصاحبي بجواري : ها قد حضر كورونا بعد أنفلونزا الخنازير، وانفلونزا الطيور ، وحُمَّى الضنك ، والجمرة الخبيثة ، وحمى الوادي المُتصدِّع ! ، وفيروس سارس ، فلماذا سُلِّطت علينا هذه البلايا ؟! .

كثير من الناس لا يُدرك أن هذه الأمراض فيها استخراج لعبودية الناس لله في الضراء ، وهي أيضاً أرزاق تُدُّر على المشافي العالمية ملايين الدولارات ! .

وقد تكونُ أسبابها كونية كتغيُّر المناخ بأمر الله تعالى ، أو أسباب قدرية كسبية بفعل الانسان وعبثه وإفساده في الأرض . ومع كثرة القتل وامتهان الجثث وتدمير البيئة ظهرت أدواء حار فيها الطب الحديث .

ظهرت شائعات قديمة عند العوام أن الفيروسات هي الجن ، وهي خطأ ظاهر وتكلُّف بيِّن لا حجة عليه . واجماع العوام ليس بحجة عند الأصوليين ، لأن الله تعالى بيَّن أهل الاجماع بقوله " فاسألوا أهل الذِّكر إن كنتم لا تعلمون " ( النحل: 43 ) .

والفيروسات كائنات دقيقة ولا تعيش طويلا ويمكن رؤيتها بالمجهر . والجن بعكس ذلك ! .
الحقائق العلمية والشرعية تُثبت بالأدلة أن الأمراض اليوم تنتقل وتنتشر بشكل سريع حيَّر ألباب الأطباء والحكماء . يظهر الفيروس ثم يخبو ثم يظهر ثم يخبو ، وهكذا دواليك ! .

لم يستطع الطب الحديث وقف الفيروسات والميكروبات والأوبئة رغم التطور الهائل في منظومة الصحة في السنوات القلائل الماضية ، وما زال الممرضون والأطباء يجاهدون الليل والنهار لمكافحة الأمراض والأوجاع ، لكن كل شي عند الله بمقدار .

المرض يصيب المؤمن والكافر ،وقد غلط من قال إن الكفار لا تُسلَّط عليهم الأمراض.
في عام 166 ق. م ، هزَّ الجدري عرش الإمبراطورية الرومانية ، وتسبب بوفاة ألفي شخص يومياً في روما وحدها.

وفي عام 410 م ، دمَّر البرابرة الامبراطورية الرومانية وعاثوا في أوروبا فساداً ، قبل أن يتساقطوا صرعى بسبب جراثيم غامضة لم تضرّ السكان المحليين الذين كانوا يملكون مناعة ضدها .
وفي عصر الفتوحات الإسلامية قتل الطاعون أضعاف من أُستشهد في فتوحات الشام والعراق قبل أن يختفي فجأة بلا سبب واضح ! .

وفي السنوات الهجرية بين : 1347 و1350 تسبَّب الطاعون في القضاء على نصف سكان أوروبا وثلث سكان العالم، والسبب هو الفئران المريضة التي كانت تدخل سفن الشحن القادمة من الصين ، وتنقل معها جراثيم المرض إلى منطقة الشرق الأوسط ودول أوروبا ،التي كانت بالنسبة لها أرضاً جديدة لا يملك سكانها مناعة ضده .

وحين اكتشف الأوروبيون الأمريكتين نقلوا معهم جراثيم تُعدُّ بسيطة ومسالمة بالنسبة لهم ، لكنها تعتبر جديدة وقاتلة بالنسبة للقبائل الهندية في القارتين ، وكانت النتيجة وفاة الألاف من الهنود الحمر نتيجة أمراض "بسيطة" حملها الأوروبيون معهم كالأنفلونزا والحصبة والعنقز، قبل أن تتوقف من تلقاء نفسها خلال ثلاثة عقود .


يعتقد بعضُ الناس أن هذه الأمراض والأوبئة هي إرادة ربانية للتقليل من البشر ، وليس هناك دليل على هذا الزعم ، والحال ينسحب على المجاعات والكوارث والحروب ، فمن وجد دليلا فليُقيِّده هنا ! .

والكون مليء بالفيروسات لكنها لا تُؤثِّر إلا بأمر الله تعالى ، وهذا معنى الحديث المرفوع :" لا عدوى ولا طِيره " .متفق عليه .

والمخالطة للمرضى من أسباب نقل الأمراض ، وقد نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما في الحديث المرفوع : " لا يورد ممرض على مصح " . متفق عليه . وقد نصت القاعدة الفقهية على أن الضرر يدفع بقدر الامكان .

ومن فقه الشريعة أنها رتبت على الأمراض والأعراض أحكاماً وأغراضاً في المقاصد و الإرادات ، ولم تجعلها سببا زائلًا ينُتظر الخلاص منه كما يعتقد كثير من الناس .

فمثلا الإقدام على الزواج من المرأة المريضة مرضًا معديًا لا يجوز شرعا ، حرصاً على سلامة النسل من العدوى والمرض . وكذلك المرأة العقيم يُكره الزواج منها ، لعدم تحقق الإنجاب .

والفقهاء يُفرِّقون بين المرض الذي يُرجى برؤه والمرض الذي لا يُرجى برؤه .
ومن اللطائف أن الحيوان المريض الذي لا يُرجى برؤه ، لا يجوز أكله ، بل يحرق عند نفوقه ثم يدفن . وبعض الناس يدفنه بلا حرق ، وهو غلط ينهى عنه الأطباء .

ومسألة التأصيل الفقهي لتخفيف المرض عند المريض أو المعلول ، مما خاض فيه الفقهاء قديماً وحديثاً . وفي الحديث: "إذا دَخلتم على المريضِ ، فَنَفِّسوا لَهُ في أجَلَهِ ، فإنَّ ذلك لا يَردُّ شيئاً ، وَيُطَيِّب نفسَهُ" أخرجه الترمذي باسناد ضعيف .

والمبالغة في التنفيس استغلها الغرب اليوم ، فاخترعوا قانوناً يسمح بقتل المرضى الذين لا يُرجى بُرؤهم ، على هيئةٍ يسيرةٍ تُسمى بقتل الرحمه ! . ويكون ذلك بحقنهم بمادة قاتلة، أو برفع التنفس الصناعي عنهم ليموتوا ! .

وهذا القانون وإن كان فيه تخفيف لآلام المرضى وكبار السِّن، لكنه مخالف لحكمة الخالق الذي بيده الحياة والموت والنفع والضر ، وهو الذي يهب الحياة وضدها ، فيكون حكمه المنع والبطلان ، وقد قال الله تعالى : " ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق"( الاسراء: 33 ) .

وبسبب كل ما تقدم ، تهافت الناس على التأمين الصحي ، حرصاً على العافية وطمعًا في بُلغة العيش ومتعة الدنيا .

وأكثر الفقهاء القدامى والمعاصرين لا يجيزون التأمين الصحي ، لأنه عقد بيع مال بمال، وهو ذريعة إلى الربا والقمار ، وفيه غرر فاحش. والغرر الفاحش يُؤثِّر على عقود المعاوضات المالية باتفاق الفقهاء . والقاعدة الاصولية قررت أنه لا يجوز نفي الحكم لعدم العلم بالدليل ، وهذا من الاثم الذي وبَّخ الله تعالى عليه . قال سبحانه : " بل كذَّبوا بما لم يُحيطوا بعلمه ولمَّا يأتهم تأويله " ( يونس: 39) .

والخلاصة الشرعية أن الطبيبَ والمريضَ لا يملكان نفعاً ولا ضراً ، فالجميع هالك :

إِنَّ الطِّبيبِ بطبه وَدَوَائِهِ لا يَسْتَطِيعُ دِفَاعَ مَقْدُورٍ أتى
مَا لِلطَّبِيبِ يَموتُ بِالدَّاءِ ا لَّذِي قَدْ كَانَ يُبْرِئُ مِثْلَهُ فِيمَا مَضَى
هَلَكَ الْمُدَاوَى وَالْمُدَاوِي والَّذِي جَلب الدوَاءَ وَبَاعَهُ وَمَنِ اشْتَرَى

واليقين أن فيروس كورونا لن يضر أحداً إلا بإذن الله ، ولا يردُّ القدر إلا الدعاء .

هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
 
إنضم
14 يونيو 2012
المشاركات
307
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه و أصوله
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
------------------
رد: خواطر شرعية حول فيروس كورونا !

بعض ما قاله الاخ صحيح والبعض الاخر فيه كلام ..ربما لان الاخ تكلم في غير تخصصه؟؟؟
على حال انا ادهب الى جواز الضمان الصحي وليست كل ذريعة تعتبر و لاكل غرر يراعى فقد اهمل الشرع بعض الغرر لاجل المصلحة والله اعلم
 
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: خواطر شرعية حول فيروس كورونا !

أخي عبد الهادي . أحسن الله إليكم .
تكلَّم بعلم أو تنحَّى بحلم .
اطلاق الكلام على عواهنه ليس من صفات أهل الفقه .
وفقكم الله .
 
إنضم
14 يونيو 2012
المشاركات
307
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه و أصوله
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
------------------
رد: خواطر شرعية حول فيروس كورونا !

عن اي علم تتحدث اخي الفاضل .. كلامك كله خارج عن الفقه وما هو الا نقول عن اهل الطب و البيولوجيين
اما اطلاق الكلام على عواهنه ففي موضوعك الكثير منه ،فلا أرى دليلا معتبرا على كلامك و لاتوثيقا صحيحا

؟؟؟
 
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: خواطر شرعية حول فيروس كورونا !

شكراً على ذوقك وأدبك .
ظننتُ أن عندك علماً تجود به .
رحم الله الشافعي حين أوصانا وعلمنا الحوار مع المعترضين .
مقالي كله علم وضوابط في الفقه والأصول ، لكن الانصاف عزيز .
 

د.محمد جمعة العيسوي

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر
إنضم
12 يونيو 2008
المشاركات
212
الكنية
ابو عبد الله
التخصص
الفقه
المدينة
محافظة كفر الشيخ
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: خواطر شرعية حول فيروس كورونا !

وبسبب كل ما تقدم ، تهافت الناس على التأمين الصحي ، حرصاً على العافية وطمعًا في بُلغة العيش ومتعة الدنيا .

وأكثر الفقهاء القدامى والمعاصرين لا يجيزون التأمين الصحي ، لأنه عقد بيع مال بمال، وهو ذريعة إلى الربا والقمار ، وفيه غرر فاحش. والغرر الفاحش يُؤثِّر على عقود المعاوضات المالية باتفاق الفقهاء .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زادك الله علما ونفعنا بكم إن شاء الله تعالى وزادني وأياك وإخواننا تواضعا للعلم وأهله وجعلنا ممن يصل رحمه ويقوم بحق أهله .
أخي الفاضل لماذا لا يدخل التأمين الصحي تحت التعاون على البر والتقوى المأمور به في قوله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )(المائدة: من الآية2
وقد مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - من قبل مثلاً مشرقًا في مسعى هذا القبيل ، فقال في الحديث المتفق عليه عن أبي موسى : " إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو ، أو قل طعام عيالهم بالمدينة ، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ، ثم اقتسموه بينهم بالسوية ؛ فهم مني وأنا منهم "
ولا شك أن هذا غرر على القاعدة المذكورة وفي الطعام الذي يجري فيه الربا لكن غلبت مصلحة التعاون على تحمل المخاطر على قاعدتي الربا والغرر -خاصة أن قصد الربح والنماء والاستغلال منعدم أو قريب من ذلك .
فالتأمين الصحي الذي تقوم به الدول أو مجموعة الأفراد أو الشركات للعاملين بها لا يخرج عن كونه تبرعا بجزء من المال لمستحقه - المريض -.
وقصد التعاون فيه غالب على قصد الانتفاع فيه فهو داخل في عموم مفهوم قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه عن النعمان بن بشير - : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى "
فالمتبرع وإن كان يمكن انتفاعه والذي قد يقال إنه ما اشترك إلا من أجل ذلك إلا أننا نجزم أيضا أنه لا أحد يتمنى الانتفاع أو يطلبه والعياذ بالله بل دائما يدفع القسط وهو يسأل الله العفو والعافية ، هذا فضلا عن أن يطلب فيه الزيادة على ما دفعه بل الكل يتمنى ويرجو ألا يستفيد بشيء أصلا مما دفعه حتى يلقى الله .
وأما قول فضيلتكم أو نقلكم لقول القائلين بذلك :"وهو ذريعة إلى الربا والقمار" فهو مع مخالفته ما تقدم جدير أن يذكر في التأمين التجاري الذي يرغب فيه المؤمن الربح وكذا شركة التأمين أما المؤمن الذي يحصل على مبلغ معين عند حلول مرض أو عجز أو سن معينة فهو يريد أن يسترد قيمة ما دفعه وزيادة بغض النظر عن احتياجه أو التعاون فهو أشبة بالتجارة والمضاربة المضونة الربح من غيره ، والعائد فيه - مبلغ التأمين ثابت لا يختلف باختلاف حاجته .
وأما شركة التأمين فترجو أن يكون ما تحصله من المال مع أرباح استغلاله واستثماره مدة التأمين أكثر مما ستدفعه للمؤمن عليه عند حلول الأجل أو وجود السبب ولذا فإنها لا تؤمن إلا على من يغلب عليه السلامة من الحصول على مبلغ التأمين قريبا أما المرضى وغيرهم ممن هم أهل المساعدة والتعاون فلا يقوم بالتأمين عليهم إلا ببمبالغ كبيرة وقيمة تأمينية زهيدة يغلب معها أيضا ربح شركة التأمين شيئا ولو يسيرا حتى من هذا المسكين !!.
فهو ما يختلف تماما عن التأمين الصحي .
وأيضا التأمين الصحي خصوصا والتعاوني عموما أشبه ما يكون ببيت المال الذي يجمع فيه الزكاة من الأغنياء ويستفيد منه الفقراء والمساكين ..الخ الذين قد ينضم إليهم الغني يوما ما فيأخذ مما كان يساهم فيه من قبل! مع قطعنا أيضا أنه لا يتمنى ذلك ولا يرجوه أحد منه الأغنياء ولا غيرهم .
ولا شك أن مسألة التأمين الصحي هذه خلافية فمن نظر إلى الغرر وخفاء الاستفادة وقدرها قال بالمنع ، ومن نظر إلى مقصد التعاون وتفتيت المخاطر بين المجتمع وعدم قصد الربح وعدم رجاء الاستفادة من التأمين بالمرض قال بالجواز ورأى أنها أشبه ما يكون ببيت المال على الوجه الذي سبق ذكره والله أعلم .
وعلى كل حال جزاك الله كل خير على ما نفعتنا به من علم وأدام نفعك للمسلمين آمين .
 
التعديل الأخير:
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: خواطر شرعية حول فيروس كورونا !

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أحسن الله إليكم وسدَّدكم وزادكم علماً وإيماناً .
شيخنا الكريم : صحيح أن مسألة الترجيح في التأمين الصحي خلافية ، لكن عند النظر في قرارات المجمعات الفقهية المقرونة بالأدلة ، فإن كفة عدم الجواز هي الأقوى نظراً . إما إستدلالاً بأدلة محكمة نصية، أو بالقواعد الفقهية المنضبطة على التامين . وحجة من أجاز التأمين :أحاديث مرجوحة متعقب عليها ، أو قياسات وحجج سطحية ضعيفة . علماً أن التأمين التعاوني المطبق في البلاد الاسلامية وغيرها هو تأمين تجاري أصلاً ، وهذا يعرفه أدنى العوام . أما استدلالكم بآية التعاون على البر والتقوى وبحديث الأشعريين فإنه استدلال مع الفارق . فحديث الأشعريين القسمة فيه تكون بالسوية ، لكنها في التأمين تكون على مقياس الخطر والضرر الاحتمالي . ثم إن حديث الأشعريين فيه تبرع واحسان بلا طلب مقابلة أو معاوضة ، والتأمين فيه صورة معاوضة . وأحيلكم على رسالة دكتوراه مهمة صدرت قبل نحو عشرين عاما وفيها نقض لمسألة التأمين الصحي الذي يدلس به على الناس وهو في حقيقته تأمين تجاري : التأمين وأحكامه / د: سليمان بن إبراهيم بن ثنيان . وهي مرقومة على الشبكة العالمية . وأنصح بمراجعة الرابط التالي للاستزادة :
http://islamiccenter.kau.edu.sa/arabic/Hewar_Arbeaa/abs/209.htm
 

د.محمد جمعة العيسوي

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر
إنضم
12 يونيو 2008
المشاركات
212
الكنية
ابو عبد الله
التخصص
الفقه
المدينة
محافظة كفر الشيخ
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: خواطر شرعية حول فيروس كورونا !

أو قياسات وحجج سطحية ضعيفة .
علماً أن التأمين التعاوني المطبق في البلاد الاسلامية وغيرها هو تأمين تجاري أصلاً ، وهذا يعرفه أدنى العوام .
أما استدلالكم بآية التعاون على البر والتقوى وبحديث الأشعريين فإنه استدلال مع الفارق .
فحديث الأشعريين القسمة فيه تكون بالسوية ، لكنها في التأمين تكون على مقياس الخطر والضرر الاحتمالي . ثم إن حديث الأشعريين فيه تبرع واحسان بلا طلب مقابلة أو معاوضة ، والتأمين فيه صورة معاوضة . وأحيلكم على رسالة دكتوراه مهمة صدرت قبل نحو عشرين عاما وفيها نقض لمسألة التأمين الصحي الذي يدلس به على الناس وهو في حقيقته تأمين تجاري : التأمين وأحكامه / د: سليمان بن إبراهيم بن ثنيان . وهي مرقومة على الشبكة العالمية . وأنصح بمراجعة الرابط التالي للاستزادة :
http://islamiccenter.kau.edu.sa/arabic/Hewar_Arbeaa/abs/209.htm
الجواب :
أخي الحبيب الفاضل أرجو أن نتجنب عند مناقشة آراء العلماء :" أو قياسات وحجج سطحية ضعيفة " ، " وهذا يعرفه أدنى العوام " .
فإن القائلين بهذا القول علماء كبار أيضا لهم كل الاحترام والتقدير حتى وإن لم نأخذ بأقوالهم فلا يمكننا تسفيه كلامهم وعقولهم بهذه الألفاظ التي أعلم إن شاء الله أنك لم تقصد بها ما تنطق هي به ، ولكن هذا الملتقى الشامخ يدخله الطالب المبتدئ والعالم المنتهي ، فلنحاول أن نكون قدوة لهم حتى يكونوا كذلك معنا إذا ما خالفونا يوما ما ، وهو حاصل لا محالة !
ويمكن أخي الفاضل أن نناقش بمثل قول مرجوح أو استدلال ضعيف أو خارج عن محل النزاع ..الخ مما لا يخفى على فضيلتكم ،وأنتم أهل العلم وأنت إن شاء الله جدير بهذا الخلق وزيادة إن شاء الله تعالى ولكنها من باب وذكر ...

أما قول فضيلتكم "حديث الأشعريين القسمة فيه تكون بالسوية" ، أخي الفاضل القسمة بالسوية والدفع لم يكن كذلك وهو ثابت بالحديث والشروح وهذا هو معنى الغرر فلم يكن احد منهم يعلم مقدار ما سيدفعه الآخر حين دفع وعدم التسوية بين الدفع والأخذ الذي هو معنى الربا حسب هذه النظرة ، ولكن غلبت المصلحة الحاصلة وقصد التكافل الظاهر ، فقصد التبرع والتعاون والتأسي فيه غالب على قصد المعاوضة .
وهذا التفاوت حاصل في هذا التأمين أيضا ،
قال النووي: ‏ (في هذا الحديث فضيلة الأشعريين , وفضيلة الإيثار والمواساة , وفضيلة خلط الأزواد في السفر , وفضيلة جمعها في شيء عند قلتها في الحضر , ثم يقسم , وليس المراد بهذا القسمة المعروفة في كتب الفقه بشروطها , ومنعها في الربويات , واشتراط المواساة وغيرها , وإنما المراد هنا إباحة بعضهم بعضا ومواساتهم بالموجود).
أما قولكم :" ثم إن حديث الأشعريين فيه تبرع واحسان بلا طلب مقابلة أو معاوضة ، والتأمين فيه صورة معاوضة " .
فالجواب : إن حديث الأشعريين فيه صورة المعاوضة وقد ذكرتها بنفسك في القسمة بالسوية بينهم مع أنهم تفاوتوا في الدفع وقدر المدفوع ، وإن لم يغب عنهم معنى التكافل والتعاون .
والتأمين كذلك فيه معنى المعاوضة والتكافل أيضا .
أما أن القسمة كانت بالسوية بينهم فلأنهم اشتركوا في موجب الاستحقاق وهو الاحتياح للطعام مع قلته .
والأمر يكون كذلك إذا كانت حالة وبائية تعم جميع المشتركين في التأمين الصحي فإنهم سيتساوون.
علاوة على أن المعاوضة المحضة يقصد بها الربح غالبا فأين قصد الربح أخي الفاضل هل يدخل أحد التأمين الصحي بقصد الربح فلعلك تتكلم عن تأمين آخر غير التأمين الصحي الذي أعرفه وأقصده وأما أن الشركات أو الدولة أو الأفراد تتمنى أن تكون المبالغ أكثر من النفقات فليس فيه قصد ربح بل لتفي بحاجات الناس الصحية وما أعرفه أن فائض المبالغ يدخر لزيادة الاحتياطي النقدي للتأمين الصحي .
والعامل لا يستفيد إلا عند حاجته .
ألا يكون التأمين الصحي تطبيقا عمليا لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم :" إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " .
حين تتفق جماعة فيما بينهم على الاشتراك في نظام يكفل المريض دوائيا وعلاجيا عن رضًا لا يقصد فيه استغلال أحد بل كل واحد يتمنى العافية وعدم الاستفادة .
ثم يقال إنه معاوضة أي معاوضة هذه التي يتمنى صاحبها ألا يرد إليه شيء مما دفعه فيها ولا يستفيد منها بشيء .
والرابط المذكور أخى الفاضل يتكلم عن التأمين التعاوني بصورة عامة والتي يحصل فيها المؤمن على مبلغ ثابت بغض النظر عن حاجته كما قلت سابقا فليست في محل النزاع علاوة على أن ماقاله من فروق ليست جميعها مسلمة بل إنه نقل من الشروح ما يناقض نتيجته أحيانا .
من ذلك ما سبق ردي عليه كقوله : " فالتأمين فيه صورة المعاوضة (أعوضك في حالة حصول الخطر لك بجزء من مالي بشرط أن تعوضني إذا حصل لي الخطر بجزء من مالك)، وكل شخص في عقد التأمين لا تطيب نفسه بالأقساط التي دفعها أو بجزء منها لأي أحد إلا مقابل احتمال حصوله على تعويض من الآخرين في حال تعرضه للخطر المؤمن منه، ولو قيل لأي شخص في عقد التأمين أن ما دفعته هو تبرع لمن يصيبه الخطر من الآخرين بدون مقابل لك لما رضي، بل إذا حصل له الخطر ولم يعوض فإنه يقيم الدعوى على شركة التأمين، أما في قصة الأشعريين فليس هناك معاوضة بل هناك تبرع واضح ممن لديه الكثير لمن لديه القليل، فكل شخص يريد أن يتبرع بفضل زاده حتى لا يبقى لأحد على أحد فضل زاد (يتساوون)."
فالحديث ليس فيه أنه لو قيل لأحد الأشعريين : ادفع طعامك إلينا وإذا جُعت فلن نطعمك ومع ذلك يدفع طعامه بطيب نفس لأنه قصد التبرع!!! ، حتى يقال إن المؤمن عليه لو قيل له نفس السؤال فإنه لن يدفع القسط لأنه لا يقصد التبرع والتكافل لذلك اختلفوا !! . بل كل منهم قصد الانتفاع والعود على المحتاج بما لا حاجة له إليه وهو معنى التكافل و التعاون . وهذا المعنى هو وجه الشبه وسبب نقل الحكم اتفاقا بين جميع العلماء كما سيأتي .
ولا يخفى أن الأصل حديث الأشعريين والفرع التأمين الصحي لا يشترط فيهما التساوى في كل شيء حتى ننقل حكم الجواز بل يكفى وجود المعنى الذي من أجله شرع الحكم في الأصل كما هو مقرر بلا فارق مؤثر بينهما .
والدكتور الباحث مُقر بوجود ذلك الشبه في قوله :" إن وجه الشبه الذي قد يقال أنه في كلتا الصورتين يدفع الشخص شيئا ولا يعلم ما يعود عليه، ففي التأمين التعاوني يدفع الشخص الأقساط ولا يعلم هل يحصل على تعويض أو لا يحصل لأن ذلك مرتبط بحصول خطر احتمالي، قد يقع وقد لا يقع، وكذلك في قصة الأشعريين يأتي الشخص بما عنده ولا يعلم مقدار ما يأتي به الآخرون ويحصل على متوسط القسمة الذي قد يكون أكثر أو أقل أو مساويا لما جاء به. لكن هناك فروقا بين قصة الأشعريين والتأمين التعاوني تحتاج إلى مناقشة هل هي فروق مؤثرة تجعل الاستدلال بقصة الأشعريين غير صحيح أم ليست فروقا مؤثرة ؟ "
ثم ذكر فروقا لا يسلم له بها كقوله :" أوجه الاختلاف التي يمكن أن تذكر أن قصة الأشعريين حالة خاصة استثنائية مرتبطة بوقت الشدة وقلة الطعام أو السفر (إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة). وهذا مختلف عن إقرار التأمين كحالة عامة في جميع الحالات والظروف."
والتامين الصحي خاص بحالة المرض وليس حالة عامة وخصوص الفعل لخصوص الحاجة لأنهم لا حاجة لهم الطعام كثير للجمع والخلط والقسمة ولا يدل على ذلك على عدم مشروعية الفعل في غير هذه الحالة وقد نقل الفقهاء جواز مشروعية ذلك دون شرط الضرورة أو الظرف الطاريء
قال النووي: معناه المبالغة في اتحاد طريقهما واتفاقهما في طاعة الله تعالى. وفي الحديث فضيلة عظيمة للأشعريين قبيلة أبي موسى , وتحديث الرجل بمناقبه، وجواز هبة المجهول, وفضيلة الإيثار والمواساة , واستحباب خلط الزاد في السفر وفي الإقامة أيضا. والله أعلم.] ‏.ولم يشترط حالة الأشعريين .
‏وقال النووي: ‏ (في هذا الحديث فضيلة الأشعريين , وفضيلة الإيثار والمواساة , وفضيلة خلط الأزواد في السفر , وفضيلة جمعها في شيء عند قلتها في الحضر , ثم يقسم , وليس المراد بهذا القسمة المعروفة في كتب الفقه بشروطها , ومنعها في الربويات , واشتراط المواساة وغيرها , وإنما المراد هنا إباحة بعضهم بعضا ومواساتهم بالموجود).
والشيخ الدكتور صاحب البحث قد نقل هذا الكلام لذا قلت إن ما ذكره من فروق يناقض ما قرره ونقله أولا .
وعلى كل الأحوال يبقى الأمر خلافيا اتفق الجميع على وجود الشبه بين الحديث والتأمين الصحي خاصة كما أنهم اتفقوا على أنه لو لم توجد فروق مؤثرة وجب القول فيها بالإباحة بل بالاستحباب . قال صاحب البحث الذي أحلتني عليه :" من المعلوم أن من جملة ما استدل به المجيزون للتأمين التعاوني حديث الأشعريين وأحاديث أخرى تدور في معنى حديث الأشعريين، ورأوا أن صورة التعاون في حديث الأشعريين تماثل صورة التعاون في التأمين المعاصر. وهذه الورقة محاولة لمناقشة مدى صحة الاستدلال بحديث الأشعريين على جواز التأمين التعاوني، انطلاقا من فرضية منطقية معلومة أنه إذا كان هناك فوارق مؤثرة بين صورة التأمين التعاوني وصورة حديث الأشعريين فإن الاستدلال بهذا الحديث يظل محل نظر، أما إذا لم يكن هناك فوارق، أو إذا كانت الفوارق الموجودة غير مؤثرة فيمكن القول بصحة الاستدلال بهذا الحديث لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر الأشعريين في تصرفهم بل امتدحهم وأثنى عليهم. "
وقد اختلف العلماء بعد ذلك في وجود فروق مؤثرة بين بينهما . فليست قياسات ضعيفة ولا خارجة عن محل النزاع وحجج سطحية بل دائرة الخلاف تدور حول الفروق المذكورة والتي ذكرتَ بعضها ونقلتُ بعضها من البحث المذكور ، وقد أجبت عنها سريعا بما فتح الله به ، والله أعلم بالصواب .
ملاحظة مهمة : البحث الذي أحلتني عليه ليس خاصا بالتأمين الصحي كما قلت بل بالتعاوني وقد اتفق في بعض صوره على عدم المشروعية بخلاف التأمين الصحي ، وهو اشتراك مجموعة من الأفراد في نظام صحي مقابل أقساط مالية بحيث يكفل النظام لهم أجرة الطبيب وثمن الدواء أو جزء كبيرا منه ، ولا يسترد أحد منهم شيئا في حالة عدم مرضه واستفادته من النظام بل يكون تبرعا لإخوانه المشتركين معه .

وأتمنى أخي الفاضل إذا وقفت على شيء بخصوص التأمين الصحي يقول بالمنع ويذكر شيئا آخر غير ما سبق أن تتحفنا به لننتفع بعلمكم وما تقفون عليه فليس لنا ناقة ولا بعير في أن نقول على الله إلا الحق الذي يبلغه علمنا الذي علمنا إياه سبحانه وتعالى .
وجزاكم الله كل خير على إفادتي والإخوة هنا بمشاركاتكم النافعة .

 
التعديل الأخير:
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: خواطر شرعية حول فيروس كورونا !

شيخنا الكريم ابن الكريم - غفر الله لي ولكم - :
نحن بما عندنا وأنت بما عندك راضٍ والرأي مختلفُ

أكثرتم -بارك الله فيكم - النقل وهو ما لا حاجة لي فيه هنا ! .
وعندي أن رسالة الدكتور الثنيان جامعه مانعة في هذا الباب ،وظني أنكم لم تطالعوها كاملة ليستقر أمركم على رأي جديد .
وأنتم تعلمون أن مفارقة المألوف في المسائل الفقهية ليس بالأمر الهين . ثم إنكم لم تعلقوا على القرارات الصادرة عن المجامع الفقهية ، علماً أن بعض محرريها من علماء الأزهر .
ولضيق وقتي وانشغالي بأمور مهمة تحت يدي ، أهيب بفضيلتكم التأمل مرة أخرى في فتوى علماء الأزهر المانعين من التأمين بجميع أنواعه . وتأمل بحث التأمين السالف ذكره ، حيث أنه بحث جميع الأنواع بدون النظر في التصنيفات الحديثة . وأشكر لكم أدبكم في المباحثة وطلب الحق . والله يتولانا وإياكم .
 
أعلى