العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد...
فهذه دروس ميسرة في شرح متن لب الأصول للإمام زكريا الأنصاري رحمه الله كتبتها لمن درس شرح الورقات وأخذ معه جملة من المقدمات في العلوم الشرعية على ما بينته في هذا الرابط:
http://www.feqhweb.com/vb/t22836
ثم إني بقيت مدة متحيرا كيف أشرح هذا الكتاب فرأيت أولا أن أسير فيه منهج أهل التدقيق فأخذت أكتب عند قوله المقدمات هل هي بكسر الدال أو بفتحها وهل هي مقدمة علم أو مقدمة كتاب وما الفرق بينهما وما النسبة المنطقية بين الاثنين، ثم شرعت في بيان موضوع علم الأصول فجرني هذا إلى بيان قولهم موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية فأخذت أبين الأعراض الذاتية والأعراض الغريبة وما يرد على هذا القول من إشكال، ثم أردت أن أقارن بين لب الأصول والأصل الذي أخذ منه أعني جمع الجوامع ولماذا عدل صاحب اللب عن عبارة الأصل وغير ذلك فرأيت أن الكلام سيطول جدا وسيعسر على الطالب فاستقر رأيي على أن أخفف المباحث وأقتصر على إفهام الطالب متن اللب فإن لتلك المباحث مرحلة أخرى.
وإني أنصح القارئ أن يقرأ ما كتبته في شرحي على الورقات قبل أو بعد أن يقرأ الدرس وسأقتطع من الشرح مقدار ما يتعلق بالدرس المكتوب فقط.

http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=11309&p=77869&viewfull=1#post77869


الدرس الأول- المقدمات

تعريف أصول الفقه والفقه

أصولُ الفقهِ: أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ، وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها، وحالُ المستفيدِ.
والفقه: علمٌ بحكمٍ شرعِيٍّ عمليٍّ مُكْتَسَبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.
" أدلة الفقه الإجمالية " اعلم أن أدلة الفقه نوعان: نوع مفصّل معين وهو المتعلق بمسألة معينة نحو ( وأَقيموا الصلاةَ ) فإنه أمر بالصلاة دون غيرها، ونحو ( ولا تقربوا الزنا ) فإنه نهي عن الزنا دون غيره.
ودليل إجمالي غير معين وهي القواعد الأصولية نحو: ( الأمر للوجوب )، و( النهي للتحريم )، و( القياس حجة معتبرة ).
فالإجمالية: قيد احترزنا به عن أدلة الفقه التفصيلية التي تذكر في كتب الفقه فإنها ليست من أصول الفقه.
والاستدلال بالقواعد الأصولية يكون بجعلها مقدمة كبرى، والدليل التفصيلي مقدمة صغرى فنقول في الاستدلال على وجوب التيمم:
فتيمموا في قوله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا أمرٌ- والأمرُ للوجوب= فتيمموا للوجوب أي أن التيمم واجب وهو المطلوب.
فالعلم بوجوب التيمم الذي هو فقه مستفاد من دليل تفصيلي هو ( فتيمموا ) بواسطة دليل إجمالي هو الأمر للوجوب.
وقولنا: " وطرق استفادةِ جُزئياتِها " أي جزئيات أدلة الفقه الإجمالية، وهي أدلة الفقه المفصلة؛ فإن قاعدة الأمر للوجوب مثلا دليل إجمالي له جزئيات كأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فيبحث علم الأصول عن الأدلة الإجمالية، وعن طرق استفادة المسائل الفقهية من الأدلة التفصيلية وذلك بمبحث التعارض والترجيح حيث يبين فيه كيفية رفع التعارض الظاهري بين الأدلة التفصيلية، فالمقصود بالطرق هي المرجحات الآتي بيانها إن شاء الله كقاعدة تقديم الخاص على العام التي يرفع بها التعارض بين العام والخاص.
وقولنا: " وحال المستفيد " أي وصفات المستفيد للأحكام من أدلة الفقه التفصيلية وهو المجتهد فيبين في الأصول ما يشترط في الشخص كي يكون مجتهدا ككونه عالما بالكتاب والسنة ولغة العرب وأصول الفقه.
والخلاصة هي أن علم أصول الفقه يبين فيه ما يلي:
1- القواعد العامة لاستنباط الفقه كقواعد الأمر والنهي.
2- القواعد التي ترفع التعارض بين النصوص.
3- صفات المجتهد أي الشروط اللازمة للاجتهاد.
فهذه الثلاثة مجتمعة هي أصول الفقه.
وأما الفقه فهو: علمٌ بحكمٍ شرعِيٍّ عمليٍّ مُكْتَسَبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.
مثل: النية في الوضوء واجبةٌ، فمن صدّق وحكم بهذه النسبة أي ثبوت الوجوب للنية في الوضوء مستنبطا هذا الحكم من النصوص الشرعية كقوله عليه الصلاة والسلام: ( إنما الأعمال بالنيات ) رواه البخاري ومسلم فقد فقه تلك المسألة.
فقولنا: " علم " أي تصديق.
وقولنا: " حكم شرعي " احترزنا به عن غير الحكم الشرعي كالعلم بأن الواحد نصف الاثنين، وأن النار محرقة، وأن الفاعل مرفوع، فالعلم بها لا يسمى فقها.
وقولنا: " عملي " كالعلم بوجوب النية في الوضوء، وندب الوتر، احترزنا به عن الحكم الشرعي غير المتعلق بعمل كالإيمان بالله ورسوله فليس من الفقه إصطلاحا.
وقولنا " مُكتسَبٌ " بالرفع صفة للعلم وهو العلم النظري، احترزنا به عن العلم غير المكتسب كعلم الله سبحانه وتعالى بالأحكام الشرعية العملية فإنه لا يسمى فقها لأن علم الله أزلي وليس بنظري مكتسب.
وقولنا: " من دليلٍ تفصيليٍّ " احترزنا به عن علم المقلد، فإن علمه بوجوب النية في الوضوء مثلا لا يسمى فقها لأنه أخذه عن تقليد لإمام لا عن دليل تفصيلي.

( شرح النص )

قال الإمام أَبو يحيى زكريا بنُ محمدِ بنِ أحمدَ الأنصاريُّ الشافعيُّ رحمه الله تعالى ( ت 926 هـ ):

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

الحمدُ للهِ الذي وَفَّقَنا للوصولِ إلى معرفةِ الأصولِ، وَيسَّرَ لنا سُلوكَ مناهِجَ بقوَّةٍ أَودَعَها في العقولِ، والصلاةُ السلامُ على محمَّدٍ وآلهِ وصحبهِ الفائزينَ مِنَ اللهِ بالقَبولِ .
وبعدُ فهذا مُختصرٌ في الأَصلينِ وما معَهُما اختصرتُ فيهِ جمعَ الجوامعِ للعلَّامةِ التَّاجِ السُّبْكِيِّ رحِمَهُ اللهُ، وأَبدلْتُ مِنْهُ غيرَ المعتمدِ والواضحِ بهما معَ زياداتٍ حَسَنَةٍ، ونبَّهْتُ على خلافِ المعتزلةِ بعندِنا، وغيرِهمْ بالأصحِّ غالبًا.
وسمَّيْتُهُ لُبَّ الأصولِ راجيًا مِنَ اللهِ القَبولِ، وأَسألُهُ النَّفعَ بهِ فإنَّهُ خيرُ مأمولٍ.
وينحصرُ مقْصُودُهُ في مقدِّمَاتٍ وسبعِ كُتُبٍ.

............................................................................
( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ) الباء في البسملة للمصاحبة لقصد التبرك أي أؤلف مع اسم الله الرحمن الرحيم متبركا باسمه العظيم، والله: علم على المعبود بحق، والرحمن والرحيم صفتان مشبهتان من رحم، والرحمن أبلغ من الرحيم لأنه يزيد عليه بحرف وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، ولذلك قالوا: الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء، وأما الرحيم فهو خاص بالمؤمنين يوم القيامة.
( الحمدُ للهِ ) الحمد هو: وصف المحمود بالكمال حبا له وتعظيما ( الذي وَفَّقَنا ) التوفيق هو: جعل الله فعلَ عبده موافقا لما يحبه ويرضاه ( للوصولِ إلى معرفةِ الأصولِ ) أي أصول الفقه، وفي هذا التعبير براعة استهلال وهو أن يستفتح المتكلم كلامه بألفاظ تدل على مقصوده وهنا ذكر المصنف كلمة الأصول ليشير إلى أن كتابه هذا في علم الأصول.
( وَيسَّرَ ) أي سهّل ( لنا سُلوكَ ) أي دخول ( مناهجَ ) جمع منْهَج و هو: الطريق الواضح، أي سهل الله لنا سلوك طرق واضحة في العلوم ( بـ ) سبب ( قوَّةٍ ) للفهم ( أَودَعها ) اللهُ سبحانه وتعالى ( في العقولِ ) يخص بها من شاء من عباده.
( والصلاةُ السلامُ على محمَّدٍ ) الصلاة من الله هو ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، ومن الملائكة والخلق هو طلب ذلك الثناء من الله تعالى، والسلام أي التسليم من كل النقائص، ومحمد اسم نبينا عليه الصلاة والسلام سمّي به بإلهام من الله تعالى لأنه يكثر حمد الخلق له لكثرة صفاته الجميلة ( وآلهِ ) هم مؤمنو بني هاشِم وبني المطَّلِب ( وصحبهِ ) أي أصحابه والصحابي من اجتمع مؤمنا بنبينا صلى الله عليه وسلم ( الفائزينَ ) أي الظافرينَ ( مِنَ اللهِ بالقَبولِ ) والرضا.
( وبعدُ ) أي بعد ما تقدم من البسملة والحمدلة والصلاة والسلام على من ذكر ( فهذا ) المُؤَلَّفُ ( مُختصرٌ ) وهو ما قل لفظه وكثر معناه ( في الأَصلينِ ) أي أصول الفقه وأصول الدين ( وما معَهُما ) أي مع الأصلين من المقدمات والخاتمة التي ذكر فيها نبذة في السلوك والتصوّف ( اختصرتُ فيهِ ) أي في هذا المختصر ( جمعَ الجوامعِ للعلَّامةِ ) عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي الملقّب بـ ( التَّاجِ ) أي تاج الدين ( السُّبْكِيِّ ) نسبة إلى سُبْكٍ وهي قرية من قرى محافظة المنوفية بمصر المتوفي عام 771 هـ ( رحِمَهُ اللهُ ) وغفر له ( وأَبدلْتُ ) معطوف على اختصرتُ ( مِنْهُ ) أي من جمع الجوامع ( غيرَ المعتمدِ ) من المسائل ( و ) غير ( الواضحِ ) من الألفاظ ( بهما ) أي بالمعتمد والواضح ( معَ زياداتٍ حسنةٍ ) أضافها على جمع الجوامع.
( ونبَّهْتُ على خلافِ المعتزلةِ بـ ) قوله ( عندِنا ) أي عند الأشاعرة فحيث قال: عندنا فيعرف أن المعتزلة- ولو مع غيرهم- قد خالفوا الأشاعرة في هذه المسألة.
( و ) نبهَّتُ على خلاف ( غيرِهمْ ) أي غير المعتزلة كالحنفية والمالكية وبعض أصحابنا الشافعية ( بالأصحِّ ) فحيث قال: الأصح كذا فيعرف وجود خلاف في المسألة لغير المعتزلة ( غالبًا ) أي هذا بحسب غالب استعماله للتعبير بعندنا وبالأصح وقد ينبه على الخلاف بقوله: والمختار كذا.
( وسمَّيْتُهُ ) أي هذا المختصر ( لُبَّ الأصولِ ) واللب خالص كل شيء فمن أراد لبَّ هذا العلم فعليه بهذا الكتاب ( راجيًا ) أي مؤملا ( مِنَ اللهِ القَبولِ ) أي أن يتقبله عنده ولا يرده على صاحبه ( وأَسألُهُ النَّفعَ بهِ ) أي بلب الأصول لمؤلفه وقارئه ومستمعه وسائر المؤمنين ( فإنَّهُ خيرُ مأمولٍ ) أي مرجو.
( وينحصرُ مقْصُودُهُ ) أي مقصود لب الأصول ( في مقدِّمَاتٍ ) أي أمور متقدمة على الكتب السبعة تعرض فيها لتعريف علم الأصول وبيان الحكم الشرعي وأقسامه وغير ذلك ( وسبعِ كُتُبٍ ) الكتاب الأول في القرآن، والثاني في السنة، والثالث في الإجماع، والرابع في القياس، والخامس في الاستدلال بغير ذلك من الأدلة كالاستصحاب وبيان الأدلة المختلف فيها، والسادس في التعارض والترجيح، والسابع في الاجتهاد وما يتبعه من التقليد وأدب الفتيا، وما ضم إليه من مسائل علم الكلام وخاتمة التصوف، فهذا هو محتوى هذا الكتاب.

الُمقَدِّمَات

أصولُ الفقهِ: أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ، وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها، وحالُ مُسْتَفِيدِها. وقِيلَ مَعْرِفَتُها.
والفِقْهُ: علمٌ بحكمٍ شرعيٍ عمليٍ مكتسبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.

............................................................................
هذا مبحث ( المقدِّمات ) وهي أمور متقدِّمة على المقصود ينتفع بها الطالب قبل أن يدخل في مباحث العلم، ابتدأها بتعريف العلم كي يتصوره الطالب تصورا إجماليا قبل أن يدخل فيه فقال: ( أصولُ الفقهِ ) أي هذا الفن المسمى بهذا الاسم هو ( أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ ) أي غير المعينة كالأمر للوجوب والنهي للتحريم ( وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها ) أي جزئيات أدلة الفقه الإجمالية التي هي أدلة الفقه التفصيلية كأقيموا الصلاة، والمراد بالطرق المرجحات عند التعارض الآتي بيانها في الكتاب السادس ( وحالُ مُسْتَفِيدِها ) أي صفات مستفيد جزئيات أدلة الفقه الإجمالية وهو المجتهد.
( وقِيلَ ) إن أصول الفقه ( مَعْرِفَتُها ) أي معرفة أدلة الفقه الإحمالية وطرق استفادةِ جزئياتها وحال مستفيدها، فبعض العلماء اختار في تعريف أصول الفقه التعبير بأدلة الفقه الإجمالية.. وبعضهم اختار التعبير بمعرفة أدلة الفقه الإجمالية... أي إدراك تلك الأدلة، والفرق بين التعريفين هو أنه على التعريف الأول يكون أصول الفقه نفس الأدلة، عُرفت أم لم تعرف، وعلى التعريف الثاني يكون أصول الفقه المعرفة القائمة بعقل الأصولي، والمصنف أشار بقيل إلى أن التعريف الأول أولى، لأنه أقرب إلى المدلول اللغوي فإن الأصول في اللغة جمع أصل وهو ما يبنى عليه غيره كالدليل فإنه أصل للحكم، والأمر في ذلك هين فإن العلوم المدونة تارة تطلق ويراد بها القواعد وتارة تطلق ويراد بها معرفة تلك القواعد، كالنحو فتارة يراد به الفاعل مرفوع والمفعول به منصوب ونحو ذلك وتارة يراد به معرفة تلك القواعد.
( والفِقْهُ: علمٌ ) أي تصديق ( بحكمٍ شرعيٍ ) أي مأخوذ من الشرع المبعوث به النبي صلى الله عليه وسلم ( عمليٍ ) قيد لإخراج الأحكام الشرعية الاعتقادية كالإيمان بالله واليوم الآخر ( مكتسبٌ ) هو بالرفع صفة للعلم لإخراج العلم غير المكتسب كعلم الله الأزلي ( من دليلٍ تفصيليٍّ ) للحكم قيد لإخراج علم المقلِّد.

 
التعديل الأخير:
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.


أجيب على سؤالك هذا أولا لأنه متعلق بدرس اليوم ولي عودة إن شاء الله لبقية الأسئلة فأقول:
الدليل عند الأصوليين مفرد وليس جملة وقضية من مبتدأ وخبر وهو الشيء الذي إذا نظرت في أحواله أمكنك أن تصل فيه إلى نتيجة كالعالم فإذا نظرت في أحواله من حدوث وتغيير علمت أنه لا بد له من محدث، وكالصلاة فإذا نظرت في حالها وكونها مأمور بها عرفت أنها واجبة، وكالخمر فإذا نظرت في حالها وهو أنها مسكرة علمت أنها حرام وهلم جرا.
فالدليل عند الأصولين هو موضوع النتيجة عند المنطقيين نحو الخمر مسكر وكل مسكر حرام فالخمر حرام، فالدليل هو: ( الخمر مسكر+ كل مسكر حرام )= الخمر حرام وهذه هي النتيجة.
طيب أين موضوع النتيجة ؟ الجواب هو ( الخمر ) الذي هو الدليل عند الأصوليين لأنك إذا نظرت في حالها عرفت النتيجة، طيب وما هو حالها الجواب هو الحد الأوسط في القياس السابق ( مسكر ).
فالدليل عند الأصوليين هو نفس موضوع البحث الذي يطلب البحث عن حاله.
ويبدو هذا غريبا كيف يكون موضوع البحث هو الدليل؟ والجواب هذا اصطلاحهم لأن العالم هو دليل ( بالقوة ) أما الدليل بالفعل فلا بد للناظر أن يرتب دليله من مقدمات ليصل للنتيجة.
قال العلامة اليوسي في البدور اللوامع: واعلم أنه لابد من ترتيب المقدمتين عند كل أحد- أي من الأصوليين والمنطقيين - وإنما وقع الخلاف في التسمية هل هو- أي الدليل- اسم للمنظور فيه - كما هو اصطلاح الأصوليين - أم اسم للنظر نفسه- كما هو عند المناطقة- فهو كله بهذا الاعتبار منطقي.. اهـ وبما بين القوسين مني.
تنبيه: إن لم يكن التوضيح كافيا اجتهدت في تصريف العبارة على نحو ثان وثالث حتى تصل الفكرة إن شاء الله.

اللهم لك الحمد ، نفعنا الله بعلمكم ، بلى والله اتضح زادكم الله علما
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

مع كل درس تشرحونه اقرأ شرحكم المبارك ثم اقرأ غاية الوصول شرح لب الأصول ، وخلال القراءة تشكل علي بعض النقاط في الشرح ، فهل توافقون على عرض هذه النقاط أم ترون الاقتصار على مافي شرحكم ؟
 
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.



الأولى: اختلف الناس في العلم بالنتيجة الحاصل بعد النظر على أقوال:
1- القول الأول للأشاعرة وهو أن قدرة الناظر لا تأثير لها في حصول النتيجة بل الله سبحانه يخلق النتيجة في قلب العبد عند النظر كما يخلق الري عند الشرب.
وجمهورهم ذهبوا إلى أن العلم الحاصل عند النظر عادي لا يجوز تخلفه إلا خرقا للعادة كما تخلفت النار عن حرق إبراهيم عليه السلام، وذهب بعضهم إلى أن العلم بالنتيجة لازم للنظر لا يجوز تخلفه أبدًا.


على القول بأن العلم بالنتيجة لازم للنظر لا يجوز تخلفه ألا ينافي ما تقرر أن قدرة النظر لا تأثير لها في حصول النتيجة ؟
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الثامن- تابع المقدمات

مسائل متفرقة


1- الحَسَنُ هو: فعلٌ يُمدح فاعله عليه، فيشمل: ( الواجب والمندوب )، والقبيح هو: فعلٌ يذمّ فاعله عليه، وهو الحرام.
وما لا يمدح عليه ولا يذم واسطة بين الحسن والقبيح ويشمل بقية الأحكام وهي: ( المباح والمكروه وخلاف الأولى ).
2- الفعل الذي يجوز تركه ليس بواجب، سواء أكان يجوز فعله كصوم المسافر، فإنه يجوز صومه، أم كان يمتنع الفعل كصوم الحائض فإنه يمتنع صومها شرعًا، فكلا الفعلين لا يوصفان بالوجوب لأن الواجب يمتنع في الشرع تركه، وهما لا يمتنع تركهما، وقال بعض الفقهاء الصوم على المسافر والحائض وذوي الأعذار واجب لوجوب القضاء، والخلاف لفظي راجع إلى اللفظ دون المعنى.
3- المندوب مأمور به أي يسمى بذلك حقيقة لأن لفظ ( أَ- مَ- رَ ) يشمل الأمر بالواجب والامر بالمستحب، فيصح أن يقال بالمعنى الحقيقي إن الله أمرنا بسنة الفجر.
4- التكليف هو:إلزام ما فيه كُلفة،أي مشقة والإلزام يرفع الاختيار فلا يشمل التكليف حينئذ سوى ( الواجب والحرام ) وقيل: التكليف: طلب ما فيه كلفة، أي بإلزام أو بدونه فيشمل ( الواجب والمندوب والحرام والمكروه وخلاف الأولى ).
5- المباح إذا نظرنا إليه من حيث إنه مأذون بفعله فيكون جنسا يشمل الواجب والمندوب لأن كلا منهما مأذون بفعله، وإذا نظرنا إليه من حيث إنه مخير بين فعله وتركه فلا يكون جنسا للواجب لأنه لا تخيير فيه بل يجب فعله ولا يجوز تركه.
6- المباح غير مأمور به في ذاته كما هو واضح لأنه ليس بواجب ولا مندوب، ولكن قد يعرض للشيء المباح ما ينقله لحكم آخر كالسكوت فهو مباح ولكن قد يسكت في موقف إذا تكلم فيه فإنه ينقذ مسلم من الهلاك فيكون سكوته حرامًا.
7- الإباحة حكم شرعي لأنها تخيير بين الفعل والترك، وهذا التخيير يتوقف على إذن الشارع وقال بعضهم: لا لأن الإباحة انتفاء الحرج عن الفعل، وهو مستمر قبل ورود الشرع وبعده إلى أن يرد شرع بغير ذلك ولذا قالوا: الأصل في الأشياء الإباحة، والخلاف لفظي لأن القولين لم يتواردا على محل واحد فإن الإباحة بالمعنى الأول شرعية وبالمعنى الثاني عقلية.
8- الوجوب لشي إذا نسخ بقي الجواز له لأن الوجوب يتضمن الإذن بالفعل مع المنع من الترك فإذا نسخ المنع من الترك بقي الإذن بالفعل أي عدم الحرج في الفعل والترك فيشمل الإباحة والندب والكراهة وخلاف الأولى، ولا دليل على تعيين أحدها، وقيل إذا نسخ الوجوب بقيت الإباحة وقيل الاستحباب، وقيل بل يعود الحكم إلى ما كان عليه قبل الوجوب.
9- الأمر بشيء واحد من أشياء معينة يوجب واحدًا لا بعينه وهو ما يعرف بالواجب المخير كما في كفارة اليمين، قال تعالى: ( فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) فإذا فعلها كلها فينظر: فإن فعلها مرتّبة واحدة بعد الأخرى فالواجب هو أولها، وإن فعلها كلها معا فأعلاها ثوابا هو الواجب، وإن تركها جميعا يعاقب على أدناها عقابا يوم القيامة هذا إن عوقب ولم يغفر له.
10- يجوز تحريم واحد لا بعينه من أشياء معينة كأن يقال: لا تفعل هذا أو ذاك وهذه المسألة افترضها الأصوليون، وجعلوها في مقابل الواجب المخير، وقالوا إذا وقع ذلك فعلى المكلف أن يترك فعل واحد منها، وله أن يفعل الباقيات.
11- فرض العين هو: مُهِمٌ يُقْصَدُ تحصيلُهُ جزمًا مع النظرِ بالذاتِ إلى الفاعلِ، فقولنا: مهم: أي أمر يعتنى به كالصلوات الخمس، يُقصد: أي يطلب حصوله من المكلف، جزمًا: أي قصدًا جازمًا، احترز به عن السنة، مع النظر بالذات لفاعله: أي أن الطلب توجّه لكل مكلف، احترز به عن فرض الكفاية.
وفرض الكفاية: مُهِمٌ يُقْصَدُ حصولُهُ جزمًا من غير نظرٍ بالذاتِ إلى الفاعلِ، فيجب على الكل ويسقط بفعل البعض أي أن الطلب توجّه للجميع فإن فعل البعض سقط الطلب، وذلك أن قصد الشرع هو حصول الفعل في الواقع لا يهم من يفعله ومن يتركه كصلاة الجنازة والأمر بالمعروف بخلاف فرض العين فلا يسقط بفعل البعض.
وفرض العين أفضل من فرض الكفاية، لشدة اعتناء الشارع بقصد حصوله من كل مكلف.
12- مَنْ شرعَ في فرض الكفاية لم يجب عليه إتمامُهُ، إلا في الجهاد وصلاة الجنازة والحج والعمرة، فمن شرع في تغسيل الميت مثلا جاز له تركه لشخص آخر ولم ينقلب في حقه فرض عين عندما شرع فيه.
ويستثنى الجهاد لما فيه من كسر معنويات الجند بالانسحاب من الجيش، وصلاة الجنازة لما فيها من هتك حرمة الميت، والحج والعمرة لما تقدم من وجوب إتمام نفلهما فضلا عن فرضهما.
13- سنة العين: مُهِمٌ يُقْصَدُ تحصيلُهُ بلا جزمٍ مع النظرِ بالذاتِ إلى الفاعلِ، كسنة الفجر والوتر.
وسنة الكفاية: مُهِمٌ يُقْصَدُ تحصيلُهُ بلا جزمٍ من غير نظرٍ بالذاتِ إلى الفاعلِ، كابتداء السلام، وهي مطلوبة من الكل وتسقط بفعل البعض.
وسنة العين أفضل من سنة الكفاية، ولا تتعين سنة الكفاية بالشروع فيها أي لا تنقلب سنة عين في تأكيد طلب إتمامها على من شرع فيها.

( شرح النص )​

مسألةٌ: الأصحُّ أَنَّ الحَسَنَ: ما يُمدحُ عليه، والقبيحُ: ما يُذَمُّ عليه، فما لا ولا واسِطَةٌ، وأنَّ جائِزَ التركِ ليسَ بواجبٍ، والخُلْفُ لفظِيٌّ، وأَنَّ المندوبَ مأمورٌ بهِ، وأنَّهُ ليسَ مكلَّفًا بهِ كالمكروهِ بناءً على أن التكليفَ إلزامُ ما فيهِ كُلْفَةٌ لا طَلَبُهُ، وأنَّ المباحَ ليسَ بجِنْسٍ للواجِبِ، وأنهُ في ذاتِه غيرُ مأمورٍ بِهِ، وأن الإباحةَ حكمٌ شرعِيٌّ، والخلفُ لفظِيٌّ، وأنَّ الوجوبَ إذا نُسِخَ بَقِيَ الجوازُ وهوَ عدمُ الحرجِ في الأصحِّ .
مسألةٌ: الأمرُ بأحدِ أشياءَ يوجِبُهُ مبهمًا عندنا فإنْ فعلَها فالمختارُ: إنْ فعَلَها مُرَتَّبَةً فالواجب أَوَّلُها أو معًا فأعلاها، وإنْ تركها عُوقِبَ بأدناها، ويجوزُ تحريمُ واحدٍ مبهمٍ عندنا كالمخَيَّرِ.
مسألةٌ: فرضُ الكفايةِ مُهِمٌّ يُقْصَدُ جَزمًا حصولُهُ مِنْ غيرِ نظرٍ بالذاتِ لفاعِلِهِ، والأصحُّ أنَّهُ دونَ فرضِ العينِ، وأنَّهُ على الكلِّ ويسقطُ بفعلِ البعضِ، وأنَّهُ لا يَتَعَيَّنُ بالشُّرُوعِ إلا جهادًا وصلاةَ وجنازةٍ وحجًّا وعمرةً، وسُنَّتُهَا كفرضِها بإبدالِ جزمًا بضِدِّهِ.

..................................................................................................
هذه ( مسألةٌ ) في بيان صفة الفعل من حيث كونه حسنا أو قبيحا ( الأصحُّ أَنَّ الحَسَنَ: ما يُمدحُ عليه، والقبيحُ: ما يُذَمُّ عليه ) قد تقدم أن التحسين والتقبيح موقوف على بيان الشرع ولا دور للعقل، فإذا علم هذا فإن الفعل الذي حسّنه الشرع يكون حسنا، والفعل الذي قبحه الشرع يكون قبيحا، فالحسن هو الفعل الذي يمدح صاحبه عليه شرعا، فيشمل الواجب والمندوب، والقبيح هو الفعل الذي يذم صاحبه عليه شرعا، فلا يصدق إلا على الحرام ( فما لا ) يمدح عليه ( ولا ) يذم عليه ( واسِطَةٌ ) بين الحسن والقبيح، وهو يشمل المباح والمكروه وخلاف الأولى، وقيل: الحسن الفعل المأذون لصاحبه فيه، فيشمل الواجب والمندوب والمباح، والقبيح: ما نهي عنه شرعا، ولو كان النهي مستفادًا من أوامر الندب كما مرّ في خلاف الأولى فيشمل على هذا الحرام والمكروه وخلاف الأولى ولا توجد واسطة، وهذا ما اختاره صاحب الأصل أعني جمع الجوامع وقد اعتمد الإمام الأنصاري خلافه فتنبّه، فتلخص أن الواجب والمندوب يوصفان بالحسن، والحرام يوصف بالقبح، والبقية لا توصف لا بالحسن ولا القبح ( وأنَّ جائِزَ التركِ ليسَ بواجبٍ ) الواجب يتضمن الإذن بالفعل مع المنع من الترك، فكل ما يوصف بأنه يجوز تركه لا يسمى واجبًا، ونعني بما يجوز تركه أن الفعل غير واجب سواء أكان جائز الفعل مثل صوم رمضان للمسافر فإنه يجوز له أن يصوم، أو كان ممتنع الفعل مثل صوم الحائض، فنقول بما أننا يصح أن نقول إن الصيام يجوز تركه فلا نسمه واجبا، وقال بعض الفقهاء: يجب الصوم على ذوي الأعذار كالحائض والمسافر ووجوب القضاء عليهم يدل على ذلك، وأجيب بأن وجوب القضاء لا يدل على وجوب الأداء وكلامنا فيه ( والخُلْفُ لفظِيٌّ ) لأن ترك الصوم حال العذر جائز اتفاقا، والقضاء بعد زوال العذر واجب اتفاقا فلم يبق إلا الخلاف في اللفظ دون المعنى ( و ) الأصح ( أَنَّ المندوبَ مأمورٌ بهِ ) أي يسمى بذلك، وقيل لا يسمى وأن الواجب هو المأمور به، والخلاف مبني على أن مادة أَ مَ رَ هل هي حقيقة في الإيجاب فقط، أم في القدر المشترك بين الإيجاب والندب أي في الطلب، والصحيح أنها للقدر المشترك ( و ) الأصح ( أنَّهُ ) أي المندوب ( ليسَ مكلَّفًا بهِ كالمكروهِ ) فلا يشملهما لفظ التكليف وذلك ( بناءً على أن التكليفَ ) في الاصطلاح ( إلزامُ ما فيهِ كُلْفَةٌ ) أي مشقة من فعل أو ترك ( لا طَلَبُهُ ) أي طلب ما فيه كلفة، وقيل إن المندوب والمكروه مكلف بهما كالواجب والحرام وذلك بناء على أن التكليف هو طلب ما فيه كلفة فيشمل ما عدا المباح ( و ) الأصح ( أنَّ المباحَ ليسَ بجِنْسٍ للواجِبِ ) وذلك إذا قلنا: إن المباح هو ما خيّر بين فعله وتركه، فلا يندرج الواجب والمندوب تحت هذا التعريف، وقيل إن المباح جنس يشمل المخير فيه والواجب والمندوب وذلك إذا قلنا: إن المباح هو المأذون في فعله، ولا خلاف بين القولين في المعنى ( و ) الأصح ( أنهُ ) أي المباح ( في ذاتِه غيرُ مأمورٍ بِهِ ) فإنه ليس بواجب ولا مندوب وإنما قد يؤمر به لعارض، وقيل إنه مأمور به لأن المباح قد يتحقق به ترك الحرام فيتحقق بالسكوت مثلا ترك القذف فيكون السكوت واجبا، ولا خلاف في المعنى لأن مرده إلى أنه يكون واجبا لعارض وهذا مسلّم ( و ) الأصح ( أن الإباحةَ حكمٌ شرعِيٌّ ) لأنها التخيير بين الفعل والترك، وهو متوقف على الشرع، وقيل ليست حكما شرعيا لأن الإباحة هي انتفاء الحرج عن الفعل والترك وهذا موجود قبل الشريعة ومستمر بعدها، والخلاف لفظي لأنها بالمعنى الثاني لا تتوقف على نص من الشرع ( والخلفُ لفظِيٌّ ) في المسائل الثلاث وهي أن المباح ليس بجنس للواجب، وغير مأمور به في ذاته، وأن الإباحة حكم شرعي ( و ) الأصح ( أنَّ الوجوبَ إذا نُسِخَ بَقِيَ الجوازُ وهوَ ) أي الجواز المذكور ( عدمُ الحَرَجِ ) في الفعل والترك فيشمل المندوب والمباح والمكروه وخلاف الأولى ( في الأصحِّ ) لأنه لا دليل عندنا على تعيين أحد تلك المعاني، وقيل إذا نسخ الوجوب بقيت الإباحة، وقيل الاستحباب، وقيل بل يعود الحكم إلى ما كان عليه قبل الوجوب والخلاف حقيقي معنوي، هذه ( مسألةٌ ) في الواجب والحرام المخيرين ( الأمرُ بأحدِ أشياءَ ) معينة كما في كفَّارة اليمين ( يوجِبُهُ مبهمًا عندنا ) أي يوجب واحدًا لا بعينه وهو الواجب المخيّر، ونفى المعتزلة الواجب المخيّر لأن الجمع بين الوجوب والتخيير ممتنع وقالوا إن الواجب هو الكل ويسقط الوجوب بفعل واحد، وفي الحقيقة إنه لا مانع عقلا ولا عرفا أن يقول السيد لعبده يجب عليك فعل هذا أو هذا أيهما فعلت خرجت به عن العقوبة وإن تركتهما معا عاقبتك ( فـ ) على القول الصحيح من وجوب واحد مبهم ( إنْ فعلَها ) كلها أي الأشياء التي خير فيها ( فـ ) القول ( المختارُ ) هو التفصيل فيقال: ( إنْ فعَلَها مُرَتَّبَةً ) واحدة بعد الأخرى ( فالواجبُ أَوَّلُها ) فيثاب عليه ثواب الواجب ويثاب على البقية ثواب المندوب ( أو ) فعلها كلها ( معًا فأعلاها ) ثوابا هو الواجب في حقه ( وإنْ تركها ) كلها ( عُوقِبَ بأدناها ) عقابا يوم القيامة إن لم يغفر له ( ويجوزُ تحريمُ واحدٍ مبهمٍ ) من أشياء معينة كأن يقال: لا تتناول السمك أو اللبن أو البيض، فعلى المكلف أن يترك فعل أمر واحد باختياره وله أن يفعل الباقي ( عندنا ) خلافا للمعتزلة، وهذا ( كـ ) الواجب ( المخَيَّرِ ) فيحرم واحد لا بعينه، هذه ( مسألةٌ ) في فرض وسنة الكفاية ( فرضُ الكفايةِ ) أمر ( مُهِمٌّ يُقْصَدُ ) شرعا ( جَزمًا ) يخرج السنة ( حصولُهُ مِنْ غيرِ نظرٍ بالذاتِ لفاعِلِهِ ) وإنما ينظر إليه بالتبع لأنه لا يتأتى الفعل إلا بفاعل ( والأصحُّ أنَّهُ دونَ فرضِ العينِ ) في الفضل، وقيل إن فرض الكفاية أفضل ( و ) الأصح ( أنَّهُ ) فرضٌ ( على الكلِّ ويسقطُ بفعلِ البعضِ ) وقيل بل هو فرض على البعض ورجّحه الأصل ( وأنَّهُ ) أي فرض الكفاية ( لا يَتَعَيَّنُ بالشُّرُوعِ ) فيه أي لا يصير فرض عين على الشارع فيه ( إلا جهادًا وصلاةَ جنازةٍ وحجًّا وعمرةً ) فتتعين بالشروع فيها ( وسُنَّتُهَا ) أي سنة الكفاية ( كفرضِها ) أي كفرض الكفاية فيما مر ولكن ( بإبدالِ جزمًا بضِدِّهِ ) فنقول في حدها: مهم يقصد تحصيله بلا جزم من غير نظر بالذات إلى فاعله.

 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

على القول بأن العلم بالنتيجة لازم للنظر لا يجوز تخلفه ألا ينافي ما تقرر أن قدرة النظر لا تأثير لها في حصول النتيجة ؟
لاينافي لأنهما متفقان على أن الله يخلق العلم عند النظر لا به ولكن هل خلقُ الله لهذا الأمر يجوز تخلفه من باب خرق العادة فيكون عاديا أو لا يجوز تخلفه بمعنى أنه سبحانه دائما وأبدا يخلق بقدرته عند نظر العبد النتيجة فيكون لازما، وهذا القول يجعل الملازمة بين النظر والنتيجة كالملازمة بين اللازم والملزوم فيستحيل عقلا أن توجد الأربعة مثلا التي هي الملزوم ولا يوجد لازمها الذي هو الزوجية فتأمل.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

مع كل درس تشرحونه اقرأ شرحكم المبارك ثم اقرأ غاية الوصول شرح لب الأصول ، وخلال القراءة تشكل علي بعض النقاط في الشرح ، فهل توافقون على عرض هذه النقاط أم ترون الاقتصار على مافي شرحكم ؟
غاية الوصول خلاصة كاملة لشرح المحلي على جمع الجوامع وهو ينسخ العبارات بألفاظها من شرح شيخه المحلي، ولا يخفى عليكم أن مستوى شرح المحلي هو للمرحلة الثالثة، كما أن شرح العضد على مختصر المنتهى -
حيث تتيه العقول- هو المرحلة الرابعة ومراعاة التدرج أمر ضروري.
وأنا أقترح عليك طريقة قل من يلتفت إليها ومن التفت إليها لا يعمل بها لأنها مرهقة مع أنها تجعل الطالب يركض في العلوم ركضا وهي: أن يمسك المتن ويجزئه إلى مسائله ويتأمل بذهنه تأملا طويلا كل مسألة من مسائله ويدير الشرح في ذهنه ويقلب النظر ويكتب ما يعرض عليه ويبحث عن جوابه حتى إذا أحس بأنه هضمها انتقل لما بعدها وقد يستغرق الأمر ساعات أو أياما في مسألة واحدة حتى إذا أكمل بزّ أقرانه ومن جرب عرف.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

وصف الرخصة بالوجوب ألا ينافي كونها رخصة ، وإذا قلنا بأنها واجبة ألا تصبح من الأحكام التكليفية ؟
أما كونها تصبح من الأحكام التكليفية فبعيد عن اصطلاح العلماء لأن هذا يرد على جميع أنواع الرخص المندوبة والمباحة وخلاف الأولى، ويرد على كل الأحكام الوضعية فإن السبب يكون واجبا والشرط كذلك.
أما كونها رخصة وواجبة في نفس الوقت فسؤال وارد أجاب عنه العلامة المحلي في شرح جمع الجوامع بقوله: وسهولة الوجوب في أكل الميتة لموافقته لغرض النفس في بقائها. اهـ قال العلامة العطار في حاشيته عليه: قوله: ( وسهولة الوجوب ) لما كانت السهولة في أكل الميتة قد تخفى لما في وجوبه من الصعوبة لأنه إلزام وتكليف بينها بقوله: وسهولة الوجوب في أكل الميتة.. أهـ.
وقال العلامة اليوسي في البدور اللوامع: إلا أن أكل الميتة على القول بكونه مباحا- وهو رأي فقهي آخر- السهولة فيه ظاهرة، وعلى القول بالوجوب الذي ذكره المصنف فباعتبار أن الواجب في مثل هذا ملائم لهوى النفس، لأن الشفقة عليها أمر جبلي، والحق إذا وافق الهوى كان عسلا وزبدًا. اهـ، وما بين الشارحتين مني. والله أعلم.

 
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

أما كونها تصبح من الأحكام التكليفية فبعيد عن اصطلاح العلماء لأن هذا يرد على جميع أنواع الرخص المندوبة والمباحة وخلاف الأولى، ويرد على كل الأحكام الوضعية فإن السبب يكون واجبا والشرط كذلك.
شيخنا المبارك
الذي يظهر من عباراتهم أن لا مانع اصطلاحا من توارد هذه الأوصاف على محل واحد حيث كانت الجهة منفكة كـ"أكل الميتة للمضطر" فحكمه من حيث طلب الشارع فعله على سبيل الجزم - واجب، ومن حيث تغير حكمه إلى سهولة لعذر مع قيام السبب للحكم الأصلي الذي هو حرمة أكلها - رخصة
كما يقال في النكاح بأنه من حيث الحكم التكليفي مباح أو مستحب على خلاف، ومن حيث الحكم الوضعي سبب لوجوب الصداق، وشرط لثبوت الطلاق، ومانع من نكاح الأخت والعمة والخالة مثلا، وهو عزيمة من حيث عدم التغير أو ... الخ. والله أعلم
 
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.


أو لا يجوز تخلفه بمعنى أنه سبحانه دائما وأبدا يخلق بقدرته عند نظر العبد النتيجة فيكون لازما، وهذا القول يجعل الملازمة بين النظر والنتيجة كالملازمة بين اللازم والملزوم فيستحيل عقلا أن توجد الأربعة مثلا التي هي الملزوم ولا يوجد لازمها الذي هو الزوجية فتأمل.
مازال الإشكال قائما
وكأن في القول باللزوم نوع إيجاب على الله !
 
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.



1- الحَسَنُ هو: فعلٌ يُمدح فاعله عليه، فيشمل: ( الواجب والمندوب )، والقبيح هو: فعلٌ يذمّ فاعله عليه، وهو الحرام.
وما لا يمدح عليه ولا يذم واسطة بين الحسن والقبيح ويشمل بقية الأحكام وهي: ( المباح والمكروه وخلاف الأولى ).


لماذا جعلنا المكروه واسطة مع أنه يمدح تاركه؟
 
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.



4- التكليف هو:إلزام ما فيه كُلفة،أي مشقة والإلزام يرفع الاختيار فلا يشمل التكليف حينئذ سوى ( الواجب والحرام ) وقيل: التكليف: طلب ما فيه كلفة، أي بإلزام أو بدونه فيشمل ( الواجب والمندوب والحرام والمكروه وخلاف الأولى ).

على القول بأن التكليف إلزام . . كيف ندخل المندوب والمكروه والمباح في الأحكام التكليفية ؟
وعلى القول بأنه طلب . . كيف ندخل المباح في الأحكام التكليفية ؟
 
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.



7- الإباحة حكم شرعي لأنها تخيير بين الفعل والترك، وهذا التخيير يتوقف على إذن الشارع وقال بعضهم: لا لأن الإباحة انتفاء الحرج عن الفعل، وهو مستمر قبل ورود الشرع وبعده إلى أن يرد شرع بغير ذلك ولذا قالوا: الأصل في الأشياء الإباحة، والخلاف لفظي لأن القولين لم يتواردا على محل واحد فإن الإباحة بالمعنى الأول شرعية وبالمعنى الثاني عقلية.

اتضح لي أنهم متفقون على تسمية ما أباحه الشرع " إباحة شرعية " ، وما لم يرد في الشرع " إباحة عقلية " ، فلا يوجد حتى خلاف لفظي !
إذا أمكن أستاذنا إيضاح ما أشكل على فهمي القاصر
 
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.



وأنا أقترح عليك طريقة قل من يلتفت إليها ومن التفت إليها لا يعمل بها لأنها مرهقة مع أنها تجعل الطالب يركض في العلوم ركضا وهي: أن يمسك المتن ويجزئه إلى مسائله ويتأمل بذهنه تأملا طويلا كل مسألة من مسائله ويدير الشرح في ذهنه ويقلب النظر ويكتب ما يعرض عليه ويبحث عن جوابه حتى إذا أحس بأنه هضمها انتقل لما بعدها وقد يستغرق الأمر ساعات أو أياما في مسألة واحدة حتى إذا أكمل بزّ أقرانه ومن جرب عرف.
بسم الله
شرعنا في الطريقة ونسأل الله التوفيق
 
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.


( والخُلْفُ لفظِيٌّ ) لأن ترك الصوم حال العذر جائز اتفاقا، والقضاء بعد زوال العذر واجب اتفاقا فلم يبق إلا الخلاف في اللفظ دون المعنى
لو قال لزوجته : إن وجب علي الصوم فأنت طالق ، ثم سافر فعلى القول بأنه ليس بواجب لا تطلق وعلى القول بأنه واجب تطلق ، ألا يعد هذا خلاف معنوي ؟
أو نقول المقصود بقولنا خلاف لفظي : أنه خلاف لفظي في الفعل الجائز الترك بخصوصه دون النظر لغيره ؟
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

شيخنا المبارك
الذي يظهر من عباراتهم أن لا مانع اصطلاحا من توارد هذه الأوصاف على محل واحد حيث كانت الجهة منفكة كـ"أكل الميتة للمضطر" فحكمه من حيث طلب الشارع فعله على سبيل الجزم - واجب، ومن حيث تغير حكمه إلى سهولة لعذر مع قيام السبب للحكم الأصلي الذي هو حرمة أكلها - رخصة
كما يقال في النكاح بأنه من حيث الحكم التكليفي مباح أو مستحب على خلاف، ومن حيث الحكم الوضعي سبب لوجوب الصداق، وشرط لثبوت الطلاق، ومانع من نكاح الأخت والعمة والخالة مثلا، وهو عزيمة من حيث عدم التغير أو ... الخ. والله أعلم
أحسنت أخي فتح الله عليك.
ولكن لا تعارض بين جوابي وجوابك.
فجوابي يسمى في علم المناظرة بالجواب النقضي، وجوابك يسمى بالجواب الحلي الذي يحل الإشكال وهو أفضل.
نظيره ما لو قال شخص لا فائدة من علم المنطق لأن أصحابه لم يستفيدوا منه ولا يزالون يقعون في الخطأ، فيقال له فلا فائدة من النحو أيضا لأن أصحابه كذلك، والحل إنما أخطأوا لأنهم لم يراعوا قواعده.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

مازال الإشكال قائما
وكأن في القول باللزوم نوع إيجاب على الله !
على نحو سريع هنالك شيء يسمى بالممتنع لذاته كالجمع بين النقيضين ولا تتعلق به القدرة فلا يقال هل يستطيع الله أن يجمع بين النقيضين أو نحو ذلك من الأسئلة.
فيجاب بأن الله سبحانه على كل شيء قدير ولكن الذي قلته من اجتماع النقيضين لا يكون ولا تتعلق به القدرة.
فإذا علم هذا فالقائلون باللزوم يقولون إن التلازم بين النظر والعلم هو تلازم عقلي يستحيل فيه وجود الملزوم بدون لازمه، فالله سبحانه إذا لم يرد أن يخلق العلم في قلب من شاء من عباده منع عنه النظر الصحيح أما أن يحصل النظر الصحيح وتنتفي كل الموانع ثم لا يكون علم فهذا محال لا تتعلق به القدرة. تأمل قليلا وستتضح الصورة أي انظر وسيخلق الله بنظرك العلم في قلبك إن شاء الله.

 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس التاسع- تابع المقدمات

الواجب الموسّع- مقدمة الواجب- اجتماع الأمر والنهي


أولا: الواجب الموسّع.
1- وقت الجواز للصلاة المكتوبة هو وقتٌ كامل لأدائها ففي أي جزء من هذا الوقت أُوقِعَتْ الصلاة فيه فقد وقعتْ اداءً لأن وقتها مُوَسّعٌ.
ويجبُ على من أراد أن يؤخر الصلاة كالظهر عن أول الوقت أن يعزم بقلبه على أدائها في الوقت، فإن لم يعزم أثم.
2- مَن ظنّ أنه لن يتمكن من فعل العبادة آخر الوقت لعارض ما فأخرّها أثِمَ وإن لم يتحقق ظنه، كالمحكوم عليه بالقتل وجب عليه أن يبادر وأن لا يؤخر إلى الوقت الذي يظن فوات الواجب فيه، فإن أخّر كان عاصيا ولو بان خلاف ظنه كأن عفي عنه أو أجّل ليوم آخر، ثم إن فعلها بعد ذلك اعتبرت أداءً لا قضاءً ما دام أنها وقعت في وقتها المقدر لها شرعا.
3- مَنْ ظنّ أنه يتمكن من فعل العبادة آخر الوقت فأخّر فبان خلاف ظنه لم يأثم إلا في الفرض الذي وقته العمر كله، كمن أدرك وقت العشاء وأخّرها وهو يظن سلامته لآخر الوقت ثم أصيب بسكتة- نسأل الله العافية- فمات قبل أن يصلي فلا إثم عليه لأن التأخير جائز في حقه.
ولكن يستثنى الفرض الذي وقته موسع جدا وهو العمر كله كالحج فإنه متى تمكن من فعله وأخّر ظنا لسلامته فمات أثم، لأنّا لو لم نقل بذلك لما وجب أبدًا إذْ كل من وجب عليه الحج له أن يؤخره حتى يموت وهو لم يحج، وحينئذ هو واجب موسع ولكن بشرط السلامة وهذه مجازفة كبيرة فالمتعين هو المبادرة على من استطاع إليه سبيلا فإن لم يبادر وتمكن من فعله قبل الموت فلا شيء عليه وإن مات أثم.
ثانيا: مقدمة الواجب.
1- الفعل المقدور للمكلف الذي لا يتم الواجب المطلق إلا به فهو واجب، ويسمى مقدمة الواجب كالوضوء فإنه لا يتم فعل الصلاة الا به فيكون واجبا بنفس الدليل الذي أوجب الصلاة، كما أنه واجب بدليل آخر عليه.
واحترز بالمقدور عن غير المقدور كتمام العدد في وجوب صلاة الجمعة فإنه ليس إليه وغير مخاطب به، واحترز بالمطلق عن المقيد، وهو الذي لا يجب إلا بقيد من سبب أو شرط كالزكاة فلا تجب إلا بالنصاب، وكالحج فلا يجب إلا بالاستطاعة فلا يخاطب العبد بتحصيل النصاب والاستطاعة كي تجبان عليه، وإنما القاعدة السابقة الكلام فيها على فعل ثبت وجوبه وتقرر على المكلف ولكنه توقف إيقاعه في الواقع على تحصيل أمر ما فهل يجب ذلك الأمر الذي يسمى مقدمة الواجب أو لا يجب ؟
والجواب يجب كمن أمر بالوضوء ولا ماء عنده وعنده ثمن الماء فيجب عليه شراؤه لأنه لا يتم الوضوء إلا به.
2- لو لم يقدر شخص على ترك محرّم إلا بترك غيره من الجائز وجب الترك، فلو تزوج شخص من امرأة ولم يرها ثم سافرت إليه واختلطت زوجته بأجنبية ولم يميز بينهما وجب اجتناب قربان الاثنين إلى حصول التمييز، ولو طلق شخص إحدى زوجتيه ونسيها وجب اجتنابهما حتى يتذكر لأن ترك الحرام واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ثالثا: اجتماع الأمر والنهي.
هل يجتمع الأمر والنهي في شيء واحد بأن يكون شيء واحد مأمورًا به وفي نفس الوقت منهيًا عنه؟
والجواب إن اجتماع الأمر والنهي يكون على أنحاء:
1- أن يكون الاجتماع في جهة واحدة، بأن يكون مأمورا به من جهة ومن نفس تلك الجهة هو منهي عنه، وهذا باطل يلزم عليه التناقض كأن يقال اجلس هنا كي لا تؤذي غيرك، ولا تجلس هنا كي لا تؤذي غيرك، فالأمر بالجلوس في محل ما لدفع الأذى، والنهي عن الجلوس في نفس المحل الأول لدفع الأذى، فاجتمع أمر ونهي من جهة واحدة وهو باطل.
2- أن يكون الاجتماع في أكثر من جهة وبين الجهتين تلازم، كالأمر بصلاة النافلة المطلقة، والنهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة، فالأمر بالنافلة للتقرّب بالعبادة لله، والنهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة لموافقة عبّاد الشمس في سجودهم، فالأمر له جهة والنهي له جهة أخرى ولكن بينهما ملازمة لأن الموافقة للكفار في السجود لا تتحقق بغير الصلاة فهي لازمة للصلاة غير منفكة عنها.
3- أن يكون الاجتماع في أكثر من جهة وبين الجهتين انفكاك، كالأمر بالصوم للتقرّب بالعبادة لله والنهي عن الصوم يوم الجمعة كراهة الضعف عن كثرة العبادة في ذلك اليوم، فكل له جهة وبين الجهتين انفكاك لأن الضعف المذكور غير لازم فإنه كما يحصل بالصوم يحصل بغيره كقلة الأكل أو كثرة التعب في عمل دنيوي، فيصح الصوم.
ومثله النهي عن الصلاة في المكان المغصوب، فالأمر بالصلاة له جهة، والنهي عن الغصب له جهة أخرى وهي التعدي على ملك الغير، وهذا المعنى غير لازم للصلاة فكما يتحقق الغصب في الصلاة يتحقق في الأكل والنوم مثلا في المكان المغصوب، فالصلاة صحيحة تجزئ عن القضاء مع معصية الغصب.
فإذا علم هذا فقد قالوا: ( الأمرُ المطلقُ لا يتناولُ المكروهَ ) ويقصدون أن الأمر بشيء ما لا يندرج تحته طلب أي شيء منهي عنه تحريما أو كراهة ولا يجزئ فعل المنهي عن المأمور إن كان النهي له جهة واحدة أو جهتان متلازمتان، فمثلا قد أمر الشرع بصلاة النافلة فهل يشمل أمره هذا ركعتين في وقت النهي ؟ الجواب لا يشمل ولا تصح الصلاة.
وهنا مسألتان:
1- من دخل ملك غيره بغير إذنه فقد غَصَبَ ، فإن خرج تائبا فخطواته في الطريق نحو المخرج تكون واجبة لأن ما لا يتم الواجب الذي هو الخروج من المغصوب إلا به فهو واجب، وإن خرج غير تائب فخطواته تلك خطوات غاصب آثم.
2- مَن سقط على جريح حوله جرحى إن استمر فوق الذي سقط عليه ولم يبرح من مكانه فسيقتله وإن تحرك وقع على جريح آخر لشدة الزحام فيقتله ولا يوجد مكان آخر ينتقل إليه غير ذاك فماذا يفعل؟
والجواب: يستمر على ذلك الجريح ولا ينتقل لأن الضرر لا يزال بضرر آخر مثله أو أشد منه.

( شرح النص )​

مَسألةٌ: الأَصحُّ أَنَّ وقْتَ المكتوبةِ جوازًا وقتٌ لأدائِهَا، وأَنَّه يجبُ على المؤخِّرِ العزمُ، ومَنْ أَخَّرَ معَ ظنِّ فوتِهِ عصى، وأَنَّهُ إنْ بانَ خِلافُهُ وفَعَلَهُ فأداءٌ، وأَنَّ مَنْ أَخَّرَ معَ ظنِّ خِلافِهِ لمْ يَعْصِ بخِلافِ ما وقْتُهُ العُمْرُ كَحَجٍّ.
مَسألةٌ: المقدورُ الذي لا يتِمُّ الواجِبُ المطلقُ إلا بِهِ واجِبٌ في الأصحِّ، فلو تَعَذَّرَ تَرْكُ مُحَرَّمٍ إلا بتركِ غيرِهِ وَجَبَ، أَو اشْتَبَهَتْ حَلِيلَةٌ بأجنَبِيَّةٍ حَرُمَتا، كما لو طلَّقَ مُعَيَّنَةً ثم نسيَها.
مسألةٌ: مُطلَقُ الأمرِ لا يتناولُ المكروهَ في الأصحِّ، فإنْ كانَ له جِهِتانِ لا لزومَ بينهما تناوَلَهُ قطعًا في نهيِ التنزيهِ وعلى الأصحِّ في التحريمِ، فالأصحُّ صِحَّةُ الصلاةِ في مغصوبٍ، وأَنَّهُ لا يُثابُ عليهِ، وأَنَّ الخارِجَ من مغصوبٍ تائِبًا آتٍ بواجبٍ، وأَنَّ الساقِطَ على نحوِ جريحٍ يَقْتُلُهُ أَو كُفْأَهُ يستَمِرُّ .

..........................................................................................................
هذه ( مسألةٌ ) في الواجب الموسّع ( الأَصحُّ أَنَّ وقْتَ ) الصلاة ( المكتوبةِ جوازًا ) وهو وقت الاختيار قيد أخرج به وقت الضرورة والحرمة لأن الكلام في المسألة على وقت الجواز ( وقتٌ لأدائِهَا ) ففي أي جزء منه أوقعت الصلاة فقد أوقعت في وقت أداء ولا يقيد الوجوب بأول ولا آخر، وقيل إن وقت الأداء هو آخر الوقت فإن فعلت في أول الوقت أو وسطه فهو تعجيل للطاعة كتعجيل دفع الزكاة قبل حلول الحول ( و ) الأصح ( أَنَّه يجبُ على المؤخِّرِ ) أي مريد تأخير الصلاة عن أول الوقت ( العزمُ ) في أول الوقت على الفعل في الوقت، وقيل لا يجب عليه العزم واختاره الأصل وهو خلاف معتمد المذهب الذي صححه الإمام النووي في المجموع ( ومَنْ أَخَّرَ ) الواجب الموسع ( معَ ظنِّ فوتِهِ ) أي فوت ذلك الواجب بنحو موت أو حيض كمن علمت أن عادتها أن تأتيها الحيضة آخر الوقت فلا يجوز لها تأخير الصلاة ( عصى ) لظنه فوت الواجب بالتأخير وإنما الأعمال بالنيات ( و ) الأصح ( أَنَّهُ إنْ بانَ خِلافُهُ ) بأن تبين خلاف ظنه ولم يمت أو تأت المرأةَ الحيضة ( وفَعَلَهُ ) أي فعل الواجب قبل خروج وقته ( فـ ) فعله ( أداءٌ ) لأن العبرة بالوقت في الواقع وهو لم يخرج، وقيل: إن فعله قضاء لأنه فعله بعد الوقت الذي تضيّق بظنه وإن بان خلاف ظنه لأن العبرة بظنه ( و ) الأصح ( أَنَّ مَنْ أَخَّرَ ) الواجب الموسع ( معَ ظنِّ خِلافِهِ ) أي خلاف فوته بأن ظن عدم فوت الوقت بالتأخير ( لمْ يَعْصِ ) لأن التأخير جائز له فهو عكس المسألة التي قبلها ( بخِلافِ ما ) أي الواجب الذي ( وقْتُهُ العُمْرُ كَحَجٍّ ) فإن من أخّره بعد أن أمكنه فعله مع ظن عدم فوته كأنّ ظن سلامته من الموت إلى مضي وقت يمكنه فعله فيه ومات قبل فعله يعصي على الأصح، وقيل لا يعصي.
هذه ( مَسألةٌ ) في مقدمة الواجب، الفعل ( المقدورُ ) للمكلف ( الذي لا يتِمُّ ) أي لا يوجد ( الواجِبُ المطلقُ إلا بِهِ واجِبٌ ) بنفس وجوب الواجب ( في الأصحِّ ) وقيل لا يجب بوجوبه بل بدليل خاص يدل عليه، واحترز بالواجب المطلق عن الواجب المقيد وجوبه بما يتوقف عليه كالزكاة وجوبها متوقف على ملك النصاب فلا يجب تحصيله ( فلو تَعَذَّرَ تَرْكُ مُحَرَّمٍ إلا بتركِ غيرِهِ ) من الجائز ( وَجَبَ ) ترك ذلك الغير الجائز لتوقف ترك المحرم الذي هو واجب عليه، كما لو اختلط طعام مائع مباح بطعام مائع محرّم فيجب عليه ترك الطعام المباح لأنه يتعذر تمييز الحلال عن الحرام ( أَو اشْتَبَهَتْ حَلِيلَةٌ ) لرجل من زوجة أو أمة ( بأجنَبِيَّةٍ حَرُمَتا ) وتبقى الحرمة إلى أن يميّز بينهما فتحل له حينذاك ( كما ) أي ومثله ما ( لو طلَّقَ مُعَيَّنَةً ) من زوجتيه مثلا ( ثم نسيَها ) أي نسى من طلق فإنهما يحرمان عليه وتبقى الحرمة إلى التمييز بينهما.
هذه ( مسألةٌ ) في اجتماع الأمر والنهي ( مُطلَقُ الأمرِ لا يتناولُ المكروهَ في الأصحِّ ) بمعنى أن الأمر بشيء ما له أمثلة وجزئيات فهل يندرج تحته صورة منهي عنها فتكون صحيحة لأن الأمر يقتضي الصحة ؟ كما لو قال أب لابنه: ادرسْ واجباتك، وفي سياق آخر قال له يا بني: لا تبق مستيقظا إلى منتصف الليل، فالأمر بالدراسة من جزئياته الدراسة في منتصف الليل، فهل أمره بالدراسه يتناول تلك الحالة بحيث إنه إذا رآه يدرس في ذلك الوقت لن يعاقبه، ويكون الولد ممتثلًا، أو أن تلك الحالة غير مندرجة في أمره ؟ ذهب الجمهور إلى أن المنهي عنه لا يندرج تحت الأمر إذا كان لهما جهة واحدة أو جهتان بينهما تلازم، فإن لم يكن بينهما تلازم فتندرج صورة النهي في الأمر بحيث تجزئ وإن كانت مذمومة من جهة النهي عنها، كما في الصلاة في المكان المغصوب، وقوله: مطلق الأمر احترز به عن الأمر المقيد بغير المكروه فلا خلاف في عدم تناول الأمر له كما لو قيل: صل في غير وقت النهي، فمن الواضح أن الصلاة في وقت النهي تكون غير مندرجة حينذاك اتفاقا، وقوله المكروه أي كراهة تحريم أو كراهة تنزيه، وقوله في الأصح إشارة إلى قول بعض العلماء بأن المنهي عنه يندرج تحت الأمر المطلق ولذا صححوا الصلاة في أوقات النهي والجمهور عندهم أن هذه الصلاة باطلة ( فإنْ كانَ له ) أي للمكروه ( جِهِتانِ لا لزومَ بينهما ) كالصلاة في المكان المغصوب فإنها صلاة وغصب وكل منهما يوجد بدون الآخر فالصلاة توجد في مكان غير مغصوب والغصب يوجد بدون صلاة في ذلك المكان ( تناوَلَهُ ) مطلق الأمر ( قطعًا في نهيِ التنزيهِ ) كما في النهي عن الصلاة في الأمكنة المكروهة كالحمام فإن النهي للكراهة وليس للتحريم ولا يوجد تلازم بين الصلاة والكون في الحمام ويمكن أن يوجد أحدهما بدون الآخر كما هو ظاهر ( وعلى الأصحِّ في ) نهي ( التحريمِ ) كما في الصلاة في المكان المغصوب، وقيل لا يتناوله في هذه الحالة ( فالأصحُّ صِحَّةُ الصلاةِ في مغصوبٍ وأَنَّهُ لا يُثابُ عليهِ ) أي الأصح أن الصلاة تصح فرضا كانت أو نفلا ولكن لا يثاب عليها بسبب الغصب، وقال بعضهم يثاب عليها من جهة الصلاة ويعاقب عليها من جهة الغصب والعقاب قد يكون بحرمانه ثواب تلك الصلاة وقد يكون بغير ذلك، وقال الإمام أحمد رحمه الله لا تصح ويجب إعادتها ( و ) الأصح ( أَنَّ الخارِجَ من ) محل ( مغصوبٍ تائِبًا ) أي نادما على الدخول فيه عازما على أن لا يعود إليه في المستقبل ( آتٍ بواجبٍ ) لتحقق التوبة الواجبة بخروجه تائبا، وقال بعض المعتزلة هو آت بحرام لأن ذلك شغل ملك غيره بغير إذنه كالماكث ( و ) الأصح ( أَنَّ الساقِطَ على نحوِ جريحٍ ) بين جرحى ( يَقْتُلُهُ ) إن استمر عليه ( أَو ) يقتل ( كُفْأَهُ ) فإن لم يكن كفأه فينقلب عليه كما لو سقط على مسلم وبجنبه جريح كافر فينقلب على الكافر لأن إزهاق حياة مسلم أمر عظيم ( يستَمِرُّ ) عليه ولا ينتقل إلى كفئه لأن الضرر لا يزال بالضرر.

 
التعديل الأخير:
إنضم
11 مارس 2008
المشاركات
226
الإقامة
فنلندا
الجنس
ذكر
الكنية
أبو نوح
التخصص
لا يوجد
الدولة
فنلندا
المدينة
هلسنكي
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

شيخنا، قلنا في الشرح إنه يترتب على الخلاف في تعريف الباطل والفاسد أنه لو نذر أن يصوم يوما فصام يوم النحر لم يصح صومه عند الجمهور وصح مع الحرمة عند الحنفية. هل نقصد بذلك أن الخلاف في حكم ما شرع بأصله لا بوصفه فعلا مبني على هذا الخلاف في التسمية أو له سبب آخر؟ حيرني قولكم (يترتب عليه) في الشرح فكأن معناه أن هذا الخلاف في الحكم منشأه الخلاف في تعريف الباطل والفاسد.
 
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.




ولكن يستثنى الفرض الذي وقته موسع جدا وهو العمر كله كالحج فإنه متى تمكن من فعله وأخّر ظنا لسلامته فمات أثم، لأنّا لو لم نقل بذلك لما وجب أبدًا إذْ كل من وجب عليه الحج له أن يؤخره حتى يموت وهو لم يحج، وحينئذ هو واجب موسع ولكن بشرط السلامة وهذه مجازفة كبيرة فالمتعين هو المبادرة على من استطاع إليه سبيلا فإن لم يبادر وتمكن من فعله قبل الموت فلا شيء عليه وإن مات أثم.


ألا يلزم من هذا أن يكون الحج واجبا على الفور ؟
 
أعلى