العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

منقول رفع الاشكال في حديث لعن النامصة والمتنمصة من خلال تراث العلامة بن عاشور

إنضم
8 أبريل 2012
المشاركات
60
الكنية
كلية الامام الاعظم الجامعة
التخصص
أصول فقه
المدينة
سامراء
المذهب الفقهي
مالكي
هذه المسألة نقلتها من إحدى بحوثي وذلك لأهميتها ؛ ولكون هذا الحديث وقع فيه الاشكال من جانبين :
من خلال القصور في تصور المسألة (فهم النص)
ومن خلال القصور في تنزيل المسألة على (محالها) من خلال قاعدة (تحقيق المناط)
لذلك نتوكل على الباري سبحانه وتعالى ،،، ونقول :
تزخز مدونة الامام بن عاشور بتحقيقات مقاصدية ، ساهمت في ازالة الخلاف وذلك من خلال الاستنجاد بالدرس المقاصدي ، ومن تلك المسائل التي وقع فيها التباس في تحديد مدلولها ، وتنزيل حكمها مسألة اسميتها (أثر الاختلاف في تعليل مقصد التغيير في خلق الله)
إن الناظر في مدونة الإمام محمد الطاهر بن عاشور ؛ فإنه يتلمس جوانب التجديد المتنوعة ، ونجد المراجعات الكثيرة لكبرى المسائل المعضلة ، وتارة نجده يرفع إشكال لكثير من النصوص التي لم تفهم على حقيقتها والمرجح في ذلك أدوات الدرس المقاصدي .
ولم تسلم مراجعاته لكثير من النصوص من الطعن والرد ، وذلك لكون الناظر في تراث الإمام لا يمكنه أن يصل لحكم واضح دون النظر في كافة كتبه ، فالإمام ابن عاشور لم يكن يستعرض في كثير من بحوثه الأدلة التي اعتمد عليها ، وإنما يترك الأمر للناظر فيها ، وكأنه لا يكتب إلا للعلماء المتخصصين ، وهذا هو السبب حسب رأيي لعدم فهم الكثير من الناظرين في مدوناته لعدم امتلاكهم الأدوات المعينة لهم على الفهم .
ولكي نساهم في رفع الالتباس الحاصل في بعض الفروع الفقهية التي أُسيء فهم اجتهاد الإمام ابن عاشور ، لذا سأحاول النظر في جوانب الموضوع المتعددة ، وذلك من خلال أدوات الدرس الأصولي والمقاصدي .
ومن تلك الفروع التي رفع الإمام الإشكال في بيان مقصود النص فيها حديث : " لعن رسول الله (r) النامصة والمتنمصة ... ؛ فهذا النص من الفروع التي وقع فيها سوء فهم ، وقد تلقاها المتأخرون بالتسليم لها ولم يجتهدوا باستنباط مناطها ، وقد غلب عليهم التقليد والعكوف على كلام السابقين .
فإن هذا النص قد تظمن جملة من القواعد الأصولية التي لا يمكن فهم النص إلا ببيان تعلقها بالنص ، كقاعدة الاجتهاد في فهم النص ، وقاعدة العرف ، وقاعدة بيان المجمل ، وقاعدة التعليل .
وقبل بيان رأي الإمام ابن عاشور فسوف أذكر بعض آراء العلماء لكي نستطيع تقريب رأي الإمام ، ولكي نستطيع أن ندرك مدى الاعتماد على الدرس المقاصدي في فهم النص .
فعن قبيصة بن جابر الأسدي ، قال : انطلقت مع عجوز إلى ابن مسعود ، فذكر قصة ، فقال عبد الله : سمعت رسول الله (r) : يلعن المتنمصات والمتفلجات والموشمات اللاتي يغيرن خلق الله عز وجل)([37]) .
وقد تعددت تأويلات العلماء لهذا الحديث :
فنجد عند الإمام ابن قدامة تفريق بين النمص والحلق بقوله : (فأما النامصة فهي التي تنتف الشعر من الوجه ، والمتنمصة : المنتوف شعرها بأمرها ؛ فلا يجوز للخبر ، وإن حلق الشعر فلا بأس ؛ لأن الخبر إنما ورد في النتف)([38]) .
إن تفسير ابن قدامة هو تفسير حرفي وظاهري ، وليس فيه سبر لمعقول النص ، لأن النتيجة واحدة سواء في النمص أو الحلق ، وهي إزالة الشعر ، فلا يصح من عالم كابن قدامة أن يجمد على النص ولا يعمل الفكر لاستنباط علة التفريق ، وإنما يكون تفسيره ورود الخبر بذلك .
وجاء في حاشية ابن عابدين تفسيراً معقولاً ، بقوله : ( ولعله محمول على ما إذا فعلته لتتزين للأجانب وإلا فلو كان في وجهها شعر فينفر زوجها عنها بسببه ففي تحريم إزالته بُعد ؛ لأن الزينة للنساء مطلوبة للتحسين ...)([39]) .
ويقول صاحب الحاوي في تفسير لفظ الواصلة ( فأما الواصلة والمستوصلة ، ففيه تأويلان : الأول : أنها التي تصل بين الرجال والنساء بالفاحشة ، والثاني : أنها تصل شعرها بشعر نجس )([40]).وهذا التفسير الأخير يتفق مع رأي الإمام ابن عاشور .
وقد ذكر الإمام ابن عاشور هذا الحديث في سياق الحديث عن عموم الشريعة وأن نصوصها خالدة ، لكن بعض نصوصها تحتاج إلى تحقيق مناط خاص بها لاختلاف أسبابها فيقول : (ومن معنى حمل القبية على عوائدها في التشريع إذا روعي في تلك العوائد شيءٌ يقتضي الإيجاب أو التحريم ، يتضح لنا دفعُ حيرةٍ وإشكال ٍ عظيم ٍ يعرضان للعلماء في فهم كثير من نهي الشريعة عن أشياء لا تجد فيها وجه المفسدة بحال ، مثل تحريم وصل الشعر للمرأة وتفليج الأسنان والوشم ... فإن الفهم يكادُ يضل في هذا ، إذ يرى ذلك صنفاً من أصناف التزيُّن الأذون في جنسه للمرأة كالتحمير والخلوق والسواك فيتعجب من النهي الغليظ عنه .ووجهُهُ عندي الذي لم أر من أفصح عنه ، أنَّ تلك الأحوال كانت عند العرب أماراتٍ على ضعف حصانة المرأة ، فالنهيُ عنها نهيٌ عن الباعث عليها أو عن التعرض لهتك الأعراض بسببها)([41]) .
إن النص السابق يحمل في طياته جملة من المسائل المعقدة ، التي لا يمكن أن نبينها إلا بمحاولة تفكيك العبارة ومن ثم تركيبها ليتم بيان المقصود من النص .
لو نظرنا إلى النص جيداً فإننا سنرى ان الإمام ابن عاشور أناط الحكم في بيان النص إلى العرف اولاً ، لأن معرفة السياق العرفي للنص يمكن لنا بيان الغرض والعلة التي من اجلها شرع الحكم .
وقبل بيان السياق العرفي للنص لا بد من بيان كيفية فهم السياق العرفي من النص ، لذلك فقد حدد الإمام ابن عاشور " رحمه الله تعالى" مراحل استنباط العلل من النصوص ، وهذه المراحل لا يستطيع المسلم العادي أن يصلها ، وإنما هي موجه للمجتهدين ، وذلك لكون لديهم ملكة علمية عالية ؛ ولكونهم يمتلكون أدوات للنظر الاجتهادي .
وقد حصرها الإمام بخمسة نواحي ؛ الأول : فهمُ أقوالها ، واستفادة مدلولات تلك الأقوال ، بحسب الاستعمال اللغوي وقد سبق ذكرها .
ويقول الإمام عن ضرورة معرفة تاريخ العرب لبيان النص بقوله : ( ... وكان لمعرفة أحوال العرب وسيرة النبي (r) أثر عظيم في فهم حقائق الشريعة ...)([42]).
فمن خلال قاعدة فهم النص حسب الاستعمال العربي يتبين لنا : أن النص التشريعي لكي يفهم مقصوده ، لابد من الرجوع إلى السياق العرفي الذي ورد من أجله الحكم ، فهو أفضل وسيلة لتحديد العلة المقصودة من تشريع الحكم .
وتأييداً للوجه الذي ذكره الإمام ، لا بد من ذكر أن الإمام عالم بالعربية ، وعالم بأساليب العرب وقد خطت يداه آثاراً كثيرة في هذا السياق ، من ذلك فقد كتب مقالة في حصر وتحديد طريقة شعراء العرب في توجيه الخطاب للمرأة وقد حصرها بخمسة أغراض ([43]).
إذ أن هذا الأمر ليوحي إلى البعد الفكري الذي يمتلكه الإمام ، إذ كانت له استقراءات لطريقة الشعراء الجاهليين في توجيه الخطابات للمرأة ، فإذا كان كذلك ، وهو كذلك ، فالإمام له دراية بتاريخ العرب وأساليب العرب ومعهود الخطاب في ذلك العصر .
فالإمام له دراية بمعهود الخطاب التشريعي كذلك ، فمعهود الخطاب زمن الرسالة يعرف الإمام أبعاده وأغراضه ، كيف كان يتُلَقى ، وكيف كان يتنزل على حقائق الأشياء لما كان القرآن يتنزل على سيدنا محمد (r) ؛ لأن الشارع كان يصف ظواهر ويحكم عليها ، فهذه الظواهر ماهي ؟ فلا بد اذاً من معرفة تاريخ العرب .
اذاً لابد من النظر إلى الأحكام على أساس دقيق ، ومعرفة عوائد الأمم والشعوب على سبيل العموم ، وعلى سبيل الخصوص بالنظر إلى الواقعة في الأفراد من حيث انطباقها عليه أم لا... .
ثانياً : قاعدة السياق العرفي :
بما أن الإمام ابن عاشور استند في بيان النص على عرف كان سائد لدى ضعيفات الحصانة ، فلا بد من بيان العرف العملي ، وما يرتبط به .
الأول : العرف العملي الخاص : يقول الإمام ابن عاشور : (غلبة صدور فعل دون غيره من جنسه من شخص حتى يظن أن لفظه إذا اطلق لا ينصرف إلا لما غلب عليه فعله ؛ لأنه الذي يخطر له عند الذهن ، وإذا حمل اللفظ عليها كان تخصيصاً لا محالة ...)([44])
فالنص الوارد بلعن النامصات ... عرف عملي كان سائداً في ذلك الزمن ، فلا يحمل اللفظ إلا على هذا المفهوم لغلبة هذه الأفعال لتلك البواعث ولتلك الأجناس من النساء، فإذا لم تتصف النساء ضعيفات الحصانة بهذه العلامات في الوقت المعاصر فإن تنزيل النص على محله يعتبر خطأ في الاجتهاد التنزيلي .
الثاني : بيان ما يرتبط بالألفاظ العرفية : إن الإمام ابن عاشور بين أن النهي ليس مرتبطاً بهذه الأوصاف وإنما بالباعث عليها وهي الأفعال ، لذلك يقول الإمام القرافي في الفرق الثامن والعشرين : (فإن التحريم والتحليل إنَّما تحسن إضافتهما لغة للأفعال دون الأعيان فذات الميتة لا يمكن العرفي أن يقول هي حرام بما هي ذات ، بل فعل يتعلق بها ، وهو المناسب لها كالأكل للميتة والدم ولحم الخنزير والشرب للخمر والاستمتاع للإمهات ، ومن ذكر معهن ومن هذا الباب قوله عليه السلام : " ألا وإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا " . والأعراض والأموال لا تحرم ، بل أفعال تضاف إليها فيكون التقدير ألا وإن سفك دمائكم وأكل أموالكم وثلب أعراضكم عليكم حرام .
وعلى هذا المنوال جميع ما يرد من الأحكام كان أصله أن يضاف إلى الأفعال ويركب معها فإذا ركب مع الذات في العرف وما بقي يستعمل في العرف إلا مع الذوات ، فصار هذا التركيب الخاص وهو تركيب الحكم مع الذوات موضوعاً في العرف للتغيير به عن تحريم الأفعال المضافة لتلك الذوات ، وليس كل الأفعال ، بل فعل خاص مناسب لتلك الذوات كما تقدم تفصيله ، وتحصيله )([45]).
فالإمام ابن عاشور لم يخطئ حين بين بأن النهي مرتبط بالأفعال وليس بالأعيان ، لذلك يقول الإمام ابن عاشور : ( وتتعلق التحريم بأسماء الذوات يحمل على تحريم ما يقصد من تلك الذات غالباً ، فنح : (حرمت عليكم الميتة) الخ معناه حرم أكلها ، ونحو : حرم الله الخمر ، أي: شربها وفي : (حرمت عليكم امهاتكم) معناه: تزوجهن )[SUP] ([46])[/SUP]
ويقول : ( إضافة الحكم إلى الأعيان على إرادة أشهرها أحوالاً ... )[SUP] ([47])[/SUP]
والمقصد من هذا كله : بيان أن أولى الخطوات لمعرفة مقاصد الشارع واستخراجها من نصوصه – أي :استنباطه مصلحيا – هي معرفة مقاصده من خطابه الشرعي ، من ألفاظه ، وعباراته ، وأساليبه التعبيرية ، فهذا هو المستوى الأول من معرفة المقاصد .
ولمعرفة هذا المستوى يقتضي تدبراً عميقاً للنصوص الشرعية ، والبحث في مقامات الأحوال والسياقات المعينة على تعيين المراد من مقاصد النصوص ، وعدم الاكتفاء بالنظر الظاهر لألفاظ الشارع ، وخاصة حينما يشير معناها الظاهري تناقضاً واستثكالاً .
ونحن ننظر في الساحة نجد أن الكثير ممن لا يُحسنون فهم النص ، وذلك لعدم امتلاكهم الأدوات المعينة على فهم النص ، يقعون في فهم خاطئ للنص ، ويصفون كثير من النساء باللعن والطرد من رحمة الله تعالى ، وذلك لعدم فهمهم بأن النص جاء لعلاج ظاهرة عُرفية في زمن التشريع ، ولا يصح حمل العرف على أناس اختلفت اعرافهم ؛ لأن في ذلك حرج شديد وتضييق واسع للمباح .
فالعرف كما هو معلوم عند المتخصصين في ـ علم أصول الفقه ـ بأنه لا يطرد إلا إذا كان أهل البلد يعتبرونه بينهم ، ولا بد أن يكون عاماً لجميع الناس .
لذلك نجد الإمام القرافي يقول : (... إن إجراء الأحكام التي مدركها العوائد مع تغير تلك العوائد خلاف الإجماع وجهالة في الدين ، بل كل ما هو في الشريعة يتبع العوائد([48]) يتغير الحكم فيه عند تغير العادة إلى ما تقتضيه العادة المتجددة ، وليس هذا تجديداً للاجتهاد من المقلدين حتى يشترط فيه أهلية الاجتهاد ، بل هذه قاعدة اجتهد فيها العلماء وأجمعوا عليها فنحن نتبعهم فيها من غير استئناف اجتهاد )([49]) .
وقال الإمام القرافي في الفرق الثامن والعشرين : (وعلى هذا القانون تُراعى الفتاوى على طول الأيام ، فمهما تجدد في العرف اعتبره ، ومهما سقط أسقطه ، ولا تجمد على المسطور في الكتب طول عمرك ... والجمود على المنقولات([50]) أبداً ظلال في الدين ، وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين ...)([51]) .
ويقول سيدي الإمام عبد الله بن الشيخ المحفوظ ابن بيه عن دور العرف في تفسير الألفاظ ( ويدخل العرف في مدلولات الألفاظ)([52]).
ويقول : ( ... أن العرف قد يكون أساساً لتغير الفتوى ... بل إنه يخالف ظاهر النص بسبب اختلاف العرف الذي كان قائماً عليه )([53]) .
بقيت قاعدة التعليل : فالنص علل الحكم بأنه تغيير لخلق الله ، وكما هو معلوم بأن الأحكام تدور مع عللها وجوداً وعدماً ، فإذا كان العرف لم يعد مطرداً فهل علة تغيير خلق الله الذي انيط بها الحكم مطردة أم قاصرة .
قبل بيان رأي الإمام ابن عاشور في ذلك ، لا بد من بيان معنى التغيير كمصطلح منفرداً ، قبل بيانه مع ضميمته([54]) ، باعتباره تغييراً لخلق الله ، وهل يصدق تغيير خلق الله على هذه الأفعال أم لا ؟.
يقول الراغب الأصفهاني : ( والتغيير يقال على وجهين : أحدهما : لتغيير صورة الشيء دون ذاته ، يقال غيرت داري إذا بنيتها بناءً غير الذي كان . والثاني : لتبديله بغيره ، نحو غيرت غنمي ودابتي إذا بدلتهما بغيرهما ، نحو : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )([55]) ([56]) .
فالتغيير الذي ورد في الحديث يحتمل أن يكون من النوع الأول ؛ لأن التغيير من خلال النمص والتفليج ... ليس تبديلاً للشي في مادته([57]) كما يعبر المناطقة ، وإنما في صورته .
فهل تغيير صورة الشيء يستوجب اللعن ، وهل هو حقيقة تغيير لخلق الله ، وأفضل من يجيب عن ذلك الإمام ابن عاشور بقوله : ( ...ويدخل في معنى تغيير خلق الله وضع المخلوقات في غير ما خلقها الله له ، وذلك من الضلالات الخرافية ، كجعل الكواكب آلهة ، وجعل الكسوفات والخسوفات دلائل على أحوال الناس ، ويدخل فيه تسويل الإعراض عن دين الإسلام ، الذي هو دين الفطرة ، والفطرة خلق الله ؛ فالعدول عن الإسلام إلى غيره تغيير لخلق الله([58]) .
وليس من تغيير خلق الله التصرف في المخلوقات بما أذن الله فيه ولا ما يدخل في معنى الحسن ؛ فإن الختان من تغيير خلق الله ولكنّه لفوائد صحية ، وكذلك حلق الشعر لفائدة دفع بعض الأضرار ، وتقليم ُ الأظفار لفائدة تيسير العمل بالأيدي ، وكذلك ثقب الآذان للنساء لوضع الأقراط والتزين .
وأما ما ورد في السنة من لعن الواصلات والمتنمصات والمتفلجات للحسن فمما أشكل تأويله .
وأحسب تأويله : أن الغرض منه النهي عن سمات كانت تُعد من سمات العواهر في ذلك العهد ، أو من سمات المشركات ، وإلا فلو فرضنا هذه منهياً عنها ، لما بلغ النهي إلى حد لعن فاعلات ذلك .
وملاك الأمر أن تغيير خلق الله إنما يكون إثماً إذا كان فيه حظ من طاعة الشيطان ، بأن يجعل علامة لنحلة شيطانية ، كما هو سياق الآية واتصال الحديث بها ...) ([59]) .
فتغيير خلق الله الذي انيط به الحكم هو التغيير المرتبط بنحلة شيطانية تدعوا اصحابها لارتكاب المعاصي ونشرها ، حتى تصبح علامات تعرفهم بها ، أما إذا لم يكن القصد من التغيير ارتباطها بنحلة شيطانية فلا اثم فيها . والله تعالى أعلم .
إضافة إلى ذلك : فهناك وجه آخر يمكن لنا أن نستنجد به لكي يرفع الالتباس ؛ هو معرفة مرتبة هذه المسألة من خلال كليات الشريعة ومقاصدها ، وقد أشار إليه الإمام ابن عاشور ، وذلك لأن المعهود في تصرفات الشريعة أنها لا تصف الأمور الصغيرة بعظيم الذنوب إلا إذا كان ذلك الأمر يستوجب ذلك ، فلا يعقل أن تكون تلك الأفعال تستوجب اللعن من رحمة الله تعالى ؛ إذ هي ليست من الضروريات الخمس ؛ وليست من الحاجيات إذ نجد ان الإمام عبد الله بن بيه يجعل لبس الحجاب من الحاجيات([60]) ، فلا يعقل أن يكون نمص شعرات من الحاجب من الحاجيات وتغطية الرأس من الحاجيات ، فلم يبقى إلا أنها من التحسينيات ؛ وترقى للحاجيات إذا كان ورائها دوافع شيطانية .
والتغيير كعلة فهي مطردة ، وليست متعلقة بالأعيان السابقة ، وإنما مرتبطة بالوصف الذي ذكره الامام ابن عاشور : هو ارتباط التغيير بحظ من الشيطان .
وممن أيد الإمام برأيه الشيخ محمود شمّام في تراجمه بقوله : ( فالشيخ ابن عاشور يفتي هنا بحلية لبس الباروكة وما شابهها، وتزجيج الحواجب ، وتكحيل العيون ، تفهما لمعنى الأثر والمورد الذي ورد فيه ، ولأن هذه الأمور يقصد بها الآن الزينة لا تغيير خلق الله ولا تبديله ، وما ورد من نهي على فرض صحته وصحة سنده ، فالمقصود به نساء في ذلك العصر اتصفن برقّة في العفاف وضعف في الدين وسوء سيرة ، ولا يشمل كافة النساء ولا كافة العصور ... وهكذا انحل هذا المشكل الذي تعثرت الأقلام في تفسيره ، وعجزت الأفكار عن حله ، حتّى أفتى به بالرأي السّديد والفهم الرشيد أستاذنا الجليل رحمه الله )([61]) .
والمعلوم عند كل الفقهاء ـ تقريباً ـ أن فعل هذه الأشياء : توصيل الشعر ، أو لبس (الباروكة) ، وطلب إيصاله ، والوشام وطلبه ، وتفليج الأسنان ، وتزجيج الحاجبين ، كلها حرام تحريماً مغلظاً ، وقوفاً عند ظاهر هذا النص .
ولكن الفكر المتفتح المقنع بصلاحية الإسلام لكل الأزمنة والأمكنة يحار حيرة عظيمة ، ويستشكل هذا الأمر استشكالاً ، لا يدفعه إلا النظرة التعبدية ، ولكن الشيخ ابن عاشور ـ رحمه الله ـ الذي يؤمن بأن أحكام الشريعة في غير العبادات معقولة المعنى ، والذي استبطن أعماق النصوص ، واستنطق مقاصد الشريعة ، وربط بين النصوص وبين ملابساتها من عوائد الناس ، وأسباب ورود النص ، اهتدى إلى هذا الحل الذي يزيل الإشكال ، ويدفع الحيرة عن عقل المسلم الذي يرى أن من حق المرأة أن تتزين وتتحسن لزوجها ، لما في ذلك من حصانة له ولها ، ويقع في ارتباك عظيم حينما يصطدم بهذا النص المحجر لأنواع من الزينة على المرأة المسلمة ، في حين أنه أباح لها نظائرها من أنواع التزين كالتحمير والسواك والخلوق وسائر الحلي .
وحينما يجد في ملابسات النص أن تلك الأفعال كانت من أمارات البغايا ، يعلم أن الشارع لعنهن ، لا لمجرد التزين بتلك الأصناف من الزينة ، وإنما لعنهن لأجل ما كن يهدفن إليه من ذلك الفعل ، الذي ظاهره التزين ، وباطنه العهر والفجور والإثارة للغرائز الجنسية عند الرجل .
فهذا النهي وارد كناية عن المسبب وهو التبرج والعهر ، لا عن السبب الذي هو في أصل جنسه مباح ([62]) .
وأخيراً : فالدرس المقاصدي هو إحدى الأدوات المعرفية لتقليل الخلاف بين العلماء ، فلا بد من توظيف الدرس المقاصدي في كل جوانب الاختلاف ، والاعتماد عليه باعتباره اصلا كليا .










الموضوع الأصلي: http://www.feqhweb.com/vb/t19218#ixzz347n8741T
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: رفع الاشكال في حديث لعن النامصة والمتنمصة من خلال تراث العلامة بن عاشور

هذا التعليل الذي قاله ابن عاشور سبقه اليه ابن الجوزي منذ امد بعيد، وهو يظل مجرد تخمين لا دليل عليه، وادعاء وجود عرف زمن النص دون دليل على ذلك ثم حمل النص عليه فيه ما فيه ولو فتح هذا الباب لعطلت اكثر النصوص.
وتعليل النص بالتزوير كما قاله بعض الفقهاء احسن حالا من هذه العلة التي زعمها ابن الجوزي وابن عاشور، لان هناك اشارات في النصوص تشير اليها.
والمطلع على احوال النساء في هذا الزمن وما يفعلن في انفسهن بحجة التجميل من تكلف وشطط يجد ان التسليم بظاهر الحديث اولى من تكلف تعليله بما لا شاهد له. والله اعلم.
 
إنضم
8 أبريل 2012
المشاركات
60
الكنية
كلية الامام الاعظم الجامعة
التخصص
أصول فقه
المدينة
سامراء
المذهب الفقهي
مالكي
رد: رفع الاشكال في حديث لعن النامصة والمتنمصة من خلال تراث العلامة بن عاشور

هذا التعليل الذي قاله ابن عاشور سبقه اليه ابن الجوزي منذ امد بعيد، وهو يظل مجرد تخمين لا دليل عليه، وادعاء وجود عرف زمن النص دون دليل على ذلك ثم حمل النص عليه فيه ما فيه ولو فتح هذا الباب لعطلت اكثر النصوص.
وتعليل النص بالتزوير كما قاله بعض الفقهاء احسن حالا من هذه العلة التي زعمها ابن الجوزي وابن عاشور، لان هناك اشارات في النصوص تشير اليها.
والمطلع على احوال النساء في هذا الزمن وما يفعلن في انفسهن بحجة التجميل من تكلف وشطط يجد ان التسليم بظاهر الحديث اولى من تكلف تعليله بما لا شاهد له. والله اعلم.
حياكم الله د أيمن
قضية التعليل وتحديد العلل ، هي من المسائل التي يدخل فيها جانب الظن ، ومسلك السبر والتقسيم دليل شاهد على ذلك .
وتأييدا لما سبق :
أولاً : إن لفظ التغيير من الكلي المشكك كما يعبر المناطقة لاختلافه في محاله ، فلا يضبط لاختلاف التغيير من شخص لآخر ، ثم ان هناك تغيير في المادة ، وتغيير في الصورة ، كما يقول المناطقة ، ولا يمكن استوائهما بحال من الأحوال ، فقضايا تغيير الجنس كما في الوقع المعاصر من تحويل الرجل لأنثى والعكس ، هي من تغيير المادة . أما الصفات الواردة في الحديث هي من الصورة . فالأولى صرف الحديث عن ظاهره لينسجم مع تأويل العلامة بن عاشور (رحمه الله تعالى) ومن وافقه .
ثانيا : إن الناظر للعقاب الذي يترتب على من فعل هذه الافعال ، وقارنها بأشباهها ونظائرها ، ممن استوجب لعن الله ورسوله ، فسيجد الفارق صوب عينيه ، اضافة الى ذلك فإن الناظر لهذا الفعل ان رجحنا تحريمه في سلم كليات الشريعة ، فلا يعقل وضعها من الضروريات ، ولا من الحاجيات فالعلامة بن بيه (حفظه الله تعالى) يجعل لبس الحجاب من الحاجيات ، فتغطية الراس من الحاجيات فلا يعقل أن تكون تلك الافعال مساوية له ، فلم يبق الا انها من التحسينيات .
وأخيراً تعدد العلل لا يضر فقد يكون من باب الغرر والتزوير وقد يكون من هذا الباب .
والله أعلم
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: رفع الاشكال في حديث لعن النامصة والمتنمصة من خلال تراث العلامة بن عاشور

حياكم الله د أيمن
حياكم الله وأحسن إليكم.
قضية التعليل وتحديد العلل ، هي من المسائل التي يدخل فيها جانب الظن ، ومسلك السبر والتقسيم دليل شاهد على ذلك
لا خلاف في ذلك، لكن الظنون تتفاوت، والقول بالظن لا يعفي من تقديم الدليل. أما ما ادعاه ابن الجوزي وابن عاشور من علة فإخالة مجردة عن الدليل. وترجح عليها علة التزوير لثلاثة أسباب:
أحدها: أن علة التزوير مومى إليها في حديث معاوية في تحريم الوصل.
والثاني: أن علة التزوير لا ترفع حكم النص بالكلية بخلاف علة مشابهة المومسات.
والثالث: أن علة مشابهة المومسات تقوم على إثبات عرف قائم وقت النص وهو ما ليس هناك مجال لإثباته.

إن لفظ التغيير من الكلي المشكك كما يعبر المناطقة لاختلافه في محاله ، فلا يضبط لاختلاف التغيير من شخص لآخر ، ثم ان هناك تغيير في المادة ، وتغيير في الصورة ، كما يقول المناطقة ، ولا يمكن استوائهما بحال من الأحوال ، فقضايا تغيير الجنس كما في الوقع المعاصر من تحويل الرجل لأنثى والعكس ، هي من تغيير المادة . أما الصفات الواردة في الحديث هي من الصورة . فالأولى صرف الحديث عن ظاهره لينسجم مع تأويل العلامة بن عاشور (رحمه الله تعالى) ومن وافقه .
لو أقررتَ بعلة التغيير يلزمك القول بعموم اللفظ، ولا يصح لك الاقتصار على جانب منه، دون دليل يرجح على العموم. فالتغيير تغيير سواء كان في المادة أو الصورة، وما ذكر في آية التغيير "فلآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله" ذكر التبتيك وهو تغيير في الصورة لا في المادة، وكذلك تحريم خصاء الحيوان وتحريم وسمه في الوجه هو تغييير في الصورة لا في المادة وهو داخل في معنى التغيير جملة. نعم ورد الشرع بإباحة أنماط من التغيير استثناء من العموم، وأصل رفع الحرج قد يجعلنا نستثني أشياء أخرى، وما عدا ذلك يظل على أصل التحريم، لا سيما ما ورد فيه النص صريحا كالنمص والوصل.
لكني لا أميل إلى التعليل بالتغيير وأميل إلى أن التغيير المعلل به حديث الواشمات والنامصات والواصلات ليس من المرفوع بل الموقوف على ابن مسعود رضي الله عنه، كما شرحته هنا (http://www.feqhweb.com/vb/t10045).
إن الناظر للعقاب الذي يترتب على من فعل هذه الافعال ، وقارنها بأشباهها ونظائرها ، ممن استوجب لعن الله ورسوله ، فسيجد الفارق صوب عينيه ، اضافة الى ذلك فإن الناظر لهذا الفعل ان رجحنا تحريمه في سلم كليات الشريعة ، فلا يعقل وضعها من الضروريات ، ولا من الحاجيات فالعلامة بن بيه (حفظه الله تعالى) يجعل لبس الحجاب من الحاجيات ، فتغطية الراس من الحاجيات فلا يعقل أن تكون تلك الافعال مساوية له ، فلم يبق الا انها من التحسينيات .
أخي الكريم ستر العورة كلها يعد من التحسينيات لا مجرد الحجاب فقط. ومن الخطأ ربط تشديد الوعيد بمرتبة الحكم من حيث كونه يقدح في الضروريات أو الحاجيات أو التحسينيات، لأن لتشديد الوعيد وتخفيفه وكثرته وقلته مداخل أخر غير رتبة المقصد، منها كثرة وقوع الفعل، ومنها وجود داعية في الطبع إليه. ألا ترى كيف شدد الإسلام في الغيبة، ومثل الله تعالى المغتاب بآكل لحم أخيه ميتا. وقال فمن لم يتب فأولئك هم الظالمون، وقال صلى الله عليه وسلم لعائشة: لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته. مع أن تحريم الغيبة لا يقع في رتبة الضروريات أو الحاجيات، وكذلك قل في الاستنزاه من البول وغير ذلك. ولو استعرضت الأحاديث التي ورد فيها اللعن لوجدت كثيرا منها ليس واردا في حاجي أو ضروري، كالربا مثلا، ولو كان درهما واحدا، ولو عاون فيه الشخص ولم يباشره. فانتبه إلى هذا فإنه أصل مهم. وابن عاشور رحمه الله لم يعتمد على ما قلته هذا في استشكال الحديث، وإنما استشكله من حيث كونه يضاد مقصد التزين الذي هو مندوب إليه في الجملة.

وأخيراً تعدد العلل لا يضر فقد يكون من باب الغرر والتزوير وقد يكون من هذا الباب
تعدد العلل لا يضر نعم لكن لا بد من الانتباه إلى طرد العلل وعكسها عند الإفتاء بالحكم، مع أن الإقرار بتعدد العلة هنا يقضي على مذهب المجيزين للنمص إذا لم يكن شعارا للمومسات كما مال إليه ابن عاشور رحمه الله.
والله أعلم.
 
التعديل الأخير:
إنضم
1 أكتوبر 2012
المشاركات
35
الكنية
ابوبكر
التخصص
هندسة
المدينة
رفاعة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: رفع الاشكال في حديث لعن النامصة والمتنمصة من خلال تراث العلامة بن عاشور : اللمعي

رد: رفع الاشكال في حديث لعن النامصة والمتنمصة من خلال تراث العلامة بن عاشور : اللمعي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
عرض جيد لكن بقي الدليل على مسلماتكم
.ووجهُهُ عندي الذي لم أر من أفصح عنه ، أنَّ تلك الأحوال كانت عند العرب أماراتٍ على ضعف حصانة المرأة ، فالنهيُ عنها نهيٌ عن الباعث عليها أو عن التعرض لهتك الأعراض بسببها)([41]) .
و كون الامام عالم بالعربية و اساليب العرب لا يغني عن ايراد الشاهد.
وتأييداً للوجه الذي ذكره الإمام ، لا بد من ذكر أن الإمام عالم بالعربية ، وعالم بأساليب العرب وقد خطت يداه آثاراً كثيرة في هذا السياق ، من ذلك فقد كتب مقالة في حصر وتحديد طريقة شعراء العرب في توجيه الخطاب للمرأة وقد حصرها بخمسة أغراض ([43]).
و قولي مسلمات لقولكم:
فالنص الوارد بلعن النامصات ... عرف عملي كان سائداً في ذلك الزمن ، فلا يحمل اللفظ إلا على هذا المفهوم
و ارجو البحث عن الشواهد فربما يؤيد قولكم لو ثبت بنقل صحيح ان ذلك كان من فعل العواهر.
و ارجو المعذرة ان كان في الكلام بعد عن المقصد فاني متطفل على موائد اهل العلم
و جزاكم الله خير






 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: رفع الاشكال في حديث لعن النامصة والمتنمصة من خلال تراث العلامة بن عاشور

متابع
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: رفع الاشكال في حديث لعن النامصة والمتنمصة من خلال تراث العلامة بن عاشور : اللمعي

رد: رفع الاشكال في حديث لعن النامصة والمتنمصة من خلال تراث العلامة بن عاشور : اللمعي

وأنا كذلك متابعة لهذا النقاش المفيد
 

يمان الشريف

:: متابع ::
إنضم
7 فبراير 2009
المشاركات
69
التخصص
فقه وأصوله
المدينة
الخليل
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: رفع الاشكال في حديث لعن النامصة والمتنمصة من خلال تراث العلامة بن عاشور

متابعة ... نقاش مفيد ومهم
 
إنضم
1 أكتوبر 2012
المشاركات
35
الكنية
ابوبكر
التخصص
هندسة
المدينة
رفاعة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: رفع الاشكال في حديث لعن النامصة والمتنمصة من خلال تراث العلامة بن عاشور

الاخ ايهاب محمد جاسم
نرجو ايراد دليل على أنَّ تلك الأحوال كانت عند العرب أماراتٍ على ضعف حصانة المرأة و انه من فعل العواهر.
لعله يساعد في اثبات ما ادعيتم و جزاكم الله خير


 
إنضم
8 أبريل 2012
المشاركات
60
الكنية
كلية الامام الاعظم الجامعة
التخصص
أصول فقه
المدينة
سامراء
المذهب الفقهي
مالكي
رد: رفع الاشكال في حديث لعن النامصة والمتنمصة من خلال تراث العلامة بن عاشور

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أعتذر عن الانقطاع المفاجئ ، وكلكم يعلم ماجرى في العراق وما يجري إلى الساعة التي أرسل لكم فيها هذه الرسالة ، فدعواتكم لأهل العراق
وأشكر لكم تفاعلكم
وبرد سريع لمجمل ما ورد من ردود واستفسارات ، أقول :
إن هذا الموضوع قد ذكر حسب علمي في أربع مواضع من اطروحة ابن عاشور ، وأقصد بذلك نصوصه فقط ، ولا أقصد الدراسات التي كتبت عنه
أولها : التحرير والتنوير ، وليس فيه احالات الا نادراً ، فهنا تنعدم الوسيلة لوصولنا الى مصدر هذه المسألة
ثانياً : حقق كتابه مقاصد الشريعة مرتين ، الاولى للميساوي ، والثاني لابن الخوجة ، ولم نجد في الكتابين أي احالة ، رغم أنها كتب تحقيق .
ثالثا : تحقيق للفتاوى ، ولم نجد فيها احالة تذكر .
وسأعود لنقاش هذه المسألة إذا سنحت لي الظروف .
ولكني سانقل لكم من تراث الإمام الأكبر
" طريقة من شعر العرب في توجيه الخطاب إلى المرأة " بنصها من كتاب ابن الخوجة (رحمه الله)
هذه المقالة لا تجري على المنهج الذي اعتدناه عند الإمام الأكبر إلا قليلاً . فهو لا يوغل فيها إيغاله في تتبع المفردات والتراكيب اعتماداً على القوانين التي ضبطها علماء اللغة العربية ، وتوصلاً إلى تفصيل الكلام في التصرّفات القولية ، وتمكناً من التحقق من مدلولاتها في اللسان العربي . ولكنّه يتّجه بنا اتجاهاً جديداً فيعود بنا من الطريقة التطبيقية إلى الطريقة الاستنتاجية ، ويسلك بنا سبيل المبرد ، ومن كان من الأقحاح في زمنه ، متحلاً بذلك عن منهج ابن الأنباري وابن الشجري وأمثالهما .
فهو بوقوفه على كلام العرب نثره ونظمه ، خطبه ورسائله ، ودرسه لعيون الشعر ودواوين العرب وجمهرات نظمها ، لاحظ في هذا التراث الواسع البديع ما شدّ انتباهه إلى بعض الاستعمالات التي لزمها القدامى وتعودوا عليها .
وعجب من خلو كتب اللغة والأدب ، لكثرة استعمالها ، من الوقوف عندها لدراسة خصائصها ، وبحث ما تتميّز به من أساليب في كتب البلاغة والنقد .
وذهب يقرّر أن لشعراء العرب في كلامهم سُننا لا يكادون يحيدون عنها ، يتبع فيها المتأخِّر خطى المتقدِّم ، بحيث يعدّ الإخلال بها حَيَدَة عن الطريقة المألوفة . وقبل أن يضبط بعض هذه السنن ويمثل لها بالشواهد الثابتة المعروفة ، يذكر سمات عامة للشعر عند العرب . منها :
أولاً : افتتاحهم لكثير من أغراضهم في الشعر بالنسيب ، وينبّه إلى موضع ذلك من معلّقات زهير والنابغة والأعشى ولبيد وعمرو بن كلثوم والحارث بن حلزة ، ويتقدّم الغزل أو النسيب قصائد المَدْح ، كما في قصيدة علقمة يمدح الحارث الغساني :
صحا بك قلب في الحسان طروب
بُعَيد الشباب عصرَ حان مشيب
وقصيدة كعب بن زهير :
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
متيّم إثرها لم يُفدَ مكبول
وقصيدة القطامي :
إنّا محيّوك فاسلم أيها الطلل
وإن بَليتَ ، وإن طالت بك الطول
وأقرها المتنبي في قوله :
إذا كان مدح فالنسيب المقدم
أكلّ فصيح ، قال شعراً ، متيَّم
ثانياً : ومنها خطاب المثنى بنحو ياصاحبيّ ، خليليّ ، يا فَتَيَان . ومن أقدم ما ورد من ذلك قول امرئ القيس :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
بسقط اللوى بين الدخول فحومل
وقول السليك بن السلكة السعدي :
يا صاحبيّ ألا لا حيَّ بالوادي
إلا عبيد وآم بين أذود
وقول الآخر :
فإن تسألاني عن هواي فإنّني
مقيم بأقصى القير يا فتيان
وهنا بعد تعليل البيت الأخير بأن من عادة المسافر أن يستصحب مرافقين ، يتقدم بملاحظة عامة يبيّن فيها استخلاصه مما وقع عليه نظره في مطالعات الأدب العربي أنه وجد شعراءهم كثيراً ما يوجهون الكلام إلى المرأة بطريق الخطاب أو بالاسم أو الضمير أو يحكون عن المرأة ، مع أن المقام أن تكون المرأة معيّنة مقصودة بذلك أو مقصوداً إبلاغ الكلام إليها . فربّما طلبوا من المرأة أن تسأل عن خبر وأن تتعرّف حادثاً .
وأكثر ما لاح لي ذلك في السؤال المفروض ، لأن الأصل فيه أن يبنى على فرض سؤال ، فيكون مبنياً على التذكير كقوله تعالى : (سأل سائل) [ المعارج : 1 ] ، أو (السائلين) [ البقرة : 177 ، يوسف : 7 ، فصلت : 10 ] .
فما لاح لي ذلك ذلك وتتبعته تبين لي أنَّ توجيه السؤال إلى المرأة بُني على ملاحظة الغرض الذي من شأن المرأة أن تسأل عنه ، ثم انتقلتُ إلى البحث عن كل مقام فيه ملاحظة الأغراض التي من شأن المرأة أن يكون لها الحظ الأوفر فيها من الاعتبار أي من الشؤون التي يغلب على النساء الاهتمام بها أكثرَ من اهتمام الرجال . فكل ذلك مما يقيمون كلامهم فيه على منوال التأنيث .
وهكذا ضبط صاحب المقالة صور توجيه الخطاب إلى المرأة وطرقه في الشعر عند العرب . ولكنه لا يفتأ أن يقول إثر هذا : ثم وجدت توجيه الخطاب إلى المرأة في مواضع أخرى غير طلب السؤال عن خبر ، فاتسع لي باب طرقته . فإذا وراءه كُوَى ، تطل منها أفنانٌ لا يعتريها ذبول ولا ذوى .
ويحاول الإمام ضبط هذه الأغراض أو تقريبها ، فيستجلي بذهنه ما مرّ به في بحوثه ودراساته ، ونظره ومطالعاته . فإذا هي لا تعدو خمسة أغراض سبرها سبراً .
ونحن قبل أن نتعرّض لهذه الأغراض من طرق توجيه الخطاب إلى المرأة ، لا بد لنا من الرجوع إلى أشعار العرب وأقوالها مؤتسين في ذلك بعمله الدقيق في هذه المقالة ، إذ جعل الشواهد مرجعَ استنتاجه وطريق وصوله إلى تقريراته في هذا الشأن .
الغرض الأول :
أنه كان من عادة النساء العربيات العناية بالأخبار والحوادث ، يعمرن بالحديث عنها آناء اجتماعهن في الأسمار . فمن أجل ذلك يتناقلنا وتُشيعها المرأة والأخرى ، وينبسطن بالحديث عنها إلى رجال بيوتهن في أسمارهم .
ومن ذلك حديث أم زرع الوارد بكتب السنة .
فإذا قصد الشاعر إلى إبراز تلك وجّه الخطاب إلى ضمير الأنثى ، أو حدّث عنها بطريق الغيبة . وهذا ليس من التجريد أو انتزاع ذات من ذات أخرى ، ولا هو من قبيل توجيه الخطاب إلى غير معيّن ، وهو كثير في القرآن .
ولكن في الغرض الذي نحن بصدده ينبغي أن يلحق بالأساليب المتّبعة في الاستعمال . ولا يحق أن يعدّ في مبحث وجوه تخريج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر من مباحث علم المعاني .
والنقاد لم يبحثوا عن نظيره وهو خطاب المثنّى في نحو (قفا نبك) ، كما قصدوا عدم التعرض لنظيره مع شهرته بين أهل الأدب .
واستثنى في هذا المقام صوراً لا تدخل في غرضنا المحدود هذا ، ممثلاً لها بكلام الأعشى ولبيد ، وعبيد بن الأبرص وذهلول بن كعب العنبري .
الغرض الثاني :
أن المرأة شديدة الإعجاب ببطلة الرجل لقصور قدرتها عما يستطيعه الرجال ، ولأنها ترى في بطولة الزوج والقرابة ما يُطَمئن بالها ويعيذها من كل شر . قال النابغة :
حذراً على أن لا تنال مقادتي
ولا نسوتي حتّى يَمُتن حرائرا
فإذا كان الرجل جباناً نفرت منه لتعيير النساء إياها به ، وهذا كالذي يومئ إليه عمرو بن كلثوم في بيته :

يقتن جــــــــــــــيادنا ويقــــــُلن لســـتم
بعولتَـــــــــــنا إذا لـــــــــــــم تمنــــــــعونا
ومما يلحق بهذا قول عنترة :
إن تغدفي دوني القناع فإنّني
طب بأخذ الفارس المتلثّم
وقول أنيف بن زبان الطائي :
فلما التقينا بيّن السيفُ بيننا
لسائلة عني ، خفيَّ سؤالها
وقول لبيد :
أو لم تكن تدري نوار بأنّني
وصّال عقد حبائل ، جذّامُها
ترّاك أمكنة إذا لم أرضها
أو يعتلق بعض النفوس حمامها
ومن هذا أيضاً مواجهة المرأة بأن تسأل عن كرمه ، كما في قول مضرس العبدي :
فلا تسأليني واسألي عن خليقتي
إذا ردَّ عافي القِدرِ من يستعيرها
الغرض الثالث :
رغبتهم في إظهار ثباتهم يوم اللقاء أو محامدهم بين أهليهم وقبائلهم كقول الآخر :
وترانا يوم الكريهة أحراراً
وفي السلم للغواني عبيداً
ويتغير هذا الغرض بتغيّر الأحوال . فمن ذلك أن تلوم المرأة زوجها على السخاء إبقاء على ماله . وقد جاء من هذا قول ضمرة بن ضمرة النهثلي :
بكَرتْ تلومك بعد وهن في الندى
بَسْلٌ عليك ملامتي وعتابي
وقال تأبط شراً :
بل من لعاذلة خذّالة أشب
حرّق باللوم جلدي أي تحراق
تقول أهلكت مالاً ، لو قنعت به
من ثوب صدق ، ومن بزِّ وإعلاق
وقال النمر بن تولب في حالة أخرى :
لا تجزعي إن منفس أهلكته
فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي
وقال كثير يمدح عبد الملك بن مروان :
إذا ما أراد الغزو لم تثن همه
حَصان عليها نظم دُر يزينها
نهته ، فلما لم تر النهيَ عاقهُ
بكت ، فبكى ممّا شجاها قطينها
وقال سُلمى بن ربيعة :
زعمت تماضر أنّني إن ما أمت
يسدُد بُنَيُّوها الأصاغرُ خلّتي
تربت يداك ، وهل رأيت لقومه
مثلي على يسري ، وحين تعلّتي
الغرض الرابع :
بناء الشعر على خطاب المرأة في الشؤون التي يليها النساء . فيكون ذلك الخطاب إخراجاً للكلام على الغربا . وانشد على هذا قول مرّة بن عكان السعدي :
يا ربة البيت قومي غير صاغرة
ضمّي إليك رحالَ الحيِّ والغربا
وقول الاخر ( وهو من شواهد المفتاح) :

أتت تشتكي منّي مزاولة القرى
وقد رأت الأضياف ينحون منزلي
فقلت لها لمّا سمعت كلامها
هم الضيف جِدَّي في قراهم وعجّلي
والغرض الخامس :
الذي ختم به ذكر الوجوه السابقة في أسلوب العرب في توجيه الخطاب الى المرأة هو تذكر الخليلة عند الوقوع في مازق من تذكر النعيم عند حلول البؤس ، إذ الشيء يذكر بضدّه ، او في حالة المسرّة والانبساط .
ومثل الإمام الأكبر لهذا الغرض بشواهد أربعة :
الأول : وهو أقدم ما فيه ، قول عنترة :
ولقد ذكرتك والرماح نواهل
منّي وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنّها
لمعت كبارق ثغرك المتبسّم
الثاني : قول أبي عطاء السندي :
ذكرتك والخطّيّ يذكر بيننا
ولقد نهلت منَّا المثقَّفةُ السمرُ
والثالث : قول ابن رشيق في قتال البحر :
ولقد ذكرتك في السفينة ، والردى
متوقّع بتلاطم الأمواج
وعلى السواحل للأعادي غارة
وأنا وذكرك في ألذّ تناج
والرابع : قول ابن زيدون في التذكّر عند ساعات السرور . وهو من أجود ما قيل في الذكر :
إني ذكرتك بالزهراء مشتاقاً
والأفق طلق ووجه الأرض قد راقا
وهكذا جاء تصرّفه في عرض الأساليب والأغراض في توجيه الخطاب جمعاً واستنتاجاً ، اعتماداً على روايته الواسعة للشعر، ومعرفته بالطرق فيه ، غير مقتصر في شواهده على الجاهلي وشعراء الحماسة والمفضليات ، بل متناولاً من ذلك ما جادت به قرائح المُوَلَّدين من نقاد وشعراء في بلاد المغرب والأندلس .
م . ز : 4/ 9 ، 207 ـــ 213 .
ينظر : شيخ الإسلام الإمام الأكبر محمد الطاهر بن عاشور ، للشيخ محمد الحبيب ابن الخوجة ، 1/ 520 ـــ 527 .
 
إنضم
8 أبريل 2012
المشاركات
60
الكنية
كلية الامام الاعظم الجامعة
التخصص
أصول فقه
المدينة
سامراء
المذهب الفقهي
مالكي
رد: رفع الاشكال في حديث لعن النامصة والمتنمصة من خلال تراث العلامة بن عاشور

ارجو ان اكون خفيفا الظل
 

فاطمة رشاد

:: متابع ::
إنضم
24 نوفمبر 2009
المشاركات
89
التخصص
فقه
المدينة
مكة
المذهب الفقهي
على الكتاب والسنة
رد: رفع الاشكال في حديث لعن النامصة والمتنمصة من خلال تراث العلامة بن عاشور

الموضوع مهم بالفعل كما قال الأخ إيهاب عجل الله بفرجه عليكم ؛ لأن بعض الفقيهات - ولسن عاميات - قد أخذن برأي المجيزين للنمص وقد يعتمدن في هذه المسألة على أن النمص تشبه بالعاهرات - وهو كذلك- فإذا انتفى التشبه فلا بأس أن تتجمل المرأة لزوجها !
لا أدري لمَ هذا التقديس للزوج ؟ أنخالف أمر نبينا صلى الله عليه وسلم لكي يرضى مخلوق ! أم أنه شماعة لتعليق الذنب عليه.

في الواقع لا أدرك مدى وجه الزينة في حلق بضع شعيرات من الوجه إذا لم يكن الحاجب كثيفاً مشوهاً، إني أرى النساء اللاتي يشقرن حواجبهن كمن نقصت خلقته، فيملك يداً واحدة أو رجلا واحدة ، فكيف الأمر إذا أزالته بالكلية أو خففته بالحلق أو النتف؟؟!! وأعتقد أن هذه عقوبة من الله تعالى ، عاقبها بنقيض مقصدها جزاء مخالفتها لنبيها صلى الله عليه وسلم.

ثانياً: إذا كان النهي غير معلل في النص فلا يعني ذلك خلوه من العلة، فالتعبد لله بامتثال الأوامر واجتناب النواهي هو المقصد الأكبر من العبادات.

ثالثاً: قد يكون الحكم غير معلل وقت نزول الوحي ثم تظهر العلة بعده بقرون، وهذا حاصل في أمور كثيرة، فقد أخبرتنا أستاذة في العقيدة أن أخاها طبيب وابتعث إلى بريطانيا، وجد أن نسبة السرطان منتشرة بشكل كبير بين عارضات الأزياء والممثلات، وبعد الدراسة والتمحيص استنتجوا أن هناك علاقة بين شعيرات الحاجب وبين نشاط الخلايا السرطانية، فسبحان الله الحكيم لم يأمر أو ينهى عن شيء إلا وفيه مصلحة لنا، أدركنا ذلك أم لم ندركه وعلينا التسليم بأمره، والأمر ههنا اتضح .
والله أعلم
 
إنضم
30 أكتوبر 2012
المشاركات
25
الكنية
ابو امين
التخصص
الهندسة - الشريعة
المدينة
اربيل
المذهب الفقهي
شافعي
رد: رفع الاشكال في حديث لعن النامصة والمتنمصة من خلال تراث العلامة بن عاشور

جزى الله الجميع على ما قالوه فوالله لإني أول من أسمع عن الامام الأكبر قول هذا مع أني أحبه حبا جما لأجل مقاصده و تفسيره ، لكن حبذا لو توثق المعلومة من كتبه المحققة لو تكرمون.هذا من جهة و من جهة أخرى ، لابد من توضيح تعريف الفقه اصطلاحا ، و هو - حسب ما تعلمته من الشيخ العلامة الأصولي الموصلي :هشام بن عبدالكريم البدراني في كتبه - من أن الفقه هو : العلم بوجوب العمل عند قيام الظنون - له تعاريف أخر لكن هذا ما أرتضيه - ، هذا شيء .ثانيا : هل ورد كلمة النمص في غريب الحديث للعلماء المتقدمين نقول نعم : في غريب الحديث للحربي : (1463)- [2 : 829] أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَبِيهِ " النَّمَصُ: بَقْلٌ يَنْبَتُ فِي أَرْضٍ صُلْبَةٍ يُشْبِهُ الْبُهْمَى، وَهُوَ أَوَّلُ الْبَقْلِ، نَبَاتًا فِي بِلادِهَا، وَإِنْ أَصَابَتْهُ أَدْنَى رِيحٌ اصْفَرَّتْ، الْوَاحِدَةُ نَمَصَةٌ "، وَأَنْشَدَنَا: وَلَمْ تَعَجَّلْ بِقَوْلٍ لا بَقَاءَ لَهُ كَمَا تَعَجَّلَ نَبْتُ الْخُضْرَةِ النَّمَصُ
قَوْلُهُ: لَعَاعًا: نَبْتٌ رَطْبٌ، وَرِبَّةٍ: نَبْتٌ تَجَبَّرَ: طَالَ، وَرَجُلٌ أَمْرَطُ الْحَاجِبَيْنِ، وَامْرَأَةٌ مَرْطَاءُ الْحَاجِبَيْنِ: لا يُسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْحَاجِبَيْنِ [ ج 2 : ص 829 ]
(1463)- [2 : 829] أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَبِيهِ " النَّمَصُ: بَقْلٌ يَنْبَتُ فِي أَرْضٍ صُلْبَةٍ يُشْبِهُ الْبُهْمَى، وَهُوَ أَوَّلُ الْبَقْلِ، نَبَاتًا فِي بِلادِهَا، وَإِنْ أَصَابَتْهُ أَدْنَى رِيحٌ اصْفَرَّتْ، الْوَاحِدَةُ نَمَصَةٌ "، وَأَنْشَدَنَا:
وَلَمْ تَعَجَّلْ بِقَوْلٍ لا بَقَاءَ لَهُ كَمَا تَعَجَّلَ نَبْتُ الْخُضْرَةِ النَّمَصُ
و جاء في الأوسط لابن المنذر بسند صحيح ،ح[863] قال :

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَنْبَأَ الشَّافِعِيُّ، ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: " أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَةً لِي أَصَابَتْهَا الْحَصْبَةُ فَتَمَزَّقَ شَعْرُهَا أَفَأَصِلُ بِهِ؟ قَالَ النَّبِيُّ : " لُعِنَتِ الْوَاصِلَةُ وَالْمَوْصُولَةُ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ أَجَابَ عَنْ هَذَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِمَّنْ يَرَى أَنَّ الشَّعْرَ طَاهِرٌ بِأَنَّ الْخَبَرَ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ لَعْنِ الْوَاصِلَةِ وَالْمَوْصُولَةِ لَمْ يَخُصَّ شَعْرَ مَيِّتٍ دُونَ شَعْرِ حَيٍّ وَلا شَعْرَ حَيٍّ دُونَ شَعْرِ مَيِّتٍ وَلا شَعْرَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ دُونَ مَا لا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ بَلْ أَجَابَهَا النَّبِيُّ جَوَابًا عَامًّا مُطْلَقًا لَمْ يَخُصَّ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ، فَقَالَ: " لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ " فَذَلِكَ عَامٌّ مُطْلَقٌ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ الْخَبَرُ لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ أَنْ تُوصِلَ شَعْرَهَا بِشَعْرِ شَيْءٍ مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَلا مِمَّا لا يُؤْكَلُ حَيًّا، وَلا مَيِّتًا عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ إِلا بِخَبَرٍ عَنِ النَّبِيِّ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِنَجَاسَةٍ فِي الشَّعْرِ الْمَوْصُولِ، وَلَكِنَّهُ تَعْبُدٌ تَعَبَّدُ بِهِ النِّسَاءُ، وَذَلِكَ كَلَعْنَةِ النَّامِصَةِ، وَالْمُتَنَمِّصَةِ، وَالْوَاشِمَةِ وَالْمُسْتَوْشِمَةِ، وَالْمُتَفَلِّجَةِ لِلْحُسْنِ .
قلت - أبو أمين - ك أنظر حتى للضرورة لم يرخص لها النبي ، و بهذا نفقه من أن المذكورات كان سببها الشرع ، وما قيده الشيخ الإمام من أنها كانت لتغيير خلق الله زمان النبي ، الىن ليس كذلك يرده هذا الحديث الصحيح ،ثم الذي قد أنكر ذلك إمرأة من بني اسد ، و لم يذكر الإمام أحوال بني الأسد حتى نطبق قاعدة العرف ، نعم أنا من الصارخين منذ زمن بضرورة معرفة حال الحديث من حيث الراوي و السائل و مذهب الراوي و مكان السائل و تكرار الحادثة ام لا ... الى غير ذلك .لكن أرى أن لا نتسرع في مثل هذا الأمور .
ثم قال ابن المنذر ايضا في الأوسط بسند صحيح ،ح [866] :
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: " زَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ تَصِلَ الْمَرْأَةُ فِي شَعْرِهَا شَيْئًا " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَالَ الْفَرَّاءُ: النَّامِصَةُ الَّتِي تَنْتِفُ الشَّعْرَ مِنَ الْوَجْهِ الْمُتَنَمِّصَةُ الَّتِي تَفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا، وَقَالَ غَيْرُ الْفَرَّاءُ: الْوَاشِرَةُ الَّتِي تَشِرُ أَسْنَانِهَا، وَذَلِكَ أَنَّهَا تُفْلِجُهَا وَتُحَدِّدُهَا حَتَّى يَكُونَ لَهَا أَشَرٌ، وَالأَشَرُ مُحَدَّدٌ وَرِقَّةٌ فِي أَطْرَافِ الأَسْنَانِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي أَسْنَانِ الأَحْدَاثِ تَفْعَلُهُ الْكَبِيرَةُ لِتَتَشَبَّهَ بِأُولَئِكَ، وَأَمَّا الْوَاصِلَةُ وَالْمُسْتَوْصِلَةُ، فَإِنَّهُ فِي الشَّعْرِ، وَذَلِكَ ؛ لأَنَّهَا تَصِلُهُ بِشَعْرٍ آخَرَ، وَأَمَّا الْوَاشِمَةُ وَالْمُسْتَوْشِمَةُ، فَإِنَّ الْوَشْمَ فِي الْيَدِ كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَغْرِزُ كَفَّهَا أَوْ مِعْصَمَهَا بِإِبْرَةٍ أَوْ مَسَلَّةٍ حَتَّى تُؤَثِّرَ فِيهِ، ثُمَّ تَحْشُوهُ بِالْكُحْلِ فَيَخْضَرُّ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِدَارَاتٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَاللازِمُ لِمَنْ يَقُولُ بِظَاهِرِ الأَخْبَارِ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ عَلَى الظَّاهِرِ، وَكُلُّ امْرَأَةٍ وَصَلَتْ شَعْرَهَا بِشُعُورِ بَنِي آدَمَ أَوْ شُعُورِ الْبَهَائِمِ، وَهِيَ عَالِمَةٌ بِنَهْيِ النَّبِيِّ أَنَّ الْمَعْصِيَةَ تَلْحَقُهَا إِلا أَنْ تَدُلَّ حُجَّةٌ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ عَلَى إِبَاحَةِ بَعْضِ ذَلِكَ فَيَسْتَثْنِي مِنْ ذَلِكَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْحَجَّةَ، وَلا نَعْلَمَ خَبَرًا يُوجِبَ أَنْ يُسْتَثْنَى بِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا جَاءَ بِهِ النَّهْيُ عَنِ النَّبِيِّ وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: لا خَيْرَ فِي بَيْعِ شَعْرِ بَنِي آدَمَ، وَلا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ يَعْقُوبُ: قَالَ: وَلا بَأْسَ أَنْ تَصِلَ الْمَرْأَةُ شَعْرَهَا بِالصُّوفِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قلت :أظن أن الأمر بانت ، و ليس كما يتوهم من أن الأمر من قبل السلف لم يدرس بما درسه الإمام الأكبر.
فلنتريث قليلا و لا نقع في متاهات المتفقهين الكبار أمثال هذا الإمام الذي نحن بصدده .
 
إنضم
17 فبراير 2011
المشاركات
48
الكنية
السليماني
التخصص
الشريعة
المدينة
الرباط
المذهب الفقهي
المالكي
رد: رفع الاشكال في حديث لعن النامصة والمتنمصة من خلال تراث العلامة بن عاشور

بارك الله فيكم
 
أعلى