العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية

استراحة ملتقان&#15.jpg

سلسلة
عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

إن شاء الله تعالى بعد عدة أيام، بتصحيح (قدر المستطاع).
الله الموفق وهو من وراء القصد وسبحانه يهدي السبيل.

 

المرفقات

  • إطلالة جديدة.pdf
    148.9 KB · المشاهدات: 0
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

همسة
بني، كن مسلما أريجه للناس فاح في الهواء
كن كالنجم يهتدي بك الضال صبح مساء
كن كالقمر تنير للداني طريقه في الظلماء
كن عون لي على الطاعات حتى أكون من الأتقياء
فكن البِر الذي ينفعني بعد ما يأكلني الثرى والفناء
بني، هذه الدنيا قلبي فيها من الغرباء
وليتني أنجو من غضب ربي الذي رحمته وسعت من يشاء
حبيبي لا أريد أن أكون في الآخرة من التعساء
لا أريد أن تبعدني الملائكة عن رسولي يوم اللقاء
أريد جوار محمدا، أريد أن أكون من السعداء
أريد صحبة زوجاته وأن أرى الصحابة والشهداء
أريد رضوان ربي عليّ، فهذا لقلبي هو الهناء
أريد حلمه وعفوه، أريد من غضبه وِجاء
بني همسة في أذنك؛ أني أرتعب من رب السماء


سهير علي​
 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

قطرة دماء
قطرة دماء تشتكي لله؛ ذل المسلمين، وتنادي على شيطان السئيات
يا مخرب العمران حسبك بنيتَ في الدنيا جحيمك ليوم العسرات
يا هاتك الأعراض لا تنسى؛ لحظة لقاء خالق الأرض والسموات
يا قاطف عمر الشباب تعسا لك؛ هم شهداء يتنعمون في الجنات
يا ذابح الأطفال مهلا، فلن تكف قلوبنا عليكم ليل نهار بالدعوات
لأجل كل قطرة دم زكية سالت، أريد أن أكون من الصالحات
من أجل كل لحظة رعب تجرعها أي مسلم؛ أريد أن أكون من المخلصات
من أجل كل نفس طاهر زُهقت بغير حق، ولهيب دموع الأمهات
أُريد أن أكون من العالِمين العاملين بكتاب الله وسنة خاتم الرسالات
أريد أن أيقظ قلبي وقلوب كل بشر من المسلمين والمسلمات
أستحلفكم بالله؛ أن نرجع إليه قبل أن يُقال لا وقت للخيرات
من رجع لله فإنه يتوب عليه ويمحوا عنه الذنوب والسيئات
وبالاستغفار تحصل على ما تريد، وأنت تتتبع عملك بالصالحات
وبالإخلاص يتقبل الله عملك، يوم تتدلهم على غيرك الحسرات
يوم يجعل الولدان شيبا، ولا أنساب بينهم فقد تقطعت الصلات
فلن ينفعك إلا التقى وحسن الظن بالله مع العمل والرضا والثبات
والدنيا جميلة بطاعته، رحيمة بعدله، متسعة لكل الألوان والفئات
فقط اهرب من غضبه سبحانه، فالحرام قليلا أمام كل المبيحات
سامح واعفو عن الخلق؛ يعفو رب الخلق عنك يوم الشكايات
وحب لأخيك ما تحبه لنفسك؛ تسعد معه على سرر متقابلين في الجنات
لن ينقص هذا مما قدره الله لك، ولا تنظر لما في يدي غيرك؛ تسلم من الآفات
أقبل على حب الله تعالى فإن له حلاوة فاقت كل التوقعات
يطلي القلب بندى الرضا والعفو والصبر على ما يجد من الابتلاءات
ويزكي النفس ويشرح الصدر، ويجعل المؤمن مرتاح البال وقت الأزمات
فحب الله له نعيم وراحة وسكينة والتفكر وأخذ العبرة من الآيات
فليس مللا ولا ثقلا ولا يوجد معه همّا، إنما سعادة لا توصفها العبارات
إخواني من ذنوبنا يُسلط علينا ما لا يخاف الله ويتباهى بالسيئات
وكل من يتبع شياطين الإنس؛ من الفجرة، المجرمين والمجرمات
ولا نظن أن الأمر بعيدا عنا، فكل غدا قريب، فاغلبه بالطيبات
فالله طيب لا يقبل إلا الطيب من الأعمال والأقوال والنيات
واتقي غضب الله يوم تدن الشمس من الرؤوس، يوم الويلات
نحتاج الصلاح والفلاح، نريد أن نفيق قبل أن يتلوا علينا الصلوات
فقط استعن بالله واستغفره ثم استقم، احسن الظن به تأتيك العطاءات
عفو ورزق وذرية وصحة وغنى ورضا وطيب نفس ويبعد عنا كل الزلات
ويحمي أعراضنا وشبابنا وأطفالنا، من أمثال قاتل سوريا وليبيا وحُكّام الفرات
بالله اسمعوني، ألا نريد الفوز في الدنيا والآخرة، وننجوا من يوم الحسرات؟
قولوا معي: أمنّا بالله العظيم القاهر فوق عباده، عالم السرائر ومنزل الرسالات
ودعوا الاستقامة تعرف طريقنا، بخوفنا من الله، وحبنا له سبحانه؛ تأتينا المسرات
وسلام عليكم أهل الهدى، والتقى والإخلاص، والقلوب المفعمة بالرحمات
ويا رب نسألك رحمتك -لأهل سوريا وفلسطين وباقي بلادنا- والانتصارات

سهير علي
 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

لحظة على طبق من ذهب
إن الخير كل الخير في اقتناص لحظة همة بإخلاص؛ تورث سعيا وجهدا وعملا لحصول المنى، والراحة والانشراح، والرضا والتقدم فيما نريد لنحصل عليه.
وإنه ليوجد مِنَ اللحظات ما تُريدكَ أن توجِدَها، بل هي تَصرخُ فيك: أن اخرجني من العدم إلى الوجود!، وذلك عندما يكون ما وهبك الله به يَندُر أن تَجدَ مثلهُ عِندَ غيرك.
فلا نقولُ لم تأتِ اللحظةُ بعد، ولكن يجب علينا الاجتهاد في خلقِها من العدم، ولأن نترك أنفسنا لما يُحيط بنا فتؤخرنا عن تحقيق مراد الله في أرضه؛ فهذا من أهم أسباب التعسف في انتظار اللحظة.
هذه الهبات الغالية والعظيمة والنافعة التي أورثنا الله إياها لا يجوز لنا أن نهدرها لأنها ليست ملكا لنا، والله سائلنا عليها، فهي ثروات وإرث هذه الأمة، ولكي نتركها تتفلت من أيدينا وتضيع هباءً فقط لا لشيء إلا لانتظار لحظة قد تأتينا من سعة – على طبق من ذهب- كي نخدم ديننا ونساعد في نهوض أمتنا، أليس هذا تعسفا في استخدام حق الانشغال بالمشاغل ؟
فمتى نَعلمُ ونُعلّم من حولنا بأننا لم نُخلق إلا لعبادة الله ولإعلاء الدين من خلال التقدم على غيرنا من الأمم؛ بما وهبنا الله تعالى من شتى أنواع الرزق من الهبات العظيمة، التي يتخطفها الغرب من فكر أولاد الإسلام، كي يبنوا حضارتهم بعقولنا، ثم يشربون دمائنا ليل نهار وهم يسرقون ثرواتنا وأحلامنا؟!
ومع العلم بأن لا يسمح الدين- لخلقِ هذه اللحظات - بضياع حقوق أفراده، ولكن لا يجوز أن يستغرق حق الأفراد؛ حق الدين، لأن حق الدين مقدم على حق أفراد الأمة والدليل وجوب الجهاد في سبيل الله لنصر دينه، أليس الجهاد للعلو بالأمة واجب على أهل العلم – والله أعلم- .
يجب أن نتعلم هذا، خاصةً ونحن في هذا الواقع المرير الذي يحتاج من كل مسلم خصه الله تعالى بهبة؛ أن يدلو بدلوه كي يرفع الله برحمته هذا الهم والغم والبلايا والمحن التي أُغرقت فيها الأمة - والعياذ بالله- (َكبر وانشقاق وفرقة وكمد وفقر وعوز وجهل وفجور وخيانة ومرض وتخلف وبدع وشتى أنواع المعاصي، والطامة الكبرى: المباهاة بالمعصية الكبيرة والصغيرة)، وكل هذا لأن البعض من الناس (وما قدروا الله حق قدره).
والعجيب أننا مأجورون أجورا مضاعفة من رب العالمين – الواهب - على ما نستخدمه من هبة؛ لم نتعب في تحصيلها إنما هي من عند الله تعالى أهداها لنا، ليس كي نركنها في عقولنا، ولكن لننفع بها الأمة، وبها يتعرف الناس على رب العالمين الواهب لما عندنا من شتا أنواع المهارات والنعم، بل متى استخدمنا هذه الهبات بإخلاص؛ فإن أنفسنا سترتقي، ومعيشتنا ستمضي نحو الأفضل وتنهض، ونَسعَدُ ونُسعِدُ من حولنا، فترتقي الأمة بالمجموع.
فهل علمتني مما علمك الله تعالى؟!


سهير علي
 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

أكشن مليون مرة .. و... و... !
ما يحدث الآن في سوريا وبعض البلاد الإسلامية جعلني أعود بذاكرتي الدراسية إلى الوراء، وأظن أن هذا الذي يحدث؛ إنما لنَحضُر درسا عمليا تطبيقيا في التاريخ عن المغول والتتار؛ ولنشهد واقعيا ما أحدثوه في المسلمين؛ قبل أن يتعرفوا على عظمة الدين الإسلامي ويدخلوا فيه حبا وطواعية، بل والعجيب أنهم يتعرضون منذ أمدا بعيدا وإلى الآن لمحاولة محو الهوية الإسلامية، وأنهم في صراع عنيف للمجاهدة للحفاظ على دينهم الحق؛ الإسلام.
والآن؛ أظن -والله أعلم - أن ذنوبنا ومعاصينا وغفلتنا وتسويف التوبة يأخذونّا إلى تلك الأيام السوداء، التي ما تزال حكاياتها تزلزل الكيان وتحطم القلب، فيتسائل: ماذا أحدثت الأمة جمعاء قبل عام 1258 حتى ابُتُليَ –وكذلك نحن- هؤلاء القوم بما حدث لهم- ولنا-؟ واستشفيت الإجابة من قول صحابي جليل تعلم في مدرسة النبوة؛ فعَنْ
جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، قَالَ: لَمَّا فُتِحَتْ قُبْرُسُ وَفُرِّقَ بَيْنَ أَهْلِهَا فَبَكَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ رَأَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ جَالِسًا وَحْدَهُ يَبْكِي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، "مَا يُبْكِيكَ فِي يَوْمٍ أَعَزَّ اللَّهُ فِيهِ الإِسْلامَ وَأَهْلَهُ؟، قَالَ: وَيْحَكَ يَا جُبَيْرُ مَا أَهْوَنَ الْخَلْقَ عَلَى اللَّهِ إِذَا هُمْ تَرَكُوا أَمْرَهُ! بَيْنَا هِيَ أُمَّةٌ قَاهِرَةٌ ظَاهِرَةٌ لَهُمُ الْمُلْكُ تَرَكُوا أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَصَارُوا إِلَى مَا تَرَى". ما جاء في هذا الأثر هو عبارة عن درس قاس، وما تحته خط باللون الأحمر؛ هو الداء والدواء لما نحن فيه، وهو الأمل في الخلاص من هذه الكارثة المروعة للنفس والعقل.
وليت قلوبنا هي التي تعي أن الأمر وبكل بساطة شديدة؛ أن تركِنا ما أمر الله تعالى به، هو سبب ما نحن فيه. لماذا؟ لأننا للأسف نَعبد الله تعالى بطريقتنا نحن وليس بطريقته سبحانه، الله يقول لنا على لسان نبيه: (هَذِهِ سَبِيلِي). ونقول: هذه طريقتنا نحن، ربنا رب قلوب!
الحل بسيط جدا: أن نعرف قَدْر الله تعالى وقدرته علينا (مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ...)، ونقول للنفس: لا. لأنها آمارة بالسوء. كلنا لا نستطيع أن نغمض أعيننا الداخلية التي تعلم ماذا نصنع ولمَ نصنعه؟- إلا والعياذ بالله الأموات، وهؤلاء الله يعينهم على أنفسهم، لا نحتاج إليهم في وقتنا الحاضر، لثقتي أن عددا كبيرا منهم؛ سوف يُحيه الله تعالى بإذنه؛ كما يحي الأرض بعد موتها، بعدما نألف الطاعات وتتنشر بين الناس.
فلماذا لا نقصر طريق الألم الذي نعيشه ويتجرعه آخرون بسبب معاصينا؟ وسبحان الله؛ والله إن في حبه وطاعته – عددوا معي- شفا ورضا وسعادة وحلاوة وجمال وهنا وصفا وروعة ومرح وسرور وغنى وأمل واحتمال وثبات وتقدير وعبر وعلِم وفكر وحياة ومُثل وأمن وآمان وصبر وسكينة واطمئنان ومودة وبر وإحسان وحلم وهدوء وأحلام وندى وهدى ونور وضياء قُدْرة وعطاء وهمة وبذل و...، ممكن أي أحد -الله يكرمكم- يحضر لي قاموس، لو سمحتم . والله والله؛ حبه سبحانه وطاعته غاية في الجمال، لحظة تجد فيها قلبك يقفز-يتنطت- في صدرك وهو ساجد يستمتع بقوله الحمد لله رب العالمين في السراء والضراء، في المنع والعطاء، وإنا لا نحصي ثناء عليك سبحانك كما أثنيتَ على نفسك.
وكغيري الكثيرون نريد أن ينتهي ألم وعذاب أهلنا في سوريا وفلسطين وباقي بلاد الإسلام، التي تتجرع أشد العذاب، فقط لأنهم مسلمين!، فلم أستطع أن أرى –نهائيا- الرؤوس الكريمة لأطفالنا وشبابنا ورجالنا في سوريا؛ بعيدة عن أجسادهم الطاهرة، فمجرد سماع ما يحدث؛ تسممت النفس والحياة، ومرض القلب، وسبحان الله العظيم، هذه الأحداث المقيتة التي لا يستطيع عاقل أن يظن أنها قد تحدث؛ حتى ولو في شريط سينمائي مرعب وغير معقول ولا مقبول لهتشكوك، والذي تأباه الطبيعة البشرية والحيوانية، قد ترضاه خجلا فقط؛ الطبيعة الشيطانية! التي تربت على عدم الخوف من الله تعالى، فماذا ستنتظر منهم؟ ولكننا بكل سهولة سنجعلهم جميعا يروا عزة المسلم الرباني، بإذن الله تعالى. والآن يا نفسي هل وعيتِ الدرس؟!

سهير علي
 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

لماذا ننسى، ونذنب، ونشعر بالعجز والحاجة، و...، و....؟
من النواميس الكونية التي لا تنخرم لبشر؛ صفات تلحق بنا، وأوضاع وحوادث تشيع فيما بيننا، وأشياء لا نعرف مبتدأها ومنتهاها! تأتي للجميع، ولكن حسب ما يقدره الله بعلمه تعالى لكل منّا، وما يطيق حمله ويستطيع التعامل معه، متى أحسن التوكل، وداوم على الاستعانة به سبحانه، ثم أخذ بالأسباب وعمل بها وصابرا عليها، وعملا بنصائح أهل التقى.
الأخذ بالأسباب يحل الكثير من المشاكل ويرفع معظم الابتلاءات ولكن بالصبر والدعاء، كالمرض؛ يجب الذهاب إلى الطبيب وتحديد الداء وأخذ الدواء، لذا نحتاج للدافع والقدوة في رسول الله صلى الله وعليه، وصحابته رضوان ربي عليهم أجمعين، والتابعين والصالحين من حولنا.
صار نسيان الأشياء المهمة جدا؛ أمرا شائعا، وذلك حتى نعرف حجمنا وقدرتنا التي تخور أمام كلمة (نسيت)، فلن نستطيع أن نتذكر إلا بمشيئته وحده، وسبحان الله؛ نضع الأشياء في مكان أمين نعلمه جيدا؛ بحيث أول ما نريد هذا الشيء نتذكر مباشرة أين وضعناه؛ ولكن هيهات إن تذكرنا هذا المكان الأمين! إلا أن يشاء الله شيئا، وسع ربي كل شيء رحمة وعلما.
أما المعاصي والذنوب؛ فهي ضرورية جدا لحماية الإنسان من نفسه، لكن بقَدْر؛ للإقبال على الله تعالى، وطلب المغفرة والتوبة والعفو، ولعدم الاغترار بالنفس والكبر، وقد يكون هوى بسيط في أعين البعض؛ هو القاسم لحياة آخرين، لذا تتعدد الذنوب والمعاصي- اللمم- وتتفاوت بين الناس ليتولد حسن الظن –المأمور به في الدين- فيما بيننا؛ ما دام كلنا جميعنا يُخطئ.
الحاجة ما أصعبها على المرء؛ خاصة النفس الأبية التي لا ترضى أن تعيش عالة على الآخرين، أو أنها ترى السؤال؛ شديدا، ليس كبرا ولكن حبا في الاعتداد بالنفس، وسعيا لعدم انتهاز الآخرين، أو الاستفادة منهم إلا في أضيق الحدود بعدم استمراء الأمر أو طبيعة الناس؛ مع العلم بأن التكافل بين المسلمين جميل ورحمة وتحث عليه الشرعية.
وأصناف كثيرة غير ذلك من العجز والعوز نتجرعها أحيانا، ونمضي معها متناسين أحيانا أخرى، وقد نتغاضى عن بعض مما نستطيع تركه من الحاجة، ونضعه تحت أضراس الاكتفاء الذاتي تارة، والصبر تارة أخرى، ولكن لا نستطيع أن نتجاهل هذه السنن الكونية كثيرا، فنحن واقعين فيها لا محالة، لأننا معها نعرف أننا بشرا؛ لنتراحم فيما بيننا فنتواصل بالمعروف.
وحكمة كل هذه النقائص أنها: تُنزل الإنسان قدره، كي تحافظ عليه ويقل السوء والفحشاء والمنكر والظلم والتجبر، ويكثر البر والطهر والخير ويعم على البشرية جمعاء؛ ليدوم الاستقرار في الأرض فتُعرف آلاء الله تعالى، فيُعبد كما يريد سبحانه.
ولنعلم دائما بأنه يوجد الواحد الأحد الذي لا ينسى ولا يمرض ولا ينام ولا يظلم؛ فنراقبه لأنه في أحد الأيام القادمة والتي ستأتي لا محالة؛ سنقف جميعا بين يديه سبحانه لا تخفى عليه خافية، يعلم ما جرحنا بالليل والنهار، وما قدمت أيدينا؛ فنتقيه ونحاول أن نعيش في دنياه بقوانينه هو سبحانه؛ وليس بقوانين البشر؛ الذين لا يبرحهم: العجز والجهل والمرض والفقر والحاجة والذنوب، والنسيان، طبتم وطابت حياتكم في رعاية الله وحفظه تعالى.
سهير علي
 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

دروب الابتلاء؛ بابا لمحبة الله تعالى والولاء (1)
إن الاعتياد على الشيء منذ الصغر يجعلك قد تفقد الإحساس به عندما تكبر وتميز، إلا في وجود بعض الأسباب منها:
وجود الابتلاء: فقد تكون إنسانا عاديا كغيرك من الناس، من يحيون اليوم بيومه، لا يخططون لشيء سوى أنهم يحصلون على ما يستطيعون حصوله، والدنيا تتحرك؛ وهم يتحركون معها يمينا وشمالا.
أو ممن يجيدون التخطيط والانضباط، فتشعر بأن حياتك تمضي كسطوع الشمس كل يوم، استقرار وتقدم عام بعد عام، ومناصب جاءت بعد كد ومشقة.
أو هؤلاء الذين تجدهم بين هذا وذلك.
فيأتي عليك أمرا، لم يكن في الحسبان ولا على البال، ومن شدته يتبدل حالك؛ من حال إلى حال، فينكسر وقع حياتك ويأخذ مسارا آخرا، ويكون هذا السبب الذي جعل حياتك تنقلب رأسا على عقب: هو الابتلاء.
وأريد أن أسألك سؤالا: هل من خلق السماء بلا عمد، وخلق مليارات المجارات، ومن قدر في الأرض أقواتها، وخلق البحار والمحيطات، والليل والنهار، وبقدره البذرة تصير شجرة، والنطفة تكون بشرا، أهو – حاشاه – يعبث بنا، وبآلامنا ويعذبنا وهو قادر على أن يرحمنا؟
والله الذي خلق ما نعلم وما لا نعلم، إنه لأرحم بنا من الوالدة على ولدها.
طيب، قد تسألني نفسي: فلمَ نتعذب ونُبتلي وقد كان من الممكن أن نكون سعداء في الدنيا!
هنا أمسكت على نفسي خطأ، وهو قولي: (من الممكن أن نكون سعداء في الدنيا)!؟
فما الفرق إذا بين الدنيا والآخرة إن رزقنا الله السعادة في الدنيا؟ وفيما المجاهدة إذا كنا نتنعم في الدنيا
كالآخرة؟ بل هل يجني صاحب الخلق الحسن نفس الذي يجنيه من هو يتباهى بسوء الخلق والمعاصي من السعادة في الدارين!؟
بإختصار وحتى لا أطيل: الابتلاء ما هو إلا هذه الأشياء:
أوله: صدمة، يجب الثبات عندها.
وثانيه: ألم يجب الصبر عليه.
وثالثه: مصاحبة يجب التعود عليها.
ورابعه: حسن التوكل على الله، فترزق رضا بالتسليم لله.
وخامسه: تهدأ نفسك فتتذوق السكينة.
وسادسه: وتُرزق التفكر في آيات الله حولك، فتتعرف على قدرة ربك؛ إنه يقدر على كل شيء، وإنه لا يعجزه ما أنت فيه، أو أي شيء - سبحانه.
وسابعه: تجد أن قلبك قد تملكه إحساسا فاق في روعته حد الوصف، وطغت حلاوته على كل حلاوة، وكأن الدنيا أتتك صاغرة تحت قدميك، فتُرزق الحمد، وأي رزق هذا!.
طيب: أسأل نفسي مرة أخرى: فلمَ الابتلاء؟
والله أعلم، هو من الأسباب الرئيسة التي يُهديها الله برحمته لنا، لنتطهر بها من الذنوب، لنحيا ونتذوق أحلى وأجمل طعم للحب ممكن أن تدرك حلاوته قلوبنا، وإذا تعاملنا مع الابتلاء كما يرضي الله تعالى، فهو من مفاتيح التقرب منه – سبحانه- ونحن غافلون عنه.
بل إنك قد تسجد لله شكرا على الابتلاء الذي كان سببا في أن رزقك الله هذا النعيم الذي يحياه قلبك ليل نهار، رضا عن ما أعطى الحبيب، وثقه بأنه هو وحده المجيب، وهو من سيرفع الابتلاء عنا متى أذن الوقت بعلمه، فهو حنان ومنة واستقرار وهناء وصفاء.
فعندما ينخلع قلبك من حنايا صدرك؛ تاركا الدنيا وراءه، هاربا من زينتها، مهاجرا إلى حبيبه، فيفر وقد سجد لله بين الضلوع، وأعلن لمولاه وحبيبه التسليم والخشوع، عندها وعندها فقط، قد تدرك قيمة الابتلاء وترى فيه عظمة العطاء، متى تعاملت معه بالخطوات الربانية التي تقودك إلى نعيم لا منتهى له، ورفاهية للروح غاية في الهناء والصفاء، ونفس راضية تحملها راحة البال، فعند هذه اللحظة لا غيرها يعلو صوت قلبك معلنا للدنيا بأسرها، تذوق قلبي وداد الله تعالى.
فعندما يصل المسلم إلى النقطة السابعة في مراحل الارتقاء لحب الله - سبحانه- على سلم الابتلاء، بالصبر والتحمل- ولا يضر إن كبوت من شدة المحنة مرة، ومرة، ولكن الأهم أن ترجع لربك وتقول: (ولقد عجلت ربي إليك لترضى)- والرضا وعدم التأفف، تجد قلبك وقد استغرقه هذا الإحساس وفتحيا به آمنا مطمئنا، حتى وأنت تتجرع مُر وآلالام التي لا يتحملها بشر.
فيكون المرض دواءً للمعاصي، وقلة الرزق حماية من البطر، ويكون الغنى بابا لحمل النفس على التواضع والبذل، وتكون قلة الذرية تذكرة بالولد الذي قلته سيدنا الخضر، وتكون الذرية جهادا ليكونوا عُبادا لله، وتكون شفقتك على من حقد عليك وآذاك وظلمك؛ رحمة له، وتجدك تدعو له بظهر الغيب أن يعفو الله عنه، وترى قلة الرزق مع الرضا، فضلا واسعا، فيغينيك الله بفضله عمن سواه، وتجد المشقة في أمورك، أبوابا للصبر، كي تكون في معية ومحبة الله، وعندما تكون مفتاحا للخير، فإنك أولا تسجد لله شكرا أن يسر لك أن تستزيد من فعل الخير؛ كي يحبك وتتقرب منه أكثر، ثم تشكر من قمت أنت بخدمته ومساعدته، لأنه قبل بهذا منك، لأنه لولا قبوله، ما استطعت الحصول على عمل متى أخلصت فيه لله، نتال حب الله ورضاه؛ ولعلك تفوز برؤية الله – سبحانه - وجوار رسوله – صلى الله عليه وسلم- في الجنة، فيتغير كل شيء فيك، دون أن تدري.
هذا هو حال المحب لله تعالى، من بداية خلقه إلى أن يُنعم اللهُ عليه بلحظةِ اللقاء التي تكون فيها النفس مطمئنة، فيلتقي المحب بالحبيب، فلا أدري كيف سيكون هذا الإحساس، فإني أخاف الله لما أحمل من تقصير وغفلة ومعاصي، تجعلني استحي أن أفكر وأتمنى لقاء مثل هذا.
ولقصر إدراكنا ومعرفتنا للغيب، قد نظن أن الابتلاء شرا؛ وهو في حقيقته خيرا كثيرا، والسبب؛ أن الله هو الذي خلقنا وخلق كل شيء، والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
وعموما: أنه من خلال أشياء- قد يقدرها الله علينا؛ عناية بنا - عديدة قد يحملنا الله عليها حملا؛ كي نتذوق هذه الأحاسيس الرائعة والنفيسة.
وإذا بالقلوب تعلن واحدا تلو الآخر بدندنة المحب المخلص، والقاطعة الصريحة دون أدنى شك:
إني أحب الله رب العالمين.
سهير علي
 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

دروب الابتلاء؛ بابا لمحبة الله تعالى والولاء (2)
الصدمة، والثبات
قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ).
مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بامرأة تبكي عند قبر، فقال لها: (اتقي الله واصبري)، قالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي - صلى الله عليه وسلم-، فأتت باب النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك، فقال: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى). رواه البخاري
قد نكون عاملين، أو عابثين أو مطحونين أو غافلين في الدنيا ونحن نعيش ساعاتها وثوانيها، ولكن القدر عنّا ليس بغافل، وقد نبتعد، ونغيب عن لحظات هي أثمن ما في الوجود، وتكون هذه اللحظات هبات ومغانم من الله لنا، بها نتقرب منه سبحانه، ونجدد وصالنا بجلاله، وننعم بحنانه بل بأحلى ما في الوجود؛ حب الله تعالى ووداده.
وفي العادة لا نلتفت إلى هذه المعاني ولحظاتها، وكأنه أنفسنا عافتها، أو هي لا تخصنا، أو لسنا في حاجة إليها، ومع أن هذه اللحظات هي مفتاح خلاص الروح من سجنها، كما أنها ترقق القلب وتجليه من أدرانه، وقد تكون لنا آية؛ نقف عندها ونتدبرها، أو نتراحم بها، فنتلمس حسن الخلق والظن في أفعال من حولنا، ونحب لبعضنا ما نحبه لأنفسنا، ونعرف قدر الله وقدرته علينا، فنلزم أنفسنا حدودها، فيتملكنا أمران:
الأول: الخوف والرهبة من الله تعالى، فنراقب غضبه ورضاه. الثاني: الطمع في عفوه ورحمته وأنس وداده.
فعندما نغفل عن اللحظات الربانية، يذكرنا تعالى مرات ومرات بآلائه وعظيم منّته علينا، وسعة رحمته، وعظيم ما أعده لعباده المتقين والمخلصين والصابرين، ولكننا، تارة مغمضي العينين، وأخرى أغمضنا أعيننا مع سبق الإصرار والترصد، وتارة قلوبنا مشغولة عن الله بزينة الدنيا، وكثيرا مشغولون بحلال ما رزقنا تعالى عن الرازق، سبحانه.
وقد ننسب الفضل لأنفسنا، للتعالي بالنفس، ونرجع الإنجاز للظروف، وتارة ننسب الفضل إلى غير أهله، أو نوقن أنها جاءت هكذا، لوحدها- وتارة... وتارة....إلخ
ولكونك غاليا عند الله تعالى، يعلم معدنك ويخشى عليك من الغفلة الموصلة للبعد عنه في الدنيا والآخرة، لأنه يحبك، ويريد سبحانه أن تتقرب منه كما تقرب إليك بنعمائه، للتعرف عليه، وتُقبل مخلصا له وحده دون سواه، ولكنك كنت وماتزال، بعيدا.. بعيدا عن حبيبك، ففي هذه اللحظة بالذات تأتيك الصدمة!
يرزقك الله بهزة حسب قدرة تحملك - لأنه حاشاه أن يحمّل عبده ما لا طاقة له به- تقول لك: استيقظ، انظر، هناك الواحد يحبك، ويتمنى قربك، وإنه أوجدك في هذه الدنيا؛ كي تعبده وأنت مستقر ومرتاح، فخلق لك الأسباب التي حولك، كي تعينك على أداء عبادته سبحانه، فالذي حدث؛ أنك انشغلت بالأسباب عن المسبب (الله تعالى).
الثبات
قوله تعالى: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)، وقوله تعالى: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).
قد تظن لأول وهلة بأن الله قد ابتلاك بما لا تقدر عليه، وهذا مناف للعقل والدين، لماذا؟
سأقول لك: ما هي الروح؟ أو كيف تنام وكل أجهزة جسدك تعمل وأنت مطمئن، ولا تحرسها خوفا منك أن تتوقف؟
أقول لنفسي ولك: -والله- لو عندنا شك ولو واحد في المائة، أنها قد تتعطل لمرة واحدة - في عمرنا - أثناء نومنا لنغص هذا علينا حياتنا، ولدفعنا كل ما نملك نظيرا لمن يراقب أجهزة أجسادنا ونحن نائمون، كي نتأكد أنها تعمل، وقد كفانا الله شر ومشقة هذا بقدرته وسلطانه وعلمه، ولم يجعلنا مسؤولون عن هذا!
وبالنظر لما خلق سبحانه في كونه والدقة المتناهية فيه، أيعجزه أمرك؟ أو رفع ابتلاء قد أحل بك!؟
هل تعلم لماذا دائما نظن بأن الله – حاشاه – قد ابتلانا بما لا نقدر عليه؟ لسبب بسيط، وهو كون إيماننا في حالة ضعف، لأننا اتبعنا آلهتنا – الهوى والنفس وشياطين الإنس والجن والكبر والعُجب وعدم الرضا- لذا لا نملك القوة لمواجهة الابتلاء أو الاختبار الصغير، فترى البعض منّا قد انقلب – والعياذ بالله - على عقبيه، خسر الدنيا والآخرة.
والذي يجب عليك عندما يأتيك الابتلاء؛ أن تتوقف وتنظر في أمرك بعين المراقب لربه، وبدون خداع، هل يوجد فيما تفعل ما يغضب الله منك؟ لهذا ابتلاك؟ إن كان الجواب بالنفي - وأنت صادق فيه-، فخر لربك ساجدا، واعلم أنه يحبك، فعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ: (الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ). وحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: (لَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ)، وإذا كنت فعلا قد فعلت ما استوجب عليك الابتلاء، فخر لله ساجدا، واعلم إنه يطهرك.
الحل
ضرب الله تعالى لنا الامثال كي نقتدي ونعتبر بها: رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وصحابته – رضوان الله عليهم- أم سيدنا موسى، آسيا زوجة فرعون، آدم وموسى ويونس وسليمان وداود عليهم السلام، وسواء أكنت من أحد الطرفين، فالذي عليك ألا تنشغل بالابتلاء عمن أنزله، فالذي أنزله هو وحده – سبحانه - من سيرفعه، لأنه يقدر عليه.

وصفة طبية: ما دمت لا تفعل الكبائر، إنما تقع في اللمم، التي لم يسلم منها بشر، فتدبر الآتي: قوله تعالى: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
أو كنت ممن يفعل الكبائر: قوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ* أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ)، وعن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ..... وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَنِي، وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا مِنْ رَجُلٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا، فَيَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ مِسْعَرٌ: ثُمَّ يُصَلِّي، وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ).
عندما تتسخ ثيابنا نهرول لتنظيفها كي لا يراها الناس ويتحدثوا عنا، بل نحرص على أن نرتدي أجملها، وهذا كله لأنها ظاهرة للجميع، وأما قلوبنا وأعمالنا فهي تختفى عن الناس، لذا نتباطأ ونتكاسل في تنظيفها، ومحو المعاصي عنها، فمن أراد رضا الله كي يستجيب منه الدعاء، فعليه بتنظيف قلبه وأعماله أولا بأول، لأن الله يرى منا ما نخفيه عن الخلق، فإنه العليم، البصير، الخبير.
وهذه الأشياء هي مطهرات للّمم والذنوب، وموقظة من الغفلة والضياع، فلنأخذ منها ما نستطيعه:
لا ننسى أن خير الأعمال عند الله أدومها وإن قلّ، حسن الظن بالله وفي الله، الإحسان في أداء الفرائض، الإخلاص لله في كل شيء – قدر المستطاع -، الاستغفار، التوبة، الصدقة، الصوم، الصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الدعاء للمسلمين بظهر الغيب، ومساعدتهم وفك كربهم، وفعل الإحسان والنوافل: وسبحان من وعد فقال: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ).

سهير علي
 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

دروب الابتلاء؛ بابا لمحبة الله تعالى والولاء (3)
الألم والصبر
قال تعالى:(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ).
قد يستنجد المريض بمن يساعده ليكتوي بالنار والحديد كي يتخلص من آلامه، مع أن هذا عذاب وتعذيب، فما الذي دعاه لأن يرضى بهذا الأمر؟ إلا كونه يتمنى أن يدفع بهذا الأذى؛ أذى أكبر منه عن نفسه.
فكلنا نذهب إلى الأطباء، ونأخذ أدوية مختلفة، ويتفاوت مرها وآلامها من دواء وحقن، وممكن أن يصل حد خطورتها بمكان إلى حد الموت، وذلك عندما يقوم الطبيب بشق الصدر وفتح الرأس، كي ينقذ المريض من خطر أشد عليه مما قام به، وقد يخطأ الطبيب في تشخيص المرض، فيجري للمريض عملية خطيرة، وقد يخسر المريض بها حياته، عوضا عن المال الذي يُدفع للطيبب نظيرا لما قدمه من خدمة للمريض، وقد وصلت أسعار ما يُدفع للأطباء إلى أسعار فلكية، والشافي هو الله تعالى.
وهنا أسألك سؤالا: كيف تجرب المرأة الحمل مرة وتدرك ما به من شديد الألم، ثم تقدم عليه مرات أخرى؟ بالتأكيد ودون أدنى شك؛ لأنها تعلم بأنه بعد الألم سيأتيها ما تشتهي وتطوق نفسها له، وهو أحب إليها من نفسها، الأولاد.
لذا فلم يجعل الله الآلام بلا ثمن، أو قدّرها – سبحانه - عبثا تحدث لنا، - حاشاه- ولكن....
عندما تمرض قلوبنا، ولا نعي هذا، أو لا نعلمه، أو أننا نراه ونتجاهله سواء أكان ضعفا أو رغبة، أو عنادا، أو حبا، أو لا نقدر على العلاج لكون المرض خبيثا – فإذا كان الله يحبك - ففي هذه اللحظة تأتيك الصدمة بالألم.
فيمدنا الله تعالى بالدواء الذي يشفينا ويصلح لنا لنبرأ من أسقامنا التي اعترت قلوبنا؛ حتى لا نبتعد عنه – سبحانه – ولا نضل الطريق، ولا تأخذنا الدنيا بعيدا عن الصراط المستقيم، ونكون – والعياذ بالله - حطب جهنم.
لذا يبتلينا الله وهو- سبحانه - أعلم بنا، ليس لأنه – حاشاه – لا يعبأ بنا، إنما ليساعدنا في شفاء قلوبنا المريضة، فيأتي بالدواء كي يرحمنا مما هو أشد علينا من ألم الابتلاء،- البعد عن وداده، ووصاله، وحلاوة القرب منه، ونعيم العبودية له،- بخسران الدنيا والآخرة، أي غضبه تعالى- والعياذ بالله-، قوله سبحانه: (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ).
ولله المثل الأعلى، عندما تعلم قدْر الله تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)، وهو سبحانه الواحد الذي يعلم ما تحتاجه كي يقربك منه لتفوز بالجنان، : (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)، وما يضرك فيبعدك عنه كي يحفظك من النيران: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)، (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا).
أفكر فيما ابتلاني الله به؛ واتحدث مع نفسي- خوفا عليها- كي أقنعها بعدم التبرم أو السخط، حتى لا تؤثر عليّ فتحظى هي بما تريد وهو: – عصيان الله بحثها لي على عدم الرضا- أما أنا فلا أجد إلا الحسرة لأنني اتبعتها، والمحصلة من اتباع النفس هي: 1. غضب الله عليّ، 2. عدم رفع الابتلاء، 3. زيادة الخسائر في حياتي، 4. زيادة السئيات التي تحصيها الملائكة الكرام كل ثانية، 5. عدم الاستقرار بسلب راحة البال، 6. انهياري، - والله أعلم - وهذا الانهيار يؤثر على حياتي وحياة من حولي، 7. حرماني من نعيم إظهار الرضا لله، وهرولتي إليه طلبا لعونه، وإعلانا للعصيان عما لحق بي، وكأنني أقول له – والعياذ بالله- أنك يا رب ما انصفتي وظلمتني، وهذه النقطة هي الطامة الكبرى في الأمر كله، قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
فعندما لا أجد مفرا من وقوع الابتلاء لا محالة منه، فالحصافة تجعلني أفكر في تخفيف أثر الألم الذي لحق بي قدر المستطاع بالحوار مع النفس ومجاهدتها، بأن توقن بأنه لا يوجد أمامي إلا الصبر لله، فأبدأها بالسؤال: هل عدم الرضا سيرفع الابتلاء؟ ترد: لا..
ماذا يفعل عدم الرضا بي؟.. ترد: يزيدني نارا.. وتنكص وتقول: فما بال فلان معافي؟.. فأرد عليها: فلان هذا؛ عنده ما يكفيه ولا أعلمه..
وأسألها: هل يساعدني عدم الرضا على الخلاص من الابتلاء؟.. تقول: بل يزيدني انهيارا، ولكني ضعيفة فماذا أفعل؟.. وأرد عليها: هل قويت نفسك بالذكر والتزام الطاعات والبعد عما نهى الله؟.. ترد: أعمل ما استطيع ولا أقدر على غير هذا.. فأقول لها: غيرك همته في التقرب لله عالية، فأنت تريدين ألا تُتعبي نفسك بالمجاهدة، وتريدين أن تنعمي في الدنيا والآخرة دون أن تدفعي ثمن هذا وتؤدي ما عليك من واجبات؟.. فتقول: هذا جهدي.. فأرد عليها: هذا جواب المتزاكي، الذي يريد أن يأكل ولا يتعب فيطهي ما يأكله، وهذا لا يجدي عند الله تعالى.. هل يوجد مخلصا لي غير الله يقبل الدعاء، ويرفع ما بي؟.. ترد: لا.. فأصرخ فيها: فأين المجاهدة؟ وسؤالي الأخير:
هل يوجد مخرج من الابتلاء بغير التوجه إلى الله. فترد: لا، فأصرخ فيها قائلة: فعلام العصيان بعدم الرضا إذا؟
فأنذرها وأقول لها: اعلمي بأن التصبر بالرضا هو الدواء، وما الصبر إلا جهادا للنفس، وجهاد التحمل، وجهاد الرضا، وجهاد القدوة، فعندما تصبرين تُعلمين من حولك كيف يتعامل مع الابتلاء، وكيف يكون ثابتا؟ وكيف يهرول لربه كي يرفع عنه ما يجد، فالأمر ليس متعلق بك وحدك، فكأنك تورّثينه لمن حولك، فيقتدون بك، وتكتمل منظومة الرجوع لله الحقة.
فقد أهداك الله بأعظم هبة وغنيمة يثبتك بها، وهي معيته ومحبته، قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) الله بسلطانه وعظمته وقدرته، يقول لك: أنه معك ويحبك بل ويبشرك، قوله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ).
بل إن الله - تعالى – الحق، والقادر والصادق، قوله تعالى: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا)، (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا) قد وعد أهل الصبر – متى كانت النية فيه لله خالصة- بأنه سبحانه سيوفيهم أجرهم بغير حساب، قوله تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، فالإغداق الكريم على أهل الصبر، بألا ينقص أجرهم شيئا، وأنهم سيأخذونه موفى، فهو عطاء بلا حساب!
عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ
: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –: (عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ).
فقد جعل الله معيته ومحبته والخيرية والإغداق بغير حساب لأهل الصبر، فأي شرف هذا؟ وأي عناية ورحمة وجود من الله تعالى لهذا المبتلي الصابر؟! وتقول نفسي: لماذا كل هذه العناية والعطاء من الله لأهل الصبر؟
أقول لها: 1. لأن جهاد النفس هو من أعظم الجهاد لله تعالى، 2. الرضا بما قضى سبحانه، هو التسليم لله، بأنه الإله القادر والخبير والعدل والرحيم، يعني الوحدانية لله تعالى. بالتوجه إليه والرضا بما قضى، وهذا هو التوحيد الذي يريده الله تعالى منّا.
قد أطلتُ عليك، ولكن أحب أن أقول لنفسي ولك: عندما لا يملك المرء أن يغير من أمره شيئا، فليعلم بأن من أوجد الألم؛ هو من ابتلاه به، وهو سبحانه القادر على رفع هذا الابتلاء، فما عليك إلا التسليم لهذا القادر العظيم والعدل الرحيم والخبير بحال عباده، فقط سلم أمرك لله واعلم: بأنه لا ملجأ من الله إلا إليه، سبحانه، وما دمت لن تجني الخير في السخط، فلترض لله، وستغنم لا محالة.
هذا الحبيب الذي غيبناه عن حاضرنا وهو - سبحانه - معنا إينما كنا، وهب لنا كل النعيم، ثم بارزناه بالمعاصي، حلم علينا ووجهنا الشكر على نعمه لغيره، وعندما ابتلانا ليطهرنا من ذنوبنا؛ حتى لا نحرم من الجنة ويبعدنا عن النار، سخطنا وتفوهنا بكلمات، كلها جور وفجور في حقه سبحانه، الله تعالى قد خلقنا ويريدنا أن نسلم لجلاله، فالطبيب عندما يداويك يأخذ منك أموالا طائلة، وقد يأتيك الشفاء وقد لا يأتي، أما ربي، حبيب قلبي، وهدى نفسي، ونور روحي، عندما يبتليني، لإن سبحانه: يريدني أن أكون في معيته ومحبته وليجزل لي في عطائه، لأنني من أهل الصبر، أي أنه سبحانه يشفيني ويعطيني، وشفائه صدق وحق، فماذا تريد نفسي أكثر من هذا؟ دعنا نكون جميعا من هؤلاء: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
سهير علي
 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

دروب الابتلاء؛ بابا لمحبة الله تعالى والولاء (4)

المصاحبة، التعود
(وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ)
لنتذكر: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)
يبتليك الله كي تلجأ إليه، فتدعوه ليرفع عنك الابتلاء، وأثناء دعائك له، وفرارك إليه من الألم، تجد أن قلبك واقع في حب الله تعالى.
في البداية لا يكون قصدك في الهرب من الألم أن تسعى لحبه تعالى،- ليس الأمر في بالك، لأن حبه تعالى موجود ولكنه خامل- بل يكون سعيك هروبا وطلبا لرفع ما تجد، وفي أثناء ذلك، يتسلل إلى قلبك إحساس جديد، لم تتذوق طعمه من قبل، ولم تحس حنان هذا الوداد العذب ممن حولك مهما كان حبك لهم، فتجد وأنت في ذكر الله – حبيبك – أنس الوصال به فاق كل حلاوة، فتتدغدغ مشاعرك بأحاسيس حب وفرحة وصفاء وسعادة وراحة وسكينة، مهما حكيت ووصفت لن تستطع أن تسعفك الكلمات لتصف هذه الأحاسيس.
ففي هذه المرحلة يكون الحال على عدة أمور، الأول: إما أن تجد نفسك واقعا في حب الله.. الثاني: أنت على مشارف هذا الأمر العظيم.. الثالث: أنك ما تزال تصارع.. وفي هذا الثالث لك حالان: 1. إما أن معدنك أصيل، فهي مسألة وقت، وستصل لمراد الله من الابتلاء وهو حسن عبوديتك له تعالى.. 2. أو والعياذ بالله – أن المعدن غير أصيل- حاشاك تكون كذلك - فينقلب صاحبه على عقبيه وقد خسر الدنيا والآخرة.
هنا الحديث عن الحالة الثالثة الذي ما زال يصارع ومعدنة أصيل: المصارع هو أنت هذا المقاتل، والمجاهد، الذي يجاهد بشرف في معركته، فأنت تحاول أن تُنهي آلامك بأي وسيلة كانت، فإذا استعنت بالصبر لله، وتوكلت عليه حسن التوكل، (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)، فإن معية الله الكريمة مع مرتبة الإحسان حلال بلال لك، فبخ بخ، فمن هذا الذي قد أنعم عليه إله الكون، الله من بيده الأمر كله، ويعلم السر وأخفى، ويقول للشيء كن فيكون، ثم بعد ذلك المرء يضل أو يذل أو يجهل أو يُظلم، أو ينكسر،- حاشا لله.
عيب فينا أننا كثيرا ما نتعامل مع قدرة الله تعالى على أنها أقوى من قدرتنا، هنا القياس غير منصف، وكي نكون منصفين يجب أن نقارن بين شيئين قريبين في كل المقومات المتحققة بينهما كي تصح المقارنة، ولهذا، فلا يوجد في الوجود أي شيء يقارن بقدرة من أوجد الوجود من العدم، وخلق الكون في دقة متناهية، فيجب أن تكون المقارنة بمن يساويك، أي أحد من البشر..- مع أنه يوجد جباون في الأرض لا نستطيع أن نقيس أنفسنا عليهم- !
وأسألك: ماذا يفعل البرغوث؟ أو البعوضة أو الذبابة في فينا؟ وقد سلب منّا أضعف مخلوقات الله تلك، الهدوء والسكينة والنوم!
سبحان الله، إذا كان الإنسان- بجلال قدره - قليل من الصداع يعميه، ظمأه لقليل من الماء يرديه، حبس لقمة داخله تشقيه، وظلام العين يخيفه، وصوت الرعد يرعبه، وزينة الدنيا تلعب به، وبسبب وبدون سبب يوارى في التراب.
فإذا كنا كذلك، فكيف تسمح لعقلك أن ينسى قدرة الله عليك وقدره تعالى؟ فلمَ لا تنقذ نفسك وهي غارقة في الآلام بأن تمدها بقوة تقاوم بها الغرق؟ ألا تتمسك وتستجير بالله القوي الجبار؟ من بيده الأمر كله، من يعلم ما لا تعلم، وله البقاء ولنا الفناء!، وهو القادر على رفع الابتلاء عنك، وإفراغ خزائن رحماته عليك، فهو الخبير بك وبحالك، وحاشاه أن يبتليك بما لا تقدر عليه.
إنما فقط الضعف، والنفس الآمارة بالسوء من تريد أن يُظن بالله ظن السوء، ألا ترضى وتصبر؟ وقد جعل الله معيته وحبه وجزيل عطاياه لأهل الصبر.
لذا يجب عليك مرافقة الابتلاء بحكمة وجلد، واستعانة بالصبر والصلاة إلى أن يفرق الله برحمته بينكما، (
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ)، (.. إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، فلن تستطيع أن تنجح في الاختبار بدون أن تكون من أهل الصبر، وهذا يستلزم قوة إيمان مع استمرار المجاهدة والمقاتلة مع النفس، حتى تخضعها لمشيئته تعالى، محاولاتك التي تبذلها كي ترضى وأنت تصحب ألم الابتلاء معك، تجد نفسك بها بين يديه – سبحانه- قد علمت وقدره تعالى، وتطمئن فتخشع متذللا، مسكينا لمن بيده الأمر وحده.
وعَنْ عِمْرَانَ قَالَ حَدَّثَنِي عَطَاءُ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ:
أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ: (إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ)، فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا. رواه البخاري.
هذه المرأة كانت ماهرة وذكية في التجارة، لأنها علمت قدر من خلقها وقدرته – سبحانه -، وكان عندها يقينا بصدق وعده، فلم تبالي بالدنيا وهي راحلة عنها في أي وقت لا محالة؟ هي بإرادتها اختارت مصاحبة الابتلاء، فلم تستطع أن تمنع نفسها من الاغراء، فكرت وحسبت: ابتلاء في الدنيا + صبر لله وحده + رضا = الجنة، معادلة غالية، لأنها تذكرة الدخول للجنة، ثم قررت: قبول التجارة الرابحة مع الله، وهذا لمن كان له عقل يتدبر به ويحسن الحساب، ولأنها من نساء الجنة – رحمها الله -، كانت العفة هي تاجها، فالذي سألته بعدما قبلت العرض منه صلوات ربي وسلامه عليه – أنها تريد الستر! فيالها من قدوة حسنة للنساء.
لا تحضرني قصص للصالحين تنير لأهل الابتلاء الطريق كي يروا الأمل عبر حكمهم وثباتهم، ولكني وبكل ثقة أقول: عندي آيات ربي التي دلتني على عظمة قدرة من خلقني وصورني، وأرى بأم عيني لا بعين غيري، السماء ودقة صنعها، والبحار وما تفعله أمواجها، والبراكين ماذا تفني في ثوراتها، وقدرة الله فيما حدث في اليابان ليس علينا ببعيد، ولآية واحدة من خلقه تعالى لتكفي لمن رزقه سبحانه نعمة التدبر.
(وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)، فقدرة الله وعلمه وحكمته يطمئنك لأنه هو العليم (
فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).
فـ (
اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ)، الابتلاء هو دواء المعاصي والغفلة، ومطهر للقلب من أدرانه، ومعقم للعمل من التلوث، ويحميك من جراثيم الدنيا، وهو باب رفع الدرجات كي تنال الفردوس العلى، ولولا أن قدر الله الابتلاء ليخفف بها سئيات البشر (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا).
قال الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ): (يَذْكُر تَعَالَى عَنْ أَيُّوب " مَا كَانَ أَصَابَهُ مِنْ الْبَلَاء فِي مَاله وَوَلَده وَجَسَده وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ مِنْ الدَّوَابّ وَالْأَنْعَام وَالْحَرْث شَيْء كَثِير وَأَوْلَاد كَثِيرَة وَمَنَازِل مُرْضِيَة فَابْتُلِيَ فِي ذَلِكَ كُلّه وَذَهَبَ عَنْ آخِره ثُمَّ اُبْتُلِيَ فِي جَسَده يُقَال بِالْجُذَامِ فِي سَائِر بَدَنه وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ سَلِيم سِوَى قَلْبه وَلِسَانه يَذْكُر بِهِمَا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى عَافَهُ الْجَلِيس وَأُفْرِدَ فِي نَاحِيَة مِنْ الْبَلَد وَلَمْ يَبْقَ أَحَد مِنْ النَّاس يَحْنُو عَلَيْهِ سِوَى زَوْجَته كَانَتْ تَقُوم بِأَمْرِهِ وَيُقَال إِنَّهَا اِحْتَاجَتْ فَصَارَتْ تَخْدُم النَّاس مِنْ أَجْله وَقَدْ قَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : "أَشَدّ النَّاس بَلَاء الْأَنْبِيَاء ثُمَّ الصَّالِحُونَ ثُمَّ الْأَمْثَل فَالْأَمْثَل" وَفِي الْحَدِيث الْآخَر"يُبْتَلَى الرَّجُل عَلَى قَدْر دِينه فَإِنْ كَانَ فِي دِينه صَلَابَة زِيدَ فِي بَلَائِهِ" وَقَدْ كَانَ نَبِيّ اللَّه أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام غَايَة فِي الصَّبْر وَبِهِ يُضْرَب الْمَثَل فِي ذَلِكَ).
فما الذي جعل نبي الله أيوب عليه السلام يستطيع أن يصاحب الألم ويصبر عليه؟ (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ
صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)، فالسبب الذي به رفع الله تعالى عن سيدنا أيوب، إنه كان صابرا أوابا، اللهم اجعلنا لك صابرين وأوابين، آمين.

سهير علي
 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

قد تذيب نازلة الابتلاء نخاع العظام، وترتشف الآلام كل الدماء، قطرة، قطرة، وينخر ظلم الناس في القلوب، فيصير كالمنخل.
ما يضير هذا إذا كان ربك عنك راض، وهو الحكيم، العليم، الخبير، وهذا مثال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قفل راجعا من الطائف وقد ذهب إليهم يريد لهم الخير والسلامة من النار، فنالوا منه صلوات ربي عليه وقد رموه بالحجارة حتى أُدميت قدماه الشريفتين فقال: (
اللَّهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أو إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة؛ أن يحل علي غضبك، أو ينزل بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك)، هل لديك وقت تتأمل ما تحته خط؟
فعندما نُبتلى: إلى من نكل أنفسنا؟ لمن نبوح بأسرارنا؟ وممن نطلب العون والمشورة؟ وهل فتشنا عن معاصينا وأحصيناها؟ هل علمنا أننا نُبتلى بما قدمت أيدينا ونُحرم من الرزق بالذنب نصيبه؟ وأن الجبال من حصى! بل الأهم والأجمل؛ هل علمنا أنه تعالى يبتلينا لنرجع إليه؟
هل هرولنا إلى ربنا نسأله فتركنا بمفردنا؟
هل طلبنا رحماته تعالى ولم تتنزل علينا؟
هل حنان وداد الله قفل دوننا؟ أنحن في غنى عن رحمته وعفوه؟
فتجد البعض من الناس؛ حمل ابتلائه ومضى به ساخطا – قد نهتز للحظات ولكن يجب علينا أن نسكن، لنرجع - ، ويريد أن يلقي به بعيدا عنه، لماذا؟ بسبب عدم وصال الله تعالى والقرب منه، وهذا يُسبب ضعف الإيمان ومرض القلوب والنفوس والوهن، فلم يستطع أن يأخذ بالأسباب لرفع ما به من ابتلاء، ولا يريد أن يتحرك، والله فلن تقيم لنا قائمة لولا التصبر بالله والالتصاق بحبله واللوذ به وحده تعالى، والتوكل عليه.
والتوكل معناه: «صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضار، من أمور الدنيا والآخرة كلها، وأن يَكِلَ العبد أموره كلها إلى الله عز وجلن وأن يحقق إيمانَه بأنه لا يعطي ولا يمنع، ولا يضر ولا ينفع: سواه جل وعلا». التوكل على الله لخالد عبد الله الشايع.
والتوكل على الله هو:
1. علم منك، يتبعه عمل منك.
2. ثم يقين منك، يتبعه عمل منك.
3. والنتيجة: توكل منك، ومعه عمل من الله تعالى الخالق القادر على كل شيء سبحانه – وما تيسير العلم والعمل واليقين والتوكل إلا بأمر الله تعالى، فأقبل عليه بما يحب، يغدق عليك بما تحب-.
أولا: علم منك: بأن الله هو النافع والضار؛ وما أصابك ما كان ليخطئك، وأن الذي أصابك عليم خبير حكيم فلا يبتليك عبثا حاشاه.
يتبعه عمل منك وهو: توطين النفس على معرفة قدر الله والتأدب معه تعالى بحسن الظن فيه، وتدريبها على الصبر والرضا بأن ترى الخير وكأنه مستقر عندك، فقط هي مسالة وقت، ولكنه حتما سيأتي.
ثانيا: يقين منك: عندما تقوم بما هو عليك بأنك جاهدت نفسك وألزمتها حدّها بالبراهين وبينتَ لها؛ بأن لا مفر من الله إلا إليه. ومهما حاولت دفع ما بك، والله لم يأذن بهذا فلن يتتعتع عنك ويتركك، ولو استخدم المرء سلطان الإنس والجن. فعلام عدم التسليم لله إذاً وأين الصبر؟!
يتبعه عمل منك وهو: التسليم منك لله فيما قضى سبحانه مع الصبر والتصبر - وتصنع ذلك إلى أن تعتاده فتصدقه، هكذا تُدرب النفس على ما لا تُطيق-، فتهدا نفسك ويستقر حالك، والاستمرار في الدعاء وحسن الظن بالله، ولا ننسى: (أطب مطعمك، تكن مستجاب الدعاء).
ثالثا: توكل منك: عندما يتملك بنانك التسليم لمن قدّر عليك ما أنت فيه وعلمت أنه لا ردا له إلا بإذنه تعالى فترضى، والرضا هذا يكون الجائزة الكبرى لك من الله، وإن لفرحة رؤية عبد من عباد الله راض بالدنيا وما فيها - لأن يُعدي غيره -
فليس معنى الهروب من الابتلاء بعدم الرضا والتماس غايات غير شرعية يكون السبيل، ولكن هو أمن التوكل على الله، والانكسار بين يديه سبحانه، والإلحاح بالتضرع لله، والتمعن والتفكر في قدرة الله خالق ما نعلم وما لا نعلم، هم السبيل للنجاة من المحن والابتلاء.
عندما يأتي عليّ أمر شديد أنظر حولي كي أجد الصادق القوي الأمين المعين من يساعدني ويأخذ بيدي ويدلني على القرار السليم ويحمل معي همي دون إبطاء، أو يمنّ عليّ بما قدمه لي، أو من يساعدني دون مصلحة أو غدر ولا يضلني أو يخذلني أو يخونني أو يفضحني أو يكذبني الحديث أو يغرقني في مصائب أكثر مما أنا فيه، فأريد العالم بأمري والمطلع على حالي، القادر على مساعدتي، الذي متى طلبت عونه في ليل أو نهار وجدته، ولا يسأم من سماع شكواي..... و......
فمَن مِن البشر يستطيع أن يقدم لي كل هذه الاحتياجات؟ حتى الأم تكلّ ويعلو صوتها وهي تبذل نفسها وصحتها وشبابها لأولادها! ولكني مع التسليم لله بما قضى، وطلب عونه بأخذ الأسباب هو عين الحكمة لكل مبتلي. فمن غير الله يقول للشيء كن فيكون؟ ومن غيره سبحانه يعلم السر وأخفى؟ ومن غيره تعالى قدره يستطيع أن يرفع البلوى؟ ومن غيره يدرك قدرة تحملنا فلا يزيد علينا أو يطغى؟
عندما يصح توكلنا على الله في النية والوسائل فإننا نكون قد رسينا على شاطئ الأمان والطمأنينة وتخدير الألم بالرضا حتى يحين فرج الله سبحانه، عندها يكون الرضا قد سكن القلوب، فارتاحت العقول من هم الفكر واجترار الآلام، وهداها الله إلى الحل السليم والمناسب، وأمنت النفس من العوج والتخبط في إيجاد الحلول.
ولا أجد أنفع ولا أجدى من لحظات يخطفها المرء تكون سفينته وهو يبحر في التدبر في خلق الله وآياته، كي يُقن بقُدرة الله وقَدره سبحانه، فيطمأن بأنه أمر في يد العادل الحكيم العليم، فيرتاح ويترك أمره – لله المثل الأعلى - كمثل ابنة ابنتي – آرين- حينما أحملها وأحضنها؛ أرى السعادة قد غمرتها، ثم أرفعها بطول يداي إلى أعلى، فيزداد انبساطها، ثم أقذفها إلى أعلى وألقفها، فتكركر بالضحك بصوت عاليا، وتحرك قدميها بسرعة من قمة السعادة، - هذا أمان تام - في نفس الوقت حينما يحملها شخص غريب عنها، فهي تستغربه وتترقب تقاسيم وجهه كي تراه، هل سيلاطفها ويكون رحيما معها أم لا؟ - هنا ترقب بحذر - ولكن مرة كانت ستقع من يد من يحملها، فارتعبت وكان واضحا على قسمات وجهها البريء – هنا كان الخوف وعدم الشعور بالأمن والأمان- ولله العظيم القادر القاهر فوق عباده المثل الأعلى سبحانه - فلمن نترك أنفسنا بما تحمله من هم وغم وابتلاءات ومحن إلا لله تعالى القادر على الحماية، العلم بما ينفعنا وما يضرنا والقادر على دفع كل هذا، والمطلع على السرائر.
متى نعطي الروح فرصة أن تحيا بما يُحييها؟
ومتى نأخذ دفة القيادة من أنفسنا ونسلمها لله تعالى؟
متى نرى أن اللقاء قريب، ولا يحتمل التغيير أن نستغرق فيه كل حياتنا؟
متى نرحم أنفسنا من التخبط والشطط والزج بنا في طحونة عدم راحة البال والتوكل على خالق الكون ومدبر الأمر؟
متى نحسن التوكل على الله تعالى بأن نتيقن بأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا؟
متى نحسن اختيار من يكونوا بجوارنا كي ينصحونا ونقبل النصح الذي يُقربنا من الله سبحانه؟
متى أهرس الألم بين أضراس الصبر والصدقة والاستعانة بالله وحسن التوكل عليه سبحانه؟
متى أكون قدوة في كل حالاتي قدر المستطاع حتى يتعلم مني القريب، وأكون معلم الناس الخير؟
اللهم وفقنا لكل ما يرضيك عنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وبك خاصمنا وبك صالحنا، وإليك المرجع والمصير.

سهير علي
 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

دروب الابتلاء؛ بابا لمحبة الله تعالى والولاء (6)
التفكر في آيات الله تعالى، ومعرفة قدره سبحانه
 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

دروب الابتلاء؛ بابا لمحبة الله تعالى والولاء (7)
الوداد، والنعيم
 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

ما أجمل ما في المؤمن؟

المؤمن أجمل ما فيه، قلبه، لأنه يحوي حب الله تعالى
وأصدق ما فيه، جوارحه، عندما تطبق أمر الله تعالى
وأبهى ما فيه، جبهته، هي تخر ساجدة لله سبحانه
وأعز ما فيه، انتمائه لدينه، والذب عنه
وأذكى ما فيه، عقله، عندما يعلم قدر الله تعالى
وأنبل ما فيه مشاعره، عندما يُحب لنفسه ما يحبه لأخيه
وأعدل ما فيه، حكمته، عندما يعطي عذرا لأخيه
وأحلى ما فيه، ابتسامته، في وجه أخيه
وأخلص ما فيه، عمله، عندما يُطابق العلم العمل
واتقى ما فيه، قلبه، وهو يُراقب الله تعالى في كل أوقاته
وأسعد ما فيه، روحه، وهو خاشع بين يداي ربه خاليا

سهير علي
 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

رؤية وجه ربي
رأيتُ من أحباب قلبي يذهبون بعيدا، فتسائلت: إلى أين المسير؟
قالوا: أتى جواب به عنوان، وكل مخلوق إليه يصير
قلت: أتتركوني وترحلون؟ دون بيان أو تفسير!
قالوا: ألا يكفي المرض، والهرم، وتجعيد الجلد الحرير؟
وبياض الشعر، وفراق الصغير قبل الكبير؟
والرضيع، والجنين قد فارقوا، والمبصر والضرير
والقوي فينا رحل دون علة، والطيب والشرير
فاعملي ليوم اللقاء، وأحذري غضبه تعالى، فهو من يرحم الكبير والصغير
فلا رجوع بعد الرحيل، ولن ينفعك التحسير
تذكري الصراط ومرورك عليه، فاتقي الله الخبير
واحذري الظلم، فإن نار جهنم لها غيظ يفوق الصفير
فهي تغلي غضبا من كل ظالم، عاصي، ويُسمع لها شهيقا وزفير
وبها شر المنازل، وطعامها الزقوم، وشرابها المهل، وعذاب حقير
وقارعة، ونفخ في الصور، ونشر، وحساب، وإما الجنة أو السعير
فاتركي من الدنيا ما يُبعدك عن مرادك، وراقبي فقط؛ البصير
ولا تغتمي بما حدث لك من مآسي، فالله نعم النصير
فهو عدل سبحانه، لا يظلم مبتلي أو غني أو فقير
وتذكري رؤية وجه ربك في الفردوس، يهون عليك كل عسير
فكل ما لم يُذكر اسم الله فيه، فهو حسرة لا يفطن لهذا إلا كل منير
فسعادة القلب في ذكر ربه، والروح تحيا دون تكدير
والنفس تسلم من الأذى، وتفوز الفوز الكبير
وها هي الجنة وقد أورثناها برحمة العلي القدير
وهذا نبيي العدنان أحمد، وبسمته لنا تقدير
ورؤية الصحابة والشهداء والصالحون فيا قلبي هذا هناء كبير
وفي جنان الخلد نغدو على الأرائك ولباسنا فيها حرير
والحور العين والولدان المخلدون كأنهم قمر منير
وأنهار وعيون وقصور وجواهر ونعيم حبير
ورضوان من الله أكبر، فاعملي، فلن تأخذي من متع الدنيا قطمير
وأخاف عليك يا نفسي من العذاب وسوء المصير
فتدبري أمرك واجعلي التقوى والإخلاص هما عليك الأمير

سهير علي







 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

عندما تغادر الأحباب
هل فكر أحدنا عندما يُغادر دون إذنٍ منه، أو دون إرادته، تاركا خلفه القريب والبعيد، والعدو والصديق، الأهل وكل من يعز عليه قلبه وروحه، دون رجعة، بلا أمل في العود، ولن ينقذه مما هو فيه دواء أو طبيب!
ماذا سيكون حاله بعد المُغادرة؟ كيف هو في الحياة الآخرة، شقي أم سعيد؟ خائف أم مطمئن؟ وجْل أم ثابت؟ من أهل الجنة أم من أهل النار (أعُيذُ نفسي وإياكم حتى من سماع حسيسها؛ آمين).
وإني لأُسائل نفسي، هل إذا غادتُ دون إذن مني، فكيف سيكون الحال والترحال والمحل والسؤال؟
فبأي يد سأوتي كتابي؟ وكيف سأُجاوب على السؤال!؟ (فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه، إني ظننت أني ملاق حسابيه، فهو في عيشة راضية، في جنة عالية، قطوفها دانية، كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية، وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه، ولم أدر ما حسابيه، يا ليتها كانت القاضية)، والعياذ بالله.
هل سوف أندب حظي وما قدمت يداي وأقول: (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا)؟
الآن سأُحاسب على كل ما قدمت، وكله قد أُحصي عليّ، فهل سأكون من أولئك؟ قوله الحق (يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد)، القول والنظر والعمل، كله مصورا، حاضرا صوتا وصورةً!؟
فهل سأقول: (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون، لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون)؟
أم سأكون مع هؤلاء: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون)، وهؤلاء (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم).
فما أرحم الله سبحانه أمام عظيم تقصيرنا، وما أجمله تعالى أمام قبيح أفعالنا، ما أجود عفوه جل وعلا أمام كثيييير ذنوبنا، وما أحلمه عز قدره أمام طول أمانينا، وما أكرم الله الجواد أمام قلة طاعتنا.
ما أقصر الحياة رغم طول سنواتها، وما أسرع الفراق رغم طول اللقاء، وما أسرع الحساب رغم قصد تناسينا، وما أسرع الجزاء رغم طول الانتظار، وما أسرع الجزاء رغم طول المقام، وما أسرع الجزاء رغم كثرة الأعمال.
لن ندخل الجنة بأعمالنا، وكلنا عيال على رحمة الله تعالى، إن شاء عذبنا وإن شاء رحمنا وهو العدل الرحيم. الدنيا ساعة، فلنجعلها طاعة، ننل الفوز والشفاعة، بإذن الله تعالى.
سهير علي
 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

الحكم على الناس؛ لمن؟ بين الظالم والمظلوم والمتفرج!
عندما يصدر فعل من أي أحد سواء أكان موجها لك أو لغيرك فلا تحلله أو تحكم عليه أو تعمل فيه الظن؛ لأن علمك قاصرا بنية الفاعل، ولا تعلم الغيب لتستطيع معرفة الأسباب، فترك حسابه على من يعلم الغيب وفي قدرته أن يحاسبه، أفضل لك وأحسن.
فإن في تركك لهذا الأمر راحة لقلبك وسلامة لدنياك وآخرتك، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى سيحاسب الفاعل على فعله إذا خيرا فخير، وإذا كان عكس ذلك فلا يلمن إلا نفسه.
ابتعد عن الحكم على الناس ليس فقط لأنه سيأتي اليوم الذي يحكمون فيه عليك؛ ولكن حتى لا تقع في الظلم، فإن الظلم لَظلمات في الدنيا والآخرة، وإذا كان الله تعالى لا ينصر الدولة المسلمة لو كانت ظالمة وينصر الدولة الغير مسلمة لو كانت عادلة، فما هو حال الظالم، أيظن أنه سيفلت من عقاب الله؟!
إن سنن الله الكونية في التغيير رسالة أمان لكل مظلوم وكل مريض وكل فقير ومبتلي، أن لا دوام لحال أو لأحد إلا لله تعالى، وأيضا هي رسالة لكل ظالم، متجبر، متكبر، مغتر بما وهبه سبحانه جل وعلا.
فما أجمل من تتبع النصائح الربانية في كتابه المجيد لتعلم أسلوب التعامل مع الظالم، وما أنفع النصائح التي تدلنا على كيفية جمح النفس حتى لا تطغى في أخذ حقها -متى قدرت-؛ على حقوق الآخرين.
وهناك فرق بين أن نصبر قلة حيلة، وبين أن نصبر لله تعالى، لأن في الوضع الأخير نتعلم دروسا لا نتعلمها إلا من خلال هذه الابتلاءات وتلك المحن التي تظن النفس عدم المقدرة على حملها، ولكن حاشا للعليم القوي والخبير العدل أن يعطينا ما لا نستطيع تحمله.
وبالنسبة لمن صبر لله تعالى فإنه قد أحاط نفسه بسياج لا يستطيع أن يقتحمه أي ضعف للنفس أو أي شيء آخر والسبب أن معيته -جل وعلا- ليست فقط مع الصابرين بل إنه يحبهم سبحانه، فكيف بأحد الله تعالى معه ويحبه ثم يشقى، أو لا ينتصر أو يهضم حقه؟
قد يظن الظالم بتلونه كالحرباء بأن خدعته قد أصبحت حقيقة ورضخ لها من انخدع بها، ولكن أين سيذهب من الله تعالى، فدائما لا ينفطر قلبي على المظلوم كما ينفطر على الظالم، لأنني أرى ظلم البشر للبشر مقدور عليه، ولكن رد الظلم من الله للظالم أنّى يُقدر عليه؟ من يطيقه!؟ لو كان عدد ذرات الأنهار والبحار والمحيطات والأمطار مداد لكتبت علامة تعجب واستفهام لعدم فهمي لعقلية الظالم وهو يخطط ويرتب ويخبئ عن البشر فعاله وخداعه، ورب البشر مطلع عليه ليل نهار لا يغيب عن عينه سبحانه أقل من طرفة العين؟
أظن أن الظالم قد تخدعه نفسه وهو يتتبع فريسته، وهو يحدد وقت الانقضاض عليها والنيل منها، فقد كان فيما مضى يغرز الظالم سكينته في ظهر ضحيته، أما اليوم -والعياذ بالله- فيغرز سكينته في عين ضحيته مباشرة، وفي وضح النهار؛ وهم يضحكون. ويتخذون من قانون (الغاية تبرر الوسيلة) سعة في تدابيرهم الآثمة، وبغيهم المريض الذي عادة يحركه عدم الرضا في الأساس عما في أيديهم، فتمدت أعيونهم لما في أيدي إخوانهم، والذي يولد الغيرة، والحسد، والحقد -والعياذ بالله.
ولكن كما عَهِدنا مع عدل الله تعالى، فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا، فإنه سبحانه يمهل ولا يهمل.
أما المظلوم فيا سعده؛ تعتصره المحن وتطحنه الآلام وهو يجاهد أن يتصبر بالله ولله؛ ثم يجد وهو في جهاده هذا أن الله تعالى أطعمه حلاوة القرب منه سبحانه، ورزقه نعيم مناجاته وجنة الخشوع بين يديه، ووداد وصاله؛ لذته تحتار أن تجدها في أي متع أخرى في هذا الكون، حتى عندما يعفو الله تعالى عن العبد المبتلي بمحن أو ظلم أو مرض عضال أو فقد حبيب؛ فمن الطبيعي أن يقل قليلا -ولكن لا ينقطع لأنه لو فعل فلن يجد معية الله مرة أخرى- التصاقه بالذكر والتضرع، فيجد وحشة فظيعة في قلبه لفقدان لحظات خشوعه بين يدي ربه، ونعيم وصاله، وحلاوة وداده، فيتحرق قلبه بين ضفتي صدره شوقا وحنينا لتلك اللحظات.
فإن المظلوم أو المبتلي لا يُخشى عليه أبدا؛ متى أتخذ ربه حاميا ونصيرا وحسن التوكل عليه ثم أخذ بالأسباب.
أما الخوف فهو على الظالم؛ لأنه عندما بدأ في مشور ظلمه هذا؛ قد بدأ في معاداة رب الكون سبحانه؛ فقولوا لي بالله عليكم: من له طاقه على هذا؟!

سهير علي
 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

عذرا أهل فلسطين
ألا تموتون وتريحون العالمين
مالكم؟ أمازلتم تتنفسون؟
وتنطقون!!!
كيف تجرؤون؟
بل كيف تتحملون؟
بل قولوا كيف تفعلون؟
نحن لا نستطيع أن نقول للنفس لا تفعلي!!!
مع إننا مثلكم مسلمون!!!
أأنتم مسلمون؟
أم غُلبتم على أمركم فليس لكم إلا أن تصبروا؟
هل أنتم مؤمنون؟
إني في حيرة من أمركم أنكم لازلتم مؤمنين!!!
أليست هذه صيحة غابرة عفت عليها الأيام والسنون؟
لماذا تقاومون؟
لماذا لم تنتهوا؟
وصوركم وصراخ أطفالكم يكدر عيش الملايين
بل صمودكم، أقلق جناب أصحاب المليارات والملايين
ومع كل ما كانوا ومازالوا يخططون
لإسكات أنين شيوخكم وأطفالكم الجائعين
والنساء الثكلى والعجائز حُرمت من دافئ هذا الشتاء الحزين
وشبابكم ما بين شهيد أو شهيد يستوون.
حتى فتياتكم لحقت بركب النور وكان كفنها فستان عرس من أحلى الفساتين.
حتى الرضيع سواء كان يحبو أو في بطن أمه لم يسلم من حقد الغاصبين.
ومع كل هذا ألا تنتهون؟
أه منكم ألا تموتون؟
لماذا تقاومون؟
لا تقولوا لنا إن لديكم أملاً في رب العالمين.
أن ينصركم كما وعد الرحمن، القادر، الحكيم العليم.
ألا تعلمون؟
ألم نقل لكم ماذا يحدث منذ سنين؟
الكثير منا والبعض منكم لا نتقي الله رب العالمين.
نأتي بالمعاصي والذنوب أشكالاً وألوناً، احتارت من هولها الشياطين.
فما عادت الذنوب تحدث في السر كما كان في الأولين.
النادر والقليل منا من يخشى الله, فيتوارى من سوء فعله، نادم على ذنبه المشين.
فمن أين تأتون بالدعم والسوس قد نخر عظامنا، وشُلت الأمة منذ سنين.
أنتم وحدكم تقفون أمام ظلم العالمين.
من موت وصمت وتأمر المجرمين.
باعوا الدين والآخرة بعرض الحياة, وظنوا إنهم ما هم بميتين!!!
أنى لهم؟؟؟ فهم يعيشون في جنتهم لاهين
فرحين بما غنموا من الدنيا غافلين.
عما أعده الله لكل من ضيع الدنيا والدين.
فالله الله لكم، أن يثبتكم ويرزقكم الذرية بالمئين.
يعمرون ويفرحون بل يحيون كما نحيا بل أفضل منا منعمين.
برضا الله الرحمن الرحيم الحكيم, ناصر المؤمنين.
فإن نزفت بعض القلوب على ما يحدث لكم وبكت العيون.
ففي النهاية أقول لكم، عذراً أهل غزة إنكم مازلتم تتنفسون.

سهير علي
 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

أمطار الرحمة والمودة

أمطار الرحمة والمودة التي تفرغها رحمات تتبع رضا الله تعالى في السر والعلن؛ حينما لا تمطر في كثير من بيوت المسلمين، وذلك لتصحر البيت بسبب رياح الأنا التي تهب من جميع الاتجاهات، والهواء المصاحب لأتربة العناد، ودوامات التسويف التي تحجب الرؤية للاستغفار من اللمم، وتثور براكين الغضب قاذفة حِمما قولية وتصل في بعض الأحيان إلى حِمم فعلية بين أفراد البيت الواحد، وتهب أعاصير الكره تخلع من الجذور حسن الظن والخلق، والعفو والرحمة، وعدم رؤية واضحة لثوابت الأمور، فيحدث في البيوت زلازل مروعة، وتكون الانهيارات الأخلاقية كارثية، وتكون محصلة هذا كله، تدمير الروح، وقلوب مجروحة، وغيرة وحسدا وحقدا في النفس.

والله هو وحده الذي يعلم المحصلة النهائية لهذه الظواهر الغير طبيعية التي تحدث في البيوت التي لا يُتتبع فيها رضا الله تعالى؛ ويُعصى ولا يستغفر أهلها، فلا يؤمر بمعروف ولا يُنهى عن منكر فيها، والعياذ بالله.

وبالنظر إلى بيوت أخرى للمسلمين، التي تكثر فيها أمطار الرحمة والمودة التي تفرغها رحمات تتبع رضا الله تعالى في القول والعمل؛ منبتة أزهار الإخلاص والإيثار، وورود الحب والحنان، ويكثر فيها رياح التفاهم حاملة بذور الود تنشرها في كل الأرجاء، تسطع شمسها التي تنير الدروب مبينة الحلال من الحرام، وفي ليلها يرسل قمرها برسائل السكينة في النفوس، وراحة البال في الصدور، وهمس المحبة في الوجدان، مثبتا القلوب في المحن والابتلاءات، داعيا الجوارح للصبر على الطاعات، ومدغدغ المشاعر بالخشوع في الصلوات، كما يكثر في جنانها النبت الرباني من البر والبذل والعطاء وحسن الظن وحسن الخلق، فيكثر في ربوعها ألوان الخيرات من الإخلاص والتقى، والتفاهم والرضا والعفو والصفا، والصبر والهنا، والقدوة الصالحة بين العاملين واختفاء الأنا، وتكون الأعمال متقبلة –بإذن الله تعالى- وبجودة عالية من الإحسان وبرؤية واضحة للمفاهيم الربانية لتحقيق مقاصد الله تعالى في أرضه بما أراده سبحانه لعباده.

فأيُ الفريقين أهدى لو كنّا نرى الصورة على حقيقتها؛ دون تدخل النفس وشياطين الإنس والجن!؟
اللهم بحق رحمتك التي وسعت كل شيء، أفرغ على بيوتنا وقلوبنا وأنفسنا رحماتك التي بها نحيا مؤمنين، عاملين بما علِمنا، مخلصين في القول والعمل، ثابتين فيما مضى علينا من أقدار، راضين بما قسمت لنا من رزق حلال، معلمي الناس الخير، وارزقنا أداء الصلاة على وقتها وحسن إقامة أركانها كما تحب وترضى، وأحسن خاتمتنا جميعا، وارحمنا وارحم والدينا وأزواجنا وذريتنا وأهلينا وكل من يعز على قلوبنا، والمسلمين أجمعين، وارزقنا نعيم النظر لوجهك الكريم، وجوار نبينا الخاتم (صلى الله عليه وسلم)، آمين.
وفي نهاية النشرة الجوية الأسرية: أرجو أن تستمتعوا جميعا بأيامكم مع أزواجكم وذريتكم بالهنا والعافية والغنى والقبول، اللهم آمين.

سهير علي
 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

النظرة لأهل العلم والفضل
دائما يُنظر لأهل العلم الشرعي أنهم أصحاب فضل، وهم من يمثلون عصر النبوة الطاهر - مع كل ما بنا من بشرية-، لذلك فهم أعلم الناس بمقاصد الله تعالى لعباده، وهم من يوقعون عن رب العالمين ولا يكون هذا لأحد سواهم.
ولأن الله الرحيم، رحيم بعباده، فيجب أن يكون علماء شرعه أكثر الناس رحمة، وهم أعلم بهذا.
لذا:
* دائما يُطمع في حلمهم، لأنهم أعلم الناس بثواب الصبر.
*ودائما يُطمع في عدلهم، لأنهم أخشى الناس لله تعالى.
* ودائما يُطمع في تمام إحقاقهم للحق، لأنهم أخوف الناس من أن يقربوا الحيف.
* ودائما يُطمع في صدقهم، لأنهم أعلم الناس بأن المؤمن لا يكون كاذبا.
* ودائما يُطمع في تقواهم، لأنهم يعلمون أن الله ناظر إليهم.
* ودائما يُطمع في إخلاصهم، لأنهم أعلم الناس بأن الله لا يقبل شريكا له –سبحانه- في قلب عبده.
* ودائما يُطمع في سعة إدراكهم، لما رزقهم الله من ذكاء الفهم.
* ودائما يُطمع في حسن ردهم، لما علموا من مقاصد الشريعة.
* ودائما يُطمع في جوارهم، لأنهم منشغلون عن دنياهم بآخرتهم.
* ودائما يُطمع في تواضعهم، لأنهم يعلمون أن الكبرياء لله جميعا.
*ودائما يُطمع في صحبتهم، لأن المرء على دين خليله.
* ودائما يُطمع في التعامل معهم، لأنهم يعلمون أن ما عند الله خير وأبقى.
*ودائما يُطمع في ودادهم، لأن الله يعطي الدنيا لمن يحب، ولمن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا لمن أحب.
*ودائما يُطمع في خدمتهم، لأن انشغالهم بالعمل فائدة للأمة، وإذا أعنتهم وأرحتهم، خدمة المسلمين أجمعين.
* ودائما يُطمع في عطائهم، لما يملكونه من ميراث النبوة.
* ودائما يُطمع في مجالستهم، لأنهم أعلم الناس بالحلال والحرام، وللتعلم منهم والتزود بما رزقهم الله من العلم.
ودائما يُطمع في رحمتهم، لأنهم يعلمون بأن الراحمين يرحمهم الله. *
*وإذا خاصمتهم، فدائما يُطمع في جمال حسن خلقهم، لأن قدوتهم الماثلة أمامهم قول الله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) وقول رسوله - صلى الله عليه وسلم- : (‏إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا)، ولعلمهم بأنهم قدوة لكل من يتعامل معهم.
*فدائما يُطمع فيهم لأنهم ورثة الأنبياء، وهم من يقربون حب الله – تعالى - ويزينونه لخلقه، فهم مفاتيح معرفة العبد بربه، وهم سفراء الله – تعالى - في أرضه، أرسلهم برسالة جليلة وعظيمة ألا وهي:
(قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)، وعن ‏أنس ‏عن النبي ‏- صلى الله عليه وسلم- ‏قال: (‏لا يؤمن‏ ‏أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وعن ‏سفيان ‏قال: ‏قلت يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به، قال: (قل: ربي الله ثم استقم).

سهير علي
 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: سلسلة عطايا الرحمن لعباده من كلمات ومعان

نزهة القلب

عندما يَمُنّ الله تعالى على القلب بالتفكر في خلواته في مصدر هنائه، ويُيسر الله سبحانه؛ له أن يتوجه ببصلته إلى الوجهة السليمة البيضاء؛ التي لا يكون بها لون رمادي، بل أن نور بياضها؛ سطوعه على القلب يحجب كل الرؤيا لأي شيء آخر -في أغلب حالاته-، فلا ينتبه الجسد إلا لهذا النور الذي قد داوى القلب من سقمه فنال السلامة والشفاء، وأضفى على النفس السكينة، فرُزقت راحة البال والصفاء، وأطلق الطيبات على الجوارح، فنشغلت بما يرضي المولى خالق كل نفس؛ سبحانه رب السماء، وروى ظمأ الروح؛ التي كادت أن تهلك وهي سجينة في قبر التيه بعيدا عن مصدر حياتها؛ ألا وهو ذكره تعالى.
فما رأيكم في أن نأخذ قلوبنا في نزهة نجدد فيها معرفتنا بقْدْرِ الله وقدرته -جل جلاله- التي تعجز عقولنا لأن تدركها أو تعلمها، كي تتقوى قلوبنا أمام النفس؛ فتحيا أرواحنا في العلياء.
يأخذنا هذا النوع من النزهة –متى استطعنا- إلى التقرب منه سبحانه؛ كي تنهل الروح من وداد الله وحلاوة وصاله، منها:
* التفكر في آيات الله تعالى؛ إن النظر لأي شيء من حولنا يدلنا على قدرة الله وعظيم قدْره؛ فنخافه، فنُعين أنفسنا على الطاعة وعدم محاباة أي أحد حتى النفس؛ على رضا الله سبحانه والنجاة من غضبه.
* عدم الإسراع بعد فراغ الصلاة إلى مشاغل الحياة؛ أن نعطي أنفسنا دقائق معدودات؛ نؤدي فيها القليل من الذكر الذي يأتي بالكثير من النفع على النفس والقلب والروح، بالتالي على حياتنا، وسنرى أثر هذا، ولا ننسى أن؛ أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قلت، ولا ننسى آية الكرسي.
* محاولة صلاة الفريضة جماعة، فالجماعة في الطاعات بابا لرحمة الله تعالى، والسكينة وصلاح البال والحال والعيال.
* قراءة بعض آيات القرآن كل يوم بتفكر -حسب القدرة- ولو أسطر قليلة، فقليل دائم خير من كثير منقطع، فهذا يقوي اللغة واللسان ويُكثر العلم ويشفي الصدر وتُرزق النفس الطمأنينة، والقلب السلامة وللروح الحرية في التنعم في رياض الله.
* لا نترك أذكار الصباح والمساء قدر المستطاع؛ فهي بإذن الله تعالى جالبة للرزق، وبها جعل الله الحفظ للنفس من شياطين الإنس والجن، والأمراض، ولنا الحماية والرعاية من الله في كنفه سبحانه.
* تسابيح عند النوم، جعلها الله حافظة من كل داء، ومعينة للنفس على الاطمئنان والسكون والراحة والأمان.
* وكلما شكرنا على النعم؛ زادنا الله أنعم، وسجدة شكر على الإسلام والعافية والرزق الحلال، لهي الحفظ لما وهبنا الله.

فماذا نريد غير هذا: إن فالق الحب والنوى، خالق كل شيء وعدنا الحسنى وزيادة لمن اهتدى وسعى بإحسان إلى طاعته، ودلنا سبحانه على الطريق للمال والعيال والصحة والسيادة، ولكن منّا من يريد أن يحصل على كل هذا بما تهوى نفسه، فلا يتبع أمر الله تعالى ثم السنن الكونية في الحصول على ما يريد: فـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا)، (لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، (إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِين)، ولنلقي نظرة بعيون قلوبنا على قيمة الاستغفار وما يدر علينا من النفع الحلال الطيب، (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا* مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا)؟ فهل نعظم الله ونخافه؟ فليتنا نعطي أنفسنا فسحة قليلة من الوقت كي نتعرف على قدر الله وقدرته سبحانه.

سهير علي

 
أعلى