رد: سؤال حول الاختلاط الدراسي ( مهم لو سمحتم )
كلام العلماء وإفتاءاتهم عامة، وليست خاصة
فتنبهي لذلك
وسأضرب لك مثالين:
الأول:
لو سئل مفتٍ عن توبة للقاتل، فكيف يجيب؟
لا شك أنه سيقول: بأن باب التوبة مفتوح، من يغلقه!
لكن
جاء رجلٌ يسأَل ابن عباس: هَل للْقَاتِل تَوْبَة؟ فَقَالَ: لَا.
ثمَّ أَتَاهُ آخر فَسئلَ كَذَلِك.
فَقَالَ: نعم.
فَقيل لَهُ: كَيفَ يخْتَلف جوابك؟
فَقَالَ:
رَأَيْت فِي وَجه الأول الشَّرّ: فَخَشِيت أَن أجرئه، وَرَأَيْت فِي وَجه الثَّانِي النَّدَم: فَخَشِيت أَن أقنطه.
والمثال الثاني:
لو سئل مفتٍ عن حكم سب الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم، فكيف يكون الجواب؟.
لا شك ولا ريب: أن يكون جوابه: هذا كفر، مخرج من الملة.
لكن روي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: لما أراد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يهاجر إِلَى المدينة، قَالَ لأصحابه:"تفرقوا عني، فمن كانت به قوة فليتأخر إِلَى آخر الليل، ومن لَمْ تكن قوة، فليذهب في أول الليل، فإذا سمعتم بن قد استقرت بي الأَرْض، فالحقوا بي"، فأصبح بلال المؤذن، وخباب، وعمار، وجارية مِنْ قريش كَانَت أسلمت، فأصبحوا بمكة فأخذهم المشركون وأبو جهل:
فعرضوا عَلَى بلال أَنْ يكفر فأبى، فجعلوا يضعون درعاً مِنْ حديد في الشمس..
وأما خباب فجعلوا يجرونه في الشوك
وأما عمّار، فقال لَهُمْ كلمة أعجبتهم تقية.
وأما الجارية فوتد ... حتى قتلها.
ثُمَّ خَلَّوا عَنْ بلال، وخباب، وعمار، فلحقوا برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخبروه بالذي كَانَ مِنَ أمرهم،
واشتد عَلَى عمار الّذِي كَانَ تَكَلَّمَ به، فقال لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كيف كَانَ قلبك حين قلت الّذِي قلت، أكان منشرحاً بالذي قلت أم لا؟"، قَالَ: لا، قَالَ: وأنزل الله: {إِلا مِنَ اكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}.
الحكم العام هو ما تجدينه في إفتاء هؤلاء الأئمة على اختلاف فيما بينهم تارة، وبينهم وبين المذاهب الأخرى تارة أخرى.
لكن تطبيقه يحتاج إلى حكمة وحنكة، يعرفها شيخ رباني عالم، يعرف بيئتك حق المعرفة.
ولك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، ففي صلح الحديبية شرط الكفار شروطا منها: أن من جاء مسلما من أهل مكة ردَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، وكان المتفق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سهيل بن عمرو رضي الله عنه قبل أن يسلم.
فجاء في مسند أحمد ط الرسالة (31/ 249)فَقَالَ سُهَيْلٌ: عَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ، إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا.
فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللهِ، كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا؟
فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ جَاءَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ، ... فِي قُيُودِهِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ، حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ.
فَقَالَ سُهَيْلٌ: هَذَا يَا مُحَمَّدُ، أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيَّ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ ".
قَالَ: فَوَاللهِ إِذًا لَا نُصَالِحُكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَأَجِزْهُ لِي ".
قَالَ: مَا أَنَا بِمُجِيزُهُ لَكَ.
قَالَ: " بَلَى، فَافْعَلْ ".
قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ...
فَقَالَ أَبُو جَنْدَلٍ: أَيْ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، أَلَا تَرَوْنَ مَا قَدْ لَقِيتُ؟ وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللهِ.
نعم، كانت القوة والغلبة يوم ذاك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو شاء لدخل مكة عنوة، فسبحان من سمى هذا الصلح فتحا مبينا؛ إذ:
ظفر أبو جندل ومن معه بانتصارات حتى طلب أهل مكة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلغاء هذا الشرط.
ودخلُ أهل مكة بعد هذا الصلح بسنتين في دين الله أفواجا.
فنصيحتي لك:
ونصيحتي لها: أن تبحث عن شيخ عالم رباني من أهل تلك البلد، كبرت سنه، وفهم الحياة، ومرت عليه مثل هذه المشاكل
فتستبصر بهديه
فهو أنفع في نظري
عالم: فاهم لنصوص العلماء، فيختار منها ما يناسب بيئتك ومجتمعك.
رباني: لا يتتبع الرخص، فيزيغ بك وبه.
والله أعلم