العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,627
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد...
فهذه دروس ميسرة في شرح متن لب الأصول للإمام زكريا الأنصاري رحمه الله كتبتها لمن درس شرح الورقات وأخذ معه جملة من المقدمات في العلوم الشرعية على ما بينته في هذا الرابط:
http://www.feqhweb.com/vb/t22836
ثم إني بقيت مدة متحيرا كيف أشرح هذا الكتاب فرأيت أولا أن أسير فيه منهج أهل التدقيق فأخذت أكتب عند قوله المقدمات هل هي بكسر الدال أو بفتحها وهل هي مقدمة علم أو مقدمة كتاب وما الفرق بينهما وما النسبة المنطقية بين الاثنين، ثم شرعت في بيان موضوع علم الأصول فجرني هذا إلى بيان قولهم موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية فأخذت أبين الأعراض الذاتية والأعراض الغريبة وما يرد على هذا القول من إشكال، ثم أردت أن أقارن بين لب الأصول والأصل الذي أخذ منه أعني جمع الجوامع ولماذا عدل صاحب اللب عن عبارة الأصل وغير ذلك فرأيت أن الكلام سيطول جدا وسيعسر على الطالب فاستقر رأيي على أن أخفف المباحث وأقتصر على إفهام الطالب متن اللب فإن لتلك المباحث مرحلة أخرى.
وإني أنصح القارئ أن يقرأ ما كتبته في شرحي على الورقات قبل أو بعد أن يقرأ الدرس وسأقتطع من الشرح مقدار ما يتعلق بالدرس المكتوب فقط.

http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=11309&p=77869&viewfull=1#post77869


الدرس الأول- المقدمات

تعريف أصول الفقه والفقه

أصولُ الفقهِ: أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ، وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها، وحالُ المستفيدِ.
والفقه: علمٌ بحكمٍ شرعِيٍّ عمليٍّ مُكْتَسَبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.
" أدلة الفقه الإجمالية " اعلم أن أدلة الفقه نوعان: نوع مفصّل معين وهو المتعلق بمسألة معينة نحو ( وأَقيموا الصلاةَ ) فإنه أمر بالصلاة دون غيرها، ونحو ( ولا تقربوا الزنا ) فإنه نهي عن الزنا دون غيره.
ودليل إجمالي غير معين وهي القواعد الأصولية نحو: ( الأمر للوجوب )، و( النهي للتحريم )، و( القياس حجة معتبرة ).
فالإجمالية: قيد احترزنا به عن أدلة الفقه التفصيلية التي تذكر في كتب الفقه فإنها ليست من أصول الفقه.
والاستدلال بالقواعد الأصولية يكون بجعلها مقدمة كبرى، والدليل التفصيلي مقدمة صغرى فنقول في الاستدلال على وجوب التيمم:
فتيمموا في قوله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا أمرٌ- والأمرُ للوجوب= فتيمموا للوجوب أي أن التيمم واجب وهو المطلوب.
فالعلم بوجوب التيمم الذي هو فقه مستفاد من دليل تفصيلي هو ( فتيمموا ) بواسطة دليل إجمالي هو الأمر للوجوب.
وقولنا: " وطرق استفادةِ جُزئياتِها " أي جزئيات أدلة الفقه الإجمالية، وهي أدلة الفقه المفصلة؛ فإن قاعدة الأمر للوجوب مثلا دليل إجمالي له جزئيات كأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فيبحث علم الأصول عن الأدلة الإجمالية، وعن طرق استفادة المسائل الفقهية من الأدلة التفصيلية وذلك بمبحث التعارض والترجيح حيث يبين فيه كيفية رفع التعارض الظاهري بين الأدلة التفصيلية، فالمقصود بالطرق هي المرجحات الآتي بيانها إن شاء الله كقاعدة تقديم الخاص على العام التي يرفع بها التعارض بين العام والخاص.
وقولنا: " وحال المستفيد " أي وصفات المستفيد للأحكام من أدلة الفقه التفصيلية وهو المجتهد فيبين في الأصول ما يشترط في الشخص كي يكون مجتهدا ككونه عالما بالكتاب والسنة ولغة العرب وأصول الفقه.
والخلاصة هي أن علم أصول الفقه يبين فيه ما يلي:
1- القواعد العامة لاستنباط الفقه كقواعد الأمر والنهي.
2- القواعد التي ترفع التعارض بين النصوص.
3- صفات المجتهد أي الشروط اللازمة للاجتهاد.
فهذه الثلاثة مجتمعة هي أصول الفقه.
وأما الفقه فهو: علمٌ بحكمٍ شرعِيٍّ عمليٍّ مُكْتَسَبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.
مثل: النية في الوضوء واجبةٌ، فمن صدّق وحكم بهذه النسبة أي ثبوت الوجوب للنية في الوضوء مستنبطا هذا الحكم من النصوص الشرعية كقوله عليه الصلاة والسلام: ( إنما الأعمال بالنيات ) رواه البخاري ومسلم فقد فقه تلك المسألة.
فقولنا: " علم " أي تصديق.
وقولنا: " حكم شرعي " احترزنا به عن غير الحكم الشرعي كالعلم بأن الواحد نصف الاثنين، وأن النار محرقة، وأن الفاعل مرفوع، فالعلم بها لا يسمى فقها.
وقولنا: " عملي " كالعلم بوجوب النية في الوضوء، وندب الوتر، احترزنا به عن الحكم الشرعي غير المتعلق بعمل كالإيمان بالله ورسوله فليس من الفقه إصطلاحا.
وقولنا " مُكتسَبٌ " بالرفع صفة للعلم وهو العلم النظري، احترزنا به عن العلم غير المكتسب كعلم الله سبحانه وتعالى بالأحكام الشرعية العملية فإنه لا يسمى فقها لأن علم الله أزلي وليس بنظري مكتسب.
وقولنا: " من دليلٍ تفصيليٍّ " احترزنا به عن علم المقلد، فإن علمه بوجوب النية في الوضوء مثلا لا يسمى فقها لأنه أخذه عن تقليد لإمام لا عن دليل تفصيلي.

( شرح النص )

قال الإمام أَبو يحيى زكريا بنُ محمدِ بنِ أحمدَ الأنصاريُّ الشافعيُّ رحمه الله تعالى ( ت 926 هـ ):

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

الحمدُ للهِ الذي وَفَّقَنا للوصولِ إلى معرفةِ الأصولِ، وَيسَّرَ لنا سُلوكَ مناهِجَ بقوَّةٍ أَودَعَها في العقولِ، والصلاةُ السلامُ على محمَّدٍ وآلهِ وصحبهِ الفائزينَ مِنَ اللهِ بالقَبولِ .
وبعدُ فهذا مُختصرٌ في الأَصلينِ وما معَهُما اختصرتُ فيهِ جمعَ الجوامعِ للعلَّامةِ التَّاجِ السُّبْكِيِّ رحِمَهُ اللهُ، وأَبدلْتُ مِنْهُ غيرَ المعتمدِ والواضحِ بهما معَ زياداتٍ حَسَنَةٍ، ونبَّهْتُ على خلافِ المعتزلةِ بعندِنا، وغيرِهمْ بالأصحِّ غالبًا.
وسمَّيْتُهُ لُبَّ الأصولِ راجيًا مِنَ اللهِ القَبولِ، وأَسألُهُ النَّفعَ بهِ فإنَّهُ خيرُ مأمولٍ.
وينحصرُ مقْصُودُهُ في مقدِّمَاتٍ وسبعِ كُتُبٍ.

............................................................................
( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ) الباء في البسملة للمصاحبة لقصد التبرك أي أؤلف مع اسم الله الرحمن الرحيم متبركا باسمه العظيم، والله: علم على المعبود بحق، والرحمن والرحيم صفتان مشبهتان من رحم، والرحمن أبلغ من الرحيم لأنه يزيد عليه بحرف وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، ولذلك قالوا: الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء، وأما الرحيم فهو خاص بالمؤمنين يوم القيامة.
( الحمدُ للهِ ) الحمد هو: وصف المحمود بالكمال حبا له وتعظيما ( الذي وَفَّقَنا ) التوفيق هو: جعل الله فعلَ عبده موافقا لما يحبه ويرضاه ( للوصولِ إلى معرفةِ الأصولِ ) أي أصول الفقه، وفي هذا التعبير براعة استهلال وهو أن يستفتح المتكلم كلامه بألفاظ تدل على مقصوده وهنا ذكر المصنف كلمة الأصول ليشير إلى أن كتابه هذا في علم الأصول.
( وَيسَّرَ ) أي سهّل ( لنا سُلوكَ ) أي دخول ( مناهجَ ) جمع منْهَج و هو: الطريق الواضح، أي سهل الله لنا سلوك طرق واضحة في العلوم ( بـ ) سبب ( قوَّةٍ ) للفهم ( أَودَعها ) اللهُ سبحانه وتعالى ( في العقولِ ) يخص بها من شاء من عباده.
( والصلاةُ السلامُ على محمَّدٍ ) الصلاة من الله هو ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، ومن الملائكة والخلق هو طلب ذلك الثناء من الله تعالى، والسلام أي التسليم من كل النقائص، ومحمد اسم نبينا عليه الصلاة والسلام سمّي به بإلهام من الله تعالى لأنه يكثر حمد الخلق له لكثرة صفاته الجميلة ( وآلهِ ) هم مؤمنو بني هاشِم وبني المطَّلِب ( وصحبهِ ) أي أصحابه والصحابي من اجتمع مؤمنا بنبينا صلى الله عليه وسلم ( الفائزينَ ) أي الظافرينَ ( مِنَ اللهِ بالقَبولِ ) والرضا.
( وبعدُ ) أي بعد ما تقدم من البسملة والحمدلة والصلاة والسلام على من ذكر ( فهذا ) المُؤَلَّفُ ( مُختصرٌ ) وهو ما قل لفظه وكثر معناه ( في الأَصلينِ ) أي أصول الفقه وأصول الدين ( وما معَهُما ) أي مع الأصلين من المقدمات والخاتمة التي ذكر فيها نبذة في السلوك والتصوّف ( اختصرتُ فيهِ ) أي في هذا المختصر ( جمعَ الجوامعِ للعلَّامةِ ) عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي الملقّب بـ ( التَّاجِ ) أي تاج الدين ( السُّبْكِيِّ ) نسبة إلى سُبْكٍ وهي قرية من قرى محافظة المنوفية بمصر المتوفي عام 771 هـ ( رحِمَهُ اللهُ ) وغفر له ( وأَبدلْتُ ) معطوف على اختصرتُ ( مِنْهُ ) أي من جمع الجوامع ( غيرَ المعتمدِ ) من المسائل ( و ) غير ( الواضحِ ) من الألفاظ ( بهما ) أي بالمعتمد والواضح ( معَ زياداتٍ حسنةٍ ) أضافها على جمع الجوامع.
( ونبَّهْتُ على خلافِ المعتزلةِ بـ ) قوله ( عندِنا ) أي عند الأشاعرة فحيث قال: عندنا فيعرف أن المعتزلة- ولو مع غيرهم- قد خالفوا الأشاعرة في هذه المسألة.
( و ) نبهَّتُ على خلاف ( غيرِهمْ ) أي غير المعتزلة كالحنفية والمالكية وبعض أصحابنا الشافعية ( بالأصحِّ ) فحيث قال: الأصح كذا فيعرف وجود خلاف في المسألة لغير المعتزلة ( غالبًا ) أي هذا بحسب غالب استعماله للتعبير بعندنا وبالأصح وقد ينبه على الخلاف بقوله: والمختار كذا.
( وسمَّيْتُهُ ) أي هذا المختصر ( لُبَّ الأصولِ ) واللب خالص كل شيء فمن أراد لبَّ هذا العلم فعليه بهذا الكتاب ( راجيًا ) أي مؤملا ( مِنَ اللهِ القَبولِ ) أي أن يتقبله عنده ولا يرده على صاحبه ( وأَسألُهُ النَّفعَ بهِ ) أي بلب الأصول لمؤلفه وقارئه ومستمعه وسائر المؤمنين ( فإنَّهُ خيرُ مأمولٍ ) أي مرجو.
( وينحصرُ مقْصُودُهُ ) أي مقصود لب الأصول ( في مقدِّمَاتٍ ) أي أمور متقدمة على الكتب السبعة تعرض فيها لتعريف علم الأصول وبيان الحكم الشرعي وأقسامه وغير ذلك ( وسبعِ كُتُبٍ ) الكتاب الأول في القرآن، والثاني في السنة، والثالث في الإجماع، والرابع في القياس، والخامس في الاستدلال بغير ذلك من الأدلة كالاستصحاب وبيان الأدلة المختلف فيها، والسادس في التعارض والترجيح، والسابع في الاجتهاد وما يتبعه من التقليد وأدب الفتيا، وما ضم إليه من مسائل علم الكلام وخاتمة التصوف، فهذا هو محتوى هذا الكتاب.

الُمقَدِّمَات

أصولُ الفقهِ: أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ، وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها، وحالُ مُسْتَفِيدِها. وقِيلَ مَعْرِفَتُها.
والفِقْهُ: علمٌ بحكمٍ شرعيٍ عمليٍ مكتسبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.

............................................................................
هذا مبحث ( المقدِّمات ) وهي أمور متقدِّمة على المقصود ينتفع بها الطالب قبل أن يدخل في مباحث العلم، ابتدأها بتعريف العلم كي يتصوره الطالب تصورا إجماليا قبل أن يدخل فيه فقال: ( أصولُ الفقهِ ) أي هذا الفن المسمى بهذا الاسم هو ( أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ ) أي غير المعينة كالأمر للوجوب والنهي للتحريم ( وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها ) أي جزئيات أدلة الفقه الإجمالية التي هي أدلة الفقه التفصيلية كأقيموا الصلاة، والمراد بالطرق المرجحات عند التعارض الآتي بيانها في الكتاب السادس ( وحالُ مُسْتَفِيدِها ) أي صفات مستفيد جزئيات أدلة الفقه الإجمالية وهو المجتهد.
( وقِيلَ ) إن أصول الفقه ( مَعْرِفَتُها ) أي معرفة أدلة الفقه الإحمالية وطرق استفادةِ جزئياتها وحال مستفيدها، فبعض العلماء اختار في تعريف أصول الفقه التعبير بأدلة الفقه الإجمالية.. وبعضهم اختار التعبير بمعرفة أدلة الفقه الإجمالية... أي إدراك تلك الأدلة، والفرق بين التعريفين هو أنه على التعريف الأول يكون أصول الفقه نفس الأدلة، عُرفت أم لم تعرف، وعلى التعريف الثاني يكون أصول الفقه المعرفة القائمة بعقل الأصولي، والمصنف أشار بقيل إلى أن التعريف الأول أولى، لأنه أقرب إلى المدلول اللغوي فإن الأصول في اللغة جمع أصل وهو ما يبنى عليه غيره كالدليل فإنه أصل للحكم، والأمر في ذلك هين فإن العلوم المدونة تارة تطلق ويراد بها القواعد وتارة تطلق ويراد بها معرفة تلك القواعد، كالنحو فتارة يراد به الفاعل مرفوع والمفعول به منصوب ونحو ذلك وتارة يراد به معرفة تلك القواعد.
( والفِقْهُ: علمٌ ) أي تصديق ( بحكمٍ شرعيٍ ) أي مأخوذ من الشرع المبعوث به النبي صلى الله عليه وسلم ( عمليٍ ) قيد لإخراج الأحكام الشرعية الاعتقادية كالإيمان بالله واليوم الآخر ( مكتسبٌ ) هو بالرفع صفة للعلم لإخراج العلم غير المكتسب كعلم الله الأزلي ( من دليلٍ تفصيليٍّ ) للحكم قيد لإخراج علم المقلِّد.

 
التعديل الأخير:

أم إبراهيم

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
6 أغسطس 2011
المشاركات
746
التخصص
:
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
الشافعي

أم إبراهيم

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
6 أغسطس 2011
المشاركات
746
التخصص
:
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
الشافعي

أم إبراهيم

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
6 أغسطس 2011
المشاركات
746
التخصص
:
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
الشافعي

أم إبراهيم

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
6 أغسطس 2011
المشاركات
746
التخصص
:
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
الشافعي

أم إبراهيم

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
6 أغسطس 2011
المشاركات
746
التخصص
:
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
الشافعي

أم إبراهيم

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
6 أغسطس 2011
المشاركات
746
التخصص
:
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الحادي عشر- مباحث الكتاب
وقيل إن الإدلة تفيد اليقين مطلقًا ولو بدون قرائن، وقيل لا تفيده مطلقا ولو مع القرائن.
الأدلة
 

أم إبراهيم

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
6 أغسطس 2011
المشاركات
746
التخصص
:
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الثالث عشر- مباحث الكتاب

المنطوق والمفهوم
ومثل قول أم المومنين عائشة رضي الله عنها: ( كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يصلي فيه ) متفق عليه،

ويدل بمفهمومه الموافق

أن النهي عن التأفيف للايذاء.

- أم المؤمنين
- كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يصلي فيه : أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء ،،، وهو حديث غريب
كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي فيه : أحمد في المسند وأبو داود في السنن وسكت عنه، وصححه الشيخ الألباني (صحيح أبي داود)


- للإيذا
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,627
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الثامن والثلاثون بعد المائة

مما يجب اعتقاده


ولما كان الجزم لا بد منه لصحة الإيمان وجب على كل مكلف أن يعتقد اعتقادا جازما ما يلي:
1- أن العالم محدَثٌ. والعالم هو: ما سوى الله تعالى. والمقصود بالمحدَث المخرج من العدم إلى الوجود.
2- الله واحد؛ إذْ لو جازَ أن يكون اثنين لجاز أن يريد أحدهما شيئا كحركة هذا الشيء ويريد الآخر سكونه، ووقع الحركة والسكون معا محال؛ كما أن ارتفاعهما معا محال. فيتعين أن يقع أحدهما وهو ما يريده الإله الحق.
والواحد هو: الذي لا مثل له ولا شبيه. وقال بعض المتكلمين هو: الذي لا ينقسم إلى أجزاء.
3- الله سبحانه قديم أي لا ابتداء لوجوده ولا انتهاء؛ إذْ البقاء من لوازم القدم.
4-حقيقته سبحانه مخالفه لسائر الحقائق فليس كمثله شيء، ولا يمكن للعقل أن يدرك حقيقة ذاته لا في الدنيا ولا في الآخرة، وقيل: يمكن أن تدرك في الآخرة لأنه يرى يوم القيامة.
5- هل يتصف الله بالجسمية ؟
ثمة ألفاظ لم يرد إثباتها أو نفيها في الكتاب والسنة، فحينئذ يستفصل عن معناها ويثبت ما فيها من الحق وينفى ما فيها من الباطل وباب الإخبار أوسع من باب الأسماء والصفات، فإذا علم هذا يقال: ماذا تقصد بالجسم عرِّفه لنا أولا ؟
فإن قيل: الجسم هو: المركب من الجواهرة الفردة، أو هو: ما تألف من جوهرين فردين فصاعدا، والجوهر الفرد هو: الجزء الذي لا يتجزأ، وهي الوحدة الأساسية في تأليف الجسم بأن ينتهي تقسيم الجسم إلى جزء صغير جدا جدا لا يمكن بعده أن ينقسم.
قلنا: فهمنا الآن ماذا تقصدون تعالى الله أن يكون كذلك.
وإن عني به هو: المركب من الذات والصفات، حيث زعم البعض أن اتصاف الباري بالصفات حقيقة يجعله مركبا والتركيب من خصائص الأجسام.
قلنا: فهذا المعنى حق، واستعمال لفظ الجسم في حق الله بشع أيما بشاعة.
6- هل يتصف الله بأنه جوهر أو عرض ؟
فأما كون ذاته عرضا كالصفات والألوان والروائح التي لا تقوم إلا في محل فتعالى الله عن ذلك.
وأما كونه جوهرا فإن فسر بالجوهر الفرد الذي هو جزء من تركيبة الجسم فقد نفينا هذا المعنى كما تقدم.
وإن عني به القائم بذاته أو القائم لا في محل فالله تعالى كذلك.
7- هل يقال بأن الله في مكان أو زمان ؟
أما الزمان فالله أول لا بداية له وقد مرّ وصفه بالقدم.
وأما المكان فهو مخلوق لله تعالى فكيف يكون في مخلوق والمخلوق يحيط به تعالى الله عن ذلك علوا كبير.
ولكن الله تعالى فوق المكان قال تعالى: ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ).
8- الله تعالى غير محتاج للعالم فلم يخلقه لحاجته له ولو شاء ما خلقه.
9- هل تقوم الحوادث بالله تعالى ؟
يستفصل- كما مر- فيقال هل تريد أن الله سبحانه لا يحل بذاته شيء من مخلوقاته المحدثة فهذا حق.
وإن عنيت به نفي الصفات الاختيارية كالتكلم متى شاء والرضا والغضب فهذا ممنوع وفي حديث الشفاعة الوارد في صحيح البخاري ومسلم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله.
10- الله تعالى فعال لما يريد بالاختيار لا كما زعمت الفلاسفة من أنه فاعل بالذات كما تفعل النار الإحراق بلا اختيار.
11- ليس كمثله شيء.
12- القدر خيره وشره منه سبحانه.
13- الله خالق أفعال العباد خلافا للمعتزلة.
14- علمه سبحانه شامل لكل معلوم من جزيئات وكليات، وقدرته تعالى شاملة لكل مقدور أي لكل ممكن.
15- ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ومشيئته سبحانه كونية تقتضي الوجود ودينية تقتضي المحبة.
16- بقاؤه تعالى لا آخر له فلا فناء له.
17- لم يزل سبحانه موجودا بأسمائه أي متصفا بمعانيها فهو تعالى لم يزل عالما قادرا خالقا إلى غير ذلك من الصفات.
18- لله تعالى صفات ذاتية وهي الصفات التي لا تنفك عن الذات، وقيل أيضا صفة الذات: ما دل عليها فعله أو تنزيهه عن النقص، فالأولى كالعلم فإن خلقه سبحانه شاهد عليه وكذا القدرة والحياة والإرادة، والثانية كالسمع فإنه دل على اتصافه سبحانه به تنزيهه عن النقص إذْ لو لم يتصف به لاتصف بضده وهو الصم وهو نقص محال عليه سبحانه.
19- ماذا يفعل المسلم في الصفات الثابتة له سبحانه في الكتاب والسنة الصحيحة ؟
ذهب أهل الحديث إلى إثبات لفظها ومعناها وتفويض كيفية اتصافه سبحانه بها له؛ لأن العلم بكيفية الاتصاف لا يصح عقلا مع الجهل بطبيعة الذات ولما كانت حقيقة ذاته مجهولة فحقيقة اتصافه بأوصافه كذلك وأمر الذات الإلهية حير عقلاء بني آدم فلا نتجاوز خبر الله وخبر رسله فهذا هو الطريق الأسلم والأحكم.
وذهب الأشاعرة إلى إثبات بعض الصفات حقيقة لأن الدليل العقلي دلّ عليها وأما البعض الآخر فإن دلّ الدليل العقلي على استحالة اتصافه بها فنثبت اللفظ ونؤول المعنى أو نفوضه ونقول الله أعلم وقالوا إن التفويض هو مذهب السلف أصحاب القرون الثلاثة.
والقصد هو الاختصار بقدر الإمكان في هذه المباحث التي تحتاج إلى بسط وتفصيل ومناظرة واستيفاء حجج.

( شرح النص )​

فليجزمْ عَقْدَهُ بأنَّ العالمَ حادِثٌ ولهُ مُحْدِثٌ، وهوَ اللهُ الواحِدُ، والواحِدُ: الذي لا ينقسمُ أو لا يُشبَّهُ بوجهٍ، واللهُ تعالى قديمٌ، حقيقتُهُ مخالفةٌ لسائرِ الحقائقِ، قالَ المحقّقونَ ليستْ معلومةً الآنَ، والمختارُ ولا ممكنةً في الآخرةِ، ليسَ بجسمٍ ولا جوهرٍ ولا عَرَضٍ، لم يزلْ وحدَهُ ولا مكانَ ولا زمانَ ثُمَّ أَحدثَ هذا العالمَ بلا احتياجٍ ولو شاءَ ما أحدَثَهُ، لم يحدثْ بهِ في ذاتهِ حادثٌ، فَعَّالٌ لما يريدُ، ليسَ كمثلِهِ شيءٌ، القدرُ خيرُهُ وشَرُّهُ مِنهُ، عِلمُهُ شامِلٌ لكلِّ معلومٍ، وقدرَتُهُ لكلِّ مقدورٍ، ما علِمَ أنَّهُ يوجَدُ أَرادَهُ وما لا فلا، بقاؤُهُ غيرُ متناهٍ، لم يزلْ بأسمائِهِ، وصفاتُ ذاتِهِ ما دلَّ عليها فعلُهُ من قدرةٍ وعلمٍ وحياةٍ وإرادةٍ أو تنزيهُهُ عنِ النقصِ مِن سمعٍ وبصرٍ وكلامٍ وبقاءٍ، وما صحَّ في الكتابِ والسُّنَّةِ من الصفاتِ نعتقِدُ ظاهرُ معناهُ ونُنَزِّهُ اللهَ عندَ سماعِ مُشْكِلِهِ ثُمَّ اختلفَ أئمتُنا أنؤولُ أمْ نُفَوِّضُ منزِّهينَ لهُ معَ اتِّفاقِهِم على أنَّ جهلَنا بتفصيلِهِ لا يقدَحُ.
...........................................................................
( فليجزمْ ) أي المكلف ( عَقْدَهُ ) أي اعتقاده ( بأنَّ العالمَ ) وهو ما سوى الله تعالى ( حادِثٌ ) لأنه متغير أي يعرض له التغير كما يشاهد وكل متغير حادث ( ولهُ مُحْدِثٌ ) ضرورة أن الحادث لا بدّ له من محدث ( وهوَ اللهُ ) أي الذات الواجب الوجود لأن مبدىء الممكنات لا بدّ أن يكون واجبا، إذ لو كان ممكنا لكان من جملة الممكنات فلم يكن مبدئا لها ( الواحِدُ ) إذ لو جاز كونه اثنين لجاز أن يريد أحدهما شيئا، والآخر ضدّه الذي لا ضدّ له غيره كحركة زيد وسكونه فيمتنع وقوع المرادين وعدم وقوعهما لامتناع ارتفاع الضدّين المذكورين واجتماعهما، فتعين وقوع أحدهما فيكون مريده هو الإله دون الآخر لعجزه، فلا يكون الإله إلا واحدا ( والواحِدُ ) الشيء ( الذي لا ينقسمُ ) بوجه ( أو لا يُشبَّهُ ) بفتح الباء المشدّدة أي به ولا بغيره أي لا يكون بينه وبين غيره شبه ( بوجهٍ ) وهذان التفسيران معناهما موجود فيه ( واللهُ تعالى قديمٌ ) أي لا ابتداء لوجوده، إذ لو كان حادثا لاحتاج إلى محدث واحتاج محدثه إلى محدث وتسلسل والتسلسل محال، فالحدوث المستلزم له محال ( حقيقتُهُ ) تعالى ( مخالفةٌ لسائرِ الحقائقِ، قالَ المحقّقونَ ليستْ معلومةً الآنَ ) أي في الدنيا للناس، وقال كثير من المتكلمين: إنها معلومة لهم الآن لأنهم مكلفون بالعلم بوحدانيته وهو متوقف على العلم بحقيقته، قلنا: لا نسلم أنه متوقف على العلم به بالحقيقة، وإنما يتوقف على العلم به بوجه وهو بصفاته، كما أجاب موسى عليه الصلاة والسلام فرعون السائل عنه تعالى كما قص علينا ذلك بقوله تعالى: قال فرعون وما رب العالمين.. الآية ( والمختارُ ولا ممكنةً ) علما ( في الآخرةِ ) لأن علمها يقتضي الإحاطة به تعالى وهي ممتنعة، وقيل: ممكنة العلم فيها لحصول الرؤية فيها كما سيأتي. قلنا: الرؤية لا تفيد الحقيقة ( ليسَ بجسمٍ ولا جوهرٍ ولا عَرَضٍ ) لأنه تعالى منزه عن الحدوث وهذه الثلاثة حادثة لأنها أقسام العالم لأنه إما قائم بنفسه أو بغيره، والثاني العرض، الأول ويسمى بالعين، وهو محل الثاني المقوم له إما مركب وهو الجسم أو غير مركب وهو الجوهر وقد يقيد بالفرد- وقد تقدم مناقشة ما فيه فلنستغن عن الإعادة- ( لم يزلْ وحدَهُ ولا مكانَ ولا زمانَ ) أي موجود قبلهما فهو منزّه عنهما ( ثُمَّ أَحدثَ هذا العالمَ ) المشاهد من السموات والأرض بما فيها ( بلا احتياجٍ ) إليه ( ولو شاءَ ما أحدَثَهُ ) فهو فاعل بالاختيار لا بالذات ( لم يحدثْ بهِ ) أي بإحداثه العالم من تعب أو نحوه كما قالت اليهود ( في ذاتهِ حادثٌ ) فليس كغيره محلا للحوادث وهو كما قال في كتابه العزيز ( فَعَّالٌ لما يريدُ، ليسَ كمثلِهِ شيءٌ ) وهو السميع البصير ( القدرُ ) وهو هنا ما يقع من العبد مما قدّر في الأزل ( خيرُهُ وشرُّهُ ) كائن ( مِنْهُ ) تعالى بخلقه وإرادته ( عِلمُهُ شامِلٌ لكلِّ معلومٍ ) أي ما من شأنه أن يعلم ممكنا كان أو ممتنعا جزئيا أو كليا قال تعالى: أحاط بكل شيء علما. ( وقدرَتُهُ ) شاملة ( لكلِّ مقدورٍ ) أي ما من شأنه أن يقدر عليه، وهو الممكن بخلاف الممتنع والواجب ( ما علِمَ أنَّهُ يوجَدُ أَرادَهُ ) أي أراد وجوده ( وما لا ) أي وما علم أنه لا يوجد ( فلا ) يريد وجوده فالإرادة تابعة للعلم- أي من جهة الصلوحية أي ما يصلح أن يراد وما لا يصلح أن يراد- قال الإمام زكريا الأنصاري في حاشيته على جمع الجوامع: أي عند الأشاعرة، وأما عند المعتزلة فتابعة للأمر؛ لأنهم يقولون: إن الله يريد ما أمر به من خير سواء وقع أم لا ولا يريد ما نهى عنه من معصية سواء وقع أم لا وتظهر ثمرة الخلاف في إيمان أبي جهل فعند الأشاعرة إنه مأمور به وليس مرادا وكفره منهي عنه ومراد، وعند المعتزلة بالعكس من حيث الإرادة، قال أئمتنا: ولو أراد ما لا يقع كان نقصا في إرادته لكلالها عن النفوذ فيما تعلقت به، وتوسط بعضهم بما يرفع الخلاف فقال: إرادته قسمان: إرادة أمر وتشريع وإرادة قضاء وتقدير فالأولى تسمى الإرادة الشرعية تتعلق بالطاعة لا المعصية لقوله تعالى: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، والثانية وتسمى الإرادة القدرية شاملة لجميع الممكنات لقوله تعالى: فمن يرد الله أن يهديه. واعلم أن تبعية الإرادة للأمر عند المعتزلة لا تنافي قولهم باتحادهما لأن المراد باتحادهما اتحادهما في المصداق لا في المفهوم. اهـ ( بقاؤهُ ) تعالى ( غيرُ متناهٍ ) أي لا آخر له ( لم يزلْ ) تعالى موجودا ( بأسمائِهِ ) أي بمعانيها، والأسماء هنا ما دل على الذات باعتبار صفة كالعالم والخالق ( وصفاتُ ذاتِهِ ) وهي ( ما دلَّ عليها فعلُهُ ) لتوقفه عليها ( من قدرةٍ ) وهي صفة تؤثر في الشيء عند تعلقها به ( وعلمٍ ) وهو صفة أزلية تتعلق بالشيء على وجه الإحاطة به على ما هو عليه ( وحياةٍ ) وهي صفة تقتضي صحة العلم لموصوفها، وكذا سائر الصفات ( وإرادةٍ ) وهي صفة تخصص أحد طرفي الشيء من الفعل والترك بالوقوع ( أو ) ما دل عليها ( تنزيهُهُ ) تعالى ( عنِ النقصِ مِن سمعٍ وبصرٍ ) وهما صفتان أزليتان قائمتان بذاته تعالى زائدتان على العلم ليستا كسمع الخلق وبصرهم ( وكلامٍ ) وهو صفة قديمة يعبر عنها بالنظم المعروف المسمى بكلام الله أيضا، ويسميان- أي الصفة والنظم- بالقرآن أيضا أي كما يسميان كلام الله- ولا يخفى أنه بناء على الكلام النفسي الذي لا يعرف الأشاعرة غيره - ( وبقاءٍ ) وهو استمرار الوجود أما صفات الأفعال كالخلق والرزق والإحياء والإماتة، فليست أزلية خلافا لمتأخري الحنفية أي في جعلها أزلية وإرجاعها إلى صفة التكوين، بل هي حادثة ( وما صحَّ في الكتابِ والسُّنَّةِ من الصفاتِ نعتقِدُ ظاهرُ معناهُ ونُنَزِّهُ اللهَ عندَ سماعِ مُشْكِلِهِ ) مخصص لما قبله أي نعتقد ظاهر معناه إلا أن يكون مشكلا فننزهه عنه كما في قوله تعالى:الرحمن على العرش استوى. وقوله: ويبقى وجه ربك. وقوله: يد الله فوق أيديهم. وقوله صلى الله عليه وسلّم: إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه كيف شاء. رواه مسلم. فهذه مشكلة لأنه يفهم منها الجسمية عندهم ( ثُمَّ اختلفَ أئمتُنا أنؤولُ ) المشكل ( أمْ نُفَوِّضُ ) معناه المراد إليه تعالى ( منزِّهينَ لهُ ) عن ظاهره ( معَ اتِّفاقِهِم على أنَّ جهلَنا بتفصيلِهِ لا يقدَحُ ) في اعتقادنا المراد منه مجملا، والتفويض مذهب السلف وهو أسلم، والتأويل مذهب الخلف وهو أعلم أي أحوج إلى مزيد علم، وكثيرا ما يقال بدل أعلم أحكم أي أكثر إحكاما أي إتقانا فيؤوّل في الآيات الاستواء بالاستيلاء والوجه بالذات واليد بالقدرة، والحديث بأنه تمثيل ليسر تقليب القلوب بالنسبة إليه تعالى.

 
التعديل الأخير:
إنضم
31 أكتوبر 2011
المشاركات
70
الكنية
ابا محمد
التخصص
النحو
المدينة
المنيا
المذهب الفقهي
الشافعى
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

بارك الله في مجهودكم ونفع بكم
 
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

ووقوع الحركة والسكون معا محال
حقيقته سبحانه مخالفه لسائر الحقائق
المركب من الجواهرة الفردة
تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
ولهُ مُحْدَثٌ، وهوَ اللهُ الواحِدُ
نعتقِدُ ظاهرُ معناهُ
لأن مبديء الممكنات لا بدّ أن يكون واجبا
والثاني العرض، والأول ويسمى
شامل لكل معلوم من جزيئات وكليات
.
 
إنضم
25 مايو 2017
المشاركات
6
الكنية
أبو محمد
التخصص
الشريعة
المدينة
حضرموت
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

جزاكم الله خيرا على هذه الدروس الرائعة وأرجو الله أن تكون في صحائف حسناتكم.
 
إنضم
25 مايو 2017
المشاركات
6
الكنية
أبو محمد
التخصص
الشريعة
المدينة
حضرموت
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

(ذهب أهل الحديث إلى إثبات لفظها ومعناها وتفويض كيفية اتصافه سبحانه بها له) هذه العبارة من الدرس فيها تناقض؛ لأن فيها إثبات للمعنى الحقيقي - أعني الصفات التي ظاهرها التشبيه والجسمية - ثم تنزيه الباري عبر تفويض الكيفية وهو ما يقول به شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ومن أخذ بكلامه وقد نسبه ابن تيمية إلى السلف الصالح.وقد نازعه العلماء في ذلك وفي نسبته لأهل الحديث، وقالوا بل التفويض في المعنى، وأن إثبات المعنى الظاهر للفظ اليد مثلا- ومعناها الحقيقي يراد بها الجارحة- ثم تفويض الكيفية كأن تقول: له يد بمعناها الحقيقي لكن لا ندري بحجمها وشكلها وطولها وعرضها ولونها - قال العلماء أن ذلك تناقض يفضي بصاحبه إما إلى التجسيم الصريح وإما إلى شبهه. للاستزادة من الكلام في هذا الموضوع يرجى قراءة كتاب القول التمام في إثبات التفويض مذهب السلف الكرام للدكتور سيف العصري.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,627
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

(ذهب أهل الحديث إلى إثبات لفظها ومعناها وتفويض كيفية اتصافه سبحانه بها له) هذه العبارة من الدرس فيها تناقض؛ لأن فيها إثبات للمعنى الحقيقي - أعني الصفات التي ظاهرها التشبيه والجسمية - ثم تنزيه الباري عبر تفويض الكيفية وهو ما يقول به شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ومن أخذ بكلامه وقد نسبه ابن تيمية إلى السلف الصالح.وقد نازعه العلماء في ذلك وفي نسبته لأهل الحديث، وقالوا بل التفويض في المعنى، وأن إثبات المعنى الظاهر للفظ اليد مثلا- ومعناها الحقيقي يراد بها الجارحة- ثم تفويض الكيفية كأن تقول: له يد بمعناها الحقيقي لكن لا ندري بحجمها وشكلها وطولها وعرضها ولونها - قال العلماء أن ذلك تناقض يفضي بصاحبه إما إلى التجسيم الصريح وإما إلى شبهه. للاستزادة من الكلام في هذا الموضوع يرجى قراءة كتاب القول التمام في إثبات التفويض مذهب السلف الكرام للدكتور سيف العصري.
حياك الله أخي.
أنا الذي وصلت إليه بدراستي أن أهل الحديث أو قل الذي يقفون مع النصوص لا يتناقضون لأنهم يسيرون على وتيرة واحدة، وأن المعتزلة لما حكموا قواعد كلامية وطردوها فقد ساروا في الغالب على وتيرة واحدة.
وأما الأشعرية فقد وقعوا بتناقضات لأنهم أرادوا أن يجمعوا بين المسلكين.
وأنا أريد أن أتجنب الكلام في هذا الموضوع بل والتأليف فيه ما استطعت إليه سبيلا ولكن خذ مثلا هذا الإلزام:
لماذا أثبت الأشاعرة رؤية الله بالعين يوم القيامة ؟ مع أنه على القواعد الكلامية لا يمكن أن ترى غير الأجسام وهم يقولون يراه المؤمنون وهو ليس في جهة ولا في جهة العلو حتى أضحكوا عليهم المتكلمين وسخر منهم المعتزلة والإمامية. فتأمل حفظك الله.
فلو أثبت الإمام ابن تيمية ومن تبعه الصفات كما جاءت ونفوا النقائص التي لا تليق بالله أليس هذا هو الأصوب.
أما الكتاب المذكور فأرجو أن يتيسر لي الوقت لقراءته لأعرف ما فيه.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,627
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس التاسع والثلاثون بعد المائة

من جملة العقائد


1- القرآن كلام الله غير مخلوق مكتوب في مصاحفنا محفوظ في صدورنا مقروء بألسنتا.
وهل هو اللفظ والمعنى أو هو المعنى فقط خلاف تقدم بين أهل الحديث والأشاعرة.
2- الله سبحانه يثيب المطيع على طاعته، ويعاقب العاصي على معصيته إن لم يغفرها له عدا الشرك فإنه لا يغفر.
3- الله سبحانه منزه عن الظلم بإجماع المسلمين، وهل الظلم مقدور له سبحانه فهو يقدر أن يظلم عباده لكنه لا يفعل لأنه العدل أو هو مستحيل كالجمع بين النقيضين؟
قال الأشاعرة وغيرهم: الظلم هو: التصرف في ملك الغير، وهو غير ممكن في حق الله تعالى؛ لأنه مالك الملك فأي فعل فعله ولو كان تعذيب أنبيائه وملائكته وتكريم أعدائه من الكفار والشياطين لم يكن ظلما لأنه لم يتصرف إلا في ملكه.
وقال أهل الحديث: الظلم هو: وضع الشيء في غير موضعه، وهو ممكن لكنه سبحانه حرمه على نفسه فعقاب المطيع وتكريم العاصي ظلم لأنه وضع للشيء في غير موضعه.
وأما وقوع الآلام للأطفال والدواب فهذا من لوازم النشأة الإنسانية والحيوانية فالآلام بالأوجاع والأسقام كالآلام بالجوع والعطش والبرد والتعب ونحو ذلك لا ينفك عنها الجسم الحيواني وإلا لكان خلقا آخر.
4- يراه تعالى المؤمنون في الآخرة، ورؤيته في الدنيا غير مستحيلة وإلا لما طلبها كليم الله.
5- السعيد من كتبه الله في الأزل سعيدا، والشقي من كتبه الله في الأزل شقيا، ولا يتبدلان فيسعد الشقي ويشقى السعيد.
وقال الإمام أبو الحسن الأشعري رحمه الله: وأبو بكر ما زال بعين الرضا منه- أي لم يزل الله ينظر إليه بعين الرضا- قال الإمام ابن السبكي في منع الموانع: وأما قولنا: ( وأبو بكر ما زال بعين الرضا منه ) فهي عبارة شيخنا أبي الحسن الأشعري، وهي واضحة لمن اتضح له ما قدمناه من عدم التبدل في السعادة والشقاوة، وقد ظن جماعة من الحنفية وغيرهم، أن أبا الحسن الأشعري رضي الله عنه يقول: إنه كان مؤمنا قبل المبعث، وهذا لم يقله أبو الحسن ولا أصحابه. ومعنى قولهم: ( لم يزل بعين الرضا ): أنه بحال غير مغضوب فيها عليه، لعلم الله بأنه سيؤمن، ويصير من خلاصته الأبرار، وهذا كما أنه إذا تلبس عبدك بعصيانك، وأنت تعلم أنه سيعود إلى طاعتك ويصير من أخصائك، فإنه في حالة بعده عنك بعين الرضا منك، ولا تنقم عليه فعله ذلك، لعلمك بما يؤول إليه حاله.اهـ
6- الرضا والمحبة غير المشيئة إذْ قد يراد شيء ولا يكون محبوبا أو مرضيا عنه من قبل مريده. قال الله تعالى: ( ولا يرضى لعباده الكفر ) مع أن الكفر قد وقع من كثيرين من العباد بمشيئة الله، ولو لم يشأ لم يقع. قال تعالى: ( ولو شاء ربك ما فعلوه ). وقالت المعتزلة وتبعهم قوم: الرضا والمحبة نفس المشيئة والإرادة.
7- الله هو الرزاق لا غيره، قال الله تعالى: ( إن الله هو الرزاق ) والرزق هو: ما يسوقه الله تعالى لعباده مما ينتفعون به، سواء كان حلالا أم حراما. وقال المعتزلة: إن الحرام ليس برزق لأنه لا يصح تملكه، وإن الله لا يرزق الحرام وإنما يرزق الحلال، والرزق لا يكون إلا بمعنى الملك.
وقال الإمام ابن تيمية رحمه الله: والرزق يراد به شيئان: أحدهما: ما ينتفع به العبد، والثاني: ما يملكه العبد فهذا الثاني هو المذكور في قوله: ( ومما رزقناهم ينفقون )، وقوله: ( أنفقوا مما رزقناكم )، وهذا هو الحلال الذي ملكه الله إياه، وأما الأول فهو المذكور في قوله: ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها )، وقوله- أي في الحديث-: ( إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها ) ونحو ذلك، والعبد قد يأكل الحلال والحرام فهو رزق بهذا الاعتبار لا بالاعتبار الثاني، وما اكتسبه ولم ينتفع به هو رزق بالاعتبار الثاني دون الأول. اهـ.
8- بيده سبحانه الهداية والإضلال. والهداية: خلق الاهتداء وهو الإيمان، والإضلال: خلق الضلال وهو الكفر. قال تعالى: ( ولو شاء لجعلكم أمة واحدة، ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ).
ولما كان المعتزلة يقولون إن الإنسان خالق لأفعاله قالوا: إن الهداية والإضلال بيد العبد يهدي نفسه ويضلها.
وإذا أراد الله بعبده خيرا وفقه لطاعته واجتناب معصيته وإلا خذله.
قال الأشاعرة وغيرهم: التوفيق: خلق قدرة الطاعة في العبد، والخذلان: خلق قدرة المعصية في العبد. وقال إمام الحرمين: التوفيق: خلق الطاعة، والخذلان: خلق المعصية.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في المدارج: وقد أجمع العارفون بالله أن التوفيق هو أن لا يكلك الله إلى نفسك، وأن الخذلان هو أن يخلي بينك وبين نفسك.... وقد فسرت القدرية الجبرية التوفيق بأنه خلق الطاعة، والخذلان بأنه خلق المعصية ولكن بنوا ذلك على أصولهم الفاسدة من إنكار الأسباب والحكم، وردوا الأمر إلى محض المشيئة من غير سبب ولا حكمة، وقابلهم القدرية النفاة، ففسروا التوفيق بالبيان العام، والهدى العام، والتمكن من الطاعة والإقبال عليها، وتهيئة أسبابها، وهذا حاصل لكل كافر ومشرك بلغته الحجة، وتمكن من الإيمان. اهـ
فتفسير التوفيق وضده الخذلان مبني على باب القدر فمن ذهب إلى الجبر عرفه بتعريف، ومن ذهب إلى نفي القدر عرفه بتعريف آخر، ومن توسط فلا بد أن يعرفه بآخر أو يفسره تفسيرا مبنيا على أصوله. فتأمل.
( شرح النص )​

القرآنُ النفسيُّ غيرُ مخلوقٍ مكتوبٌ في مصاحِفِنا محفوظٌ في صدورِنا مقروءٌ بألسِنَتنا على الحقيقةِ، يثيبُ على الطَّاعةِ ويعاقِبُ إلا أنْ يعفوَ ويغفِرَ غيرَ الشركِ على المعصيةِ، ولهُ إثابةُ العاصي وتعذيبُ المطيعِ وإيلامُ الدوابِّ والأطفالِ ويستحيلُ وصفُهُ بالظلمِ، يراهُ المؤمنونَ في الآخرةِ، والمختار جوازُ رؤيتِهِ في الدنيا، السعيدُ مَنْ كتبَ اللهُ في الأزلِ موتَهُ مؤمنًا والشقيُّ عكسُهُ ثمَّ لا يتبدّلانِ، وأبو بكرٍ ما زالَ بعينِ الرضا منِهُ، والمختارُ أنَّ الرضا والمحبةَ غيرُ المشيئةِ والإرادةِ، هوَ الرزّاقُ والرزقُ ما يُنتفعُ بهِ ولو حرامًا، بيدِهِ الهدايةُ والإضلالُ خلقُ الاهتداءِ والضلالِ، والمختارُ أنَّ اللطفَ: خلقُ قدرةَ الطاعةِ، والتوفيقَ كذلكَ والخذلانُ ضدَُهُ والختمُ والطبعُ والأكِنَّةُ والأقفالُ خلقُ الضلالةِ في القلبِ.
.............................................................
( القرآنُ النفسيُّ ) أي القائم بالنفس وهو الكلام النفسي الذي تقول به الأشاعرة ( غيرُ مخلوقٍ ) وهو مع ذلك أيضا ( مكتوبٌ في مصاحِفِنا ) بأشكال الكتابة وصور الحروف الدالة عليه ( محفوظٌ في صدورِنا ) بألفاظه المخيلة ( مقروءٌ بألسِنَتنا ) بحروفه الملفوظة المسموعة ( على الحقيقةِ ) لا المجاز في الأوصاف الثلاثة أي يصحّ أن يطلق على القرآن حقيقة أنه مكتوب محفوظ مقروء واتصافه بهذه الثلاثة وبأنه غير مخلوق أي موجود أزلا وأبدا اتصاف له باعتبار وجودات الموجود الأربعة، فإن لكلّ موجود وجودا في الخارج، ووجودا في الذهن، ووجودا في العبارة، ووجودا في الكتابة فهي تدل على العبارة وهي على ما في الذهن وهو على ما في الخارج، وخرج بالنفسي اللساني ( يثيبُ ) الله تعالى عباده المكلفين ( على الطَّاعةِ ) فضلا ( ويعاقِبُـ ) ـهم ( إلا أنْ يعفوَ ويغفِرَ غيرَ الشركِ على المعصيةِ ) عدلا لاخباره بذلك قال تعالى: فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى. وقال: إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. ( ولهُ ) تعالى ( إثابةُ العاصي وتعذيبُ المطيعِ وإيلامُ الدوابِّ والأطفالِ ) لأنهم ملكه يتصرف فيهم كيف يشاء لكن لا يقع منه ذلك ( ويستحيلُ وصفُهُ ) تعالى ( بالظلمِ ) لأنه مالك الأمور على الإطلاق يفعل ما يشاء فلا ظلم في التعذيب والإيلام المذكورين لو فرض وقوعهما ( يراهُ ) تعالى ( المؤمنونَ في الآخرةِ ) كما ثبت في النصوص ( والمختارُ جوازُ رؤيتِهِ ) تعالى ( في الدنيا ) في اليقظة بالعين، وفي المنام بالقلب أما في اليقظة، فلأن موسى عليه الصلاة والسلام طلبها بقوله: رب أرني أنظر إليك. وهو لا يجهل ما يجوز ويمتنع على ربه تعالى، وقيل: لا يجوز لأن قومه طلبوها فعوقبوا قال تعالى: فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم. قلنا عقابهم لعنادهم وتعنتهم في طلبها لا لامتناعها، وأما في المنام فنقل القاضي عياض الاتفاق عليه، وقيل: لا يجوز إذ المرئي فيه خيال ومثال وذلك على القديم محال. قلنا لا استحالة لذلك في المنام، وأما وقوع الرؤية في الدنيا فالجمهور على عدمه في اليقظة لقوله تعالى: لا تدركه الأبصار. وقوله لموسى: لن تراني. أي في الدنيا بقرينة السياق، وقوله صلى الله عليه وسلّم: لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت. رواه مسلم. نعم الصحيح وقوعها للنبي صلى الله عليه وسلّم ليلة المعراج ( السعيدُ مَنْ كتبَ اللهُ ) أي علم ( في الأزلِ موتَهُ مؤمنًا والشقيُّ عكسُهُ ) أي من كتب الله في الأزل موته كافرا ( ثمَّ لا يتبدّلانِ ) أي المكتوبان في الأزل، بخلاف المكتوب في غيره كصحف الملائكة قال تعالى: يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أمّ الكتاب. أي أصله الذي لا يغير منه شيء كما قاله ابن عباس وغيره، وإطلاق بعضهم أنهما يتبدّلان محمول على هذا التفصيل ( وأبو بكرٍ ) رضي الله عنه ( ما زالَ بعينِ الرضا منِهُ ) تعالى، وإن لم يتصف بالإيمان قبل تصديقه النبي صلى الله عليه وسلّم، إذ لم يثبت عنه حالة كفر كما ثبت عن غيره ممن آمن فيكون كزيد بن عمرو بن نفيل ( والمختارُ أنَّ الرضا والمحبةَ ) من الله ( غيرُ المشيئةِ والإرادةِ ) منه، إذ معنى الأوّلين المترادفين أخص من معنى الثانيين المترادفين، إذ الرضا الإرادة بلا اعتراض والأخص غير الأعم بدليل قوله تعالى: ولا يرضى لعباده الكفر. مع وقوعه من بعضهم بمشيئته لقوله: ولو شاء ربك ما فعلوه. وقالت المعتزلة وقوم من الأشاعرة منهم الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: الرضا والمحبة نفس المشيئة والإرادة فالجميع متردافات، وأجابوا عن قوله: ولا يرضى لعباده الكفر. بأنه لا يرضاه دينا وشرعا بل يعاقب عليه وبأن المراد بالعباد من وفق للإيمان، ولهذا شرفهم بإضافتهم إليه في قوله: إن عبادي ليس لك عليهم سلطان. وقوله: عينا يشرب بها عباد الله. ( هوَ الرَّزاقُ ) كما قال تعالى: إن الله هو الرزاق. بمعنى الرازق أي فلا رازق غيره. وقالت المعتزلة: من حصل له الرزق بتعب فهو الرازق نفسه أو بغير تعب فالله هو الرازق له ( والرزقُ ) -بمعنى المرزوق- عندنا ( ما ينتفعُ بهِ ) في التغذي وغيره ( ولو ) كان ( حرامًا ) وقالت المعتزلة لا يكون إلا حلالا لاستناده إلى الله في الجملة والمسند إليه لانتفاع عباده يقبح أن يكون حراما يعاقبون عليه، قلنا: لا يقبح بالنسبة إليه تعالى، فإن له أن يفعل ما يشاء وعقابهم على الحرام لسوء مباشرتهم أسبابه ويلزم المعتزلة أن المتعذي بالحرام فقط طول عمره لم يرزقه الله وهو مخالف لقوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. لأنه تعالى لا يترك ما أخبر بأنه عليه ( بيدِهِ ) تعالى ( الهدايةُ والإضلالُ ) وهما ( خلقُ الاهتداءِ ) وهو الإيمان ( و ) خلق ( الضلالُ ) وهو الكفر قال تعالى: ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء.وقوله: من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم. وزعمت المعتزلة أنهما بيد العبد يهدي نفسه ويضلها بناء على قولهم إنه يخلق أفعاله ( والمختارُ أنَّ اللطفَ خلقُ قدرةِ الطاعةِ ) أي قدرة العبد على الطاعة، وقال الأصل إنه ما يقع عنده صلاح العبد آخرة أي في آخر عمره فتقع منه الطاعة دون المعصية فيختم له بها ( و ) أن ( التوفيقَ كذلكَ ) أي خلق قدرة الطاعة، وقيل: خلق الطاعة ( والخذلانُ ضدَّهُ ) وهو خلق قدرة المعصية وقيل: خلق المعصية ( والختمُ والطبعُ والأكِنَّةُ والأقفالُ ) الواردة في القرآن نحو: ختم الله على قلوبهم. وقوله: طبع الله عليها بكفرهم. وقوله:جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه. وقوله: أم على قلوب أقفالها. عبارات عن معنى واحد وهو ( خلقُ الضلالةِ في القلبِ ) كالإضلال- خلقها الله في قلوبهم جراء تركهم الحق - وأوّل المعتزلة هذه الألفاظ بما لا يلائم الآيات المشتملة عليها كما بين في المطولات.

 
إنضم
11 مارس 2008
المشاركات
226
الإقامة
فنلندا
الجنس
ذكر
الكنية
أبو نوح
التخصص
لا يوجد
الدولة
فنلندا
المدينة
هلسنكي
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

تم بحمد الله الفرغ من المسائل الأصولية بقي علينا خاتمة خارجة عنه.

والله يعلم كم نشكركم على هذه الخدمة شيخنا العزيز فكم بحثت عن مثل هذه الدروس ولم أجد وكم طلبتها من المشايخ والأساتذة في هذه البلدان التي أنا فيها ولم أجد ولا سيما الدروس في هذا الكتاب القيم ولا سيما الدروس بهذا الأسلوب الطيب ولا سيما الدروس التي تمكن في أثنائها المناقشة. فالله يجزيكم خير الجزاء ووفقكم للمزيد وبارك فيكم وفي أهلكم جميعًا.

وكما تعلمون أني ما أزال في وسط الكتاب تقريبًا فأرجو أن تكون متاحًا للأسئلة بعد الدروس كذلك، فأجوبتكم وتوضيحاتكم بالنسبة لي درر سنية أنعم الله بها عليّ فأضيفها إلى تعليقاتي الخاصة.
 
إنضم
25 مايو 2017
المشاركات
6
الكنية
أبو محمد
التخصص
الشريعة
المدينة
حضرموت
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

جزاكم الله خير الجزاء
والنقاش هذا للفائدة وإن لم يكن مقنعا
لكن ما ذكرتموه من التناقض عند الأشاعرة لأنهم أرادوا الجمع بين المسلكين!!
فإن كان جمعهم بين العقل والنقل تناقضا فهذا عين التناقض.
وأما قولكم - حفظكم الله -: أن إثبات الأشاعرة لرؤية الله بالعين يوم القيامة يتناقض مع القواعد الكلامية، فاعذروني ألف مرة فأبسط دارس لقواعد علم الكلام يرى أنه لا تناقض في ذلك إطلاقا،
أما إن كان القائل لذلك لا يميز بين المستحيل عادة والمستحيل عقلا والمستحيل شرعا؛ فإنه سيتهم الأشاعرة بالتناقض.
ثم أخبرني هل في إثبات معنى الجارحة في صفة اليد لله تنزيه له عن مشابهة الخلق بحجة أن هذه اليد - الجارحة - لا يعلم كيفيتها إلا الله؟؟
بل هذا عين التناقض وليس في جمع الأشاعرة بين المسلكين.
 
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

خلقُ قدرةَ الطاعةِ
صلاح العبد آخرة أي في آخر
( والخذلانُ ضدَّهُ )
( و ) خلق ( الضلالُ )
.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,627
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الأربعون بعد المائة

جعل الماهية


هل الماهيات مجعولة ؟ سؤال طرحه المتكلمون واختلفوا في جوابه فلنحرر محل النزاع أولا ثم نذكر مذاهب القوم.
1- الماهيات جمع ماهية، وهي تطلق على معنيين: ما به يجاب عن السؤال بما هو، وما به الشيء هو هو. توضيحه:
إذا سأل سائل عن العسل وهو لم يره في حياته قائلا: ما هو العسل ؟ فإننا قد نحتاج إلى تعريفه له بذكر كلمات من شأنها أن تعطي تصورا عن مسؤوله فنقوله له هو: شراب يخرج من بطن النحل. فمن شأن تلك الكلمات أن تعطي مفهوما ذهنيا يوضح المسؤول أو قل: قالب ذهني يشرح المحدود، أو قل: أوصاف جوهرية تمثل الإطار الذهني للشيء، أو قل: ما به يجاب عن السؤال بما هو، وهي بهذا المعنى عبارة عن مفهوم ذهني كلي اعتباري ينتزعه العقل من الأشياء.
وإذا جئنا بالعسل أمامنا فهذا الشيء له حقيقة خارجية خاصة به وصفات معينة تمثل قوامه ويترتب عليها الآثار ككونه يذاق وكونه يحصل منه شفاء الأبدان بإذن الله، فحقيقة العسل الخارجية ذات الآثار هي ماهيته أو قل هي: الوجود الخاص لشيء معين والذي منه ينتزع مفهوم وتعريف الشيء أو قل هي: ما به الشيء هو هو أي ما به يتحقق الشيء ويحصل على هويته الخاصة به، والعلاقة بين معنيي الماهية هي علاقة المفهوم الذهني بالمصداق الخارجي.
والماهية قد تكون بسيطة وقد تكون مركبة فالمركبة هي التي تتكون من الجنس والفصل كالإنسان والبيت وسائر الأجسام والماهية البسيطة هي التي لا تتركب من الجنس والفصل كمفهوم الجوهر فإنه جنس الأجناس ولا جنس فوقه ليتركب منه، فإذا علم هذا فما المقصود بالماهية في مسألة الجعل ؟ الجواب: المقصود هو المعنى الثاني أي حقائق الأشياء.
2- الجعل له معان هي: الاحتياج إلى الفاعل، تصيير الشيء، الاحتياج إلى الغير فاعلا كان أو جزئا.
فإذا علم هذا فهل الماهيات مجعولة ؟
قيل: نعم، وقيل: لا، وقيل: المركبات مجعولة والبسائط لا.
وقد اختار الإمام عضد الدين الإيجي وتبعه صاحب اللب أن الخلاف لفظي. توضيحه:
إن من قال إن الماهيات كالإنسان تحتاج إلى فاعل قصد في وجودها الخارجي وهذا محل اتفاق عند كل العقلاء فإن المعدوم لا يخرج إلى الوجود إلا بفاعل.
ومن قال إن الماهيات غير مجعولة أراد أنها في حد ذاتها لا يتعلق بها جعل جاعل ولا تأثير مؤثر فإنك إذا لا حظت حقيقة السواد مثلا ولم تلاحظ معها مفهوما سواها لم يعقل هنالك مغايرة بين الماهية ونفسها حتى يتصور توسط جعل بينهما ولهذا يقولون إن الماهية في حد ذاتها لا موجودة ولا معدومة، بمعنى أنك إذا نظرت إلى الماهية الموجودة فلا ريب أنها تحتاج إلى موجد وإذا نظرت إلى الماهية ولم تنظر لشيء سواها فإنها ليست إلا نفسها فلا يعقل أن تكون مجعولة إذْ لا معنى لتصيير الشيء نفسه.
ومن قال إن الماهية المركية مجعولة دون البسيطة أراد بالمجعول الاحتياج إلى الغير سواء أكان فاعلا موجدا أم جزءا مقوما، وحينئذ إذا أخذنا الماهية من حيث نفسها أي نظرنا إلى الذات من حيث هي فهي محتاجة في قوامها إلى جزئها ضرورة افتقار المركب إلى أجزائه ولا تحتاج إلى الفاعل في حد ذاتها كما تقدم، وأما البسيطة فلكونها لا تتركب من أجزاء فهي لا تحتاج إلى الغير. فتأمل.
هذا وقد قيل إن الخلاف حقيقي معنوي والمسألة تحتمل بسطا طويلا ليس هذا محله.
( شرح النص )​

والماهياتُ مجعولةٌ في الأصحِّ والخلفُ لفظيٌّ.
.............................................................
( والماهياتُ ) الممكنات أي حقائقها لا ما به يجاب السؤال بما هو ( مجعولةٌ ) مطلقا بلا فرق بين البسائط والمركبات ( في الأصحِّ ) أي كل ماهية بجعل الجاعل لأنها ممكنة فتفتقر إلى الواجب، وقيل: لا مطلقا بل كل ماهية متقررة بذاتها فلا معنى لجعل الشيء نفسه، وقيل: مجعولة إن كانت مركبة لتألفها من أجزاء بخلاف البسيطة ( والخلفُ لفظيٌّ ) لأن الأول أراد جعلها متصفة بالوجود لا جعلها ذوات، والثاني أراد أنها في حدّ ذاتها لا يتعلق بها جعل جاعل وتأثير مؤثر، والثالث أراد بالجعل التأليف والمركبة مؤلفة بخلاف البسيطة، هذا والمسألة مكانها المعلومات العامة التي ستأتي لا العقائد كما أشار إليه الشيخ الدبان في الشرح الجديد.
 
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

فنقوله له هو: شراب
فاعلا كان أو جزئا.
فإنك إذا لا حظت
ومن قال إن الماهية المركية مجعولة
.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,627
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

جزاكم الله خير الجزاء
والنقاش هذا للفائدة وإن لم يكن مقنعا
لكن ما ذكرتموه من التناقض عند الأشاعرة لأنهم أرادوا الجمع بين المسلكين!!
فإن كان جمعهم بين العقل والنقل تناقضا فهذا عين التناقض.
وأما قولكم - حفظكم الله -: أن إثبات الأشاعرة لرؤية الله بالعين يوم القيامة يتناقض مع القواعد الكلامية، فاعذروني ألف مرة فأبسط دارس لقواعد علم الكلام يرى أنه لا تناقض في ذلك إطلاقا،
أما إن كان القائل لذلك لا يميز بين المستحيل عادة والمستحيل عقلا والمستحيل شرعا؛ فإنه سيتهم الأشاعرة بالتناقض.
ثم أخبرني هل في إثبات معنى الجارحة في صفة اليد لله تنزيه له عن مشابهة الخلق بحجة أن هذه اليد - الجارحة - لا يعلم كيفيتها إلا الله؟؟
بل هذا عين التناقض وليس في جمع الأشاعرة بين المسلكين.
حياك الله أخي.
1- لو كان المقصود هو أنهم جمعوا بين صريح المعقول وصحيح المنقول لكان أمرا يحمدون عليه ولكن هيهات وهذا الشيخ ابن تيمية أيضا له موسوعته العلمية درء تعارض العقل والنقل، والمعتزلة أيضا يدعون أنهم جمعوا بين المنقول والمعقول.
2- أرجو أن تبتعد عن عبارة أبسط دارس ونحوه فأنا أناقشك لأني أحسب أنك طالب علم.
3- بين لنا كيف يمكن رؤية الموجود من غير أن يكون في جهة أثبت ذلك بالمعقول، كل الذي ذكروه في الجواب لا نسلم أنه ممتنع، وهذه الفرق وعباقرة أهل الكلام الذي أفنوا عمرهم في الكلام يقولون إن هذا مستحيل عقلا وأن هذا لازم عقلي ويستحيل وجود الملزوم بدون لازمه.
4- من قال لك إني أقول إن اليد بمعنى الجارحة حاشا لله كأنك فهمت أن مدرسة ابن تيمية تثبت لله الجارحة ولكن تجهل كيفيتها كطولها وعرضها وهذا سوء فهم، هم يقولون يد حقيقية وليست نعمة تليق بذاته نجهل كيفيتها.
5- إذا كان صدر الإدارة يتسع لنا لنكمل فلنحدد موضوعا نتناقش فيه إذا رغبت وليكن قضية كلية جوهرية هي مفرق الطريق بين المدرستين أما أن تلقي كلمة وأنا أرد بمثلها فهذا لن يوصل لشيء.
دمت موفقا.
 
أعلى