العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

سلسلة شرح مختصر خليل

إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

مختصر خليل من أشهر كتب المالكية صاحبه هو ابو المودة خليل بن اسحاق بن موسى الجندى المتوفي سنة 767 ه الفقيه التقى الورع كان مجتهدا فى التحصيل وكان لا ينام الا قليلا حتى قيل انه ظل اربعين سنة لم يرى فيها النيل

ومن اشهر مشايخه الامام ابوعبد الله بن الحاج صاحب المدخل ومن اشهر تلامذته الامام بهرام بن عبدالله الدميرى وهو احد شراحه

اهم كتبه
:


1- كتاب التوضيح وهو شرح مختصر ابن الحاجب المسمى جامع الامهات وفيه اختياراته الفقهيه
2
- شرح على مختصر ابن الحاجب الاصلى
3
- شرح المدونه لم يكمل
4
- له منسك فى احكام الحج وهوموجود بالمنتدى

التعريف بالمختصر

بعد ان قام الامام خليل بن اسحاق بشرح مختصر الامام بن الحاجب الفرعى المسمى بجامع الامهات الذى جمعه من امهات كتب المالكية فى كتاب اسماه بالتوضيح وهو يقع فى ست مجلدات قام باختصاره الى مختصره المشهور الذى اصبح عمدة الفتوى حتى قال الامام اللقانى نحن خليليون

من شروح هذا المختصر
1
- شرح الامام الاجهورى مخطوط
2
- شرح بهرام بن عبدالله الدميرى فى ثلاثة شروح صغير ووسط وكبير
3
- ابن المواق شرحه فى التاج والاكليل مطبوع
4
- الامام الحطاب شرحه فى مواهب الجليل مطبوع
5
- الامام الخرشى وعليه حاشية العدوى مطبوع
6
-الامير الكبير كما فى الاكليل مطبوع قديما
7
-صالح بن عبد السميع الابى الازهرى كما فى جواهر الاكليل مطبوع

وهناك شروح اخرى ذكرها د/ على جمعه من اراد ان يطلع عليها فلينظر الى كتابه المدخل الى دراسة المذاهب الفقهيه
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:


بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة المؤلف

يقول الفقير المضطر لرحمة ربه المنكسر خاطره لقلة العمل والتقوى خليل بن إسحاق المالكي: الحمد لله حمدا يوافي ما تزايد من النعم والشكر له على ما أولانا من الفضل والكرم لا أحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه ونسأله اللطف والإعانة في جميع الأحوال وحال حلول الإنسان في رمسه (قبره) والصلاة والسلام على محمد سيد العرب والعجم المبعوث لسائر الأمم وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته وأمته أفضل الأمم.
وبعد:
فقد سألني جماعة أبان الله لي ولهم معالم التحقيق وسلك بنا وبهم أنفع طريق مختصرا على مذهب الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى مبينا لما به الفتوى فأجبت سؤالهم بعد الاستخارة مشيرا بـ

ذكر مصطلحات المؤلف :

"فيها" للمدونة وبـ"أول" إلى اختلاف شارحيها في فهمها وبـ"الاختيار" للخمي2 لكن إن كان بصيغة الفعل فذلك لاختياره هو في نفسه وبالاسم فذلك لاختياره من الخلاف وبـ"الترجيح" لابن يونس كذلك وبـ"الظهور" لابن رشد كذلك وبـ"القول" للمازري كذلك وحيث قلت: "خلاف" فذلك للاختلاف في التشهير وحيث ذكرت قولين أو أقوالا فذلك لعدم مختصر اطلاعي في الفرع على أرجحية منصوصة وأعتبر من المفاهيم مفهوم الشرط فقط وأشير بـ"صحح" أو "استحسن" إلى أن شيخا غير الذين قدمتهم صحح هذا أو استظهره وبـ"التردد" لتردد المتأخرين في النقل أو لعدم نص المتقدمين وبـ"لو" إلى خلاف مذهبي.

يالله أسأل أن ينفع به من كتبه أو قرأه أو حصله أو سعى في شيء منه والله يعصمنا من الزلل ويوفقنا في القول والعمل ثم أعتذر لذوي الألباب من التقصير الواقع في هذا الكتاب وأسأل بلسان التضرع والخشوع وخطاب التذلل والخضوع أن ينظر بعين الرضا والصواب فما كان من نقص كملوه ومن خطأ أصلحوه فقلما يخلص مصنف من الهفوات أو ينجو مؤلف من العثرات.



الشرح :

بدأ المؤلف بذكر مصطلحاته في مختصره فقال :

(فيها) أي المدونة
والمدونة هي المسائل التي دونها قاضي القيروان أسد بن فرات.

( الاول ) اختلاف الشراح فى فهم المدونه.

( بالاختيار ) الى اختيار الامام ابى الحسن اللخمى : هو أبو الحسن على بن محمد الربعي, المعروف باللخمي, كان فقيها فاضلا, تفقه على ابن محرز وأبي إسحاق التونسي وغيرهم, وتفقه عليه أبو عبد الله المارزي والكلاعي, وعبد الحميد الصفاقصي وغيرهم , توفي سنة اربعمائة وثمان وسبعين.

(الترجيح ) الى ترجيح الامام محمد بن عبد الله بن يونس : هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن يونس التميمي, تفقع على أبي الحسن الحصائري, وعتيق بن الفرضي, له كتاب جامع لمسائل المدونة وغيرها, توفي سنة اربعمائة وإحدى وخمسين.

(بالظهور) الى ترجيح الامام محمد بن احمد بن رشد : هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي من كبار فقهاء الأندلس في عصره، تفقه على أبي جعفر ابن مرزوق وغيره، وتفقه عليه القاضي عياض وغيره توفي سنة خمسمائة وخمس وتسعين.
وحفيده هو فيلسوف زمانه صاحب بداية المجتهد أبو الوليد محمد بن أبي القاسم أحمد بن شيخ المالكي أبي الوليد محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد القرطبي و يعرف بإبن رشد الحفيد
مولده قبل موت جده بشهر سنة عشرين وخمس مائة.

(بالقول ) الى اختيار الامام
ابي عبد الله محمد بن عمر التميمي المارزي , كان معروفا بكثرة العلم ودقة النظر أخذ عن اللخمي وابن الصائغ وغيرهما وأخذ عنه القاضي عياض إجازة توفي سنة خمسمائة وست وثلاثين.


(خلاف ) خلاف فى التشهير لهذه الاقوال

( اذا ذكرت قولين او اقوالا ) عدم وجود ترجيح فى المذهب

( المعتبر من المفاهيم مفهوم الشرط ) اى انه هو المعتبر فقط دون مفهوم الصفه والعله واللقب وظرف الزمان والمكان والعدد فكل ذلك غير معتبر

( صحح او استحسن ) اختيار الشيخ خليل او غيره مثل ابن الحاجب غير الذى سبق ذكرهم

(التردد ) تردد المتاخرين من المالكيه فى النقل او عدم وجود نص من المتقدمين

(لو ) الى خلاف مذهبى

 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
كتاب الطهارة

باب في أحكام الطهارة
يرفع الحدث وحكم الخبث بالمطلق وهو ما صدق عليه اسم ماء بلا قيد

الباب لغة: ما يدخل ويخرج منه. قال تعالى: قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ. المائدة 23


وهو هنا مجاز؛ شبه الدخول إلى الخوض في مسائل مخصوصة بالدخول في الأماكن المحسوسة، ثم أثبت لها الباب.

الطهارة لغة النظافة ، و التبرئة أو النزاهة من الأدناس و الأوساخ.
قال تعالى :إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَـزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ. الأنفال 11
و تستعمل مجازا في التنزيه عن العيوب و الآثام ، قال تعالى : خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . التوبة 103


و شرعا ارتفاع الحدث بالماء أو التراب ( طهارة الحدث و هي طهارة حكمية) و زوال النجاسة (طهارة الخبث و هي طهارة حسية)


اعتاد الفقهاء يبدأوا كتبهم بالطهارة و ذلك لأن الطهارة شرط أساسي لصحة الصلاة لقوله تعالى :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ . المائدة 6


و لقوله صلى الله عليه و سلم :لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ. متفق عليه من حديث ابي هريرة رضي الله عنه.




و الصلاة عماد الدين و جاءت في الرتبة الثانية بعد الشهادتين في حديث جبريل الذي رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه : عَنْ عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بينما نحن عند رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إِلَى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فأسند ركبتيه إِلَى ركبتيه ووضع كفيه عَلَى فخذيه وقَالَ: يا محمد أخبرني عَنْ الإسلام؟ فقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا رَسُول اللَّهِ، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا" قَالَ صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه! قَالَ: فأخبرني عَنْ الإيمان؟ قَالَ: "أن تؤمن باللَّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر؛ وتؤمن بالقدر خيره وشره" قَالَ صدقت قَالَ: فأخبرني عَنْ الإحسان؟ قَالَ: "أن تعبد اللَّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" قَالَ: فأخبرني عَنْ الساعة؟ قَالَ: "ما المسئول عَنْها بأعلم مِنْ السائل" قَالَ: فأخبرني عَنْ أماراتها؟ قَالَ: "أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان!" ثم انطلق فلبثت مليا ثم قَالَ: "يا عمر أتدري مِنْ السائل؟" قلت : اللَّه ورسوله أعلم. قَالَ: "فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم" رَوَاهُ مُسْلِمٌ




و بما أن المطلوب من كل مسلم بعد الشهادتين إقامة الصلاة خمس مرات في اليوم كان لزاما على المسلم أن يتعلم احكام الصلاة و أولها الطهارة.




قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :الطهور مفتاح الصلاة ، ابو داود ، الترمذي ، الامام احمد.


بدأ الامام مالك في موطئه بكتاب وقوت الصلاة و ذلك لأنه يرى تقديم الوقت على الطهارة عند التزاحم و الجمهور على خلافه


يرفع الحدث :

قال الحطاب في مواهب الجليل : الحدث بفتحتين وهو في اللغة وجود الشيء بعد أن لم يكن ويطلق في الشرع على أربعة معان : على الخارج المعتاد كما سيأتي إن شاء الله في فصل نواقض الوضوء وعلى نفس الخروج كما في قولهم آداب الحدث ، وعلى الوصف الحكمي المقدر قيامه بالأعضاء قيام الأوصاف الحسية كما في قولهم يمنع الحدث كذا وكذا ، وعلى المنع المرتب على الثلاثة كما في قولهم هنا يرفع الحدث أي المنع المترتب على الأعضاء الوضوء أو الغسل ويصح أن يراد هنا بالحدث المعنى الثابت الذي هو الوصف لأنهما متلازمان فإذا ارتفع أحدهما ارتفع الآخر. اهــ

وحكم الخبث :

الخبث النجاسة

بالمطلق وهو ما صدق عليه اسم ماء بلا قيد

الماء المطلق هو الماء الباقي على هيئته و ليس المقيد بقيد صفة لا تنفك عنه كماء الزهر.

الحدث صفة حكمية تتعلق بالعبد ترفع بالوضوء لقوله عليه الصلاة و السلام :

لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ. متفق عليه من حديث .

و دليل الطهارة بالماء المطلق قوله تعالى : "و أنزلنا من السماء ماء طهورا" الفرقان

و في الموطأ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه و سلم فِي اَلْبَحْرِ: هُوَ اَلطُّهُورُ مَاؤُهُ، اَلْحِلُّ مَيْتَتُهُ .

أما إن كان القيد المضاف للماء قيد ينفك عنه كقولنا ماء النهر و ماء البئر و ماء البحر و ماء المطر فإن ذلك القيد لا يخرجه عن طهوريته لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في بئر بضاعة : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه و سلم . إِنَّ اَلْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ . أَخْرَجَهُ اَلثَّلَاثَةُ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ


و ترفع النجاسة بالماء و دليل ذلك حديث الأعرابي ،عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ اَلْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ اَلنَّاسُ، فَنَهَاهُمْ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ؛ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

وَعَنْ أَبِي اَلسَّمْحِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ اَلْجَارِيَةِ، وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ اَلْغُلَامِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِم ُ .

وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا؛ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم قَالَ فِي دَمِ اَلْحَيْضِ يُصِيبُ اَلثَّوْبَ : "تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ تَنْضَحُهُ، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ" . مُتَّفَقٌ عَلَيْه



وإن جمع من ندى أو ذاب بعد جموده

بعد تعريف المؤلف للماء المطلق عرج على ذكر بعض القيود البيانية التي لا تسلب الماء طهوريته للتنبيه

قال الحطاب : وقوله من ندى بالقصر والتنوين والندى في اللغة المطر والبلل والمراد به هنا ما ينزل على الأرض وأوراق الشجر من الليل وقد نص مالك في المجموعة على أنه يتوضأ بما يجتمع من الندى ولا يتيمم إن وجد ذلك قال في باب التيمم من النوادر ومن المجموعة قال علي عن مالك فيمن لم يجد الماء أيتوضأ بالندى أم يتيمم ؟ قال يتيمم إلا أن يجمع من الندى ما يتوضأ به انتهى . وقال سند قال مالك في المجموعة فيما يجتمع من الندى أنه يتوضأ به انتهى ، ونقله اللخمي وتقدم أن الإضافة في ماء بيانية فلا يرد على حد المطلق . اهــ


أوذاب بعد جموده

أي داب بعد أن كان ثلجا أو بردا

 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
قلنا فيما سبق أنه لا يجوز الوضوء بغير الماء لقوله تعالى "فلم تجدوا ماء فتيمموا " النساء 43 و ذكرنا تعريف الماء المطلق

فرع :

ما يستثنى من الماء المطلق :

يستثنى من الماء المطلق آبار ثمود فلا يجوز الوضوء منها و لا استعمال مائها لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحجر في غزوة تبوك، أمرهم أن لا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها، فقالوا: قد عجنا منها واستقينا. فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين، ويهريقوا ذلك الماء" رواه البخاري

و يقاس عليها آبار لوط و عاد.

ما يشمل الماء المطلق :

يدخل في الماء المطلق مياه الآبار و منها ماء زمزم و ان خالطها التراب او اوراق الشجر التي لا يمكن الاحتراز منها و ماء البحر كما ذكرنا سابقا في حديث ابي هريرة رضي الله عنه و ان خالطته رائحة اللأسماك و الماء العذب و الماء الطبيعي المعدني الغني بالكبريت و مياه الأمطار و كل ما كان ماء على طبيعته لم يتغير أصله فهو مطلق طهور.

فرع :

حكم الماء المعالج:

الماء المعالج أو المصفى إن عاد له وصفه كماء مطلق غير متغير الريح و اللون و الطعم فهو طاهر.

و الدليل في ذلك قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " الماء طهور لا ينجسه شيء " فإختلاط الماء بالنجاسة لا يغير تركيبته فاذا نزعت النجاسة بقي الماء على أصله فعاد لحكمه

و من ناحية القياس فهو بمثابة الماء المتبخر عن ماء نجس فعاد إلى الطبيعة ثم ينزل أمطارا طاهرة.

و كذلك قياسا على الخمر تحجر أو تخلل فطهر أو زرع نبت بعذرة فثمرته طاهرة

و المسألة مبنية على إستحالة النجاسة و سيأتي ذكرها ان شاء الله.
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
أو كان سؤر بهيمة أو حائض أو جنب أو فضلة طهارتهما


أو كان سؤر بهيمة : السؤر بضم السين المهملة وسكون الهمزة وقد تسهل بقية شرب الدواب وغيرها

و سؤر البهيمة طاهر دليل ذلك ما رواه الإمام مالك في موطئه ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة ، عن خالتها كبشة بنت كعب بن مالك ، وكانت تحت ابن أبي قتادة الأنصاري ، أنها أخبرتها : أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوأ ، فجاءت هرة لتشرب منه ، فأصغى لها الإناء حتى شربت . قالت كبشة : فرآني أنظر إليه . فقال : أتعجبين يا ابنة أخي ؟ قالت : فقلت : نعم . فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات "

أَخْرَجَهُ اَلْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ. وَابْنُ خُزَيْمَةَ

و عن مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، أن عمر بن الخطاب خرج في ركب ، فيهم عمرو بن العاص ، حتى وردوا حوضا ، فقال عمرو بن العاص لصاحب الحوض : يا صاحب الحوض هل ترد حوضك السباع ؟ فقال عمر بن الخطاب : " يا صاحب الحوض لا تخبرنا ، فإنا نرد على السباع ، وترد علينا"


و من ناحية القياس أن الموت من غير ذكاة هو سبب نجاسة عين الحيوان فوجب ان تكون الحياة هي سبب عين الطهارة فكان سؤر كل حي طاهر.

و قد خالف ابن القاسم مالكا في هذه المسألة فقال بعدم طهورية سؤر السباع.

أما سؤر الكلب فطاهر عند مالك للأدلة السابقة و قياسا على الهرة فهو من الطوافين و لقوله تعالى : وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ. المائدة 4 فإن كان صيده حلال فهو طاهر و سؤره طاهر أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، وعفروه الثامنة في التراب) فهو محمول على الغسل تعبدا لا نجاسة.

و خالف ابن الحكم فذهب لعدم الوضوء به و هو مذهب الشافعي.

أو حائض

سؤر الحائض طاهر لحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم في صحيح مسلم : عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كنت أشرب وأنا حائض ، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في ، فيشرب ، وأتعرق العرق وأنا حائض ، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في"

أو جنب

يقاس الجنب على الحائض و لحديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحن أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طريق المدينة وهو جنب ، فانخنست منه ، فذهب فاغتسل ثم جاء ، فقال : " أين كنت يا أبا هريرة " قال : كنت جنبا ، فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة ، فقال : " سبحان الله ، إن المسلم لا ينجس "

كذلك سؤر المشرك طاهر و دليل ذلك قوله تعالى (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ) [المائدة:5]
و عن عمران بن حصين أن النبي ر وأصحابه استعملوا مزادة امرأة مشركة. متفق عليه

وقد صح عن عمر أنه توضأ من بيت نصرانية. وقيل في جرة بدل بيت. صحيح البخاري

و وكذلك فإن حذيفة استسقى فسقاه مجوسي. صحيح البخاري

سؤر الكافر طاهر إلا أن يلاحظ في فمه نجاسة فتنجس الماء كخمر أو لحم خنزير و مثل ذلك لشارب الخمر ايضا.

أو فضلة طهارتهما

فضل ماء الحائض طاهر مطهر يجوز الوضوء به
لحديث اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم كَانَ يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

وَلِأَصْحَابِ "اَلسُّنَنِ": عن ابن عباس
رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا { اِغْتَسَلَ بَعْضُ أَزْوَاجِ اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم فِي جَفْنَةٍ، فَجَاءَ لِيَغْتَسِلَ مِنْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: إِنِّي كُنْتُ جُنُبًا، فَقَالَ: "إِنَّ اَلْمَاءَ لَا يُجْنِبُ" } وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ



 

عثمان عمر شيخ

:: مشارك ::
إنضم
12 يوليو 2009
المشاركات
276
الإقامة
كندا
الجنس
ذكر
التخصص
الكومبيوتر
الدولة
كندا
المدينة
كندا
المذهب الفقهي
الشافعي
اولا اشكرك علي هذه السلسلة المباركة وان شاء نحن متابع لكم



فرع :


ما يستثنى من الماء المطلق :

يستثنى من الماء المطلق آبار ثمود فلا يجوز الوضوء منها و لا استعمال مائها لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحجر في غزوة تبوك، أمرهم أن لا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها، فقالوا: قد عجنا منها واستقينا. فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين، ويهريقوا ذلك الماء" رواه البخاري

و يقاس عليها آبار لوط و عاد.
.

قلت لا يجوز الوضوء بها ؟ لا يجوز هنا هل هو للتحريم

نحن عندنا معاشر الشافعية
يكره استعماله ومع ذلك يجوز مع الكراهة
ومن توضئ بها وصلي صحت صلاته وطهارته

جزاكم الله خيرا متابع لك
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
اولا اشكرك علي هذه السلسلة المباركة وان شاء نحن متابع لكم





قلت لا يجوز الوضوء بها ؟ لا يجوز هنا هل هو للتحريم

نحن عندنا معاشر الشافعية
يكره استعماله ومع ذلك يجوز مع الكراهة
ومن توضئ بها وصلي صحت صلاته وطهارته

جزاكم الله خيرا متابع لك



بارك الله فيك أخي الكريم


ذهب جمهور المالكية وقول ظاهر عند الحنابلة إلى الجزم بعدم التطهير بماء هذه الآبار.

قال صاحب مواهب الجليل :

ويستثنى من الآبار آبار ثمود فلا يجوز الوضوء بمائها ولا الانتفاع به كما ذكره القرطبي في شرح مسلم وابن فرحون في ألغازه ناقلا له عن ابن العربي في أحكام القرآن ونقله غير واحد وذلك { لأنه - صلى الله عليه وسلم - أمر الصحابة - رضي الله عنهم - حين مروا بها أن يشربوا إلا من البئر التي كانت تردها الناقة وأمرهم أن يطرحوا ما عجنوه من تلك الآبار ويهريقوا الماء } والحديث في الصحيحين رواه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء وذكره مسلم في أواخر صحيحه بعد كتاب الزهد وفيه أنه أمرهم أن يعلفوا العجين الإبل قال القرطبي في شرح مسلم أمره - صلى الله عليه وسلم - بإراقة ما سقوا وعلف العجين للدواب حكم على ذلك الماء بالنجاسة إذ ذلك حكم ما خالطته النجاسة أو كان نجسا ولولا نجاسة الماء لما أتلف الطعام المحترم شرعا ، وأمره أن يستقوا من بئر الناقة دليل على التبرك بآثار الأنبياء والصالحين وإن تقادمت أعصارهم انتهى وقالابن فرحون في الألغاز : ( فإن قلت ) : ماء كثير باق على أصل خلقته لا يجوز الوضوء ولا الانتفاع به .

( قلت ) : هو ماء الآبار التي في أرض ثمود .

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها ، قالوا : قد استقينا وعجنا فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين ويريقوا الماء وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة وذلك لأجل أنه ماء سخط فلم يجز الانتفاع به فرارا من سخط الله انظر أحكام القرآن لابن العربي عند قوله تعالى { ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين } وهو مذهب الشافعي ولا نحكم بنجاسته لأن الحديث ليس فيه تعرض للنجاسة وإنما هو ماء سخط وغضب انتهى . وقال الشيخ زروق في شرح الرسالة ذكر ابن العربي في الأحكام عند قوله تعالى { ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين } منع الوضوء من بئر ثمود لأنها بئر غضب ولأنه عليه الصلاة والسلام أمر بطرح ما عجن منها وبالتيمم وترك استعمالها فهي مستثناة من الآبار وهو خلاف ما هنا من العموم يعني قول الرسالة وماء الآبار .

( قلت ) : والظاهر ما قاله ابن فرحون والشيخ زروق أنه لا يحكم بنجاسة الماء وإنما يمنع من استعماله فقط لأنه ماء سخط وغضب لأنه لم يروا أنه - عليه الصلاة والسلام أمرهم بغسل أوعيتهم وأيديهم منه وما أصابه من ثيابهم ولو وقع ذلك لنقل على أنه لو نقل لما دل على النجاسة لاحتمال أن يكون ذلك مبالغة في اجتناب ذلك الماء وهو الذي يؤخذ من كلام الفاكهاني في شرح الرسالة فإنه لما ذكر الآبار قال : إلا مياه أبيار الحجر فإنه نهى عن شربها والطهارة بها إلا بئر الناقة ثبت ذلك في الصحيح انتهى . وقد صرح النووي في شرح المهذب بعدم نجاسته ولا إشكال في منع الوضوء منها على ما قاله القرطبي والله أعلم اهــ

 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
أو كثيرا خلط بنجس لم يغيره أو شك في مغيره هل يضر أو تغير بمجاوره وإن بدهن لاصق أو برائحة قطران وعاء مسافر

أو كثيرا خلط بنجس لم يغيره
أي أن الماء طهور لا ينجسه شيئ إلا ان تغيرت احد أوصافه باختلاطه مع النجاسة من لون و طعم و رائحة.

أحكام المياه تدور على عدة احاديث :

حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه و سلم { إِنَّ اَلْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ } أَخْرَجَهُ اَلثَّلَاثَةُ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ

حديث عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { إِذَا كَانَ اَلْمَاءَ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ اَلْخَبَثَ } وَفِي لَفْظٍ: { لَمْ يَنْجُسْ } أَخْرَجَهُ اَلْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ. وَابْنُ حِبَّانَ

حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ: { جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ اَلْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ اَلنَّاسُ، فَنَهَاهُمْ اَلنَّبِيُّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ؛ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ. } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .

و حديث أَبِي هُرَيْرَةَ
رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال { لَا يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِي اَلْمَاءِ اَلدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ } أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .
وَلِلْبُخَارِيِّ: { لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي اَلْمَاءِ اَلدَّائِمِ اَلَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ } .
وَلِمُسْلِمٍ: "مِنْهُ"

و حديث أَبِي هُرَيْرَةَ
رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال { طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذْ وَلَغَ فِيهِ اَلْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ } أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

و حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمسن يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا ، فإنه لا يدري أين باتت يده }. قلت : أخرجه الأئمة الستة

هذه احاديث صحيحة إلا حديث القلتين اختلف فيه , من العلماء من صححه و منهم من قال باضطرابه.

اجمع العلماء على أن لماء المستبحر لا تضره النجاسة و اختلفوا في الماء القليل
اذا خالطته نجاسة فذهب مالك و الظاهرية و رواية عن احمد الى ان الماء اذا لم تتغير أوصافه باختلاطه بالنجاسة فهو طهور قليلا كان او كثيرا عملا بحديث الماء طهور لا ينجسه شيئ فخصصوا الحديث بالاجماع القائم على أن الماء اذا تغيرت احد اوصافه بالنجاسة نجس.

و ذهب الحنفية و الشافعية الى التفريق بين الماء القليل و الكثير فالق
ليل ينجس باي نجاسة وقعت فيه و ان لم يتغير و الكثير لا تضره النجاسة لكن اختلفوا في الحد بين القليل و الكثير فقال الشافعية و رواية عن احمد حده قلتين من قلال هجر و هي خمسمئة رطل عملا بمفهوم حديث القليتين, ان كان اقل من ذلك نجس و ان كان اكثر من ذلك بقي طاهرا و ذهب الحنفية إلى تحديد الكثير بالماء الذي اذا حرك احد طرفيه لم يتحرك الاخر هذا قول الامام ابي حنيفة اما صاحبيه يوسف و الحسن فحددوا ذلك بعشرة امتار في عشرة .

استدل الشافعية و الحنفية لذلك بحديث ادخال اليد و ولوغ الكلب فمدلول الحديثين أن قليل الماء تفسده النجاسة إلا أن ذلك معارض بحديث الاعراب
ي فمدلوله أن الماء القليل ان غلب النجاسة لا ينجس فرد ذلك الشافعية بتفريقهم بين ورود النجاسة على الماء و بين ورود الماء على النجاسة فقالوا ان حديث الاعرابي فيه ورود الماء على النجاسة فذلك يطهر بعكس وقوع النجاسة في الماء فذلك ينجس و لا يخفى ما في هذا الجواب من تكلف.
إعلم أن الجمع بين هذه الاحاديث لا يحصل إلا بالقول أن الماء قليلا كان أو كثيرا ان وقعت فيه نجاسة فهو طاهر ما لم يتغير اما حديث الاستيقاظ فهو محمول على الندب لا على نجاسة الماء فكون اليد نجسة عند الاستيقاظ مشكوك فيه و الشك لا يرفع اليقين أما حديث ولوغ الكلب فحمله مالك على التعبد و حمله غيره على نجاسة الكلب و جعلوا لها حكما خاصا أما حديث القلتين فعلى فرض صحته فمفهومه يدل على نجاسة الماء الذي لاقى نجاسة ان كان اقل من القلتين الا أن هذا المفهوم معارض بالمنطوق من حديث الماء طهور لا ينجسه شيئ و المنطوق مقدم على المفهوم.

و من ناحية المعقول انه ان بلغ
الماء قلة و لاقى نجاسة فعلى مذهب الشافعية نجس فان اضفنا اليه قلة ايضا لاقت نجاسة فهي نجسة لكن مجموع المائين طاهر لأنه بلغ القلتين و هذا مخالف للمعقول كيف يطهر ماء نجس جمع مع نجس.

الذي عليه المحققون أن الماء طاهر ما لم يتغير بنجاسة قليلا كان أو كثيرا و الله الموفق إلى الصواب.

أو شك في مغيره هل يضر

أي أن الماء إذا تغير وشك في الذي غيره هل هو مما يسلبه الطهورية أو مما لا يسلبه الطهورية ؟ فالأصل بقاؤه على الطهورية و ذلك لأن الشك لا يرفع اليقين.

أو تغير بمجاوره وإن بدهن لاصق

أي أن الماء قد يتغير بما وضع بجانبه او ما لاصقه كالدهن يلاصق الماء فوق سطحه فما دام لم يختلط بالنجاسة فهو طاهر لأنه باق على أصله.

أو برائحة قطران وعاء مسافر

أي أن وعاء المسافر قد يوضع فيه قطران فالماء الموضوع فيه طاهر و ان تغيرت رائحته بالقطران و ذلك لأن القطران طاهر و الماء ان خالط طاهرا بقي
طاهرا مادام يسمى ماء دليل ذلك حديث أم هانئ رضي الله عنها: أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) اغتسل هو وميمونة من إناء في قصعةٍ فيها أثر العجين) اخرجه النسائي فالعجين لا بد له من ان يختلط بالماء الا ان الوضوء جاز به فهو طاهر , و كذلك كانت اوعية الصحابة في السفر من ادم و هذه لا يسلم منها تغير الماء و كانوا يتوضؤون به.

الماء المختلط بطاهر طاهر ما لم يغلب عليه كالشاي مثلا.

و صل الله و سلم على نبينا محمد .
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
أو بمتولد منه أو بقراره كملح أو بمطروح فيه ولو قصدا من تراب أو ملح والأرجح السلب بالملح وفي الاتفاق على السلب به إن صنع تردد.

أو بمتولد منه

أي الماء الذي خالطه ما يتولد فيه عادة كالطحلب أو يتغير بالسمك الحي فيه و الورق المتساقط فيه وسائر ما ينبت في الماء أو يجري عليه الماء أو تحمله الريح أو السيول من التبن والعيدان و ما شابه مما لا يمكن الاحتراز منه فهذا الماء باق على طهوريته لأن ما خالطه طاهر و لم يسلبه إسم الماء.

دليل ذلك الحديث السابق في مخالطة الماء العجين و حديث ماء البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته فماء البحر تغير ريحه بما يعيش فيه و بقي طاهرا.


أو بقراره كملح

أي ما استقر فيه كالملح و الكبريت و ما شابه مما يوجد في الطبيعة فيسقط فيه فهذا يبقى طاهر لأنه بقي على طبيعته الموجودة في الطبيعة.

و بمطروح فيه

أو تغير بمطروح فيه من غير قصد كالملح و التراب فهنا قياس للملح على التراب لأن كلاهما من الأرض.

ولو قصدا من تراب أو ملح والأرجح السلب بالملح وفي الاتفاق على السلب به إن صنع تردد

اي و لو طرح التراب أو الملح قصدا و في طرح الملح خلاف ، قال في مواهب الجليل :

(
والأرجح ) أي الذي اختاره ابن يونس من خلاف المتقدمين ( السلب ) لطهورية الماء ( بالملح ) المطروح فيه قصدا ، مصنوعا كان ، أو معدنيا وهذا قول القابسي وهو ضعيف .

وقال
الباجي : المعدني لا يسلبها ، والمصنوع يسلبها ، وضعف أيضا ، واختلف المتأخرون عن هؤلاء الثلاثة فمنهم من رد قولي ابن أبي زيد .

والقابسي إلى قول الباجي وجعل المذهب على قول وهو أن المعدني لا يسلبها اتفاقا ، والمصنوع يسلبها اتفاقا ومنهم من لم يردهما إليه وأبقاهما على إطلاقهما وجعل المذهب على ثلاثة أقوال فالخلاف فيهما ، وإلى هذا الخلاف أشار المصنف بقوله : وفي الاتفاق على السلب ) لطهورية الماء ( به ) أي الملح ( إن صنع ) بضم فكسر أي الملح من أجزاء الأرض كتراب ، ومفهوم الشرط أن المعدني لم يتفقوا على السلب به وهذا فهم التوفيق بين الأقوال الثلاثة وردها لقول واحد وهذا أحد شقي التردد والشق الثاني طواه المصنف وتقديره : وعدم الاتفاق على السلب به إن صنع ففيه الخلاف كالمعدني وهذا فهم من أبقى الأقوال على ظاهرها ولم يردها لقول واحد ومبتدأ ، وفي الاتفاق إلخ .


( تردد ) للمتأخرين الراجح منه عدم الاتفاق على السلب بالمصنوع ففيه الخلاف كالمعدني والراجح عدم السلب بهما كما تقدم . فإن قلت : هذا التردد ليس من تردد المتأخرين في النقل عن المتقدمين ولا في الحكم لعدم نص المتقدمين عليه ; لأن أبا زيد والقابسي والباجي من المتأخرين ولأن من بعدهم لم يختلف في النقل عنهم ولا في الحكم لعدم نصهم عليه فهذا التردد لم يجر على قاعدة المصنف التي أسسها في الخطبة .

قلت : هو من تردد المتأخرين في النقل على المتقدمين ; إذ لم يرد المصنف بالمتقدمين فيها المتقدمين باصطلاح أهل المذهب بل أراد بهم كل من تقدم على غيره ولو كان من المتأخرين فيه ولم يرد بالاختلاف في النقل خصوص نقل أقوالهم التي نصوا عليها بل أراد ما يعمها وما فهمه المتأخرون عنهم من كلامهم فكل من فهم منه شيئا نسبه لهم ونقله عنهم كأنهم نصوا عليه وقالوه ; فهذا التردد جار على قاعدته ومن أفرادها .
اهــ
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
سنواصل شرح المختصر بعد نهاية رمضان إن شاء الله و تعميما للفائدة سنشرح معه نظم نضار المختصر و هو نظم حول مختصر خليل من ستة آلاف بيت للشيخ مختار بن أمحيمدات الشنقيطي

لتحميل النظم :

http://www.4shared.com/file/73627849...mohktasar
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
بسم الله الرحمن الرحيم

سنحاول شرح أبيات النظم الموافقة لما شرحناه سابقا من مختصر خليل.

باب الطهارة

قال الناظم :

يرتفع الحدث أو حكم الخبث * بمطلق الماء بلا قيد يبث
لو ذاب من بعد الجمود أو جمع * من ندى أو سؤرا لحى لو منع
أكلا و فضلة طهارة جنب * أو حائض كذا كثير لم يشب
إياه شيئ أو تغير بما * لازمه لجنس ارضه انتمى
كبقراره و نحو الملح لو * طرح عمدا فيه في الأصح أو



الطهارة لغة النظافة ، و التبرئة أو النزاهة من الأدناس و الأوساخ.

و شرعا ارتفاع الحدث بالماء أو التراب ( طهارة الحدث و هي طهارة حكمية) و زوال النجاسة (طهارة الخبث و هي طهارة حسية)

و منهم من يعبر عنها برفع الحدث بالماء أو التراب (إحتياطا للنية فالرفع فيه نية و هي لازمة في الطهارة الحكمية) و زوال حكم النجاسة (زوال و ليس إزالة إشارة إلى عدم لزوم النية و حكم النجاسة بدل النجاسة لأن النجاسة نوعان حكمية و عينية فما كان في حكم النجاسة امكن ازالته كبول سقط فوق ثوب و ما كان نجسا عينا فلا يمكن إزالة ذلك كلحم الخنزير مثلا فهو نجس عينا لا ينفع غسله بالماء)

و من الفقهاء من يضيف و ما شابهها إحتياطا للطهارات المستحبة أو لما كان واجبا دون حدث كغسل اليد ثلاثا وجوبا بعد الاستيقاظ من النوم عند الحنابلة و كغسل الجمة عند من يوجبه (غسل الجمعة ليس بواجب عند المالكية و لا غسل اليد ثلاثا عند الاستيقاظ).


يرتفع الحدث أو حكم الخبث

الحدث بفتحتين وهو في اللغة وجود الشيء بعد أن لم يكن ويطلق في الشرع على أربعة معان :
الخارج المعتاد كالفساء و البول و الريح وعلى نفس الخروج كالتخوط و التبول وعلى الوصف الحكمي المقدر قيامه بالأعضاء قيام الأوصاف الحسية كما في قولهم يمنع الحدث كذا وكذا وعلى المنع المرتب على الثلاثة كما في قولهم هنا يرفع الحدث أي المنع المترتب على الأعضاء.

و الخبث النجاسة و ذكر هنا حكم الخبث احتياطا من النجاسة العينية.

بمطلق الماء بلا قيد يبث

الماء المطلق هو الماء الباقي على خلقته الذي يصح إطلاق إسم الماء عليه بدون إضافة صفة لا تنفك عنه.

فماء البئر ماء مطلق لأنه يصح عليه إسم الماء بدون زيادة البئر و كذلك ماء البحز يصح إطلاق الماء عليه دون ذكر البحر بعكس ماء الزهر لا يمكن إنفكاك صفة الزهر عنه فلابد من تسميته ماء الزهر و الا لم يعرف.


الحدث صفة حكمية تتعلق بالعبد ترفع بالوضوء لقوله عليه الصلاة و السلام :

لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ. متفق عليه من حديث .

و دليل الطهارة بالماء المطلق قوله تعالى : "و أنزلنا من السماء ماء طهورا" الفرقان

و في الموطأ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه و سلم فِي اَلْبَحْرِ: هُوَ اَلطُّهُورُ مَاؤُهُ، اَلْحِلُّ مَيْتَتُهُ .

وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : { اللهم طهرني بالماء والثلج والبرد } متفق عليه


و ترفع النجاسة بالماء و دليل ذلك حديث الأعرابي ،عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ اَلْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ اَلنَّاسُ، فَنَهَاهُمْ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ؛ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

وَعَنْ أَبِي اَلسَّمْحِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ اَلْجَارِيَةِ، وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ اَلْغُلَامِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِم ُ .

وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا؛ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم قَالَ فِي دَمِ اَلْحَيْضِ يُصِيبُ اَلثَّوْبَ : "تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ تَنْضَحُهُ، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ" . مُتَّفَقٌ عَلَيْه


ما يستثنى من الماء المطلق :

يستثنى من الماء المطلق آبار ثمود فلا يجوز الوضوء منها و لا استعمال مائها لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحجر في غزوة تبوك، أمرهم أن لا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها، فقالوا: قد عجنا منها واستقينا. فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين، ويهريقوا ذلك الماء" رواه البخاري


و يقاس عليها آبار لوط و عاد.

و المنع منع تحريم على عكس الشافعية ذهبوا للكراهة و دليلنا " فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين" فلو كان الامر للكراهة فقط لما أمر عليه الصلاة و السلام باتلاف العجين.


ما يشمل الماء المطلق :

يدخل في الماء المطلق مياه الآبار و منها ماء زمزم و ان خالطها التراب او اوراق الشجر التي لا يمكن الاحتراز منها و ماء البحر كما ذكرنا سابقا في حديث ابي هريرة رضي الله عنه و ان خالطته رائحة اللأسماك و الماء العذب و الماء الطبيعي المعدني الغني بالكبريت و مياه الأمطار و كل ما كان ماء على طبيعته لم يتغير أصله فهو مطلق طهور.


لو ذاب من بعد الجمود

أي ذاب بعد أن كان ثلجا أو بردا لأن الثلج و البرد طاهر و يتحول إلى ماء مطلق
وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : { اللهم طهرني بالماء والثلج والبرد } متفق عليه

أو جمع * من ندى

قال الحطاب : وقوله من ندى بالقصر والتنوين والندى في اللغة المطر والبلل والمراد به هنا ما ينزل على الأرض وأوراق الشجر من الليل وقد نص مالك في المجموعة على أنه يتوضأ بما يجتمع من الندى ولا يتيمم إن وجد ذلك قال في باب التيمم من النوادر ومن المجموعة قال علي عن مالك فيمن لم يجد الماء أيتوضأ بالندى أم يتيمم ؟ قال يتيمم إلا أن يجمع من الندى ما يتوضأ به انتهى . وقال سند قال مالك في المجموعة فيما يجتمع من الندى أنه يتوضأ به انتهى ، ونقله اللخمي وتقدم أن الإضافة في ماء بيانية فلا يرد على حد المطلق . اهــ



أو سؤرا لحى لو منع
أكلا

السؤر بضم السين المهملة وسكون الهمزة وقد تسهل بقية شرب الدواب وغيرها

و سؤر البهيمة طاهر دليل ذلك ما رواه الإمام مالك في موطئه ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة ، عن خالتها كبشة بنت كعب بن مالك ، وكانت تحت ابن أبي قتادة الأنصاري ، أنها أخبرتها : أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوأ ، فجاءت هرة لتشرب منه ، فأصغى لها الإناء حتى شربت . قالت كبشة : فرآني أنظر إليه . فقال : أتعجبين يا ابنة أخي ؟ قالت : فقلت : نعم . فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات "

أَخْرَجَهُ اَلْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ. وَابْنُ خُزَيْمَةَ

و عن مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، أن عمر بن الخطاب خرج في ركب ، فيهم عمرو بن العاص ، حتى وردوا حوضا ، فقال عمرو بن العاص لصاحب الحوض : يا صاحب الحوض هل ترد حوضك السباع ؟ فقال عمر بن الخطاب : " يا صاحب الحوض لا تخبرنا ، فإنا نرد على السباع ، وترد علينا"


و من ناحية القياس أن الموت من غير ذكاة هو سبب نجاسة عين الحيوان فوجب ان تكون الحياة هي سبب عين الطهارة فكان سؤر كل حي طاهر.

و قد خالف ابن القاسم مالكا في هذه المسألة فقال بعدم طهورية سؤر السباع.

أما سؤر الكلب فطاهر عند مالك للأدلة السابقة و قياسا على الهرة فهو من الطوافين و لقوله تعالى : وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ. المائدة 4 فإن كان صيده حلال فهو طاهر و سؤره طاهر أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، وعفروه الثامنة في التراب) فهو محمول على الغسل تعبدا لا نجاسة.

و خالف ابن الحكم فذهب لعدم الوضوء به و هو مذهب الشافعي.

لو منع أكلا : ربما قصد بها المؤلف ما يخشى عليه من أكل النجاسة فإن شوهدت نجاسة في فمه لا يتوضأ بسؤره و الله أعلم

و فضلة طهارة جنب * أو حائض

سؤر الحائض طاهر لحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم في صحيح مسلم : عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كنت أشرب وأنا حائض ، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في ، فيشرب ، وأتعرق العرق وأنا حائض ، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في"

يقاس الجنب على الحائض و لحديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحن أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طريق المدينة وهو جنب ، فانخنست منه ، فذهب فاغتسل ثم جاء ، فقال : " أين كنت يا أبا هريرة " قال : كنت جنبا ، فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة ، فقال : " سبحان الله ، إن المسلم لا ينجس "

كذلك سؤر المشرك طاهر و دليل ذلك قوله تعالى (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ) [المائدة:5]
و عن عمران بن حصين أن النبي ر وأصحابه استعملوا مزادة امرأة مشركة. متفق عليه

وقد صح عن عمر أنه توضأ من بيت نصرانية. وقيل في جرة بدل بيت. صحيح البخاري

و وكذلك فإن حذيفة استسقى فسقاه مجوسي. صحيح البخاري

سؤر الكافر طاهر إلا أن يلاحظ في فمه نجاسة فتنجس الماء كخمر أو لحم خنزير و مثل ذلك لشارب الخمر ايضا.


فضل ماء الحائض طاهر مطهر يجوز الوضوء به لحديث اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم كَانَ يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

وَلِأَصْحَابِ "اَلسُّنَنِ": عن ابن عباس
رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا { اِغْتَسَلَ بَعْضُ أَزْوَاجِ اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم فِي جَفْنَةٍ، فَجَاءَ لِيَغْتَسِلَ مِنْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: إِنِّي كُنْتُ جُنُبًا، فَقَالَ: "إِنَّ اَلْمَاءَ لَا يُجْنِبُ" } وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ



كذا كثير لم يشب
إياه شيئ


اي ماء كثير لم يغيره شيئ و ان وقعت فيه نجاسة فإن لم تغيره فهو طهور.

الماء طهور لا ينجسه شيئ إلا ان تغيرت احد أوصافه باختلاطه مع النجاسة من لون و طعم و رائحة.

أحكام المياه تدور على عدة احاديث :

حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه و سلم { إِنَّ اَلْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ } أَخْرَجَهُ اَلثَّلَاثَةُ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ

حديث عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { إِذَا كَانَ اَلْمَاءَ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ اَلْخَبَثَ } وَفِي لَفْظٍ: { لَمْ يَنْجُسْ } أَخْرَجَهُ اَلْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ. وَابْنُ حِبَّانَ

حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ: { جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ اَلْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ اَلنَّاسُ، فَنَهَاهُمْ اَلنَّبِيُّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ؛ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ. } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .

و حديث أَبِي هُرَيْرَةَ
رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال { لَا يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِي اَلْمَاءِ اَلدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ } أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .
وَلِلْبُخَارِيِّ: { لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي اَلْمَاءِ اَلدَّائِمِ اَلَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ } .
وَلِمُسْلِمٍ: "مِنْهُ"

و حديث أَبِي هُرَيْرَةَ
رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال { طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذْ وَلَغَ فِيهِ اَلْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ } أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

و حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمسن يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا ، فإنه لا يدري أين باتت يده }. قلت : أخرجه الأئمة الستة

هذه احاديث صحيحة إلا حديث القلتين اختلف فيه , من العلماء من صححه و منهم من قال باضطرابه.

اجمع العلماء على أن لماء المستبحر لا تضره النجاسة و اختلفوا في الماء القليل
اذا خالطته نجاسة فذهب مالك و الظاهرية و رواية عن احمد الى ان الماء اذا لم تتغير أوصافه باختلاطه بالنجاسة فهو طهور قليلا كان او كثيرا عملا بحديث الماء طهور لا ينجسه شيئ فخصصوا الحديث بالاجماع القائم على أن الماء اذا تغيرت احد اوصافه بالنجاسة نجس.

و ذهب الحنفية و الشافعية الى التفريق بين الماء القليل و الكثير فالق
ليل ينجس باي نجاسة وقعت فيه و ان لم يتغير و الكثير لا تضره النجاسة لكن اختلفوا في الحد بين القليل و الكثير فقال الشافعية و رواية عن احمد حده قلتين من قلال هجر و هي خمسمئة رطل عملا بمفهوم حديث القليتين, ان كان اقل من ذلك نجس و ان كان اكثر من ذلك بقي طاهرا و ذهب الحنفية إلى تحديد الكثير بالماء الذي اذا حرك احد طرفيه لم يتحرك الاخر هذا قول الامام ابي حنيفة اما صاحبيه يوسف و الحسن فحددوا ذلك بعشرة امتار في عشرة .

استدل الشافعية و الحنفية لذلك بحديث ادخال اليد و ولوغ الكلب فمدلول الحديثين أن قليل الماء تفسده النجاسة إلا أن ذلك معارض بحديث الاعراب
ي فمدلوله أن الماء القليل ان غلب النجاسة لا ينجس فرد ذلك الشافعية بتفريقهم بين ورود النجاسة على الماء و بين ورود الماء على النجاسة فقالوا ان حديث الاعرابي فيه ورود الماء على النجاسة فذلك يطهر بعكس وقوع النجاسة في الماء فذلك ينجس و لا يخفى ما في هذا الجواب من تكلف.
إعلم أن الجمع بين هذه الاحاديث لا يحصل إلا بالقول أن الماء قليلا كان أو كثيرا ان وقعت فيه نجاسة فهو طاهر ما لم يتغير اما حديث الاستيقاظ فهو محمول على الندب لا على نجاسة الماء فكون اليد نجسة عند الاستيقاظ مشكوك فيه و الشك لا يرفع اليقين أما حديث ولوغ الكلب فحمله مالك على التعبد و حمله غيره على نجاسة الكلب و جعلوا لها حكما خاصا أما حديث القلتين فعلى فرض صحته فمفهومه يدل على نجاسة الماء الذي لاقى نجاسة ان كان اقل من القلتين الا أن هذا المفهوم معارض بالمنطوق من حديث الماء طهور لا ينجسه شيئ و المنطوق مقدم على المفهوم.

و من ناحية المعقول انه ان بلغ
الماء قلة و لاقى نجاسة فعلى مذهب الشافعية نجس فان اضفنا اليه قلة ايضا لاقت نجاسة فهي نجسة لكن مجموع المائين طاهر لأنه بلغ القلتين و هذا مخالف للمعقول كيف يطهر ماء نجس جمع مع نجس.

الذي عليه المحققون أن الماء طاهر ما لم يتغير بنجاسة قليلا كان أو كثيرا و الله الموفق إلى الصواب.



أو تغير بما * لازمه لجنس ارضه انتمى
كبقراره

أي الماء الذي خالطه ما يتولد فيه عادة كالطحلب أو يتغير بالسمك الحي فيه و الورق المتساقط فيه وسائر ما ينبت في الماء أو يجري عليه الماء أو تحمله الريح أو السيول من التبن والعيدان و كل ما هو من جنس أرضه كالطين و ما شابه مما لا يمكن الاحتراز منه فهذا الماء باق على طهوريته لأن ما خالطه طاهر و لم يسلبه إسم الماء.

دليل ذلك الحديث السابق في مخالطة الماء العجين و حديث ماء البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته فماء البحر تغير ريحه بما يعيش فيه و بقي طاهرا.



و نحو الملح لو * طرح عمدا فيه في الأصح

اي و لو طرح الملح قصدا في الماء على الأرجح في المذهب.

 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
نضار المختصر :

************************************* أو
منه تولد كطحلب و ما * ندور إلانفكاك منه علما
كالدهن في آنية البدو استقر * و كدباغ قربة لو في حضر
او شك في مغير هل يسلب * او بمجاورة شيئ يقرب
و ان بدهن لاصق أو رائحة * لقطران من وعاء فائحة



أو
منه تولد كطحلب و ما * ندور إلانفكاك منه علما
كالدهن في آنية البدو استقر * و كدباغ قربة لو في حضر


أي الماء الذي خالطه ما يتولد فيه عادة كالطحلب أو يتغير بالسمك الحي فيه و الورق المتساقط فيه وسائر ما ينبت في الماء أو يجري عليه الماء أو تحمله الريح أو السيول من التبن والعيدان و ما شابه مما لا يمكن الاحتراز منه فهذا الماء باق على طهوريته لأن ما خالطه طاهر و لم يسلبه إسم الماء.

دليل ذلك الحديث السابق في مخالطة الماء العجين و حديث ماء البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته فماء البحر تغير ريحه بما يعيش فيه و بقي طاهرا.


و كذلك الصحابة كانوا من البدو كانوا يحملون الماء في السفر في قرب و القرب فيها دهن و مثل هذا لا ينفك منه الماء فلو كان هذا الماء غير طاهر لنقل إلينا لعموم البلوى به و إشتهارها.

كذلك الماء المتغير بالدباغ كالقطران فالماء الموضوع فيه طاهر و ان تغيرت رائحته بالقطران و ذلك لأن القطران طاهر و الماء ان خالط طاهرا بقي طاهرا مادام يسمى ماء دليل ذلك حديث أم هانئ رضي الله عنها: أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) اغتسل هو وميمونة من إناء في قصعةٍ فيها أثر العجين) اخرجه النسائي فالعجين لا بد له من ان يختلط بالماء الا ان الوضوء جاز به فهو طاهر ، و كذلك أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الله بن زيد قال : " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخرجنا له ماء في تور من صفر فتوضأ ، فغسل وجهه ثلاثا ، ويديه مرتين مرتين ، ومسح برأسه ، فأقبل به وأدبر ، وغسل رجليه "

الصفر : نحاس جيد و معلوم أنه يغير طعم الماء.

او شك في مغير هل يسلب

أي أن الماء إذا تغير وشك في الذي غيره هل هو مما يسلبه الطهورية أو مما لا يسلبه الطهورية ؟ فالأصل بقاؤه على الطهورية و ذلك لأن الشك لا يرفع اليقين.

*************************او بمجاورة شيئ يقرب
و ان بدهن لاصق أو رائحة * لقطران من وعاء فائحة

أي أن الماء قد يتغير بما وضع بجانبه او ما لاصقه كالدهن يلاصق الماء فوق سطحه فما دام لم يختلط بالنجاسة فهو طاهر لأنه باق على أصله.

وعاء المسافر قد يوضع فيه قطران فالماء الموضوع فيه طاهر و ان تغيرت رائحته بالقطران و ذلك لأن القطران طاهر و الماء ان خالط طاهرا بقي طاهرا مادام يسمى ماء و قد تقدم ذكر ادلة ذلك.

و صلى الله و سلم على نبينا محمد و آله و صحبه.

 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
قال في المختصر:

لا بمتغير لونا أو طعما أو ريحا بما يفارقه غالبا من طاهر أو نجس كدهن خالط أو بخار مصطكي وحكمه كمغيره.


قال صاحب النضار :

و إن تغير بغير ما جلب * بلون أو طعم و ريحه سلب
فإن بطاهر فطاهر و ان * بنجس فنجس كا
لدهن إن
خالط أو بخار مصطكى وضر * إياه بين تغير صدر

لا بمتغير لونا أو طعما أو ريحا بما يفارقه غالبا من طاهر أو نجس كدهن خالط أو بخار مصطكي

هذه الجملة معطوفة على قول المؤلف يرفع الحدث و حكم الخبث بالمطلق ، فقوله لا بمتغير أي أن الحدث لا يرفع بالماء المتغير عن طبيعته بما ينفك عنه غالبا سواء كان طاهرا أو نجسا و سواء تغير في اللون أو الطعم أو في الريح فمادام خرج الماء عن إسم الماء لم يصح التطهر به مثال ذلك الماء المختلط بالخل
و المرق و اللبن و الشاي و ما شابه مما لا يصبح الماء معه ماء و لا يصح إطلاق إسم الماء عليه لذلك قال صاحب النضار و إن تغير بغير ما جُلِبْ * بلون أو طعم و ريحه سلب

الماء المتغير بنجاسة نجس إجماعا : قال ابن المنذر رحمه الله:اجمع العلماء على ان الماء القليل والكثير اذا وقعت فيه نجاسة فغيرت له طعما او لونا او ريحا فهو نجس.

أما الماء المتغير بطاهر فقد تقدم التفريق بين اليسير و الكثير اما اليسير فمغتفر إن لم يخرج الماء عن كونه مطلق
ا دليل ذلك حديث أم هانئ رضي الله عنها: أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) اغتسل هو وميمونة من إناء في قصعةٍ فيها أثر العجين) اخرجه النسائي و العجين لابد أن يؤثر في الماء يسيرا.

و أما الكثير إن خالط الماء فقد سلبه اسمه :

قال ابن قدامة رحمه الله: فأما غير النبيذ من المائعات غير الماء، كالخل والدهن والمرق واللبن، فلا خلاف بين أهل العلم في ما نعلم أنه لا يجوز بها وضوء ولا غسل، لأن الله تعالى أثبت الطهورية للماء بقوله تعالى: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ [الأنفال:11]، وهذا لا يقع عليه اسم الماء. انتهى.

و خالف الأحناف في النبيذ فأجازوا الوضوء به و هذا القول ضعيف.


و ظاهر كلام المؤلف الاطلاق و عدم التفريق بين القليل و الكثير قال صاحب مواهب الجليل :
ظاهر كلام المصنف أنه إذا تغير أحد أوصاف الماء بما ينفك عنه سلبه ذلك التغير الطهورية سواء كان التغير ظاهرا أو خفيا وهذا هو المعروف في المذهب إلا ما نبه المصنف على أنه إنما يضر فيه التغير البين كما سيأتي وذلك مما يبين أنه أراد الإطلاق في كلامه هنا وحكى ابن فرحون وصاحب الجمع قولا باغتفار التغير اليسير وقال ابن هارون إنه غير معروف في المذهب وقال ابن فرحون ذكر الإبياني في سفينته أن خفي التغير معفو عنه من جهة الشارع وذلك أن أواني العرب لا تنفك من طعم يسير أو رائحة يسيرة وكانوا لا يتحرجون عن استعمالها انتهى وحكى صاحب الجمع عن ابن هارون أن بعضهم عزى القول بالتفصيل بين التغير اليسير والكثير للمذهب قال ابن هارون وهذا يحمل عندي على ما تغير بما لا ينفك عنه غالبا لا على أن التغير اليسير مغتفر لأن ذلك غير معروف في المذهب .

( قلت (صاحب مواهب الجليل) ) : وما قاله ابن هارون هو الذي يقتضيه كلام أهل المذهب ولم ينقل صاحب الطراز التفريق بين التغير اليسير والكثير إلا عن الشافعية وأما ما استدل به الإبياني من مسألة أواني العرب فلا دليل فيه لأن ذلك بمنزلة ما لا ينفك عنه الماء غالبا كما تقدم عن ابن راشد وفي كلام ابن هارون المتقدم هنا إشارة إلى ذلك وذكر الوانوغي في حاشيته على تعليقة أبي عمران في الإناء يصب منه الودك أو الزيت ثم يصب فيه الماء فتعلوه شيابة هل يتوضأ به ؟ فقال : أما اليسير فلا يضر انتهى .
قال ابن رشد في بداية المجتهد ونهاية المقتصد:

الماء الذي خالطه زعفران أو غيره من الأشياء الطاهرة التي تنفك منه غالبا متى غيرت أحد أوصافه فإنه طاهر عند جميع العلماء غير مطهر عند مالك والشافعي ومطهر عند أبي حنيفة ما لم يكن التغير عن طبخ.

وسبب اختلافهم هو خفاء تناول اسم الماء المطلق للماء الذي خالطه أمثال هذه الأشياء أعني هل يتناوله أو لا يتناوله ؟ فمن رأى أنه لا يتناوله اسم الماء المطلق وإنما يضاف إلى الشيء الذي خالطه فيقال ماء كذا لا ماء مطلق لم يجز الوضوء به إذ كان الوضوء إنما يكون بالماء المطلق ومن رأى أنه يتناوله اسم الماء المطلق أجاز به الوضوء. أهـ

قلت بل الراجح أن القليل مغتفر للحديث السابق في أثر العجين, و في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرما فوقصته ناقته فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تمسوه بطيب ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبدا.

كذلك لا فرق بين
إضافة ملح للماء و غيره و قد سبق الكلام في اضافة الملح بل المتغير بالملح أشد من المتغير بالطاهر اليسير و يدخل في مثل هذا ماء الحنفية اليوم فهو متغير بمادة الكلور إلأ أنه لا يختلف إثنان في تسميته ماء فمادام صح عليه إسم الماء بلا قيد فهو ماء طهور مطهر.

و قد تقدم ذكر الطاهر الذي يشق الإحتراز منه كالطحالب وورق الشجر فالماء المتغير بذلك مطلق يجوز التطهر به و ان تغير بطول مكث أو كان بشيء لا يمازج الماء كالدهن الملاصق ، أو بالرائحة المجاورة.

تخصيص الكاتب الدهن بالذكر في قوله "كدهن خالط " للتنبيه على أن مخالطة الدهن للماء ليست هي ملاصقته لأن المؤلف سبق و قال "وإن بدهن لاصق" و عدَّ الدهن الملاصق غير مغير للماء فالدهن الملاصق غير المخالط لأن الدهن الملاصق يبقى على سطح الماء بعكس الدهن المخالط الذي يغيره.


أما بخار مُصْطَكَى فهو دخان البخور ذكره المؤلف كمثال, فإن حبس البخار مع الماء فأمتزج به فَغَيَّرَه فهو لا يرفع الحدث
أما ان لم يختلط به كأن يترك الاناء مفتوحا حتى يذهب البخار ثم يصب الماء فيه فهذا غير مختلط به فله حكم المغير بالملاصق فهو طهور.

وحكمه كمغيره

أي أن حكم الماء حكم مغيره فإن كان مغيره نجسا فالماء نجس لا يصح إستعماله في ازالة النجاسة و الطهي و ما شابه

و قد تقدم ذكر الاجماع في ذلك و قد ورد في ذلك حديث عن أَبِي أُمَامَةَ اَلْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ صلى الله عليه و سلم { إِنَّ اَلْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ، إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ، وَلَوْنِهِ } أَخْرَجَهُ اِبْنُ مَاجَهْ, الحديث ضعيف إلا أن الإجماع يصحح معناه.

أما قوله عليه الصلاة و السلام : { إِنَّ اَلْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ } فهذا عموم مخصص بالاجماع فخرج منه ما تغير أحد أوصافه بنجاسة.


إن كان المخالط للماء طاهرا فهو و ان كان لا يرفع الحدث صالح لإزالة النجاسة و الطهي و ما شابه كالماء المختلط بالصابون فهذا لا يصلح لرفع الحدث إلا أنه يصلح لإزالة النجاسة ، قال صاحب النضار :
فإن بطاهر فطاهر و ان * بنجس فنجس.


قول صاحب نضار المختصر
كالدهن إن
خالط أو بخار مصطكى


قد تقدم شرحه و هو من باب قول خليل
كدهن خالط أو بخار مصطكي.

و الله الموفق إلى الصواب
 
إنضم
12 مارس 2008
المشاركات
39
التخصص
القضاء الشرعي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
المالكي
جزاك الله خيرا على هذا العلم الجم:
أقول في الماء القليل الذي خالطته نجاسة فلم تغير شيئا من أوصافه طاهر على رواية ابن وهب والمدنيين عن الإمام، وخالف ابن القاسم والمصريون فرووا عنه أنها تنجس.
أما الماء المستخدم ففيه الخلاف، فقد نًقل عمن الإمام قوله لا خير فيه، والمذهب على الكراهة وهناك قولٌ بجواز التطهر به من غير كراهة.
هذا والله أعلم
يوسف المالكي
 

زوهير الإمام

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
24 ديسمبر 2009
المشاركات
20
التخصص
فقه مالكي
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
المالكي
جزاكم الله خيرا وأحسن اليكم
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
عذرا على الإنقطاع في الشرح لمشاغل كثيرة.

سيتواصل الشرح إن شاء الله في الأيام القادمة
 
إنضم
29 أكتوبر 2008
المشاركات
13
التخصص
كهرباء
المدينة
نواكشوط
المذهب الفقهي
مالكي
إثراء الموضوع

إثراء الموضوع

[font=&quot]بابٌُ[/font]
[font=&quot] ( يُرْفَعُ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ)[/font]
الْبَابُ لغة: الْمَدْخَلُ أوالفُرْجَةٌ فِي سَاتِرٍ(حائط) يُتَوَصَّلُ بِهَا مِنْ دَاخِلٍ إلَى خَارِجٍ وَعَكْسُهُ
واصْطِلَاحِا: اسْمٌ لِطَائِفَةٍ مِنْ الْمَسَائِلِ مُشْتَرَكَةٍ فِي حُكْمٍ وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْكِتَابِ أَوْ بِالْفَصْلِ وَقَدْ يُجْمَعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فَيُقَدَّمُ الْكِتَابُ ثُمَّ الْبَابُ.
َوالْمُصَنِّفُ - رحمه الله - يَجْعَلُ الْأَبْوَابَ مَكَانَ الْكُتُبِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَيَحْذِفُ فِي التَّرَاجِمِ الَّتِي تُضَافُ إلَيْهَا الْأَبْوَابُ اخْتِصَارًا وَاكْتِفَاءً بِفَهْمِهَا مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ,
وَالْبَابُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إمَّا مَرْفُوعٌ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ) فِي الطَّهَارَةِ بَابٌ ( أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ (هَذَا بَابٌ(.
الطَّهَارَةُ وَهِيَ بِالْفَتْحِ لُغَةً النَّزَاهَةُ وَالنَّظَافَةُ مِنْ الْأَدْنَاسِ وَالْأَوْسَاخِ حسية كانت أو معنوية ,
فمن الطهارة الحسية قوله تعالى (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) وقوله تعالي (وَيُنَزّلُ عَلَيْكُم مّن السّمَآءِ مَآءً لّيُطَهّرَكُمْ بِهِ) ومن الطهارة المعنوية قوله تعالى (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)
الطَّهَارَةُ شرعا:
تعريف الْمَازِرِيِّ: الطَّهَارَةُ إزَالَةُ النَّجَسِ أَوْ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ بِالْمَاءِ أَوْ فِي مَعْنَاهُ
تعريف الْفاكهانيِ: رفع الحدث وإزالة الخبث أو ما في معناهما من تجديد الوضوء والتيمم وغير ذلك مما لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا ولكنه في معناه
تعريف ابن عَرَفَةَ ِ: صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا جَوَازُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ أَوَّلُهُ فَالْأَوّلانِ مِنْ خَبَثٍ وَالْأَخِيرَةُ مِنْ حَدَثٍ) أي أن الطهارة صفة حكمية توجب لموصوفها استباحة الصلاة بثوبه الذي يحمله وفي المكان الذي يصلي فيه ومعنى كونها صفة أنها صفة اعتبارية أو معنوية قدرها الشارع شرطا لصحة الصلاة ونحوها وهذه الصفة إن قامت بالمكان الذي يريد الصلاة فيه أباحت له الصلاة فيه وإن قامت بالثوب الذي يحمله أباحت له الصلاة به وعلى كل حال فهي أمر معنوي تقديري لا أمر محس (
تعريف الْدردير: الطَّهَارَةُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ يُسْتَبَاحُ بِهَا مَا مَنَعَهُ الْحَدَثُ أَوْ حُكْمُ الْخَبَثِ
النجاسة
النَّجَاسَةُ فِي اللُّغَةِ : الْقَذَارَةُ ، يُقَال : تَنَجَّسَ الشَّيْءُ : صَارَ نَجِسًا ، وَتَلَطَّخَ بِالْقَذِرِ
نَجُسَ كَكَرُمَ ونَجَسَ يَنْجُسُ من باب قتل و نَجِس كسَمِعَ
تعريف ابن عَرَفَةَ ِ: ِأَنَّهَا صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا مَنْعُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ
أي أنها صفة حكمية توجب لموصوفها منع استباحة الصلاة بما يحمله من ثوب . أو في المكان الذي قامت به .
فهي إذا تطلق:
1- على اللفظ المخصوص
2- أو على الصفة التي توجب لموصوفها منع الصلاة به، أو فيه،

الْحَدَثُ
وَالْحَدَثُ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ وُجُودُ الشَّيْءِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ
وَيُطْلَقُ فِي الشَّرْعِ عَلَى أَرْبَعَةِ مَعَانٍ :
1- عَلَى الْخَارِجِ الْمخصوص المذكور فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ
2- وَعَلَى نَفْسِ الْخُرُوجِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ آدَابُ الْحَدَثِ ,
3- وَعَلَى الْمَنْعِ الْمُرَتِّبِ عَلَى الثَّلَاثَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ هُنَا يُرْفَعُ الْحَدَثُ أَيْ الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْأَعْضَاءِ بالْوُضُوء أَوْ الْغُسْل
4- وَعَلَى الْوَصْفِ الْحُكْمِيِّ الْمُقَدَّرِ قِيَامُهُ بِالْأَعْضَاءِ قِيَامَ الْأَوْصَافِ الْحِسِّيَّةِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ يَمْنَعُ الْحَدَثُ كَذَا وَكَذَا , وهذا التعريف الأخير أنكره ابن دقيق العيد وتبعه الفاكهاني

َالْخَبَثُ
الْخَبَثُ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ النَّجَاسَةُ وَإِنَّمَا قَالَ : حُكْمُ الْخَبَثِ لِأَنَّ عَيْنَ النَّجَاسَةِ تَزُولُ بِغَيْرِ الْمَاءِ وَأَمَّا حُكْمُهَا وَهُوَ كَوْنُ الشَّيْءِ نَجَسًا فِي الشَّرْعِ لَا تُبَاحُ مُلَابَسَتُهُ فِي الصَّلَاةِ وَالْغِذَاءِ فَلَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ.

وَالرَّفْعُ إمَّا غسْلٌ، أَوْ مَسْحٌ أَوْ نَضْحٌ، وَالْمَسْحُ إمَّا أَصْلِيٌّ كَمَسْحِ الرَّأْسِ وَالْأُذُنَيْنِ فِي الْوُضُوءِ، وَإِمَّا بَدَلِيٌّ وَهَذَا إمَّا اخْتِيَارِيٌّ كَمَسْحِ الْخُفِّ، وَإِمَّا اضْطِرَارِيٌّ كَمَسْحِ الْجَبِيرَةِ، وَالْغُسْلُ إمَّا لِجَمِيعِ الْبَدَنِ أَوْ لِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ سِوَى الرَّأْسِ، وَالْأُذُنَيْنِ، أَوْ لِمَا تَلَطَّخَ بِالنَّجَاسَةِ مِنْ بَدَنِ آدَمِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِ,

يتواصل إن شاء الله




 
إنضم
29 أكتوبر 2008
المشاركات
13
التخصص
كهرباء
المدينة
نواكشوط
المذهب الفقهي
مالكي

(بِالْمُطْلَقِ وَهُوَ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ بِلَا قَيْدٍ)


هكذا عرفه المصنف هنا وقال في التوضيح المطلق ما لم يضف إليه شيء أصلا,

وقد عرفه القرافي في الذخيرة: بأنه الباقي على أصل خلقته على أي صفة كان من السماء أو الأرض أو البحر.
َتعريف ابْنُ عَرَفَةَ : الْمَاءَ الطَّهُورَ هُوَ مَا بَقِيَ بِصِفَةِ أَصْلِ خِلْقَتِهِ غَيْرَ مُخَرَّجٍ مِنْ نَبَاتٍ وَلَا حَيَوَانٍ وَلَا مُخَالطٍ بِغَيْرِهِ .
أي أن الماء الذي تحصل به الطهارة هو الْمَاءُ المطلق وهو
1- الذي إذا أطلق لفظ الماء من غير أي وصف آخر صدق عليه ,
2- أوَهُوَ الْمَاءُ الْبَاقِي عَلَى خِلْقَتِهِ ، أَوْ لَمْ يُخَالِطْهُ مَا يَصِيرُ بِهِ مُقَيَّدًا .
ويدخل تحت هذا القسم الأنواع التالية من المياه:
1- ماء المطر : وهو الماء النازل من السماء وما في حكمه من مياه الوديان والأنهار لقوله تعالى{ وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به } وقوله عز و جل : { وأنزلنا من السماء ماء طهورا }
2- ماء البحر: ودليل ماء البحر حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : سأل رجل رسول الله صلى عليه وسلم فقال : يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ من ماء البحر ؟ فقال رسول الله صلى عليه وسلم هو الطهور ماؤه الحل ميتته )
3- ماء العيون و الآبار عذبا كان أو مالحا بما في ذلك ماء زمزم
عن أبي سعيد الخدري قال قيل : يا رسول الله أتتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يطرح فيها لحوم الكلاب والحيض والنتن فقال الماء طهور لا ينجسه شيء

والطهور والمطلق مترادفان عند المصنف خلافا لابن الحاجب

(وَإِنْ جُمِعَ مِنْ نَدًى )

4- الماء المجموع من الندي
وَقَوْلُهُ مِنْ نَدًى بِالْقَصْرِ وَالتَّنْوِينِ وَالنَّدَى فِي اللُّغَةِ الْمَطَرُ وَالْبَلَلُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَنْزِلُ عَلَى الْأَرْضِ وَأَوْرَاقِ الشَّجَرِ مِنْ اللَّيْلِ,وَقَدْ نَصّ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَلَى أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِمَا يَجْتَمِعُ مِنْ النَّدَى وَلَا يَتَيَمَّمُ إنْ وَجَدَ ذَلِكَ قَالَ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ مِنْ النَّوَادِرِ وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ عَلِيٌّ عَنْ مَالِكٍ فِي مَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ أَيَتَوَضَّأُ بِالنَّدَى أَمْ يَتَيَمَّمُ ؟ قَالَ يَتَيَمَّمُ إلَّا أَنْ يَجْمَعَ مِنْ النَّدَى مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ( 1/ص10).
أَيْ وَلَوْ تَغَيَّرَتْ أَوْصَافُهُ لِأَنَّهُ كَالْقَرَارِ، وَلَا يُخَصُّ بِتَغَيُّرِ الرِّيحِ خِلَافًا لِلْشيخ لأحمد الزرقاني والرهوني وشيخه الجنوي والهلالي وكنون والدردير وَالْخَرَشِيِّ
قال المرابط محمدسالم رحمه الله :
طهورا الماء يجي من السما ======= فما عليه دون قيد اسم ما

صدق مطلق به رفع الحدث ====== دون سواه وكذا حكم الخبث

وإن ندا كوصف ما منه جمع


وقال معلقا عدلت عن قوله جمع من ندا لإيهامه أن المجموع منه غير المجموع


وقد حدثني أحد الشيوخ أنهم كانوا في الثلاثينيات من القرن الماضي يقوم أحدهم في الصباح الباكر ومعه إناء إلي نبات سماه لي له ورق كبيرفيملأ إناءه ليتوضأ وهم بدو في منطقة يكثر فيها الندى غير بعيدة من المحيط الأطلسي





 
أعلى