العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

دروس في القواعد الفقهية الكبرى (1)

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
هذه سلسة من الدروس المتعلقة بالقواعد الفقهية الكبرى بعنوان
(سلسلة شرح القواعد الفقهية الكبرى)
استخلصتها من كتاب
الوجيز في إيضاح القواعد الفقهية
تأليف: الشيخ محمد صدقي البورنو
ومن محاضرات الدكتور عبد الملك محمد عبد الله السبيل
كلية الشريعة - جامعة أم القرى
وسوف أقوم بنشرها في حلقات ممهدة لذلك بمباحث مهمة من التعريف بالقواعد الفقهية، والفرق بينها وبين القواعد الأصولية، وفوائد دراستها، وبيان مصادرها، وتاريخ نشأتها، وطرق استنباطها، وأقسامها، ومراتبها، ومميزاتها.
ثم أقوم بشرح القواعد الفقهية الكبرى شرحا مختصراً مع الإشارة إلى أصلها الذي بُنيت عليه، ثم ذِكْر بعض فروعها والتي هي بمثابة التمثيل لها ببعض المسائل الفقهية، وليس المقصود حصرها، ولكن ذكر القدر الذي تُفهم به القاعدة.
ثم تكون الاستفادة منها بتخريج بقية المسائل المندرجة تحتها عليها، وإلحاقها بها.
وذكر أهم القواعد الفرعية المندرجة تحتها.
ولكي تتحقق الفائدة من عرض هذه الـقـواعــد فـإنـي أحاول تقريب أمثلتها ـ ما أمكنني ذلك ـ لتكون ألصق بواقعنا المعاصر،
أسأل الله العلي العظيم أن تكون هذه الدروس واضحة ومفيدة لمن يقرأها.
وأن يكتب الأجر والثواب لمن قام بكتابتها وترتيبها.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
الدرس الأول: القواعد الفقهية ( مفهومها، ونشأتها، وأقسامها)

بعد أن دُونت كثير من المسائل الفقهية والقواعد الأصولية، اعتنى الفقهاء بتدوين فن آخر نشأ بعد ذلك، وهو ما عرف بالقواعد الفقهية.

أولاً: تعريف القاعدة الفقهية:
"حكم شـرعـي في قـضية أغلبية يتعرف منها أحكام ما دخل تحتها" ،
أو يقال:"هي أصل فقهي كلي يتضمن أحـكـامـاً تشريعية عامة، من أبواب متعددة في القضايا الـتـي تـدخـل تـحـت مـوضـوعــه.
نحو قاعدة: "الأمور بمقاصدها"، و"اليقين لا يزول بالشك"، و"الضرر يُزال"، و"العادة محكمة"، و"المشقة تجلب التيسير". وهذه هي القواعد الفقهية الكلية الخمس الكبرى، ودونها من القواعد الفقهية كثير.

ثانياً: الفرق بين القواعد الفقهية والقواعد الأصولية:
إذا دققنا النظر في قواعد الأصول وقواعد الفقه نجد أن فروقاً عدة تميز بينهما منها:
1- يعتبر علم أصول الفقه بالنسبة للفقه ميزاناً وضابطاً للاستنباط الصحيح، وقواعده وسط بين الأدلة والأحكام فهي التي يستنبط منها الحكم من الدليل التفصيلي وموضوعها الدليل والحكم مثل: الأمر للوجوب. أما القاعدة الفقهية فهي قضية أكثرية جزئياتها بعض مسائل الفقه، وموضوعها فعل المكلف. مثل لا ضرر ولا ضرار.
2- القواعد الأصولية قواعد مطردة تنطبق على جميع جزئياتها، بخلاف القواعد الفقهية فهي أغلبية والحكم فيها يكون على أغلب الجزئيات ، ويستثنى منها بعض المسائل.
3- تعتبر القواعد الأصولية وسيلة لاستنباط الأحكام الشرعية العملية، أما القواعد الفقهية فهي عبارة عن مجموعة من الأحكام المتشابهة التي ترجع إلى علة واحدة تجمعها.
4- تعتبر القواعد الفقهية متأخرة في وجودها الذهني والواقعي عن الفروع، أم الأصول فالفرض الذهني يقتضي وجودها قبل الفروع.
5- تتفق القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية في أن كلاً منهما قواعد تندرج تحتها جزئيات، ويختلفان في أن قواعد الأصول هي عبارة عن المسائل التي تشملها أنواع من الأدلة التفصيلية يمكن استنباط التشريع منها، وأما قواعد الفقه فهي عبارة عن المسائل التي تندرج تحتها أحكام الفقه نفسها.

ثالثاً: فوائد دراسة القواعد الفقهية:‏
لدراسة القواعد الفقهية وحفظها والعناية بها فوائد جمة للفقيه المجتهد والقاضي والإمام والمفتي، من هذه الفوائد:
1- لهذه القواعد أهمية فقهية ومكانة كبرى في أصول التشريع، لأنها جمعت الفروع الجزئية المشتتة، التي قد تتعارض ظواهرها، تحت رابط واحد يسهل الرجوع إليها ويجعلها قريبة المتناول.‏
2- إن دراسة هذه القواعد تسهل على العلماء غير المختصين بالفقه الاطلاع على الفقه الإسلامي، ومدى استيعابه للأحكام ومراعاته للحقوق والواجبات.
3- إن دراسة القواعد الفقهية تكوّن عند الباحث ملكة فقهية قوية ، تنير أمامه الطريق لدراسة أبواب الفقه الواسعة والمتعددة، ومعرفة الأحكام الشرعية، واستنباط الحلول للوقائع المتجددة والمسائل المتكررة.
4- إن دراسة القواعد تساعد الفقيه على ربط الفقه بأبوابه المتعددة بوحدات موضوعية يجمعها قياس واحد، مما يساعد على حفظ الفقه وضبطه.
5- إن دراسة القواعد الفقهية والإلمام بها واستيعابها يعين القضاة والمفتين والحكام عند البحث عن حلول للمسائل المعروضة والنوازل الطارئة بأيسر سبيل وأقرب طريق.
6- لما كانت القواعد الفقهية موضع اتفاق بين الأئمة المجتهدين، ومواضع الخلاف فيها قليلة، فإن دراسة هذه القواعد تربي عند الباحث ملكة المقارنة بين المذاهب المختلفة، وتوضح له وجوه الاختلاف وأسبابه بين المذاهب.

رابعاً: مميزات القواعد الفقهية:
1- القواعد الفقهية قواعد كثيرة جداً غير محصورة بعدد، ومنثورة في كتب الفقه العام والفتاوى والأحكام.
2- تمتاز بإيجاز عباراتها مع عموم معانيها وسعة استيعابها للمسائل الجزئية إذ تصاغ القاعدة في جملة مفيدة مكونة من كلمتين أو بضع كلمات من ألفاظ العموم، مثل "العادة محكمة"، " الأعمال بالنيات".
3- كل قاعدة ضابط يضبط فروع الأحكام العملية ويربط بينها برابطة تجمعها وإن اختلفت موضوعاتها وأبوابها.

خامساً:أنواع القواعد الفقهية ومراتبها:
القواعد الفقهية ليست نوعاً واحداً، ولا كلها في مرتبة واحدة، وإنما هي أنواع وراتب، ويرجع هذا التنوع إلى سببين رئيسيين:
الأول: من حيث شمول القاعدة وسعة استيعابها للفروع والمسائل الفقهية.
الثاني: من حيث الاتفاق على مضمون القاعدة أو الاختلاف فيه.
  • فمن حيث الشمول والسعة تنقسم القواعد الفقهية إلى ثلاث مراتب:
1- المرتبة الأولى: القواعد الكلية الكبرى ذوات الشمول العام والسعة العظيمة للفروع والمسائل حيث يندرج تحت كلِّ منها جُلُّ أبواب الفقه ومسائله وأفعال المكلفين إن لم يكن كلها. وهذه القواعد ست هي:
قاعدة (إنما الأعمال بالنيات) أو (الأمور بمقاصدها).
قاعدة (اليقين لا يزول، أو لا يرتفع بالشك).
قاعدة (المشقة تجلب التيسير).
قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) أو (الضرر يزال).
قاعدة ( العادة محكَّمة).
قاعدة: (إعمال الكلام أولى من إهماله).

2- المرتبة الثانية: قواعد أضيق مجالاً من سابقاتها (وإن كانت ذوات شمول وسعة) حيث يندرج تحت كل منها أعداد لا تحصى من مسائل الفقه في الأبواب المختلفة، وهي قسمان:
ا) قسم يندرج تحت القواعد الكبرى ويتفرع عليها.
ب) قسم آخر لا يندرج تحت أي منها.

فمثال القسم الأول: قاعدة: (الضرورات تبيح المحظورات)، وهي تتفرع على قاعدة (المشقة تجلب التيسير) وقاعدة (لا ينكر تغير الأحكام الاجتهادية بتغير الأزمان) وهي مندرجة تحت قاعدة (العادة محكَّمة).
ومثال القسم الثاني: قاعدة: (الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد). وقاعدة: (التصرف على الرعية منوط بالمصلحة).

3- المرتبة الثالثة: القواعد ذوات المجال الضيق التي لا عموم فيها حيث تختص بباب أو جزء باب، وهذه التي تسمى بالضوابط جمع ضابط أو ضابطة،
ومنها ما لا يختص بباب كقولنا: (التابع تابع) ومنها ما يختص كقولنا: (كل كفارة سببها معصية فهي على الفور).


  • وأما من حيث الاتفاق على مضمون القاعدة والاختلاف فيها فهي تنقسم إلى مرتبتين:

1- المرتبة الأولى: القواعد المتفق على مضمونها عند جميع الفقهاء ومختلف المذاهب. فمن قواعد هذه المرتبة: كل القواعد الكلية الكبرى وأكثر القواعد الأخرى.

2- المرتبة الثانية: القواعد المذهبية التي تختص بمذهب دون مذهب أو يعمل بمضمونها بعض الفقهاء دون الآخرين مع شمولها وسعة استيعابها لكثير من مسائل الفقه من أبواب مختلفة.
وهذه تعتبر من أسباب اختلاف الفقهاء من إصدار الأحكام تبعاً لاختلاف النظرة في مجال تعليل الأحكام.
ومن أمثلة هذه المرتبة: قاعدة: (لا حجة مع الاحتمال الناشئ عن دليل). وأساسها قولهم: (إن التهمة إذا تطرقت إلى فعل الفاعل حكم بفساد فعله). وهذه القاعدة يعمل بها الحنفية والحنابلة دون الشافعية، وقد يعمل بها المالكية ضمن قيود، ومنها عند الحنفية: (الأصل أن جواز البيع يتبع الضمان). وأما عند الشافعي: (فإن جواز البيع يتبع الطهارة).

سادساً: الفرق بين القاعدة والضابط:
رأينا أن القواعد ذوات المجال الضيق (أي التي تختص بباب أو جزء باب) هي ضوابط إذ مجالها التطبيقي بعض الفروع الفقهية من باب واحد من أبواب الفقه، أو هي تختص بنوع من الأحكام الفرعية لا يعمم في غير مجاله.
ومثال الضابط: (إن المحرم إذا أخر النسك عن الوقت المؤقت له أو قدَّمه لزمه دم).
وهذا الضابط عند أبي حنيفة رحمه الله، وخالفه في ذلك الفقهاء الآخرون ومنهم تلميذاه أبو يوسف ومحمد بن الحسن.فما الفروق بين القاعدة والضابط؟
مع أن الفقهاء كثيراً ما يستعملون لفظ (القاعدة) ويعنون بها الضابط، ويستعملون لفظ (الضابط) ويعنون به القاعدة، فالملاحظ أن بين القاعدة والضابط فرقين رئيسين هما:
1- الفرق الأول: أن القاعدة (كما سبق) تجمع فروعاً من أبواب شتى ويندرج تحتها من مسائل الفقه ما لا يحصى، وأما الضابط فإنه مختص بباب واحد من أبواب الفقه تعلل به مسائله، أو يختص بفرع واحد فقط.
2- الفرق الثاني: أن القاعدة في الأعم الأغلب متفق على مضمونها بين المذاهب أو أكثرها.
وأما الضابط فهو يختص بمذهب معين (إلا ما ندر عمومه) بل منه ما يكون وجهة نظر فقيه واحد في مذهب معين قد يخالفه فيه فقهاء آخرون من نفس المذهب، كما سبق في الضابط المتقدم.

 
التعديل الأخير:

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
جزاك الله خيراً أختي أم طارق، كنتُ اليوم أتساءل" ما معنى الضابط"؟
فجاءني الجواب!!
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ما شاء الله تبارك الله
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى

رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى

جزاك الله خيراً أختي أم طارق، كنتُ اليوم أتساءل" ما معنى الضابط"؟
فجاءني الجواب!!

الحمد لله رب العالمين، نفعك الله بما علمك
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى

رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى

سابعاً: مصادر القواعد الفقهية:
أعني بمصادر القواعد الفقهية منشأ كل قاعدة منها وأساس ورودها.

تنقسم مصادر القواعد الفقهية إلى أقسام ثلاثة رئيسية:

القسم الأول: قواعد فقهية مصدرها النصوص الشرعية من كتاب وسنة:
فما كان مصدره نصاً من الكتاب الكريم هو أعلى أنواع القواعد وأولاها بالاعتبار حيث إن الكتاب الكريم هو أصل الشريعة وكليتها وكل ما عداه من الأدلة راجع إليه، فمن آيات الكتاب التي جرت مجرى القواعد:
1- قوله تعالى: (وأحلَّ الله البيعَ وحرَّم الرِبا). البقرة، آية (275) فقد جمعت هذه الآية على وجازة لفظها أنواع البيوع ما أحل منها وما حرَّم عدا ما استثنى.
2- قوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكُم بينَكم بالباطل). البقرة، آية (188). فهذه قاعدة شاملة لتحريم كل تعامل وتصرف يؤدي إلى أكل أموال الناس وإتلافها بالباطل من غير وجه مشروع يحله الله ورسوله، كالسرقة والغصب، الربا، والجهالة، والضرر، والغرر، فكل عقد باطل يعتبر نوعاً من أكل أموال الناس بالباطل.
3- قوله تعالى: (خُذِ العفو وأمُر بالعُرفِ وأعرِض عَنِ الجاهلين). الأعراف، آية (199). وهذه الآية هي الجامعة لمكارم الأخلاق.
ومن الأحاديث الشريفة الجامعة التي جرت مجرى القواعد إلى جانب مهمتها التشريعية فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصاراً
1- قوله عليه الصلاة والسلام: (كل مسكر حرام) وقد سئل عن حكم أنواع من الأشربة. فدل هذا الحديث على وجازة لفظه على تحريم كل مسكر من عنب أو غيره مائع أو جامد، نباتي أو حيواني أو مصنوع.
2- قوله عليه الصلاة والسلام: (لا ضرر ولا ضرار). القاعدة الكلية الكبرى، فهذا الحديث نص في تحريم الضرر بأنواعه لأن لا النافية تفيد استغراق الجنس فالحديث وإن كان خبراً لكنه في معنى النهي، فيصير المعنى (اتركوا كل ضرر وكل ضرار).
3- ومنها قوله عليه الصلاة والسلام: (المسلمون عند شروطهم) فظاهر المعنى وجوب احترام كل ما رضيه المتعاقدان من الشروط، إلا الشروط التي تحل الحرام أو تحرم الحلال، كما ورد في رواية.

القسم الثاني: ما كان من غير النصوص: وهو أنواع:

النوع الأول: قواعد فقهية مصدرها الإجماع المستند إلى الكتاب والسنة، فمن أمثلة قواعد هذا المصدر:
1- قولهم: (لا اجتهاد مع النص) فهذه القاعدة تفيد تحريم الاجتهاد في حكم مسألة ورد فيها نص من الكتاب أو السنة أو الإجماع لأنه إنما يحتاج للاجتهاد عند عدم وجود النص، أما عند وجوده فلا اجتهاد إلا في فهم النص ودلالته.
2- قولهم (الاجتهاد لا ينتقض بمثله) أو بالاجتهاد وهذا أمر مجمع عليه.
والمراد أن الأحكام الاجتهادية إذا فصلت بها الدعوى على الوجه الشرعي ونفذت أنه لا يجوز نقضها بمثلها لأن الاجتهاد الثاني ليس أولى من الاجتهاد الأول، ولأنه إذا نقض الأول جاز أيضاً نقض الثاني بثالث والثالث بغيره فلا يمكن أن تستقر الأحكام. ولكن إذا تبين مخالفة الاجتهاد للنص الشرعي أو لمخالفته طريق الاجتهاد الصحيح، أو وقوع خطأ فاحش، فينقض حينئذٍ.

النوع الثاني: قواعد فقهية أوردها الفقهاء المجتهدون مستنبطين لها من أحكام الشرع العامة ومستدلين لها بنصوص تشملها من الكتاب والسنة والإجماع ومعقول النصوص مثل:
1- قاعدة (الأمور بمقاصدها) مستدلين لها بقوله عليه الصلاة والسلام: (إنما الأعمال بالنيات) وقد جعلنا هذا الحديث رأس القاعدة وعنواناً دالاً عليها لا دليلاً لها، وصُدِّرت به موسوعة القواعد الفقهية تيمناً واقتداء.
2- ومثل قاعدة (اليقين لا يزول بالشك) المستَدَلّ لها بأحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل قوله عليه الصلاة والسلام (إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثاً أم أربعاً، فليطرح الشك وليبن على ما استيقن).
3- ومثل قاعدة: (المشقة تجلب التيسير) وهي قاعدة رفع الحرج وقاعدة الرخص الشرعية.
وأدلتها كثيرة من الكتاب والسنة والإجماع والمعقول.

النوع الثالث:
قواعد فقهية أوردها الفقهاء المجتهدون في مقام الاستدلال القياسي الفقهي، حيث تعتبر تعليلات الأحكام الفقهية الاجتهادية ومسالك الاستدلال القياسي عليها، أعظم مصدر لتقعيد هذه القواعد وإحكام صيغها عند استقرار المذاهب الفقهية الكبرى وانصراف أتباعها إلى تحريرها وترتيب أصولها وأدلتها.
وهذه القواعد التي استنبطها الفقهاء المتأخرون من خلال أحكام المسائل التي أوردها أئمة المذاهب في كتبهم أو نقلت عنهم لا تخرج عن نطاق أدلة الأحكام الشرعية الأصلية أو التبعية الفرعية، فالناظر لهذه القواعد والباحث عن أدلة ثبوتها وأساس التعليل بها يراها تندرج كل منها تحت دليل شرعي إما من الأدلة المتفق عليها كالكتاب والسنة والإجماع، وإما من الأدلة الأخرى كالقياس والاستصحاب والمصلحة أو الاستصلاح والعرف، والاستقراء، وغير ذلك مما يستدل به على الأحكام؟ لأنه لا يعقل ويستبعد جداً أن يبني فقيه مجتهد حكماً لمسألة فقهية، أو يعلل لمسائل فقهية معتمداً على مجرد الرأي غير المدعوم بأدلة الشرع أو معتمداً على الهوى والتشهي، فهم رحمة الله عليهم كانوا أجلَّ وأورع وأتقى وأخشى لله من أن يفتي أحدهم أو يحكم في مسألة أو يقضي بحكم غير مستند إلى دليل شرعي مقرر، وسواء اتفق عليه أم اختلف الفقهاء في اعتباره فمن استند إلى القياس لا يقال: إنه حكم بغير ما أنزل الله: لأن هناك من يُنكر القياس ولا يعمل به.
وكذلك من استند في حكمه إلى المصلحة الغالبة أو مصلحة غلب على ظنه وجودها لا يقال: إن حكمه مخالف للشرع لأن غيره من الفقهاء قد لا يعمل بالمصلحة ولا يستدل بها، أو لا يرى في هذه المسألة مصلحة، وكذلك بالنسبة للعرف أو قول الصحابي، أو شرع من قبلنا، أو سد الذرائع أو الاستقراء أو غير ذلك من الأدلة أو مواطن الاستدلال التي ما عمل بها من عمل إلا مستدلاً لها بأدلة من الكتاب أو السنة أو المعقول المبني على قواعد الشرع وحِكمه.

ومن أمثلة هذه القواعد المستنبطة والمعلل بها قولهم:
1- (إنما يثبت الحكم بثبوت السبب) هذه قاعدة أصولية فقهية استنبطها الفقهاء المجتهدون من الإجماع ومعقول النصوص، فمثلاً: يثبت وجوب صلاة الظهر وتعلقها في ذمة المكلف بزوال الشمس، فزوال الشمس سبب لثبوت الوجوب للصلاة، فلو لم يثبت الزوال لم يثبت الوجوب، وقد يستدل لها بقوله تعالى: (أقِم الصلاة لِدُلوكِ الشمس) الإسراء، آية (78)
2- ومنها قولهم: (الأيمان في جميع الخصومات موضوعة في جانب المدعى عليه إلا في القسامة)، وهذه القاعدة مستنبطة من الحديث: (البينة على المدعي واليمين على المدَّعى عليه).
3- ومنها قولهم: (إذا اجتمعت الإشارة والعبارة واختلف موجبهما غُلِّبت الإشارة).
وهذه القاعدة مستنبطة من المعقول والعرف.

وخلاصة القول أن القاعدة الفقهية ليست دليلا قائما بذاته ولكنها مستمدة من الأدلة الشرعية الثابتة ولذا فإن أصل القاعدة ومصدرها يتنوع حسب اختلاف الدليل الذي استمدت منه، وتكتسب القاعدة قوة أو ضعفا حسب هذا المصدر الذي استمدت منه.

ثامناً: هل يجوز أن نجعل القاعدة الفقهية دليلاً يستنبط منه الحكم الشرعي؟
هناك رأيان لهذه المسألة:
الرأي الأول:وهو الرفض، ويرى أصحاب هذا الرأي أنه لا يسوغ اعتبار القواعد الفقهية أدلة شرعية لاستنباط الأحكام لسببين:
  • الأول: أن هذه القواعد ثمرة للفروع المختلفة وجامع ورابط لها، وليس من المعقول أن يجعل ما هو ثمرة وجامع دليلاً لاستنباط أحكام الفروع.
  • الثاني: أن معظم هذه القواعد لا تخلو عن المستثنيات، فقد تكون المسألة المبحوث عن حكمها من المسائل والفروع المستثناة، ولذلك لا يجوز بناء الحكم على أساس هذه القواعد، ولا يسوغ تخريج أحكام الفروع عليها، ولكنها تعتبر شواهد مصاحبة للأدلة يستأنس بها في تخريج الأحكام للوقائع الجديدة قياساً على المسائل الفقهية الدوَّنة.
الرأي الثاني: وهو التفصيل؛ حيث إن القواعد الفقهية تختلف من حيث أصولها ومصادرها أولاً، ثم من حيث وجود الدليل على حكم المسألة المبحوث عنها ثانياً،
فإذا كانت القاعدة نصاً قرآنياً كريماً فهي قبل أن تكون قاعدة أو تجري مجرى القواعد فهي دليل شرعي بالاتفاق فهل إذا جرى النص القرآني مجرى القاعدة خرج عن كونه دليلاً شرعياً معمولاً به، ولا يجوز تقديم غيره عليه.
وأما إذا كانت القاعدة مبنية على دليل شرعي من الأدلة التي اختلف في اعتبارها فيجب الرجوع أولاً إلى الأدلة المتفق عليها فإذا وجد الحكم بأحدها يستأنس بالقاعدة ولا يحكم بها، وإلا نظر إلى الدليل الذي بنيت عليه القاعدة فإن أمكن إعطاء المسألة حكماً بموجبه (عند من يعتبرونه دليلاً) كان بها واعتبرت القاعدة دليلاً تابعاً يستأنس به.

القواعد الكبرى، أو القواعد الكلية:
1- قاعدة (الأمور بمقاصدها).
2- قاعدة (اليقين لا يزول، أو لا يرتفع بالشك).
3- قاعدة (المشقة تجلب التيسير).
4- قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) أو (الضرر يزال).
5- قاعدة ( العادة محكَّمة).



 
إنضم
26 مارس 2009
المشاركات
753
الكنية
أبو عمر
التخصص
(LL.M) Master of Laws
المدينة
القريات
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى (1)

بارك الله فيكم ونفع بكم....
 

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى

رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى

جزاك الله خيراً أختي الفاضلة!
أم طارق;43034[size=5 قال:
2- ومنها قولهم: (الأيمان في جميع الخصومات موضوعة في جانب المدعى عليه إلا في القسامة)، وهذه القاعدة مستنبطة من الحديث: (البينة على المدعي واليمين على المدَّعى عليه).أنا أفهم الحديث جيداً، لكني لم أفهم القاعدة، فهل من الممكن أن توضحيها لي من فضلك؟
3- ومنها قولهم: (إذا اجتمعت الإشارة والعبارة واختلف موجبهما غُلِّبت الإشارة).ولماذا تغلّب الإشارة على العبارة؟

ثامناً: هل يجوز أن نجعل القاعدة الفقهية دليلاً يستنبط منه الحكم الشرعي؟
هناك رأيان لهذه المسألة:

الرأي الأول:وهو الرفض، ويرى أصحاب هذا الرأي أنه لا يسوغ اعتبار القواعد الفقهية أدلة شرعية لاستنباط الأحكام لسببين:
  • الأول: أن هذه القواعد ثمرة للفروع المختلفة وجامع ورابط لها، وليس من المعقول أن يجعل ما هو ثمرة وجامع دليلاً لاستنباط أحكام الفروع.
  • الثاني: أن معظم هذه القواعد لا تخلو عن المستثنيات، فقد تكون المسألة المبحوث عن حكمها من المسائل والفروع المستثناة، ولذلك لا يجوز بناء الحكم على أساس هذه القواعد، ولا يسوغ تخريج أحكام الفروع عليها، ولكنها تعتبر شواهد مصاحبة للأدلة يستأنس بها في تخريج الأحكام للوقائع الجديدة قياساً على المسائل الفقهية الدوَّنة.
الرأي الثاني: وهو التفصيل؛ حيث إن القواعد الفقهية تختلف من حيث أصولها ومصادرها أولاً، ثم من حيث وجود الدليل على حكم المسألة المبحوث عنها ثانياً،

فإذا كانت القاعدة نصاً قرآنياً كريماً فهي قبل أن تكون قاعدة أو تجري مجرى القواعد فهي دليل شرعي بالاتفاق فهل إذا جرى النص القرآني مجرى القاعدة خرج عن كونه دليلاً شرعياً معمولاً به، ولا يجوز تقديم غيره عليه.
وأما إذا كانت القاعدة مبنية على دليل شرعي من الأدلة التي اختلف في اعتبارها فيجب الرجوع أولاً إلى الأدلة المتفق عليها فإذا وجد الحكم بأحدها يستأنس بالقاعدة ولا يحكم بها، وإلا نظر إلى الدليل الذي بنيت عليه القاعدة فإن أمكن إعطاء المسألة حكماً بموجبه (عند من يعتبرونه دليلاً) كان بها واعتبرت القاعدة دليلاً تابعاً يستأنس به.

[/size]

هل من الممكن أن اعرف من أصحاب الرأي الأول وأصحاب الرأي الثاني؟
بارك الله بجهودك !
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى

رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى

جزاك الله خيراً أختي الفاضلة!
جزانا وإياك
أما الإجابة عن السؤال الأول:

(أولاً: ومنها قولهم: (الأيمان في جميع الخصومات موضوعة في جانب المدعى عليه إلا في القسامة)، وهذه القاعدة مستنبطة من الحديث: (البينة على المدعي واليمين على المدَّعى عليه).أنا أفهم الحديث جيداً، لكني لم أفهم القاعدة، فهل من الممكن أن توضحيها لي من فضلك؟
هذه القاعدة مستنبطة من الحديث الشريف والذي جاء فيه في رواية الدارقطني في سننه رقم الحديث ( 98) 3/110 - والبيهقي في السنن الكبرى رقم الحديث (16222)8/123 : ( البينة على من ادعى واليمين على من أنكر إلا في القسامة).

والقسامة معناها:
عند الأحناف: تقال للأيمان تقسم على أهل المحلة إذا وجد قتيل فيها لم يدر قاتله حلف خمسون رجلاً منهم يتخيرهم ولي المقتول ، فيقسم كل واحد منهم بأن يقول : ما قتلته ، وما علمت له قتيلاً ، فإن حلفوا فعلى أهل المحلة الدية ، ولا يحلف الولي ، ويحبس من أبى الحلف حتى يحلف ، وإن لم يتم العدد كرر الحلف عليهم ليتم العدد خمسين ، ولا قسامة على صبي ومجنون وامرأة وعبد .
{الفتاوى الهندية} 6/77/- {اللباب في شرح الكتاب} 3/172/
وعند المالكية: أن يحلف الوارثون المكلفون في الخطأ واحداً كان أو جماعة ذكراً أو أنثى خمسين يميناً متوالية على البتِّ ولو كان أعمى أو غائباً ، وتوزع الأيمان على الميراث ، ويجبر كسر اليمين ، فإن نكل حبس حتى يحلف خمسين يمينا ، ولا مدخل للنساء في العمد ، فإن كانوا أقل من خمسين وزعت ، وإن كان أكثر اجتزي بالخمسين .
{جامع الأمهات }ص 509-510/- {الكافي} لابن عبد البر ص 601/
وعند الشافعية: هي الأيمان في الدماء ، وصورتها : أن يوجد قتيل بموضع لا يعرف من قتله ، ولا بيّنة ، ويدعي وليُّهُ قتلَهُ على شخصٍ أو جماعةٍ ، وتُوجَد قرينة تشعر بصدقه . ويقال له: اللوث ، فيحلف على ما يدعيه ، ويحكم له بما سنذكره إن شاء الله تعالى .
{روضة الطالبين} 10/9/- {كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار} ص470
وعند الحنابلة:هي الأيمان المكررة في دعوى قتل المعصوم ، وإن كان عبداً أو امرأة أو كافراً ، وسواء كان القتل عمداً أو خطأ . نص عليه في رواية حنبل وابن منصور ، وقيل لا قسامة في الخطأ ، ولا قسامة في الأطراف بحال ، ومن شرط القسامة اللوث ، وهو العداوة الظاهرة .
{المحرر في الفقه }للشيخ محي الدين أبي البركات عبد السلام بن عبد الله بن الخضر، 2/298-299/ط1،دار الكتب العلمية ،بيروت ،1419هـ1999م. {الإنصاف} 10/139/- {المبدع شرح المقنع} 9/32/
ومما سبق يظهر أن الأيمان في القسامة يمكن أن يقسمها المدعِّي والمدعَّى عليه وذلك استثناء للقاعدة المعروفة في الحديث [البينة على المدعي واليمين على من أنكر] عند الروايات المشتهرة التي تخلو من لفظ القسامة.
وقد اختلف الفقهاء في السبب الموجب للقسامة ،
فقال أبو حنيفة :
الموجب للقسامة وجود القتيل/أ في موضع هو في حفظ قوم، أو حمايتهم ، كالمحلة والدار ، ومسجد المحلة والقرية ، فإنه يوجب القسامة على أهلها.

وقال مالك : السبب المعتبر في القسامة أن يقول المقتول : دمي عند فلان عمداً ، ويكون المقتول بالغاً مسلماً حراً ، سواء كان فاسقاً ، أو عدلاً، ذكراً ، أو أنثى ، أو يقوم لأولياء المقتول شاهد واحد. ومن الأسباب الموجبة للقسامة عند مالك من غير خلاف عنه : أن يوجد المقتول في مكان خال من الناس ، وعلى رأسه رجل ، ومعه سلاح مخضب بالدماء.


أرجو أن تكن المسألة واضحة.
هذا والله أعلم​
 

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى

رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى

جزاك الله خيراً أختي الفاضلة!
جزانا وإياك
أما الإجابة عن السؤال الأول:
(أولاً: ومنها قولهم: (الأيمان في جميع الخصومات موضوعة في جانب المدعى عليه إلا في القسامة)، وهذه القاعدة مستنبطة من الحديث: (البينة على المدعي واليمين على المدَّعى عليه).أنا أفهم الحديث جيداً، لكني لم أفهم القاعدة، فهل من الممكن أن توضحيها لي من فضلك؟
هذه القاعدة مستنبطة من الحديث الشريف والذي جاء فيه في رواية الدارقطني في سننه رقم الحديث ( 98) 3/110 - والبيهقي في السنن الكبرى رقم الحديث (16222)8/123 : ( البينة على من ادعى واليمين على من أنكر إلا في القسامة).

والقسامة معناها:
عند الأحناف: تقال للأيمان تقسم على أهل المحلة إذا وجد قتيل فيها لم يدر قاتله حلف خمسون رجلاً منهم يتخيرهم ولي المقتول ، فيقسم كل واحد منهم بأن يقول : ما قتلته ، وما علمت له قتيلاً ، فإن حلفوا فعلى أهل المحلة الدية ، ولا يحلف الولي ، ويحبس من أبى الحلف حتى يحلف ، وإن لم يتم العدد كرر الحلف عليهم ليتم العدد خمسين ، ولا قسامة على صبي ومجنون وامرأة وعبد .
{الفتاوى الهندية} 6/77/- {اللباب في شرح الكتاب} 3/172/
وعند المالكية: أن يحلف الوارثون المكلفون في الخطأ واحداً كان أو جماعة ذكراً أو أنثى خمسين يميناً متوالية على البتِّ ولو كان أعمى أو غائباً ، وتوزع الأيمان على الميراث ، ويجبر كسر اليمين ، فإن نكل حبس حتى يحلف خمسين يمينا ، ولا مدخل للنساء في العمد ، فإن كانوا أقل من خمسين وزعت ، وإن كان أكثر اجتزي بالخمسين .
{جامع الأمهات }ص 509-510/- {الكافي} لابن عبد البر ص 601/
وعند الشافعية: هي الأيمان في الدماء ، وصورتها : أن يوجد قتيل بموضع لا يعرف من قتله ، ولا بيّنة ، ويدعي وليُّهُ قتلَهُ على شخصٍ أو جماعةٍ ، وتُوجَد قرينة تشعر بصدقه . ويقال له: اللوث ، فيحلف على ما يدعيه ، ويحكم له بما سنذكره إن شاء الله تعالى .
{روضة الطالبين} 10/9/- {كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار} ص470
وعند الحنابلة:هي الأيمان المكررة في دعوى قتل المعصوم ، وإن كان عبداً أو امرأة أو كافراً ، وسواء كان القتل عمداً أو خطأ . نص عليه في رواية حنبل وابن منصور ، وقيل لا قسامة في الخطأ ، ولا قسامة في الأطراف بحال ، ومن شرط القسامة اللوث ، وهو العداوة الظاهرة .
{المحرر في الفقه }للشيخ محي الدين أبي البركات عبد السلام بن عبد الله بن الخضر، 2/298-299/ط1،دار الكتب العلمية ،بيروت ،1419هـ1999م. {الإنصاف} 10/139/- {المبدع شرح المقنع} 9/32/
ومما سبق يظهر أن الأيمان في القسامة يمكن أن يقسمها المدعِّي والمدعَّى عليه وذلك استثناء للقاعدة المعروفة في الحديث [البينة على المدعي واليمين على من أنكر] عند الروايات المشتهرة التي تخلو من لفظ القسامة.
وقد اختلف الفقهاء في السبب الموجب للقسامة ،
فقال أبو حنيفة : الموجب للقسامة وجود القتيل/أ في موضع هو في حفظ قوم، أو حمايتهم ، كالمحلة والدار ، ومسجد المحلة والقرية ، فإنه يوجب القسامة على أهلها.

وقال مالك : السبب المعتبر في القسامة أن يقول المقتول : دمي عند فلان عمداً ، ويكون المقتول بالغاً مسلماً حراً ، سواء كان فاسقاً ، أو عدلاً، ذكراً ، أو أنثى ، أو يقوم لأولياء المقتول شاهد واحد. ومن الأسباب الموجبة للقسامة عند مالك من غير خلاف عنه : أن يوجد المقتول في مكان خال من الناس ، وعلى رأسه رجل ، ومعه سلاح مخضب بالدماء.


أرجو أن تكن المسألة واضحة.

هذا والله أعلم


بارك الله بك أختي أم طارق، الذي فهمته من المسالة جيداً هو قول الحنفية، ربما لأنه مرّ معي من قبل، أما بقية الأقوال فاختلطتْ عليّ..
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى

رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى

بارك الله بك أختي أم طارق، الذي فهمته من المسالة جيداً هو قول الحنفية، ربما لأنه مرّ معي من قبل، أما بقية الأقوال فاختلطتْ عليّ..

أختي الكريمة بشرى
سوف أحيلك إلى كتاب يفصل في هذا الموضوع ويوضح الخلاف فيه بين الفقهاء
وقد أرفقت الجزء من الكتاب الذي يتعلق بباب القسامة على شكل ملف وورد.
أرجو أن تستفيدي منه ويزول الإشكال بعد قراءة المبحث بكامله من مصدره

وسوف أجيب عن باقي الاستفسارات التي سألت عنها لاحقاً بعون الله
 

المرفقات

  • باب القسامة.doc
    170 KB · المشاهدات: 0

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى

رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى

أختي الكريمة بشرى
سوف أحيلك إلى كتاب يفصل في هذا الموضوع ويوضح الخلاف فيه بين الفقهاء
وقد أرفقت الجزء من الكتاب الذي يتعلق بباب القسامة على شكل ملف وورد.
أرجو أن تستفيدي منه ويزول الإشكال بعد قراءة المبحث بكامله من مصدره

وسوف أجيب عن باقي الاستفسارات التي سألت عنها لاحقاً بعون الله

أجزل الله عطاءك أختي الفاضلة، وأثابك على جهودك..
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى

رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى

هل من الممكن أن اعرف من أصحاب الرأي الأول وأصحاب الرأي الثاني؟
أما القائلون بالرأي الأول فهم الأصوليون القدماء أمثال ابن النجيم ومن نقل عنه. وهو القول الذي اعتمدته مجلة الأحكام العدلية. وتبناه أساتذة معاصرون في كتبهم أمثال الشيخ مصطفى الزرقا في المدخل الفقهي.
وأما القول الثاني فكان رأي الدكتور البورنو الذي نقله في كتابه الوجيز في مقدمته السادسة من الكتاب ، وقد أرفقتها لمن يريد التفصيل حول هذه المسألة.
"
 

المرفقات

  • حكم الاستدلال بالقواعد الفقهية على الأحكام.doc
    37.5 KB · المشاهدات: 0

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى

رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى

ومنها قولهم: (إذا اجتمعت الإشارة والعبارة واختلف موجبهما غُلِّبت الإشارة).ولماذا تغلّب الإشارة على العبارة؟
أختي الفاضلة للإجابة عن هذا السؤال خصصت موضوعاً بعنوان (إذا اجتمعت الإشارة والعبارة واختلف موجبهما غُلِّبت الإشارة) وفيه تفصيل وافٍ للقاعدة بالأمثلة يمكن الرجوع إليه.
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?p=43162#post43162
 
التعديل الأخير:

د. أريج الجابري

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
13 مارس 2008
المشاركات
1,145
الكنية
أم فهد
التخصص
أصول الفقه
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
المذهب الحنبلي
رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى (1)

جزاكِ الله خيراً أختي أم طارق، وكتب لكِ الأجر.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى (1)

جزاكِ الله خيراً أختي أم طارق، وكتب لكِ الأجر.

جزانا الله وإياكم خير الجزاء، ونفع الله بنا وبكم العلم وأهله
 
التعديل الأخير:

سمية

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
22 سبتمبر 2008
المشاركات
508
التخصص
فقه وأصوله
المدينة
00000
المذهب الفقهي
00000
رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى (1)

بارك الله في جهودك أختي أم طارق، وقد استوقفتني الفقرة الآتية:
النوع الثالث: قواعد فقهية أوردها الفقهاء المجتهدون في مقام الاستدلال القياسي الفقهي، حيث تعتبر تعليلات الأحكام الفقهية الاجتهادية ومسالك الاستدلال القياسي عليها، أعظم مصدر لتقعيد هذه القواعد وإحكام صيغها عند استقرار المذاهب الفقهية الكبرى وانصراف أتباعها إلى تحريرها وترتيب أصولها وأدلتها.


فما مقصود الدكتور بقوله: الاستدلال القياسي الفقهي، ومسالكه؟
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى (1)

المقصود بالاستدلال القياسي الفقهي أي تعليلات الأحكام الشرعية التي يوردها الفقهاء ضمن الفتاوى ، فالتعليل هو ركن القياس الأعظم ، والتعليل إشارة إلى القياس سواء صرح به أو لا فهو يفهم ضمناً بمجرد التعليل ، وهذا التعليل أي ذكر علة الحكم يكون مصدره أحد الأدلة المحتج بها فقد يعلل بعلة منصوصة وقد يعلل بعلة مستنبطة من النص وقد يعلل بالمقصد الشرعي من جلب مصلحة أو دفع مفسدة وقد يعلل بالعرف وقد يعلل بالقياس بمفهومه العام أي أصول الشريعة .
وهذا التعليل أساساً يعتبر مصدر القواعد فهو تعليل ورد في فتاوى الفقهاء من الأئمة الكبار ثم انقلب فيما بعد تأصيلاً فسمي قاعدة أو أصلاً وإن كان التعليل أبتداءً هو اصل لكنه أصل مستنبط كما سبق .
وأقرب ذلك بالمثال :
يقول السيوطي في الأشباه والنظائر : " قول الشافعي رضي الله عنه ( إذا ضاق الأمر اتسع ) وقد أجاب بها في ثلاثة مواضع :
أحدها : فيما إذا فقدت المرأة وليها في سفر فولت أمرها رجلا يجوز قال يونس بن عبد الأعلى فقلت له كيف هذا ؟ قال : إذا ضاق الأمر اتسع .
الثاني : في أواني الخزف المعمولة بالسرجين أيجوز الوضوء منها فقال : إذا ضاق الأمر اتسع حكاه في البحر .
الثالث : حكى بعض شراح المختصر أن الشافعي سئل عن الذباب يجلس على غائط ثم يقع على الثوب فقال : إن كان في طيرانه ما يجف فيه رجلاه وإلا فالشيء إذا ضاق اتسع "
من هذا النص نلحظ أن الشافعي علل بهذه الجملة والتي أصبحت فيما بعد قاعدة فقهية ، مع تكرار هذا التعليل في فتاوى العلماء سلك العلماء مسلك التأصيل فجعلوا هذه التعليلات قواعد وأصولاً فقهية وهذا ما نلحظه في تأسيس النظر للدبوسي مثلاً .
 

سمية

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
22 سبتمبر 2008
المشاركات
508
التخصص
فقه وأصوله
المدينة
00000
المذهب الفقهي
00000
رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى (1)

المقصود بالاستدلال القياسي الفقهي أي تعليلات الأحكام الشرعية التي يوردها الفقهاء ضمن الفتاوى ، فالتعليل هو ركن القياس الأعظم ، والتعليل إشارة إلى القياس سواء صرح به أو لا فهو يفهم ضمناً بمجرد التعليل ، وهذا التعليل أي ذكر علة الحكم يكون مصدره أحد الأدلة المحتج بها فقد يعلل بعلة منصوصة وقد يعلل بعلة مستنبطة من النص وقد يعلل بالمقصد الشرعي من جلب مصلحة أو دفع مفسدة وقد يعلل بالعرف وقد يعلل بالقياس بمفهومه العام أي أصول الشريعة .
وهذا التعليل أساساً يعتبر مصدر القواعد فهو تعليل ورد في فتاوى الفقهاء من الأئمة الكبار ثم انقلب فيما بعد تأصيلاً فسمي قاعدة أو أصلاً وإن كان التعليل أبتداءً هو اصل لكنه أصل مستنبط كما سبق .
وأقرب ذلك بالمثال :
يقول السيوطي في الأشباه والنظائر : " قول الشافعي رضي الله عنه ( إذا ضاق الأمر اتسع ) وقد أجاب بها في ثلاثة مواضع :
أحدها : فيما إذا فقدت المرأة وليها في سفر فولت أمرها رجلا يجوز قال يونس بن عبد الأعلى فقلت له كيف هذا ؟ قال : إذا ضاق الأمر اتسع .
الثاني : في أواني الخزف المعمولة بالسرجين أيجوز الوضوء منها فقال : إذا ضاق الأمر اتسع حكاه في البحر .
الثالث : حكى بعض شراح المختصر أن الشافعي سئل عن الذباب يجلس على غائط ثم يقع على الثوب فقال : إن كان في طيرانه ما يجف فيه رجلاه وإلا فالشيء إذا ضاق اتسع "
من هذا النص نلحظ أن الشافعي علل بهذه الجملة والتي أصبحت فيما بعد قاعدة فقهية ، مع تكرار هذا التعليل في فتاوى العلماء سلك العلماء مسلك التأصيل فجعلوا هذه التعليلات قواعد وأصولاً فقهية وهذا ما نلحظه في تأسيس النظر للدبوسي مثلاً .
بارك الله فيكم أستاذنا الفاضل على هذا التوضيح، وهو ما أجمله الندوي في قواعده بقوله: التعليل كثيراً ما يقوم مقام التقعيد.
وما رمت له هو: لما وصف القياس هنا بكونه فقهي، أليس هو عين القياس الأصولي بشروطه المتعلقة بالعلة وصفاتها وشروطها؟ أم أن هناك اختلاف؟
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: دروس في القواعد الفقهية الكبرى (1)

بارك الله فيكم أستاذنا الفاضل على هذا التوضيح، وهو ما أجمله الندوي في قواعده بقوله: التعليل كثيراً ما يقوم مقام التقعيد.
وما رمت له هو: لما وصف القياس هنا بكونه فقهي، أليس هو عين القياس الأصولي بشروطه المتعلقة بالعلة وصفاتها وشروطها؟ أم أن هناك اختلاف؟

بارك الله فيكم يا أستاذة سمية
بل هو القياس الأصولي نفسه وإنما قال ( فقهي ) باعتبار الثمرة فهو قياس أصولي باعتبار التقعيد من جهة اشتماله على أركان القياس وقياس فقهي باعتبار مجاله .
 
أعلى