العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
السلام عليكم ورحمة الله
قد تأثرت فيما مضى بالإمام ابن حزم رحمه الله وأغرمت به غراماً لا يوصف ، وأثر ذلك علي بل وعلى غيري ممن صحبني حتى جررتهم إلى القول برفض القياس والقول بالظاهر واحتد بذلك طبعي فلا أكاد أكتب بهدوء إلا بعد معالجة لنفسي شديدة.
وكانت تعلق في ذهني مسائل لابن حزم لا أراها تجري على أصوله أو ليس لها دليل أصلاً وكنت أعلقها على نسختي من (المحلى) في الحواشي ، ولا زالت تتكاثر علي وأضيق بها إلى أن تركت القول بالظاهر ومالت نفسي إلى مذهب الشافعي لأسباب كثيرة، وقد بدا لي الآن أن أنقح هذه المسائل وأشارككم فيها تحت مسمى خواطر ، وقد كنت عزمت على نشرها في ملتقى أهل الظاهر لتعلقها بفقه ابن حزم خاصة ، ولكن لمناسبة الشهر اخترت البدء بمسائل الصيام ونشرها في ملتقى فقه الصيام ، ولم أقدم لها مقدمة بل أعرضها كيفما اتفق فأقول :
خاطرة (1): قال ابن حزم رحمه الله 6/163-164 : وَمَا نَعْرِفُ لِمَالِكٍ حُجَّةً أَصْلًا؛ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: رَمَضَانُ كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ مُكَابَرَةٌ بِالْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ لَا يَحُولُ بَيْنَ أَعْمَالِهَا - بِعَمْدٍ - مَا لَيْسَ مِنْهَا أَصْلًا، وَصِيَامُ رَمَضَانَ يَحُولُ بَيْنَ كُلِّ يَوْمَيْنِ مِنْهُ لَيْلٌ يَبْطُلُ فِيهِ الصَّوْمُ جُمْلَةً وَيَحِلُّ فِيهِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْجِمَاعُ، فَكُلُّ يَوْمٍ لَهُ حُكْمٌ غَيْرُ حُكْمِ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ وَالْيَوْمِ الَّذِي بَعْدَهُ؛ وَقَدْ يَمْرَضُ فِيهِ أَوْ يُسَافِرُ، أَوْ تَحِيضُ، فَيَبْطُلُ الصَّوْمُ، وَكَانَ بِالْأَمْسِ صَائِمًا، وَيَكُونُ غَدًا صَائِمًا، وَإِنَّمَا شَهْرُ رَمَضَانَ كَصَلَوَاتِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، يَحُولُ بَيْنَ كُلِّ صَلَاتَيْنِ مَا لَيْسَ صَلَاةً، فَلَا بُدَّ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْ نِيَّةٍ، فَكَذَلِكَ لَا بُدَّ لِكُلِّ يَوْمٍ فِي صَوْمِهِ مِنْ نِيَّةٍ. وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ أَبْطَلَ هَذَا الْقِيَاسَ، فَرَأَوْا مَنْ أَفْطَرَ عَامِدًا فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَهُ وَأَنَّ سَائِرَ صِيَامِهِ كَسَائِرِ أَيَّامِ الشَّهْرِ صَحِيحٌ، فَقَدْ أَقَرُّوا بِأَنَّ حُكْمَ الشَّهْرِ كَصَلَاةِ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَوْمٍ وَاحِدٍ.
أقول : لا أخالف هنا ابن حزم رحمه الله في وجوب تبييت الصيام من الليل لكل يوم من أيام رمضان ، لكن في أدلته على إبطال قول مالك رحمه الله.

فقوله : وَمَا نَعْرِفُ لِمَالِكٍ حُجَّةً أَصْلًا؛ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: رَمَضَانُ كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ مُكَابَرَةٌ بِالْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ لَا يَحُولُ بَيْنَ أَعْمَالِهَا - بِعَمْدٍ - مَا لَيْسَ مِنْهَا أَصْلًا...
أقول : لم ينقض عليهم رحمه الله بشيء ، بيانه أن مالكاً يقول كما نقل عنه ابن حزم أولاً ص 161: (وَأَمَّا فِي رَمَضَانَ فَتُجْزِئُهُ نِيَّتُهُ لِصَوْمِهِ كُلِّهِ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ، ثُمَّ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُجَدِّدَ نِيَّةَ كُلِّ لَيْلَةٍ، إلَّا أَنْ يَمْرَضَ فَيُفْطِرَ، أَوْ يُسَافِرَ فَيُفْطِرَ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ نِيَّةٍ - حِينَئِذٍ – مُجَدَّدَةٍ ) واعتذر المالكية بأن رمضان كالصلاة الواحدة ، فما الذي في كلام ابن حزم ينقض به دعواهم حتى يصفها بالمكابرة بالباطل ؟
إن قيل : قد بيَّن أنه يفصل بين كل صوم وصوم بما يبطل الصوم ، قلنا إن صيام رمضان يكون بإمساك النهار وفطر الليل فمن نوى أن يصوم رمضان فقد نوى أن يمسك النهار ويفطر الليل ، فليس في هذا الفطر خروج عن النية الحاصلة في أوله ، فلم يبطل شيئاً نواه ، وزيادة للبيان نقول : لو نوى رجل أن يصلي الظهر أربعاً فإن النية شملت جميع أفعال الصلاة ، فلا يحتاج إلى نية مفردة للقيام لأن الركوع يبطله ولا نية مفردة للركوع لأن الرفع يبطله وهكذا باقي الأركان ، فلما كان مجموع هذه الأفعال هو صلاة الظهر كان نية صلاة الظهر كافٍ في تحصيل الفرض ، وهكذا صيام رمضان لما كان مجموع إمساك أيامه وفطر لياليه هو صيام رمضان كانت نية صيام رمضان كافية في تحصيل الفرض .
وقوله : (وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ أَبْطَلَ هَذَا الْقِيَاسَ، فَرَأَوْا مَنْ أَفْطَرَ عَامِدًا فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَهُ وَأَنَّ سَائِرَ صِيَامِهِ كَسَائِرِ أَيَّامِ الشَّهْرِ صَحِيحٌ، فَقَدْ أَقَرُّوا بِأَنَّ حُكْمَ الشَّهْرِ كَصَلَاةِ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَوْمٍ وَاحِدٍ) فهذا أيضاً لا ينقض عليهم شيئاً بل ليس فيه مخالفة للقياس ، ولنعد إلى صلاة الظهر فنقول : أرأيت لو نسي رجلٌ ركعة من الركعات ، أليس لا يجب عليه سوى استدراك تلك الركعة خاصة وباقي الركعات على حالها من الصحة والإجزاء مع أن الصلاة فرض واحد ، فهكذا الصيام. والله أعلم.
ولو أنه اقتصر في رده عليهم على حديث حفصة وغيرها وعلى فعل الصحابة الذين لا يعلم لهم مخالف ، وعلى أن دعوى أن رمضان رمضان كالصلاة الواحدة لا برهان عليها ، لكفاه .

خاطرة (2) قال ابن حزم رحمه الله 6/164 المسألة 729 : وَمَنْ نَسِيَ أَنْ يَنْوِيَ مِنْ اللَّيْلِ فِي رَمَضَانَ فَأَيُّ وَقْتٍ ذَكَرَ مِنْ النَّهَارِ التَّالِي لِتِلْكَ اللَّيْلَةِ - سَوَاءٌ أَكَلَ وَشَرِبَ وَوَطِئَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ - فَإِنَّهُ يَنْوِي الصَّوْمَ مِنْ وَقْتِهِ إذَا ذَكَرَ، وَيُمْسِكُ عَمَّا يُمْسِكُ عَنْهُ الصَّائِمُ، وَيُجْزِئُهُ صَوْمُهُ ذَلِكَ تَامًّا، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ مِنْ النَّهَارِ، إلَّا مِقْدَارُ النِّيَّةِ فَقَطْ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَذَلِكَ فَلَا صَوْمَ لَهُ، وَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى مُتَعَمِّدٌ لِإِبْطَالِ صَوْمِهِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْقَضَاءِ
أقول : في هذ المسألة لم يجرِ فيها ابن حزم على شيء من أصوله ، فسوى بين من جهل بكون اليوم من رمضان ومن علم لكن نسي أن ينوي ، وبين صوم عاشوراء وبين صيام رمضان ، وعلى فرض صحة التسوية فعلى أصول غيره لا أصوله .
أما قوله ص165: (بُرْهَانُ قَوْلِنَا -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] وَكَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» . وَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا نَاسٍ، أَوْ مُخْطِئٌ غَيْرُ عَامِدٍ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ)
أقول : لا دلالة فيما ذكره هنا على سابق دعواه ، إذ لا خلاف بيننا في كون الجناح عمن أخطأ أو نسي أو استكره مرفوع ، لكن الخلاف في كون صوم ناسي النية حتى لم يذكرها إلا في اليوم التالي مجزئ ، فإن رفع الجناح لا يصحح العبادة .
أما احتجاجه بأحاديث صيام عاشوراء فيحتاج ليستقيم استدلاله بها إلى :
أولاً : إثبات أنه كان فرض ، وورود الأمر به لا يكفيه لأن المستحب مأمور به ، وقد صح عنه ☺ أنه قال : (هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ وَأَنَا صَائِمٌ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ) فهذا نص في أن صيام عاشوراء لم يفرض وهو صارف للأوامر الواردة في صيامه إلى الاستحباب.
فإن قيل : يحتمل أنه أراد ليس مكتوباً عليكم صيامه الآن ، أو أنه أراد لم يكتب عليكم صيامه إلى الأبد.
فالجواب : من وجوه : الأول : أن الأصل في لم أنها لنفي الماضي كما قاله ابن خزيمة ، والثاني : أن النفي عام . الثالث : أن الاحتمال لا يكفي في دفع الاستدلال به ، بدليل أنه لو كان محتملاً لهذين المعنيين كام محتملاً لخلافهما أيضاً كعموم النفي السابق وأن الأوامر كانت للاستحبابة فإن كان محتملاً سقط الاستدلال بالأوامر السابقة على قواعد ابن حزم لأنه لا يجيز العمل إلا باليقين. الرابع : أن هذين الاحتمالين جاريان على القول بالنسخ ، أي أن فرض صيام عاشوراء كان فرضاً ثم نسخ ، والأصل عدم النسخ ، والجمع أولى ، فحمل الأوامر على الاستحباب أولى منه.
ثانياً : يحتاج إلى إثبات أن فرض صيام عاشوراء كفرض صيام رمضان في الأركان والوجبات ، بيانه أن صيام رمضان مر بمراحل فكان مثلاً إذا نام الرجل في الليل ثم سهر لم يأكل ولم يشرب ، ثم نسخ هذا فجازت جميع المفطرات المباحة من غروب الشمس حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، وعاشوراء لا يخلو من ثلاثة أمور إما أن يكون موافقاً للحكم المنسوخ أو الناسخ أو لا هذا ولا ذاك ، وأيٌّ كان ما ترجح عندك فقد خالف رمضان في الأخرى ، فمن أين لك أنه لم يكن يخالف في أحكام النية ؟
أما قول ابن حزم هنا : ( إن حكم ما كان فرضاً حكم واحد ) ص166 دعوى لا دليل عليها ، بل الأمر بخلافه كما بينا بهذا المثال .
ثالثاً : أنه قد روي حديث عاشوراء بلفظ : (فأتموا يومكم هذا واقضوا) وقد رواه ابن حزم من طريق عبد الباقي بن قانع عن أحمد بن علي بن مسلم عن محمد بن المنهال بإسناده .
ورواه أبو داود عن محمد بن المنهال بإسناده.
وفيه أن صيام ذلك اليوم لا يجزئ ويجب يوماً مكانه.
فإن قيل : قد أعله ابن حزم بابن قانع وأحمد بن علي بن مسلم .
فالجواب : أن الجمهور على توثيق ابن قانع ، وأما أحمد بن علي بن مسلم فهو الأبار الحافظ الثقة ، وهو فوق ابن حزم في الحديث فلا يضره جهل ابن حزم به. ثم أن أبا داود تابعه عن المنهال ، فسقط التعلل بابن قانع والأبار.
وإن قيل : فإنه قد رواه غير واحد عن يزيد بن زريع وقتادة لم يذكرا زيادة (واقضوا).
قلنا : نعم وهو لعمري علة قادحة في صحتها ، لكن هذا إنما يجري على قواعد غير ابن حزم ، أما هو فزيادة الثقة عنده مقبولة مطلقاً ، وقد روى حديث حفصة أن رسول الله ☺ قال : (من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له) من طريق ابن جريج عن ابن شهاب ، ولم يبالي بمخالفة أوثق أصحاب الزهري لابن جريج وهم مالك وسفيان وعبيدالله ومعمر ويونس كلهم رواه عن الزهري موقوفاً فلم يعتد بذلك شيئاً.
فالحديث حجة عليه كفيما كان.
رابعاً : على فرض أن فرض عاشوراء كفرض رمضان في الأداء وأن لفظة (واقضوا) لا تصح على أصول ابن حزم، فمن أين له أن رمضان وعاشوراء سواء في القضاء ، ولِمَ لا يجوز أن يكون رمضان واجب القضاء دون عاشوراء؟ فإن القضاء في رمضان ثابت بالكتاب والسنة ، ولم يرد أن عاشوراء يُقْضَى سواء أفطره المريض والمسافر أو الصحيح المتعمد ، فلا يقاس أحدهما بالآخر.
خامساً : على فرض أنهما سواء في كل شيء حتى يجوز أن يقاس أحدهما على الآخر ، فليس بحجة لابن حزم لعدم قوله بالقياس أصلاً .
سادساً : وعلى فرض أن القياس في هذه المسألة جائز عنده مستقيم على أصوله، لكانت معارضته لحديث حفصة رضي الله عنها مبطلةً له لما هو معلوم من أنه لا قياس في مورد النص ، وليس هو من القائلين بتخصيص العام بالقياس ، كيف وهو لا يقول بالقياس أصلاً.
ولم يقل بما ذكره ابن حزم أحد من السلف أما عمر بن عبدالعزيز فليس في كلامه أن ذلك اليوم مجزئ ، أما عطاء فكلامه فيمن لم يعلم بأن الهلال قد رؤي لا فيمن علم لكن نسي أن ينوي ، أما علي بن أبي طالب فليس في كلامه صيام رمضان أصلاً ولا فيه أن صيام ذلك اليوم مجزئ.
وتعلل أيضاً في التسوية بين الناسي والنائم والجاهل بأن الجميع لم يعلم وجوب الصوم عليه ، وفيه نظر من جهة أن النص ـ على فرض دلالته وقد بينا عدمها ـ دل على أن من لم يكن صام فليتم صومه ، من دون تعليق للحكم على العلم بفرض الصوم أو الجهل به ، فهذا التعليل منه ليس من نص كتاب ولا سنة بل اجتهاد منه ، وهو مصرح بأن مثل هذا باطل.
خاطرة (3) قال رحمه الله 6/170 المسألة 730 : قال رحمه الله : وَلَا يُجْزِئُ صَوْمُ التَّطَوُّعِ إلَّا بِنِيَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ، وَلَا صَوْمُ قَضَاءِ رَمَضَانَ، أَوْ الْكَفَّارَاتِ إلَّا كَذَلِكَ، لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِأَنْ لَا صَوْمَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْهُ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَلَمْ يَخُصَّ النَّصُّ مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا كَانَ فَرْضًا مُتَعَيِّنًا فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ، وَبَقِيَ سَائِرُ ذَلِكَ عَلَى النَّصِّ الْعَامِّ.
وذكر حديث أم المؤمنين عَائِشَةَ ▲ : «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ وَقَالَ مَرَّةً: مِنْ غَدَاءٍ؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: فَإِنِّي إذَنْ صَائِمٌ» . وَقَالَ لَهَا مَرَّةً أُخْرَى: «هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، قَالَ أَمَا إنِّي أَصْبَحْتُ أُرِيدُ الصَّوْمَ فَأَكَلَ»
ثم تعلل في رده بقوله ص 172-173: ( لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَكُنْ نَوَى الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ، وَلَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَصْبَحَ مُفْطِرًا ثُمَّ نَوَى الصَّوْمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ لَقُلْنَا بِهِ، لَكِنْ فِيهِ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، كَانَ يُصْبِحُ مُتَطَوِّعًا صَائِمًا ثُمَّ يُفْطِرُ، وَهَذَا مُبَاحٌ عِنْدَنَا لَا نَكْرَهُهُ، كَمَا فِي الْخَبَرِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي الْخَبَرِ مَا ذَكَرْنَا، وَكَانَ قَدْ صَحَّ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْهُ مِنْ اللَّيْلِ» لَمْ يَجُزْ أَنْ نَتْرُكَ هَذَا الْيَقِينَ لِظَنٍّ كَاذِبٍ)
ويرد عليه أن قوله صلى الله عليه وسلم «فَإِنِّي إذَنْ صَائِمٌ» جواب لقول عائشة رضي الله عنها «لَا» أي ليس عندنا شيء أو غذاء ، فالتقدير «فَإِنِّي إذ ليس عندنا شي صَائِمٌ» فإنه دليل على إنشاء الصيام حيث لم يجد الطعام .
وأيضاً لا دليل على أنه نوى قبلها الصيام ، وعلى فرض قيام الدليل عليه ، فنيته الفطر إذا وجد الطعام قد أبطلها كما قاله ابن حزم في المسألة 732 وعبارته (ومن نوى وهو صائم إبطال صومه بطل)، فلو صام بعد ذلك فهي نية جديدة غير الأولى ، وهو كافٍ في الدلالة على قول الجمهور.
وما رواه عن الصحابة دالٌّ على أن قول النبي ☺ دالٌّ على ما ذكرنا بلفظه ، إذ هو إنما خاطبهم بلغتهم ، ومحال أن يفهموا من كلامه ☺ غير ما تدل عليه لغتهم.
هذا والله أعلم
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

خاطرة (17) قال رحمه الله 6/239 مسألة 758 : (مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا رُئِيَ الْهِلَالُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَهُوَ مِنْ الْبَارِحَةِ وَيَصُومُ النَّاسُ مِنْ حِينَئِذٍ بَاقِيَ يَوْمِهِمْ - إنْ كَانَ أَوَّلَ رَمَضَانَ - وَيُفْطِرُونَ إنْ كَانَ آخِرَهُ، فَإِنْ رُئِيَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ» فَخَرَجَ مِنْ هَذَا الظَّاهِرُ إذَا رُئِيَ بَعْدَ الزَّوَالِ بِالْإِجْمَاعِ الْمُتَيَقِّنِ، وَلَمْ يَجِبْ الصَّوْمُ إلَّا مِنْ الْغَدِ؛ وَبَقِيَ حُكْمُ لَفْظِ الْحَدِيثِ إذَا رُئِيَ قَبْلَ الزَّوَالِ، لِلِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ؛ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى النَّصِّ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْهِلَالَ إذَا رُئِيَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَإِنَّمَا يَرَاهُ النَّاظِرُ إلَيْهِ وَالشَّمْسُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ مَعَ حَوَالَةِ الشَّمْسِ دُونَهُ إلَّا وَقَدْ أَهَلَّ مِنْ الْبَارِحَةِ وَبَعُدَ عَنْهَا بُعْدًا كَثِيرًا)
أقول : أما استدلاله بحديث «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ» فنورد عليه سؤال :
أترى من رأى الهلال في أول صفر يجب عليه صومه لرؤيته ؟
ولا شك أن الجواب : لا .
فنسأل : فمتى يجب الصوم برؤيته ؟

ولا شك أن الجواب أنه يجب إن كان لرمضان .
فنقول : فقد صار معنى الحديث : "صوموا رمضان لرؤية الهلال وأفطروا شوال لرؤية الهلال" فمن أين لكم أن نهار آخر شعبان هو من رمضان حتى يشمله الحديث ؟ فإن الخصم يقول : هو من شعبان فلا يكون مقصوداً بالحديث .
وهكذا آخر رمضان سواء بسواء.
أما قوله : (فَخَرَجَ مِنْ هَذَا الظَّاهِرُ إذَا رُئِيَ بَعْدَ الزَّوَالِ بِالْإِجْمَاعِ الْمُتَيَقِّنِ)
أقول : لا إجماع يقيني في المسألة ، فعَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ غَابَ بِالسَّوَادِ، فَأَبْصَرُوا الْهِلَالَ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ فَأَفْطَرُوا، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: «أَنَّ الْهِلَالَ إِذَا رُئِيَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، فَإِنَّهُ لِلْيَوْمِ الْمَاضِي فَأَفْطِرُوا، فَإِذَا رُئِيَ هِلَالٌ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ، فَإِنَّهُ لِلْيَوْمِ الْجَارِي، فَأَتِمُّوا الصِّيَامَ»
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، أَنَّ النَّاسَ رَأَوْا هِلَالَ الْفِطْرِ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، فَأَفْطَرَ بَعْضُهُمْ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، فَقَالَ: رَآهُ النَّاسُ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ فَأَفْطَرَ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ عُثْمَانُ، «أَمَّا أَنَا فَمُتِمٌّ صِيَامِي إِلَى اللَّيْلِ» قَالَ: «وَرُئِيَ فِي زَمَنِ مَرْوَانَ فَتَوَعَّدَ مَرْوَانُ مَنْ أَفْطَرَ» قَالَ سَعِيدٌ: «فَأَصَابَ مَرْوَانُ»
فكل من أفطر فهو مخالف لا محالة حال إفطاره ، وفعلهم دليل على أنهم يعتقدون أن الهلال بعد الزوال هو لذلك اليوم أو لليلة التي قبله، ولا دليل على أنهم رجعوا عن قولهم ولا دليل على أنهم ليسوا من أهل العلم المعتد بقولهم ، فبطل ما زعمه من اليقين.
أما ما ذكره من الرأي وقوله (ولا شك ...) إلى آخر كلامه فمردود برأي غيره وبشك كل من خالفه ، بل هم يظنون ـ على الأقل ـ أن رأيه خطأ لا يرتفع إلى درجة الظن الشك المستوي الطرفين فضلاً عن أن يكون مظنوناً بل فضلاً عن أن يكون يقيناً لا شك فيه.
والله أعلم.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

[FONT=&quot]خاطرة (18) قال رحمه الله 6/759 مسألة 759 : (لَا يَضُرُّ الصَّوْمَ تَعَمُّدُ تَرْكِ السَّحُورِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُكْمِ اللَّيْلِ وَالصِّيَامُ مِنْ حُكْمِ النَّهَارِ، وَلَا يَبْطُلُ عَمَلٌ بِتَرْكِ عَمَلٍ غَيْرِهِ إلَّا بِأَنْ يُوجِبَ ذَلِكَ نَصٌّ فَيُوقَفُ عِنْدَهُ)
أقول : في كلامه نظر فالنية إن تركها عمداً في الليل بطل صيامه في النهار .[/FONT]
[FONT=&quot]فإن قيل : قد استثناه بقوله (إلَّا بِأَنْ يُوجِبَ ذَلِكَ نَصٌّ فَيُوقَفُ عِنْدَهُ)[/FONT]
[FONT=&quot]قلنا : فقد روى ابن حزم رحمه الله عن عمرو ابن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السُّحُورِ» الحديث أخرجه مسلم ، فمن تعمد ترك السحور فقد تعمد أن يصوم صيام أهل الكتاب وأن لا يصوم صيامنا، وقد تقدم عن ابن حزم رحمه الله قوله عند كلامه على المعاصي من المفطرات : (وَمَنْ لَمْ يَصُمْ كَمَا أُمِرَ، فَلَمْ يَصُمْ) ولا شك أن من صام صوم أهل الكتاب دون صيام المسلمين لم يصم كما أمره الله . هذا مقتضى كلامه ومذهبه.[/FONT]
والله أعلم
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

[FONT=&quot]خاطرة (19) قال رحمه الله : (وَمَنْ تَعَمَّدَ الْفِطْرَ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ عَاصِيًا لِلَّهِ تَعَالَى لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ فِي بَاقِيهِ وَلَا أَنْ يَشْرَبَ، وَلَا أَنْ يُجَامِعَ وَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى إنْ فَعَلَ - وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ غَيْرُ صَائِمٍ - والله أعلم )[/FONT]
[FONT=&quot]وفرق بينه وبين من انقضى حيضها ونفاسها في نهار رمضان وقادم من سفر ومن أسلم والمفيق من المرض ومن يبلغ في نهار رمضان لم يرَ وجوب الإمساك عليهم ، وزعم أن لا تناقض من أجل أن متعمد الفطر عاصٍ ومن ذكرنا ليسوا بعاصين بل مطيعين ، ولا فرق بل التناقض لازم له من أجل أن الفطر عنده لم يكن متعلق بالطاعة والمعصية ، بل بكون الأمساك بعض الفطر ليس بصيام وغير مجزٍ عن ذلك اليوم ، فإنه قال في غير المتعمد العاصي : (فَصَحَّ أَنَّهُمْ فِي هَذَا الْيَوْمِ غَيْرُ صَائِمِينَ أَصْلًا، وَإِذَا كَانُوا غَيْرَ صَائِمِينَ فَلَا مَعْنَى لِصِيَامِهِمْ، وَلَا أَنْ يُؤْمَرُوا بِصَوْمٍ لَيْسَ صَوْمًا، وَلَا هُمْ مُؤَدُّونَ بِهِ فَرْضًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَا هُمْ عَاصُونَ لَهُ بِتَرْكِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]3/242 وهذا القدر مشترك بين العاصي والمطيع ، فإن من أفطر عمداً فليس بصائم ، ولا معنى لصيامه ، ولا في أمره بصوم ليس هو بصوم ، ولا هو بإمساكه بعد فطره يكون مؤدٍّ لفرض الله ، ولا دليل على أنه عاصٍ بترك الإمساك بعد الفطر ، وإنما معصيته في فطره الحاصل بتعمد الأكل أو الشرب أو الجماع أو القيء أولاً ، أما بعده فليس شيء من ذلك فطراً لعدم وجود الصوم حينئذٍ ، ولا هو تزيد في الفطر كما زعمه ، وإلا كان تنقيصاً للصوم ، فإن لم يكن بعد فطره صيام ينقص ، فليس ثمة فطر يزيد ، بل فطر فقط.[/FONT]​
[FONT=&quot]أما ما نقله من الإجماع ، فهو على أنه عاصٍ بتعمد الفطر ، ولا إجماع على أنه عاصٍ بالأكل بعد الفطر ، كيف وقد نقل هو الخلاف فيه عن الحسن وعطاء.[/FONT]​
[FONT=&quot]والله أعلم[/FONT]​
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

خاطرة (20) قال رحمه الله 6/243 مسألة 762 : (وَمَنْ سَافَرَ فِي رَمَضَانَ - سَفَرَ طَاعَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ، أَوْ لَا طَاعَةَ وَلَا مَعْصِيَةَ - فَفَرْضٌ عَلَيْهِ الْفِطْرُ إذَا تَجَاوَزَ مِيلًا، أَوْ بَلَغَهُ، أَوْ إزَاءَهُ، وَقَدْ بَطَلَ صَوْمُهُ حِينَئِذٍ لَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَيَقْضِي بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَيَّامٍ أُخَرَ، وَلَهُ أَنْ يَصُومَهُ تَطَوُّعًا، أَوْ عَنْ وَاجِبٍ لَزِمَهُ، أَوْ قَضَاءً عَنْ رَمَضَانَ خَالٍ لَزِمَهُ، وَإِنْ وَافَقَ فِيهِ يَوْمَ نَذْرِهِ صَامَهُ لِنَذْرِهِ) أقول : قد كنت أفردت هذه المسألة بموضوع يمكنك أن تراه هنا :
http://www.feqhweb.com/vb/t11193

أما قوله : (سَفَرَ طَاعَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ، أَوْ لَا طَاعَةَ وَلَا مَعْصِيَةَ)
أقول : وإذا قد بان لك صحة ما ذهب إليه الجمهور ، فاعلم أنه قد صح عنه صلى الله عليه وسلم في صيام السفر قوله : (هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللهِ، فَمَنْ أَخَذَ بِهَا، فَحَسَنٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ) وصح عنه قوله : (إِنَّكُمْ قَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ، وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ)​
وإذا قد ثبت أن الفطر رخصة ، وأنه أقوى للمسافر على مقصوده بالسفر، فمن أباح لمن أراد بسفره المعصية الفطر فقد رخص له في التقوي على معصيته ، وهو لا يجوز لعموم قوله سبحانه {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} وكيف يتقيه من يتقوى بالفطر ليعصيه ، وكيف يتقيه من يقول للمسافر ليعصي الله : "إفطر فإنه أقوى لك" ؟!​
أما قوله : (وَالْقَوْمُ أَصْحَابُ قِيَاسٍ بِزَعْمِهِمْ، وَلَا يَخْتَلِفُونَ: أَنَّ مَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ، أَوْ ضَارَبَ قَوْمًا ظَالِمًا لَهُمْ مُرِيدًا قَتْلَهُمْ، وَأَخْذَ أَمْوَالِهِمْ فَدَفَعُوهُ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَثْخَنُوهُ ضَرْبًا فِي تِلْكَ الْمُدَافَعَةِ حَتَّى أَوْهَنُوهُ؛ فَمَرِضَ مِنْ ذَلِكَ مَرَضًا لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الصَّوْمِ، وَلَا عَلَى الصَّلَاةِ قَائِمًا؛ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ وَيُصَلِّي قَاعِدًا وَيَقْصُرُ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ مَرَضِ الْمَعْصِيَةِ وَسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ)​
أقول : لو رددنا عليه السؤال وقلنا : بل أين الجامع بينهما ، لما وجد سوى اشتراكهما في الإضافة إلى المعصية لا غير ، ولا يعتمد هذا أحد شم من العلم عموماً والقياس خصوصاً شمة وفقهها ، لكن دفعاً للشغب نقول :​
السفر للمعصية وسيلة إليها والفطر فيه تقوية على فعل المقصود بها، والمرض بسبب المعصية نتيجة لها لا والفطر فيه لا يقوي على فعل المعصية ؛ لأنها قد انقضت.​
ولو شغبنا عليه كما فعل لقلنا : وإن استوى السفر والمرض في الإضافة إلى المعصية ، فقد اختلفت المعصية فيما إضيفت إليه وهو السفر والمرض ، فمن إين له أن المضاف مؤثر دون المضاف إليه ، ولم لا يكون المضاف إليه هو العلة دون المضاف.​
ولا حاجة إلى مثل هذا ، لكنه رحمه الله لا يكتفى بالرد حتى يضيف إليه من الشغب والتشنيع على خصومه ما يستعديهم به على نفسه ، رحمه الله وغفر لنا وله.​
والله أعلم.​
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

قال رحمه الله 6/243-244: (وَأَمَّا الْمِقْدَارُ الَّذِي يُفْطِرُ فِيهِ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مُتَقَصَّى - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَنَذْكُرُ هَاهُنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ طَرَفًا -: وَهُوَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ حَدَّ السَّفَرَ [الَّذِي يُفْطِرُ فِيهِ] مِنْ الزَّمَانِ بِمَسِيرِ ثَلَاثَةٍ أَيَّامٍ، وَمِنْ الْمَسَافَاتِ بِمِقْدَارِ مَا بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالْمَدَائِنِ؛ ذَكَرَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ؟ وَحَدَّ الشَّافِعِيِّ ذَلِكَ بِسِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ مِيلًا ...) إلى آخر ما قاله رحمه الله.
أقول اختصاراً : ذهب الجمهور إلى أن القصر والفطر في السفر من أجل المشقة ، فالسفر وإن كان عاماً يشمل القصير والطويل ، إلا أن المقصود الذي هو دفع المشقة لا يحصل إلا في السفر الذي فيه مشقة ، ولذا لم يعتمد الصحابة هذا العموم ويحكموا به في كل سفر ، بل حدد كثيرٌ منهم مقدار السفر الطويل الذي يحل فيه القصر والفطر ، وهم أعلم بدلالات الألفاظ عموماً وبمعاني ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وسلم خصوصاً من غيرهم ، فلو كان عدم الالتزام بالعموم هنا وتخصيصه بالعلة أو المقصود من النص معيباً ، كان أحق الناس بالعيب الصحابة رضي الله عنهم وحاشاهم .
وإذا عرفت هذا فقد بحث فقهاء الجمهور عن المشقة المعتبرة شرعاً في السفر ، وذلك بالنظر إلى أسفار رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ترخص فيها بالقصر ، ثم النظر في أقل مسافة اتفق على القصر فيها الصحابة رضي الله عنهم ثم في باقي ما اختلفوا فيه ودليله .
فكل تشنيع يطلقه عليهم ابن حزم رحمه الله يتناول الصحابة أولاً .
على أن ابن حزم رحمه الله ليس من مطلقي الحكم في كل سفر ، بل قيده بالخروج عن المحلة مقدار ميل فقال 5/19-20 : (وَالسَّفَرُ: هُوَ الْبُرُوزُ عَنْ مَحَلَّةِ الْإِقَامَةِ، وَكَذَلِكَ الضَّرْبُ فِي الْأَرْضِ، هَذَا الَّذِي لَا يَقُولُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ - الَّتِي بِهَا خُوطِبْنَا وَبِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ - سِوَاهُ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ هَذَا الْحُكْمِ إلَّا مَا صَحَّ النَّصُّ بِإِخْرَاجِهِ؟ ... فَلَمْ يَجُزْ لَنَا أَنْ نُوقِعَ اسْمَ سَفَرٍ وَحُكْمَ سَفَرٍ إلَّا عَلَى مَنْ سِمَاهُ مَنْ هُوَ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ سَفَرًا، فَلَمْ نَجِدْ ذَلِكَ فِي أَقَلَّ مِنْ مِيلٍ ، فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ خَرَجْت مِيلًا لَقَصَرْت الصَّلَاةَ، فَأَوْقَعْنَا اسْمَ السَّفَرِ وَحُكْمَ السَّفَرِ فِي الْفِطْرِ وَالْقَصْرِ عَلَى الْمِيلِ فَصَاعِدًا، إذْ لَمْ نَجِدْ عَرَبِيًّا وَلَا شَرِيعِيًّا عَالِمًا أَوْقَعَ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُ اسْمَ سَفَرٍ، وَهَذَا بُرْهَانٌ صَحِيحٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ)
فقيَّد السفر واتبع في ذلك قول صحابي خالفه غيره ، فاستوى بذلك مع الجمهور ، غير أنه خالفهم بعدم مراعاة مقصد أصلاً ، فكانوا هم أحق بالصواب منه ، حيث المشقة فيما قدروه ظاهرة وانتفاءها فيما قدره هو ظاهر أيضاً.
على أن استدلاله بأثر ابن عمر لا دلالة فيه، وأقل منه قد ورد لا كما زعم.
فعن محمد بن كعب قال : (أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد السفر ، وقد رُحِّلت راحلته ، ولبس ثياب السفر ، فدعا بطعام فأكل ، فقلت : سنة ؟ قال : سنة ، ثم ركب) رواه الترمذي وقال : هذا حديث حسن ، وصححه ابن العربي والضياء المقدسي وغيرهم وقد جمع الشيخ الألباني رحمه الله الكلام عليه في رسالته (تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر والرد على من ضعفه).
فدل على أن من رحلت راحلته ولبس ثياب السفر وعزم عليه فهو مسافر ولو كان في المحلة.
فإن قال : كلا ، بل هذا دليل على جواز الفطر لمن هذا حاله عند أنس ، لا أن فعله هذا سفر.
قلنا : فهلا قلتم ذلك في رواية ابن عمر!
وليس في كلام ابن عمر رضي الله عنه أن من خرج عن المحلة أقل من ميل ليس بمسافر ، بل غايته أنه ليس له أن يفطر ما لم يبلغ خروجه عن محلته ميلاً ، ويبطله ما ذكره هو عن ابن عمر بأسانيد صححها أنه لا يُقصر في أقل مما بين المدينة وخيبر ، والتوفيق بين الروايتين أن ابن عمر رضي الله عنه إن أراد أن يسافر سفراً بمقدار ما بين المدينة وخيبر ابتدأ القصر من خروجه عن المحلة نحو ميل ، وإن أراد سفراً أقصر مما بين المدينة وخيبر لم يقصر أصلاً. وهذا جمع بسيط واضح متعين ، وهو خير من حمل روايتيه على التناقض.
وقد نقل هو عن أهل اللغة أن السفر هو البروز عن محلة الإقامة ، وهذا يعم الخروج عن المحلة مقدار ميل وفوقه ودونه ، فبطلت دعواه عدم وجود من أطلق السفر على ما دون الميل.
والجمهور لا يخالفون في كون من خرج عن محلته يبتدء القصر ، وإن اختلفوا في بعض تفاصيل الخروج عن المحلة ، ومنهم من أباح القصر قبل الخروج عن المحلة ما دام خرج لسفر طويل.
فبان أنهم أحق بالظاهر منه ، وأحق منهم بالظاهر من قال بجواز القصر في كل سفر ولو لم يبلغ ميلاً واحداً خارج المحلة ، لكن هذا جمود.
والله أعلم.قال رحمه الله 6/243-244: (وَأَمَّا الْمِقْدَارُ الَّذِي يُفْطِرُ فِيهِ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مُتَقَصَّى - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَنَذْكُرُ هَاهُنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ طَرَفًا -: وَهُوَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ حَدَّ السَّفَرَ [الَّذِي يُفْطِرُ فِيهِ] مِنْ الزَّمَانِ بِمَسِيرِ ثَلَاثَةٍ أَيَّامٍ، وَمِنْ الْمَسَافَاتِ بِمِقْدَارِ مَا بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالْمَدَائِنِ؛ ذَكَرَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ؟ وَحَدَّ الشَّافِعِيِّ ذَلِكَ بِسِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ مِيلًا ...) إلى آخر ما قاله رحمه الله.
أقول اختصاراً : ذهب الجمهور إلى أن القصر والفطر في السفر من أجل المشقة ، فالسفر وإن كان عاماً يشمل القصير والطويل ، إلا أن المقصود الذي هو دفع المشقة لا يحصل إلا في السفر الذي فيه مشقة ، ولذا لم يعتمد الصحابة هذا العموم ويحكموا به في كل سفر ، بل حدد كثيرٌ منهم مقدار السفر الطويل الذي يحل فيه القصر والفطر ، وهم أعلم بدلالات الألفاظ عموماً وبمعاني ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وسلم خصوصاً من غيرهم ، فلو كان عدم الالتزام بالعموم هنا وتخصيصه بالعلة أو المقصود من النص معيباً ، كان أحق الناس بالعيب الصحابة رضي الله عنهم وحاشاهم .
وإذا عرفت هذا فقد بحث فقهاء الجمهور عن المشقة المعتبرة شرعاً في السفر ، وذلك بالنظر إلى أسفار رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ترخص فيها بالقصر ، ثم النظر في أقل مسافة اتفق على القصر فيها الصحابة رضي الله عنهم ثم في باقي ما اختلفوا فيه ودليله .
فكل تشنيع يطلقه عليهم ابن حزم رحمه الله يتناول الصحابة أولاً .
على أن ابن حزم رحمه الله ليس من مطلقي الحكم في كل سفر ، بل قيده بالخروج عن المحلة مقدار ميل فقال 5/19-20 : (وَالسَّفَرُ: هُوَ الْبُرُوزُ عَنْ مَحَلَّةِ الْإِقَامَةِ، وَكَذَلِكَ الضَّرْبُ فِي الْأَرْضِ، هَذَا الَّذِي لَا يَقُولُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ - الَّتِي بِهَا خُوطِبْنَا وَبِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ - سِوَاهُ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ هَذَا الْحُكْمِ إلَّا مَا صَحَّ النَّصُّ بِإِخْرَاجِهِ؟ ... فَلَمْ يَجُزْ لَنَا أَنْ نُوقِعَ اسْمَ سَفَرٍ وَحُكْمَ سَفَرٍ إلَّا عَلَى مَنْ سِمَاهُ مَنْ هُوَ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ سَفَرًا، فَلَمْ نَجِدْ ذَلِكَ فِي أَقَلَّ مِنْ مِيلٍ ، فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ خَرَجْت مِيلًا لَقَصَرْت الصَّلَاةَ، فَأَوْقَعْنَا اسْمَ السَّفَرِ وَحُكْمَ السَّفَرِ فِي الْفِطْرِ وَالْقَصْرِ عَلَى الْمِيلِ فَصَاعِدًا، إذْ لَمْ نَجِدْ عَرَبِيًّا وَلَا شَرِيعِيًّا عَالِمًا أَوْقَعَ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُ اسْمَ سَفَرٍ، وَهَذَا بُرْهَانٌ صَحِيحٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ)
فقيَّد السفر واتبع في ذلك قول صحابي خالفه غيره ، فاستوى بذلك مع الجمهور ، غير أنه خالفهم بعدم مراعاة مقصد أصلاً ، فكانوا هم أحق بالصواب منه ، حيث المشقة فيما قدروه ظاهرة وانتفاءها فيما قدره هو ظاهر أيضاً.
على أن استدلاله بأثر ابن عمر لا دلالة فيه، وأقل منه قد ورد لا كما زعم.
فعن محمد بن كعب قال : (أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد السفر ، وقد رُحِّلت راحلته ، ولبس ثياب السفر ، فدعا بطعام فأكل ، فقلت : سنة ؟ قال : سنة ، ثم ركب) رواه الترمذي وقال : هذا حديث حسن ، وصححه ابن العربي والضياء المقدسي وغيرهم وقد جمع الشيخ الألباني رحمه الله الكلام عليه في رسالته (تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر والرد على من ضعفه).
فدل على أن من رحلت راحلته ولبس ثياب السفر وعزم عليه فهو مسافر ولو كان في المحلة.
فإن قال : كلا ، بل هذا دليل على جواز الفطر لمن هذا حاله عند أنس ، لا أن فعله هذا سفر.
قلنا : فهلا قلتم ذلك في رواية ابن عمر!
وليس في كلام ابن عمر رضي الله عنه أن من خرج عن المحلة أقل من ميل ليس بمسافر ، بل غايته أنه ليس له أن يفطر ما لم يبلغ خروجه عن محلته ميلاً ، ويبطله ما ذكره هو عن ابن عمر بأسانيد صححها أنه لا يُقصر في أقل مما بين المدينة وخيبر ، والتوفيق بين الروايتين أن ابن عمر رضي الله عنه إن أراد أن يسافر سفراً بمقدار ما بين المدينة وخيبر ابتدأ القصر من خروجه عن المحلة نحو ميل ، وإن أراد سفراً أقصر مما بين المدينة وخيبر لم يقصر أصلاً. وهذا جمع بسيط واضح متعين ، وهو خير من حمل روايتيه على التناقض.
وقد نقل هو عن أهل اللغة أن السفر هو البروز عن محلة الإقامة ، وهذا يعم الخروج عن المحلة مقدار ميل وفوقه ودونه ، فبطلت دعواه عدم وجود من أطلق السفر على ما دون الميل.
والجمهور لا يخالفون في كون من خرج عن محلته يبتدء القصر ، وإن اختلفوا في بعض تفاصيل الخروج عن المحلة ، ومنهم من أباح القصر قبل الخروج عن المحلة ما دام خرج لسفر طويل.
فبان أنهم أحق بالظاهر منه ، وأحق منهم بالظاهر من قال بجواز القصر في كل سفر ولو لم يبلغ ميلاً واحداً خارج المحلة ، لكن هذا جمود.
والله أعلم.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

قال رحمه الله 6/243-244: (وَأَمَّا الْمِقْدَارُ الَّذِي يُفْطِرُ فِيهِ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مُتَقَصَّى - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَنَذْكُرُ هَاهُنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ طَرَفًا -: وَهُوَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ حَدَّ السَّفَرَ [الَّذِي يُفْطِرُ فِيهِ] مِنْ الزَّمَانِ بِمَسِيرِ ثَلَاثَةٍ أَيَّامٍ، وَمِنْ الْمَسَافَاتِ بِمِقْدَارِ مَا بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالْمَدَائِنِ؛ ذَكَرَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ؟ وَحَدَّ الشَّافِعِيِّ ذَلِكَ بِسِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ مِيلًا ...) إلى آخر ما قاله رحمه الله.

أقول اختصاراً : ذهب الجمهور إلى أن القصر والفطر في السفر من أجل المشقة ، فالسفر وإن كان عاماً يشمل القصير والطويل ، إلا أن المقصود الذي هو دفع المشقة لا يحصل إلا في السفر الذي فيه مشقة ، ولذا لم يعتمد الصحابة هذا العموم ويحكموا به في كل سفر ، بل حدد كثيرٌ منهم مقدار السفر الطويل الذي يحل فيه القصر والفطر ، وهم أعلم بدلالات الألفاظ عموماً وبمعاني ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وسلم خصوصاً من غيرهم ، فلو كان عدم الالتزام بالعموم هنا وتخصيصه بالعلة أو المقصود من النص معيباً ، كان أحق الناس بالعيب الصحابة رضي الله عنهم ، وحاشاهم .
إذا عرفت هذا فقد بحث فقهاء الجمهور عن المشقة المعتبرة شرعاً في السفر ، وذلك بالنظر إلى أسفار رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تَرَخَّصَ فيها بالقصر ، ثم النظر في أقل مسافة اتفق على القصر فيها الصحابة رضي الله عنهم ، ثم في باقي ما اختلفوا فيه ودليله . فكل تشنيع يطلقه عليهم ابن حزم رحمه الله يتناول الصحابة أولاً .
على أن ابن حزم رحمه الله ليس من مطلقي الحكم في كل سفر ، بل قيده بالخروج عن المحلة مقدار ميل فقال 5 /19-20 : (وَالسَّفَرُ: هُوَ الْبُرُوزُ عَنْ مَحَلَّةِ الْإِقَامَةِ، وَكَذَلِكَ الضَّرْبُ فِي الْأَرْضِ، هَذَا الَّذِي لَا يَقُولُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ - الَّتِي بِهَا خُوطِبْنَا وَبِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ - سِوَاهُ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ هَذَا الْحُكْمِ إلَّا مَا صَحَّ النَّصُّ بِإِخْرَاجِهِ؟ ... فَلَمْ يَجُزْ لَنَا أَنْ نُوقِعَ اسْمَ سَفَرٍ وَحُكْمَ سَفَرٍ إلَّا عَلَى مَنْ سِمَاهُ مَنْ هُوَ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ سَفَرًا، فَلَمْ نَجِدْ ذَلِكَ فِي أَقَلَّ مِنْ مِيلٍ ، فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ خَرَجْت مِيلًا لَقَصَرْت الصَّلَاةَ، فَأَوْقَعْنَا اسْمَ السَّفَرِ وَحُكْمَ السَّفَرِ فِي الْفِطْرِ وَالْقَصْرِ عَلَى الْمِيلِ فَصَاعِدًا، إذْ لَمْ نَجِدْ عَرَبِيًّا وَلَا شَرِيعِيًّا عَالِمًا أَوْقَعَ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُ اسْمَ سَفَرٍ، وَهَذَا بُرْهَانٌ صَحِيحٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ)
قيَّد السفر واتبع في ذلك قول صحابي خالفه غيره ، فاستوى بذلك مع الجمهور ، غير أنه خالفهم بعدم مراعاة مقصدٍ أصلاً ، فكانوا هم أحق بالصواب منه ، حيث المشقة فيما قدروه ظاهرة وانتفاءها فيما قدره هو ظاهر أيضاً.
على أن استدلاله بأثر ابن عمر لا دلالة فيه، وأقل منه قد ورد لا كما زعم.
فعن محمد بن كعب قال : (أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد السفر ، وقد رُحِّلت راحلته ، ولبس ثياب السفر ، فدعا بطعام فأكل ، فقلت : سنة ؟ قال : سنة ، ثم ركب) رواه الترمذي وقال : هذا حديث حسن ، وصححه ابن العربي والضياء المقدسي وغيرهم وقد جمع الشيخ الألباني رحمه الله الكلام عليه في رسالته (تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر والرد على من ضعفه).
فدل على أن من رحلت راحلته ولبس ثياب السفر وعزم عليه؛ فهو مسافر ولو كان في المحلة.
فإن قال : كلا ، بل هذا دليل على جواز الفطر لمن هذا حاله عند أنس ، لا أن فعله هذا سفر.
قلنا : فهلا قلتم ذلك في رواية ابن عمر!
وليس في كلام ابن عمر رضي الله عنه أن من خرج عن المحلة أقل من ميل ليس بمسافر ، بل غايته أنه ليس له أن يفطر ما لم يبلغ خروجه عن محلته ميلاً ، ويبطله ما ذكره هو عن ابن عمر بأسانيد صححها أنه لا يُقصرُ في أقل مما بين المدينة وخيبر ، والتوفيق بين الروايتين أن ابن عمر رضي الله عنه إن أراد أن يسافر سفراً بمقدار ما بين المدينة وخيبر ابتدأ القصر من خروجه عن المحلة نحو ميل ، وإن أراد سفراً أقصر مما بين المدينة وخيبر لم يقصر أصلاً.
وهذا جمع بسيط واضح متعين ، وهو خير من حمل روايتيه على التناقض.
وقد نقل هو عن أهل اللغة أن السفر هو البروز عن محلة الإقامة ، وهذا يعم الخروج عن المحلة مقدار ميل وفوقه ودونه ، فبطلت دعواه عدم وجود من أطلق السفر على ما دون الميل.
والجمهور لا يخالفون في كون من خرج عن محلته يبتدء القصر ، وإن اختلفوا في بعض تفاصيل الخروج عن المحلة ، ومنهم من أباح القصر قبل الخروج عن المحلة ما دام خرج لسفر طويل.
فبان أنهم أحق بالظاهر منه ، وأحق منهم بالظاهر من قال بجواز القصر في كل سفر ولو لم يبلغ ميلاً واحداً خارج المحلة ، لكن هذا جمود.
والله أعلم.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

قد كنت أجزت نقل الموضوع إلى الملتقيات والمنتديات الأخرى ، وقمت أنا بنقل بعض المواضيع

فالآن لا أجيز ذلك لأحد حتى يتفق مع إدارة الموقع على ذلك
وهذا يعم كافة ما أكتبه في الملتقى


 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

خاطرة (21) : قال رحمه الله 6/261 مسألة (768) : (وَالْمُتَابَعَةُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَاجِبَةٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَيَقْضِيهَا مُتَفَرِّقَةً وَتُجْزِئُهُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وَلَمْ يَحُدَّ تَعَالَى فِي ذَلِكَ وَقْتًا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ بِخُرُوجِهِ.
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ - نَعْنِي أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ قَضَائِهَا مُتَفَرِّقَةً ... )​
أقول : أما قوله سبحانه : {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} فهو عام يشمل جميع الطاعات ، والنوافل لا تجب المسارعة إليها ، والعامل واحد فعلمنا أنه حض على المبادرة لا إلزم بها. وقال الإسنوي رحمه الله : "فالمقتضى أن المضمر لصحة الكلام لا عموم له كما سنعرفه في العموم، فيختص ذلك بما اتفق على وجوب تعجيله ولا يعم كل مأمور" (نهاية السول) ص 176 ، وفي نفسي من استدلاله هذا.
والعمدة في رد الاستدلال بالآية حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قالت: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلَّا فِي شَعْبَانَ، الشُّغْلُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»​
ولو كانت المبادرة واجبة ما شغلها عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدل شغله صلى الله عليه وسلم لها عن البدار على عدم وجوبه.​
فإن قيل : فما وجه الدلالة على جواز التفريق.​
قلنا : لو جاز تأخير القضاء كله جاز تأخير بعضه من بابِ أولى ، وهذا بالنظر إلى أن سبب وجوب التتابع هو الأمر بالمسارعة في الآية السابقة.​
أما قراءة {متتابعات} فلم يحتج بها ابن حزم ، بل أنكر الإستدلال بها ، فلا حاجة معه إلى الكلام عليها ، وإن كان أقوى من استدلاله ولا يرد عليه ما قدمناه في حديث عائشة.​
خاطرة (22) قال رحمه الله 6/ 261 مسألة (769) : (وَالْأَسِيرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ إنْ عَرَفَ رَمَضَانَ لَزِمَهُ صِيَامُهُ إنْ كَانَ مُقِيمًا ... فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الشَّهْرَ وَأَشْكَلَ عَلَيْهِ سَقَطَ عَنْهُ صِيَامُهُ وَلَزِمَتْهُ أَيَّامٌ أُخَرُ إنْ كَانَ مُسَافِرًا ، وَإِلَّا فَلَا.
... وَبُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فَلَمْ يُوجِبْ اللَّهُ تَعَالَى صِيَامَهُ إلَّا عَلَى مَنْ شَهِدَهُ، وَبِالضَّرُورَةِ نَدْرِي أَنَّ مَنْ جَهِلَ وَقْتَهُ فَلَمْ يَشْهَدْهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} فَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِي وُسْعِهِ مَعْرِفَةُ دُخُولِ رَمَضَانَ فَلَمْ يُكَلِّفْهُ اللَّهُ تَعَالَى صِيَامَهُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَمَنْ سَقَطَ عَنْهُ صَوْمُ الشَّهْرِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَوْمُ غَيْرِ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ.
فَإِنْ صَحَّ عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِيهِ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا فَعَلَيْهِ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْمَرِيضِ فِيهِ وَالْمُسَافِرِ فِيهِ وَهُوَ عِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، فَيَقْضِي الْأَيَّامَ الَّتِي سَافَرَ، وَاَلَّتِي مَرِضَ فَقَطْ وَلَا بُدَّ؛ وَإِنْ لَمْ يُوقِنْ بِأَنَّهُ مَرِضَ فِيهِ أَوْ سَافَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ)​
أقول : في كلامه رحمه الله تناقض ، فإنه استدل على سقوط الصيام بعدم الشهود وأن الله لم يفرضه إلا على من شهد ، وقال (وبالضرورة ندري أن من جهل وقته فلم يشهده) وأن من كان هذا حاله فليس مكلفاً بصيامه ومن ثم ليس مكلفاً بقضاءه.
ولو صح هذا فكان يجب على من كان مريضاً أو على سفر أن لا يقضي ، فإنه لا يجب عليه صيام عدة من أيام أخر إلا إذا شهد الشهر لقوله سبحانه {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فإذا لم تجب على المريض أو المسافر عدة من أيام أخر إلا بشهود الشهر ؛ فلم يجب عليه شيء ، ومن لم يجب عليه شيء لم يجب عليه قضاؤه.
أما استدلاله بقوله {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ} فإن أراد بالشهود الرؤيا ، رددنا عليه بأن السنة أثبتت الصيام على من لم يرَ الهلال بشهادة العدول وبإكمال شهر شعبان ثلاثين ، وكلاهما لا رؤية فيه.
فإن قال : الآية عامة والسنة مخصصة.
قلنا : هذا لا يكون إلا بمفهوم المخالفة وهو مردود عندك.
وبيانه أن الآية دلت ـ على هذا القول ـ بأن كل من لم يشهد الشهر لم يصمه بمفهومها ، أما منطوقها فمختص بمن شهد ، والسنة لم تخصص بع من شهد بوجوب الصيام ، فإن هذا حاصل بالمنطوق لكل من شهد ، ولكنها خصصت بعض من لم يشهد بوجوب الصيام متى حصل له العلم بالحساب أو بإخبار العدول.
وعلى مذهبكم فالآية لم تدل على عدم وجب الصوم على من لم يشهد أصلاً ، إلا أن يكون ذلك عملاً بالأصل من عدم الوجوب حتى يأتِ الدليل.
وحينئذٍ نقول : قد أوجب النبي صلى الله عليه وسلم على الناس الصيام حين شهد عنده أعرابي ومرة حين شهد ابن عمر ولم يعلل ذلك بكونه خبر ثقة ، والتعليل عندكم باطل ، فلا يعلل بذلك ، ولو جوزتموه وقلتم إنما أمر بذلك لكون الأعرابي وابن عمر ثقتان ، جاز لغيركم أن يعلل ويقول : إنما قبل خبر الثقتان لأن الظن بحصل بخبرهم دون غيرهم ، وعليه فكل طريق يحصل به الظن كافٍ لمن لا يقدر على أكثر منه .
وعليه فإن الأسير إن اجتهد وحصل له الظن بأنه شهد الشهر فقد دخل في قوله سبحانه {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ، وسقط عنه اعتبار الرؤيا والبحث عن خبر الثقة لقوله سبحانه {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} ، ولا تكون هذه الآيات دالة على سقوط فرضِ الصيام ، بل على سقوط اعتبار الرؤيا والبحث عن خبر الثقة وإكمال عدة شعبان ، لأن المعسور وما ليس في الوسع المذكور في الآيات ليس هو الصيام ، بل هذا مقدور ، وإنما المعسور الطرق المذكورة في تحصيل الوقت ، فتسقط وليس عليه سوى التحري بما أمكن.
والله أعلم
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

خاطرة (23) قال رحمه الله 6/262 مسألة (770) : (وَالْحَامِلُ، وَالْمُرْضِعُ، وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ كُلُّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالصَّوْمِ فَصَوْمُ رَمَضَانَ فَرْضٌ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ خَافَتْ الْمُرْضِعُ عَلَى الْمُرْضَعِ قِلَّةَ اللَّبَنِ وَضَيْعَتَهُ لِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا، أَوْ لَمْ يَقْبَلْ ثَدْيَ غَيْرِهَا، أَوْ خَافَتْ الْحَامِلُ عَلَى الْجَنِينِ، أَوْ عَجَزَ الشَّيْخُ عَنْ الصَّوْمِ لِكِبَرِهِ: أَفْطَرُوا وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمْ وَلَا إطْعَامَ)

أقول : ينبغي أن لا يصح هذا عنده ، فإنهم إن كانوا مخاطبين فقد ثبت عليهم الفرض بنفس الخطاب ولا يسقط الفرض عنده بالعجز ، كما قال في خصال الكفارة : (ومنْ كانَ عاجزاً عنْ ذلكَ كله ففرضُه الإطعامُ ، وهو باقٍ عليه) ولم يثبت الفرض عليه عنده إلا بالخطاب ، ولم يسقط عنه بعجزه ، فكان ينبغي هنا أن لا يُسْقِطَ عنهم الفرض بالعجز ويجعله باقياً عليه فيصوم متى قدر.

قال رحمه الله : (وَأَمَّا وُجُوبُ الْفِطْرِ عَلَيْهِمَا فِي الْخَوْفِ عَلَى الْجَنِينِ، وَالرَّضِيعِ فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ» فَإِذْ رَحْمَةُ الْجَنِينِ، وَالرَّضِيعِ: فَرْضٌ، وَلَا وُصُولَ إلَيْهَا إلَّا بِالْفِطْرِ: فَالْفِطْرُ فَرْضٌ؛ وَإِذْ هُوَ فَرْضٌ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُمَا الصَّوْمُ، وَإِذَا سَقَطَ الصَّوْمُ فَإِيجَابُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا شَرْعٌ لَمْ يَأْذَنْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَلَمْ يُوجِبْ اللَّهُ تَعَالَى الْقَضَاءَ إلَّا عَلَى الْمَرِيضِ، وَالْمُسَافِرِ)

أقول : قد قدم رحمه الله أنهم مخاطبون بالصيام ، وتقدم من كلامه أن من وجب عليه فرض لم يسقط بعجزه عنه ، بل هو باقٍ عليه حتى يقدر ، فلا حاجة إلى نص جديد لإثبات الفرض ، والسقوط إنما هو وقت العجز فقط.

أما ما استدل به على وجوب الفطر على الحامل والرضيع ففيه نظر ، فإن قوله سبحانه {قد خسر الذين قتلوا أولادهم ...} هذا في القتل عدواناً عمداً ، بدليل أنه لم يقتل القاتل عدواناً لم يخسر ، وكذا قوله سبحانه {سفهاً بغير علم} فإن الصيام ليس بسفه ، والآيات والأحاديث التي فرضته علم.

ثم إن فرض الصيام على الحامل والمرضع قد علم بيقين ، وخوف تضرر الولد ظن ، وهو لا يعمل به مع عدم المعارض ، فكيف عمل به هنا مع وجوده ؟ وقوله صلى الله عليه وسلم "من لا يرحم لا يرحم" لا دلالة فيه لأن الرحمة قد تجامع القتل كما في حديث مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأَذْبَحُ الشَّاةَ، وَأَنَا أَرْحَمُهَا - أَوْ قَالَ: إِنِّي لَأَرْحَمُ الشَّاةَ أَنْ أَذْبَحَهَا - فَقَالَ: «وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللَّهُ» ، فلا حاجة إلى الفعل لتحصيل الرحمة كما زعم.

قال رحمه الله (وَإِذْ هُوَ فَرْضٌ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُمَا الصَّوْمُ، وَإِذَا سَقَطَ الصَّوْمُ فَإِيجَابُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا شَرْعٌ لَمْ يَأْذَنْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ)

أقول : ينبغي على ما جرى عليه من عدم سقوط الفرض بعد ثبوته أن الصيام هنا لم يسقط ، بل يفطران مع ثبوت الفرض في الذمة كما قدمناه عنه وقاله في غير ما مسألة كالرجل يجن أو يغمى عليه حال صيامه ، وفرض الفطر عليه هو سقوط خطابه بالصوم ، وقد قال 6/226 : (وَكُنَّا نَقُولُ: إذَا رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْهُ فَهُوَ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِصَوْمٍ وَلَا بِصَلَاةٍ. ثُمَّ تَأَمَّلْنَا هَذَا الْخَبَرَ - بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى - فَوَجَدْنَاهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ فِي حَالِ جُنُونِهِ حَتَّى يَعْقِلَ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ بُطْلَانُ صَوْمِهِ الَّذِي لَزِمَهُ قَبْلَ جُنُونِهِ، وَلَا عَوْدَتُهُ عَلَيْهِ بَعْدَ إفَاقَتِهِ، وَكَذَلِكَ الْمُغْمَى)

فإن قيل : هؤلاء قد خوطبوا بالصيام ثم طرأ الجنون والإغماء ، والحامل والمرضع لم يخاطبا أصلاً به .

قلنا : قد سلم ابن حزم رحمه الله بأنهما مخاطبان كما قدمناه عنه في أول المسألة ، ثم الخطاب عنده يثبت مع عدم القدرة كما قدمناه في من لزمه التكفير أنه إن لم يقدر على شيء منها ثبت في ذمته الإطعام يفعله متى قدر ، فإذا ثبت حصول الخطاب مع انتفاء القدرة فهو كالمجنون والمغمى عليه أيضاً في عدم سقوط الفرض الثابت بذلك الخطاب.

قال رحمه الله 6/263 : (وَأَمَّا الشَّيْخُ الَّذِي لَا يُطِيقُ الصَّوْمَ لِكِبَرِهِ فَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الصَّوْمُ فِي وُسْعِهِ فَلَمْ يُكَلِّفْهُ. وَأَمَّا تَكْلِيفُهُمْ إطْعَامًا فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إيجَابُ غَرَامَةٍ لَمْ يَأْتِ بِهَا نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ)

وقال رحمه الله ص 264 : (احْتَجَّ مَنْ رَأَى الْإِطْعَامَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ})
ثم قال في رد الاستدلال بها : (لَكِنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ مَا رُوِّينَاهُ قَبْلُ فِي حُكْمِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ مِنْ طَرِيقِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ.
وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} فَقَالَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ، فَهَذَا هُوَ الْمُسْنَدُ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ)

أقول : أما كون الكبير الذي لا يطيق الصوم لكبره فلا يجب عليه صيام ولا إطعام ، فقد قال به مالك على ما نقله عنه ابن حزم رحمه الله ، فإن صح هذا الدليل فلا شناعة على مالك رحمه الله.

ونقول : قد دل على إطعامه قوله سبحانه {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} واعتذاره بأنه منسوخ يجاب عنه بمناقضة الدعوى ، واستدلاله بحديث ابن سيرين عن ابن عباس وسلمة بن ألأكوع أنهما قالا : "هي منسوخة" يناقضه ما رواه غيره عنه أنه قال : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ هُوَ الشَّيْخُ الكَبِيرُ، وَالمَرْأَةُ الكَبِيرَةُ لاَ يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا، فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» رواه البخاري وغيره.

والتوفيق في كلام ابن عباس أولى من ضرب بعضه ببعض ، وذلك بأن نقول : إن الآية عامة تشمل من يطيق الصيام ومن لا يطيقه ، فكلهم له الإفطار والإطعام ، فنسخ الترخيص لمن يطيق الصيام ، وهو مراد ابن عباس بقوله : "هي منسوخة" وبقيت الرخصة لم لا يطيق الصيام ، وهو مراد ابن عباس رضي الله عنهما بقوله "لم تنسخ" وفي رواية عنه " لَا يُرَخَّصُ فِي هَذَا إِلَّا لِلْكَبِيرِ الَّذِي لَا يُطِيقُ الصِّيَامَ، وَالْمَرِيضِ الَّذِي لَا يُشْفَى" وهذا خلاف ما كان عليه الأمر أولاً أن الرخصة كانت لمن شاء ، فهذا هو مراده بالنسخ.

وعليه نحمل كلام سلمة بن الأكوع .

ولو لم يرد عنهما إلا ذكر النسخ ، لما جاز لنا أن نقول بنسخ أكثر مما دلت عليه الآية الناسخة ، أما ما زاد عليها من الأحكام فهو باقٍ لأن الأصل عدم النسخ.
والآية الناسخة لم تدل على أكثر من رفع الرخصة عن المستطيع ، أما غير المستطيع فهو غير مكلف بالصيام ، فبطل أن تكون الآية متعرضة لنسخ ما ثبت له في الآية قبلها.
فعلم أن ماله واجب إخراجه بدلالة الآية ، وأخذ المد منه حلال لا حرام.

فإن صح هذا .. بطل تشنيعه على أبي حنيفة أيضاً.


قال رحمه الله : (وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَإِنَّهُمْ يُصَرِّفُونَ هَذِهِ الْآيَةَ تَصْرِيفَ الْأَفْعَالِ فِي غَيْرِ مَا أُنْزِلَتْ فِيهِ، فَمَرَّةً يَحْتَجُّونَ بِهَا فِي أَنَّ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ أَفْضَلُ، وَمَرَّةً يُصَرِّفُونَهَا فِي الْحَامِلِ، وَالْمُرْضِعِ، وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَكُلُّ هَذَا إحَالَةٌ لِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَحْرِيفٌ لِلْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَمَا نَدْرِي كَيْفَ يَسْتَجِيزُ - مَنْ يَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ - مِثْلَ هَذَا فِي الْقُرْآنِ وَفِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى؟ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الضَّلَالِ؟ وَأَمَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ أَوْجَبَ عَلَيْهِ إطْعَامَ مِسْكِينٍ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ، وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ الْإِطْعَامَ عَلَيْهِ وَاجِبًا ".
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَرَّةً كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَرَّةً كَقَوْلِ مَالِكٍ)

أقول : أما الكلام في الشيخ فقد تقدم ، أما الحامل والمرضع ، فقد اختلف فيهما قول مالك وأبي حنيفة لأنهما من جهة أنفسهما قادرتان على الصيام ، لذا جاء في الأثر الذي أورده ابن حزم عن إبْرَاهِيمَ أَنَّ عَلْقَمَةَ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ لَهُ: "إنِّي حُبْلَى وَأَنَا أُطِيقُ الصَّوْمَ وَزَوْجِي يَأْمُرُنِي أَنْ أُفْطِرَ؟ فَقَالَ لَهَا عَلْقَمَةُ: أَطِيعِي رَبَّكِ وَأَعْصِي زَوْجَكِ"
فهي مع الحبل مطيقة للصوم ، وبالنظر إلى الجنين والرضيع غير مستطيعة ، لأنها ممنوعة لحق الغير ، فمن ألزمها الصيام متى أطاقت فلدخولها في عموم قوله سبحانه {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ، ومن أسقطه عنها فلأنه راعى أن إضرارها بالجنين أو الرضيع معصية ، وهو لا تقدر على الصوم إلا بالإضرار بالجنين ، ومحال أن يكون الصيام طاعة معصية في وقت واحد ، وإنما يكون ذلك مع انفكاك الجهة ، أما إن كانت تريد أن تطيع بنفس ما به تعصي فمحال ، وعليه فهي من جملة من لا يقدر على الإتيان بالطاعة وداخلة في قوله سبحانه {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}.

فكل متبع لنص من الكتاب ، غير مخالف للسنة ، ولا شك أن الحق من القولين واحد ، لكن ابن حزم رحمه الله لم يبينه.

والله أعلم

هذا آخر ما كنت علقته على ابن حزم رحمه الله في الصيام خاصة ، ولم يبقَ سوى الكلام في حديث (صوما يوماً مكانه) وما يتعلق به ، لكني ضربت عنه صفحاً لأنه بحث حديثي ، جرى فيه ابن حزم على أصله من قبول خبر كل ثقة ، والجواب عنه معروف ، لا حاجة إلى تكراره.

ولنا تعقبات عليه رحمه الله من باب الطهارة حتى آخر الزكاة وجزء من البيوع وجزء بسيط من النكاح والطلاق والحدود.

فإن حصل نشاط وإلا فهي على حالها حتى ننشط.

والحمد لله على إعانته ونسأله مزيداً من عونه
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

شكر الله لكم، ولو أتحفتم بالمزيد...
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

فيما يتعلق بموضوع الخواطر خاصة لم يعد هناك مزيد في باب الصيام
إلا أن تذكروا إشكالاً من كلام الإمام ابن حزم فننظر فيه مستعنين بكم
وجزاك الله خرا
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

يا شيخ وضاح جزاكم الله خير الجزاء على هذه الخواطر القيمة:
ولكن لدي اقتراح:
هلا جمعتم خواطركم كلها في مكان واحد
وعنونتم له (خواطر أصولية مع ابن حزم) ثم وضعتم مقدمة
وفي كل مشاركة تضعوا موضوعا ورابطه يعني في الأولى : (خواطر أصولية مع ابن حزم في الصيام)، مثلاً
وفي الثانية (خواطر أصولية مع ابن حزم في النبيذ)
وهكذا
كما يفعل الشيخ صفاء في فهرسة دروسه الأخيرة وبهذا يسهل الوصول إلىكل الموضوعات المتعلقة بالخواطر بسهولة
وجزاكم الله خيراً
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: خواطر : (مع ابن حزم في الصيام) في مسائل في النية

فكرة حسنة
ولكن أريد أولاً الإنتهاء من الخواطر في البيوع والخواطر الأصولية في النبذ
كما أرغب بشدة في تنقيح الخواطر جميعاً وبالأخص ما كان منها في الأصول والبيوع ، فإني لم أضعها بالشكل الذي يرضيني ، إذ تخللها الكثير من عدم الترابط والركة، والسبب انشغالي ، لذا أنا عازم على التوقف عن إنزال أي شيء الآن يتعلق بالخواطر ، ثم بعد رمضان إنشاء الله أعيد النظر فيما نزلته ثم يكون أول ما أنظر فيه بعد ذلك الإتمام والفهرسة.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
ثم بعد رمضان إنشاء الله أعيد النظر فيما نزلته ثم يكون أول ما أنظر فيه بعد ذلك الإتمام والفهرسة.
أولاً: كيف أفهرس ؟
ثانياُ : بعض هذه الخواطر تختلط فيه مسائل مختلفة، فكيف أضعها في فهرس يميز بعضها عن بعض؟ أم أني أشير إلى الجميع في عنوان واحد؟ أم ماذا؟
 
أعلى