العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

زيارة القبور ايام العيد.

إنضم
12 يناير 2013
المشاركات
953
الإقامة
المطرية دقهلية مصر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو سارة
التخصص
لغة عربية
الدولة
مصر
المدينة
المطرية دقهلية
المذهب الفقهي
الشافعي
إن نصوص السنة امرت بزيارة القبور بصفة عامة ولم ار حسب جهلى من من العلماء المعتبرين من اصحاب المذاهب المتبوعة من كره ذلك يوم العيد .
فما وجه من قال بحرمتها أو كراهتها ؟ وهل هو قول المعاصرين فقط ام لهم سلف في ذلك ؟
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: زيارة القبور ايام العيد.

لا أظن أن من يقوم بزيارة القبور يوم العيد يفعلها ظناً منه بمشروعيتها
ولكنه يوم يفتقد فيه العزيز ويشتاق له فيذهب الفاقد لزيارة المفقود
هذا ما أشعر به
وهي رغبة داخلية بالزيارة لاسباب أخرى لا علاقة لها بالشرع كتلك الزيارة التي قام بها الحبيب عليه السلام للبقيع قبل وفاته وداعاً لهم
والله تعالى أعلم
 
إنضم
25 يوليو 2012
المشاركات
505
الكنية
أبو زيد
التخصص
أصول الفقه
المدينة
حضرموت
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: زيارة القبور ايام العيد.

عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود عَن أبي وَاقد قَالَ: سَأَلَني عمر بن الْخطاب عَمَّا قَرَأَ بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَوْم الْعِيد. فَقلت: ب (اقْتَرَبت السَّاعَة) و (ق وَالْقُرْآن الْمجِيد) .
وَفِي حَدِيث مَالك بن أنس عَن ضَمرَة بن سعيد عَن عبيد الله: أَن عمر بن الْخطاب سَأَلَ أَبَا واقدٍ اللَّيْثِيّ: مَا كَانَ يقْرَأ بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْأَضْحَى وَالْفطر؟ فَقَالَ: كَانَ يقْرَأ فيهمَا ب (ق وَالْقُرْآن الْمجِيد) و (اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر) .
هل من مناسبة بين قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم لسورتي ق والقمر في صلاة العيد وزيارة المقابر في ذلك اليوم
فمن المعروف أن سورة ق تتحدث عن الموت والبعث والمصير إلى الله تعالى وبراهين ذلك ، فما المناسبة لقراءتها في صلاة العيد يوم الفرح والسرور ؟؟!!
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: زيارة القبور ايام العيد.

قبل أن نستنكر أو نستحسن أو نستدل باستدلالات غريبة ينبغي أن نجيب على هذا السؤال: هل زيارة القبور من باب العبادات أو من باب العادات؟
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: زيارة القبور ايام العيد.

هي من العبادات.
أحسنت أحسن الله إليك ولكن ينبغي إيضاح ذلك فأقول:
س: ما هي العبادة؟
ج: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
س: مثل ماذا ؟
ج: مثل الصلاة والزكاة والحج
س: كيف نعرف أن هذا الأمر يحبه الله ويرضاه؟
ج: بأمور منها:
1= أن يخبر الله سبحانه وتعالى أنه يحب هذا الأمر كقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} فعلمنا من هذه الآية أن التوبة عبادة وأن الطهارة عبادة
2= أن يخبر رسوله صلى الله عليه وسلم أن الله يحب هذا الأمر: كقوله صلى الله عليه وسلم: "احلفوا بالله و بروا و اصدقوا فإن الله يحب أن يحلف به "[1] فعلمنا من هذا أن الحلف بالله عبادة لأنه يحبه
3= أن يأمر به الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم سواء أمر إيجاب أو أمر استحباب فكل ما أمر الله به فهو يحبه ويرضاه كقوله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ}
وكما في الحديث: عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال أول ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه فكنت فيمن جاءه فلما تأملت وجهه واستبنته عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب قال فكان أول ما سمعت من كلامه أن قال: "أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام". فعلمنا من هذا أن إفشاء السلام وإطعام الطعام وصلة الأرحام وصلاة الليل كلها من أنواع العبادة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بها سواء أمر إيجاب أو أمر استحباب
فكل ما أمر الله به أو أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم فهو مما يحبه الله وكل ما يحبه الله فهو عبادة

إذا عرفنا ما سبق فلنطبقه على ما بين أيدينا وهو زيارة القبور نجد أن فيه أحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم منها:
عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، [فإنها تذكركم الاخرة]، [ولتزدكم زيارتها خيرا]، [فمن أراد أن يزور فليزر، ولا تقولوا هجرا]) أخرجه مسلم وغيره
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإن فيها عبرة.[ولا تقولوا ما يسخط الرب]) [صحيح: رواه أحمد والحاكم وغيره]
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كنت نهتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها ترق القلب، وتدمع العين، وتذكر الاخرة، ولا تقولوا هجرا)
فإذا نظرنا في هذه الأحاديث وجدنا قوله صلى الله عليه وسلم: "فزوروها" أَمْرًا، وقد علمنا أنه مما يدلنا على أن أمرا ما (عبادة) أن يأمر به الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم وهنا أَمَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزيارة فقال: "فزوروها" فهذا يدل على أن زيارة القبور عبادة
والله أعلم


[1] صحيح: صححه الألباني في صحيح الجامع (211)
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: زيارة القبور ايام العيد.

فإن قيل: هذا أمر بعد الحظر فيفيد الإباحة وإذا كان مباحا فليس فيه دليل على أنه عبادة
أجيب: بأن الذي يرفعه عن الإباحة إلى الاستحباب تَتِمَّاتُ الأحاديث ففيها بيان سبب إباحة الزيارة بعد الحظر بكونها تذكر الآخرة وأنها سبب للاتعاظ وترقيق القلب وفيها زيادة الخير للزائر والمزور فدلت هذه الأحاديث على بيان الزيارة المشروعة وأن لها سببان:
الأول- الاتعاظ وتذكُّرِ الآخرة
الثاني- زيادة الخير وذلك بالدعاء لموتى المؤمنين فيثيب الله الداعي بدعائه ويغفر للمدعو له أو يرفع درجته بسبب هذا الدعاء
وهذا يدل على أن الأمر بالزيارة ليس لمجرد الإباحة بل هو إما واجب أو مستحب.
وقد ذهب ابن حزم رحمه الله إلى القول بأنها (أي زيارة القبور) فرض ولو مرة[1] وبعدها تكون مستحبة لكن الجمهور على أنها مستحبة بل نقل الإمام الصنعاني الاتفاق على الاستحباب قال: " وفي قوله: "فزوروها" أمر الرجال بالزيارة، وهو أمر ندب اتفاقا[2].


[1] المحلى لابن حزم 5/ 160 ت. أحمد شاكر، ط. إدارة الطباعة المنيرية

[2] سبل السلام للصنعاني 2/ 327 ت. الألباني ط. مكتبة المعارف
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: زيارة القبور ايام العيد.

إذا علمنا ما سبق علمنا أن زيارة القبور من باب العبادات وليست من باب العادات.
وإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز للمرء أن يَتَعَبَّد الله إلا بما شرع وبالكيفية التي شرع، وقد سبق بيان الزيارة الشرعية وأنها التي تكون للاتعاظ أو للدعاء فمن فعل ذلك فهو مأجور إن شاء الله تعالى ومن زاد على ذلك شيئا قلنا له هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين فإن جاء به من كتاب الله أو سنة أو إجماع صحيح فعلى العين والرأس وإلا فهو مأزور غير مأجور وإن حسُنتْ نيتُه؛ إِذْ قد أوقع العبادة على غير الوجه الذي بينه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وأما إن استحسن شيئا لم يَرِدْ به وحيٌ فإنه يكون قد شَرَّعَ، وزعم أن الله لم يكمل الدين، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم قد خان الأمانة، وليعلم أنه ما وُضِعَتْ بدعة إلا ورفعت مثلها سُنَّة
فإن قيل: كيف تكون بدعة وقد قال بها فلان وفلان؟!
أجيب: بأنه هل يجب على الإنسان طلبُ عِلْمِ ما أنزل الله أو اتباع ما في التحفة والنهاية وأمثالهما؟!
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: زيارة القبور ايام العيد.

فإن قيل: قد ذكرت أن الزيارة عبادة وقد أطلق الشارع الأمر بها فلماذا تجعلونها في العيد بدعة وفي غيره سنة؟!
أجيب: بأنها مستحبة في العيد وغير العيد في الليل وفي النهار لا فرق في ذلك وإنما البدعة في تخصيص العبادة المطلقة بزمان[1.
، والذي يدل على أنه تخصيص أن الحامل لزوار القبور في العيد أنهم يعتقدون أن الخروج إلى المقبرة في هذا اليوم إنما هو بمنزلة التزاور بين الأحياء والمعايدة ولهذا يقول بعضهم لبعض ما ذهبت تعايد أمواتك هذا هو المعروف عندهم فهم يعتقدون أن للزيارة يوم العيد بذاته خاصيةً فإن لم يذهب للمقابر في العيد فإنه يصيبه من الهم والشعور بالذنب والتقصير ووو ...الخ ما لا يصيبه أو ربما لا يصيبه لو ترك فرضا أو قَصَّرَ في راتبة أو سنة مؤكدة وهذا يدلك على أن هذه العبادة (الزيارة الشرعية للقبور) قد دخلتها بدعة (تخصيص بزمان معين هو يوم العيد) لِتُذْهِبَها عن وجهها المشروع وتبقيها على الوجه البدعي أو الشركي، والله المستعان


[1] انظر في بدعية تخصيص عبادة بزمان كتاب الاعتصام للشاطبي 2/ 29 وما بعدها ت. سعد بن عبد الله آل حميد ط. دار ابن الجوزي.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: زيارة القبور ايام العيد.

فإن قيل: فلماذا لِمَ لَمْ يصرح أئمتنا الشافعية ببدعيتها في الأعياد؟ بل استحسنها بعضهم وبعضهم استحسنها في يوم الجمعة وبعضهم في يوم الخميس إلى السبت وجعلوا ما ورد من زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لها يوم السبت إنما هو لانشغاله يوم الجمعة بأعمالها من الخطبة والصلاة[1] ... إلى آخر ما ذكروه؟
أجيب: بأن الواجبَ على المرء طلبُ علمِ ما أنزل الله، لا اتباع التحفة والنهاية
وأما ما ذكره هؤلاء الأكابر فهو مما لا ينقضي منه العجب من وقوعه من أمثال هؤلاء، ولكن هذا أمر أراده الله فلا حيلة لنا فيه، واعلم أن البدع أكثر ما تروج على الشافعية والله المستعان فينبغي للمرء أن يحتاط لدينه وألا يقع في البدعة إذ وقع فيها من الأكابر من وقع.
وقد ذكر العلامة صالح بن مهدي المقبلي رحمه الله في حاشيته على البحر الزخار أن أكثر ما تَرُوجُ البِدَعُ على الشافعية، قال: "وأكثر ما رأينا نَفَاقَ هذه البدع في الشافعية مع أنهم أشد الناس أو من أشدهم ممارسة للسنة كما تجد اليوم نِحْلَةَ ملاحدة الباطنية غلبت عليهم من بين الناس"[2].


[1] أي أنهم خالفوا هَدْيَ النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا ما فعله (الزيارة يوم السبت) خلاف الأولى وما لم يفعله (الزيارة يوم الجمعة) هو السنة. والله المستعان

[2] المنار في المختار من جواهر البحر الزخار 1/ 278.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: زيارة القبور ايام العيد.

وأما هل نص أحد من المتقدمين على بدعية الزيارة في العيد كما فعل المعاصرون؟!
فالجواب: نعم، نص غير واحد من العلماء المتقدمين على أن زيارة القبور في العيد بدعة فمن ذلك:
قال ابن الحاج (ت: 737هـ) في المدخل: "انظر رحمنا الله تعالى وإياك إلى مكيدة إبليس اللعين كيف يتبع السنن واحدة واحدة ويُلْقِي لمن يَقْبَلُ منه وسوسته حججًا لترك تلك السُّنَّةِ واستعمالِ غيرهابما يظهر لهم أنه عبادة وهو في الباطن مُحَرَّمٌ بَيِّنٌ أو بدعة بَيِّنَةٌ يرى ذلك ويعلمه من له نور ألا ترى أن السُّنَّةَ قد وردت في العيد بإسراع الأوبة بعد الصلاة إلى الأهل وما ذاك إلا لقطع تشوف الأهل لورود صاحب البيت وذكاة الأضحية إن كانت واجتماعهم وفرحهم بذلك في ذلك اليوم لقوله عليه الصلاة والسلام: "إنما هي أيام أكل وشرب وبعال[1]" وفي رواية أخرى: "وذكر الله" موضع "وبعال" انتهى، يعني بذلك أيام التشريق، فلما علم إبليس ما لهم فيه من النص الصريح على ما فيه من البركة الشاملة والراحة المعجلة المثاب عليها وعلم أنهم لا يقبلون منه ما يلقيه لهم من ترك السنة مجردا، ومن عادته الذميمة: أنه لا يأمر بترك سنة حتى يعوض لهم عنها شيئا يخيل إليهم أنه قربة = عَوَّضَ لهم عن سرعة الأوبة زيارةَ القبور قبل أن يرجعوا إلى أهليهم يوم العيد وزيَّنَ لهم ذلك وأراهم أن زيارة الأقارب من الموتى في ذلك اليوم من باب البر وزيادة الود لهم وأنه من قوة التفجع عليهم إذ فَقَدَهُمْ في مثل هذا العيد"[2].

وفي البيان والتحصيل لابن رشد (ت: 520) التصريح بأن التزام التزاور بين الأحياء في يوم العيد من البدع المكروهة[3]، قال: (وسئل[4] عن التهادي للقرابة في يوم العيد والتزاور بعضهم بعض فأجاز ذلك، ومعناه: إذا لم يقصد زيارته في يوم العيد حتى يجعل ذلك من سنة العيد وإنما زار قريبه أو أخاه في الله عز وجل من أجل تفرغه لزيارته في ذلك اليوم فما أحدث الناس اليوم من التزام التزاور في ذلك اليوم كالسُّنَّةِ التي تلزم المحافظة عليها وترك تضييعها هو بدعة من البدع المكروهة ترْكُها أحسن مِنْ فِعْلِها)[5].
وفي المعيار المعرب للونشريسي (ت: 914) فتوى لأبي القاسم العبدوسي وفيها ما نصه: "وأما تخصيص زيارة قبور القرابات في الأعياد فبدعة عظيمة إن كان الاعتقاد أن في ذلك اليوم زيادة على غيره من الأيام وإن كان لتفرغه ذلك اليوم من أشغاله فوجد فرغة فلا بأس بذلك نص عليه القاضي أبو الوليد بن رشد في جامع البيان في زيارة القرابة الأحياء في الأعياد وكذلك الأموات"[6].
قلت: وهذه نصوص نفيسة جدا يمكن أن نستشف منهما على وجه التقريبمتى حدثت هذه البدعة (بدعة التزام زيارة القبور في العيد) وذلك:
أن ابن رشد قد نص على بدعية تخصيص يوم العيد بالتزاور بين الأحياء، ولم يصرح بزيارة الأموات.وصرح ابن الحاج ببدعيتها.
فالظاهر من هذا –والله أعلم- أن هذه البدعة (تخصيص زيارة القبور يوم العيد) لم تكن قد حدثت أيام ابن رشد (ت: 520) رحمه الله
فلهذا لم ينص عليها وإلا فكيف يكون تخصيص الأحياء بالزيارة في العيد بدعة وتخصيص الأموات بالزيارة في العيد سنة وكلاهما لم يرد فيه نص؟!
ثم جاء ابن الحاج (ت: 737) رحمه الله فنص على أنها بدعة؛ فهذا يشير إلى أن هذه البدعة (بدعة تخصيص زيارة القبور يوم العيد) قد حدثت في هذه المدة التي بينهما (520- 650هـ) تقريبا وذلك أن ابن الحاج تُوُفِّيَ سنة 737هـ وكان عاش بضعا وثمانين سنة أي أنه ولد سنة 650هـ أو بعدها بقليل أي أنها حدثت في القرن السادس أو السابع الهجري، وقد تكون ظهرت قبل ذلك لكنها لم تنتشر ذاك الانتشار فلم يعرفها ابن رشد رحمه الله فلهذا لم يذكرها
فإن قيل: قد نقلت عن الونشريسي عن العبدوسي عن ابن رشد بدعية تخصيص التزاور في الأعياد بين الأحياء وكذلك الأموات وهذا يدل على أن ابن رشد ذكرها بل نص على بدعيتها كما ذكر العبدوسي؟
قلت: الذي وقفت عليه من كلام ابن رشد هو ما ذكرته آنفا من بدعية التزاور بين الأحياء ولم يذكر الأموات ويكون قول العبدوسي: "وكذلك الأموات" من كلامه هو لا من كلام ابن رشد ويكون مما فهمه من كلامه إذ هو من باب أولى وهذا هو الظاهر من نص عبارته إذ قال: "نص عليه القاضي أبو الوليد بن رشد في جامع البيان في زيارة القرابة الأحياء في الأعياد وكذلك الأموات" فلو أراد أن ابن رشد نص على المسألتين جميعا (زيارة الأحياء وزيارة الأموات) لقال: نص عليه القاضي أبو الوليد بن رشد في جامع البيان في زيارة القرابة الأحياء والأموات في الأعياد.
إِذْ لا وجه لكونه فَصَلَ بين الزيارتين إلا هذا،
فذَكَرَ أن ابن رشد نص على بدعية زيارة الأحياء في الأعياد، ثم قال من عنده: "وكذلك الأموات" أي هي بدعة عظيمة أيضا كالأحياء بل هي من باب أولى، وإنما أضاف هذه الجملة: "وكذلك الأموات" ليكمل الفتوى والجواب عن السؤال إذ كان السؤال عن تخصيص زيارة قبور الوالدين والقرابات في الأعياد والموالد، فتأمل.
والله أعلم



[1] بعال: كوصال: الجماع وملاعبة الرجل أهله

[2] المدخل لابن الحاج 1/ 285- 286.ط. مكتبة دار التراث

[3] لعل بدعة التزام زيارة الأموات أيضا لم تكن قد بدأت، فلهذا لم ينص عليها فتأمل.

[4] أي الإمام مالك رحمه الله

[5] 18/ 453.

[6] المعيار المعرب للونشريسي 1/ 321 ط. وزارة الأوقاف بالمغرب
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: زيارة القبور ايام العيد.

هذه المقدمة
هذه العبادة (الزيارة الشرعية للقبور) قد دخلتها بدعة (تخصيص بزمان معين هو يوم العيد) لِتُذْهِبَها عن وجهها المشروع وتبقيها على الوجه البدعي أو الشركي
باطلة، وهو كلام شخص لم يدرس المذهب الشافعي، ولا يعرفه

وما بني على هذه المقدمة فهو باطل

واعلم أن البدع أكثر ما تروج على الشافعية
وهذه النتيجة أعجب من سابقتها
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: زيارة القبور ايام العيد.

أما بالنسبة للبدع ؛ فإني أستغرب أن تطرح المسألة في منتدى المذهب الشافعي بهذا الشكل الطويل مع أن أمر البدع : المفروض أنه ظاهر للشافعية بشكل واضح.
ما هي البدعة ؟
البدعة هي ما لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، مع قصد التقرب بها
فإن دخلت تحت أوامر الشرعة المؤكدة كانت واجبة كما مثل لها العلماء بجمع القرآن والرد على الملاحدة و ...
وإن دخلت في المطلوبات المحبوبة للشرع ككثرة الأذكار والصلوات فهي مستحبة وإن كانت مكررة أو مرتبة أو مؤقتة، فليس في الشرع ما ينهى عن ذلك
وإن كانت داخلة في المباحات كالاحتفالات السنوية فهي مباحة
وإن كانت مخالفة لأوامر الشرع كانت محرمة أو مكروهة بحسب شدة النهي، مثل ابتداع صلاة جديدة بنية جديدة ، كأن تبتدع صلاة النجاح مثلاً ، فتقول : نويت صلاة النجاح، فهذه محرمة، أو مثل صلاة الرغائب التي يقرأ فيها القرآن في السجود، فهذه مكروهة فيما يبدو، ومثل تطويل الركعة الثانية على الأولى كما في ركعتي الختم فهذه خلاف الأولى فيما يبدو، وهكذا .
ولا يخفى أننا في ذلك لن نعتقد أنها سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكنها داخلة في محبوبات الشرع ، أو في مكروهاته.
فإذا تقرر ذلك فأي مشكلة في تخصيص يوم لزيارة القبور، سواء كان العيد أم غيره.
 
إنضم
12 يناير 2013
المشاركات
953
الإقامة
المطرية دقهلية مصر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو سارة
التخصص
لغة عربية
الدولة
مصر
المدينة
المطرية دقهلية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: زيارة القبور ايام العيد.

، والذي يدل على أنه تخصيص أن الحامل لزوار القبور في العيد أنهم يعتقدون أن الخروج إلى المقبرة في هذا اليوم إنما هو بمنزلة التزاور بين الأحياء والمعايدة ولهذا يقول بعضهم لبعض ما ذهبت تعايد أمواتك هذا هو المعروف عندهم فهم يعتقدون أن للزيارة يوم العيد بذاته خاصيةً فإن لم يذهب للمقابر في العيد فإنه يصيبه من الهم والشعور بالذنب والتقصير ووو ...الخ ما لا يصيبه أو ربما لا يصيبه لو ترك فرضا أو قَصَّرَ في راتبة أو سنة مؤكدة
وهل تنحصر الزيارة فقط للاتعاظ ؟؟؟؟؟؟؟
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( أتعلم بها قبر أخي ) .
وتخصيص يوم بعينه لعبادة ليس من الحرام ولا من المكروه فضلا أن يوصف صاحبخ بالبدعة فقد ورد في صخيخ مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذهب كل سبت لقباء راكبا أو ماشيا .
لو هي بدعة .. ما الدليل ؟؟
إن وجد دليل فمن فهمه من سلف هذه الأمة أو على الأقل سلف له في هذه القول ؟
 
إنضم
12 يناير 2013
المشاركات
953
الإقامة
المطرية دقهلية مصر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو سارة
التخصص
لغة عربية
الدولة
مصر
المدينة
المطرية دقهلية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: زيارة القبور ايام العيد.

وقد ذكر العلامة صالح بن مهدي المقبلي رحمه الله في حاشيته على البحر الزخار أن أكثر ما تَرُوجُ البِدَعُ على الشافعية، قال: "وأكثر ما رأينا نَفَاقَ هذه البدع في الشافعية مع أنهم أشد الناس أو من أشدهم ممارسة للسنة كما تجد اليوم نِحْلَةَ ملاحدة الباطنية غلبت عليهم من بين الناس"
رضي الله عن الشافعية فما من علم من علوم الشريعة إلا ولهم اليد الكبرى فيها وما من علم أراد أحد أن يتمكن فيه إلا ومر على عالم من علماء الشافعية .
ثم الكلام عن البدعة طويل وخاصة لو ناقشنا قول الجمهور الذي قسمها خمسة اقسام أخذا من كلام الشافعي رضي الله عنه وأباه المعاصرون كعادتهم .
 
إنضم
12 يناير 2013
المشاركات
953
الإقامة
المطرية دقهلية مصر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو سارة
التخصص
لغة عربية
الدولة
مصر
المدينة
المطرية دقهلية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: زيارة القبور ايام العيد.

سيدي الدكتور ابراهيم المحمدي الشناوي حفظك الله :
حضرتك رددت قول السادة الشافعية رحمهم الله بقول السادة المالكية وفهمهم للنصوص وما كان فهم السادة المالكية ليرد فهم غيرهم من الذاهب الأخرى فهؤلاء رجال وهؤلاء رجال .
فلو أن فضيلتكم رأيتم أن تتعبدوا لله بما رآه المالكية فهذا لا إشكال فيه إنما الإشكال ألا يعترف بالقول الآخر بل يوصف بالبدعة .

والمعلوم أن أي مذهب له أصوله التي خرج عليها فروعه فكما ارتضينا اصول مذهبنا ارتضينا كذلك فروعه لأنها نابعة عن هذه الأصول وما ينبغي لشخص أن يخرج بالفرع وما زال يقول بالأصل ، وأنا حين أتحدث عن نفسي كطويلب علم مبتدئ لا أملك الملكة في جل المسائل ان أخرج عن المذهب أصلا وفرعا إلا تقليدا لأحد العلماء وخاصة الشافعية لأنني لو اتبعته في اختياره القول اتبعته كذلك في كيفية ارتباطه بالأصل ، فكما ارتضيت مذهبهم أصولا وفروعا في كل مسائل المذهب وتعبدت لله بفهم هؤلاء القوم تصديقا لقول الله تعالى ( فاسألوا أهل الذكر ) ( ولو ردوه إلى الله والرسول وإلى أولى الأمر منهم ) .
فكما ارتضيت هذا الفهم في كل المسائل ارتضيته في هذه المسألة لأن حسن الظن فيهم انهم ما قالوا قولا إلا وهو مخرج على أصول الشافعي رضي الله عنه .
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: زيارة القبور ايام العيد.

عونك اللهم
يبدو أن الإخوة الكرام لم يقرأوا ما كتبت جيدا وإلا فإني قد ذكرت الأدلة على ما ذهبت إليه وعلى بيان صحته وعزوت الأقوال لقائليها لتكون العهدة عليهم لا عليّ ولكن جاءت الردود كما يرى القارئ الكريم، ولا زالت نفسي تحدثني أن أترك الجواب عن ذلك إذ كان ما ذُكِرَ لا يعدو أن يكون انتصارا للمذهب واستخفافا بالمحاور؛ فما فائدة تطويل الموضوع بالردود والموضوع إن طال فمآله أن يغلق أو أن يجرنا إلى الجدال لكن رأيت إبراءً للذمة أن أبين بعض ما في هذه الردود من التحامل،
والله المستعان.
ولا شك أن تفنيدك لمزاعم شخص ما لا سيما إن نَبُل فضلُه وعظُمَ قدرُه لابد وأن يصيبه بشئ من المَوْجدَةِ على المجيب وربما ظنها من باب الإساءة إليه فليُعلم أني ما أردت شيئا من ذلك والله أعلم بما هنالك
ونبدأ بما قاله الأستاذ الفاضل محمد بن عبد الله
قال حفظه الله
هذه المقدمة
*اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. ابراهيم المحمدى الشناوى
هذه العبادة (الزيارة الشرعية للقبور) قد دخلتها بدعة (تخصيص بزمان معين هو يوم العيد) لِتُذْهِبَها عن وجهها المشروع وتبقيها على الوجه البدعي أو الشركي
باطلة، وهو كلام شخص لم يدرس المذهب الشافعي، ولا يعرفه

وما بني على هذه المقدمة فهو باطل

*اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. ابراهيم المحمدى الشناوى
واعلم أن البدع أكثر ما تروج على الشافعية
وهذه النتيجة أعجب من سابقتها
فهذا سطر واحد من كلام الأستاذ الفاضل فيه من الأعاجيب ما فيه: فقد جعل النتيجة مقدمة، ثم جعلها نتيجة عجيبة، وبتر الكلام، وجعل الواقع المُشاهَدَ نتيجة باطلة، ورمى بالظن، وجعل رَمْيَه بالظن مقدمة مُسَلَّمَةً فبنى عليها نتيجة، وحَكَمَ، وجعل حُكْمَهُ مقدمة، فبنى عليها نتيجة.
وتفصيل ذلك كالآتي:
1= بَتَرَ الكلامَ: وذلك حيث نقل قولي:
وهذا يدلك على أن هذه العبادة (الزيارة الشرعية للقبور) قد دخلتها بدعة (تخصيص بزمان معين هو يوم العيد) لِتُذْهِبَها عن وجهها المشروع وتبقيها على الوجه البدعي أو الشركي، والله المستعان
نقله الأستاذ الفاضل هكذا:
هذه العبادة (الزيارة الشرعية للقبور) قد دخلتها بدعة (تخصيص بزمان معين هو يوم العيد) لِتُذْهِبَها عن وجهها المشروع وتبقيها على الوجه البدعي أو الشركي، والله المستعان
فحذف خمس كلمات هي: (وهذا يدلك على أنَّ) ليفيده ذلك في أن يقول بلا حرج: "هذه مقدمة باطلة"
وليتأمل معي القارئ الكريم الجملتين وهل هما متساويتان من كل وجه؟ أم أن بينهما فرقا ظاهرا:
= وهذا يدلك على أن هذه العبادة دخلتها بدعة
= هذه العبادة دخلتها بدعة
فظاهر أنك إذا قلت لمخاطَبِكَ: قولك: (هذه العبادة دخلتها بدعة) مقدمة باطلة
ظاهر أن هذا كلام مستقيم مقبول من حيث التركيب
وأما إذا قلت لمخاطَبِكَ: قولك: (وهذا يدلك على أن هذه العبادة دخلتها بدعة) مقدمة باطلة
كلام أعوج؛ فواو العطف تقتضي معطوفا عليه لابد من النظر إليه قبل الحكم على الكلام، واسم الإشارة (هذا) يشير إلى شئ متقدم يأتي الحكم عليه، والفعل المضارع (يدلك) يشير إلى أن السابق دليل على الآتي أي أن ما بعده مدلول عليه بما سبق فهو نتيجة لما سبق، فتأمل منصفا، وانظر التالي رقم (2)
2= جعل النتيجة مقدمة: وذلك أن قولي: وهذا يدلك على أن هذه العبادة (الزيارة الشرعية للقبور) قد دخلتها بدعة (تخصيص بزمان معين هو يوم العيد) لِتُذْهِبَها عن وجهها المشروع وتبقيها على الوجه البدعي أو الشركي، والله المستعان) جاء نتيجة لمقدمتين وإيضاحات كثيرة لهما وهاتان المقدمتان هما:
المقدمة الأولى: أن زيارة القبور عبادة، وهذه مقدمة اتفقنا عليها، فذكرت إيضاحات لهذه المقدمة بذكر معنى العبادة ومثالها وكيف نعرف أن أمرا ما عادة أو عبادة إذا اشتبه علينا، وذكرت بيان الزيارة الشرعية مستدلا على ذلك بالأحاديث الصحيحة.
المقدمة الثانية: وفيها بيان أن العبادة توقيفية لا تثبت إلا بنص فلا يجوز للإنسان أن يتعبد لله بما شاء وكيف شاء بل لا يصح التعبد لله إلا بما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وبالكيفية التي شرعها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لا بالكيفية التي ذكرها فلان أو استحسنها فلان؛
فإذا كانت زيارة القبور عبادة والعبادة توقيفية ولها كيفية بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم والزيادة على العبادة ابتداع في الدين لم يشرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد وقعت الزيادة في الزيارة الشرعية للقبور بالتزام الذهاب لها في يوم العيد وجعلها سنة مؤكدة فيه وأن لها في يوم العيد خصوصية ليست في غيره ولهذا فمن لم يذهب لزيارة القبور في العيد ممن التزم ذلك شعر بألم لا يكاد يشعر به لو ترك سنة مؤكدة شرعية
فهاتان مقدمتان وتتمات لهما وإيضاحات كثيرة وإيضاحات أخرى مذكورة فيما سبق أدت كلها إلى نتيجة هي قولي: "وهذا يدلك على أن هذه العبادة (الزيارة الشرعية للقبور) قد دخلتها بدعة (تخصيص بزمان معين هو يوم العيد) لِتُذْهِبَها على الوجه المشروع وتبقيها على الوجه البدعي أو الشركي، والله المستعان"
2= ثم جعلها نتيجة عجيبة:وذلك في قوله:
وهذه النتيجة أعجب من سابقتها
ولم يسبقها شئ فيما اقتبسه ليرد عليه إلا قولي:" هذه العبادة (الزيارة الشرعية للقبور) قد دخلتها بدعة (تخصيص بزمان معين هو يوم العيد) لِتُذْهِبَها عن وجهها المشروع وتبقيها على الوجه البدعي أو الشركي".
4= وجعل الواقع المُشاهد نتيجة باطلة: وذلك في قوله:
وما بني على هذه المقدمة فهو باطل
يريد بذلك أن مسألة رواج البدع على الشافعية أكثر من غيرهم إنما هو عندي نتيجة مبنية على مقدمة، وهذه المقدمة هي النتيجة التي ظنها مقدِّمَةً والتي سبق الحديث عنها فلا معنى للإعادة.
وقد بينت أن ما سبق نتيجة ٌوليس مقدمةً ولهذا فمسألة رواج على البدع على الشافعية ليست مبنية على مقدمة بل هو واقع شاهده أحد الأئمة المجتهدين فذَكَرَهُ وهو العلامة صالح المقبلي وقد قلتُ ما نصه:
وقد ذكر العلامة صالح بن مهدي المقبلي رحمه الله في حاشيته على البحر الزخار أن أكثر ما تَرُوجُ البِدَعُ على الشافعية، قال: "وأكثر ما رأينا نَفَاقَ هذه البدع في الشافعية مع أنهم أشد الناس أو من أشدهم ممارسة للسنة كما تجد اليوم نِحْلَةَ ملاحدة الباطنية غلبت عليهم من بين الناس"
[1].
وأشرت في الحاشية إلى المصدر الذي نقلتُ منه ذلك فالعهدة في ذلك عليه هو لا عليَّ وقد أبرأت ذمتي في ذلك بذكر القائل والمصدر؛ ولهذا فمن أراد نقد هذا الكلام فليعلم أولا أنه كلام العلامة المقبلي رحمه الله ثم إذا أراد نقده فلا حرج عليه لكن ليس أمامه إلا أن يقول: إنه صادق فيه أو كاذب؛ لأن الرجل إنما تحدث عن واقع مُشاهَدٍ لا عن شئ مستنبَط وعلى كلٍّ فمن كذبه في دعواه هذه فعليه أن يأتي بالدليل على صدق ما ذهب إليه هو وإلا لكان محجوجًا؛ إذ إن المقبلي رحمه الله قد ادعى دعوى وهي: رواج البدع على الشافعية أكثر من غيرهم، ثم ذكر الدليل على دعواه بالوقوع والمشاهَدَة ولذلك استخدم فعل الرؤية فقال: (وأكثر ما رأينا) فهذه الرؤية رؤية واقعية مشاهَدة ليست نتيجة مبنية على مقدمة فتعمد إلى المقدمة فتبطلها فتبطل النتيجة ببطلانها. وأيضا فهو مثبِت والمخالف نافٍ والمثبِتُ مقدَّمٌ على النافي.
وهذا ظاهر جدا إن شاء الله.
5= ورَمَى بالظن: وذلك في قوله:
وهو كلام شخص لم يدرس المذهب الشافعي
فمن أدراه بهذا
6= وجعل رمْيَهُ بالظن مقدمة فبنى عليها نتيجة: وذلك في قوله
ولا يعرفه
" فإذا كانت المقدمة أن الشخص لم يدرس المذهب الشافعي فالنتيجة أنه لا يعرفه
7= وحَكَمَ من غير دليل: وذلك في قوله:
هذه المقدمة باطلة
فما الدليل على كلامه هذا؟ وما الذي يثبت صحته؟ فهذا كلام مُرْسَلٌ يمكن لأضعف الناظرين أن يجيبه بمثله قائلا: "بل هذه المقدمة صحيحة" وكلا الأمرين كلام مُرْسَلٌ لا دليل عليه ولا شئ يؤيده وليس أحدهما بأولى بالقبول من الآخر
8= وجعل حُكْمَهُ مقدمة فبنى عليها نتيجة: وذلك قوله:
وما بني على هذه المقدمة فهو باطل
" وهذه نتيجة لمقدِّمة غير مُسَلَّمَة وتُعارَضُ هذه النتيجة بما عورضت به مقدمتها فيمكن لأضعف الناظرين أن يقول: "بل ما بني على هذه المقدمة صحيح"
فتأمل منصفا
والله أعلم



[1] المنار في المختار من جواهر البحر الزخار 1/ 278.
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: زيارة القبور ايام العيد.

قد كنت أظن أنْ سيؤتى بتوضيح للبدعة عند الشافعية، وأن مجرد تخصيص العبادة عندهم يدل على البدعية المحرمة، وسيبين لك أيها القارئ عجز المدعي عن دعواه

لذا سأطمئن قلبك وأنقل لك عباراتهم في ذلك، وسأقتصر على أمثال الغزالي والرافعي والنووي، فمن ذلك:

المجموع: في مسألة تَقْلِيم الْأَظْفَارِ:
قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ : يَبْدَأُ بِمُسَبِّحَةِ الْيُمْنَى ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْبِنْصِرِ ثُمَّ الْخِنْصَرِ ثُمَّ خِنْصَرِ الْيُسْرَى إلَى إبْهَامِ الْيُمْنَى , وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثًا ..., وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ لَا بَأْسَ بِهِ , إلَّا فِي تَأْخِيرِ إبْهَامِ الْيُمْنَى ..., وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ فَبَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ .

المجموع: قَالَ الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ فِي آخِرِ صِفَةِ الْوُضُوءِ ...: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ فِي أَوَّلِ وُضُوئِهِ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ ( أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ) وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ غَرِيبٌ لَا نَعْلَمُهُ لِغَيْرِهِ وَلَا أَصْلَ لَهُ وَإِنْ كَانَ لَا بَأْسَ بِهِ.

روضة الطالبين- الكتب العلمية (1/ 173) من سنن الوضوء: الرابعة عشرة: الدعوات على أعضاء الوضوء، فيقول عند الوجه: ... قلت: هذا الدعاء، لا أصل له، ولم يذكره الشافعي، والجمهور.
وذكر ابن حجر في شرح بافضل وغيره تبعا للنووي أنه مباح. وذكر الرملي تبعا للرافعي أنه سنة.

المجموع: وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ : لَوْ قَالَ مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ : اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا كَانَ حَسَنًا.

روضة الطالبين وعمدة المفتين (2/ 71) في صلاة العيد:
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ مِنَ الزَّوَائِدِ قَدْرَ قِرَاءَةِ آيَةٍ لَا طَوِيلَةٍ وَلَا قَصِيرَةٍ، يُهَلِّلُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُكَبِّرُهُ وَيُمَجِّدُهُ. هَذَا لَفْظُ الشَّافِعِيِّ... وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: لَوْ قَالَ مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ: (اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا) كَانَ حَسَنًا.

عمدة السالك وعدة الناسك (ص: 86):
والتكبير: مرسلٌ ومقيدٌ...
والمُقيَّدُ: ... وصيغتُهُ: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، فإنْ زادَ ما اعتادهُ الناسُ فحسنٌ وهوَ: اللهُ أكبرُ كبيراً إلى آخرهِ...

المجموع شرح المهذب (1/ 283): قَالَ الرُّويَانِيُّ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ السِّوَاكِ اللَّهُمَّ بَيِّضْ بِهِ أَسْنَانِي وَشُدَّ بِهِ لَثَاتِي وَثَبِّتْ بِهِ لَهَاتِي وَبَارِكْ لِي فِيهِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ فَلَا بأس به فإنه دعاء حسن.

روضة الطالبين- الكتب العلمية (7/ 436)
قال المتولي: وأما التحية عند خروجه من الحمام بقول: طاب حمامك ونحوه، فلا أصل له، وهو كما قال، فلم يصح في هذا شيء، لكن لو قال لصاحبه حفظا لوده: أدام الله لك هذا النعيم، ونحو ذلك من الدعاء، فلا بأس به إن شاء الله تعالى.

روضة الطالبين- الكتب العلمية (7/ 438)
ولا بأس بتقبيل وجه الميت الصالح للتبرك.

المجموع: مَذْهَبُنَا ...: أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْحَائِضِ وُضُوءٌ وَلَا تَسْبِيحٌ وَلَا ذِكْرٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَلَا فِي غَيْرِهَا, ..., وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ : تَطْهُرُ وَتُسَبِّحُ , وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ لَنَا : " مُرْ نِسَاءَ الْحَيْضِ أَنْ يَتَوَضَّأْنَ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ , وَيَجْلِسْنَ وَيَذْكُرْنَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيُسَبِّحْنَ " وَهَذَا الَّذِي قَالَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ عِنْدَهُمَا , فَأَمَّا اسْتِحْبَابُ التَّسْبِيحِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَا أَصْلَ لَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ .

المجموع: وَأَمَّا مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ مِنْ الْمُصَافَحَةِ بَعْدَ صَلَاتَيْ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ فَلَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرْعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ , وَلَكِنْ لَا بَأْسَ بِهِ , فَإِنَّ أَصْلَ الْمُصَافَحَةِ سُنَّةٌ , وَكَوْنُهُمْ خَصُّوهَا بِبَعْضِ الْأَحْوَالِ وَفَرَّطُوا فِي أَكْثَرِهَا لَا يُخْرِجُ ذَلِكَ الْبَعْضَ عَنْ كَوْنِهِ مَشْرُوعَةً فِيهِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي آخِرِ صِفَةِ الصَّلَاةِ .

فتاوى النووي (ص: 56)
مسألة: هل المصافحة بعد صلاة العصر والصبح فضيلةٌ أم لا؟.
الجواب: المصافحة سنة عند التلاقي، وأما تخصيص الناس لها بعد هاتين الصلاتين فمعدود في البدع المباحة (والمختار) أنه إن كان هذا الشخص قد اجتمع هو وهو -قبل الصلاة- فهو بدعة مباحة كما قيل، وان كانا لم يجتمعا فهو مستحب؛ لأنه ابتداءُ اللقاء.

المجموع: وَأَمَّا مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ أَوْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مِنْ تَخْصِيصِ دُعَاءِ الْإِمَامِ بِصَلَاتَيْ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ فَلَا أَصْلَ لَهُ , ... , وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ التَّخْصِيصِ لَا أَصْلَ لَهُ , بَلْ الصَّوَابُ اسْتِحْبَابُهُ فِي كُلِّ الصَّلَوَاتِ.

المجموع شرح المهذب (8/ 118): (فَرْعٌ) مِنْ الْبِدَعِ الْقَبِيحَةِ مَا اعْتَادَهُ بَعْضُ الْعَوَامّ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ مِنْ إيقَادِ الشَّمْعِ بِجَبَلِ عَرَفَةَ لَيْلَةَ التَّاسِعِ أَوْ غَيْرِهَا وَيَسْتَصْحِبُونَ الشَّمْعَ مِنْ بُلْدَانِهِمْ لِذَلِكَ وَيَعْتَنُونَ بِهِ وَهَذِهِ ضَلَالَةٌ فَاحِشَةٌ جَمَعُوا فِيهَا أَنْوَاعًا مِنْ الْقَبَائِحِ (مِنْهَا) إضَاعَةُ الْمَالِ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ (وَمِنْهَا) إظْهَارُ شِعَارِ الْمَجُوسِ فِي الِاعْتِنَاءِ بِالنَّارِ (وَمِنْهَا) اخْتِلَاطُ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَالشُّمُوعُ بَيْنَهُمْ وَوُجُوهُهُمْ بَارِزَةٌ (وَمِنْهَا) تَقْدِيمُ دُخُولِ عَرَفَاتٍ عَلَى وَقْتِهَا الْمَشْرُوعِ وَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ وَفَّقَهُ اللَّهُ وَكُلِّ ومكلف تَمَكَّنَ مِنْ إزَالَةِ هَذِهِ الْبِدَعِ إنْكَارُهَا وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

المجموع شرح المهذب (4/ 529): (مِنْهَا) مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ جَهَلَةِ الْخُطَبَاءِ مِنْ الدَّقِّ بِالسَّيْفِ عَلَى دَرَجِ الْمِنْبَرِ فِي صُعُودِهِ وَهَذَا بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَبِدْعَةٌ قَبِيحَةٌ.

روضة الطالبين وعمدة المفتين (3/ 378)
وَمِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ مِنْ بَيْعِ نَصِيبِهِ مِنَ الْمَاءِ الْجَارِي مِنَ النَّهْرِ. قَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي «اللُّبَابِ» : هَذَا بَاطِلٌ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَبِيعَ غَيْرُ مَعْلُومِ الْقَدْرِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَاءَ الْجَارِيَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ، وَسَيَأْتِي هَذَا مَعَ غَيْرِهِ مَبْسُوطًا فِي آخِرِ كِتَابِ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فظهر لك من هذا كله أن التخصيص بعدد أو وقت أو غيرها لا يضر عند الشافعية
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: زيارة القبور ايام العيد.

أولا ينبغي أن يُعْلَمَ أن الخلاف هنا ليس خلافا شخصيا ولا نزاعا مذهبيا بين مالكي وشافعية كما يظنه البعض، ولكن الواقع أن هذه مسألة تتعلق بدين المرء وكيفية تعبده لله عز وجل، هذه العبادة التي خلق الله الخلق لأجلها كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] أي لم أخلقهم إلا لعبادتي لا لشئ آخر.
وإذا كان ذلك الأمر كذلك – وهو لاشك كذلك – فهل يُعْقَلُ أن الله عز وجل خلقنا لشئ واحد هو عبادتُه ثم أخفى عنا أمر هذه العبادة؟! وكيفيتها؟! وتركها لعقولنا؟! واستحساناتنا؟! ومذاهبنا؟! هل صحيح أنه يجوز لنا أن نعبد الله سبحانه كيف نشاء نحن، لا كيف يشاء هو؟! هل صحيح أن الحق يمكن أن يتعدد ويختلف اختلاف تضاد لا اختلاف تنوع؟! هل الواجب على الإنسان طلبُ علمَ ما أنزل الله أو اتباع المذهب في كل صغيرة وكبيرة لايجوز العدول عنه مثقال ذرة وإن خالف الكتاب والسنة؟!
إن مغبة هذا الاعتقاد عظيمة على دين المرء، فلينتبه المرء المسلم لنفسه ولْيَحْتَطْ لدينه
وَلْنُعَرِّجْ الآن على ما ذكره أستاذنا الفاضل محمد بن عبد الله
فقد نقلت فيما سبق عن العلامة المقبلي رحمه الله قوله: " وأكثر ما رأينا نَفَاقَ هذه البدع في الشافعية مع أنهم أشد الناس أو من أشدهم ممارسة للسنة كما تجد اليوم نِحْلَةَ ملاحدة الباطنية غلبت عليهم من بين الناس" فما جاء من الإخوة جوابا عن ذلك إلا الإنكار المحض والنفي الخالي عن الدليل فذكرت أن الدليل على ذلك هو ما ذكره المقبلي رحمه الله أن هذا أمرا واقعا مُشاهَدًا فهذا دليل على صحة هذا الادعاء، وأما المخالِف فلم يأت ببينة على صحة نفيه فصارت صورة الأمر هكذا:
وجود دعوَى لها طرفان أحدهما يثبتها والآخر ينفيها ومع المثبِتِ دليل إثباته وليس مع النافي شئ فالنتيجة الحتمية أن هذه الدعوى صحيحة
ثم كان الأمر العجيب وهو أن النافي جاء للمثبت بأدلة أخرى تؤيد دليله وتضعف حجة النافي وذلك أن أستاذنا الفاضل نقل من كلام أئمتنا الشافعية رحمهم الله ما يدل على أنهم يستحسنون هذه البدع المذكورة -وغيرها طبعا مما لم يذكر- أو يرون أن هذه البدع لا بأس بها في الدين.
ولا تقل إن هذه دعوى لا دليل عليها فقد نقل لنا أستاذنا الفاضل محمد بن عبد الله من الأدلة على ذلك ما فيه كفاية {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} [الأحزاب: 25]
فكان ما نقله أستاذنا الفاضل أدلة أخرى تضاف لما ذكره العلامة المقبلي رحمه الله تثبت صحة دعواه
وبالطبع أيضا وبالضرورة أن ما ذكرته هنا ليس المراد به التنقص لسادتنا الشافعية رحمهم الله إذ كلٌّ يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ونحن أمام أمر عظيم جدا يُخافُ منه على دين المرء وعبادته وذلك هو وجود مخالفة صريحة من المذهب للدليل، فانتصر أصحاب المذهب للمذهب وتعصبوا له، ظانين أن الحق لا يخرج عن مذهبهم، وأما الدليل فأمره هين إذ يمكن تأويله وتحريف الكلم عن مواضعه ليوافق المذهب، والزعم بأن الاستنباط من الكتاب والسنة لا يستطيعه إلا المجتهد وأما نحن فمقلدون لا يحل لنا الخروج عن المذهب قيد أُنْمُلَةٍ وكذا أتباع كل مذهب يقولون هذا أفليس الحنفي يقول:
فلعنة ربنا أعداد رمل *** غلى من رد قول أبي حنيفة
والمالكي يقول: لولا مالك لكان الدين هالك
والحنبلي يقول:
أنا حنبلي ما حييت وإن أمت *** فوصيتي للناس أن يتحنبلوا
أفليس الحق الواجب على المرء المسلم شافعيا كان أو مالكيا حنبليا كان أو حنفيا ظاهريا كان أو غير ذلك أن تكون عصبيته للكتاب والسنة لا لغيرهما؟ وأن يقدمهما على قول كل أحد مهما كان لا أن يقدم قول كل أحد عليهما مادام أن القائل من علماء المذهب.
فإذا كان القائل من المذهب اتبعناه وإن خالف الدليل
وإن كان من غير أهل المذهب احتججنا عليه بالدليل وقلنا: مذهبنا كذا وقال أبو حنيفة كذا، لنا قوله تعالى أو قوله صلى الله عليه وسلم
فيا عجباه أن يكون هذا حالنا مع الكتاب والسنة
وهذه المسألة التي نحن بصددها من أظهر الأدلة على ذلك فدعنا الآن من قول فلان وفلان ولننظر في تعريف البدعة كيف عرفها رسول صلى الله عليه وسلم؟
قال صلى الله عليه وسلم : "إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" زاد في حديث آخر: "وكل ضلالة في النار" [حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم]
فالرسول صلى الله عليه وسلم عرَّف البدعة بأنها: كل مُحْدَثَةٍ، يعني في الدين طبعا وإلا فالمخاطَبون عرب يعرفون معنى البدعة في اللغة
فانظر معي رحمك الله إلى هذه العجائب:
الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إياكم ومحدثات الأمور)
والبعض يقول: من المحدثات ما هو نافع
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (كل محدَثة بدعة)
والكل يقول: نعم كل محدثة بدعة
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: كل بدعة ضلالة
والبعض يقول: لا، ليس كل بدعة ضلالة بل من البدع ما هو واجب ومنها ماهو مستحب ومنها ما هو جائز
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: وكل ضلالة في النار
والبعض يقول بلسان الحال: لا ليس الأمر كذلك فالبدع الواجبة والمستحبة تُدخِل الجنة
فأي ضلال أبعد من هذا
وليس أمام مَنْ يتبع هذا القول (أعني تقسيم البدعة على الأحكام التكليفية) إلا أحد أمرين:
الأول: أن يعمد إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيؤوله ويلوي عنق النص حتى يوافق مذهبه
الثاني: أن يعترض على المخالف بأن هذا القول قال به فلان وفلان فيرد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قول العلماء، ويعترض على قول الرسول صلى الله عليه وسلم بقول العلماء
وهو في كلا الأمرين على خطر عظيم
ألم يسمع هذا المعترض قول ابن عباس رضي الله عنهما: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر.
وقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان والله تعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [النور: 63] أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شئ من الزيغ فيهلك.
وها هنا عجيبة أخرى – والعجائب جَمَّةٌ – أحب أن أدلك عليها وهي:
أن مسألة تخصيص العبادة المطلقة بزمان كتخصيص زيارة القبور في العيد بدعة عظيمة عند المالكية، عبادة مستحبة عند الشافعية، وأنت أيها الأخ الكريم لاشك أنك تعرف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِسَيِّئَةٍ فَلَا تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا سَيِّئَةً وَإِذَا هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا حَسَنَةً فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا عَشْرًا»[1] وعَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِذَا تَحَدَّثَ عَبْدِي بِأَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَأَنَا أَكْتُبُهَا لَهُ حَسَنَةً مَا لَمْ يَعْمَلْ فَإِذَا عَمِلَهَا فَأَنَا أَكْتُبُهَا بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَإِذَا تَحَدَّثَ بِأَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَأَنَا أَغْفِرُهَا لَهُ مَا لَمْ يَعْمَلْهَا فَإِذَا عَمِلَهَا فَأَنَا أَكْتُبُهَا لَهُ بِمِثْلِهَا» وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ رَبِّ ذَاكَ عَبْدُكَ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً وَهُوَ أَبْصَرُ بِهِ فَقَالَ ارْقُبُوهُ فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِمِثْلِهَا وَإِنْ تَرَكَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً إِنَّمَا تَرَكَهَا مِنْ جَرَّايَ» وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إِسْلَامَهُ فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ بِمِثْلِهَا حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ»[2]
فقل لي بربك إذا هم العبد المسلم بهذه البدعة (يعني زيارة القبور في العيد ملتزما إياها لا مجرد الزيارة في العيد اتفاقا) فكيف يكتب الملك هذا الهم؟!
هل إذا كان العبد المسلم شافعيا كتب له الملك هذا الهم حسنة فإن زار فعلا كتبها له حسنة مضاعفة إلى عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف.
وإن كان العبد المسلم مالكيا فَهَمَّ بهذه البدعة نفسها رَقَبَهُ الملك فإن عملها كتبها له الملك سيئة مضاعفة لأن البدعة أعظم من المعصية.
يعني يكون الفعل الواحد من الجهة الواحدة حسنة سيئة واجبا حراما أو مستحبا مكروها، يعني يكون هذا بدون انفكاك الجهة
إلا أن الفاعل إذا كان شافعيا فهو مثاب وإن كان مالكيا فهو معاقب!!
إن كان شافعيا فقد تعبد لله بما هو مستحب وفعل ما يقربه من الجنة، وإن كان مالكيا وفعل نفس الفعل بدون أن يترك منه شيئا فقد تعبد لله بما هو مكروه أو حرام وفعل ما يقربه إلى النار
أخيرا أقول: إنه ينبغي للمسلم الناصح لنفسه أن يكون الله ورسوله أحب إليهما مما سواهما، وهذه وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا جميعا: "إِنَّهُ من يَعش مِنْكُم يرى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»[3]


[1] صحيح: رواه البخارى ( 7501) ومسلم (128)

[2] صحيح: رواه مسلم (129)

[3] صحيح: رواه أحمد وغيره كما تقدم
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: زيارة القبور ايام العيد.

سبحان الله!

كل كلامك مبني على أن الأمة مجمعة على أن تخصيص العبادة بزمن أو عدد أو نحوها بدعة محرمة.
وكل هذا الكلام العاطفي في أن كل من خالف هذا الفهم فهو مبتدع.. فلا حاجة لنا فيه
وكذلك كلامك في البدعة المحرمة وخطرها فنحن متفقون معك، فلا حاجة لنا فيه

وصُبَّ كلامك في أمرين:
) هل تنقسم البدعة إلى الأحكام الخمسة، أم كل بدعة حرام؟
) ما هو معتمد الشافعية في ذلك؟

وقد بينت لك كلام الشافعية في مفهوم البدعة عندهم، وأتيت إليك بتطبيقات عليها، وهناك المزيد
فالبدعة عندهم: واجبة، ومندوبة، ومباحة، ومكروهة ومحرمة

فالرسول صلى الله عليه وسلم عرَّف البدعة بأنها: كل مُحْدَثَةٍ، يعني في الدين طبعا وإلا فالمخاطَبون عرب يعرفون معنى البدعة في اللغة
((في الدين طبعا))
أخي إبراهيم: لِمَ تَبنِ كلامَك على المسلمات عندك فتفرضها على غيرك؟

وها هنا عجيبة أخرى – والعجائب جَمَّةٌ – أحب أن أدلك عليها وهي:
أن مسألة تخصيص العبادة المطلقة بزمان كتخصيص زيارة القبور في العيد بدعة عظيمة عند المالكية، عبادة مستحبة عند الشافعية،
أعجب منها هذا الفهم، ثم بناء الأحكام عليه، فزيارة القبور عند الشافعية مستحبة، وتخصيصها بيوم العيد: مباح لا مستحب، فيجتمع لك مستحب ومباح.
خذ إليك هذه الأمثلة:
الوعظ قد يكون واجبا، ومندوبا // تخصيصه بعد صلاة العصر كل يوم مثلا: مباح.
دروس العلم: واجب ومندوب ومباح // تخصيص الدراسة في هذه الأزمان من الساعة 7 صباحا حتى 1 ظهرا: مباح.

إلا أن الفاعل إذا كان شافعيا فهو مثاب وإن كان مالكيا فهو معاقب!!
إن كان شافعيا فقد تعبد لله بما هو مستحب وفعل ما يقربه من الجنة، وإن كان مالكيا وفعل نفس الفعل بدون أن يترك منه شيئا فقد تعبد لله بما هو مكروه أو حرام وفعل ما يقربه إلى النار
هذا كلام عاطفي غريب
سأسألك نحوه:
لو صلى رجل فترك البسملة من الفاتحة، فإن كان شافعيا فصلاته باطلة، ولو تعمد أثم، وإن كان مالكيا فصلاته صحيحة!
وقل على هذا كل خلاف بين الأمة، وتعجب منه، وتعجب من خلاف الصحابة فلو سأل ابن مسعود عن القرء لقال له الحيض، ولو سأل ابن عباس لقال له الطهر

بل كيف يعقل على فكرك أن يختلف الصحابة في فهم قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريضة))، فمن صلاها قبل غروب الشمس فهو مبتدع -لازم من لوازم مذهبك-؛ لأنه خصص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

ألم يسمع هذا المعترض قول ابن عباس رضي الله عنهما: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر.
سمعته والله وسمعت قوله صلى الله عليه وسلم: ((فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ)) وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما من الخلفاء الراشدين المهديين.

وليس أمام مَنْ يتبع هذا القول (أعني تقسيم البدعة على الأحكام التكليفية) إلا أحد أمرين:
من قسم لم يقسم لشهوة في نفسه، بل الذي قسم البدعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال كما رواه الإمام أحمد وغيره: ((من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينتقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها بعده من غير أن ينتقص من أجورهم شيء))
فجمع أئمتنا بين الحديثين، فقسموا البدعة تبعا لقوله صلى الله عليه وسلم
ولا أعلم ما تقول في حديثه صلى الله عليه وسلم: ((من سن سنة حسنة ...))، فهل يا تراك ستعمد إلى أحد أمرين:
الأول: أن يعمد إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيؤوله ويلوي عنق النص حتى يوافق مذهبه
الثاني: أن يعترض على المخالف بأن هذا القول قال به فلان وفلان فيرد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قول العلماء، ويعترض على قول الرسول صلى الله عليه وسلم بقول العلماء
وهو في كلا الأمرين على خطر عظيم
؟؟!!
 
أعلى