العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه خواطرنا على ابن حزم رحمه الله في (كتاب البيوع) نرجو من الله أن يعيننا على ترتيبها وتهذيبها وإخراجها بعد أن أتتمنا خواطرنا على (كتاب الصيام).

نسألك اللهم من عونك وتوفيقك :

خاطرة (1) قال ابن حزم رحمه الله 8/337 مسألة (1411) : (... وأما بيع سلعة غائبة بعينها مرئية موصوفة معينة فيه خلاف ، فأحد قولي الشافعي المنع من بيغ الغائب جملة ..)
ثم قال ص 339 - 338 : (وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِ الْغَائِبِ فَإِنَّ أَصْحَابَهُ احْتَجُّوا لَهُ بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ، وَعَنْ الْمُلَامَسَةِ، وَالْمُنَابَذَةِ، لَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَ هَذَا أَصْلًا، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْغَائِبِ إذَا وُصِفَ عَنْ رُؤْيَةٍ، وَخِبْرَةٍ، وَمَعْرِفَةٍ، وَقَدْ صَحَّ مِلْكُهُ لِمَا اشْتَرَى، فَأَيْنَ الْغَرَرُ؟)
أقول : (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر) كما في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وهو يشمل كل بيع فيه جهالة ، ولا يخرج عن هذا العموم إلا أحد أمرين الأول : ما جاء النص باستثنائه ، والثاني : ما لا يمكن تجنب الغرر فيه مع الحاجة فيه إلى المعاملة ، إذ لا تعلق للتكليف بما لا يستطاع كما في بيع السلم والخرص.
وعليه نقول : بيع الغائب إما أن يجوز أن يأتي على خلاف الصفة أو لا يجوز.
فإن قال : يجوز.
قلنا : فهذا غرر يمكن تجنبه بالرؤيا ، فهو باطل للنهي المتقدم.
وإن قال : لا يجوز أن يأتي على خلاف الصفة.
قلنا : هذا مكابرة للحس ، وقد قلتم ببطلان البيع إن جاء المبيع على خلاف الصفة ، وهو مبني على إمكان ذلك ، وقلتم بجواز البيع وإن كذب المشتري البائعَ في وصفه وأجزتم أن يبيعه اعتماداً على وصف البائع وهو كذب عنده ، وكل ذلك يخالف دعوى أنه لا يجوز مجيئه على خلاف الصفة.
ونقول أيضاً : قد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله : (وليس الخبر كالمعاينة) فأثبت صلى الله عليه وسلم فرقاً بين المعاينة وبين الخبر وهو يعم الخبر الكائن عن خِبْرَة ورؤية سابقة ، فبطلت تسوية ابن حزم ونفيه للغرر ، لأن ذلك الفرق جهالة ما ، فهو غرر.
قال رحمه الله ص 340 : (وَأَمَّا الْمُنَابَذَةُ، وَالْمُلَامَسَةُ - فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ ... عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ: الْمُنَابَذَةِ وَالْمُلَامَسَةِ» ، وَزَعَمَ أَنَّ الْمُلَامَسَةَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: أَبِيعُك ثَوْبِي بِثَوْبِك، وَلَا يَنْظُرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَى ثَوْبِ الْآخَرِ وَلَكِنْ يَلْمِسُهُ لَمْسًا وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَقُولَ: أَنْبِذُ مَا مَعِي وَتَنْبِذُ مَا مَعَك لِيَشْتَرِيَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ، وَلَا يَدْرِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمْ مَعَ الْآخَرِ، وَنَحْوٌ مِنْ ذَا ". وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ ... عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَامِرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُلَامَسَةِ، وَالْمُلَامَسَةُ لُبْسُ الثَّوْبِ لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ - وَعَنْ الْمُنَابَذَةِ، وَالْمُنَابَذَةُ طَرْحُ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ إلَى الرَّجُلِ قَبْلَ أَنْ يُقَلِّبَهُ» . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا حَرَامٌ بِلَا شَكٍّ، وَهَذَا تَفْسِيرُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَهُمَا الْحُجَّةُ فِي الشَّرِيعَةِ، وَاللُّغَةِ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا فِي هَذَا التَّفْسِيرِ، وَلَيْسَ هَذَا بَيْعَ غَائِبٍ أَلْبَتَّةَ، بَلْ هُوَ بَيْعُ حَاضِرٍ - فَظَهَرَ تَمْوِيهُ مَنْ احْتَجَّ مِنْهُمْ بِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ)
أقول : المراد بالغائب ما غاب عن النظر ، لا ما غاب عن مجلس العقد لصحة تسمية ذلك غائباً أيضاً ، ثم إن تسمية بيع الغائب اصطلاح ، والأحكام لا تتعلق بها ، وإنا تتعلق على المعاني وقد فسر أبو هريرة وأبو سعيد بيع المنابذة والملامسة ببيع ما لم يرى ، وهو مشترك بين بيع ما حضر مجلس العقد وما غاب عنه ، لاشتراكهما في المعنى الذي فسرا به الحديث.
سلمناه ، فهو مقيس عليهما فبطل قوله : (فَظَهَرَ تَمْوِيهُ مَنْ احْتَجَّ مِنْهُمْ بِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ) لأنه لم يبنى على تمويه بل القياس بغض النظر عن كون الاحتجاج به صحيح في نفس الأمر أو باطل ، فإن من قاس يعتقد صحة الاحتجاج به ، ولا يسمى هذا تمويهاً .
وأيضاً قوله : (وَهُمَا الْحُجَّةُ فِي الشَّرِيعَةِ، وَاللُّغَةِ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا فِي هَذَا التَّفْسِيرِ)
نقول : فهي علة منصوصة ، وتعميمها في مظانها ليس بقياس عند كثيرين منهم داود الظاهري .
فإن قيل : الصحيح أنه قياس .
قلنا : القياس حجة عند جمهور الأمة ، وبعض من أبطله صحح القياس فيما نص على علته.
ثم نقول : هو من قياس الأولى ، وبيانه أنه إن بطل بيع ما لم يُرَ مع حضوره لهذه الأحاديث ، فبيع ما لم يُرَ مع غيابه أبطل .
وقال رحمه الله ص 337 : (وَأَجَازَ مَالِكٌ بَيْعَ الْغَائِبَاتِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُجِزْ النَّقْدَ فِيهَا جُمْلَةً فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ -: رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ - وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ النَّقْدَ فِي الضِّيَاعِ وَالدُّورِ - قَرُبَتْ أَمْ بَعُدَتْ - وَأَمَّا الْعُرُوض فَإِنَّهُ أَجَازَ النَّقْدَ فِيهِ إنْ كَانَ قَرِيبًا وَلَا يَجُوزُ إنْ كَانَ بَعِيدًا)
أقول : وتمام وصف مذهبه أنه إن وصفَ صح البيع ولزم ولا خيار إلا أن يأتي على خلاف الصفة ، وإن لم يوصف لم يصح إلا أن يشترط خيار المشتري.
ثم قال رحمه الله ص 339 : (وَأَمَّا قَوْلَا مَالِكٍ جَمِيعًا فَكَذَلِكَ أَيْضًا سَوَاءً سَوَاءً، وَلَا نَعْلَمُهُمَا عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ، وَمَا لَهُمْ شُبْهَةٌ أَصْلًا، إلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ ادَّعَى الْعَمَلَ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُمَا عَنْهُ قَوْلَانِ كَمَا ذَكَرْنَا كِلَاهُمَا مُخَالِفٌ لِصَاحِبِهِ - فَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَدْ خَالَفَ الْعَمَلَ فِي قَوْلِهِ الْآخَرِ، وَخِلَافُ الْمَرْءِ لِمَا يَرَاهُ حُجَّةً قَاطِعَةً فِي الدِّينِ عَظِيمٌ جِدًّا، وَلَيْسَ فِي الْمُمْكِنِ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ عَلَى كِلَيْهِمَا)
قوله (فكذلك) يريد هي أقوال فاسدة غير مأثورة عن أحد من أهل الإسلام قبله كما قاله في الأقوال المنقولة عن أبي حنيفة.
فيقال : إن أراد أن مجموع كلامه لا يُؤْثَرُ مجموعاً عن أحد ممن سلف ، فالله أعلم .
ولكن لا يضره ، إذ هي مسائل مختلفة فإن وجدت في كلام من تقدمه كفاه ، ولا يشترط أن توجد مجموعة عنهم ، وإنما يضره ذلك إن وجدت لهم أقوال مجموعة على خلاف قوله ، فيشترط أن لا يخرج كلامه عن مجموع كلامهم.

وكل هذا لم يكن. وذلك أنهما بيعان ، بيعٌ يُنقد معه ثمن المبيع الغائب وبيع لا ينقد معه ثمنه ، وصحح ابن حزم الجميع ، وقول مالك بجواز بيع الغائب ونقد ثمنه إن كان موصوفاً لا يتغير أو كان قريبا فهذا وافق فيه كثير ممن تقدمه ومن تأخر عنه كابن حزم.
فبقي قوله بعدم جواز النقد جملة في القول الأول ، وبعدم جوازه فيما بَعُدَ ولم يؤمن تغيره ، وكل من منع من بيع الغائب مطلقاً موافقٌ له في المنع في هذه الصورة خاصة لدخوله ضمن ما منعوه من البيوع.
فإذاً ليس هناك قولٌ قاله مالك انفرد به عن أحد من الناس.
وقوله بحسب اختيارات ابن حزم أمتن وأقرب إلى الظاهر ، فقد قال مالك : (وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَنْتَفِعُ بِالثَّمَنِ وَلَا يَدْرِي هَلْ تُوجَدُ تِلْكَ السِّلْعَةُ عَلَى مَا رَآهَا الْمُبْتَاعُ أَمْ لَا) وهذا حق وهو بيع غرر ، والحديث عام يشمل الغرر الحاصل ببيع الغائب مطلقاً ، وقد خرج ما لم يُنْقد ثمنه بما ذكره ابن حزم من أنه إذا وصفه المالك عن خبرة ورؤية سابقة فلا غرر ، فبقي ما نُقِدَ ثمنه فيه غرر زائد وهو ما ذكره مالك من جواز خروج المبيع على خلاف الصفة فيرجع المشتري على البائع بالثمن ويكون قد أنفقه فيتنازعا ، ولا دليل على إخراجه عن عموم الحديث فبقي مشمولاً به.
فبان أن مالك وافق من تقدمه في عامة قوله وعمل بالحديث.
فبقي أن يقول : لا يجوز أن يصح قولي مالك معاً ، فأحدهما باطل لا محالة.
قلنا : لم تبينه ، وقد تكلم فيه المالكية ورجحوا ، ولا كلام لنا معهم هنا.

أما مذهب أبي حنيفة ، فقد سرد منه مسائل مختلفة متعلقة بشراء الغائب وخيار الرؤية فيه وأطال مع أنه فرقها في كتابه ، فقال رحمه الله ص 337: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: بَيْعُ الْغَائِبَاتِ جَائِزٌ مَوْصُوفَةً وَغَيْرَ مَوْصُوفَةٍ، وَالنَّقْدُ فِي ذَلِكَ جَائِزٌ إلَّا أَنَّ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي إذَا رَأَى مَا اشْتَرَى، فَلَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ، وَأَنْ يُمْضِيَهُ سَوَاءٌ وَجَدَهُ كَمَا وُصِفَ لَهُ، أَوْ وَجَدَهُ بِخِلَافِ مَا وُصِفَ لَهُ.
وَلَهُ الْخِيَارُ أَيْضًا فِي فَسْخِ الْبَيْعِ أَوْ إمْضَائِهِ قَبْلَ أَنْ يَرَى مَا اشْتَرَى.
وَلَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ أَسْقَطَ مَالَهُ مِنْ الْخِيَارِ، وَأَنَّهُ قَدْ أَمْضَى الْبَيْعَ وَالْتَزَمَهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ بِالْخِيَارِ كَمَا كَانَ - فَإِذَا رَأَى وَجْهَ الْجَارِيَةِ الَّتِي اشْتَرَى وَهِيَ غَائِبَةٌ وَلَمْ يُقَلِّبْ سَائِرَهَا فَقَدْ لَزِمَتْهُ وَسَقَطَ خِيَارُهُ، وَلَا يَرُدُّهَا إلَّا مِنْ عَيْبٍ - وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْعَبْدِ سَوَاءً سَوَاءً.
قَالَ: فَإِنْ اشْتَرَى دَابَّةً غَائِبَةً فَرَأَى عَجُزَهَا لَزِمَتْهُ وَإِنْ لَمْ يَرَ سَائِرَهَا وَلَا يَرُدُّهَا إلَّا مِنْ عَيْبٍ - وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْحَيَوَانِ حَاشَا بَنِي آدَمَ.
قَالَ: فَإِنْ اشْتَرَى ثِيَابًا غَائِبَةً أَوْ حَاضِرَةً مَطْوِيَّةً فَرَأَى ظُهُورَهَا وَمَوَاضِعَ طَيِّهَا وَلَمْ يَنْشُرْهَا فَقَدْ لَزِمَتْهُ وَسَقَطَ خِيَارُهُ وَلَا يَرُدُّهَا إلَّا مِنْ عَيْبٍ. قَالَ: فَإِنْ اشْتَرَى ثِيَابًا هَرَوِيَّةً فِي جِرَابٍ أَوْ ثِيَابًا زُطِّيَّةً فِي عِدْلٍ، أَوْ سَمْنًا، فِي زُقَاقٍ، أَوْ زَيْتًا كَذَلِكَ، أَوْ حِنْطَةً فِي غِرَارَةً، أَوْ عُرُوضًا مِمَّا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ، أَوْ حَيَوَانًا وَلَمْ يَرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ: فَإِنَّ لَهُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ حَتَّى يَرَى كُلَّ مَا اشْتَرَى مِنْ ذَلِكَ.
وَلَوْ رَأَى جَمِيعَ الثِّيَابِ إلَّا وَاحِدًا مِنْهَا أَوْ جَمِيعَ الدَّوَابِّ إلَّا وَاحِدًا مِنْهَا فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ إنْ شَاءَ، وَسَوَاءٌ وَجَدَ كُلَّ مَا رَأَى كَمَا وُصِفَ لَهُ [أَوْ] بِخِلَافِ مَا وُصِفَ لَهُ، إلَّا السَّمْنَ وَالزَّيْتَ، وَالْحِنْطَةَ، فَإِنَّهُ إنْ رَأَى بَعْضَ ذَلِكَ فَكَانَ مَا لَمْ يَرَ مِنْهُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى: فَقَدْ لَزِمَهُ الْبَيْعُ وَسَقَطَ خِيَارُهُ.
قَالَ: فَإِنْ ابْتَاعَ دَارًا فَرَآهَا مِنْ خَارِجِهَا وَلَمْ يَرَهَا مِنْ دَاخِلٍ: فَقَدْ لَزِمَتْهُ وَسَقَطَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَلَا يَرُدُّهَا إلَّا مِنْ عَيْبٍ - وَرُوِيَ عَنْ زُفَرَ: أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ إلَّا حَتَّى يَرَى مَعَ ذَلِكَ شَيْئًا مِنْ أَرْضِهَا
)
وقال : (قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ إذَا رَأَى مَا ابْتَاعَ إلَّا بِمَحْضَرِ الْبَائِعِ، فَلَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ شِرَاءً وَاحِدً غَائِبًا فَرَأَيَاهُ فَرَدَّ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ وَأَجَازَهُ الْآخَرُ فَلَا يَجُوزُ الرَّدُّ إلَّا أَنْ يَرُدَّاهُ مَعًا. قَالُوا: فَإِنْ أَرْسَلَ رَسُولًا لِيَقْبِضَ لَهُ مَا اشْتَرَى فَرَأَى الرَّسُولُ الشَّيْءَ الْمَبِيعَ وَقَبَضَهُ فَالْمُشْتَرِي بَاقٍ عَلَى خِيَارِهِ، فَلَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا فَرَأَى الْوَكِيلُ الشَّيْءَ الْمَبِيعَ وَقَبَضَهُ فَقَدْ سَقَطَ خِيَارُ الْمُشْتَرِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمْ يَسْقُطْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ - وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَرَّةً: الْخِيَارُ أَيْضًا لِلْبَائِعِ إذَا بَاعَ مَا لَمْ يَرَ كَمَا لِلْمُشْتَرِي، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ)
وقال في جوابه عن مذهب أبي حنيفة ص 338 : (فَأَمَّا أَقْوَالُ أَبِي حَنِيفَةَ الَّتِي ذَكَرْنَا فَأَقْوَالٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ لَا تُؤْثَرُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ قَبْلَهُ - نَعْنِي الْفَرْقَ بَيْنَ مَا يُسْقِطُ الْخِيَارَ مِمَّا يَرَى مِنْ الرَّقِيقِ، وَمِمَّا يَرَى مِنْ الدَّوَابِّ، وَمِمَّا يَرَى مِنْ الثِّيَابِ الزُّطِّيَّةِ فِي الْوِعَاءِ، وَمَا يَرَى مِنْ الثِّيَابِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي عِدْلٍ، وَمَا يَرَى مِنْ السَّمْنِ، وَالزَّيْتِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالدُّورِ، وَكُلُّ ذَلِكَ وَسَاوِسُ لَا حَظَّ لَهَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْعَقْلِ، وَلَا لَهَا مَجَازٌ عَلَى الْقُرْآنِ، وَلَا السُّنَنِ، وَلَا الرِّوَايَاتِ الْفَاسِدَةِ، وَلَا قَوْلِ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ، وَلَا مِنْ قِيَاسٍ - لَا جَلِيٍّ وَلَا خَفِيٍّ - وَلَا مِنْ رَأْيٍ لَهُ حَظٌّ مِنْ السَّدَادِ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ الْقَوْلُ بِهِ
)
هذا عامة ما ذكره عن أبي حنيفة ، ونلخص مذهب الأحناف فنقول : يجوز بيع الغائب ، وللمشتري الخيار دون البائع ، وصف أو لم يوصف ، ولو جاء على خلاف الوصف ، ولا يسقط خياره بإسقاطه حتى يرى، ويكفي في الجميع رؤية المقصود منه فإن كان مثلياً كفت رؤية بعضه وكذا ما تتساوى أجزاؤه ككثير من الثياب، فيسقط الخيار بذلك البعض ، إلا أن يخرج باقيه أردأ ، وفي العبد رؤية وجهه وفي الدابة رؤية كفلها ، فإن رأى ذلك انقطع خيار الرؤيا دون خيار العيب .
وابن حزم رحمه الله أطال وفصل كأنه أراد بذلك التشنيع ، فهو كثيراً ما يجعل ذلك من مقاصد كلامه رحمه الله، وقبل مناقشة مذهب الأحناف نعرض مذهب ابن حزم في بيع الغائب لنقارن بينه وبين مذهب الأحناف فنقول :
يجوز عنده بيع الغائب بشرط وصفه ولو كذباً ، فلو وصفه البائع جاز البيع وإن اعتقد المشتري كذبه في الصفة ولم يكن يعرف الصفة في نفس الأمر ، وإن كان غير البائع اشترط أن يصدقه المشتري ، ولا خيار للبائع ولا المتشري بعد التفرق سواء خرجت السلعة كما وصفت أو بخلاف ما وصفت ، ولكن البيع يلزم في الأول دون الثاني ، وتكفي صفة بعض المبيع إن كان ذلك البعض هو الظاهر كما لو باع لحماً بجلده ، ورآه كبيع الكبش حياً .
ثم نقول : أبو حنيفة أسعد بظواهر النصوص من ابن حزم رحمهما الله ، وبيانه أن ما يدل على عامة المعاملات التي ذكرها الأحناف قوله سبحانه {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} وقال سبحانه : {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}
وقد قال ابن حزم رحمه الله ص341 : (فَبَيْعُ الْغَائِبِ بَيْعٌ دَاخِلٌ فِيمَا أَحَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي التِّجَارَةِ الَّتِي يَتَرَاضَى بِهَا الْمُتَبَايِعَانِ، فَكُلُّ ذَلِكَ حَلَالٌ إلَّا بَيْعًا حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقُرْآنِ، وَالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ.
وَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُتَيَقَّنِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى يُحَرِّمُ عَلَيْنَا بَيْعًا مِنْ الْبُيُوعِ فَيُجْمِلُ لَنَا إبَاحَةَ الْبَيْعِ جُمْلَةً وَلَا يُبَيِّنُهُ لَنَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَأْمُورِ بِالْبَيَانِ، هَذَا أَمْرٌ قَدَّمْنَاهُ - وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ - لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} .
وَلَيْسَ فِي وُسْعِنَا أَنْ نَعْرِفَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْنَا، وَمَا أَحَلَّهُ لَنَا، وَمَا أَوْجَبَهُ عَلَيْنَا، إلَّا بِوُرُودِ النَّصِّ بِذَلِكَ
)
فإن قال : (لَا يُمْكِنُ أَصْلًا وُقُوعُ التَّرَاضِي عَلَى مَا لَا يُدْرَى قَدْرُهُ وَلَا صِفَاتُهُ) ص 343.
قلنا : إنما اشترط سبحانه الرضى بالتجارة لا الرضا بالمبيع ، فإن كانت هذه التجارة مرضية عند البائع والمشتري دخلت في دلالة الآية. سلمنا أن العلم بالمبيع شرط ، فقد شرطه الأحناف للزوم البيع ، فلا دليل على أنه شرط لجواز إبرام العقد بل للزوم البيع ، إذ الغرر الذي يتصور فيه النزاع هو ذلك.
فإن قال : بل قد يتنازعان بعد العقد وقبل اللزوم ، وهذا غرر.
قلنا : دعوى غير مسلمة ، ولو سلمناها بطل اعتراضكم على المالكية بتمشية البيع ومنع النقد في العروض البعيدة ، لأنه إنما منعها لمنع هذا الغرر ، فإن لم يكن غرر فالقول قولنا ـ أي الأحناف ـ .
والتفرقة بين ما يدل بعضه على بعضه الآخر وبين ما ليس كذلك لا يرتاب فيه ذو نظر ، فدعواه أن لا نظر صحيح نظر غير صحيح .
هب أنه لا يجري هذا النظر على أصول مذهب ابن حزم أو الظاهرية جملة ، فكان ماذا ؟

أما الإكتفاء برؤية وجه العبد والجارية وكفل الداية فهذه هي المقصودة بالرؤيا، فماذا يمنعه وهو بيع داخل في جملة ما دلت عليه الآية؟
إن قال : قد يأتي غير الوجه والكفل رديئاً فيكون غرراً.
قالوا : مذهبنا أنه يرده إن خرج الباقي أردأ مما رأى في المثليات وإن خرج الباقي معيباً فيها وفي غيرها ، وإنما يصح الإعتراض بهذا لو أنا أبطلنا كل خيار بالرؤية ، ولكنا نثبت له خيار الرد بالعيب ، فأين الغرر.
فإذا أنت تبين لك هذا بقي أن نسأل ابن حزم عما ذهب إليه من أن بالبيع بصفة كذبَ فيها البائع واعتقد المشتري أنه كاذب فيها أنه يجوز ، وأن له أن يبيع هذه السلعة قبل أن يقبضها أو يراها مع اعتقاده بكذب البائع في وصفه ، وأن عليه أن يصفها بذلك الوصف الذي يعتقده كذباً .
وتفريقه بين وصف البائع ووصف غير البائع ، فيجوز البيع بوصف البائع ولو اعتقد كذبه ، ولا يجوز بوصف ثالث إن اعتقد كذبه. من ممن خلق الله من البشر أو الجن ؛ إن عُرِفَ قول بعضهم ، من أمتنا أو غيرها من الأمم ، إن أمكنه استقراء أقوالهم ، قال بهذا القول ، وعلى أي نظر اعتمد أو قياس إن كان استعمل منه شيئاً هنا .
أما النصوص فيكفيك قوله سبحانه {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} والكذب من أبطل الباطل ، وقد أبحتم للمشتري أن يبيع السلعة بوصف هو يعتقده كذباً ، فأبحتم له بذلك أكل الثمن بالباطل.

وقال صلى الله عليه وسلم : (من غش فليس منا) ، وهذا المشتري الذي أبحتم له أكل السلعة أو بيعها وأكل ثمنها معتمداً على صفة هو يعتقدها كذباً غشاش.
ونهى صلى الله عليه وسلم عن الغرر ، وأي غرر فوق هذا؟! سلعة غائبة لا يعلم المشتري من صفتها شيئاً إلا وصف لبائع لا يصدقه في وصفه ، ثم يبيعها ولا يعلم من صفتها إلا ما يعتقده كذباً ، ثم أبحتم له أن يقبض الثمن ويأكله بذلك.
فبان أن الأحناف أتبع لظواهر والنصوص ومذهب السلف من ابن حزم رحمه الله في هذه المسألة
والله أعلم

... يتبع ...
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

و ها أنا أفي بوعدي, و أعترف أني أخطأت, عندما جعلتُ التكذيب عام, ربما تسرعت, لأني أكتب من العمل و لا أملك الانترنيت في المنزل,
بارك الله فيكم أستاذ كمال
وكثر من أمثالكم
وهذا معنى قولهم يدور مع الحق حيث دار
فكم نحتاج أن نتدرب على أدب الخلاف فنقول عند تبين الخطأ: أخطأت ولم أنتبه ونحوها
 

كمال يسين المسلم

:: مطـًـلع ::
إنضم
30 أبريل 2009
المشاركات
104
الإقامة
الجزائر
الجنس
ذكر
التخصص
الإعلام الآلي
الدولة
الجزائر
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
مسلم
رد: خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

بارك الله فيكم أستاذ كمال
وكثر من أمثالكم
وهذا معنى قولهم يدور مع الحق حيث دار
فكم نحتاج أن نتدرب على أدب الخلاف فنقول عند تبين الخطأ: أخطأت ولم أنتبه ونحوها
بارك الله فيك أم طارق, رغم أني لست أستاذا,
و الله لا أريد أحد أن يفهم أني أناقش الأخ وضاح من باب التحدي, أو أني اتخذته عدوا لي,لو كنت أريد ذلك لبحثت عند أصدقائي ممن يتقن أصول ابن حزم, و فنون الشريعة ليرد عليه,
و لست أنا الذي يرد عليه,
فقط هذه طريقتي, أحب أن أذكر اعتقادي في الذي ذكره الشخص الذي أريد مناقشة موضوعه, و من خلالها تتبين لي أشياء,فليس عدم التمكن من فن, أو عدم سلامة لغتي, تجعلني أستحي أن أشارك إخواني,
و هذه الطريقة استعملتها حتى في دارة أهل الظاهر في مسائل اعتقدت أن ابن حزم أخطأ فيها,
طبعا حبي الشديد بابن حزم يجعلني أنتبه للمواضيع التي تخصّه,
ثمّ في مسألة هل يعني قول ابن حزم " صدقه أو لم يصدقه" يقصد بها و إن كذبه, و الله حيرتني, لأسباب في هذه المسألة,
ربما هي لا تحير آخر, لكنها والله حيرتني, و عندي شيء فيها و سأفكر في الأمر ثم أعرض ما أعتقده,
و بارك الله فيكم
 

كمال يسين المسلم

:: مطـًـلع ::
إنضم
30 أبريل 2009
المشاركات
104
الإقامة
الجزائر
الجنس
ذكر
التخصص
الإعلام الآلي
الدولة
الجزائر
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
مسلم
رد: خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

كيف تقول أنه صار يعلم الموصوف بيقين وهو لا يصدق ذلك الوصف.
صار يعلم السلعة التي سيبرم العقد عليها, و اتضحت له, لكنه ليس متيقنا بأن البائع صادق, لكنه متيقن أن العقد سيكون على سلعة موصوفة بصفات معينة,
كما الذي يرى السلعة أمامه, و يقول له البائع ساحضرها لك هذا المساء, هو ليس متيقن أن البائع صادق.
والذي يظهر لي أنه لم يتميز لكم بيع الموصوف بالذمة كما هو الشأن في السلم ، وبين الموصوف المعين الذي لم يُرَ.
و في بيع السلم لم تُر السلعة,
كما أريد أن أعرف رأيكم, ما الذي جعل في بيع السلم الذي لم تُر في السلعة بيع جائز, ألم تؤثر الرؤية في حكمه,
فإن كان النص, هو الذي جعل هذا جائز, ألا يمكن لأحد أن يقول أن هذا النص بين أن العبرة ليست بالرؤية. فلا تؤثر في بيع الموصوف المعين.

وما ذكرتم من المثال فهو في التأجيل ، وهو مباح بالنص.
أعيد المثال:
لو كنت في مجمع تجاري , و رأيت سلعة ثمنها زهيد, إلا أنه لا يمكن قبض السلعة في المجلس,
و رأيت نفس السلعة غالية الثمن يشق علي أن أدفع ثمنها, إلا أنه يمكنني أن أقبض السلعة في المجلس,
هل حرام علي أن أشتري السلعة الرخيصة , لأنه يمكن التحرز عن الغرر بوجود السلعة الباهضة الثمن؟
لا يهمني في المثال التأجيل , و إنما التحرز من الغرر, لأن السلعة الرخيصة, لا أقبضها في المجلس , فيمكن أن تكون ليست التي سيرسلها البائع, و هذا غرر عندكم.
أين قال ابن حزم هذا ؟ وهو يجيز أن يشتري المشتري بضاعة معتمداً على صفة ولو لم يصدقها!!
هو لم يصدق المشتري , لكن عرف السلعة التي سيعقد عليها من خلال الوصف,
فأردت أن أقول, أني لم أجد ابن حزم يذكر أن البيع جائز بمجرد الوصف فقط حتى و إن لم يكف الوصف تحديد السلعة المراد شراؤها.
تكرم عينك ، قال رحمه الله : (ويجوز ابتياع المرء ما وصفه له البائع ، صدقه أو لم يصدقه) 8/342 المسألة 1413.
نعم نعم, لكن كنت أتمنى أن تأتي بلفظ ابن حزم في المواضع الآتية:
يجوز عنده بيع الغائب بشرط وصفه ولو كذباً ، فلو وصفه البائع جاز البيع وإن اعتقد المشتري كذبه في الصفة
و
بقي أن نسأل ابن حزم عما ذهب إليه من أن بالبيع بصفة كذبَ فيها البائع واعتقد المشتري أنه كاذب فيها أنه يجوز
حتى لا يتوهم القارئ أن يكون ابن حزم قال هذا في مواضع أخرى.
لم يعلل أبو هريرة بعد الوصف ، بل بعدم الرؤية ، وحاصله أن المشتري لم يدري ما هي السلعة بالرؤيا. ولا ذكر للوصف.
والحديث ليس فيه ذكر الوصف ولا نفيه أصلاً.
ونفيه من عندياتكم.
ليس في الحديث أن أبا هريرة ذكر أن كل ما لم يُر فهو باطل, بل ذكر حالة لم تكن فيها رؤية, و هذه الحالة هي التي لا تجوز, حتى أن ابن حزم يبطل ما أبطله أبو هريرة, فابن حزم لم يتعد ما ذكره أبو هريرة,
فمن اكتفى بهذا" أَبِيعُك ثَوْبِي بِثَوْبِك، وَلَا يَنْظُرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَى ثَوْبِ الْآخَرِ وَلَكِنْ يَلْمِسُهُ لَمْسًا" فهذا لا يجوز حتى عند ابن حزم, أما القول بأن كل ما لم يُر فهو غير جائز, فهذا ليس من كلام أبي هريرة.





.
 

كمال يسين المسلم

:: مطـًـلع ::
إنضم
30 أبريل 2009
المشاركات
104
الإقامة
الجزائر
الجنس
ذكر
التخصص
الإعلام الآلي
الدولة
الجزائر
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
مسلم
رد: خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

كتبن استفسار في هذا الرابط http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=16175&p=111304#post111304
حول الجملة "إن لم أصدقك" و علاقتها بالعموم.
و هنا عندي استفسار آخر,
هل أني أكذب شخصا, يعني أني اعتقد يقينا أنه كاذب, أيوجد فرق بين الجملتين أم لا؟
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

خاطرة (6) : قال رحمه الله 8/370 مسألة (1420) : (مَسْأَلَةٌ: وَكُلُّ بَيْعٍ وَقَعَ بِشَرْطِ خِيَارٍ لِلْبَائِعِ، أَوْ لِلْمُشْتَرِي، أَوْ لَهُمَا جَمِيعًا، أَوْ لِغَيْرِهِمَا: خِيَارَ سَاعَةٍ، أَوْ يَوْمٍ، أَوْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ: فَهُوَ بَاطِلٌ - تَخَيَّرَا إنْفَاذَهُ أَوْ لَمْ يَتَخَيَّرَا - فَإِنْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ بَائِعِهِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ قَبَضَهُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ - لَكِنْ بِحُكْمِ حَاكِمٍ، أَوْ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ -: ضَمِنَهُ ضَمَانَ الْغَصْبِ. وَكَذَلِكَ إنْ أَحْدَثَ فِيهِ حَدَثًا ضَمِنَهُ ضَمَانَ التَّعَدِّي)
ثم نقل رحمه الله مذاهب الناس وأهمل بعضها وأخطأ في أخرى فشنع بناءً على ما أخطأ فيه، ونحن نذكرها باختصار فنقول :
ذهب أبو حنيفة وزفر والشافعي إلى جواز الخيار إلى ثلاثة أيام ، ثم اختلفوا ؛ فذهب أبو حنيفة إلى أنه إن شرط أزيد من الثلاث أو أطلق ولم يقيد بمدة ، فلا يبطل البيع ما لم يمتد الخيار إلى اليوم الرابع ، فإن امتد بطل. وذهب زفر والشافعي إلى بطلان البيع بشرط الزيادة وبإطلاق الشرط.
وذهب أبو يوسف ومحمد بن الحسن وأحمد وإسحاق وداود بن علي إلى جواز شرط الخيار مدة معلومة ولو زادت عن ثلاثة أيام.
وذهب الإمام مالك إلى جواز شرط الخيار مدة معلومة لكنها تختلف باختلاف المبيع ، فكل بحسب ما يليق به، وقد ذكر ابن حزم تفاصيل بعضها ، لكنه جزم عن مالك بامتناع أكثر من يومين للثوب، ولم أجده ، والمنقول عنه (يجوز شرط الخيار في بيع الثوب اليوم واليومين وما أشبه ذلك، وما كان أكثر من ذلك فلا خير فيه) وليس فيها بيان مقدار ذلك الأشبه ، وقد وجدت تصريح المالكية بجوازه ثلاثة أيام، بل نقلوه عن مالك.
ثم إن كل من الحنفية والمالكية والشافعية والظاهرية يمنعون من هذا الشرط لولا خبر حبان بن منقذ ، وكذا داود بن علي الأصفهاني رحمه الله.

وقال رحمه الله ص372 : (وَاحْتَجَّ هُوَ ـ أي الشافعي ـ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: فِي أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ بِخَبَرِ الْمُصَرَّاةِ - وَبِخَبَرِ الَّذِي كَانَ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَجَعَلَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخِيَارَ ثَلَاثًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ إذَا بَاعَ: لَا خِلَابَةَ.
وَاحْتَجَّ الْحَنَفِيُّونَ فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْحُذَافِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ شُرُوسٍ، أَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْكُوفِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبَانُ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى بَعِيرًا وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَيْعَ وَقَالَ: إنَّمَا الْخِيَارُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ» قَالَ الْحُذَافِيُّ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ نا رَجُلٌ سَمِعَ أَبَانًا يَقُولُ: عَنْ الْحَسَنِ «اشْتَرَى رَجُلٌ وَجَعَلَ الْخِيَارَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْبَيْعُ مَرْدُودٌ وَإِنَّمَا الْخِيَارُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ»
)

تنبه أولاً أن كلامه في احتجاج الشافعي وأبي حنيفة بالأخبار المذكورة على تحديد المدة فقط ، لا على نفس الإشتراط ، وحينئذٍ أقول : إن صح خيار الشرط ، فلا أشكال في الاستدلال ، إذ المذهب عند الإمامين منع شرط الخيار لولا الخبر ، فلما جاءت الأخبار بالخيار ثلاثاً بقي ما فوقها على أصل المنع، وسيأتي تقرير الاستدلال بها.

قال رحمه الله : (
أَمَّا احْتِجَاجُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ: بِحَدِيثِ مُنْقِذٍ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ لَهُ الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِيمَا اشْتَرَى؟ فَعَجَبٌ عَجِيبٌ جِدًّا أَنْ يَكُونَا أَوَّلَ مُخَالِفٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَوْلُهُمَا بِفَسَادِ بَيْعِهِ جُمْلَةً - إنْ كَانَ يَسْتَحِقُّ الْحَجْرَ وَيُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ - أَوْ جَوَازِ بَيْعِهِ جُمْلَةً، وَلَا يَرُدُّهُ إلَّا مِنْ عَيْبٍ - إنْ كَانَ لَا يَسْتَحِقُّ الْحَجْرَ - فَكَيْفَ يَسْتَحِلُّ ذُو وَرَعٍ أَنْ يَعْصِيَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا أَمَرَ بِهِ ثُمَّ يُقَوِّلُهُ مَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ؟)
أقول : ليس هذا مذهبهما قطعاً ، بل تصرفه كله جائز ولا يحجر عليه إلا بحجر من الحاكم ، ولم يحجر عليه الصلاة والسلام على حبان بن منقذ، كما لا حجر عند أبي حنيفة على من بلغ الخامسة والعشرين و يصح تصرفه في ماله ، فبان أن لا مخالفة .

قال رحمه الله (وَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ بَيْعٌ وَقَعَ بِخِيَارٍ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا - وَفِي هَذَا نُوزِعُوا، فَوَا أَسَفَاهُ عَلَيْهِمْ؟)
أقول : ليس في الخبر إلا أنه وقع بالخيار للمشتري، غير أن الذي لم يقع فيه التنصيص على اشتراطه في أصل العقد.
ولا يضر ، إذ ما دام يجوز بالنص الخيار لأحدهما خشية الغرر كما هو صريح في الحديث ، فقد جاز اشتراطه ، لحديث (إلا شرط أحل حراماً أو حرم حلالا) وقد صححه غير واحد بمجوع طرقه، منهم شيخ الإسلام ، وكذا فعل الشيخ الألباني رحمه الله في (الإرواء)، وإذا قد ثبت أن للمشتري خيار الثلاث بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد صح أن اشتراطه ليس بتحليل حرام ولا عكسه، فهو شرط صحيح.
ولا يعارضه حديث (أيما شرط ليس في كتاب الله) إذ ليس في الحديث أن الشرط يجب أن يكون في كتاب الله شرطاً أيضاً ، بل فيه أن الشرط يجب أن يكون في كتاب الله فقط ، سواءً كان فيه على صورة الشرط أو لم يكن ، ما دام دل كتاب الله على حله ، وقد دلت السنة كما تقدم على حل خيار الثلاث ، فقد جاز اشتراطه ، ومن هنا ـ والله أعلم ـ أجاز الإمام داود بن علي الأصفهاني إمام أهل الظاهر شرط الخيار، مع أنه يبطل كل شرط ليس في كتاب الله ولا سنة رسول الله ولا دل عليه إجماع .
والله أعلم.
ثم ذكر حديث المصراة ووقع في الحنفية وأقذع جداً ثم قال رحمه الله وغفر لنا وله: (ثُمَّ لَا يَسْتَحْيُونَ مِنْ أَنْ يَحْتَجُّوا بِهِ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يُرِيدُونَ نَصْرَ تَصْحِيحِ بَيْعٍ وَقَعَ بِشَرْطِ خِيَارٍ لِلْبَائِعِ، أَوْ لِلْمُشْتَرِي، أَوْ لَهُمَا مَعًا أَوْ لِغَيْرِهِمَا، وَلَيْسَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ فِي خَبَرِ الْمُصَرَّاةِ أَثَرٌ، وَلَا نَصٌّ، وَلَا إشَارَةٌ، وَلَا مَعْنًى، فَأَيُّ عَجَبٍ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا؟)
أقول : دل حديث حبان وحديث المصراة أن امتداد الخيار ثلاثاً يكون فيه البيع غير لازم بل آيل إلى اللزوم ليس بحرام ، وما كان هذا شأنه فاشتراطه حلال ، وقد تقدم.

خاطرة (7) قال رحمه الله 8/379 مسألة 1421 : (مَسْأَلَةٌ: وَكُلُّ بَيْعٍ صَحَّ وَتَمَّ فَهَلَكَ الْمَبِيعُ إثْرَ تَمَامِ الْبَيْعِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ.
وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا عُرِضَ فِيهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ نَقْصٍ سَوَاءٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا، أَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ أَمَةً فَجُنَّ أَوْ بَرِصَ أَوْ جُذِمَ إثْرَ تَمَامِ الْبَيْعِ فَمَا بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ كَانَ ثَمَرًا قَدْ حَلَّ بَيْعُهُ، فَأُجِيحَ كُلُّهُ أَوْ أَكْثَرُهُ أَوْ أَقَلُّهُ، فَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْمُبْتَاعِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِهِمَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ مَا بَاعَ، فَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ الْبَائِعِ)
أقول : مذهب الشافعي كمذهب أبي حنيفة المبيع قبل قبضه من ضمان البائع ، وما نسبه إليه ابن حزم خطأ عليه.
قال رحمه الله : (أَمَّا إيجَابُ التَّسْلِيمِ فَمَا نَعْلَمُ فِيهِ لِلْحَنَفِيِّينَ حُجَّةً أَصْلًا، لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا مِنْ سُنَّةٍ، وَلَا رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ، وَلَا قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلَا قِيَاسٍ، وَلَا رَأْيٍ سَدِيدٍ، وَإِنَّمَا عَلَى الْبَائِعِ أَنْ لَا يَحُولَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ قَبْضِ مَا بَاعَ مِنْهُ فَقَطْ)
أقول : أخطأ رحمه الله على الأحناف ، فإن ما جعله هو واجباً على البائع هو معنى التسليم عند الأحناف ، ففي (الدر المختار) : "ثم التسليم يكون بالتخلية على وجه يتمكن من القبض"

ثم ذكر رحمه الله قول المالكية في العهدة ، وهي أن الرقيق من عهدة البائع ثلاثة أيام ، فإن ظهر فيها عيب رده على بائعه ، ثم قال : (وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الرَّقِيقِ: فَإِنَّ مُقَلِّدِيهِ يَحْتَجُّونَ لَهُ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ نا أَبَانُ - هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ - عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «عُهْدَةُ الرَّقِيقِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ» .
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا عَبْدَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عُهْدَةُ الرَّقِيقِ ثَلَاثٌ» .
وَقَالُوا: إنَّمَا قَضَى بِعُهْدَةِ الثَّلَاثِ لِأَجْلِ حُمَّى الرِّبْعِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَظْهَرُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
وَذَكَرُوا مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْم أَنَّهُ سَمِعَ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَهِشَامَ بْنَ إسْمَاعِيلَ بْنِ هِشَامٍ يَذْكُرَانِ فِي خُطْبَتِهِمَا عُهْدَةَ الرَّقِيقِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ مِنْ حِينِ يَشْتَرِي الْعَبْدَ أَوْ الْوَلِيدَةَ وَعُهْدَةَ السَّنَةِ، وَيَأْمُرَانِ بِذَلِكَ.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَضَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي عَبْدٍ اُشْتُرِيَ فَمَاتَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ فَجَعَلَهُ عُمَرُ مِنْ الَّذِي بَاعَهُ)
أقول : حمى الربع المذكورة هنا ، هي حمى الربع الدائرة ، ونوبتها تأتي بعد كل يومين ، فربما باع الرجل العبد بعد انتهاء نوبته فتظهر عند البائع في اليوم الثالث.
وأخذ رحمه الله بتعليل المرفوع للإنقطاع بين الحسن وعقبة بن عامر وبينه وبين سمرة ، أما الأول فلا إشكال فيه ، أما الثاني فقد أثبت ابن حزم سماعه من سمرة حديث العقيقة ، وهو ثقة وعنعنة الثقة عند ابن حزم محمولة على السماع إذا أمكن اللقاء ، فكيف إذا ثبت؟!
ثم هبه لم يسمع ، فإن الحديث مروي من طريق قتادة عن الحسن عن عقبة وسمرة ، فهلا جبر إحدى الروايتين الآخر.
ولا يقال هذا ضطراب ، فإن ابن حزم لا يعلل روايات الثقات بالاختلاف.
بخلاف المالكية فإنهم يرجحون ، لذا قدموا رواية الثلاث على الأربع ، لأن رواته عن قتادة كثر ، ورواه عن الحسن عن عقبة بن عام وعن سمرة ، وعليه فلا يصح الإعتراض عليهم برواية الأربع.

ثم هبه منقطع كما قال ؛ فإنه حجة عند المالكية ، هبهم أخطؤوا في الاحتجاج بالمنقطع ، فليس هذا خطأ في القول بالعهدة ، إذ قالوا بما أوجبته عليهم قاعدتهم من العمل بالمرسل ، ولم يكن الحامل لهم عليه الشغب كما ادعى.
وموضع الكلام في المرسل والمنقطع كتب الأصول .

أما قوله : (وَقَوْلُ الْقَائِلِ " عُهْدَةُ الرَّقِيقِ ثَلَاثٌ " كَلَامٌ لَا يُفْهَمُ، وَلَا تَدْرِي " الْعُهْدَةَ " مَا هِيَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، وَمَا فَهِمَ قَطُّ أَحَدٌ مِنْ قَوْلِ قَائِلٍ " عُهْدَةُ الرَّقِيقِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ " أَنَّ مَعْنَاهُ مَا أَصَابَ الرَّقِيقَ الْمَبِيعَ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَمِنْ مُصِيبَةِ الْبَائِعِ، وَلَا يَعْقِلُ أَحَدٌ هَذَا الْحُكْمَ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ - فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقُلْهُ قَطُّ، وَلَوْ قَالَهُ لَبَيَّنَ عَلَيْنَا مَا أَرَادَ بِهِ)
أقول : وهذا ما أدري ما وجهه ، كيف يستقيم له نفي مفهوم العهدة عن كل أحد من الناس وقد فهمه مالك ، وسبقه إليه قتادة ، ويدل عليه كلام القاضي شريح وعمل القضاة في المدينة ومن تقدم ذكرهم في الأثر، ولم ينازعه من خالفه فيها كالطحاوي ولكنه زاد فيه أنها لا تكون إلا بالاشتراط ، فردها إلى شرط الخيار.
ولا نزاع في كون لفظ عهدة مجردة أعم ، لكن قولهم (عهدة الرقيق) مقيداً بالبيع والشراء ، لا يكون عاماً في جميع ما تصلح له لفظة عهدة ، وإذا كان المفهوم عند أبان بن عثمان وهشام بن إسماعيل وقتادة وشريح ومالك ما تقدم ، فالأصل عدم التغير ، إذ ما من لفظ إلا ويمكن دعوى التغير فيه حينئذٍ.
هذا الكلام أولى باسم الشغب مما نسبه للمالكية.
قال رحمه الله : (وَلَا يَفْرَحُ الْحَنَفِيُّونَ بِهَذَا الِاعْتِرَاضِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَسُوغُ وَيَصِحُّ عَلَى أُصُولِنَا لَا عَلَى أُصُولِهِمْ؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيِّينَ إذْ رَزَقَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى عُقُولًا كَهَّنُوا بِهَا مَا مَعْنَى الْكَذِبِ الْمُضَافِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ نَهَى عَنْ " الْبُتَيْرَاءِ " حَتَّى فَهِمُوا أَنَّ الْبُتَيْرَاءَ: هِيَ أَنْ يُوتِرَ الْمَرْءُ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ لَا بِثَلَاثٍ، عَلَى أَنَّ هَذَا لَا يَفْهَمُهُ إنْسِيٌّ وَلَا جِنِّيٌّ مِنْ لَفْظَةِ " الْبُتَيْرَاءِ " وَلَمْ يُبَالُوا بِالتَّزَيُّدِ مِنْ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْإِخْبَارِ عَنْهُ بِمَا لَمْ يُخْبِرْ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، فَمَا الْمَانِعُ لَهُمْ مِنْ أَنْ يُكَهِّنُوا أَيْضًا هَهُنَا مَعْنَى الْعُهْدَةِ؟ فَمَا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَرْقٌ)
أقول : إن أراد بقوله (أصولنا) أصول الظاهرية ، فنعم أصولهم لا تسمح بهذا التأويل ، لكن هذه لا يشمله هو ، فهو أيضاً يخرص ويتكهن ـ بحسب تعبيره ـ كما تقدم في مسائل الصيام ، حيث قال في حديث من واقع امرأته في نهار رمضان أنه دليل على حكم الحر والعبد والزوجة والأمة إن كان الوطء في الفرج خاصة وليس شيء من ذلك في الحديث لا لفظاً ولا مفهوماً ، بل هذا أولى باسم الكهانة ، فإن الأحناف قد أبدوا معنى الحديث بحسب القواعد العامة وقواعدهم خاصة ، فجعلوا العهدة شرط الخيار ثلاثاً ، ولم يخصوه بالرقيق، هذا مع أنهم تكلموا في الحديث من حيث صحته ، لا من جهة انقطاعه فقط كما زعم ابن حزم رحمه الله ، بل واضطرابه ، فإنه روي تارة بلفظ أربعة ليال ومرة بلفظ ثلاثة أيام ، ومرة يرويه قتادة عن الحسن عن سمرة ومرة يرويه عنه عن عقبة بن عامر ، وهذا إن لم يكن تعليلاً عند ابن حزم فهو علة عند الأحناف ، كل ذلك ذكره الطحاوي في (مشكل الآثار).
فسقط الزامه لهم.
قال رحمه الله ص 381 : (وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ فَهُمْ أَصْحَابُ قِيَاسٍ بِزَعْمِهِمْ، وَقَدْ جَاءَ الْحُكْمُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشُّفْعَةِ فِي الْبَيْعِ، فَقَاسُوا عَلَيْهِ الشُّفْعَةَ فِي الصَّدَاقِ بِآرَائِهِمْ.
وَجَاءَ النَّصُّ بِتَحْدِيدِ الْمَنْعِ مِنْ الْقَطْعِ فِي سَرِقَةِ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ فَقَاسُوا عَلَيْهِ الصَّدَاقَ وَلَمْ يَقِيسُوا عَلَيْهِ الْغَصْبَ وَهُوَ أَشْبَهُ بِالسَّرِقَةِ مِنْ النِّكَاحِ عِنْدَ كُلِّ ذِي مَسْكَةِ عَقْلٍ.
وَقَدْ جَاءَ النَّصُّ بِالرِّبَا فِي الْأَصْنَافِ السِّتَّةِ فَقَاسُوا عَلَيْهَا: الْكَمُّونَ، وَاللَّوْزَ، فَهَلَّا قَاسُوا هَهُنَا عَلَى خَبَرِ " الْعُهْدَةِ " فِي الرَّقِيقِ سَائِرَ الْحَيَوَانِ؟ وَلَكِنْ لَا النُّصُوصَ يَلْتَزِمُونَ وَلَا الْقِيَاسَ يُحْسِنُونَ)
أقول : قد بينوا وجه الفرق ، وقالوا : الرقيق يكتم عيبه.
فسقط الاعتراض، وظهر إحسان المالكية للقياس.

ثم قال رحمه الله : (ثُمَّ نَقُولُ لَهُمْ: أَخْبِرُونَا عَنْ الْحُكْمِ بِعُهْدَةِ الثَّلَاثِ، وَالسَّنَةِ: أَسُنَّةٌ هُوَ وَحَقٌّ أَمْ لَيْسَ سُنَّةً وَلَا حَقًّا، وَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِهِمَا؟ فَإِنْ قَالُوا: هُوَ سُنَّةٌ وَحَقٌّ؟ قُلْنَا: فَمِنْ أَيْنَ اسْتَحْلَلْتُمْ أَنْ لَا تَحْكُمُوا بِهَا فِي الْبِلَادِ الَّتِي اصْطَلَحَ أَهْلُهَا عَلَى تَرْكِ الْحُكْمِ بِهَا فِيهَا؟ وَمَتَى رَأَيْتُمْ سُنَّةً يُفْسَحُ لِلنَّاسِ فِي تَرْكِهَا وَمُخَالَفَتِهَا؟ حَاشَ لِلَّهِ مِنْ هَذَا)
أقول : القول بترك الحكم بها حيث اصطلح الناس على ترك الحكم بها إحدى الروايات عن مالك ، ورواية المدنيين على خلاف ذلك.
ثم نقول : هذا الاستدلال ليس بسديد ، إذ لو صح لصح الاعتراض حتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبيان ذلك أنه أبطل الحدود في الحرب ، فلو قال قائل : الحد إما أن يكون سنة وحق أو ليس بسنة ولا حق ، فإن قلنا : سنة وحق ، فكيف استحل رسول الله صلى الله عليه وسلم تركه في الحرب ، وهكذا يعترض على الظاهرية بالصيام مثلاً فيقال : الصيام إما أن يكون قربة وطاعة أو لا يكون قربة وطاعة ، فإن كان قربة وطاعة فكيف جعلتم فاعله في السفر في رمضان عاصياً.
فإن فرق بأي فرق كان ، قلنا : فكيف حل لكم التفريق دون المالكية ، ولمَ لا يجوز أن يكون حكم العهدة حيث اصطلح عليها الناس غيره حيث لم يصطلح عليها الناس. ثم نبدي من العلل ما يذكره المالكية في كتبهم.
والله أعلم.


... يتبع ...
 

محمد إبراهيم صبري

:: مطـًـلع ::
إنضم
16 يوليو 2011
المشاركات
125
الكنية
ابو إبراهيم
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
القدس
المذهب الفقهي
الحنفي
رد: خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

بارك الله بالاخوة الكرام وجزاهم عنا كل خير
وليسع بعضنا بعضا في الخلاف
فليست العقول على فهم واحد ، والأفهام والمدارك تختلف ، وفي كل خير
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

و ها أنا أفي بوعدي, و أعترف أني أخطأت, عندما جعلتُ التكذيب عام, ربما تسرعت, لأني أكتب من العمل و لا أملك الانترنيت في المنزل
بقي أ يتضح لك دلالة نفي الفعل على إطلاقه في أضداده والفرق بين بيع الموصوف في الذمة وبين بيع المعين بالصفة ، فينتهي الإشكال إن شاء الله.
 

كمال يسين المسلم

:: مطـًـلع ::
إنضم
30 أبريل 2009
المشاركات
104
الإقامة
الجزائر
الجنس
ذكر
التخصص
الإعلام الآلي
الدولة
الجزائر
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
مسلم
رد: خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

قبل أن أكمل التعليقات على باقي الخواطر,
الذي يظهر لي ان الذين يخالفون ابن حزم في هذه المسألة, يرون ما يلي:
إذا ذهبت إلى إلى محل لبيع الثلاجات و رأيت السلع المعروضة فأعجتني واحدة منها, فلا يجوز لي أن أشتري الثلاجة التي في الصندوق و إن قال لي البائع هي بنفس المواصفات التي تراها أمامك, بل لا بد أن يفتح الصندوق أمامي, و هكذا في باقي السلع, و منها السيارات, فإن قيل هذا مما لا يمكن التحرز منه, قيل له بل بإمكان البائع أن يفتح لك الصندوق, و بإمكانه أن لا يبرم معك العقد حتى يحضر السيارة, و بإمكان المشتري أن يكتفي بالثلاجة و السيارة و.. التي يملكها, أيقع في المحضور من أجل متعة زائدة عن احتياجاته الضرورية؟
أما ابن حزم فهو يجيز هذا و لا يراه غررا, إن عرف السلعة, أم إن كانت المواصفات لا تكفي لكي يعرف السلعة التي يريد شراءها, فأعتقد أن ابن حزم لا يجيز هذا,
بقي فقط أن نتأكد إن كان ابن حزم يرى أن البيع جائز إن كان يعلم علما يقينيا أن البائع يكذب.
و الله أعلم.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

الذي يظهر لي ان الذين يخالفون ابن حزم في هذه المسألة, يرون ما يلي:
إذا ذهبت إلى إلى محل لبيع الثلاجات و رأيت السلع المعروضة فأعجتني واحدة منها, فلا يجوز لي أن أشتري الثلاجة التي في الصندوق و إن قال لي البائع هي بنفس المواصفات التي تراها أمامك, بل لا بد أن يفتح الصندوق أمامي, و هكذا في باقي السلع, و منها السيارات, فإن قيل هذا مما لا يمكن التحرز منه, قيل له بل بإمكان البائع أن يفتح لك الصندوق, و بإمكانه أن لا يبرم معك العقد حتى يحضر السيارة, و بإمكان المشتري أن يكتفي بالثلاجة و السيارة و.. التي يملكها, أيقع في المحضور من أجل متعة زائدة عن احتياجاته الضرورية؟
أما ابن حزم فهو يجيز هذا و لا يراه غررا, إن عرف السلعة, أم إن كانت المواصفات لا تكفي لكي يعرف السلعة التي يريد شراءها, فأعتقد أن ابن حزم لا يجيز هذا,
ابن حزم كغيره ممن يجيز بيع السلعة الغائبة ، ولكن حقق النظر في الفرق بين بيع موصوف في الذمة وبين العين الغائبة فيزول من عندك الإشكال في بيع الموصوف.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

خاطرة (8) قال رحمه الله 8/388 مسألة (1421) ـ كذا ترقيمه في المطبوع وهو خطأ ـ : (وَبَيْعُ الْعَبْدِ الْآبِقِ - عُرِفَ مَكَانُهُ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ - جَائِزٌ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْجَمَلِ الشَّارِدِ - عُرِفَ مَكَانُهُ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ.
وَكَذَلِكَ الشَّارِدُ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانِ، وَمِنْ الطَّيْرِ الْمُتَفَلِّتِ وَغَيْرِهِ، إذَا صَحَّ الْمِلْكُ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا يَحِلُّ بَيْعُهُ.
... وَكُلُّ مَا مَلَكَهُ الْمَرْءُ فَحُكْمُهُ فِيهِ نَافِذٌ بِالنَّصِّ -: إنْ شَاءَ وَهَبَهُ، وَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ، وَإِنْ مَاتَ فَهُوَ مَوْرُوثٌ عَنْهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ مِلْكٌ وَمَوْرُوثٌ عَنْهُ، فَمَا الَّذِي حَرَّمَ بَيْعَهُ وَهِبَتَهُ؟
)
أقول : أما كونه مالك له ، فنعم ، أما نفوذ تصرفه ، فيستثنى منه ما منعه الشرع كبيعه غرراً ، وهو يمنع القياس فكيف قاس بيع الآبق والشارد على باقي تصرفات مالكه فيه ؟!
على أن إطلاقه نفوذ التصرف باطل ، فإنه ليس له أن يوصي به لوارث، ولا غير وارث إن كون فوق ثلث ماله، ولا يبعه وهو مرهون من غير رضا المرتهن ولا يفرق بينه وبين ولده أو أمه قبل استغنائه عن أمه اتفاقاً وقبل تمييزه عند قوم وقبل بلوغه عند آخرين ، وغير ذلك. ولو تعنتنا لقلنا : الملك لا يبيح له أكل عبده ولا نكاحه إن كان مالكه رجلاً وهو رجل ولا قتله لغير علة ولا سبب ولا تعذيبه للتشهي وغير ذلك.
فيحرم عليه من التصرفات كل ما منع منه الشرع ومن هذه التصرفات أن يبيعه بيع غرر.
وسيأتي بيان وجه الغرر ، مع عدم الحاجة إلى بيانه لوضوحه.
قال رحمه الله 389 : (وَمَنَعَ قَوْمٌ مِنْ بَيْعِ كُلِّ ذَلِكَ؟ وَقَالُوا: إنَّمَا مَنَعْنَا مِنْ بَيْعِهِ لِمَغِيبِهِ؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَقَدْ أَبْطَلْنَا - بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى -: هَذَا الْقَوْلَ وَأَتَيْنَا بِالْبُرْهَانِ عَلَى وُجُوبِ بَيْعِ الْغَائِبَاتِ، وَمَنَعَ قَوْمٌ مِنْ ذَلِكَ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ -: وَهَذَا لَا شَيْءَ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ لَا يَلْزَمُ وَلَا يُوجِبُهُ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ وَلَا دَلِيلٌ أَصْلًا، وَإِنَّمَا اللَّازِمُ أَنْ لَا يَحُولَ الْبَائِعُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ مَا اشْتَرَى مِنْهُ فَقَطْ فَيَكُونَ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَاصِيًا ظَالِمًا، وَمَنَعَ آخَرُونَ مِنْ ذَلِكَ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ غَرَرٌ؛ وَقَدْ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَيْسَ هَذَا غَرَرًا لِأَنَّهُ بَيْعُ شَيْءٍ قَدْ صَحَّ مِلْكُ بَائِعِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَعْلُومُ الصِّفَةِ وَالْقَدْرِ، فَعَلَى ذَلِكَ يُبَاعُ وَيَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي مِلْكًا صَحِيحًا، فَإِنْ وَجَدَهُ فَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَقَدْ اسْتَعَاضَ الْأَجْرَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَرَبِحَتْ صَفْقَتُهُ)
أقول : أما من منعه من أجل امتناع التسليم فذلك واضح ، فقد سلم ابن حزم رحمه الله بأن البائع فرضه أن يخلي بين المشتري وبين السلعة تخلية يتمكن بها المشتري من القبض، وهذا غير متصور في العبد الآبق والبعير الشارد. وقد تقدم عن الأحناف أن التسليم هو التخلية بين المشتري والسلعة بحيث يتمكن المشتري من القبض ، وهو مذهب الشافعية عموماً.
وأيضاً قال سبحانه {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} والباطل أمران ، أحدها : أكل المال بغير مقابل ، والثاني : أكله بطريق محرم كالربا وبيع الغرر وما شاكل ، وهنا البائع يأكل مال المشتري بغير عوض في الحقيقة ، إذ لم يتحصل تحت يده شيء على الحقيقة ، ويأكله بطريق محرم ، لأن بيع الآبق والشارد مخاطرة وغرر وقد نهى عنه الشرع.
فإن قيل : قد حصل له ملكه على المبيع فهذا هو العوض.
قلنا : اتقوا الله ولا تستحلوا محارمه بأدنى الحيل ، وما قيمة مثل هذا الملك على فرض تسليمه. ثم نعارضه بأن الإباق والشرود خطر ، فمن أين لكم أن الآبق والشارد سالمان حتى تحكموا عليهما بدخولهما تحت يد المشتري؟!
وإذا ضممت إلى هذا أن ابن حزم يبيح للمشتري شراء السلعة اعتماداً على وصف البائع ولو كذبه ، وأن السلعة إن خرجت على خلاف الصفة فلا بيع بينهما ، فكم يكون الغرر ، عبد آبق وبعير شارد أشتراهما أو أحدهما رجل لا يصدق البائع في كونهما على الوصف المذكور ثم لا سبيل له إلى وضع يده على البعير ولا العبد حتى يتحقق صدق الصفة ، أو سلامة المبيع من العيب ، أو حتى بقاؤه قائماً عند إبرام العقد ، بل ويجوز للمشتري حينئذٍ أن يبيع ذلك العبد من رجل آخر ، ثم يدعي أن لا غرر!!
وما أظن أحداً سبق ابن حزم إلى مجموع هذه الأقوال ، وإنما نقل هذا عن عثمان البتي وهو من أهل الرأي وابن حزم شديد الإزراء عليهم ، وهذا قول لا يصح لا من جهة الأثر ولا من جهة الرأي فكان باطلاً على كل مذهب.
أما الرأي فنقول : لو باع البائع عبداً موجوداً حال العقد ينظر إليه البائع والمشتري معاً ، فلما تم العقد وأراد المشتري قبضه قال البائع للعبد : أهرب حيث شئت ولا تعد؛ ففعل العبد. ثم قال البائع للمشتري : شأنك بعبدك لا أحول بينك وبينه. أليس يكون البائع قد حال بين المشتري وبين ملكه عند من يجعل الضمان من المشتري؟
إن قال : لا. فلا حاجة إلى تطويل الخطاب ، وإنما ينفع في مثل هذا شرب اللازورد ونحوه مما يوصف للجنون والمالنخوليا وما شابه من الأمراض السوداوية. وإن كانت العلة قلة الدين والورع فلا ينجع معه علاج ، ولا ينفع معه سوى علاج أبي حنيفة وهو فتواه بالحجر على المفتي الماجن.
وإن قيل : نعم قد حال بينه وبين ملكه.
قلنا : وهل أمره بأكثر من الإباق ، فإن كان الإباق يمنع التخلية ، فلا فرق بين حصولها بأمره وبغير أمره ، إذا المانع من التخلية موجود على كل حال.
فبان أن هذا قول لا يشهد له لا اثر ولا نظر ، مع كونه من مبتكرات ابن حزم إذ لا يعرف بمجوع قوله قائل قط قبله.
يستوي فيما قدمناه من يقول بجواز منع بيع ما لم يقبض ومن يمنعه ، ويزيد من يمنعه بأن هذا البيع يمنع المشتري من تمام تصرفه في ملكه ابتداءً لأنه لا يقدر على قبضه فلا يمكنه بيعه لقوله صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام (لا تبع ما ليس عندك) ويستدلون بحديث (أرأيت إن منع الله الثمرة ، فبم تستحل مال أخيك) هذا وحصول النضج في الثمرة هو الأكثر المتوقع ، بخلاف العبد الآبق فإن المتوقع فيه أنه لا يقصد العودة إلى سيده.
فإن قيل : هذا قياس.
قلنا : سلمناه ، فهو حجة علينا في المنع من بيع الشارد والآبق، والقصد به بيان وجه قولنا لا الإحتجاج به عليكم ، بغرض منع التشنيع ، مع أن التشنيع على نافيه أولى.
والله أعلم
 

كمال يسين المسلم

:: مطـًـلع ::
إنضم
30 أبريل 2009
المشاركات
104
الإقامة
الجزائر
الجنس
ذكر
التخصص
الإعلام الآلي
الدولة
الجزائر
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
مسلم
رد: خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

هذا ليس بشيء ، ودعوى الاتفاق وعدم الشك من أحد ضرب خيال ودعوى محال:
يعني تريد أن تقول أن المشتري رضي بشراء سلعة بصفة لم يرض بها ؟

بل كل من صحح البيع وجعل الخيار للمشتري فهو يجعل البيع واقعاً على تلك السلعة الغائبة بعينها

الذي صحح البيع و جعل الخيار للمشتري يحتاج منه ابن حزم دليلا,
أما أن البيع وقع على تلك السلعة الغائبة, فعند ابن حزم, مادام أنه وجد السلعة على خلاف الصفة التي تراضيا عليها, فيعني أن السلعة بالصفة التي وجدها لم يكن تراض عليها حين العقد.

ولو جاء البائع ببقرة يراها المشتري فقال البائع : هذه بقرة حلوب كثيرة الدر ، قوية على الحرث تضع كل عامٍ بطناً ، وكان كاذباً في جميع ذلك ، فإنه لا خلاف أنه يتكلم عن البقرة المتعينة الحاضرة المشاهدة المشار إليها من غير نظر إلى صحة الوصف من كذبه .
وإذا جاز في الشاهد جاز في الغائب ولا فرق ، وإلا فليبينه.
علينا أولا أن نعرف هل ابن حزم فرق بين المثال الذي اتيت به و بين الحالة التي تكلم عليها,
هل صحح ابن حزم البيع الذي يشتري فيه المشتري البقرة على أنها حلوب كثيرة الدر قوية على الحرث... ثم وجدها غير ذلك.

قال ابن حزم: و من اشترى سلعة على السلامة من العيوب فوجدها معيبة فهي صفقة مفسوخة كلها , لا خيار له في إمساكها إلا بأن يجددا فيها بيعا آخر بتراض منهما. انتهى.
فهذا بيع سلعة معينة , و هي مفسوخة لعدم وقوع التراضي عند العقد.

ويرده حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً في قوله : (من اشترى شاة محفلة ...) الحديث ، فإنه لم يفرق بين كون البائع وصفها بكثرة اللبن والدر أو لم يصف ، وبين كونها حاضرة وقت البيع أو غائبة معينة، فيدخل فيه ما لو وصفها وهي غائبة واكتشف البائع أنها كانت محفلة ، فله حينئذٍ الخيار.

الذي يظهر لي أن هذا الاستدلال يتناقض مع ما تذهب إليه من عدم جواز بيع السلعة الغائبة الموصوفة,
أما أن هذا يرد مذهب ابن حزم, فإن أحكام الاسلام لا تؤخذ من حديث واحد, فإذا دخل فيها ما لو وصفها و هي غائبة, لم يكن هذا غررا عندك,
فابن حزم يعمل جميع النصوص, و ثبت عنده أن البيع الذي لا يقوم على التراضي ليس بيعا,
ثم لو كان حقا البائع وصفها و تراضيا على ذلك, فإن النص وقع في شاة محفلة فقط, و لا يُلزم ابن حزم بالقياس
فإذا أنتَ فهمت هذا ، فاعلم أن البيع وقع على سلعة معينة متفق على عينها ظاهراً ، وأن الوصف إن خرج كاذباً لم يبطل ذلك كون البيع واقعاً على تلك السلعة ، والعقد بعد تمامه برضا من البائع والمشتري لا يلغيه إلا فسخه من أحدهما في المجلس أو بخيار عيب أو شرط

الذي فهمته من ابن حزم أنه لم يكن بيع أصلا, و لم يكن تراضي حين العقد, لأنهما لم يتراضيا أبدا على سلعة بصفة لم يرضها المشتري.

فإن قال : فإن المشتري إنما عقد البيع على تلك الغائبة لا على الصفة.
قلنا : هذا خلاف قولكم بأنه يجوز له أن يشتري سلعة يصفها مالكها ولو لم يصدقه في وصفه ، فإنه يعلم أن الوصف مخالف لتلك السلعة المعينة ، ويقتضي على نظر ابن حزم أنه يعلم أنه لا يعقد على تلك السلعة بل على الوصف فقط ، لأنه يعلم أنه وصف لا موصوف له معين في علم المشتري.
تقدم من كلام ابن حزم أن المشتري إذا وجد السلعة على خلاف الوصف فإن البيع لم يكن أصلا, فبالتالي حتى و لو كان قوله"و إن لم يصدقه" يدخل فيه ما إن كان يعلم علما يقينيا أن البائع كاذب, فهذا البيع أبطله ابن حزم عندما ذكر أن المشتري إذا وجد السلعة على خلاف الوصف فلا بيع بينهما, ففي اللحضة التي كان يعلم المشتري أن البائع يكذب لم يكن هنالك بيع, فالتراضي لم يقع,

فالذي فهمته من ابن حزم هو أن البيع لا يكون بغير تراض, فعندما قال البائع للمشتري أبيعك سلعة معينة بصفة كذا, فالمشتري رضي بشراء هذه السلعة بتلك الصفة, و لم يرض بغير ذلك, و رأى أن البائع رضي ببيع سلعة معينة بتلك الصفة, و لم يرض بغير ذلك. ففي تلك اللحظة إن لم تكن سلعة بذلك الوصف,فبالتالي لم يوجد بيع أصلا, و سيكتشف ذلك المشتري عند حضور السلعة .
و الله أعلم
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

اقتباس:
يا أخي ما دمت لا تميز معنى العموم حتى جعلت النص على التكذيب عاماً ، ولا تميز دلالة النهي عن الشيء في ضده ، فمالك ومال للكتابة في هذا؟!
و الله لا أعلم سبب هذه الحدة, فحتى لو كنتَ مصيبا و كنتُ أنا مخطئا, ليس بهذه الطريقة تبين الحقّ
سبحان الله!
هذا هنا زجر ولا يكون إلا بحدة ما ، ولكل مقام مقال
ووضع الندى في السيف في موضع العلا *** مضر كوضع السيف في موضع الندى
وغرضي بيان أنكم بارك الله فيكم ما دمتم لم تميزوا ما ذكرتُ لكم فإن خوضكم في هذا الأمر مما لا ينفعكم ومما يشوش على المقصودين بموضوعي.
وبيانه أنكم حتى الساعة لم تميزوا بين البيع بصفة مضمونة ، وبين بيع عين غائبة موصوفة مع أن الفرق بينهما مما يزيل جل الإسشكالات المذكورة في مشاركاتكم الأولى.
ولم يكن مقصودي بهذه العبارة خاصة بيان حق أو رد باطل ، بل زجركم عن الخوض فيما لا تعونه ولا تحسنونه ، وهذا ـ مع إصراركم وعودكم إلى نفس الخطأ ـ لا يكون إلا بشدة ما.
فلو أن مدرساً قال : ستة ننقص منها عشرة فالناتج سالب أربعة.
فجاء آخر يخطئه ويقول : كلا فإن العشرة أكبر من الستة ولا يمكن أخذها منه فتمتنع هذه العملية.
فيقول له المدرس: هذه مسألة مفروضة في الأرقام الصحيحة وقواعدها كذا وكذا.
فلا يفهم المعترض ويقول : أنا متأكد من كلامي ودليلي على ذلك أنه لو كان معك ست بيضات فإن أخذ عشر بيضات منها مستحيل.
فيقول الرجل : أخي المسألة مفروضة أي ليست حقيقية ، ويستفاد منها في الواقع في مسائل كالديون ، فلو أقرض رجلٌ آخر ستة دنانير على أن يردها أقساطاً ، وبعد عدة أقساط ظهر أنه سدد عشرة مكان الستة اللتي عليه ، فهناك نسمي الأربعة الزائدة على ما يجب عليه سداده سالب أربعة.
فيصر المعترض قائلاً : مسألتك خطأ فإن العشرة غير مأخوذة من الستة هنا ، أنا متأكد أنك أخطأت ، فإن العشرة أُخذت من باقي مال المديون لا من الستة المقرضة.
فلا يجد المدرس إلا أن يقول : أخي دع الكلام فيما لا تحسنه ودعني أدرس طلبتني ولا تشوش عليهم.
وأنا أجد الخوض معك عامته من هذا الباب ، فمثلاً حين ادعى ابن حزم أن لا أحد يقول بأن المبيع بالصفة هو العين الغائبة بل نفس الصفة. عارضته بعكس دعواه بناءً على الأصل والظهور وما قدمته في مشاركتي. فماذا كان جوابكم ؟
قلتم :
اقتباس:
بل كل من صحح البيع وجعل الخيار للمشتري فهو يجعل البيع واقعاً على تلك السلعة الغائبة بعينها

الذي صحح البيع و جعل الخيار للمشتري يحتاج منه ابن حزم دليلا
!!!
والله ما كنتُ أظن أني بحاجة لبيان وجه كلامي ، فجئت أنت وشككتني في أن القراء يفهمون شيئاً مما أقول.
فإن ابن حزم ادعى عدم الوجود فقابلته بدعوى الوجود ، ولا يضر هنا كان الموجود محق أو مبطل ، فإن الغرض نفي دعوى العدم فقط ، بل ربما كنت موافقاً لابن حزم في دعواه بطلان قول المخالف ، لكن وجوده دليل على بطلان دعوى عدم الوجود فعارضته به.
ما أدري هل صار مفهوماً أم لا.
ومنذ أن اطلعت على معارضاتك صرت أخشى أن كلامي بالنسبة للقراء كالطلاسم ، وقد أنهيت بعضها منذ وقت والله لقد نجحتم أخي الكريم في تشكيكي وصرت أفكر في كيفية تسهيلها بحيث يفهم الكل ، مع أن الكل لم يكن مقصودي عند الكتابة بل فئة رفيعة إلى حد ما حصّلت من العلوم مايؤهلها لفهم كلام ابن حزم رحمه الله ـ وهم كثر ـ ثم تداركت ورأيت أن عليك أن تعرض أنتَ عن هذه المسائل لأن الظاهر من كلامك أنك لم تأخذ في علوم الآلة وإن فعلت لم تحسنها كل الإحسان فاشغل نفسك بذلك أولى لك وأريح لغيرك.
فإن كنتَ ترى ذلك شدة فشأنك ، ولكن استفد من النصيحة حتى تسد الباب على أمثالي ممن قد يعترضون عليك بعدم فهمك لكلامهم.

والله المستعان
 

كمال يسين المسلم

:: مطـًـلع ::
إنضم
30 أبريل 2009
المشاركات
104
الإقامة
الجزائر
الجنس
ذكر
التخصص
الإعلام الآلي
الدولة
الجزائر
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
مسلم
رد: خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

وغرضي بيان أنكم بارك الله فيكم ما دمتم لم تميزوا ما ذكرتُ لكم فإن خوضكم في هذا الأمر مما لا ينفعكم ومما يشوش على المقصودين بموضوعي.
لا أظن أن مثلي يشوش على المقصودين بموضوعك,
فأنا ذكرت أني مبتدئ , و لا أحسن كثيرا من الأمور, فلا يمكن أن أشوش على الطبقة الرفيعة في العلم من أمثالك بارك الله في علمهم
مع أن الكل لم يكن مقصودي عند الكتابة بل فئة رفيعة إلى حد ما حصّلت من العلوم مايؤهلها لفهم كلام ابن حزم رحمه الله

فإن كنتَ ترى ذلك شدة فشأنك
لا لا أراها شدة علي , فأنا لا يغيضني إن انبهرت الفئة الرفيعة بخواطرك و يضحكون علي, بل سأكون سعيدا , لأن القراء المتميزون سعدوا بموضوعك,
فقط أخاف أن تكون شديدة عليك يوم القيامة,
أما أن تضرني هذه الشدة فلا ,
فالخلاصة لا أعتقد أني سأشوش على الفئة الرفيعة المقصودة بموضوعك, فأنا أشهد لك بعلمك الرفيع, ولم أجد في الملتقى من مشرف أو غيره من يمنعني من الكتابة التي كانت حتى الآن بأدب, و لهذا كتبت ما كنت أعتقده, و أؤكد لك أني استفدت كثيرا من الموضوع , للأسف الكثير من التساؤلات لم أجد لها جوابا منك,

و أنا أريد أن أتأكد شيئا منك, هل ممكن أن تبيع سلعة بدون وجود صفة فيها؟ أم ان تبيع صفة بدون أن يكون لها جسم يحملها؟
و بارك الله فيكم
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

الله يهديك
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

استدراك :
قال رحمه الله ص 390 : (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا مَنَعْنَا مِنْ ذَلِكَ بِالنَّصِّ الْوَارِدِ فِيهِ؟ فَقُلْنَا: تِلْكَ آثَارٌ مَكْذُوبَةٌ لَا يَحِلُّ الِاحْتِجَاجُ بِهَا، وَلَوْ صَحَّتْ لَكُنَّا أَبْدَرَ إلَى الْأَخْذِ بِهَا مِنْكُمْ.
وَهِيَ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ جَهْضَمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الْعَبْدِيِّ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْعَبْدِ وَهُوَ آبِقٌ، وَعَنْ أَنْ تُبَاعَ الْمَغَانِمُ قَبْلَ أَنْ تُقْسَمَ، وَعَنْ بَيْعِ الصَّدَقَاتِ قَبْلَ أَنْ تُقْبَضَ» .
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ جَهْضَمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْبَاهِلِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شِرَاءِ مَا فِي بُطُونِ الْأَنْعَامِ حَتَّى تَضَعَ، وَعَنْ مَا فِي ضُرُوعِهَا إلَّا بِكَيْلٍ، وَعَنْ شِرَاءِ الْعَبْدِ الْآبِقِ، وَعَنْ شِرَاءِ الْمَغَانِمِ حَتَّى تُقْسَمَ، وَعَنْ شِرَاءِ الصَّدَقَاتِ حَتَّى تُقْبَضَ، وَعَنْ ضَرْبَةِ الْغَائِصِ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: جَهْضَمٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ الْعَبْدِيُّ: مَجْهُولُونَ، وَشَهْرٌ مَتْرُوكٌ
)
أقول : جهضم ثقة وثقة يحيى بن معين وأبو حاتم الرازي وابن حبان وقال أحمد لا بأس به.
ومحمد بن زيد العبدي الراجح أنه ابن أبي القموص قاضي مرو للاتفاق في الإسم واسم الأب والنسب والطبقة ولم يفرده أحد من المتقدمين عن ابن أبي القموص ، وظاهر ذلك اتحادهما عندهم.
والمجهول هو محمد بن إبراهيم الباهلي.
فالحديث ضعيف من أجله.
ومع ذلك يمكن أن يقال : قد رواه عبد الرزاق عن جهضم بن عبد الله عن شهر بن حوشب فأسقط إبراهيم وجهضم لم ينسب إلى تدليس ، وما كان كذلك فهو عند ابن حزم محمول على الإتصال ، ويحمل على أن جهضم سمعه من محمد بن إبراهيم فرواه عنه ثم سمعه من محمد بن زيد فرواه عنه.
أما شهر : فليس بمتروك قطعاً ، بل صدوق حسن الحديث.
[تنبيه : قال الدكتور بشار عواد في (تحرير التقريب) في ترجمة شهر : لو قال ـ أي الحافظ ـ ضعيف يعتبر به ، لكان أحسن. انتهى.
وليس بشيء ، وقد اعتمد في حكمه على أشهر رجال الجرح بالتعنت يحيى بن سعيد القطان وأبو حاتم الرازي وابن حبان والجوزجاني ، على الرغم أن عبارات بعضهم لا تعطي ضعفاً مطلقاً، وبعضها مرجعه إلى غير الضبط والرواية، وترك لأجلهم توثيق البخاري وأحمد بن حنبل وأبو زرعة ويحيى بن معين. والله أعلم]

الله أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها

خاطرة (9) قال الإمام ابن حزم رحمه الله 8/ 392 : (مَسْأَلَةٌ: وَبَيْعُ الْمِسْكِ فِي نَافِجَتِهِ مَعَ النَّافِجَةِ، وَالنَّوَى فِي التَّمْرِ مَعَ التَّمْرِ، وَمَا فِي دَاخِلِ الْبَيْضِ مَعَ الْبَيْضِ، وَالْجَزَرِ، وَاللَّوْزِ، وَالْفُسْتُقِ، وَالصَّنَوْبَرِ، وَالْبَلُّوطِ، وَالْقَسْطَلِ، وَكُلِّ ذِي قِشْرٍ مَعَ قِشْرِهِ - كَانَ عَلَيْهِ قَشِرَانِ أَوْ وَاحِدٌ - وَالْعَسَلِ مَعَ الشَّمْعِ فِي شَمْعِهِ، وَالشَّاةِ الْمَذْبُوحَةِ فِي جِلْدِهَا مَعَ جِلْدِهَا: جَائِزٌ كُلُّ ذَلِكَ.
وَهَكَذَا كُلُّ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا هُوَ مِمَّا يَكُونُ مَا فِي دَاخِلِهِ بَعْضًا لَهُ.
وَكَذَلِكَ الزَّيْتُونُ بِمَا فِيهِ مِنْ الزَّيْتِ، وَالسِّمْسِمُ بِمَا فِيهِ مِنْ الدُّهْنِ، وَالْإِنَاثُ بِمَا فِي ضُرُوعِهَا مِنْ اللَّبَنِ، وَالْبُرُّ، وَالْعَلَسُ فِي أَكْمَامِهِ مَعَ الْأَكْمَامِ، وَفِي سُنْبُلِهِ مَعَ السُّنْبُلِ: كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ حَسَنٌ.
وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ شَيْءٍ مَغِيبٍ فِي غَيْرِهِ مِمَّا غَيَّبَهُ النَّاسُ إذَا كَانَ مِمَّا لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ - لَا مَعَ وِعَائِهِ وَلَا دُونَهُ - فَإِنْ كَانَ مِمَّا قَدْ رُئِيَ: جَازَ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ، كَالْعَسَلِ، وَالسَّمْنِ فِي ظَرْفِهِ، وَاللَّبَنِ كَذَلِكَ، وَالْبُرِّ فِي وِعَائِهِ
)
أقول : إعلم أن المبيع إما أن يقصد جميعه الظاهر منه والمستتر فيه كالشاة تقصد جميعها ، وما فيها من صوف وجلد ولحم وشحم وعظم.
وإما أن يقصد بعضه دون بعض ، ثم ذلك البعض إما أن يكون مستوراً بما ليس بمقصود ، وقد مثل له ابن حزم رحمه الله بالبيض حيث قال : (وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْبَيْضِ كَمَا هُوَ، وَإِنَّمَا الْغَرَضُ مِنْهُ مَا فِي دَاخِلِهِ، وَدَخَلَ الْقِشْرُ فِي الْبَيْعِ بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ) ، وهذا منه أغلبي وإلا فقد يقصد القشر.
وإما أن يستتر غير المقصود بالمقصود كنوى التمر لمن قصد التمر دون نواه.
وإما أن يختلط فيظهر بعض المقصود وغير المقصود ويستتر البعض الآخر ، كاللحم والعظم لمن يقصد اللحم فقط.
وجميع ذلك إن أورث جهالة في صفة المبيع أو مقداره فهو غرر لا يجوز لعموم النهي ، وهو قول ابن حزم في تراب الصاغة وتراب المعادن حيث قال : (مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ تُرَابِ الصَّاغَةِ أَصْلًا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْصِدُ الْمُشْتَرِي مَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ - وَهُوَ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ - فَهُوَ غَرَرٌ، وَقَدْ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ»)
وقال : (مَسْأَلَةٌ: وَأَمَّا تُرَابُ الْمَعَادِنِ: فَمَا كَانَ مِنْهُ مَعْدِنَ ذَهَبٍ فَلَا يَحِلُّ بَيْعُهُ أَلْبَتَّةَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، لِأَنَّ الذَّهَبَ فِيهِ مَخْلُوقٌ فِي خِلَالِهِ مَجْهُولُ الْمِقْدَارِ.
فَلَوْ كَانَ الذَّهَبُ الَّذِي فِيهِ مَرْئِيًّا كُلُّهُ مُحَاطًا بِهِ: جَازَ بَيْعُهُ بِمَا يَجُوزُ بِهِ بَيْعُ الذَّهَبِ
)
فكان ينبغي على قوله المنع من بيع جميع ما اختلط بغيره لهذه العلة ، فإن النافجة جلد يحيط بالمسك قد يختلف ثخانة ورقة ، فيختلف لذلك مقدار المسك ، ثم هو يغلف المسك فتجهل صفته جهالة ما ، وهكذا الجوز في قشريه واللبصل والسلجم والجزر في الأرض وغير ذلك.
لكنا نستثني ما لا يمكن إزالة غير المقصود منه أصلاً ، أو لا يمكن إلا بإفساد المقصود ، فنجيز بيعه للحاجة والضرورة.
وكالذي يمكن إزالة غير مقصوده ما أمكن إزالة بعضه ، كالجوز في قشريه ، فإن إزالة العليا ممكن ، ولا يتضرر بذلك الأسفل منه ، ودعواه رحمه الله أن لا ضرر ، مردود بأنه يتزنخ سريعاً إذا أزيل قشريه ، ويجهل قدره ووصفه إن بقي قشريه ، فتزال العليا دون السفلى.
فظهر بذلك وجه الفرق عند من فرق .
ولعمري ما الفرق في التغييب بين ما إذا كان بفعل الناس أو كان بخلق الله أو غير ذلك؟!!
أتراه يمنع بيع الحلي لأنه ذهب يخلط به نحاس أو نحوه لتمكن صياغته ويتماسك ، بدعوى أن خلط النحاس من فعل الناس؟
أم تراه يبيح بيع العسل مع شمعه إن قصد العسل خاصة بدعوى أن خلط الشمع بالعسل ليس من فعل الناس؟!

فإن قيل : إنما ذلك بالنظر إلى المقصود من المبيع إن جهل بسبب ما خالطه ، أما إن قصد المبيع كله بجميع ما يخالطه فلا.
قلنا : فهلا قلتم هنا كذلك لا يجوز بيع الجوز لاختلاط مقصوده بغير المقصود ، غيره مما اعترضتم به؟
فإن قيل : إن كان الخلط بفعل الإنسان ، كان المختلطين أو الساتر والمستور مالين مفترقين ، ولو بيع أحدهما فالآخر باقٍ على ملك صاحبه ، وهو غير مبيع ومانع من معرفة قدر أو صفة المقصود.
قلنا : لا فرق في ذلك بين أن يكون الخلط بصنع إنسان أو من أصل الخلقة ، ألا ترى العسل مختلط بالشمع لا يصح بيعه وحده حتى يفصل ، وهو مع ذلك خلط حاصل بغير فعل إنسان ، وأن الحلي ذهب يخلط بنحاس ، ويجوز بيعه مع أنه خلط حاصل بفعل إنسان؟
ثم ماذا يقول لو كان الخليطان ليسا بمالين؟!

والله سبحانه أعلم

... يتبع ...
 
التعديل الأخير:
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

خاطرة (10) قال رحمه الله 8/ 393 مسألة 1423 : (وَمِنْ هَذَا بَيْعُ الْحَامِلِ بِحَمْلِهَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا، لِأَنَّ الْحَمْلَ خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ مَنِيِّ الرَّجُلِ وَمَنِيِّ الْمَرْأَةِ وَدَمِهَا، فَهُوَ بَعْضُ أَعْضَائِهَا وَحَشْوَتِهَا، مَا لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ)
أقول : الحمل إما أن يقصد وحده أو يقصد مع المبيع أو لا يقصد أصلاً بل يكون المقصود الأم فقط. فإن لم يقصد أصلاً فينبغي على كلام ابن حزم في المسألة السابقة جوازه لأنه بعض الحامل كما ذكر.
أما إن قصده مفرداً أو قصده وقصد الحامل معاً فليس له كلام صريح في تعيين هذه المسألة ، لكن مقتضى إباحته بيع المسك مع نافجته وكلامه في البيض مع قشره أن البيع صحيح ، ومقتضى كلامه في بيع تراب الصاغة وتراب المعادن المنع.
وقد يُورد عليه حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة.
فإن قيل : المراد بهذا البيع التأجيل بأن تنتج الناقة ثم تنتج التي في بطنها.
قلنا : الجواب من وجهين :
أولها : أن الحديث دال على النهي عن نفس بيع الحبل ، فوجب القول به، وليس فيه ذكر للمدة والتأجيل أصلاً.
والثاني : أن تفسير ابن عمر لو صح العمل به لا يمنعه ، غايته أنه فسر الحديث ببعض ما يصلح له ، فلا يُرد ما دل عليه الحديث من غيره من المعاني ، فقد قلتم بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وقلتم يحمل المشترك على جميع معانيه ، فكيف إذا كان من جهة ظاهره يدل على المنع من بيع نفس الحمل ، والمعنى الآخر مستفاد من خارج؟!
فإن قيل : فإن المقصود هو النهي عن بيع حبل الحبلة مفرداً بدليل إفراده في الذكر ، فنقتصر على ذلك حتى يأتي المنع عن بيع الجميع.
قلنا : ليس في الحديث سوى المنع عن بيع الحمل ، من غير نظر إلى اجتماعه مع غيره أو إفراده عنه ، فيكون الجميع ممنوعا، ثم أرئيتم لو قال لكم قائل ، لا يجوز بيعه وحده ويجوز بيعه مع غيره مطلقاً ، فلو باع رجلٌ كبشاً وحمل بقرة أو عبداً وحمل جارية جاز ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن بيعه مفرداً ، ما كنتم قائلين؟
إن قيل : لا يجوز لعموم النهي السابق.
قلنا : فكذلك لو كان ذلك الغير أمه.
فإن قيل : لكنها ليست غيراً لأنه بعضها.
قلنا : قصد البعض يمنع من بيعه ، كما يجوز بيع الكبش كله ولا يجوز بيع كبده خاصة ، فلما كان المقصود الكبد صار العلم به قدراً وصفة شرط صح البيع وإلا صار غرراً كما قلتموه في بيع تراب الصاغة.

قال رحمه الله : (فَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ حَتَّى الْآنَ مِمَّا خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا وَوَلَدُهُ مِنْهَا، وَلَمْ يُزَايِلْهَا بَعْدُ، فَحُكْمُهُ فِي الْبَيْعِ كَمَا كَانَ حَتَّى يُزَايِلَهَ)
أقول : وقد اختار هو هذا القول أخيراً.
وقد يجاب عنه بأن الذي كان مباحاً قبل نفخ الروح ليس هو بيع غير الجارية بل بيع بعضها ، وبعد النفخ لم يعد بعضاً ، فلا استصحاب .
بيانه أن يُسأل : ما الدليل على إباحة بيع جنين الجارية مع الجارية؟
فالجواب ما قدمه ابن حزم من أنه بعضها.
قلنا : فكيف تجرون حكم البعض إلى حكم غيره؟ إنما يصح هذا إذا كان الجنين بعضاً في الحالين كما لو قال قائل ، بعد تخطط الجنين وقبل نفخ الروح فيه لا يجوز بيعه لأنه بتخططه بان أنه مغاير للأم.
فيقال : لا يزال بعضها مع المغايرة فنستصحب حكمه قبل التخطط إلى ما بعد التخطط .
والله أعلم

خاطرة (11) قال رحمه الله 8/ 394 مسألة 1424 : (مَسْأَلَةٌ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَا تَوَلَّى الْمَرْءُ وَضْعَهُ فِي الشَّيْءِ كَالْبَذْرِ يُزْرَعُ، وَالنَّوَى يُغْرَسُ، فَإِنَّ هَذَا شَيْءٌ أَوْدَعَهُ الْمَرْءُ فِي شَيْءٍ آخَرَ مُبَايِنٍ لَهُ، بَلْ هَذَا وَوَضْعُهُ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ فِي الْكِيسِ، وَالْبُرَّ فِي الْوِعَاءِ، وَالسَّمْنَ فِي الْإِنَاءِ سَوَاءٌ، وَلَا يَدْخُلُ حُكْمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ.
وَمَنْ بَاعَ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا لَمْ يَلْزَمْهُ بَيْعُ شَيْءٍ آخَرَ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مَقْرُونًا مَعَهُ، وَمُضَافًا إلَيْهِ
)
أقول : ولسائل أن يسأله : ولِمَ فرقتم بين ما كان بوضع الإنسان كالحب في الإناء وبين ما كان بوضع غيره كالشمع في العسل؟
فإن قال : (مَنْ بَاعَ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا لَمْ يَلْزَمْهُ بَيْعُ شَيْءٍ آخَرَ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مَقْرُونًا مَعَهُ، وَمُضَافًا إلَيْهِ)
قلنا : هذه نفس الدعوى الأولى ، فلماذا إذا كان الخلط بصنع غيره كان بيع مالٍ يلزمه بيع شيء آخر وإن كان بصنعه لم يلزم؟
فإن قال : لا يجوز في الجميع أن يباعَ شيءٌ فيزلمه بيع آخر غيره سواءً كانت مخالطته لغيره بفعل الإنسان أو بفعل غيره.
قلنا : فما وجه إيراد هذا الكلام في معرض التفرقة ؟ ثم إن استويا فقد بقيت دعواكم الأولى بغير دليل.
فإن قال : إن المستتر منهما غير معلوم الوصف والقدر.
قلنا : وهذا يستوي فيه ما كان بفعل الإنسان وما كان بفعل غيره.

والله أعلم

خاطرة (12) قال رحمه الله 8/ 394 مسألة : (مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ الْمُغَيَّبَاتِ الْمَذْكُورَةِ كُلِّهَا دُونَ مَا عَلَيْهَا أَصْلًا -: لَا يَحِلُّ بَيْعُ النَّوَى - أَيُّ نَوًى كَانَ - قَبْلَ إخْرَاجِهِ وَإِظْهَارِهِ دُونَ مَا عَلَيْهِ.
وَلَا بَيْعُ الْمِسْكِ دُونَ النَّافِجَةِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ النَّافِجَةِ.
وَلَا بَيْعُ الْبَيْضِ دُونَ الْقِشْرِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ عَنْهُ.
وَلَا بَيْعُ حَبِّ الْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ، وَالْفُسْتُقِ، وَالصَّنَوْبَرِ، وَالْبَلُّوطِ، وَالْقَسْطَلِ، وَالْجِلَّوْزِ، وَكُلِّ ذِي قِشْرَةٍ دُونَ قِشْرِهِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ قِشْرِهِ.
وَلَا بَيْعُ الْعَسَلِ دُونَ شَمْعِهِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ شَمْعِهِ.
وَلَا لَحْمِ شَاةٍ مَذْبُوحَةٍ دُونَ جِلْدِهَا قَبْلَ سَلْخِهَا.
وَلَا بَيْعُ زَيْتٍ دُونَ الزَّيْتُونِ قَبْلَ عَصْرِهِ.
وَلَا بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ الْأَدْهَانِ دُونَ مَا هُوَ فِيهِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْهَا.
وَلَا بَيْعُ حَبِّ الْبُرِّ دُونَ أَكْمَامِهِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْهَا.
وَلَا بَيْعُ سَمْنٍ مِنْ لَبَنٍ قَبْلَ إخْرَاجِهِ، وَلَا بَيْعُ لَبَنٍ قَبْلَ حَلْبِهِ أَصْلًا.
وَلَا بَيْعُ الْجَزَرِ، وَالْبَصَلِ، وَالْكُرَّاثِ، وَالْفُجْلِ قَبْلُ قَلْعِهِ - لَا مَعَ الْأَرْضِ وَلَا دُونَهَا -
لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ بَيْعُ غَرَرٍ، لَا يُدْرَى مِقْدَارُهُ وَلَا صِفَتُهُ وَلَا رَآهُ أَحَدٌ فَيَصِفُهُ
)
أقول : لِمَ صححتم بيع المسك في نافجته والجوز في قشريه ، مع أن أحداً لا يدري صفته ولا قدره فيكون غرراً كما قلتم هنا؟!
فإن قال : إن العقد في المسك والجوز واقع على الكل وهو مرأي معروف الصفة.
قلنا : بل لا يعرف المقصود منهما لاستتاره كما قلتموه في الذهب في تراب الصاغة ، مع أن العقد واقع على مجموع التراب بما فيه من ذهب وغيره ، والمجموع مرأي.
ثم لو صح هذا فهلا أبحتم بيع البر يوضع في الصبرة من غير رؤية للباطن لأن البيع وقع على الصبرة بما فيها ، وهي مرأية!!

والله أعلم

... يتبع ...
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

قال رحمه الله ص395 : (وَقَدْ تَنَاقَضَ الْحَاضِرُونَ مِنْ مُخَالِفِينَا فِي كَثِيرٍ مِمَّا ذَكَرْنَا -: فَأَجَازَ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْعَ لَحْمِ الشَّاةِ مَذْبُوحَةً قَبْلَ السَّلْخِ وَأَوْجَبَ السَّلْخَ عَلَى الْبَائِعِ.
وَأَجَازَ بَيْعَ الْبُرِّ دُونَ التِّبْنِ وَالْأَكْمَامِ قَبْلَ أَنْ يُدْرَسَ وَيُصَفَّى، وَجَعَلَ الدَّرْسَ وَالتَّصْفِيَةَ عَلَى الْبَائِعِ.
وَأَجَازَ بَيْعَ الْجَزَرِ، وَالْبَصَلِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مُغَيَّبًا فِي الْأَرْضِ.
......
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنَّ فِي هَذَا لَعَجَبًا، لَيْتَ شِعْرِي مِنْ أَيْنَ وَجَبَ أَنْ يُجْبَرَ الْبَائِعَ عَلَى الدَّرْسِ، وَالتَّصْفِيَةِ، وَالسَّلْخِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِ الْجَزَرِ، وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ، وَالْفُجْلِ؟ وَهَلْ سُمِعَ بِأَسْخَفَ مِنْ هَذَا التَّقْسِيمِ؟
)
أقول : تقدم أن مذهب أبي حنيفة القول بخيار الرؤيا ، فحاصلة أن لا غرر في بيع غائب لم يره المشتري لأنه يتمكن من رده إذا رآه.
وعليه جاز بيع جميع ما ذكره ابن حزم رحمه الله .
لكنه يجب على البائع في بيع الكبش والحب في سنبله تخليص المبيع لأن التسليم واجب عليه كما تقدم ، وهو لا يتمكن منه إلا بذلك . وعمله حينئذٍ دائرٌ بين كونه في ما خالط ملكه وما وجب عليه تسليمه.
بخلاف بيع الجزر والكراث والفجل في الأرض ، فإن التسليم ممكن بالتخلية بين المشتري والمذكورات ، والعمل فيها عمل في ملك المشتري ، وهو غير مستحق على لبائع إذ هو بلا أجرة ، والعرف دالٌّ عليه.
أكان معرفة هذا من الصعوبة بمكان حتى يستحق الأحناف كل هذا التشنيع؟! وهم قد نصوا عليه في عامة كتبهم ، بحيث يسهل على من لا يحسن استنباط هذه المعاني الإطلاع عليها.
فأي سخافة في هذا القول ليسأل عنه ابن حزم.
غفر الله للجميع.
قال رحمه الله : (وَأَوْجَبَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَقْلَعَ مِنْهُ أُنْمُوذَجًا قَدْرَ مَا يُرِيهِ الْمُشْتَرِيَ فَإِنْ رَضِيَهُ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَلْعُ سَائِرِهِ - فَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَتَوَلَّى بِنَفْسِهِ قَلْعَ أُنْمُوذَجٍ مِنْهُ فَلَمْ يَرْضَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْبَيْعُ - فَلَوْ قَلَعَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ أُنْمُوذَجٍ فَقَدْ لَزِمَهُ الْبَيْعُ أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ.
...
وَلَيْتَ شِعْرِي مَا هَذَا " الْأُنْمُوذَجُ " الَّذِي لَا هُوَ لَفْظَةٌ عَرَبِيَّةٌ مِنْ اللُّغَةِ الَّتِي بِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ وَخَاطَبَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا لَفْظَةٌ شَرْعِيَّةٌ، ثُمَّ صَارَ يُشَرِّعُ بِهَا أَبُو حَنِيفَةَ الشَّرَائِعَ فَيُحَرِّمُ وَيُحَلِّلُ، فَعَلَى " الْأُنْمُوذَجِ " الْعَفَاءُ، وَصَفْعُ الْقَفَاءِ، وَعَلَى كُلِّ شَرِيعَةٍ تُشَرَّعُ بِالْأُنْمُوذَجِ
)
أقول : أما إيجابه على البائع قلع أنموذج فلأنه قبل البيع ملكه وهو المتصرف فيه ، أما إلزام المشتري بعد البيع بقلع الجميع فلانتقال الملك إليه.
أما إن قلعه المشتري ولم يزد على قدر الأنموذج وعدم لزوم البيع بذلك، فلعدم الضرر على البائع إذ لو لم يفعله المشتري لوجب على البائع كما تقدم ، إذ المشتري يستحق رؤية المبيع أو ما يدل عليه.
أما إلزامه البيع إن قلع أكثر من مقدار الأنموذج فلأن قلع الكثير لا حاجة إليه مع ما فيه من ضرر على البائع إن لم يشتره المشتري وقد قال صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار) ، فحيث كان المتسبب بالضرر هو المشتري فقد لزمه.
فإن كان جهل رحمه الله معنى الأنموذج لغةً حتى احتاج إلى معرفة معناه ، فنقول : هو بعض المبيع الذي يُرِيه البائعُ للمشتري لليستدل به على صفة باقي المبيع . وله في العادة مقدار متعارف عليه يختلف باختلاف المبيع وقدره، فلو اشتريت غرارة من شعير أو بر فإن البائع يعرض عليك بكفه بعضاً منه. وإن اشتريت قوصرة تمر فإن البائع يريك أعلاها ، وإن اشتريت بطيخاً إن كانت واحدة فإن البائع قد يقطع شيئاً منها ويبرزه ، أو اشتريت حمل سيارة من البطيخ فإن ربما شقق أكثر من واحدة بمقدار ما يرضى به المشتري ولا يشق على البائع وهكذا.
أي شيء في هذا استوجب التشنيع؟!
أم تراه يراه فرضاً على البائع والمشتري أن لا يتلفظا بلفظ إنموذج لأنه ليس عربياً ؟!
وما ذنب اللفظ ليدعو ابن حزم عليه.
ترى لو استجيب دعاء ابن حزم على الأنموذج فكيف يكون صفع قفاه؟
والله أعلم
... يتبع ...
 
إنضم
23 يوليو 2012
المشاركات
45
التخصص
شريعه
المدينة
أرض الله
المذهب الفقهي
ظاهري
رد: خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

الأخ وضاح قرأت بعض مشاركاتك في هذا الموضوع و سأعلق على آخر مشاركة لك لأنها قريبة العهد بصاحبها !!
و هي مثال واضح يجسد ما دار في كل مشاركاتك !!!
و هي تبين الخلط و اللبس إما عن عمد أو عن خطأ و سوء قصد !
كما تظهر الهمز و اللمز في الإمام ابن حزم - برد الله روحه بالنعيم المقيم - و التي لك عناية خاصة في ابرازها ثم ممارسة مناحة حولها !!!
و ليس الإمام ابن حزم بحاجة لمن يدافع عنه فانتاجه العلمي و الفكري يٌخرس لسان كل متسلق على العلم غير عارف لقدر نفسه !
و هي عادة في نفوس من يعانون النقص و احتقار الذات !
فيلجأون في طفولة عقلية إلى النيل من قامات فكرية عملاقة ظنا منهم أن هذا الطريق هو الطريق الأسلم لاثبات الذات !
هذا بالنسبة لما عرَّضت فيه بالامام ابن حزم !
أما مناقشتك لما أورده الإمام ابن حزم على أبي حنيفة فقد سلكت َفي مشاركاتك طريق التبرير و الترقيع !!
ثم تتساءل في الختام متعجبا أهل خفي هذا عن ابن حزم ؟!!!
و نحن نتعجب من تعجبك و نقول لا لم يخف !!!!!!!
هل هذا كل ما تريد أن تصل إليه !!!
لكن الذي خفي عليك و على أمثالك البعد عن العصبية و التحقيق العلمي و ارجاع المسألة إلى أصولها !!
و الأهم من هذا تحقيق القول الصائب في هذه المسألة الذي لم تقم به أثناء مناقشتك لقول الإمام ابن حزم !!!!
و
لماذا لم تذكر أن قول الإمام ابن حزم في هذه المسألة هو قول الشافعي و ابن حنبل و خالفهم أبو حنيفة !!!
لكن يظهر من مشاركتك أن القصد ليس تحرير المسألة و بيان وجه الصواب فيها !!!
الذي يظهر أن القصد هو الحط على الإمام ابن حزم و التبرير لقول أبي حنيفة و اختلاق المعاذير له !!!


أقول : تقدم أن مذهب أبي حنيفة القول بخيار الرؤيا ، فحاصلة أن لا غرر في بيع غائب لم يره المشتري لأنه يتمكن من رده إذا رآه.
وعليه جاز بيع جميع ما ذكره ابن حزم رحمه الله .
لكنه يجب على البائع في بيع الكبش والحب في سنبله تخليص المبيع لأن التسليم واجب عليه كما تقدم ، وهو لا يتمكن منه إلا بذلك . وعمله حينئذٍ دائرٌ بين كونه في ما خالط ملكه وما وجب عليه تسليمه.
بخلاف بيع الجزر والكراث والفجل في الأرض ، فإن التسليم ممكن بالتخلية بين المشتري والمذكورات ، والعمل فيها عمل في ملك المشتري ، وهو غير مستحق على لبائع إذ هو بلا أجرة ، والعرف دالٌّ عليه.
أكان معرفة هذا من الصعوبة بمكان حتى يستحق الأحناف كل هذا التشنيع؟! وهم قد نصوا عليه في عامة كتبهم ، بحيث يسهل على من لا يحسن استنباط هذه المعاني الإطلاع عليها.
فأي سخافة في هذا القول ليسأل عنه ابن حزم.
غفر الله للجميع

.

لم تصنع شيئا !!
تعجب الإمام ابن حزم من السير بلا منهجية و اطلاق الآراء المرسلة التي تستطيع معارضتها بمثلها !
و كل ما فعلته أنت هو المزيد من الإشكالات و اظهار الكثير من التناقضات !!!
قلت
(( لكنه يجب على البائع في بيع الكبش والحب في سنبله تخليص المبيع لأن التسليم واجب عليه كما تقدم))
و ما الفرق بين التخليص المدعى في الكبش و الحب في سنبله و بين الفجل و البصل و الجزر!!!
أليس أيضا التسليم واجب عليه و لم يٌخلصه البائع فهو باق في الأرض !!!
فمرة يجب عليه تخليصه و مره لا يجب بل يٌخلي بينه و بين المشتري !!
هذا التناقض الأول !!
التناقض الثاني !!
لماذا لم يخل بينه و بين المشتري في الكبش و الحب في سنبله ما المانع ؟!!!
عللته أنت لأن التسليم واجب على البائع و ما أبرده من تعليل !!!
و البائع يستطيع تسليمه بالتخليه بينه و بين المشتري كما هي في مسألة الجزر و الفجل سواء بسواء !!!
فما الفرق إلا مجرد الدعوى التي يستطيع الجميع ممارستها !!

أما إيجابه على البائع قلع أنموذج فلأنه قبل البيع ملكه وهو المتصرف فيه ، أما إلزام المشتري بعد البيع بقلع الجميع فلانتقال الملك إليه.
أما إن قلعه المشتري ولم يزد على قدر الأنموذج وعدم لزوم البيع بذلك، فلعدم الضرر على البائع إذ لو لم يفعله المشتري لوجب على البائع كما تقدم ، إذ المشتري يستحق رؤية المبيع أو ما يدل عليه.
أما إلزامه البيع إن قلع أكثر من مقدار الأنموذج فلأن قلع الكثير لا حاجة إليه مع ما فيه من ضرر على البائع إن لم يشتره المشتري وقد قال صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار) ، فحيث كان المتسبب بالضرر هو المشتري فقد لزمه.
فإن كان جهل رحمه الله معنى الأنموذج لغةً حتى احتاج إلى معرفة معناه ، فنقول : هو بعض المبيع الذي يُرِيه البائعُ للمشتري لليستدل به على صفة باقي المبيع . وله في العادة مقدار متعارف عليه يختلف باختلاف المبيع وقدره، فلو اشتريت غرارة من شعير أو بر فإن البائع يعرض عليك بكفه بعضاً منه. وإن اشتريت قوصرة تمر فإن البائع يريك أعلاها ، وإن اشتريت بطيخاً إن كانت واحدة فإن البائع قد يقطع شيئاً منها ويبرزه ، أو اشتريت حمل سيارة من البطيخ فإن ربما شقق أكثر من واحدة بمقدار ما يرضى به المشتري ولا يشق على البائع وهكذا.
أي شيء في هذا استوجب التشنيع؟!
أم تراه يراه فرضاً على البائع والمشتري أن لا يتلفظا بلفظ إنموذج لأنه ليس عربياً ؟!
وما ذنب اللفظ ليدعو ابن حزم عليه.
ترى لو استجيب دعاء ابن حزم على الأنموذج فكيف يكون صفع قفاه؟
والله أعلم
تقول ايجاب قلع أنموذج لأنه ملكه و المتصرف فيه !!
و هل يجادل أحد في أنه ليس ملكه !!
لكن من أين أتى الوجوب ؟!!
و ما الفرق بينك و بين من قال لا يجب عليه قلعه لأنه ملكه و له حرية التصرف فيه !!!!
أليست هذه الدعوى أولى بالقبول من دعواك !!!
فعلى قولك إذا لم يرض البائع بهذا يصبح ملكه له سبب لايجابه أن يتصرف في ماله تصرفا لا يريده يعني قهرا !!!
فأصبح ملكه له التي هي أصل حرية التصرف فيه شرعا و عقلا و فطرة أصبحت سببا لتصرفات مغلوب على أمره فيها !!
و هكذا فلتكن التناقضات و من سلك شعاب الرأي و أودوية التخمين أوصلته لمصادمة البديهيات التي لا يجادل فيها إلا مصاب في عقله !!!
فما أحوج من بلغ به مدى تفكيره إلى أن يقول هذا القول ما أحوجه أن يتعلم مبادئ التفكير قبل أن يٌنصب نفسه ندا لأئمة غاية مناه أن يفهم مرادهم !!!!


أما إلزامه البيع إن قلع أكثر من مقدار الأنموذج فلأن قلع الكثير لا حاجة إليه مع ما فيه من ضرر على البائع إن لم يشتره المشتري وقد قال صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار) ، فحيث كان المتسبب بالضرر هو المشتري فقد لزمه.
تعليلك أن فيه ضرر للبائع فما قولك إذا كان فعل المشتري برضى البائع ؟!!!
ثم هل يلزم المشتري شراء ما قلعه فقط أم كله ؟!!
لم تأت بذكر هذا فاهتمامك هو التمحل و الإنتصار لأبي حنيفة !!!
فهذان السؤالان ينقضان تعليلك الذي جعلته مناط تبريرك لقول أبي حنيفة !!
ثم إذا ظهر البقية بخلاف الأنموذج و كان الأنموذج طيبا غرر المشتري المسكين الذي آفته عند الحنفية أنه لا يعلم الغيب !!!
على قول أبي حنيفة السابق يلزمه أن يشتريه !
فنصح للبائع و ألزم المشتري بالمضي في البيع بعلة أنه لا ضرر و لا ضرار عند الأخ وضاح ثم غاب هذا التعليل
إذا كان الضرر على المشتري !!
و هكذا فلتكن التناقضات !!
فمرة نذكر الضرر على البائع و نجعله حجة على البيع و مره ننسى الضرر على المشتري نصرة لقول أبي حنيفة !!
كان الله في عونك أيها المشتري لو وقعت عند قاض كالأخ وضاح تالله لقد أصبحت أيها المشتري ضحية العصبية المذهبية و إن شئت فقل ضحية الجهالة !!


وما ذنب اللفظ ليدعو ابن حزم عليه.
ترى لو استجيب دعاء ابن حزم على الأنموذج فكيف يكون صفع قفاه؟
والله أعلم
الجواب يعلمه أصغر طالب علم في العربية !!
العربية بحر واسع من المجاز !
و ما ذكره الإمام ابن حزم من باب الإستعارة مثل قول الشاعر
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا ,,,, من الحسن حتى كاد أن يتكلما
و مثل قولك الوقت يطير !
كما أن المجاز يشمل أنواع شتى لو كان اعتراضك صحيحا لانهدم كثير من الأساليب العربية !!!
مثل قولك ( الملتقى الفقهي يرحب بالأعضاء ) فالملتقى ليس هو من يرحب ولكن القائمين عليه و مثل (

نزلتُ بالقوم فاكرموني . فهو هنا لم ينزل بالقوم وإنما نزل بالمكان
و مثل أمطرت السماء رزقاً . فذكر هنا رزقاً وهو الناتج من هطول المطر !
و أمثال هذا الذي هو البحر الواسع الذي لا يدرك !
فعبارة الإمام ابن حزم محمولة على مثل هذا !!

# تعتذر الإدارة للأستاذ وضاح والأعضاء الكرام عن هذا الأسلوب السيء في الرد ولولا أن الردود جاءت في سياق الموضوع التي أجاب عنها صاحب الموضوع لتم حذف المشاركة بأكلها ولذا اكتفينا بحذف بعض الجمل غير اللائقة مع الإبقاء على الرد #
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

أولاً : أصبت فيما ذكرتَ من أني لا أقصد بيان الصواب والخطأ في نفس المسألة ، بل بيان أن الخصم لديه دليل في الجملة يمنع التشنيع الذي يذكره ابن حزم.
ثانياً : أنا شافعي وكثيراً ما أنتقد مسائل أوافق ابن حزم على أن الصواب معه، ولكن النقد موجه إما للدليل الذي يورده رحمه الله من حيث أنه خطأ في نفس الأمر ، أو لا يجري على أصوله ولو كان صواباً ، أو للخصم عليه جواب من قرب ونحو ذلك مما يدفع عنهم تشنيع ابن حزم.
ثالثاً : ربما كانت هناك عبارات قاسية ـ نسبياً ـ جرتها شدة ابن حزم رحمه الله ، ولا تقارن أبداً أبداً بالعبارات التي يطلقها ابن حزم على خصومه، ، لكن من غير ظلم إن شاء الله. فلإن كان ما يطلقه من عبارات على خصومه مرضي لا شيء فيه ، فهذا يعني أني لم أذكر شيئاً يستأهل الملاحظة أصلاً.

أما المسألة : فالواجب التخلية بين المبيع والمشتري أي بين اللحم وبين المشتري ، لا التخلية بين الكبش والمشتري لأنه لا يمكله ، ولا يمكن إفراد اللحم بالتخلية من غير سلخ وتقسيم ، وهو عمل في ملك البائع فمن أين وجب على المشتري؟!!
أما التخلية بين المغيبات وبين المشتري فقد أقر به ابن حزم بل أوجب على المشتري أن ينزعه لأنه ملكه ، وحرم على البائع منعه. وهو لا خلاف فيه في الجملة وقد كنت أيدته بالعرف.

هذا يكفي ، ولا جواب بعد ذلك إلا بحسب الأدب المعروض في السؤال

قال رحمه الله ص 395 : (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: ... فَإِنْ قَلَعَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ أَقَلَّ مَا يَقَعُ فِي الْمَكَايِيلِ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي إمْضَاءٍ أَوْ فَسْخٍ، فَإِنْ قَلَعَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ لَزِمَهُ الْبَيْعُ كُلُّهُ)
ثم قال : (ثُمَّ تَحْدِيدُ أَبِي يُوسُفَ ذَلِكَ بِأَقَلَّ مَا يَقَعُ لَا الْمَكَايِيلَ؛ وَقَدْ يَتَّخِذُ الْبَاعَةُ مَكَايِيلَ صِغَارًا جِدًّا، وَمَا عَهِدْنَا بِالْجَزَرِ، وَلَا الْفُجْلِ: يَقَعَانِ فِي الْكَيْلِ، فَمِنْ أَيْنَ خَرَجَ لَهُ تَحْدِيدُ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ بِهَذَا الْحَدِّ الْفَاسِدِ - وَنَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى السَّلَامَةِ؟)
أقول : مذهب أبي يوسف أن المغيبات في الأرض إما أن تباع كيلاً ، أو عدداً ، فإن كانت مكيلة فرؤية بعضها كرؤية كلها كما في غيرها من المكيلات، فيسقط الخيار برؤية ذلك البعض.
وإن كانت معدودة فهي متفاوتة لا تكفي رؤية بعضها عن رؤية جميعها كغيرها من المتفاوتات ، فلا يسقط الخيار برؤية البعض.

وهذه رواية بشر عنه ـ والظاهر أنه بشر بن خالد ـ .
وهذا معنى حسن لا إشكال فيه ، وقد يخالفه غيره في كون ما ذكر مثلياً أو معدوداً متفاوتاً ، وغير ذلك لكن لا إشكال في أن المثلي تكفي رؤية بعضه عن رؤية باقيه بخلاف العددي.
أما نقله عن أبي يوسف أنه إن قلع أقل ما يقع في المكاييل فله الخيار ، وإن زاد على ذلك لزم البيع في الجميع. فليس هذا مذهب أبي يوسف ، لكن ابن حزم رحمه الله يستنبط من كلام أهل العلم ويجعل استنباطاته مذاهباً لهم.
أما قول أبي يوسف فهو أن من قلع بغير إذن البائع قدراً له قيمة عند الناس ، لزمه كل البيع ، لأن القلع يتعيب به المبيع ، وتعيب المبيع بيد المشتري يسقط خياره.
فلا ذكر لأقل المكاييل في لزوم البيع ، وإنما ذكر المكيال في سقوط الخيار في المكيلات كما قدمناه.
أما ما شنع عليه به من أنه لا عهد له بكيل الجزر والفجل ، فليس في كلام أبي يوسف كيل الفجل ، بل هو عنده من المعدودات المتفاوتة.
أما الجزر فقد نقل عنه ذلك ، وكأنه أراد أن المزارع لا يبيعه وزناً ولا عددا، بل يباع بالسلال أو الصناديق ، فإن لم يكن كيلاً فهو كالكيل رؤية بعضه تكفي عن رؤية باقيه. بخلاف الفجل الذي يباع ربطاً وغيره مما يباع عدداً.
ثم قال رحمه الله ص 396 : (وَلَيْتَ شِعْرِي مِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ جَوَازُ بَيْعِ هَذِهِ الْمُغَيَّبَاتِ دُونَ الْأَرْضِ؟ وَمَنَعُوا مِنْ بَيْعِ الْجَنِينِ دُونَ أُمِّهِ، وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ سَوَاءٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْهُمَا، وَكِلَاهُمَا غَرَرٌ وَبَيْعُ مَجْهُولٍ)
أقول : لا سواء ، فإن الإطلاع على بعض المغيبات ليدل على باقيها ممكن بقلع البعض ، ولا يمكن ذلك في الجنين في بطن أمه ، ثم الحاجة داعية إلى بيع الأصول في الأرض ، فإن منعنا بيعه في الأرض اضطر إلى البائع إلى قلعه ، فإن لم يرضه المشتري تضرر كما تقدم ، وليس كذلك الجنين.
فأين السواء المدعى.

أما دعواه الغرر فهو مردود بأنه أباح بيع الجنين مع أمه ولا يخفى أن رؤية بعض الجزر يدل على باقي الجزر إجمالاً بخلاف رؤية الأم فإنه لا يدل على شيء من أحوال الجنين وصفاته، فكيف يكون بيع الجزر في الأرض غرراً دون بيع الجنين مع أمه؟!
قال رحمه الله : (ثُمَّ أَطْرَفُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ: مَنْعُهُمْ مِنْ بَيْعِ الصُّوفِ عَلَى ظُهُورِ الْغَنَمِ، وَذِرَاعٍ مَحْدُودَةٍ مِنْ هَذَا الطَّرْفِ مِنْ هَذَا الثَّوْبِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ، أَوْ ذِرَاعٍ مَحْدُودٍ إلَى طَرْفِهِ مِنْ خَشَبَةٍ حَاضِرَةٍ، وَحِلْيَةِ هَذَا السَّيْفِ دُونَ جَفْنِهِ وَنَصْلِهِ؟ وَرَأَوْا هَذَا غَرَرًا وَعَمَلًا مُشْتَرَطًا يُفْسِدُ الْبَيْعَ - وَكَذَبُوا فِي ذَلِكَ. وَلَمْ يَرَوْا الدَّرْسَ، وَالتَّصْفِيَةَ، وَالسَّلْخَ غَرَرًا، وَلَا عَمَلًا مُشْتَرَطًا يُفْسِدُ الْبَيْعَ؟ فَهَلْ لِأَصْحَابِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الْمُتَخَاذِلَةِ حَظٌّ مِنْ الْعِلْمِ؟ ثُمَّ أَجَازُوا بَيْعَ الْقَصِيلِ عَلَى الْقَطْعِ وَالثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا عَلَى الْقَطْعِ.
وَأَجَازُوا بَيْعَ جِذْلِ نَخْلَةٍ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ؛ وَلَمْ يَرَوْا قَطْعَهُ غَرَرًا، وَلَا عَمَلًا مُشْتَرَطًا يُفْسِدُ الْبَيْعَ؟ وَهَلْ يَشُكُّ ذُو مُسْكَةٍ مِنْ عَقْلٍ فِي أَنَّ إدْخَالَ الْجِلْمِ إلَى حَاشِيَةٍ مَحْدُودَةٍ مِنْ ثَوْبٍ وَقَطْعَهُ، وَقَلْعَ حِلْيَةٍ عَلَى غِمْدِ سَيْفٍ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَى غُلَامٍ مُرَاهِقٍ: أَسْهَلُ وَأَخَفُّ مِنْ دَرْسِ أَلْفِ كُرٍّ وَتَصْفِيَتِهَا وَمِنْ سَلْخِ نَاقَةٍ؟ وَلَكِنَّ هَذَا مِقْدَارُ نَظَرِهِمْ وَفِقْهِهِمْ)
أقول : وهذا عجب من العجب ! ما علاقة سهولة العمل وصعوبته بالغرر؟!!
ولا يواجد تشابه بوجه بين ما أباحوه وما منعوه سوى أنه في وقت العقد غائب عن النظر ، وكيف يستويان
الصوف على الظهر لا يعطي تمام العلم به بدليل حديث ابن عباس الموقوف عليه ، فإن قلنا هو حجة فلا إشكال ، وإن قلنا : ليس بحجة ، فيكفي تنصيصه أنه غرر للمنع ، فلو كان مثل ابن عباس لا يتميز له الصوف بمجرد رؤيته على ظهر الشاة تميزاً يمنع الغرر ، فقد ثبتت الدعوى.
ويدل عليه أيضاً حديث فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: اشْتَرَيْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ قِلَادَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا، فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ، فَفَصَّلْتُهَا، فَوَجَدْتُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «لَا تُبَاعُ حَتَّى تُفَصَّلَ»
ووجه الدلالة أن فضالة لم يتميز له مقدار الذهب في القلادة بمجرد الرؤيا ، كما لم يكتفِ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجرد الرؤيا حتى أمر بالفصل، مع أن رؤية الذهب على السيف أدل على الصفة والقدر من الصوف على الظهر.
وفي الحديث رد على ابن حزم رحمه الله تكذيبه بوجود الغرر.
والله أعلم
 
التعديل الأخير:

هديل

:: متابع ::
إنضم
11 سبتمبر 2013
المشاركات
13
التخصص
فقه وتشريق
المدينة
ــــــــــ
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: خواطر مع ابن حزم في (البيوع)

بارك الله فيك
 
أعلى