العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

رد الحديث من جهة المتن: مناهج أهل الرأي وأهل الحديث

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد الحديث من جهة المتن: مناهج أهل الرأي وأهل الحديث


الدكتور يوسف القرضاوي
السبت, 19 فبراير 2011


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
(مدرسة الرأي) و (مدرسة الحديث والأثر) كانتا متمايزتين، وخصوصاً في أول الأمر، مما جعل كثيراً من الأثريين يهاجمون فقهاء العراق، وخصوصاً أبا حنيفة، الذي شنُّوا عليه غارة شعواء، حتى كادوا يُخرجونه من الإسلام.
ومَن قرأ كتاباً مثل كتاب (السُّنَّة) لعبد الله ابن الإمام أحمد، وما جُمع فيه من طعون وتجريح بأبي حنيفة، ترتعد فرائصه، وكذلك ما نقله بعده الإمام أبو بكر الخطيب البغدادي في موسوعته التاريخية (تاريخ بغداد)، وما أورده في ترجمة أبي حنيفة من أقاويل، جعلت علاَّمة الأتراك وكيل المشيخة الإسلامية الشيخ محمد زاهد الكوثري رحمه الله ينتهض ليردَّ على الخطيب برسالته الشهيرة (تأنيب الخطيب على ما ساقه في ترجمة أبي حنيفة من الأكاذيب)! وهو ما جعل أحد علماء الحديث يردُّ على الكوثري بكتاب كبير، وهو العلاَّمة الشيخ عبدالرحمن المُعَلِّمي اليماني، وقد سمَّى كتابه (التنكيل لما ساقة الكوثري من الأباطيل).
وأعتقد أن كلاًّ من الكتابين قد تجاوز أدب الحوار، ودخلت في المعركة عناصر لم تكن ضرورية، ذهبت بكلٍّ من الطرفين بعيداً، وأشدُّ هذه العناصر (العصبية المذهبية)، التي قال عنها العلاَّمة مصطفى الزرقا: إنها سجن ضيق مظلم في جنة الشريعة الفيحاء!
والحقيقة أن المدرستين (الرأي والحديث) قد تقاربتا إلى حدٍّ كبير، بعد أن لقي الصاحبان الإمامان أبو يوسف ومحمد الإمام مالكاً، وروى محمد الموطأ عنه، وبعد أن اقترب مالك من أصحاب الرأي بقوله بالمصالح المرسلة وعمَلِ أهل المدينة، وتخصيصه النصوص بمخصِّصات شتَّى! حتى قيل: لولا مالك لضاقت المسالك، وحتى قال الإمام محمد أبو زهرة في كتابه عن (مالك) إنه من أئمة الرأي، وهو محقٌّ في ذلك. ولذا أنصف مَن اعتبره من (فقهاء أهل الحديث) بل هو إمامهم.
وأعتقد أن هذه المدرسة - مدرسة فقهاء الحديث التي يمثِّلها أمثال عز الدين بن عبد السلام، وابن دقيق العيد، وابن تيمية، وابن القيم، وابن كثير وأمثالهم - هي المدرسة التي تمثِّل «الوسطية الإسلامية»، التي تفهم النصوص الجزئية في ضوء المقاصد الكلية، ولا تقيم معركة بين السنة والقرآن، ولا بين صحيح النقل وصريح العقل، ولا بين الحديث والفقه وأصوله، بل تقيم منهجاً متكاملاً ومتوازناً يجمع أفضل ما عند المدرستين. وهذا ما انتهجه شيخ الإسلام ابن تيمية ومدرسته، وقد دافع عن الأئمة المتبوعين المقبولين عند جمهور الأمة، وفي مقدِّمتهم أبو حنيفة، وذلك في كتابه الشهير (رفع الملام عن الأئمة الأعلام).
ولكن كثيراً ممَّن يدَّعي الانتماء إلي مدرسة ابن تيمية وتلميذه الإمام ابن القيم، لا ينهجون هذا النهج، ولا يحملون هذه الرُّوح، فلا غرو إن أطلقتُ عليهم في بعض الأحيان مصطلح «الظاهرية الجدد»، أعني أنهم يتمسَّكون بجمود الظاهرية، ورفضهم القياس، وعدم تعليلهم للأحكام، وعدم اعتبارهم للمصالح أو المقاصد، واعتقادهم أن الشريعة تفرِّق بين المتساوين، وتسوِّي بين المختلفين، هذا مع ما تتميَّز به الظاهرية من التبحُّر في العلم، والموسوعية في الحديث والآثار.
وهم الذين ردَّ عليهم شيخنا الشيخ محمد الغزالي رحمه الله في كتابه الذي أحدث ضجَّة فكرية كبيرة عند ظهوره، وهو الذي سمَّاه (السنة بين أهل الفقه وأهل الحديث)، والذي ردَّ فيه قليلاً من الأحاديث ثبتت في الصحيحين أو أحدهما، مثل حديث: «لولا بنو إسرائيل لم يَخْنَزِ اللحم، ولولا حوّاء لم تخُن أنثى زوجَها الدهر»، ومن حقِّه أن يردَّ هذا الحديث بشقَّيه، فاللحم يخنز - أي يتغيَّر وينتن - وفق السنن الإلهية قبل بني إسرائيل وبعدهم، وحواء لم تخُن زوجها، كما نستبين ذلك من القرآن.
وقد غضب على الغزالي كثيرون، صوَّبوا إليه سهامهم، واتَّهموه بمعاداة السنة. وهي تهمة باطلة يقيناً. فقد ردَّ الرجل على أعداء السنة بمنطقه القوي، وقلمه البليغ في أكثر من كتاب له.
ولكن المشكلة تكمن في عملية مشروعية (نقد متون الأحاديث)، وفق الضوابط والقواعد، ولا سيَّما الأحاديث التي لم تصل إلى درجة القطع. أعني أحاديث الآحاد.
وقد شاركتُ الشيخ الغزالي في بعض انتقاداته، وانتقدتُ المحدِّث الكبير الشيخ ناصر الدين الألباني في بعض تصحيحاته - أو تضعيفاته - للحديث، ولا سيَّما التصحيح والتحسين.
فهو يصحِّح حديث: «الوائدة والموؤودة في النار»، الذي رواه أبو داود. وهو معارض لصريح القرآن الذي قال بكلِّ صراحة: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير:8، 9].
وهو يصحِّح عدَّة أحاديث تقول: «ألبان البقر دواء، ولحومها داء». فكيف تكون داءً وقد أباحها الله في كتابه باعتبارها من بهيمة الأنعام، وشرع ذبحها في الأضاحي والهَدْي في الحجِّ والعمرة؟ وهي مصدر عالمي للغذاء (البروتيني)؟
ولقد نبَّهتُ من قديم في عدد من كتبي إلى ضرورة (الوصل بين الفقه والحديث) إذا أردنا أن نحيي قويماً-اجتهاداً، فقد انقطعت الصلة بين العِلْمَين في عصور التراجع الحضاري والثقافي لأمَّتنا، وأصبح الذين يشتغلون بالحديث وحده شبه أميين في الفقه وأصوله، كما أصبح الذين يشتغلون بالفقه وحده شبه أميين في علوم الحديث ورجاله، وكثيراً ما يستدلُّون بالحديث الضعيف والمنكر، بل الموضوع، وما لا أصل له. حتى اشتهر قول بعضهم: هذا من حديث الفقهاء!
وأحياناً يردُّون الحديث الصحيح. وهذا غاية الخلل والاضطراب: أن نحتجَّ بالضعيف، بل الموضوع، وأن نردَّ الصحيح المتَّفق عليه. والشكوى من انفصال الفقه عن الحديث قديمة، والشعور بالحاجة إلى الجمع بينهما أصيل في تراثنا.
ومن هنا وجدنا من علماء السلف مَن ينكر انفصال العِلْمَين، ويرونه من (الفِصام النَّكِد) كما عبَّر سيد قطب رحمه الله.
قال بعضهم: كان سفيان الثوري، وابن عيينة، وعبد الله بن سنان يقولون: لو كان أحدنا قاضياً لضربنا بالجريد فقيهاً لا يتعلَّم الحديث، ومحدِّثاً لا يتعلَّم الفقه.
ولهذا رأينا الأزهر في تنظيمه الحديث، فقد قسَّم فيه الدراسة الجامعية إلى كليَّات ثلاث: أصول الدين، والشريعة، واللغة العربية.
حاول أن يقرَّ في كلية الشريعة تدريس: الفقه المذهبي والمقارن، وأصول الفقه، وتاريخه، كما تدريس آيات الأحكام وأحاديث الأحكام، دلالة على ما قلناه من ضرورة الاتصال بين الثقافة الفقهية والثقافة الحديثية. وما يدرَّس في الكليات لا يكفي لإعداد مجتهد، ولكن حسبُنا هنا وضع الأُسس. وقد قال حكيمٌ: المدرسة أو الجامعة تعطيك مفاتيح العلم، أما العلم نفسه، ففي المكتبة!
وقد بدأتِ الدراسات العليا في كلية الشريعة بالأزهر من قديم في شعبة أصول الفقه تركِّز على (أصل السنة)، وهي شقيقة القرآن وبيانه، فكتب العلاَّمة عبد الغني عبد الخالق من مصر رسالة عن (حُجيَّة السنة)، وكتب العلاَّمة مصطفي السباعي من سورية رسالة عن (السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي)، ردَّ فيها على المستشرقين، وعلى أحمد أمين، وعلى أبي رَيَّة وأمثاله.
لهذا كان أخونا الدكتور معتز الخطيب موفَّقاً، حين اختار أطروحته حول هذا الموضوع الشائك (ردُّ متن الحديث بين المحدِّثين والأصوليين)، تحت إشراف علاَّمة الحديث صديقنا الأستاذ الدكتور: نور الدين عتر حفظه الله. فلا ريب في أن هذه الدراسة نوع مهمٌّ وضروريٌّ من الربط بين المدرسة الحديثية والمدرسة الأصولية أو الفقهية.
ولا شكَّ في أن للأصوليين سبحاً طويلاً حول السنة، باعتبارها الدليل الثاني للتشريع والأحكام بعد القرآن، لا يختلف في هذا مذهب عن مذهب، ولا أهل طريقة عن أهل طريقة أخرى، أي في طريقة التأليف في الأصول بين طريقة الفقهاء، وطريقة المتكلِّمين، طريقة الحنفيَّة، وطريقة الشافعية ومَن وافقهم من المالكية.
واختار د. معتز أن يكون موضوعه (ردُّ متن الحديث)، لا مجرَّد نقد متن الحديث. والموضوع دسم، والدراسة فيه مركَّزة، وتحتاج من الدارس إلى التعمُّق والتدقيق والصبر والمصابرة، حتى يفهم ويوازن، ثم يرجِّح ويختار.
ومن الباحثين مَن يعتبر المحدِّثين هم الأصل، وإذا نازعهم الأصوليون رجَّح جانبَ المحدِّثين، لا لشيء إلا لأنهم أعلم بالحديث من غيرهم. وهذا منهج غير مُسَلَّم لهم من الناحية المنطقية.
فعلم الأصول هو الذي ينشئ الأُسس، ويضع القواعد اللازمة للاستدلال، وهو الذي يضع كلَّ دليل في مرتبته، ويحكم بينها إذا تعارضت، فهو مقدَّم في الترتيب على علم الفقه، وعلى علم الحديث.
والعمل الذي قام به معتز عمل علميٌّ له وزنه وقدره في تجلية موقف كلٍّ من الفريقين: المحدِّثين والأصوليين، ولا سيما في هذا الموضوع المهم، وهو (ردُّ متن الحديث بين المدرستين).
وقد قام بجهد مشكور في ذلك، لا يقدِّره إلا من مارس شيئاً من هذه الدراسات، ولمس الجهد المضني الذي يعانيه الباحث المخلص، الذي يجهد جهده ويغوص في الأعماق حتى يصل إلى الحقائق ويصفِّيها ويبرزها ناصعة، ويقارن بينها وبين ما يشبهها أو يضادها أو يناقضها، ثم يعرض النتيجة على العلماء ليسقيهم مما في بطونها من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين.
لقد كان إبراز موقف المحدِّثين وموقف الأصوليين، من خلال تأصيل الأحكام وتبيين المواقف وتحليل الأفكار وضرب الأمثلة المتعدِّدة للطرفين ومناقشتها بعقلية ناقدة، جهداً مقدوراً، لا يقوم به إلا مَن وفَّقه الله لخدمة العلم ونُصرة الدين، من الرجال الذين أهدى إليهم الباحث كتابه، وهم «الخلف العدول» الذين الذين ينفون عن علم النبوة «تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين».
والميدان رحب، والأمثلة وفيرة، والمناقشات جادَّة، والانتقادات كثيراً ما تكون حادَّة، ولكنها علمية ونافعة، سواء كانت من المحدِّثين أم من الأصوليين، ولا يتَّسع المجال لذكر القليل منها.
ومما يزيد من قيمتها أنه يعتمد على الكتب الأصلية، وعلى كتب المتقدِّمين، ولا يكتفي بالمتأخرين، ولا يكتفي بكتاب واحد، أو مصدر واحد، أو مدرسة واحدة. ومَن قارن بين بحث معتز وبحوث معاصرة قريبة من موضوعه، لاح له الفرق الشاسع بجلاء.
الحقيقة أن هذه الدراسة مركَّزة ودسمة ومُجهدة، وتستحقُّ أن تُعرض منها على القارئ نماذج ونماذج، ومن هنا أنصح القارئ الكريم الذي يريد حقّاً أن يستفيد من هذه الدراسة: أن يقرأها على مَهَل، وأن ينهل من معينها حتى يرتوي.
شَكَرَ الله لأخينا معتز الخطيب ما قام به من جهد علميٍّ أصيل يقدره أهل العلم، ويعدُّونه من (صُلب) العلم، كما قال الإمام الشاطبي، لا من مُلَحِه. وهو يقوم على الاستيعاب والمناقشة والموازنة والنقد والاختيار، بعيدا عن التعصُّب والانحياز، إلا للحقيقة العلمية الموضوعية، التي تظهر بالبحث المحايد الحرِّ، بحيث نتحيَّر في نهاية البحث: من أيِّ المدرستين هو؟ أهو من المحدِّثين أم من الأصوليين؟
* موضوع المقال هو كتاب بالعنوان ذاته لمعتز الخطيب نشرته الشبكة العربية للدراسات والنشر - بيروت
المصدر:
http://www.daralhayat.com/portalarticlendah/235754
http://www.daralhayat.com/portalarticlendah/235754
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: رد الحديث من جهة المتن: مناهج أهل الرأي وأهل الحديث

وقد وجدت في موقع آخر عرضا لفصول الكتاب (رد الحديث من جهة المتن:...)
وقد تحدَّث الباحث في الفصل الثاني (مقاييس ردِّ الحديث من جهة المتن عند المحدِّثين)، وأورد فيه ستة مباحث هي:

المبحث الأول: التعليل بالتفرُّد.

المبحث الثاني: التعليل بالزيادة

المبحث الثالث: التعليل بالمخالفة.

المبحث الرابع: التعليل بالاختلاف.

المبحث الخامس: التعليل بالغلط.

المبحث السادس: مقاييس أخرى.

كما أورد في الفصل الثالث (مقاييس رد الحديث عند الأصوليين)، قال:

وفيه مدخل ضروريٌّ، وثمانية مباحث هي:

المبحث الأول: مخالفة الحديث للعقل.

المبحث الثاني: مخالفة الحديث للقرآن.

المبحث الثالث: مخالفة للسنة المشهورة.

المبحث الرابع: مخالفة للإجماع.

المبحث الخامس: الانفراد بما جرت العادة على نقله تواترا.

المبحث السادس: ورود الخبر في عموم البلوى.

المبحث السابع: مخالفة الحديث للقياس أو قياس الأصول.

المبحث : مخالفة الحديث للعمل المتوارَث.

وفصَّل في هذين الفصلين الكبيرين الحديث عن معنى (المقياس)، وناقش بعض المعاصرين وكتاباتهم عن المقياس، وضرب أمثلة وفيرة، وناقش مفردات هذه المسائل مناقشة طويلة ومعمَّقة، بحيث لا أستطيع أن أنقل للقارئ شيئا منها، إلا أن يكون طويلا لا يليق بمقدِّمة؛ وذلك لترابط الكلام، واتصال بعضه ببعض.

الحقيقة أن هذه الدراسة مركَّزة ودسمة ومُجهدة، وتستحقُّ أن تُعرض منها على القارئ نماذج ونماذج، ومن هنا أنصح القارئ الكريم الذي يريد حقًّا أن يستفيد من هذه الدراسة: أن يقرأها على مَهَل، وأن ينهل من معينها حتى يرتوي.

 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: رد الحديث من جهة المتن: مناهج أهل الرأي وأهل الحديث

هل من مطَّلع على الكتاب؟
 

حمزة عدنان الشركسي

:: مطـًـلع ::
إنضم
3 يونيو 2011
المشاركات
189
التخصص
اقتصاد إسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: رد الحديث من جهة المتن: مناهج أهل الرأي وأهل الحديث

هل يمكنكم رفع الكتاب على الموقع ؟
لم أقرأ هذا الكتاب ، ولكني قرأت كتاب القرضاوي "كيف نتعامل مع السنة" وتصفحت كتاب الغزالي "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث" .
وحقيقة لابد من التنبيه أولا أن مصادر الاستنباط هي أولا القرآن الكريم ثم السنة النبوية ، فلا نقدم حديثا على آية ، ولا نلوي عنق آية من أجل حديث .
والمسألة هذه تدخل في علم أصول الفقه في باب التعارض والترجيح ، وما ذكره الجمهور والحنفية في كيفية الترجيح بين النصوص المتعارضة ، أضف إلى هذا أن الأصوليين قسموا النصوص إلى قطعي وظني وكل منهما ينقسم إلى قسمين حسب الثبوت والدلالة ، وليس هنالك داعٍ للتذكير بأنه لا يوجد نصان قطعيان تعارضا أما إن كان أحدهما ظني والآخر قطعي الدلالة فنؤول الظني بالقطعي ما أمكن وأما كذلك نؤول الظني إن تعارض مع الظني وهذه طريقة الجمع ، فإن تعذر الجمع لجأنا للترجيح فنرجح بعض النصوص الظنية على بعض أو القطعي على الظني ، فإن تعذر لجأنا للنسخ إن علم التاريخ ، فإن تعذر فيأتي التوقف ، طبعا هذه هي طريقة الجمهور ، أما الحنفية فيلجؤون للنسخ مباشرة ثم الجمع والترجيح ثم التوقف .
هذه هي الطريقة الصحيحة في فهم النصوص المتعارضة ، أما أن نصحح أو نضعف إذا تعارض نصان مباشرة فهذه الطريقة ليست بالمرضية عند العلماء ، لأن التصحيح والتضعيف له قواعده الخاصة ولا علاقة له بالفهم للمتن ، أما ما روي عن بعض المحدثين السابقين من حكم بالوضع على حديث معين لكونه خالف العقلى الصريح ، فهذا نادر جدا وهو حكم بالوضع وليس بالتضعيف ومن المعلوم أن الوضع له شروطه وضوابطه ولا يكون جزافا!
كثيرا ما يستدل بعضهم بأن الحنفية ردوا أحاديث صحيحة وسيدتنا عائشية وعمر ردوا أحاديث كذلك ، والجواب : بأنه فرق بين تضعيف حديث والحكم النهائي عليه وبين عدم قبوله لكونه خالف آية أو حديث قطعيين ، فعدم القبول يأتي من عدم الفهم ، لأن الفهم يختلف من شخص لآخر ومن زمان لآخر ، فقد يأتي عصر لا يستطيع العلماء فيه فهم حديث ثم يأتي عصر آخر يفهم فيه العلماء هذا الحديث .
الخلاصة : أننا ينبغي ألا نكون متسرعين في هذا الباب ، وكما قلت فرق بين عدم قبول حديث وبين تضعيفه ، كما لابد أن أقول كلمة أنه من المعروف أن الحديث نقل بالمعنى ، فإذا وجد مخالفة من لفظ الحديث لنص قطعي فلا نتسرع في الحكم على الحديث ، فقد يحتمل أن يكون الإشكال أتى من كلام أحد الرواة قبل عصر التدوين ويكون معنى الحديث صحيحا ، والله تعالى أعلم .
هذا ما أسعفني فيه فهمي القاصر ، فإن أخطأت من نفسي والشيطان ، وإن أصبت فمن الله تعالى ..
انتظر ردودكم لتصححوني إن أخطأت وبارك الله فيكم ..
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: رد الحديث من جهة المتن: مناهج أهل الرأي وأهل الحديث

هل يمكنكم رفع الكتاب على الموقع ؟
الكتاب ليس لدي ولم تقع عيني عليه؟
لأن التصحيح والتضعيف له قواعده الخاصة ولا علاقة له بالفهم للمتن
أخالفك في هذا شيخنا الكريم. والكتاب في أساسه وضع لدحض هذه الفكرة.
النظر في متن الحديث هو أول ما يلفت نظر المحدث الناقد عند نقده الحديث، فإذا وجد فيه غرابة أو نكارة بحث له عن علة حتى لو كان رواته ثقات. وكم من حديث صحيح من حيث الإسناد، ولكن متنه منكر أو شاذ. والأمثلة في هذا كثيرة. وقد كُتبت كتب كثيرة تبين جهود المحدثين في نقد المتون.
الفقهاء (مدرسة العراق ومدرسة الحجاز) لهم مقاييس في التصحيح والتضعيف، ومن ثم قبول الحديث والعمل به، تختلف عن مقاييس المحدثين، وهذا على ما أظن هو ما أراد مؤلِّف الكتاب أن يبينه.
الفقهاء (مدرسة العراق ومدرسة الحجاز) يقبلون الحديث المرسل بخلاف المحدثين، ولعله أول من أنكر العمل بالمرسل من الفقهاء الإمام الشافعي، رحمه الله تعالى، كما قال أبو داود
الحنفية يشترطون في الحديث أن لا يكون إيجابا أو تحريما في موضوع تعم به البلوى، ووافقهم المالكية على هذا الأصل على نحو مختلف قليلا تحت مسمى رد الآحاد إذا خالف عمل أهل المدينة
الحنفية والمالكية يردون الأحاديث الآحادية إذا عارضت أصولا عامة عندهم، سواء اعتمدت على عمومات القرآن أو القواعد الكلية المستقرأة من نصوص شتى، والمحدثون يرفضون ذلك
الفقهاء يأخذون بالحديث الضعيف إذا كان عليه عمل السلف.
 

حمزة عدنان الشركسي

:: مطـًـلع ::
إنضم
3 يونيو 2011
المشاركات
189
التخصص
اقتصاد إسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: رد الحديث من جهة المتن: مناهج أهل الرأي وأهل الحديث

جزاك الله خيرا يا شيخنا على هذه الفائدة ...
لكن ألا ترى معي أنه إذا اختلف أصحاب كل فن في موضوع معين ، فيرجع في هذا الموضوع إلى أصحابه .
وموضوع التصحيح والتضعيف هو من تخصص علماء الحديث ، نعم وضع الحنفية والمالكية شروطا لقبول الحديث ، ولكن هذه الشروط قصدوا بها متى نفتي بالحديث وكيف نفقه حديث الآحاد، ولا علاقة له بموضوع التصحيح والتضعيف المعروف عند المحدثين ، بدليل أن متأخري الحنفية من المحدثين كانوا يضعفون ويصححون الأحاديث على منهج المحدثين ، ثم إذا تكلموا في فقه الحديث أعلموا أصول الحنفية .
فالقضية بأن هنالك فرق بين فقه الحديث والتثبت من الحديث ، فالأول يرجع فيه إلى الأصوليين والثاني إلى المحدثين .
ولو ضربنا مثالا على الاختلاف بين الفقهاء والمحدثين ، فتعريف الصحابي مثلا من المعروف أنها قضية خلافية بين المدرستين ، فالمحدثين عندما وسعوا مفهوم الصحابي كان قصدهم من جهة الجرح والتعديل لأن الصحابة كلهم عدول ، وبعض الفقهاء عندما ضيق هذا المفهوم كان قصده من جهة قبول فقه الحديث إذا خالف الأصول الثابتة ، فعلى هذا أظن أن الخلاف ليس خلافا حقيقيا بل هو اختلاف كل مدرسة في جهة نظرها .
النظر في متن الحديث هو أول ما يلفت نظر المحدث الناقد عند نقده الحديث، فإذا وجد فيه غرابة أو نكارة بحث له عن علة حتى لو كان رواته ثقات. وكم من حديث صحيح من حيث الإسناد، ولكن متنه منكر أو شاذ. والأمثلة في هذا كثيرة. وقد كُتبت كتب كثيرة تبين جهود المحدثين في نقد المتون.
موضوع الغرابة والنكارة والشذوذ قضية ذات علاقة بالتثبت ، فإذا خالف رجل ولو ثقة الثقات الآخرين في لفظة أو أكثر وترتب عليها تغييرا في الحكم هنا يأتي عمل المحدث ، فالأصل عند المحدثين هو الموافقة والمتابعة وعدم التفرد فإذا جاء تفرد بدأ المحدث يبحث في علم العلل ، طبعا ليس بالضرورة أن كل تفرد موجب لضعف الحديث وهنالك شروط لذلك ، ومنهج المتقدمين في ذلك أدق من متأخري علماء الحديث ، لأن المتأخرين له قواعد وساروا عليها بخلاف المتقدمين الذين كان لهم منهج بحثي في الراوي نفسه وفي رواياته الأخرى وفي كثرة متابعاته لغيره وموافقته لهم،والله أعلم .
الخلاصة : أننا إن أردنا فقه الحديث فعلينا بعلم أصول الفقه ، وبه يتبين الحديث الذي يعارض نصا أقوى منه ، وهل كل معارضة موجبة للرد أم لا؟
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: رد الحديث من جهة المتن: مناهج أهل الرأي وأهل الحديث

جزاك الله خيرا يا شيخنا على هذه الفائدة ...
وجزاكم بمثل ما دعوتم لنا وزيادة ففوائدكم أكثر وأتم
لكن ألا ترى معي أنه إذا اختلف أصحاب كل فن في موضوع معين ، فيرجع في هذا الموضوع إلى أصحابه .
وموضوع التصحيح والتضعيف هو من تخصص علماء الحديث ، نعم وضع الحنفية والمالكية شروطا لقبول الحديث ، ولكن هذه الشروط قصدوا بها متى نفتي بالحديث وكيف نفقه حديث الآحاد، ولا علاقة له بموضوع التصحيح والتضعيف المعروف عند المحدثين
أخي الفاضل الفصل بين صحة الحديث وقبوله شيء ممتاز لكنه مثالي وغير واقعي إلى حد كبير. فالمحدثون متى صح الحديث عندهم فهم لا يقبلون رده لعموم البلوى أو مخالفة الأصول أو عمل أهل المدينة وغير ذلك. الصحة تعني عندهم القبول. وبعد القبول إما العمل بظاهره أو تأويله تأويلا مستساغا لقرينة كمعارضة حديث آخر أو نصا قطعيا من القرآن. ولذلك كثرت انتقادات المحدثين لأهل الرأي بسبب رد العمل بالأحاديث الصحيحة وكلامهم في أبي حنيفة لهذا السبب لا يخفى روى أحمد عن حماد بن سلمة قال: "إن أبا حنيفة استقبل الآثاروالسنن يردها برأيه" وروي نحو هذا الكلام عن سفيان بن عيينة وغيره. قال ابن عبد البر: "أفرط أصحاب الحديث في ذمِّ أبي حنيفة وتجاوزوا الحدَّ في ذلك، والسبب الموجب لذلك عندهم: إدخاله الرأي والقياس على الآثار واعتبارهما. وأكثر أهل العلم يقولون: إذا صحَّ الأثر بطل القياس والنظر. وكان ردُّه لما ردَّ من أخبار الآحاد بتأويل محتمل. وكثير منه قد تقدَّمه إليه غيره، وتابعه عليه مثله ممن قال بالرأي. وجُل ما يوجد له من ذلك، ما كان منه اتِّباعا لأهل بلده، كإبراهيم النخعي، وأصحاب ابن مسعود"أهـ وقال أيضا: "كثير من أهل الحجاز استجازواالطعن على أبي حنيفة لرده كثيراً من أخبار العدول، لأنه كان يذهب في ذلك إلى عرضهاعلى ما أجمع عليه من الأحاديث ومعاني القرآن، فما شذ عن ذلك رده وسماه شاذاً"أهـ، وكذا انتقدوا مالكا على تركه كثيرا من الأحاديث بسبب الرأي، ولما قيل لابن أبي ذئب إن مالكا لا يأخذ بحديث الخيار دعا إلى استتابته.
نعم المحدثون الفقهاء لا سيما أتباع المذاهب كالطحاوي والبيهقي وابن خزيمة وغيرهم يسلمون لأئمتهم أئمة الفقه، لكن كثيرا من أهل الحديث قديما وحديثا لا يتبعون أئمة الفقه إلا ـ ربما ـ فيما لا يجدوا فيه سنة كما كان ابن معين يقول ربما استحسنا القول ببعض ما يقول به أبو حنيفة. فهم لهم فقهم الخاص وطريقتهم الخاصة التي تدنو من طريقة الظاهرية وإن كانت أوسع منها. وكثير منهم كان على مذهب أحمد في الفقه أو الشافعي، وهما ـ رضوان الله عليهم ـ يوافقون أهل الحديث بأن الحديث الصحيح لا يرد بسبب ظاهر القرآن أو عموم البلوى أو عمل أهل المدينة، ولذلك سموا الشافعي بناصر الحديث وقال محمد بن الحسن: إن تكلم أصحاب الحديث يوما فبلسان الشافعي. وعليه يظل النزاع قائما بين أهل الرأي (مالكية وحنفية) وأهل الحديث (المحدثون ومن تكلم بلسانهم من الفقهاء كالشافعي وأحمد) في أن صحة الحديث وحدها تستلزم قبوله والعمل به إذا لم يعارضه حديث آخر أو لا بد من إضافة شروط أخرى.
فتعريف الصحابي مثلا من المعروف أنها قضية خلافية بين المدرستين ، فالمحدثين عندما وسعوا مفهوم الصحابي كان قصدهم من جهة الجرح والتعديل لأن الصحابة كلهم عدول ، وبعض الفقهاء عندما ضيق هذا المفهوم كان قصده من جهة قبول فقه الحديث إذا خالف الأصول الثابتة ، فعلى هذا أظن أن الخلاف ليس خلافا حقيقيا بل هو اختلاف كل مدرسة في جهة نظرها .
الظاهر أن الخلاف بينهم حقيقي في ذلك يتوقف على تفسير الأدلة التي جاءت بتعديل الصحابي على من تُحمل. وكلمة الصحابي نفسها هل المراد بها مدلولها اللغوي، أي مطلق من صحب إنسانا ولو ساعة مثلا، أو المراد مدلولها العرفي وهو من تكثر ملازمته ويختص بصاحبه كالصديق بصديقه. وأثر الخلاف بينهم لا يظهر في التصحيح والتضعيف لأن مالكا وأبا حنيفة يقبلان المرسل مع أنه يحتمل أن يكون عن تابعي فكيف لا يقبلان عمن كان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه قد يظهر في حجية قول الصحابي كما يقول بذلك مالك وأبو حنيفة. ويوجد في هذا الملتقى موضوع ناقش فيه الإخوة جانبا من الخلاف في تعريف الصحابي بين الأصوليين والمحدثين ولكن الموضوع، في نظري، ما يزال بحاجة إلى مزيد من البحث والنقاش.

موضوع الغرابة والنكارة والشذوذ قضية ذات علاقة بالتثبت ، فإذا خالف رجل ولو ثقة الثقات الآخرين في لفظة أو أكثر وترتب عليها تغييرا في الحكم هنا يأتي عمل المحدث ، فالأصل عند المحدثين هو الموافقة والمتابعة وعدم التفرد فإذا جاء تفرد بدأ المحدث يبحث في علم العلل
هذا هو المفهوم الضيق للشذوذ. أما الشذوذ بالمفهوم الواسع فهو أن يخالف منقولُ الراوي أدلةَ الشرع الأخرى كالقرآن أو القواعد العامة التي يسميها الفقهاء بالأصول أو العقل القطعي أو التاريخ الثابت أو الحس. وهذا للمحدثين فيه مشاركة لكنها ليست بذلك الاتساع. أما الشذوذ بالمفهوم الضيق فهذا قد حلقوا فيه. والمتقدمون، كما تفضلت، أمكن من المتأخرين في ذلك.
والله أعلم.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: رد الحديث من جهة المتن: مناهج أهل الرأي وأهل الحديث

ولكن الموضوع، في نظري، ما يزال بحاجة إلى مزيد من البحث والنقاش.
ليرفع إذن وليكمل
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: رد الحديث من جهة المتن: مناهج أهل الرأي وأهل الحديث

هذا هو المفهوم الضيق للشذوذ. أما الشذوذ بالمفهوم الواسع فهو أن يخالف منقولُ الراوي أدلةَ الشرع الأخرى كالقرآن أو القواعد العامة التي يسميها الفقهاء بالأصول أو العقل القطعي أو التاريخ الثابت أو الحس. وهذا للمحدثين فيه مشاركة لكنها ليست بذلك الاتساع. أما الشذوذ بالمفهوم الضيق فهذا قد حلقوا فيه. والمتقدمون، كما تفضلت، أمكن من المتأخرين في ذلك.
نوافقكم دكتورنا الفاضل على أن مفهوم المحدثين أضيق من المفهوم الذي أوردتموه ، لكن لم يكن المحدثون غافلين عنه ، فقد عاصروا المتكلمين الذين تبجحوا بدعوى رد النصوص المخالفة لقطعيات العقل ، مع اختلافهم في هذه العقليات بحيث يستحيل معه الوفاق حتى أكفر بعضهم بعضاً ، وهذا في أصول الدين التي ينبغي أن يعدم فيها الاختلاف لأن معظم أدلتها عند المتكلمين عقلية يقينية ، زعموا ، وتالله كذبوا.
لذا فالأسلم الجري على المفهوم الضيق ورد ذاك الواسع ، ويكفيك أن تنظر إلى المذاهب الفقهية لترى كل فقيه يرد حديث بدعوى مخالفته الأصول مع أن غيره من الفقهاء يقبله ، ولا أدل عليه مما ذكرتم في حديث (البيعان بالخيار) فقد ادعى غير إمام أن هذا الحديث مخالف للقرآن ومردود به.
فبأي عقل نزنه ، وعلى أي أصل ننزله.
وهنا تنبيه : معظم الأحاديث التي يريد مخالفوها ردها من تمعن فيها وجدها لا تقبل الرد ، ومنها حديث البيعان بالخيار ، فإنه قد رواه عبدالله بن عمر بأسانيد ذهبية وعمرو بن العاص وأبي هريرة وغيرهم ، ثم الرواة عنهم أكثر ، بحيث لو ادعى أحدهم فيه التواتر لما أبعد.
ثم إذا تفكرت في هؤلاء الرواة وأنها ليسوا سطور ولا هم جنس آخر من المخلوقات إسمه رواة أو أسانيد ، بل هم أناس مشوا على الأرض أكلوا وشربوا وخالطوا الناس وفارقوهم ، ثم إذ تفكرت في مرويهم بأن هذا الحديث مثلاً نقله جماعة كثيرون عن سفيان بن عيينة ومالك بن أنس وهم بشر اشتهروا بين الناس بالثقة والتدين وهؤلاء سمعوه من فلان الذي عاش في زمن كذا ومات في زمن كذا ومثله فلان وفلان ، أبت عليك نفسك أن تصدق أن هؤلاء كذبوا ، أو أخطأوا جميعاً فاتفقوا في الخطأ ، وتجد النفس تميل إلى اليقين أو الإطمئنان بقولهم ما لا تطمئن من قبول آراءهم.
وأذا جاز أن يُدعى في حديث مثل هذا وقد تلقته الأمة بالقبول من جهة صحته ، أنه شاذ ، فما الذي يسلم من الحديث ؟
وفي الوقت الذي أتحسر فيه على ما يصيب الحديث من آفات آرائية ، أنا متأكد كل التأكد أن في رجال العصر من يرى الحديث عقبة كأود في طريق تمدن المسلمين وتعصرنهم في نظره ، يريد أن يهدمه ما استطاع إلى ذلك سبيلا ليخلي الطريق أمام عقله ، ليجتهد ـ بزعمه ـ من غير خوف من تقريع الأحاديث له ، فالأحاديث الآحادية ظنية والعقل يقيني ، الحديث دليل فرعي والمقاصد أدلة أصولية ، الحديث محصور بزمانه ومكانه ، والاجتهاد مطلق في كل زمان ومكان ، فلنرد الأحاديث أن خالفت القرآن أو القياس أو الأصول الكلية أو المصلحة أو الاجتهاد اليقيني ، أو ما دام محتملاً ، أو نقصره على علته أو أو أو.
وبدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ
وسيأتي زمان على الناس لا يعرفون فيه إلا لا إله إلا الله
وكيف يكون ذاك إذا بقيت هذه السنن ، وكيف تبقى أن اخترعنا كل يوم طريق نرد به بعضها.
إن التقليد الأعمى أحب إلي من هذه الاجتهادات العمياء
وقد تكلم المحديث عما يقبل به الحديث من جهة النقل.
وتكلم الأصوليون عما يرد به الحديث من جهة الفقه.
فما الداعي لنتنطع نحن ونبتكر جديداً لو كان صواباً وجب أن يكون في كلام من قبلنا لأن الأمة لا تجمع على باطل ، ومن الباطل أن تغفل عن طرق معرفة الثابت عن نبيها من الباطل.
وإن لم يكن ثم جديد ، فما الداعي له.
ولم يكن هناك مدرسة حديث عراقية وأخرى حجازية أو ما أدري من أي بلاد هي ، فإن من العراقيين سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج وشريك بن عبدالله وأحمد بن حنبل وغيرهم ، وكلهم خالف أبا حنيفة وجرى على مناهج المحدثين ، وما ينقل من اعتذارات للأمة عن ردهم بعض الأحاديث لو أمعنت فيها لوجدت أكثرها لم يقله الأئمة ، بل هي تمحلات من أتباعهم من بعد ليدفعوا الشناعة عن متبوعهم.
والخير كل الخير في اتباع من سلف ، والشر كل الشرع في ابتداع من خلف
والله أعلم
و
 

حمزة عدنان الشركسي

:: مطـًـلع ::
إنضم
3 يونيو 2011
المشاركات
189
التخصص
اقتصاد إسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: رد الحديث من جهة المتن: مناهج أهل الرأي وأهل الحديث

جزالك الله خيرا يا دكتور أيمن
فعلا الإشكال الذي كان في العصور الأولى بدأ بالتولد في هذا العصر ، لكن الغريب أن ما بعد الأئمة الأربعة لم يعد هذا الخلاف ، يبدو أن العلوم استقرت ، وعلم أصول الفقه قد نقح وهذب ، وأصبح الجميع يعرف مدرك كل إمام ، نعم وجد حالات كثيرة من التعصب المذهبي للأسف .
حقيقة لابد للمدرسة الظاهرية والمدرسة المقاصدية في هذا العصر أن تراجع نفسها ، وأن لا يتكلم أي شخص إلا في تخصصه ، فالمحدث يتكلم في التوثيق ، والفقيه يتكلم في الفهم ، إلا من أعانه الله تعالى على الجمع بين الأمرين ، ومن أفضل من جمع بين الأمرين في هذا العصر العلامة الشيخ محمد الحسن الددو ، وأنا ادعو كل طالب علم لمتابعة برامجه الحالية "مفاهيم" أو السابقة "فقه العصر".
ومن العجيب أن تجد أن الأئمة الستة في الحديث يتبع كل واحد منهم إماما في الفقه إلا البخاري فقد بلغ الاجتهاد المطلق ، إذن فلا حرج أن يتبع إمام في الحديث إماما في الفقه ، والله تعالى أعلم .
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: رد الحديث من جهة المتن: مناهج أهل الرأي وأهل الحديث

نوافقكم دكتورنا الفاضل على أن مفهوم المحدثين أضيق من المفهوم الذي أوردتموه ، لكن لم يكن المحدثون غافلين عنه ، فقد عاصروا المتكلمين الذين تبجحوا بدعوى رد النصوص المخالفة لقطعيات العقل ، مع اختلافهم في هذه العقليات بحيث يستحيل معه الوفاق حتى أكفر بعضهم بعضاً ، وهذا في أصول الدين التي ينبغي أن يعدم فيها الاختلاف لأن معظم أدلتها عند المتكلمين عقلية يقينية ، زعموا ، وتالله كذبوا.
لذا فالأسلم الجري على المفهوم الضيق ورد ذاك الواسع
المقدمة المذكورة لا تستلزم النتيجة التي قررتموها.
نعم لا ترد الآثار الصحيحة الثابتة لمخالفتها مقررات المتكلمين العقلية، حتى لو ادعوا فيها اليقين، ولكن ليس هذا هو السبب في رد الحنفية والمالكية لبعض النصوص أو تكلف تأويلها. والنقاش إنما هو في رد الفقهاء لبعض النصوص لا المتكلمين.
ويكفيك أن تنظر إلى المذاهب الفقهية لترى كل فقيه يرد حديث بدعوى مخالفته الأصول مع أن غيره من الفقهاء يقبله ، ولا أدل عليه مما ذكرتم في حديث (البيعان بالخيار) فقد ادعى غير إمام أن هذا الحديث مخالف للقرآن ومردود به.
فبأي عقل نزنه ، وعلى أي أصل ننزله.
من لم يقل بخيار المجلس من الفقهاء لم يرد الحديث و يكذب نقلته وإنما تأول التفرق الوارد فيه بتفرق الكلام (الخلاف)، وعندهم أدلة دفعتهم لهذا التقرير تنظر في مظانها.
وهنا تنبيه : معظم الأحاديث التي يريد مخالفوها ردها من تمعن فيها وجدها لا تقبل الرد ، ومنها حديث البيعان بالخيار ، فإنه قد رواه عبدالله بن عمر بأسانيد ذهبية وعمرو بن العاص وأبي هريرة وغيرهم ، ثم الرواة عنهم أكثر ، بحيث لو ادعى أحدهم فيه التواتر لما أبعد.
هذه دعوى لا يكفي فيها إرسال الكلام وإنما تحتاج إلى استقراء وإحصاء، والتفريق في الأحاديث بين ما كان منها مشهورا وما تفرد به بعض الثقات مع عدم ثبوت العمل أو الفتوى بمقتضاه من قبل الصحابة والتابعين. وكذا بين ما رده الفقهاء من هذه الأحاديث بدعوى النسخ أو الضعف من غير براهين كافية، وما تأولوه تأويلا محتملا في الجملة وإن كان يبدو ضعيفا.
ثم إذا تفكرت في هؤلاء الرواة وأنها ليسوا سطور ولا هم جنس آخر من المخلوقات إسمه رواة أو أسانيد ، بل هم أناس مشوا على الأرض أكلوا وشربوا وخالطوا الناس وفارقوهم ، ثم إذ تفكرت في مرويهم بأن هذا الحديث مثلاً نقله جماعة كثيرون عن سفيان بن عيينة ومالك بن أنس وهم بشر اشتهروا بين الناس بالثقة والتدين وهؤلاء سمعوه من فلان الذي عاش في زمن كذا ومات في زمن كذا ومثله فلان وفلان ، أبت عليك نفسك أن تصدق أن هؤلاء كذبوا ، أو أخطأوا جميعاً فاتفقوا في الخطأ ، وتجد النفس تميل إلى اليقين أو الإطمئنان بقولهم ما لا تطمئن من قبول آراءهم.
يا شيخ وضاح رد الحديث الصحيح من قبل الفقهاء، كما لا يخفاكم، ليس تكذيبا للراوي جزما ولا حتى تخطئة له أحيانا. فقد يغلب على الفقيه ظن النسخ أو المعارضة لظواهر القرآن أو ما انتشر من فعل السلف، فيقدمه على خبر الآحاد مع تأويل هذا الخبر في الغالب إذا كان محتملا. وهذه التصرفات قد لا يفهمها المحدِّثون فيسارعون إلى الإنكار. وأشد من ذلك خفاء على المحدثين أن يثبت أصل لدى الفقيه مستقرأ من أدلة ظنية كثيرة فيأتي خبر الواحد على خلاف هذا الأصل فيوازن الفقيه بينهما حتى إذا لم يجد تصريفا للحديث بتأويله أو إدراجه تحت أصل آخر رد الحديث ولم يعمل به معتبرا إياه شاذا.
وهذا المنهج في التعامل مع أخبار الآحاد ليس بدعا من العمل أحدثه مالك وأبو حنيفه، بل هو منهج راسخ منذ أيام الصحابة في التعامل الحذر والمتيقظ مع أخبار الآحاد. ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم، لما شك في خطأ الصحابي قال متثبتا: "أصدق ذو اليدين؟"، وكذلك فعل أبو بكر في خبر توريث الجدة، ولم يقبل عمر بخبر أبي موسى في الاستئذان حتى أحضر شاهدا، ورد خبر فاطمة بنت قيس في السكنى والنفقة لظاهر القرآن، وكذلك صنعت عائشة وتأولت قصة فاطمة، وكذا قالت بخطأ عمر وابنه رضي الله عنهما: في حديث إن الميت ليعذب ببكاء أهله، لظاهر قوله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، وردت خبر ابن عمر أن النبي صلى الله اعتمر في رجب، فقالت والله ما اعتمر في رجب قط، وأن ابن عمر كان معه فسكت ابن عمر، وخطأت روايته لحديث الشهر تسع وعشرون وقالت إنما قال: الشهر قد يكون تسعا وعشرين. وردت خبر من زعموا أن محمدا رأى ربه لظاهر القرآن، واعترضت على خبر أبي سعيد بمنع سفر المرأة إلا بمحرم، وقالت ما كلهن لهن ذو محرم. وقالت في حديث الطيرة في ثلاث: كذب من روى هذا. وكذا انتقد ابن عباس خبر أبي هريرة في إيجاب الوضوء مما غيرت النار وقال أنتوضأ من الدهن؟ أنتوضأ من الحميم؟، فقال له أبو هريرة لا تضرب للحديث الأمثال. وكذا تأول خبرَ جمعٍ من الصحابة في تحريم لحوم الحمر الأهلية، وتعلل بآية الأنعام، وكذا أنكر أبو أيوب حديث تحريم النار على من قال لا إله إلا الله، وقال للراوي: ما أظن قال هذا رسول الله قط. وكذا أنكر معاوية حديث سيكون ملك من قحطان، ورُوي عن الزبير قولُه لرجل روى حديثا : "هل سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . قال : صدقت، ولكنك كنت يومئذ غائبا ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن رجال من أهل الكتاب فجئت في آخر الحديث ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث ، فحسبت أنه يحدث عن نفسه، هذا ومثله يمنعنا من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" . وكذا عن زيد بن ثابت أنه قال لرافع بن خديج في روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن كراء المزارع ، قال زيد بن ثابت : يغفر الله لرافع بن خديج أنا - والله - أعلم بالحديث منه ، إنما أتاه رجلان - قال مسدد:من الأنصار - ثم اتفقا قد اقتتلا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع) ، زاد مسدد: فسمع قوله (لا تكروا المزارع).
فهذا وغيره يدلان على تشدد الصحابة وتوثقهم من رواية الآحاد، متى عرض فيها شك، كمعارضة لظاهر القرآن أو ما اشتهر من العمل أو ما تعم به البلوى وغير ذلك. مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا كان في أسانيد هي عالية جدا، ومن الناقل عن النبي مباشرة، ومن أوثق الناس وأعدلهم وهم الصحابة، فما بالك بعد ذلك بأحاديث رواها أربعة أو خمسة واحدا عن واحد، وأكثرهم كان يروي بالمعنى، ويُروى الحديث، في الغالب، قولا مرسلا مقطوعا عن سببه ووقته والظروف التي قيل فيها. ومن هنا كثر اختلاف الحديث، حتى احتاج إلى الصيارفة من الفقهاء فيبينوا ما عليه العمل مما لا يعمل به، حتى قال مالك: "سمعت من ابن شهاب أحاديث كثيرة، ما حدّثت بها قط، ولا أحدّث بها". فقيل له: لم؟ فقال: "ليس عليها العمل"! وقال ابن وهب : "الحديث مضلة إلا للفقهاء". وقال: "لولا مالك والليث لضللت"، وجاء في ترجمة عيسى بن أبان الحنفي الإمام: قال محمد بن سماعة: كان عيسى بن أبان حسن الوجه، وكان يصلي معنا، وكنت أدعوه إلى أن يأتي محمد بن الحسن، فيقول: هؤلاء قوم يخالفون الحديث. وكان عيسى حسن الحفظ للحديث، فصلى معنا يوما الصبح، فكان يوم مجلس محمد، فلم أفارقه حتى جلس في المجلس، فلما فرغ محمد أدنيته إليه، وقلت له: هذا ابن أخيك أبان بن صدقة الكاتب، ومعه ذكاء ومعرفة بالحديث، وأنا أدعوه إليك، فيأبى، ويقول: إنا نخالف الحديث. فأقبل عليه، وقال له: يا بني ما الذي رأيتنا نخالفه من الحديث؟ لا تشهد علينا حتى تسمع منا. فسأله يومئذ عن خمسة وعشرين بابًا من الحديث، فجعل محمد بن الحسن يجيبه عنها، ويخبره بما فيها من المنسوخ، ويأتي بالشواهد والدلائل، فالتفت إليَّ بعدما خرجنا، فقال: كان بيني وبين النور ستر، فارتفع عني، ما ظننت أن في ملك الله مثل هذا الرجل يظهره للناس. ولزم محمد بن الحسن لزومًا شديدًا حتى تفقَّه.
والخلاصة هنا هي أن الفقهاء إذ لم يأخذوا ببعض أخبار الآحاد فإنما ذلك لريبة حدثت لهم في الحديث لا من حيث أمانة النقلة وعدالتهم وإنما لأسباب أخرى مختلفة عرضت لهم: أصابوا في ذلك أو أخطأوا، وهم في العموم معظمون للحديث وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم. ومن ظن فيهم غير ذلك فهو مخطئ.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: رد الحديث من جهة المتن: مناهج أهل الرأي وأهل الحديث

نعم لا ترد الآثار الصحيحة الثابتة لمخالفتها مقررات المتكلمين العقلية، حتى لو ادعوا فيها اليقين، ولكن ليس هذا هو السبب في رد الحنفية والمالكية لبعض النصوص أو تكلف تأويلها. والنقاش إنما هو في رد الفقهاء لبعض النصوص لا المتكلمين.
وما الفرق ، ولماذا إذا ادعى المتكلمون أن الحديث مخالف لليقين العقلي نرفضه وإذا خالف الفقيه نقبل ؟
أنا إنما أردت هنا التنبيه بالأولى ، فإنه إن جاز للمتكلم أن يدعي مخالفة الآحاد لليقين في مسألة عقدية ثم نخطئه مع ذلك ، فمن ادعى المخالفة في مسألة مرفعية أولى بالتخطئة.

من لم يقل بخيار المجلس من الفقهاء لم يرد الحديث و يكذب نقلته وإنما تأول التفرق الوارد فيه بتفرق الكلام (الخلاف)، وعندهم أدلة دفعتهم لهذا التقرير تنظر في مظانها.
قد جمعنا بعض ذلك في (حل إشكالات ابن الفخار) ولا يشترط في رد الحديث تكذيب نقلته ، بل يكفي التصريح بأنه آحادي معارض للأصول ، فإنه إن كان يفيد عند من رده أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله ، ما رده بهذا الجواب ، ولكنه يجوز أن يكون الراوي وهم أو أخطأ أو كذب ، بحسب ما يبلغ به اجتهاده.

هذه دعوى لا يكفي فيها إرسال الكلام وإنما تحتاج إلى استقراء وإحصاء،
نعم صدقتم وأحسنتم ، قد استعجلتُ في دعاوي هذه ، نسأل الله المغفرة والمعونة
لكن ما رأيته أثناء النظر في كتب الخلاف أن هذا كثير ليس بالقليل ـ في الأحاديث المختلف فيها ـ

يا شيخ وضاح رد الحديث الصحيح من قبل الفقهاء، كما لا يخفاكم، ليس تكذيبا للراوي جزما ولا حتى تخطئة له أحيانا. فقد يغلب على الفقيه ظن النسخ أو المعارضة لظواهر القرآن أو ما انتشر من فعل السلف، فيقدمه على خبر الآحاد مع تأويل هذا الخبر في الغالب إذا كان محتملا. وهذه التصرفات قد لا يفهمها المحدِّثون فيسارعون إلى الإنكار. وأشد من ذلك خفاء على المحدثين أن يثبت أصل لدى الفقيه مستقرأ من أدلة ظنية كثيرة فيأتي خبر الواحد على خلاف هذا الأصل فيوازن الفقيه بينهما حتى إذا لم يجد تصريفا للحديث بتأويله أو إدراجه تحت أصل آخر رد الحديث ولم يعمل به معتبرا إياه شاذا.
وهذا المنهج في التعامل مع أخبار الآحاد ليس بدعا من العمل أحدثه مالك وأبو حنيفه، بل هو منهج راسخ منذ أيام الصحابة في التعامل الحذر والمتيقظ مع أخبار الآحاد. ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم، لما شك في خطأ الصحابي قال متثبتا: "أصدق ذو اليدين؟"، وكذلك فعل أبو بكر في خبر توريث الجدة، ولم يقبل عمر بخبر أبي موسى في الاستئذان حتى أحضر شاهدا، ورد خبر فاطمة بنت قيس في السكنى والنفقة لظاهر القرآن، وكذلك صنعت عائشة وتأولت قصة فاطمة، وكذا قالت بخطأ عمر وابنه رضي الله عنهما: في حديث إن الميت ليعذب ببكاء أهله، لظاهر قوله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، وردت خبر ابن عمر أن النبي صلى الله اعتمر في رجب، فقالت والله ما اعتمر في رجب قط، وأن ابن عمر كان معه فسكت ابن عمر، وخطأت روايته لحديث الشهر تسع وعشرون وقالت إنما قال: الشهر قد يكون تسعا وعشرين. وردت خبر من زعموا أن محمدا رأى ربه لظاهر القرآن، واعترضت على خبر أبي سعيد بمنع سفر المرأة إلا بمحرم، وقالت ما كلهن لهن ذو محرم. وقالت في حديث الطيرة في ثلاث: كذب من روى هذا. وكذا انتقد ابن عباس خبر أبي هريرة في إيجاب الوضوء مما غيرت النار وقال أنتوضأ من الدهن؟ أنتوضأ من الحميم؟، فقال له أبو هريرة لا تضرب للحديث الأمثال. وكذا تأول خبرَ جمعٍ من الصحابة في تحريم لحوم الحمر الأهلية، وتعلل بآية الأنعام، وكذا أنكر أبو أيوب حديث تحريم النار على من قال لا إله إلا الله، وقال للراوي: ما أظن قال هذا رسول الله قط. وكذا أنكر معاوية حديث سيكون ملك من قحطان، ورُوي عن الزبير قولُه لرجل روى حديثا : "هل سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . قال : صدقت، ولكنك كنت يومئذ غائبا ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن رجال من أهل الكتاب فجئت في آخر الحديث ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث ، فحسبت أنه يحدث عن نفسه، هذا ومثله يمنعنا من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" . وكذا عن زيد بن ثابت أنه قال لرافع بن خديج في روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن كراء المزارع ، قال زيد بن ثابت : يغفر الله لرافع بن خديج أنا - والله - أعلم بالحديث منه ، إنما أتاه رجلان - قال مسدد:من الأنصار - ثم اتفقا قد اقتتلا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع) ، زاد مسدد: فسمع قوله (لا تكروا المزارع).
فهذا وغيره يدلان على تشدد الصحابة وتوثقهم من رواية الآحاد، متى عرض فيها شك، كمعارضة لظاهر القرآن أو ما اشتهر من العمل أو ما تعم به البلوى وغير ذلك. مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا كان في أسانيد هي عالية جدا، ومن الناقل عن النبي مباشرة، ومن أوثق الناس وأعدلهم وهم الصحابة، فما بالك بعد ذلك بأحاديث رواها أربعة أو خمسة واحدا عن واحد، وأكثرهم كان يروي بالمعنى، ويُروى الحديث، في الغالب، قولا مرسلا مقطوعا عن سببه ووقته والظروف التي قيل فيها. ومن هنا كثر اختلاف الحديث، حتى احتاج إلى الصيارفة من الفقهاء فيبينوا ما عليه العمل مما لا يعمل به، حتى قال مالك: "سمعت من ابن شهاب أحاديث كثيرة، ما حدّثت بها قط، ولا أحدّث بها". فقيل له: لم؟ فقال: "ليس عليها العمل"! وقال ابن وهب : "الحديث مضلة إلا للفقهاء". وقال: "لولا مالك والليث لضللت"، وجاء في ترجمة عيسى بن أبان الحنفي الإمام: قال محمد بن سماعة: كان عيسى بن أبان حسن الوجه، وكان يصلي معنا، وكنت أدعوه إلى أن يأتي محمد بن الحسن، فيقول: هؤلاء قوم يخالفون الحديث. وكان عيسى حسن الحفظ للحديث، فصلى معنا يوما الصبح، فكان يوم مجلس محمد، فلم أفارقه حتى جلس في المجلس، فلما فرغ محمد أدنيته إليه، وقلت له: هذا ابن أخيك أبان بن صدقة الكاتب، ومعه ذكاء ومعرفة بالحديث، وأنا أدعوه إليك، فيأبى، ويقول: إنا نخالف الحديث. فأقبل عليه، وقال له: يا بني ما الذي رأيتنا نخالفه من الحديث؟ لا تشهد علينا حتى تسمع منا. فسأله يومئذ عن خمسة وعشرين بابًا من الحديث، فجعل محمد بن الحسن يجيبه عنها، ويخبره بما فيها من المنسوخ، ويأتي بالشواهد والدلائل، فالتفت إليَّ بعدما خرجنا، فقال: كان بيني وبين النور ستر، فارتفع عني، ما ظننت أن في ملك الله مثل هذا الرجل يظهره للناس. ولزم محمد بن الحسن لزومًا شديدًا حتى تفقَّه.
والخلاصة هنا هي أن الفقهاء إذ لم يأخذوا ببعض أخبار الآحاد فإنما ذلك لريبة حدثت لهم في الحديث لا من حيث أمانة النقلة وعدالتهم وإنما لأسباب أخرى مختلفة عرضت لهم: أصابوا في ذلك أو أخطأوا، وهم في العموم معظمون للحديث وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم. ومن ظن فيهم غير ذلك فهو مخطئ.
ما أحسن هذا ، والشيء من معدنه لا يستغرب
وسامحنا يا شيخ ، إنما نتجرأ لأنكم تحتملون ، ونجهل لأنكم تحلمون
وجزاك الله خير الجزاء
 

زياد العراقي

:: مشرف ::
إنضم
21 نوفمبر 2011
المشاركات
3,614
الجنس
ذكر
التخصص
...
الدولة
العراق
المدينة
؟
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
رد: رد الحديث من جهة المتن: مناهج أهل الرأي وأهل الحديث

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . من المعلوم ان انتشار الرأي في العراق لعدة اسباب منها ان سيدنا علي ابن ابي طالب وسيدنا عبدالله ابن مسعود كانا يتهيبان من قول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . فكانا يكثرون من الافتاء بدون ذكر نص الحديث الذي اخذوا منه . وأن ظهور الفرق الضالة كانت في العراق في القرن الاول بما هو معلوم عند حضراتكم . حيث فشى الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم . وظهور مسائل لم تظهر من قبل . وربما هناك اسباب يعجز علمي القاصر عنها . أذكركم باشياء . فرب حامل علم الى من هو اعلم منه . بارك الله فيكم ونفعنا بعلمكم ورزقنا مما رزقكم من العلم . والسلام
 
إنضم
16 أبريل 2010
المشاركات
187
التخصص
إنجليزية
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
مالكي
رد: رد الحديث من جهة المتن: مناهج أهل الرأي وأهل الحديث

وهذا المنهج في التعامل مع أخبار الآحاد ليس بدعا من العمل أحدثه مالك وأبو حنيفه، بل هو منهج راسخ منذ أيام الصحابة في التعامل الحذر والمتيقظ مع أخبار الآحاد. ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم، لما شك في خطأ الصحابي قال متثبتا: "أصدق ذو اليدين؟"، وكذلك فعل أبو بكر في خبر توريث الجدة، ولم يقبل عمر بخبر أبي موسى في الاستئذان حتى أحضر شاهدا، ورد خبر فاطمة بنت قيس في السكنى والنفقة لظاهر القرآن، وكذلك صنعت عائشة وتأولت قصة فاطمة، وكذا قالت بخطأ عمر وابنه رضي الله عنهما: في حديث إن الميت ليعذب ببكاء أهله، لظاهر قوله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، وردت خبر ابن عمر أن النبي صلى الله اعتمر في رجب، فقالت والله ما اعتمر في رجب قط، وأن ابن عمر كان معه فسكت ابن عمر، وخطأت روايته لحديث الشهر تسع وعشرون وقالت إنما قال: الشهر قد يكون تسعا وعشرين. وردت خبر من زعموا أن محمدا رأى ربه لظاهر القرآن، واعترضت على خبر أبي سعيد بمنع سفر المرأة إلا بمحرم، وقالت ما كلهن لهن ذو محرم. وقالت في حديث الطيرة في ثلاث: كذب من روى هذا. وكذا انتقد ابن عباس خبر أبي هريرة في إيجاب الوضوء مما غيرت النار وقال أنتوضأ من الدهن؟ أنتوضأ من الحميم؟، فقال له أبو هريرة لا تضرب للحديث الأمثال. وكذا تأول خبرَ جمعٍ من الصحابة في تحريم لحوم الحمر الأهلية، وتعلل بآية الأنعام، وكذا أنكر أبو أيوب حديث تحريم النار على من قال لا إله إلا الله، وقال للراوي: ما أظن قال هذا رسول الله قط. وكذا أنكر معاوية حديث سيكون ملك من قحطان، ورُوي عن الزبير قولُه لرجل روى حديثا : "هل سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . قال : صدقت، ولكنك كنت يومئذ غائبا ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن رجال من أهل الكتاب فجئت في آخر الحديث ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث ، فحسبت أنه يحدث عن نفسه، هذا ومثله يمنعنا من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" . وكذا عن زيد بن ثابت أنه قال لرافع بن خديج في روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن كراء المزارع ، قال زيد بن ثابت : يغفر الله لرافع بن خديج أنا - والله - أعلم بالحديث منه ، إنما أتاه رجلان - قال مسدد:من الأنصار - ثم اتفقا قد اقتتلا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع) ، زاد مسدد: فسمع قوله (لا تكروا المزارع).
فهذا وغيره يدلان على تشدد الصحابة وتوثقهم من رواية الآحاد، متى عرض فيها شك، كمعارضة لظاهر القرآن أو ما اشتهر من العمل أو ما تعم به البلوى وغير ذلك. مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا كان في أسانيد هي عالية جدا، ومن الناقل عن النبي مباشرة، ومن أوثق الناس وأعدلهم وهم الصحابة، فما بالك بعد ذلك بأحاديث رواها أربعة أو خمسة واحدا عن واحد، وأكثرهم كان يروي بالمعنى، ويُروى الحديث، في الغالب، قولا مرسلا مقطوعا عن سببه ووقته والظروف التي قيل فيها. ومن هنا كثر اختلاف الحديث، حتى احتاج إلى الصيارفة من الفقهاء فيبينوا ما عليه العمل مما لا يعمل به، حتى قال مالك: "سمعت من ابن شهاب أحاديث كثيرة، ما حدّثت بها قط، ولا أحدّث بها". فقيل له: لم؟ فقال: "ليس عليها العمل"! وقال ابن وهب : "الحديث مضلة إلا للفقهاء". وقال: "لولا مالك والليث لضللت"، وجاء في ترجمة عيسى بن أبان الحنفي الإمام: قال محمد بن سماعة: كان عيسى بن أبان حسن الوجه، وكان يصلي معنا، وكنت أدعوه إلى أن يأتي محمد بن الحسن، فيقول: هؤلاء قوم يخالفون الحديث. وكان عيسى حسن الحفظ للحديث، فصلى معنا يوما الصبح، فكان يوم مجلس محمد، فلم أفارقه حتى جلس في المجلس، فلما فرغ محمد أدنيته إليه، وقلت له: هذا ابن أخيك أبان بن صدقة الكاتب، ومعه ذكاء ومعرفة بالحديث، وأنا أدعوه إليك، فيأبى، ويقول: إنا نخالف الحديث. فأقبل عليه، وقال له: يا بني ما الذي رأيتنا نخالفه من الحديث؟ لا تشهد علينا حتى تسمع منا. فسأله يومئذ عن خمسة وعشرين بابًا من الحديث، فجعل محمد بن الحسن يجيبه عنها، ويخبره بما فيها من المنسوخ، ويأتي بالشواهد والدلائل، فالتفت إليَّ بعدما خرجنا، فقال: كان بيني وبين النور ستر، فارتفع عني، ما ظننت أن في ملك الله مثل هذا الرجل يظهره للناس. ولزم محمد بن الحسن لزومًا شديدًا حتى تفقَّه.
والخلاصة هنا هي أن الفقهاء إذ لم يأخذوا ببعض أخبار الآحاد فإنما ذلك لريبة حدثت لهم في الحديث لا من حيث أمانة النقلة وعدالتهم وإنما لأسباب أخرى مختلفة عرضت لهم: أصابوا في ذلك أو أخطأوا، وهم في العموم معظمون للحديث وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم. ومن ظن فيهم غير ذلك فهو مخطئ.
بارك الله فيك شيخنا الكريم
لقد جمعت في هذا النص جواهر ودرر متفرقة في كتب كثيرة
حفظك الله ورعاك ونفعنا بعلمك
حقا نحن بحاجة إلى تأمل الاختلاف بين الصحابة ومناهج التلقي عندهم
من يتأمل كثيرا في نوازل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكيف تعامل معها لا يستغرب اجتهادات أبي حنيفة رضي الله عنه ومن سار على نهجه
 
إنضم
3 يونيو 2012
المشاركات
11
التخصص
فقه
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: رد الحديث من جهة المتن: مناهج أهل الرأي وأهل الحديث

للفائدة هناك بحث للدكتور.خالد الدريس وفقه الله , بعنوان : (نقد المتن الحديثي) , طبعه دار المحدث ,
والدكتور متميز بأبحاثه الرصينة ,

وفق الله الجميع,,,
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: رد الحديث من جهة المتن: مناهج أهل الرأي وأهل الحديث

السلام عليكم

إن المتفق عليه عند علماء الحديث وأهله قاطبة أنه لا يُنظر إلى أي متن إلا إذا صح إسناده -غير أن الأكابر الأعلام من الأئمة في الحديث ممن أحاطوا العلم به رواية ودراية وضبطًا وسعة وقد صارت لهم فيه ملكة كانوا ربما بمجرد سماع أحدهم للمتن لكثرة محفوظه للأسانيد ومعرفته برواة الأحاديث يحكمون على المتن دون سماع الإسناد-، كما وإنه لا يصح ترك متن قد صح إسناده دون حجة مُلزمة أو بيّنة، وإنما يُرجع في كل فنٍّ إلى أهله.

والله أعلم.
 

رنا

:: متابع ::
إنضم
16 أكتوبر 2011
المشاركات
13
الجنس
أنثى
التخصص
أصول الفقه
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
أهل السنة و الجماعة
رد: رد الحديث من جهة المتن: مناهج أهل الرأي وأهل الحديث

بارك الله فيكم.

للفائدة، هنا رابط للكتاب الوارد في الموضوع
"رد الحديث من جهة المتن: دراسة في مناهج المحدّثين والأصوليين" لـ د.معتز الخطيب :
https://drive.google.com/file/d/0B6alj0IcJKqiMU9KWFdNczVhWFk/view
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: رد الحديث من جهة المتن: مناهج أهل الرأي وأهل الحديث

إن المتفق عليه عند علماء الحديث وأهله قاطبة أنه لا يُنظر إلى أي متن إلا إذا صح إسناده
هذا غير صحيح
فكم في كتاب الأدب المفرد للبخاري من حديث ضعيف، وهو إمام هذه الصنعة
ومع شدة ابن العربي على الحديث الضعيف احتج به في مواضع من كتبه
وأكثر ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه الوابل الطيب من ذكر الأحاديث الضعيفة
وغيرهم وغيرهم
والله أعلم
 
إنضم
28 نوفمبر 2008
المشاركات
62
الإقامة
مكة المكرمة
الجنس
ذكر
التخصص
كيمياء
الدولة
السعودية
المدينة
مكة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: رد الحديث من جهة المتن: مناهج أهل الرأي وأهل الحديث

ولكن مسلم لا يسلم لكم بهذا ، وايضا اشكال في قول الاحناف الاخذ برواية الاعلم ، كمثال لدينا رواية ام سلمة في نزول اية التطهير


عند الترمذي : لمَّا نزلت هذِهِ الآيةُ على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا في بيتِ أمِّ سلمةَ فدعا فاطمةَ وحَسنًا وحُسينًا فجلَّلَهم بِكساءٍ وعليٌّ خلفَ ظَهرِهِ فجلَّلَهُ بِكساءٍ ثمَّ قالَ اللَّهمَّ هؤلاءِ أَهلُ بيتي فأذْهِب عنْهمُ الرِّجسَ وطَهِّرْهم تطْهيرًا قالت أمُّ سلمةَ وأنا معَهُم يا نبيَّ اللَّهِ قالَ أنتِ على مَكانِكِ وأنتِ على خيرٍ


وايضا ورد عن عائشة مثله
وعن أم المؤمنين عائشة قالت: خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم غداة وعليه مرط(39) مرحّل(39) من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال: { إنما يريد الله أن يُذهب عنكم الرجس أهل البيت ويُطهّركم تطهيراً }.(39)


وفي هذا الحديث عائشة قالت ان الرسول خرج ولكن لم تقل لنا اين ذهب ليجتمع اليه علي وفاطمة والحسن والحسين وتعتبر رواية عائشة سماعية لكونها لم تشهد ما حصل لكنها اخبرت ويفهم هذا من قولها خرج النبي، وتكون ام سلمة اعلم منها لكونها شهدت هذا الحدث وهو قد حصل في بيتها


لكن هناك رواية اخرى تنص على ان حديث الكساء هذا حصل في بيت علي برواية واثلة بن الأسقع واللفظ يختلف ايضا فبدلا من قوله عليه الصلاة والسلام : اللَّهمَّ هؤلاءِ أَهلُ بيتي فأذْهِب عنْهمُ الرِّجسَ وطَهِّرْهم تطْهيرًا صار القول منه : اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أَهْلِي ، اللَّهُمَّ أَهْلِي أَحَقُّ"
حدثني عبد الأعلى بن واصل، قال: ثنا الفضل بن دكين، قال: ثنا عبد السلام بن حرب، عن كلثوم المحاربي، عن أَبي عمار، قال: إني لجالس عند واثلة بن الأسقع إذ ذكروا عليًّا رضي الله عنه، فشتموه، فلما قاموا قال: اجلس حتى أخبرك عن هذا الذي شتموا؛ إني عند رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذ جاءه علي وفاطمة وحسن وحسين، فألقى عليهم كساء له، ثم قال: " اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أَهْلُ بَيْتِي، اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا ". قلت: يا رسول الله، وأنا؟ قال: " وَأَنْتَ". قال: فوالله إنها لأوثق عملي عندي .


حدثني عبد الكريم بن أبي عمير، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا أبو عمرو، قال: ثني شداد أبو عمار قال: سمعت واثلة بن الأسقع يحدث، قال: سألت عن علي بن أبي طالب في منـزله، فقالت فاطمة: قد ذهب يأتي برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذ جاء، فدخل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ودخلت، فجلس رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على الفراش وأجلس فاطمة عن يمينه وعليا عن يساره وحسنا وحسينا بين يديه، فلفع عليهم بثوبه وقال: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أَهْلِي ، اللَّهُمَّ أَهْلِي أَحَقُّ". قال واثلة: فقلت من ناحية البيت: وأنا يا رسول الله من أهلك؟ قال: " وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِي". قال واثلة: إنها لمن أرجى ما أرتجي.


وهذا ايضا يمكن ان نقول عنه انه اعلم من عائشة لكونه شهد هذا الحدث في بيت علي ونال دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم والى هنا هذا ليس باشكال لكونه يمكن ان يبرر ونقول ان الرسول كرر هذا الدعاء مرة في بيت ام سلمة ومرة في بيت علي مع ان روايته فيها اختلاف ظاهر


بل الاشكال ان يكون هناك نص يفسر لنا اية المباهلة بمثل اية التطهير، ففي حديث أخرجه مسلم من طريق: بُكَيْر بن مِسْمَار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه -رضي الله عنه- قال: أمرَ مُعاوية بْن أبي سُفْيَانَ سَعدًا فقال: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا التُّرَابِ؟ فَقَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتُ ثَلَاثًا قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَنْ أَسُبَّهُ، لَأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُ، خَلَّفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ، خَلَّفْتَنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ! فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟! إِلَّا أَنَّهُ لَا نُبُوَّةَ بَعْدِي». وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ»، قَالَ: فَتَطَاوَلْنَا لَهَا فَقَالَ: «ادْعُوا لِي عَلِيًّا»، فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ، فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ، فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ. وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} [آل عمران: 61] دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي»([8]).


لاحظ اخر النص ان سعد يقول انه لما نزلت اية المباهلة (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ) دعا رسول الله عليا وفاطمة والحسن والحسين فقال اللهم هؤلاء اهلي وهذا الحديث اخرجه مسلم بسنده وهو يتعارض مع رواية ام سلمة ورواية واثلة بن الاسقع في الروايات السابقة فلماذا اخرج مسلم هذه الرواية


https://dorar.net/hadith/sharh/72012
 
إنضم
28 نوفمبر 2008
المشاركات
62
الإقامة
مكة المكرمة
الجنس
ذكر
التخصص
كيمياء
الدولة
السعودية
المدينة
مكة
المذهب الفقهي
شافعي
فقط سؤال
هل مدرسة اهل الرأي او قولهم هؤلاء أهل الراي اتى من فعل التلاميذ مع الشيخ بطرح الأسئلة ويكون بداية السؤال هو أرأيت لو ان رجلا فعل كذا
او ان الاسم هذا هو صفة لهم تدل على انهم يقدمون رايهم على النصوص ؟
 
أعلى