العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

خوان مارتوس كيصادا : القانون الإسلامي فقه وشريعة ، وبذلك فهو لصيق بالخاصية الدينية

أبو الحارث البقمي

:: مطـًـلع ::
إنضم
16 أبريل 2009
المشاركات
102
التخصص
السياسة الشرعية والقضاء
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
تبع الدليل
الفقه الإسلامي - يوسف حمادي - الرباط

◘ عن دار النشر " منشورات ما بعد الحداثة " بمدينة فاس المغربية ، صدرت الطبعة الأولى من كتاب " الفقه والقانون الإسلامي في الأندلس " ، لمؤلفه الإسباني ، الدكتور خوان مارتوس كيصاداJuan Martos Quesada ، كتاب أصله فكرة جاءت استجابة لاقتراح بعض زملاء الكاتب من أساتذة وطلاب مادة " تاريخ القانون الإسباني" ، ورغبة منهم ل " معرفة الطريقة التي كانت تشتغل بها قوانين مجتمع بلاد الأندلس وإسبانيا المسلمة " .. وقد ترجم الكتاب إلى العربية الأستاذ إدريس الفخور ، وهو كتاب يهتم بالفقه والقانون في فترة من فترات الحكم الإسلامي لإسبانيا المسلمة ، قسمه كاتبه إلى مقدمة وأربعة محاور رئيسية ، ضمتها مائة وستة وستون صفحة من القطع المتوسط .

﴿ الفقه الإسلامي ﴾ اطلع على الكتاب وأوجزه في التقرير التالي : خصائص التشريع في الأندلس المسلمة بعد مقدمة الكتاب ، التي تناول فيها أهم مميزات الفقه والقانون الإسلامي ، ومكانة الدين في هذا القانون ، حاول الدكتور خوان مارتوس كيصادا في المحور الأول من كتابه " الفقه والقانون الإسلامي في الأندلس " ، الذي ترجمه إلى العربية الأستاذ إدريس الفخور ، إبراز أهم خصائص نشأة وتكوين التشريع الإسلامي ، وأهم خصائص تطبيق القانون الإسلامي ، التي أجملها الباحث الإسباني في الخصائص الأساسية التالية :

▪ القاضي عنصر أساسي في التركيبة القانونية . ▪ خاصية الاستشارة أو الشورى في القانون الإسلامي . ▪ الخاصية الحضرية المدينية للقانون الإسلامي . ▪ مبدأ التسامح اتجاه الآخر في ممارسة بعض الحقوق والشعائر داخل بلاد الإسلام .

▪ الخاصية الفردية في مجال تطبيق القانون . وقد حرص المُؤلف على إبراز هذه الخصائص وربطها بالمراحل التاريخية الكبرى التي عرفها الحكم الإسلامي في الأندلس المسلمة ، بداء من فترة الفتح الإسلامي وحكم الأمويين ، وفترة حكم ملوك الطوائف مرورا بفترة سيادة المرابطين والموحدين ، ووصولا إلى مرحلة الحكم الناصري بغرناطة .

وفي المحور الثالث ، حرص الكاتب على بلورة مدخل عام إلى المجتمع الإسلامي ، تطرق فيه لظاهرة سيادة المذهب المالكي بالأندلس ، وأهمية ومحورية الفقيه في الحياة العامة للمجتمع الأندلسي ، كما قام المؤلف بمقارنة بين مؤسسة القضاء في كل من الأندلس والمشرق ، ووقف على مدى أهمية ومركزية مبدأ الشورى في تطور الدعوة القضائية مقابل ضعف مؤسسة ديوان المظالم في البنية القانونية ، وذلك ما أرجعه الكاتب إلى كون شخصية القاضي كانت تتمتع بسلطات كافية لفرض قراراته دونما حاجة لهيئة قضائية عليا ؛ ( ص : 82 ) .

أما في المحور الرابع ، عرض مارتوس البنية الفقهية ـ القانونية بالأندلس ، معتبرا إياها بنية " بالغة الأهمية من حيث تشابكها وانسجامها ، لدرجة قل نظيرها في جميع مؤسسات قضاء وقوانين العصور الوسطى .." ؛ ( ص : 84 ) ، وأعرج الباحث على أهم خصائص النظام القانوني والقضائي الإسلامي بالأندلس المسلمة ، مشيرا إلى أن كتابه " الفقه والقانون في الأندلس " جاء استجابة لفكرة اقترحها بعض زملائه أساتذة وطلاب مادة " تاريخ القانون الإسباني" ، رغبة منهم في " معرفة الطريقة التي كانت تشتغل بها قوانين مجتمع بلاد الأندلس وإسبانيا المسلمة " ، وذلك من منطلق أن معرفة النظام القانوني والمؤسسات القانونية لمجتمع من المجتمعات تعد أحسن مدخل لمعرفة تاريخه والوقوف على أهم مقوماته وخصائصه الحضارية . قيمة الفقه الإسلامي عند الباحثين في الأندلس اليوم أبرز خوان مارتوس كيصادا في كتابه ، كيف أن المجال المعرفي الفقهي ـ القانوني الإسلامي بات " يحظى بقيمة وتقدير كبيرين من طرف الطلبة والأساتذة والباحثين الذين يعملون في حقل تاريخ القانون الإسباني أو تاريخ إسبانيا بوجه عام " ( ص: 5 ) ، خاصة وأن البحث في مجال القانون الإسباني الإسلامي لا زال ضعيفا ولا يتناسب مع مكانته وتأثيره في المسار العام لتاريخ المجتمع الإسباني . فبالإضافة إلى الصعوبات اللغوية ، فإن الكتاب ينطلق من فرضية محورية مفادها أن " أية دراسة تاريخية ينبغي أن تهتم بالعلاقة القائمة بين القانون والمجتمع والدولة .." ، سعيا إلى " تحديد الخصوصية التي طبعت المجتمعات الإسلامية وجعلتها مجتمعات لها قوانين ذات ميزة وطابع خاصين .." ( ص: 9،10 ) ، وهي الخصائص التي تنبع ، برأي الكاتب ، من المكانة المركزية التي يحتلها الدين الإسلامي في المنظومة القانونية ، من منطلق أن " القانون الإسلامي هو فقه وشريعة ، وبذلك فهو لصيق بالخاصية الدينية . " (ص: 10 ) . وتفسير ذلك عند الباحث الإسباني ، هو أن " مبدأ العالم الآخر والإيمان بحياة الآخرة " ، الذي ينعته الكاتب بـ" المبدأ المَافَوق دولي الذي يسمو على قوانين الدولة " ، والذي " سوف يلون بطريقة خارقة كل المبادئ والقوانين والمؤسسات التي تنظم قواعد تطور الحياة اليومية وتسعى إلى البحث عن حلول للحاجيات الاجتماعية الملحة " . فرغم أن القانون يعبر عن معطى تاريخيا ، إلا أن الباحث الإسباني يشير إلى أن الطابع الديني يخترق كل جوانب المجتمع الإسلامي ، الأمر الذي يجعل مهمة الدولة لا تقتصر على الحماية المادية للمجتمع فحسب ، بل تعنى أيضا بحمايته الروحية كذلك .. (ص: 12 ) . خاصية الانفتاح والمكانة المرموقة للقاضي في الإسلام فبعد أن يربط الكاتب نشأة المنظومة القانونية الإسلامية بالمذاهب الفقهية الكبرى ، وبعد أن يشير إلى الطبيعة التاريخية لتبلور وتطور المؤسسات القانونية في الحضارة الإسلامية ( ص: 13-19 ) ، يُشيد بخاصية انفتاح الإسلام ، وذلك من خلال تجربته التاريخية على شتى مظاهر ومصادر الكسب الإنساني في هذا المجال ، بما ينسجم ولا يتعارض مع توابثه ومقاصده الكبرى .. ( ص: 21 ،22 ) . ثم يشيد المؤلف بالمكانة المتميزة التي أعطيت للفقهاء والقضاة في بلورة وتطوير التشريع القانوني ، وهو ما يميز القانون الإسلامي عن باقي قوانين القرون الوسطى التي كان يهيمن الحاكم على وضعها ( ص: 23 ) .

ومن أهم الخصائص التي يقف الكاتب عندها ، من خلال مجموعة من التطبيقات والنماذج ، خاصية " استقلال المجال القانوني اتجاه السلطة السياسية في إسلام العصور الوسطى .." ( ص: 25 ـ 26 ) ، والمكانة المرموقة التي يحتلها القاضي في الإسلام ؛ ذلك أن " شخصية القاضي في الشريعة والقانون الإسلامي تعد محورا هاما تدور حوله البنية القانونية بكاملها" ، كما أن صلاحياته تتعدى كثيرا الصلاحيات الموكولة لنظرائه في التجارب الحضارية الأخرى .. (ص: 27 ) . وهناك أيضا خاصية الاستشارة والشورى في كل ما يتصل بتدبير الشأن العام للمسلمين ، بما في ذلك مجال القضاء ؛ حيث كان يتعين على القاضي أن يستعين بهيأة من المستشارين الشرعيين كفقهاء وعلماء دين ، وهنا يميز الباحث الإسباني" خوان مارتوس كيصادا " بين موقف المذهبين الحنفي والشافعي بهذا الخصوص ، وموقف المذهب المالكي ؛ فبينما كان حضور المستشارين في المحاكمات القضائية أمرا مستحبا لدى كل من الأحناف والشافعية ، فإن المذهب المالكي ظل يعتبره أمرا واجبا..( ص: 29 ) . فإلى جانب الخاصية الحضرية للقانون الإسلامي ، وهي خاصية تنطبق على الإسلام بوجه عام ؛ يشرح الكاتب ، فإن دين الإسلام دين مدني ومديني بامتياز .. (ص: 29-30 ) ، هذا إلى جانب خاصية التسامح في العلاقة مع الأغيار الذين اعترف لهم الإسلام بنظام قانوني خاص يحترم معتقداتهم وأعرافهم .. (ص: 61 ) ، فضلا عما عبر عنه مارتوس كيصادا بـ " الخاصية الفردية في مجال تطبيق القانون" ، وذلك من منطلق أن القانون الإسلامي يُعد نتاجا للضمير والأخلاق أكثر من كونه نتاجا لتنظيم اجتماعي بحث ، ومن تم فلم يكن مرتبطا بالضرورة بإقليم معين .

ومن الخصائص المميزة للقانون الإسلامي في الأندلس المسلمة - يتابع المؤلف - أن " مؤلفات القوانين التطبيقية عرفت تطورا وأهمية بالغة.." فـ " الأدب القانوني الأندلسي " يُعد بدرجة أولى " أدبا تطبيقيا وبرجماتيا يروم حل مشاكل معينة وإيجاد حلول ملموسة ودقيقة .." .. ( ص: 117 ) ، وهو ما عكسته " كتب النوازل" وفي مقدمتها كتاب " النوازل " لابن سهل الأندلسي ، و" كتاب المعيار " للمغربي الونشريسي ، بالإضافة إلى رسائل " الحسبة " ، التي تعد بمثابة أعمال تطبيقية يتخذها نظار السوق كدليل لمساعدتهم في القيام بمهمتهم .. ( ص : 120 ـ 125 ) .

http://www.islamfeqh.com/News/NewsItem.aspx?NewsItemID=1884
 
أعلى