العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
السلام عليكم ورحمة الله
قد تأثرت فيما مضى بالإمام ابن حزم رحمه الله وأغرمت به غراماً لا يوصف ، وأثر ذلك علي بل وعلى غيري ممن صحبني حتى جررتهم إلى القول برفض القياس والقول بالظاهر واحتد بذلك طبعي فلا أكاد أكتب بهدوء إلا بعد معالجة لنفسي شديدة.
وكانت تعلق في ذهني مسائل لابن حزم لا أراها تجري على أصوله أو ليس لها دليل أصلاً وكنت أعلقها على نسختي من (المحلى) في الحواشي ، ولا زالت تتكاثر علي وأضيق بها إلى أن تركت القول بالظاهر ومالت نفسي إلى مذهب الشافعي لأسباب كثيرة، وقد بدا لي الآن أن أنقح هذه المسائل وأشارككم فيها تحت مسمى خواطر ، وقد كنت عزمت على نشرها في ملتقى أهل الظاهر لتعلقها بفقه ابن حزم خاصة ، ولكن لمناسبة الشهر اخترت البدء بمسائل الصيام ونشرها في ملتقى فقه الصيام ، ولم أقدم لها مقدمة بل أعرضها كيفما اتفق فأقول :
خاطرة (1): قال ابن حزم رحمه الله 6/163-164 : وَمَا نَعْرِفُ لِمَالِكٍ حُجَّةً أَصْلًا؛ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: رَمَضَانُ كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ مُكَابَرَةٌ بِالْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ لَا يَحُولُ بَيْنَ أَعْمَالِهَا - بِعَمْدٍ - مَا لَيْسَ مِنْهَا أَصْلًا، وَصِيَامُ رَمَضَانَ يَحُولُ بَيْنَ كُلِّ يَوْمَيْنِ مِنْهُ لَيْلٌ يَبْطُلُ فِيهِ الصَّوْمُ جُمْلَةً وَيَحِلُّ فِيهِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْجِمَاعُ، فَكُلُّ يَوْمٍ لَهُ حُكْمٌ غَيْرُ حُكْمِ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ وَالْيَوْمِ الَّذِي بَعْدَهُ؛ وَقَدْ يَمْرَضُ فِيهِ أَوْ يُسَافِرُ، أَوْ تَحِيضُ، فَيَبْطُلُ الصَّوْمُ، وَكَانَ بِالْأَمْسِ صَائِمًا، وَيَكُونُ غَدًا صَائِمًا، وَإِنَّمَا شَهْرُ رَمَضَانَ كَصَلَوَاتِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، يَحُولُ بَيْنَ كُلِّ صَلَاتَيْنِ مَا لَيْسَ صَلَاةً، فَلَا بُدَّ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْ نِيَّةٍ، فَكَذَلِكَ لَا بُدَّ لِكُلِّ يَوْمٍ فِي صَوْمِهِ مِنْ نِيَّةٍ. وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ أَبْطَلَ هَذَا الْقِيَاسَ، فَرَأَوْا مَنْ أَفْطَرَ عَامِدًا فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَهُ وَأَنَّ سَائِرَ صِيَامِهِ كَسَائِرِ أَيَّامِ الشَّهْرِ صَحِيحٌ، فَقَدْ أَقَرُّوا بِأَنَّ حُكْمَ الشَّهْرِ كَصَلَاةِ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَوْمٍ وَاحِدٍ.
أقول : لا أخالف هنا ابن حزم رحمه الله في وجوب تبييت الصيام من الليل لكل يوم من أيام رمضان ، لكن في أدلته على إبطال قول مالك رحمه الله.

فقوله : وَمَا نَعْرِفُ لِمَالِكٍ حُجَّةً أَصْلًا؛ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: رَمَضَانُ كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ مُكَابَرَةٌ بِالْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ لَا يَحُولُ بَيْنَ أَعْمَالِهَا - بِعَمْدٍ - مَا لَيْسَ مِنْهَا أَصْلًا...
أقول : لم ينقض عليهم رحمه الله بشيء ، بيانه أن مالكاً يقول كما نقل عنه ابن حزم أولاً ص 161: (وَأَمَّا فِي رَمَضَانَ فَتُجْزِئُهُ نِيَّتُهُ لِصَوْمِهِ كُلِّهِ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ، ثُمَّ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُجَدِّدَ نِيَّةَ كُلِّ لَيْلَةٍ، إلَّا أَنْ يَمْرَضَ فَيُفْطِرَ، أَوْ يُسَافِرَ فَيُفْطِرَ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ نِيَّةٍ - حِينَئِذٍ – مُجَدَّدَةٍ ) واعتذر المالكية بأن رمضان كالصلاة الواحدة ، فما الذي في كلام ابن حزم ينقض به دعواهم حتى يصفها بالمكابرة بالباطل ؟
إن قيل : قد بيَّن أنه يفصل بين كل صوم وصوم بما يبطل الصوم ، قلنا إن صيام رمضان يكون بإمساك النهار وفطر الليل فمن نوى أن يصوم رمضان فقد نوى أن يمسك النهار ويفطر الليل ، فليس في هذا الفطر خروج عن النية الحاصلة في أوله ، فلم يبطل شيئاً نواه ، وزيادة للبيان نقول : لو نوى رجل أن يصلي الظهر أربعاً فإن النية شملت جميع أفعال الصلاة ، فلا يحتاج إلى نية مفردة للقيام لأن الركوع يبطله ولا نية مفردة للركوع لأن الرفع يبطله وهكذا باقي الأركان ، فلما كان مجموع هذه الأفعال هو صلاة الظهر كان نية صلاة الظهر كافٍ في تحصيل الفرض ، وهكذا صيام رمضان لما كان مجموع إمساك أيامه وفطر لياليه هو صيام رمضان كانت نية صيام رمضان كافية في تحصيل الفرض .
وقوله : (وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ أَبْطَلَ هَذَا الْقِيَاسَ، فَرَأَوْا مَنْ أَفْطَرَ عَامِدًا فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَهُ وَأَنَّ سَائِرَ صِيَامِهِ كَسَائِرِ أَيَّامِ الشَّهْرِ صَحِيحٌ، فَقَدْ أَقَرُّوا بِأَنَّ حُكْمَ الشَّهْرِ كَصَلَاةِ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَوْمٍ وَاحِدٍ) فهذا أيضاً لا ينقض عليهم شيئاً بل ليس فيه مخالفة للقياس ، ولنعد إلى صلاة الظهر فنقول : أرأيت لو نسي رجلٌ ركعة من الركعات ، أليس لا يجب عليه سوى استدراك تلك الركعة خاصة وباقي الركعات على حالها من الصحة والإجزاء مع أن الصلاة فرض واحد ، فهكذا الصيام. والله أعلم.
ولو أنه اقتصر في رده عليهم على حديث حفصة وغيرها وعلى فعل الصحابة الذين لا يعلم لهم مخالف ، وعلى أن دعوى أن رمضان رمضان كالصلاة الواحدة لا برهان عليها ، لكفاه .

خاطرة (2) قال ابن حزم رحمه الله 6/164 المسألة 729 : وَمَنْ نَسِيَ أَنْ يَنْوِيَ مِنْ اللَّيْلِ فِي رَمَضَانَ فَأَيُّ وَقْتٍ ذَكَرَ مِنْ النَّهَارِ التَّالِي لِتِلْكَ اللَّيْلَةِ - سَوَاءٌ أَكَلَ وَشَرِبَ وَوَطِئَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ - فَإِنَّهُ يَنْوِي الصَّوْمَ مِنْ وَقْتِهِ إذَا ذَكَرَ، وَيُمْسِكُ عَمَّا يُمْسِكُ عَنْهُ الصَّائِمُ، وَيُجْزِئُهُ صَوْمُهُ ذَلِكَ تَامًّا، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ مِنْ النَّهَارِ، إلَّا مِقْدَارُ النِّيَّةِ فَقَطْ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَذَلِكَ فَلَا صَوْمَ لَهُ، وَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى مُتَعَمِّدٌ لِإِبْطَالِ صَوْمِهِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْقَضَاءِ
أقول : في هذ المسألة لم يجرِ فيها ابن حزم على شيء من أصوله ، فسوى بين من جهل بكون اليوم من رمضان ومن علم لكن نسي أن ينوي ، وبين صوم عاشوراء وبين صيام رمضان ، وعلى فرض صحة التسوية فعلى أصول غيره لا أصوله .
أما قوله ص165: (بُرْهَانُ قَوْلِنَا -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] وَكَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» . وَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا نَاسٍ، أَوْ مُخْطِئٌ غَيْرُ عَامِدٍ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ)
أقول : لا دلالة فيما ذكره هنا على سابق دعواه ، إذ لا خلاف بيننا في كون الجناح عمن أخطأ أو نسي أو استكره مرفوع ، لكن الخلاف في كون صوم ناسي النية حتى لم يذكرها إلا في اليوم التالي مجزئ ، فإن رفع الجناح لا يصحح العبادة .
أما احتجاجه بأحاديث صيام عاشوراء فيحتاج ليستقيم استدلاله بها إلى :
أولاً : إثبات أنه كان فرض ، وورود الأمر به لا يكفيه لأن المستحب مأمور به ، وقد صح عنه ☺ أنه قال : (هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ وَأَنَا صَائِمٌ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ) فهذا نص في أن صيام عاشوراء لم يفرض وهو صارف للأوامر الواردة في صيامه إلى الاستحباب.
فإن قيل : يحتمل أنه أراد ليس مكتوباً عليكم صيامه الآن ، أو أنه أراد لم يكتب عليكم صيامه إلى الأبد.
فالجواب : من وجوه : الأول : أن الأصل في لم أنها لنفي الماضي كما قاله ابن خزيمة ، والثاني : أن النفي عام . الثالث : أن الاحتمال لا يكفي في دفع الاستدلال به ، بدليل أنه لو كان محتملاً لهذين المعنيين كام محتملاً لخلافهما أيضاً كعموم النفي السابق وأن الأوامر كانت للاستحبابة فإن كان محتملاً سقط الاستدلال بالأوامر السابقة على قواعد ابن حزم لأنه لا يجيز العمل إلا باليقين. الرابع : أن هذين الاحتمالين جاريان على القول بالنسخ ، أي أن فرض صيام عاشوراء كان فرضاً ثم نسخ ، والأصل عدم النسخ ، والجمع أولى ، فحمل الأوامر على الاستحباب أولى منه.
ثانياً : يحتاج إلى إثبات أن فرض صيام عاشوراء كفرض صيام رمضان في الأركان والوجبات ، بيانه أن صيام رمضان مر بمراحل فكان مثلاً إذا نام الرجل في الليل ثم سهر لم يأكل ولم يشرب ، ثم نسخ هذا فجازت جميع المفطرات المباحة من غروب الشمس حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، وعاشوراء لا يخلو من ثلاثة أمور إما أن يكون موافقاً للحكم المنسوخ أو الناسخ أو لا هذا ولا ذاك ، وأيٌّ كان ما ترجح عندك فقد خالف رمضان في الأخرى ، فمن أين لك أنه لم يكن يخالف في أحكام النية ؟
أما قول ابن حزم هنا : ( إن حكم ما كان فرضاً حكم واحد ) ص166 دعوى لا دليل عليها ، بل الأمر بخلافه كما بينا بهذا المثال .
ثالثاً : أنه قد روي حديث عاشوراء بلفظ : (فأتموا يومكم هذا واقضوا) وقد رواه ابن حزم من طريق عبد الباقي بن قانع عن أحمد بن علي بن مسلم عن محمد بن المنهال بإسناده .
ورواه أبو داود عن محمد بن المنهال بإسناده.
وفيه أن صيام ذلك اليوم لا يجزئ ويجب يوماً مكانه.
فإن قيل : قد أعله ابن حزم بابن قانع وأحمد بن علي بن مسلم .
فالجواب : أن الجمهور على توثيق ابن قانع ، وأما أحمد بن علي بن مسلم فهو الأبار الحافظ الثقة ، وهو فوق ابن حزم في الحديث فلا يضره جهل ابن حزم به. ثم أن أبا داود تابعه عن المنهال ، فسقط التعلل بابن قانع والأبار.
وإن قيل : فإنه قد رواه غير واحد عن يزيد بن زريع وقتادة لم يذكرا زيادة (واقضوا).
قلنا : نعم وهو لعمري علة قادحة في صحتها ، لكن هذا إنما يجري على قواعد غير ابن حزم ، أما هو فزيادة الثقة عنده مقبولة مطلقاً ، وقد روى حديث حفصة أن رسول الله ☺ قال : (من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له) من طريق ابن جريج عن ابن شهاب ، ولم يبالي بمخالفة أوثق أصحاب الزهري لابن جريج وهم مالك وسفيان وعبيدالله ومعمر ويونس كلهم رواه عن الزهري موقوفاً فلم يعتد بذلك شيئاً.
فالحديث حجة عليه كفيما كان.
رابعاً : على فرض أن فرض عاشوراء كفرض رمضان في الأداء وأن لفظة (واقضوا) لا تصح على أصول ابن حزم، فمن أين له أن رمضان وعاشوراء سواء في القضاء ، ولِمَ لا يجوز أن يكون رمضان واجب القضاء دون عاشوراء؟ فإن القضاء في رمضان ثابت بالكتاب والسنة ، ولم يرد أن عاشوراء يُقْضَى سواء أفطره المريض والمسافر أو الصحيح المتعمد ، فلا يقاس أحدهما بالآخر.
خامساً : على فرض أنهما سواء في كل شيء حتى يجوز أن يقاس أحدهما على الآخر ، فليس بحجة لابن حزم لعدم قوله بالقياس أصلاً .
سادساً : وعلى فرض أن القياس في هذه المسألة جائز عنده مستقيم على أصوله، لكانت معارضته لحديث حفصة رضي الله عنها مبطلةً له لما هو معلوم من أنه لا قياس في مورد النص ، وليس هو من القائلين بتخصيص العام بالقياس ، كيف وهو لا يقول بالقياس أصلاً.
ولم يقل بما ذكره ابن حزم أحد من السلف أما عمر بن عبدالعزيز فليس في كلامه أن ذلك اليوم مجزئ ، أما عطاء فكلامه فيمن لم يعلم بأن الهلال قد رؤي لا فيمن علم لكن نسي أن ينوي ، أما علي بن أبي طالب فليس في كلامه صيام رمضان أصلاً ولا فيه أن صيام ذلك اليوم مجزئ.
وتعلل أيضاً في التسوية بين الناسي والنائم والجاهل بأن الجميع لم يعلم وجوب الصوم عليه ، وفيه نظر من جهة أن النص ـ على فرض دلالته وقد بينا عدمها ـ دل على أن من لم يكن صام فليتم صومه ، من دون تعليق للحكم على العلم بفرض الصوم أو الجهل به ، فهذا التعليل منه ليس من نص كتاب ولا سنة بل اجتهاد منه ، وهو مصرح بأن مثل هذا باطل.
خاطرة (3) قال رحمه الله 6/170 المسألة 730 : قال رحمه الله : وَلَا يُجْزِئُ صَوْمُ التَّطَوُّعِ إلَّا بِنِيَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ، وَلَا صَوْمُ قَضَاءِ رَمَضَانَ، أَوْ الْكَفَّارَاتِ إلَّا كَذَلِكَ، لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِأَنْ لَا صَوْمَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْهُ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَلَمْ يَخُصَّ النَّصُّ مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا كَانَ فَرْضًا مُتَعَيِّنًا فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ، وَبَقِيَ سَائِرُ ذَلِكَ عَلَى النَّصِّ الْعَامِّ.
وذكر حديث أم المؤمنين عَائِشَةَ ▲ : «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ وَقَالَ مَرَّةً: مِنْ غَدَاءٍ؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: فَإِنِّي إذَنْ صَائِمٌ» . وَقَالَ لَهَا مَرَّةً أُخْرَى: «هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، قَالَ أَمَا إنِّي أَصْبَحْتُ أُرِيدُ الصَّوْمَ فَأَكَلَ»
ثم تعلل في رده بقوله ص 172-173: ( لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَكُنْ نَوَى الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ، وَلَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَصْبَحَ مُفْطِرًا ثُمَّ نَوَى الصَّوْمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ لَقُلْنَا بِهِ، لَكِنْ فِيهِ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، كَانَ يُصْبِحُ مُتَطَوِّعًا صَائِمًا ثُمَّ يُفْطِرُ، وَهَذَا مُبَاحٌ عِنْدَنَا لَا نَكْرَهُهُ، كَمَا فِي الْخَبَرِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي الْخَبَرِ مَا ذَكَرْنَا، وَكَانَ قَدْ صَحَّ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْهُ مِنْ اللَّيْلِ» لَمْ يَجُزْ أَنْ نَتْرُكَ هَذَا الْيَقِينَ لِظَنٍّ كَاذِبٍ)
ويرد عليه أن قوله صلى الله عليه وسلم «فَإِنِّي إذَنْ صَائِمٌ» جواب لقول عائشة رضي الله عنها «لَا» أي ليس عندنا شيء أو غذاء ، فالتقدير «فَإِنِّي إذ ليس عندنا شي صَائِمٌ» فإنه دليل على إنشاء الصيام حيث لم يجد الطعام .
وأيضاً لا دليل على أنه نوى قبلها الصيام ، وعلى فرض قيام الدليل عليه ، فنيته الفطر إذا وجد الطعام قد أبطلها كما قاله ابن حزم في المسألة 732 وعبارته (ومن نوى وهو صائم إبطال صومه بطل)، فلو صام بعد ذلك فهي نية جديدة غير الأولى ، وهو كافٍ في الدلالة على قول الجمهور.
وما رواه عن الصحابة دالٌّ على أن قول النبي ☺ دالٌّ على ما ذكرنا بلفظه ، إذ هو إنما خاطبهم بلغتهم ، ومحال أن يفهموا من كلامه ☺ غير ما تدل عليه لغتهم.
هذا والله أعلم
 

انبثاق

:: مخضرم ::
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,228
التخصص
الدراسات الإسلامية..
المدينة
بريدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

جميل ..
شكرا لكم
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في المفطرات

رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في المفطرات

قال رحمه الله : ( وَأَمَّا مَنْ نَسِيَ أَنَّهُ صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ، أَوْ فِي صَوْمِ فَرْضٍ، أَوْ تَطَوُّعٍ: فَأَكَلَ، وَشَرِبَ، وَوَطِئَ، وَعَصَى؛ وَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَيْلٌ فَفَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا بِهِ قَدْ أَصْبَحَ؛ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ غَابَتْ الشَّمْسُ فَفَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا بِهَا لَمْ تَغْرُبْ -: فَإِنَّ صَوْمَ كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا تَامٌّ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» . حَدَّثَنَا بِذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ الْعُذْرِيُّ قَالَ ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيِّ قَالَ ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الشِّيرَازِيُّ أَخَبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحَسَنِ الرَّيَّانِ الْمَخْزُومِيِّ وَرَّاقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ قُتَيْبَةَ ثنا الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنِ الْمَرَادِيِّ ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» )
أقول : لا خلاف معه هنا في كون كل ذلك لا يفطر إنشاء الله ، ولكن ليس من أجل ما ذكر من نصوص هنا ، إذا غايتها إفادة رفع الإثم لا عدم الفطر ، وعدم الفطر مستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم :«إذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَأَكَلَ، أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ؛ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» ، فكان عليه الاقتصار عليه
وقال رحمه الله ص221-222 : ( وَقَالَ مَالِكٌ: الْقَضَاءُ وَاجِبٌ عَلَى النَّاسِي؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً أَصْلًا، إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: الْأَكْلُ، وَالْجِمَاعُ، وَالشُّرْبُ يُنَافِي الصَّوْمَ؟ فَقِيلَ لَهُمْ: وَعَلَى هَذَا فَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ يُنَافِي الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: إنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ إذَا كَانَ بِنِسْيَانٍ فَظَهَرَ تَنَاقُضُهُمْ )
أقول : كأنه رحمه الله لم يستبن له وجه التنافي ، ذلك أن معنى الصيام الإمساك والصيام عن الأكل والشرب هو الإمساك عنهما ، فمن أكل أو شرب ناسياً لم يمسك ، فلا شك في صواب قول المالكية بالمنافاة.
أما الأكل والشرب في الصلاة فلا تنافي الصلاة أصلاً عمداً كانت أو سهواً إذ ليس داخلاً في الماهية ولا منافياً لها، غير أنه بالعمد مؤاخذ بشغل الصلاة بما ليس منها ، وفي السهو غير مؤاخذ ، بذا جاءت النصوص ، فالنصوص لا تقلب الحقائق بل تفيدها أحكاماً.
وقوله رحمه الله : ( فَكَيْفَ وَقَوْلُهُمْ هَذَا خَطَأٌ؟ وَإِنَّمَا الصَّوَابُ أَنَّ تَعَمُّدَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ وَالْقَيْءِ يُنَافِي الصَّوْمَ لَا الْأَكْلُ كَيْفَ كَانَ، وَلَا الشُّرْبُ كَيْفَ كَانَ، وَلَا الْجِمَاعُ كَيْفَ كَانَ، وَلَا الْقَيْءُ كَيْفَ كَانَ، فَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ، وَاَلَّذِي جَاءَتْ بِهِ النُّصُوصُ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ )أقول : يريد بالخطأ قول المالكية بأن الأكل والشرب ينافي الصيام ، وهذا ليس بخطأ كما قدمناه ، فالصيام الإمساك عن الطعام والطعام ينافيه ولو نسياناً ، إذ لا يقول عاقل قط أن الناسي أثناء أكله وشربه : إن هذا الذي يأكل ويشرب ممسك عن الأكل والشرب ، وإذا لم يكن ممسكاً فليس بصائم إذ الصيام الإمساك ، وإنما دل الحديث المتقدم على قبول صيام من هذا حاله وإلغاء أكله وشربه نسياناً تفضلاً من الله جل وعلا ، ولا يفيد أن الناسي لم يفعل المنافي ، ومخالفة هذا بعد تمام التصور مكابرة ، ولذا لم يخالف من صحح الصيام في كون الأكل والشرب ينافي الصيام فقال الحنفية مثلاً : "وإذا أكل الصائم أو شرب أو جامع نهارا ناسيا لم يفطر، والقياس أن يفطر، وهو قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - لوجود ما يضاد الصوم" (الهداية شرح البداية) المطبوع مع (نصب الراية) ط دار الكتب العلمية 2/467 فمع تسليمهم عدم الفطر به نسياناً لم يخالفوا في كونه منافياً.
فقوله بعد ذلك : ( وأما دعواهم فباطل ، عارية من الدليل ...) لا معنى له.
وقوله رحمه الله ص 222 -223 : (وَمَنْ أَكَلَ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ لَيْلٌ أَوْ جَامَعَ كَذَلِكَ أَوْ شَرِبَ كَذَلِكَ فَإِذَا بِهِ نَهَارٌ إمَّا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَإِمَّا بِأَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَغْرُبْ -: كِلَاهُمَا لَمْ يَتَعَمَّدْ إبْطَالَ صَوْمِهِ، وَكِلَاهُمَا ظَنَّ أَنَّهُ فِي غَيْرِ صِيَامٍ، وَالنَّاسِي ظَنَّ أَنَّهُ فِي غَيْرِ صِيَامٍ وَلَا فَرْقَ، فَهُمَا وَالنَّاسِي سَوَاءٌ وَلَا فَرْقَ وَلَيْسَ هَذَا قِيَاسًا - وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ - وَإِنَّمَا يَكُونُ قِيَاسًا لَوْ جَعَلْنَا النَّاسِيَ أَصْلًا ثُمَّ شَبَّهْنَا بِهِ مَنْ أَكَلَ وَشَرِبَ وَجَامَعَ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ فِي لَيْلٍ فَإِذَا بِهِ فِي نَهَارٍ، وَلَمْ نَفْعَلْ هَذَا بَلْ كُلُّهُمْ سَوَاءٌ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»)
أقول : قوله (وَلَيْسَ هَذَا قِيَاسًا) خطأ بل هو قياس لا محالة حيث سوى بين الناسي ومن ظن أنه ليل فبان نهاراً مستنداً على عدم الفارق ، حيث قال : (وَكِلَاهُمَا ظَنَّ أَنَّهُ فِي غَيْرِ صِيَامٍ، وَالنَّاسِي ظَنَّ أَنَّهُ فِي غَيْرِ صِيَامٍ وَلَا فَرْقَ )
غايته أنه رفض أن يسميه قياساً ، أما دعواه أنه لم يجعل الناسي أصلاً ، فصنيعه على خلافه ، وإلا لم يكن لذكر الناسي معنى أصلاً .
أما استدلاله بالآية ، فليس فيها سوى رفع الجناح لا صحة الصيام وسقوط القضاء ، فهذا أمر زائد لم تدل عليه الآية ، أليس من نسي صلاة من الصلاة أو نام عنها ثم ذكرها خارج وقتها فلا جناح عليه ويجب عليه القضاء؟ أليس هو داخل في حديث «إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» ثم لا يغنيه ذلك عن قضاء الفرض .فلم يبقَ له سوى تسوية من ظن أنه ليل بالناسي.
وقوله ص223 : (مَعَ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ عُمَرَ أَوْلَى لِأَنَّ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ لَهُ صُحْبَةٌ، وَإِنَّمَا رُوِيَ عَنْهُ الْقَضَاءُ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ حَنْظَلَةَ عَنْ أَبِيهِ )
أقول : كلا بل رواية حنظلة أولى فقد كان له مزيد اختصاص بعمر ولأنه صرح بشهوده القصة ، ولأنه قد رواه غير واحد عنه مسنداً ومرسلاً من غير طريق حنظلة فروي عن بشر بن قيس عنه وفيه «لَا وَاللَّهِ مَا نُبَالِي نَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ» وفي إسناده راوٍ مبهم ورواه أبو يوسف في (الآثار) عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن عمر ، فهو على ما فيه شاهد حسن لرواية حنظلة وبشر بن قيس.
أما حديث زيد بن وهب فلم يصرح فيه بشهوده القصة واختلف فيه عليه ، فروي عنه بنفي القضاء وروي عنه وليس فيه ذكر للقضاء ولا نفيه ، وكان يعقوب بن سفيان يحمل على زيد لمخالفة روايته لرواية من تقدم ذكرهم كما نقله عنه البيهقي.تنبيه : رد ابن القيم رحمه الله كلام البيهقي في ترجيحه لرواية حنظلة بدعوى تفرده عنه بذكر القضاء ، والصواب مع البيهقي لما قدمناه.
وقال رحمه الله ص 225 : ( وَهُوَ قَوْلٌ ظَاهِرُ الْفَسَادِ، وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا رِوَايَةٍ فَاسِدَةٍ وَلَا قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلَا قِيَاسٍ، إلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ قَاسَ ذَلِكَ عَلَى الْمُكْرَهِ عَلَى الْحَدَثِ أَنَّهُ تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا قِيَاسٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ - لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا - فَكَيْفَ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ؟ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ تُنْتَقَضُ مِنْ الْأَحْدَاثِ بِقِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا بِنَقْضِهَا كَيْفَ مَا كَانَ، بِنِسْيَانٍ أَوْ عَمْدٍ أَوْ إكْرَاهٍ: وَالْآخَرُ لَا يَنْقُضُهَا إلَّا بِالْعَمْدِ عَلَى حَسَبِ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ - الرِّيحَ، وَالْبَوْلَ، وَالْغَائِطَ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ -: أَنْ يَقِيسُوا النَّاسِيَ فِي الصَّوْمِ عَلَى النَّاسِي فِي الطَّهَارَةِ، وَالْمَغْلُوبَ بِالْقَيْءِ عَلَى الْمَغْلُوبِ بِالْحَدَثِ، وَكُلُّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهَذَا أَصْلًا، فَبَطَلَ قِيَاسُهُمْ الْفَاسِدُ وَكَانَ أَدْخَلَ فِي الْقِيَاسِ لَوْ قَاسُوا الْمُكْرَهَ، وَالْمَغْلُوبَ فِي الصَّوْمِ عَلَى الْمُكْرَهِ، وَالْمَغْلُوبِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى تَرْكِ الْقِيَامِ، أَوْ تَرْكِ السُّجُودِ، أَوْ الرُّكُوعِ، فَهَؤُلَاءِ صَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ بِإِجْمَاعٍ مِنْهُمْ؛ فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ صَوْمُ الْمُكْرَهِ وَالْمَغْلُوبِ وَلَا فَرْقَ؛ وَلَكِنَّهُمْ لَا يُحْسِنُونَ الْقِيَاسَ وَلَا يَتَّبِعُونَ النُّصُوصَ وَلَا يَطْرُدُونَ أُصُولَهُمْ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ )
أقول : ليس في كلامه رحمه الله إلزام قاطع ، إذ يمكن لخصمه أن يقول : سلمت وجوب قياس الناسي في الصوم على الناسي في الطهارة ، لكن النص جاء هنا على خلاف القياس فتركناه ، أما قياس من غلبه القي على من غلبه الحدث ، فيمكن أن يجاب عنه بهذا الجواب ويمكن أن يجاب عنه بأنه مقيس على المستحاضة ، فإنه أشبه الأحداث بمن غلبه القيء .
أما المغلوب أو المكره على ترك بعض أركان الصلاة ، فإن أراد صلاة الخوف والمريض فهي رخص جاء به النص ، أما الرخصة التي جاء بها النص في الصيام فهي {عدة من أيام أخر} .
فسقط عامة ما ذكر.
والله أعلم.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا مانع من نقل الموضوع إلى منتدى آخر لمن أحب ، لكن أرجو ـ كما ذكرت الأستاذة الفاضلة ـ الإحالة أو ذكر رابط الموقع ، فقد رأيت الموضوع في أكثر من منتدى دون أية إشارة أو إحالة إلى الموقع المنقول عنه ، الرجاء الإلتزام بذلك .
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في المفطرات

رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في المفطرات


وقوله رحمه الله ص 203 : (
َلَا كُحْلٌ - أَوْ إنْ بَلَغَ إلَى الْحَلْقِ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا - بِعَقَاقِيرَ أَوْ بِغَيْرِهَا )ثم قوله شرحاً لذلك ولما سبق ص 214 : ( وَأَمَّا الْحُقْنَةُ، وَالتَّقْطِيرُ فِي الْإِحْلِيلِ، وَالتَّقْطِيرُ فِي الْأُذُنِ، وَالسَّعُوطُ، وَالْكُحْلُ، وَمُدَاوَاةُ الْجَائِفَةِ، وَالْمَأْمُومَةُ -: فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إنَّ مَا وَصَلَ إلَى الْجَوْفِ وَإِلَى بَاطِنِ الرَّأْسِ - لِأَنَّهُ جَوْفٌ - فَإِنَّهُ يَنْقُضُ الصَّوْمَ، قِيَاسًا عَلَى الْأَكْلِ؟ ثُمَّ تَنَاقَضُوا، فَلَمْ يَرَ الْحَنَفِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ فِي الْكُحْلِ قَضَاءً، وَإِنْ وَصَلَ إلَى حَلْقِهِ، وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ بِالْفَتَائِلِ تُسْتَدْخَلُ لِدَوَاءٍ بَأْسًا لِلصَّائِمِ، وَلَمْ يَرَ الْكُحْلَ يُفْطِرُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَقَاقِيرُ؟ )
أقول : قد فرقوا بين الداخل من طريق الفم الأذن والأنف والدبر والإحليل بأنها منافذ ، وليس كذلك العين ، فلا تناقض ، غايته أن يقال : هذا تعليل بغير دليل ، أو هو تعليل باطل ، ونحو ذلك أما التناقض فلا يكون مع وجود الفارق ، بل لا بد من إبطاله أولاً .
وقد تقدم معك أن حديث (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما) دال على أن دخول الغذاء من غير طريق الفم مفطر ، وأن العبرة هو بحصوله في الجوف ، لكن اختلفوا في الجوف نفسه فاعتبر بعضهم أن تكون فيه قوة تحيل الغذاء والدواء ، وبعضهم اكتفى بكونه يسمى باطناً.
وكيف يكون ممسكاً من استغنى عن الشراب مثلاً بحقنه من أسفل ، وقد عُلِمَ اليوم أن القولون يمتص السوائل من الأغذية الحاصلة فيه ، والشعور بالعطش إنما يكون بوصول الدم الذي يقل فيه الماء إلى الدماغ ثم يرسل الدماغ إشاراته إلى الجسم ليشعر بالعطش، فكيف تشعر به ما دمت تعوض ذلك الماء بالحقن .
والنص قد جاء بأن ما دخل عبر منفذ مفتوح إلى الجوف فهو مفطر بدليل حديث الاستنشاق.أما ابن حزم رحمه الله فبنى هنا على أصله حتى لو أمكن إيصال الكبسة مثلاً وأنواع العصائر إلى المعدة من غير أكل وشرب ، حتى تحس بالتخمة واستمررت على ذلك إلى وقت الإفطار فإن صيامك صحيح.
فقد قال ص 14: (
وَمَا نُهِينَا قَطُّ عَنْ أَنَّ نُوَصِّلُ إلَى الْجَوْفِ - بِغَيْرِ الْأَكْلِ، وَالشُّرْبِ - مَا لَمْ يُحَرَّمْ عَلَيْنَا إيصَالُهُ)
ويلزمه أن من أدخل في أنفه أنبوباً ـ فيدينج تيوب ـ إلى معدتة يوصل من خلاله السوائل إلى معدته غير مفطر ، وهذه الأنابيب متوفرة في الصيدليات رخيصة السعر.ثم أخذ يتعجب من عدم طرد القياس في الاحتقان بالخمر أو صبها في الأذن على من شربها ، وفيه نظر ، من جهة أن حديث الاستنشاق دال على أن الفطر حاصل بوصول الغذاء في الجوف من غير نظر إلى مدخله ، ولم يأتِ في إثبات حد شرب الخمر نص مثله .
وكذا زعم التناقض بالكحل وأنه أشد إيصالاً إلى الحلق ومجرى الطعام من القطور في الأذن ، وهذا صحيح إجمالاً ، وهو ذو معرفة بالطب ، لكن الفرق من وجهين :
الأول : أن العين ليست بمنفذ ولا هي في قوة الأنف فلم تلحق بالأنف .
والثاني : أنه ليست في قوة الأذن في دخول الطعام إلى الدماغ ، فلم تلحق به.
وإنما جاءه الخطأ من حيث ألغى النظر إلى دخول الغذاء إلى الدماغ واكتفى بدخوله إلى الحلق.
والله أعلم.

شكر الله لكم على هذا الإمتاع، وجزاك خيراً
1- قلتم بارك الله فيكم: "
والنص قد جاء بأن ما دخل عبر منفذ مفتوح إلى الجوف فهو مفطر بدليل حديث الاستنشاق".. هذه الدعوى -أثابك الله- جاءت بما هو زائد على ما في النص؛ لا من جهة أن ذلك قياسٌ، بل لأن الحكم تمت تعديته إلى جميع المنافذ المفتوحة على طريقة الشافعية، وأنت عليمٌ بأن الجمهور لا يلتزمون هذا مع أخذهم بحديث لقيط -رضي الله عنه- واعتمادهم عليه في أقيستهم في الباب.

2- القول بفساد الصوم بالداخل إلى الدماغ محل نظر، وكذا اعتبار الداخل عبر الإحليل فيه نظر، وهو محل نزاع بين الفقهاء.. فهلا بينتم وجه ذلك واستدللتم له. والله يرعاكم
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في المفطرات

رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في المفطرات



فالفطر بالمني ونقض الوضوء بالإيلاج قد جاء به النص هو مخصص لهذا الخبر ، فلا مخالفة.

أليس الأجود أن يقال: إن باب أثر ابن مسعود هو الأكل والشرب، وأما الوطء فجنس آخر؟.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في المفطرات

رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في المفطرات



قال رحمه الله ص 216 بعد أن ذكر جملة مما قد يصل إلى الجوف وقال بعض أهل العلم أنها مفطر: (
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: الْفِطْرُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ؛ وَالْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ وَلَيْسَ مِمَّا دَخَلَ؟ وَكُلُّهُمْ قَدْ خَالَفَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ؛ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ الْفِطْرَ بِتَعَمُّدِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ، وَهُوَ خَارِجٌ لَا دَاخِلٌ، وَيُبْطِلُونَ الْوُضُوءَ بِالْإِيلَاجِ، وَهُوَ دَاخِلٌ لَا خَارِجٌ!)
أقوله : فيه نظر ، من جهة أن حديث ابن مسعود عام وجمهور مخالفيه يجيزون تخصيصه بالكتاب والسنة والإجماع والقياس ، فالفطر بالمني ونقض الوضوء بالإيلاج قد جاء به النص هو مخصص لهذا الخبر ، فلا مخالفة.
وقال رحمه الله : (
قَدْ قُلْنَا: إنَّ مَا لَيْسَ أَكْلًا، وَلَا شُرْبًا، وَلَا جِمَاعًا، وَلَا مَعْصِيَةً، فَلَا يُفْطِرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ، وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )
أقول : كرر رحمه الله هذا الكلام كما سيأتي ، وفيه أن من المفطرات عنده الحيض والنفاس والاستقاءة والسفر والمرض وليست بأكل وشرب ولا هي من المعاصي .
وقال رحمه الله ص 217-218 : (
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: " أَنَّهُ احْتَلَمَ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ ثُمَّ نَامَ فَلَمْ يَنْتَبِهْ حَتَّى أَصْبَحَ، قَالَ: فَلَقِيت أَبَا هُرَيْرَةَ فَاسْتَفْتَيْتُهُ؟ فَقَالَ: أَفْطِرْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمُرُ بِالْفِطْرِ إذَا أَصْبَحَ الرَّجُلُ جُنُبًا قَالَ: فَجِئْت إلَى أَبِي فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا أَفْتَانِي بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: أُقْسِمُ بِاَللَّهِ لَئِنْ أَفْطَرْتَ لَأُوجِعَنَّ مَتْنَكَ، صُمْ، فَإِنْ بَدَا لَكَ أَنْ تَصُومَ يَوْمًا آخَرَ فَافْعَلْ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو الْقَارِئَ قَالَ: «سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: لَا وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ، مَا أَنَا قُلْتُ: مَنْ أَدْرَكَهُ الصُّبْحُ وَهُوَ جُنُبٌ فَلَا يَصُمْ، مُحَمَّدٌ - وَرَبِّ الْكَعْبَةِ - قَالَهُ» .قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَدْ عَابَ مَنْ لَا دِينَ لَهُ وَلَا عِلْمَ لَهُ هَذَا الْخَبَرَ بِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ: إنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حَدَّثَهُ بِهِ، وَإِنَّ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ بِهِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ قُوَّةٌ زَائِدَةٌ لِلْخَبَرِ، أَنْ يَكُونَ أُسَامَةُ وَالْفَضْلُ رَوَيَاهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا نَدْرِي إلَى مَا أَشَارَ بِهِ هَذَا الْجَاهِلُ؟ وَمَا يَخْرُجُ مِنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ إلَّا نِسْبَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ لِلْكَذِبِ، وَالْمُعْتَرِضُ بِذَلِكَ أَحَقُّ بِالْكَذِبِ مِنْهُ؟)
أقول : أول من ترك الحديث لكونه إنما روي عن الفضل وزيد هو أبو هريرة نفسه ، فقد صح عنه أنه قال بعد أن سمع بخبر عائشة وأم سلمة عليهما الصلاة والسلام : ( هما أعلم ثم رد أبو هريرة ما كان يقول في ذلك إلى الفضل بن العباس فقال أبو هريرة سمعت ذلك من الفضل ولم أسمعه من النبي {صلى الله عليه وسلم} قال فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك ) أتراه اتهم نفسه بالكذب أم الفضل بن العباس؟ كلا ، ولكن الوهم والخطأ لا يسلم منه أحد ، ولم يكن أبو هريرة يقول بقول ابن حزم أن الحديث إن اتصل بخبر الثقة إلى رسول الله فإن الخطأ لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه ، وهي مسألة كنت علقتها على ابن حزم في الأصول لعله يكون لنا سلسلة إخرى إنشاء الله تتعلق بكتابه (الإحكام) فإنه السبب الرئيس في تركنا لما كنا عليه وهناك كانت الخواطر أشد تأثيراً علي.
وكيف كان فالخبر منسوخ ، لكن دعوى النسخ لا تصح على أصول ابن حزم رحمه الله كما سيأتي.
قوله رحمه الله ص 217-218 (
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مَا ذَكَرْنَا لَكَانَ الْوَاجِبُ الْقَوْلَ بِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ، لَكِنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ نَسْخِهِ؟ وَبُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} ... قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَصَحَّ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَاسِخَةٌ لِكُلِّ حَالٍ تَقَدَّمَتْ الصَّوْمَ، وَخَبَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ مُوَافِقٌ لِبَعْضِ الْأَحْوَالِ الْمَنْسُوخَةِ، وَإِذْ صَحَّ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَاسِخَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ فَحُكْمُهَا بَاقٍ لَا يَجُوزُ نَسْخُهُ وَفِيهَا إبَاحَةُ الْوَطْءِ إلَى تَبَيُّنِ الْفَجْرِ؛ فَإِذْ هُوَ مُبَاحٌ بِيَقِينٍ، فَلَا شَكَّ فِي أَنَّ الْغُسْلَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ الْفَجْرَ يُدْرِكُهُ وَهُوَ جُنُبٌ، فَبِهَذَا وَجَبَ تَرْكُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، لَا بِمَا سِوَاهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ )
أقول : أولاً الذي أباحه الله حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيض الأسود في الآية هو الأكل والشرب ، لا الجماع ومقدماته.
هذا الوجه ضعيف، فالآية الكريمة قد عُطِف فيها الأمر المبيح للأكل والشرب على الأمر المبيح للمباشرة: { فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ }.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في المفطرات

رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في المفطرات

1- قلتم بارك الله فيكم: "والنص قد جاء بأن ما دخل عبر منفذ مفتوح إلى الجوف فهو مفطر بدليل حديث الاستنشاق".. هذه الدعوى -أثابك الله- جاءت بما هو زائد على ما في النص؛ لا من جهة أن ذلك قياسٌ، بل لأن الحكم تمت تعديته إلى جميع المنافذ المفتوحة على طريقة الشافعية، وأنت عليمٌ بأن الجمهور لا يلتزمون هذا مع أخذهم بحديث لقيط -رضي الله عنه- واعتمادهم عليه في أقيستهم في الباب.2
شكر الله لك ، وأثابك على تفاعلك .
الجمهور على ما قاله الشافعية والتعدية جاءت على طريقتهم جميعاً ، وإنما اختلفوا في الجوف وبعض منافذه وقد أشرت إلى اختلافهم بل صرحت به حيث قلت ،
لكن اختلفوا في الجوف نفسه فاعتبر بعضهم أن تكون فيه قوة تحيل الغذاء والدواء ، وبعضهم اكتفى بكونه يسمى باطناً
وحديث لقيط ابن صبرة فيه أن من بالغ في الاستنشاق فدخل الماء جوفه فقط أفطر ، فإما أن يكون الفطر من أجل أنه بالغ في الاستنشاق أو من أجل أنه دخل جوفه ، ولا خلاف أنه لو بالغ في الاستنشاق فلم يدخل الماء جوفه لم يفطر ، فبقي أن الفطر كان من أجل أنه دخل جوفه . فإن كان دخوله الجوف مفطر مع أنه داخل من غير مدخل الطعام والشراب فقد دل على أن كون الداخل إلى الجوف إنما دخل من مدخل الطعام ليس معتبراً ، بل العبرة بدخوله ، وهذا ظاهر من غير حاجة إلى ترتيب قياس ، ومع ذلك فإن قلنا بضرورة ترتيبه فهو جارٍ على طريقة الأئمة الأربعة فكلهم قائل بفطر من وصل الطعام إلى جوفه باستعاط واحتقان ، واختلفوا في نحو الإحليل والمثانة ، ولا تعلق له بكلامي مع ابن حزم فأهملته ، إذ الكلام معه حول ما زعمه تناقضاً من القياس في التفريق بين الاستعاط والقطور وبين الاكتحال . وفي كلامي التسليم له بكون الفطر حاصل بالقياس لا من جهة النص ، لكن فيه أيضاً رد لزعمه التناقض.
إلا أنك نبهتني إلى أمر ، وهو هل دخول الاحتقان والسعوط والقطور داخل في دلالة النص أم لا ؟
كلامي سابقاً كان مبنيا على كونه غير داخل في دلالة النص ، بل بالقياس فقط ، والآن يظهر لي ـ والله أعلم ـ أن دخوله في دلالة النص ممكن جداً بجعل ذكر الاستنشاق لاغياً باعتبار أن ذكره إنما كان من أجل أنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم الصحابي كيفية الاستنشاق لا أن ذكر الاستنشاق خاصة شرط في حصول الفطر بدخول الماء إلى الجوف .
لكن احتياطاً اقتصر على دلالة القياس.
أما الدماغ فجوابي فيه على ابن حزم كان بناءً على قول من يقيسه على الاستنشاق وبيان أن لا تناقض فيه من جهة القياس ، فإن كان القول به باطلاً فلبطلان علته أو عدم دليلها لا من أجل التناقض بين قطور الأذن والكحل .
أما اعتقادي فيه فلا أجزم الساعة فيه بشيء ، وذلك لعدم علمي بتأثير الواصل إلى الدماغ على حال الصائم ، هل يمكن أن يؤثر على عطشه أو جوعه أم لا. فإن أثر فهو مثله ولا فرق بعد ذلك بين كون الداخل كثيراً يؤثر أو قليلاً لا يؤثر كالشأن في الأكل والشرب ، وإن كان لا يؤثر الداخل من طريق الأذن أبداً فأتوقف.
والله أعلم
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في المفطرات

رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في المفطرات

أليس الأجود أن يقال: إن باب أثر ابن مسعود هو الأكل والشرب، وأما الوطء فجنس آخر؟.
يمنعني من ذلك أمرين : الأول أن ابن حزم ظاهري يجمد رحمه الله على الألفاظ وليس في الأثر إلا ذكر الداخل الخارج من دون تعيين لماهية الداخل والخارج ، فلو قلت أنه من باب الأكل والشرب أما الوطئ فجنس آخر لكنتُ بحسب قواعده رحمه الله متخرصاً متكهناً مخالفاً للحديث من جهة.
الثاني : أنه ذكر المني والإيلاج ومناقضتهما للأثر فلم يسعني إهمالهما من غير بيان الفارق.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في المفطرات

رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في المفطرات

هذا الوجه ضعيف، فالآية الكريمة قد عُطِف فيها الأمر المبيح للأكل والشرب على الأمر المبيح للمباشرة: { فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ }.
في الحقيقة هذا الوجه إلزامي ، وجهه أن المباشرة في الآية مطلقة فهي تعم التقبيل وغيره ما لم يكن إيلاج ، وهذا يستمر جوازه بل استحبابه عند الظاهرية حتى بعد تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ، وعليه فالحد بتبين الخيط الأبيض من الأسود ليس من أجل المباشرة المذكورة في الآية لما ذكرناه ، بل للأكل والشرب .
وهذا لا يتأتى إلا على من يقول بالظاهر على طريقة ابن حزم ، ولي علم بجواب لهم لكنه لا يستقيم على أصولهم .
أما غير الظاهرية فإني لا أستدل عليهم بهذا الوجه الإعرابي ، لا لأنه وجه ضعيف كما ذكرتم بل لعدم علمي بقوته من ضعفه ، إذا العطف الذي ذكرتموه إما أن يجوز أن يشمل عطف الأكل والشرب مع الحد على المباشرة ويجوز أن لا يشمل الحد ويقصر على الأكل والشرب فقط فتكون المباشرة حداً للجميع ، ولا أستحضر دليل يقوي أحد الوجهين على الآخر . والله أعلم.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في المفطرات

رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في المفطرات

شكر الله لك ، وأثابك على تفاعلك .
الجمهور على ما قاله الشافعية والتعدية جاءت على طريقتهم جميعاً ، وإنما اختلفوا في الجوف وبعض منافذه وقد أشرت إلى اختلافهم بل صرحت به حيث قلت ،
حفظك الله وسددك.. الجمهور لا يقصرون الفطر على ما كان من طريق المنافذ المفتوحة؛ فالمالكية والحنابلة -كما تعلم- يجعلون الكحل مفطراً لا سيما إذا وجد طعمه في حلقه مع كونه غير مفتوح، فظاهر صنيع الجمهور عدم النظر إلى المنفذ، فقولهم مخالف للشافعية من هذه الجهة.

كما أن كل مجوف في البدن فهو جوف عند الشافعية، كباطن الأذن وباطن القُبُل. وهذا غير خافٍ عليك.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في المفطرات

رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في المفطرات

الجمهور لا يقصرون الفطر على ما كان من طريق المنافذ المفتوحة؛ فالمالكية والحنابلة -كما تعلم- يجعلون الكحل مفطراً
ابن حزم رحمه الله زعم التناقض بين جعل التقطير في الأذن والاستعاط في الأنف مفطراً وجعل الكحل غير مفطر ، فالجواب على أصول المفرقين لا غيرهم ، لأن مقصود الجواب دفع دعوى التناقض في القياس بين قياس القطور على الاستعاط وبين قياس الاكتحال على الاستعاط.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

خاطرة (15) قال رحمه الله 6/226 المسألة 754 : (وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِمْ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: كُنَّا نَذْهَبُ إلَى أَنَّ الْمَجْنُونَ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ يَبْطُلُ صَوْمُهُمَا وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَ وَنَقُولُ: إنَّ الْحُجَّةَ فِي ذَلِكَ -: مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ... عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ» وَكُنَّا نَقُولُ: إذَا رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْهُ فَهُوَ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِصَوْمٍ وَلَا بِصَلَاةٍ)
ثم عقب رحمه الله بقوله : (ثُمَّ تَأَمَّلْنَا هَذَا الْخَبَرَ - بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى - فَوَجَدْنَاهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ فِي حَالِ جُنُونِهِ حَتَّى يَعْقِلَ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ بُطْلَانُ صَوْمِهِ الَّذِي لَزِمَهُ قَبْلَ جُنُونِهِ، وَلَا عَوْدَتُهُ عَلَيْهِ بَعْدَ إفَاقَتِهِ، وَكَذَلِكَ الْمُغْمَى، فَوَجَبَ أَنَّ مَنْ جُنَّ بَعْدَ أَنْ نَوَى الصَّوْمَ مِنْ اللَّيْلِ فَلَا يَكُونُ مُفْطِرًا بِجُنُونِهِ؛ لَكِنَّهُ فِيهِ غَيْرُ مُخَاطَبٍ، وَقَدْ كَانَ مُخَاطَبًا بِهِ؛ فَإِنْ أَفَاقَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ فِي يَوْمٍ بَعْدَهُ مِنْ أَيَّامِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَنْوِي الصَّوْمَ مِنْ حِينِهِ وَيَكُونُ صَائِمًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ عَلِمَ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ.)
ومنه يتبين أن مذهب الظاهرية قبل ابن حزم رحمه الله أنه لا قضاء على من أغمي عليه أو جن شهر رمضان أو بعضه ، وخالف ابن حزم رحمه الله لاحقاً .
وقول الظاهرية أشبه بالظاهر ، لحديث علي رضي الله عنه الذي ذكره ابن حزم رحمه الله ، فإنَّ من لم يخاطب بالصيام لم يجب عليه شيء ، فقضاءه لما لم يجب عليه لا معنى له ، سواء جمع النية أو لم يجمعها ، لأن الرجل لا يجب عليه الصيام بجمعه النية ، ألا تراه يأكل ويشرب ويجامع بعد جمعها ما لم يطلع عليه الفجر! فبان بذلك أن النية لم تثبت فرضاً عليه ، وإنما يثبت الفرض صحيحاً بطلوع الفجر فقط متى كان جامعاً للنية قبله ، فإن لم يطلع الفجر فلا يجب عليه شيء. ثم إن طلع عليه الفجر فكذلك لم يجب عليه شيء وليس عليه لا قضاء ولا كفارة ، وقوله رحمه الله : (وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ بُطْلَانُ صَوْمِهِ الَّذِي لَزِمَهُ قَبْلَ جُنُونِهِ) مردود بأن الحديث دل على أن المجنون غير مخاطب بإمساك باقي اليوم منذ جنونه ، فإن لم يكن مخاطباً بإمساكه فقد بطل أن يكون فرضاً عليه ، وإن بطل ذلك فقد زال وبطل ما كان استقر عليه أولاً ، ويتضح ذلك بسؤال : إن قلنا أن صومه حال جنونه صحيح فهل هو فرضٌ عليه ؟ إن قال : نعم ناقض الحديث الصريح المتقدم ، إذ معنى الفرض المخاطبة بتحصيل المفروض على سبيل الإلزام والمجنون غير مخاطب ، وإن قال : لا ، قلنا : فما استقر فرضاً لم يعد فرضاً ، فبطل صومه الذي وجب عليه أولاً.
وبمعنى الجنون الإغماء لأنه زائل العقل كهو ، فإن قيل : الإغماء مرض وقد قال الله جل وعلا في المسافر والمريض : (فعدة من أيام أخر)
قلنا : وكذا الجنون مرض بلا خلاف ، لكن لما سقط معه الخطاب لزوال عقله جعلنا المغمى عليه مثله لزوال عقله أيضاً.

لكن هذا التوجيه على غير مذهب الظاهرية.
وقوله رحمه الله ص227 : (فَإِنَّ مَنْ نَوَى الصَّوْمَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ جُنَّ؛ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَقَدْ صَحَّ صَوْمُهُ بِيَقِينٍ مِنْ نَصٍّ وَإِجْمَاعٍ) أقول : لا نص ولا إجماع ، فقد تقدم معك أنه لا خلاف بين أحد أن من نوى الصيام من الليل لا يكون صائماً بذلك ، ولا يكون صائما حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ، أليس يجوز لمن نوى الصيام من الليل أن يؤكل ويشرب ويباشر أهله بعد جمعه النية باتفاق ! فبان بذلك بأن مجرد النية لا تجعل الناوي صائماً.
فإن قال : أردت أن الناوي إذا طلع عليه الفجر فهو صائم بإجماع .
قلنا : فقد نقلت أنت الخلاف فيه في المغمى عليه والمجنون ص 226 فأين هو الإجماع.
وهذه مسألة يمكن إفرادها برسالة لتشعب الكلام فيها .
وقال رحمه الله ص 228 : (وَأَمَّا مَنْ شَرِبَ حَتَّى سَكِرَ فِي لَيْلَةِ رَمَضَانَ وَكَانَ نَوَى الصَّوْمَ فَصَحَا بَعْدَ صَدْرٍ مِنْ النَّهَارِ أَقَلِّهِ أَوْ أَكْثَرِهِ - أَوْ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ -: فَصَوْمُهُ تَامٌّ، وَلَيْسَ السُّكْرُ مَعْصِيَةً، إنَّمَا الْمَعْصِيَةُ شُرْبُ مَا يُسْكِرُ سَوَاءٌ سَكِرَ أَمْ لَمْ يَسْكَرْ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ مَنْ فُتِحَ فَمُهُ أَوْ أُمْسِكَتْ يَدُهُ وَجَسَدُهُ وَصُبَّ الْخَمْرُ فِي حَلْقِهِ حَتَّى سَكِرَ أَنَّهُ لَيْسَ عَاصِيًا بِسُكْرِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَبْ مَا يُسْكِرُهُ بِاخْتِيَارِهِ، وَالسُّكْرُ لَيْسَ هُوَ فِعْلُهُ، إنَّمَا هُوَ فِعْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ، وَإِنَّمَا يُنْهَى الْمَرْءُ عَنْ فِعْلِهِ، لَا عَنْ فِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ الَّذِي لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ)
أقول : قوله (ليس السكر معصية) واستدلاله عليه بأنه فعل الله جل وعلا ، فيه نظر ، ولما لا يجوز أن يكون معصية إذا جلبه العبد على نفسه بفعل المعصية كالقتل ، ألا ترى أن الرجل قد يطعن خصمه في مقتل ثم الموت فعل الله جل وعلا خاصة دون الطاعن حتى إذا أراد الله جل وعلا أن ينجيه أنجاه ؟ أتراه يقول قائل : لا حد على الطاعن لأنه لم يفعل الموت بل هو فعل الله ، أو يقول : القتل الذي هو مجموع طعنه عدواناً وحصول الموت بسببه ليس بمعصية بل المعصية الطعن فقط لأن القتل ليس فعلاً للطاعن بل فعله قاصر على الطعن وهو بعض القتل لا كله.
كيف وقد نسب الله جل وعلا فعل السكر في الخمر للصانع حيث قال : (وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا) أي شراباً مسكرا ، مع أن الإسكار الذي فيه هو من فعل الله جل وعلا ولم يعمل الخمار فيه الإسكار بل عمل مقدماته فقط ، على حد قوله جل وعلا (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ . أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) فهم زارعون باعتبار فعلهم المقدمات ، والله جل وعلا هو الزارع حقيقة لأنه موجد لحقائها لا مقدماتها، بل والمقدمات على ما هو مقرر عند أهل السنة أنه جل وعلا هو الخالق لأفعال العباد.
ثم هب أن السكر الحاصل بالشرب عصياناً ليس بمعصية ، فإدخال السكر على العبادة عمداً معصية كما في قوله سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ)
فإن قال : هذا قياس للصيام على الصلاة والقياس كله باطل.

قلنا : فهي دالة على أن إدخال السكر على الصلاة معصية مع أن السكر الحاصل أثناء الصلاة فعلاً لله جل وعلا بزعمك ، فمن أين لك أن إدخاله على الصوم ليس بمعصية ؟ فإما أن تلغي اعتبار ذات الصلاة والاكتفاء بإدخال السكر على العبادة فيكون نص الآية عاماً يشمل كل عبادة، أو تقيس على الصلاة أو تتوقف ، أما الجزم بأن إدخالها على الصيام ليس بمعصية فلا دليل عليه لما قدمناه.
والله أعلم.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

استدراكات : 1. قال رحمه الله 6/161 : (قال زفر ابن الهذيل : من صام رمضان وهو لا ينوي صوماً أصلاً ، بل نوى أنه مفطر في كل يوم منه إلا أنه لم يأكل ولم يشرب ولا جامع .. فإنه صائم ويجزئه)
أقول : في هذا تجنٍ على زفر ، فإن المنقول عنه في كتب الأحناف عدم اشتراطه النية لرمضان فقط ، فمن أين له أن من نوى الفطر فصيامه جائز عند زفر؟ والعجب أنه ظاهري ولا يقول ولا حتى بدلالة المفاهيم.
ويجوز في ظني أن يريد زفر بالنية التي لا تشترط في رمضان نية التعيين . والله أعلم.

على أنه قد أنكر الكرخي هذه الرواية عن زفر وزعم أن مذهبه كمذهب مالك كما في (الاختيار) 1/164 ، وهذا أيضاً محتمل لما ذكرناه بأن ينوِ الرجل أول الشهر صيام جميع الشهر من غير تعيين لكون الشهر من رمضان ، فيكون الذي نفاه هو نية التعيين لرمضان ، ويجوز أن يكون نفي اشتراط النية إنما هو عن غير أول الشهر كما هو ظاهر كلام الكرخي. والله أعلم.
2. قال رحمه الله 6/194 : ( أما الحنفيون فأفسد الطباق أقوالاً ، وأسمجها تناقضاً وأبعدها عن المعقول ...) ثم أخذ يعدد ما زعمه تناقضاً وتركاً للقياس .
أقول : الأحناف أوجبوا الكفارة على من تعمد فعلاً مناقضاً للصيام وهي الأكل والشرب والجماع وما كان في معناها ؛ لأن المراد بالصيام هو الإمساك عن هذه الأشياء ، أما غيرها كالاستقاءة مثلاً فلم يعرف إلا بالشرع حتى لو لم يأتِ نص بأن المستقيء عمداً يفطر لم يحكموا بفطره ، بخلاف المذكورات أولاً ؛ فإن الإمساك عنها في الصيام كان معروفاً قبل الإسلام ، وليس هو في معناها ، ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم : (يدع طعامه وشرابه وشهوته) كيف يدل على أنها مستلذة ومحبوبة للصائم حتى استوجب الإمساك عنها والصبر على تركها ذلك الأجر ، بخلاف الإستقاءة والاستعاط والاحتقان ، حتى لو قيل : (يدع الاستقاءة والسعوط والاحتقان من أجلي الصيام لي وأنا أجزي به) لكان ذالك ضعيفاً سخيفاً في العقل ولم نفهم علة تَرَتُّبِ ذلك الثواب على ترك الاستقاءة والسعوط والحقن وما أشبهها .
فإذا اتضح لك ذلك فكل ما لم يكن في معنى الطعام والشراب والجماع مما أوجب الفطر أي كان لا يوجب الكفارة ، لم يعد ثم تناقض في كلامهم أصلاً إلا قوله : (وَلَمْ يُبْطِلُوا صَوْمَ مَنْ لَاطَ بِذَكَرٍ فَأَوْلَجَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُنْزِلْ وَلَا صَوْمَ مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُنْزِلْ وَلَا صَوْمَ مَنْ أَوْلَجَ فِي دُبُرِ امْرَأَةٍ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُنْزِلْ وَرَأَوْا صَوْمَهُ فِي كُلِّ ذَلِكَ تَامًّا صَحِيحًا لَا قَضَاءَ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ)
لكن هذا الذي نقله عن الأحناف ليس مذهبهم ، بل هو مذهبه فيمن فعل جميع ما ذكر لكنه لم يذكر صيامه وإن كان مستحضراً كون فعله معصية ، حتى أنه لو التاط بأبيه أو ابنه بالإكراه لهما وهو متعمد لذلك ثم يتمادى فيه حتى تغرب الشمس وهو في كل ذلك ناسياً لصومه فهو عنده كمن جامع امرأته ناسياً لصومه لا قضاء عليه ولا كفارة. والله أعلم.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

3. قال رحمه الله 6/205 : (وَالْعَجَبُ كُلُّهُ مِمَّنْ يُنْقِضُ الصَّوْمَ بِالْإِنْزَالِ لِلْمَنِيِّ إذَا تَعَمَّدَ اللَّذَّةَ، وَلَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ نَصٌّ، وَلَا إجْمَاعٌ، وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ، وَلَا قِيَاسٌ -: ثُمَّ لَا يُوجِبُ بِهِ الْغُسْلَ إذَا خَرَجَ بِغَيْرِ لَذَّةٍ، وَالنَّصُّ جَاءَ بِإِيجَابِ الْغُسْلِ مِنْهُ جُمْلَةً؟)
أقول : يريد بذلك الأحناف ، وهو كذلك مذهب الحنابلة ، ولهم أن يسألوا : ترى ما وجه العجب ؟ ألا ترى أنا سوينا بين عدم الغسل وعدم الفطر من النازل بغير شهوة ، وبين وجوب الغسل وحصول الفطر من النازل بشهوة ؟

فإن قال : وجه العجب هو إسقاطهم الحكم الواجب بالنص في الغسل وإيجاب ما ليس في النص من القول بالفطر .
أجابوا : نحن قائلون بالقياس والتخصيص به ، وقد قسنا إحدى المسألتين على الأخرى وخصصنا عموم دليلها ، فقلنا : لا غسل بغير الدافق الخارج لغير لذة كما لا فطر به.
فإن قال : القياس كله باطل.
قيل : فالعجب منك إذاً.
ولهم أيضاً أن يقولوا : خصصنا عموم (الماء من الماء) بالعلة المستنبطة من قوله جل وعلا (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) ومن النظر إلى حقيقة المني ما هو؟
أما الأول فإن الجنابة في اللغة على ما قاله صاحب (الهداية) 1/126 ط دار الكتب العلمية مع تخريجه (نصب الراية) : "والجنابة في اللغة خروج المني على وجه الشهوة ، يقال : أجنب الرجل إذا قضى شهوته من المرأة" وعليه فالمعنى الذي من أجله أمرنا بالتطهير في الآية هو قضاء الشهوة لا نفس خروج المني ، ألا ترى أنه إن أولج ولم يمنِ وجب التطهر من الجنابة أيضاً ، وليس المراد الاستيفاء للشهوة بل حصولها فقط بشرطها المذكور وهو حصول الجنابة بها ، كانفصال المني من مكانه وحصول الإيلاج ولو بغير إنزال.
أما النظر إلى حقيقة المني فقد قال الإمام الموصلي في (الاختيار) 1/18 : "ولو خرج لا على وجه الدفق والشهوة كما إذا ضرب على ظهره أو سقط من علو أو أصابه مرض يجب الوضوء دون الغسل كما في المذي، فإنه من أجزاء المني" انتهى ، وما ذكره يؤيده العلم اليوم ، وقد يحتوي المذي على حيوانات منوية أيضاً وإن قلت نسبتها ، لذا ربما حصل الحمل مع العزل.
فإن كان المذي في حقيقته منياً أو جزءً منه كان حكمهما واحد ، فما خرج مخرج الدفق بلذة أوجب الغسل ، وما لم يكن كذلك يوجب الوضوء فقط.

فإن قيل : حديث (إنما الماء من الماء) و (نعم إن رأت الماء) قاضيان من جهة العموم بوجوب الغسل من مجرد الإنزال.
قلنا : لو أنكم عملتم بظاهر الحديثين كان خيراً لكم من الاعتراض بظاهرهما ، فالحديث الأول على أصولكم لا يدل على شيء أصلاً ، فليس في الحديث ما هو الماء الأول ومتى يلزم منه الماء الثاني وما هو الماء الثاني وما الذي نفعله به إن حصل الماء الأول.
أما على أصولنا : فالامين في الماءين عهدية فالماء الأول هو ماء الغسل والمراد به الاغتسال به ، والماء الثاني هو ماء الموجب للجنابة وقد تقدم كلامنا عنه ، وهكذا حديث (نعم إن رأت الماء) فعلى أصولكم ليس فيه بيان ماهية ذلك الماء المرأي أهو ماء الشرب أو الطبخ أو الغسل أو الوضوء أو ماء المرأة ، وعلى أصلنا هو الماء النازل منها بشهوة بدليل سؤالها ولما ذكرناها سابقاً.
فإن أرادوا أن يدفعوا المعرة عن أنفسهم ، وقالوا : نحن أيضاً نحمل الماء في الحديثين على ماء الغسل والماء النازل من غير تقييد بلذة ودفق مستدلين بالام العهدية.
قلنا : كلا بل لا عبرة بلام العهدية عندكم حتى زعمتم أن قوله صلى الله عليه وسلم (اغسلي عنك أثر الدم) عام في كل الدماء مع أن العهد قريب مذكور في سؤالها عن دم الاستحاضة يصيب الثوب ، والسياق يصرخ بإرادته ، وقال صلى الله عليه وسلم (وهو يدافع الأخبثين) فزعمتم أنه بول وروث كل حيوان ، والعهد قريب مذكور في قوله (يدافع) فإن الإنسان لا يدافع في بطنه روث الماعز وبعر الحمير والإبل ، بل نجاسته خاصة ، فأبيتم إلا حمل (الأخبثين) على الأعم لمجرد احتماله له لغةً.
فما الذي حملكم هنا على حمل اللام في الماء على العهد ، هلا طردتم كلامكم وقلتم إذا بكى الرجل وذرف من ما عينيه قليلاً أو كثيراً يجب عليه الغسل أو إذا شرب الماء وجب عليه الغسل أو يجب عليه ماء آخر أي كان فإن رأى ماءً في بركة وجب عليه شرب كوب ماء وغير ذلك.
وهكذا المرأة فإنه صلى الله عليه وسلم لما أمر المستحاضة بغسل أثر الدم عن ثوبها لم يفرق ابن حزم بين أن يكون الدم لها أو لغيرها دم استحاضة أم غيره ، فليقل هنا كذلك ، إن رأت ماءً في ثوبها حتى لو علمت أنه لزوجها فيجب عليها الغسل أو نطرد كلامكم ونقول إن رأت أي ماء في ثوبها وجب عليها الغسل.

فبان أن العجب هو من مذهب ابن حزم رحمه الله لا مذهب الأحناف والحنابلة .
والله أعلم.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

إلزامات بديعة يا شيخ وضاح فتح الله عليكم
وجدت أن ابن حزم يشترط في الاستنجاء بالحجارة أن يكون منقيا حتى لو تطلب الأمر زيادة على الثلاث ولا أدري من أين اشترط الإنقاء الذي يقوم على التعليل هل عندكم من علم بهذا فتفيدونا؟
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

جزاك الله خيراً وحفظك
اشتراط الثلاثة أحجار عنده للحديث واشتراط الإنقاء لأن إزالة النجاسة عنده واجبة ، فهما مسألتان مركبتان
وليس في المسألة تعليل.
والله أعلم.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

جزاك الله خيراً وحفظك
اشتراط الثلاثة أحجار عنده للحديث واشتراط الإنقاء لأن إزالة النجاسة عنده واجبة ، فهما مسألتان مركبتان
وليس في المسألة تعليل.
والله أعلم.
إذن بعد أن يستعمل الأحجار الثلاثة هل يجوز له أن يستعمل الورق للإزالة، أم يتعين استعمال الحجر أو التراب أو الماء عنده في كل حال
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

بعد الثلاث إما أن يستمر وترأً أو يستخدم الماء أو التراب ولا يخرج عن هذه الثلاثة.
هذا ظاهر كلامه رحمه الله.
والله أعلم
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

خاطرة (16) : قال رحمه الله 6/236 مسألة 757 بعد أن قرر أن هلال رمضان وهلال شوال يثبتا بخبر العدل الواحد : (فإن قالوا : فمن أين أجزتم فيهما خبر ا لواحد ؟ قلنا : لأنه من الدين وقد صح في الدين قبول خبر الواحد ، فهو مقبول في كل مكان ، إلا حيث أمر الله تعالى بأن لا يبل إلا عدد سماه لنا)
أقول : هذه المسألة لها علاقة بخبر الواحد وهو مسألة أصولية طويلة الذيل ، وإن وفق الله جل وعلا فسأفردها إن شاء الله إما في الملتقى الأصولي أو الظاهري ، لكن نقتصر هنا على أقل القليل المتعلق بمسألتنا فنقول :
قوله (من الدين) إما أن يريد به نفس إخبار الواحد أو ما أخبر به الواحد وهو ثبوت رمضان وثبوت شوال ، والإطلاق فيهما غير مرضي ، فلو أخبرك العدل الثقة بأنه يحب الزلابية لم يكن هذا من الدين الذي قال الله سبحانه فيه (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) ، أما نفس الإخبار بحب الزلابية فإن المُخْبِرَ ليس مكلفاً فيه من جهة الشرع ولا حتى بالإباحة ، بل هو على أصل الإباحة الثابتة قبل الشرع ، فبطل أن يكون شيئاً منهما من الدين.
ثم الذي أثبتته الأدلة الشرعية هو قبول خبر الآحاد متى أفاد الظن أو اليقين فقط ، فإن لم يُفِدْ أحدهما فقد دل العقل ونصوص الشرع على عدم قبوله .
فإن قيل : خبر العدل يفيد الظن أو العلم ـ وابن حزم يقطع بإفادته العلم ـ .
قلنا : ليس هذا على إطلاقه ، فإنه ربما اقترن بخبره ما يرفع عنه إفادة الظن فضلاً عن العلم ، بل ربما يوجب المقارن في النفس الظن أو العلم بأن الأمر على خلاف ما أخبر به الثقة العدل ، فيجب حينئذٍ رده ، لذا جزم من هم أعلم بأخبار العدول والثقات من ابن حزم برد كثير من أخبار الثقات لعدم إفادتها لا علماً ولا ظناً ، وهو مسطر في كتب العلل ، وقد بُسِطَ الكلام عليها في مباحث حديثية كزيادة الثقة ووصله رفعه وتفرده إذا خالف من هو أوثق منه ، وهو مبحوث أيضاً في بابي الشاذ والمنكر.
وسبب الرد أن مخالفة من هم أوثق أو أولى بالصواب لا تزيح عن خبره إفادة الظن فقط ، بل توجب في النفس الظن وربما العلم بأن الأمر على خلاف ما أخبر به ذلك الثقة كما تقدم وأنه لعله أخطأ.
وهكذا الأمر بالنسبة للثقة المخبر برؤيته هلال رمضان أو هلال شوال ، فإن الناس في هذين الهلالين خاصة يتعانون النظر إلى مطلع الهلال ، فإذا رآه واحدٌ فقط ـ ولو كان ثقة ـ كان في انفراده ما يورث الريبة فضلاً عن أن يورث علماً أو ظنا .
فإذا كان الأمر كما قلنا ، جاز للمالكية أن يشترطوا شاهدين اثنين لدفع الريبة الحاصلة بانفراد رجل عن سائر الناس.
أما الأحناف والشافعية فلهم أن يقولوا : إن إخبار الثقة منفرداً لا يعني أن غيره لم يره ، غايته أن غيره لم يخبر برؤيته لأي عذرٍ كان ، فإن رددنا خبره جاز أن نفطر يوماً من رمضان ، فنعمل به احتياطاً ، وهكذا في هلال شوال ، فلا نجوز العمل بخبره احتياطاً لرمضان أيضاً .
فإن قيل : إن هذا من العمل بالتجويزات والظنون ، وهو باطل.
قلنا : بل العمل بها فرض من الله جل وعلا ، وموضع بسطه الكلام في الآحاد إن شاء الله.
والله أعلم.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

قال رحمه الله ص 236: (وَأَيْضًا: فَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فِي أَذَانِ بِلَالٍ «كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» فَأَمَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْتِزَامِ الصِّيَامِ بِأَذَانِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ بِالصُّبْحِ، وَهُوَ خَبَرٌ وَاحِدٌ بِأَنَّ الْفَجْرَ قَدْ تَبَيَّنَ)
أقول : هذا قياس لرؤية الهلال على طلوع الفجر ، والقياس عنده كله باطل ، وإن كان عنده منه حقاً لكان هذا باطلاً لأنه ليس في الظنة والريبة في طلوع الفجر ما في رؤيا الهلال.

ثانياً : ابن أم مكتوم رضي الله عنه كان أعمى ، وعليه فهو لم يرَ الفجر وإنما أخبر به ، وعليه فمن أين لابن حزم بأنه رضي الله عنه فبل في طلوع الفجر رجلاً واحدا ؟
فإن قال : كلامنا في قبول الناس لشهادة ابن أم مكتوم وهو رجل واحد .

قلنا : إنما قبلوه لما قدمناه من أنه إخبار منه وهو ثقة عمن رآه ، وخبر الواحد الثقة عن الجماعة مقبول اتفاقاً.
قال رحمه الله 6/237 – 238 : (رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ: ثنا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ ثنا حُسَيْنُ بْنُ الْحَارِثِ الْجَدَلِيُّ - جَدِيلَةُ قَيْسٍ: «أَنَّ أَمِيرَ مَكَّةَ وَهُوَ الْحَارِثُ بْنُ حَاطِبٍ خَطَبَ فَقَالَ: عَهِدَ إلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَنْسُكَ لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ لَمْ نَرَهُ وَشَهِدَ شَاهِدَا عَدْلٍ نَسَكْنَا بِشَهَادَتِهِمَا» ...
وَعَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ: (إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَفْطَرُوا).
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: "أَبِي عُثْمَانُ أَنْ يُجِيزَ شَهَادَةَ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ".

وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: كَتَبَ إلَيْنَا عُمَرُ - وَنَحْنُ بِخَانِقِينَ: إذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ نَهَارًا فَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ رَجُلَانِ: لَرَأَيَاهُ بِالْأَمْسِ.؟
قُلْنَا: أَمَّا حَدِيثُ الْحَارِثِ بْنِ حَاطِبٍ فَإِنَّ رَاوِيَهُ حُسَيْنُ بْنُ الْحَارِثِ وَهُوَ مَجْهُولٌ؛ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا قَبُولُهُ اثْنَيْنِ، وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ هَذَا، وَلَيْسَ فِيهِ أَنْ لَا يَقْبَلَ وَاحِدٌ؟
وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي عُثْمَانَ، عَلَى أَنَّهُ مُرْسَلٌ.

وَكَذَا الْقَوْلُ فِي فِعْلِ عَلِيٍّ سَوَاءٌ سَوَاءٌ. وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّمَا رَدَّ شَهَادَةَ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَهُ؛ لَا لِأَنَّهُ وَاحِدٌ؛ وَلَقَدْ كَانَ هَاشِمٌ أَحَدَ الْمُجَلِّبِينَ عَلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَأَمَّا خَبَرُ عُمَرَ: فَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ فِي هَذَا خِلَافُ ذَلِكَ، كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَنْظُرُ إلَى الْهِلَالِ، فَرَآهُ رَجُلٌ، فَقَالَ عُمَرُ: يَكْفِي الْمُسْلِمِينَ أَحَدُهُمْ؛ فَأَمَرَهُمْ فَأَفْطَرُوا أَوْ صَامُوا - فَهَذَا عُمَرُ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ؟)
أقول : وهذه الأحاديث والآثار دالة على ما ذكرناه سابقاً ، أما تعلل ابن حزم رحمه الله في رد حديث حاطب بجهالة حسين بن الحارث الجدلي فمردود بقول ابن المديني (معروف) وتوثيق ابن حبان وإخراجه له في صحيحه وكذا صحح له ابن خزيمة والدارقطني والضياء المقدسي ، فهو ثقة ، وقال الحافظ في (التقريب) : "صدوق".
وقد زعم ابن حزم فيما تقدم أن خبر الثقة من الدين يجب قبوله ، فكان عليه قبول توثيق هؤلاء وإلا فليترك قوله في الاحتجاج بخبر الثقة.
قوله : (
ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا قَبُولُهُ اثْنَيْنِ، وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ هَذَا، وَلَيْسَ فِيهِ أَنْ لَا يَقْبَلَ وَاحِدٌ؟)
أقول : ليس بشيء ، فإنه يدل على عدم قبول الواحد بمفهومه ، وعلى فرض عدم دلالته فقد تقدم قول ابن حزم رحمه الله : (وَمَنْ لَمْ يَصُمْ كَمَا أُمِرَ، فَلَمْ يَصُمْ) وعليه فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم هنا بالنسك بشهادة اثنين ، فمن نسك لواحد لم ينسك كما أمر، فيكون النسك بشهادة اثنين مخصوصاً كالشهادات. فإن قيل : فالحديث دليل للمالكية دون الشافعية والأحناف. قلنا : بل ولهم ، فإنه يدل على وجوب اثنين في رؤية الهلال فسقط قول ابن حزم ، وحديث ابن عمر والأعرابي الآتيين يدلان على كفاية الواحد الثقة في دخول رمضان ، فهو مخصص لهذا الحديث. وهكذا خبر علي فإنه دال بمفهومه أنه رضي الله عنه لم يكن يفطر لشهادة واحد. ومثله حديث عثمان وعمر.
أما قوله : (
وَأَمَّا خَبَرُ عُمَرَ: فَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ فِي هَذَا خِلَافُ ذَلِكَ)
أقول : لم يصح للكلام في ابن عبد الأعلى وعدم سماع ابن أبي ليلى من عمر رضي الله عنه لذا قال ابن معين في هذا الخبر "ليس بشيء" وضعفه البيهقي رحمه الله.
وقال رحمه الله 236-237: (وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ... «عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنِّي رَأَيْتُهُ، فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ» . وَهَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ. وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد... عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ؛ إنِّي رَأَيْتُ الْهِلَالَ - يَعْنِي رَمَضَانَ فَقَالَ: أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ؛ أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قُمْ يَا بِلَالُ فَأَذِّنْ فِي النَّاسِ فَلْيَصُومُوا غَدًا» . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: رِوَايَةُ سِمَاكٍ لَا نَحْتَجُّ بِهَا وَلَا نَقْبَلُهَا مِنْهُمْ، وَهُمْ قَدْ احْتَجُّوا بِهَا فِي أَخْذِ الدَّنَانِيرِ مِنْ الدَّرَاهِمِ، فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَأْخُذُوهَا هَاهُنَا)
أقول : رواية سماك عن عكرمة حسنة إنشاء الله ، وما فيها من اضطراب ليس بالشديد أو لم يكثر بحث يطرح حديثه عنه لذا جعلها الإمام الذهبي مثالاً للحسن في (الموقظة) وعليه فلنا أن نقول : ليس هناك دليل على أن شهادة الأعرابي رضي الله عنه كانت في غير السنة التي شهد فيها ابن عمر رضي الله عنمها ، وليس في حديث ابن عمر أن أحداً لم يشهد قبله ولا في حديث الأعرابي ما يدل عليه. وابن حزم لا يقول بالمفاهيم أصلاً ، فما دام الاحتمال وارداً فلا يصح لابن حزم رحمه الله الاستدلال بهما .
وقال رحمه الله ص 237 : (وَلَا جَاءَ نَصٌّ قَطُّ بِالْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ، وَأَنْتُمْ أَصْحَابُ قِيَاسٍ، فَهَلَّا قِسْتُمْ هِلَالَ شَوَّالٍ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ؟)
أقول : قد تقدم سبب التفرقة فيما تقدم.
والله أعلم.
 
أعلى