العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

زكاة الأسهم والشركات وصناديق الاستثمار

صالح سعد العنزي

:: متابع ::
إنضم
8 يناير 2017
المشاركات
12
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
فقه
المدينة
الكويت
المذهب الفقهي
حنبلي
زكاة الأسهم والشركات وصناديق الاستثمار




اعداد/ صالح سعد العنزي


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فهذا جمع مختصر لبعض مسائل زكاة الأسهم , والشركات , وصناديق الاستثمار , فالله أسـأل أن ييسر ويبارك ويوفق , وقد رتبته على حسب الخطة التالية :
· المبحث الأول : التعريف بمفردات العنوان , وفيه أربعة مطالب :
· المطلب الأول : تعريف الزكاة لغة اصطلاحاً.
· المطلب الثاني : تعريف الأسهم لغة واصطلاحاً.
· المطلب الثالث : تعريف الشركات لغة واصطلاحا.
· المطلب الرابع : تعريف صناديق الاستثمار باعتبارها مركباً إضافياً.
· المبحث الثاني : زكاة الأسهم , وفيه أربعة مطالب :
· المطلب الأول : أنواع الأسهم.
· المطلب الثاني : التكييف الفقهي للأسهم.
· المطلب الثالث : حكم التعامل بالأسهم.
· المطلب الرابع : حكم زكاة الأسهم.

· المبحث الثالث : زكاة الشركات , وفيه ثلاثة مطالب :
· المطلب الأول : أنواع الشركات , وفيه فرعان :
· الفرع الأول : شركة الأملاك.
· الفرع الثاني : شركة العقود.

· المطلب الثاني : صور الشركات المعاصرة , وفيه فرعان :
· الفرع الأول : شركات الأموال.
· الفرع الثاني : شركات الأشخاص.
· المطلب الثالث : حكم زكاة الشركات.

· المبحث الرابع : زكاة صناديق الاستثمار , وفيه أربعة مطالب :
· المطلب الأول : التكييف الفقهي للصناديق الاستثمارية.
· المطلب الثاني : أنواع الصناديق الاستثمارية.
· المطلب الثالث : حكم الصناديق الاستثمارية.
· المطلب الرابع : حكم زكاة صناديق الاستثمار.

المبحث الأول
التعريف بمفردات العنوان
· المطلب الأول : تعريف الزكاة لغة اصطلاحاً.
· المطلب الثاني : تعريف الأسهم لغة واصطلاحاً.
· المطلب الثالث : تعريف الشركات لغة واصطلاحا.
· المطلب الرابع : تعريف صناديق الاستثمار باعتبارها مركباً إضافياً.



المبحث الأول
التعريف بمفردات العنوان
في هذا المبحث أريد ان أعرف مفردات العنوان , إذ بذلك يحصل لنا التصور الصحيح للموضوع المراد بحثه , لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره.
المطلب الأول: تعريف الزكاة لغة واصطلاحاً :
أولاً - تعريف الزكاة لغة : قال ابن فارس رحمه الله : " الزاء والكاف والحرف المعتل أصل يدل على نماء وزيادة..والأصل في ذلك كله راجع إلى هذين المعنين وهما النماء والطهارة "[1]
ثانياً – تعريف الزكاة اصطلاحاً :
· الزكاة عند الحنفية : تمليك جزء مال عينه الشارع من مسلم فقير غير هاشمي ولا مولاه , مع قطع المنفعة عن الملك من كل وجه لله تعالى.[2]
· الزكاة عند المالكية : جزء من المال , شرط وجوبه لمستحقه بلوغ المال نصاباً.[3]
· الزكاة عند الشافعية : اسم لقدر مخصوص من مال مخصوص يجب صرفه لأصناف مخصوصة بشرائط.[4]
· الزكاة عند الحنابلة : حق واجب , في مال مخصوص , لطائفة مخصوصة بوقت مخصوص.[5]


المطلب الثاني : تعريف الأسهم لغة واصطلاحاً :
أولاً – تعريف الأسهم لغة : قال ابن فارس رحمه الله : " السين والهاء والميم أصلان : أحدهما يدل على تغير في لون , والآخر على حظ ونصيب وشيء من أشياء ".[6]
ثانياً - تعريف الأسهم اصطلاحاً : عرفت الأسهم بعدة تعاريف من قبل أهل العلم والفضل واختار الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان حفظه الله تعريفاً ذكر أنه من أحسنها وهو أنها " صكوك تمثل حصصا في رأس مال شركة , متساوية القيمة , غير قابلة للتجزئة , وقابلة للتداول بالطرق التجارية , وتمثل حقوق المساهمين في الشركات التي أسهموا في رأس مالها ".[7]

المطلب الثالث : تعريف الشركات لغة واصطلاحاً :
أولا – تعريف الشركة لغة : قال ابن فارس رحمه الله : " الشين والراء والكاف أصلان , أحدهما يدل على مقارنة وخلاف انفراد...فالأول الشركة وهو أن يكون الشيء بين اثنين لا ينفرد به أحدهما. ويقال شاركت فلاناً في الشيء , إذا صرت شريكه. وأشركت فلاناً , إذا جعلته شريكاً لك ".[8] , وهي الخلطة والاختلاط.[9]
ثانياً – الشركة اصطللاحاً : سأذكر هنا تعريف الشركة من حيث الجملة , لأن الشركة أنواع وأقسام سيأتي بيانها إن شاء الله في المبحث الثالث الخاص بزكاة الشركات وهناك أعرف كل شركة من أنواع الشركات وأقسامها إن شاء الله.
· الشركة عند الحنفية : "اختلاط النصيبين فصاعداً بحيث لا يفرق أحد النصيبين عن الآخر".[10]
· الشركة عن المالكية : "إذن كل واحد من المتشاركين لصاحبه في التصرف في ماله أو ببدنه لهما".[11]
· الشركة عند الشافعية : " ثبوت الحق في شيء لإثنين فأكثر على جهة الشيوع".[12]
· الشركة عند الحنابلة : " هي الاجتماع في استحقاق أو تصرف ".[13]

المطلب الرابع : تعريف صناديق الاستثمار :
عرفت صناديق الاستثمار بتعاريف عديدة , ومن الذين عرفها فضيلة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان بقوله : " وعاء استثماري يضع العميل فيه مبلغاً من المال , ويقوم البنك بإدارته , ويعطي العميل البنك نسبة من الربح , مقابل أتعابه ".[14]


المبحث الثاني
زكاة الأسهم
وفيه أربعة مطالب :
· المطلب الأول : أنواع الأسهم.
· المطلب الثاني : التكييف الفقهي للأسهم.
· المطلب الثالث : حكم التعامل بالأسهم.
· المطلب الرابع : حكم زكاة الأسهم.


المبحث الثاني
زكاة الأسهم
في هذا المبحث أبين إن شاء الله أنواع الأسهم , وتكييفها الفقهي , وحكم التعامل بها , وزكاتها إن شاء الله.

المطلب الأول : أنواع الأسهم :
ذكر الدكتور محمد عثمان شبير أن الأسهم تتنوع وتختلف بحسب الاعتبارات التي يلاحظها الباحث فيها , فقسم الأسهم إلى أربعة أنواع:[15]
· التقسيم الأول – تنقسم الأسهم من حيث الحصة التي يدفعها الشريك إلى :
1. أسهم عينية : وهي التي تدفع أموالاً من غير النقد , كمكاتب ونحوها.
2. أسهم نقدية : وهي التي تدفع نقداً.
· التقسيم الثاني : تنقسم الأسهم من حيث الشكل إلى أنواع وهي :
1. أسهم اسمية : وهي التي تحمل اسم المساهم وتثبت ملكيته لها.
2. أسهم لحاملها : وهي التي لا تحمل اسم حاملها , ويعتبر حامل السهم هو المالك في نظر الشركة.
3. أسهم للأمر : وهي التي تتضمن (للأمر) فيكون السهم قابلاً للتظهير.
· التقسيم الثالث : تنقسم الأسهم من حيث الحقوق التي تعطيها لصاحبها إلى :
1. أسهم عادية : وهي التي تتساوى في قيمتها , وتعطي المساهمين حقوقاً متساوية.
2. أسهم ممتازة , وهي التي تعطي صاحبها حقوقاً خاصة لا توجد في الأسهم العادية لجذب الجمهور للاكتتاب بها , ومن هذه الحقوق حق الحصول على الأرباح الثابتة سواء ربحت الشركة أو خسرت , وحق استعادة قيمة السهم كاملاً عند تصفية الشركة , وتمنح صاحب السهم الممتاز أكثر من صوت في الجمعية العمومية , وهذا النوع لا يجوز إصداره في نظر الشريعة الإسلامية لأنه يتضمن الربا , ويتنافى مع العدل الذي أمر به الإسلام.
· التقسيم الرابع : تنقسم من حيث استرداد قيمتها الإسمية قبل انقضاء الشركة وعدم الاسترداد إلى :
1. أسهم رأس المال : وهي التي لا يجوز لصاحبها استرداد قيمتها من الشركة ما دامت الشركة قائمة , وهذا هو الأصل بالنسبة لجميع الأسهم كما نص القانون , لأن ذلك يؤدي إلى انخفاض رأس المال , وفيه اضعاف حقوق دائني الشركة.
2. أسهم تمتع : وهي التي تستهلكها الشركة , بأن ترد الشركة قيمتها إلى المساهم قبل انقضاء الشركة , ويبقى صاحبها شريكاً , له حق الحصول على الأرباح , والتصويت في الجمعية العمومية , ويطلق على هذه العملية استهلاك الأسهم , وتكون هذه في الشركات التي تهلك تدريجياً كشركات تنقيب النفط , وشركات المناجم ونحوها , وهذا من خلال قرعة سنوية يحصل فيها المساهم على قيمة سهمة الإسمية , ويمنح بدلاً منه سهم تمتع , وهذا النوع من الأسهم لا يجوز إصداره , لأن الشريك بعد أن يسترد قيمة أسهمه لا يعتبر شريكاً ولا يستحق المشاركة في الأرباح , لأن الربح في الشركات يستحق بأحد أسباب ثلاثة , وهي المال , والعمل , والضمان , ولا يوجد أي سبب منها في صاحب سهم التمتع.


المطلب الثاني : التكييف الفقهي للأسهم :
اختلف أهل العلم والفضل في التكييف الفقهي للأسهم على قولين[16] :
· القول الأول : أن الأسهم عروض تجارة , وذهب إليه جمع من العلماء المعاصرين والباحثين , ومنهم الشيخ جاد الحق – شيخ الأزهر السابق - , واستدل أصحاب هذا القول بأدلة منها :
1. أن الشركات المساهمة من نتاج القوانين الوضعية , والقوانين الوضعية تنص على أنا أموال الشركة ليست مملوكة لحملة أسهمها , بل هي مملوكة للشركة ذاتها , إذ هي شخص معنوي , والشريك لا يملك في الشيوع مال الشركة ما دامت قائمة , وأجيب عنه من وجهين :
§ أن اثبات الشخصية الاعتبارية للشركة وكونها ذات مسؤولية محدودة لا يخرجها عن حقيقة شركة العنان , فالمال للشركاء جميعاً , والعمل يقوم به موظفون ويأخذون أجورهم من أصحاب المال , ومجلس الإدارة يأخذ مكافأته من أصحاب المال , والصمان على أصحاب المال.
§ أنه يلزم من هذا القول أن لا يكون هناك فرق بين الشركات المساهمة التي يكون أصل نشاطها حلالاً , والشركات التي يكون أصل نشاطها حراماً , فكلاهما تتصرفان بشخصية اعتبارية مستقلة عن المساهمين , وهذا اللازم لم يقل به أحد من العلماء.
2. أن الأسهم أموالاً اتخذت للتجارة ولها أسواقها , ومن يتجر فيها بالبيع والشراء قد يكسب منها وقد يخسر , ومناط التعامل فيها هو قيمته التجارية في الأسواق المالية , فهي بهذا الغرض من العروض , وأجيب عنه من وجوه :
§ أن هذا خارج عن محل الخلاف , فكونها عروضاً أو ليست بعروض لا يخرجها عن كونها حصة في موجودات الشركة.
§ أن هذا أخذ عن بعض القانونيين ولا يعرف له أصل في الفقه الإسلامي
§ أن هذا يتعارض مع أحكام متفق عليها في الشركات المساهمة منها , أن المساهم له حق التصرف في سهمه بالبيع أو الهبة ونحوها , وهذا دليل الملك , لأن الإنسان لا يبيع ما لا يملك , ولا يصح أن يقال أنه يبيع الوثيقة لأن الوثيقة لا قيمة لها إذا جردناها عن ما تدل عليه.
· القول الثاني : أن السهم يمثل نصيب الشريك في موجودات الشركة , وإليه ذهب أكثر العلماء المعاصرين , واستدل أصحاب هذا القول بأن السهم يمثل نصيب الشريك في موجودات الشركة بأن الشركة في الفقه الإسلامي مبناها على الوكالة , فالشريك وكيل عن صاحبه في التصرف , وينفذ تصرف كل من الشريكين أو الشركاء بحكم الملك في نصيبه والوكالة في نصيب شريكة , ولا يعرف في تاريخ الفقه الإسلامي أن للشركة شخصية حكمية أو معنوية منفصلة ذمتها عن ذمم الشركاء.
· الترجيح : الذي يظهر والله تعالى أعلم القول الثاني لقوة أدلتهم وسلامتها من المعارضة.

المطلب الثالث : حكم التعامل بالأسهم :
اختلف أهل العلم الفضل في التعامل في الأسهم الصادرة من الشركات المساهمة تبعاً للاختلاف في حكم جواز الشركات المساهمة على قولين[17] :

· القول الأول : إباحة الشركات المساهمة وعليه إباحة الأسهم الصادرة منها , وإلى هذا القول ذهب أكثر العلماء المعاصرين , واستدلوا[18] :
1. عموم أدلة الشركة , من الكتاب والسنة والإجماع.
2. أن الأصل في العقود والمعاملات الإباحة ما لم يقم دليل على تحريمها ومنعها , لقوله صلى الله عليه وسلم " المسلون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالا أو أحل حراماً "[19].
· القول الثاني : تحريم هذه الشركة , لأن هذه الشركة تخالف الشركة المشروعة من عدة وجوه , وبناء على ذلك حكموا عليها بأنها شركة فاسدة غير مشروعة , وذهب إلى هذا القول الشيخ تقي الدين النبهاني , والدكتور عيسى عبده , واستدلوا :
1. أن شركة المساهمة ليست عقدا بين شخصين فأكثر , والعقد شرعاً لابد أن يكون بين طرفين فأكثر من خلال الإيجاب والقبول , فعلى هذا بطلت الشركة , وهذا يظهر من خلال توقيع المساهم على الصك بموافقته على الشروط الموجودة في نظام الشركة فيصبح بهذا شريكاً , وهذا يدل على عدم وجود طرفين أجريا العقد.[20]
2. أن هذه الشركة من الشركات الرأسمالية التي لا تنفع الإسلام.[21]
· الترجيح الذي يترجح , هو القول الأول بجواز الشركات المساهمة وجواز قيامها وفق الضوابط الشرعية وعليه جواز التعامل بالأسهم وفق ضوابط شرعية منها الآتي[22] :
1. أن تكون الأسهم صادرة من شركات ذات أغراض مشروعة , بحيث يكون نشاطها حلالاً مباحاً كشركات الكهرباء والأدوية ونحوها.
2. أن تكون الأسهم صادرة عن شركة معروفة ومعلومة لدى الناس , بحيث تعرف نزاهتها وسلامة تعاملها.
3. أن لا يترتب على التعامل معها أي محظور شرعي كالربا والغرر والجهالة وأكل أموال الناس بالباطل , فعليه لا يجوز قبول المسلم أسهم الامتياز التي تمنح له.

المطلب الرابع : حكم زكاة الأسهم :
اختلف أهل العلم والفضل في إخراج زكاة الأسهم على عدة أقوال[23] :
· القول الأول : وجوب زكاة التجارة على الأسهم بحسب نشاط الشركة :
§ إن كانت شركة صناعية وهي التي لا تمارس عملاً تجارياً كشركات الصباغة وشركات الفنادق وشركات النقل ، فهذه لا تجب الزكاة في أسهمها , لأن قيمة هذه الأسهم موضوعة في الآلات والأدوات والمباني والأثاث ونحو ذلك مما يلزم الأعمال التي تمارسها , وهذه الأشياء لا زكاة فيها , وإنما تجب الزكاة في أرباح هذه الأسهم إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول.
§ إن كانت شركة تجارية محضة و هي التي تشتري البضائع وتبعيها بدون إجراء عمليات تحويلية عليها كشركات الاستيراد والتصدير , وشركات التجارة الخارجية , أو كانت شركة تجارية صناعية وهي التي تجمع بين الصناعة والتجارة كالشركات التي تستخرج المواد الخام أو تشتريها ثم تجري عليها عمليات تحويلية ثم تتجر فيها , كشركات البترول , وشركات الغزل والنسيج , وشركات الحديد والصلب , والشركات الكيماوية فتجب الزكاة في أسهمها , ويخصم من قيمة السهم قيمة الأصول الثابتة , وتعرف قيمتها من خلال ميزانية الشركة.
§ إن كانت شركة زراعية ، وهي التي نشاطها زراعة الأراضي , فهذه فيها زكاة الزروع والثمار – إن كان المحصول مما تجب فيه الزكاة - فينظر ما يقابل كل سهم من زروع وثمار وعلى صاحب السهم زكاته ، فعليه عشره إن كان يسقى بدون كلفة ، ونصف العشر إن كان يسقى بكلفة ، بشرط أن يبلغ نصيب المساهم نصاباً وهو 300 صاع ,وهو قول الشيخ عبدالرحمن عيسى , والشيخ عبدالله البسام , والدكتور وهبة الزحيلي , واستدلوا :
§ أن الزكاة لا جب في أدوات القنية , وقيمة أسهم الشركات الصناعية موضوعة في الآلات الصناعية والمنشآت ونحوها , مما يوجب الفرق بينها وبين الشركات التجارية في الحكم , كما أن تلك المنشآت والمعدات غير معدة للبيع وإنما للاستغلال , وبينهما فرق كبير , فلذا افترق الحكم في زكاة كل منها , ونوقش : بأن التفرقة بين الشركات الصناعية والتجارية بحيث تعفى الأولى من الزكاة دون الثانية , تفرقة ليس لها أساس ثابت لا من كتاب ولا من سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح , فالأسهم هنا وهناك رأس مال نام يدر ربحا سنويا متجددا , وقد يكون ربح الشركة الصناعية أعظم وأوفر من الأولى.
· القول الثاني : وجوب الزكاة في الأسهم بحسب نية المساهم ونوعية الأسهم :
§ فإن كان تملكها للاستفادة من ريعها فيزكيها بحسب نوع الشركة , فإن كانت زراعية زكاها زكاة الزروع , وإن كانت صناعية فإن زكاتها تكون زكاة تجارة من صافي أرباحها , وإن كانت تجارية فإن الزكاة تجب في قيمة الأسهم الحقيقية[24] بعد حسم الأصول الثابتة والمصاريف الإدارية.
§ وإن كان تملكها للمتاجرة فيها بيعا وشراء , فيزكيها زكاة العروض التجارية بقيمتها السوقية[25] مهما كان نوع الشركة المساهمة , وبه قال الشيخ عبدالله بن منيع , وفيه هذا القول فيه اعتبار لنية المساهم عنده اتخاذه الأسهم للمضاربة فتجب فيها زكاة التجارة مطلقاً , واستدلوا :
§ استدلوا على التفريق بين الشركات بما تقدم في دليل القول الأول , ولأن السهم حصة من الشركة فيكون له حكم زكاتها صناعية أو تجارية أو زراعية , وأما ايجاب زكاة التجارة على من اشتراها للمتاجرة ببيعها وشرائها , فلأنها صارت عروضاً تجارية لها أسواقها وأنواعها وأسعارها التي تختلف عن قيمة الأسهم الحقيقية.
· القول الثالث : وجوب زكاة التجارة في الأسهم مطلقاً , سواء كانت أسهم شركات تجارية أم صناعية أم زراعية , وسواء تملكها للاستفادة من ريعها أم للتجارة بها , وهو قول الشيخ أبي زهرة وعبدالرحمن بن حسن , وعبدالوهاب خلاف , ففيه هذا القول يعتبرون الأسهم عروضا تجارية مطلقاً بغض النظر عن نشاط الشركة ونية المساهم , واستدلوا :
§ أن الهدف من شراء السهم واحد وهو الاتجار والاسترباح , وهذا متحقق فيمن اتخذ الأسهم لريعها , أو لتقليبها في البيع والشراء , فيصدق عليها أنها عروض تجارية , ونوقش : أن هناك فرق بين اتخاذ الأسهم لأجل ريعها , وبين تقليبها بالبيع والشراء , فلا يصدق على من أتخذ الأسهم لأجل ريعها أن هذه الأسهم تكون عروض تجارة , بل هي من المستغلات , تزكى غلتها بعد مرور حول وبلوغها نصاباً.

· القول الرابع : التفصيل على التالي :
§ إن كان المزكي هو الشركة , فتخرج الزكاة كما يخرجها الشخص الطبيعي , فتعتبر جميع أموال المساهمين بمثابة مال شخص واحد من حيث نوع المال الذي تجب فيه الزكاة , والنصاب والمقدار الواجب أخذه , وغير ذلك مما يراعى زكاة الشخص الواحد.
§ إن كان المزكي هو المساهم وكانت الشركة أخبرته بالقدر الواجب عليه في زكاة أسهمه أخرجه بعد معرفة ذلك , وإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي , وليس بقصد التجارة فإنه يزكيها زكاة المستغلات – كالعمارة إذا ملكت ثم أجرت وادخرت أجرتها حتى حال عليها الحول فإنه يزكيها وإن مضت هذه الأموال فلا زكاة عليه – فيخرج الزكاة من ريع السهم بعد دوران الحول من يوم القبض , وإن كان ملكها بقصد التجارة زكاها زكاة عروض التجارة بحساب قيمتها السوقية بعد حلول الحول , وإن لم يكن لها سوق زكى قيمتها بتقويم أهل الخبرة للسهم وربحه , وهذا ما صدر به قرار مجمع الفقه الإسلامي , واستدلوا :
§ استدلوا لاعتبار أموال الشركة مالاً واحداً بقوله صلى الله عليه وسلم : " لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة "[26].
· الترجيح : بعد عرض الأقوال السابقة يتبين ما يلي :
· إن كان المزكي هو المساهم فالراجح هو القول الثاني باعتبار نوع الشركة , ونية المساهم , مع ملاحظة التالي :
§ بلوغ أسهم المزكي نصابا بنفسها أو بضمها لأمواله الزكوية إذا كان له حكمها , ويراعى في ذلك حسم قيم الأصول الثابتة , والمصاريف الإدارية , والديون المستحقة الحالة على الشركة , وكذا على المساهم مما لم يتمكن من سدادها.
§ إذا لم يتمكن المساهم من معرفة بموجودات الشركة الزكوية لاحتساب زكاتها فإنه يخرج ربع عشر قيمة السهم الدفترية[27].
· أن كان المزكي هو الشركة المساهمة فالراجح هو القول الرابع المتمثل في اعتبار أموال المساهمين كمال الشخص الواحد في وجوب الزكاة من حيث نوع المال , وحوله , ونصابه مع ملاحظة ما يلي :
§ عدم أخذ الزكاة على أموال غير المسلمين لفقدهم أهم شروط الزكاة وهو الإسلام.
§ بالنسبة للمضارب بالأسهم لا يكتفي بزكاة الشركة , بل يجب عليه إخراج الفرق بين زكاة الشركة بالقيمة الحقيقية للسهم , وبين زكاته بالقيمة السوقية , كما أن الشركات الصناعية لا تزكي إلا ريع السهم الصافي , بينما يجب عليه أن يزكي كامل قيمته , مع حسم ما أخرجته الشركة إذا علم بمقداره , فإن شق معرفة ذلك على المضارب فإنه يخرج الزكاة بالنظر لقيمة الأسهم السوقية.


المبحث الثالث
زكاة الشركات
وفيه ثلاثة مطالب :
· المبحث الثالث : زكاة الشركات , وفيه ثلاثة مطالب :
· المطلب الأول : أنواع الشركات , وفيه فرعان :
· الفرع الأول : شركة الأملاك
· الفرع الثاني : شركة العقود
· المطلب الثاني : صور الشركات المعاصرة , وفيه فرعان :
· الفرع الأول : شركات الأموال .
· الفرع الثاني : شركات الأشخاص .
· المطلب الثالث : حكم زكاة الشركات.


المبحث الثالث
زكاة الشركات
قبل التحدث عن زكاة الشركات يحسن الحديث عن أنواع الشركات وأقسامها , حيث أنه هناك شركات قديمة مطروقة في كتب الفقه في باب الشركات , وهناك شركات حديثة نشأت مع تطور المعاملات والعقود ,وقد تقدم في المبحث الأول التعريف بالشركة عند أصحاب المذاهب الأربعة , وفي المطلب الأول أبين أنواع الشركات عند الفقهاء قديماً إن شاء الله.
المطلب الأول : أنواع الشركات , وفيه فرعان :
الفرع الأول : شركة الأملاك[28] : هي أن يمتلك شخصان فأكثر شيئا من الأعيان من غير عقد شركة , كالإرث والهبة , أو الشراء , فلا يتصرف أحدهما في نصيب الآخر إلا بإذنه , لأنه لا ولاية لأحدهما على نصيب الآخر. , وتنقسم شركة الأملاك إلى قسمين :
· شركة اختيار : أي لهما الخيار في الدخول في هذه الشركة , كأن يوهب شخصان هبة أو يوصى لهما بوصية فيقبلان , فيكون الموهوب والموصى به ملكا لهما على سبيل المشاركة.
· شركة إجبار : أي أن الشركاء مجبورون على الدخول بهذه الشركة ابتداء , كأن يرث إخوة ميراثاً.
وهذه الشركة أعني شركة الأملاك ليست المقصودة في كتب الفقه عندما يطرق الفقهاء باب الشركة , بل المراد عندهم هي شركة العقود.[29]

الفرع الثاني : شركة العقود : هي أن يتعاقد شخصان فأكثر بعمل ومال , أو بعمل من أحدهما ومال من الآخر , أو العكس.
قسم الفقهاء شركة العقود إلى عدة أقسام :
1. شركة العنان : هي أن يشترك اثنان في مال لهما على أن يتجرا فيه والربح بينهما.[30]
2. شركة المضاربة : هي أن يدفع المالك إلى العامل مالا ليتجر فيه , ويكون الربح مشتركاً بينهما بحسب ما شرطا , وأما الخسارة فهي على رب المال ولا يتحمل العامل المضارب من الخسران شيئاً وإنما هو يخسر عمله وجهده.[31]
3. شركة الوجوه : أن يشترك اثنان فيما يشتريان بجاههما وثقة التجار بهما من غير أن يكون لهما رأس مال , ويعملان فيه . وما يحصلان عليه من ربح فهو بينهما على ما شرطاه.[32]
4. شركة الأبدان : أن يشترك اثنان فأكثر فيما يكتسبونه بأيديهم كالصناع , ويكون الربح بحسب ما شرطوه.[33]
5. شركة المفاوضة : أن يفوض كل واحد من الشريكين إلى الآخر الشراء أو البيع أو المضاربة, أو التوكيل , الابتياع في الذمة , أو المسافرة بالمال , أو الارتهان وضمان ما يرى من الأعمال , أو غير ذلك. وهي شركة صحيحة , لأنها لا تخرج عن شركة العنان والوجوه , ويكون الربح على ما شرطاه , والوضيعة على قدر المال , والأقرب أنها ليست قسماً مستقلاً من أقسام الشركات , وإنما ترجع إلى أحد أقسام الشركة السابقة.
المطلب الثاني : صور الشركات المعاصرة :
في هذا المطلب أذكر الشركات المعاصرة التي تطورت مع تطور المعاملات والعقود في تعاملات الناس في العصر الحديث , وفي هذا المطلب فرعان :
الفرع الأول : شركات الأموال :
هي شركات تقوم على الاعتبار المالي دون النظر إلى شخص الشريك , وثم فلا تتأثر بوفاة أحد الشركاء أو إفلاسه , أو إعساره , وتتضمن ثلاث شركات[34] :
1. شركة المساهمة : هي شركة ينقسم رأس مالها إلى أسهم متساوية القيمة , قابلة للتداول , ولا يكون كل شريك فيها مسؤولا إلا بقدر حصته في رأس مالها , ولا تسمى باسم أحد الشركاء , بل باسم الغرض أو النشاط الذي تزاوله.
2. شركة التوصية بالأسهم :هي شركة تشبه سابقتها من حيث انقسام رأسمالها إلى أسهم متساوية القيمة , قابلة للتداول دون حاجة إلى موافقة سائر الشركاء , غير أنها تختلف عنها في وجود فريقين من الشركاء :
§ فريق الشركاء المتضامنين ومسؤوليتهم عن ديون الشركة مطلقة , وعليهم عبء ادارتها.
§ فريق الشركاء الساهمين ومسؤوليتهم عن ديون الشركة في حدود ما يملكون من أسهمها , ولا دخل لهم في إدارتها.
3. الشركة ذات المسؤولية المحدودة : تتكون من عدد محدود من الشركاء لا يجوز تجاوزه , ولا يجوز فيها الاكتتاب العام , ويختلف العدد المسموح به من بلد إلى آخر , ويقسم رأس مالها إلى حصص متساوية , وتكون مسؤولية الشريك محدودة بالحصة التي قدمها.
الفرع الثاني : شركات الأشخاص:
هي شركات تقوم على الاعتبار الشخصي للشريك , وتتأثر به , كما لو أفلس الشريك , أو أعسر , أو توفي , وتنقسم إلى :
1. شركة التضامن : هي شركة تتألف من شخصين فأكثر يعملون معاً , ويكونون مسؤولين بصفة شخصية وبصورة متضامنة عن ديون الشركة.
2. شركة التوصية البسيطة : هي شركة تتألف من فريقين :
§ الشركاء المفوضون ويحق لهم وحدهم إدارة الشركة , كما يتحملون وحدهم المسؤولية عن ديون الشركة والتزاماتها.
§ الشركاء الموصون يكون منهم المال , ولا يحق لهم المشاركة في الإدارة , ومسؤوليتهم لا تتعدى قدر حصصهم من رأس المال.
3. شركة المحاصة : هي شركة تتكون بين شخصين أو أكثر في مشروع مالي بنصيب معين من المال أو العمل , واقتسام ما ينتج عنه من ربح أو خسارة , كأن يشترك اثنان أو أكثر في شراء محصول موسم معين وبيعه وتقاسم الربح والخسارة , وتتميز عن غيرها من الشركات بأنها مستترة فليس لها شخصية معنوية , ولا اسم تجاري , ولا ذمة مالية.


المطلب الثالث : حكم زكاة الشركات :
تقدم معنا أنواع كثيرة من الشركات وطريقة تكوينها , وفيما يلي خلاصة في زكاة أموالها واحتسابها , ومرد هذا كله إلى طبيعة نشاط الشركة , ونية المشارك , ففي هذين الأمرين نحدد كيفية استخراج الزكاة الواجبة.
أولاً – إن كانت الشركة من الشركات المساهمة فقد تقدم الكلام عنها وبحثها في المطلب الرابع من المبحث الثاني.
ثانياً – إن كانت الشركة من الشركات التجارية التي لديها سلع تتاجر فيها , كأن تبيع قطع غيار ونحوها , فإنها تقوم بتقويم هذه القطع التي تم شراؤها بقصد البيع والاتجار عند نهاية الحول بالسعر الذي تباع فيه , ثم تضاف موجودات الشركة المالية التي في البنوك , وتضاف أيضا الديون التي لها على الناس التي يرجا تحصيلها , ثم يخرج بعد ذلك ربع العشر منها.
ثالثاً – إن كانت الشركة من الشركات التي تقوم بمشاريع تدر عليها المال كشركات إنشاء العقارات لتأجيرها , أو شركات الخدمات التي تقدم أعمال الصيانة ونحوها وشركات النشاط الصناعي, فإنها في نهاية الحول تنظر إلى ما لديها من أموال , وما لديها من ديون يرجى سدادها وتخرج من ذلك ربع العشر , ولا يحسب في ذلك الأصول الثابتة الي لم تعد للبيع والشراء كالسيارات والأثاث والآلات.
رابعاً – إن كانت الشركة من الشركات الزراعية , فإن حكم زكاتها هو زكاة الثمار والزروع من الإنتاج.



المبحث الرابع
زكاة صناديق الاستثمار
وفيه أربعة مطالب :
· المطلب الأول : التكييف الفقهي للصناديق الاستثمارية.
· المطلب الثاني : أنواع الصناديق الاستثمارية.
· المطلب الثالث : حكم الصناديق الاستثمارية.
· المطلب الرابع : حكم زكاة صناديق الاستثمار.


المطلب الأول : التكييف الفقهي للصناديق الاستثمارية.
اختلف أهل العلم والفضل في التكييف الفقهي للصناديق الاستثمارية على عدة أقوال :
1. أنها عقد مضاربة : فالعلاقة بين مالكي الوحدات ومدير الصندوق قائمة على أساس عقد المضاربة الشرعية , فملاك الوحدات هم أرباب الأموال , ومدير الصندوق هو المضارب , وهذا رأي أكثر العلماء المعاصرين.
2. أنها شركة عنان : فالعلاقة بين مالكي الوحدات ومدير الصندوق قائمة على عقد شركة العنان , ذلك بأن في بعض الحالات يكون المدير أيضا مساهما في بعض الأموال , ويكون المستثمرون أيضا قد شاركوا ببعض الأعمال في الجمعية العمومية ونحوها , فعليه يكون الطرفان قد اشترك كلاهما بالمال والعمل , والربح بينهما على حسب الاتفاق , وهذا بعينة ضابط شركة العنان.
3. أنها عقد وكالة بأجر : فالعلاقة بين مالكي الوحدات ومدير الصندوق قائمة على أنها وكالة بأجر , إذ يوكل المستثمرون المدير باستثمار أموالهم وتحريكها وإدارتها نيابة عنهم , فالمدير ينوب عن المستثمرين في إدارة أموالهم والتصرف فيهما بما يحقق الربح , ويتقاضى مقابل ذلك أجراً محددا لقاء إدارته , وهذا ضابط الوكالة بأجر.
الترجيح :
ذهب بعض الباحثين إلى أن التكييف الفقهي للصناديق الاستثمارية من جهة التنظير لا ينحصر في واحدة من الصور الثلاث السابقة , بل يرجع إلى ما يتفق عليه أرباب المال والمدير , وأما من ناحية التطبيق فإن هذا الأمر يرجع إلى طبيعة المواد والقوانين ونظم الصناديق الاستثمارية التي تطرح للمستثمرين.

المطلب الثاني : أنواع الصناديق الاستثمارية[35] :
1. صناديق العملات : هي صناديق يقوم فيها مدير الاستثمار بالمتاجرة في العملات , وقد حازت العملات لاسيما الأجنبية منها على اهتمام كبير من قبل التجار المستثمرين في عصرنا الحاضر , وأقبل المستثمرون على شراء كميات كبيرة من العملات ومن ثم بيعها مستفيدين من فروقات الأسعار مع مرور الوقت.
2. صناديق الأسهم : هي صناديق تتكون من الأسهم , وتعتبر من صناديق الاستثمار متوسطة وطويلة الأجل , وهي أشهر أنواع الصناديق الاستثمارية وأكثرها تداولاً والهدف الاستثماري لصناديق الأسهم يتمثل في العمل على تحقيق نمو رأس المال في المدى الطويل عن طريق الاستثمار في تشكيلات متنوعة من الأسهم.
3. صناديق السندات : هي صناديق تقتصر على السندات فقط , حيث أن المشتركين في هذه الصناديق يحاولون الابتعاد عن المخاطرة ويرغبون في تحقيق عائد ثابت محدد مسبقاً , إلا أن هذه العوائد تكون متدنية في العادة بما لا يحقق طموح الاستثمار , بما لا يغري المستثمرين على الاكتتاب في وثائق استثمار الصندوق , وهذا يتناسب مع الذين لا يعنيهم كون الاستثمار حلالا أو حراما , وكذا مع أصحاب الدخل المحدود الذين يرغبون زيادة دخولهم بمقدار ثابت , وليس لهم دراية بالاستثمار , ويبحثون عن من ينوب عنهم في ذلك.
4. صناديق السلع أو البضائع : هي صناديق يتمثل نشاطها الأساسي في شراء السلع والبضائع بالنقد ثم بيعها بالأجل , ففي هذا النوع من الصناديق يتم استخدام الأموال المكتتبة في شراء السلع المختلفة من أجل إعادة بيعها.
5. صناديق الذهب والمعادن النفيسة : هي الصناديق التي تهتم بالاستثمار في أسهم شركات الذهب والمعادن النفيسة.
المطلب الثالث : حكم الصناديق الاستثمارية :
بعد النظر في التكييف الفقهي لهذه الصناديق الاستثمارية فإنها على كل حال لا تخرج من كونها مضاربة , أو وكالة بأجر أو شركة عنان , وهذه العقود الثلاثة الأصل فيها الإباحة والجواز مالم يكن فيها محظور شرعي من ربا أو غرر أو أكل لأموال الناس بالباطل.[36]
وأما ما يخص صناديق الأسهم قال فضيلة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان حفظه الله : " وإذا نظرنا إلى للصناديق الاستثمارية الخاصة بالأسهم فهي وإن كان الأصل فيها الجواز , إلا أننا إذا نظرنا إلى واقع هذه الصناديق نجد أنها قسمين :
1. صناديق لا تشرف عليها هيئات شرعية , والغالب أنها لا تخلو من التعامل بأسهم شركات محرمة , وربما تتعامل بسندات , وبالجملة فلا نخلو من محاذير شرعية.
2. صناديق تشرف عليها هيئات شرعية , ومعظم هذه الصناديق وإن كانت لا تتعامل مع شركات محرمة إلا أنها تتعامل مع شركات مختلطة , وذلك أن معظم الهيئات الشرعية التي تشرف على هذه الصناديق تجيز الدخول في الشركات المختلطة , ويجري فيها الخلاف الموجود بين المعاصرين في حكم الدخول في الشركات المختلفة."[37]



المطلب الرابع : حكم زكاة الصناديق الاستثمارية :
لا تخلو تلك الصناديق من احدى حالين[38] :
الحال الأولى : أن تكون استثماراتها في نشاط معين مثل النشاط الصناعي , أو الزراعي , فلها حكم زكاة هذا النشاط التي هي فيه.
الحال الثانية : أن تكون اسثتمارتها في النشاط التجاري بتقليب المال بيعاً وشراء , هو الغالب , فلا يخلو ذلك من أحد حالين :
1. أن تكون حقيقة العلاقة بين الطرفين هي المضاربة التجارية , فيتبين حكم زكاة تلك الصناديق ببيان حكم زكاة مال المضاربة , وهي كما يلي :
اتفقوا على وجوب زكاة مالك المال لماله في المضاربة أصلاً وربحاً , واختلفوا في زكاة ربح العامل في مال المضاربة على أقوال :
§ القول الأول : وجوب زكاته على العامل , وذلك عند المقاسمة , وهي قول عند الحنفية والمالكية والمذهب عند الشافعية.
§ القول الثاني : وجوب زكاة ربح العامل على رب المال , وذلك عند ظهور الربح , وهو قول عند الشافعية.
§ القول الثالث : عدم وجوب زكاته , وهو قول عند الشافعية , ومذهب الحنابلة , وهو الراجح , بحيث لا تجب الزكاة على العامل إلا بعد استحقاقه لنصيبه , ويكون ذلك بعد القسمة , وحولان الحول عليه إن كان نصاباً لعدم استقرار ملكه قبل القسمة ,
2. أن تكون حقيقة العلاقة بين بينهما هي الوكالة بأجر , فتكون زكاة الصندوق الاستثماري بالنسبة لرب المال هي زكاة مال التجارة , فيحتسب رأس ماله وربحه , ويزكيه بإخراج ربع عشره , إن بلغ ماله نصابا , وحال حول زكاته.
وأما زكاة أجرة العامل في هذه الصورة فحكمها كحكم زكاة المال المستفاد إذا كان من جنس نصاب عنده , وليس من نمائه , فهذا يستقبل به حولاً بعد استفادته إن كان نصاباً لإيجاب الزكاة فيه.
فيحسب العامل – وهو إدارة الصندوق الاستثماري – ماله فإن كان نصاباً ابتدأ حوله من حين استحقاقه للمال.



[1] معجم مقاييس اللغة , ابن فارس 3\17.

[2] انظر : حاشية ابن عابدين 3\203 وما بعدها.

[3] انظر : شرح حدود ابن عرفة , للرصاع 1\140.

[4] انظر : مغني المحتاج , الشربيني 1\547.

[5] انظر : شرح منتهى الارادات , البهوتي 2\168.

[6] معجم مقاييس اللغة , ابن فارس 3\111.

[7] انظر : فقه المعاملات المالية المعاصرة , سعد الخثلان صـ29.

[8] معجم مقاييس اللغة , ابن فارس 3\265.

[9] انظر : لسان العرب , ابن منظور 6\12\333.

[10] أنيس الفقهاء , قاسم القونوي صـ68.

[11] مواهب الجليل , محمد الحطاب 5\498.

[12] مغني المحتاج , الخطيب الشربيني 2\274.

[13] المطلع على ألفاظ المقنع , محمد البعلي صـ311.

[14] فقه المعاملات المالية المعاصرة , سعد الخثلان صـ56.

[15] انظر : المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي , محمد عثمان شبير صـ200.

[16] انظر : فقه المعاملات المالية المعاصرة , سعد الخثلان صـ43.

[17] انظر : المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي , عثمان محمد شبير صـ203.

[18] انظر : الأسهم والسندات وأحكامها في الفقه الإسلامي , أحمد الخليل صـ111 وما بعدها.

[19] رواه الترمذي , كتاب الأحكام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , باب ما ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلح بين الناس , حديث رقم : 1352 , وصححه الألباني في تحقيقه لجامع الترمذي.

[20] انظر : الأسهم والسندات وأحكامها في الفقه الإسلامي , أحمد الخليل صـ125.

[21] انظر : المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي , محمد عثمان شبير صـ204.

[22] انظر : المرجع السابق صـ205 وما بعدها.

[23] نوازل الزكاة , د. عبدالله بن منصور الغفيلي صـ175.

[24] هي نصيب السهم في ممتلكات الشركة , بعد إعادة تقويمها وفقاً للأسعار الجارية , وذلك بعد خصم ديونها.

[25] هي القيمة التي يباع بها السهم في السوق , وهي تتغير بحسب حالة العرض والطلب.

[26] رواه البخاري , كتاب الزكاة , باب لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع , حديث رقم : 1450.

[27] هي قيمة السهم بعد خصم التزامات الشركة وقسمة أصولها على عدد الأسهم المصدرة , أو قسمة حقوق الملكية وهي( رأس المال المدفوع + الاحتياطات + الأرباح المحتجزة) على عدد الأسهم المصدرة.

[28] انظر : فقه المعاملات المالية المعاصرة , سعد الخثلان صـ34.

[29] انظر : المرجع السابق : صـ35.

[30] الفقه الإسلامي وأدلته , أ.د وهبة الزحيلي 4\590.

[31] المرجع السابق : 4\628.

[32] فقه المعاملات المالية المعاصرة , سعد الخثلان صـ36.

[33] المرجع السابق : صـ36.

[34] زكاة أسهم الشركات المعاصرة , د. عبدالله الديرشوي وآخرون , بحث منشور على الشبكة العنكبوتية.

[35] زكاة الصناديق الاستثمارية , حسب بن غالب آل دائلة صـ16 وما بعدها , وهو بحث منشور على الشبكة العنكبوتية.

[36] انظر : فقه المعاملات المالية المعاصرة , أ.د سعد الخثلان صـ57.

[37] انظر : المرجع السابق : ص57.

[38] نوازل الزكاة دراسة فقهية تأصيلية لمستجدات الزكاة , د. عبدالله بن منصور الغفيلي ص225.
 
أعلى